نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257489 / تحميل: 6462
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة. يقول لمن أراد كونه كن فيكون. لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائناً، ولو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً.

لا يقال كان بعد أن لم يكن، فتجري عليه الصفات المحدثات، ولا يكون بينها وبينه فصل، ولا له عليها فضل، فيستوي الصانع والمصنوع، ويتكافأ المبتدئ والبديع.

خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه، وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال، وأرساها على غير قرار، وأقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحصنها من الأود والإعوجاج، ومنعها من التهافت والإنفراج. أرسى أوتادها، وضرب أسدادها، واستفاض عيونها، وخد أوديتها، فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما قواه.

هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته، والعالي على كل شيء منها بجلاله وعزته، لا يعجزه شيء منها طلبه، ولا يمتنع عليه فيغلبه، ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه.

خضعت الأشياء له، وذلت مستكينة لعظمته، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه وضره، ولا كفؤ له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه.

هو المفني لها بعد وجودها، حتى يصير موجودها كمفقودها، وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها.

أوّل الدين معرفته.... وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه

- نهج البلاغة ج ١ ص ١٤

ومن خطبة لهعليه‌السلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم:

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون. الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس

١٤١

لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور مَيَدَان أرضه..

أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال فيم فقد ضمنه، ومن قال علام فقد أخلى منه.

كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به، ولا يستوحش لفقده.

أنشأ الخلق إنشاء، وابتدأه ابتداء، بلا رَوِيَّةً أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها، أحال الأشياء لأوقاتها، ولاءم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها، وألزمها أشباحها، عالماً بها قبل ابتدائها، محيطاً بحدودها وانتهائها، عارفاً بقرائنها وأحنائها.

ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشق الأرجاء، وسكائك الهواء، فأجرى فيها ماء متلاطماً تياره، متراكماً زخاره، حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة، فأمرها برده، وسلطها على شده، وقرنها إلى حده، الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق.

ثم أنشأ سبحانه ريحاً اعتقم مهبهاً، وأدام مربها، وأعصف مجراها، وأبعد منشاها، فأمرها بتصفيق الماء الزخار، وإثارة موج البحار، فمخضته مخض السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء، ترد أوله إلى آخره، وساجيه إلى مائره، حتى عب عُبَابُه، ورمى بالزبد ركامه، فرفعه في هواء منفتق، وجو منفهق، فسوى منه سبع

١٤٢

سموات، جعل سفلاهن موجاً مكفوفاً، وعلياهن سقفاً محفوظاً، وسمكاً مرفوعاً، بغير عمد يدعمها، ولا دسار ينظمها.

ثم زينها بزينة الكواكب، وضياء الثواقب، وأجرى فيها سراجاً مستطيراً، وقمراً منيراً، في فلك دائر، وسقف سائر، ورقيم مائر، ثم فتق ما بين السموات العلا، فملأهن أطواراً من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العين، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، ولا غفلة النسيان. ومنهم أمناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره. ومنهم الحفظة لعباده، والسدنة لأبواب جنانه. ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم، ناكسة دونه أبصارهم، متلفعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة وأستار القدرة، لا يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين، ولا يحدونه بالأماكن، ولا يشيرون إليه بالنظائر.

ثم جمع سبحانه من حَزْن الأرض وسهلها، وعذبها وسبخها، تربة سنَّها بالماء حتى خلصت، ولاطها بالبلة حتى لزبت، فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول، وأعضاء وفصول، أجمدها حتى استمسكت، وأصلدها حتى صلصلت، لوقت معدود، وأمد معلوم، ثم نفخ فيها من روحه، فمثلت إنساناً ذا أذهان يجيلها، وفكر يتصرف بها، وجوارح يختدمها، وأدوات يقلبها، ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل، والأذواق والمشام، والألوان والأجناس. معجوناً بطينة الألوان المختلفة، والأشباه المؤتلفة، والأضداد المتعادية، والأخلاط المتباينة، من الحر والبرد، والبلة والجمود، واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم، وعهد وصيته إليهم، في الإذعان بالسجود له، والخشوع لتكرمته....

١٤٣

كان المسلمون يعرفون قيمة الجواهر فيكتبونها

- التوحيد للشيخ الصدوق ص ٣١

حدثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر وغيره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام يوماً خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكر من تعظيم الله جل جلاله، قال أبو إسحاق فقلت للحارث: أو ما حفظتها قال: قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه:

الحمد لله الذي لا يموت، ولا تنقضي عجائبه، لأنه كل يوم في شأن، من إحداث بديع لم يكن. الذي لم يولد فيكون في العز مشاركاً، ولم يلد فيكون موروثاً هالكاً، ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحاً ماثلاً، ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلاً، الذي ليست له في أوليته نهاية، ولا في آخريته حد ولا غاية، الذي لم يسبقه وقت، ولم يتقدمه زمان، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولم يوصف بأين ولا بمكان، الذي بطن من خفيات الأمور، وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير. الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا بنقص، بل وصفته بأفعاله، ودلت عليه بآياته، ولا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لأن من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن هو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته.

الذي بان من الخلق فلا شيء كمثله. الذي خلق الخلق لعبادته وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم، وقطع عذرهم بالحجج، فعن بينة هلك من هلك وعن بينة نجا من نجا. ولله الفضل مبدئاً ومعيدا....

الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسد، والمرتدي بالجلال بلا تمثل، والمستوي على العرش بلا زوال، والمتعالي عن الخلق بلا تباعد منهم، القريب منهم بلا ملامسة منه لهم، ليس له حد ينتهي إلى حده، ولا له مثل فيعرف بمثله، ذل من

١٤٤

تجبر غيره، وصغر من تكبر دونه، وتواضعت الأشياء لعظمته، وانقادت لسلطانه وعزته، وكلت عن إدراكه طروف العيون، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق، الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء، ولا يعدله شيء، الظاهر على كل شيء بالقهر له، والمشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها، ولا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم. أتقن ما أراد خلقه من الأشياء كلها بلا مثال سبق إليه، ولا لغوب دخل عليه، في خلق ما خلق .... إلى آخر الخطبة.

أمير المؤمنين يردّ على تجسيم اليهود

- قال الصدوق في كتابه التوحيد ص ٧٧

حدثنا أبوسعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر المعروف بأبي سعيد المعلم بنيسابور، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، قال حدثنا علي ابن سلمة الليفي، قال حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبد الله، عن عبد الله بن طلحة بن هجيم، قال حدثنا أبو سنان الشيباني سعيد بن سنان، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة قال: جاء يهودي إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربنا؟ قال فقال له عليعليه‌السلام : إنما يقال: متى كان لشيء لم يكن فكان، وربنا تبارك وتعالى هو كائن بلا كينونة كائن، كان بلا كيف يكون، كائن لم يزل بلا لم يزل، وبلا كيف يكون، كان لم يزل ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل وبلا غاية ولا منتهى، غاية ولا غاية إليها، غاية انقطعت الغايات عنه، فهو غايه كل غاية.

