نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257648 / تحميل: 6463
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وقال ابن المديني: مدار حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ستة فذكرهم، قال: وصار علم الستة عند اثني عشر أحدهم ابن إسحاق. وسئل ابن شهاب عن المغازي فقال: هذا أعلم الناس بها - يعني ابن إسحاق - وقال الشافعي: من أراد أن يتبحّر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق. وقال أحمد ابن زهير سألت يحيى بن معين عنه فقال: قال عاصم بن عمر بن قتادة: لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن إسحاق.

وقال ابن أبي خيثمة: نا هارون بن معروف قال: سمعت أبا معاوية يقول: كان ابن اسحاق من أحفظ الناس، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر جاء فاستودعها محمد بن اسحاق فقال إحفظها، فإنْ نسيتها كنت قد حفظتها عليّ. وروى الخطيب بإسناد له إلى ابن نفيل، نا عبدالله بن فائد، قال: كنا إذا جلسنا الى محمد بن إسحاق فأخذ في فنٍ من العلم قضى مجلسه في ذلك الفن. وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري: ومحمد بن إسحاق قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه، منهم سفيان، وشعبة، وابن عيينة، والحمّادان، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد، وروى عنه من الأكابر يزيد بن أبي حبيب، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقاً وخيراً، مع مدحة ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيماً قول مالك - يعني فيه - فرأى أن ذلك ليس للحديث، إنما هو لأنّه اتّهمه بالقدر.

وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: الناس يشتهون حديثه، وكان يرمى بغير نوع من البدع. وقال ابن نمير: كان يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه. وقال البخاري: ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد به الا يشاركه فيها أحد. وقال عن ابن المديني عن سفيان: ما رأيت أحداً يتّهم محمد بن إسحاق. وقال أبو سعيد الجعفي: كان ابن إدريس معجباً بابن إسحاق، كثير الذّكر له، ينسبه إلى العلم والمعرفة والحفظ.

وقال: إبراهيم الحربي: حدثني مصعب قال: كانوا يطعنون عليه بشيء من

٢١

غير جنس الحديث. وقال يزيد بن هارون: لو سوّد أحد في الحديث لسوّد محمد ابن إسحاق. وقال شعبة فيه: أمير المؤمنين في الحديث. وروى يحيى بن آدم نا أبو شهاب قال قال لي شعبة بن الحجاج: عليك بالحجاج بن أرطاة وبمحمد بن إسحاق. وقال ابن علّية قال شعبة: أما محمد بن إسحاق وجابر الجعفي فصدوقان. وقال:

يعقوب بن شيبة: سألت ابن المديني كيف حديث محمد بن إسحاق صحيح؟ قال: نعم حديثه عندي صحيح، قلت له: فكلام مالك فيه؟ قال: لم يجالسه ولم يعرفه. ثم قال علي: ابن اسحاق أي شيء حدّث بالمدينة، قلت له: فهشام بن عروة قد تكلّم فيه، فقال علي: الذي قال هشام ليس بحجة، لعلّه دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها، وسمعت عليّا يقول: إن حديث محمد بن اسحاق ليتبيّن فيه الصدق، يروي مرة: حدثني أبو الزناد، ومرة ذكر أبو الزناد، وروى عن رجل عمن سمع منه يقول: حدثني سفيان بن سعيد عن سالم أبي النظر عن عمر صوم يوم عرفة، وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول: حدثني الحسن بن دينار عن أيوب عن عمرو بن شعيب في سلف وبيع، وهو من أروى الناس عن عمرو بن شعيب، وقال علي: لم أجد لابن إسحاق إلّا حديثين منكرين وقال مرة: وقع إليّ من حديثه شيء، فما أنكرت منه إلّا أربعة أحاديث. ظننت أن بعضه منه وبعضه ليس منه.

وقال البخاري: رأيت علي بن المديني يحتج بحديثه، فقال لي: نظرت في كتابه فما وجدت عليه إلّا حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين.

وقال العجلي: ثقة. وروى المفضل بن غسان عن يحيى بن معين: ثبت في الحديث، وقال يعقوب بن شيبة: سألت ابن معين عنه: في نفسك شيء من صدقه؟ قال: لا، هو صدوق. وروى ابن أبي خيثمة عن يحيى: ليس به بأس. وقال ابن المديني قلت لسفيان: كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر؟ فقال: أخبرني أنها حدّثته وأنه دخل عليها، فاطمة هذه هي زوج هشام بن عروة، وكان

٢٢

هشام ينكر على ابن إسحاق روايته عنها ويقول: لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين، وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله. وقال الأثرم: سألت أحمد ابن حنبل عنه فقال: هو حسن الحديث »(١) .

(٢)

رواية معمر بن راشد

قال الحافظ ابن كثير الدمشقي: « وقال عبد الرزاق أنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى نزلنا غدير خم، فبعث منادياً ينادي، فلما اجتمعنا قال: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ألست أولى بكم من آبائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: ألست ألست ألست؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقال عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كل مؤمن »(٢) .

ترجمته

١ - ابن حبان: « معمر بن راشد مولى عبد السّلام بن عبد القدوس أخو صالح بن عبد القدوس، وقد قيل: إنه مولى للمهلّب بن أبي صفرة. وهو معمر ابن أبي عمرو، من أهل البصرة سكن اليمن. يروي عن قتادة والزهري

____________________

(١). عيون الأثر - مقدمة الكتاب.

(٢). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٠

٢٣

وعبد الرزاق، يروي عن عمير بن هاني العبسي: إنه كان يسجد كلّ يوم ألف سجدة ويسبّح مائة ألف تسبيحة. روى عنه علي بن حجر السعدي »(١) .

٢ - السمعاني: « ومن القدماء أبو عمرة معمر بن راشد البصري وكان من ثقات العلماء قال ابن جريح: عليكم بهذا الرجل - يعني معمراً - فإنه لم يبق من أهل زمانه أعلم منه. وسئل ابن جريج عن شيء من التفسير فأجابني فقلت له: معمر قال كذا وكذا، قال: إن معمراً شرب من العلم فانقع قال علي بن المديني: نظرت فإذا الإِسناد يدور على ستة، فلأهل البصرة شعبة وسعيد ابن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر بن راشد، ويكنى أبا عروة مولى حمدان ومات باليمن سنة أربع وخمسين ومائة، قال أبو حاتم الرازي: انتهى الاسناد إلى ستة نفر أدركهم معمر وكتب عنهم، لا أعلم اجتمع لأحد غير معمر قال أحمد بن حنبل: لا يضم أحد إلى معمر إلّا وجدت معمراً أطلب للعلم منه »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفي رمضان: معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري. الحافظ أبو عروة، صاحب الزهري كهلاً، روى عن أبي إسحاق وطبقته، وشهد جنازة الحسن، وأقدم شيوخه موتاً قتادة، قال أحمد: ليس يضم معمر إلى أحد إلّا وجدته فوقه، وقال غيره: كان معمر صالحاً خيرا، وهو أوّل من ارتحل إلى اليمن في طلب الحديث، فلقى بها همام بن منبه صاحب أبي هريرة »(٣) .

٤ - الذهبي: « وشيخ اليمن معمر بن راشد الأزدي البصري. وكان من أوعية العلم، وصنّف التصانيف »(٤) .

٥ - الذهبي: « ع - معمر بن راشد أبو عروة مولاهم. عالم اليمن عن الزهري وهمام. وعنه: غندر وابن المبارك وعبد الرزاق. قال معمر: طلبت العلم

____________________

(١). الثقات ٧ / ٤٨٤.

(٢). الأنساب - المهلبي.

(٣). العبر - حوادث سنة ١٥٣.

(٤). دول الاسلام - حوادث سنة ١٥٣.

٢٤

سنة مات الحسن ولي أربع عشرة سنة، وقال أحمد: لا تضم معمراً إلى أحد إلّا وجدته يتقدّمه، كان أطلب أهل زمانه للعلم. وقال عبد الرزاق: سمعت منه عشرة آلاف. وتوفي في رمضان سنة ١٥٣ »(١) .

٦ - اليافعي: « وفي رمضان منها: معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري الحافظ، قال أحمد: ليس يضم »(٢) .

٧ - السيوطي: « قال ابن حبان: كان فقيهاً متقناً حافظاً ورعاً »(٣) .

(٣)

رواية إسرائيل بن يونس السبيعي

قال الحافظ ابن كثير: « وقال عبد الرزاق عن إسرائيل عن أبي اسحاق عن سعيد بن وهب وعبد خير قالا: سمعنا علياً يقول برحبة الكوفة يقول: أنشد الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه. فقام عدة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك »(٤) .

