تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169319 / تحميل: 5803
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وبنى بعضهم القولين على أصل التبيّن ، فإن قلنا به ، فلا دم عليه ، وإن قلنا بانعقاد إحرامه نفلاً ثم انقلب فرضا ، لزم الدم(١) .

والطريق الثاني : أنّه لا دم عليه(٢) .

وهذا الخلاف عندهم فيما إذا لم يَعُدْ بعد البلوغ إلى الميقات ، فإن عاد إليه ، لم يلزمه الدم بحال ؛ لأنّه أتى بالممكن أوّلاً وأخيراً ، وبذل ما في وسعه(٣) .

وقد بيّنّا مذهبنا في ذلك.

مسألة ٢٧ : لو بلغ الصبي أو اُعتق العبد قبل الوقوف أو في وقته وأمكنهما الإِتيان بالحجّ ، وجب عليهما ذلك ؛ لأنّ الحجّ واجب على الفور ، فلا يجوز لهما تأخيره مع إمكانه كالبالغ الحُرّ ، خلافاً للشافعي(٤) .

ومتى لم يفعلا الحجّ مع إمكانه ، فقد استقرّ الوجوب عليهما ، سواءً كانا موسرين أو معسرين؛ لأنّ ذلك وجب عليهما بإمكانه في موضعه ، فلم يسقط بفوات القدرة بعده.

مسألة ٢٨ : المجنون لا يجب عليه الحجّ بالإِجماع ؛ لأنّه ليس محلّاً للتكليف ؛ لما رواه العامة عن عليعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( رُفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى ينبت ، وعن المعتوه حتى يعقل )(٥) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه محمد بن يحيى الخثعمي ، قال : سأل‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٢٩ - ٤٣٠.

(٢ و ٣) فتح العزيز ٧ : ٤٣٠ ، المجموع ٧ : ٥٩.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ١٠٢ و ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٤٣.

(٥) سنن الترمذي ٤ : ٣٢ / ١٤٢٣ ، وأوردها عنه ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٦٥ ، والشرح الكبير ٣ : ١٦٦ - ١٦٧ ، وفيها : ( حتى يشب ) بدل ( حتى ينبت ).

٤١

حفص الكناسي أبا عبد اللهعليه‌السلام - وأنا عنده - عن قول الله عزّ وجلّ :( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) ما يعني بذلك؟ قال : « من كان صحيحاً في بدنه مخلّى سربه ، له زاد وراحلة فهو ممّن يستطيع الحجّ »(٢) والمجنون غير صحيح ، فلا يندرج تحت الخطاب.

إذا عرفت هذا ، فلو حجّ حالة جنونه ، لم يجزئه إجماعاً.

ولو أحرم به الوليّ ، صحّ إحرامه كالطفل ، فإن عاد عقله قبل الوقوف بالمشعر الحرام فوقف به ، أجزأه عن حجّة الإِسلام ، وإن كان بعد الوقوف ، لم يجزئه ، ووجب عليه إعادة الحجّ مع إفاقته وكمال الشرائط.

ولو كان المجنون يعتوره أدواراً ، فإن وسع الوقت في نوبة العقل لأداء الحجّ من بلده وإكماله وعوده ، وجب عليه الحجّ ، لأنّه عاقل مكلّف مستطيع ، وإن قصر الوقت عن ذلك ، سقط عنه الوجوب ، وحكم المجنون حكم الصبي غير المميّز في جميع ما تقدّم.

ولو خرج الوليّ بالمجنون بعد ما استقرّ فرض الحجّ عليه وأنفق عليه من ماله ، فإن لم يُفق حتى فات الوقوف غرم له الولي زيادة نفقة السفر ، وإن أفاق وأحرم وحجّ ، فلا غرم عليه ، لأنّه قضى ما وجب عليه.

وشرطت الشافعية إفاقته عند الإِحرام والوقوف والطواف والسعي(٣) ، ولم يتعرّضوا لحالة الحلق ، وقياس كونه منسكاً عندهم اشتراط الإِفاقة كسائر الأركان(٤) .

وحكم المغمى عليه حكم المجنون لا يجب عليه الحجّ ، ولا يُحْرم عنه غيره على إشكال - وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد(٥) - لأنّه ليس أهلاً

____________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٢) الكافي ٤ : ٢٦٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣ / ٢.

(٣ و ٤) فتح العزيز ٧ : ٤٢٨ ، المجموع ٧ : ٣٨.

(٥) المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٣ ، المجموع ٧ : ٣٨ ، حلية العلماء ٣ : =

٤٢

للخطاب حالة الإِغماء.

وقال أبو حنيفة : يُحْرم عنه رفيقه ، فيصير مُحرماً بإحرامه استحساناً(١) .

وقد علم من ذلك أنّ التكليف شرط الوجوب دون الصحة ؛ إذ يصح من غير المكلّف.

البحث الثاني : في شرط الحُرّية‌

مسألة ٢٩ : لا خلاف بين علماء الأمصار أنّ الحُرّية شرط في وجوب الحجّ والعمرة ، وقد سبق البحث في ذلك.

ويصح من العبد الحجّ بإذن مولاه ، ولا يجزئه عن حجّة الإِسلام بعد عتقه لو وجبت عليه إلّا أن يُدرك أحد الموقفين معتقاً على ما تقدّم.

وليس له أن يُحرم بحجّ أو عمرة إلّا بإذن مولاه بلا خلاف ؛ لأنّ منافعه مستحقّة لمولاه ، ويجب عليه صرف زمانه في إشغاله ، فلا يجوز أن يُفوّت حقوقَ مولاه الواجبة عليه بالتزام ما ليس بلازم عليه ، فإن أحرم بغير إذن مولاه ، لم ينعقد إحرامه.

وللسيّد منعه منه. ولا يلزمه الهدي ولا بد له ؛ لأنّ إحرامه لم ينعقد ، ولأنّه لا يملك أن يُحرم ؛ لقوله تعالى :( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٢) .

ولما رواه الشيخ عن آدم عن أبي الحسنعليه‌السلام قال : « ليس على المملوك حجّ ولا جهاد ، ولا يسافر إلّا بإذن مالكه »(٣) والنهي في العبادة يدلّ‌

____________________

= ٢٣٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦١.

(١) المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٣ ، المجموع ٧ : ٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦١.

(٢) النحل : ٧٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٤ / ٥.

٤٣

على الفساد.

وقال أحمد : إنّ إحرامه ينعقد صحيحاً ؛ لأنّه عبادة بدنية يصحّ من العبد الدخول فيها بغير إذن سيّده.

ولسيّده أن يحلّله - في إحدى الروايتين عنه - لأنّ في بقائه عليه تفويتاً لحقّه من المنافع بغير إذنه ، فلم يلزم ذلك سيّده كالصوم المضرّ ببدنه ، وإذا حلّله منه ، كان حكمه حكم المحصر.

والثانية : ليس له تحليله ؛ لأنّه لا يملك التحلّل من تطوّعه فلم يملك تحليل عبده. والأول أصح؛ لأنّه التزم التطوّع باختيار نفسه ، فنظيره أن يُحْرم عبده بإذنه ، وفي مسألتنا يفوت حقّه الواجب بغير اختياره(١) .

مسألة ٣٠ : لو أذن السيد في الإِحرام فأحرم ، انعقد إحرامه ، وصحّ إجماعاً ؛ لما رواه إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن اُمّ الولد تكون للرجل يكون قد أحجّها أيجوز(٢) ذلك عنها من حجّة الإِسلام؟ قال : « لا » قلت : لها أجر في حجّتها؟ قال : « نعم»(٣) .

إذا عرفت هذا ، فهل لسيّده بعد إذنه الرجوع؟ إن لم يكن قد أحرم كان له الرجوع قطعاً ، وإن كان المملوك قد تلبّس بالإِحرام ، لم يكن للمولى الرجوع فيه ولا تحليله ، لأنّه إحرام انعقد صحيحا فلم يكن له إبطاله كالصلاة ، وبه قال الشافعي وأحمد ، لأنّه عقد لازم عقده بإذن سيده فلم يكن لسيده منعه ، كالنكاح(٤) .

وقال أبو حنيفة : له تحليله ؛ لأنّه ملك منافع نفسه ، فكان له الرجوع ،

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٣.

(٢) في التهذيب والاستبصار : أيجزئ.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٦٥ / ١٢٨٨ ، التهذيب ٥ : ٥ / ١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٤٧ / ٤٨٢.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٢٢ ، المجموع ٧ : ٤٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٥١ ، المغني ٣ : ٢٠٥ - ٢٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٣.

٤٤

كالمـُعير يرجع في العارية(١) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ العارية ليست لازمةً ، ولو أعاره شيئاً ليرهنه فرهنه ، لم يكن له الرجوع فيه.

فروع :

أ - لو أذن له سيّده في الإِحرام ثم رجع وعلم العبد رجوعه قبل الإِحرام ، بطل إحرامه ، وصار كمن لم يؤذن له.

ولو لم يعلم حتى أحرم فهل للمولى تحليله؟ قال الشيخرحمه‌الله : الأولى أن نقول : ينعقد إحرامه ، غير أنّ للسيّد منعه منه ، وقد قيل : إنّه لا ينعقد إحرامه أصلاً(٢) .

وللعامّة في أنّه هل يكون حكمه حكم من أحرم بإذن سيّده؟ وجهان(٣) .

ب - لو باعه سيّده بعد ما أحرم فحُكْم مشتريه في تحليله حكم بائعه سواء ؛ لأنّه اشتراه مسلوب المنفعة ، فأشبه بيع الأمة المزوّجة أو المستأجرة ، فإن علم المشتري بذلك ، فلا خيار له ؛ لأنّه دخل على علم ، فأشبه ما لو اشترى معيباً علم بعيبه.

