تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169472 / تحميل: 5804
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الآخر ، تعيّن الآمن ؛ لأنّه مستطيع ، ولو استويا في عدم الأمن ، سقط فرض الحجّ في ذلك العام؛ لانتفاء شرط الوجوب ، ولا تجب الاستنابة على ما تقدّم.

ولو خاف من ركوب البحر ولا طريق آمناً سواه ، سقط الفرض في ذلك العام ، ولو لم يخف من ركوبه ، وجب عليه الحجّ.

وللشافعي قولان :

أحدهما قوله في المختصر : لم يبِنْ لي أن اُوجب ركوب البحر.

ونصّ في الاُم على أنّه لا يجوز.

وقال في الإِملاء : إن كان أكثر عيشه في البحر ، وجب ، فانقسم أصحابه قسمين : أحدهما أثبت الخلاف في المسألة ، والثاني نفاه.

وللمثبتين طريقان :

أحدهما : أنّ المسألة على قولين مطلقاً :

أحدهما : أنّه يلزمه الركوب ؛ للظواهر المطلقة في الحجّ.

والثاني : لا يلزمه ؛ لما فيه من الخوف والخطر.

وأظهرهما : أنّه إن كان الغالب منه الهلاك إمّا باعتبار خصوص ذلك البحر ، أو لهيجان الأمواج في بعض الأحوال ، لم يلزم الركوب ، وإن كان الغالب فيه السلامة ، فقولان :

أظهرهما : اللزوم ؛ لسلوك طريق البرّ عند غلبة السلامة.

والثاني : المنع ؛ لأنّ عوارض البحر عسرة الدفع.

وعلى هذا فلو اعتدل الاحتمال فيلحق بغلبة السلامة أو بغلبة الهلاك ، تردّد فيه الشافعية(١) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٧ - ١٨ ، وراجع : المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٤ ، والمجموع ٧ : ٨٣ ، ومختصر المزني : ٦٢.

٨١

وأمّا النافون للخلاف فلهم طُرُق :

أحدها : القطع بعدم اللزوم وحُمِل نصّه في الإِملاء على ما إذا ركبه لبعض الأغراض ، فصار أقرب إلى الشط الذي يلي مكة.

والثاني : القطع باللزوم.

والثالث : أنّه إن كان الغالب الهلاك ، لم يلزم ، وإن كان الغالب السلامة ، لزم ، واختلاف القولين محمول على حالين ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد(١) .

والرابع : تنزيل القولين على حالين من وجه آخر : إن كان الرجل ممّن اعتاد ركوب البحر كالملّاحين وأهل الجزائر ، لزمه ، وإلّا فلا ؛ لصعوبته عليه.

ونقل الجويني عن بعض الشافعية : اللزوم عند جرأة الراكب ، وعدمه عند استشعاره.

ومن الشافعية مَنْ قال : لا يجب على المستشعر ، وفي غيره قولان.

ومنهم مَنْ قال : يجب على غير المستشعر ، وفيه قولان.

وعلى القول بعدم وجوب ركوبه هل يستحب؟ فيه وجهان لهم :

أحدهما : لا ، لما فيه من التغرير بالنفس.

وأظهرهما : نعم ، كما يستحب ركوبه للغزو.

والوجهان فيما إذا كان الغالب السلامة ، أمّا إذا كان الغالب الهلاك ، فيحرم الركوب ، نقله الجويني ، وحكى تردّد الشافعية فيما إذا اعتدل الاحتمال.

وإذا لم نوجب الركوب ، فلو توسّط البحر هل له الانصراف أم عليه التمادي؟ فيه قولان مبنيان على القولين في المحصر إذا أحاط العدوّ به من‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٩ ، المغني ٣ : ١٦٧.

٨٢

الجوانب هل يجوز له التحلّل؟ إن قلنا : له التحلّل ، فله الانصراف ، وإن قلنا : لا - لأنّه لا يستفيد الخلاص - فليس له الانصراف.

والوجهان فيما إذا استوى ما بين يديه وما خلفه في غالب الظنّ ، فإن كان فيما بين يديه أكثر ، لم يلزمه التمادي ، وإن كان أقلّ ، لزم.

قالوا : هذا في حقّ الرجل ، أمّا المرأة ففيها خلاف بينهم مرتّب على الرجل ، وأولى بعدم الوجوب ؛ لأنّها أشدّ تأثّرا بالأهوال ، ولأنّها عورة وربما تنكشف للرجال ، لضيق المكان ، وإذا قلنا بعدم الوجوب فنقول بعدم الاستحباب أيضاً.

ومنهم من طرّد الخلاف.

وليست الأنهار العظيمة - ك‍ « جيحون » - في معنى البحر ؛ لأنّ المقام فيها لا يطول ، والخطر فيها لا يعظم(١) .

مسألة ٥٨ : المرأة كالرجل متى خافت على نفسها أو المكابرة على فرجها سقط الفرض عنها ، فإن احتاجت إلى المحرم وتعذّر ، سقط الفرض عنها أيضاً ؛ لعدم استطاعتها بدونه.

وليس المحرم شرطاً في وجوب الحجّ عليها مع الاستغناء عنه ، عند علمائنا ، وبه قال ابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد في إحدى الروايات(٢) .

قال ابن سيرين : تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به(٣) .

وقال مالك : تخرج مع جماعة النساء(٤) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٨ - ٢٢ ، المجموع ٧ : ٨٣ - ٨٥.

(٢) المغني ٣ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٢ ، المجموع ٨ : ٣٤٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٢٣.

(٣) المغني ٣ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠١.

(٤) الموطّأ ١ : ٤٢٦ ذيل الحديث ٢٥٤ ، المنتقى - للباجي - ٣ : ٨٢ ، المغني ٣ : ١٩٢ ، =

٨٣

وقال الشافعي : تخرج مع حُرة مسلمة ثقة(١) .

وقال الأوزاعي : تخرج مع قوم عدول تتّخذ سُلّماً تصعد عليه وتنزل ، ولا يقربها رجل إلّا أنّه يأخذ رأس البعير وتضع رجلها(٢) على ذراعه(٣) .

قال ابن المنذر : تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كلّ واحد منهم شرطاً لا حجّة معه عليه(٤) .

والأصل في ذلك : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسّر الإِستطاعة بالزاد والراحلة(٥) وقال لعدي بن حاتم : ( يوشك أن تخرج الظعينة(٦) من الحيرة يوم تؤمّ البيت لا جوار معها لا تخاف إلّا الله )(٧) رواه العامّة(٨) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ كان صحيحاً في بدنه ، مخلّى سربه ، له زاد وراحلة ، فهو ممّن يستطيع الحج »(٩) .

____________________

= الشرح الكبير ٣ : ٢٠١ ، معالم السنن - للخطّابي - ٢ : ٢٧٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٣ ، المجموع ٨ : ٣٤٣.

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٣ ، المجموع ٨ : ٣٤٣ ، معالم السنن - للخطّابي - ٢ : ٢٧٦ ، المغني ٣ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠١.

(٢) في جميع النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية والمصدر : رجله. والصحيح ما أثبتناه بدلالة السياق.

(٣ و ٤) المغني ٣ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠١.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٩٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٠١.

(٦) أصل الظعينة : الراحلة التي يرحل ويظعن عليها ، أي يسار. وقيل للمرأة : ظعينة ؛ لأنّها تظعن مع الزوج حين ظعن ، أو لأنّها تُحمل على الراحلة إذا ظعنت. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ١٥٧.

(٧) ورد في هامش « ن » هذه الحاشية : قلت : هذا إخبار منه صلوات الله عليه بالمغيبات كما هو جاري عادته ، لأنّ الحيرة لم تفتح في أيام حياته بل بعد انتقاله الى الله تعالى ، وهذا إيماء إلى زمان القائمعليه‌السلام .

(٨) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٩٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٠١ ، وبتفاوت في سنن الدار قطني ٢ : ٢٢٢ / ٢٨.

(٩) الكافي ٤ : ٢٦٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣ / ٢ ، الاستبصار ٢ : ١٣٩ / ٤٥٤.

٨٤

وعن أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة تحجّ بغير وليها ، قال : « نعم إذا كانت امرأةً مأمونةً تحجّ مع أخيها المسلم »(١) .

وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة تحجّ بغير محرم ، فقال : « إذا كانت مأمونةً ولم تقدر على محرم فلا بأس بذلك »(٢) .

ولأنّه سفر واجب ، فلا يشترط فيه المحرم ، كالمسلمة إذا تخلّصت من أيدي الكفّار.

وقال أحمد في رواية اُخرى : المحرم من السبيل ، وإنّ المرأة الموسرة إذا لم يكن لها محرم لا يجب عليها الحجّ - وبه قال الحسن البصري والنخعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي - فلو لم يكن محرم لم يجز لها الخروج إلّا أن يكون بينها وبين مكة مسير ما دون ثلاثة أيام ؛ لما رواه أبو هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلّا ومعها ذو محرم )(٣) .

