نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257380 / تحميل: 6459
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الإيمان ، وهذا حكم عامّ لا استثناء فيه حتّى في تلك الموارد التي رخّص الله تعالى لرسوله الكريم مشورة الناس فيها.

قال تعالى :( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) (١) .

فمدار القرار ومحوره عزم الرسول وإقدامه في تحديد أيّ موقف ، ولا رأي للناس في ذلك ، ولم تكن مشورتهم إلاّ لتطيب خواطرهم ، وإشعارهم بشخصيتهم في ميدان العمل والتطبيق ، مضافاً إلى ما للمشورة من تأثير على تمسّكهم بأوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتزامهم بما ألزموا به أنفسهم ، خصوصاً في مواطن الشدّة كالحرب.

هذا ، وإنّ الشورى لم تتحقّق بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سقيفة بني ساعدة ، فقد حضرها مجموعة قليلة من الأنصار والمهاجرين ، ولم يكونوا يمثّلون جميع أهل الحلّ والعقد ، خصوصاً وأنّ علياً ‎عليه‌السلام قد أبدى اعتراضه على ما جرى في السقيفة ورفض البيعة ، كما اعترض كبار الصحابة : كالمقداد ، وسلمان ، والزبير ، وعمّار ، وعبد الله بن مسعود ، وسعد بن عبادة ، والعباس ابن عبد المطلب ، وأُسامة بن زيد ، وأُبي بن كعب ، وعثمان بن حنيف.

ولو تنزّلنا وقلنا : حصلت الشورى في انتخاب الخليفة الأوّل ، لكنّها لم تحصل في الخليفة الثاني ، حيث تمّ تعيينه مباشرة ومن دون مشورة أحد.

وهكذا لم تحصل في الخليفة الثالث ، حيث إنّ عمر رشّح ستة أشخاص ، ووضع لهم طريقة خاصّة في انتخاب الخليفة ، كما ورد في كتب التاريخ(٢) .

ثمّ لو كانت الشورى مشروعة في تعيين الخليفة لبيّنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورفع الغموض عنها ، مع أنّه لم يؤثر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيء في هذا المجال.

____________

١ ـ آل عمران : ١٥٩.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٢٩٥ ، تاريخ المدينة ٣ / ٩٢٤.

٦١

وهل يعقل أنّ النبيّ ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يهتمّ في مسألة الحاكم الذي يليه ، بينما يكون غيره ـ كأبي بكر وعمر ـ أكثر حرصاً منهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقدما على الوصاية من بعدهما ، ولا يقدم نبي الرحمة على ذلك؟

والخلاصة : حيث إنّه لم يؤثر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه تحدّث عن الشورى كأسلوب في تعيين الخليفة من بعده ، فلابدّ من الرجوع إلى النصوص المأثورة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله والدالّة على تنصيب الإمام عليعليه‌السلام كخليفة المسلمين.

( ـ السعودية ـ )

ليست أساس الحكم والخلافة :

س : حاول المتجدّدون من متكلّمي أهل السنّة ، صب صيغة الحكومة الإسلامية على أساس المشورة بجعله بمنزلة الاستفتاء الشعبي ، واستدلّوا على ذلك بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (١) ، فما هو ردّكم؟

ج : إنّ الآية الشريفة حثّت على الشورى فيما يمت إلى شؤون المؤمنين بصلة ، لا فيما هو خارج عن حوزة أُمورهم ، وكون تعيين الإمام داخلاً في أُمورهم فهو أوّل الكلام ، إذ لا ندري ـ على الفرض ـ هل هو من شؤونهم أو من شؤون الله سبحانه؟ ولا ندري ، هل هي إمرة وولاية إلهية تتمّ بنصبه سبحانه وتعيينه ، أو إمرة وولاية شعبية يجوز للناس التدخّل فيها؟ فما لم يحرز تعيين الإمام أمر مربوط بالمؤمنين لم يجز التمسّك بعموم الآية في أنّها تشمل تعيين الإمام.

____________

١ ـ الشورى : ٣٨.

٦٢

الشيعة :

( فاطمة السنّية ـ سنّية ـ ٢٥ سنة ـ طالبة )

دفع تهم عنهم :

س : أرجو منكم الردّ عليّ فوراً يا شيعة : سئل الإمام مالك عن الشيعة ، فقال : لا تكلّمهم ، ولا ترو عنهم ، فإنّهم يكذبون.

وقال الشافعي : ما رأيت أهل الأهواء قوم أشهد بالزور من الرافضة.

وقال شيخ الإسلام : لا توجد فرقة تقدّس الكذب سوى الرافضة.

ج : إنّ البحث عن الحقائق لا يُؤخذ هكذا ، ولا يكون بالحكم على الأشياء سلفاً دون الاعتماد على تقصّي الوقائع ، ودون اللجوء إلى استماع الأقاويل ، وتقليد الآخرين في حكمهم ، فإنّ الله غداً سائلنا عن كُلّ ما نقوله ، فماذا نعتذر غداً إذا لم نملك حجّة نعتذر بها عند الله تعالى؟

قال تعالى :( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) (١) ، نحن مسؤولون عن كُلّ صغيرة وكبيرة ، عن ظلمنا لشخص واحد ، فكيف بظلمنا لطائفةٍ من المسلمين؟

علينا أن نبحث أوّلاً عن نشوء مصطلح الرافضة ، ومن هم؟ فاصطلاح الرافضة ليس من الضروري أن يطلق على الشيعة ، إلاّ أنّ الأنظمة السياسية عزّزت من

____________

١ ـ الإسراء : ٣٦.

٦٣

فكرة استخدام هذا المصطلح على الشيعة ، وقلّدهم الآخرون في ذلك ، فأطلقوا هذا المصطلح على كُلّ شيعي ، من هنا نشكّك في دعوى انتساب هذا المصطلح إلى التشيّع ، ومنه يمكننا إلغاء كُلّ ما تدّعينه في حقّ شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، وتنسبين أقوال هؤلاء العلماء في حقّهم ، وهذا الكلام يؤيّده ما قاله إمام الشافعية :

إذا نحن فضّلنا علياً فإنّنا

روافضُ بالتفضيل عند ذوي الجهلِ

وقال كذلك :

إذا في مجلس ذكروا علياً

وسبطيه فاطمة الزكية

يقال تجاوزوا يا قوم هـذا

فهذا من حديث الرافضية

برئت إلى المهيمن من أُناسٍ

يرون الرفض حبّ الفاطمية

وقال كذلك :

قالوا ترفّضت قلت كلاّ

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن تولّيت غير شكّ

خير إمامٍ وخير هادي

إن كان حبّ الولي رفضاً

فإنّني أرفض العبادِ(١)

وهكذا فرّق الشافعي بين مصطلح التشيّع الذي هو ولاء علي وأولادهعليهم‌السلام وبين مصطلح الرافضة الذي أطلقه النظام السياسي الحاكم على معارضيه ، ومن هنا فإنّ الذي تذكرينه عن الشافعي لا يستقيم.

أمّا ما تذكرينه عن مالك في حقّ الشيعة ، فلم يثبت في مصدر يعوّل عليه ، ولم تذكرين لنا المصدر الذي تأخذين هذا القول عنه ، ويستحيل أن ينسب مالك هذا الكلام لشيعة أهل البيتعليهم‌السلام .

____________

١ ـ نظم درر السمطين : ١١١.

٦٤

واعلمي أنّ الشيعة لم يضعوا الحديث ، ولم يكذّبوا فيه ، فإنّهم كانوا تحت رقابةٍ مشدّدة من التعديلات الرجالية ، بحيث كان الرجاليون يترقّبون كُلّ من وضع الحديث ، أو كذّب فيه ، فيسقطونه عن الاعتبار ، وكانوا يتحرّجون في ذلك أشدّ التحرّج ، ولو كان قد صدر منهم كذب في حديث لوجدتِ أنّ الأنظمة الحاكمة قد جعلت ذلك ذريعة للتشهير بهم ، ومحاربتهم بحجّة وضع الحديث وكذبهم فيه.

