نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 293642 / تحميل: 6787
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

« الواحدي في أسباب نزول القرآن بإسناده عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري. وأبو بكر الشيرازي في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنينعليه‌السلام بالإِسناد عن ابن عباس. والمرزباني في كتابه عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة أبي بكر الشيرازي

١ - الذهبي: « الشيرازي الإِمام الحافظ الجوّال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن ابن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي صاحب كتاب الألقاب. سمع أبا القاسم الطبراني بإصبهان، وأبا بحر البربهاري وطبقته ببغداد، وعبد الله بن عدي بجرجان، ومحمد بن الحسن السّراج بنيسابور، وعبد الله بن عمر بن علك بمرو، وسعيد بن القاسم المطّوعي ببلاد الترك، ومحمّد بن محمّد بن صابر ببخارى، وسمع بالبصرة وواسط وشيراز وعدة مدائن.

روى عنه: محمد بن عيسى الهمداني، وأبو مسلم بن عروة، وحميد بن المأمون، وآخرون.

قال شيرويه نا عنه أبو الفرج البجلي. قال: كان صدوقاً حافظاً، يحسن هذا الشأن جيّداً. خرج من عندنا سنة ٤٠٤ الى شيراز. وأخبرت أنه مات في سنة ٤١١. وذكره جعفر المستغفري فقال: كان يفهم ويحفظ، كتبت عنه »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفيها توفي أبو بكر الشيرازي أحمد بن عبد الرحمن الحافظ مصنّف الألقاب. كان أحد من عني بهذا الشأن، وأكثر الترحال في البلدان، ووصل إلى بلاد الترك، وسمع من الطبراني وطبقته. قال عبد الرحمن ابن مندة:

____________________

(١). بحار الأنوار ٣٧ / ١٥٥ عن المناقب لابن شهر آشوب.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٦٥ - ١٠٦٦.

٢٠١

مات في شوال »(١) .

٣ - اليافعي: « وفيها توفي الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي مصنف كتاب الألقاب »(٢) .

٤ - السيوطي: « الشيرازي صاحب الألقاب، الامام الحافظ الجوّال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي. سمع الطبراني وطبقته. وكان صدوقاً حافظاً يحسن هذا الشأن جيّداً. مات سنة ٤٠٧ قال جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ »(٣) .

(٣)

رواية ابن مردويه

وروى ذلك أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصفهاني كما علمت من عبارة ( الدر المنثور ) السالفة الذكر.

وفيه أيضاً: « وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إنّ عليا مولى المؤمنين و إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ »(٤) .

وستعلم روايته أيضاً من عبارة البدخشي الآتية.

____________________

(١). العبر حوادث ٤٠٧.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٤٠٧.

(٣). طبقات الحفاظ: ٤١٥.

(٤). الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٢٩٨.

٢٠٢

ترجمة ابن مردويه

١ - الذهبي: « ابن مردويه الحافظ الثبت العلامة أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الاصفهاني صاحب التفسير والتاريخ وغير ذلك.

روى عن أبي سهل بن زياد القطان، وميمون بن إسحاق الخراساني، ومحمّد بن عبد الله بن علم الصفار، وإسماعيل الخطبي، ومحمّد بن علي بن دحيم الشيباني، وأحمد بن عبد الله بن دليل، وإسحاق بن محمّد بن علي الكوفي، ومحمد ابن أحمد بن علي الأسواري، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بن محمّد بن عاصم الكراني، وطبقتهم.

وروى عنه: أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، وأبو الخير محمّد بن أحمد، وأبو منصور محمّد بن سكرويه، وأبو بكر محمّد بن الحسن ابن محمّد بن سليم، وأبو عبد الله الثقفي، وأبو مطيع محمّد بن عبد الواحد المصري، وخلق كثير.

وعمل المستخرج على صحيح البخاري، وكان قيّماً بمعرفة هذا الشأن، بصيراً بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف.

ولد سنة ٣٢٣. ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠. يقع عواليه في الثقفيات وغيرها»(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « وفيها توفي أحمد بن موسى بن مردويه، أبو بكر الحافظ الاصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ والتصانيف، لست بقين من رمضان، وقد قارب التسعين، سمع بأصبهان والعراق، وروى عن أبي سهل ابن زياد القطان وطبقته »(٢) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٥٠.

(٢). العبر حوادث ٤١٠.

٢٠٣

٣ - السيوطي: « ابن مردويه الحافظ الكبير العلّامة كان قيّماً بهذا الشأن، بصيراً بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف، ولد سنة ٣٢٣. ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠ »(١) .

٤ - الزرقاني: « أبو بكر الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني الثبت [ اللبيب ] العلامة. ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وصنف التاريخ والتفسير المسند والمستخرج على البخاري، وكان فهماً بهذا الشأن، بصيرا بالرجال طويل الباع، مليح التصنيف، مات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠ »(٢) .

وتظهر جلالة الحافظ ابن مردويه من كلامٍ لابن قيّم الجوزية حول حديث بني المنتفق حيث قال بعد أن ذكره ما هذا نصه: « هذا حديث كبير جليل، ينادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلّا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، رواه عنه إبراهيم بن ضمرة الزبيري، وهما من كبار أهل المدينة، ثقتان يحتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام الحديث محمّد بن إسماعيل البخاري، رواه أئمة السنّة في كتبهم وتلقّوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته.

فممّن رواه الامام ابن الامام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وفي كتاب السنة

ومنهم الفاضل الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن عاصم النبيل في كتاب السنّة له.

ومنهم الحافظ أبو أحمد بن أحمد بن ابراهيم بن سليمان العسّال في كتاب المعرفة.

ومنهم حافظ زمانه ومحدث أوانه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب

____________________

(١). طبقات الحفاظ: ٤١٢.

(٢). شرح المواهب اللدنية ١ / ٦٨.

٢٠٤

الطبراني في كثير من كتبه.

ومنهم الحافظ أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن حيان أبو الشيخ الاصبهاني في كتاب السنّة.

ومنهم الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمّد بن إسحاق بن محمّد بن يحيى ابن مندة حافظ أصبهان.

ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.

ومنهم حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الاصبهاني.

وجماعة من الحفاظ سواهم يطول ذكرهم »(١) .

وتظهر جلالته أيضاً من عبارةٍ لتاج الدين السّبكي فإنه قال في ( طبقاته ):

« فأين أهل عصرنا من حفاظ هذه الشريعة: أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وعلي المرتضى

ومن طبقة أخرى من التابعين: أويس القرني

... أخرى: وأبي عبد الله بن مندة، وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن بكير، وأبي عبد الله الحاكم، وعبد الغني بن سعيد الازدي، وأبي بكر بن مردويه

فهولاء مهرة هذا الفن، وقد أغفلنا كثيراً من الأئمة، وأهملنا عدداً صالحاً من المحدّثين، وإنما ذكرنا من ذكرناه لننبّه بهم على من عداهم، ثم أفضى الأمر إلى طيّ بساط الأسانيد رأساً وعدّ الإِكثار منها جهالة ووسواسا »(٢) .

وهذه العبارة تدل على جلالة ابن مردويه من وجوه عديدة لا تخفى.