ولأنّها أنشأت سفراً في دار الإِسلام ، فلم يجز بغير محرم ، كحجّ التطوّع(٤) .

والحديث مخصوص بالمتخلّصة من أيدي الكفّار ، فيكون مخصوصاً بالحجّ ؛ لاشتراكهما في الوجوب.

ويحمل أيضاً على السفر في غير الحجّ الواجب.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٠٠ - ٤٠١ / ١٣٩٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٠١ / ١٣٩٤.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٧٧ / ٤٢٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢٧.

(٤) المغني ٣ : ١٩٢ - ١٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠١ - ٢٠٢ ، معالم السنن - للخطّابي - ٢ : ٢٧٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٢٣ ، النتف ١ : ٢٠٤ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٢٤.

٨٥

ونمنع اشتراط المحرم في حجّ التطوّع ؛ فإنّ الزوج إذا أذن لزوجته في الحجّ ، جاز لها المضيّ فيه وإن لم يصحبها.

تذنيبات : المحرم عند المشترطين له هو الزوج أو مَنْ تحرم عليه على التأبيد إمّا بنسب أو بسبب مباح كأبيها وابنها وأخيها من نسب أو رضاع ؛ لما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلّا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها )(١) (٢) .

قال أحمد : ويكون زوج اُمّ المرأة محرماً لها يحجّ بها ، ويسافر الرجل مع اُمّ ولد جدّه ، فإذا كان أخوها من الرضاعة خرجت معه(٣) .

وقال في اُمّ امرأته : يكون محرماً لها في حجّ الفرض دون غيره(٤) .

وأمّا مَنْ لا تحرم عليه مؤبّداً فليس بمحرم ، كعبدها وزوج اُختها ؛ لأنّهما غير مأمونين عليها ، ولا تحرم عليهما مؤبّداً ، فهما كالأجنبي ، قاله أحمد(٥) .

وقال الشافعي : عبدها محرم لها ، لأنّه مباح له النظر إليها ، فكان محرما لها ، كذي رحمها(٦) .

وهو غلط ؛ فإنّا نمنع إباحة نظره إليها ، وسيأتي(٧) .

وأمّا اُمّ الموطوءة بشبهة أو المزني بها أو ابنتها فليس بمحرم لهما ؛ لأنّ تحريمهما بسبب غير مباح؛ فلم يثبت به حكم المحرمية ، كالتحريم الثابت باللعان ، وليس له الخلوة بهما ولا النظر إليهما كذلك.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٧٧ / ١٣٤٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٧٢ / ١١٦٩.

(٢) المغني ٣ : ١٩٣ - ١٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٣ - ٢٠٤.

(٣ و ٤) المغني ٣ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٤.

(٥) المغني ٣ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٤ ، الكافي في فقه الإِمام أحمد ١ : ٤٧٠.

(٦) المهذب - للشيرازي - ٢ : ٣٦ ، المغني ٣ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٤.

(٧) يأتي في كتاب النكاح ، المقدمة الثامنة من مقدّماته.

٨٦

قال أحمد : والكافر ليس محرماً للمسلمة وإن كانت ابنته(١) .

وقال أبو حنيفة والشافعي : هو محرم لها ، لأنّها محرّمة عليه على التأبيد(٢) .

وقول أحمد لا بأس به في كافر يعتقد حلّها ، كالمجوسي.

وقال أحمد : يشترط في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً ؛ لأنّ الصبي لا يقوم بنفسه قبل الاحتلام فكيف يخرج مع امرأة ، ولأنّ المقصود بالمحرم حفظ المرأة ، ولا يحصل إلّا من البالغ العاقل(٣) .

ونفقة المحرم في الحجّ عليها ؛ لأنّه من سبيلها ، فكان عليها نفقته كالراحلة ، فعلى هذا يعتبر في استطاعتها أن تملك زاداً وراحلةً لها ولمحرمها ، فإن امتنع محرمها من الحجّ معها مع بذلها له نفقته ، فهي كمن لا محرم لها.

وهل تلزمه إجابتها إلى ذلك؟ عن أحمد روايتان(٤) .

والصحيح : أنّه لا يلزمه الحجّ معها ؛ لما في الحجّ من المشقّة الشديدة والكلفة العظيمة ، فلا يلزم أحداً لأجل غيره ، كما لم يلزمه أن يحجّ عنها إذا كانت مريضة.

ولو مات محرم المرأة في الطريق ، قال أحمد : إذا تباعدت ، مضت فقضت الحجّ(٥) .

مسألة ٥٩ : لا يجوز للرجل منع زوجته الموسرة من حجّة الإِسلام إذا حصلت الشرائط ، عند علمائنا - وبه قال النخعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي والشافعي في أصحّ قوليه(٦) - لما رواه العامة عن النبي صلّى‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٣ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٥.

(٣) المغني ٣ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٥ - ٢٠٦.

(٤ و ٥) المغني ٣ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٦ ، الكافي في فقه الإِمام أحمد ١ : ٤٧٠.

(٦) المغني ٣ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٦ ، الكافي في فقه الإِمام أحمد ١ : ٤٧٠ ، =

٨٧

الله عليه وآله قال : ( لا تمنعوا إماء الله عن مساجد الله )(١) .

ومن طريق الخاصة : رواية محمد بن مسلم - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : سألته عن امرأة لم تحجّ ولها زوج وأبى أن يأذن لها في الحجّ فغاب زوجها فهل لها أن تحجّ؟ قال : « لا طاعة له عليها في حجّة الإِسلام »(٢) .

ولأنّه فرض ، فلم يكن له منعها منه ، كالصوم والصلاة الواجبين.

وقال الشافعي في الآخر : له منعها منه ؛ لأنّ الحجّ على التراخي(٣) . وهو ممنوع.

إذا عرفت هذا ، فيستحب أن تستأذنه في ذلك ، فإن أذن وإلّا خرجت بغير إذنه.

وأمّا حجّ التطوّع فله منعها.

قال ابن المنذر : أجمع كلّ مَنْ يحفظ عنه من أهل العلم أنّ له منعها من الخروج إلى حجّ التطوّع ، لأنّ حقّ الزوج واجب ، فليس لها تفويته بما ليس بواجب ، كالسيد مع عبده(٤) .

ولما رواه إسحاق بن عمّار عن الرضاعليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة‌

____________________

= الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٣ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٨ : ٣٢٧ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٣٥.

(١) صحيح البخاري ٢ : ٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٢٧ / ١٣٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٥٥ / ٥٦٥ و ٥٦٦ ، سنن البيهقي ٣ : ١٣٢ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٢ : ٣٦٣ / ١٣٣٥٠ و ٤٢٥ / ١٣٥٦٥ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ٣٨٣ ، مسند أبي عوانة ٢ : ٥٩ ، مسند الحميدي ٢ : ٤٣١ - ٤٣٢ ، مسند احمد ٢ : ٤٣٨.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٠٠ / ١٣٩١ ، الاستبصار ٢ : ٣١٨ / ١١٢٦.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٣ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٨ : ٣٢٧ و ٣٢٨ ، المغني ٣ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٦ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٣٥.

(٤) المغني ٣ : ١٩٥ ، الإِجماع - لابن المنذر - ١٦ / ١٣٥.

٨٨

الموسرة قد حجّت حجّة الإِسلام تقول لزوجها : حجّني من مالي ، أله أن يمنعها من ذلك؟ قال : « نعم ويقول لها : حقّي عليك أعظم من حقّك عليّ في هذا »(١) .

وأمّا الحجّة المنذورة ، فإن كانت قد نذرت الحجّ المعيّن بزمان معيّن حالة خلوّها من الزوج ، أو قيّدت النذر بزمان معيّن بإذنه لو كانت مزوّجةً به ، فإنّه ليس له منعها منه ، لأنّه واجب عليها ، فأشبه حجّة الإِسلام.

وإن نذرت حال الزوجية به ، فإن أذن لها في النذر وكان مطلقاً ، فالوجه : أنّه يجوز له منعها في ذلك العام ؛ لأنّه واجب مطلق.

ويحتمل عدم المنع ؛ لأنّه أداء الواجب.

تذنيب : حكم العبد حكم المزوّجة ، فإن اُعتق فكالمطلّقة بائناً ، والأمة المزوّجة يشترط في حجّها التطوّع ونذره إذن المولى والزوج.

مسألة ٦٠ : المعتدة عدّة رجعية كالزوجة ، لأنّ للزوج الرجوع في طلاقها والاستمتاع بها ، والحجّ يمنعه عن ذلك لو راجع ، فيقف على إذنه.

ولأنّ الصادقعليه‌السلام قال : « المطلّقة إن كانت صرورة ، حجّت في عدّتها ، وإن كانت حجّت ، فلا تحجّ حتى تقضي عدّتها »(٢) .

ولها أن تخرج في حجّة الإِسلام من غير إذن الزوج ؛ لأنّ الزوجة لها ذلك فالمطلّقة أولى ؛ لقول أحدهماعليهما‌السلام : « المطلّقة تحجّ في عدّتها »(٣) .