وإن لم يعلم ، فله فسخ البيع ؛ لأنّه يتضرّر بمضيّ العبد في الحجّ ، لفوات منافعه وعجزه عن تحليله(٤) ، وهو نقص يوجب الردّ ، إلّا في إحرامٍ يكون لسيّده تحليله ، فلا يملك الفسخ ؛ لأنّه يمكنه رفع الضرر عنه.

ج - إذا باعه مولاه في إحرام له تحليله فيه ، لم يكن ذلك تحليلاً له ولا مقتضياً لذلك ، ويكون حكم المشتري حكمه في جواز التحليل ، فإن أمره‌

____________________

(١) فتح العزيز ٨ : ٢٣ ، المجموع ٧ : ٤٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٥١ ، المغني ٣ : ٢٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٣.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٧.

(٣) المغني ٣ : ٢٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٣.

(٤) في النسخ الخطية : تحلّله‌

٤٥

البائع بالمضيّ في إحرامه وإتمام حجّه بعد البيع ، لم يعتدّ بهذا الأمر وإن كان في زمن خياره ، ولو أمره المشتري ، لم يكن له تحليله ولا لبائعه وإن كان في زمن خياره.

مسألة ٣١ : لو أحرم العبد بغير إذن سيّده ثم أعتقه قبل الموقفين ، لم يجزئه إحرامه ، ووجب عليه الرجوع إلى الميقات والإِحرام منه إن أمكنه ، وإن لم يمكنه ، أحرم من موضعه ، فإن فاته المشعر الحرام ، فقد فاته الحجّ.

وإن أحرم بإذن سيّده ، لم يلزمه الرجوع إلى الميقات ؛ لأنّ إحرامه صحيح منعقد ، فإن أدرك المشعر الحرام بعد العتق فقد أدرك حجّة الإِسلام ، وإن لم يدركه معتقاً ، لم يجزئه ، وكان عليه الحجّ مع الشرائط.

وإذا أحرم بغير إذن سيّده ثم أفسد الحجّ ، لم يتعلّق به حكم ؛ لأنّ إحرامه غير منعقد.

وإن أحرم بإذن سيّده ثم أفسده ، لزمه المضيّ في فاسدة ، كالحُرّ ، وليس لسيّده إخراجه منه ؛ لأنّه ليس له منعه من صحيحه فلم يكن له منعه من فاسدة.

وقالت العامّة : إن كان إحرامه بغير إذن سيّده ، كان له تحليله منه ؛ لأنّه يملك تحليله من صحيحه فالفاسد أولى(١) .

والحقّ ما قلناه.

مسألة ٣٢ : إذا أفسد العبد حجّه ، فإن كان مأذوناً فيه ، وجب عليه القضاء والمضيّ فيه ، كالحُرّ ؛ لأنّه حجّ صحيح وإحرام معتدّ به ، فيترتّب عليه أحكامه.

ويصحّ القضاء في حال رقّه ؛ لأنّه وجب في حال الرقّ فيصحّ به ، كالصلاة والصيام ، وليس لسيّده منعه من القضاء ؛ لأنّ إذنه في الحجّ الأول‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٥.

٤٦

إذن في موجبه ومقتضاه ، ومن مقتضياته القضاء لما أفسده.

وإن لم يكن الأول(١) مأذوناً فيه ، كان للمولى منعه من القضاء ، لأنّه يملك منعه من الحجّ الذي شرع فيه بغير إذنه فكذلك قضاؤه ، وهو قول بعض العامّة(٢) .

وقال بعضهم : لا يملك منعه من قضائه ؛ لأنّه واجب ، وليس للسيّد(٣) منعه من الواجبات(٤) .

وهو خطأ ؛ لأنّا نمنع وجوبه ، بل نمنع صحته فضلاً عن وجوبه.

مسألة ٣٣ : إذا أفسد العبدُ الحجَّ ولزمه القضاء ، فأعتقه مولاه ، فإن كان عتقه بعد الوقوف بالمشعر الحرام ، كان عليه أن يُتمّ هذه الحجّة ، ويلزمه حجّة الإِسلام وحجّة القضاء ، ويجب عليه البدأة بحجّة الإِسلام ثم يأتي بحجّة القضاء ، وكذلك إذا بلغ وعليه قضاء ، ولا يقضي قبل حجّة الإِسلام ، فإن فعل حجّة الإِسلام بقي عليه حجّة القضاء ، وإن أحرم بالقضاء ، انعقد بحجّة الإِسلام ؛ لأنّها آكد ، وكان القضاء في ذمّته ، قاله الشيخ(٥) رحمه‌الله ، وهو مذهب العامة(٦) .

ثم قال الشيخ : وإن قلنا : لا يجزئ عن واحد منهما ، كان قويّاً(٧) . وأطلق.

والوجه : ما قوّاه الشيخ إن كان قد استطاع أو استقرّ الحجّ في ذمّته ، وإلّا فالوجه : الإِجزاء عن القضاء.

____________________

(١) أي : الحجّ الأول.

(٢) المغني ٣ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٥.

(٣) في الطبعة الحجرية : لسيّده.

(٤) المغني ٣ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٥.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٧ - ٣٢٨.

(٦) المغني ٣ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٥.

(٧) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٨.

٤٧

وإن اُعتق قبل الوقوف بالمشعر ، فلا فصل بين أن يفسد بعد العتق أو قبله ، فإنّه يمضي في فاسدة ، ولا تجزئه الفاسدة عن حجّة الإِسلام ، ويلزمه القضاء في القابل ، ويجزئه القضاء عن حجّة الاسلام ؛ لأنّ ما أفسده لو لم يفسده لكان يجزئه عن حجّة الإِسلام وهذه قضاء عنها.

مسألة ٣٤ : إذا أحرم العبد بإذن مولاه فارتكب محظوراً يلزمه به الدم ، كالتطيّب واللبس وحلق الشعر وتقليم الأظفار واللمس بشهوة والوطء في الفرج أو في ما دونه وقتل الصيد أو أكله ، ففرضه الصوم ، وليس عليه دم ، كالمعسر.

وإن تحلّل بحصر عدوّ ، فعليه الصوم ، ولا يتحلّل قبل فعله ، كالحُرّ.

قال الشيخرحمه‌الله : ولسيّده منعه منه ؛ لأنّه فَعَله بغير إذنه ، وإن ملّكه سيّده هدياً ليخرجه فأخرجه ، جاز ، وإن أذن له فصام ، جاز أيضاً ، وإن مات قبل الصيام ، جاز لسيّده أن يُطعم عنه(١) .

وقالت العامّة : ليس للسيّد أن يحول بينه وبين الصوم مطلقاً(٢) .

والوجه : ذلك إن أذن له في الإِحرام ؛ لأنّه صوم وجب عليه ، فأشبه صوم رمضان.

وإن ملّكه السيد هدياً وأذن له في إهدائه وقلنا : إنه يملكه ، فهو كالواجد للهدي لا يتحلّل إلّا به ، وإن قلنا : لا يملكه ، ففرضه الصيام.

وإن أذن له سيّده في تمتّع أو قران ، فعليه الصيام بدلاً عن الهدي الواجب.

وقال بعض العامّة : على سيّده تحمّل ذلك عنه ، لأنّه بإذنه ، فكان على مَنْ أذن فيه ، كما لو فعله النائب بإذن المستنيب(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الحجّ للعبد وهذا من موجباته فيكون عليه ، كالمرأة‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٨.

(٢) المغني ٣ : ٢٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٤.

(٣) المغني ٣ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٤.

٤٨

إذا حجّت بإذن زوجها ، بخلاف النائب فإنّ الحجّ للمنوب ، فموجبه عليه.

وعندنا أنّ للسيّد الخيار بين أن يأمره بالصوم أو يهدي عنه.

وإن تمتّع أو قرن بغير إذن سيّده ، لم يعتدّ به.

وقالت العامّة : إنّ عليه الصوم(١) .

وإن أفسد حجّه ، فعليه أن يصوم كذلك ، فإنه لا مال له ، فهو كالمعسر من الأحرار.

مسألة ٣٥ : إذا نذر العبدُ الحجَّ ، فلا يخلو إمّا أن يكون مولاه قد أذن له في النذر أو لا ، فإن كان قد أذن له ، فلا يخلو النذر إمّا أن يكون مقيّداً بوقت أو مطلقاً ، فإن كان مقيّداً بوقت ، وجب عليه الوفاء به مع قدرته ، ولا يجوز لمولاه منعه منه ؛ لأنّه واجب عليه ، وكان كما لو أذن له في الإِحرام وتلبّس به.

وهل يجب على مولاه دفع ما يحتاج إليه العبد زائداً عن نفقة الحضر؟ الأقرب : المنع ؛ لأصالة البراءة.

ويحتمل وجوبه ، كالإِذن في الدَّيْن.

ولو قدر العبد على المشي ، لم يجب على المولى بذل الراحلة.

ولو كان مطلقاً ، أو مقيّداً وفرّط العبد ، أو المولى يمنعه عن المبادرة حتى صار قضاءً ، فالأقرب : عدم وجوبه على الفور ؛ لأنّ حقّ السيّد مضيّق ؛ والنذر المطلق وقضاء النذر المقيّد غير مضيّق ، لأصالة البراءة.

فلو شرع العبد وبادر معجّلاً فأحرم بغير إذن مولاه ، فالأقرب أنّه ليس للمولى تحليله ؛ لأنّه إحرام حجّ أذن له فيه مولاه ، فلم يملك تحليله ، كما لو تلبّس بالإِحرام بعد إذن مولاه.

