تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169363 / تحميل: 5804
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثل ذلك وقال إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت محرم إلا أن تنكسه ولا ثوبا تدرعه ولا سراويل إلا أن لا يكون لك إزار ولا خفين إلا أن لا يكون لك نعلان قال وسألته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي أحرم فيها وغيرها قال لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يتردى بالثوبين قال نعم والثلاثة إن شاء يتقي بها البرد والحر.

١١ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام

الحديث الثامن : حسن.

قوله عليه‌السلام : (١) « لا تلبس ثوبا له أزرار » قال السيدرحمه‌الله في المدارك : لا خلاف بين الأصحاب في حرمة لبس الثياب المخيطة للرجال حال الإحرام. وظاهر الروايات إنما يدل على تحريم القميص والقباء والسراويل والثوب المزرر والمدرع لا مطلق المخيط ، وقد اعترف الشهيد بذلك في الدروس : وقال تظهر الفائدة في الخياطة في الإزار وشبهه.

ونقل عن ابن الجنيد : أنه قيد المخيط بالضام للبدن ومقتضاه عدم تحريم التوشح به ولا ريب أن اجتناب مطلق المخيط كما ذكره المتأخرون أحوط.

الحديث العاشر : حسن وعليه الأصحاب.

الحديث الحادي عشر : حسن وقال في الدروس : يجوز أن يلبس أكثر من ثوبين

__________________

(١) الظاهر أنّ هنا سقط وهو الحديث التاسع.

٢٨١

لا بأس بأن يغير المحرم ثيابه ولكن إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما وكره أن يبيعهما.

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المحرم يلبس الخز قال لا بأس.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن عائذ ، عن الحسين بن مختار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يحرم الرجل في الثوب الأسود قال لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفن به الميت.

١٤ ـ أحمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجل يحرم في ثوب وسخ قال لا ولا أقول إنه حرام ولكن أحب أن يطهره وطهوره غسله ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وإن

للحر أو البرد وأن يبدل الثياب ويستحب له الطواف فيما أحرم فيه.

وروى محمد بن مسلم « أنه يكره غسلهما وإن توسخا إلا لنجاسة »(١) .

وروى معاوية بن عمار كراهة بيعهما(٢) .

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » : الظاهر أن المراد به غير ثوبي الإحرام ولو أريد به التعميم فلعله محمول على وبر الخز لا جلده.

الحديث الثالث عشر : موثق.

قوله عليه‌السلام : « لا يحرم » ظاهر الشيخ في النهاية : حرمه الإحرام في السواد وحمل على تأكد الكراهة.

الحديث الرابع عشر : صحيح. والمشهور بين الأصحاب كراهة الإحرام في

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١١٧ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٣٩ ح ١.

٢٨٢

توسخ إلا أن يصيبه جنابة أو شيء فيغسله.

١٥ ـ أحمد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن خلوق الكعبة للمحرم أيغسل منه الثوب قال لا هو طهور ثم قال إن بثوبي منه لطخا.

١٦ ـ أحمد ، عن ابن فضال ، عن المفضل بن صالح ، عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الرجل قال نعم إنما يكره

الثياب الوسخة كما دلت عليه الرواية وكذا كراهة غسل الثوب الذي أحرم فيه وإن توسخت إلا مع النجاسة.

الحديث الخامس عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا هو طهور » أي لا بأس به لأنه يستعمل لتطهير البيت وتطييبه واستثناء خلوق الكعبة بين أنواع الطيب موضع وفاق.

وقال في النهاية : ذكرالخلوق قد تكرر في غير موضع وهو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة(١) .

الحديث السادس عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « عن الثوب المعلم » أي الذي فيه علم حرير أو ألوان.

وقيل : مطلق الملون. وقال في المدارك : الثوب المعلم المشتمل على علم وهو لون يخالف لونه فيعرف به يقال : اعلم الثوب القصار فهو معلم بالبناء للفاعل أو الثوب المعلم ، وقد قطع المحقق وجمع من الأصحاب بكراهة الإحرام فيه ، واستدلوا عليه بصحيحة معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام « لا بأس بأن يحرم الرجل بالثوب المعلم وتركه أحب إلى إذا قدر على غيره »(٢) .

مع أن ابن بابويه : روى في الصحيح عن الحلبي ، « قال سألته يعني أبا عبد الله

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ٧١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٨ ح ٣.

٢٨٣

الملحم.

١٧ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن هلال قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر ثم يغسل ألبسه وأنا محرم قال نعم ليس العصفر من الطيب ولكن أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس.

١٨ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الثوب يصيبه الزعفران ثم يغسل فلا يذهب أيحرم فيه قال لا بأس

عليه‌السلام عن الرجل يحرم في ثوب له علم ، فقال : لا بأس به »(١) .

وفي الصحيح : عن ليث المرادي(٢) وأورد هذا الخبر.

وقال الجوهري« الملحم » كمكرم جنس من الثياب(٣) ، وقيل : الملحم هو لحمة إبريسم كالقطني المعروف عندنا ، وفي بعض النسخ إنما يكره كما في الفقيه وهو الظاهر ، وفي بعضها إنما يحرم ولعله محمول على الكراهة أو على أن المراد بالملحم ما كان من الحرير المحض.

الحديث السابع عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « نعم » اعلم : أن المشهور بين الأصحاب كراهة المعصفر وكل ثوب مصبوغ مقدم ، وقال في المنتهى : لا بأس بالمعصفر من الثياب ويكره إذا كان مشبعا ، وعليه علماؤنا.

والأظهر : عدم كراهة المعصفرة مطلقا إذا الظاهر من الأخبار أن أخبار النهي محمولة على التقية كما يومئ إليه آخر هذا الخبر.

الحديث الثامن عشر : حسن.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١١٩ ح ٤.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٨ ح ١.

(٣) الصحاح للجوهري : ج ٥ ص ٢٠٢٧.

٢٨٤

به إذا ذهب ريحه ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض وغسل فلا بأس به.

١٩ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يلبس الثوب قد أصابه الطيب قال إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه.

٢٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بمشق ولا بأس بأن يحول المحرم ثيابه قلت إذا أصابها شيء يغسلها قال نعم وإن احتلم فيها.

٢١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يلبس لحافا ظهارته حمراء وبطانته صفراء قد أتى له سنة وسنتان قال ما لم يكن له ريح

قوله عليه‌السلام : « إذا ضرب إلى البياض » الظاهر أن ذلك لئلا يكون مشبعا فيكره : ويحتمل : أن يكون المعنى أن يغسل حتى يضرب إلى البياض فإنه حينئذ تذهب ريحه غالبا.

وقال في المدارك : يحرم على المحرم لبس الثوب المطيب سواء صبغ بالطيب ، أو غمس فيه كما يغمس في ماء الورد أو بخر به وكذا لا يجوز له افتراشه والجلوس والنوم عليه ولو فرش فوقه ثوب صفيق يمنع الرائحة والمباشرة جاز الجلوس عليه والنوم ولو كان الحائل بينهما ثياب بدنه فوجهان واختار في المنتهى المنع ولو غسل الثوب حتى ذهب طيبه جاز لبسه بإجماع العلماء.

الحديث التاسع عشر : ضعيف.

الحديث العشرون : حسن ويدل على عدم كراهة المصبوغ بالمشق وهو بالكسر طين أحمر كما ذكره جماعة من الأصحاب.

الحديث الحادي والعشرون : موثق.

٢٨٥

فلا بأس وكل ثوب يصبغ ويغسل يجوز الإحرام فيه فإن لم يغسل فلا.

٢٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن نجيح ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال لا بأس بلبس الخاتم للمحرم وفي رواية أخرى لا يلبسه للزينة

(باب)

(المحرم يشد على وسطه الهميان والمنطقة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن معي أهلي وأنا أريد أن أشد نفقتي في حقوي فقال نعم فإن أبيعليه‌السلام كان يقول من قوة المسافر حفظ نفقته.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يشد على بطنه العمامة قال لا ثم قال كان أبي يقول يشد على بطنه المنطقة التي فيها

قوله عليه‌السلام : « فإن لم يغسل فلا » محمول على ما إذا صبغ بالطيب وبقيت ريحه.

الحديث الثاني والعشرون : مجهول. ويحرم لبس الخاتم للزينة وجوازه للسنة مقطوع به في كلام الأصحاب.

باب المحرم يشد على وسطه الهميان والمنطقة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وقال في القاموس :الهميان بالكسر كيس للنفقة يشد في الوسط(١) . وقالألحقوا الكشح والإزار ويكسر أو مقعده كالحقوة.

الحديث الثاني : صحيح. وقال في المدارك : يجوز للمحرم شد العمامة على بطنه للأصل ، وصحيحة الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام «قال : المحرم يشد على

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٢٧٨.

٢٨٦

نفقته يستوثق منها فإنها من تمام حجه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يصر الدراهم في ثوبه قال نعم ويلبس المنطقة والهميان.

بطنه العمامة وإن شاء يعصبها على موضع الإزار ولا يرفعها إلى صدره»(١) .

ومقتضاها تحريم عصبها على الصدر ، والأولى اجتناب شدها مطلقا لصحيحة أبي بصير(٢) .

