نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار18%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257360 / تحميل: 6459
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

سند

حديث الغدير

٥

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

قد عرفت أن حديث الغدير من الأحاديث المتواترة، بل هو من أشهر الأحاديث المتواترة بين المسلمين، على اختلاف مذاهبهم ونحلهم، وهو مخرّج في كتب أهل السنّة، وأسفارهم وجوامعهم الحديثية، بطرق وأسانيد لا تحصى كثرةً، حتى التجأ بعض أكابرهم، الذين ربّما ناقشوا في أسانيد غيره من الأحاديث، إلى الاعتراف بتواتره، والتصريح بكثرة طرقه، وعني آخرون منهم بجمع طرقه وأسانيده، في مصنّفات تخص هذا الموضوع بمفرده.

قد عرفت هذا كلّه في الجزء السابق هو المدخل للبحث.

ولا غرابة في ذلك، بل إن ما ذكروه قليل بالنسبة إلى شأن هذا الحديث، وبحوثهم حوله هي دون عظمته بكثير، فتلك واقعة حضرها عشرات الألوف من المسلمين، وشهدها أعلام الصحابة من الرجال والنساء.

وإن هذا الذي وصل إلينا من أخبار الغدير، وأسماء رواته من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بعد كتم المخالفين حسداً وعناداً، والموالين خوفاً وتقية، لنزر يسير، وقليل من كثير

وفي هذا الجزء من الكتاب، نذكر أسماء طائفة من أعلام القوم، من رواة حديث الغدير ومخرّجيه، مع ذكر نص روايته، أو الاشارة إلى موضعها، ابتداءاً

٧

بالقرن الثاني حتى القرن الثالث عشر، ثمّ الرابع عشر، مع ترجمة موجزة لكلّ واحد منهم، نقتصر فيها على كلمة التوثيق والمدح، عن أئمّة الجرح والتعديل، وعلماء الرجال والتاريخ.

وقد وضعنا إلى جنب الاسماء، رموزاً مأخوذة من ( الكاشف للذهبي ) و ( تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني )، وهي: « ٤ » لأرباب السّنن الأربعة، و « م » لمسلم، « خت » للبخاري في التاريخ، « ع » لمن أخرج حديثه في الصحاح الستة، « عس » للنسائي في مسند علي، « ق » لابن ماجة، « د » لأبي داود، « ت » للترمذي، « س » للنسائي، « خ » للبخاري.

والأرقام الموجودة إلى جنب الأسامي، هي سنّي الوفيات، ولدي الاختلاف نذكرها جميعاً:

٨

القرن الثاني

١ - محمد بن إسحاق - ع م مقروناً - ( ١٥١ / ١٥٢ ).

٢ - معمر بن راشد أبو عروة الأزدي - ع - ( ١٥٣ / ١٥٤ ).

٣ - إسرائيل بن يونس السبيعي الكوفي - ع - ( ١٦٠ / ١٦٢ ).

٤ - شريك بن عبدالله القاضي - خت م ع - (١٧٧).

٥ - محمد بن جعفر المدني المعروف بغندر - ع - (١٩٣).

٦ - الوكيع بن الجرّاح الروّاسي - ع - (١٩٧).

٧ - عبدالله بن نمير الهمداني - ع - (١٩٩).

القرن الثالث

٨ - محمد بن عبدالله أبو أحمد الزبيري الحبّال - ع - (٢٠٣).

٩ - يحيى بن آدم بن سليمان الأموي - ع - (٢٠٣).

١٠ - محمد بن إدريس الشّافعي - ع - (٢٠٤).

١١ - الأسود بن عامر الشامي المعروف بشاذان - ع - (٢٠٨).

١٢ - عبد الرزاق بن همّام الصنعاني - ع - (٢١١).

٩

١٣ - حسين بن محمد بن بهرام المروزي - ع - (٢١٣).

١٤ - الفضل بن دكين أبو نعيم الكوفي - ع - ( ٢١٨ / ٢١٩ ).

١٥ - عفّان بن مسلم الصفّار - ع - (٢٢٠).

١٦ - سعيد بن منصور الخراساني - ع - (٢٢٧).

١٧ - إبراهيم بن الحجاج السامي - س - ( ٢٣١ / ٢٣٢ ).

١٨ - علي بن حكيم الأودي - م س - (٢٣١).

١٩ - علي بن محمد الطنافسي - عس ق - (٢٢٣).

٢٠ - هدبة بن خالد البصري - خ م د - ( ٢٣٥ / ٢٣٦ ).

٢١ - عبدالله بن محمد بن أبي شيبة العبسي - خ م د س ق - (٢٣٥).

٢٢ - عبيدالله بن عمر القواريري - خ م د س - (٢٣٥).

٢٣ - إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه - خ م د ت س - (٢٣٨).

٢٤ - عثمان بن محمد بن أبي شيبة - خ م د ق - (٢٣٩).

٢٥ - قتيبة بن سعيد البلخي - ع - (٢٤٠).

٢٦ - أحمد بن محمد بن حنبل - ع - (٢٤١).

٢٧ - هارون بن عبدالله أبو موسى الحمّال - م٤ - (٢٤٣).

٢٨ - محمد بن بشار الشهير بـ ( بندار ) العبدي - ع - (٢٥٢).

٢٩ - محمد بن المثنى أبو موسى العنزي - ع - (٢٥٢).

٣٠ - الحسن بن عرفة العبدي - ت ق - (٢٥٧).

٣١ - محمد بن يحيى الذهلي - خ٤ - (٢٥٨).

٣٢ - حجاج بن يوسف المعروف بابن الشاعر البغدادي - م د - (٢٥٩).

٣٣ - إسماعيل بن عبدالله الاصبهاني الملقب بسمويه (٢٦٧).

٣٤ - الحسن بن علي بن عفان العامري - ق - (٢٧٠).

٣٥ - محمد بن يزيد بن ماجة القزويني (٢٧٣).

٣٦ - أحمد بن يحيى البلاذري (٢٧٩).

١٠

٣٧ - عبدالله بن مسلم الدينوري المعروف بابن قتيبة (٢٧٦).

٣٨ - محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (٢٧٩).

٣٩ - أحمد بن عمرو الشيباني المعروف بابن أبي عاصم (٢٨٧).

٤٠ - زكريا بن يحيى السّجزي الخيّاط - س - (٢٨٩).

٤١ - عبدالله بن أحمد بن محمد بن حنبل - س - (٢٩٠).

٤٢ - علي بن محمد المصيصي - س -.

٤٣ - إبراهيم بن يونس البغدادي الملقّب بحرمي - س -.

٤٤ - أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار (٢٩٢).

القرن الرّابع

٤٥ - أحمد بن شعيب النسائي (٣٠٣).

٤٦ - حسن بن سفيان النسوي (٣٠٣).

٤٧ - أحمد بن علي أبو يعلى الموصلي (٣٠٧).

٤٨ - محمد بن جرير الطبري (٣١٠).

٤٩ - عبدالله بن محمد أبو القاسم البغوي (٣١٧).

٥٠ - محمد بن علي بن الحسين بن بشير الزاهد الحكيم الترمذي.

٥١ - أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (٣٢١).

٥٢ - أحمد بن محمد بن عبد ربه أبو عمر القرطبي (٣٢٨).

٥٣ - حسين بن إسماعيل المحاملي (٣٣٠).

٥٤ - أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس المعروف بابن عقدة (٣٣٢).

٥٥ - يحيى بن عبدالله العنبري (٣٤٤).

٥٦ - دعلج بن أحمد السجستاني (٣٥١).

٥٧ - محمد بن عبدالله البزار الشافعي (٣٥٤).

١١

٥٨ - أبو حاتم محمد بن حبان البستي (٣٥٤).

٥٩ - سليمان بن أحمد الطبراني (٣٦٠).

٦٠ - أحمد بن جعفر القطيعي (٣٦٨).