إلاّ أنّنا نعلمك : أنّ آفة وضع الحديث قد امتاز بها غير الشيعة ، وشهد لذلك ابن حجر الهيثمي وغيره لهذه المشكلة فقال : « وقد اغتر قوم من الجهلة ، فوضعوا أحاديث الترغيب والترهيب وقالوا : نحن لم نكذب عليه ـ أي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته »(١) .

وأخرج البخاري في تاريخه عن عمر بن صبح ـ وهو من رواة أهل السنّة ـ يقول : أنا وضعت خطبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

قيل لأبي عصمة : من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة؟ فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ، ومغازي ابن إسحاق ، فوصفت هذا الحديث حسبة(٣) .

وهكذا ، فإنّ الوضع لم يكن عند الشيعة كما تذكرين ، بل هؤلاء علماء أهل السنّة يعترفون بمشكلة الوضع عند رواة أهل السنّة ، وهي مشكلة تعمّ الكثير من الأحاديث ، وعليكِ متابعة الموضوع من مصادره ، ليتبيّن لكِ الحقّ والواقع.

نسأل الله تعالى أن يكشف لكِ الكثير من الحقائق لتقفين بنفسكِ على كثيرٍ من الأُمور.

____________

١ ـ فتح الباري ١ / ١٧٨.

٢ ـ التاريخ الصغير ٢ / ١٩٢.

٣ ـ الجامع لأحكام القرآن ١ / ٧٨ ، البرهان في علوم القرآن ١ / ٤٣٢.

٦٥

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب على الجواب السابق :

لقد قرأت سؤال الأُخت فاطمة السنّية ، حيث نقلت عن بعض النواصب : إنّ الشيعة يكذبون ، وأردت أن أبيّن الحقيقة لكُلّ من يطلبها ، وأبيّن من هم الكذّابين؟ وأرجو منكم أن تنشروا هذه الفقرات تبياناً للحقيقة ، وخدمة لأهل البيت عليهم‌السلام .

فأقول بعد الصلاة على محمّد وآل محمّد :

١ ـ قال ابن الأثير في تاريخه : « فلمّا مات زياد عزم معاوية على البيعة لابنه يزيد ، ثمّ كتب معاوية بعد ذلك إلى مروان بن الحكم ، فقام مروان فيهم وقال : إنّ أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يألُ ، وقد استخلف ابنه يزيد بعده.

فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية! ما الخيار أردتما لأُمّة محمّد ، ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلّما مات هرقل قام هرقل

فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت : يا مروان كذبت! ولكنّك أنت فضض من لعنه نبي الله »(١) .

لكن البخاري ذكر الحديث في باب : « والذي قال لوالديه أُفّ لكما ، فقال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية ، فخطب وجعل يذكر يزيد لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إنّ هذا الذي أنزل الله فيه : والذي قال لوالديه أُفّ لكما أتعدانني ، فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلاّ أنّ الله أنزل عذري »(٢) .

لاحظوا جيّداً كيف حذف الشيخ البخاري كلام عبد الرحمن عندما قال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية! ما الخيار أردتما لأُمّة محمّد ،

____________

١ ـ الكامل في التاريخ ٣ / ٥٠٦.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ٤٢.

٦٦

ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كُلّما مات هرقل قام هرقل ، وأبدله بعبارة : فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، وحذف قول عائشة لمروان : يا مروان كذبت! ولكنّك أنت فضض من لعنه نبي الله .

٢ ـ روى الطبري في تاريخه في وصف مرض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « عن عائشة قالت : فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين رجلين من أهله ، أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر ، قال عبيد الله : فحدّثت هذا الحديث عنها عبد الله بن عباس فقال : هل تدري من الرجل؟ قلت : لا ، قال : علي بن أبي طالب ، ولكنّها كانت لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع »(١) .

ورواه أيضاً ابن سعد في طبقاته(٢) .

٣ ـ أخذ ابن هشام من سيرة ابن إسحاق برواية البكائي ، وقال في ذكر منهجه في أوّل الكتاب ، وتارك بعض ما أورده ابن إسحاق في هذا الكتاب ، وأشياء يشنع الحديث به ويسوء الناس ذكره ، وكان ممّا يسوء الناس ذكره ممّا حذف : خبر دعوة النبيّ بني عبد المطلب حينما نزلت( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (٣) .

فقد روى الطبري في تاريخه : أنّه بعد نزول هذه الآية دعا النبيّ بني عبد المطلب وقال لعلي : «إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا »(٤) ، وقد تدارك الطبري أهمّية هذا الحديث ، فتدارك في تفسيره ما غفل عنه في تاريخه ، فلمّا أورد الحديث بنفس الإسناد في تفسير الآية قال : فقال النبيّ لعلي : «إنّ هذا أخي وكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا »(٥) .

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٣٣.

٢ ـ الطبقات الكبرى ٢ / ٢١٨.

٣ ـ الشعراء : ٢١٣.

٤ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٣.

٥ ـ جامع البيان ١٩ / ١٤٩.

٦٧

وكذلك فعل ابن كثير في تاريخه وتفسيره ، حيث حذف كلمة : أخي ووصيي ، وأبدلها بعبارة : كذا وكذا ، وكذلك محمّد حسين هيكل حيث ذكر الحديث بتمامه في الطبعة الأُولى من كتابه حياة محمّد ، لكنّه حذفه في الطبعة الثانية.

٤ ـ أورد الطبري وابن الأثير في تاريخهما خطبة الإمام الحسينعليه‌السلام فقالوا : قال الحسين : « أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا من أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! ألست ابن بنت نبيّكم ، وابن وصيّه ، وابن عمّه »؟!(١) .

لكن ابن كثير ذكر الخبر وحذف عبارة : وابن وصيه وابن عمّه!(٢) .

٥ ـ ابن تيمية الذي يتهمّ الشيعة بالكذب ، فحسبنا أنّه أنكر حديث من كنت مولاه فعلي مولاه(٣) .

ويقول الشيخ الألباني : « فزعم ـ ابن تيمية ـ أنّه كذب! وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرّعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقّق النظر فيها »(٤) .

وبهذه الأمثلة من كتب أهل السنّة يتبيّن للأخوة القرّاء عامّة ، وللأخت فاطمة خاصّة ، من هم الكذّابين الحقّيقيين؟!

وإنّ ما نسب للشيعة وعلمائنا الكبار أنّه محض افتراء ، وفي هذا بيان كافّ إن شاء الله تعالى.

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٣٢٢ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٦١.

٢ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٩٣.

٣ ـ منهاج السنّة ٧ / ٣١٩.

٤ ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤ / ٣٤٤.

٦٨

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب ثاني على الجواب السابق :

إتماماً للفقرة الأُولى التي ذكر فيها بعض الأمثلة على كذب علماء العامّة ، أرجو منكم أن تضيفوا هذه الفقرات نظراً لأهمّيتها ، وخدمة للقرّاء الكرام.

١ ـ نقل الذهبي في ترجمة الإمام النسائي قال : « سئل النسائي عن فضائل معاوية : ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال : أيّ شيء أخرج؟ حديث : « اللهم لا تشبع بطنه » ، فسكت السائل ».

قال الذهبي : لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبيّ : « اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة »!(١) .

وجاء ابن كثير من بعده فقال : « لقد انتفع معاوية بهذه الدعوة »(٢) .

وقد روى مسلم في صحيحه حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يذمّ فيه معاوية : « لا اشبع الله بطنه » (٣) .

وعندما وقع أهل السنّة في حيرة من هذا الحديث ـ وقد روته صحاحهم ـ نسبوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « اللهم من لعنته أو شتمته فجعل ذلك له زكاة ورحمة » فربطوا بين الحديثين ، وجعلوا منهما منقبة لمعاوية.

سبحان الله ، هل يعقل أنّ سيّد الخلق يسبّ ويشتم المؤمنين! وهل يعقل أنّ النبيّ الذي خاطبه الله تعالى بقوله :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، وبقوله : ( وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) (٥) ،هل يعقل أن يتحوّل هذا النبيّ الكريم من الرسول القدوة إلى من يسبّ ويلعن المؤمنين؟

____________

١ ـ تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٩٩.

٢ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٢٨.

٣ ـ صحيح مسلم ٨ / ٢٧.

٤ ـ صحيح مسلم ٨ / ٢٧.

٥ ـ آل عمران : ١٥٩.

