نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257625 / تحميل: 6463
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

( محمّد إبراهيم الإبراهيم ـ الكويت ـ ٢٣ سنة ـ ثانوية عامّة )

من التزم منهم بوصية الرسول فهو ممدوح :

س : يرجى تزويدي بأسماء جميع معاصرين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصحابة ، مع ذكر الموالي منهم لأهل البيت والمعادي لهم؟ دون الحاجة لذكر الموقف الذي حصل له.

مع خالص شكري وتقديري لجهودكم المبذولة في خدمة الدين والمسلمين ، ودمتم موفّقين إن شاء الله.

ج : فكما روى علماء المذاهب الإسلامية : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً » ، قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عدّة مواطن ، آخرها قبيل وفاته ، ويعتبر هذا الحديث وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أُمّته.

وكذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم غدير خم : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »(١) ، فجمع المسلمين ، وأخذ منهم البيعة لعليعليه‌السلام .

فالصحابة الذين عملوا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتزموا بالبيعة التي أخذها منهم لعليعليه‌السلام يوم غدير خم ، فهؤلاء هم الصحابة الذين استقاموا على الطريق السوي.

نعم ، ربما كان بعض الصحابة ، ولظروف قاسية لم يلتزموا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فترة ، ثمّ عادوا إلى الحقّ ، فهؤلاء أيضاً من الممدوحين.

وما ورد على لسان الروايات بالارتداد بالنسبة إلى الصحابة الذين لم يلتزموا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو ارتداد عن الولاية والإمامة لا ارتداد عن الإسلام.

وكُلّ متفحّص في كتب الحديث والسير والتاريخ سيشخص الصالح من الصحابة من الطالح.

____________

١ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٣.

١٤١

( أحمد ـ ـ سنّي )

حديث لا تسبّوا أصحابي :

س : قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تسبّوا أصحابي ، فإنّ أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه » (١) ، ما صحّة هذا الحديث؟ ومن هو الذي رواه من الصحابة؟

ج : قد روى هذا الحديث أبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وآخرون.

وعلى فرض صحّة الحديث ، فليس المقصود هو أنّه لا تسبّوا كُلّ الصحابة ، حتّى ولو كان منافقاً ، أو فاسقاً ، أو مرتدّاً ، أو ، بل المقصود : لا تسبّوا الصحابة الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، وأطاعوا الله ورسوله ، ويؤيّد هذا قوله تعالى :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم ـ أي من الصحابة ـمَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) ، وأمّا غير المؤمنين من الصحابة لا يغفر لهم.

إذاً فمجرّد اسم الصحابي لا ينفع ، بل لابدّ أن يكون مؤمناً ، وعاملاً للصالحات ، ومطيعاً لله ورسوله.

( أبو أيمن علي ـ الجزائر ـ سنّي )

تساؤلات؟

س : أنا من المداومين على قراءة كتب إخواننا الشيعة وأشرطتهم ، خصوصاً المستبصرين منهم ، وأحاول جهدي الاقتناع بمحصّلاتهم العقائدية ، لكنّني ألاحظ عليهم الكثير من التحفّظات ، وهي كالتالي : مواقفهم المبدئية من بعض الصحابة ، تجعلهم يرمونهم بأيّ كان من النقائص ، كتفسيرهم مثلاً لحادثة الإفك ، والغار ، وغيرها كثير.

____________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ١١ و ٦٤ و ٦ / ٦ ، صحيح البخاري ٤ / ١٩٥ ، سنن أبي داود ٢ / ٤٠٤ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٩.

٢ ـ الفتح : ٢٩.

١٤٢

ألا تعتقدون أنّ ما تقومون به في هذا الموقع يعمّق فجوة الخلاف بين المسلمين؟

ألا تعتقدون الإخوّة في قناة المنار قدوة لكم في حرصهم على الوئام الإسلامي؟ وهناك أسئلة كثيرة أتمنّى أن يتّسع صدركم لها ، ودمتم في رعاية الله.

ج : نحيّي فيكم هذه الروح الشفّافة ، والتطلّع والبحث في كتب الشيعة والمستبصرين منهم ، وهذا كُلّه إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على وجود روح البحث والتحقيق عندكم ، والتجرّد عن تقليد الموروث بلا دليل ، وهذه صفة قلّ من يتّصف بها في عصرنا الحاضر.

وأمّا تحفّظاتكم في مسألة الصحابة ، فإنّ البحث في هذا الموضوع لابدّ وأن يبحث فيه بحثاً مبنائياً ، نشرع فيه من بداية الهرم وحتّى منتهاه ، وبداية الهرم هو مسألة كون الصحابة جميعاً عدول ، وهنا عندنا بعض التحفّظات والأسئلة :

١ ـ هل الصحابة معصومون؟

٢ ـ إذا قلنا : لا ، فكيف نثبت عدالتهم ككُلّ؟!

٣ ـ هل فيهم من قتل بعضهم بعضاً؟

٤ ـ هل فيهم مَن كفّر بعضهم بعضاً؟

٥ ـ هل فيهم من لعن وسبّ وشتم بعضهم بعضاً؟

٦ ـ إذا كان كُلّ هذا موجود ، فكيف نقول بعدالتهم جميعاً؟!

٧ ـ مَن هم المنافقون؟

٨ ـ هل المنافق كافر؟

٩ ـ أم المنافق مَن أظهر الإسلام وأبطن الكفر؟

١٠ ـ هل الآيات الواردة في المنافقين تقصد بعض الصحابة؟

١١ ـ إذاً مَن هم المنافقون من الصحابة؟!

١٢ ـ ألم يضعّف علماء الحديث : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ورموه بالوضع؟!(١) .

____________

١ ـ لسان الميزان ٢ / ١٣٧ و ٣١٢.

١٤٣

١٣ ـ هل أنّ ما استدلّ من آيات على عدالة الصحابة ، هل هو صريح أو يدلّ على عدالة جميعهم ، إذ بحثنا في الكُلّ؟

وبعد كُلّ هذا ، فإذا لم نستطع أن نثبت عدالة جميع الصحابة ، يحقّ لنا بل يجب أن نبحث في حالاتهم وخصوصياتهم ، فمن ثبتت عدالته فهو الصحابي الذي يقتدى به ، ونطمئن بما ينقله من أحاديث ، ومن لم تثبت عدالته وغيّر وبدّل ، فإنّه ليس فقط لا يستحقّ الاقتداء به ، وأخذ معالم الدين منه ، بل يستحقّ لعنة الله والرسول والمؤمنين.

وفي الختام : كما أنّنا نقدّر ما تقوم به قناة المنار من الحفاظ على الوحدة الإسلامية ، والتقريب بين المذاهب ، وهذا فرض على الجميع ، عقيدة نعتقد بها ، ولكن لا ينافي هذا الجلوس على طاولة الحوار الهادئ الهادف ، الحوار الأخوي ، وذلك للوصول إلى نتيجة فيما اختلفنا فيه ، فإن توصّلنا إلى نتيجة فهو المطلوب ، وإلاّ فإنّ اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية.

هذا ، وإنّ وحدتنا وتقاربنا الظاهري مع الاعتراف بوجود اختلافات أساسية ، ومن دون أن نوجد الجوّ الهادئ للحوار الهادف قربة إلى الله ، فإنّ هكذا وحدة سوف لن تستمرّ ، لأنّ الاختلافات ستظهر وستؤثّر ، وربما لو ظهرت ستكون شديدة بعض الشيء ، لأنّ الإخفاء سيولد الكبت ، والكبت يولد الانفجار.

( علي ـ السعودية ـ )

حديث خير القرون قرني :

س : ما مدى صحّة الحديث : « خير القرون قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم »؟ (١) وما هي دلالته؟ جزاكم الله خيراً ، ونفعنا بكم.

____________

١ ـ أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٦١٥ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٣٣١ و ٤ / ٣٠٥ ، الإصابة ١ / ٢١ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٨٣.

١٤٤

ج : في الجواب نشير إلى نقاط :

١ ـ إنّ هذا الحديث وأمثاله لم يرد من طرق الشيعة ، وإنّما ورد من طرق أهل السنّة ، وهو لا يمكن أن يكون حجّة علينا ، لأنّ قانون المناظرة والمحاججة أن تذكر المسائل المتّفق عليها بين الطرفين ، أو أن يحتجّ بما وافق عليه الطرف الآخر ، «ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم »(١) .