الحديث الثالث : صحيح. وقال في المدارك : قال في المنتهى يجوز للمحرم أن يعقد إزاره عليه لأنه يحتاج إليه لستر العورة ، وهو حسن وكذا يجوز له عقد الهميان للأصل. وصحيحة يعقوب بن شعيب(٣) .

وقال في المنتهى : إنه لو أمكن إدخال سيور الهميان بعضها في بعض وعدم عقدها فعل لانتفاء الحاجة إلى العقد. وهو حسن ، وإن كان الأظهر الجواز مطلقا ، ومقتضى الرواية استثناء المنطقة أيضا وهي ما يشد بها الوسط ، وبه قطع في الدروس.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٥٨ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١٥٨ ح ٢.

(٣) الوسائل : ج ٩ ص ١٢٨ ح ١.

٢٨٧

(باب)

( ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحلي وما يكره لها من ذلك)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عيص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير

باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحلي وما يكره لها من ذلك

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ما شاءت من الثياب » يدل على جواز لبس المخيط للنساء في حال الإحرام كما هو المشهور بين الأصحاب. بل قال في التذكرة : إنه مجمع عليه بين العلماء ، وقال في المنتهى : يجوز للمرأة لبس المخيط إجماعا ولا نعلم فيه خلافا إلا قولا شاذا للشيخ لا اعتداد به ، وهذا القول : ذهب إليه الشيخ في النهاية ، وطاهر كلامه حيث قال : ويحرم على المرأة حال الإحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرجال ويحل لها ما يحل له مع أنه قال بعد ذلك : وقد وردت رواية بجواز لبس القميص للنساء والأفضل ما قدمناه وأما السراويل فلا بأس بلبسه لهن على كل حال ، وأما لبس القفازين فقد قطع العلامة في التذكرة والمنتهى بتحريمه وظاهره دعوى الإجماع عليه.

وقال في المدارك : ولو لا ذلك لأمكن القول بالجواز ، وحمل النهي على الكراهة كما في الحرير.

قال في التذكرة : والمراد بالقفازين شيء تتخذه المرأة لليدين يحشى بقطن تكون له أزرار تزره على الساعدين من البرد تلبسه المرأة.

وقال الجزري : فيه لا تتنقب المحرمة ولا تلبس قفازا ، هو بالضم والتشديد

٢٨٨

والقفازين وكره النقاب وقال تسدل الثوب على وجهها قلت حد ذلك إلى أين قال إلى طرف الأنف قدر ما تبصر.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن منصور بن العباس ، عن إسماعيل بن مهران ، عن النضر بن سويد ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن المرأة المحرمة أي شيء تلبس من الثياب قال تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس ولا تلبس القفازين ولا حليا تتزين به لزوجها ولا تكتحل إلا من علة ولا تمس طيبا

شيء تلبسه نساء العرب في أيديهن يغطي الأصابع والكف والساعد توقيا من البرد ، ويكون فيه قطن محشو. وقيل : هو ضرب من الحلي تتخذه المرأة ليديها(١) .

وقال الفيروزآبادي :« أسدل الشعر » أرخاه وأرسله(٢) .

قوله عليه‌السلام : « وكره النقاب » قال في المدارك : أجمع الأصحاب على عدم جواز تغطية المرأة وجهها ، وذهب بعضهم إلى عدم الفرق بين التغطية بثوب وغيره وهو مشكل ، وينبغي القطع بجواز وضع اليدين عليه وجواز نومها على وجهها ، وقد أجمع الأصحاب على أنه يجوز لها سدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها قاله في التذكرة ، وفي المنتهى إلى طرف أنفها ، ولا نعلم فيه خلافا ويستفاد من بعض الروايات جواز سدل الثوب إلى النحر ، وظاهر إطلاق الروايات. عدم اعتبار محافاة الثوب عن الوجه وبه قطع في المنتهى.

ونقل عن الشيخ : أنه أوجب المحافاة بخشبة وشبهها بحيث لا تصيب البشرة وحكم بلزوم الدم مع الإصابة وكلا الحكمين مشكل.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « والورس » نوع من الطيب ولذلك استثناهعليه‌السلام .

وقال في النهاية : « الورس » نبت أصفر يصبغ به(٣) .

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٤ ص ٩٠.

(٢) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٣٩٥.

(٣) نهاية ابن الأثير : ج ٥ ص ١٨٣.

٢٨٩

ولا تلبس حليا ولا فرندا ولا بأس بالعلم في الثوب.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال مر أبو جعفرعليه‌السلام بامرأة متنقبة وهي محرمة فقال أحرمي وأسفري وأرخي ثوبك من فوق رأسك فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك فقال رجل إلى أين ترخيه فقال تغطي عينيها قال قلت يبلغ فمها قال نعم وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

قوله عليه‌السلام : « ولا حليا » المشهور بين الأصحاب أنه لا يجوز للمرأة لبس الحلي للزينة وما لم تعتد لبسه منه وإن لم يقصد الزينة ، ويظهر من المحقق في الشرائع : عدم الجزم بتحريم ما لم تعتد لبسه ولا بأس بلبس ما كان معتادا لها من الحلي إذا لم تكن للزينة ولكن لا يحرم عليها إظهاره لزوجها كذا ذكره الأصحاب.

ولكن مقتضى الرواية تحريم إظهاره للرجال مطلقا فيندرج في ذلك الزوج والمحارم وغيرهما فلا وجه لتخصيص الحكم بالزوج.

قوله عليه‌السلام : « ولا تكتحل » المشهور بين الأصحاب حرمة الاكتحال بالسواد للرجل والنساء إلا مع الضرورة.

وقال الشيخ في الخلاف : إنه مكروه. والمشهور أقوى.

قوله عليه‌السلام : « ولا فرندا » لعل النهي عنه للزينة.

وقال الفيروزآبادي : الفرند بكسر الفاء والراء : السيف وثوب معروف معرب(١) .

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وأسفري » على بناء المجرد.

قال في مصباح اللغة : « سفرت المرأة سفورا » من باب ضرب كشفت وجهها

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٢٣.

٢٩٠

المحرمة لا تلبس الحلي ولا الثياب المصبغات إلا صبغ لا يردع.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المرأة يكون عليها الحلي والخلخال والمسكة والقرطان من الذهب والورق تحرم فيه وهو عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها أتنزعه إذا أحرمت أو تتركه على حاله قال تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها.

فهي سافر بغيرها(١) .

قوله عليه‌السلام : « لا يردع » أي لا يكون مصبوغا بطيب.

وقال الفيروزآبادي : « الردع » الزعفران أو لطخ منه أو من الدم أو أثر الطيب في الجسد وثوب مردوع مزعفر ورادع ومردع كمعظم فيه أثر طيب(٢) .

الحديث الرابع : صحيح.

وقال الفيروزآبادي :« الحجل » بالكسر والفتح وكابل وطمر الخلخال والجمع أحجال وحجول(٣) .

وقال :المسك بالتحريك : الأسورة والخلاخيل من القرون والعاج الواحدة بهاء(٤) .

وقال :القرط بالضم : الشنف أو المعلق في شحمة الأذن(٥) .

وقال الشنف : القرط الأعلى أو معلاق في فوق الأذن أو ما علق في أعلاها وأما ما علق في أسفلها فقرط(٦) .

__________________

(١) المصباح المنير : ص ٣٧٩ و ٣٧٨.

(٢) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٢٩.

(٣) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٣٥٥.

(٤) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٣١٨.

(٥) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٧٨.

(٦) القاموس المحيط : ج ٣ ص ١٦٠.

٢٩١

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي الحسن الأحمسي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن العمامة السابرية فيها علم حرير تحرم فيها المرأة قال نعم إنما كره ذلك إذا كان سداه ولحمته جميعا حريرا ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام قد سألني أبو سعيد عن الخميصة سداها إبريسم أن ألبسها وكان وجد البرد فأمرته أن يلبسها.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد أو غيره ، عن داود بن الحصين ، عن أبي عيينة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ما يحل للمرأة أن تلبس وهي محرمة قال الثياب كلها ما خلا القفازين والبرقع والحرير قلت تلبس الخز قال نعم قلت فإن سداه الإبريسم وهو حرير قال ما لم يكن حريرا خالصا فلا بأس.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن ميمون ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام قال المحرمة لا تتنقب لأن إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه.

الحديث الخامس : مجهول. وعليه الأصحاب.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور. ويدل على عدم جواز لبس الحرير للنساء في حال الإحرام كما ذهب إليه الشيخ وجماعة من الأصحاب وقد دلت عليه صحيحة عيص بن القاسم(١) كما مر.

وذهب المفيد ، وابن إدريس وجماعة من الأصحاب : إلى التحريم ، والروايات مختلفة ، فالمجوزون حملوا أخبار النهي على الكراهة ، والمانعون حملوا أخبار الجواز على الحرير غير المحض كما يومئ إليه هذا الخبر ، والمسألة قوية الإشكال ، ولا ريب أن الاجتناب عنه طريق الاحتياط.

الحديث السابع : موثق. وحمل على ما إذا لم تستدل من رأسها كما هو المتعارف في النقاب.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٤٣ ح ٩.