٦٩

٢ ـ ما فعله الطبراني بالحديث الآتي عن سلمان الفارسيرضی‌الله‌عنه قال : قلت يا رسول الله لكُلّ نبي وصي فمن وصيّك؟ فسكت عنّي ، فلمّا كان بعد رآني فقال : « يا سلمان » ، فأسرعت إليه قلت : لبيك ، قال : « تعلم من وصي موسى »؟ قلت : نعم يوشع بن نون ، قال : « لِمَ »؟ قلت : لأنّه كان أعلمهم يومئذ ، قال : « فإنّ وصيي وموضع سرّي وخير من اترك بعدي ، وينجز عدّتي ، ويقضي ديني علي بن أبي طالب ».

فبعد روايته للحديث قال الطبراني : « قوله وصيي يعني أنّه أوصاه بأهله لا بالخلافة »(١) .

سبحان الله ، انظروا كيف أوّل الطبراني هذا الحديث حسب هواه ، والحديث واضح ، وهو يؤكّد أنّ علياًعليه‌السلام وصي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصدق الله العظيم حين يقول في كتابه :( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) (٢) ، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

٣ ـ قال الذهبي في ترجمة الحاكم النيسابوري : « فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير فقال : لا يصحّ ، ولو صحّ لما كان أحد أفضل من علي بعد النبيّ.

قلت : ثمّ تغيّر رأي الحاكم ، وأخرج حديث الطير في مستدركه ، ولا ريب أنّ في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحّة ، بل فيه أحاديث موضوعة شأن المستدرك بإخراجها فيه.

وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّاً ، قد أفردتها بمصنّف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل ، وأمّا حديث : « من كنت مولاه » ، فله طرق جيّدة ، وقد أفردت ذلك أيضاً »(٣) .

____________

١ ـ المعجم الكبير ٦ / ٢٢١.

٢ ـ الجاثية : ٢٣.

٣ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٢.

٧٠

فالذهبي ينقل فضل الحاكم ، وبما أنّ الحاكم نقل في مستدركه أحاديث في فضائل علي ، وما فيه انتقاص لمعاوية ، طعنوا فيه وقالوا : ثقة في الحديث رافضي خبيث.

قال الذهبي : « أمّا انحرافه عن خصوم علي فظاهر ، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكُلّ حال ، فهو شيعي لا رافضي ، وليته لم يصنّف المستدرك على الصحيحين ، فإنّه غضّ من فضائله بسوء تصرّفه »(١) .

ومن العجيب أنّ ابن كثير بعدما نقل في أربع صفحات من تاريخه ، ملئها بطرق حديث الطير وأسانيده ورواته ، ونحو أكثر من مائة ممّن رووا عن أنس هذا الحديث قال : « وبالجملة ففي القلب من صحّة هذا الحديث نظر ، وإن كثرت طرقه » (٢) .

انظروا إلى هذا التعصّب الأعمى ، كيف جعلهم يتّهمون عالماً من علمائهم بالتشيّع والرفض ، بسبب روايته أحاديث لا تعجبهم ، والأعجب بعد هذا أن يقول ابن كثير بعد روايته للحديث : في القلب من صحّة هذا الحديث نظر!

والجدير بالذكر : أنّ حديث الطير رواه الترمذي في سننه ، والطبراني في المعجم الأوسط ، وغيرهما من أعلام السنّة(٣) ، وممّا لاشكّ فيه ، أنّه لو كان الحديث يخصّ أحد الصحابة ـ خاصّة الخلفاء الأوائل ـ لدقّوا عليه الطبول.

ومن أمثلة الأحاديث التي رواها الحاكم :

١ ـ عن علي عليه‌السلام قال : « اخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أوّل من يدخل الجنّة أنا وفاطمة والحسن والحسين ، قلت : يا رسول الله فمحبّونا ، قال : من ورائكم ».

____________

١ ـ المصدر السابق ٣ / ١٠٤٥.

٢ ـ البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠.

٣ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠ ، طبقات المحدّثين بأصبهان ٣ / ٤٥٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠ ، المناقب : ١٠٨ ، سبل الهدى والرشاد ٧ / ١٩١ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٥٠ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، أُسد الغابة ٤ / ٣٠ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٠٧ و ٦ / ٩٠ و ٧ / ٢٦٧ و ٩ / ١٤٦ ، تاريخ بغداد ٩ / ٣٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٥٠ و ٢٥٧.

٧١

قال الحاكم : « صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(١) ، وقال الذهبي في تلخيصه : « الحديث منكر من القول ، يشهد القلب بوضعه ».

٢ ـ عن عليعليه‌السلام قال : « سمعت النبيّ يقول : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجاب : غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد حتّى تمر » (٢) .

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »(٣) ، وقال الذهبي في تلخيصه : « لا والله بل موضوع ».

وأخرج الحاكم بإسناده إلى عليعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (٤) ، قال علي : « رسول الله المنذر وأنا الهادي ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(٥) ، وقال الذهبي : « بل كذب قبّح الله واضعه ».

وسئل أحمد بن حنبل عن حديث : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » فقال : « قبّح الله أبا الصلت »(٦) .

لاحظوا كيف استدلّوا على وضع الأحاديث التي لم تعجبهم : فتارة يستشهدون بالقلب ، وتارة باليمين ، وتارة بالسبّ ، وهل يعقل أن نستشهد على وضع الحديث بالقلب أو اليمين بلا دليل؟ فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

٤ ـ نقل ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) (٧) ، قال

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٥١.

٢ ـ ذخائر العقبى : ٤٨ ، نظم درر السمطين : ١٨٢ ، الجامع الصغير ١ / ١٢٧ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ ، فيض القدير ١ / ٥٤٩ ، كشف الخفاء ١ / ٩٦ ، أُسد الغابة ٥ / ٥٢٣ ، ينابيع المودّة ٢ / ٨٨ و ١٣٧.

٣ ـ المستدرك ٣ / ١٥٣.

٤ ـ الرعد : ٧.

٥ ـ المستدرك ٣ / ١٣٠.

٦ ـ الموضوعات ١ / ٣٥٤.

٧ ـ النساء : ٦٤.

٧٢

ابن كثير : وقد ذكر جماعة ، منهم الشيخ أبو منصور بن الصبّاغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال : كنت جالساً عند قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء إعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) ، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربّي ، ثمّ انشأ يقول :

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه

فطاب من طيبهن القاع والاكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه

فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثمّ انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في النوم فقال : « يا عتبي الحق الإعرابي فبشّره أنّ الله قد غفر له »(١) .

وذكر هذه القصّة النووي الشافعي في كتابه « الأذكار » ، ولكن عندما طبع الكتاب سنة ١٤٠٩ هجري في دار الهدى في الرياض ، حذفت قصّة العتبي ، وحذف قول النووي : « اعلم أنّ على كُلّ من حجّ أن يتوجّه إلى زيارة النبيّ ، فإنّ زيارته من أهمّ القربات ».

لماذا حذفت قصّة العتبي وحذف قول النووي؟ بالطبع لأنّ الوهّابية تحرّم الاستشفاع والتوسّل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبما أنّ قصّة العتبي رواها كبار علماء السنّة ، فلم يجدوا المخرج إلاّ بتحريف الكتاب ، فحذفوا ما لا يروقهم ، فهل من الأمانة العلمية أن تحرّف الكتب؟! هذا سؤال يبقى مطروح على علماء الوهّابية.

ويشبه هذا ما يفعله علماء الوهّابية حالياً بكتاب الرحّالة ابن بطّوطة ، إذ إنّ ابن بطوطة عندما يصف رحلته إلى الشام يذكر ابن تيمية ، ويقول عنه : أنّه إنسان مجنون ، ونقل عن ابن تيمية أنّه كان ينزل من أعلى المنبر إلى أسفله ، ثمّ يقول : إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجة من المنبر(٢) .

____________

١ ـ تفسير القرآن العظيم ١ / ٥٣٢.

٢ ـ رحلة ابن بطّوطة : ٩٥.

٧٣

لكن الكتب التي تطبع حالياً ـ خاصّة في الأوساط الوهّابية ـ تنزع منها هذه العبارة ، ولكن في النسخ القديمة ما زالت موجودة ، والحمد لله.