ترجمته

١ - ابن حبان: « إسرائيل بن يونس بن إسحاق السبيعي الهمداني، من أهل الكوفة، أخو عيسى بن يونس، يروى عن أبي إسحاق وسماك. روى عنه أهل العراق، ولد سنة مائة، ومات سنة ستين ومائة، وقد قيل سنة اثنتين وستين، وكنيته أبو يوسف.

____________________

(١). الكاشف ٣ / ١٦٤.

(٢). مرآة الجنان - حوادث سنة ١٥٣.

(٣). طبقات الحفاظ ٨٢.

(٤). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٨.

٢٥

سمعت ابن خزيمة يقول: سمعت الدورقي يقول: سمعت ابن مهدي يقول قال: عيسى بن يونس قال إسرائيل: كنت أحفظ حديث يونس ابن إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن »(١) .

٢ - السيوطي: « وعنه: عبد الرزاق وأبو داود الطيالسي وأحمد بن أبي أياس وابن مهدي وأبو نعيم والفريابي ووكيع. قال يحيى القطان: إسرائيل فوق أبي بكر ابن عياش. وكان أحمد يتعجب [ يعجب ] من حفظه. وقال أحمد: إسرائيل أصحّ حديثاً من شريك، إلّا في أبي اسحاق، فإنّ شريكاً أضبط. مات سنة ١٦٠ »(٢) .

(٤)

رواية شريك بن عبدالله النخعي

قال ابن كثير الحافظ: « وقال أبوبكر بن أبي شيبة: ثنا شريك عن حنش عن رباح بن الحارث قال: بينا نحن جلوس في الرحبة مع علي إذ جاء رجل عليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي. قالوا: من هذا؟ فقال [ هذا ] أبو أيوب، فقال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٣) .

ترجمته

١ - ابن الوردي: « فيها توفي بالكوفة أبو عبدالله شريك بن عبدالله بن

____________________

(١). الثقات ٦ / ٧٩.

(٢). طبقات الحفاظ ٩٠ وتاريخ الوفاة: ١٦٢. وتوجد ترجمته في تذكرة الحفاظ ١ / ٢١٤ وتهذيب التهذيب ١ / ٢٦١ واللباب في الأنساب ١ / ٥٣١ وطبقات ابن سعد ٦ / ٢٦٠ وغيرها.

(٣). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٩.

٢٦

أبي شريك. تولى القضاء أيام المهدي ثم عزله الهادي. وكان عالماً عادلاً، كثير الصّواب، حاضر الجواب، ذكر عنده معاوية بالحلم فقال: ليس بحليم من سفّه الحق وقاتل علياً. ولد ببخارى سنة خمس وتسعين »(١) .

٢ - الذهبي: « وقاضي الكوفة ومفتيها: شريك بن عبدالله النخعي، عن نيف وثمانين سنة »(٢) .

٣ - اليافعي: « أحد الأعلام »(٣) .

٤ - السيوطي: « أحد الأعلام قال ابن معين: صدوق ثقة، إلّا أنّه إذا خالف فغيره أحبّ إلينا منه. ولد سنة خمس وتسعين. ومات سنة سبع وسبعين ومائة »(٤) .

(٥)

رواية محمد بن جعفر ( غندر )

في مسند أحمد بن حنبل: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن أبي اسحاق، قال: سمعت سعيد بن وهب قال: نشد علي الناس، فقال خمسة أو ستة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٥) .

ترجمته

١ - الذهبي: « محمد بن جعفر غندر، الحافظ أبو عبدالله البصري

____________________

(١). تتمة المختصر - حوادث سنة ١٧٧.

(٢). دول الاسلام - حوادث سنة ١٧٧.

(٣). مرآة الجنان - حوادث سنة ١٧٧.

(٤). طبقات الحفاظ ٩٨.

(٥). مسند أحمد ٥ / ٣٦٦.

٢٧

صاحب شعبة، وقد روى عن حسين المعلم وطائفة، وقال: لزمت شعبة عشرين سنة. قال ابن معين: كان من أصحّ الناس كتاباً، وقال آخر: مكث غندر خمسين سنة يصوم يوماً ويفطر يوماً»(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « ع - محمد بن جعفر الهذلي، مولاهم البصري الحافظ غندر قال ابن معين: أراد بعضهم أن يخطئه فلم يقدر، وكان من أصح الناس كتاباً »(٢) .

٣ - اليافعي: « الحافظ محمد بن جعفر المعروف بغندر، قال ابن معين »(٣) .

٤ - البدخشاني: « أحد الأئمّة وروى عنه صاحب الصحيح الامام محمد بن إسماعيل البخاري.

قلت: غندر الذي في رجال صحيح البخاري هو صاحب الترجمة، ولكن ليس من شيوخ البخاري بل هو شيخ شيوخه، وهو من كبار الحفاظ، وقال ابن معين: أراد بعضهم أن يخطئه فلم يقدر، وكان من أصحّ الناس كتاباً.

مات في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة »(٤) .

(٦)

رواية وكيع بن الجراح

قال أحمد بن حنبل: « حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة

____________________

(١). العبر - حوادث ١٩٣.

(٢). الكاشف - ٣ / ٢٩.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ١٩٣.

(٤). تراجم الحفاظ - مخطوط.

٢٨

عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ترجمته

١ - ابن حبان: « وكيع بن الجراح روى عنه أحمد بن حنبل وأهل العراق، وكان حافظاً متقناً، سمعت محمد بن أحمد بن أبي عوف يقول: سمعت فياض بن زهير يقول: ما رأينا بيد وكيع كتاباً قطّ، كان يقرأ كتبه من حفظه، قال أبو حاتم: كان مولد وكيع سنة تسع وعشرين ومائة، ومات سنة ست أو سبع وتسعين ومائة بفيد من طريق مكة »(٢) .

٢ - النووي: « الإِمام في الحديث وغيره، وهو من تابعي التابعين وأجمعوا على جلالته ووفور علمه، وحفظه وإتقانه، وورعه وصلاحه، وعبادته وتوثيقه واعتماده، قال أحمد بن حنبل: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع، ما رأيته شكّ في حديث إلّا يوماً واحداً، ولا رأيت معه كتاباً ولا رقعة قط. وقال أحمد أيضاً: حدثني من لم تر عيناك مثله وكيع بن الجراح. وقال أحمد: هو أحب إليّ من يحيى بن سعيد، فقيل له: كيف فضّلت وكيعاً؟ فقال: كان وكيع صديقاً لحفص بن غياث، فلما ولّي القضاء هجره وكيع، وكان يحيى بن سعيد صديقاً لمعاذ بن معاذ، فولي القضاء معاذ ولم يهجر يحيى. وقال أحمد: ما رأيت رجلاً قط مثل وكيع في العلم والحفظ والاسناد والأبواب، ويحفظ الحديث جيّداً، ويذاكر بالفقه، مع ورع واجتهاد، ولا يتكلّم في أحد.

وقال ابن معين: ما رأيت أحداً يحدّث لله غير وكيع بن الجراح، وهو أحب إلى سفيان من ابن مهدي، وأحب إليّ من أبي نعيم، وما رأيت رجلاً قط أحفظ من وكيع، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.

وقال أحمد بن عبدالله: وكيع كوفي ثقة عابد صالح، من حفّاظ الحديث،

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

(٢). الثقات ٧ / ٥٦٢.

٢٩

وكان يفتي.

وقال ابن عمار: ما كان بالكوفة في زمن وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع، كان جهبذاً »(١) .

٣ - الذهبي: « أحد الأعلام قال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم منه ولا أحفظ »(٢) .

(٧)

رواية عبدالله بن نمير

في مسند أحمد: « حدثنا عبدالله قال: حدثني أبي قال: ثنا ابن نمير ثنا عبد الملك عن أبي عبد الرحيم الكندي عن زاذان أبي عمر قال: سمعت عليّاً في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم هو يقول ما قال؟ فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٣) .

و فيه: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا ابن نمير، حدثنا عبد الملك - يعني ابن أبي سليمان - عن عطية العوفي، قال: أتيت زيد بن أرقم فقلت له: إن ختناً لي حدثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم، فأنا أحب أن أسمعه منك، فقال: إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس، فقال: نعم كنا بالجحفة فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلينا ظهراً وهو آخذ بعضد علي، فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٤٤.

(٢). الكاشف - ٣ / ٢٣٧.

(٣). مسند أحمد ١ / ٨٤.

٣٠

من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه. قال فقلت: هل قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: إنما أخبرك ما سمعت »(١) .

ترجمته

١ - عبد الغني المقدسي: « عبدالله بن نمير أبو هشام الخارفي الكوفي قال أبو نعيم: سئل يحيى بن معين عن أبي خالد الأحمر، فقال: نعم الرجل عبدالله بن نمير.