٢٩٢

٨ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة هل تصلح لها أن تلبس ثوبا حريرا وهي محرمة قال لا ولها أن تلبسه في غير إحرامها.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال مر أبو جعفرعليه‌السلام بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بنفسه عن وجهها.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن حريز ، عن عامر بن جذاعة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام مصبغات الثياب تلبسه المحرمة فقال لا بأس به إلا المفدم المشهور والقلادة المشهورة.

١١ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة إذا أحرمت أتلبس السراويل قال نعم إنما تريد بذلك السترة.

الحديث الثامن : كالموثق. ويدل على مذهب الشيخ.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

الحديث العاشر : حسن على الظاهر. والأخبار في مدح ابن جذاعة وذمة متعارضة ورجح العلامة أخبار المدح.

وقال الجوهري :ثوب مفدم ساكنة الفاء ، إذا كان مصبوغا بحمرة مشبعا.

وصبغ مفدم أيضا ، أي خائر مشبع(١) .

الحديث الحادي عشر : مرسل كالموثق. ويدل على جواز لبس السراويل ولا خلاف فيه بين المجوزين والمانعين للمخيط للنساء وكذا لا خلاف في جواز لبس الغلالة للحائض وهي بكسر الغين ثوب رقيق تلبس تحت الثياب توقيا من الدم.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٥ ص ٢٠٠١.

٢٩٣

(باب)

( المحرم يضطر إلى ما لا يجوز له لبسه)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل هلكت نعلاه ولم يقدر على نعلين قال له أن يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك وليشقه من ظهر القدم وإن لبس الطيلسان فلا

باب المحرم يضطر إلى ما لا يجوز له لبسه

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أن يلبس الخفين » يستفاد من هذا الخبر أحكام.

الأول : عدم جواز لبس الخفين اختيارا للمحرم وهو مقطوع به في كلام الأصحاب وخصوه بالرجال ، وقال في المدارك : والروايات إنما تدل على تحريم لبس الخف والجورب وغاية ما يمكن إلحاقه ما أشبههما ، أما ستره بما لا يسمى لبسا فليس بمحرم قطعا كما صرح به الشهيدان والأصح اختصاص التحريم بما كان ساترا لظهر القدم بأجمعه.

الثاني : جواز لبسهما عند الضرورة ولا خلاف فيه بين الأصحاب.

الثالث : وجوب شقهما إذا لبسهما عند الضرورة ، وقد اختلف فيه الأصحاب فقال الشيخ وأتباعه : بالوجوب لهذه الرواية وغيرها ، وقال ابن إدريس وجماعة : لا يجب الشق وردوا أخبار الوجوب بالضعف ، واختلف في كيفيته فقيل : يشق ظهر قدميهما كما هو ظاهر الرواية.

وقيل : يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين.

وقال ابن حمزة : يشق ظاهر القدمين وإن قطع الساقين كان أفضل.

٢٩٤

يزره عليه فإن اضطر إلى قباء من برد ولا يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي القباء.

الرابع : جواز لبس الطيلسان.

الخامس : عدم جواز زره وقد سبق القول فيهما.

السادس : جواز لبس القباء عند الضرورة ، وفقد ثوبي الإحرام ولا خلاف فيه.

السابع : وجوب لبسه مقلوبا وهو مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ظاهر التذكرة ، والمنتهى أنه موضع وفاق ، واختلف في معنى القلب ، فذهب ابن إدريس وجماعة إلى أنه ينكسه بجعل الذيل على الكتفين وفسره بعضهم بجعل باطن القباء ظاهرا ، واجتزأ العلامة في المختلف بكل من الأمرين ، أما التنكيس فلظاهر أكثر الأخبار وصريح بعضها ، وأما جعل الباطن ظاهرا فلما ورد في هذا الخبر وغيره من قوله « ولا يدخل يده من يدي القباء » قال : وهذا النهي إنما يتحقق مع القلب بالتفسير الثاني ولقولهعليه‌السلام في رواية محمد بن مسلم « ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ويقلب ظاهره لباطنه »(١) .

ونوقش في الرواية الأولى : بعدم الصراحة في المعنى الثاني وفي الثانية بعدم الصحة ، والاحتياط يقتضي الجمع بين الأمرين وإن كان ما اختاره العلامة من التخيير لا يخلو من قوة.

الثامن : أنه يجوز له لبس القباء مقلوبا للبرد وإن وجد ثوبي الإحرام وظاهر كلام المحقق وجماعة أنه إنما يجوز له ذلك مع فقد ثوبي الإحرام ، وصرح الشهيدان وبعض المتأخرين بجوازه مع فقد الرداء.

وقال الشهيد الثاني : (ره) الجواز هنا محمول على المعنى الأعم والمراد منه الوجوب لأنه بدل عن الواجب وعملا بظاهر الأمر في النصوص وهو أحوط.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٢٤ ح ٧.

٢٩٥

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن رفاعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المحرم يلبس الخفين والجوربين قال إذا اضطر إليهما.

٣ ـ سهل ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفرعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام كان لا يرى بأسا بعقد الثوب إذا قصر ثم يصلي فيه وإن كان محرما.

٤ ـ سهل ، عن أحمد بن محمد ، عن مثنى ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا بأس بأن يحرم الرجل وعليه سلاحه إذا خاف العدو.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن مثنى الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من اضطر إلى ثوب وهو محرم وليس معه إلا قباء فلينكسه وليجعل أعلاه أسفله ويلبسه وفي رواية أخرى يقلب ظهره بطنه إذا لم يجد غيره.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. وظاهره عدم وجوب الشق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لا يرى بأسا » يدل على جواز عقد الرداء إذا كان قصيرا وذكر العلامة وغيره أنه يحرم على المحرم عقد الرداء وزره وتحليله واستدلوا عليه بموثقة سعيد الأعرج « أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يعقد إزاره في عنقه؟ قال : لا »(١) وحملها في المدارك على الكراهة لقصورها من حيث السند عن إثبات التحريم ، والاحتياط في الترك إلا مع الضرورة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور. والمشهور بين الأصحاب حرمة لبس السلاح للمحرم لغير عذر.

وقيل : بالكراهة والخبر لا يدل على التحريم.

الحديث الخامس : حسن موثق. ويدل على ما ذهب إليه ابن إدريس ، في معنى القلب ، والظاهر أنقوله « وليجعل أعلاه أسفله » تفسير للنكس ، وجعلالنكس

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ١٢ ـ الباب ٥٢ ح ١.

٢٩٦

٦ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن عبد الرحمن ، عن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال المحرم يلبس السراويل إذا لم يكن معه إزار ويلبس الخفين إذا لم يكن معه نعل.

(باب)

(ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شيء عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم.

بمعنى القلب ظهره البطن ليكون تأسيسا بعيد ، والرواية المرسلة يدل على التفسير الآخر كما عرفت ولعل الكليني قال بالتخيير.

الحديث السادس : مرسل كالموثق أو كالحسن.

قوله عليه‌السلام : « يلبس السراويل » لا خلاف في جواز لبس السراويل إذا لم يجد إزارا والمشهور أنه لا فدية فيه بل لا خلاف فيه أيضا.

باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ساهيا أو ناسيا » (١) يمكن الفرق بينهما بحمل أحدهما على نسيان الإحرام والآخر على نسيان الحكم وهو موافق لما هو المشهور من عدم لزوم الكفارة على الناسي والجاهل في غير الصيد بل لا نعلم فيه مخالفا ، وما كون الكفارة مع العمد دم شاة فقد نقل في المنتهى عليه إجماع العلماء كافة.

__________________

(١) هكذا في الأصل ولكن في الكافي « ناسيا أو ساهيا ».

٢٩٧

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن ضروب من الثياب مختلفة يلبسها المحرم إذا احتاج ما عليه قال لكل صنف منها فداء.

(باب)

(الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار وغير واحد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أحرم وعليه قميص قال ينزعه ولا يشقه وإن كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلي رجليه.

الحديث الثاني : حسن. وروي في غيره بسند صحيح ، ويدل على أنه يجب على المضطر أيضا الكفارة كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب ويدل على تكرار الكفارة باختلاف نوع المخيط وإن اتحد الوقت كما اختاره جماعة من الأصحاب وبه جزم في المنتهى وربما ظهر من كلامه في موضع آخر من المنتهى تكرر الكفارة بتكرر اللبس مطلقا.

واعتبر الشيخ وجماعة من الأصحاب إلى التكرار اختلاف الوقت بمعنى آخر زمان الفعل عادة ، وذهب المحقق وجماعة إلى عدم التكرر مع اتحاد المجلس والتكرر مع اختلافه ولا ريب في أنه إذا لبس بعد أداء الكفارة يلزمه كفارة أخرى في جميع الصور.

باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « شقة » هذا التفصيل مشهور بين أصحاب ، قال في الدروس : هل اللبس من شرائط الصحة حتى لو أحرم عاريا أو لابسا مخيطا لم ينعقد؟ نظر

٢٩٨

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن خالد بن محمد الأصم قال دخل رجل المسجد الحرام وهو محرم فدخل في الطواف وعليه قميص وكساء فأقبل الناس عليه يشقون قميصه وكان صلبا فرآه أبو عبد اللهعليه‌السلام وهم يعالجون قميصه يشقونه فقال له كيف صنعت فقال أحرمت هكذا في قميصي وكسائي فقال انزعه من رأسك ليس ينزع هذا من رجليه إنما جهل فأتاه غير ذلك فسأله فقال ما تقول في رجل أحرم في قميصه قال ينزعه من رأسه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال إن لبست ثوبا في إحرامك لا يصلح لك لبسه فلب وأعد غسلك وإن لبست قميصا فشقه وأخرجه من تحت قدميك.

(باب)

(المحرم يغطي رأسه أو وجهه متعمدا أو ناسيا)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت المحرم يؤذيه الذباب حين يريد

وظاهر الأصحاب انعقاده حيث قالوا لو أحرم وعليه قميص نزعه ولا يشقه ولو لبسه بعد الإحرام وجب شقه وإخراجه من تحته كما هو مروي ، وظاهر ابن الجنيد اشتراط التجرد.

الحديث الثاني : مجهول وقد تقدم القول فيه.

الحديث الثالث : حسن. وما تضمنه من الأمر بالتلبية لم أر به قائلا ، والأحوط العمل به لقوة مستنده.

باب المحرم يغطي رأسه أو وجهه متعمدا أو ناسيا

الحديث الأول : صحيح.

٢٩٩

النوم يغطي وجهه قال نعم ولا يخمر رأسه والمرأة عند النوم لا بأس بأن تغطي وجهها كله عند النوم.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن عبد الملك القمي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المحرم يتوضأ ثم يجلل وجهه بالمنديل يخمره كله قال لا بأس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المحرم ينام على وجهه على زاملته قال لا بأس به.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن قال

قوله عليه‌السلام : « نعم » اختلف الأصحاب في جواز تغطية الرجل المحرم وجهه. فذهب الأكثر إلى الجواز. بل قال في التذكرة : إنه قول علمائنا أجمع ، ومنعه ابن أبي عقيل ، وجعل كفارته إطعام مسكين في يده.

وقال الشيخ في التهذيب : فأما تغطية الوجه فإنه يجوز ذلك مع الاختيار غير أنه يلزم الكفارة ومتى لم ينو الكفارة فلا يجوز له ذلك ، وقد ورد بالجواز مطلقا روايات كثيرة منها هذه الرواية(١) ، وأما جواز تغطية المرأة فلا بد من حملها على الضرورة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن. وقال الجوهري : الزاملة بعير يستظهر به الرجل ويحمل متاعه وطعامه عليه(٢) .

الحديث الرابع : صحيح. والظاهر أن عبد الرحمن هو ابن الحجاج ، ويدل على تحريم تغطية الأذنين ، وذكر جمع من الأصحاب أن المراد بالرأس في عدم جواز التغطية

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ ص ٣٠٨.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٤ ص ١٧١٨.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

والفرق : أنّ زوال يده لمعنى شرعي ، بخلاف الغصب والعارية في حكم يده.

ولو تلف قبل تمكّنه من إرساله ، فلا ضمان ؛ لعدم العدوان.

ولو أرسله إنسان من يده ، لم يكن عليه ضمان ؛ لأنّه فَعَل ما يلزمه فِعْله ، فكان كما لو دفع المغصوب إلى مالكه من يد الغاصب.

وقال أبو حنيفة : يضمن ؛ لأنّه أتلف ملك الغير(١) . ونمنع الملكية.

ولو كان الصيد في منزله نائياً عنه ، لم يزل ملكه عنه ، وله نقله عنه ببيع أو هبة وغيرهما - وبه قال مالك وأحمد وأصحاب الرأي(٢) - لأنّه قبل الإِحرام مالك له ، فيدوم ملكه ؛ للاستصحاب.

ولأنّ جميلاً سأل الصادقعليه‌السلام : الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يُحْرم وهو في منزله ، قال : « وما بأس لا يضرّه »(٣) .

مسألة ٣٥٩ : لا ينتقل الصيد إلى المـُحْرم بابتياع ولا هبة ولا غيرهما ؛ لما رواه العامّة : أنّ الصَّعْب بن جَثّامة أهدى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حماراً وحشياً ، فردّه عليه ، وقال : ( إنّا لم نردّه عليه(٤) إلّا أنّا حُرُمٌ )(٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه معاوية بن عمّار ، قال : سأل الحكم بن عتيبة الباقرعليه‌السلام : ما تقول في رجل اُهدي له حمام أهلي وهو في‌

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٦.

(٢) المغني ٣ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٤٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٦‌

(٣) الكافي ٤ : ٣٨٢ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣٦٢ / ١٢٦٠.

(٤) في المصادر : عليك.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ١٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٥٠ / ١١٩٣ ، سنن البيهقي ٥ : ١٩١ ، مسند أحمد ٤ : ٣٨ و ٧١ ، المغني ٣ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٥‌

٤٤١

الحرم؟ فقال : « أما إن كان مستوياً خلّيت سبيله »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو أخذه بأحد هذه الأسباب ، ضمنه ، فإن انتقل إليه بالبيع ، لزمه مع الجزاء القيمة لمالكه ؛ لأنّ ملكه لم يزل عنه ، ولو لم يتلف ، لم يكن له ردّه على مالكه ؛ لأنّه زال ملك المالك عنه بدخوله الحرم ، فإن ردّه ، سقطت عنه القيمة.

ولا يسقط الجزاء إلّا بالإِرسال ، وإذا أرسل ، كان كما إذا اشترى عبداً مرتدّاً فقُتِل في يده ، وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي(٢) .

وكذا لا يجوز للمُحْرم استرداد الصيد الذي باعه بخيار له وهو حلال ، ولا لوجود عيب في الثمن المعيّن ، ولو ردّه المشتري بعيب أو خيار ، فله ذلك ؛ لأنّ سبب الردّ متحقّق ، ومنعه إضرار بالمشتري ، فإذا ردّه عليه ، لم يدخل في ملكه ، ويجب عليه إرساله.

هذا إذا كان الصيد في الحرم ، ولو كان في الحِلّ ، جاز له ذلك ، لأنّ له استدامة الملك فيه ، فله ابتداؤه.

ولو ورث صيداً ، لم يملكه في الحرم ، ووجب عليه إرساله ، خلافاً لبعض العامّة(٣) .

قال الشيخ -رحمه‌الله - في جميع ذلك : يقوى عندي أنّه إن كان حاضراً معه ، انتقل إليه ، ويزول ملكه عنه(٤) .

قال : ولو باع المـُحِلّ صيداً لمـُحِلٍّ ثم أفلس المشتري بعد إحرام البائع ، لم يكن للبائع أن يختار عين ماله من الصيد ؛ لأنّه لا يملكه(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٤٨ / ١٢٠٧‌

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩٦ ، المجموع ٧ : ٣٠٧ - ٣٠٩ ، المغني ٣ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٥.

(٣) المغني ٣ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٥.

(٤ و ٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٤٧ و ٣٤٨.

٤٤٢

مسألة ٣٦٠ : لو أمسك مُحْرمٌ صيداً فذبحه مُحْرمٌ آخر ، كان على كلّ واحد منهما فداء كامل ، لأنّه بالإمساك أعانه حقيقة أكثر من إعانة الدالّ ، ولو كانا في الحرم ، تضاعف الفداء ، ولو كان أحدهما مُحِلاً والآخر مُحْرِماً ، تضاعف الفداء على المـُحْرم خاصّةً.

ولو أمسكه المـُحْرم في الحِلّ فذبحه المـُحِلّ ، ضمنه المـُحْرم خاصّةً ، ولا شي‌ء على المـُحِلّ ، لأنّه لم يهتك حرمه الإِحرام ولا الحرم.

وقال الشافعي : إذا أمسكه مُحْرمٌ وقَتَله مُحْرمٌ آخر ، وجب جزاء واحد ، وعلى مَنْ يجب؟ وجهان ، أحدهما : على الذابح ، والآخر : عليهما(١) .

ولو نقل بيض صيد ففسد ، ضمنه.

ولو أحضنه فخرج الفرخ سليماً ، لم يضمنه.

ولو نفّر طائراً عن بيضة احتضنها ففسدت ، فعليه القيمة.

ولو أخذ بيضة دجاجة فأحضنها صيداً ففسد بيضة ، أو لم يحضنه ، ضمنه ؛ لأنّ الظاهر أنّ الفساد نشأ من ضمّ بيض الدجاجة إلى بيضه.

ولو أخذ بيض صيد وأحضنها دجاجة ، فهي في ضمانه إلى أن يخرج الفرخ ويصير ممتنعاً ، حتى لو خرج ومات قبل الامتناع ، لزمه مثله من النَّعَم.

ولو حلب لبن صيد ، ضمنه - وبه قال بعض الشافعية(٢) - لأنّه مأكول انفصل من الصيد ، فأشبه البيض.

وقال بعض الشافعية : اللبن غير مضمون ، بخلاف البيض ؛ لأنّه يخلق منه مثله(٣) .

مسألة ٣٦١ : لو أغلق باباً على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض ، فإن هلكت وكان الإِغلاق قبل الإِحرام ، ضمن الحمامة بدرهم ، والفرخ‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المجموع ٧ : ٣١٣ و ٤٣٧.