يقول الشيخ محمّد إبراهيم شقرة في شريط اسمه لا دفاعاً عن ابن تيمية ، ولكن إظهاراً للحقّ : إنّ ابن بطّوطة كان ينقل عن العوام ، وما نقله عن ابن تيمية سمعه ولم يره ، ولهذا فكتب ابن بطّوطة تحذف منها هذه العبارة الآن!

سبحان الله ، كيف يجوّزون لأنفسهم حذف الأخبار والأحاديث ـ التي لا تعجبهم ـ ثمّ يتّهمون الشيعة بالكذب ، وهل يقبل إنسان عاقل هذه التبريرات منهم؟ وهل اصبحوا كاليهود حيث يقول الله تعالى عنهم :( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) (١) .

هذه بعض الأمثلة سقناها للقرّاء الكرام حول كيفية تحريف علماء العامّة عامّة والوهّابية خاصّة للأخبار والأحاديث التي لا تعجبهم.

والآن نأتي بأمثلة أُخرى من كتبهم حول تركهم للسنّة بدعاوى مختلفة :

١ ـ قال ابن حزم : « وأمّا قولنا في الرجلين فإنّ القرآن نزل بالمسح ، وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف ، منهم علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، والشعبي ، وجماعة غيرهم ، وهو قول الطبري »(٢) .

قال ابن الجوزي في المنتظم : « كان ابن جرير ـ أي الطبري ـ يرى المسح على القدمين ، ولا يوجب غسلهما ، فلهذا نسب إلى الرفض » (٣) .

لاحظوا كيف ينسبون علماءهم ويتهمونهم بالرفض والتشيّع إذا اقرّوا بالحقيقة ، ومعروف في التاريخ : أنّ الطبري حاصره الحنابلة ـ أجداد الوهّابية والسلفية ـ في داره ، ومنعوا من دفنه ، وادعوا عليه الإلحاد حتّى دفن ليلاً.

____________

١ ـ النساء : ٤٦.

٢ ـ المحلّى ٢ / ٥٦.

٣ ـ المنتظم ١٣ / ٢١٧.

٧٤

وذكر ثابت بن سنان في تاريخه : « أنّه إنّما أخفيت حاله ، لأنّ العامّة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنهار ، وادعوا عليه الرفض ثمّ ادعوا عليه الإلحاد »(١) .

٢ ـ قال أبو حنيفة ومالك وأحمد : « التسنيم أولى ، لأنّ التسطيح صار شعاراً للشيعة » (٥) .

وقال الغزّالي : « ثمّ التسنيم أفضل من التسطيح مخالفة لشعار الروافض » !(٢) .

٣ ـ ذكر الزرقاني في شرح المواهب اللدنية في صفة عِمّة النبيّ على رواية علي في إسدالها على منكبه حين عمّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ ذكر قول الحافظ العراقي : « كما يفعله بعضهم ، إلاّ أنّه صار شعار الإمامية فينبغي تجنّبه ، لترك التشبه بهما » (٣) .

٤ ـ قال الزمخشري في كيفية الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأمّا إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه ، لأنّ ذلك شعاراً لذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولأنّه يؤدّي إلى الاتهام بالرفض » (٤) .

قال ابن تيمية عند بيان التشبّه بالشيعة : « ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبّات إذ صارت شعاراً لهم » (٤) .

سبحان الله ، هل يعقل أن يترك من يدّعي أنّه يتبع السنّة ، السنّة الصحيحة ، بدعوى أنّ من يسمّوهم الرافضة تتبع هذه السنن.

فهل أمر الله تعالى أو نبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله بمخالفة الشيعة؟! وإذا وجب مخالفة الشيعة ، فلماذا لا يفتي علماؤهم لاتباعهم بترك الصلاة والحجّ ، لأنّ الشيعة

____________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ رحمة الأُمّة : ١٠٢.

٣ ـ الوجيز ١ / ٧٨.

٤ ـ شرح المواهب اللدنية ٥ / ١٣.

٥ ـ الكشّاف ٥ / ٩٦.

٦ ـ منهاج السنّة ٤ / ١٥٤.

٧٥

يصومون ويحجّون؟! وهل يعقل أن يخالف المرء السنّة بحجّة أنّ الشيعة يعملون بها؟!

ومن هم الرافضة؟! أهم الذين رفضوا الإسلام كما يروّجه الوهّابية؟ أم من رفضوا البدع ، وحكّام الجور ، وتمسكوا بالسنّة؟! هذه أسئلة نطرحها على كُلّ إنسان له ضمير حيّ ، وعلى كُلّ إنسان جرّد نفسه من التعصّب الأعمى.

وممّا يجدر بالذكر أنّ كُلّ الأمثلة التي ذكرت هي من أُمّهات كتب السنّة ، ولا يوجد حديث أو رواية واحدة من كتب الشيعة حتّى تكون الحجّة عليهم ، وكما قيل : ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم.

والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله المعصومين.

( عاشق التوحيد ـ السعودية ـ سنّي )

الأئمّة لم يذمّوا شيعتهم :

س : إنّ علياًرضی‌الله‌عنه وأولاده ، كانوا يبغضون الشيعة المنتسبين إليهم ـ المدّعين حبّهم واتباعهم ـ وكانوا يذمّونهم على رؤوس الإشهاد.

فهذا علي يذمّ شيعته ، ويدعو عليهم فيقول : « لقد ملأتم قلبي قيحاً ، وشحنتم صدري غيظا ، وأفسدتم عليّ رأيي بالعصيان والخذلان »(١) .

ويروي الكليني عن أبي الحسن أنّه قال : « لو ميّزت شيعتي ما أجدهم إلاّ واصفة ، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين »(٢) .

وقال الحسين بن علي مخاطباً الرافضة : « تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً ، وبؤساً لكم؟ حين استصرختمونا ولهين ، فأصرخناكم موجفين ، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا ، وحمشتم علينا ناراً أضرمناها على عدوّكم

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٢ / ٧٥.

٢ ـ الكافي ٨ / ٢٢٨.

٧٦

وعدوّنا ، فأصبحتم ألباً على أوليائكم ، ويداً على أعدائكم ، من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، ولا ذنب كان منّا إليكم » (١) .

ج : إنّ البحث عن الحقائق لا تأتي هكذا اعتباطاً ، ما لم يعزّز البحث عنها بالدليل والبرهان ، وإلاّ ستكون محاولات يائسة تجرّ صاحبها إلى سخط الله تعالى ، وتحيله إلى مقلّدٍ أعمى لا يعي ما يقول ، فالغيور على دينه ، ينبغي عليه أن يتحرّى الأُمور بحقائقها ، ويتابع الأشياء بوقائعها ، وأن لا يقلّد كُلّ ما سمعه وردّده الآخرون.

إنّ ما ذكرته : إنّ علياًعليه‌السلام قد ذمّ شيعته ، فهذا ما لا ينبغي أن يصدر منك ، فإنّ شيعة عليعليه‌السلام هم خير من عرفهم التاريخ ، واعتزّ بذكرهم بكُلّ إجلال ، منهم سلمان الفارسي وعمّار وأبو ذر ومحمّد بن أبي بكر وعبد الله بن مسعود وأبو الهيثم بن التيّهان وأمثالهم ، فهم خيرة من عرفت وأحصيت ، فكيف فات عليك ذكر هؤلاء؟ وكيف أنّ علياًعليه‌السلام قد ذمّ أمثال هؤلاء ووبّخهم؟!

وعليك أن ترجع إلى تاريخ ما حدث أيّام خلافة عليعليه‌السلام ، وتابع بنفسك ما أحدثه المنشقوّن على طاعته ، والخارجون على إمامته ، فأشعلوا حروب صفّين والجمل والنهروان ، فقد كانت مجموعة من رعية الإمام وقت ذاك أناس مخالفون لطاعته ، لا ينصاعون لأوامره ، يثبّطون قومه على الخروج معه ، وكان أشهرهم أبو موسى الأشعري ، الذي تخاذل حين استخلفه الإمامعليه‌السلام على الكوفة ، وثبّط الناس عن الخروج ، فوبّخه وكتب إليه في أمر الحكمين وخيانته قائلاً : «فإنّ شرار الناس طائرون إليك بأقاويل السوء »(٢) ، ممّا يعني أنّ هناك عصابة من المنافقين قد تألبوا عليه.