كما تظهر جلالته من وصفهم إياه بالحفظ، فقد قال السمعاني بترجمة حمزة

____________________

(١). زاد المعاد في هدي خير العباد ٣ / ٥٦.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ٣١٧.

٢٠٥

ابن الحسين المؤدب الاصبهاني: « روى عنه أبو بكر ابن مردويه الحافظ »(١).

وقال ابن كثير حول حديث الطائر: « وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة، ومنهم أبو بكر ابن مردويه الحافظ، وأبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي »(٢) .

وقال الكاتب الجلبي: « تفسير ابن مردويه هو الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى الاصبهاني المتوفى سنة ٤١٠ »(٣) .

« الحافظ » في الاصطلاح

ثم إنّ « الحافظ » من الألقاب الجليلة في اصطلاح علماء الحديث، قال الشيخ علي القاري: « الحافظ - المراد به حافظ الحديث لا القرآن. كذا ذكره ميرك، ويحتمل أنه كان حافظاً للكتاب والسنّة.

ثم الحافظ في اصطلاح المحدّثين من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسنادا »(٤) .

وفي ( لواقح الأنوار ) بترجمة السيوطي: « وكان الحافظ ابن حجر يقول: الشروط التي إذا اجتمعت في الإنسان سمّي حافظا هي: الشهرة بالطلب: والأخذ من أفواه الرجال، والمعرفة بالجرح والتعديل لطبقات الرواة ومراتبهم وتمييز الصحيح من السقيم، حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره، مع استحفاظ الكثير من المتون، فهذه الشروط من جمعها فهو حافظ ».

وقال البدخشي: « الحافظ - يطلق هذا الاسم على من مهر في فن الحديث بخلاف المحدّث»(٥) .

____________________

(١). الأنساب - الاصبهاني.

(٢). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٣.

(٣). كشف الظنون ١ / ٤٣٩.

(٤). جمع الوسائل في شرح الشمائل: ٧.

(٥). تراجم الحفاظ - مخطوط.

٢٠٦

ومن شواهد جلالة ابن مردويه: إن شمس الدين محمّد ابن الجزري ذكره في عداد مشاهير الأئمة، وكبار علماء الحديث الذين روى عنهم في كتابه ( الحصن الحصين )، مع أصحاب الصحاح والمسانيد وسائر الكتب المعتبرة وجعل رمزه « مر »، وذكر في خطبة كتابه ما نصه: « فليعلم أني أرجو أن يكون جميع ما فيه صحيحاً »(١) .

كما أن ( الدهلوي ) نفسه ذكر تفسير ابن مردويه في ( رسالة أصول الحديث ) في عداد تفاسير الديلمي وابن جرير وغيرهم، وقدّمه عليها في الذكر، وهذا يدلّ على أن تفسير ابن مردويه من التفاسير المشهورة المعتبرة لدى أهل السنّة.

(٤)

رواية الثعلبي

روى أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي نزول الآية الكريمة:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ) في يوم غدير خم في تفسيره حيث قال:

« قال أبو جعفر محمّد بن علي: معناه: بلّغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي بن أبي طالب، فلمـّا نزلت هذه الآية أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله ابن محمد، نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، نا حجاج بن منهال نا حماد عن علي بن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء قال: لمـّا نزلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع كنا بغدير خم فنادى: إن الصلاة جامعة، وكسح

____________________

(١). الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين بشرح القاري: انظر ٢٠ و ٢٥.

٢٠٧

للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمّد القائني، نا أبو الحسين محمّد بن عثمان النصيبي، نا أبو بكر محمّد بن الحسن السبيعي، نا علي بن محمّد الدهان والحسين ابن إبراهيم الجصاص، نا حسين بن حكم، نا حسن بن حسين عن حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية. قال: نزلت في علي، أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبلّغ فيه فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمة الثعلبي

وقد ذكرت ترجمة أبي إسحاق الثعلبي وآيات عظمته وجلالته ووثاقته في المنهج الأول من الكتاب، في الجواب عن شبهات ( الدهلوي ) حول الاستدلال بقوله تعالى:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .

كما ستأتي ترجمته في الدليل السادس من أدلة دلالة حديث الغدير على إمامة عليعليه‌السلام ، وستقف هناك على كلمات الثناء التي قالها والد ( الدهلوي ) في حق الثعلبي.

كما يتضح من عبارة الثعلبي في خطبة تفسيره عظمة هذا التفسير واعتباره.

____________________

(١). الكشف والبيان في تفسير القرآن - مخطوط.

٢٠٨

(٥)

رواية أبي نعيم

وروى أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني نزولها في واقعة يوم غدير خم في كتاب ( ما نزل من القرآن في عليعليه‌السلام ). وقد ذكر روايته الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي في ( إيضاح لطافة المقال ) نقلاً عن الشيخ علي المتخلص بحزين، وتلك الرواية هي باسناده « عن علي بن عامر [ عياش ] عن أبي الجحاف والأعمش عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي بن أبي طالب:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) .

وقد ذكر مثل هذه الرواية الحاج عبد الوهاب بن محمّد عن الحافظ أبي نعيم كما سيجيء.

ترجمة أبي نعيم

١ - ابن خلكان: « الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق ابن موسى بن مهران الاصبهاني، الحافظ المشهور، صاحب كتاب حلية الأولياء. كان من أعلام المحدّثين، وأكابر الحفاظ الثقات، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به. وكتاب الحلية من أحسن الكتب، وله كتاب تاريخ أصبهان وتوفي في صفر وقيل يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة باصبهان. رحمه الله تعالى »(١) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٢٦.

٢٠٩

٢ - الصلاح الصفدي: « أحمد بن عبد الله بن إسحاق بن موسى بن مهران، أبو نعيم الحافظ، سبط محمد بن يوسف بن البناء الاصفهاني، تاج المحدثين وأحد أعلام الدين، له العلوّ في الرواية والحفظ والفهم والدراية، وكانت الرّحال تشدّ إليه، أملى في فنون الحديث كتباً سارت في البلاد وانتفع بها العباد، وامتدت أيامه حتى ألحق الأحفاد بالأجداد، وتفرّد بعلوّ الأسناد

وكان أبو نعيم إماماً في العلم والزهد والدّيانة، وصنف مصنفات كثيرة منها: حلية الأولياء، والمستخرج على الصحيحين - ذكر فيها [ فيه ] أحاديث ساوى فيها البخاري ومسلماً، وأحاديث علا عليهما فيها كأنهما سمعاها منه، وذكر فيها حديثاً كأن البخاري ومسلماً سمعاه ممّن سمعه منه ودلائل النبوة، ومعرفة الصحابة، وتاريخ بلده، وفضائل الصحابة، وصفة الجنّة، وكثيراً من المصنفات الصغار.

وبقي أربعة عشر سنة بلا نظير، لا يوجد شرقاً ولا غرباً أعلى إسناداً منه ولا أحفظ، ولمـّا كتب كتاب الحلية إلى نيسابور بيع بأربعمائة دينار »(١) .