وإن لم يكن مولاه قد أذن له في النذر ، فالمشهور بين علمائنا : عدم انعقاده ؛ لأنّ أوقاته مستحقّة للمولى.

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٤.

٤٩

وقال بعض العامة : يصحّ نذره ؛ لأنّه مكلّف ، فانعقد نذره ، كالحُرّ ، ولسيده منعه من المضيّ فيه ؛ لما فيه من تفويت حقّ سيّده الواجب ، فيُمنع منه ، كما لو لم ينذر(١) .

وروي عن أحمد أنّه لا يُمنع من الوفاء به ؛ لما فيه من أداء الواجب(٢) .

واختلف أصحابه على قولين :

أحدهما : أنّ ذلك على الكراهية دون التحريم.

والثاني : التحريم ؛ لأنّه واجب فلم يملك منعه كسائر الواجبات(٣) .

وهو غلط ، لأنّا نمنع وجوبه.

فإن اُعتق ، وجب عليه الوفاء بما نذره بإذن مولاه ، وفي غيره الخلاف.

وتُقَدَّمُ حجّة الإِسلام مع وجوبها ، وإطلاق النذر أو تقييده بزمان متأخّر عن الاستطاعة.

البحث الثالث : في الاستطاعة‌

مسألة ٣٦ : الاستطاعة شرط في وجوب الحجّ والعمرة ، بإجماع العلماء وبالنصّ :

قال الله تعالى( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (٤) دلّ بمفهومه على سقوطه عن غير المستطيع.

ولا نعلم في ذلك خلافاً ، ولقضاء الضرورة بقبح تكليف غير القادر.

إذا عرفت هذا ، فنقول : الاستطاعة المشترطة في الآية هي الزاد والراحلة ، بإجماع علمائنا ، وبه قال الحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير والشافعي وأحمد وإسحاق(٥) .

____________________

(١ - ٣) المغني ٣ : ٢٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٤.

(٤) آل عمران : ٩٧.

(٥) المغني ٣ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٨.

٥٠

قال الترمذي : والعمل عليه عند أهل العلم(١) .

لما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سُئل ما السبيل؟ قال : ( الزاد والراحلة )(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه محمد بن يحيى الخثعمي ، قال : سأل حفصُ الكناسي الصادقعليه‌السلام - وأنا عنده - عن قول الله عزّ وجلّ :( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) قال : ما يعني بذلك؟ قال : « من كان صحيحاً في بدنه مخلّى سربه ، له زاد وراحلة ، فهو ممّن يستطيع الحجّ »(٣) .

ولأنّها عبادة تتعلّق بقطع مسافة بعيدة ، واشترط لوجوبها الزاد والراحلة ، كالجهاد.

وقال عكرمة : الاستطاعة هي الصحة(٤) .

وقال الضحّاك : إن كان شابّاً فليؤاجر نفسه بأكله وعَقِبَه(٥) حتى يقضي نسكه(٦) .

وقال مالك : إن كان يمكنه المشي وعادته سؤال الناس ، لزمه الحجّ ؛ لأنّ هذه الاستطاعةُ في حقّه ، فهو كواجد الزاد والراحلة(٧) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ هذا فعلٌ شاقٌّ ، فليس استطاعةً وإن كان عادةً ،

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ١٧٧ ذيل الحديث ٨١٣ ، وحكاه عنه ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٦٨ ، والشرح الكبير ٣ : ١٧٨.

(٢) سنن الترمذي ٥ : ٢٢٥ / ٢٩٩٨ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢١٧ و ٢١٨ / ١١ و ١٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٢٧ و ٣٣٠ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٤٢.

(٣) الكافي ٤ : ٢٦٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣ / ٢ ، الاستبصار ٢ : ١٣٩ / ٤٥٤.

(٤) المغني ٣ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٨.

(٥) منصوب بنزع الخافض.

(٦) المغني ٣ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٨.

(٧) بداية المجتهد ١ : ٣١٩ ، المغني ٣ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٨.

٥١

والشارع اعتبر عموم الأحوال دون خصوصها ، كما في مشقّة السفر ، فإنّها غير معتبرة ، بل المظنّة وإن كانت المشقّةُ منتفيةً.

مسألة ٣٧ : الراحلة إنّما هي شرط في حقّ البعيد عن مكة ، وأمّا أهل مكة فلا تشترط الراحلة فيهم ، وكذا من كان بينه وبين مكة [ مكان ](١) قريب لا يحتاج إلى الراحلة ، وإنّما تعتبر الراحلة في حقّه ، لأنّها مسافة قريبة يمكنه المشي إليها فلزمه ، كالسعي إلى الجمعة ، ولو لم يتمكّن من المشي ، اشترط في حقّه وجود المحمولة ، لأنّه عاجز عن المشي ، فأشبه البعيد.

وأمّا الزاد فلا بدّ من اشتراطه في حقّ القريب والبعيد ، فإن لم يجد زاداً لم يلزمه الحج ؛ لعجزه(٢) .

مسألة ٣٨ : الراحلة شرط في الحجّ للقادر على المشي والعاجز عنه ، وبه قال الشافعي(٣) ، لقولهعليه‌السلام لـمّا سُئل عن تفسير السبيل : ( زاد وراحلة )(٤) .

ويعتبر راحلةُ مِثْلِه ، فإن كان يستمسك على الراحلة من غير محمل ولا يلحقه ضرر ولا مشقّة شديدة ، فلا يعتبر في حقّه إلّا وجدان الراحلة لحصول الاستطاعة معها ، وإن كان لا يستمسك على الراحلة بدون المحمل أو يجد مشقّةً عظيمة ، اعتبر مع وجود الراحلة وجود المحمل ، ولو كان يجد مشقّة عظيمة‌

____________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) المغني ٣ : ١٧٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٩.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٠.

(٤) سنن الدار قطني ٢ : ٢١٨ / ١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٣٠.

٥٢

في ركوب المحمل ، اعتبر في حقّه الكنيسة(١) .

ولا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك.

وقال بعض الشافعية : إنّ المحمل معتبر في حقّ المرأة مطلقاً(٢) .

وليس بمعتمد ، والستر يحصل بالملحفة.

فروع :

أ - لا يشترط وجود عين الزاد والراحلة ، بل المعتبر التمكّن منهما تملّكاً أو استئجاراً.

ب - إنّما يشترط الزاد والراحلة في حقّ المحتاج إليهما لبُعد المسافة ، أمّا القريب فيكفيه اليسير من الاُجرة بنسبة حاجته ، والمكّي لا تُعتبر الراحلة في حقّه ، ويكفيه التمكّن من المشي.

ج - إذا وجد شقّ محمل ووجد شريكاً يجلس في الجانب الآخر ، لزمه الحجّ ، فإن لم يجد الشريك ولم يتمكّن إلّا من مؤونة الشقّ ، سقط عنه الحجّ مع حاجته إلى المحمل ، وإن تمكّن من المحمل بتمامه ، احتمل وجوب الحجّ ؛ لأنّه مستطيع ، وعدمه ؛ لأنّ بذل الزيادة خسران لا مقابل له.

د - القريب إلى مكة إذا شقّ عليه المشي أو الركوب بغير محمل ، اشترطت الراحلة والمحمل في حقّه ، كالبعيد ، ولا يؤمر بالزحف(٣) وإن أمكن.

ه - يجب شراء الراحلة والمحمل مع الحاجة إليهما أو استيجارهما بثمن المثل واُجرته ، فإن زاد فإن لم يتمكّن من الزيادة ، سقط الحج ، وإن تمكّن منها ، وجب ؛ لأنّه مستطيع.

____________________

(١) بهامش « ن » : يريد بها المحفّة.

(٢) فتح العزيز ٧ : ١١ ، المجموع ٧ : ٦٧.

(٣) الزحف : المشي. لسان العرب ٩ : ١٢٩.

٥٣

وقيل : لا يجب(١) . وليس بمعتمد.

مسألة ٣٩ : الزاد شرط في وجوب الحجّ ؛ لعدم التمكّن بدونه.

والمراد منه أن يملك ما يبلغه إلى الحجّ إمّا عين الزاد أو ثمنه مع وجود بائعه بقدر كفايته مدّة سفره وعوده إلى وطنه ، سواء كان له أهل وعشيرة يأوي إليهم أو لم يكن ، وهو أحد وجهي الشافعية(٢) .

والثاني لهم : أنّه لا يشترط في حقّ من لا أهل له ولا عشيرة مؤونة الإِياب ؛ لأنّ البلاد بالنسبة إليه متساوية(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ النفوس تطلب الأوطان.

ولا فرق أيضاً بين أن يملك في بلدته مسكناً أو لا.

وخصّص الجويني الوجهين بمن له ملك في البلد(٤) .

ويجري الوجهان لهم في الراحلة(٥) .

ولهم وجه آخر ضعيف عندهم : أنّه لا يعتبر مؤونة الإِياب مطلقاً(٦) .

إذا عرفت هذا ، فالمشترط في الراحلة والزاد راحلة مثله وزادُ مثله ؛ لتفاوت الأشخاص في خشونة العيش ونُعومته ، فيعتبر في حقّ الرفيع زيادة على ما يحتاج إليه غيره ممّا يناسبه.

مسألة ٤٠ : يشترط أن يكون الزاد والراحلة فاضلين عن نفقته‌ ونفقة من تلزمه نفقته مدّة ذهابه ورجوعه ودست ثوب يليق به.

وهل يشترط أن يكونا فاضلين عن مسكنه وعبده الذي يحتاج إلى خدمته لعجزه أو لمنصبه؟ الوجه : ذلك ، كما في الكفّارة ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

____________________

(١) كما في شرائع الإِسلام ١ : ٢٢٦ ، وراجع : المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠٠.