وعبّرعليه‌السلام عن سخطه من طلحة والزبير ، ومن كان معهما في حرب الجمل ، التي تسبّبت في إزهاق آلاف من نفوس المسلمين فقالعليه‌السلام : « فخرجوا يجرّون

____________

١ ـ الاحتجاج ٢ / ٢٤.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٧٤.

٧٧

حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما تجرّ الأمة عند شرائها ، متوجّهين بها إلى البصرة ، فحبسا نساءهما في بيوتهما ، وأبرز حبيس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما ولغيرهما ، في جيش ما منهم رجل إلاّ وقد أعطاني الطاعة ، وسمح لي بالبيعة »(١) .

فقد أنّب الإمام عليعليه‌السلام كُلّ من خرج في حرب الجمل دون استثناء ، وحمّلهم مسؤولية الخروج على طاعته ، وهؤلاء ـ كما تعلم ـ كانوا يشكّلون الغالبية العظمى من رعايا الإمام ، فكان الإمامعليه‌السلام يوجّه لومه إلى مثل هؤلاء ، هذا من جهة.

ومن جهة أُخرى كان رعايا الإمام ممّن انخرطوا في صفٍ معارضٍ خطير ، وهم الخوارج الذين آل الأمر إليهم بالخروج عليه في حرب النهروان ، وأدّى بعد ذلك انحرافهم وخبثهم ، أن سخّروا عبد الرحمن بن ملجم المرادي ـ الذي هو أحد رؤوس الخوارج ـ إلى اغتيال الإمامعليه‌السلام في فاجعة الاعتداء الغشيمة ، وقتله في مسجد الكوفة.

هؤلاء الخوارج ، ومثلهم أصحاب الجمل ، أضف إليهم المتقاعسون القاعدون عن القتال أتباع أبي موسى الأشعري ، إذ كانوا يشكّلون نسبة كبيرة من أتباعه ، وكان الأشعث بن قيس ـ رأس المنافقين ـ طابور خيانة داخل دولة الإمامعليه‌السلام ، فيشعلون الفتن ، ويطعنون بالإمام من خلفه ، كُلّ هؤلاء كان الإمامعليه‌السلام قد خاطبهم بالخطب التي ذكرتها ، وليس كما عبّرت من كون المخاطبين كانوا شيعة الإمام.

كيف يصف الإمام شيعته ومحبّيه بهذه الأوصاف؟ التي لا تنم إلاّ عن أوصاف أعدائه ومخالفيه ، وعليك فيما بعد أن تتابع الأحداث التي عاشها الإمام مع هؤلاء ، فحينئذ تجد قد شكّلوا نسبة كبرى من المنافقين الذين خرجوا على الإمام ، وخرقوا طاعته ومعصيته.

____________

١ ـ المصدر السابق ٩ / ٣٠٨.

٧٨

أمّا ما ذكرته عن خطبة الإمام الحسينعليه‌السلام ، فإنّك خلطت في كثير من القضايا ، فالخطبة كانت للإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطفّ ، وكان يخاطب بها الجيش الأموي ، ومن الخطأ الكبير أن تنسب هؤلاء إلى شيعة الإمام ، إذ إنّ شيعة الإمام هم الذين شكّلوا جيش الإمام ، وقد فدوا نفوسهم دونه ، وكانوا من خيرة الشيعة الذين يعتزّ بهم التاريخ ، بل يذكرهم العالم ـ المسلم وغير المسلم ـ بكُلّ إجلال وإكبار ، لتضحيتهم ووفائهم أمثال : حبيب بن مظاهر الأسدي ، ومسلم بن عوسجة ، وبرير بن خضير ، وأمثالهم الذين ضحّوا بنفوسهم الزكية ، هؤلاء هم شيعة الحسينعليه‌السلام .

فكيف تنسب أعداء الحسين ـ الذين خرجوا لحربه ـ إلى كونهم شيعته؟ فهل هذا إلاّ تناقض وخلط للحقائق؟ أرجو أن تكون دقيقاً في متابعتك للأُمور ، لا أن يغلبك القيل والقال دون تروٍ وتحقيق.

ونفس الكلام سيكون في ما ذكرته من قول الإمام أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، فإنّ الشيعة الذين يقصدهم الإمام لم يكونوا شيعته حقيقة ، بل أنّ ظاهر ما اشتهر عن هؤلاء أنّهم شيعة ، فيظنّ الظانّ أنّ هؤلاء يحسبون من اتباع الإمام اشتباهاً ، وهم ليسوا من أتباعه حقيقة ، فأرادعليه‌السلام أن يرفع شبهة من نسب هؤلاء إلى الإمام بأنّهم من خيرة شيعته ومريديه.

هذا ، وفي الختام نذكّرك بأنّ لفظ الشيعة له معنى خاصّ ، ومعنى عام ، فالمعنى الخاصّ : من اعتقد بالإمامة وأنّها من الله تعالى وبالنصّ ، وذلك يستلزم اعتقاد عصمة الإمام ومقاماته.

والشيعة بالمعنى العام : هو من أحبّ الإمام واتبعه بصفة أنّه خليفة ، أو من أهل البيتعليهم‌السلام ، ولم يعتقد بإمامته الإلهية ولا بعصمته ، فهذا يعبّر عنه بالشيعة بالمعنى العام ، وفي كلمات الأئمّةعليهم‌السلام إن ورد ذمّ الشيعة فمحمول على معناه العام لا الخاصّ.

٧٩

( أبو أحمد ـ مصر ـ )

موقفهم من أهل السنّة :

س : لماذا هذا العداء بين الشيعة والسنّة؟ مع العلم أنّ العداء من الطرفين.

ج : عليك بالتأمّل في كتب التاريخ لترى بوضوح : إنّ العداء لم يشرع من الشيعة في مقابل إخوانهم السنّة ، ولا أيضاً استمرّ من قبلهم ، فالشيعة وعلى مرّ العصور في موقف دفاع ، فهم دائماً يعانون أنواع الظلم الذي يجري عليهم ، وحتّى يومنا الحاضر ، فالشيعة دائماً في موقف دفاع ، وأكثر ما استعمله الشيعة في موقف الدفاع هو الردّ بالدليل وتأليف الكتب ، حتّى وإن كان ما واجهوه من الظلم بالاعتداء على النفوس المحترمة والأموال ، فالشيعة دائماً في موقف دفاع بالطريق العلمي المستدلّ.

( عبد الأمير ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

كيفية انتشارها في إيران :

س : كيف انتشر التشيّع في إيران؟ هل صحيح أنّ أحد حكّام الدولة الصفوية قديماً قام بفرضه على الناس؟ حيث كان وزيره شيعياً ، وذهب معه إلى النجف ، ثمّ اقتنع بالتشيّع ، أو هناك روايات أُخرى؟

ج : إنّ كيفية انتشار التشيّع هي حديث التاريخ لا المذهب والعقيدة ؛ ولكن باختصار نقول :

أوّلاً : إنّ العلّة الأساسية لبسط نفوذ الشيعة في أي منطقة ـ ومنها إيران ـ تكمن وراء ثلاث نقاط :

١ ـ عدالة قضيّتهم وحقّانيتهم المدعومة بالأدلّة الواضحة والمبرهنة.

٢ ـ مظلوميّتهم لما يرونه من السلطات وتحدّيهم لهؤلاء حكّام الجور.

٣ ـ نشاطات علمائهم ومبلّغيهم لنشر أفكارهم.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

منقطعاً متواضعاً سهل العارية، رأيت جماعة من المحدّثين ذكروه فأطنبوا في حقه، ومدحوه بالحفظ والزهد، سألت الزكي البرزالي عنه فقال: ثقة جبل حافظ ديّن، وقال ابن النجار: حافظ متقن حجة عالم بالرجال ورع تقي، ما رأيت مثله في نزاهته وعفّته وحسن طريقته، وقال الشرف ابن النابلسي، ما رأيت مثل شيخنا الضياء.