٢ ـ بعد الإغماض عمّا في سند هذا الحديث عند أهل السنّة ، فإنّه لا دلالة لهذا الحديث على ما يقصده أهل السنّة منه ، وذلك بادعائهم خيرية جميع الناس الموجودين في قرن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ قولنا : إنّ قريش أفصح العرب وأكرمهم ، لا يقتضي لغة وعرفاً أن يكون كُلّ واحد من آحاده كذلك ، لظهور وجود الآحاد المتّصفة بأضداد ذلك.

٣ ـ هذا الحديث معارض بما رواه أهل السنّة عن عمر ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتدرون أيّ الخلق أفضل إيماناً »؟ قالوا : الملائكة ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، قالوا : الأنبياء ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، ثمّ قال : « أفضل الخلق إيماناً قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني ، فهم أفضل الخلق إيماناً »(٢) .

٤ ـ وكذلك هذا الحديث معارض بأحاديث أُخرى مثل : « مثل أُمّتي مثل المطر ، لا يدرى أوّله خير أم آخره »(٣) ، وقوله : « ليدركن المسيح أقواماً ، إنّهم لمثلكم أو خير ثلاثاً »(٤) .

٥ ـ إن مظلومية أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر متسالم عليه ، وكُلّ ما ذكرته كتب الحديث والتاريخ ممّا جرى على فاطمةعليها‌السلام ، وعلي أمير المؤمنين

____________

١ ـ تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٢.

٢ ـ فيض القدير ٤ / ٣٦٩ ، كنز العمّال ١٢ / ١٨٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٤ / ١٧٢.

٣ ـ مسند أحمد ٣ / ١٣٠ و ١٤٣ و ٤ / ٣١٩ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٦٨ ، مسند أبي داود : ٩٠ و ٢٧٠ ، مسند أبي يعلى ٦ / ٣٨٠.

٤ ـ فتح الباري ٧ / ٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٤ / ٥٦٧ و ٨ / ٥٤٨.

١٤٥

والحسنينعليهم‌السلام ، كُلّ هذا كان في تلك البرهة من الزمن ، وكُلّ الفتن كانت في تلك البرهة من الزمن!!

فكيف يعبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تلك الفترة بأنّها ، وفيها سفكت دماء أهل بيتهعليهم‌السلام ، وظلمت ابنته ، وقتل الحسن والحسينعليهما‌السلام ؟!

كُلّ ذلك ، وقد أخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ما يجري على أهل بيته بأحاديث كثيرة.

ولا تنس عزيزي القارئ فترة بني أُمية التي كانوا يسبّون فيها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ويلعنونه على المنابر.

٦ ـ كُلّ ما جرى من محن على أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك ما جرى من فتن عمياء ، كُلّ ذلك جرى من أناس شاهدوا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو شاهدوا من شاهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتكون الحجّة عليهم أكمل ، والعقاب أشدّ بكثير ممّن لم تتمّ عليهم الحجّة.

وأخيراً : فإنّ هذا الحديث وأمثاله لا يمكن أن يستند عليه باحث متجرّد عن أيّ تعصّب ، هدفه إصابة الحقّ.

إضافة إلى أنّ اختلاف الأئمة نشأ نتيجة اختلاف القرن الأوّل الذي وقعت فيه الحروب ، وسفكت الدماء وقتل بعضهم بعضاً.

( ـ ـ سنّي )

الرسول لم يصلحهم :

س : لقد قرأت الكثير عن الشيعة أو الرافضة ، ولكن عندي ملاحظة على موضوع الصحابة ، واتهامكم لهم ، ألم يستطع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلح الصحابة؟ ألم يستطع أن يحذّرنا منهم؟ وهم من حملوا لنا رسالة الإسلام والقرآن ، وأوصلوه لنا بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألم يستطع علي رضی‌الله‌عنه أن يخلّصنا منهم؟ وهو أشجع الرجال وأقواهم.

١٤٦

ج : إنّ الشيعة ليس لها عداء شخصي وخصومة مع الصحابة ، بل وبعبارة واضحة : لا تعتقد ولا تلتزم بما سمّوه الآخرين بـ « عدالة الصحابة» ، أي لم تر أصلاً موضوعياً ـ من الكتاب والسنّة والعقل والإجماع ـ في المقام يطهّر الصحابة بأجمعهم عن الخطأ والزلل ، وهذا لم يكن اتهاماً منّا لهم ، بل هو نتيجة متابعة الدليل والعقل.

وأمّا الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو وإن كان يستطيع أن يصلح المنحرف منهم بالقدرة الإلهية والمعجزة ، ولكن ليس هذا دأب الرسل ، ولم تكن وظيفته تفرض عليه أن يعالج كافّة الانحرافات بالقهر والغلبة :( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) (١) ، وإلاّ فأين دور الامتحان والاختبار؟!

وهكذا كان معاملة الإمام عليعليه‌السلام معهم ، فكان يداريهم ما لم يقفوا في وجه الحكومة ، ثمّ عندما أقدموا على محاربته تصدّى لهم.

وأمّا أنّ رسالة الإسلام والقرآن قد وصلت إلينا بواسطة المنحرفين من الصحابة ، فهذا بهتان عظيم ، بل أنّ المعارف والأحكام كانت لها حملة لا تأخذهم في الله لومة لائم ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام ، والخطّ الموالي لهم في مختلف العصور والفترات دون انقطاع ، وحاش للإسلام أن يحتاج لبعض المنحرفين والمنافقين والظلمة ـ وإن تلبّسوا بزيّ الصحابة ـ في نقل ثقافته وفكره إلى الأجيال.

وهنا نشير إلى نكتة مهمّة في مقام النقض وهي : إنّ الكثير من الأنبياء والرسل السابقين على نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يستطيعوا أن يبلّغوا رسالات ربّهم ، بل قُتلوا وشرّدوا ، فهل يصحّ لنا أن نعترض ونقول : ألم يستطيعوا أن يصلحوا أُمّتهم؟!

القضية ليست قضية استطاعة وعدمها ، وإنّما اختبار وامتحان ، فالأنبياء والرسل بعثوا ليوضّحوا للناس البينات ،( وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ

____________

١ ـ الغاشية : ٢١ ـ ٢٢.

١٤٧

اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ) (١) ،( وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ ) (٢) ، وذلك :( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (٣) .

وثمّة مسألة أُخرى وهي : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نوّه إلى مسألة ما سيحدث بعده من الاختلاف بين الصحابة ، وأن بعضهم سيضرب رقاب بعض ، وأنّهم سيرجعون بعدّه مرتدّين.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّكم محشورون إلى الله تعالى ، ويؤخذ بقوم منكم ذات الشمال ، فأقول : يا ربّ أصحابي! فيقال لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم مذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح :( كُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا توفّيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) (٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليردن عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني ، حتّى إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولن : ربّ أصحابي أصحابي؟ فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك »(٥) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بينا أنا قائم فإذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلمّ ، فقلتُ : أين؟ قال : إلى النار والله ، قلتُ : ما شأنهم؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقري ، ثمّ إذا زمرة فلا أراهم يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم ، فأقول : أصحابي أصحابي ، فقيل : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : بُعداً بُعداً ـ أو : سحقاً سحقاً ـ لمن بدّل بعدي »(٦) .

____________

١ ـ البقرة : ٩٢.

٢ ـ البقرة : ٩٩.

٣ ـ الأنفال : ٤٢.

٤ ـ المائدة : ١١٧ ، مسند أحمد ١ / ٢٣٥ و ٢٥٣ ، صحيح البخاري ٤ / ١١٠ و ١٤٣ و ٥ / ١٩٢ و ٢٤٠ و ٧ / ١٩٥ ، صحيح مسلم ٨ / ١٥٧.

٥ ـ مسند أحمد ٥ / ٤٨ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، صحيح مسلم ٧ / ٧٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٥ ، مسند ابن راهويه ١ / ٣٧٩.

٦ ـ صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ١٣٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ١٠٨.

١٤٨

( السيّد يوسف البيومي ـ لبنان ـ ٢٥ سنة ـ طالب جامعة وحوزة )

تفسير آية( محمّد رَّسُولُ اللهِ )

س : إنّ هناك آية في القرآن الكريم تتكلّم عن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسنّة يستدلّون بها على عدالتهم ، وهذه الآية هي : ( محمّد رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء ) (١) ، فما هو التفسير الحقيقي لهذه الآية؟ وكيف يمكن أن ندحض زعمهم؟ ولكم الأجر والثواب.