(٢ و ٣) المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٤ ، فتح العزيز ٧ : ١٣ ، المجموع ٧ : ٦٨.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٣.

(٥ و ٦) فتح العزيز ٧ : ١٣ ، المجموع ٧ : ٦٨.

٥٤

والثاني : لا يشترط ، بل يباعان في المؤونة - وبه قال مالك - لأنّ الاستطاعة في الخبر(١) مفسّرة بالزاد والراحلة وهو واجد لهما(٢) .

والوجه : الأول ؛ لحاجته إلى المسكن والعبد ، فأشبها ثياب بدنه.

فعلى هذا إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكنى مثله والعبد عبد مثله ، لم يبع شيئاً منهما ، وإن كانت الدار فاضلةً عن حاجته وأمكن بيع بعضها أو كانت نفيسةً أو العبد كذلك وأمكن شراء أدون منه ممّا تندفع به حاجته ، احتمل وجوب البيع والاقتصار على الأدون ، وعدمه ، كما في الكفّارة.

وربما يفرّق بين الحجّ والكفّارة بأنّ الحجّ لا بدل له والعتق في الكفّارة له بدل.

إذا ثبت هذا ، فالزاد الذي يشترط القدرة عليه هو ما يحتاج إليه في ذهابه وعوده من مأكول ومشروب وكسوة ، فإن كان يملك ذلك أو وجده يُباع بثمن المثل في الغلاء والرخص أو بزيادة يسيرة لا تجحف بماله ، لزمه شراؤه ، وإن كانت تجحف بماله ، لم يلزمه شراؤه وإن تمكّن على إشكال ، كما قلنا في شراء الماء للوضوء ، وإذا كان يجد الزاد في كلّ منزل ، لم يلزمه حمله ، وإن لم يجده كذلك ، لزمه حمله.

وأمّا الماء وعلف البهائم فإن كان يوجد في المنازل التي ينزلها على حسب العادة ، فلا كلام ، وإن لم يوجد ، لم يلزمه حمله من بلده ولا من أقرب البلدان إلى مكة كأطراف الشام ونحوها ، لما فيه من عظم المشقة وعدم جريان العادة به ، ولا يتمكّن من حمل الماء لدوابّه في جميع الطريق ، والطعام بخلاف ذلك.

مسألة ٤١ : كما تعتبر قدرته على المطعوم والمشروب‌ والتمكّن من‌

____________________

(١) في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : الحر. وهي تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) فتح العزيز ٧ : ١٣.

٥٥

حمله من بلده كذا تعتبر قدرته على الآلات والأوعية التي يحتاج إليها كالغرائر(١) ونحوها ، وأوعية الماء من القِرَب وغيرها ، وجميع ما يحتاج إليه ، كالسُّفرة وشبهها ؛ لأنّه ممّا لا يستغني عنه ، فأشبه علف البهائم.

وكذا يشترط وجود راحلة تصلح لمثله على ما بيّنّا إمّا بشراء أو باُجرة لذهابه وعوده ، ويجد ما يحتاج إليه من آلتها التي تصلح لمثله.

فإن كان ممّن يكفيه الرحل والقتب ولا يخشى السقوط ، أجزأ وجود ذلك ، وإن كان ممّن لم تجر عادته بذلك ويخشى السقوط عنهما ، يعتبر وجود محمل وما أشبهه ممّا لا مشقّة في ركوبه ولا يخشى السقوط عنه ، لأنّ الراحلة إنّما اعتبرت في حقّ القادر على المشي لدفع المشقّة عنه ، فيجب أن يعتبر هنا ما تندفع به المشقّة.

وإن كان ممّن لا يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره ، اعتبرت القدرة على من يخدمه ؛ لأنّه من سبيله.

مسألة ٤٢ : يعتبر أن تكون هذه الأشياء التي ذكرناها فاضلةً عمّا يحتاج إليه‌ لنفقة عياله الذين تلزمه مؤونتهم في سفره ذاهباً وعائداً ؛ لما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( كفى بالمرء إثماً أن يضيعَ من يقوت )(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه أبو الربيع الشامي ، قال : سُئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فقال : « ما يقول الناس؟ » قال : فقيل له : الزاد والراحلة ، قال : فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « قد سُئل أبو جعفرعليه‌السلام عن هذا ، فقال : هلك الناس إذن ، لئن كان كلّ من له زاد وراحلة قدر ما يقوت‌

____________________

(١) الغرائر جمع ، واحدتها ، غِرارة ، وهي الجُوالق. لسان العرب ٥ : ١٨.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٣٢ - ١٦٩٢ ، سنن البيهقي ٧ : ٤٦٧ و ٩ : ٢٥ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٢ : ٣٨٢ / ١٣٤١٤ ، مسند أحمد ١٢ : ١٦٠.

٥٦

عياله ويستغني به عن الناس ينطلق فيسلبهم إيّاه لقد هلكوا إذن » فقيل له : ما السبيل؟ قال : فقال : « السعة في المال إذا كان يحجّ ببعض ويبقى بعض لقوت عياله ، أليس قد فرض الله الزكاة ، فلم يجعلها إلّا على من ملك مائتي درهم »(١) .

ولأنّ النفقة متعلّقة بحقوق الآدميّين وهُمْ أحوج وحقّهم آكد.

ويشترط أيضاً أن تكون فاضلةً عمّا يحتاج هو وأهله إليه من مسكن وخادم وما لا بدّ منه من ثياب وغيرها ، وأن يكون فاضلاً عن قضاء دينه ؛ لأنّ قضاء الدَّيْن من حوائجه الأصلية ، وتتعلّق به حقوق الآدميّين فهو آكد ، ولهذا منع الخمس مع تعلّق حقوق الفقراء من ذوي القربى به ، وحاجتهم إليها ، فالحجّ الذي هو خالص حقّ الله تعالى أولى.

ولا فرق بين أن يكون الدّين لآدمي معيّن أو من حقوق الله تعالى ، كزكاة في ذمّته أو كفّارات وشبهها.

ولا فرق أيضاً بين أن يكون الدَّيْن حالّاً أو مؤجّلاً محلّه قبل عرفة أو بعدها في منع الوجوب ؛ لأنّه غير موصوف بالاستطاعة.

وللشافعية في وجوب الحجّ على المديون إذا كان الدّين يحلّ بعد عرفة وجهان :

أحدهما كما قلناه.

والثاني : الوجوب ؛ لأنّ الدَّيْن المؤجّل غير مستحقّ عليه قبل حلوله(٢) . وهو ممنوع.

تذنيب : لو احتاج إلى النكاح وخاف على نفسه العَنَت ، قدّم الحجّ ؛ لأنّه واجب والنكاح تطوّع ، ويلزمه الصبر.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٦٧ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٥٨ / ١٢٥٥ ، التهذيب ٥ : ٢ - ٣ / ١ ، الاستبصار ٢ : ١٣٩ / ٤٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٣.

٥٧

وقال بعض العامة : يقدّم النكاح ؛ لأنّه واجب عليه ، ولا غنى به عنه ، فهو كنفقته(١) .

ونمنع الوجوب.

ولو لم يخف العَنَت ، قدّم الحجّ إجماعاً.

تذنيب آخر : لو حجّ من تلزمه هذه الحقوق وضيّعها ، قال بعض العامة : يصح حجّة ، لأنّها متعلّقة بذمّته ، فلا تمنع صحة فعله(٢) .

وفيه نظر ؛ لأنّه مأمور بصرف المال إلى نفقة العيال مثلاً ، فإذا صرفه في غيره ، كان قد فعل المنهي عنه ، والنهي يدلّ على الفساد في العبادات.

البحث الرابع : المؤونة.

ويشترط أن يكون له مال يصرفه في مؤونة سفره ذهاباً وعوداً ، ومؤونة عياله الذين تلزمه نفقتهم على الاقتصاد.

وهل يشترط الرجوع إلى كفايةٍ من مالٍ أو حرفةٍ أو صناعةٍ في وجوب الحجّ بعد وجدان ما ذكر؟ قال الشيخ : نعم(٣) .

فلو كان له زاد وراحلة ونفقة له ولعياله بقدر ذهابه وعوده وجميع ما تقدّم وليس له ما يرجع إليه من مالٍ أو ملكٍ أو صناعةٍ وحرفةٍ يرجع إليها عند عوده من حجّه ، سقط عنه فرض الحجّ - وبه قال أبو العباس بن سريج من الشافعية(٤) - خوفاً من فقره وحاجته إلى المسألة ، وفي ذلك أعظم مشقّة.

____________________

(١) المغني ٣ : ١٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٠.

(٢) المغني ٣ : ١٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٠.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٩٧ ، الخلاف ٢ : ٢٤٥ ، المسألة ٢.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٣ ، فتح العزيز ٧ : ١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٤ ، المجموع ٧ : ٧٣.

٥٨

ولرواية أبي الربيع الشامي عن الباقر(١) عليه‌السلام .

وقال أكثر علمائنا : لا يشترط الرجوع إلى كفاية(٢) - وهو قول الشافعي(٣) - وهو المعتمد ؛ لأنّه مستطيع بوجود الزاد والراحلة ونفقته ونفقة عياله ذهاباً وعوداً.

ورواية أبي الربيع لا حجّة فيها على ما قالوه ، والمشقّة ممنوعة ، فإنّ الله هو الرزّاق.

فروع :

أ - لو كان له عقار يحتاج إليه لسكناه أو سكنى عياله ، أو يحتاج إلى اُجرته لنفقة نفسه أو نفقة عياله ، أو سائمة يحتاجون إليها ، لم يلزمه الحجّ.

ولو كان له شي‌ء من ذلك فاضل عن حاجته ، لزمه بيعه وصرفه في الحجّ.