.... عاش أربعاً وسبعين سنة، وتوفي إلى رضوان الله في جمادى الآخرة سنة ٦٤٣ »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « والشيخ الضياء أبو عبدالله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي الحافظ أحد الأعلام أفنى عمره في هذا الشأن، مع الدين المتين والورع، والفضيلة التامة والثقة والاتقان، وانتفع الناس بتصانيفه والمحدّثون بكتبه، فالله يرحمه ويرضى عنه، توفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة »(٢) .

٣ - السيوطي: « الضياء المقدسي هو: الإِمام العالم الحافظ الحجة محدث الشام شيخ السنّة صنّف وصحّح وليّن وجرح وعدّل، وكان المرجوع إليه في هذا الشأن، جبلاً ثقة ديّناً زاهداً ورعاً »(٣) .

(٩٧)

رواية ابن الشيخ البلوي

رواه في كتابه ( ألف باء ) الذي ذكر في ( كشف الظنون ) بما هذا نصه:

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٩٠.

(٢). العبر - حوادث ٦٤٣.

(٣). طبقات الحفاظ ٤٩٤.

١٦١

« ألف باء في المحاضرات للشيخ أبي الحجاج يوسف بن محمد البلوي الأندلسي المعروف بابن الشيخ، وهو مجلّد ضخم، أوله: إن أفصح كلام سمع وأعجز حمد الله تعالى نفسه. إلخ. ذكر فيه أنه جمع فوائد بدائع العلوم لا بنه عبد الرحيم، ليقرأه بعد موته إذا لم يلحق بعد لصغره إلى درجة النبلاء، وسمّى ما جمعه لهذا الطفل المربّا بكتاب ألف با. ومن نظمه في أوّله ثم ذكر تسعة وعشرين بيتاً على عدد الحروف المعجمة، وشرحه كلمة كلمة مع مقلوبة ومعكوسه، وأورد في أول الشعر ثمانية أبواب، وفي آخرها أربعاً من الكلمات المزدوجات المتشابهات الحروف، وهو تأليف غريب، لكن فيه فوائد كثيرة »(١) .

فقال ما نصه: « وأما عليرضي‌الله‌عنه فمكانه علي، وشرفه سنّي، أول من دخل في الاسلام، وزوج فاطمةعليها‌السلام بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد نظم في أبيات المفاخرة، وذكر فيها مآثره، حين فاخره بعض عداه ممّن لم يبلغ مداه، فقالرضي‌الله‌عنه يفخر بحمزة عمّه وبجعفر ابن أمّه رضي الله عن جميعهم:

محمد النبي أخي وصهري

وحمزة سيد الشهداء عمّي

وبنت محمد بيتي وعرسي

مشوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولداي منها

فأيّكم له سهم كسهمي

وجعفر الذي يمسي ويضحي

يطير مع الملائكة ابن أمّي

سبقتكم إلى الإسلام طفلا

صغيرا ما بلغت أوان حلمي

وأوجب لي الولاء حقا علي

كم رسول الله يوم غدير خم

يريد بذلك قولهعليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ١٥٠.

(٢). ألف باء. وقد ذكر البلوي خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام ٨ / ٢٧٤.

١٦٢

(٩٨)

رواية ابن طلحة

رواه حيث قال: « وأما مواخاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاه وامتزاجه به، وتنزيله إياه منزلة نفسه، وميله اليه، وإيثاره إياه، فهذا بيانه: فإنه قد روى الإِمام الترمذي في صحيحه، بسنده عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه أنه قال: لما آخى رسول الله بين أصحابه جاءه علي تدمع عيناه، فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد. قال: فسمعت رسول الله يقول: أنت أخي في الدنيا والآخرة.

و روى بسنده أيضاً: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهذا اللفظ بمجرده رواه الترمذي ولم يزد عليه، وزاد غيره ذكره اليوم والموضع، فذكر الزمان وهو عند عود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع من اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وذكر المكان وهو ما بين مكة والمدينة يسمى خماً في غدير هناك، فسمي ذلك اليوم يوم غدير خم، وقد ذكره حسان في شعره الذي تقدّم، وصار ذلك اليوم عيداً وموسماً، لكونه كان وقتاً خصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً بهذه المنزلة العلية، وشرّفه بها دون الناس كلّهم.

و نقل عن زاذان قال: سمعت علياً في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد منكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم وهو يقول ما قال، فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت

١٦٣

مولاه فعلي مولاه »(١) .

(٩٩)

رواية سبط ابن الجوزي

رواه حيث قال: « حديث في قوله عليه الصلاة والسلام: من كنت مولاه فعلي مولاه، قال أحمد بن حنبل في المسند، ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحيم الكندي عن زاذان، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول في الرحبة - وهو ينشد الناس - يقول: أنشد الله رجلا سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقام ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك.

و أخرجه الترمذي أيضاً في كتاب السنن، قال: حديث حسن، وزاد فيه: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأدر الحق معه كيفما دار وحيث دار.

و خرّجه أحمد أيضاً في الفضائل فقال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن سعد ابن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه - أو وليّه - فعلي وليه.

و في رواية: لما نشد علي الناس في الرحبة، قام خلق كبير فشهدوا له بذلك، وفي لفظ: فقام له ثلاثون رجلاً فشهدوا.

وقال أحمد في الفضائل: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي عن رباح بن الحارث، قال: جاء رهط إلى علي فقالوا: السلام عليك يا مولانا - وكان بالرحبة - فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟

____________________

(١). مطالب السئول في مناقب آل الرسول: ١٦. وتوجد ترجمة ابن طلحة في مرآة الجنان ٤ / ١٢٨، الأسنوي ٢ / ٥٠٣، السبكي ٥ / ٢٦ العبر ٥ / ٢١٣ وغيرها.

١٦٤

قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه قال رباح: فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أحمد في الفضائل: ثنا ابن نمير عن عبد الملك عن عطية العوفي قال: أتيت زيد بن أرقم فقلت له: إن ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي بن أبي طالب يوم الغدير، وأنا أحبّ أن أسمعه منك. فقال: إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس، فقال: نعم كنّا بالجحفة، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علينا ظهرا، وهو آخذ بعضد علي بن أبي طالب، فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: بلى، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قالها أربع مرات.

وقال أحمد في الفضائل: ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، ثنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين شجرتين، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فهذا مولاه، قال: فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة. وفي رواية: اللهم فانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه »(١) .

____________________

(١). تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة ٢٨ - ٢٩ وقد ذكرنا ترجمة السبط عن أبي المؤيد الخوارزمي، وابن خلكان، وقطب الدين اليونيني، وأبي الفداء، والذهبي، وغيرهم، في قسم حديث النور. كما ذكرنا مصادر أخرى أيضاً في قسم حديث الثقلين.

١٦٥

(١٠٠)

رواية الكنجي

رواه في كتابه ( كفاية الطّالب )، وبما أنّ كلامه يتضمّن دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإنا سنذكر نصَّ روايته وكلامه في مبحث دلالة الحديث، إنْ شاء الله تعالى(١) .

(١٠١)

رواية الرسعني

رواه عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني، وسيأتي نص روايته من كتاب ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا ) للبدخشاني. إنْ شاء الله تعالى(٢) .

(١٠٢)

رواية النووي

رواه حيث قال: « وفي كتاب الترمذي عن أبي سريحة الصحابي أو زيد بن أرقم - شكّ شعبة - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي

____________________

(١). ذكرنا الثناء عليه وعلى كتابه في قسم حديث النور.

(٢). ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٤٣، ابن كثير ١٣ / ٢٤١.

١٦٦

مولاه. رواه الترمذي وقال: حديث حسن، والشك في عين الصحابي لا يقدح في صحة الحديث، لأنهم كلّهم عدول »(١) .

ترجمته

١ - ابن قاضي شهبة: « يحيى بن شرف الفقيه الحافظ الزاهد، أحد الأعلام، شيخ الاسلام، محي الدين أبو زكريا الحزامي النووي - بحذف الألف ويجوز اثباتها - الدمشقي، ولد في المحرم سنة ٦٣١ كان محققا في علمه وفنونه، ومدققا في عمله وشئونه، حافظا لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه، وغريب ألفاظه واستنباط فقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم، سالكا في ذلك طريقة السلف إلى أن توفي في رجب سنة ٦٧٧ »(٢) .