أخبرني أبوالعباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي فيما أجازه لي بهمدان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن سهل يعني العطار البغدادي لفظاً من كتابه سنة خمس وثلاثمائة قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي قال: حدثني عمارة بن زيد، قال: حدثني عبد الله بن العلاء قال: حدثني صالح بن سبيع، عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان قال: حدثني أبي، عن أبي المعتمر مسلم بن أوس قال: حضرت مجلس عليعليه‌السلام في جامع الكوفة فقام إليه رجل مصفر

١٤٥

اللون كأنه من متهودة اليمن فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا كأنا نراه وننظر إليه، فسبح عليعليه‌السلام ربه وعظمه عز وجل وقال:

الحمد لله الذي هو أول بلا بدء مما، ولا باطن فيما، ولا يزال مهما، ولا ممازج مع ما، ولا خيال وهما، ليس بشبح فيرى، ولا بجسم فيتجزى، ولا بذي غاية فيتناهى، ولا بمحدث فيبصر، ولا بمستتر فيكشف، ولا بذي حجب فيحوى.

كان ولا أماكن تحمله أكنافها، ولا حملة ترفعه بقوتها، ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الأوهام أن تكيف المكيف للأشياء ومن لم يزل بلا مكان، ولا يزول باختلاف الأزمان، ولا ينقلب شاناً بعد شان.

البعيد من حدس القلوب، المتعالي عن الأشياء والضروب، والوتر علام الغيوب، فمعاني الخلق عنه منفية، وسرائرهم عليه غير خفية، المعروف بغير كيفية، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، ولا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأفكار، ولا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، فكل ما قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود، وكيف يوصف بالأشباح، وينعت بالألسن الفصاح، من لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال هو عنها بائن، ولم يخل منها فيقال أين، ولم يقرب منها بالإلتزاق، ولم يبعد عنها بالإفتراق، بل هو في الأشياء بلا كيفية، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، وأبعد من الشبه من كل بعيد.

لم يخلق الأشياء من أصول أزلية، ولا من أوائل كانت قبله بدية،بل خلق ما خلق، وأتقن خلقه، وصور ما صور، فأحسن صورته، فسبحان من توحد في علوه، فليس لشيء منه امتناع، ولا له بطاعة أحد من خلقه انتفاع، إجابته للداعين سريعة، والملائكة له في السماوات والأرض مطيعة، كلم موسى تكليماً بلا جوارح وأدوات، ولا شفة ولا لهوات، سبحانه وتعالى عن الصفات، فمن زعم أن إله الخلق محدود، فقد جهل الخالق المعبود .... والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة.. انتهى.

وقد تقدم في الفصل الأول رده على كعب الأحبار فى مجلس الخليفة عمر.

١٤٦

ويوجّه المسلمين إلى التفكّر في عظمة المخلوقات فيصف الطاووس

- نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٠

١٦٥ ومن خطبة لهعليه‌السلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس:

ابتدعهم خلقاً عجيباً من حيوان وموات، وساكن وذي حركات، فأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته، ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته.

وما ذرأ من مختلف صور الأطيار، التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها، ورواسي أعلامها، من ذات أجنحة مختلفة، وهيئات متباينة، مصرفة في زمان التسخير، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح، والفضاء المنفرج.

كَوَّنها بعد أن لم تكن، في عجائب صور ظاهرة، وركبها في حقاق مفاصل محتجبة، ومنع بعضها بعبالة خلقة، أن يسمو في السماء خفوفاً، وجعله يدف دفيفاً، ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته، ودقيق صنعته، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه، ومنها مغموس في لون صبغ قد طوق بخلاف ما صبغ به، ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد، بجناح أشرج قصبه، وذنب أطال مسحبه.

إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه، وسما به مطلاً على رأسه، كأنه قلع داري عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ، يختال بألوانه، ويميس بزيفانه، يفضي كإفضاء الديكة، وَيُؤرُّ بملاقحة أرَّ الفحول المغتلمة للضراب الضراب.

أحيلك من ذلك على معاينة، لا كمن يحيل على ضعيف إسناده، ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه، فتقف في ضفتي جفونه، وأن أنثاه تطعم ذلك، ثم تبيض لا من لقاح فحل، سوى الدمع المنبجس، لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب.

تخال قصبه مداري من فضة، وما أنبت عليها من عجيب داراته، وشموسه

١٤٧

خالص العقيان، وفلذ الزبرجد، فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت: جني جني من زهرة كل ربيع، وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشى الحلل، أو مونق عصب اليمن، وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل.

يمشي مشي المرح المختال، ويتصفح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكاً لجمال سرباله، وأصابيغ وشاحه، فإذا رمى ببصره إلى قوائمه، زقا معولاً بصوت يكاد يبين عن استغاثته، ويشهد بصادق توجعه، لأن قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية، وقد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفية.

وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة، ومخرج عنقه كالإبريق، ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال، وكأنه متلفع بمعجر أسحم، إلا أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه أن الخضرة الناضرة ممتزجة به، ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في لون الأقحوان، أبيض يقق، فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق، وقل صبغ إلا وقد أخذ منه بقسط، وعلاه بكثرة صقاله وبريقه، وبصيص ديباجه ورونقه، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع، ولا شموس قيظ، وقد يتحسر من ريشه، ويعرى من لباسه، فيسقط تترى، وينبت تباعاً، فينحت من قصبه انحتات أوراق الأغصان، ثم يتلاحق نامياً حتى يعود كهيئته قبل سقوطه، لا يخالف سالف ألوانه، ولا يقع لون في غير مكانه.

وإذا تصفحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة وردية، وتارة خضرة زبرجدية، وأحياناً صفرة عسجدية.

فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن، أو تبلغه قرائح العقول، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين! وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه، والألسنة أن تصفه، فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون، فأدركته محدوداً مكوناً، ومؤلفاً ملوناً، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته، وقعد بها عن تأدية نعته.

وسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة، إلى ما فوقهما من خلق الحيتان والأفيلة،

١٤٨

ووأى على نفسه أن لا يضطرب شبح مما أولج فيه الروح، إلا وجعل الحمام موعده، والفناء غايته...

ويصف النملة والجرادة

- نهج البلاغة ج ٢ ص ١١٥

١٨٥ ومن خطبة لهعليه‌السلام :.... ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة، لرجعوا إلى الطريق، وخافوا عذاب الحريق، ولكن القلوب عليلة، والبصائر مدخولة.

ألا تنظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه، وأتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر. أنظروا إلى النملة في صغر جثتها، ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها، وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقرها، تجمع في حرها لبردها، وفي وردها لصدرها، مكفولة برزقها، مرزوقة بوفقها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان، ولو في الصفا اليابس، والحجر الجامس.

ولو فكرت في مجاري أكلها، في علوها وسفلها، وما في الجوف من شراسيف بطنها، وما في الرأس من عينها وأذنها، لقضيت من خلقها عجباً، ولقيت من وصفها تعبا. فتعالى الذي أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها، لم يشركه في فطرتها فاطر، ولم يعنه في خلقها قادر.

ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة، لدقيق تفصيل كل شيء، وغامض اختلاف كل حي، وما الجليل واللطيف، والثقيل والخفيف، والقوي والضعيف، في خلقه إلا سواء، وكذلك السماء والهواء، والرياح والماء. فانظر إلى الشمس والقمر، والنبات والشجر، والماء والحجر، واختلاف هذا الليل والنهار، وتفجر هذه البحار، وكثرة هذه الجبال، وطول هذه القلال، وتفرق هذه اللغات، والألسن المختلفات.

١٤٩

فالويل لمن جحد المقدر وأنكر المدبر. زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع، ولم يلجؤوا إلى حجة فيما ادعوا، ولا تحقيق لما أوعوا. وهل يكون بناء من غير بان، أو جناية من غير جان.

وإن شئت قلت في الجرادة، إذ خلق لها عينين حمراوين، وأسرج لها حدقتين قمراوين، وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها الفم السوي، وجعل لها الحس القوي، ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض، يرهبها الزراع في زرعهم، ولا يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم، حتى ترد الحرث في نزواتها، وتقضي منه شهواتها، وخلقها كله لا يكون إصبعاً مستدقة.

فتبارك الله الذي يسجد له من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً، ويعفرِّ له خداً ووجهاً، ويلقى إليه بالطاعة سلماً وضعفاً، ويعطى له القياد رهبة وخوفاً، فالطير مسخرة لأمره، أحصى عدد الريش منها والنفس، وأرسى قوائمها على الندى واليبس، وقدر أقواتها، وأحصى أجناسها، فهذا غراب، وهذا عقاب، وهذا حمام، وهذا نعام. دعا كل طائر باسمه، وكفل له برزقه، وأنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها، وعدد قسمها، فبلَّ الأرض بعد جفوفها، وأخرج نبتها بعد جدوبها.

عليعليه‌السلام مؤسّس علم التوحيد

- أمالي المرتضى ج ١ ص ١٠٣

إعلم أن أصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وخطبه، وأنها تتضمن من ذلك ما لا مزيد عليه ولا غاية وراءه، ومن تأمل المأثور في ذلك من كلامه، علم أن جميع ما أسهب المتكلمون من بعد في تصنيفه وجمعه، إنما هو تفصيل لتلك الجمل، وشرح لتلك الأصول.

وروي عن الأئمة من أبناءهعليهم‌السلام من ذلك ما لا يكاد يحاط به كثرة، ومن أحب الوقوف عليه وطلبه من مظانه أصاب منه الكثير الغزير، الذي في بعضه شفاء للصدور السقيمة،

١٥٠

ونتاج للعقول العقيمة، ونحن نقدم على ما نريد ذكره شيئاً مما روي عنهم في هذا الباب. فمن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وهو يصف الله تعالى:

بمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأمور علم أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، والخشونة بالليل، واليبوسة بالبلل، والصرد بالحرور، مؤلف بين متباعداتها، مفرق بين متدانياتها.

وروي عنهعليه‌السلام أنه سئل: بم عرفت ربك؟ فقال: بما عرفني به. قيل: وكيف عرفك؟ قال: لا تشبهه صورة، ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بقياس الناس.

وقيل لهعليه‌السلام : كيف يحاسب الله الخلق؟ قال: كما يرزقهم. فقيل كيف يحاسبهم ولا يرونه؟ فقال: كما يرزقهم ولا يرونه.

وسأله رجل فقال: أين كان ربك قبل أن يخلق السماء والأرض؟ فقال: أين سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان.

الإمام زين العابدينعليه‌السلام ينظم زبور آل محمد

- قالعليه‌السلام في أدعيته المعروفة بالصحيفة السجادية، الدعاء الأول:

الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين، ابتدع بقدرته الخلق ابتداعاً، واخترعهم على مشيته اختراعاً، ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته، لا يملكون تأخيراً عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدماً إلى ما أخرهم عنه، وجعل لكل روح منهم قوتاً معلوماً مقسوماً من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد، ثم ضرب له في الحياة أجلاً موقوتاً، ونصب له أمداً محدوداً، يتخطى إليه بأيام عمره، ويرهقه بأعوام دهره، حتى إذا بلغ أقصى أثره، واستوعب حساب عمره، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه، ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، عدلاً منه تقدست أسماؤه، وتظاهرت آلاؤه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون....

١٥١

- الصحيفة السجادية الدعاء الثاني والثلاثون

وكان من دعائهعليه‌السلام بعد الفراغ من صلاة الليل: اللهم ياذا الملك المتأبد بالخلود والسلطان، الممتنع بغير جنود ولا أعوان، والعز الباقي على مر الدهور وخوالي الاعوام، ومواضي الأزمان والأيام، عز سلطانك عزاً لا حد له بأولية، ولا منتهى له بآخرية، واستعلى ملكك علواً سقطت الأشياء دون بلوغ أمده، ولا يبلغ أدنى ما استأثرت به من ذلك أقصى نعت الناعتين، ضلت فيك الصفات، وتفسخت دونك النعوت، وحارت في كبريائك لطائف الأوهام.

كذلك أنت الله الأول في أوليتك، وعلى ذلك أنت دائم لا تزول.

وأنا العبد الضعيف عملاً، الجسيم أملاً، خرجت من يدي أسباب الوصلات إلا ما وصلته رحمتك، وتقطعت عني عصم الآمال إلا ما أنا معتصم به من عفوك، قلَّ عندي ما أعتد به من طاعتك، وكثر علي ما أبوء به من معصيتك، ولن يضيق عليك عفو عن عبدك وإن أساء، فاعف عني.....

- الصحيفة السجادية ج ٢ ص ٢١

دعاؤهعليه‌السلام في التحميد لله عز وجل:الحمد لله الذي تجلى للقلوب بالعظمة، واحتجت عن الأبصار بالعزة، واقتدر على الأشياء بالقدرة، فلا الأبصار تثبت لرؤيته، ولا الأوهام تبلغ كنه عظمته، تجبر بالعظمة والكبرياء، وتعطف بالعز والبر والجلال، وتقدس بالحسن والجمال، وتجمل بالفخر والبهاء، وتهلل بالمجد والآلاء، واستخلص بالنور والضياء. خالق لا نظير له، وواحد لاند له، وماجد لا ضد له، وصمد لا كفو له، وإله لا ثاني معه، وفاطر لا شريك له، ورازق لا معين له، الأول بلا زوال، والدائم بلا فناء، والقائم بلا عناء، والباقي بلا نهاية، والمبدئ بلا أمد، والصانع بلا ظهير، والرب بلا شريك، والفاطر بلا كلفة، والفاعل بلا عجز.

ليس له حد في مكان، ولا غاية في زمان، لم يزل ولا يزول ولن يزال، كذلك أبداً هو الإله الحي القيوم، الدائم القديم، القادر الحكيم ....

١٥٢

الإمام محمد الباقرعليه‌السلام يجيب على سؤال متى وجد الله

- الكافي ج ٨ ص ١٢٠

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبي منصور، عن أبي الربيع قال: حججنا مع أبي جعفرعليه‌السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفرعليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع: يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداك عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي!