ولو كان مسكنه واسعاً يكفيه للسكنى بعضه ، وجب بيع الفاضل وصرفه في الحجّ إذا كان بقدر الاستطاعة.

وكذا لو كان له كتب يحتاج إليها ، لم يلزمه بيعها في الحجّ ، ولو استغنى عنها ، وجب البيع.

ولو كان له بكتاب نسختان يستغني بإحداهما ، وجب بيع الفاضل.

ولو كان له دار نفيسة أو عبد نفيس أو كتب نفيسة وأمكنه بيعها وشراء أقلّ من ثمنها وكان مسكن مثله أو عبد مثله والحجّ بالفاضل عن مئونته من ثمنها ، فالأقرب وجوب البيع وشراء الأدون ممّا تقوم به كفايته.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في صدر المسألة ٤٢.

(٢) منهم : ابن إدريس في السرائر : ١١٨ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٢٩ ، وشرائع الإِسلام ١ : ٢٢٨ ، والمختصر النافع : ٧٦ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣٢٥ - ٣٢٦.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٣ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٤ ، المجموع ٧ : ٧٣ ، فتح العزيز ٧ : ١٤.

٥٩

ب - لو كان له دَيْنٌ على باذل له يكفيه للحجّ ، لزمه ؛ لأنّه مستطيع ، ولو كان على معسر أو تعذّر استيفاؤه أو كان مؤجّلاً ، لم يلزمه الحجّ ؛ لعدم الاستطاعة.

ج - لو كان له رأس مال يتّجر به وينفق من ربحه ولو صرفه في الحج لبطلت تجارته ، وجب عليه الحج‌ - وهو أصحّ وجهي الشافعية ، وبه قال أبو حنيفة(١) - لأنّه واجد.

والثاني للشافعية : أنّه لا يكلّف الصرف إليه - وبه قال أحمد - لئلّا يلتحق بالمساكين ، وكالعبد والمسكن(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ العبد والمسكن يحتاج إليهما في الحال ، وهذا إمساك ذخيرة للمستقبل.

د - لو لم يجد الزاد ووجد الراحلة وكان كسوباً يكتسب ما يكفيه وقد عزل نفقة أهله مدّة ذهابه وعوده ، فإن كان السفر طويلاً ، لم يلزمه الحجّ ؛ لما في الجمع بين السفر والكسب من المشقّة العظيمة ، ولأنّه قد ينقطع عن الكسب لعارض فيؤدّي إلى هلاك نفسه.

وإن كان السفر قصيراً ، فإن كان تكسّبه في كلّ يوم بقدر كفاية ذلك اليوم من غير فضل ، لم يلزمه الحجّ ؛ لأنّه قد ينقطع عن كسبه في أيّام الحجّ فيتضرّر.

وإن كان كسبه في كلّ يوم يكفيه لأيّامه ، لم يلزمه الحجّ أيضا ؛ للمشقّة ، ولأنّه غير واجد لشرط الحجّ ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : الوجوب - وبه قال مالك - مطلقاً(٣) .

ه - لو كان له مال فباعه نسيئةً عند قرب وقت الخروج‌ إلى أجل يتأخّر‌

____________________

(١ و ٢) فتح العزيز ٧ : ١٤.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٤ - ١٥.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بستان ولا لأهل ذات عرق ولا لأهل عسفان ونحوها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

« وذات عرق » منتهى ميقات أهل العراق ، والمشهور أنه داخل في وادي العقيق وسيأتي الكلام فيه.

ثم : اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حد البعد المقتضي لتعيين التمتع على قولين.

أحدهما : أنه البعد عن مكة باثني عشر ميلا ، فما زاد من كل جانب ذهب إليه الشيخ في المبسوط ، وابن إدريس ، والمحقق في الشرائع : مع أنه رجع عنه في المعتبر. وقال : إنه قول نادر لا عبرة به.

والثاني أنه البعد عن مكة بثمانية وأربعين ميلا ، وذهب إليه الشيخ في التهذيب والنهاية ، وابنا بابويه ، وأكثر الأصحاب وهو المعتمد ومستند القول الأول غير معلوم.

وقال في المختلف : وكان الشيخ نظر إلى توزيع الثمانية والأربعين من الأربع جوانب فكان قسط كل جانب ما ذكرناه ولا يخفى وهنه ، وهذا الخبر والخبر السابق يدفعان هذا القول إذا كثر المواضع المذكورة فيها أبعد من مكة من اثني عشر ميلا سيما ذات عرق فإنه على مرحلتين من مكة كما قال العلامة في التذكرة ، وقال المحقق في المعتبر : معلوم أن هذه المواضع مشيرا إلى المواضع المذكورة في هذه الأخبار أكثر من اثني عشر ميلا.

الحديث الثالث : حسن. وهو يدفع مذهب الشيخ لكن لم يقل به ظاهرا أحد من الأصحاب ، وظاهر الكليني العمل به ، ومعارضته لسائر الأخبار بالمفهوم والمنطوق مقدم عليه لأن الشيخ روى بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام

٢٠١

في قول الله عز وجل : «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » قال من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من بين يديها وثمانية عشر ميلا من خلفها وثمانية عشر ميلا عن يمينها وثمانية عشر ميلا عن يسارها فلا متعة له مثل مر وأشباهها.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود ، عن حماد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن أهل مكة أيتمتعون قال ليس لهم متعة قلت فالقاطن بها قال إذا أقام بها سنة أو سنتين صنع صنع أهل مكة قلت فإن مكث الشهر قال :

قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام قول الله عز وجل في كتابه : «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » فقال يعني أهل مكة ليس عليه متعة ، كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة وهو ممن دخل في هذه الآية وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة(١) .

وقال السيد في المدارك بعد إيراد خبر المتن : يمكن الجمع بينها ، وبين صحيحة زرارة(٢) بالحمل على أن من بعد بثمانية عشر ميلا كان مخيرا بين الإفراد والتمتع ، ومن بعد بالثمانية والأربعين تعين عليه التمتع انتهى.

والمشهور ، أقوى كما ذكرنا.

الحديث الرابع : حسن على الظاهر.

وقال الجوهري :قطن بالمكان يقطن أقام به وتوطنه فهو قاطن.

قوله عليه‌السلام : « سنة أو سنتين » اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن فرض التمتع ينتقل إلى الإفراد والقران بإقامة سنتين.

وقال الشيخ في النهاية : لا ينتقل الفرض حتى يقيم ثلاثا ولم نقف له على مستند ، وهذا الخبر يدل على أن إقامة سنة أيضا يجوز له العدول وهو لا يوافق شيئا من القولين.

وروى الشيخ في الصحيح : عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في

__________________

(١ و ٢) الوسائل : ج ٨ ص ١٨٧ ح ٣.

٢٠٢

يتمتع قلت من أين قال يخرج من الحرم قلت أين يهل بالحج قال من مكة نحوا مما يقول الناس.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أريد الجوار فكيف أصنع قال إذا رأيت

المجاور بمكة يخرج إلى أهله ثم يرجع إلى مكة بأي شيء يدخل؟ فقال : إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع وإن كان أقل من ستة أشهر فله أن يتمتع(١) وقال السيد يمكن الجمع بينها بالتخيير بعد الستة والستة الأشهر بين الفرضين ثم قال وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الإقامة الموجبة لانتقال الفرض بين كونها بنية الدوام أو المفارقة. وربما قيل : إن الحكم مخصوص بالمجاورة بغير نية الإقامة ، أما لو كان بنيتها انتقل فرضه من أول سنة وإطلاق النص يدفعه.

قوله عليه‌السلام : « يخرج من الحرم » اعلم أن الأصحاب قد قطعوا بأن من كان بمكة وكان فرضه التمتع إذا أراد حج الإسلام يخرج إلى الميقات مع الإمكان فيحرم منه فإن تعذر خرج إلى أدنى الحل فإن تعذر أحرم من مكة ، ويدل على هذا التفصيل روايات وظاهر هذا الخبر جواز الإحرام اختيارا من أدنى الحل.

وقال السيد في المدارك ، ويحتمل الاكتفاء بالخروج إلى أدنى الحل مطلقا بصحيحة عمر بن يزيد(٢) وصحيحة الحلبي(٣) ولا ريب إن الاحتياط يقتضي المصير إلى ما ذكره الأصحاب.

قوله عليه‌السلام : « نحوا مما يقول الناس » أي يفعل كما يفعل غيره من المتمتعين ولا يخالف حكمه في إحرام الحج حكمهم.

الحديث الخامس : صحيح.

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٩١ ح ٣.

(٢ و ٣) الوسائل : ج ٨ ص ١٩٢ ح ٣.

٢٠٣

الهلال هلال ذي الحجة فاخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحج فقلت له كيف أصنع إذا دخلت مكة أقيم إلى يوم التروية لا أطوف بالبيت قال تقيم عشرا لا تأتي الكعبة إن عشرا لكثير إن البيت ليس بمهجور ولكن إذا دخلت فطف بالبيت واسع بين الصفا والمروة فقلت له أليس كل من طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل قال إنك تعقد بالتلبية ثم قال كلما طفت طوافا وصليت ركعتين فاعقد بالتلبية ثم قال إن سفيان فقيهكم أتاني فقال ما يحملك على أن تأمر أصحابك يأتون الجعرانة فيحرمون منها فقلت له هو وقت من مواقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال وأي وقت من مواقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو فقلت له أحرم منها حين قسم غنائم حنين ومرجعه من الطائف فقال إنما هذا شيء أخذته من عبد الله بن عمر كان إذا رأى الهلال صاح بالحج فقلت أليس قد كان عندكم مرضيا قال بلى ولكن أما علمت أن أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنما أحرموا من المسجد فقلت إن أولئك كانوا متمتعين في

قوله عليه‌السلام : « فاخرج إلى الجعرانة » هذا يدل على أن المجاور إذا أراد الإفراد والقران يخرج إلى أدنى الحل فيحرم منها وقد أشار في الدروس إلى هذه الرواية ولم يحكم بشيء.