٦١ - علي بن عمر الدار قطني (٣٨٥).

٦٢ - عبيدالله بن عبدالله المعروف بابن بطة (٣٨٧).

٦٣ - محمد بن عبد الرحمن المخلّص الذهبي (٣٩٣).

القرن الخامس

٦٤ - محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري (٤٠٥).

٦٥ - عبد الملك بن محمد بن إبراهيم الخركوشي (٤٠٧).

٦٦ - أحمد بن عبد الرحمن الفارسي الشيرازي (٤٠٧).

٦٧ - أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني (٤١٠).

٦٨ - أحمد بن محمد بن يعقوب أبو علي مسكويه (٤٢١).

٦٩ - أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي (٤٢٧).

٧٠ - أحمد بن عبدالله أبو نعيم الاصبهاني (٤٣٠).

٧١ - إسماعيل بن علي بن الحسين المعروف بابن السمّان (٤٤٥).

٧٢ - أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (٤٥٨).

٧٣ - يوسف بن عبدالله المعروف بابن عبد البر النمري القرطبي (٤٦٣).

٧٤ - أحمد بن علي المعروف بالخطيب البغدادي (٤٦٣).

٧٥ - علي بن أحمد أبو الحسن الواحدي (٤٦٨).

٧٦ - مسعود بن ناصر السجستاني (٤٧٧).

٧٧ - علي بن محمد الجلّابي المعروف بابن المغازلي (٤٨٣).

٧٨ - عبيدالله بن عبدالله أبو القاسم الحسكاني.

١٢

٧٩ - أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني (٤٨٩).

٨٠ - علي بن الحسن بن الحسين الخلعي (٤٩٢).

القرن السادس

٨١ - محمد بن محمد أبو حامد الغزالي (٥٠٥).

٨٢ - الحسين بن مسعود البغوي (٥١٦).

٨٣ - رزين بن معاوية العبدري (٥٣٥).

٨٤ - أحمد بن محمد العاصمي(١) .

٨٥ - محمود بن عمر الزمخشري (٥٣٧).

٨٦ - محمد بن علي بن ابراهيم أبو الفتح النطنزي.

٨٧ - الموفّق بن أحمد الخوارزمي المكيّ المعروف بأخطب خوارزم (٥٦٨).

٨٨ - عمر بن محمد بن خضر الأردبيلي المعروف بالملّا.

٨٩ - علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي (٥٧١).

٩٠ - محمد بن عمر بن أحمد أبو موسى المديني الاصبهاني (٥٨١).

٩١ - فضل الله بن أبي سعيد الحسن بن الحسن التوربشتي(٢) .

٩٢ - أسعد بن محمود بن خلف أبو الفتح العجلي (٦٠٠).

القرن السابع

٩٣ - محمد بن عمر الرازي (٦٠٦).

____________________

(١). ذكر في الغدير في القرن الخامس.

(٢). ذكر في الغدير في القرن السابع.

١٣

٩٤ - المبارك بن محمد بن محمد أبو السعادات ابن الأثير الجزري (٦٠٦).

٩٥ - علي بن محمد بن محمد أبو الحسن ابن الأثير (٦٣٠).

٩٦ - ضياء الدّين محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي (٦٤٣).

٩٧ - محمد بن طلحة النصيبي (٦٥٢).

٩٨ - يوسف بن محمد أبو الحجاج البلوي المعروف بابن الشيخ.

٩٩ - يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي (٦٥٤).

١٠٠ - محمد بن يوسف الكنجي الشافعي (٦٥٨).

١٠١ - عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني (٦٦١).

١٠٢ - يحيى بن شرف النووي (٦٧٦).

١٠٣ - أحمد بن عبدالله محب الدين الطبري المكّي (٦٩٤).

١٠٤ - إبراهيم بن عبدالله الوصّابي اليمني الشافعي.

١٠٥ - محمد بن أحمد الفرغاني (٦٩٩).

القرن الثامن

١٠٦ - إبراهيم بن محمد الجويني (٧٢٢).

١٠٧ - أحمد بن محمد بن أحمد علاء الدّولة السمناني (٧٣٦).

١٠٨ - يوسف بن عبد الرحمن المزي (٧٤٢).

١٠٩ - محمد بن أحمد الذهبي (٧٤٨).

١١٠ - حسن بن حسين نظام الدين الأعرج النيسابوري.

١١١ - محمد بن عبدالله ولي الدين الخطيب التبريزي.

١١٢ - عمر بن مظفر الشهير بابن الوردي (٧٤٩).

١١٣ - أحمد بن عبد القادر بن مكتوم تاج الدين القيسي (٧٤٩).

١١٤ - محمد بن يوسف الزرندي ( بضع وخمسين وسبعمائة ).

١١٥ - محمد بن مسعود الكازروني (٧٥٨).

١٤

١١٦ - عبدالله بن أسعد اليمني اليافعي (٧٦٨).

١١٧ - إسماعيل بن عمر الدمشقي المعروف بابن كثير (٧٧٤).

١١٨ - عمر بن الحسن أبو حفص المراغي (٧٧٨).

١١٩ - علي بن شهاب الدين الهمداني (٧٨٦).

١٢٠ - محمد بن عبدالله بن أحمد المقدسي (٧٨٩).

القرن التاسع

١٢١ - محمد بن محمد المعروف بخاجا بارسا (٨٢٢).

١٢٢ - محمد بن محمد شمس الدين الجزري (٨٣٣).

١٢٣ - أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي (٨٤٥).

١٢٤ - شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي (٨٤٩).

١٢٥ - أحمد بن علي بن محمد المعروف بابن حجر العسقلاني (٨٥٢).

١٢٦ - علي بن محمد بن أحمد المعروف بابن الصبّاغ المالكي (٨٥٥).

١٢٧ - محمود بن أحمد العيني الحنفي (٨٥٥).

١٢٨ - حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي (٨٧٠)(١) .

١٢٩ - عبدالله بن عبد الرحمن المشهور بأصيل الدين المحدّث (٨٣٣).

١٣٠ - فضل الله بن روزبهان الخنجي الشيرازي.

____________________

(١). قال العلّامة الأمينيرحمه‌الله : شرح الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين سنة ٩٨٠ وألّف كتاباً في الحكمة والفلسفة بشيراز سنة ٨٩٧ وله شرح حديث ألّفه سنة ٩٠٨. فما في بعض التراجم من أنه توفي ٨٧٠ ليس في محلّه.

١٥

القرن العاشر

١٣١ - علي بن عبدالله نور الدين السمهودي (٩١١).

١٣٢ - عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي (٩١١).

١٣٣ - عطاء الله بن فضل الله الشيرازي المعروف بجمال الدين المحدّث(١) .

١٣٤ - عبد الوهاب بن محمد بن رفيع الدين أحمد (٩٣٢).

١٣٥ - أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي (٩٧٣).

١٣٦ - علي بن حسام الدين المتقي (٩٧٥).

١٣٧ - محمد طاهر الفتني (٩٨١).

١٣٨ - الميرزا مخدوم بن عبد الباقي ( حدود: ٩٩٥ ).

القرن الحادي عشر

١٣٩ - علي بن سلطان محمد الهروي المعروف بالقاري (١٠١٤).

١٤٠ - محمد عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي (١٠٣١).

١٤١ - شيخ بن عبدالله العيدروس اليمني (١٠٤١).

١٤٢ - محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري المدني.

١٤٣ - علي بن إبراهيم بن أحمد بن علي نور الدين الحلبي (١٠٤٤).

١٤٤ - أحمد بن المفضل بن محمد باكثير المكي (١٠٤٧).

____________________

(١). لم يذكر السيد هنا تاريخ وفاته، وفي بعض المجلدات سنة ١٠٠٠ وتبعه في الغدير، ولكن التحقيق أنه سنة ٩٢٦.