ج : ننقل لكم نصّ ما قاله الشيخ المفيدقدس‌سره حول الآية في كتابه « الإفصاح » : « فإن قال : أفليس الله تعالى يقول في سورة الفتح :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) ، وقد علمت الكافّة أنّ أبا بكر وعمر وعثمان من وجوه أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورؤساء من كان معه ، وإذا كانوا كذلك فهم أحقّ الخلق ، بما تضمّنه القرآن من وصف أهل الإيمان ، ومدحهم بالظاهر من البيان ، وذلك مانع من الحكم عليهم بالخطأ والعصيان؟!

قيل لهم : إنّ أوّل ما نقول في هذا الباب : أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، ومن تضيفه الناصبة إليهم في الفضل ـ كطلحة والزبير ، وسعد وسعيد ، وأبي عبيدة ، وعبد الرحمن ـ لا يتخصّصون من هذه المدحة بما خرج عنه أبو هريرة وأبو الدرداء ، بل لا يتخصّصون بشيء لا يعمّ عمرو بن العاص ، وأبا موسى الأشعري ، والمغيرة بن شعبة ، وأبا الأعور السلمي ، ويزيد ومعاوية بن أبي سفيان ، بل لا يختصّون منه بشيء دون أبي سفيان صخر بن حرب ، وعبد الله ابن أبي سرح ، والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، والحكم بن أبي العاص ،

____________

١ ـ الفتح : ٢٩.

١٤٩

ومروان بن الحكم ، وأشباههم من الناس ، لأنّ كُلّ شيء أوجب دخول من سمّيتهم في مدحة القرآن ، فهو موجب دخول من سمّيناه ، وعبد الله بن أبي سلول ، ومالك بن نويرة ، وفلان وفلان ، إذ إنّ جميع هؤلاء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كان معه ، ولأكثرهم من النصرة للإسلام ، والجهاد بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والآثار الجميلة والمقامات المحمودة ما ليس لأبي بكر وعمر وعثمان ، فأين موضع الحجّة لخصومنا في فضل من ذكره على غيره؟ من جملة من سمّيناه ، وما وجه دلالتهم منه على إمامتهم ، فإنا لا نتوهّمه ، بل لا يصحّ أن يدّعيه أحد من العقلاء؟!

ثمّ يقال لهم : خبّرونا عمّا وصف الله تعالى به من كان مع نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تضمّنه القرآن ، أهو شامل لكُلّ من كان معهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الزمان ، أم في الصقع والمكان ، أم في ظاهر الإسلام ، أم في ظاهره وباطنه على كُلّ حال ، أم الوصف به علامة تخصيص مستحقّه بالمدح دون من عداه ، أم لقسم آخر غير ما ذكرناه؟

فإن قالوا : هو شامل لكُلّ من كان مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الزمان أو المكان أو ظاهر الإسلام.

ظهر سقوطهم وبان جهلهم ، وصرّحوا بمدح الكفّار وأهل النفاق ، وهذا ما لا يرتكبه عاقل.

وإن قالوا : إنّه يشمل كُلّ من كان معه على ظاهر الديانة وباطنها معاً ، دون من عددتموه من الأقسام.

قيل لهم : فدلّوا على أئمّتكم وأصحابكم ، ومن تسمّون من أوليائكم ، أنّهم كانوا في باطنهم على مثل ما أظهروه من الإيمان ، ثمّ ابنوا حينئذ على هذا الكلام ، وإلاّ فأنتم مدعون ومتحكّمون بما لا تثبت معه حجّة ، ولا لكم عليه دليل ، وهيهات أن تجدوا دليلاً يقطع به على سلامة بواطن القوم من الضلال ، إذ ليس به قرآن ولا خبر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن اعتمد فيه على غير هذين ، فإنّما اعتمد على الظنّ والحسبان.

١٥٠

وإن قالوا : إنّ متضمّن القرآن من الصفات المخصوصة ، إنّما هي علامة على مستحقّي المدحة من جماعة مظهري الإسلام ، دون أن تكون منتظمة لسائرهم على ما ظنّه الجهّال.

قيل لهم : فدلّوا الآن على من سمّيتموه كان مستحقّاً لتلك الصفات ، لتتوجّه إليه المدحة ، ويتمّ لكم فيه المراد ، وهذا ما لا سبيل إليه حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط.

ثمّ يقال لهم : تأمّلوا معنى الآية ، وحصّلوا فائدة لفظها ، وعلى أيّ وجه تخصص متضمّنها من المدح ، وكيف مخرج القول فيها؟ تجدوا أئمّتكم أصفاراً ممّا ادعيتموه لهم منها ، وتعلموا أنّهم باستحقاق الذمّ وسلب الفضل بدلالتها منهم بالتعظيم والتبجيل من مفهومها ، وذلك أنّ الله تعالى ميّز مثل قوم من أصحاب نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتبه الأُولى ، وثبوت صفاتهم بالخير والتقى في صحف إبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام ، ثمّ كشف عنهم بما ميّزهم به من الصفات التي تفرّدوا بها من جملة المسلمين ، وبانوا بحقيقتها عن سائر المقرّبين.

فقال سبحانه :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ ) وكأنّ تقدير الكلام : إنّ الذين بينت أمثالهم في التوراة والإنجيل من جملة أصحابك ومن معك ـ يا محمّد ـ هم أشدّاء على الكفّار ، والرحماء بينهم الذين تراهم ركّعاً سجّداً ، يبتغون فضلاً من الله ورضواناً.

وجرى هذا في الكلام مجرى من قال : زيد بن عبد الله إمام عدل ، والذين معه يطيعون الله ، ويجاهدون في سبيل الله ، ولا يرتكبون شيئاً ممّا حرّم الله ، وهم المؤمنون حقّاً دون من سواهم ، إذ هم أولياء الله الذين تجب مودّتهم دون من معه ممّن عداهم ، وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، فالواجب أن تستقرئ الجماعة في طلب هذه الصفات ، فمن كان عليها منهم فقد توجّه إليه المدح

١٥١

وحصل له التعظيم ، ومن كان على خلافها ، فالقرآن إذاً منبّه على ذمّه ، وكاشف عن نقصه ، ودالّ على موجب لومه ، ومخرج له عن منازل التعظيم.

فنظرنا في ذلك واعتبرناه ، فوجدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وجعفر بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعبيدة بن الحارث ، وعمّار بن ياسر ، والمقداد ابن الأسود ، وأبا دجانة ـ وهو سمّاك بن خرشة الأنصاري ـ وأمثالهم من المهاجرين والأنصار ( رضي الله عنهم ) ، قد انتظموا صفات الممدوحين من الصحابة في متضمّن القرآن.

وذلك أنّهم بارزوا من أعداء الملّة الأقران ، وكافحوا منهما الشجعان ، وقتلوا منهم الأبطال ، وسفكوا في طاعة الله سبحانه دماء الكفّار ، وبنوا بسيوفهم قواعد الإيمان ، وجلوا عن نبيّهمصلى‌الله‌عليه‌وآله الكرب والأحزان ، وظهر بذلك شدّتهم على الكفّار ، كما وصفهم الله تعالى في محكم القرآن ، وكانوا من التواصل على أهل الإسلام ، والرحمة بينهم على ما ندبوا إليه ، فاستحقّوا الوصف في الذكر والبيان.

فأمّا إقامتهم الصلاة وابتغاؤهم من فضل الله تعالى القربات ، فلم يدفعهم عن علو الرتبة في ذلك أحد من الناس ، فثبت لهم حقيقة المدح لحصول مثلهم فيما أخبر الله تعالى عنهم في متقدّم الكتب ، واستغنينا بما عرفنا لهم ممّا شرحناه في استقراء غيرهم ، ممّن قد ارتفع في حاله الخلاف ، وسقط الغرض بطلبه على الاتفاق.

ثمّ نظرنا فيما ادعاه الخصوم لأجل أئمّتهم ، وأعظمهم قدراً عندهم من مشاركة من سمّيناه فيما ذكرنا من الصفات وبيّناه ، فوجدناهم على ما قدّمناه من الخروج عنها ، واستحقاق أضدادها على ما رسمناه.