قوله عليه‌السلام : « فطف بالبيت » يحتمل أن يكون المراد به الطواف المندوب والطواف الواجب والأخير أظهر بقرينة السعي فيكون تقديما لطواف الحج وسعيه ، والمشهور بين الأصحاب أنه يجوز للقارن والمفرد تقديم طوافهما على المضي إلى العرفات ، لكن قال الشيخ وجماعة : أنهما يجددان التلبية عند فراغهما من الطواف لئلا يحلا وذهب جماعة إلى أنهما لا يحلان إلا بالنية ، وليس تجديد التلبية بواجب ، ومنهم من قال بالفرق بين القارن والمفرد. وقد مر الكلام فيه. وأيضا المشهور بين الأصحاب جواز الطواف المندوب لهما ، والقول بوجوب التلبية كما تقدم ، والمشهور بين الأصحاب أنه لا يجوز للمتمتع تقديم طواف الحج اختيارا وادعوا عليه الإجماع لكن دلت أخبار كثيرة على جواز التقديم مطلقا ومال إليه بعض المتأخرين ، وفي جوار

٢٠٤

أعناقهم الدماء وإن هؤلاء قطنوا بمكة فصاروا كأنهم من أهل مكة وأهل مكة لا متعة لهم فأحببت أن يخرجوا من مكة إلى بعض المواقيت وأن يستغبوا به أياما فقال لي وأنا أخبره أنها وقت من مواقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أبا عبد الله فإني أرى لك أن لا تفعل فضحكت وقلت ولكني أرى لهم أن يفعلوا فسأل عبد الرحمن عمن معنا من النساء كيف يصنعن فقال لو لا أن خروج النساء شهرة لأمرت الصرورة منهن أن تخرج ولكن مر من كان منهن صرورة أن تهل بالحج في هلال ذي الحجة فأما اللواتي قد حججن فإن شئن ففي خمس من الشهر وإن شئن فيوم التروية فخرج وأقمنا فاعتل بعض من كان معنا من النساء الصرورة منهن فقدم في خمس من ذي الحجة فأرسلت إليه أن بعض من معنا من صرورة النساء قد اعتللن فكيف تصنع فقال فلتنظر ما بينها وبين التروية فإن طهرت فلتهل بالحج وإلا فلا يدخل عليها يوم التروية إلا

الطواف المندوب للمتمتع قبل الخروج إلى منى قولان أشهرهما المنع.

إذا عرفت ذلك فاعلم : أن هذا الخبر يدل على أنه يجوز للمفرد تقديم الطواف وإيقاعه ندبا وأنه يلزمه تجديد التلبية عند كل طواف وأنه يحل إذا ترك التلبية وذهب الموجبون للتلبية إلى أنه ينقلب حجه عمرة بترك التلبية وإثباته من هذا الأخبار لا يخلو من إشكال ، وأيضا يدل الخبر على أن تجديد التلبية بعد ركعتي الطواف ، وكلام أكثر الأصحاب في ذلك مجمل ، وصرح الشهيد الثاني :رحمه‌الله بأن التلبية بعد الطواف وقبل الصلاة ويدفعه هذا الخبر الصحيح ، ولعل الاحتياط في الإتيان بها في الموضعين.

قوله عليه‌السلام : « وأن يستغبوا به » ، أي يهجروا ويتأخروا مجازا قال في النهاية فيه « زر غبا تزدد حبا » الغب من أوراد الإبل : أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ثم تعود ، فنقله إلى الزيارة وإن جاء بعد أيام. يقال : غب الرجل إذا جاء زائرا بعد أيام. وقال الحسن : في كل أسبوع.(١)

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٣ ص ٣٣٦.

٢٠٥

وهي محرمة وأما الأواخر فيوم التروية فقلت إن معنا صبيا مولودا فكيف نصنع به فقال مر أمه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها فأتتها فسألتها كيف تصنع فقالت إذا كان يوم التروية فأحرموا عنه وجردوه وغسلوه كما يجرد المحرم وقفوا به المواقف فإذا كان يوم النحر فارموا عنه واحلقوا عنه رأسه ومري الجارية أن تطوف به بين الصفا والمروة قال وسألته عن رجل من أهل مكة يخرج إلى بعض الأمصار ثم يرجع إلى مكة فيمر ببعض المواقيت أله أن يتمتع قال ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل وكان الإهلال أحب إلي.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول المجاور بمكة سنة يعمل عمل أهل مكة يعني يفرد الحج مع أهل مكة وما كان دون السنة فله أن يتمتع.

٧ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان

قوله عليه‌السلام : « ما أزعم أن ذلك ليس له » اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن المكي إذا بعد من أهله وحج على ميقات أحرم منه وجوبا كما دلت عليه هذه الرواية واختلف الأصحاب في جواز التمتع له والحال هذه فذهب الأكثر ومنهم الشيخ في جملة من كتبه ، والمحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى إلى الجواز لهذه الرواية.

وقال ابن أبي عقيل : لا يجوز له التمتع لأنه لا متعة لأهل مكة ، وأماقوله عليه‌السلام : « وكان الإهلال بالحج أحب إلى » فظاهره كون العدول عن التمتع له أفضل ، ويحتمل أن يكون ذلك تقية ولا يبعد أن يكون المراد به أن يذكر الحج في تلبية العمرة ليكون حجه عراقيا كما مر.

الحديث السادس : مجهول. وقد مر الكلام فيه.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور. ويدل على أن المجاور أن يتمتع ،

٢٠٦

عن سماعة ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن المجاور أله أن يتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » قال نعم يخرج إلى مهل أرضه فيلبي إن شاء.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز عمن أخبره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي فإذا أراد أن يحج عن نفسه أو أراد أن يعتمر بعد ما انصرف من عرفة فليس له أن يحرم بمكة ولكن يخرج إلى الوقت وكلما حول رجع إلى الوقت.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن أبي الفضل قال كنت مجاورا بمكة فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام من أين أحرم بالحج فقال من حيث أحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الجعرانة أتاه في ذلك المكان فتوح فتح الطائف وفتح خيبر والفتح فقلت متى أخرج قال إن كنت صرورة فإذا مضى من ذي الحجة يوم

وعلى المشهور محمول على ما إذا جاور سنتين ، أو على غير حج الإسلام ، ويدل على ما هو المشهور من أنه يلزمه أن يخرج إلى الميقات ولا يكفي أدنى الحل مع الاختيار. والمهل محل الإهلال أي رفع الصوت في التلبية والمراد به الميقات.

الحديث الثامن : مرسل معتبر. وفي الدلالة على لزوم الخروج إلى الميقات مثل الخبر المتقدم وفي كونه بعد السنة بحكم أهل مكة مخالف للمشهور ، وقد سبق الكلام فيه.

الحديث التاسع : صحيح على الظاهر. من كون أبي الفضل سالم الحناط ، ولاحتمال غيره وربما يعد مجهولا.

قوله عليه‌السلام : « وفتح خيبر » لعله كان فتح حنين فصحف ، وعلى ما في الكتاب لعل المراد. أن فتح خيبر وقع بعد الرجوع من الحديبية وهي قريبة من الجعرانة ، أو حكمها حكم الجعرانة في كونها من حدود الحرم.

ثم اعلم : أن هذا الخبر أيضا يدل على جواز الاكتفاء بالخروج إلى أدنى الحل لإحرام المجاور ، وقال بعض المحققين من المتأخرين : العجب من عدم التفات

٢٠٧

وإن كنت قد حججت قبل ذلك فإذا مضى من الشهر خمس.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المجاور بمكة إذا دخلها بعمرة في غير أشهر الحج ـ في رجب أو شعبان أو شهر رمضان أو غير ذلك من الشهور إلا أشهر الحج فإن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة من دخلها بعمرة في غير أشهر الحج ثم أراد أن يحرم فليخرج إلى الجعرانة فيحرم منها ثم يأتي مكة ولا يقطع التلبية حتى ينظر إلى البيت ثم يطوف بالبيت ويصلي الركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ثم يخرج إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما ثم يقصر ويحل ثم يعقد التلبية يوم التروية.

الأصحاب إلى حديث عبد الرحمن بن الحجاج(١) وإلى حديث أبي الفضل سالم الحناط(٢) مع انتفاء المنافي لهما وصحة طريقهما عند جمهور المتأخرين ، وما رأيت من تعرض لهما بوجه سوى الشهيد في الدروس فإنه أشار إلى مضمون الأول فقال بعد التلبية عليه : أنه غير معروف والاحتياط في ذلك مطلوب وليس بمعتبر.

قوله عليه‌السلام : « إن كنت صرورة » هذا يدل كخبر ابن الحجاج على أنه ينبغي للصرورة أن يحرم من أول ذي الحجة دون غيره ، ولعله على المشهور محمول على الفضل والاستحباب.

الحديث العاشر : مجهول. ويدل أيضا على جواز الاكتفاء بالخروج إلى أدنى الحل ولعل الكليني (ره) حمل أخبار الخروج إلى الميقات على الاستحباب ، أو حمل تلك الأخبار على الضرورة موافقا للمشهور ، ويدل على أن المتمتع يقطع التلبية إذا نظر إلى البيت وسيأتي الكلام فيه.

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٩٢ ح ٥.