(٢ و ٣) فتح العزيز ٧ : ٤٨٧ ، المجموع ٧ : ٣١٩.

٤٤٣

بنصف درهم ، والبيض بربع درهم ، وإن كان بعد الإِحرام ، ضمن الحمامة بشاة ، والفرخ بحمل ، والبيضة بدرهم ؛ لأنّ سليمان بن خالد سأل الصادقَعليه‌السلام : رجل أغلق بابه على طائر ، فقال : « إن كان أغلق [ الباب بعد ما أحرم فعليه شاة ، وإن كان أغلق الباب ](١) قبل أن يُحرم فعليه ثمنه »(٢) .

وسأل يونس بن يعقوب الصادقَعليه‌السلام : عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض ، فقال : « إن كان أغلق عليها قبل أن يُحرم ، فإنّ عليه لكلّ طير درهماً ، ولكلّ فرخ نصفَ درهم ، ولكلّ بيضة ربع درهم(٣) ، وإن كان أغلق عليها بعد ما أحرم ، فإنّ عليه لكلّ طائر شاة ، ولكلّ فرخ حملاً ، وإن لم يكن تحرّك ، فدرهم ، وللبيض نصف درهم »(٤) .

ولو أرسلها بعد الإِغلاق سليمةً ، فلا ضمان.

وقال بعض علمائنا : يضمن بنفس الإِغلاق ؛ للرواية(٥) . وليس بجيّد.

ولو كان الإِغلاق من المـُحْرم في الحرم ، وجب عليه الجزاء والقيمة.

ولو أغلق على غير الحمام من الصيود ، ضمن إذا تلف بالإِغلاق.

مسألة ٣٦٢ : لو نفّر حمام الحرم ، فإن رجع ، كان عليه دم شاة ، وإن لم يرجع ، وجب عليه لكلّ طير شاة.

قال الشيخرحمه‌الله : هذا الحكم ذكره علي بن بابويه في رسالته ، ولم أجد به حديثاً مسنداً(٦) .

وأقول : إنّ التنفير حرام ؛ لأنّه سبب الإِتلاف غالباً ، ولعدم العود ، فكان‌

____________________

(١) أضفناها من المصدر.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٥٠ / ١٢١٥.

(٣) في المصدر : نصف درهم.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٥٠ / ١٢١٦.

(٥) كما في شرائع الإِسلام ١ : ٢٩٠.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٥٠ ذيل الحديث ١٢١٧.

٤٤٤

عليه مع الرجوع دم ؛ لفعل المـُحَرَّم ، ومع عدم الرجوع يكون عليه لكلّ طير شاة ؛ لما تقدّم أنّ مَنْ أخرج طيراً من الحرم وجب عليه أن يعيده ، فإن لم يفعل ، ضمنه.

ولو نفّر صيداً فتعثّر وهلك ، أو أخذه سبع ، أو انصدم بشجر أو جبل ، وجب عليه ضمانه ، سواء قصد بتنفيره أو لم يقصد ، ويكون في عُهْدة المـُنفِّر إلى أن يعود الصيد إلى طبيعة الاستقرار ، ولو هلك بعد ذلك ، فلا شي‌ء عليه.

ولو هلك قبل سكون النفار ولكن بآفة سماوية ، ففي الضمان وجهان :

أحدهما : الوجوب ، لأنّ دوام النفار كاليد الضامنة.

والثاني : العدم ؛ لأنّه لم يهلك بسبب من جهة المـُحْرم ولا تحت يده.

مسألة ٣٦٣ : لو أوقد جماعة ناراً فوقع فيها طائر ، فإن كان قصدهم ذلك ، وجب على كلّ واحد منهم فداء كامل ، وإن لم يكن قصدهم ذلك ، وجب عليهم أجمع فداء واحد ؛ لأنّهم مع القصد يكون كلّ واحد منهم قد فعل جناية استند الموت إليها وإلى مشاركة ، فيكون بمنزلة من اشترك في قتل صيد وأمّا مع عدم القصد فإنّ القتل غير مراد ، فوجب عليهم أجمع فداء واحد ، لأنّ أبا ولّاد الحنّاط قال : خرجنا بستة نفر من أصحابنا إلى مكة فأوقدنا ناراً عظيمةً في بعض المنازل أردنا أن نطرح عليها لحماً نكببه وكُنّا مُحْرمين ، فمرّ بنا طير صافّ مثل حمامة أو شبهها فاحترق جناحاه فسقط في النار فاغتممنا لذلك ، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام بمكة ، فأخبرته وسألته ، فقال : « عليكم فداء واحد دم شاة ، ولو كان ذلك منكم تعمّداً ليقع فيها الصيد فوقع ألزمت كلّ واحد منكم دم شاة »(١) .

مسألة ٣٦٤ : إذا وطأ ببعيره أو دابّته صيداً فقتله ، ضمنه ؛ لأنّه سبب الإِتلاف.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٩٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٥٢ - ٣٥٣ / ١٢٢٦ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

٤٤٥

ولأنّ أبا الصباح الكناني سأل الصادقَعليه‌السلام : عن مُحْرم وطأ بيض نعام فشدخها ، قال : « قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإِبل الإِناث ، فما لقح وسلم كان النتاج هدياً بالغ الكعبة » قال : وقال الصادقعليه‌السلام : « ما وطأته أو وطأه بعيرك أو دابّتك وأنت مُحْرم فعليك فداؤه »(١) .

وإذا كان راكباً على الدابّة سائراً ، ضمن ما تجنيه بيديها وفمها ، ولا ضمان عليه فيما تجنيه برجليها ؛ لأنّه لا يمكنه حفظ رجليها ، وقالعليه‌السلام : ( الرِّجل جُبار(٢) )(٣) .

أمّا لو كان واقفاً أو سائقاً لها غير راكب ، ضمن جميع جنايتها ؛ لأنّه يمكنه حفظها ويده عليها ويُشاهد رجليها.

ولو شردت الدابّة من يده فأتلفت صيداً ، لم يضمنه إذا لم يفرّط في ضبطه ؛ لأنّه لا يدَ له عليها وقد قال النبيعليه‌السلام : ( جُرْح العَجْماء(٤) جُبار )(٥) .

مسألة ٣٦٥ : لو نصب المحرم شبكةً في الحِلّ أو في الحرم ، أو نصب المـُحِلّ شبكةً في الحرم ، فتعقّل بها صيد وهلك ، ضمن ، لأنّه تلف بسببه ،

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٥٥ / ١٢٣٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٢ / ٦٨٦.

(٢) الجبار : الهدر. النهاية - لابن الأثير - ١ : ٢٣٦ « جبر ».

(٣) سنن أبي داود ٤ : ١٩٦ / ٤٥٩٢ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٥٢ / ٢٠٨ ، مصنف عبد الرزاق ٩ : ٤٢٣ / ١٧٨٧٣ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٩ : ٢٧٠ / ٧٤١٩.

(٤) العجماء : البهيمة ، سمّيت به ؛ لأنّها لا تتكلّم ، وكلّ ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ١٨٧ « عجم ».

(٥) مسند أحمد ٢ : ٤٧٥ ، الموطأ ٢ : ٨٦٨ - ٨٦٩ / ١٢ ، سنن الدارمي ٢ : ١٩٦ ، وبتفاوت في صحيح البخاري ٩ : ١٥ ، وصحيح مسلم ٣ : ١٣٣٤ / ١٧١٠ ، وسنن أبي داود ٤ : ١٩٦ / ٤٥٩٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٤ / ٦٤٢ ، وسنن النسائي ٥ : ٤٤ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ٨٩١ / ٢٦٧٣ - ٢٦٧٥.

٤٤٦

فكان عليه ضمانه ، كما يضمن الآدمي.

ولا فرق بين أن ينصب في ملكه أو ملك غيره ؛ لأنّه نصبَ الشبكة يقصد بها الاصطياد ، فهو بمنزلة الأخذ باليد.

ولو نصب شبكةً قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه ، لم يضمنه ، لأنّه لم يوجد منه بعد إحرامه سبب الإِتلاف ، فكان كما لو صاده قبل الإِحرام وتَرَكه في منزله ، فتلف بعد إحرامه ، أو باعه وهو حلال ، فذبحه المشتري.

ولو جرح صيداً فتحامل فوقع في شي‌ء تلف به ، ضمنه ؛ لأنّ الإِتلاف بسببه ، وكذا لو نفّره فتلف في حال نفوره.

ولو سكن في مكان وأمن من نفوره ثم تلف فهل يضمنه؟ قال بعض العامّة : لا يضمنه ، لأنّ التلف ليس منه ولا بسببه(١) .

وقال بعضهم : يضمنه(٢) .

ولو أمسك صيداً له طفل فتلف بإمساكه ، ضمن.

وكذا لو أمسك المـُحِلّ صيداً له طفل في الحرم فهلك الطفل ، ضمن ؛ لأنّه سبب في إتلافه ، ولا ضمان عليه في الاُم لو تلفت.

أمّا لو أمسكها المحلّ في الحرم فتلفت وتلف فرخها في الحلّ ، قال الشيخ : يضمن الجميع(٣) .