وقال عثمان بن سعد: قلت ليحيى بن معين: إدريس أحب إليك في الأعمش أو ابن نمير؟ فقال: كلاهما ثقتان.

وقال أبو حاتم: كان عبدالله بن نمير مستقيم الأمر.

وقال أبوبكر الخطيب: عبدالله بن نمير حدّث عنه محمد بن بشر العبدي، والحسن بن علي بن عفّان العامري، وبين وفاتيهما سبع وستون سنة إلخ »(٢) .

٢ - الذهبي: « ع - عبدالله بن نمير أبو هشام، عن هشام بن عروة والأعمش وعنه: ابنه محمد وأحمد وابن معين، حجة. توفي ١٩٩ »(٣) .

٣ - ابن حجر: « عبدالله بن نمير وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي: ثقة صالح الحديث صاحب سنّة، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث صدوقاً »(٤) .

٤ - ابن حجر أيضاً: « ثقة صاحب حديث، من أهل السنة، من كبار التاسعة، مات سنة تسع وتسعين »(٥) .

____________________

(١). مسند أحمد ٤ / ٣٦٨.

(٢). الكمال في معرفة الرجال - مخطوط.

(٣). الكاشف ٢ / ١٣٧.

(٤). تهذيب التهذيب ٦ / ٥٧.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٤٥٧.

٣١

(٨)

رواية محمد بن عبدالله الزبيري

أبو أحمد الحبال

في مسند أحمد: « حدثنا عبدالله قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن عبدالله قال: ثنا الربيع يعني ابن أبي صالح الأسلمي قال: حدثني زياد بن أبي زياد الأسلمي قال: سمعت علياً ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلاً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال، فقام اثنا عشر بدريّاً فشهدوا »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « ع - محمد بن عبدالله أبو أحمد الزبيري الكوفي الحبال، عن:

فطر ومسعر وخلق. وعنه: أحمد ومحمود بن غيلان وأحمد بن الفرات. قال بندار:

ما رأيت أحفظ منه. وقال آخر: كان يصوم الدهر مات ٢٠٣ »(٢) .

٢ - اليافعي: « وفيها أبو أحمد الزبيري قال أبو حاتم كان ثقة حافظاً عابداً مجتهداً »(٣) .

____________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ١ / ٨٨.

(٢). الكاشف ١ / ٦٠.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٢٠٣ وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ١ / ٣٥٧ والعبر ١ / ٣٤١ وخلاصة تذهيب الكمال: ٢٩٤ وطبقات ابن سعد ٦ / ٢٨١ وغيرها.

٣٢

(٩)

رواية يحيى بن آدم

في مسند أحمد: « حدثنا عبدالله، ثني أبي، ثنا يحيى بن آدم، ثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الأشجعي، عن رباح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا. فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فإن هذا مولاه. قال رباح فلما مضوا اتّبعتهم، فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « ع - يحيى بن آدم بن سليمان القرشي الأموي، مولى خالد ابن عقبة بن أبي معيط، أبو زكريا الكوفي، أحد الأعلام وثّقه ابن معين والنسائي، وسئل أبو داود عنه فقال: يحيى واحد الناس، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة كثير الحديث، فقيه البلد، لم يكن له سنّ متقدّم، سمعت ابن المديني يقول:رحمه‌الله أيّ علم كان عنده، وقال أبو أسامة: ما رأيت يحيى بن آدم إلّا ذكر الشعبي. وقال محمود بن غيلان: سمعت أبا أسامة يقول: كان عمر بن الخطاب في زمانه رأس الناس، وهو جامع، وبعده ابن عباس في زمانه، وبعده الشعبي، وبعده الثوري، وكان بعد الثوري يحيى بن آدم.

____________________

(١). مسند أحمد ٥ / ٤١٩.

٣٣

. . قلت: وكان اماماً في القرآن والسنّة والفقه »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « وفيها الإِمام الحبر أبو زكريا يحيى بن آدم الكوفي المقرئ الحافظ الفقيه »(٢) .

٣ - اليافعي: « وفيها الإِمام الحبر، أبو زكريا يحيى بن آدم الكوفي، المقري الحافظ الفقيه، صاحب التصانيف »(٣) .

٤ - السيوطي: « يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي الأموي مولاهم أبو زكريا، روى عن إسرائيل وحماد بن سلمة والسفيانين وخلق. وعنه: أحمد ويحيى وإسحاق وابنا أبي شيبة وعدة [ مات سنة ٢٠٣ ] »(٤) .

(١٠)

رواية الشافعي

قال الشيخ عز الدين أبو الحسن ابن الأثير: « وقد تكرّر ذكر المولى في الحديث، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة، وهو: الربّ والمالك والسيّد والمنعم والمعتق والمنعم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كلّ واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكلّ من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليّه، وقد يختلف مصادر هذه الأسماء، فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والمعتق، والولاية

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). العبر - حوادث ٢٠٣.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٢٠٣.

(٤). طبقات الحفاظ ١٥٢.

٣٤

بالكسر في الإِمارة، والولاء في المعتق، والموالاة من والى القوم ومنه الحديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، ويحمل على أكثر الأسماء المذكورة. وقال الشافعي: يعني بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) إلخ »(١) .

وقد نقل محمد طاهر الصديقي الفتني الكجراتي كلام الشّافعي هذا في كتابه(٢) .

وقال شمس الدين محمد بن مظفر الخلخالي: « قوله: من كنت مولاه. قيل: معناه من يتولّاني فعلي يتولّاه، و قيل: كان سبب ذلك أن أسامة بن زيد قال لعليّ: لست مولاي إنما مولاي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونقل عن الشافعيرضي‌الله‌عنه أنه قال: أراد بذلك ولاء الإِسلام، قال الله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) أي وليّهم وناصرهم »(٣)

وقد ذكره أيضاً أبو عبدالله فضل الله بن تاج الدين أبي سعيد الحسن بن الحسن التوربشتي(٤) .

ترجمته

١ - النووي: « إمامنارضي‌الله‌عنه ، هو: أبو عبدالله محمد بن إدريس وقد أكثر العلماءرحمهم‌الله من المصنّفات في مناقب الشافعي وأحواله، من المتقدمين والمتأخرين، كداود الظاهري والساجي وخلائق من المتقدمين، وأما المتأخرون: كالدار قطني والآجري والرازي والصاحب بن عباد والبيهقي

____________________

(١). النهاية في غريب الحديث - « ولي ».

(٢). مجمع البحار « ولي ».

(٣). المفاتيح في شرح المصابيح - مخطوط.

(٤). المعتمد في المعتقد للتوربشتي.

٣٥

والمقدسي، وخلائق لا يحصون

فصل - في شهادات علماء الاسلام المتقدّمين فمن بعدهم للشافعي بالتقدّم في العلم، واعترافهم له به، وحسن ثنائهم عليه، وجميل دعائهم له، ووصفهم له بالصفات الجميلة والخلال الحميدة، وهذا الباب ربّما اتّسع جدّاً، لكن نرمز إلى أحرف منه، تنبيهاً بها على ما سواه، وأسانيدها كلّها موجودة مشهورة لكن نحذفها إختصاراً.

قال له شيخه مالك بن أنسرضي‌الله‌عنه : إن الله عز وجل قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بالمعصية وقال شيخه سفيان بن عيينة وقد قرئ عليه حديث في الرقائق فغشي على الشافعي فقيل: قد مات الشافعي، فقال سفيان: إنْ كان قد مات فقد مات أفضل أهل زمانه. وقال أحمد بن محمد بن بدر الشافعي سمعت أبي وعمي يقولان: كان ابن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا التفت إلى الشافعي وقال: سلوا هذا. وقال علي بن المديني: كان الشافعي عند ابن عيينة يعظّمه ويجلّه، وفسّر الشافعي بحضرة سفيان بن عيينة حديثاً أشكل على سفيان، فقال له سفيان: جزاك الله خيراً، ما يجيئنا منك إلّا ما نحب.

وقال الحميدي صاحب سفيان: كان سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد وسعيد بن سالم وعبد الحميد بن عبد العزيز وشيوخ مكة يصفون الشافعي ويعرفونه من صغره، مقدّماً عندهم بالذكاء والعقل والصيانة، ويقولون: لم نعرف له صبوة. وقال الحميدي: سمعت مسلم بن خالد يقول للشافعيرحمه‌الله : قد والله آن لك أن تفتي، والشافعي ابن خمس عشرة سنة.