١٦

١٤٥ - عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي (١٠٥٢).

١٤٦ - محمد بن محمد المصري.

١٤٧ - محمد بن صفي الدين جعفر الملقب بمحبوب عالم.

١٤٨ - صالح بن مهدي المقبلي(١) .

القرن الثاني عشر

١٤٩ - محمد بن عبد الرسول البرزنجي المدني (١١٣٠).

١٥٠ - حسام الدين بن محمد بايزيد السّهارنفوري.

١٥١ - الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني.

١٥٢ - محمد صدر العالم.

١٥٣ - ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي (١١٧٦).

١٥٤ - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني (١١٨٢).

١٥٥ - محمد بن علي الصبان(٢) .

١٥٦ - إبراهيم بن مرعي بن عطيّة الشبرخيتي المالكي(٣) .

١٥٧ - أحمد بن عبد القادر العجيلي.

القرن الثالث عشر

١٥٨ - رشيد الدّين خان الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ).

١٥٩ - المولوي محمد مبين اللكهنوي.

____________________

(١). أرخ وفاته في الغدير بسنة ١١٠٨ ومن هنا ذكره في علماء القرن الثاني عشر.

(٢). ذكر في الغدير تاريخ وفاته سنة ١٢٠٦ ولذا ذكره في القرن الثالث عشر.

(٣). ذكر في الغدير تاريخ وفاته سنة ١١٠٦.

١٧

١٦٠ - محمد سالم البخاري الدهلوي.

١٦١ - المولوي وليّ الله اللكهنوي.

١٦٢ - المولي حيدر علي الفيض آبادي الهندي.

* * *

١٨

(١)

رواية محمد بن إسحاق

علمت رواية محمد بن إسحاق فيما تقدم من كلمات جماعة من الحفاظ والعلماء: كابن كثير وابن حجر المكي والبرزنجي والسهارنفوري.

ترجمته

١ - الذهبي: « وفيها مات محمد بن إسحاق بن يسار المدني، صاحب السيرة، الذي يقول فيه شعبة: كان ابن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث »(١) .

٢ - اليافعي: « والامام محمد بن إسحاق بن يسار، المطّلبي مولاهم المدني، صاحب السّيرة، وكان بحراً من بحور العلم، ذكيّاً حافظاً، طلابة للعلم، أخباريّاً نسّابة، ثبتاً في الحديث عند أكثر العلماء، وأمّا في المغازي، والسير فلا تجهل إمامته.

قال ابن شهاب الزهري: من أراد المغازي فعليه بابن إسحاق، ذكره البخاري في تاريخه، وروى عن الشافعي أنه قال: من أراد أن يتبحّر في المغازي فهو عيال على

____________________

(١). دول الإسلام - حوادث سنة ١٥١.

١٩

محمد بن إسحاق، وقال سفيان بن عيينة ما أدركت أحداً يتّهم ابن إسحاق في حديثه، وقال شعبة بن الحجاج: محمد ابن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، وحكى عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد القطان أنّهم وثّقوا محمد ابن إسحاق، واحتجّوا بحديثه، وإنما لم يخرّج البخاري عنه وقد وثّقه، وكذلك مسلم بن الحجاج لم يخرّج عنه إلّا حديثاً واحداً في الرجم، من أجل طعن مالك ابن أنس فيه، وإنما طعن فيه مالك لأنّه بلغه عنه أنه قال هاتوا حديث مالك فأنا طبيب لعلّته »(١) .

٣ - ابن سيد الناس: « وعمدتنا فيما نورد من ذلك على محمد بن إسحاق، إذ هو العمدة في هذا الباب لنا ولغيرنا فأما ابن إسحاق فهو محمد بن إسحاق حدّث عنه أئمّة العلماء منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان الثوري، وابن جريج، وشعبة، والحمّادان، وابراهيم بن سعد، وشريك بن عبدالله النخعي، وسفيان بن عيينة، ومن بعدهم.

ذكر ابن المديني عن سفيان بن عيينة: أنه سمع ابن شهاب يقول: لا يزال بالمدينة علم ما بقي هذا - يعني ابن اسحاق - وروى ابن أبي ذئب عن الزهري أنه رآه مقبلاً فقال: لا يزال بالحجاز علم كثير ما دام هذا الأحول بين أظهرهم، وقال ابن عيينة: سمعت شعبة يقول: محمد بن إسحاق صدوق في الحديث، ومن رواية يونس بن بكير عن شعبة: محمد بن إسحاق أمير المحدّثين، فقال له: لم؟ قال: لحفظه. وقال ابن أبي خيثمة: نا ابن المنذر عن ابن عيينة أنه قال: ما يقول أصحابك في محمد بن إسحاق؟ قال قلت: يقولون إنه كذّاب. قال: لا تقل ذلك. وقال ابن المديني: سمعت سفيان بن عيينة - وسئل عن محمد بن إسحاق - فقيل له: ولم يرو أهل المدينة عنه، قال: جالسته منذ بضع وسبعين سنة وما يتّهمه أهل المدينة ولا يقولون فيه شيئاً. وسئل أبو زرعة عنه فقال: من تكلّم في محمد بن إسحاق؟! هو صدوق. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه.

____________________

(١). مرآة الجنان - حوادث سنة ١٥١.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ولا يكتفي ابن الأثير بهذا العرض دون التنظير الدلالي ويختار لذلك قوله تعالى : ـ

( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( ٤٤ ) ) (١) .

ويعقب بقوله : « إنك لم تجد ما وجدته لهذه الألفاظ من المزية الظاهرة لا لأمر يرجع إلىٰ تركيبها ، وإنه لم يعرض لها هذا الحسن إلا من حيث لاقت الأولىٰ بالثانية ، والثالثة بالرابعة وكذلك إلى آخرها » (٢) .

ويتعرض لدلالة اللفظ الواحد في تركيبين مختلفين ، فتجد اللفظ مستكرهاً في تركيب ، وهو نفسه مستحسناً في تركيب آخر ويضرب لذلك مثالاً فيقول : ـ

« وسأضرب لك مثالاً يشهد بصحة ما ذكرته ، وهو أنه قد جاءت لفظة واحدة في آية من القرآن ، وبيت من الشعر ، فجاءت جزلة متينة في القرآن ، وفي الشعر ركيكة ضعيفة ، فأثّر التركيب فيها هذين الوصفين الضدين ، أما الآية فهي قوله تعالى : ـ

( فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ ) (٣) .

وأما بيت الشعر فهو قول أبي الطيب المتنبي(٤) :

تلذ له المروءة وهي تؤذي

ومن يعشق يلذ له الغرام

وهذا البيت من أبيات المعاني الشريفة إلا أن لفظة : « تؤذي » قد جاءت فيه وفي الآية من القرآن فحطت من قدر البيت لضعف تركيبها ، وحسن موقعها في تركيب الآية »(٥) .

________________

(١) سورة هود : ٤٤.

(٢) ابن الأثير ، المثل السائر : ١ / ٢١٤.

(٣) سورة الأحزاب : ٥٣.

(٤) المتنبي ، ديوان المتنبي : ٤ / ٧٥.

(٥) ابن الأثير ، المثل السائر : ١ / ٢١٤.

٤١

والذي يؤخذ على ابن الأثير في هذا المقام وغيره من مواطن إفاضاته البلاغية والنقدية والدلالية هو نسبته جميع المفاهيم وإن سبق إليها من هو قبله وادعاؤه التنبيه عليها وإن نبه غيره ، ولا يعلل منه هذا إلا بعدم قراءة جهود السابقين ، وهو بعيد على شخصيته العلمية المتمرسة ، وأما ببخس الناس أشياءهم ، وهذا ما لا يحمد عليه عالم جليل مثله ، وإلا فقد رأيت قبل وريقات أن عبد القاهر قد خطط بل وجدد لما أبداه هنا ابن الأثير.