فقال: أشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي، قال: فاذهب إليه وسله لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفرعليه‌السلام فقال: يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وقد عرفت حلالها وحرامها، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي، قال فرفع أبو جعفرعليه‌السلام رأسه فقال: سل عما بدا لك.

فقال: أخبرني كم بين عيسى وبين محمد من سنة.

قال: أخبرك بقولي أو بقولك؟

قال: أخبرني بالقولين جميعاً.

قال: أما في قولي فخمسمائة سنة، وأما في قولك فستمائة سنة.

قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه: واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون. من الذي سأل محمد، وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة.

فقال: فتلا أبو جعفرعليه‌السلام هذه الآية: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا. فكان من الآيات التي

١٥٣

أراها الله تبارك وتعالى محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثم أمر جبرئيلعليه‌السلام فأذن شفعاً وأقام شفعاً وقال في أذانه حي على خير العمل، ثم تقدم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بالقوم فلما انصرف قال لهم: على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله، أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا.

فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر، فأخبرني عن قول الله عز وجل: أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما.

قال: إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم إلى الأرض وكانت السماوات رتقاً لا تمطر شيئاً، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت شيئاً، فلما أن تاب الله عز وجل على آدمعليه‌السلام أمر السماء فتقطرت بالغمام ثم أمرها فأرخت عزاليها، ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار وتفهقت بالأنهار، فكان ذلك رتقها، وهذا فتقها.

قال نافع: صدقت يابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز وجل: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، أي أرض تبدل يومئذ.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز وجل من الحساب.

فقال نافع: إنهم عن الأكل لمشغولون.

فقال أبو جعفر: أهم يومئذ أشغل أم إذ هم في النار؟

فقال نافع: بل إذ هم في النار.

قال: فوالله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم، ودعوا بالشراب فسقوا الحميم.

قال: صدقت يابن رسول الله، ولقد بقيت مسألة واحدة.

قال: وما هي.

قال: أخبرني عن الله تبارك وتعالى متى كان؟

١٥٤

قال: ويلك متى لم يكن حتى أخبرك متى كان! سبحان من لم يزل ولا يزال، فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ثم قال: يا نافع أخبرني عما أسألك عنه.

قال: وما هو.

قال: ما تقول في أصحاب النهروان، فإن قلت إن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت، وإن قلت إنه قتلهم باطلاً فقد كفرت.

قال: فولى من عنده وهو يقول: أنت والله أعلم الناس حقاً حقا، فأتى هشاماً فقال له: ما صنعت؟ قال: دعني من كلامك، هذا والله أعلم الناس حقاً حقا، وهو ابن رسول الله حقاً، ويحق لأصحابه أن يتخذوه نبياً!! انتهى.

والظاهر أن الإمام الباقرعليه‌السلام سأل نافعاً عن رأيه في الخوارج، لأن نافعاً كان ناصبياً مؤيداً لرأي الخوارج في تكفير عليعليه‌السلام .

ويركز في المسلمين قاعدة: لا تشبيه ولا تعطيل

- التوحيد للصدوق ص ١٠٤

أبي رحمه‌الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله الأشعري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى عمن ذكره قال: سئل أبو جعفرعليه‌السلام أيجوز أن يقال: إن الله عز وجل شيء قال: نعم، يخرجه عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه.

الإمام الصادقعليه‌السلام : لا نفي ولا تشبيه ولا جبر ولا تفويض

- قال الصدوق في كتابه التوحيد ص ١٠٢

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا العباس بن معروف قال: حدثنا ابن أبي نجران عن حماد بن عثمان، عن عبدالرحيم القصير قال: كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام بمسائل، فيها: أخبرني عن الله عز وجل هل يوصف بالصورة وبالتخطيط فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد،

١٥٥

فكتبعليه‌السلام بيد عبد الملك بن أعين:

سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله تبارك وتعالى بخلقه، المفترون على الله. واعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز وجل، فانف عن الله البطلان والتشبيه، فلا نفي ولا تشبيه، هو الله الثابت الموجود، تعالى الله عما يصفه الواصفون، ولا تَعْدُ القرآن فتضل بعد البيان.

- توحيد الصدوق ص ١٠٣

حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن بعض أصحابنا يزعم أن لله صورة مثل صورة الإنسان، وقال آخر إنه في صورة أمرد جعد قطط، فخر أبو عبد الله ساجداً، ثم رفع رأسه، فقال: سبحان الله الذي ليس كمثله شيء، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به علم، لم يلد لأن الولد يشبه أباه، ولم يولد فيشبه من كان قبله، ولم يكن له من خلقه كفواً أحد، تعالى عن صفة من سواه علواً كبيرا.

المؤمنون يرون الله بعقولهم وقلوبهم في الدنيا والآخرة

- بحار الأنوار ج ٤ ص ٣١

لي: الطالقاني، عن ابن عقدة، عن المنذر بن محمد، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيرا. يا ابن الفضل، إن الأبصار لا تدرك إلا ماله لون وكيفية، والله خالق الألوان والكيفية.

١٥٦

- بحار الأنوار ج ٤ ص ٤٤

يد: الدقاق، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن البطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له: أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة.

قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة.

فقلت: متى؟

قال: حين قال لهم: ألست بربكم قالوا بلى. ثم سكت ساعة ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة، ألست تراه في وقتك هذا؟ قال أبو بصير فقلت له: جعلت فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال لا، فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله، ثم قدر أن ذلك تشبيه كَفَر، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون.

ضه: سأل محمد الحلبي الصادقعليه‌السلام فقال: رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه قال: نعم رآه بقلبه، فأما ربنا جل جلاله فلاتدركه أبصار حدق الناظرين، ولا تحيط به أسماع السامعين.

- بحار الأنوار ج ٤ ص ٣٣

ج: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله: قد جاءكم بصائر من ربكم، ليس يعني بصر العيون. فمن أبصر فلنفسه، ليس يعني من أبصر بعينه، ومن عمي فعليها، ليس يعني عمى العيون، إنما عنى إحاطة الوهم، كما يقال فلان بصير بالشعر، وفلان بصير بالفقه، وفلان بصير بالدراهم، وفلان بصير بالثياب. الله أعظم من أن يرى بالعين.

الإمام الصادقعليه‌السلام يردّ على الحلول والثنائية بين الذات والصفات

- الكافي ج ١ ص ٨٢

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا

١٥٧

عبد اللهعليه‌السلام يقول: إن الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه شيء ما خلا الله فهو مخلوق، والله خالق كل شيء، تبارك الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

- الكافي ج ١ ص ٨٣

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال للزنديق حين سأله: ما هو قال: هو شيء بخلاف الأشياء، أرجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شيء بحقيقة الشيئية، غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور، ولا تغيره الأزمان، فقال له السائل: فتقول إنه سميع بصير قال: هو سميع بصير: سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، ليس قولي إنه سميع يسمع بنفسه وبصير يبصر بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولاً وإفهاماً لك إذ كنت سائلاً، فأقول: إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع.