وقال يحيى بن سعيد القطان إمام المحدثين في زمنه: أنا أدعو الله تعالى للشّافعي في كل صلاة منذ أربع سنين. وقال القطّان حين عرض عليه كتاب الرسالة للشافعي، ما رأيت أعقل أو أفقه منه. وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي المقدَّم في عصره في علمي الحديث والفقه، حين جاءته رسالة الشافعي وكان طلب من الشافعي أن يصنّف كتاب الرسالة، فأثنى عليه ثناءاً جميلاً،

٣٦

وأعجب بالرسالة إعجاباً كثيراً، وقال: ما أصلّي صلاة إلّا أدعو للشافعي فيها.

وبعث أبو يوسف القاضي إلى الشافعي حين خرج من عند هارون الرّشيد يقرأه السلام ويقول: صنّف الكتب فإنك أولى من يصنّف في هذا الزمان. وقال أبو حسان الرازي: ما رأيت محمد بن الحسن يعظّم أحداً من أهل العلم تعظيمه للشافعي.

وقال أيّوب بن سويد الرملي - وهو أحد شيوخ الشافعي ومات قبل الشافعي بإحدى عشر سنة -: ما ظننت أنّي أعيش حتى أرى مثل الشافعي. وقال البويطي: قال يحيى بن حبان: ما رأيت مثل الشافعي، وكان شديد المحبة للشافعي، قدم مصر وقال: انما جئت للسلام على الشافعي. وقال محمد بن علي المديني: قال لي أبي: لا تترك للشافعي حرفاً إلّا أكتبه.

وقال يحيى بن معين - وقد سئل عمن يكتب كتب الشافعي - فقال: عن الربيع. وقال قتيبة بن سعيد: مات الثوري ومات الورع، ومات الشافعي وماتت السنن، وبموت أحمد بن حنبل يظهر البدع.

وقال قتيبة: لو وصلتني كتب الشافعي لكتبتها، ما رأت عيناي أكيس منه »(١) .

٢ - السبكي: « وقد كان عنّ لنا أن نعقد لمناقب الإِمام الأعظم المطّلبي، والعالم الأقوم ابن عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، باباً يقدّم التراجم، فإنه عالم قريش الذي ملأ الله به طباق الأرض علماً، ورفع من طباقها إلى طباق السماء بذاته الطاهرة من هو أعلى من نجومها وأسمى، وأثبت باسمه في طباق أجرامها اسم من يسمع آذاناً صماً، ومن لوقالت بنو آدم علمّه الله الأسماء لقيل كما أبرز منه لكم أباً ومن تصانيفه أمّاً، والحبر الذي أسس بعد الصحابة قواعد بيته بيت النبوة وأقامها، وشيّد مباني الإِسلام بعد ما جهل الناس حلالها وحرامها، وأيّد دعائم

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٤٤.

٣٧

الدين منه بمن سهر في محو ليالي الشبهات، إذا سهر غيره الليالي في الشهوات أو نامها.

ولكنا رأينا الخطب في ذلك عظيماً، والأمر يستدعي مجلدات، ولا ينهض بمعشار ما يحاوله من أوتي بسطة في العلم والجسم إذا كان عليماً جسيماً » ثم ذكر المؤلّفين في مناقب الشافعي وفضائله من المتقدمين والمتأخرين(١) .

٣ - أبو نعيم: « ومنهم: الامام الكامل، العالم العامل، ذو الشرف المنيف والخلق الظريف، له السخاء والكرم، وهو الضياء في الظلم، أوضح المشكلات وأفصح عن المعضلات، المنتشر علمه شرقاً وغرباً، المستفيض مذهبه براً وبحراً، المتّبع للسنن والآثار، والمقتدي بما أجمع عليه المهاجرون والأنصار، اقتبس عن الأئمّة الأخيار، فحدّث عنه الأحبار، الحجازي المطّلبي أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي، حاز المرتبة العالية، وفاز بالمنقبة السّامية، إذ المناقب والمراتب يستحقّها من له الدين والحسب، وقد ظفر الشافعيرحمه‌الله عليهما بهما جميعاً، لشرف العلم والعمل به »(٢) .

(١١)

روايه اسود بن عامر

في المسند: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، أنبأ أبو إسرائيل، عن الحكم، عن أبي سليمان، عن زيد بن أرقم قال: استشهد عليّ الناس فقال: أنشد الله رجلاً سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. فقام ستة عشر رجلاً

____________________

(١). طبقات السبكي ١ / ٣٤٣.

(٢). حلية الأولياء ٩ / ٦٣.

٣٨

فشهدوا »(١) .

ترجمته

١ - ابن حجر: « الأسود بن عامر شاذان أبو عبد الرحمن الشامي نزيل بغداد. روى عن: شعبة والحمادين والثوري والحسن بن صالح وجرير بن حازم وجماعة.

وعنه: أحمد بن حنبل وابنا أبي شيبة وعلي بن المديني وأبو ثور وعمرو الناقد وأبو كريب والصغاني والدارمي والحارث بن أبي أسامة خاتمة أصحابه وغيرهم. وروى عنه بقية، وهو أكبر منه.

قال ابن معين: لا بأس به. وقال ابن المديني: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق صالح، وقال ابن سعد: صالح الحديث.

مات سنة ٢٠٨.

قلت: وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مات أول سنة ثمان »(٢) .

٢ - ابن حبان: « الأسود بن عامر أبو عبد الرحمن، ولقبه شاذان أصله من الشام، سكن بغداد »(٣) .

(١٢)

رواية عبد الرزاق بن همام

علم روايته من كلام الحافظ ابن كثير، في ذكر رواية معمر وإسرائيل

____________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٣٧٠.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ٣٤٠.

(٣). الثقات ٨ / ١٣٠.

٣٩

وفي مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأحمد: « حدثنا عبدالله بن أحمد ابن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثني معمر، عن طاوس، عن أبيه قال: بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً إلى اليمن علينا، وخرج بريدة الاسلمي، فبعث علي في بعض السبّي، فشكاه بريدة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه »(١) .

ترجمته

١ - عبد الغني المقدسي: « محمد بن إسماعيل الفزاري: بلغنا - ونحن بصنعاء عند عبد الرزاق - أن يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل وغيرهم تركوا حديث عبد الرزاق وكرهوا، فدخلنا من ذلك غمّ شديد، فقلنا: قد أنفقنا وتعبنا، وآخر ذلك سقط حديثه! فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج، فخرجت من صنعاء إلى مكة، فوافيت بها يحيى بن معين، فقلت يا أبا زكريّا ما الذي بلغنا عنكم في عبد الرزاق؟ فقال: ما هو؟ فقلنا بلغنا أنكم تركتم حديثه ورغبتم عنه؟ فقال: يا صالح لو ارتّد عن الاسلام عبد الرزاق ما تركنا حديثه »(٢) .

٢ - المقدسي أيضاً: « وروينا عن عبد الرزاق أنه قال: قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فمضيت وطفت وتعلّقت بأستار الكعبة فقلت: يا ربّ ما لي أكذّاب أمدلّس أنا؟! فرجعت إلى البيت فجاؤني.

قال ابن خيثمة: سئل يحيى بن معين عن أصحاب الثوري، فقال: أمّا عبد الرزاق والفريابي وعبيدالله بن موسى وابو أحمد الزبيري وأبو عاصم وطبقتهم كلّهم في سفيان قريب بعضهم من بعض، وهم دون يحيى بن سعيد وعبد الرحمن

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

(٢). الكمال في معرفة الرجال - مخطوط

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مع انّهم عليهم السلام قد بيّنوا ذلك في أحاديث كثيرة عامّة وخاصّة صريحة
في المعارضة، وقد تقدّم بعضها.

التاسع: أن يكون صلّى الله عليه وآله صلّى في الواقع ركعتين نافلة،
فظنّوها فريضة، فاقتدوا به، فلمّا فرغ قالوا ما قالوا، وظنّوا ما ظنّوا، فلم
يرخص له في إظهار الحال.

ثمّ قام فصلّى ركعتين اُخرى نافلة، وكان ذلك من نافلة الظهر أو غيرها،
فلم يكلّمهم بكنه عقله، لأنّه مأمور بأن يكلّم الناس على قدر عقولهم كما
مضى، ولدفع المفسدة فعل ما فعل، وسجد سجدتين شكراً فظنّوا انّه سها، وأتمّ
صلاته وسجد للسهو.

ونقلها العامّة بناء على اعتقاد أهل النفاق، ورواها الأئمّة عليهم السلام
لملاحظة التقيّة، ولا ينكر من المنافقين مثل هذا الجهل، بل العمد فيها يقتضي
سوء الظن بالنبيّ صلّى الله عليه وآله ووجوب بيان الحقّ عليه صلّى الله عليه
وآله لا ينافي ما قلناه، لأنّه قد يستلزم مفسدة، وقد يعلم عدم قبوله، وليس
ذلك من باب التقيّة، بل يكون مأموراً بما قال وما فعل في أقواله وأفعاله عليه
السلام من هذا القبيل ما لا يعدّ ولا يحصى.