مسألة ٣٦٦ : لو أرسل كلباً فأتلف صيداً ، وجب عليه الضمان ؛ لأنّ إرسال الكلب يُسبّب إلى الهلاك.

ولو كان الكلب مربوطاً ، فحلّ رباطه ، فكذلك ؛ لأنّ السبع شديد الضراوة بالصيد ، فيكفي في قتل الصيد حلّ الرباط وإن كان الاصطياد لا يتمّ إلّا بالإِغراء.

____________________

(١ و ٢) المغني ٣ : ٥٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٦٦.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٤٧.

٤٤٧

ولو انحلّ الرباط لتقصيره في الربط ، ضمن ، كالحَلّ.

ولو لم يكن هناك صيد فأرسل الكلب أو حلّ رباطه ، فظهر الصيد ، احتمل عدم الضمان ؛ لأنّه لم يوجد منه قصد الصيد ، والضمان ؛ لحصول التلف بسبب فعله ، وجهله لا يقدح فيه.

ولو ضرب صيداً بسهم فمرق السهم فقُتل آخر ، أو رمى غرضاً فأصاب صيداً ، فإنّه يضمنه ؛ لما تقدّم.

وكذا لو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف أو عاب ، ضمن النفس مع التلف والأرش مع العيب.

وللشافعي قولان : أحدهما : لا جزاء عليه(١) .

ولو دلّ المـُحْرم على صيد فقَتَله المـُحْرم ، ضمن كلٌّ منهما جزاءً كاملاً ، ولو قَتَله المـُحِلّ في الحِلّ ، ضمنه الدالّ.

ولو كان الدالّ محلاً والقاتل مُحْرِماً ، وجب الجزاء على المـُحْرم ، ولا شي‌ء على المـُحِلّ في الحِلّ ، ولو كان في الحرم ، ضمنه أيضاً ، خلافاً للشافعي(٢) .

ولو دلّ المـُحْرم حلالاً على صيد فقَتَله ، فإن كان الصيد في يد المـُحْرم ، وجب عليه الجزاء ؛ لأنّ حفظه واجب عليه ، ومَنْ يلزمه الحفظ يلزمه الضمان إذا ترك الحفظ ، كما لو دلّ المستودع السارق على الوديعة.

وإن لم يكن في يده ، فلا جزاء على الدالّ عند الشافعي ، كما لو دلّ رجلاً على قتل إنسان لا كفّارة على الدالّ ولا على القاتل ؛ لأنّه حلال(٣) ، وبه‌

____________________

(١) انظر : فتح العزيز ٧ : ٤٩٧ ، والمجموع ٧ : ٢٩٧.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩١ ، المجموع ٧ : ٣٠٠.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٩١ ، المجموع ٧ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٣ - ٢٠٤.

٤٤٨

قال مالك(١) .

وقال أبو حنيفة : إن كانت الدلالة ظاهرةً ، فلا جزاء عليه ، وإن كانت خفيةً لولاها لما رأى الحلالُ الصيدَ ، يجب الجزاء. وسلّم في صيد الحرم أنّه لا جزاء على الدالّ(٢) .

وعن أحمد : أنّ الجزاء يلزم الدالّ والقاتل بينهما(٣) .

وما صيد للمُحْرم أو بدلالته أو إعانته لو أكل منه ، للشافعي قولان :

القديم - وبه قال مالك وأحمد - أنّه تلزمه القيمة بقدر ما أكل ؛ لأنّ الأكل فعل مُحرَّم في الصيد ، فيتعلّق به الجزاء ، كالقتل ، ويخالف ما لو ذبحه وأكله حيث لا يلزمه بالأكل جزاء عنده؛ لأنّ وجوبه بالذبح أغنى عن جزاء آخر.

والجديد : أنه لا تلزمه ، لأنّه ليس بنامٍ بعد الذبح ، ولا يؤول إلى النماء ، فلا يتعلّق بإتلافه الجزاء ، كما لو أتلف بيضةً مذرةً(٤) .

مسألة ٣٦٧ : لو أمسك مُحْرم صيداً حتى قَتَله غيره ، فإن كان حلالاً ، وجب الجزاء على المـُحْرم ؛ لأنّه متعدٍّ بالإِمساك والتعريض للقتل ، ولا يرجع به على الحلال عندنا ؛ لأنّه غير ممنوع من التعرّض للصيد ، وهو قول بعض الشافعية(٥) .

وقال بعضهم بالرجوع ، كما لو غصب شيئاً فأتلفه مُتلفٌ من يده ، يضمن الغاصب ، ويرجع على المـُتلف(٦) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ المـُتلف في الغصب ممنوع منه ، بخلاف قتل المـُحِلّ‌

____________________

(١) تفسير القرطبي ٦ : ٣٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩١ - ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٧.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٣ - ٢٠٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٢.

(٣) المغني ٣ : ٣٥٣ - ٣٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٢.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٣٠٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المغني ٣ : ٢٩٤ - ٢٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٢.

(٥ و ٦ ) فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المجموع ٧ : ٤٣٧.

٤٤٩

الصيدَ.

وإن كان القاتل مُحْرماً ، فعلى كلّ واحد منهما جزاء تام عندنا ؛ لصدور ما يوجب الجزاء كملاً من كلّ واحد منهما.

وللشافعية وجهان :

أحدهما : أنّ الجزاء كلّه على القاتل ؛ لأنّه مباشر ، ولا أثر للإِمساك مع المباشرة.

والثاني : أنّ لكلّ واحد من الفعلين مدخلاً في الهلاك ، فيكون الجزاء بينهما نصفين(١) .

وقال بعضهم : إنّ المـُمْسك يضمنه باليد ، والقاتل يضمنه بالإِتلاف ، فإن أخرج المـُمْسك الضمان ، رجع به على المـُتْلف ، وإن أخرج المتلف ، لم يرجع على المـُمْسك(٢) .

مسألة ٣٦٨ : لو نفّر صيداً فهلك بمصادمة شي‌ء ، أو أخذه جارح ، ضمنه.

وكذا لو ضرب صيداً بسهم فمرق السهم فقُتل آخر ، أو رمى غرضاً فأصاب صيداً ، ضمنه.

ولو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف أو عاب ، ضمن النفس مع التلف ، والأرش مع العيب.

وللشافعي قولان : أحدهما : لا جزاء عليه ، وقد تقدّم(٣) .

ولو أمر المـُحْرم عبده المـُحِلّ بقتل الصيد فقَتَله ، فعلى السيّد الفداء ؛ لأنّ العبد كالآلة.

ولأنّ الضمان يجب بالدلالة والإِعانة وغيرهما ، فبالأمر أولى.

____________________

(١ و ٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المجموع ٧ : ٤٣٧.

(٣) تقدّم في ص ٤٤٧ ، الهامش (١)

٤٥٠

ولأنّ عبد الله بن سنان سأل الصادقَعليه‌السلام : عن مُحْرم معه غلام ليس بمُحْرم أصاب صيداً ولم يأمره سيّده ، قال : « ليس على سيّده شي‌ء »(١) وهو يدلّ بمفهومه على أنّه إذا كان بأمره ، لزمه الفداء.

ولو كان الغلام مُحْرماً بإذن سيّده وقتل صيداً بغير إذن مالكه ، وجب على السيّد الفداء ؛ لأنّ الإِذن في الإِحرام يستلزم تحمّل جناياته.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « كلّ ما أصاب العبد وهو مُحْرم في إحرامه فهو على السيّد إذا أذن له في الإِحرام »(٢) .

ولو لم يأذن المولى في الإِحرام ولا في الصيد ، لم يكن على السيّد شي‌ء ؛ لأنّ عبد الرحمن بن أبي نجران سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن عبد أصاب صيداً وهو مُحْرم هل على مولاه شي‌ء من الفداء؟ فقال : « لا شي‌ء على مولاه »(٣) .

مسألة ٣٦٩ : قد بيّنّا أنّ إثبات يد المـُحْرم على الصيد يوجب عليه الضمان ، فإن وقع ابتداء الإِثبات في حال الإِحرام فهو حرام غير مفيد للملك ، ويضمنه ، كما يضمن الغاصب ما يتلف في يده ، بل لو تولّد تلف الصيد ممّا في يده ، لزمه الضمان ، كما لو كان راكباً فأتلفت الدابّة صيداً بعضها ، أو رفسها ، أو بالت في الطريق ، فزلق به صيد وهلك ، كما لو زلق به آدمي أو بهيمة ، أمّا لو انفلت بعير فأصاب صيداً ، فلا ضمان.

ولو تقدّم ابتداء اليد على الإِحرام ، فإن كان حاضراً معه ، وجب عليه إرساله - وهو أحد قولي الشافعي(٤) - لأنّ الصيد لا يراد للدوام ، فتحرم‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٨٢ / ١٣٣٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٠٤ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٨٢ / ١٣٣٤ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ / ٧٤١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٨٣ / ١٣٣٥ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ / ٧٤٢.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٤٩٥ ، المجموع ٧ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٦ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٢٣.

٤٥١

استدامته ، كالطيب واللبس.

والثاني : لا يجب ، كما لا يلزم تسريح زوجته وإن حرم ابتداء النكاح عليه(١) .

وهو غلط ؛ لأنّ النكاح يقصد به الدوام.