- الكافي ج ١ ص ٨٧

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي: يا هشام الله مشتق من أله، والإله يقتضي مألوهاً والإسم غير المسمى، فمن عبد الإسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الإسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الإسم فذاك التوحيد، أفهمت يا هشام؟ قال فقلت: زدني قال: إن لله تسعة وتسعين إسماً فلو كان الإسم هو المسمى لكان كل إسم منها إلهاً، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره، يا هشام الخبز إسم للمأكول والماء إسم للمشروب والثوب إسم للملبوس والنار إسم للمحرق، أفهمت يا هشام فهماً تدفع به وتناضل به أعداءنا والمتخذين مع الله عز وجل غيره؟ قلت: نعم.

١٥٨

قال فقال: نفعك الله به وثبتك يا هشام، قال هشام فوالله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا.

- علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام أو قلت له: جعلني الله فداك نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد الصمد؟ قال: فقال: إن من عبد الإسم دون المسمى بالأسماء أشرك وكفر وجحد ولم يعبد شيئاً بل أعبد الله الواحد الأحد الصمد المسمى بهذه الأسماء دون الأسماء أن الأسماء صفات وصف بها نفسه.

- الكافي ج ١ ص ١٠٣

علي بن محمد، عن سهل بن زياد، وعن غيره، عن محمد بن سليمان، عن علي بن إبراهيم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: إن الله عظيم رفيع لا يقدر العباد على صفته، ولا يبلغون كنه عظمته، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، ولا يوصف بكيف ولا أين وحيث، وكيف أصفه بالكيف وهو الذي كيف الكيف حتى صار كيفاً فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف، أم كيف أصفه بأين وهو الذي أين الأين حتى صار أيناً فعرفت الأين بما أين لنا من الأين، أم كيف أصفه بحيث وهو الذي حيث الحيث حتى صار حيثاً فعرفت الحيث بما حيث لنا من الحيث، فالله تبارك وتعالى داخل في كل مكان وخارج من كل شيء، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار. لا إله إلا هو العلي العظيم، وهو اللطيف الخبير.

الإمام الكاظمعليه‌السلام يردّ على تجسيد النصارى

- وقال الصدوق في كتابه التوحيد ص ٣٠

حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر قال: سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام وهو يكلم راهباً من النصارى،

١٥٩

فقال له في بعض ما ناظره: إن الله تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يحد بيد أو رجل أو حركة أو سكون، أو يوصف بطول أو قصر، أو تبلغه الأوهام، أو تحيط به صفة العقول. أنزل مواعظه ووعده ووعيده، أمر بلا شفة ولا لسان، ولكن كما شاء أن يقول له كن، فكان خبراً كما أراد في اللوح.

ويبيّن أنّ الله تعالى غنيٌّ عن النزول والحركة

- قال الصدوق في كتابه التوحيد ص ١٨٣

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا، فقال: إن الله تبارك وتعالى لا ينزل، ولا يحتاج إلى أن ينزل، إنما منظره في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه قريب، ولم يقرب منه بعيد، ولم يحتج بل يحتاج إليه، وهو ذو الطَّول، لا إله إلا هو العزيز الحكيم. أما قول الواصفين: إنه تبارك وتعالى ينزل، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة، وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به، فظن بالله الظنون فهلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد، فتحدوه بنقص أو زيادة أو تحرك أو زوال أو نهوض أو قعود، فإن الله جل عن صفة الواصفين ونعت الناعتين وتوهم المتوهمين.

الإمام الرضاعليه‌السلام يعلّم تلاميذه الدفاع عن التوحيد

- توحيد الصدوق ص ١٠٧

حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسى بن عبيد قال قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : ما تقول إذا قيل لك أخبرني عن الله عز وجل شيء هو أم لا؟ قال فقلت له: قد أثبت

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله أتخلفني في النساء والصبيان؟! فقال: أما ترضى. الحديث. وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. رواه الإِمام أحمد »(١) .

(١١٦)

ذكر سعيد الدين الكازروني

حديث الغدير بقوله: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

(١١٧)

رواية ابن كثير

ورواه اسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي الشافعي، في ذكر فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام تحت عنوان « حديث غدير خم »، فأورد حديث مناشدة الإِمام الناس في الرّحبة عن أبي الطفيل، ورواية أبي بكر الشافعي بسنده عن زيد بن أرقم، ورواية أبي يعلى وعبدالله بن أحمد حديث المناشدة أيضاً عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكذا رواية الطبراني المناشدة عن عميرة بن سعد، وعن ابن عقدة بسنده عن زيد بن يثيع به، وكذا عن عبد الرزاق بسنده عن سعيد بن

____________________

(١). مرآة الجنان وعبرة اليقظان. حوادث سنة: ٤٠ وترجمته في طبقات السبكي ٦ / ١٠٣، الدرر الكامنة ٢ / ٢٤٧.

(٢). المنتقى في سيرة المصطفى - مخطوط. وترجمته في الدرر الكامنة ٤ / ٢٥٥.

١٨١

وهب وعبد خير، وعن أحمد عن سعيد، وعنه عن زياد بن أبي الأسلمي، وعنه عن زاذان.

قال: « ورواه أحمد عن علي نفسه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، قال: فزاد الناس: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وقد روى هذا عن طرق متعددة عن علي، وله طرق متعددة أيضاً عن زيد ابن أرقم » ثم روى أحاديث أخرى غيرها.

وقد ذكرنا بعض تلك الأحاديث عن ابن كثير، كلاً في محله مما تقدّم في الكتاب.

وقال ابن كثير في ذكر خبر حجة الوداع: « وقال المطلب بن زياد: عن عبدالله بن محمد بن عقيل، سمع جابر بن عبدالله يقول: كنا بالجحفة بغدير خم، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأخذ بيد علي فقال. من كنت مولاه فعلي مولاه. قال شيخنا الذهبي: هذا حديث حسن. وقد رواه ابن لهيعة عن بكر بن سوادة، وغيره عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بنحوه »(١) .

وقال أيضاً: « وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي، ثنا أبوبكر بن أبي شيبة أنا شريك عن أبي يزيد الأودي عن أبيه قال: دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع الناس إليه، فقام إليه شابّ فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم.

ورواه ابن جرير، عن أبي كريب، عن شاذان، عن شريك به. تابعه ادريس الأودي، عن أخيه أبي يزيد واسمه داود بن شريك به.

____________________

(١). تاريخ ابن كثير. حوادث السنة العاشرة.

١٨٢

ورواه ابن جرير أيضاً من حديث إدريس وداود، عن أبيهما عن أبي هريرة فذكره »(١) .

(١١٨)

رواية أبي حفص المراغي

ورواه أبو حفص عمر بن الحسن المراغي، فقد قال شمس الدين ابن الجزري: « أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن المراغي فيما شافهني به، عن أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياًرضي‌الله‌عنه بالرحبة ينشد الناس: من سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدريّاً، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك. هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح من وجوه كثيرة »(٢) .