٣ - الخطيب التبريزي: « أبو نعيم الاصفهاني هو: أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الاصفهاني صاحب الحلية، هو من مشايخ الحديث الثقات المعمول بحديثهم المرجوع إلى قولهم، كبير القدر، ولد سنة ٣٣٤ ومات في صفر سنة ٤٣٠ باصفهان وله من العمر ٩٦ سنة رحمه الله تعالى »(٢) .

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

(٢). رجال المشكاة = الإِكمال في أسماء الرجال ط مع المشكاة ٣ / ٨٠٥.

٢١٠

(٦)

رواية الواحدي

وروى ذلك أيضاً أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، وعنه في ( مطالب السئول لابن طلحة الشافعي ) و ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ) وهذا نص ما جاء في ( أسباب النزول ) له: « قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) قال الحسن: إن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمـّا بعثني الله تعالى برسالته ضقت بها ذرعاً، وعرفت أن من الناس من يكذّبني، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهاب قريشاً واليهود والنصارى، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار قال: أنا الحسن بن أحمد المخلدي قال: أنا محمّد بن حمدون بن خالد، أنا محمد بن إبراهيم الحلواني [ الخلواتي ] قال: أنا الحسن بن حماد سجادة قال: علي بن عياش [ عابس ] عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(١) .

كلام الواحدي في خطبة أسباب النزول

ولأجل أنْ لا يبقى ريب في اعتبار هذه الرواية نورد نص عبارة الواحدي في خطبة كتابه ( أسباب النزول ) فإنه قال: « وبعد هذا: فإن علوم القرآن غزيرة فآل الأمر بنا إلى إفادة المستهترين بعلوم الكتاب إبانة ما أنزل فيه من

____________________

(١). أسباب النزول للواحدي: ١١٥.

٢١١

الأسباب، إذ هي أولى ما يجب الوقوف عليها وأولى ما يصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها، ولا يحلُّ القول في أسباب نزول الكتاب إلّا بالرواية والسماع ممّن شاهد التنزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطلاب.

وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل في العثار في هذا العلم بالنار: أنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، أنبأ أبو الحسين [ الحسن ] محمّد بن أحمد بن حامد العطار، أنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، أنا ليث بن حماد، ثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتقوا الحديث إلّا ما علمتم، فإنه من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار.

والسلف الماضون -رحمهم‌الله - كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية، أنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي، أنا أبو عمرو بن مجيد ثنا أبو مسلم، ثنا عبد الرحمن بن حماد، ثنا أبو عمر عن محمّد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن آية من القرآن فقال: إتق الله وقل سداداً، ذهب الذين يعلمون في ما أنزل القرآن.

فأما اليوم فكلّ واحد يخترع للآية سبباً ويخلق إفكاً وكذباً، ملقياً زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد لجاهل سبب الآية، وذاك الذي حداني إلى إملاء الكتاب الجامع للأسباب، لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن، والمتكلمون في نزول القرآن، فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب، ويجدّوا في تحفظه بعد السماع والطلب »(١) .

وإذا كان ما ذكر سبب تأليفه هذا الكتاب، فإن هذا الحديث الذي رواه في سبب نزول الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ) يكون هو الخبر الصدق الوارد

____________________

(١). أسباب النزول: ٤.

٢١٢

عمّن شاهد التنزيل ووقفوا على الأسباب، فيجب التصديق به والاعراض عن غيره، لأنه من الكذب على القرآن، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار.

ترجمة الواحدي

١ - ابن الأثير: « وفيها توفي أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن متويه الواحدي المفسّر، مصنّف الوسيط والوجيز في التفسير، وهو نيسابوري إمام مشهور »(١) .

٢ - الذهبي: « الامام العلامة الاستاذ أبو الحسن صاحب التفسير، وإمام علماء التأويل، من أولاد النجار، وأصله من ساوه، لزم الاستاذ أبا إسحاق الثعلبي وأكثر عنه، وأخذ علم العربية من أبي الحسن القهندزي الضرير وسمع من أبي طاهر بن مخمس، والقاضي أبي بكر الحيري، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، ومحمّد بن إبراهيم المزكّي، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأحمد بن إبراهيم النجار، وخلق.

حدّث عنه: أحمد بن عمر الارغياني، وعبد الجبار بن محمد الخواري وطائفة أكبرهم الخواري.

صنف التفاسير الثلاثة: البسيط والوسيط والوجيز، وبتلك الأسماء سمّى الغزالي تواليفه الثلاثة في الفقه، ولأبي الحسن كتاب أسباب النزول مروي،

تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه، وقيل: كان منطلق اللسان في جماعة من العلماء بما لا ينبغي، وقد كفّر من ألّف كتاب حقائق التفسير، فهو معذور قال أبو سعد السمعاني: كان الواحدي حقيقاً بكل احترام وإعظام، لكن كان فيه بسط لسان في الأئمة، وقد سمعت أحمد بن محمّد بن بشار يقول: كان الواحدي

____________________

(١). الكامل في التاريخ حوادث سنة ٤٦٨.

٢١٣

يقول صنّف السلمي كتاب حقائق التفسير، ولو قال إن ذلك تفسير القرآن لكفر به.

قلت: الواحدي معذور مأجور. مات بنيسابور في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وأربعمائة، وقد شاخ »(١) .

٣ - الذهبي أيضاً: « أحد من برع في العلم وكان رأسا في الفقه والعربية »(٢) .

٤ - ابن الوردي: « كان استاذاً في التفسير والنحو، وشرح ديوان المتنبي أجود شرح، وهو تلميذ الثعلبي، وتوفي بعد مرض طويل بنيسابور »(٣) .

٥ - اليافعي: « الامام المفسر أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، أستاذ عصره في النحو والتفسير، تلميذ أبي إسحاق الثعلبي، وأحد من برع في العلم، وصنف التصانيف الشهيرة المجمع على حسنها، والمشتغل بتدريسها والمرزوق السعادة فيها »(٤) .

٦ - ابن الجزري: « إمام كبير علامة، روى القراءة عن علي بن أحمد البستي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي. روى القراءة عنه: أبو القاسم الهذلي. مات في سنة ٤٦٨ بنيسابور »(٥) .

٧ - ابن قاضي شهبة: « كان فقيهاً، إماماً في النحو واللغة وغيرهما، شاعراً، وأما التفسير فهو إمام عصره فيه، »(٦) .

٨ - الديار بكري: « وفي سنة ثمان وستين وأربعمائة توفي أبو الحسن علي بن

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٣٩.

(٢). العبر، حوادث سنة ٤٦٨.

(٣). تتمة المختصر، حوادث سنة ٤٦٨.

(٤). مرآة الجنان، حوادث سنة ٤٦٨.

(٥). طبقات القراء ١ / ٥٢٣.

(٦). طبقات الشافعية ١ / ٢٦٤.

٢١٤

أحمد بن محمد بن متويه الواحدي المفسّر، مصنّف البسيط والوسيط والوجيز في التفسير، وهو نيسابوري إمام مشهور »(١) .

٩ - الكاتب الجلبي: « أسباب النزول للشيخ الامام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي المفسر المتوفى سنة ٤٦٨. وهو أشهر ما صنّف فيه، أوله: الحمد لله الكريم الوهاب »(٢) .