٢ - السيوطي: « النووي الإِمام الفقيه الحافظ، الأوحد القدوة، شيخ الاسلام علم الأولياء كان إماماً بارعاً حافظاً متقنا، أتقن علوماً شتّى، وبارك الله في علمه وتصانيفه لحسن قصده، وكان شديد الورع والزهد، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر »(٣) .

(١٠٣)

رواية محب الدين الطبري

وقال محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري: « ذكر اختصاصه بأنه مولى من

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٧ ورواه أيضاً في رياض الصالحين: ١٥٢.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٩.

(٣). طبقات الحفاظ: ٥١٠.

١٦٧

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه: عن رباح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رباح: فلما مضوا تبعتهم فسألت: من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري. خرّجه أحمد.

و عنه - قال: بينما علي جالس، إذ جاء رجل فدخل [ و ] عليه أثر السفر، فقال: السلام عليك يا مولاي. قال: من هذا؟ قال: أبو أيوب الانصاري. فقال علي: أفرجوا له ففرجوا، فقال أبو أيوب: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه.

و عن البراء بن عازب قال: كنّا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. [ قال: ] فأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

و عن زيد بن أرقم مثله.

خرّجهما [ خرجه ] أحمد في مسنده، وخرّج الأول ابن السمان.

وخرّج أحمد في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله: وعاد من عاداه: وانصر من نصره وأحبّ من أحبه. قال سعيد: أوقال: أبغض من أبغضه.

و خرّج ابن السّمان عن عمر منه: من كنت مولاه فعلي مولاه.

و خرّجه المخلّص الذهبي عن حبشي بن جنادة وقال بعد وانصر من نصره: و أعن من أعانه ولم يذكر ما بعده.

و عن أبي الطفيل قال: قال علي: أنشد الله كل إمرأ سمع رسول الله صلّى

١٦٨

الله عليه وسلّم يقول يوم غدير خم لما قام. فقام ناس فشهدوا أنهم سمعوه يقول: ألستم تعلمون أني أولى [ الناس ] بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فانّ هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فخرجت وفي نفسي من الريبة [ ذلك ] شيء، فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال: قد سمعناه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له ذلك. قال أبو نعيم: قلت لفطر - يعني الذي روى عنه الحديث -: كم بين القول وبين موته؟ قال: مائة يوم. خرّجه أبو حاتم وقال: يريد موت علي بن أبي طالب.

وخرّج الترمذي عنه من ذلك: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وخرّجه أحمد عن سعيد بن وهب ولفظه قال: [ أ ] نشد علي فقام خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله [ النبي ]صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وعن زيد بن أرقم قال: استنشد علي الناس فقال: أنشد الله رجلا سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام ستة عشر رجلا فشهدوا.

و عن زياد بن أبي زياد قال: سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلاً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال. فقام اثنا عشر رجلاً بدرياً فشهدوا.

و عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فلمـّا قدمت على النبي [ رسول الله]صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرت علياً فتنقّصته، فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، وقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرجه أحمد.

وعن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه.

وعن سالم قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً ما تصنعه بأحد من أصحاب

١٦٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: إنه مولاي.

وعن عمر - وقد جاءه أعرابيان يختصمان - فقال لعلي: إقض بينهما يا أبا الحسن، فقضى علي بينهما، فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا! فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.

وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينك هذا الجالس، وأشار إلى علي بن أبي طالب، فقال الرجل: هذا الأبطن!! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال: أتدري من صغّرت؟! [ هذا ] مولاي ومولى كل مسلم. خرجهنّ ابن السمان »(١) .

وقد روى المحبّ الطبري طرفاً من ألفاظ حديث الغدير في كتابه الآخر ( ذخائر العقبى ) تحت عنوان « ذكر أنه من كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه فعلي مولاه »(٢) .

ترجمته

وقد ترجم لهالأسنوي بقوله: « محب الدين أبو العباس أحمد بن عبدالله ابن محمد الطبري، ثم المكي، شيخ الحجاز، كان عالماً عاملاً جليل القدر، عالماً بالآثار والفقه، اشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري، وشرح التنبيه، وألّف كتاباً في المناسك، وكتاباً في الألغاز، وكتاباً نفيساً في أحاديث الأحكام. ولد يوم الخميس سابع عشر جمادى الآخرة سنة ٦١٥. وتوفي في سنة ٩٤، قيل في ذي القعدة، وقيل غير ذلك »(٣) .

____________________

(١). الرياض النضرة في فضائل العشرة ٢ / ٢٢٢ - ٢٢٥.

(٢). ذخائر العقبى ٦٧ / ٦٨.

(٣). طبقات الشافعية ٢ / ١٧٩ وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٤ وطبقات السبكي ٨ / ١٨ ومرآة الجنان ٤ / ٢٢٤ والنجوم الزاهرة ٨ / ٧٤ وشذرات الذهب ٥ / ٤١٥ وغيرها.

١٧٠

(١٠٤)

رواية الوصابي

رواه عن بريدة بقوله: « وعنهرضي‌الله‌عنه قال: خرجت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، أخرجه أبو زيد عثمان بن أبي شيبة في سننه، وابن جرير في تهذيب الآثار، وأبو نعيم في فضائل الصّحابة »(١) .

و عن ابن عباس بقوله: « وعنهرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه. أخرجه المحاملي في أماليه »(٢) .

قال: « وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الطبراني في الكبير، وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصّحابة، وأخرجه الترمذي في جامعه عن زيد بن أرقم »(٣) .

قال: « وعن أبي أيوب الأنصاريرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه النسائي في سننه والطبراني في الكبير. وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة عن مالك بن الحويرث و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه أبو زيد عثمان ابن أبي شيبة في سننه، و أخرجه ابن أبي عاصم وسعيد بن منصور في سننهما عن سعد بن أبي وقاص، عن عليرضي‌الله‌عنه : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه ابن عقدة

____________________

(١). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط، الباب الرابع منه المسمى بـ « أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ».

(٢). المصدر نفسه.

(٣). الاكتفاء - مخطوط.

١٧١

في كتابه الموالاة. وأخرجه الامام أحمد في مسنده، عن علي وثلاثة عشر رجلاً من الصحابة، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن جابر بن عبدالله الأنصاري »(١) .

قال: « وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الطبراني في الكبير. وعن أبي هريرة واثني عشر رجلا من الصحابة: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الإِمام أحمد في مسنده، والطبراني في الكبير، والضياء في المختارة. وأخرجه أيضا عن زيد بن أرقم وثلاثين رجلا من الصحابة. وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد بن أبي وقاص. وأخرجه الخطيب في المتفق والمفترق عن أنس.

و عن عمرو ذي مر: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه. أخرجه الطبراني في الكبير. و عن علي وطلحة معه رضي الله عنهما: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الحاكم في المستدرك.

و عن بريدة قال قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أخرجه الإِمام أحمد في مسنده، وسمّويه في فوائده »(٢) .

وقال: « وعن رفاعة بن أياس الضبّي عن أبيه عن جدّه قال: كنت مع علي في الجمل، فبعث إلى طلحة أن ألقني، فلقيه فقال: أنشدك الله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. قال: فلم تقاتلني؟ أخرجه ابن عساكر في تاريخه.

____________________

(١). الاكتفاء - مخطوط.

(٢). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

١٧٢

و عن جابر بن عبدالله الأنصاريرضي‌الله‌عنه قال: كنا بالجحفة بغدير خم، إذ خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه عثمان بن أبي شيبة في سننه.

و عنهرضي‌الله‌عنه في أخرى: قال كنّا بالجحفة بغدير خم، وثمة ناس من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأشار بيده ثلاثا، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه أخرجه النسائي في سننه »(١) .

(١٠٥)

ذكر سعيد الدين الفرغاني

حديث الغدير في ( شرح تائية ابن الفارض )، وسيأتي نص كلامه(٢) .

(١٠٦)

رواية الحمويني

ورواه ابراهيم بن محمد بن المؤيد بن عبدالله بن علي بن محمد بن حمويه، بسنده عن المطلب بن زياد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال:

« كنت عند جابر بن عبدالله في بيته، وعلي بن الحسين ومحمد بن الحنفيّة وأبو جعفر، فدخل رجل من أهل العراق فقال: أنشدك الله إلّا حدثتني بما رأيت

____________________

(١). الاكتفاء - مخطوط.