ترجمته

١ - ابن الجزري: « عمر بن الحسن بن مزيد بن أميلة بن جمعة، أبو حفص المراغي الأصل، الحلبي المحتد، الدمشقي المزي المولد، رحلة زمانه في

____________________

(١). نفس المصدر. وتوجد ترجمة ابن كثير في: طبقات ابن قاضي شهبة والبدر الطالع ١ / ١٥٣ والنجوم الزاهرة ١١ / ١٢٣ وأنباء الغمر ١ / ٣٩ والدرر الكامنة ١ / ٣٩٩ وطبقات المفسرين ١ / ١١٠ وشذرات الذهب ٦ / ٢٣١.

(٢). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب:٣ - ٤.

١٨٣

علوّ الإسناد وكان خيراً ديناً ثقة صالحاً، إنفرد بأكثر مسموعاته، وتوفي في يوم الاثنين، ثامن ربيع الآخر سنة ٧٧٨. ودفن بالمزة ظاهر دمشق »(١) .

٢ - ابن روزبهان في ( شرح الشمائل ): « كان الشيخ المذكور ابن أميلة ثقة متقناً رحلة، يرحل إليه الناس في زمانه، وكان يسكن بمزة من الشام، وهو شيخ للشيخ أبي الخير محمد بن الجزري، وإليه ينتهي إسناده وغيره من أكابر المشايخ وأجلة الأصحاب ».

(١١٩)

رواية السيد علي الهمداني

ورواه السيد علي بن شهاب الدين الهمداني: « عن أبي عبدالله الشيبانيرضي‌الله‌عنه قال: بينما أنا جالس عند زيد بن أرقم في مجلس بني الأرقم، إذ جاء رجل فقال: أيّكم زيد بن أرقم؟ فقال القوم: هذا زيد. فقال: أنشدك بالذي لا إله إلّا هو سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم.

و عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال: من صام يوم الثامن عشر من ذي الحجة كان له كصيام ستين شهراً، وهو اليوم الذي أخذ فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي في غدير خم، فقال عليه الصلاة والسلام: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله.

وعن الإِمام الباقر عن آبائهعليهم‌السلام مثل ذلك، بل روي عن كثير من الصحابة في أماكن مختلفة هذا الخبر.

____________________

(١). طبقات القراء ١ / ٥٩٠.

١٨٤

عن عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه قال: نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً علماً. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، اللهم أنت شهيدي عليهم. قال: وكان في جنبي شاب حسن الوجه طيب الريح، فقال لي: يا عمر لقد عقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عقداً لا يحلّه إلّا منافق، فاحذر أن تحلّه. قال عمر: فقلت يا رسول الله إنّك حيث قلت في علي كان في جنبي شاب حسن الوجه طيب الريح قال: كذا وكذا قال: نعم يا عمر، إنه ليس من ولد آدم، لكنه جبرئيل أراد أن يؤكد عليكم ما قلته في علي.

وعن البراء بن عازبرضي‌الله‌عنه قال: أقبلت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع وفيه نزلت( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية »(١) .

(١٢٠)

رواية ابن المحب

ورواه محمد بن عبدالله ابن المحب المقدسي قال ابن الجزري: « وألطف طريق وقع لهذا الحديث وأغربه: ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ، أبوبكر محمد بن عبدالله بن المحب المقدسي مشافهة، أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرّضا، حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر، قلن: حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدثتني

____________________

(١). المودة في القربى للسيد علي الهمداني. أنظر ينابيع المودة: ٢٤٩.

١٨٥

فاطمة بنت علي بن الحسين، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي، عن أم كلثوم بنت فاطمة بنت النبيعليه‌السلام ، عن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورضي عنها. قالت: أنسيتم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسىعليهما‌السلام ؟

هكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسل من وجه، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهنّ عن عمّتها »(١) .

ترجمته

١ - ابن الجزري: « شيخنا وإمامنا ومبرّزنا، الحافظ الكبير، شمس الدين أبوبكر ابن الحافظ محب الدين أبي محمد الشهير بابن المحب الصامت، ولد يوم الجمعة أول شعبان سنة ٧١٢ وسمع منه الأئمّة والحفّاظ وكان صالحاً قانتاً، قانعاً باليسير، متقشفاً لا مبالياً لأحد غيري، ربما جاءني إلى منزلي فأسمعني وأسمع أهلي وأولادي، وانتهى إليه الحفظ في زمانه، رجالاً ومتناً ومعرفة للأجزاء ورواتها، توفي في ليلة الأحد الخامس من شوال سنة ٧٨٩ »(٢) .

٢ - السيوطي: « ابن المحب الحافظ وكان عالماً متقناً فقهياً »(٣) .

____________________

(١). أسنى المطالب:٣ - ٤.

(٢). طبقات القراء ٢ / ١٧٤.

(٣). طبقات الحفاظ: ٥٣٥.

١٨٦

(١٢١)

رواية خواجة پارسا

ورواه محمد بن محمد الحافظي الشهير بخواجة پارسا بقوله: « وعن عمررضي‌الله‌عنه ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

(١٢٢)

رواية ابن الحزري

وروى شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري حديث الغدير - كما علمت فيما تقدم عن شيخه المراغي ثم قال ما نصه: « هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح من وجوه كثيرة، تواتر عن أمير المؤمنين عليرضي‌الله‌عنه ، وهو متواتر أيضاً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، رواه الجم الغفير عن الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم.

فقد ورد مرفوعاً عن: أبي بكر الصدّيق، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف

____________________

(١). ترجمته في الضوء اللامع ١٠ / ٢٠ والشقائق النعمانية ١ / ٢٨٦ وفوائد أبي الحسنات ص ١٩٩، ونفحات الأنس ٣٩٢ وغيرها.

١٨٧

والعباس بن عبد المطلب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله، وعبدالله بن عباس، وحبشي بن جنادة، وعبدالله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعبدالله ابن عمر، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وأسعد بن زرارة، وخزيمة بن ثابت، وأبي أيوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وحذيفة بن اليمان، وسمرة بن جندب، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، وصحّ عن جماعة منهم ممن يحصل القطع بخبرهم.

وثبت أيضاً أن هذا القول كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم ». ثم إن الحافظ ابن الجزري روى ما تقدم نقله عنه عن شيخه الحافظ ابن المحب المقدسي(١) ، ولا نعيده

ترجمته

١ - القاضي مجير الدين أبو اليمن عبد الرحمن العليمي: « شيخ الإسلام شمس الدين، أبو الخير محمد بن محمد الجزري، الدمشقي المقري الشافعي. مولده في ليلة السبت سادس عشر رمضان سنة ٧٥١، اعتنى بالقراءات فأتقنها ومهر فيها، وله مصنفات جليلة وتوفي بشيراز نهار عيد الأضحى سنة ٨٣٣رضي‌الله‌عنه ورحمه »(٢) .