وقد روى الكليني في باب الروضة بسنده عن رسول الله صلّى الله عليه
وآله انّه قال: والله لولا أن يقول الناس إنّ محمداً استعان بقوم فلمّا ظفر بعدوّه
قتلهم، لقدّمت كثيراً من أصحابي فضربت أعناقهم(١) .

وقد روى العامّة والخاصّة عنه صلّى الله عليه وآله انّه قال لعلي عليه

__________________

(١) الكافي ٨: ٣٤٥ ح ٥٤٢، عنه بحار الأنوار ٢٢: ١٤١ ح ١٢٣.

١٦١

السلام: يا علي، والله لولا انّي أخاف أن تقول فيك طوائف من اُمّتي ما قالت
النصارى في المسيح، لقلت فيك اليوم قولاً لا تمرّ بملأ إلاّ أخذوا التراب من
تحت قدميك يتبرّكون به(١) ومثل ذلك كثير جداً.

العاشر: أن تكون الركعتان الأخيرتان لم تكن واجبة على النبيّ صلّى الله
عليه وآله أصلاً، فإنّه هو الّذي زادها وأوجبها على الاُمّة، فأجاز الله له ذلك كما
مرّ، ويحتمل كونها غير واجبة عليه، ويكون ذلك من خواصّه، وإن لم ينقل إلينا
تصريح بذلك، فليس كلّ خواصّه قد نقلت.

وإذا لم تكن الأخيرتان واجبة عليه، فلا يبعد في تركهما عمداً، ثمّ
الإتيان بهما لأجل الحكمة والمصلحة السابقة وغيرها.

الحادي عشر: أن يكون حديث ذي الشمالين لا أصل له، ويكون
من مخترعات العامّة وممّا نسبوه إلى الرسول صلّى الله عليه وآله بغير
أصل، وتكون رواية الأئمّة عليهم السلام له، ونقلهم ايّاه لأجل تعليم
الشيعة الاحتجاج به على العامّة فيما تضمّنه من الأحكام الشريعة الّتي
خالف فيها كثير منهم، والاحتجاج على العامّة بما يعتقدونه حجّة من
أحاديثهم الموضوعة، وأكاذيبهم المخترعة، قد وقع من الأئمة عليهم السلام
ومن خواصّ أصحابهم على وجه الإلتزام(٢) والمعارضة في أحاديث كثيرة
جداً، ولا يأبي هذا الوجه من أحاديث السهو شيء، فقد أشاروا عليهم
السلام لأصحابهم إشارات بمثل ذلك، بل صرّحوا في بعض الروايات،

__________________

(١) الكافي ٨: ٥٧ ح ١٨، تفسير البرهان للبحراني ٤: ١٥٠ - ١٥١، نور الثقلين ٤: ٦٠٩.

(٢) في ج: الإلزام.

١٦٢

فإن كان ذلك بعيداً في بعض أحاديث السهو فلعلّه من باب الرواية
بالمعنى.

واعلم انّي كنت أنكر على بعض علمائنا في كتب الاستدلال أنّهم
يستدلّون على ما يختارونه أوّلاً ببعض الاستنباطات الظنّيّة حتى بالقياس، ثمّ
يقولون ويؤيّده صحيحة زرارة مثلاً، وربّما يستدلّون أوّلاً بما رواه العامّة عن
عائشة وعمر وأبي هريرة وأمثالهم، ثمّ بأحاديث الخاصّة ويوردونها على وجه
التأييد، ومعلوم انّه ينبغي أن يكون الأمر بالعكس، ثمّ تفطّنت انّ فعلهم هذا
لأجل الاحتجاج على العامّة لأنّهم يقولون أقوالهم وأقوال الشيعة، ثمّ يختارون
قولاً ويحتجّون عليه.

ثمّ وجدت للسيّد المرتضىرضي‌الله‌عنه تصريحاً بمثل ذلك في بعض
رسائله، فقال ما ملخّصه: إنّا نستدلّ في الظاهر بطريقة العامّة، وربّما
نستدلّ بأحاديثهم، وإنّما دليلنا في الواقع، ونفس الأمر هو إجماع الطائفة
المحقّة.

أقول: ومراده كما يفهم من مواضع من كلامه بالإجماع هنا أعمّ من
الاجماع على الفتوى بحيث لا يخالف أحد منهم، والإجماع على النقل بأن
يرووا الحديث في بعض الاُصول الأربعة الّتي أجمعوا على صحّتها وثبوتها
عنهم عليهم السلام، وقد سرى الوهم من هنا إلى بعض المتأخّرين فظنّوا إنّ
استدلالهم بتلك الاستنباطات الظنّيّة واقعي تحقيقي، مع أنّ الشيخ في كتاب
العدّة(١) والسيّد المرتضى في مواضع من كلامه وغيرهما من المحقّقين

__________________

(١) عدّة الاُصول ١: ٢٧٦.

١٦٣

يصرّحون بخلافه.

الثاني عشر: أن يكون حديث ذي الشمالين وأحاديث السهو من
المتشابهات التي تعارضها المحكمات، ويكون لها معنى آخر لم نطّلع عليه ولم
يخطر لنا ببال، فإنّ كثيراً من المتشابهات بهذه الصورة، ويجب علينا التوقّف
فيها وردّ أمرها إلى الله وإليهم عليهم السلام، وإنّما نذكر ما نذكر على وجه
الاحتمال وبذل الجهد في ردّ المتشابه إلى المحكم بحسب الإمكان كما أمرنا به
الأئمّة عليهم السلام.

ومن المعلوم أنّه مع وجود المعارضات الكثيرة الّتي تقدّم بعضها،
وأشرنا إلى باقيها، وترتّب المفاسد الكثيرة كما مرّ لا سبيل إلى حمل
أحاديث السهو على ظاهرها، والجزم بإمكان السهو من المعصوم ووقوعه
منه، والتطرّق إلى سوء الظنّ بأقواله وأفعاله، معاذ الله من أن نشكّ
في ذلك.

١٦٤

الفصل الحادي عشر

في الجواب عن استدلال ابن بابويه في الكلام السابق،
وعن أحاديث السهو بالتفصيل

وقد صار ذلك واضحاً، لكنّا نزيده توضيحاً فنقول:

أمّا الخبر الّذي أورده عن سعيد الأعرج فلا يفهم وقوع سهو حقيقي
واقعي من الرسول صلّى الله عليه وآله، بل يظهر منه إنّ تلك الواقعة لم تكن من
قسم السهو الواقع منه، بل هي من الله، وحينئذٍ فهو دالّ على مطلبنا، لا
على مطلبكم، لأن فيه تنزيهاً للرسول عن السهو، ونسبته إلى الله، ومعلوم انّ
وقوع هذا الفعل من الله؛ أمّا أن يكون بطريق الأمر به، أو الجبر عليه( وَمَا كَانَ
رَبُّكَ نَسِيًّا
) (١) .

وعلى كلّ حال لا سهو، وكذلك النوم، بل ذكر لفظ أنام رسوله أوّلاً، ثمّ
لفظ أسهاه ثانياً يدلّ على إنّ الحكم في المقامين واحد، وانّه لا اختيار له في

__________________

(١) سورة مريم: ٦٤.

١٦٥

شيء منهما، ولا فعل فعلاً حقيقيّاً، وهذه قرينة قويّة جداً.

وأمّا نسبة إنكار السهو المذكور إلى الغلاة والمفوّضة، فلا يدلّ
على بطلانه، فقد عرفت أنّه لا يختصّ بهم لذهاب عظماء علماء الإماميّة إليه،
ولعلّ الغلاة والمفوّضة يذكرون وقوع هذه الصورة بالكلّيّة.

أمّا الغلاة فلاعتقادهم أنّه لا يقدر أحد على منع الرسول صلّى الله عليه
وآله والأئمّة عليهم السلام من شيء، ولا يأمرهم أحد بشيء.

وأمّا المفوّضة فبعضهم يقولون: إنّ الله فوض أمر الخلق والرزق إلى النبيّ
والأئمّة عليهم السلام، وبعضهم يقولون: إنّ للعبد قدرة لا يقدر الله أن يسلبه
إيّاها، ولا يمنعه من شيء من أفعاله وحينئذٍ يستقيم الردّ عليهم بهذه الواقعة،
لأنّها على تقدير تسليمها، أمّا أمر من الله، أو جبر منه، وهو ينافي اعتقاد
الفريقين، وإذا حمل على السهو المجازي الظاهري استقام كلام ابن بابويه
أيضاً، وصار النزاع لفظياً في مجرّد التسمية بالسهو، فإنّه لا يظهر من كلامه
تجويز سهو حقيقي أصلاً، وهذا توجيه غير بعيد.