٩ ـ وهذا حازم القرطاجني ( ت : ٦٨٤ ه‍ ) بكثرة إضاءته وتنويره في منهاج البلغاء ، نجده يؤكد الحقائق الدلالية السابقة لعصره ، وعنده أنها من المسلمات حتى أنه ليقارن بين دلالة المعاني والألفاظ ويعبر عنهما بصورة ذهنية ، وهو إنما يحقق في ذلك من أجل أن يتفرغ لإتمام اللفظ بالمعنى وإتمام المعنى باللفظ ، في تصور جملي متتابع ، فيقول : ـ

« إن المعاني هي الصور الحاصلة في الأذهان عن الأشياء الموجودة في الأعيان. فكل شيء له وجود خارج الذهن وأنه إذا أدرك حصلت له صورة في الذهن تطابق لما أدرك منه ، فإذا عبر عن تلك الصورة الذهنية الحاصلة عن الإدراك ، أقام اللفظ المعبر به هيئة تلك الصورة في أفهام السامعين وأذهانهم »(١) .

فهو يرىٰ تشخيص اللفظ للصورة الذهنية عند إدراكها بما يحقق الدلالة المركزية التي يتعارف عليها الاجتماع اللغوي ، أو العرف التبادري العام بما يسمى الآن الدلالة الاجتماعية ، اللغوية ، المركزية ، وهي تسميات لمسمىٰ واحد.

١٠ ـ ونجد السيوطي ( ت : ٩١١ ه‍ ) وهو كثير النقل عمن سبقه ، وكتاباته لا تعبر عن جهده الشخصي في الاستنتاج بل قد تعبر عن جهده الشخصي في الاختيار ، وله في هذا الاختيار مذاهب ومذاهب ، قد ينسب بعضها إلى أهلها وقد يحشر بعضها في جملة آرائه ، وقد ينقلها نقلاً حرفياً ،

________________

(١) حازم القرطاجني ، منهاج البلغاء : ١٨.

٤٢

ولكنك تظنها له ، وهو في هذا المجال كذلك ، نجده يتنقل هنا وهناك لاستقراء المناسبة القائمة بين اللفظ ومدلوله ، في مجالات شتى فيقول : ـ

« نقل أهل أصول الفقه عن عباد بن سليمان الصيمري من المعتزلة أنه ذهب إلى أن بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية حاملة للواضع أن يضع وإلا لكان تخصيص الاسم المعين ترجيحاً من غير مرجح »(١) .

وهذا رأي جملة من الأصوليين ، ولما كان ما يعنيه هو رأي اللغويين فإنه يدع الأصوليين إليهم ، فيبين وجهة نظرهم في هذه الحالة ومن ثم يعقد مقارنة بين الرأيين لاستجلاء الفروق بين الأمرين :

« وأما أهل اللغة والعربية فقد كانوا يطبقون على ثبوت المناسبة بين الألفاظ والمعاني ، ولكن الفرق بين مذهبهم ومذهب عباد ، أن عباداً يراها ذاتية موجبة بخلافهم »(٢) .

وهو ينقل عمن يرىٰ « أنه يعرف مناسبة الألفاظ لمعانيها ، ويربط بين دلالة الصوت والمعنى ، فسئل ما مسمىٰ ( أدغاغ ) وهو بالفارسية الحجر ، فقال : أجد فيه يبساً شديداً أو أراه الحجر »(٣) .

وقد يكون النقل لهذا التنظير مبالغاً فيه ، ولكن المهم في الموضوع إدراك المناسبة على المستوىٰ النظري ، وأنها مفهومة ومفروغ عن إثباتها حتى أصبحت من الهضم لديهم أن يتلمسوا ذلك في لغات أخرى وما أثبتناه هنا عن السيوطي مستخرج من صحيفة واحدة فما ظنك باستقراء آرائه.

ومن الطريف أن ينتصر جاسبرسن ( ١٨٦٠ ـ ١٩٤٣ م ) إلى آراء العلماء العرب القدامىٰ في كشف الصلة بين الألفاظ ودلالتها واستنباط المناسبة بينهما إلا أنه حذر من المغالاة والاطراد في هذا الرأي إلا أنه يؤكد على جانب مهم من آرائهم فيما يتعلق بمصادر الأصوات فقد تسمى حركات

________________

(١) السيوطي ، المزهر في اللغة : ٤٧.

(٢) المصدر نفسه : ٤٧.

(٣) المصدر نفسه : ٤٧.

٤٣

الإنسان بما ينبعث عنها من أصوات ، فيطلق صوت الشيء على الشيء نفسه(١) .

ولما كان القرآن الكريم يمثل الذروة البيانية في الموروث البلاغي عند العرب ، يبتعد عن النمط الجاهلي في ألفاظه ويستقل استقلالاً تاماً في مداليله فلا أثر فيه لبيئة أو إقليمية أو زمنية ، فهو المحور الرئيس لدىٰ البحث الدلالي باعتباره نصاً عربياً ذا طابع إعجازي وكتاباً إلهياً ذا منطق عربي ، فقد توافرت فيه الدلائل والإمارات والبينات لتجلية هذا البحث والتنظير له تطبيقاً في لمح أبعاد الدلالة الفنية.

وليس في هذا التنظير إحصاء أو استقصاء ، فلذلك عمل مستقل به قيد البحث بعنوان : « دلالة الألفاظ في القرآن الكريم » ولكنه هنا على سبيل الأنموذج المتأصل لمبحث الدلالة ، كمقدمة للمبحث الأُم ، وهو جزء ضئيل مما أفاده علماؤنا العرب ، فلا تطلبن مني التفصيل في موضوع مقتضب أو الأطناب في بحث موجز.

جاء هذا التنظير كشفاً لنظرية البحث الدلالي لا غير ، تدور حول محوره ، وتتفيّأ ظلاله ، وليست استقطاباً لما أورده القرآن العظيم في هذا المجال فهو متطاول ينهض بموضوع ضخم وحده.

________________

(١) إبراهيم أنيس ، دلالة الألفاظ : ٦٨ وما بعدها.

٤٤

٤٥

٤٦

وفي ضوء ما تقدم من كشف وممارسة ، فقد لمسنا في مجموعة التركيبة اللفظية للقرآن الكريم لغة اجتماعية ذات طابع دلالي خاص ، تستمد نشاطها البنائي من بنيات بلاغية متجانسة حتى عادت لغة مسيطرة في عمقها الدلالي لدىٰ عامة الناس في الفهم الأولي ، وعند خاصة العلماء في المعاني الثانوية ، وتوافر حضورها في الذهن العربي المجرد حضوراً تكاملياً ، بعيداً عن الإبهام ، والغموض والمعميات ولا مجال للألغاز في تصرفاتها ولا أرضية للمخلّفات الجاهلية في ثروتها ، تبتعد عن الوحشي الغريب ، وتقترب من السهل الممتنع ذلك من خلال التعامل اللغوي الموجه للفرد والأمة مما فرز حالة حضارية متميزة تعنى بالجهد الفني تلبية للحاجة الإنسانية الضرورية في التقاء الفكر بالواقع واللغة بالعاطفة والشكل بالمحتوى دون تعقيد ثقافي يجر إلى تكوينات متنافرة.

وعلىٰ الرغم من توقف جملة من علمائنا الأوائل عن الخوض في حديث المداليل في القرآن الكريم ، فإن القرآن يبقىٰ ذا دلالة أصلية ، وما معاملتهم له إلا دليل تورع وتحرج عن الفتوىٰ بغير مراد الدلالة حتى وإن أدركوها إجمالاً.

كان الأصمعي ـ وهو إمام أهل اللغة ـ لا يفسر شيئاً من غريب القرآن وحكي عنه أنه سئل عن قوله سبحانه :( قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ) (١) فسكت وقال : هذا في القرآن ثم ذكر قولاً لبعض العرب في جاريةٍ لقوم أرادوا بيعها :

________________

(١) سورة يوسف : ٣٠.