١٠ - وذكر ولي اللهالدهلوي الواحدي مع البغوي والبيضاوي، واصفاً إياهم بكبار المفسّرين، وجاعلاً إيّاهم قدوة المسلمين(٣) .

(٧)

رواية أبي سعيد السجستاني

ورواه أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني في كتابه حول حديث الولاية باسناده عن ابن عباس إنه قال: « أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبلّغ بولاية علي، فأنزل الله عزّ وجلّ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية فلمـّا كان يوم غدير خم قام فحمد الله وأثنى عليه وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره، وأعز من أعزه، وأعن من أعانه ».

____________________

(١). تاريخ الخميس ٢ / ٣٥٩.

(٢). كشف الظنون ١ / ٧٦.

(٣). ازالة الخفاء.

٢١٥

ترجمة أبي سعيد السجستاني

وأبو سعيد السجستاني من مشاهير حفاظ أهل السنّة الثّقات، وقد تقدم سابقاً ذكر طرف من ترجمته عن السمعاني والذهبي.

(٨)

رواية الحاكم الحسكاني

وروى أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني نزول قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) في واقعة يوم غدير خم، ففي كتاب ( مجمع البيان ) بتفسير الآية المباركة: « عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله أن ينصب عليّاً علماً للناس فيخبرهم بولايته، فتخوّف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقولوا حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه هذه الآية، فقامعليه‌السلام بولايته يوم غدير خم ».

قال: وهذا الخبر بعينه قد حدثناه السيد أبو الحمد عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بإسناده عن ابن أبي عمير في كتاب شواهد التنزيل في قواعد التفضيل »(١) .

____________________

(١). مجمع البيان في تفسير القرآن المجلد الثاني / ٢٢٣ وهو في شواهد التنزيل ١ / ١٨٧.

٢١٦

(٩)

رواية ابن عساكر

وممّن روى نزول تلك الآية المباركة في واقعة يوم غدير خم: أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر الدمشقي، كما عرفت ذلك من عبارة السيوطي في ( الدر المنثور )(١) .

ترجمة ابن عساكر

١ - ياقوت الحموي: « هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ أحد أئمة الحديث المشهورين والعلماء المذكورين. ولد في المحرم سنة ٤٩٩. ومات في الحادي عشر من رجب سنة ٥٧١ »(٢) .

٢ - ابن خلكان: « الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر الدمشقي الملقب ثقة الدين. كان محدّث الشام في وقته ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به، وبالغ في طلبه، إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، ورحل وطوف وجاب البلاد ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن السمعاني في الرحلة.

وكان حافظاً ديناً، جمع بين معرفة المتون والأسانيد وصنّف التصانيف المفيدة وخرّج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث، محفوظاً في الجمع والتأليف، صنف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة، أتى فيه بالعجائب،

____________________

(١) وهو في ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من تاريخ دمشق ٢ / ٨٦.

(٢). معجم الأدباء ١٣ / ٧٣.

٢١٧

وهو على نسق تاريخ بغداد، قال لي شيخنا الحافظ العلامة أبو محمد عبد العظيم المنذري حافظ مصر أدام الله به النفع - وقد جرى ذكر هذا التاريخ وأخرج لي منه مجلّداً وطال الحديث في أمره واستعظامه - ما أظن هذا الرجل إلّا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلّا فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان فيه مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبّه. قال - ولقد قال الحق - من وقف عليه عرف حقيقة هذا القول، ومتى يتسع للانسان الوقت حتى يضع مثله، وهذا الذي ظهر هو الذي اختاره وما صح له هذا إلّا بعد مسودات ما كاد ينضبط حصرها.

وله غيره تواليف حسنة وأجزاء ممتعة »(١) .

٣ - الذهبي: « ابن عساكر الامام الحافظ الكبير محدّث الشام فخر الأئمة ثقة الدين قال السمعاني: أبو القاسم حافظ ثقة متقن ديّن خيّر حسن السمت، جمع بين معرفة المتن والاسناد، وكان كثير العلم غزير الفضل، صحيح القراءة، متثبّتا، رحل وتعب وبالغ في الطلب، وجمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على الأقران وقال المحدث بهاء الدين القاسم: كان أبيرحمه‌الله مواظباً على الجماعة والتلاوة، يختم كلّ ليلة ختمة [ يختم كل جمعة ]، ويختم في رمضان كلّ يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة العيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب

قال سعد الخير: ما رأيت في سنن [ سن ] ابن عساكر مثله.

قال القاسم ابن عساكر سمعت التاج المسعودي يقول سمعت أبا العلاء الهمداني يقول لرجل استأذنه في الرحلة [ قال ]: إن عرفت أحداً أفضل مني فحينئذٍ آذن لك أن تسافر إليه، إلّا أن تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب.

وحدثني أبو المواهب بن صصري قال: لما دخلت همدان قال لي الحافظ: أنا

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٣٣٥.

٢١٨

أعلم أنه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق الناس ومازجهم كما ينبغي [ أصنع ] إذاً لاجتمع عليه الموافق والمخالف، وقال لي يوماً: أي شيء فتح له؟ وكيف الناس له؟ قلت: هو بعيد من هذا كلّه، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلّا بالجمع والتسميع حتى في نزهته وخلواته، قال: الحمد لله هذا ثمرة العلم، إلّا أنا حصل لنا [ من ] هذا المسجد والدار والكتب تدل على قلة حظ أهل العلم في بلادكم. ثم قال: ما كان يسمى أبو القاسم إلاّ شعلة نار ببغداد من ذكائه وتوقده وحسن إدراكه.

قال أبو المواهب: كنت أذاكر أبا القاسم الحافظ عن الحفّاظ الذين لقيهم. فقال: أما بغداد فأبو عامر العبدري، وأما اصبهان فأبو نصر اليونارتي لكن اسماعيل بن محمّد الحافظ كان أشهر. فقلت: فعلى هذا ما كان رأى سيدنا مثل نفسه. قال: لا تقل هذا قال الله:( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) قلت: فقد قال [ الله تعالى ]( أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) . فقال: لو قال قائل: إن عيني لم تر مثلي لصدق.

ثم قال أبو المواهب: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه، من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأول إلّا من عذر، والاعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الامامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه

وكان شيخنا أبو الحجاج يميل إلى أن ابن عساكر ما رأى حافظاً مثل نفسه.

قال الحافظ عبد القادر: ما رأيت أحفظ من ابن عساكر.

وقال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدّثين في وقته، إنتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والنقل والمعرفة التامة وبه ختم هذا الشأن. فقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه أنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي - بمنى - وكان أحفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان. وكان شيخنا اسماعيل بن محمد الامام

٢١٩

يفضّله على جميع من لقيناهم، قدم إصبهان ونزل في داري، وما رأيت شاباً أودع ولا أحفظ ولا أتقن منه، وكان مع ذلك فقيهاً أديباً سنّياً، جزاه الله خيراً وكثّر في الاسلام مثله، وإني كثيراً سألته عن تأخره عن المجيء إلى إصبهان فقال: لم تأذن لي أمّي.

قال القاسم: توفي أبي في حادي عشر رجب سنة ٥٧١. ورئي له منامات حسنة، ورثي بقصائد، وقبره يزار بباب الصغير »(١) .