وأمّا الفرق بين العبادة المشتركة والتبليغ الّذي هو عبادة مختصّة، فممّا
لا يوافقه عليه أحد، وأكثر الناس لا يفهمون الفرق، بل كلّ من ثبت عنده سهوه
عليه السلام يتطرّق إلى تجويزه في التبليغ.

وأمّا على التفسير الّذي فسّرنا به كلامه، فيستقيم في ذلك، لأنّ(١) فرض
الجبر على تبليغ الباطل، والأمر به محال قطعاً ظاهر البطلان، مناف للكحمة،
ناقض الغرض.

__________________

(١) في ب: إلى أنّ.

١٦٦

وأمّا قوله: إنّ سهوه من الله، وسهو غيره من الشيطان، فهو يقرّب ما قلناه،
لأن نسبة السهو هنا إلى الله والى الرسول لابدّ فيها من ارتكاب تجويز، بأن
يكون أحدهما فاعلاً حقيقياً، والآخر مجازياً، فإن كان الفاعل الحقيقي هو
الرسول صلّى الله عليه وآله من غير أمر من الله، فلا فرق بين سهونا وسهوه، إلاّ
بأنّ سهوه من نفسه من غير مدخلية الشيطان، وتبطل النسبة إلى الله حينئذٍ لأنّ
معناها على هذا التقدير التخلية والتمكين وعدم المنع، وذلك حاصل في سهونا
أيضاً، فانتفت المزيّة بالكليّة، وبطل الفرق كما لا يخفى، لأنّ ما ذكر غير صالح
للفرق، ولا موجب لنسبة الفعل إلى الله حقيقة، بل يوجب أن يكون النبيّ أسوء
حالاً منّا في السهو، لأنّ لنا عذرين، وله عذر واحد.

وإن كان الفاعل الحقيقي هو الله؛ أمّا بالخبر الخاص على تقدير تسليمه،
أو بالأمر له بما فعله، ففيه تصريح بنفي السهو عن المعصوم، وهو عين المدّعي،
وإنّما نفينا عنه السهو الحقيقي، ولا حرج في إطلاق المجازي، مع انّ
الأولى ترك إطلاقه أيضاً في غير الضرورة، كرواية هذه الأخبار وتأويلها.

هذا ولا يخفى إنّ الحمل على وقوع الأمر يستلزم الإسناد المجازي
أيضاً، ولا تصوّر فيه، وقرينة قول ابن بابويه: إنّ سهوه من الله وسهونا
من الشيطان.

ومعلوم إنّ الشيطان لا يجبر الإنسان على السهو ولا على غيره، بل يأمره
بما يريد ويوسوس إليه به، لكن النسبة إلى الله مع أمره به أقرب من النسبة إليه
مع التخلية بمراتب، وإلاّ جاز إسناد جميع أفعال المعصوم وغيره إلى الله تعالى.

وأمّا ما نقله عن محمد بن الحسن بن الوليد، فقبوله للتوجيه الّذي قلناه،

١٦٧

والمحمل الصحيح الّذي ذكرناه أوضح، وكذلك دليلهما، فتزول المخافة.

وأمّا الكتاب الّذي وعد بتأليفه فلم يصل إلينا، فإن كان صرّح فيه بتجويز
السهو الحقيقي أو وقوعه، بطل حمل كلامه على المحمل الصحيح، ولم يبطل
حمل الأخبار عليه لوجود معارضاتها، وكثرة اجمالاتها(١) .

وأمّا حديث(٢) أبي بكر الحضرمي ففيه مع الإغماض عن سنده أنّه نسب
السهو إلى الرسول صلّى الله عليه وآله، فينافي إجماع الفريقين، لأنّ من جوّز
السهو عليه قال: انّه من الله، فلابد له من تأويله بالحمل على المجاز، أو
الاعتراف ببطلان الفرق الّذي ذكره، والقول بالمساواة بين سهونا وسهوه.

وأمّا حديث الحارث فليس فيه تصريح بالسهو أصلاً، بل ظاهره العمد
لإطلاق اسناد الفعل، وهو يتمّ على جملة من الوجوه السابقة.

وأمّا حديث الحسن بن صدقة ففيه مع ضعف سنده جداً أنّه تضمّن منه
الفعل إلى الرسول صلّى الله عليه وآله من غير تصريح [ بالسهو، ثمّ نسب الفعل
الى إرادة الله من غير تصريح به أيضاً ](٣) ، وظاهر الحال كون الإسنادين
على وجه الحقيقة، وهو لا يتمّ كما مرّ فالأقرب أن يكون الفعل من الرسول
صلّى الله عليه وآله عمداً، والأمر بذلك من الله كما تقدّم.

وحديث سعيد الأعرج قد عرفت حاله، وهذه الرواية أخفّ إشكالاً من
السابقة، ولفظ أسهاه يمكن حمله على الترك من غير بعد بأن يكون أمره به.

__________________

(١) في ب: اجمالاتنا.

(٢) في د: وأحاديث.

(٣) ليس في ب.

١٦٨

وأما حديث جميل فلا تصريح فيه بشيء، وانّما قال: فذكر حديث
ذي الشمالين، ووجهه ما تقدّم في مثله، بل أقرب الوجوه ممّا مضى، ويأتي
ممكن فيه.

وأمّا حديث أبي بصير ففيه مع(١) الاغماض عن سنده، وفساد مذهب
راويه، ومذهب غيره من الرواة انّه لم يصرّح بالسهو ولا فيه إشعار به.

وأمّا حديث سماعة فسنده كذلك، ويستقيم في متنه أكثر ما مرّ من
الوجوه إن لم يكن كلّها، مع أنّ قوله: من حفظ سهوه فأتمّه، ثمّ إيراده حديث
ذي الشمالين يدلّ على انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان حافظاً لعدد
صلاته وأتمّها، فليس عليه سجدتا السهو وحينئذٍ لم يكن منه سهو حقيقي،
بل هو مجازي بقرينة قوله: حفظ، وقرينة ما تقدّم من المعارضات العقليّة
والنقليّة على انّه ينافي كثيراً من أحاديث السهو الّتي تضمّنت انّه صلّى الله عليه
وآله سجد للسهو، وهذا التناقض يضعف الاحتجاج بها، بل أوّله يناقض
آخره.

والتعليل الّذي تضمّنه قوله: فإنّ الخ، لا يخفى ما فيه من المنافرة
لأوّله، والإجمال والاشكال من امارات التقيّة، وقد تقدّم حديث عبد الله بن
بكير المتضمّن لنفي سجود السهو عنه عليه السلام، وانّه ما سجدهما قط، ولا
يسجدهما فقيه، أي حافظ لعدد صلاته، متيقّظ من الفقه - أي الفهم - أو فقيه
كامل الفقه والعلم - أعني المعصوم كما حمله عليه بعض المحقّقين -.

وأمّا حديث زيد بن علي فهو أضعف سنداً ودلالة لمخالفته للإجماع

__________________

(١) في ب: من.

١٦٩

وشذوذه، وعدم عمل أحد بمضمونه، وعدم موافقته لاعتقاد علي عليه السلام
وأكثر شيعته بل كلّهم، ولاختصاص رواة(١) الزيدية بنقله، ولاشتماله على لفظ
المرغمتين، وانّما سمّيت سجدتا السهو بهما لأنّهما ترغمان أنف الشيطان.

وإذا كان سهوه عليه السلام على تقدير تسليمه من الله لا من الشيطان،
لا يجوز إطلاق هذا اللفظ سلّمنا، لكن؛ من أين ثبت إنّ بعض القوم أصاب،
وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخطأ؟ بل يجب الجزم بالعكس، وإلاّ لكان
أمير المؤمنين عليه السلام أحقّ باستدراك ذلك من كلّ أحد، فتكون صلاتهم
في الواقع تامّة، والسجود المذكور محمولاً على بعض الوجوه السابقة،
والمرغمتان إرغاماً للمنافقين الّذين أرادوا إبطال صلاته وإعادتها.

وأمّا حديث زيد الشحّام فوجهه ما تقدّم مع ضعف سنده جداً.

وأمّا حديث العزرمي فقد عرفت عبارة الشيخ فيه، وفيها كفاية.

ويزيده وضوحاً: الأوجه السابقة من التقيّة وغيرها، وأقوى من جميع
ذلك، الحمل على كذب المنادي وغلطه، فهو أحقّ بالسهو والغلط، بل الافتراء
وتعمّد الكذب، فلعلّه كان من بعض الأعداء والمنافقين الّذين يريدون تغطية
قبائح المتقدّمين(٢) ، فقد نقلوا ذلك عن الثاني.

وأمّا حديث أبي بصير فليس فيه تصريح بوقوع سهو أصلاً، بل نقله
لذلك بلفظ قيل، يدلّ على عدم صحّته، وإلاّ لحكم به أوّلاً.