(٢). ترجمته في العبر حوادث ٦٨٩ ونفحات الأنس: ٥٥٩.

١٧٣

وما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: كنّا بالجحفة بغدير خم، وثم ناس كثير من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأشار بيده ثلاثاً، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ورواه بسنده عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب، ثم قال: « أورده الامام الحافظ شيخ السنة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي بتفاوت، في فضائل أمير المؤمنين علي، ونقلته من خطه المبارك »(٢) .

ورواه بسنده عن زيد بن عمر بن مورق قال: « كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يعطي الناس، فتقدّمت إليه فقال: ممن أنت؟ فقال: قلت من قريش قال: من أي قريش أنت؟ قلت: من بني هاشم. قال: من أيّ بني هاشم؟ فسكت، فوضع يده على صدره فقال: أنا والله مولى علي بن أبي طالب. ثم قال: حدثني عدة أنّهم سمعوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم قال: يا مزاحم كم تعطي أمثاله؟ قال: مائة ومائتي درهم. قال: أعطه خمسين ديناراً لولاية علي بن أبي طالب، ثم قال: الحق ببلدك فسيأتيك مثل ما يأتي نظرائك »(٣) .

ورواه أيضاً بأسانيد وألفاظ أخرى فراجعه(٤) .

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٦٢ - ٦٣.

(٢). المصدر ١ / ٦٤ - ٦٥.

(٣). فرائد السمطين ١ / ٦٦.

(٤). ترجمته: تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٩٨ العبر حوادث ٧٢٢، الدرر الكامنة ١ / ٦٧.

١٧٤

(١٠٧)

رواية جمال الدين المزي

وقال جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي: « عامر بن واثلة أبو الطفيل الليثي الكناني - وله رواية [ رؤية ] - عن زيد بن أرقم حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. ت في المناقب عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن محمد بن مثنى عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - فذكره وقال: حسن غريب.

س - فيه: عن محمد بن مثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم به أتمّ من الأول: لمـّا رجع ونزل غدير خم. الحديث»(١) .

وقال: عبد الرحمن بن عبدالله بن سابط الجمحي المكي، عن سعد حديثاً قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل عليه سعد، فذكروا علياً. الحديث.

ق - في السنة عن علي بن محمد عن أبي معاوية عن موسى بن مسلم عن ابن سابط به »(٢) .

ترجمته

١ - السيوطي: « المزي - الإِمام العالم الحبر، الحافظ الأوحد، محدّث الشام مات يوم السبت، ثاني عشر صفر سنة ٧٤٢ »(٣) .

____________________

(١). تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ٣ / ١٩٥.

(٢). تحفة الاشراف ٣ / ٣٠٢.

(٣). طبقات الحفاظ ٥١٧.

١٧٥

٢ - الأسنوي: « كان أحفظ أهل زمانه، لا سيّما الرجال المتقدمين، وانتهت إليه الرحلة من أقطار الأرض، لروايته ودرايته، وكان إماماً في اللغة والتصريف، ديّناً خيّراً، منقبضاً عن الناس، طارحاً للتكلّف، فقيراً، صنّف: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، وكتاب الأطراف »(١) .

٣ - السبكي: « شيخنا وأستاذنا وقدوتنا »(٢) .

٤ - الشوكاني: « أخذ عنه الأكابر، وترجموا له، وعظّموه جدّاً »(٣) .

وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٩٨، الدرر الكامنة ٥ / ٢٣٣، النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٦، الكامل ١٤ / ١٩١ وغيرها.

(١٠٨)

رواية الذهبي

وقال الذهبي بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وشهد له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنة، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي. وقال: لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق.

ومناقب هذا الإِمام جمة، أفردتها في مجلّد وسمّيته بفتح المطالب في مناقب علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(٤) .

وقال بترجمة الحاكم: « وأمّا حديث الطّير فله طرق كثيرة جدّاً، قد أفردتها بمصنف، ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل. وأمّا حديث من كنت

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٤٦٤.

(٢). طبقات الشافعية ٦ / ٢٥١.

(٣). البدر الطالع ٢ / ٣٥٣.

(٤). تذكرة الحفاظ ١ / ١٠.

١٧٦

مولاه فله طرق جيّدة، وقد أفردت ذلك أيضاً »(١) .

(١٠٩)

رواية النيسابوري

ورواه الحسن بن حسين النيسابوري أيضاً، وسيأتي نص روايته.

(١١٠)

رواية السمناني

ورواه علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني، وسيأتي نص روايته كذلك.

(١١١)

رواية الخطيب التبريزي

رواه حيث قال: « وعن زيد بن أرقم: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، رواه أحمد والترمذي »(٢) .

وقال: « وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: إن رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نفس المصدر ٣ / ١٠٣٩ وتوجد ترجمة الذهبي في: الدرر الكامنة ٤ / ٤٢٦ والبدر الطالع ٢ / ١١٠ والنجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢ وشذرات الذهب ٦ / ١٥٣ والوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣ وغيرها.

(٢). مشكاة المصابيح ٣ / ٢٤٣.

١٧٧

وسلّم لمـّا نزل بغدير خم، أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: الستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً [ لك ] يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، رواه أحمد »(١) .

(١١٢)

رواية ابن الوردي

وقال عمر بن مظفر المعروف بابن الوردي في ذكر عليعليه‌السلام : « شيء من فضائله: من ذلك مشاهده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخوّة رسول الله له، وسبق إسلامه، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر: لأعطينَّ الرّاية رجلاً يحبّ الله ورسوله. الحديث ، و قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه ، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، و قوله: أقضاكم علي »(٢) .

ترجمته

وقد ترجم له ابنقاضى شهبة الأسدي بقوله: « عمر بن المظفر بن عمر ابن محمد بن أبي الفوارس بن علي، الامام العلّامة الأديب المؤرّخ، زين الدين أبو حفص المعري الحلبي، الشهير بابن الوردي، فقيه حلب ومؤرّخها وأديبها، تفقّه على الشيخ شرف الدين البارزي، له مصنفات جليلة نظماً ونثراً وكان ملازماً

____________________

(١). نفس المصدر ٣ / ٢٤٦.

(٢). تتمة المختصر في أخبار البشر ١ / ٢٢١.

١٧٨

للاشتغال والتصنيف، شاع ذكره، واشتهر بالفضل اسمه، ذكر له الصّلاح الصفدي في تاريخه ترجمة طويلة »(١) .

(١١٣)

ذكر ابن مكتوم

القيسي حديث الغدير في ( تذكرته )، كما سيأتي نص عبارته، نقلاً عن ( الأزهار فيما عقده الشعراء من الآثار ) للسيوطي.

وسنذكر هناك طرفاً من ترجمته، إن شاء الله تعالى.

(١١٤)

رواية الزرندي

ورواه جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي حيث قال: « روى الامام الحافظ أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقيرحمه‌الله ، بسنده إلى البراء بن عازب قال: أقبلنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، حتى إذا كنّا بغدير خم، يوم الخميس ثامن عشر من ذي الحجة، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ١٩٧.

١٧٩

بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى قال: أليس أزواجي أمهاتكم؟ قالوا: بلى. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه بعد ذلك، فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. هذه إحدى رواياته له. وفي رواية قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم أعنه وأعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال الامام أبو الحسن الواحديرحمه‌الله : هذه الولاية التي أثبتها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه مسئول عنها يوم القيامة، وروى في قوله تعالى( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي عن ولاية عليرضي‌الله‌عنه ، والمعنى: انهم يسئلون هل والوه حق الموالاة كما أوصاهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم أضاعوها وأهملوها »(١) .

(١١٥)

ذكر اليافعي

حديث الغدير بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله: « ومن مناقبهرضي‌الله‌عنه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر: لأعطينَّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله. الحديث الصحيح. و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. الحديث الصحيح. و فيه: خلّف رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين: ١٠٩ وقد ذكرنا ترجمة الزرندي في قسم حديث النور.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424