وذلك أنّه لم يكن لأحد منهم مقام في الجهاد ، ولا عرف لهم قتيل من الكفّار ، ولا كلّم كلاماً في نصرة الإسلام ، بل ظهر منه الجزع في مواطن القتال ، وفرّ في يوم خيبر وأُحد وحنين ، وقد نهاهم الله تعالى عن الفرار ، وولّوا

١٥٢

الأدبار ، مع الوعيد لهم على ذلك في جلي البيان ، وأسلموا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للحتوف في مقام بعد مقام ، فخرجوا بذلك عن الشدّة على الكفّار ، وهان أمرهم على أهل الشرك والضلال ، وبطل أن يكونوا من جملة المعنيين بالمدحة في القرآن ، ولو كانوا على سائر ما عدا ما ذكرناه من باقي الصفات ، وكيف وأنّى يثبت لهم شيء منها بضرورة ولا استدلال ، لأنّ المدح إنّما توجّه إلى من حصل له مجموع الخصال في الآية دون بعضها ، وفي خروج القوم من البعض بما ذكرناه ، ممّا لا يمكن دفعه إلاّ بالعناد ، ووجوب الحكم عليهم بالذمّ بما وصفناه؟! وهذا بيّن جلي والحمد لله.

ثمّ يقال لهم : قد روى مخالفوكم عن علماء التفسير من آل محمّدعليهم‌السلام : أنّ هذه الآية إنّما نزلت في أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمّةعليهم‌السلام من بعدهم خاصّة دون سائر الناس ، وروايتهم لما ذكرنا عمّن سمّينا أولى بالحقّ والصواب ، ممّا ادعيتموه بالتأويل والظنّ الحسبان والرأي ، لإسنادهم مقالتهم في ذلك إلى من ندب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرجوع إليه عند الاختلاف ، وأمر باتباعه في الدين ، وأمن متبعه من الضلال.

ثمّ إنّ دليل القرآن يعضده البيان ، وذلك أنّ الله تعالى أخبر عمّن ذكره بالشدّة على الكفّار ، والرحمة لأهل الإيمان ، والصلاة له ، والاجتهاد في الطاعات ، بثبوت صفته في التوراة والإنجيل ، وبالسجود لله تعالى وخلع الأنداد ، ومحال وجود صفة ذلك لمن سجوده للأوثان ، وتقرّبه لللات والعزّى دون الله الواحد القهّار ، لأنّه يوجب الكذب في المقال ، أو المدحة بما يوجب الذمّ من الكفر والعصيان.

وقد اتفقت الكافّة على أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، وطلحة والزبير ، وسعداً وسعيداً ، وأبا عبيدة وعبد الرحمن ، قد عبدوا قبل بعثة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الأصنام ، وكانوا دهراً طويلاً يسجدون للأوثان من دون الله تعالى ، ويشركون به الأنداد ، فبطل أن تكون أسماؤهم ثابتة في التوراة والإنجيل ، بذكر السجود على ما نطق به القرآن ، وثبت لأمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيتهعليهم‌السلام ذلك ، للاتفاق على أنّهم لم يعبدوا قط غير الله تعالى ، ولا سجدوا لأحد سواه ، وكان

١٥٣

مثلهم في التوراة والإنجيل واقعاً موقعه على ما وصفناه ، مستحقّاً به المدحة قبل كونه ، لما فيه من الإخلاص لله سبحانه على ما بيّناه.

ووافق دليل ذلك برهان الخبر عمّن ذكرناه ، من علماء آل محمّدعليهم‌السلام ، بما دلّ به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من مقاله الذي اتفق العلماء عليه ، وهذا أيضاً ممّا لا يمكن التخلّص منه مع الإنصاف.

ثمّ يقال لهم : خبّرونا عن طلحة والزبير ، أهما داخلان في جملة الممدوحين بقوله تعالى :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ ) إلى آخره ، أم غير داخلين في ذلك؟

فإن قالوا : لم يدخل طلحة والزبير ونحوهما في جملة القوم.

خرجوا من مذاهبهم ، وقيل لهم : ما الذي أخرجهم من ذلك ، وأدخل أبا بكر وعمر وعثمان ، فكُلّ شيء تدعونه في استحقاق الصفات ، فطلحة والزبير أشبه أن يكونا عليها منهم ، لما ظهر من مقاماتهم في الجهاد ، الذي لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان فيه ذكر على جميع الأحوال؟!

فلا يجدون شيئاً يعتمدون عليه في الفرق بين القوم ، أكثر من الدعوى الظاهرة الفساد.

وإن قالوا : إنّ طلحة والزبير في جملة القوم الممدوحين بما في الآية.

قيل لهم : فهلاّ عصمهما المدح الذي ادعيتموه لهم ، من دفع أمير المؤمنينعليه‌السلام عن حقّه ، وإنكار إمامته ، واستحلال حربه ، وسفك دمه ، والتديّن بعداوته على أيّ جهة شئتم : كان ذلك من تعمّد ، أو خطأ ، أو شبهة ، أو عناد ، أو نظر ، أو اجتهاد!

فإن قالوا : إنّ مدح القرآن ـ على ما يزعمون ـ لم يعصمهما من ذلك ، ولابدّ من الاعتراف بما ذكرناه ، لأنّ منع دفعه جحد الاضطرار.

قيل لهم : فبما تدفعون أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، قد دفعوا أمير المؤمنينعليه‌السلام عن حقّه ، وتقدّموا عليه وكان أولى بالتقدّم عليهم ، وأنكروا إمامته وقد كانت ثابتة ، ودفعوا النصوص عليه وهي له واجبة ، ولم يعصمهم

١٥٤

ذلك ، ثمّ توجّه المدح لهم من الآية ، كما لم يعصم طلحة والزبير ممّا وصفناه ، ووقع منهم في إنكار حقّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما وقع من الرجلين المشاركين لهم فيما ادعيتموه من مدح القرآن ، وعلى الوجه الذي كان منهما ذلك ، من تعمّد أو خطأ أو شبهة أو اجتهاد أو عناد؟ وهذا ما لا سبيل لهم إلى دفعه ، وهو مبطل لتعلّقهم بالآية ، ودفع أئمّتهم عن الضلالة ، وإن سلم لهم منها ما تمنّوه تسليم جدل للاستظهار.

ويؤكّد ذلك : أنّ الله تعالى مدح من وصف بالآية ، بما كان عليه في الحال ، ولم يقض بمدحه له على صلاح العواقب ، ولا أوجب العصمة له من الضلال ، ولا استدامة لما استحقّ به المدحة في الاستقبال.

ألا ترى أنّه سبحانه قد اشترط في المغفرة لهم والرضوان ، الإيمان في الخاتمة ، ودلّ بالتخصيص لمن اشترط له ذلك ، على أنّ في جملتهم من يتغيّر حاله ، فيخرج عن المدح إلى الذمّ واستحقاق العقاب ، فقال تعالى فيما اتصل به من وصفهم ومدحهم بما ذكرناه من مستحقّهم في الحال :( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (١) .

فبعضهم في الوعد ولم يعمهم به ، وجعل الأجر مشترطاً لهم بالأعمال الصالحة ، ولم يقطع على الثبات ، ولو كان الوصف لهم بما تقدّم موجباً لهم الثواب ، ومبيّناً لهم المغفرة والرضوان ، لاستحال الشرط فيهم بعده وتناقض الكلام ، وكان التخصيص لهم موجباً بعد العموم ظاهر التضاد ، وهذا ما لا يذهب إليه ناظر ، فبطل ما تعلّق به الخصم من جميع الجهات ، وبان تهافته على اختلاف المذاهب في الأجوبة والإسقاطات ، والمنّة لله »(٢) .

____________

١ ـ الفتح : ٢٩.

٢ ـ الإفصاح : ١٣٩.

١٥٥

( عبد الله النمر ـ السعودية ـ )

حقيقة الخلاف حولهم بين الشيعة والسنّة :

س : أُريد معرفة حقيقة الخلاف بين الشيعة وأهل السنّة في مسألة الصحابة؟

ج : الكلام حول عدالة الصحابة عنوان وتعبير لا يرسم حقيقة الخلاف بين الشيعة الإمامية وأهل السنّة ، لأنّ الخلاف ليس في كُلّ الصحابة ، فانّ الإمامية تعدل الصحابة ممّن تابع ووالى علياًعليه‌السلام ـ كسلمان والمقداد وعمّار وأبي ذر ، وخالد بن سعيد بن العاص وأخيه ، وابن التيّهان وذي الشهادتين ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبي بردة الأسلمي ، وغيرهم جمع غفير ممّن والى علياًعليه‌السلام ـ وكذلك غالب وجلّ الأنصار فإنّهم ممدوحون عندهم.