أمّا التطوّع فليس لها ذلك إلّا بإذنه ؛ لما تقدّم.

ولما رواه معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا تحجّ‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٠٠ / ١٣٩٢ ، والفقيه ٢ : ٢٦٨ / ١٣٠٧.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٠٢ / ١٣٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٣١٨ / ١١٢٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٠٢ / ١٣٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٣١٧ / ١١٢٤ ، والفقيه ٢ : ٢٦٩ / ١٣١١.

٨٩

المطلّقة في عدّتها »(١) وحملناه على التطوّع ؛ جمعاً بين الأدلّة.

أمّا المطلّقة طلاقاً بائناً فإنّها تخرج في الواجب والتطوّع من غير إذن الزوج ؛ لانقطاع سلطنته عليها وصيرورته أجنبياً لا اعتبار بإذنه.

وأمّا المعتدّة عدّة الوفاة فإنّها تخرج في حجّ الإِسلام عند علمائنا ؛ لانقطاع العصمة.

ولما رواه زرارة - في الصحيح - قال : سألت الصادقعليه‌السلام عن التي يتوفّى عنها زوجها أتحجّ في عدّتها؟ قال : « نعم »(٢) .

وقال أحمد : لا يجوز لها أن تخرج ، وتقدّم ملازمة المنزل على الحجّ ؛ لأنّه يفوت(٣) .

والحقّ : اتّباع النقل.

مسألة ٦١ : لو كان في الطريق عدوّ يخاف منه على ماله ، سقط فرض الحجّ ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٤) - لأنّ بذل المال تحصيل لشرط الوجوب وهو غير واجب ، فلا يجب ما يتوقّف عليه.

وفي الرواية الاُخرى عن أحمد : أنّه لا يسقط فرض الحجّ ، ويجب أن يستنيب(٥) .

وليس بمعتمد.

ولا فرق بين أن يكون المال قليلاً أو كثيراً.

ويحتمل أن يقال بالوجوب مع القلّة إذا لم يتضرّر.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٠١ / ١٣٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٣١٧ / ١١٢٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٦٩ / ١٣١٢ ، والتهذيب ٥ : ٤٠٢ / ١٤٠١ بتفاوت يسير فيه.

(٣) المغني ٣ : ١٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٧ ، الكافي في فقه الإِمام أحمد ١ : ٤٧٠.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ٨١ - ٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٣ ، المغني ٣ : ١٦٦.

(٥) المغني ٣ : ١٦٦ - ١٦٧.

٩٠

ولو لم يندفع العدوّ إلّا بمال أو خفارة ، قال الشيخ : لا يجب ، لأنّه لم تحصل التخلية(١) .

ولو قيل بالوجوب مع إمكان الدفع من غير إجحاف ، أمكن ، لأنّه كأثمان الآلات.

ولو بذل باذل المطلوب فانكشف العدوّ ، لزمه الحجّ ، وليس له منع الباذل ، لتحقّق الاستطاعة.

أمّا لو قال الباذل : أقبل المال وادفع أنت ، لم يجب.

ولا فرق بين أن يكون الذي يُخاف منه مسلمين أو كفّاراً.

ولو تمكّن من محاربتهم بحيث لا يلحقه ضرر ولا خوف فهو مستطيع.

ويحتمل عدم الوجوب ؛ لأنّ تحصيل الشرط ليس بواجب.

أمّا لو خاف على نفسه أو ماله من قتل أو جرح أو نهب ، لم يجب.

ولو كان العدوّ كفّاراً وقدر الحاج على محاربتهم من غير ضرر ، استحب قتالهم ؛ لينالوا ثواب الجهاد والحجّ معاً ، أمّا لو كانوا مسلمين ، فإنّه لا يستحب الحجّ ؛ لما فيه من قتل المسلم ، وليس محرّماً.

ولو كان على المراصد مَنْ يطلب مالا ، لم يلزمه الحجّ.

وكره الشافعية بذل المال لهم ؛ لأنّهم يحرضون بذلك على التعرّض للناس(٢) .

ولو بعثوا بأمان الحجيج وكان أمانهم موثوقاً به ، أو ضمن لهم أمير [ ما يطلبونه ](٣) وأمن الحجيج ، لزمهم الخروج.

ولو وجدوا من يُبَذْرقُهم(٤) باُجرة ولو استأجروا لأمنوا غالباً ، احتمل وجوب‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠١.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ٨٢.

(٣) في النسخ الخطية والحجرية : فانطلقوا به. وهي تصحيف ، وما أثبتناه من فتح العزيز.

(٤) البذرقة ، فارسي معرّب : الخفارة. لسان العرب ١٠ : ١٤.

٩١

الاستئجار - وهو أحد وجهي الشافعية(١) - لأنّ بذل الاُجرة بذل مال [ بحقّ ](٢) والمـُبَذْرِقُ أهبة الطريق ، كالراحلة وغيرها.

ويحتمل عدم الوجوب - وهو الوجه الثاني للشافعية(٣) - لأنّه خسران لدفع الظلم ، فأشبه التسليم إلى الظالم.

مسألة ٦٢ : يشترط لوجوب الحجّ وجود الزاد والماء في المواضع التي جرت العادة بحمل الزاد والماء منها ، فإن كان العام عام جدب وخلا بعض تلك المنازل عن أهلها أو انقطعت المياه ، لم يلزمه الحجّ ، لأنّه إن لم يحمل معه ، خاف على نفسه ، وإن حمله ، لحقته مؤونة عظيمة.

وكذلك الحكم لو كان يوجد الزاد والماء فيها لكن بأكثر من ثمن المثل وهو القدر اللائق في ذلك المكان والزمان.

وإن وجدهما بثمن المثل ، لزم التحصيل ، سواء كانت الأسعار رخيصةً أو غاليةً إذا وفي ماله.

ويحمل منها قدر ما جرت العادة به في طريق مكة كحمل الزاد من الكوفة والماء مرحلتين أو ثلاثاً إذا قدر عليه ووجد آلات الحمل.

وأمّا علف الدواب فيشترط وجوده في كلّ مرحلة.

ويشترط أيضاً في الوجوب : وجود الرفقة إن احتاج إليها ، فإن حصلت له الاستطاعة وحصل بينه وبين الرفقة مسافة لا يمكنه اللحاق أو يحتاج أن يتكلّف إمّا بمناقلة(٤) أو بجعل منزلين منزلاً ، لم يلزمه الحج تلك السنة ، فإن بقي حالته في إزاحة العلّة إلى السنة المقبلة ، لزمه ، وإن مات قبل ذلك لا يجب أن يحجّ عنه ، فإن فاتته السنة المقبلة ولم يحج ، وجب حينئذٍ أن يُحجّ‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٠٩ ، فتح العزيز ٧ : ٢٥ ، المجموع ٧ : ٨٢.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : يخفّ. وهي تصحيف ، وما أثبتناه من فتح العزيز.

(٣) المصادر في الهامش (١)

(٤) مناقلة من النقيل : ضرب من السير ، وهو المداومة عليه. الصحاح ٥ : ١٨٣٤.

٩٢

عنه ، ولو احتاج إلى حركة عنيفة يعجز عنها ، سقط في عامه ، فإن مات قبل التمكّن ، سقط.

النظر الرابع : في اتّساع الوقت‌

مسألة ٦٣ : اتّساع الوقت شرط في الوجوب ، وهو أن يكمل فيه هذه الشرائط والزمان يتّسع للخروج ولحوق المناسك ، فلو حصلت الشرائط وقد ضاق الوقت بحيث لو شرع في السير لم يصل إلى مكة ، لم يجب الحج في ذلك العام عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ الله تعالى إنّما فرض الحجّ على المستطيع وهذا غير مستطيع ، ولأنّ هذا يتعذّر معه فعل الحج ، فكان شرطاً ، كالزاد والراحلة.

وقال أحمد في الرواية الثانية : إنّه ليس شرطاً في الوجوب ، وإنّما هو شرط للزوم الحج ، لأنّهعليه‌السلام فسّر الاستطاعة بالزاد والراحلة(٢) .

وهو ضعيف وقد سلف(٣) .

ولو مات حينئذٍ ، لم يُقْض عنه ، ولو علم الإِدراك لكن بعد طيّ المنازل وعجزه عن ذلك ، لم يجب ، ولو قدر ، وجب.

تتمّة تشتمل على مسائل :

الاُولى : هذه الشرائط التي ذكرناها منها ما هو شرط في الصحة والوجوب ، وهو : العقل ؛ لعدم الوجوب على المجنون وعدم الصحة منه ، ومنها ما هو شرط في الصحة دون الوجوب ، وهو : الإِسلام ، فإنّ الكافر يجب عليه الحج وغيره من فروع العبادات عند علمائنا أجمع ، وبه قال الشافعي في‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٦ ، المجموع ٧ : ٨٨ - ٨٩ ، فتح العزيز ٧ : ٢٩ ، المغني ٣ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٥ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ١ : ٤٦٦.