(٢) الوسائل : ج ٨ ص ١٩٣ ح ٦.

٢٠٨

(باب)

(حج الصبيان والمماليك)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي ويفرض الحج فإن لم يحسن أن يلبي لبي عنه ويطاف به ويصلى عنه قلت ليس لهم ما يذبحون قال يذبح عن الصغار ويصوم الكبار ويتقى عليهم ما يتقى على المحرم من الثياب والطيب فإن قتل صيدا فعلى أبيه.

باب حج الصبيان والمماليك

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. والأحكام المذكورة فيه مشهورة بين الأصحاب ، وذكر الأصحاب : لزوم جميع الكفارات على الولي ، وهذا الخبر يدل على خصوص كفارة الصيد ومال إلى التخصيص بعض المتأخرين ، وأيضا المشهور بين الأصحاب أن الولي يأمر الصبي بالصوم مع العجز عن الهدي ، فإن عجز الصبي يصوم عنه وليه. وقال السيد في المدارك : مقتضى العبارة أن صوم الولي يترتب على عجز الصبي عن الصوم والظاهر جوازه مطلقا لا طلاق الأمر به في صحيحتي معاوية(١) وعبد الرحمن بن الحجاج(٢) ، ولا ريب أن صوم الولي أولى لصحة مستنده وصراحته.

قوله عليه‌السلام : « ويصوم الكبار » يحتمل أن يكون المراد بالكبار المميزين من الأطفال أو البلغ ، أي يصومون لأنفسهم ويذبحون لأطفالهم والأول أظهر.

__________________

(١) الوسائل : ج ١٠ ص ٩١ ح ١.

(٢) هكذا في الأصل : ولكن الصحيح هو عبد الرحمان بن أبي عبد الله كما في الوسائل : ج ١٠ ص ٩١ ح ٢. أو عبد الرحمان بن أعين كما في نفس المصدر ح ٣ و ٤ و ٥. وليس لعبد الرحمان بن الحجّاج ذكر في هذا المقام.

٢٠٩

٢ ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن أيوب أخي أديم قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام من أين يجرد الصبيان فقال كان أبي يجردهم من فخ.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبيه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن معي صبية صغارا وأنا أخاف عليهم البرد فمن أين يحرمون قال ائت بهم العرج فيحرموا منها فإنك إذا أتيت العرج وقعت في تهامة ثم قال فإن خفت عليهم فائت بهم الجحفة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم ويطاف بهم ويرمى عنهم ومن لا يجد منهم هديا فليصم

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يجردهم » الظاهر أن المراد بالتجريد الإحرام كما فهمه الأكثر ، و« فخ » : بئر معروف على نحو فرسخ من مكة ، وقد نص الشيخ وغيره على أن الأفضل : الإحرام بالصبيان من الميقات ، لكن رخص في تأخير الإحرام بهم حتى يصيروا إلى فخ ، ويدل على أن الأفضل الإحرام بهم من الميقات روايات. وذكر المحقق الشيخ على أن المراد بالتجريد : التجريد من المخيط خاصة فيكون الإحرام من الميقات كغيرهم وهو خلاف المشهور.

الحديث الثالث : مجهول. وقال في النهاية :« العرج » بفتح العين وسكون الراء : قرية جامعة من عمل الفرع ، على أيام من المدينة(١) .

وقال الجوهري :الجحفة موضع بين مكة والمدينة : وهي ميقات أهل الشام وكان اسمها مهيعة فأجحف السيل بأهلها فسميت جحفة.

الحديث الرابع : حسن ، ويدل على أن الإحرام للصبيان قبل فخ أفضل كالخبر

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٢٠٤.

٢١٠

عنه وليه وكان علي بن الحسينعليه‌السلام يضع السكين في يد الصبي ثم يقبض على يديه الرجل فيذبح.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الفضل بن يونس ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن غلمان لنا دخلوا معنا مكة بعمرة وخرجوا معنا إلى عرفات بغير إحرام قال قل لهم يغتسلون ثم يحرمون واذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كل ما أصاب العبد وهو محرم في إحرامه فهو على السيد إذا أذن له في الإحرام.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال سألته عن غلام لنا خرجت به معي وأمرته

السابق ، ووضع السكين في يد الصبي على المشهور محمول على الاستحباب.

الحديث الخامس : موثق. وعليه إجماع الأصحاب.

الحديث السادس : موثق. ويدل على أنه يجوز الإحرام بهم من عرفات للحج.

الحديث السابع : حسن. ويدل على أن جنايات العبد كلها على المولى إذا أذن له في الإحرام ، وبه قال المحقق في المعتبر وجماعة ، وقال الشيخ : إنه يلزم ذلك العبد لأنه فعله بدون إذن مولاه ويسقط الدم إلى الصوم ، وقال المفيد : على السيد الفداء في الصيد ، وهذا في جناياته ، وأما دم الهدي فمولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم اتفاقا.

الحديث الثامن : ضعيف.

٢١١

فتمتع وأهل بالحج يوم التروية ولم أذبح عنه أله أن يصوم بعد النفر وقد ذهبت الأيام التي قال الله عز وجل فقال ألا كنت أمرته أن يفرد الحج قلت طلبت الخير فقال كما طلبت الخير فاذبح شاة سمينة وكان ذلك يوم النفر الأخير.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن سماعة أنه سئل عن رجل أمر غلمانه أن يتمتعوا قال عليه أن يضحي عنهم قلت فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحى وبعضهم أمسك الدراهم وصام قال قد أجزأ عنهم وهو بالخيار إن شاء تركها قال ولو أنه أمرهم وصاموا كان قد أجزأ عنهم.

(باب)

(الرجل يموت صرورة أو يوصي بالحج)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل توفي وأوصى أن يحج عنه قال إن كان صرورة فمن جميع المال إنه بمنزلة الدين الواجب وإن كان قد حج فمن ثلثه ومن مات ولم يحج حجة الإسلام ولم يترك إلا قدر نفقة الحمولة وله ورثة فهم أحق بما ترك فإن شاءوا أكلوا

قوله عليه‌السلام : « فاذبح » محمول على الاستحباب إذ على المشهور لا يخرج وقت الصوم إلا بخروج ذي الحجة فكان يمكنه أن يأمر بالصوم قبل ذلك ، ويمكن حمله على التقية ، لأنه حكى في التذكرة عن بعض العامة قولا بخروج وقت صوم الثلاثة الأيام بمضي يوم عرفة.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور. ويدل على المشهور كما عرفت.

باب الرجل يموت صرورة أو يوصي بالحج

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إلا قدر نفقة الحمولة » قال في النهاية : الحمولة بالفتح : ما يحمل عليه الناس من الدواب سواء كانت عليها الأحمال أو لم تكن كالركوبة

٢١٢

وإن شاءوا أحجوا عنه.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن سعد بن أبي خلف قال سألت أبا الحسن موسىعليه‌السلام ـ عن الرجل الصرورة يحج عن الميت قال نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه فإن كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزئ عنه حتى يحج من ماله وهي تجزئ عن الميت إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال.

وبالضم : الأحمال ، وأما الحمول بلا هاء فهي الإبل التي عليه الهوادج كانت(١) فيها نساء أو لم تكن(٢) .

قوله : « فهم أحق بما ترك » لأنه لم يخلف ما يفي بأجرة الحج.

الحديث الثاني : صحيح ، وقال في المنتقى : قد اتفقت نسخ الكافي وكتابي الشيخ(٣) على إثبات السند بهذه الصورة مع أن المعهود المتكرر في رواية أحمد بن محمد بن عيسى ، عن سعد بن أبي خلف أن يكون بواسطة ابن أبي عمير ، أو الحسن بن محبوب ولعل الواسطة منحصرة فيهما فلا يضر سقوطها.

قوله عليه‌السلام : « وإن لم يكن له مال » ظاهره أنه مع كونه ذا مال يمكنه الحج لنفسه لو حج عن غيره كان مجزيا عنه ، وإن كان إثما وهو خلاف المشهور ، ويمكن أن يكون قوله هي ، راجعا إلى أول الخبر أي الحج مع عدم استطاعة النائب ويكون المراد بالصرورة الميت.

وفي الفقيه : ويجزى عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال أي بأن كان له مال ثم ذهب ، أو تكون النيابة استحبابا ، ويمكن أيضا على نسخة في الفقيه أن يكون محمولا على ما إذا حج من ماله أي لا يجزى عنه حتى يحج من ماله فإذا

__________________

(١) هكذا في الأصل ، ولكن في النهاية كان فيها نساء أو لم يكن.

(٢) النهاية : لابن الأثير : ج ١ ص ٤٤٤.

(٣) أي الإستبصار والتهذيب.

٢١٣

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل صرورة مات ولم يحج حجة الإسلام وله مال قال يحج عنه صرورة لا مال له.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال سألته عن الرجل يموت ويوصي بحجة فيعطى رجل دراهم يحج بها عنه فيموت قبل أن يحج ثم أعطي الدراهم غيره قال إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزئ عن الأول قلت فإن ابتلي بشيء يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزئ عن الأول قال نعم قلت لأن الأجير

حج من ماله وحج بعد ذلك للميت يجزى عنه. سواء كان له مال أو لم يكن حينئذ.