وإنّما الخلاف حقيقة هو في أصحاب السقيفة ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ القرآن الكريم قد نطق بوجود المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ، والمرجفون ، ومنهم الذين يلمزون رسول الله في الصدقات ، ومنهم الذين يؤذون النبيّ ، ويقولون : هو أُذن ، ومنهم من عاهد الله ونكث ، ومنهم الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين ، ومنهم المخلّفون بمقعدهم ، ومنهم الخوالف ، ومنهم المعذرون ، ومنهم الذين مردوا على النفاق ، ومنهم المرجون ، ومنهم الذين ارتابت قلوبهم ، ومنهم الذين ابتغوا الفتنة ، ومنهم أهل الإفك ، وغيرهم من الطوائف التي نصّ عليها القرآن ، فكما قد مدح طائفة منهم ، فقد ذمّ طوائف عديدة كثيرة ، أفتؤمنون ببعض وتكفرون ببعض؟!

وفي سورة المدّثر ـ وهي رابع سورة من البعثة ، نزلت على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يشير القرآن إلى اندساس مجموعة في صفوف المسلمين الأوائل ، ويطلق عليهم اسم( الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) (١) ، أي ممّن يظهر الإسلام ويبطن المرض في قلبه ، وقد فسّرت سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله معنى المرض ، وهو الظغينة والعداء للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

١ ـ المائدة : ٥٢.

١٥٦

وخاصّته ، وقد ذمّ القرآن بعض أهل بدر في سورة الأنفال ، كما ذمّ بعض أهل أُحد في سورة آل عمران ، كما ذمّ طوائف من الصحابة في واقعة الأحزاب في سورة الأحزاب وسورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذمّ جماعة منهم في واقعة حنين.

بل في واقعة أُحد قال تعالى :( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) (١) .

وقد اشترط القرآن الكريم لنجاة الصحابي وكُلّ مسلم شرائط ، إن وفى بها نجى وسلم وفاز ، وإلاّ فيهلك ويخسر ، لقوله تعالى مخاطباً أصحاب بيعة الرضوان :( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) ، فالناكث هالك منهم بحكم القرآن الكريم ، ومن ثمّ اصطلح بين الصحابة اشتراط أن لا يبدّل الواحد منهم في الدين ، ولا يحدث حدث.

وفي ذيل سورة الفتح ، وعد القرآن بعض الذين مع الرسول بالنجاة فقال :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٣) ، فقال تعالى :( مِنْهُم ) أي بعضهم لا كُلّهم.

وقد روى البخاري ومسلم في كتاب الفتن والعلم : إنّ جمع من الصحابة يرتدّون على أدبارهم القهقري بعد رسول الله ، ويبعدون عن حوض الكوثر ، ويختلسون دون رسول الله ، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ربّ أصحابي أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً »(٤) .

____________

١ ـ آل عمران : ١٤٤.

٢ ـ الفتح : ١٠.

٣ ـ الفتح : ٢٩.

٤ ـ مسند أحمد ٢ / ٣٠٠ و ٣ / ٢٨ و ٥ / ٣٣٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ و ٨ / ٨٧ ، صحيح مسلم ١ / ١٥١ و ٧ / ٦٦ ، السنن الكبرى للبيهقي ٤ / ٧٨.

١٥٧

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

عدم ثبوت توبة طلحة والزبير :

س : هل ثبتت توبة الزبير ابن العوام بعد محاربته للإمام عليعليه‌السلام ؟

إذ إنّ كثيراً من المصادر التاريخية تذكر أنّ الزبير انسحب من المعركة بعد أن ذكّره أمير المؤمنينعليه‌السلام بكلام ، فتبعه ابن جرموز فقتله ، وهو يصلّي ، وأصبح ابن جرموز فيما بعد من كبار الخوارج.

وهل صحّت توبة طلحة ، إذ إنّ المصادر تذكر أن مروان بن الحكم قتله أثناء المعركة؟ حتّى يختلط الحابل بالنابل ، فهل أراد طلحة الانسحاب من المعركة ـ كالزبير ـ فقتله مروان حتّى لا يتمّ الصلح؟

ج : إنّ طلحة والزبير قد ضلاّ وأضلاّ الكثير بنكثهما البيعة مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبهذا أصبحا جاحدين لإمام زمانهما ، وشملهما الحديث : «من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية »(١) .

وأيضاً قد فقدا إيمانهما بخروجهما على إمام زمانهما ، فاعتُبرا من الغاوين المنحرفين.

وأمّا توبتهما فلم تثبت بطريق صحيح ، لأنّهما قُتلا وهما مصمّمان على الحرب مقيمان على الفسق ، ولو كانا تائبين للزمهما أن يصرّحا بخطئهما ، وظلمهما واعتداءاتهما ، ثمّ كان يجب عليهما الحضور في معسكر الإمامعليه‌السلام ، وإطاعة أوامره ونواهيه ، لا الانسحاب والفرار من المعركة ؛ إذ قد يحتمل أن انسحاب الزبير كان بسبب بدو العجز والانكسار في معسكر الضلال.

وأمّا قضية طلحة فهي أوضح ، لأنّه كان عازماً على الاستمرار في القتال إلى أن غدر به صاحبه.

____________

١ ـ كتاب السنّة : ٤٨٩ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢٢٥ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ، المعجم الأوسط ٦ / ٧٠.

١٥٨

وبالجملة : فهما إلى النار ، ولا سبيل إلى فرض صحّة توبتهما ؛ وهذا ما عليه أعلام الشيعة ، كالشيخ المفيد وغيره من وجوه الطائفة.

( فراس العبدواني ـ ـ )

لا يصحّ الترضي على جميعهم :

س : هل صحيح أنّه يستحبّ الترضي للصحابة ، ولا يصحّ أن يقال بعد ذكر اسم الإمام علي بقول عليه‌السلام أو ( كرّم الله وجهه ) ، والصحيح أن يقال : رضی‌الله‌عنه .

ج : هذه دعوى بلا دليل ، إذ إنّ من الصحابة :

١ ـ يسار بن سبع ـ المعروف بأبي الغادية الجهني ـ وهو من الصحابة بإجماع أهل السنّة ، وهو قاتل عمّار بن ياسررضی‌الله‌عنه ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : « قاتل عمّار وسالبه في النار »(١) ، فهذا الشخص في النار بشهادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما اعترف شيخ الوهّابية ناصر الدين الألباني ، فكيف ترضى على أهل النار؟!

٢ ـ مسلم بن عقبة المري ، ذكره ابن عساكر وابن حجر من الصحابة(٢) ، وهو الذي غزا المدينة ، واستباح بنات الصحابة والتابعين ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «من آذى أهل المدينة آذاه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة »(٣) ، واعترف النووي بأنّه من أهل النار ، فكيف تترضى عليه؟!

٣ ـ بسر بن أرطاة ، قد أوقع بأهل المدينة ومكّة أفعال قبيحة ، وآذى الصحابة ، وارتكب الأُمور العظام منها ما نقله أهل الأخبار والحديث : من ذبحه عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، وهما

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ٣٨٧ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٤ و ٩ / ٢٩٧ ، الآحاد والمثاني ٢ / ١٠٢ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٣٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٣ / ٤٧٤.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٥٨ / ١٠٢ ، الإصابة ٦ / ٢٣٢.

٣ ـ مجمع الزوائد ٣ / ٣٠٧ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٤٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٢٣٧ ، فيض القدير ٦ / ٢٥.

١٥٩

صغيران بين يدي أُمّهما ، وكان معاوية سيّره إلى الحجاز واليمن ليقتل شيعة علي ، ويأخذ البيعة له ، فسار إلى المدينة ففعل بها أفعالاً شنيعة ، وسار إلى اليمن ففعل فيها كذلك.

وقال الدارقطني : « بسر بن أرطاة له صحبة ، ولم تكن له استقامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودخل المدينة فهرب منه كثير من أهلها ، وقتل فيها كثيراً ، وأغار على همدان باليمن ، وسبى نساءهم ، فكنّ أوّل مسلمات سُبين في الإسلام »(١) .