٢ - الفضل بن روزبهان في ( شرح الشمائل ): « أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري رحمه الله تعالى ، شيخ مشايخ الإسلام، وقاضي القضاة بن الأنام، الجامع لأقسام العلوم الشرعية، والحاوي للمعارف الأصلية والفرعية، كان متوحّداً في زمانه في علوّ الشأن في العلوم سيّما في القراءة، فقد وصف الشيخ الامام

____________________

(١). أسنى المطالب:٣ - ٤.

(٢). الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ١٠٩.

١٨٨

الأجل أبوالفضل العسقلاني - شهر بابن حجر - إنه المتفرد الوحيد في القراءة، والمشارك في الحديث، وصاحب الفقه، اشتهر في زمانه بعلو الإِسناد، سافر البلاد ولاقى المشايخ وصحبهم ...»(١) .

(١٢٣)

رواية المقريزي

وقال أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي: « عيد الغدير - إعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم، وأوّل ما عرف في الإِسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة ٣٥٢، فاتّخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً.

وأصلهم فيه ما خرجه الامام أحمد في مسنده الكبير من حديث البراء بن عازبرضي‌الله‌عنه قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر لنا، فنزلنا بغدير خم، ونودي الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فصلى الظّهر، وأخذ بيد علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(٢) .

____________________

(١). شرح الشمائل لابن روزبهان الشيرازي. وله ترجمة في: البدر الطالع ٢ / ٢٥٧ والضوء اللامع ٩ / ٢٥٥ وطبقات الداودي ٢ / ٥٩ وشذرات الذهب ٧ / ٢٠٤.

(٢). المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ١ / ٣٨٨ وتوجد ترجمة المقريزي في الضوء اللامع ٢ / ٢١.

١٨٩

(١٢٤)

رواية الدولت آبادي

ورواه شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حيث قال: « وفي التشريح قال أبو القاسمرحمه‌الله : من قال: إن علياً أفضل من عثمان فلا شيء عليه، لأنه قال أبو حنيفةرضي‌الله‌عنه : وقال ابن مبارك: من قال إنّ عليّاً أفضل العالمين، أو أفضل الناس وأكبر الكبراء، فلا شيء عليه، لأن المراد منه أفضل الناس في عصره وزمان خلافته، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أي في زمان خلافته »(١) .

(١٢٥)

رواية ابن حجر العسقلاني

ورواه ابن حجر العسقلاني حيث قال: « وروى هو ( يعني بريدة ) وأبو هريرة، وجابر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه»(٢) .

____________________

(١). هداية السعداء. مخطوط. وتوجد ترجمته في: سبحة المرجان: ٣٩، نزهة الخواطر ٣ / ١٩.

(٢). تهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٧.

١٩٠

وقال بعد ذكر طرف من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام : « قلت: لم يجاوز المؤلف ما ذكر ابن عبد البر وفيه مقنع، ولكنه ذكر حديث الموالاة عن نفر سماهم فقط، وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلف فيه أضعاف من ذكر، وصحّحه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة، فأخرجه من حديث سبعين صحابيّاً أو أكثر »(١) .

وقد أورد ابن حجر حديث الغدير في ( الإِصابة ٤ / ٨٠ ) و ( فتح الباري ). و ( المطالب العالية ٤ / ٦٠ ) أيضاً.

قال في الثاني: « وأمّا حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقد أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جداً، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان » ٧ / ٧٤.

(١٢٦)

رواية ابن الصبّاغ المالكي

ورواه نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ المالكي المكي عن الترمذي من حديث زيد بن أرقم، وعن أحمد بن حنبل في مسنده عن البراء بن عازب، وعن البيهقي عن البراء أيضاً.

ثم رواه عن العجلي بسنده إلى حذيفة بن أسيد الغفاري، وعامر بن ليلى ابن ضمرة، وقد تقدم نقله سابقاً(٢) .

____________________

(١). نفس المصدر ٧ / ٣٣٩. ومن مصادر ترجمة ابن حجر: الضوء اللامع ٢ / ٣٦ نظم العقيان: ٥، شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠، حسن المحاضرة ١ / ١٠٦، طبقات الحفاظ ٥٤٧، البدر الطالع ١ / ٨٧.

(٢). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤٠ / ٤١. ترجمته في الضوء اللامع ٥ / ٢٨٣.

١٩١

(١٢٧)

رواية الحسين الميبدي

ورواه حسين بن معين الدين الميبدي، حيث أورده عن أحمد من حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم مترجماً إيّاه إلى الفارسية(١) .

(١٢٨)

رواية العيني

ورواه محمود بن أحمد العيني، كما ستعرف ذلك إنْ شاء الله تعالى(٢) .

(١٢٩)

رواية أصيل الدين الواعظ

ورواه عبدالله بن عبد الرحمن الحسيني، المشتهر بأصيل الدين الواعظ، ذاكراً معناه بالفارسية ضمن بيان وقائع حجة الوداع(٣) .

____________________

(١). الفواتح: شرح ديوان أمير المؤمنين.

(٢). وتوجد ترجمة العيني في الضوء اللامع ١٠ / ١٣١ وبغية الوعاة ٣٨٦ وغيرهما.

(٣). درج الدرر ودرج الغرر في ميلاد سيد البشر.

١٩٢

ترجمته

وأصيل الدين الواعظ من مشايخ ( الدهلوي )، كما لا يخفى على ناظر رسالته في أصول الحديث، وقد ترجم له وأثنى عليه غياث الدين خواند أمير، وقد توفي في ١٧ ربيع الآخر سنة ٨٨٣(١) .

(١٣٠)

اثبات ابن روزبهان

حديث الغدير بقوله: « وأما ما روي من أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكره يوم غدير خم، حين أخذ بيد علي وقال: ألست أولى. فقد ثبت هذا في الصحاح، وقد ذكرنا سرّ هذا في ترجمة كتاب كشف الغمّة في معرفة الأئمّة »(٢) .

(١٣١)

رواية السمهودي

ورواه نور الدين علي بن عبدالله السمهودي، وقد تقدم بعض ألفاظ

____________________

(١). حبيب السير في أخبار أفراد البشر ٤ / ٣٣٤، وانظر الضوء اللامع ٥ / ١٢.

(٢). إبطال الباطل لا بن روزبهان الشيرازي، ترجمته في الضوء اللامع ٦ / ١٧١.

١٩٣

روايته سابقاً(١) .

وقال في ( وفاء الوفاء ): « وفي مسند أحمد عن البراء بن عازب، قال: كنا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: فأخذ بيد علي وقال: أللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

و عن زيد بن أرقم مثله ».

ترجمته

١ - السخاوي: « ولد في صفر سنة ٨٤٤ هو إنسان فاضل، متفنّن متميّز في الفقه والأصلين، مديم للعمل والجمع والتأليف، متوجه للعبادة وللمباحثة والمناظرة، قوي الجلادة على ذلك، طلق العبارة فيه، مغرم به، مع قوة نفس وتكلّف »(٢) .

٢ - ابن العماد: « نزيل المدينة المنورة، وعالمها ومفتيها، ومدرسها ومؤرخها، الشافعي، الامام القدوة الحجة المفنّن »(٣) .

٣ - ابن العيدروس: وذكر مشايخه، وعد تآليفه، وأثنى عليها(٤) .