(٢) المغني ٣ : ١٦٦ - ١٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٥ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ١ : ٤٦٦ ، المجموع ٧ : ٨٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٠.

(٣) راجع : بداية مبحث أمن الطريق.

٩٣

أحد الوجهين.

وفي الآخر : إنّه غير واجب عليه. وجَعَل الإِسلام شرطاً في الوجوب. وبه قال أبو حنيفة(١) .

لنا : عموم قوله تعالى :( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (٢) والعارض - وهو الكفر - لا يصلح للمانعية ، كما لا يمنع من الخطاب بالإِسلام.

واحتجاج أبي حنيفة : بأنّ الكافر إمّا أن يجب عليه حال كفره أو بعد إسلامه ، والأول باطل؛ لأنّه لو وجب عليه ، لصحّ منه ، وإلّا لزم التكليف بالمحال ، والثاني باطل ؛ لقولهعليه‌السلام : (الإِسلام يجبّ ما قبله )(٣) .

وهو غلط ؛ لأنّ الوجوب حالة الكفر يستلزم الصحة العقلية ، أمّا الشرعية فإنّها موقوفة على شرط هو قادر عليه وهو : الإِسلام ، فكان كالمحدث المخاطب بالصلاة.

إذا عرفت هذا ، فلو أحرم وهو كافر ، لم يصح إحرامه ، فإذا أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر، وجب عليه الرجوع إلى الميقات وإنشاء الإِحرام منه ، وإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه ، ولو أسلم بعد فوات الوقوف بالمشعر ، وجب عليه في المـُقبل.

مسألة ٦٤ : المرتدّ إذا كان قد حجّ حالة إسلامه ثم حصل الارتداد بعد قضاء مناسكه ، لم يعد الحجّ بعد التوبة - وبه قال الشافعي(٤) - لما رواه العامّة من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمـّا سُئل أحجّتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ فقال : ( للأبد )(٥) .

____________________

(١) شرح البدخشي ١ : ٢٠٧ - ٢٠٨ ، المجموع ٣ : ٤ و ٧ : ١٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٢٠.

(٢) آل عمران : ٩٧.

(٣) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ١٤ : ٣١٣ ، وفي مسند أحمد ٤ : ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥ ، ودلائل النبوة - للبيهقي - ٤ : ٣٥١ ، والطبقات الكبرى - لابن سعد - ٧ : ٤٩٧ بتفاوت.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٥ ، المجموع ٧ : ٩.

(٥) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ٦.

٩٤

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « مَنْ كان مؤمناً فحجّ ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب يحسب له كلّ عمل صالح عمله ولا يبطل منه شي‌ء »(١) .

ولأنّه أوقع الحجّ بشروطه ، فخرج عن العهدة ؛ لعدم وجوب التكرّر.

وتردّد الشيخرحمه‌الله ، وقوّى الإِعادة(٢) وجزم بها أبو حنيفة(٣) ؛ لقوله تعالى :( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) (٤) .

وهو ممنوع ؛ فإنّ الإِحباط مشروط بالموافاة.

تذنيب : المخالف إذا حجّ على معتقده ولم يُخلّ بشي‌ء من أركان الحجّ ، لم تجب عليه الإِعادة؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن رجل حجّ وهو لا يعرف هذا الأمر ثم منّ الله عليه بمعرفته والدينونة به تجب عليه حجّة الإِسلام أو قد قضى فريضة؟ قال : « قد قضى فريضة ، ولو حجّ كان أحبّ إليّ»(٥) . الحديث.

آخر : لو أحرم ثم ارتدّ ثم عاد إلى الإِسلام ، كان إحرامه باقياً وبنى عليه.

وللشافعي وجهان : أحدهما : الإِبطال(٦) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الإِحرام لا يبطل بالموت والجنون ، فلا يبطل بالردّة.

ومنها : ما هو شرط في الوجوب دون الصحة ، وهو : البلوغ والحرّية والاستطاعة وإمكان المسير ؛ لأنّ الصبي والمملوك ومَنْ ليس معه زاد ولا راحلة‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٥٩ - ٤٦٠ / ١٥٩٧.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠٥.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٥ ، المجموع ٧ : ٩.

(٤) المائدة : ٥.

(٥) الكافي ٤ : ٢٧٥ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٦٣ / ١٢٨١ ، التهذيب ٥ : ١٠ / ٢٥ ، الاستبصار ٢ : ١٤٦ / ٤٧٥.

(٦) المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٨ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣٣.

٩٥

وليس بمخلّى السرب ولا يمكنه المسير لو تكلّفوا الحج لصحّ منهم وإن لم يكن واجباً عليهم ولا يجزئهم عن حجّة الإِسلام.

مسألة ٦٥ : جامع الشرائط إذا قدر على المشي ، كان المشي أفضل من الركوب مع عدم الضعف عن أداء الفرائض ، ولو خاف الضعف عن إكمال الفرائض واستيفاء الشرائط والدعاء ، كان الركوب أفضل ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ما عُبد الله بشي‌ء أشدّ من المشي ولا أفضل »(١) .

وسُئل الصادقعليه‌السلام عن فضل المشي ، فقال : « الحسن بن عليعليهما‌السلام قاسَمَ ربّه ثلاث مرّات حتى نعلاً ونعلاً وثوباً وثوباً وديناراً وديناراً ، وحجّ عشرين حجّة ماشياً على قدمه »(٢) .

وقد روي أنّ الصادقعليه‌السلام سُئل : الركوب أفضل أم المشي؟

فقال : « الركوب أفضل من المشي لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ركب »(٣) .

وهو محمول على التفصيل الذي ذكرناه ؛ لما روي عنهعليه‌السلام أيّ شي‌ء أحبّ إليك نمشي أو نركب؟ فقال : « تركبون أحبّ إليّ ، فإنّ ذلك أقوى على الدعاء والعبادة »(٤) .

تذنيب : لو نذر أن يحجّ حجّة الإِسلام ماشياً ، وجب عليه الوفاء به مع القدرة ، لأنّه نذر في طاعة ، ولو عجز عن المشي ، وجب الركوب.

ولو نذر أن يحجّ ماشياً غير حجّة الإِسلام ، فإن قيّده بوقت ، تعيّن مع القدرة ، فإن عجز في تلك السنة ، احتمل وجوب الركوب مع القدرة ، وعدمه ؛ للعجز عن النذر فيسقط ، ولو لم يكن مقيّداً ، توقّع المكنة.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١ / ٢٨ ، الاستبصار ٢ : ١٤١ / ٤٦٠.

(٢) التهذيب ٥ : ١١ - ١٢ / ٢٩ ، الاستبصار ٢ : ١٤١ - ١٤٢ / ٤٦١.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢ / ٣١ ، الاستبصار ٢ : ١٤٢ / ٤٦٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢ / ٣٢ ، الاستبصار ٢ : ١٤٢ / ٤٦٤.

٩٦

مسألة ٦٦ : إذا كملت شرائط الحج فأهمل ، أثم ، فإن حجّ في السنة المقبلة ، برئت ذمته ، ويجب عليه المبادرة على الفور ولو مشياً.

وإن مات ، وجب أن يخرج عنه حجّة الإِسلام وعمرته من صلب المال ، ولا تسقط بالموت عند علمائنا أجمع - وبه قال الحسن وطاوس والشافعي(١) - لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّ امرأة سألت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أبيها مات ولم يحج ، قال : ( حجّي عن أبيك )(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه سماعة بن مهران ، قال : سألت الصادقعليه‌السلام عن الرجل يموت ولم يحج حجّة الإِسلام ولم يوص بها وهو موسر ، فقال : « يحجّ عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك »(٣) .

ولأنّه حقّ استقرّ عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدّيْن.

وقال أبو حنيفة ومالك : تسقط بالموت ، فإن وصّى بها ، فهي من الثلث - وبه قال الشعبي والنخعي - لأنّها عبادة بدنية تسقط بالموت ، كالصلاة(٤) .

والفرق : أنّ الصلاة لا تدخلها النيابة.

مسألة ٦٧ : وفي وجوب الاستئجار من البلد الذي وجب على الميت الحج فيه إمّا من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه قولان :

أحدهما هذا ، وبه قال الحسن البصري وإسحاق ومالك في النذر(٥) .

والثاني : أنّه يجب من أقرب الأماكن إلى مكة وهو الميقات - وبه قال‌

____________________

(١) مختصر المزني : ٦٢ ، فتح العزيز ٧ : ٣١ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٦ ، المجموع ٧ : ١٠٩ و ١١٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٤٤ ، المغني ٣ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٦.

(٢) سنن النسائي ٥ : ١١٧ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٨ : ٢٨٤ / ٢٧٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٥ / ٤١.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٢٤٤ ، المغني ٣ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٦ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣٣ ، التفريع ١ : ٣١٥.

(٥) المغني ٣ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٦.

٩٧

الشافعي(١) - وهو الأقوى عندي ؛ لأنّ الواجب أداء المناسك في المشاعر المخصوصة ، ولهذا لو خرج بنيّة التجارة ثم جدّد نيّة الحجّ عند المواقيت ، أجزأه فعله ، فعَلِمْنا أنّ قطع المسافة غير مطلوب للشرع.