فكيف ترضى على القتلة المستبيحين للنفس المحرّمة ، وللزنا؟!

٤ ـ معاوية بن خديج أو حديج ، ذكروا في ترجمته أنّه كان صحابياً ، وكان من أسبّ الناس لعليعليه‌السلام ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : « من سبّ علياً فقد سبّني »(٢) ، فكيف تترضى على رجل يسبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

٥ ـ المغيرة بن شعبة ، ولي لمعاوية الكوفة ، وكان ينال من عليعليه‌السلام ، ولم يكتفِ بذلك ، بل أمر الولاة بالنيل منه ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «ولا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق »(٣) ، فكيف تترضى على المنافقين؟!

٦ ـ مروان بن الحكم ، كان يسبّ علياًعليه‌السلام ، فكيف تترضى عليه؟!

٧ ـ معاوية بن أبي سفيان ، كان يسبّ علياً ، ويأمر الولاة بسبّه ، فكيف تترضى عليه؟!

____________

١ ـ أُسد الغابة ١ / ١٨٠ ، تهذيب ٤ / ٦٢.

٢ ـ مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، ذخائر العقبى : ٦٦ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢١ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٣٣ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٩ ، نظم درر السمطين : ١٠٥ ، الجامع الصغير ٢ / ٦٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ٥٧٣ و ٦٠٢ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٣٢ و ٣٠ / ١٧٩ و ٤٢ / ٢٦٦ و ٥٣٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩١ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٥٠ و ٢٩٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٥٢ و ٢ / ١٠٢ و ١٥٦ و ٢٧٤ و ٣٩٥ ، جواهر المطالب ١ / ٦٥.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٨ / ١١٩ و ٩ / ١٧٢ و ١٨ / ٢٤ ، كنز العمّال ١٤ / ٨١ ، تاريخ مدينة دمشق ١٢ / ٣٩٨ و ٤٢ / ١٣٤ و ٢٧٩ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ ، جواهر المطالب ١ / ٢٥٠ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٧٩ و ٤٩٢.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

الصالحين، على جانب عظيم من الورع والتقوى، والاجتهاد في العبادة ورفض السّوى، له مصنّفات عديدة، وذكروا عنه أخباراً حميدة فما كان هذا الرجل إلّا من حسنات الدهر، وخاتمة أهل الورع، ومفاخر الهند، وشهرته تغني عن ترجمته، وتعظيمه في القلوب يغني عن مدحه ».

(١٣٧)

ذكر محمد طاهر الفتني

حديث الغدير في ( مجمع البحار ) نقلاً عن النهاية حيث قال:

« إسم المولى يقع على: الربّ، والمالك، والسيّد، والمنعم، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه، وأكثرها جاء في الحديث، وكل من ولّي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليّه، وقد يختلف مصادرها، فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والعتق، وبالكسر في الامارة، والولاء في المعتق، والموالاة من والى القوم، ومنه: من كنت مولاه فعلي مولاه ، يحمل على أكثر الأسماء المذكورة »(١) .

____________________

(١). مجمع البحار -: مادة ولي. وتوجد ترجمه الفتني في النور السافر ٣٦١ وأخبار الأخيار ٢٦٨ وسبحة المرجان في آثار هندوستان ٤٣ وأبجد العلوم ٨٩٥ وتفصيل الكلمات في حقه في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢٠١

(١٣٨)

ذكر ميرزا مخدوم

ابن عبد الباقي حديث الغدير، وتصريحه بتواتره، مع ما هو عليه من التعصّب والعناد، وقد تقدم ذلك سابقاً.

(١٣٩)

رواية القاري

ورواه علي بن سلطان محمد الهروي القاري، فقد قال في شرح قول الخطيب التبريزي: « رواه أحمد والترمذي » ما نصّه: « وفي الجامع رواه أحمد وابن ماجة عن البراء، وأحمد عن بريدة، والترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم. ففي إسناد المصنّف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى. و في رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة بلفظ: من كنت وليّه فعلي وليّه. وروى المحاملي في أماليه عن ابن عباس ولفظه: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه »(١) .

ترجمته

قالالمحبي: « أحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

٢٠٢

وتنقيح العبارات، وشهرته كافية عن الإِطراء في وصفه، إشتهر ذكره، وطار صيته، وألّف التآليف الكثيرة اللطيفة، المحتوية على الفوائد الجليلة »(١) .

وكذا ترجمه الشوكاني(٢) ، والقنوجي(٣) ، وسيأتي عبارتهما في قسم حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ).

(١٤٠)

رواية المناوي

ورواه شمس الدين محمد المدعوّ بعبد الرءوف المناوي في ( كنوز الحقائق ) حيث قال: « من كنت مولاه فعلي مولاه. حم »(٤) .

وقال في شرحه في ( فيض القدير ): « قال ابن حجر: حديث كثير الطّرق، قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، منها صحاح ومنها حسان، وفي بعضها: قال ذلك يوم غدير خم. و زاد البزار في روايته: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. ولـمّا سمع عمر ذلك قال: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، خرّجه الدار قطني وأخرج أيضاً: قيل لعمر إنّك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من الصحابة، قال: إنّه مولاي »(٥) .

____________________

(١). خلاصة الأثر ٣ / ١٨٥.

(٢). البدر الطالع ١ / ٤٤٥.

(٣). إتحاف النبلاء المتقين.

(٤). كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق - هامش الجامع الصغير ٢ / ١١٨.

(٥). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٦ / ٢١٧ - ٢١٨.

٢٠٣

ترجمته

قالالمحبي: « الامام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماماً فاضلاً، زاهداً عابداً، قانتاً لله خاشعاً له، كثير النفع فهو أعظم علماء هذا التاريخ آثاراً، ومؤلفاته غالباً متداولة، كثيرة النفع وكانت ولادته في سنة ٩٥٢، وتوفي ١٠٣١ »(١) .

(١٤١)

رواية شيخ العيدروس

ورواه شيخ بن عبدالله العيدروس أيضاً. وسيأتي نصّ روايته إنْ شاء الله(٢) .

(١٤٢)

رواية الشيخاني القادري

ورواه محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري المدني حيث قال: « ومن تلك الأحاديث الواردة الصحيحة، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي والامام أحمد وغيرهم، وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان.

وعن سعيد بن وهب قال: قال عليرضي‌الله‌عنه في الرحبة: أنشد الله من

____________________

(١). خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢ - ٤١٦.

(٢). وتوجد ترجمته في خلاصة الأثر ٢ / ٢٣٥، النور السافر ٣٧٢.

٢٠٤

سمع رسول الله يوم غدير خم يقول: ان الله ولي المؤمنين، ومن كنت وليه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره. قال سعيد: فقام إلى جنبي ستة. أخرجه النسائي في كتاب الخصائص، قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح.

و أخرج الإِمام أحمد في مسنده عن أبي الطّفيل، قال: جمع عليرضي‌الله‌عنه الناس في الرحبة وهذا الحديث مروي أيضاً عن زيد بن أرقم قال الحافظ الذهبي: هذا الحديث صحيح غريب.

وأخرج أبو عوانة عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح.

وأخرج أبو يعلى والحسن بن سفيان في مسنديهما عن البراءرضي‌الله‌عنه قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع قال الحافظ الذهبي: هذا حديث حسن.

اتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنّة، وأما ما انفرد به أهل البدع من الإِسماعيليّة ببلاد اليمن، وخالف فيه أهل الجمعة والجماعة والسنن أقول: وقد مرّ الأحاديث الصحاح والحسان، وليس فيها جميع ما ذكره المدعي، بل الصحيح مما ذكرنا: من كنت مولاه فعلي مولاه، والصحيح مما ذكرنا أيضاً: اللهم وال من والاه. والصحيح مما ذكرنا أيضاً: إن الله وليي وأنا وليّ المؤمنين ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره والصحيح مما ذكرنا أيضاً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

والصحيح مما ذكرنا أيضاً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كأني قد دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف

٢٠٥

تخلفوني فيهما، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إنّ الله مولاي فأنا [ وأنا ] ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. والصحيح مما ذكرنا أيضا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمررضي‌الله‌عنه فقال: هنيئاً لك، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. انتهى ما هو الصحيح والحسان.