٤ - الذهبي أيضاً: « فيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلّداً ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله، وبلغ في ذلك الذروة العليا، ومن تصفّح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ. توفي في حادي عشر رجب »(٢) .

٥ - اليافعي: « وفيها: الفقيه الامام، المحدث البارع، الحافظ المتقن الضابط ذو العلم الراسخ، شيخ الاسلام، ومحدّث الشام، ناصر السنّة، وقامع البدعة زين الحفّاظ وبحر العلوم الزاخر، رئيس المحدّثين المقر له بالتقدم، العارف الماهر، ثقة الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، الذي اشتهر في زمانه بعلو شانه، ولم ير مثله في أقرانه، الجامع بين المعقول والمنقول، والمميز بين الصحيح والمعلول.

كان محدّث زمانه، ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث واشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، رحل وطوّف وجاب البلاد، ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني في الرحلة.

وكان أبو القاسم المذكور حافظاً ديناً، جمع بين معرفة المتون والأسانيد - وصنف التصانيف المفيدة، وخرّج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ - ١٣٣٣.

(٢). العبر حوادث ٥٧١.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

يا محمّد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلناه، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأردتنا أن نصوم شهراً فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟ فقال النبي: والله الذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من الله عزّ وجلّ. فولى الحارث وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته، وخرج من دبره، فقتله فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

ترجمة السمهودي

١ - السخاوي ملخصاً بلفظه: « علي بن عبد الله السمهودي: ولد في صفر سنة ٨٤٤ بسمهود، ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج ولازم والده، وقدم القاهرة معه وبمفرده غير مرة، وقرأ عمدة الأحكام بحثاً على السعد بن الديري، وأذن له في التدريس هو والبامي والجوهري، وفيه وفي الافتاء الشهاب السارمساجي بعد امتحانه له في مسائل ومذاكرته معه، وفيها أيضاً زكريا وكذا المحلي والمناوي، وعظم اختصاصه بهما وتزايد مع ثانيهما بحيث خطبه لتزويج سبطته، وقرّره معيدا في الحديث بجامع طولون، وفي الفقه بالصالحية، وأسكنه قاعة القضاء بها، وعرض عليه النيابة فأبى، ثم فوّض إليه عند رجوعه مرة إلى بلده مع القضاء، حيث حل النظر في أمر ثواب الصعيد وصرف غير المتأهل منهم، فما عمل بجميعه.

ثم إنه استوطن القاهرة وكنت هناك، فكثر اجتماعنا وكان على خير كبير،

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٣٤١

وفارقته بمكة بعد أن حججنا، ثم توجه منها إلى طيبة فقطنها من سنة ثلاث وسبعين، ولقيته في كلا الحرمين غير مرة، وغبطته على استيطانه المدينة، وصار شيخها، قل أن يكون أحد من أهلها لم يقرأ عليه.

وبالجملة، فهو انسان فاضل مفنن متميز في الفقه والأصلين، فهو فريد هناك في مجموعه، ولأهل المدينة به جمال، والكمال لله »(١) .

٢ - عبد القادر العيدروس: « وفيها في يوم الخميس ثامن عشر ذي القعدة، توفي عالم المدينة الامام القدوة والمفتي الحجة الشريف، ذو التصانيف الشهيرة، نزيل المدينة الشريفة وعالمها وفقيهها ومدرّسها ومؤرّخها، ترجمه الحافظان العز ابن فهد والشمس السخاوي وألف عدة تآليف منها: جواهر العقدين في فضل الشرفين وجمع فتاواه في مجلد وهي مفيدة جداً »(٢) .

٣ - عبد الغفار بن ابراهيم العكي العدثاني: « الامام العلامة نور الدين علي بن عبد الله وله مصنفات مفيدة وكلّها في غاية الإتقان والتحقيق والتحرير والتدقيق. توفي بطيبة المشرفة »(٣) .

٤ - محمّد بن يوسف الشامي في ذكر رموز سيرته: « أو ( السيد ) فالامام العلامة شيخ الشافعية بطيبة نور الدين السمهودي »(٤) .

٥ - ووصفه الشيخ عبد الحق الدهلوي: بـ « السيد العالم الكامل، أوحد العلماء الأعلام، عالم مدينة خير الأنام، نور الدين مات ضحى يوم ليلة بقيت من ذي القعدة عام إحدى عشر وتسعمائة، ودفن في البقيع عند قبر الامام مالك »(٥) .

____________________

(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٥ / ٢٤٥.

(٢). النور السافر عن أحوال القرن العاشر. حوادث سنة: ٩١١.

(٣). عجالة الراكب وبلغة الطالب - مخطوط.

(٤). سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - مقدمة الكتاب.

(٥). جذب القلوب - مقدمة الكتاب.

٣٤٢

٦ - واحتج محمّد بن عبد الرسول البرزنجي بكتب السمهودي في كتابه ( الإِشاعة لأشراط الساعة ) وذكر في ديباجته في ضمن مصادره « كتب الامام الشريف نور الدين علي السمهودي، كتاريخ المدينة وجواهر العقدين »(١) .

٧ - ووصفه محمود بن علي الشيخاني القادري بـ « السيد الجليل » مع الاعتماد على رواياته(٢) .

٨ - وذكر الشيخ إبراهيم الكردي أحاديث في الردّ على الفلاسفة ثم قال:

« أورد هذه الأحاديث عالم المدينة ومفتيها العلامة السيد نور الدين في كتاب جواهر العقدين، وقد أخبرنا بالكتاب كلّه شيخنا أيده الله تعالى، قراءة للبعض وإجازة للكل »(٣) .

٩ - وقال أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي في ( وسيلة المآل في عد مناقب الآل ): « وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن، وجمعت في جواهر مناقبهم الشريفة ما يجمل به جيد الزمان، ومن أحسن ما جمعت في تلك التآليف وأنفع ما نقلت منه في هذا التصانيف: كتاب جواهر العقدين في فضل الشرفين لعلّامة الحرمين السيد السمهودي تغمّده الله برحمته »(٤) .

١٠ - ووصفه محمّد بن محمّد خان البدخشي بـ « السيد السند نور الملة والدين »(٥) .

١١ - وقال تاج الدين الدهان المكي: « تواريخ المدينة الشريفة لعالمها الامام الحجة السيد الشريف نور الدين »(٦) .

____________________

(١). الإِشاعة لأشراط الساعة. مقدمة الكتاب.

(٢). الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.

(٣). بلغة المسير إلى توحيد الله العلي الكبير.

(٤). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

(٥). مفتاح النجا - مخطوط.

(٦). كفاية المتطلع في مرويات الشيخ حسن العجيمي - مخطوط.

٣٤٣

١٢ - ووصفهأحمد بن عبد القادر العجيلي بـ « إمام السادة والعلماء »(١) .

١٣ - وذكرهرشيد الدين خان الدهلوي فيمن ألّف وصنف في فضائل الأئمة من العترة الطاهرة، من عظماء علماء أهل السنة، حيث ذكر كتابه ( جواهر العقدين ) ووصف مؤلفه بـ « الإِمام»(٢) .