٤٧

أتبيعونها ، وهي لكم شغاف ولم يزد على ذلك ، أو نحو من هذا الكلام »(١) .

ولو تجاوزنا حدود العلماء والنقاد العرب ، إلى القادة والسلف الصالح لوجدنا الأمر متميزاً في احترام النص القرآني ، ومحاطاً بهالة متألقة من التقديس ، فلقد قال الإمام علي7 مجاهراً : « وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه وبيت لا تهدم أركانه ، وعز لا تهزم أعوانه »(٢) .

وهو تعبير حي عن حماية القرآن وصيانته ، وتبيان لحجج القرآن ودلالته.

وقد كان عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ـ وهو من الفصاحة في ذروة السنام والغارب ـ يقرأ قوله عزّ وجلّ :( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ( ٣١) ) (٣) فلا يعرفه فيراجع نفسه ويقول : ما الأبّ ؟ ثم يقول : إن هذا تكلف منك يا ابن الخطاب »(٤) .

وكان ابن عباس; وهو ترجمان القرآن ووارث علمه يقول : لا أعرف حناناً ولا غسلين ولا الرقيم(٥) .

ولا يعني التحرج في كشف الدلالة القرآنية عدم وضوح الرؤية ، أو انعدام المراد بل على العكس أحياناً ، فقد أجمع النقاد على سلامة النظم القرآني ، وتواضعوا على إعجازه ، بل اعتبروا استعمال القرآن لأفصح الألفاظ بأحسن المواقع متضمنة أسلم المعاني وأعلى الوجوه دلالة ، من مخائل الإعجاز القرآن ، حتى أوضح الخطابي ( ت : ٣٨٨ ه‍ ) هذا العلم بقوله : « واعلم أن القرآن إنما صار معجزاً لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف متضمناً أصح المعاني »(٦) .

________________

(١) الخطابي ، بيان إعجاز القرآن : ٣٤.

(٢) ظ : ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة : ٨ / ٢٧٣.

(٣) سورة عبس : ٣١.

(٤) الخطابي ، بيان إعجاز القرآن : ٣٦.

(٥) المصدر نفسه : ٣٦.

(٦) المصدر نفسه : ٢٧.

٤٨

وقد اعتبر الخطابي نفسه اختيار اللفظ المناسب للموقع المناسب عمود البلاغة القرآنية فقال : الصفات هو وضع كل نوع من الألفاظ التي تشتمل عليها فصول الكلام موضعه الأخص الأشكل به الذي إذا أبدل مكانه غيره جاء منه : أما تبدل المعنى الذي يكون منه فساد الكلام ، وأما ذهاب الرونق الذي يكون معه سقوط البلاغة وذلك أن في الكلام ألفاظاً متقاربة في المعاني ، يحسب أكثر الناس أنها متساوية في إفادة بيان مراد الخطاب كالعلم والمعرفة ، والحمد والشكر ، وبلىٰ ونعم ، وذلك وذاك ، ومن وعن ، ونحوهما من الأسماء والأفعال والحروف والصفات مما سنذكر تفصيله فيما بعد ، والأمر فيها وفي ترتيبها عند علماء أهل اللغة بخلاف ذلك ، لأن كل لفظة منها خاصية تتميز بها عن صاحبتها في بعض معانيها ، وإن كانا قد يشركان في بعضهما »(١) .

واستناداً إلى هذا المفهوم الدقيق في التمييز بين دلالة لفظ ولفظ ، وفروق قول عن قول ، فإننا نشير هنا على سبيل الأنموذج التمييز في القرآن إلى ثلاث خصائص مهمة في الدلالة تتجلىٰ في ثلاث ظواهر بيّنة :

الظاهرة الأولى :

إن اختيار القرآن للألفاظ في دلالتها إنما جاء متناسقاً مع مقتضيات الحال وطبيعة المناسبة وقد يكون ذلك التناسق صادراً لجهات متعددة تؤخذ بعين الاعتبار لدىٰ تجديد القرآن لمراد الاستعمال في الحالات الوصفية والتشبيهية والتمثيلية والتقديرية مما نستطيع التنظير له بما يلي :

أ ـ ما أراد به القرآن صيغة معينة لحالة معينة تستوعب غيرها ولا يستوعبها غيرها ، فإنه يعمد إلى اختيار اللفظ الدقيق لهذه الغاية فيتبناه دون سواه من الألفاظ المقاربة أو الموافقة أو الدارجة كما في قوله تعالى :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الحِسَابِ ( ٣٩) ) (٢) .

________________

(١) الخطابي ، بيان إعجاز القرآن : ٢٩.

(٢) سورة النور : ٣٩.

٤٩

وقد يسد غيرها في معنىً ساذج  متعارف لا معنى دلالي متميز ، فالله تعالىٰ أراد الظمآن بكل ما تحمله الكلمة في تضاعيفها الأولية والثانوية من دلالات خاصة بها فلا تسد مسدها ـ مثلاً ـ كلمة الرائي ، لأنّ الرائي قد يرىٰ السراب من بعيد وهو ليس بحاجة إليه ، فلا يتكلف إلا الخداع البصري أما الظمآن فإنه يكد ويكدح ويناضل من أجل الوصول إلى الماء حتى إذا وصل إليه وإذا بما حسبه ماءً قد وجده سراباً ، فكانت الحسرة أعظم والحاجة أشد ولم يبرد غليلاً ، ولم يدرك أملاً.

قال أبو هلال العسكري ( ت : ٣٩٥ تقريباً ) : « فلو قال يحسبه الرائي ماءً لم يقع قوله ( الظمآن ) لأن الظمآن أشد فاقة إليه وأعظم حرصاً عليه(١) .

ب ـ وما أراد به القرآن الاتساع المترامي ، فإنه يختار له الألفاظ الدالة على هذا الاتساع بكل شمولية واستيعاب فحينما نتدارس بإجلال قوله تعالى :

( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ( ٦) ) (٢) .

فسنجد عمومية الألفاظ وشموليتها مما يتناسب مع عمومية المعاني وتطاولها ، ويتواكب مع استقرار كل الجزئيات وعدم تناهيها ، وذلك من أعاجيب القرآن وطرائفه ، وهذه الألفاظ في هذه الآية هي : دابة ، الأرض ، الله ، رزقها ، مستقرها ، مستودعها ، كل ، كتاب.

هذه الألفاظ في تراصفها وتقاطرها تفيد عموماً لا خصوص معه وتتجه نحو الإطلاق فلا تقييد ، كما سنرىٰ في هذا العرض : ـ

الدابة تستوعب مجموعة عامة مركبة من خلق الله مما دبَّ وهب ودرج من الانس والجن والطير والأنعام والوحوش والهوام وكائنات لا نعرفها ، ومخلوقات لا نتصورها ، أرأيت عمومية وشمولية كهذا في دلالة لفظ واحد عليه مع عدم إمكان حصر ملايين النسمات في ضوئه.

والأرض هذه الكرة الفسيحة بجبالها ووهادها ومفاوزها وأشجارها

________________

(١) العسكري ، كتاب الصناعتين : ٢٤٦.

(٢) سورة هود : ٦.

٥٠

وأنهارها وآبارها ، داخلها وخارجها ، ظاهرها وباطنها كلها عوالم مترامية الأطراف واسمها الأرض ، هذا اللفظ البسيط الساذج المتداول ، ولكنها بقاع العالم وأصقاع الدنيا ومحيطات الكون.

ولفظ الجلالة في إشارته لذاته القدسية التي لا تحد بزمان ولا مكان ، ولا تنظر بأين أو كم أو كيف ، ولا تمثل بجسم أو كائن أو تشخيص يتناهى لله كل متناهٍ ، ولا يدركه نظر أو بعد ولا يسمو إليه فكر أو عقل ، دال على ذاته بذاته ، ومتعالٍ عن سائر مخلوقاته.