وليس في ذلك مخترعات المدعي ومفترياته، وقد استوعب طرق الأحاديث المذكورة وغيرها ابن عقدة في كتاب مفرد. وذكر بعضها أيضاً الشيخ نور الدين السيد الجليل علي بن جمال الدين عبدالله بن أحمد الحسني السمهودي الشافعي في كتابه المسمى أنجح المساعي، في ردّ شبه الدّاعي. فاكتفينا بردّه على المدعي البدعي »(١) .

(١٤٣)

رواية الحلبي

ورواه نور الدين الحلبي الشافعي بلفظ الطبراني ثم قال: « وهذا أقوى ما تمسكت به الشيعة والامامية والرافضة، على أنّ عليّاً كرم الله وجهه أولى بالامامة من كلّ أحد. وقالوا: هذا نص صريح على خلافته، سمعه ثلاثون صحابياً وشهدوا به. قالوا: فلعلي عليهم من الولاء ما كان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدليل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكم؟

وهذا حديث صحيح ورد بأسانيد صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في

____________________

(١). الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.

٢٠٦

صحته كأبي داود، وأبي حاتم الرازي وقول بعضهم: إن زيادة اللهم وال من والاه - إلى آخره - موضوعة، مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها.

و قد جاء أنّ عليّاً كرم الله وجهه قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم إلاّ قام، ولا يقوم رجل يقول نبّئت أو بلغني، إلّا رجل سمعت أذناه ووعى قلبه، فقام سبعة عشر صحابياً. وفي رواية ثلاثون صحابيا، وفي المعجم الكبير: ستة عشر، وفي رواية: اثنا عشر. فقال: هاتوا ما سمعتم، فذكروا الحديث، ومن جملته: من كنت مولاه فعلي مولاه، وفي رواية: فهذا مولاه.

وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : وكنت ممن كتم، فذهب الله ببصري، وكان علي كرم الله وجهه دعا على من كتم »(١) .

ترجمته

قالالمحبي: « الامام الكبير، أجلّ أعلام المشايخ، وعلّامة الزمان، كان جبلاً من جبال العلم، وبحراً لا ساحل له، واسع الحلم، علامة جليل المقدار، جامعاً لأشتات العلى، صارفاً نقد عمره في بث العلم النافع ونشره، وحظي فيه حظوة لم يحظها أحد مثله، فكان درسه مجمع الفضلاء، ومحط رحال النبلاء، وكان غاية في التحقيق، حاد الفهم، قوي الفكرة، متحرياً في الفتاوى، جامعاً بين العلم والعمل، صاحب جدٍ واجتهاد، عمّ نفعه الناس، فكانوا يأتونه لأخذ العلم عنه من البلاد »(٢) .

____________________

(١). إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ٣ / ٣٣٦.

(٢). خلاصة الأثر ٣ / ١٢٢.

٢٠٧

(١٤٤)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه الشيخ أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي الشافعي « عن عامر ابن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهما قالا: لـمّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ولم يحج غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة أخرجه ابن عقدة في الموالاة. ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى في الصحابة وقال: إنه غريب، والحافظ أبو الفتوح العجلي في فضائل الصحابة ».

ورواه من حديث حذيفة وزيد والبراء بن عازب، ثم قال: « وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غدير خم بيد عليرضي‌الله‌عنه ، حتى رأينا بياض إبطه فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. وفيه ثم قال: يا أيها الناس إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. وأخرجه ابن عقدة.

و أخرجه محمد بن جعفر الرازي عنها بلفظ: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي قبض فيه، وقد امتلأت الحجرة من أصحابه فقال: أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً، فينطلق بي، وقد قدمت القول معذرة إليكم، ألا وإني مخلّف فيكم كتاب الله عز وجلّ وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض، فأسألهما ما خلّفت فيهما. أخرجه الدارقطني.

وأخرج أيضاً عن سالم بن أبي جعد، قال: قيل لعمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه : إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنع بأحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه

٢٠٨

وسلّم! فقال: إنه مولاي.

وعن سعد بن أبي وقاصرضي‌الله‌عنه : إن أبابكر وعمر رضي الله عنهما قالا: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وأخرج الدارقطني في الفضائل عن معقل بن يساررضي‌الله‌عنه قال: سمعت أبا بكررضي‌الله‌عنه يقول: علي بن أبي طالب عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي: الذين حث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على التمسك بهم، والأخذ بهديهم، فإنهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى. وخصه أبوبكر بذلكرضي‌الله‌عنه لأنه الامام في هذا الشأن، وباب مدينة العلم والعرفان، فهو إمام الأئمّة وعالم الأمة، وكأنه أخذ ذلك من تخصيصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له من بينهم يوم غدير خم بما سبق.

وهذا حديث صحيح، لا مرية فيه، ولا شك ينافيه، وروى عن الجم الغفير من الصحابة وشاع واشتهر، وناهيك بمجمع حجة الوداع. قال شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى : حديث من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرج الترمذي والنسائي، وهو كثير الطّرق جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، ويدل على ذلك ما روى أبو الطفيلرضي‌الله‌عنه ان علياًرضي‌الله‌عنه وكرّم وجهه جمع الناس - وهو خليفة - في الرحبة »(١) .

ترجمته

وقد ترجم لهالمحبي ووصفه بقوله: « من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين، كان فاضلاً أديباً، له مقدار علي وفضل جلي »(٢) .

____________________

(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

(٢). خلاصة الأثر ١ / ٢٧١.

٢٠٩

(١٤٥)

رواية عبد الحق الدهلوي

ورواه عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي البخاري في شرح المشكاة حيث قال: « وهذا حديث صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه كثيرة جدّاً، رواه ستة عشر صحابياً، وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وشهدوا به لعليرضي‌الله‌عنه لـمّا نوزع أيام خلافته، وكثير من أسانيده صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته، ولا إلى قول بعضهم أن زيادة اللهم وال من والاه إلى آخره موضوع، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها. كذا قال الشيخ ابن حجر في الصواعق المحرقة »(١) .

(١٤٦)

ذكر محمد بن محمد المصري

حديث الغدير في كتاب ( الدرر العوال )، فقد قال في ذكر سيّدنا أمير

____________________

(١). اللمعات في شرح المشكاة، وقد رواه في مدارج النبوة ٢ / ٤٠١ وغيره أيضاً، وقد ترجم لعبد الحق الدهلوي الهندي علامة الهند في سبحة المرجان: ٥٢، ونص عبارته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢١٠

المؤمنينعليه‌السلام : « وورد في فضله أحاديث كثيرة منها: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

(١٤٧)

رواية محمد محبوب

ورواه محمد محبوب عالم بن صفي الدين جعفر بدر عالم، وسيأتي نص روايته إن شاء الله.

(١٤٨)

إثبات المقبلي

وقد أثبت ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي حديث الغدير في ( الأبحاث المسددة ) وقد تقدم نص عبارته سابقاً.

وأورده المقبلي في كتابه في الأحاديث المتواترة أيضاً، حيث جاء فيه: « من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، من كنت مولاه فعلي مولاه. من لم يجد نعلين فليلبس خفّين. ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل ».

ترجمته

وتوجد ترجمة المقبلي في البدر الطالع ١ / ٢٨٨، والتاج المكلل ٣٨٦.

قالالشوكاني: « هو ممن برع في جميع العلوم الكتاب والسنّة، وحقّق الأصولين والعربية، والمعاني والبيان، والحديث والتفسير، وفاق في جميع ذلك، وله

____________________

(١). الدرر العوال بحل ألفاظ بدء المآل.

٢١١

مؤلّفات مقبولة كلها عند العلماء، محبوبة إليهم، يتنافسون فيها، ويحتجون بترجيحاته، وهو حقيق بذلك ».

(١٤٩)

ذكر البرزنجي

حديث الغدير مع التصريح بصحّته وكثرة طرقه، فقد قال: « إعلم أنّ الشيعة يدّعون أنّ هذا الحديث نصّ جليّ في إمامة عليّرضي‌الله‌عنه ، وهو أقوى شبههم. والقدر الذي ذكرناه وهو: من كنت مولاه فعلي مولاه - من دون تلك الزيادة من الحديث - صحيح، وروي من طرق كثيرة »(١) .

(١٥٠)

رواية السهارنبوري

ورواه حسام الدين بن محمد بايزيد السهارنبوري، عن أحمد عن البراء بن عازب، كما تقدم مراراً(٢) .