ولما رواه حريز بن عبد الله عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل أعطى رجلاً حجّةً يحجّ عنه من الكوفة فحجّ عنه من البصرة ، قال : « لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه»(٢) .

وسأل علي بن رئاب ، الصادقعليه‌السلام عن رجل أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإِسلام فلم يبلغ جميع ما ترك إلّا خمسين درهماً ، قال : « يحجّ عنه من بعض المواقيت الذي وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قرب »(٣) ولم يستفصل الإِمامعليه‌السلام في الجواب هل يمكن أن يحجّ بها من أبعد من الميقات أم لا؟

احتجّ الآخرون : بأنّ الحجّ وجب على الميّت من بلده فوجب أن ينوب عنه منه ؛ لأنّ القضاء يكون على وفق الأداء ، كقضاء الصلاة والصيام(٤) .

ونحن نمنع الوجوب من البلد ، وإنّما ثبت اتّفاقاً ، ولهذا لو اتّفق له اليسار في الميقات ، لم يجب عليه الرجوع إلى بلده لإِنشاء الإِحرام منه ، فدلّ على أنّ قطع المسافة ليس مراداً للشارع.

تذنيبات:

لو كان له موطنان ، قال الموجبون للاستنابة من بلده : يستناب من أقربهما(٥) . فإن وجب عليه الحجّ بخراسان ومات ببغداد ، أو وجب عليه‌

____________________

(١) المغني ٣ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٤١٥ / ١٤٤٥.

(٣) الاستبصار ٢ : ٣١٨ / ١١٢٨ ، والتهذيب ٥ : ٤٠٥ / ١٤١١.

(٤) المغني ٣ : ١٩٨ - ١٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٧.

(٥) المغني ٣ : ١٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٧.

٩٨

ببغداد فمات بخراسان ، قال أحمد : يحجّ عنه من حيث وجب عليه لا من حيث موته(١) .

ويحتمل أن يحجّ عنه من أقرب المكانين ؛ لأنّه لو كان حيّاً في أقرب المكانين لم يجب عليه الحجّ من أبعد منه فكذا نائبه.

فإن خرج للحجّ فمات في الطريق ، حُجّ عنه من حيث مات ؛ لأنّه أسقط بعض ما وجب عليه ، فلم يجب ثانياً ، وكذا إن مات نائبه استنيب من حيث مات كذلك.

قال أحمد : ولو أحرم بالحج ثم مات ، صحّت النيابة عنه فيما بقي من النسك ، سواء كان إحرامه لنفسه أو لغيره ؛ لأنّها عبادة تدخلها النيابة ، فإذا مات بعد فعل بعضها ، قضي عنه باقيها ، كالزكاة(٢) .

ولو لم يخلّف تركةً تفي بالحج من بلده ، حُجّ عنه من حيث تبلغ ، وإن كان عليه دين لآدمي؛ تحاصّا ، ويؤخذ للحجّ حصّته فيستأجر بها من حيث تبلغ.

ولو أوصى أن يُحجّ عنه ولم تبلغ النفقة ، قال أحمد : يحجّ عنه من حيث تبلغ النفقة للراكب من غير مدينته ؛ لقولهعليه‌السلام : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )(٣) .

ولأنّه قدر على أداء بعض الواجب فلزمه ، كالزكاة(٤) .

وعنه رواية اُخرى أنّ الحجّ يسقط عمّن عليه دين ؛ لأنّ حقّ الآدمي المعيّن أولى بالتقديم(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٧.

(٢) المغني ٣ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٨ ، الكافي في فقه الإِمام أحمد ١ : ٤٧١.

(٣) صحيح البخاري ٩ : ١١٧ ، مسند أحمد ٢ : ٥٠٨.

(٤) المغني ٣ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٨.

(٥) المغني ٣ : ٢٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٩.

٩٩

وهو باطل ؛ لقولهعليه‌السلام : ( دين الله أحقّ أن يقضى )(١) .

ولو أوصى بحجّ تطوّع بثلث ماله فلم يف الثلث بالحج من بلده ، حجّ به من حيث يبلغ.

ويستناب عن الميت ثقة بأقلّ ما يوجد إلّا أن يرضى الورثة بزيادة أو يكون قد أوصى بشي‌ء فيجوز ما أوصى به ما لم يزد على الثلث.

مسألة ٦٨ : إذا أوصى أن يُحجّ عنه فإمّا أن يكون بحجّ واجب أو مندوب ، أو لا يعلم وجوبه وندبه ، فإن كان بواجب فلا يخلو إمّا أن يعيّن قدراً أو لا ، وإن عيّن فإن كان بقدر اُجرة المثل ، أخرجت من الأصل ، وإن زادت عن اُجرة المثل ، اُخرجت اُجرة المثل من الأصل والباقي من الثلث ، وإن لم يعيّن ، أخرجت أجرة المثل من أصل المال.

وإن كان مندوباً ، اُخرج ما يعيّنه من الثلث إن عيّن قدراً ، وإلّا اُجرة المثل ، وإن لم يعلم ، اُخرج من الثلث اُجرة المثل أو ما عيّنه ؛ حملاً للإِطلاق على الندب ؛ لأصالة البراءة.

ولو أوصى بالحجّ عنه دائماً ، حُجّ عنه بقدر ثلث ماله إمّا مرّة واحدة أو أزيد.

ولو أوصى بالحجّ ولم يبلغ الثلث قدر ما يحجّ عنه من أقرب الأماكن ولم يوجد راغب فيه وكان عليه دين ، صُرف في الدّيْن ، فإن فضل منه فضلة أو لم يكن دين ، فالأولى الصدقة به ؛ لخروجه بالوصية عن ملك الورثة.

ويحتمل صرفه إلى الميراث ؛ لأنّه لمـّا تعذّر الوجه الموصى به رجع إلى الورثة كأنّه لا وصية.

مسألة ٦٩ : مَنْ مات قبل الحجّ فإمّا أن يكون قد وجب عليه الحجّ أو‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٠٤ / ١٥٥ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٢ : ١٥ / ١٢٣٣٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

« الواحدي في أسباب نزول القرآن بإسناده عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري. وأبو بكر الشيرازي في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنينعليه‌السلام بالإِسناد عن ابن عباس. والمرزباني في كتابه عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة أبي بكر الشيرازي

١ - الذهبي: « الشيرازي الإِمام الحافظ الجوّال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن ابن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي صاحب كتاب الألقاب. سمع أبا القاسم الطبراني بإصبهان، وأبا بحر البربهاري وطبقته ببغداد، وعبد الله بن عدي بجرجان، ومحمد بن الحسن السّراج بنيسابور، وعبد الله بن عمر بن علك بمرو، وسعيد بن القاسم المطّوعي ببلاد الترك، ومحمّد بن محمّد بن صابر ببخارى، وسمع بالبصرة وواسط وشيراز وعدة مدائن.

روى عنه: محمد بن عيسى الهمداني، وأبو مسلم بن عروة، وحميد بن المأمون، وآخرون.

قال شيرويه نا عنه أبو الفرج البجلي. قال: كان صدوقاً حافظاً، يحسن هذا الشأن جيّداً. خرج من عندنا سنة ٤٠٤ الى شيراز. وأخبرت أنه مات في سنة ٤١١. وذكره جعفر المستغفري فقال: كان يفهم ويحفظ، كتبت عنه »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفيها توفي أبو بكر الشيرازي أحمد بن عبد الرحمن الحافظ مصنّف الألقاب. كان أحد من عني بهذا الشأن، وأكثر الترحال في البلدان، ووصل إلى بلاد الترك، وسمع من الطبراني وطبقته. قال عبد الرحمن ابن مندة:

____________________

(١). بحار الأنوار ٣٧ / ١٥٥ عن المناقب لابن شهر آشوب.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٦٥ - ١٠٦٦.

٢٠١

مات في شوال »(١) .

٣ - اليافعي: « وفيها توفي الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي مصنف كتاب الألقاب »(٢) .

٤ - السيوطي: « الشيرازي صاحب الألقاب، الامام الحافظ الجوّال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي. سمع الطبراني وطبقته. وكان صدوقاً حافظاً يحسن هذا الشأن جيّداً. مات سنة ٤٠٧ قال جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ »(٣) .

(٣)

رواية ابن مردويه

وروى ذلك أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصفهاني كما علمت من عبارة ( الدر المنثور ) السالفة الذكر.

وفيه أيضاً: « وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إنّ عليا مولى المؤمنين و إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ »(٤) .

وستعلم روايته أيضاً من عبارة البدخشي الآتية.

____________________

(١). العبر حوادث ٤٠٧.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٤٠٧.

(٣). طبقات الحفاظ: ٤١٥.

(٤). الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٢٩٨.

٢٠٢

ترجمة ابن مردويه

١ - الذهبي: « ابن مردويه الحافظ الثبت العلامة أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الاصفهاني صاحب التفسير والتاريخ وغير ذلك.