والرزق بمختلف أصنافه ، وعلى كثرة سبله وطرقه عام لا خاص ، ومطلق لا مقيد في الملبوس والمأكول والمشروب والمدّخر والمقتنى ، بل في الأولاد إن كانت من الرزق ، والصحة أعظم هبة ومنحة يهبها الله تعالى لعباده فهي من الرزق الحسن العظيم ولا نريد تحديد اللفظ وتصنيفه ، أو توسيعه وتحميله ما لا يتسع إليه ، ولكن جميع هذا الرزق على فضفاضيته في حرز متكامل ، ونظام دقيق يشمل هذه الكائنات المتعددة بحسب احتياجاتها المتكاثرة ، وشؤونها المتنوعة غير المحصورة إلى كل هذه الخلائق يصل هذا الرزق وهو مكفول لكل نسمة حسب حاجتها على ما توجبه الحكمة العليا وتقتضيه مصلحة العباد في تفاوت أو تقدير ، وسعة إملاء من أجل تنظيم مسيرة العالم في استدرار المعايش وتحقيق معنى الاستخلاف على الأرض.

والمستقر بالنسبة لهذا الكائنات قد يراد به موضع القرار أو حيث تأوي إليه من الأرض أو ما يستقر عليه عملها واللفظ عام ولا مانع من إرادة هذه المعاني كافة ، بل ومفاهيمها عامة.

والمستودع بالنسبة للكائنات ذاتها ، قد يراد به الموضع الذي أودعها الله فيه وهو أصلاب الآباء وأرحام الأمهات أو هو مستودعها الأخير حين تموت ، فتموت لتبعث أو ما يؤول أليه مصيرها نتيجة عملها ، واللفظ عام ، ولا مانع من استيعابه هذه المعاني(١) .

________________

(١) ظ : في كلمتي : مستقر ومستودع ، الطبرسي ، مجمع البيان : ٣ / ١٤٤.

٥١

وكل لفظ يدل على العموم بل هو من أدوات العموم ليتساوىٰ المعنى العام مع اللفظ العام.

والكاتب جامع مانع في إحصائية استقصائية لأعمال الخلائق وتصريف شؤونها ، وهو اللوح المحفوظ الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

إن آية واحدة من كتاب الله ترتفع بنا إلى المستوىٰ الدلالي المتطور في جملة ألفاظها ، فكيف بسورة منه يا ترىٰ وأين موقعنا من آياته وسوره كافة.

ح‍ ـ وما أراد به الإيحاء الخاص الكامن وراء دلالة اللفظ فإنه يختار بذاته لتلك الدلالة بذلك الإيحاء ولو دققت النظر في استعمال لفظ « زرتم » في سورة التكاثر( حَتَّىٰ زُرْتُمُ المَقَابِرَ ( ٢) ) (١) لتبين لنا أن القرآن لم يستعمل الزيارة إلا في هذه الآية وإنه استعمل مادتها في آيات أُخر ، وهذا الاستعمال يوحي بدلالة حسبة قد لا ينبئ عنها ظاهر اللفظ ، ومركزي المعنى بقدر ما يصوره إيحائي التعبير الدقيق ، ويبدو أن أعرابياً مرهف الحس قد التفت إلى هذا الملحظ الشاخص فقال حينما سمع الآية على فطرته الصحراوية ، وبوحي من بداوته الصافية قال : ـ

« بعث القوم للقيامة ورب الكعبة ، فإن الزائر منصرف لا مقيم »(٢) ، لقد وضع هذا الإعرابي يده على حسٍّ بلاغي عميق ، أدرك فلسفة تخير هذا اللفظ دون سواه ، بعيداً عن الفهم التقليدي والوعي القاصر في ترددات الناس بصورة الزيارة وكيفيتها ومؤداها لأنه في استعمال الزيارة عدة احتمالات فقد يأتي بمعنىٰ الموت وقد يعبر عن الموت بالزيارة ، وقد يراد غير هذا وذاك ، في إيحاء باهر جديد يضع القرآن له أصلاً مبتكراً في عالمي النقد الأدبي والبيان العربي.

تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن في هذا المقام : ـ

________________

(١) سورة التكاثر : ٢.

(٢) أبو حيان ، البحر المحيط : ٨ / ٥٠٧.

٥٢

« وفي التعبير عن الموت بالزيارة ملحظ بياني بالغ القوة فاستعمال الزيارة بهذا المعنى صريح الإيحاء بأن الإقامة في القبر ليست إقامة دائمة ، وإنما نحن فيها زائرون ، وسوف تنتهي الزيارة حتماً إلى بعث وحساب وجزاء ، وهذا الإيحاء ينفرد به لفظ « زرتم » دون غيره ، فلا يمكن أن يؤديه لفظ آخر كأن قال : « قبرتم أو سكنتم المقابر ، أو انتهيتم إليها ، أو أقمتم بها إلى غير ذلك من ألفاظ تشترك كلها في الدلالة على ضجعة القبر ، ولكن يعوزها سر التعبير الدال على أنها زيارة ، أي إقامة موقتة ، يعقبها بعث ونشور »(١) .

الظاهرة الثانية :

إن هذا الاختيار للألفاظ ذاتها ، بل الألفاظ منضمة إلى المعاني ، بحيث لا يتحقق المعنى المراد إلا بهذا اللفظ دون سواه ، بغض النظر عن الاعتبارات البديعية الأخرى فلا الألفاظ ذات أولوية على حساب المعاني ولا المعاني ذات أولوية على حساب الألفاظ.

القرآن الكريم فضلاً عن كونه نصاً إعجازياً لا طاقة لنا على إدراك خصائصه الفنية على الوجه الأكمل ، فإنه نص أدبي باهر تتوافر فيه سمات أرقى نص عربي وصل إلينا دون ريب. ومن هنا فإننا نختلف مع جملة من العلماء الذين يرون عناية القرآن بالألفاظ ناجمة عن العناية بأصناف البديع ، وفنون المحسنات اللفظية المتوافرة في القرآن ، ومع توافر هذه الفنون في القرآن فإنها غير مقصودة لذاتها ، وإنما جاءت بتناسقها ضرورة بيانية يقتضيها جمال القول ، وهذه الضرورة نفسها لم تكن متكلفة ولا ذات نزعة مفروضة كما هي الحال في الأسجاع المتناثره هنا وهناك في النثر العربي القديم ، فإنها أريدت في النصوص الأدبية هكذا ، سواء أحققت الغرض المعنوي أم لم تحققه إطلاقاً ، لأن المهمة في مثل هذه اللوحات مهمة لفظية فحسب حتى أنها لتثقل النص بمحسنات يزداد معها النص انصرافاً عن الديباجة والذائقة الفنية وتزداد معه النفس تبعاً لهذا الانصراف عزوفاً أو نفوراً.

________________

(١) بنت الشاطئ التفسير البياني للقرآن : ١ / ٢٠٦.

٥٣

أما بالنسبة للقرآن العظيم فإن هذه الظاهرة مدفوعة أصلاً إذا ليس في القرآن مهمة لفظية على وجه ، ومهمة معنوية على وجه آخر بل هما مقترنان معاً في أداء المراد من كلامه تعالى دون النظر إلى جزء على حساب جزء غيره ، فالتصور فيه دفعي جملي مرة واحدة دون تردد أو إمهال ، وحسبك ما تشاهده في جميع أصناف المحسنات البديعية الواردة في القرآن ، وفي طليعتها السجع وانتظام الفواصل وتوافقها دليلاً على صحة هذا الرأي ، وطبيعي أن نهاية الفقرات والسجع في النثر العربي ، تقابله الفواصل في القرآن الكريم وهي تسمية اختيارها جهابذة الفن ، وعلماء الصناعة تكريماً للقرآن عن مقايسته بسواه.