وقال سيد المحققين في المدارك : قد قطع الأصحاب بفساد التطوع والحج عن الغير مع الاستطاعة وعدم الإتيان بالواجب ، وهو إنما يتم إذا ورد فيه نهي على الخصوص ، أو قلنا باقتضاء الأمر بالشيء. النهي عن ضده الخاص ، وربما ظهر من صحيحة سعد بن أبي خلف(١) خلاف ذلك. والمسألة محل تردد.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « إن مات في الطريق » لا خلاف في إجزائه إذا مات النائب بعد الإحرام ودخول الحرم ، واكتفى الشيخ في الخلاف ، وابن إدريس في الإجزاء بموته بعد الإحرام ولم يعتبرا دخول الحرم ، واختلف في أنه هل يستعاد مع الإجزاء ما بقي من الأجرة أم لا؟ والأشهر العدم ، وهذا الخبر يدل على الإجزاء مطلقا ولم ينقل القول به عن أحد.

وقال المحقق التستريقدس‌سره : ليس في تلك الأخبار دلالة على التقيد بالإحرام ودخول الحرم وكان مستمسكهم في التقييد خروج ما عدا صورة التقييد

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٢١ ح ١.

٢١٤

ضامن للحج قال نعم.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أعطى رجلا ما يحجه فحدث بالرجل حدث فقال إن كان خرج فأصابه في بعض الطريق فقد أجزأت عن الأول وإلا فلا.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن سويد القلاء ، عن أيوب ، عن بريد العجلي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شيء ولم يحج حجة الإسلام قال حج عنه وما فضل فأعطهم.

بالإجماع ، ولكن لو تحقق الإجماع فالقول بالإطلاق إن عملنا بأخبار الآحاد فيما خالف الأصول ولم يؤيده شيء خارج قوي.

الحديث الخامس : مرسل. وقال الشيخ في التهذيب بعد إيراده : إن الوجه في هذا الخبر أن يكون يحدث به الحدث بعد دخوله الحرم.

الحديث السادس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « حج عنه » قال السيدرحمه‌الله : اعتبر المحقق وغيره في جواز الإخراج : علم المستودع أن الورثة لا يؤدون ، وإلا وجب استئذانهم وهو جيد ، واعتبر في التذكرة مع ذلك أمن الضرر ، وهو حسن ، واعتبر أيضا عدم التمكن من الحاكم وإثبات الحق عنده وإلا وجب استيذانه.

وحكى الشهيد في اللمعة قولا : باعتبار إذن الحاكم في ذلك مطلقا واستبعده ، ومقتضى الرواية أن المستودع يحج لكن جواز الاستئجار ربما كان أولى ، خصوصا إذا كان الأجير أنسب لذلك من الودعي

٢١٥

(باب)

(المرأة تحج عن الرجل)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن مصادف ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تحج عن الرجل الصرورة فقال إن كانت قد حجت وكانت مسلمة فقيهة فرب امرأة أفقه من رجل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يحج عن المرأة والمرأة تحج عن الرجل قال لا بأس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام امرأة من أهلنا مات أخوها فأوصى بحجة وقد حجت المرأة فقالت إن صلح حججت أنا عن أخي وكنت أنا أحق بها من غيري فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا بأس بأن تحج عن أخيها وإن كان لها مال فلتحج من مالها فإنه أعظم لأجرها.

باب المرأة تحج عن الرجل

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وفيه دلالة على المنع من نيابة المرأة الصرورة ، وقد أجمع الأصحاب على جواز نيابة الصرورة إذا كان ذكرا ولم يجب عليه الحج ، والمشهور في المرأة أيضا ذلك ، ومنع الشيخ في الاستبصار من نيابة المرأة الصرورة عن الرجال ، وفي النهاية أطلق المنع من نيابة المرأة الصرورة وهو ظاهر اختياره في التهذيب ولعل التقييد في هذا الخبر محمول على الفضل والاستحباب أو على أنها حجت لنفسها حجة الإسلام مع وجوبها عليها و « الصرورة » بفتح الصاد الذي لم يحج يقال : رجل صرورة وامرأة صرورة.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فلتحج » أي للميت ولا يأخذ من مال الميت شيئا فيكون ثوابها أعظم ، أو يحج من مالها لنفسها ندبا ويحج آخر عن الميت فيكون أعظم

٢١٦

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن رفاعة ، عن أبي عبد الله أنه قال تحج المرأة عن أخيها وعن أختها وقال تحج المرأة عن ابنها.

(باب)

(من يعطى حجة مفردة فيتمتع أو يخرج من غير الموضع الذي يشترط)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة أيجوز له أن يتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال نعم إنما خالفه إلى الفضل.

لأجرها لأنها صارت سببا لحج غيرها أيضا ولعل الأول أظهر.

الحديث الرابع : صحيح.

باب من يعطى حجة مفردة فيتمتع أو يخرج من غير الموضع الذي يشترط

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « نعم » المشهور بين الأصحاب : أنه يجب على المؤجر أن يأتي بما شرط عليه من تمتع أو قران أو إفراد ، وهذه الرواية تدل على جواز العدول عن الإفراد إلى التمتع ومقتضى التعليل الواقع فيها اختصاص الحكم بما إذا كان المستأجر مخيرا بين الأنواع كالمتطوع وذي المنزلين وناذر الحج مطلقا لأن التمتع لا يجزي مع تعين الإفراد فضلا عن أن يكون أفضل منه.

وقال المحقق في المعتبر : إن هذه الرواية محمولة على حج مندوب فالغرض به تحصيل الأجر فيعرف الإذن من قصد المستأجر ويكون ذلك كالمنطوق به انتهى.

ومتى جاز العدول يستحق الأجير تمام الأجرة ، وأما مع امتناعه فيقع الفعل عن المنوب عنه ولا يستحق الأجير شيئا.

٢١٧

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن حريز قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أعطى رجلا حجة يحج بها عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع مناسكه فقد تم حجه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. ورواه الشيخ بسند صحيح عن حريز(١)

وقال الشيخ (ره) في جملة من كتبه ، والمفيد في المقنعة : بجواز العدول عن الطريق الذي عينه المستأجر إلى طريق آخر مطلقا مستدلين بهذه الرواية.

وأورد عليه : بأنها لا تدل صريحا على جواز المخالفة لاحتمال أن يكون قوله من الكوفة صفة لرجل لا صلة لتحج.

وذهب المحقق وجماعة : إلى عدم جواز العدول مع تعلق الغرض بذلك الطريق المعين ، وقال بعض المتأخرين : بل الأظهر عدم جواز العدول إلا مع العلم بانتفاء الغرض في ذلك الطريق وأنه هو وغيره سواء عند المستأجر. ومع ذلك فالأولى وجوب الوفاء بالشرط مطلقا.

ثم إن أكثر الأصحاب : قطعوا بصحة الحج مع المخالفة وإن تعلق الغرض بالطريق المعين لأنه بعض العمل المستأجر عليه ، واستشكله بعض المحققين من المتأخرين وهو في محله.

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٢٧ ح ١.

٢١٨

(باب)

(من يوصي بحجة فيحج عنه من غير موضعه أو يوصي)

(بشيء قليل في الحج)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن زكريا بن آدم قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل مات وأوصى بحجة أيجوز أن يحج عنه من غير البلد الذي مات فيه فقال ما كان دون الميقات فلا بأس.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان بن عثمان ، عن عمر بن يزيد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في رجل أوصي بحجة فلم تكفه من الكوفة إنها تجزئ حجته من دون الوقت.

باب من يوصي بحجة فيحج عنه من غير موضعه أو يوصي بشيء قليل في الحج

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ما كان دون الميقات » يدل على أنه لا يجب الاستئجار من بلد الموت ، والمشهور بين الأصحاب وجوب الاستئجار من أقرب المواقيت.

وقال ابن إدريس وجماعة : لا يجزي إلا من بلده إن خلف سعة ، وإن قصرت التركة : حج عنه من الميقات ، وفسر الأكثر « البلد » ببلد الموت.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « من دون الوقت » ظاهره أنه يلزم الاستئجار قبل الميقات ولو بقليل ولم يقل به أحد إلا أن يحمل « دون » بمعنى عند ، أو يحمل ـ القيد ـ على الاستحباب أو على ما إذا لم يبلغ ماله أن يستأجر من البلد ، وبالجملة توفيقه مع أحد القولين لا يخلو من تكلف.

٢١٩

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن عبد الله قال سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن الرجل يموت فيوصي بالحج من أين يحج عنه قال على قدر ماله إن وسعه ماله فمن منزله وإن لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام فلم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين درهما قال يحج عنه من بعض الأوقات التي وقتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قرب.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان أو ، عن رجل ، عن

الحديث الثالث : مجهولبمحمد بن عبد الله ، وتوسطه بين أبي نصر وبينهعليه‌السلام غير معهود ، ويدل على وجوب الاستئجار من البلد إذا أمكن وإلا فمن حيث أمكن من الطريق لكن في دلالته عن بلد الموت نظر ، ولعل التخصيص بالكوفة والمدينة لأنه لا يتيسر الاستئجار غالبا إلا في البلاد العظيمة ، والقائلون بالاكتفاء بالميقات أجابوا عنه : بأنه إنما تضمن الحج من البلد مع الوصية ولعل القرائن الحالية كانت دالة على إرادة الحج من البلد كما هو الظاهر من الوصية عند الإطلاق في زماننا فلا يلزم مثله مع انتفاء الوصية.

ثم اعلم : أن موضع الخلاف ما إذا لم يوص بالحج من البلد أو أطلق ودلت القرائن الحالية أو المقالية على إرادته أما مع الوصية به كذلك فيجب قضاؤه من البلد الذي تعلقت به الوصية سواء كانت بلد الموت أو غيرها بغير إشكال.

الحديث الرابع : صحيح ، وبه أيضا استدل على الحج من البلد.

وفيه نظر من وجهين.

الأول : أن التقيد في كلام السائل.

الثاني : ما ذكرنا سابقا من أنه ورد في الوصية فلا يدل على غيرها.

الحديث الخامس : ضعيف.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481