(٧)

رواية ابن الصباغ

ورواه أيضاً الشيخ نور الدين علي بن محمّد المعروف بابن الصباغ المالكي، عن تفسير الثعلبي، كما مر مراراً، وعبّر عن الثعلبي بـ « الإِمام »(٣) .

ترجمة ابن الصباغ والتعريف بكتابه

وابن الصباغ من مشاهير علماء المالكية، ومن أكابر مشايخهم المعتمدين، وقد وصفه العجيلي لدى النقل عنه بـ « الشيخ الامام علي بن محمّد الشهير بابن الصباغ من علماء المالكية ».

وذكر محمّد بن عبد الله المطيري المدني الشافعي - لدى النقل عنه - أن ابن الصباغ من العلماء العاملين الأعيان.

كما أكثر من النقل عن كتابه ( الفصول المهمة ) جماعة من أعيان علماء أهل السنة كالحلبي في ( سيرته ) والصفوري في ( نزهة المجالس ) والشيخاني القادري في

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٢). إيضاح لطافة المقال لمحمّد رشيد الدهلوي.

(٣). الفصول المهمة: ٤٢.

٣٤٤

( الصراط السوي ) والعجيلي في ( ذخيرة المآل ) والسمهودي في ( جواهر العقدين ).

(٨)

رواية المحدّث الشيرازي

ورواه السيد جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي في ( الأربعين في مناقب أمير المؤمنين ) حيث قال: « الحديث الثالث عشر: عن جعفر ابن محمد عن آبائه الكرامعليهم‌السلام : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم نادى الناس، فاجتمعوا، فأخذ بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث كان وفي رواية: اللهم أعنه وأعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ناقة له، ونزل بالأبطح عن ناقته وأناخها، فقال:

يا محمد: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصوم فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عز وجل؟

فقال النبي: والذي لا إله إلّا هو إن هذا من الله عز وجل، فولّى الحارث ابن النعمان وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله

٣٤٥

عزّ وجلّ بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

الثناء على المحدّث الشيرازي

والسيد جمال الدين المحدّث الشيرازي من كبار علماء أهل السنّة الأثبات، ومن مشايخ ( الدهلوي ) في الإِجازة كما لا يخفى على ناظر رسالته في ( أصول الحديث ). وجعله الملّا علي القاري من المشايخ الكبار. كما وصفه بالأوصاف العظيمة في مقدمة كتابه ( المرقاة في شرح المشكاة ).

واعتمد على رواياته جماعة من أساطين علمائهم، كالشيخ عبد الحق الدهلوي في ( مدارج النبوة ) والديار بكري في ( الخميس ) وولي الله الدهلوي في ( إزالة الخفاء ) كما لا يخفى على من راجع الكتب المذكورة.

(٩)

رواية المنّاوي

وروى الشيخ شمس الدين عبد الرؤف بن تاج العارفين المنّاوي الحديث المذكور حيث قال بشرح حديث الغدير: « وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة قال: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا قال ذلك، طار في الآفاق، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله فقال: يا محمد »(٢) .

____________________

(١). الأربعين - مخطوط.

(٢). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٦ / ٢٨١.

٣٤٦

ترجمة المناوي

وترجم محمّد أمين بن فضل الله المحبي الدمشقي للمنّاوي ترجمة حافلة نلخصها فيما يلي بلفظه: « عبد الرؤف بن تاج العارفين، الامام الكبير الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماماً فاضلاً زاهداً عابداً، قانتاً لله خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممن عاصره.

انقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزله، وأقبل على التأليف، فصنّف في غالب العلوم، ثم ولى تدريس المدرسة الصالحية، فحسده أهل عصره وكانوا لا يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم، ولمـّا حضر الدرس فيها ورد عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه منهم خلق كثير منهم: الشيخ سليمان البابلي، والسيد إبراهيم الطاشكندي، والشيخ علي الأجهوري الولي المعتقد، وأحمد الكلبي وولده الشيخ محمّد وغيرهم. وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دسّ عليه السم، فتوالى عليه بسبب ذاك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي.

بالجملة، فهو أعلم علماء هذا التاريخ آثاراً، ومؤلفاته غالبا متداولة كثيرة النفع، وللناس عليها تهافت زائد ويتغالون في أثمانها، وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير وشرح السيرة المنظومة للعراقي.

وكانت ولادته في سنة ٩٥٢ وتوفي سنة ١٠٣١ »(١) .

____________________

(١). خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢.

٣٤٧

ترجمة المحبي مادح المناوي

وترجم محمّد أفندي بن علي أفندي المرادي البخاري الدمشقي مفتي الحنفية لمحمّد أمين المحبي بقوله: « محمّد الأمين بن فضل الله فريد العصر ويتيمة الدهر، المؤرخ الذي بهر العقول بانشائه البديع، الشاعر الماهر الذي هو ببيانه لها روت ساحر. ولد بدمشق سنة ١٠٦١

وكان يكتب الخط الحسن العجيب، وألف مؤلفات حسنة بعد أن جاوز العشرين وكانت وفاته في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ١١١١ »(١) .

(١٠)

رواية العيدروس

وكذلك رواه شيخ بن عبد الله بن شيخ عبد الله العيدروس باعلوي، عن الثعلبي في تفسيره(٢) .

ترجمة العيدروس والثناء عليه

وترجم المحبي للعيدروس المذكور بما هذا ملخصه: « شيخ بن عبد الله ابن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني، الأستاذ الكبير المحدث الصوفي الفقيه، اشتغل على والده، أخذ عنه علوما كثيرة ولبس منه الخرقة وتفقه، ورحل إلى الشحر واليمن والحرمين في سنة ١٠١٦، ثم رحل إلى الهند فدخلها في

____________________

(١). سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ٤ / ٨٦.

(٢). العقد النبوي والسرّ المصطفوي - مخطوط.

٣٤٨

سنة ١٠٢٥، وأخذ عن عمه الشيخ عبد القادر بن شيخ، وكان يحبّه ويثني عليه وبشّره ببشارات، وألبسه الخرقة وحكمه، وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم.

ثم قصد إقليم الدكن واجتمع بالوزير الأعظم عنبر وبسلطانه برهان نظام شاه، وحصل له عندهما جاه عظيم، وأخذ عنه جماعة، ثم سعى بعض المردة بالنميمة، فأفسدوا أمر تلك الدائرة ففارقهم صاحب الترجمة، وقصد السلطان ابراهيم عادلشاه فأجلّه وعظّمه، وتبجح السلطان بمجيئه إليه وعظّم أمره في بلاده، وكان لا يصدر إلّا عن رأيه، وسبب إقباله الزائد على أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة وهي: إن السلطان كانت أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس، وعجزت عن علاجه حذّاق الأطباء، وكان سببها أن السيد الجليل علي ابن علوي دعا عليه بجرح لا يبرأ، فلمـّا أقبل صاحب الترجمة ورآه على حالته أمره أن يجلس مستوياً، فجلس من حينئذٍ وبرأ منها. وكان السلطان إبراهيم رافضياً، فلم يزل به حتى أدخله في عداد أهل السنّة.