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يجب رفع اليد المشاهدة عنه ، ولا يجب رفع اليد الحكمية(٢) .

وعلى قول الشافعي بعدم وجوب الإِرسال ، فهو على ملكه له بيعه وهبته ولكن يحرم عليه قتله ، ولو قَتَله ، لزمه الجزاء ، كما لو قتل عبده تلزمه الكفّارة. ولو أرسله غيره ، لزمه قيمته للمالك ، وكذا لو قَتَله وإن كان مُحْرماً ، لزمه الجزاء أيضاً ، ولا شي‌ء على المالك ، كما لو مات(٣) .

وعلى قوله بإيجاب الإِرسال هل يزول ملكه عنه؟ عنده قولان :

أحدهما - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد - : لا يزول ، كما لا تبين زوجته.

والثاني : نعم ، كما يزول حلّ الطيب واللباس(٤) .

فعلى القول بزوال الملك لو أرسله غيره أو قَتَله فلا شي‌ء عليه ، ولو أرسله المـُحْرم فأخذه غيره ، ملكه.

ولو لم يرسله حتى تحلّل ، فهل عليه إرساله؟ وجهان :

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٩٥ ، المجموع ٧ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٦ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٢٣.

(٢) المغني ٣ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٦ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٢٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٣٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٦ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٩ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٥.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٩٥ ، المجموع ٧ : ٣١٠.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٤٩٥ ، المجموع ٧ : ٣١١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٨ ، المغني ٣ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٩ - ٩٠.

٤٥٢

أحدهما : نعم ؛ لأنّه كان مستحقّاً للإِرسال ، فلا يرتفع هذا الاستحقاق بتعدّيه بالإِمساك.

والثاني : لا يجب ، ويعود ملكاً له ، كالعصير إذا تخمّر ثم تخلّل(١) .

وعلى هذا القول وجهان في أنّه يزول بنفس الإِحرام ، أو الإِحرام يوجب عليه الإِرسال؟ فإذا أرسل حينئذٍ يزول ، وعلى القول بعدم زوال الملك عنه ليس لغيره أخذه ، ولو أخذه ، لم يملكه ، ولو قَتَله ، ضمنه بمثابة المنفلت من يده(٢) .

ولو مات الصيد في يده بعد إمكان الإِرسال ، لزمه الجزاء ؛ لأنّ التقدير وجوب الإِرسال ، وهو مقصّر بالإِمساك.

ولو مات الصيد قبل إمكان الإِرسال ، فوجهان ، والمذهب عندهم وجوب الضمان ، ولا خلاف في أنّه لا يجب تقديم الإِرسال على الإِحرام(٣) .

مسألة ٣٧٠ : قد بيّنّا أنه لا يدخل الصيد في ملك المـُحْرم ببيع ولا هبة ولا غير ذلك من الأسباب.

وهل ينتقل بالميراث؟ الأقرب ذلك ، لكن يزول ملكه عنه عقيب ثبوته إن كان الصيد حاضراً معه ، ويجب عليه إرساله.

ولو باعه ، ففي الصحة إشكال.

فإن قلنا بالصحة ، لم يسقط عنه ضمان الجزاء حتى لو مات في يد المشتري ، وجب الجزاء على البائع ، وإنّما يسقط عنه إذا أرسله المشتري.

ولو قلنا بأنّه لا يرث ، فالملك في الصيد لباقي الورثة وإن كانوا أبعد.

وإحرامه بالإِضافة إلى الصيد مانع من موانع الميراث ، فحينئذٍ ينتقل ما عداه من التركة إليه إذا كان أولى ، وينتقل الصيد إلى الأبعد.

فلو فرضنا أنّه أحلّ قبل قسمة التركة بينه وبين شركائه في الميراث ، أخذ‌

____________________

(١ - ٣) فتح العزيز ٧ : ٤٩٥ - ٤٩٦ ، المجموع ٧ : ٣١١.

٤٥٣

نصيبه ، منه ، وإن أحلّ بعدها ، فلا نصيب له. ولو كان هو أولى من باقي الورثة ، لم يكن له شي‌ء وإن أحلّ قبل القسمة.

ولو استعار المـُحْرم صيداً أو أودع عنده ، كان مضموناً عليه بالجزاء ، وليس له التعرّض له ، فإن أرسله ، سقط عنه الجزاء ، وضمن القيمة للمالك ، وإن ردّ [ ه ] إلى المالك ، لم يسقط عنه ضمان الجزاء ما لم يرسله المالك.

وإذا صار الصيد مضموناً على المـُحْرم بالجزاء ، فإن قَتَله مُحِلُّ في يده ، فالجزاء على المـُحْرم ، وإن قَتَله مُحْرمٌ آخر ، فالجزاء عليهما أو على القاتل ومَنْ في يده ، طريق للشافعية وجهان(١) .

وعندنا يجب على كلّ واحد منهما فداء كامل.

مسألة ٣٧١ : المـُحْرم يضمن الصيد بإتلافه مطلقاً ، سواء قصد التخليص أو لا ، فلو خلّص صيداً من فم هرّةٍ أو سبُعٍ أو من شقّ جدار ، وأخذه ليداويه ويتعهّده فمات في يده ، فهو كما لو أخذ المغصوب من الغاصب ليردّه إلى المالك فهلك في يده ، احتمل الضمان - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لأنّ المستحق لم يرض بيده ، فتكون يدُه يدَ ضمان ، وعدمه ؛ لأنّه قصد المصلحة ، فتكون يدُه يدَ وديعة.

وللشافعي قولان(٣) ، كالاحتمالين.

ولو صال صيد على مُحْرم أو في الحرم فقتله دفعاً ، فلا ضمان ؛ لأنّه بالصيال التحق بالمؤذيات ، وبه قال الشافعي(٤) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٩٧ ، المجموع ٧ : ٣١٣.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩٧.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٩٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٦.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٤٩٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٩ ، المجموع ٧ : ٣٣٦ و ٣٣٨ ، المغني ٣ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٨.

٤٥٤

وقال أبو حنيفة : يجب عليه الضمان(١) .

ولو ركب إنسان صيداً وصال على مُحْرم ولم يمكن دفعه إلّا بقتل الصيد فقَتَله ، فالوجه : وجوب فداء كامل على كلّ واحد منهما.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّ الضمان على القاتل ؛ لأنّ الأذى هنا ليس من الصيد ، فحينئذٍ يرجع القاتل على الراكب.

والثاني : أنّ الضمان على الراكب ، ولا يطالب به المـُحْرم(٢) .

ولو ذبح صيداً في مخمصة وأكله ، ضمن ؛ لأنّه أهلكه لمنفعة نفسه من غير إيذاء من الصيد.

ولو اُكره مُحْرمٌ أو مُحِلّ في الحرم على قتل صيد فقَتَله ، ضمنه المـُكِره ؛ لأنّ المباشرة ضعفت بالإِكراه

وللشافعي وجهان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّه على المـُكرَه ثم يرجع به على المـُكرِه(٣) .

وعن أبي حنيفة : أنّ الجزاء في صيد الحرم على المكره وفي الإِحرام على المكره(٤) .

مسألة ٣٧٢ : الجزاء يجب على المـُحْرم إذا قتل الصيد عمداً وسهواً أو خطأً ، بإجماع العلماء.

قال الله تعالى :( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (٥) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٩٨ ، المجموع ٧ : ٣٣٨ ، المغني ٣ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٨.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩٨ ، المجموع ٧ : ٣٣٦ - ٣٣٧.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٩٨ ، المجموع ٧ : ٣٠٠.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٤٩٨.

(٥) المائدة : ٩٥.

٤٥٥

ولا نعلم فيه خلافاً إلّا من الحسن البصري ومجاهد ، فإنّهما قالا : إن قتله متعمّداً ذاكراً لإِحرامه لا جزاء عليه ، وإن كان مخطئاً أو ناسياً لإِحرامه ، فعليه الجزاء(١) .

وهو مخالف للقرآن ؛ فإنّه تعالى علّق الكفّارة على القتل عمداً والذاكر لإِحرامه متعمّداً ، ثم قال في سياق الآية :( لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ ) (٢) والساهي والمخطئ لا عقاب عليه ولا ذمّ ، ولا نعرف لهما دليلاً على مخالفتهما لنصّ القرآن والإِجماع ، فلا اعتداد بقولهما.

مسألة ٣٧٣ : لا خلاف في وجوب كفّارة الصيد على القاتل ناسياً ، والعامد قد بيّنّا وجوبها عليه أيضاً.

وأمّا الخاطئ ، فإنّ الكفّارة تجب عليه كذلك أيضاً عند علمائنا أجمع - وبه قال الحسن البصري وعطاء والنخعي ومالك والثوري وأصحاب الرأي والزهري(٣) - لما رواه العامّة عن جابر ، قال : جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الضبع يصيده المـُحْرم كبشاً(٤) .

وقالعليه‌السلام : ( في بيض النعام يصيبه المـُحْرم ثمنه )(٥) ولم يفرّقعليه‌السلام بين العامد والخاطئ.

ومن طريق الخاصّة : قول أبي الحسنعليه‌السلام : « وعليه الكفّارة »(٦) .

ولأنّه إتلاف مال ، فاستوى عمده وخطؤه.