وأوضح من ذلك قوله: ما كان عليك لو سكت ولو كان صادقاً لما قال له

__________________

(١) في ب: برواية.

(٢) في هامش ب: الخلفاء الثلاثة الغاصبة للخلافة لعنهم الله. « منه رحمه الله ».

١٧٠

ذلك، لأنّه كان عليه استحقاق العقاب لو كان القول واجباً، وفوت الثواب إن
كان راجحاً، ولا يكاد يتصوّر المساواة والمرجوحية، لأنّه من المعاونة
على البرّ والتقوى، ونصيحة المؤمن للمؤمن.

وأمّا حديث سماعة، فلا إشكال فيه، فليس ذلك بفعل اختياري،
ولو لم يرد(١) التصريح بذلك لمنعناه، أو حملناه على ما قلناه لما
تقدّم من انّه تنام عينيه ولا ينام قلبه، ولكن النادر لا ينافي ذلك النص
لما يأتي.

وأمّا حديث سعيد الأعرج فلا اشكال فيه أيضاً، لأنّه صريح في انّ الله
جبره على ذلك، والزمه به، وجعل نومه غالباً، ولم يقع منه صلّى الله عليه وآله
تقصير ولا شيء، ولا ينافي العصمة، وفيه ردّ على الغلاة والمفوّضة معاً كما مرّ،
وفيه أيضاً اشارة إلى أنّ السهو على تقدير وقوعه كان كذلك، لكن الأقرب
هناك الحمل على الأمر دون الجبر.

وأمّا حديث عبد السلام بن صالح ففيه مع ضعف سنده جداً أنّه لا ينافي
ما قلنا، بل يؤيّده لانّه لم يقل يقع منه سهو، بل قال يقع عليه السهو، فدلّ
على أنّه مجبور أو مأمور.

والظاهر أنّهم كانوا ينكرون وقوع هذه القضيّة بالكلّيّة، ويعدونها محالاً
لاعتقادهم الغلو والتفويض، فلا يجوّزون ذلك على وجه الحقيقة ولا المجاز
ولا الأمر والمنع والإكراه، فورد الردّ عليهم وتكذيبهم، ولا أقل من الاحتمال
المانع من الاستدلال.

__________________

(١) في ج: يروي.

١٧١

وقد ورد في الخصال عن أبي جعفر عليه السلام إنّ أمير المؤمنين عليه
السلام علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة كلمة ممّا يصلح للمسلم في
دينه ودنياه.

فمن ذلك أنّه قال: إيّاكم والغلو فينا، قولوا إنّا عبيد مربوبون، [ وكذا
قوله: ](١) وقولوا(٢) في فضلنا ما شئتم(٣) .

ويفهم من هذا الحديث: إنّ نفي السهو عن المعصوم ليس من الغلو، وإنّما
الغلو نفي الحقيقي والمجازي معاً لمنافاته للعبودية.

وروى الطبرسي في الاحتجاج في احتجاج الرضا عليه السلام
على الغلاة والمفوّضة قال: لا تتجاوزوا بنا العبودية، ثمّ قولوا فينا ما شئتم، ولن
تبلغوا(٤) .

وأمّا الحديثان الأخيران فقد عرفت الوجه فيهما، والله تعالى أعلم.

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) في د: وقوله.

(٣) الخصال: ٦١١ ح١٠، عنه بحار الأنوار ١٠: ٨٩ - ١١٦ ح١، وج٢٥: ٢٧٠ ح١٥، وج٧٠: ٣٦
ح ٣٠، وج ٧٥: ٣٩٥ ح ١١.

(٤) الاحتجاج ٢: ٤٣٨، عنه بحار الأنوار ٢٥: ٢٧٣ ح ٢٠.

وقال العلاّمة المجلسي في البحار ما نصّه: اعلم أن أصل هذا الخبر في غاية الوثاقة والاعتبار على
طريقة القدماء، وإن لم يكن صحيحاً بزعم المتأخّرين، واعتمد عليه الكليني وذكر أكثر أجزائه
متفرقة في أبواب الكافي، وكذا في غيره من أكابر المحدّثين.

١٧٢

الفصل الثاني عشر

في ذكر بعض النظائر والأشباه لأحاديث السهو الّتي يجب
تأويلها، ولا يجوز إبقائها على ظاهرها

وذلك كثير جداً، ولنقتصر من هذا القسم على اثني عشر:

الأوّل: ما رواه الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه
في باب ما يصلّى فيه قال:

قال الصادق عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ لموسى عليه السلام
( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى ) (١) قال: كانتا من جلد حمار ميّت(٢) .

وقد روى ابن بابويه في كتاب كمال الدين(٣) والشيخ الطبرسي في كتاب
الاحتجاج(٤) وغيرهما(٥) عن سعد بن عبد الله، عن صاحب الزمان عليه السلام

__________________

(١) سورة طه: ١٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١: ٢٤٨.

(٣) كمال الدين ٢: ٤٦٠.

(٤) الاحتجاج ٢: ٤٦٣.

(٥) بحار الأنوار ١٣: ٦٥ ح ٤.

١٧٣

ما هو صريح في إنكار هذه الرواية، وإنّ موسى عليه السلام أجلّ قدراً من أن
يجهل ذلك، أو يخفى عليه مثله، وبالغ عليه السلام في ردّها وإبطالها وقال: من
قال ذلك، فقد افترى على موسى واستجهله في نبوّته، ثمّ ذكر انّ معنى:
( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) ؛ أي اخلع من قلبك حبّ أهلك. الحديث.

فانظر إلى أنّهم عليهم السلام تارة كانوا يروون ما يوافق التقيّة، وينقلون
عن الأنبياء خلاف الواقع، لأجل موافقة العامّة، ورعاية المصلحة، ودفع
المفسدة، ويفسّرون القرآن بذلك، لأجل ما ذكر فلا ينكر روايتهم لحديث
السهو، وإن لم يكن واقعاً على وجه الحقيقة لما فيه من الحكم والمصالح
السابقة.

الثاني: ما رواه الشيخ الجليل الثقة علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي في
تفسيره من قصة هاروت وماروت نقلاً عن الأئمّة عليهم السلام انّهم رووها كما
يرويها العامّة، والقصّة طويلة موجودة هناك(١) .

وقد أنكرها الامام الحسن العسكري عليه السلام كما رواه رئيس
المحدّثين أبو جعفر بن بابويه في كتاب عيون الأخبار(٢) في باب ما جاء عن
الرضا عليه السلام في هاروت وماروت، قال: حدّثنا محمد بن القاسم المفسّر،
عن يوسف بن محمد بن زياد؛ وعلي بن محمد بن سيّار، عن أبويهما، عن
الحسن بن علي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام في قوله تعالى:( وَمَا أُنزِلَ
عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ
) (٣) - إلى ان قال: - وكان بعد نوح عليه

__________________

(١) تفسير القمّي ١: ٥٦ - ٥٧.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٦٩.

(٣) سورة البقرة: ١٠٢.

١٧٤

السلام قد كثر السحرة والمموّهون(١) ، فبعث الله ملكين إلى نبي ذلك الزمان
بذكر ما يسحر به السحرة وما يبطل به سحرهم، ويردّ به كيدهم، فتلقّاه النبي
عن الملكين وأدّاه إلى عباد الله بأمر الله، وأمرهم أن يقفوا به على السحر، وأن
يبطلوه، ونهاهم أن يسحروا به الناس، وهذا كما يدلّ على السمّ ما هو [ وعلى ما
يدفع به غائلة السمّ ](٢) ، ثمّ قال عزّ وجلّ:( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولا إِنَّمَا
نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
) (٣) .

يعني: إنّ ذلك النبيّ عليه السلام أمر ملكين أن يظهرا للناس بصورة
بشرين، ويعلّماهم ما علّمهم الله من ذلك، وذكر الحديث - إلى أن قال: - يوسف
ابن محمد بن زياد؛ وعلي بن محمد بن سيّار، فقلنا للحسن أبي القاسم(٤) عليه
السلام: فإنّ عندنا قوماً يزعمون إنّ هاروت وماروت ملكان اختارتهما(٥)
الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، [ وأنزلهما مع ثالث لهما ](٦) ، وأنّهما افتتنا
بالزهرة، وأراد الزنا بها، وشربا الخمر، وقتلا النفس المحرّمة، وإن الله عزّ وجلّ
يعذّبهما ببابل، وإنّ السحرة منها يتعلّمون السحر، وإنّ الله مسخ تلك المرأة هذا
الكوكب الّذي هو الزهرة.