إذن هذه الفواصل على تقاطرها وتواردها في النصوص القرآنية وقد يرتفع بعضها إلى سور متكاملة لا سيّما القصار كالإخلاص ، والقدر ، والناس ، والجحد ، والعصر ، والكوثر الخ.

وهناك سور متوسطة الطول والقصر وقد تناوبها السجع من أولها إلى آخرها كما هي الحال ـ على سبيل الأنموذج في سورة الأعلى.

إن هذه السورة ولنتبرك بذكرها كاملةً : ـ

« بسم الله الرحمن الرحيم »

( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ( ١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ( ٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ( ٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ المَرْعَىٰ ( ٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ ( ٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَىٰ ( ٦) إِلا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ( ٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ ( ٨) فَذَكِّرْ إِن نَفَعَتِ الذِّكْرَىٰ ( ٩) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ ( ١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى ( ١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الكُبْرَىٰ ( ١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَىٰ ( ١٣) قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ( ١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ( ١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ( ١٦) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ( ١٧) إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَىٰ ( ١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ( ١٩) ) ».

مما وقف عنده العرب موقف المتحير المتعجب بوقت واحد فهي على وتيرة واحدة في فاصلة متساوية تختتم بالألف ، ومن أولها إلى نهايتها ، ولو شئت أن تغير أية كلمة من هذه الفواصل ، وتضع ما يلائمها بدلها في سبيل تغيير صيغة الفاصلة لما استطعت أن تحقق الدلالة اللفظية

٥٤

التي حققها القرآن الكريم ، وما يقال في جميع السور والآيات الأخرىٰ ، وبالنسبة للصنوف البديعية كافة.

وهنا ـ ونحن في هذا السياق ـ أود أن أشير إلى صيغة تنسجم مع هذا العرف الذي نتحدث عنه بإيجاز ، هذه الصّيغة هي كلمة « المقابر » في قوله تعالى :( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ( ١) حَتَّىٰ زُرْتُمُ المَقَابِرَ ( ٢) ) (١) لا أدعي أن اتفاق الفاصلة عند الراء في كلمتي التكاثر والمقابر ، تفرضه طبيعة النسق القرآني في التعبير المسجوع كما يتخيل ، بدليل أنه ينتقل منه فوراً إلى فاصلة تقف عند النون دون التفات إلى الصيغة الأولى الساربة في طريقها فيقول :( كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ( ١) ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ( ٢) ) (٢) ، فإذا جاز له الانتقال بها جاز له الانتقال فيما قبلها مباشرة كما هو ظاهر ، بل إن هذا اللفظ « المقابر » يفرض نفسه فرضاً قاطعاً ، وذلك أن هذا الإنسان المتناسي الطاغي المتكاثر بأمواله ولذاته ، وشهواته ، ومدخراته ، ونسائه ، وأولاده ، ودوره ، وقصوره وخدمه وحشمه ، وإداراته وشؤونه ، وهذا كله تكاثر قد يصحبه التفاخر ، والتنابز ، والتنافر ، إن هذا مما يناسبه « المقابر » وهي جمع مقبرة ، والمقبرة الواحدة لا سيّما المترامية الأطراف مرعبة هائلة. فإذا ضممنا مقبرة أخرى ومقبرة مثلها ازددنا إيحاشاً ورعباً وفزعاً ، فإذا أصبحت مقابر عديدة ، تضاعف الرعب والرهب ، إذن هذا التكاثر الشهواني في كل شيء ، يناسبه ويوافقه الجمع المليوني للقبور ، لتصبح مقابرَ لا قبوراً ولو قيل في غير القرآن بمساواة القبور للمقابر في الدلالة لما سد هذا الشاغر الدلالي شيء آخر من الألفاظ.

وتعقب الدكتورة بنت الشاطئ على هذا الإدراك فتقول : « وقد تجد الصيغة البلاغية في استعمال المقابر هنا مجرد ملائمة صوتية للتكاثر ، وقد يحس أهل هذه الصنعة ونحن معهم فيها ، نسق الإيقاع ، وانسجام النغم لكن أهذا كل ما في استعمال للفظ « المقابر » في آية التكاثر ؟.

الذي أراه أن وراء هذا الملحظ البلاغي اللفظي ملحظاً بيانياً يتصل

________________

(١) سورة التكاثر : ١ ـ ٢.

(٢) سورة التكاثر : ٣ ـ ٤.

٥٥

بالمعنى : فالمقابر جمع مقبرة ، وهي مجتمع القبور واستعمالها هنا ملائم معنوياً لهذا التكاثر ، دال على مصير ما يتكالب عليه المتكاثرون من متاع دنيوي فإن هناك حيث مجتمع القبور ومحتشد الرمم ومساكن الموتى على اختلاف أعمارهم ، وطبقاتهم ، ودرجاتهم ، وأزمنتهم ، وهذه الدلالة من السعة والعموم والشمول لا يمكن أن يقوم لفظ « القبور » بما هي جمع لقبر ، فبقدر ما بين قبر ومقبرة من تفاوت يتجلى إيثار البيان القرآني « المقابر » على « القبور » حين يتحدث عن غاية ما يتكاثر به المتكاثرون ، وحين بلغت إلى مصيره هذه الحشود من ناس يلهيهم تكاثرهم عن الاعتبار بتلكم المقابر التي هي مجتمع الموتى ومساكن الراحلين الفانين »(١) .

هذا العرض يكشف أن دلالة اللفظ لا تتحكم بها الفاصلة كما تحكمت بها المعاني الإضافية ، واقتضاها البعد البياني في استيعاب المراد من وجوهه المختلفة ، وجوانبه كافة ، وذلك من دلائل إعجاز القرآن ، في جمعه بين الصيغة الجمالية للشكل ، والدلالة الإيحائية في المعنى.

الظاهرة الثالثة :

إن اختيار هذه الألفاظ إنما اتّجه بالخطاب إلى سكان الأرض الذين يهمهم أمرها ليتعرفوا على ما فيها عقلياً ، ويتطلعوا إلى كشف أسرارها علمياً ، بحسب الذائقة الفطرية الخالصة التي تبدو بأدنى تأمل وتلبث وترصد ، وهنا نضع أيدينا على جملة من التعابير القرآنية بألفاظ لها دلالتها الهامشية إن لم نقل المركزية في كثير من الأبعاد النقدية والبلاغية زائداً العلمية :

أ ـ ففي قوله تعالى : ـ( أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) (٢) .

يتجلى موقع « أطراف » « ننقصها » في التعبير ، فالأطراف توحي بنظرة شمولية لشكل الأرض ، و « ننقصها » توحي بفكرة آلية عن طبيعة

________________

(١) بنت الشاطئ ، التفسير البياني : ١ / ٢٠٧ وما بعدها.

(٢) سورة الأنبياء : ٤٤.

٥٦

انتقاص الأطراف وهاتان حقيقتان علميتان بنظرية دحو القطبين وحركتهما يوضحهما قوله تعالى : ـ

( لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ( ٤٠) ) (١) .

ب ـ وفي قوله تعالى :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الحِسَابِ ( ٣٩) ) (٢) .

« ففي هذه الصورة الأخاذة يتجلى سطح الصحراء العربية المنبسطة ، والخداع الوهمي للسراب ، فنحن هنا أمام عناصر مجاز عربي النوع ، فأرض الصحراء وسماؤها قد طبعا عليه انعكاسهما حين نستخدم خداع السراب المغم ، لنؤكد بما تلقيه من خلال تبدد الوهم الهائل ، لدى إنسان مخدوع ، ينكشف في نهاية حياته غضب الله الشديد في موضوع السراب الكاذب سراب الحياة »(٣) ، فلفظ « سراب » استقطب مركزياً دلالته من خلال البيئة العربية المشاهدة المحسوسة ، وكما يتلاشىٰ هذا السراب فجأة ، وينطفي تلألؤه بغتة ، فكذلك ما أمله هؤلاء الكافرون بأعمالهم الخادعة ، متماثلة معه في خداع البصر وانطماس الأثر ، فلو عطفنا دلالة « الظمآن » الإيحائية ، لوجدنا الظمآن في تطلبه للماء ، ووصوله إلى السراب يقضي حسرة أشد ، وفاقة أعظم ، وحاجة متواصلة ، ولكنه يصطدم بالحقيقة الكبرىٰ وهي الله تعالىٰ ، فيوفّيه حسابه ، دون معادلات معروفة ، فلا المراد حقق ، ولا الحياة استبقى ولا الثواب استقصى ، وإنما هي حسرات في حسرات.