روى عن أبي سهل بن زياد القطان، وميمون بن إسحاق الخراساني، ومحمّد بن عبد الله بن علم الصفار، وإسماعيل الخطبي، ومحمّد بن علي بن دحيم الشيباني، وأحمد بن عبد الله بن دليل، وإسحاق بن محمّد بن علي الكوفي، ومحمد ابن أحمد بن علي الأسواري، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بن محمّد بن عاصم الكراني، وطبقتهم.

وروى عنه: أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، وأبو الخير محمّد بن أحمد، وأبو منصور محمّد بن سكرويه، وأبو بكر محمّد بن الحسن ابن محمّد بن سليم، وأبو عبد الله الثقفي، وأبو مطيع محمّد بن عبد الواحد المصري، وخلق كثير.

وعمل المستخرج على صحيح البخاري، وكان قيّماً بمعرفة هذا الشأن، بصيراً بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف.

ولد سنة ٣٢٣. ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠. يقع عواليه في الثقفيات وغيرها»(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « وفيها توفي أحمد بن موسى بن مردويه، أبو بكر الحافظ الاصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ والتصانيف، لست بقين من رمضان، وقد قارب التسعين، سمع بأصبهان والعراق، وروى عن أبي سهل ابن زياد القطان وطبقته »(٢) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٥٠.

(٢). العبر حوادث ٤١٠.

٢٠٣

٣ - السيوطي: « ابن مردويه الحافظ الكبير العلّامة كان قيّماً بهذا الشأن، بصيراً بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف، ولد سنة ٣٢٣. ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠ »(١) .

٤ - الزرقاني: « أبو بكر الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني الثبت [ اللبيب ] العلامة. ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وصنف التاريخ والتفسير المسند والمستخرج على البخاري، وكان فهماً بهذا الشأن، بصيرا بالرجال طويل الباع، مليح التصنيف، مات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠ »(٢) .

وتظهر جلالة الحافظ ابن مردويه من كلامٍ لابن قيّم الجوزية حول حديث بني المنتفق حيث قال بعد أن ذكره ما هذا نصه: « هذا حديث كبير جليل، ينادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلّا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، رواه عنه إبراهيم بن ضمرة الزبيري، وهما من كبار أهل المدينة، ثقتان يحتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام الحديث محمّد بن إسماعيل البخاري، رواه أئمة السنّة في كتبهم وتلقّوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته.

فممّن رواه الامام ابن الامام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وفي كتاب السنة

ومنهم الفاضل الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن عاصم النبيل في كتاب السنّة له.

ومنهم الحافظ أبو أحمد بن أحمد بن ابراهيم بن سليمان العسّال في كتاب المعرفة.

ومنهم حافظ زمانه ومحدث أوانه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب

____________________

(١). طبقات الحفاظ: ٤١٢.

(٢). شرح المواهب اللدنية ١ / ٦٨.

٢٠٤

الطبراني في كثير من كتبه.

ومنهم الحافظ أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن حيان أبو الشيخ الاصبهاني في كتاب السنّة.

ومنهم الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمّد بن إسحاق بن محمّد بن يحيى ابن مندة حافظ أصبهان.

ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.

ومنهم حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الاصبهاني.

وجماعة من الحفاظ سواهم يطول ذكرهم »(١) .

وتظهر جلالته أيضاً من عبارةٍ لتاج الدين السّبكي فإنه قال في ( طبقاته ):

« فأين أهل عصرنا من حفاظ هذه الشريعة: أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وعلي المرتضى

ومن طبقة أخرى من التابعين: أويس القرني

... أخرى: وأبي عبد الله بن مندة، وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن بكير، وأبي عبد الله الحاكم، وعبد الغني بن سعيد الازدي، وأبي بكر بن مردويه

فهولاء مهرة هذا الفن، وقد أغفلنا كثيراً من الأئمة، وأهملنا عدداً صالحاً من المحدّثين، وإنما ذكرنا من ذكرناه لننبّه بهم على من عداهم، ثم أفضى الأمر إلى طيّ بساط الأسانيد رأساً وعدّ الإِكثار منها جهالة ووسواسا »(٢) .

وهذه العبارة تدل على جلالة ابن مردويه من وجوه عديدة لا تخفى.

كما تظهر جلالته من وصفهم إياه بالحفظ، فقد قال السمعاني بترجمة حمزة

____________________

(١). زاد المعاد في هدي خير العباد ٣ / ٥٦.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ٣١٧.

٢٠٥

ابن الحسين المؤدب الاصبهاني: « روى عنه أبو بكر ابن مردويه الحافظ »(١).

وقال ابن كثير حول حديث الطائر: « وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة، ومنهم أبو بكر ابن مردويه الحافظ، وأبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي »(٢) .

وقال الكاتب الجلبي: « تفسير ابن مردويه هو الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى الاصبهاني المتوفى سنة ٤١٠ »(٣) .

« الحافظ » في الاصطلاح

ثم إنّ « الحافظ » من الألقاب الجليلة في اصطلاح علماء الحديث، قال الشيخ علي القاري: « الحافظ - المراد به حافظ الحديث لا القرآن. كذا ذكره ميرك، ويحتمل أنه كان حافظاً للكتاب والسنّة.

ثم الحافظ في اصطلاح المحدّثين من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسنادا »(٤) .

وفي ( لواقح الأنوار ) بترجمة السيوطي: « وكان الحافظ ابن حجر يقول: الشروط التي إذا اجتمعت في الإنسان سمّي حافظا هي: الشهرة بالطلب: والأخذ من أفواه الرجال، والمعرفة بالجرح والتعديل لطبقات الرواة ومراتبهم وتمييز الصحيح من السقيم، حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره، مع استحفاظ الكثير من المتون، فهذه الشروط من جمعها فهو حافظ ».

وقال البدخشي: « الحافظ - يطلق هذا الاسم على من مهر في فن الحديث بخلاف المحدّث»(٥) .

____________________

(١). الأنساب - الاصبهاني.

(٢). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٣.

(٣). كشف الظنون ١ / ٤٣٩.

(٤). جمع الوسائل في شرح الشمائل: ٧.

(٥). تراجم الحفاظ - مخطوط.

٢٠٦

ومن شواهد جلالة ابن مردويه: إن شمس الدين محمّد ابن الجزري ذكره في عداد مشاهير الأئمة، وكبار علماء الحديث الذين روى عنهم في كتابه ( الحصن الحصين )، مع أصحاب الصحاح والمسانيد وسائر الكتب المعتبرة وجعل رمزه « مر »، وذكر في خطبة كتابه ما نصه: « فليعلم أني أرجو أن يكون جميع ما فيه صحيحاً »(١) .

كما أن ( الدهلوي ) نفسه ذكر تفسير ابن مردويه في ( رسالة أصول الحديث ) في عداد تفاسير الديلمي وابن جرير وغيرهم، وقدّمه عليها في الذكر، وهذا يدلّ على أن تفسير ابن مردويه من التفاسير المشهورة المعتبرة لدى أهل السنّة.

(٤)

رواية الثعلبي

روى أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي نزول الآية الكريمة:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ) في يوم غدير خم في تفسيره حيث قال:

« قال أبو جعفر محمّد بن علي: معناه: بلّغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي بن أبي طالب، فلمـّا نزلت هذه الآية أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله ابن محمد، نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، نا حجاج بن منهال نا حماد عن علي بن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء قال: لمـّا نزلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع كنا بغدير خم فنادى: إن الصلاة جامعة، وكسح

____________________

(١). الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين بشرح القاري: انظر ٢٠ و ٢٥.

٢٠٧

للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمّد القائني، نا أبو الحسين محمّد بن عثمان النصيبي، نا أبو بكر محمّد بن الحسن السبيعي، نا علي بن محمّد الدهان والحسين ابن إبراهيم الجصاص، نا حسين بن حكم، نا حسن بن حسين عن حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية. قال: نزلت في علي، أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبلّغ فيه فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمة الثعلبي

وقد ذكرت ترجمة أبي إسحاق الثعلبي وآيات عظمته وجلالته ووثاقته في المنهج الأول من الكتاب، في الجواب عن شبهات ( الدهلوي ) حول الاستدلال بقوله تعالى:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .

كما ستأتي ترجمته في الدليل السادس من أدلة دلالة حديث الغدير على إمامة عليعليه‌السلام ، وستقف هناك على كلمات الثناء التي قالها والد ( الدهلوي ) في حق الثعلبي.

كما يتضح من عبارة الثعلبي في خطبة تفسيره عظمة هذا التفسير واعتباره.

____________________

(١). الكشف والبيان في تفسير القرآن - مخطوط.