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٦ ، المجموع ٧ : ٣٢٠.

(٢) المائدة : ٩٥.

(٣) المغني ٣ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٢ ، المجموع ٧ : ٣٢١.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣١ - ١٠٣٢ / ٣٠٨٥ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٤٦ / ٤٩ ، سنن البيهقي ٥ : ١٨٣.

(٥) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣١ / ٣٠٨٦ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٠ / ٦٤.

(٦) الكافي ٤ : ٣٨١ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٦٠ - ٣٦١ / ١٢٥٣.

٤٥٦

وروي عن ابن عباس أنّه قال : لا كفّارة على الخاطئ في قتل الصيد - وبه قال سعيد بن جبير وطاوس وابن المنذر. وعن أحمد روايتان - لقوله تعالى :( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ) (١) .

ولأصالة البراءة ، ولأنّه محظور الإِحرام لا يفسده ، فيجب التفرقة بين الخطأ والعمد ، كاللبس والطيب ، ولأنّه يدلّ بدليل الخطاب(٢) .

وليس حجّةً ، والأصل تُرك ؛ للدليل ، والقتل إتلاف ، واللبس ترفّه ، فافترقا.

مسألة ٣٧٤ : لو كرّر المحرم الصيد ناسيا ، تكرّرت الكفّارة إجماعاً. وإن تعمّد فللشيخ قولان:

أحدهما : يجب الجزاء في الأول دون الثاني(٣) ، وبه قال ابن بابويه(٤) ، وهو مروي عن ابن عباس ، وهو قول شريح والحسن البصري وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتادة وأحمد في إحدى الروايات(٥) .

والثاني : تتكرر الكفّارة بتكرّر السبب(٦) ، وهو قول العلماء ، وبه قال عطاء والثوري والشافعي وإسحاق وابن المنذر(٧) ، وهو المعتمد ؛ لقوله تعالى :( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ) (٨) وهو يتناول العامد.

____________________

(١) المائدة : ٩٥.

(٢) المغني ٣ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٢ ، المجموع ٧ : ٣٢١.

(٣) النهاية : ٢٢٦ ، التهذيب ٥ : ٣٧٢ ذيل الحديث ١٢٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٢١١ ذيل الحديث ٧٢٠.

(٤) المقنع : ٧٩ ، الفقيه ٢ : ٢٣٤ ذيل الحديث ١١١٨.

(٥) المغني ٣ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٦٨ ، المجموع ٧ : ٣٢٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠١ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٠٨ - ٣٠٩ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٤٧٥.

(٦) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٤٢ ، الخلاف ٢ : ٣٩٧ ، المسألة ٢٥٩.

(٧) المغني ٣ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٦٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٤ ، المجموع ٧ : ٣٢٣ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٠٨ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٤٧٥.

(٨) المائدة : ٩٥.

٤٥٧

ولما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه جَعَل في الضبع يصيده المـُحْرم كبشاً(١) ، ولم يفرّق.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « عليه كلّما عاد كفّارة »(٢) .

ولأنّها كفّارة عن قتل ، فاستوى فيها المبتدئ والعائد ، كقتل الآدمي.

احتجّ الشيخ : بقوله تعالى :( وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ ) (٣) جعل جزاء العود الانتقام ، وهو يدلّ على سقوط الكفّارة ، لأنّه لم يوجب جزاءً.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « فإن عاد فقتل صيداً آخر لم يكن عليه جزاؤه ، وينتقم الله منه »(٤) والنقمة في الآخرة.

والانتقام لا ينافي وجوب الجزاء ؛ لعدم دلالته على أنّه كلّ الجزاء ، ونفي الجزاء محمول على أنّه ليس عليه جزاؤه خاصّةً ؛ جمعاً بين الأدلّة.

مسألة ٣٧٥ : ويجب الجزاء على القاتل للضرورة ، كالمضطرّ إلى أكله ؛ لعموم قوله :( وَمَنْ قَتَلَهُ ) (٥) وهو يتناول المضطرّ وغيره.

ولأنّه قَتَله من غير معنى يحدث فيه من الصيد يقتضي قتله ، فيضمنه ، كغيره.

ولأنّه أتلفه لنفعه ودفع الأذى عنه ، فكان عليه الكفّارة ، كحلق الرأس.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سُئل عن المـُحْرم يضطرّ فيجد الميتة والصيد أيّهما يأكل؟ قال : « يأكل من الصيد ، أما يحبّ أن يأكل من ماله؟ » قلت : بلى ، قال : « إنّما عليه الفداء ، فليأكل وليفده »(٦) .

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (٤) من ص ٤٥٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٧٢ / ١٢٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٢١٠ - ٢١١ / ٧١٩.

(٣) المائدة : ٩٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٧٢ / ١٢٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٢١١ / ٧٢٠.

(٥) المائدة : ٩٥.

(٦) الكافي ٤ : ٣٨٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٦٨ / ١٢٨٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٩ / ٧١٤.

٤٥٨

وقال الأوزاعي : لا يضمنه ؛ لأنّه مباح له ، فأشبه صيد البحر(١) .

والإِباحة لا تستلزم عدم الكفّارة ، كما في حلق الرأس.

والفرق : أنّ صيد البحر لا يتناوله حرم الإِحرام ولا الحرم ، فلا تجب الكفّارة به ، بخلاف الصيد.

ويجب الضمان على مَنْ أتلف الصيد بتخليصه من سبُع أو شبكة ، أو بتخليصه من خيط في رجله ونحوه - وبه قال قتادة(٢) - لعموم الأدلّة.

ولأنّ غاية ذلك عدم القصد إلى قتله ، وهو لا يُسقط الضمان ، كقتل الخطأ.

وقال عطاء : لا ضمان عليه - وللشافعي قولان(٣) - لأنّه فعل اُبيح لحاجة الحيوان ، فلا يضمن ما يتلف به ، كما لو داوى وليُّ الصبيِّ الصبيَّ ، فمات به(٤) .

والجواب : أنّه مشروط بالسلامة.

والجزاء يجب على المـُحْرم ، سواء كان إحرامه للحجّ أو للعمرة ، وسواء كان الحجّ تمتّعاً أو قراناً أو إفراداً ، وسواء كانا واجبين أو مندوبين ، صحيحين أو عرض لهما الفساد ؛ للعمومات ، ولا نعرف فيه خلافاً.

وإذا قتل المـُحْرم صيداً مملوكاً لغيره ، لزمه الجزاء لله تعالى ، والقيمة لمالكه - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٥) - للعموم.

وقال مالك : لا يجب الجزاء بقتل المملوك(٦) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٧.

(٢) المغني ٣ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٨.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٩٧ ، المجموع ٧ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٦.

(٤) المغني ٣ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٨.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٤٨٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٣٣٠ و ٤٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٥١.

(٦) حلية العلماء ٣ : ٢٩٧ ، المجموع ٧ : ٣٣٠.

٤٥٩

وإذا كان الصيد في الحرم وتجرّد عن الإِحرام ، ضمن ، ولو كان مُحْرماً ، تضاعف الجزاء.

وقال الشافعي : صيد الحرم مِثْلُ صيد الإِحرام يتخيّر فيه بين ثلاثة أشياء : المثل والإِطعام والصوم ، وفيما لا مِثْلَ له يتخيّر بين الصيام والطعام(١) .

وقال أبو حنيفة : لا مدخل للصوم في ضمان صيد الحرم(٢) .

مسألة ٣٧٦ : الصيد إذا كان مثليّاً ، تخيّر القاتل بين أن يخرج مثله من النَّعَم‌ وبين أن يقوّم المثل دراهم ويشتري به طعاماً ويتصدّق به على المساكين ، وبين أن يصوم عن كلّ مُدَّيْن يوماً ، ولو لم يكن له مِثْلٌ ، تخيَّر بين أن يقوّم الصيد ويشتري بثمنه طعاماً ويتصدّق به ، أو يصوم عن كلّ مُدَّيْن يوماً.

قال الشيخرحمه‌الله : ولا يجوز إخراج القيمة بحال ، ووافقنا الشافعي في ذلك كلّه ومالك ، إلّا أنّ مالكاً قال : يقوّم الصيد ، وعندنا يقوّم المثل.

وقال بعض أصحابنا : إنّها على الترتيب.

وقال أبو حنيفة : الصيد مضمون بالقيمة ، سواء كان له مثل من النَّعَم أو لا ، إلّا أنّه إذا قوّمه تخيّر بين أن يشتري بالقيمة من النَّعَم ويخرجه ، وبين أن يشتري بالقيمة طعاماً ويتصدّق به ، وبين أن يصوم عن كلّ مُدٍّ يوماً ، إلّا أنّه إذا اشترى النَّعَم لم يجزئه إلّا ما يجوز في الضحايا ، وهو : الجذع من الضأن ، والثني من كلّ شي‌ء.

وقال أبو يوسف : يجوز أن يشتري بالقيمة شيئاً(٣) من النَّعَم ما لا يجوز‌

____________________

(١) حلية العلماء ٣ : ٣٢٢ ، المجموع ٧ : ٤٩١.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٩٧ - ٩٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧١ ، المجموع ٧ : ٤٩١.

(٣) في النسخ الخطية والحجرية : شي‌ء. وما أثبتناه من المصدر.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481