ح‍ ـ ولو تتبعنا مآل هؤلاء الكافرين في خيبة آمالهم وخسران أعمالهم ، لوجدنا الصورة المتقابلة مع تلك الصورة بقوله تعالى : ـ

( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ

________________

(١) سورة يس : ١٤.

(٢) سورة النور : ٣٩.

(٣) مالك بن نبي ، الظاهرة القرآنية : ٣٥٥.

٥٧

بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ( ٤٠) ) (١) ، ليتضح في التصوير القرآني عظم الدلالة من خلال هيأتين متقابلتين ونموذجين مختلفين ، فبعد أن أوضحت الصورة الفنية الأولىٰ الشعاع الكاذب في السراب والالتماع الخلب في البيداء ، عقبت ذلك بنقيض الشعاع والالتماع وبعد تصوير الخيبة من الظفر بالسناء ، عقبته بالظلمات المتراكمة بعضها فوق بعض والفوقيات المتراكبة طبقاً عن طبق فهي ظلمات في بحر لا قعر له ، عميق غزير المياه ، تحوطه الأمواج المتدافعة ، والسحب الثقال ، والظلمات المتعاقبة في ثلاثة مظاهر من ظلام الليل ، وظلام الغمام ، وظلام البحر حتى ليخطؤه تمييز يده ، فلا يرىٰ ذلك إلا بعد عسر وحرج ، أو لا يرىٰ ذلك أصلاً ، وأنىٰ له الرؤية ، وقد انغمس في ظلمات الكفر وارتطم بمتاهات الضلال ، فانعدمت الرؤية وانطمست البصيرة ، فهو في شبهات لا نجاة معها ، ومن لم يقدر له الخلاص من الله فلا خلاص له »(٢) .

يقول الأستاذ مالك بن نبي عن هذه الآية : ـ

« فهذا المجاز يترجم على عكس سابقه عن صورة لا علاقة لها بالوسط الجغرافي للقرآن ، بل لا علاقة لها بالمستوىٰ العقلي أو المعارف البحرية في العصر الجاهلي وإنما هي في مجموعها منتزعة من بعض البلدان الشمالية التي يلفها الضباب ، ولا يمكن للمرء أن يتصورها إلا في النواحي كثيفة الضباب في الدنيا الجديدة ، فلو افترضنا أن النبي رأىٰ في شبابه منظر البحر فلن يعدو الأمر شواطئ البحر الأحمر أو الأبيض ومع تسليمنا بهذا الفرض فلسنا ندري كيف كان يمكن أن يرىٰ الصورة المظلمة التي صورتها الآية المذكورة ؟ وفي الآية فضلاً عن الوصف الخارجي الذي يعرض المجاز المذكور سطر خاص بل سطران : أولهما : الإشارة الشفافة إلى تراكب الأمواج ، والثاني : هو الإشارة إلى الظلمات المتكاتفة في أعماق البحار ، وهاتان العبارتان تستلزمان معرفة علمية بالظواهر الخاصة بقاع

________________

(١) سورة النور : ٤٠.

(٢) ظ : المؤلف ، الصورة الفنية في المثل القرآني : ٢٨١ ـ ٢٨٢.

٥٨

البحر ، وهي معرفة لم تُعرف للبشرية إلا بعد معرفة جغرافية المحيطات ، ودراسة البصريات الطبيعية ، وغني عن البيان أن نقول : إن العصر القرآني كان يجهل كلية تراكب الأمواج ، وظاهرة امتصاص الضوء واختفائه في عمق معين في الماء ، وعلى ذلك فما كان لنا أن ننسب هذا المجاز إلى عبقرية صنعتها الصحراء ولا إلى ذات إنسانية صاغتها بيئة قاريّة »(١) .

هذه الظواهر الثلاث في دلالة الألفاظ ، توصلنا إلى المنهج الدلالي الأم في استكناه أصول الدلالة وهذا المنهج الأصل هو القرآن الكريم بحق.

ومن هذا المنطلق فقد وجدنا الخطابي ( ت : ٣٨٨ ه‍ ) بالذات عالماً ودلالياً فيما أورده من افتراضات ، وما أثبته من تطبيقات بالنسبة لجملة من ألفاظ القرآن الكريم بتقرير أنها لم تقع ـ ما زعموا توهماً ـ في أحسن وجوه البيان وأفصحها ، لمخالفتها لوضعي الجودة والموقع المناسب عند أصحاب اللغة ، وذلك كدعوىٰ افتراضية ، يتعقبها بالرد والكشف والدفاع.

والألفاظ هي كما يلي نذكرها ونعقبها في آياتها في موارد اختيارها من قبل الخطابي نفسه ليرد عليها فيما بعد : ـ

١ ـ فأكله ، من قوله تعالىٰ :( فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ) يوسف / ١٧.

٢ ـ كيل ، من قوله تعالىٰ :( ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ) يوسف / ٦٥.

٣ ـ امشوا ، من قوله تعالىٰ :( وَانطَلَقَ المَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا ( ٦) ) ، ص / ٦.

٤ ـ هلك ، من قوله تعالىٰ :( هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ( ٢٩) ) ، الحاقة / ٢٩.

٥ ـ لحب ، من قوله تعالىٰ :( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( ٨) ) ، العاديات / ٨.

٦ ـ فاعلون ، من قوله تعالىٰ :( وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ( ٤) ) ، المؤمنون / ٤.

٧ ـ سيجعل ، من قوله تعالىٰ :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ

________________

(١) مالك بن نبي ، الظاهرة القرآنية : ٣٥٦.

٥٩

لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ( ٩٦) ) مريم / ٩٦.

٨ ـ ردف ، من قوله تعالىٰ :( قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ( ٧٢) ) النمل / ٧٢.

أ ـ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلْمٍ ) الحج / ٢٥.

ب ـ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ ) الأحقاف / ٣٣.

هذه النماذج التي أبانها الخطابي تعقب عادة بالحجج المدعاة أولاً فيوردها ، ولكنه يفندها واحدة كما سنرى(١) .

فقد ذهبوا في فعل السباع خصوصاً إلى الافتراس ، وأما الأكل فهو عام لا يختص به نوع من الحيوان.

وقالوا ما اليسير والعسير من الكيل والاكتيال وما وجه اختصاصه به ؟

وقد زعموا بأن المشي في هذا ليس بأبلغ الكلام ، ولو قيل بدل ذلك أن امضوا وانطلقوا لما كان أبلغ وأحسن وأدعوا إنما يستعمل لفظ الهلاك ، في الأعيان والأشخاص كقوله :

هلك زيد ، فأما الأمور التي هي معان وليست بأعيان ولا أشخاص فلا يكادون يستعملونه فيها ...

وأنت لا تسمع فصيحاً يقول : أنا لحب زيد شديد وإنما وجه الكلام وصحته أن يقال : أنا شديد الحب لزيدٍ وللمال.

ولا يقول أحد من الناس فعل زيد الزكاة ، وإنما يقال زكّى الرجل ماله

ومن الذي يقول : جعلت لفلان وداً بمعنى أحببته ؟ وإنما يقول : وددته وأحببته.

________________

(١) الخطابي ، بيان إعجاز القرآن : ٣٨ وما بعدها.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424