فلمـّا رأى أهل تلك المملكة إنقياد السلطان إليه، أقبلوا عليه وهابوه، وحصّل كتباً نفيسة، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرةً ولم يزل مقيماً عند السلطان إبراهيم عادلشاه حتى مات السلطان، فرحل صاحب الترجمة إلى دولت آباد إلى أن مات سنة ١٠٤١. وكانت ولادته في سنة ٩٩٣ »(١) .

ووصفه الشيخاني القادري لدى النقل عنه بأوصاف حميدة جليلة قال: « وفي العقد النبوي والسر المصطفوي للشيخ الامام والغوث الهمام، بحر الحقائق والمعارف، السيد السند والفرد الأمجد، الشريف الحسيني، المسمّى بالشيخ بن عبد الله »(٢) .

____________________

(١). خلاصة الأثر ٢ / ٢٣٥.

(٢). الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.

٣٤٩

وإنّ محمّد محبوب عالم ينقل في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) عن كتاب ( العقد النبوي ) المذكور للعيدروس اليمني.

(١١)

رواية الشيخاني

وروى محمود بن محمّد الشيخاني القادري حديث نزول الآية الكريمة حيث قال: « وقد مرّ مراراً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث.

قالوا: وكان الحارث بن النعمان مسلماً، فلما سمع حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، شك في نبوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم ذهب ليركب راحلته فما مشى نحو ثلاث خطوات، حتى رماه الله عز وجلّ بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

وهذا الرجل من علماء أهل السنة المعتمدين، وقد نقل عنه واعتمد عليه رشيد الدين خان الدهلوي في كتابه ( غرة الراشدين ).

____________________

(١). المصدر نفسه - مخطوط.

٣٥٠

(١٢)

رواية الحلبي

وروى نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي بقوله: « قال بعضهم: ولمـّا شاع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه في سائر الأمصار، وطار في جميع الأقطار، فبلغ الحارث بن النعمان الفهري، فقدم المدينة وأناخ راحلته عند باب المسجد، فدخل والنبي جالس وحوله أصحابه، فجاء حتى جثى بين يديه ثم قال:

يا محمد! إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله فقبلنا ذلك منك، وأمرتنا أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات، ونصوم شهر رمضان، ونزكي أموالنا، ونحج البيت فقبلنا ذلك منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء من الله أو منك؟

فاحمرّت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: والله الذي لا إله إلّا هو إنه من الله وليس مني. قالها ثلاثاً. فقام الحارث وهو يقول: اللهم إنْ كان هذا هو الحق من عندك - وفي رواية: اللهم إنْ كان ما يقول محمّد حقاً - فأرسل علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فو الله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحجر من السماء، فوقع على رأسه وخرج من دبره، فمات. وأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) الآية »(١) .

____________________

(١). السيرة الحلبية ٣ / ٣٣٧.

٣٥١

ترجمة نور الدين الحلبي

١ - عبد الله بن حجازي الشرقاوي: « العلامة الفاضل، واللوذعي الكامل، شيخ الاسلام وبركة الأنام، الشيخ علي الحلبي، صاحب السيرة الحلبية المشهورة »(١) .

٢ - المحبي: « الامام الكبير، أجل أعلام المشايخ وعلامة الزمان، كان جبلاً من جبال العلم وبحراً لا ساحل له، واسع الحكم، علّامة جليل المقدار، جامعاً لأشتات العلى، صارفاً نقد عمره في بث العلم النافع ونشره، وحظي فيه حظوة لم يحظها أحد مثله، فكان درسه مجمع الفضلاء ومحط رحال النبلاء، وكان غاية في التحقيق، حاد الفهم، قوي الفكرة، متحرياً في الفتاوى، جامعاً بين العلم والعمل، صاحب جد واجتهاد، عمّ نفعه الناس، فكانوا يأتونه لأخذ العلم عنه من البلاد، مهاباً عند خاصة الناس وعامّتهم، حسن الخلق والخلق، ذا دعابة لطيفة في درسه مع جلالة، وكان الشيوخ يثنون عليه بما هو أهله، من الفضل التام ومزيد الجلالة والاحترام.

ولد بمصر في سنة ٩٧٥، وألّف المؤلفات البديعة منها: السيرة النبوية التي سماها إنسان العيون في سيرة النبي المأمون، في ثلاث مجلدات، اختصرها من سيرة الشيخ محمّد الشامي وزاد أشياء لطيفة الموقع، وقد اشتهرت اشتهاراً كثيراً، وتلّقتها أفاضل العصر بالقبول، حرّرها تحريراً مع الشيخ سلطان. وكانت وفاته يوم السبت آخر يوم من شعبان سنة ١٠٤٤ »(٢) .

____________________

(١). التحفة البهية في طبقات الشافعيّة - مخطوط.

(٢). خلاصة الأثر ٣ / ١٢٢ ملخصاً.

٣٥٢

(١٣)

رواية أحمد بن باكثير

وروى أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير نزول الآية( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة غدير خم عن الثعلبي حيث قال: « روى الثعلبي في تفسيره: إن سفيان بن عيينةرحمه‌الله سئل عن قوله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه رضي الله عنهما، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ناقة، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال:

يا محمّد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا. فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أو من الله عزّ وجلّ؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا هو إن هذا من الله عز وجلّ.

قال: فولّى الحارث بن النعمان - وهو يريد راحلته - وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر، فسقط على هامته حتى خرج من دبره فقتله. فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

____________________

(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

٣٥٣

ترجمة ابن باكثير المكّي

وقد ترجم محمّد أمين المحبّي لابن باكثير المكي بقوله: « الشيخ أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي الشافعي، من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين، كان فاضلاً أديباً له مقدار علي وفضل جلي، وكان له في العلوم الفلكية وعلم الأوفاق والزابرجا يد عالية. وكان له عند أشراف مكة منزلة وشهرة، وكان في الموسم يجلس في المكان الذي يقسّم فيه الصرّ السلطاني بالحرم الشريف، بدلاً عن شريف مكة.

ومن مؤلفاته: حسن المآل في مناقب الآل وكانت وفاته سنة ١٠٤٧ بمكة، ودفن بالمعلاة»(١) .

ووصفه رضي الدين محمّد بن علي بن حيدر لدى النقل عنه في كتابه ( تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسينية ) بقوله: « قال أحمد صاحب الوسيلة، وهو الثقة الأمين في كلّ فضيلة ...».

(١٤)

رواية محبوب عالم

ورواه محبوب عالم - وهو من أكابر علماء أهل السنة وعرفائهم - في تفسير المعروف ( تفسير شاهي ) الذي أثنى عليه ( الدهلوي ) وغيره من علمائهم رواه عن ( العقد النبوي ) عن ( تفسير الثعلبي ).

____________________

(١). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٢٧١ - ٢٧٣.

٣٥٤

(١٥)

رواية محمّد صدر العالم

ورواه محمّد صدر العالم، عن تفسير الثعلبي كذلك، حيث قال: « أخرج الثعلبي في تفسيره: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوماً: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج، فجاء إلى النبي فقال: يا محمّد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال النبي: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إنْ كان ما يقوله حقاً فأنزل عليَّ حجراً من السماء، قال: فنزل حجر ورضخ رأسه فنزل قوله:( سَأَلَ سائِلٌ ) الآية »(١) .