٤ - الشوكاني كذلك(٥) .

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥.

(٣). شذرات الذهب ٨ / ٥٠.

(٤). النور السافر ٥٨ - ٦٠.

(٥). البدر الطالع ١ / ٤٧٠.

١٩٤

(١٣٢)

رواية السيوطي

لقد تقدم كلامه الصريح في تواتر حديث الغدير.

وقال في ( تاريخ الخلفا ): « وأخرج الترمذي عن سريحة أو زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وأخرجه أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن أرقم وعمرو ذي مر، وأبو يعلى عن أبي هريرة. والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس. و البزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة. وفي أكثرها زيادة: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و لأحمد عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام. فقام إليه ثلاثون من الناس فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمته

١ - ابن العماد: « المسند المحقق المدقق، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة »(٢) .

____________________

(١). تاريخ الخلفاء: ١٦٩.

(٢). شذرات الذهب ٨ / ٥١.

١٩٥

٢ - ابن العيدروس، وقد أثنى عليه الثناء البالغ، وذكر بعض كراماته وتآليفه(١) .

٣ - السيوطي نفسه، فذكر ترجمته بالتفصيل، من ولادته في سنة ٨٤٩ ودروسه ومشايخه، ومؤلفاته، وما قيل في حقه(٢) .

(١٣٣)

رواية جمال الدين المحدّث

ورواه عطاء الله بن فضل الله المعروف بجمال الدين المحدّث الشيرازي عن الامام جعفر الصادقعليه‌السلام ، وذكر نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ ) الآية في حق الحارث، ثم قال:

« أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث متواتر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو متواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً، رواه جمع كثير وجم غفير من الصحابة، فرواه ابن عباس ولفظه قال: لـمّا أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقوم بعلي بن أبي طالب الذي قام به، فانطلق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مكة فقال: رأيت الناس حديثي عهد بكفر وبجاهلية، ومتى أفعل هذا به يقولون: صنع هذا بابن عمه، ثم مضى حتى قضى حجّة الوداع، ثم رجع حتى إذا كان بغدير خم أنزل الله عزّ وجلّ:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية. فقام مناد فنادى الصلاة جامعة، ثم قام وأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

____________________

(١). النور السافر ٥٨ - ٦٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٣٥ - ٣٤٤.

١٩٦

ورواه حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لـمّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهنّ فقمّ ما تحتهنّ من الشوك، ثم عمد إليهنّ فصلّى تحتهنّ، ثم قام فقال: أيّها الناس قد نبّأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا مثل نصف عمر الذي يليه من قبله، وإنّي لأظن أن أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وإنكم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ ثم قال:

أيّها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: أيّها الناس إني فرطكم وأنتم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيها، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض.

ورواه زر بن حبيش فقال: خرج عليعليه‌السلام من القصر، فاستقبله ركبان متقلّدي السيوف، عليهم العمائم، حديثي عهد بسفر فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا، فقال عليعليه‌السلام بعد ما ردّ السلام: من هاهنا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقام اثنا عشر رجلاً، منهم: خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري، وخزيمة ابن ثابت ذو الشهادتين، وثابت بن قيس بن شماس، وعمار بن ياسر، وابو الهيثم ابن التيهان، وهاشم بن عتبة، وسعد بن أبي وقاص، وحبيب بن بديل بن ورقاء. فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت

١٩٧

مولاه فعلي مولاه. الحديث.

فقال علي لأنس بن مالك والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا، فقد سمعتما كما سمع القوم؟ فقال: اللهم إنْ كانا كتماها معاندة فأبلهما، فأمّا البراء فعمي، فكان يسأل عن منزله فيقول: كيف يرشد من أدركته الدعوة، وأمّا أنس فقد برصت قدماه، وقيل: لـمّا استشهده عليعليه‌السلام على قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه، واعتذر بالنسيان فقال: اللهم إنْ كان كاذباً فاضربه ببياض لا تواريه العمامة. فبرص وجهه، فسدل بعد ذلك برقعاً على وجهه »(١) .

ورواه أيضاً في كتابه ( روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب ) وهو الكتاب الذي اعتمد عليه أصحاب السير والمؤرخون، كما لا يخفى على من راجع: ( الخميس ) و ( حبيب السير ) و ( إزالة الخفاء ).

(١٣٤)

ذكر عبد الوهاب البخاري

ابن محمد بن رفيع الدين البخاري، حديث الغدير. وسيأتي نصّ كلامه إنْ شاء الله(٢) .

____________________

(١). الأربعين - مخطوط.

(٢). وهو من علماء الهند، وقد ترجمه الشيخ عبد الحق الدهلوي في أخبار الأخيار: ٢٠٦.

١٩٨

(١٣٥)

رواية ابن حجر المكّي

ورواه أحمد بن محمد بن علي بن حجر المكي، ضمن فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « وأنّه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. رواه ثلاثون صحابياً »(١) .

وقال في ( الصواعق ) في الجواب عن حديث الغدير: « وجواب هذه الشبهة التي هي أقوى شبههم، يحتاج إلى مقدمة، وهي بيان الحديث ومخرّجيه، وبيانه: إنّه حديث صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، فطرقه كثيرة جدّاً، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا، وفي رواية لأحمد إنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابيا، وشهدوا به لعلي لـمّا نوزع أيام خلافته كما مر، وسيأتي، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته، ولا لمن ردّه بأن علياً كان باليمن، لثبوت رجوعه منها، وإدراكه الحج مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقول بعضهم: إن زيادة: اللهم وال من والاه إلى آخر موضوعة. مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها »(٢) .

وقال أيضاً: « قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وقد مر في حادي عشر الشّبه أنه رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وأن كثيراً من طرقه صحيح أو

____________________

(١). المنح المكية - شرح القصيدة الهمزية.

(٢). الصواعق المحرقة: ٢٥.

١٩٩

حسن، ومرّ الكلام ثم على معناه مستوفى »(١) .

ترجمته

وتوجد ترجمة ابن حجر المكي في: ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥ والنور السافر ٢٨٧، والبدر الطالع ١ / ١٠٩ وغيرها.

قالالعيدروس: « الشيخ الامام، شيخ الإسلام، خاتمة أهل الفتيا والتدريس، كان بحراً في علم الفقه وتحقيقه لا تدركه الدّلاء، إمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون، وانعقدت عليه خناصر الملأ، إمام اقتدت به الأئمّة وهمام صار في إقليم الحجاز أمة، مصنفاته في العصر آية، يعجز عن الإتيان بمثلها المعاصرون، فهم عنها قاصرون ».

(١٣٦)

رواية المتقي

ورواه علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي في ( كنز العمال )، وقد علمت ذلك من مواضع متعددة من الكتاب.

ترجمته

وتوجد ترجمة المتقي في: أخبار الأخيار ٢٤٥، وسبحة المرجان ٤٣، والنور السافر ٣١٥.

وقد وصفهابن العيدروس: بقوله: « كان من العلماء العاملين، وعباد الله

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٨٤.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424