٢٠٨

(٥)

رواية أبي نعيم

وروى أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني نزولها في واقعة يوم غدير خم في كتاب ( ما نزل من القرآن في عليعليه‌السلام ). وقد ذكر روايته الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي في ( إيضاح لطافة المقال ) نقلاً عن الشيخ علي المتخلص بحزين، وتلك الرواية هي باسناده « عن علي بن عامر [ عياش ] عن أبي الجحاف والأعمش عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي بن أبي طالب:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) .

وقد ذكر مثل هذه الرواية الحاج عبد الوهاب بن محمّد عن الحافظ أبي نعيم كما سيجيء.

ترجمة أبي نعيم

١ - ابن خلكان: « الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق ابن موسى بن مهران الاصبهاني، الحافظ المشهور، صاحب كتاب حلية الأولياء. كان من أعلام المحدّثين، وأكابر الحفاظ الثقات، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به. وكتاب الحلية من أحسن الكتب، وله كتاب تاريخ أصبهان وتوفي في صفر وقيل يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة باصبهان. رحمه الله تعالى »(١) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٢٦.

٢٠٩

٢ - الصلاح الصفدي: « أحمد بن عبد الله بن إسحاق بن موسى بن مهران، أبو نعيم الحافظ، سبط محمد بن يوسف بن البناء الاصفهاني، تاج المحدثين وأحد أعلام الدين، له العلوّ في الرواية والحفظ والفهم والدراية، وكانت الرّحال تشدّ إليه، أملى في فنون الحديث كتباً سارت في البلاد وانتفع بها العباد، وامتدت أيامه حتى ألحق الأحفاد بالأجداد، وتفرّد بعلوّ الأسناد

وكان أبو نعيم إماماً في العلم والزهد والدّيانة، وصنف مصنفات كثيرة منها: حلية الأولياء، والمستخرج على الصحيحين - ذكر فيها [ فيه ] أحاديث ساوى فيها البخاري ومسلماً، وأحاديث علا عليهما فيها كأنهما سمعاها منه، وذكر فيها حديثاً كأن البخاري ومسلماً سمعاه ممّن سمعه منه ودلائل النبوة، ومعرفة الصحابة، وتاريخ بلده، وفضائل الصحابة، وصفة الجنّة، وكثيراً من المصنفات الصغار.

وبقي أربعة عشر سنة بلا نظير، لا يوجد شرقاً ولا غرباً أعلى إسناداً منه ولا أحفظ، ولمـّا كتب كتاب الحلية إلى نيسابور بيع بأربعمائة دينار »(١) .

٣ - الخطيب التبريزي: « أبو نعيم الاصفهاني هو: أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الاصفهاني صاحب الحلية، هو من مشايخ الحديث الثقات المعمول بحديثهم المرجوع إلى قولهم، كبير القدر، ولد سنة ٣٣٤ ومات في صفر سنة ٤٣٠ باصفهان وله من العمر ٩٦ سنة رحمه الله تعالى »(٢) .

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

(٢). رجال المشكاة = الإِكمال في أسماء الرجال ط مع المشكاة ٣ / ٨٠٥.

٢١٠

(٦)

رواية الواحدي

وروى ذلك أيضاً أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، وعنه في ( مطالب السئول لابن طلحة الشافعي ) و ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ) وهذا نص ما جاء في ( أسباب النزول ) له: « قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) قال الحسن: إن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمـّا بعثني الله تعالى برسالته ضقت بها ذرعاً، وعرفت أن من الناس من يكذّبني، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهاب قريشاً واليهود والنصارى، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار قال: أنا الحسن بن أحمد المخلدي قال: أنا محمّد بن حمدون بن خالد، أنا محمد بن إبراهيم الحلواني [ الخلواتي ] قال: أنا الحسن بن حماد سجادة قال: علي بن عياش [ عابس ] عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(١) .

كلام الواحدي في خطبة أسباب النزول

ولأجل أنْ لا يبقى ريب في اعتبار هذه الرواية نورد نص عبارة الواحدي في خطبة كتابه ( أسباب النزول ) فإنه قال: « وبعد هذا: فإن علوم القرآن غزيرة فآل الأمر بنا إلى إفادة المستهترين بعلوم الكتاب إبانة ما أنزل فيه من

____________________

(١). أسباب النزول للواحدي: ١١٥.

٢١١

الأسباب، إذ هي أولى ما يجب الوقوف عليها وأولى ما يصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها، ولا يحلُّ القول في أسباب نزول الكتاب إلّا بالرواية والسماع ممّن شاهد التنزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطلاب.

وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل في العثار في هذا العلم بالنار: أنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، أنبأ أبو الحسين [ الحسن ] محمّد بن أحمد بن حامد العطار، أنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، أنا ليث بن حماد، ثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتقوا الحديث إلّا ما علمتم، فإنه من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار.

والسلف الماضون -رحمهم‌الله - كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية، أنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي، أنا أبو عمرو بن مجيد ثنا أبو مسلم، ثنا عبد الرحمن بن حماد، ثنا أبو عمر عن محمّد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن آية من القرآن فقال: إتق الله وقل سداداً، ذهب الذين يعلمون في ما أنزل القرآن.

فأما اليوم فكلّ واحد يخترع للآية سبباً ويخلق إفكاً وكذباً، ملقياً زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد لجاهل سبب الآية، وذاك الذي حداني إلى إملاء الكتاب الجامع للأسباب، لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن، والمتكلمون في نزول القرآن، فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب، ويجدّوا في تحفظه بعد السماع والطلب »(١) .

وإذا كان ما ذكر سبب تأليفه هذا الكتاب، فإن هذا الحديث الذي رواه في سبب نزول الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ) يكون هو الخبر الصدق الوارد

____________________

(١). أسباب النزول: ٤.

٢١٢

عمّن شاهد التنزيل ووقفوا على الأسباب، فيجب التصديق به والاعراض عن غيره، لأنه من الكذب على القرآن، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار.

ترجمة الواحدي

١ - ابن الأثير: « وفيها توفي أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن متويه الواحدي المفسّر، مصنّف الوسيط والوجيز في التفسير، وهو نيسابوري إمام مشهور »(١) .

٢ - الذهبي: « الامام العلامة الاستاذ أبو الحسن صاحب التفسير، وإمام علماء التأويل، من أولاد النجار، وأصله من ساوه، لزم الاستاذ أبا إسحاق الثعلبي وأكثر عنه، وأخذ علم العربية من أبي الحسن القهندزي الضرير وسمع من أبي طاهر بن مخمس، والقاضي أبي بكر الحيري، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، ومحمّد بن إبراهيم المزكّي، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأحمد بن إبراهيم النجار، وخلق.

حدّث عنه: أحمد بن عمر الارغياني، وعبد الجبار بن محمد الخواري وطائفة أكبرهم الخواري.

صنف التفاسير الثلاثة: البسيط والوسيط والوجيز، وبتلك الأسماء سمّى الغزالي تواليفه الثلاثة في الفقه، ولأبي الحسن كتاب أسباب النزول مروي،

تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه، وقيل: كان منطلق اللسان في جماعة من العلماء بما لا ينبغي، وقد كفّر من ألّف كتاب حقائق التفسير، فهو معذور قال أبو سعد السمعاني: كان الواحدي حقيقاً بكل احترام وإعظام، لكن كان فيه بسط لسان في الأئمة، وقد سمعت أحمد بن محمّد بن بشار يقول: كان الواحدي

____________________

(١). الكامل في التاريخ حوادث سنة ٤٦٨.

٢١٣

يقول صنّف السلمي كتاب حقائق التفسير، ولو قال إن ذلك تفسير القرآن لكفر به.

قلت: الواحدي معذور مأجور. مات بنيسابور في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وأربعمائة، وقد شاخ »(١) .

٣ - الذهبي أيضاً: « أحد من برع في العلم وكان رأسا في الفقه والعربية »(٢) .

٤ - ابن الوردي: « كان استاذاً في التفسير والنحو، وشرح ديوان المتنبي أجود شرح، وهو تلميذ الثعلبي، وتوفي بعد مرض طويل بنيسابور »(٣) .

٥ - اليافعي: « الامام المفسر أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، أستاذ عصره في النحو والتفسير، تلميذ أبي إسحاق الثعلبي، وأحد من برع في العلم، وصنف التصانيف الشهيرة المجمع على حسنها، والمشتغل بتدريسها والمرزوق السعادة فيها »(٤) .

٦ - ابن الجزري: « إمام كبير علامة، روى القراءة عن علي بن أحمد البستي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي. روى القراءة عنه: أبو القاسم الهذلي. مات في سنة ٤٦٨ بنيسابور »(٥) .

٧ - ابن قاضي شهبة: « كان فقيهاً، إماماً في النحو واللغة وغيرهما، شاعراً، وأما التفسير فهو إمام عصره فيه، »(٦) .

٨ - الديار بكري: « وفي سنة ثمان وستين وأربعمائة توفي أبو الحسن علي بن

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٣٩.

(٢). العبر، حوادث سنة ٤٦٨.

(٣). تتمة المختصر، حوادث سنة ٤٦٨.