(١٦)

رواية محمّد بن إسماعيل الأمير

ورواه محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني، عن تفسير الثعلبي، ثم قال: « قلت: وذكره الحافظ العلّامة أبو سعود الرومي، في تفسيره الشهير »(٢) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

(٢). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية: ٨٤.

٣٥٥

الثناء على محمّد بن اسماعيل الأمير

قال أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي: « وأولاد الامام المتوكل علماء جهابذة وأبرار، أعظمهم ولده الامام المؤيد بالله محمّد بن إسماعيل، قرأ كتب الحديث وبرع فيها. كان إماماً في الزهد والورع، يعتقده العامة والخاصة، ويأتونه بالنذور فيردّها ويقول: إن قبولها تقرير لهم على اعتقادهم أنه من الصالحين، وهو يخاف أنه من الهالكين

ومن أعيان آل الامام: السيد المجتهد الشهير، المحدّث الكبير السراج المنير، محمّد بن إسماعيل الأمير، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار، صنف أكثر من مائة مؤلف، وهو لا ينسب إلى مذهب بل مذهبه الحديث ».

وقال: « وسيدنا الامام محمّد بن إسماعيل الأميررضي‌الله‌عنه ، أخذ عن علماء الحرمين واستجاز منهم وارتبط بأسانيدهم، وقرأ على الشيخ عبد الخالق ابن الزين المزجاجي، والشيخ عليه، واستجاز منه وأسند عنه، مع تمكّنه من علوم الآل وتأصله »(١) .

وقال صدّيق حسن القنوجي: « إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد، للإمام بدر الملة المنير محمّد بن اسماعيل اليمني الأمير، المتوفى سنة ١١٨٢ »(٢) .

كما ذكر كتباً أخرى له معم الثناء عليها وعلى مؤلّفها، ووصفه بالأوصاف الجليلة.

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٢). إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين - مخطوط.

٣٥٦

(١٧)

رواية أحمد بن عبد القادر

ورواه أحمد بن عبد القادر الشافعي في كتابه ( ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللئال ) عن الثعلبي معبراً عنه بـ « الامام ».

الثناء عليه وعلى كتابه

وقد وصفه الشيخ أحمد بن محمّد الأنصاري اليمني الشرواني لدى النقل عنه، بأوصاف جليلة، حيث قال: « وما أحسن قول محبّ الآل العارف المفضال، شهاب الدين أحمد بن عبد القادر الحفظي الشافعي، رحمه الكبير المتعال، في منظومته المسمّاة بعقد جواهر اللآل:

وآية التطهير فيهم نزلت

وأذهبت رجسهم وطهّرت

لمـّا تلاها قام يدعو أهله

في بيت سكناه وخص آله

أدخلهم تحت الكسا وجلّلا

جميعهم ثم دعا وابتهلا

وقال اللهمَّ هؤلاء

هم أهل بيتي وهم عصائي

إني لمن حاربهم حرب ومن

سالمهم سلم على مرّ الزمن

وإنني منهم وهم مني فصل

عليهم أزكى صلاة وأجل

وارحم وبارك وارض عنهم واغفر

والرجس أذهب عنهم وطهّر

فهذه الآية أصل القاعدة

ومنبع الفضل لكل عائدة

وإنما حرف يفيد الحصرا

ويقصر المراد فيهم قصرا

فلا يريد الله فيهم غير أنْ

يذهب عنهم كل رجس ودرن

٣٥٧

مؤكدا تطهيرهم بالمصدر

منكّراً إشارة للعبقري

ومنها:

« وكل أعدائهم والجافي

فلا نواليهم ولا نصافي

قد قطعوا ما أمروا بوصله

وما رعوا ذمة خير رسله

عقّوه في أولاده وهجروا

ونقضوا عهودهم وغدروا

ما عذرهم يوم اللّقا والحجة

وكيف ينجو غارق في اللجة؟

ما ذا يولون إذا ما سئلوا

وشهد الله على ما فعلوا؟

وهم بذاك اليوم في هوان

تطأهم الأقدام كالجعلان

ويحكم الله بحكم الحق

بينهم وبين أهل العق

والمصطفى والمرتضى وفاطمة

قد حضروا في مجلس المخاصمة

يا حسرة عليهم لا تنقضي

وخجلة لمن جفا ومن رضي

وما جرى فقد مضى وإنما

يا ويل من والى لمن قد ظلما

وكلّ من يسكت أو يلبّس

ومن لعذرٍ فاسدٍ يلتمس

فذاك مغبون بكلّ حال

قد ضيّع الربح ورأس المال

واستبدل الأدنى بكلّ خير

وباع دينه بدنيا الغير

وفي غدٍ كل فريق يجمع

تحت لواء من له يتبع

وكل أناس بإمام يدعى

فاختر لمن شئت وألق السمعا

قال محبّر هذا الكتاب - أذاقه الله حلاوة عفوه يوم الحساب - وللشهاب العارف الحفظي شرح على منظومته، دال على حسن عقيدته ووفور محبته، لأهل البيت الرفيع وسلامته من التعصب الشنيع، سماه: ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل. ولمـّا كنت مقيما في الوطن كان الشهاب موجوداً في برج شرفه بين الحجاز واليمن، ولا أدري اليوم أباق لمعان ذلك النور أم غاب عن الأبصار بعد

٣٥٨

الظهور، لبعدي عن تلك الأقطار وانقطاع ما لم أزل مترقباً لوصوله من أخبار الأخيار الساكنين في أنفس الديار »(١) .

الثناء على مادح الحفظي

وأحمد الشرواني اليمني وصفه مشاهير علمائهم بأوصاف كريمة، في تقاريظهم لكتابه المذكور ( المناقب الحيدرية )، فممن كتب له تقريظاً هو: رشيد الدين خان الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ). ومنهم: المولوي حسن علي المحدث تلميذ ( الدهلوي )، ومنهم: المولوي أوحد الدين البلجرامي.

وقد طبعت هذه التقاريظ في آخر كتاب ( المناقب الحيدرية ) فليلاحظ.

(١٨)

رواية الشبلنجي

ورواه أيضاً سيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي عن الثعلبي - مع التعبير عنه بـ « الامام » - كذلك(٢) .

* * *

____________________

(١). المناقب الحيدرية ٧٥ - ٧٧.

(٢). نور الأبصار: ٧٨.

٣٥٩

دلالة هذا الحديث على أفضلية علي عليه‌السلام

وحديث نزول قوله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) في شأن الحارث بن النعمان الفهري، بعد نزول العذاب عليه بسبب اعتراضه على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما قاله يوم غدير خم، في حق أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه .. صريح في دلالة هذا الكلام على أفضلية عليعليه‌السلام ، لأنه قال للنبي في اعتراضه: « ولم ترض بهذا حتى أخذت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

وهذا وجه آخر لسقوط تأويلات القوم لحديث الغدير، ومناقشاتهم في دلالتهم على الأفضلية والامامة، تلك الدلالة التي أذعن بها جميع المتأخرين والغائبين الذين بلغهم ما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في ذلك يوم العظيم وفي ذلك الجمع الحاشد.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391