فقال الإمام عليه السلام: معاذ الله من ذلك، إن ملائكة الله معصومون
محفوظون من الكفر والقبائح بالطاف الله تعالى، قال الله عزّ وجلّ:( لاَّ يَعْصُونَ

____ ______________

(١) في هامش ج: التمويه: التدليس. « منه رحمه الله ».

(٢) من المصدر.

(٣) سورة البقرة: ١٠٢.

(٤) كذا في « ب، ج »، وفي « د » والمصدر: القائم.

(٥) كذا في النسخ، وفي المصدر: اختارهما الله من.

(٦) من المصدر.

١٧٥

اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (١) .

وقال تعالى:( [وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ](٢) وَمَنْ عِندَهُ - يعني
الملائكة -لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) (٣) وذكر آيات اُخر، ثمّ
قال عليه السلام: لو كان كما يقولون، كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاء
على الأرض، وكانوا كالأنبياء في الدنيا أو كالأئمّة، فيكون من الأنبياء والأئمّة
قتل النفس والزنا؟

ثمّ [ قال عليه السلام ](٤) : أو لست تعلم إنّ الله لم يخل الأرض من نبيّ أو
إمام من البشر أوليس الله يقول:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ [مِن رَّسُولٍ ](٥) ) (٦) يعني إلى
الخلق( إِلاَّ رِجَالاً ) (٧) ، فأخبر انّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة
وحكّاماً، وإنّما اُرسلوا إلى أنبياء الله. الحديث.

أقول: فظهر انّ رواية علي بن إبراهيم محمولة على التقيّة، وموافقة
للعامّة لدفع الضرر كما يقتضيه الحال، وهو نظير وقريب لحديث السهو.

الثالث: ما رواه ابن بابويه في عيون الأخبار(٨) من جملة الأحاديث
الدالّة على مدح زيد بن علي وأصحابه في باب مفرد، قال: حدّثنا علي بن

__________________

(١) سورة التحريم: ٦.

(٢ و ٥) من المصدر.

(٣) سورة الأنبياء: ١٩.

(٤) ليس في ب.

(٦) سورة الأنبياء: ٢٥، الحج: ٥٢.

(٧) سورة يوسف: ١٠٩،( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم ) .

(٨) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٥١.

١٧٦

أحمد بن محمد بن عمران(١) الدقّاق، قال: حدّثنا علي بن الحسين القاضي،
قال: حدّثنا الحسن(٢) بن علي الناصري، عن أحمد بن رشيد، عن عمّه أبي
معمّر [ سعيد ](٣) بن خيثم، عن أخيه معمّر، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه،
عن علي عليه السلام قال: يخرج من ولدي رجل يقال له زيد يُقتل بالكوفة،
ويصلب بالكناسة(٤) ، يخرج من قبره حين ينشر، تفتح لروحه أبواب السماء،
ويبتهج به أهل السمارات [ والأرض ](٥) ، تجعل روحه في حوصلة طير أخضر،
ليسرح في الجنّة حيث يشاء.

أقول: هذا محمول على التقيّة في الرواية، كما جوّزناه في أحاديث
السهو.

لما رواه الكليني في باب أرواح المؤمنين عن علي بن إبراهيم، عن أبيه
عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت
له: جعلت فداك يروون أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش
فقال: لا، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير، ولكن في
أبدان كأبدانهم(٦) .

وفي الباب المذكور وغيره عدّة أحاديث بهذا المعنى.

الرابع: ما رواه الشيخ في الاستبصار في باب وجوب المسح

__________________

(١) في ج: عمروان. والظاهر انّه تصحيف.

(٢) في ب: الحسين.

(٣) ليس في ب.

(٤) في ج: الكناسية.

(٥) من المصدر.

(٦) الكافي ٣: ٢٤٤ ح ١ و ٢٤٥ ح ٦ و ٧.

١٧٧

على الرجلين، بإسناده عن محمد بن الحسن الصفّار، عن عبد الله بن منبّه، عن
الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي
عليه السلام، قال: جلست أتوضّأ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
تمضمض واستنشق واستن(١) ثمّ غسلت وجهي ثلاثاً، فقال: يا علي، قد
تجزيك [ من ذلك ](٢) المرّتان، قال: فغسلت ذراعي، ومسحت برأسي مرّتين،
فقال: قد يجزيك من ذلك المرّة، وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي، خلّل بين
الأصابع لا تخلّل بالنار(٣) .

قال الشيخ: هذا خبر موافق للعامّة، وقد ورد مورد التقيّة، لانّ المعلوم
الذي لا يتخالج فيه الشكّ من مذاهب أئمّتنا عليهم السلام القول بالمسح
على الرجلين، وذلك أشهر من أن يدخل فيه شكّ أو ارتياب. انتهى.

أقول: فانظر إلى انّه حمله على التقيّة مع عدم جوازها على الرسول
صلّى الله عليه وآله عند الشيخ، لا عند غيره من الشيعة إلاّ النادر، ولا عند
أحد من المسلمين، ولا وجه لها إلاّ أن يكون أمير المؤمنين والحسين وعلي بن
الحسين عليهم السلام قد رووا تلك الرواية كما يرويها العامّة للتقيّة، فكذلك
أحاديث السهو من باب التقيّة في الرواية.

الخامس: ما رواه الشيخ أيضاً في الاستبصار في باب أكثر أيّام النفاس
بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن العلاء، عن محمد بن مسلم
قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء كم تقعد؟

__________________

(١) استن: استنان: استعمال السواك.

(٢) من المصدر.

(٣) الاستبصار ١: ٦٥ ح ٨.

١٧٨

فقال: إنّ أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله أن
تغتسل لثمان عشر، ولا بأس بان تستظهر ليوم أو يومين(١) .

أقول: ذكر الشيخ لهذا الحديث وأمثاله ثلاثة أوجه من وجوه الجمع بينها
وبين ما عارضها. أحدها: الحمل على ضرب من التقيّة، لأنها موافقة لمذاهب
العامّة. انتهى.

وإذا جاز حمل الحديث الصحيح المنقول من كتب الحسين بن سعيد،
عن الثقات الأثبات، عن محمد بن مسلم الّذي أجمعت الطائفة على تصحيح ما
يصحّ عنه على التقيّة مع عدم جوازها على الرسول صلّى الله عليه وآله
فأحاديث السهو أولى بالحمل على التقيّة لمعارضته الأدلّة العقليّة والنقليّة كما
عرفت.

السادس: ما رواه الشيخ في الاستبصار أيضاً في باب حكم من أصبح
جنباً في شهر رمضان بعد ذكر أحاديث كثيرة في عدم الجواز بإسناده عن
سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين؛ ومحمد بن علي، عن محمد بن
عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن حبيب
الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله
يصلّي صلاة الليل في شهر رمضان، ثمّ يجنب، ثمّ يؤخّر الغسل متعمّداً
حتى يطلع الفجر(٢) .

قال الشيخ بعد ذكر حديث آخر مثله: الوجه في هذين الخبرين أن

__________________

(١) الاستبصار ١: ١٥٥ ح ٢.

(٢) الاستبصار ٢: ٩ ح ٣ و ٤، وص ٨٨ ح ٦.

١٧٩

نحملهما على ضرب من التقيّة وعلى ما بيّناه، لانّه(١) رواية العامّة عن
النبيّ صلّى الله عليه وآله، ويحتمل أنّه أخّر الغسل عمداّ لعذر من برد أو
غيره. انتهى.

والكلام فيه كالّذي قبله، بل هذا أوضح في تجويزه وقوع التقيّة
في الرواية ولا يخفى انّه يمكن حمل الفجر على الفجر الأوّل وهو
قريب جدّاً.

السابع: ما رواه أيضاً في الاستبصار في باب تحليل المتعة بعد ذكر
أحاديث كثيرة في الإباحة، بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي
الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن
آبائه، عن على عليه السلام قال: حرّم رسول الله صلّى الله عليه وآله لحوم حمر
الأهلية ونكاح المتعة(٢) .

قال الشيخ: الوجه في هذه الرواية أن نحملها على التقيّة لأنّها موافقة
لمذهب العامّة والأخبار الاُولى موافقة لظاهر الكتاب، وإجماع الطائفة
المحقّة(٣) . انتهى.

وجميع ما قاله متّجه في أحاديث السهو لما عرفت.

الثامن: ما رواه أيضاً في الاستبصار في باب حكم لحم الحمار الأهلية

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي المصدر: لأنّ ذلك.

(٢) الاستبصار ٣: ١٢٤ ح ٥.

(٣) في هامش ج: العجب انّ الشيخ زين الدين في شرح اللمعة ذكر أنّ أخبارنا دالّة على اباحة المتعة
ولا معارض لها أصلاً وتعجّب من ذلك. وفيه غفلة عن هذا المعارض وغيره. « منه رحمه الله ».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424