(٤). مرآة الجنان، حوادث سنة ٤٦٨.

(٥). طبقات القراء ١ / ٥٢٣.

(٦). طبقات الشافعية ١ / ٢٦٤.

٢١٤

أحمد بن محمد بن متويه الواحدي المفسّر، مصنّف البسيط والوسيط والوجيز في التفسير، وهو نيسابوري إمام مشهور »(١) .

٩ - الكاتب الجلبي: « أسباب النزول للشيخ الامام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي المفسر المتوفى سنة ٤٦٨. وهو أشهر ما صنّف فيه، أوله: الحمد لله الكريم الوهاب »(٢) .

١٠ - وذكر ولي اللهالدهلوي الواحدي مع البغوي والبيضاوي، واصفاً إياهم بكبار المفسّرين، وجاعلاً إيّاهم قدوة المسلمين(٣) .

(٧)

رواية أبي سعيد السجستاني

ورواه أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني في كتابه حول حديث الولاية باسناده عن ابن عباس إنه قال: « أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبلّغ بولاية علي، فأنزل الله عزّ وجلّ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية فلمـّا كان يوم غدير خم قام فحمد الله وأثنى عليه وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره، وأعز من أعزه، وأعن من أعانه ».

____________________

(١). تاريخ الخميس ٢ / ٣٥٩.

(٢). كشف الظنون ١ / ٧٦.

(٣). ازالة الخفاء.

٢١٥

ترجمة أبي سعيد السجستاني

وأبو سعيد السجستاني من مشاهير حفاظ أهل السنّة الثّقات، وقد تقدم سابقاً ذكر طرف من ترجمته عن السمعاني والذهبي.

(٨)

رواية الحاكم الحسكاني

وروى أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني نزول قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) في واقعة يوم غدير خم، ففي كتاب ( مجمع البيان ) بتفسير الآية المباركة: « عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله أن ينصب عليّاً علماً للناس فيخبرهم بولايته، فتخوّف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقولوا حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه هذه الآية، فقامعليه‌السلام بولايته يوم غدير خم ».

قال: وهذا الخبر بعينه قد حدثناه السيد أبو الحمد عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بإسناده عن ابن أبي عمير في كتاب شواهد التنزيل في قواعد التفضيل »(١) .

____________________

(١). مجمع البيان في تفسير القرآن المجلد الثاني / ٢٢٣ وهو في شواهد التنزيل ١ / ١٨٧.

٢١٦

(٩)

رواية ابن عساكر

وممّن روى نزول تلك الآية المباركة في واقعة يوم غدير خم: أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر الدمشقي، كما عرفت ذلك من عبارة السيوطي في ( الدر المنثور )(١) .

ترجمة ابن عساكر

١ - ياقوت الحموي: « هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ أحد أئمة الحديث المشهورين والعلماء المذكورين. ولد في المحرم سنة ٤٩٩. ومات في الحادي عشر من رجب سنة ٥٧١ »(٢) .

٢ - ابن خلكان: « الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر الدمشقي الملقب ثقة الدين. كان محدّث الشام في وقته ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به، وبالغ في طلبه، إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، ورحل وطوف وجاب البلاد ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن السمعاني في الرحلة.

وكان حافظاً ديناً، جمع بين معرفة المتون والأسانيد وصنّف التصانيف المفيدة وخرّج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث، محفوظاً في الجمع والتأليف، صنف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة، أتى فيه بالعجائب،

____________________

(١) وهو في ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من تاريخ دمشق ٢ / ٨٦.

(٢). معجم الأدباء ١٣ / ٧٣.

٢١٧

وهو على نسق تاريخ بغداد، قال لي شيخنا الحافظ العلامة أبو محمد عبد العظيم المنذري حافظ مصر أدام الله به النفع - وقد جرى ذكر هذا التاريخ وأخرج لي منه مجلّداً وطال الحديث في أمره واستعظامه - ما أظن هذا الرجل إلّا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلّا فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان فيه مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبّه. قال - ولقد قال الحق - من وقف عليه عرف حقيقة هذا القول، ومتى يتسع للانسان الوقت حتى يضع مثله، وهذا الذي ظهر هو الذي اختاره وما صح له هذا إلّا بعد مسودات ما كاد ينضبط حصرها.

وله غيره تواليف حسنة وأجزاء ممتعة »(١) .

٣ - الذهبي: « ابن عساكر الامام الحافظ الكبير محدّث الشام فخر الأئمة ثقة الدين قال السمعاني: أبو القاسم حافظ ثقة متقن ديّن خيّر حسن السمت، جمع بين معرفة المتن والاسناد، وكان كثير العلم غزير الفضل، صحيح القراءة، متثبّتا، رحل وتعب وبالغ في الطلب، وجمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على الأقران وقال المحدث بهاء الدين القاسم: كان أبيرحمه‌الله مواظباً على الجماعة والتلاوة، يختم كلّ ليلة ختمة [ يختم كل جمعة ]، ويختم في رمضان كلّ يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة العيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب

قال سعد الخير: ما رأيت في سنن [ سن ] ابن عساكر مثله.

قال القاسم ابن عساكر سمعت التاج المسعودي يقول سمعت أبا العلاء الهمداني يقول لرجل استأذنه في الرحلة [ قال ]: إن عرفت أحداً أفضل مني فحينئذٍ آذن لك أن تسافر إليه، إلّا أن تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب.

وحدثني أبو المواهب بن صصري قال: لما دخلت همدان قال لي الحافظ: أنا

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٣٣٥.

٢١٨

أعلم أنه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق الناس ومازجهم كما ينبغي [ أصنع ] إذاً لاجتمع عليه الموافق والمخالف، وقال لي يوماً: أي شيء فتح له؟ وكيف الناس له؟ قلت: هو بعيد من هذا كلّه، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلّا بالجمع والتسميع حتى في نزهته وخلواته، قال: الحمد لله هذا ثمرة العلم، إلّا أنا حصل لنا [ من ] هذا المسجد والدار والكتب تدل على قلة حظ أهل العلم في بلادكم. ثم قال: ما كان يسمى أبو القاسم إلاّ شعلة نار ببغداد من ذكائه وتوقده وحسن إدراكه.

قال أبو المواهب: كنت أذاكر أبا القاسم الحافظ عن الحفّاظ الذين لقيهم. فقال: أما بغداد فأبو عامر العبدري، وأما اصبهان فأبو نصر اليونارتي لكن اسماعيل بن محمّد الحافظ كان أشهر. فقلت: فعلى هذا ما كان رأى سيدنا مثل نفسه. قال: لا تقل هذا قال الله:( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) قلت: فقد قال [ الله تعالى ]( أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) . فقال: لو قال قائل: إن عيني لم تر مثلي لصدق.

ثم قال أبو المواهب: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه، من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأول إلّا من عذر، والاعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الامامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه

وكان شيخنا أبو الحجاج يميل إلى أن ابن عساكر ما رأى حافظاً مثل نفسه.

قال الحافظ عبد القادر: ما رأيت أحفظ من ابن عساكر.

وقال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدّثين في وقته، إنتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والنقل والمعرفة التامة وبه ختم هذا الشأن. فقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه أنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي - بمنى - وكان أحفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان. وكان شيخنا اسماعيل بن محمد الامام

٢١٩

يفضّله على جميع من لقيناهم، قدم إصبهان ونزل في داري، وما رأيت شاباً أودع ولا أحفظ ولا أتقن منه، وكان مع ذلك فقيهاً أديباً سنّياً، جزاه الله خيراً وكثّر في الاسلام مثله، وإني كثيراً سألته عن تأخره عن المجيء إلى إصبهان فقال: لم تأذن لي أمّي.

قال القاسم: توفي أبي في حادي عشر رجب سنة ٥٧١. ورئي له منامات حسنة، ورثي بقصائد، وقبره يزار بباب الصغير »(١) .

٤ - الذهبي أيضاً: « فيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلّداً ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله، وبلغ في ذلك الذروة العليا، ومن تصفّح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ. توفي في حادي عشر رجب »(٢) .

٥ - اليافعي: « وفيها: الفقيه الامام، المحدث البارع، الحافظ المتقن الضابط ذو العلم الراسخ، شيخ الاسلام، ومحدّث الشام، ناصر السنّة، وقامع البدعة زين الحفّاظ وبحر العلوم الزاخر، رئيس المحدّثين المقر له بالتقدم، العارف الماهر، ثقة الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، الذي اشتهر في زمانه بعلو شانه، ولم ير مثله في أقرانه، الجامع بين المعقول والمنقول، والمميز بين الصحيح والمعلول.

كان محدّث زمانه، ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث واشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، رحل وطوّف وجاب البلاد، ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني في الرحلة.

وكان أبو القاسم المذكور حافظاً ديناً، جمع بين معرفة المتون والأسانيد - وصنف التصانيف المفيدة، وخرّج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ - ١٣٣٣.

(٢). العبر حوادث ٥٧١.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481