____________________

(١). نواقض الروافض - مخطوط، وترجم للبرزنجي في سلك الدرر ٤ / ٦٥، ونصها في قسم حديث ( أنا مدينة العلم).

(٢). مرافض الروافض - مخطوط.

٢١٢

(١٥١)

رواية البدخشاني

ورواه محمد بن معتمد خان البدخشاني عن الحكيم في نوادر الأصول، والطبراني بسند صحيح في الكبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنهما

ورواه عن أحمد عن البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، رضي الله عنهما، ثم قال: « وأخرج هو عن علي وأبي أيوب الأنصاري وعمرو ذي مر، وأبو يعلى عن أبي هريرة، وابن أبي شيبة عنه وعن اثني عشر من الصحابة، والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة، والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وأبي أيوب وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس، والحاكم عن علي وطلحة، وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد. و الخطيب عن أنس رضي الله عنهم:

إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بغدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و في رواية أخرى للطبراني عن عمرو ذي مر وزيد بن أرقم وحبشي بن جنادة رضي الله عنهم مرفوعاً بلفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه.

و عند ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، وأحب من أحبّه وأبغض من أبغضه.

و في رواية أخرى لأبي نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء

٢١٣

ابن عازب معاً مرفوعاً: ألا إنّ الله وليي وأنا ولي كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي مولاه.

و لأحمد في رواية أخرى، ولا بن حبان والحاكم والحافظ أبي بشر اسماعيل بن عبدالله العبدي الاصبهاني المشهور بسمّويه عن ابن عباس عن بريدة رضي الله عنهما بلفظ: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه فعلي مولاه.

و للطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وعند الترمذي والحاكم عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه.

أقول: هذا حديث صحيح مشهور، نصّ الحافظ أبو عبدالله محمد بن أحمد ابن عثمان الذهبي التركماني الفارقي ثم الدمشقي على كثير من طرقه بالصحة، وهو كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة في كتاب مفرد »(١) .

وقد روى البدخشاني حديث الغدير في ( نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الأطهار ) كذلك، ثم قال: « وهذا حديث صحيح مشهور، ولم يتكلّم في صحته إلّا متعصب جاحد، لا اعتبار بقوله، فإنّ الحديث كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وقد نصّ الذهبي على كثير من طرقه بالصحة، ورواه من الصحابة عدد كثير »(٢) .

ترجمته

والبدخشاني من مشاهير علماء الهند من أهل السنة، كما ذكرنا في قسم

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

(٢). نزل الأبرار بما صح في مناقب أهل البيت الأطهار: ٢١.

٢١٤

( حديث التشبيه ) من كتابنا.

(١٥٢)

رواية صدر عالم

ورواه محمد صدر عالم عن عدةٍ من الحفّاظ، عن عدد كثير من الصحابة، قائلاً في بداية ذلك: « ثم اعلم أن حديث الموالاة متواتر عند السيوطيرحمه‌الله ، كما ذكره في قطف الأزهار، فأردت أن أسوق طرقه ليتّضح التواتر، فأقول »(١) .

(١٥٣)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم والد ( الدهلوي ) حيث قال: « عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا نزل بغدير خم أخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه أحمد »(٢) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

(٢). قرة العينين: ١٦٨.

٢١٥

وقال أيضاً: « وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه جماعة »(١) .

(١٥٤)

رواية محمد الأمير

ورواه محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني في ( الروضة الندية - شرح التحفة العلوية ) حيث قال بشرح:

و بخمّ قام فيهم خاطباً

تحت أشجار بها كان يفيّا

قائلاً من كنت مولاه فقد

صار مولاه كما كنت علياً

« والبيتان إشارة إلى الفضيلة، التي هي من أعظم الفضائل، والتكرمة من الله ورسوله لوصيّه التي نقص عنها الافاضل. وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث، قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الطبري: من كنت مولاه ألّف محمد بن جرير فيه كتاباً، قال الذهبي: وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه انتهى. وقال الذهبي في ترجمة الحاكم أبي عبدالله بن البيع: وأمّا حديث من كنت مولاه فله طرق جيّدة أفردتها بمصنّف.

قلت: عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاثه، أعنى لفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهو من أئمة العلم والتقوى والانصاف.

ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا يملّ بايراد طرقه، بل يتبرّك ببعض منها » ثم

____________________

(١). إزالة الخفا في تاريخ الخلفا، لولي الله الدهلوي، وهو والد عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة واستاذه، ترجمته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢١٦

ذكر طرفاً من طرق حديث الغدير(١) .

(١٥٥)

رواية الصبان

ورواه محمد بن علي الصبان المصري بقوله: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وكثير من طرقه صحيح وحسن »(٢) .

(١٥٦)

ذكر الشبرخيتي

إبراهيم بن مرعي بن عطيّة المالكي، حديث الغدير في ( الفتوحات الوهبية ) بشرح الحديث الحادي عشر الذي جاء فيه: « عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وريحانتهرضي‌الله‌عنه ، قال: حفظت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك »

____________________

(١). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية. توجد ترجمة محمد بن اسماعيل الأمير في البدر الطالع ٢ / ١٣٣، والتاج المكلل ٤١٤ وغيرهما.

(٢). إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته الطاهرين: ١٥٢.

٢١٧

فقال بشرح كلمة ( علي بن أبي طالب ) ما نصه: « القائل فيه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ويكنّى أبا الحسن وأبا تراب. كنّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا وجده نائماً وقد علاه التراب »(١) .

(١٥٧)

رواية العجيلي

ورواه أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي حيث قال:

« فاحذرو لا تنقّب لشد ما رب

وكن معا حزب الاله الغالب

واقرأ حديث إنّما وليّكم

واسمع حديثاً جاء في غدير خم »

فذكر الحديث وقال: « هذا صحيح لا مرية فيه، أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه كثيرة، قال الامام أحمد رحمه الله تعالى : وشهد به لعلي ثلاثون صحابياً »(٢) .

ترجمته

قالالقنوجي: « الشيخ العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز: أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيليرحمه‌الله . لم يزل مجتهداً في نيل المعالي، وكم سهر في طلبها الليالي، حتى فاز من ذلك بالقدح المعلى، وصلّى في

____________________

(١). الفتوحات الوهبية في شرح الأربعين النووية، الحديث الحادي عشر، وقد ترجم له العلامة الأميني في الغدير ١ / ١٤١.

(٢). ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللئال - مخطوط.

٢١٨

بها وجلى، أخذ العلوم عن آبائه الكرام، وعن غيرهم من الأعلام، وله مؤلفات »(١) .

(١٥٨)

رواية الرشيد الدهلوي

ورواه رشيد الدين خان الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ) عن ( مفتاح النجا ) عن الطبراني عن ابن عمر وغيره(٢) .

(١٥٩)

رواية اللكهنوي

ورواه المولوي محمد مبين اللكهنوي، عن الحاكم وأحمد والطبراني وغيرهم، قال « وفي الصواعق قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - الحديث، رواه ثلاثون صحابياً، وإن كثيراً من طرقه صحيح وحسن »(٣) .

____________________

(١). التاج المكلل ٥٠٩.

(٢). الفتح المبين في فضائل أهل بيت سيد المرسلين. ورشيد الدهلوي من مشاهير علماء أهل السنة ومؤلفيهم في الهند، ومن تلامذة المولوي عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثنا عشرية، وقد اشتهر بالرد على الشيعة الامامية كشيخه، وله في ذلك مؤلفات. ترجمته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

(٣). وسيلة النجاة ١٠١ - ١٠٢.

٢١٩

(١٦٠)

رواية محمد سالم الدهلوي

وورواه المولوي محمد سالم الدهلوي البخاري في رسالته الموسومة ( أصول الايمان ) عن أحمد والترمذي(١) .

(١٦١)

رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله اللكهنوي عن جماعة من الحفاظ، وقد أورد كلام ابن حجر في ( الصواعق ) من « إنّه حديث صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة »(٢) .

(١٦٢)

ذكر المولوي حيدر علي

الفيض آبادي حديث الغدير عن أحمد عن عائشة(٣) .

____________________

(١). أصول الايمان - مخطوط.

(٢). مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين - مخطوط.

(٣). منتهى الكلام: ٧٦.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424