نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 293833 / تحميل: 6789
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ليس لغيره من أهل عصره، أخذ العلوم من أفواه الرجال حتى صار مضرب الأمثال وله تصانيف معتبرة مشهورة مفيدة »(١).

تفسيره

وقد ذكر تفسيره في ( كشف الظنون ) بقوله: « مدارك التنزيل وحقائق التأويل للإمام حافظ الدين عبد الله بن أحمد النسفي المتوفى سنة ٧٠١ وقيل ٧١٠. أوّله: الحمد لله المتفرد بذاته عن إشارة الأوهام الخ. وهو كتاب وسط في التأويلات جامع لوجوه الإِعراب والقراءات، متضمن لدقائق علم البديع والإشارات، موشح بأقاويل أهل السنة والجماعة، خال عن أباطيل أهل البدع والضلالة، ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل »(٢) .

(٣٠)

عمر الفارسي القزويني

وأما تفسير عمر بن عبد الرحمن الفارسي القزويني ( المولى ) بـ ( الأولى ) فهو حيث قال: « قوله:

فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

يصف بقرة وحشية نفرت من توجس ركز الصائد فزعة لا تدري أقدّامها الصائد أم خلفها. يقول فغدت البقرة كلا جانبيها الخلف والأمام، تحسب أنه أولى وأحرى بأنْ يكون فيه الخوف »(٣) .

____________________

(١). كتائب أعلام الأخيار - مخطوط.

(٢). كشف الظنون ٢ / ١٦٤٠.

(٣). كشف الكشاف - مخطوط.

٦١

ترجمة عمر القزويني وكتابه

وقد ذكر في ( كشف الظنون ) كتاب ( كشف الكشاف لعمر الفارسي القزويني ) حيث قال في ذكر حواشي الكشاف: « وممن كتب أيضاً غير ما ذكره السيوطي: الامام العلّامة عمر بن عبد الرحمن الفارسي القزويني حاشية في مجلّد سماها الكشف. وتوفي سنة ٧٤٥. أولها: الحمد لله الذي أنار الأعيان بنور الوجود إلخ. وذكر أنه أشار إلى تأليفها من أمره مطاع، فشرع وكتب فيها ما تلقّفه من الأئمة الماضين أو استنبطه بميامين أنوارهم، وليس فيه التسمية وانما قال: أشار إليّ أنْ أحرّر في الكشف عن مشكلات الكشاف »(١) .

(٣١)

ابن الصبّاغ المالكي

وأمّا ذكر نور الدين علي المعروف بابن الصباغ المالكي مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فهذا نص كلامه: « قال العلماء: لفظة المولى مستعملة بأزاء معان متعددة، وقد ورد القرآن العظيم بها، فتارة تكون بمعنى أولى قال الله تعالى في حق المنافقين:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) معناه أولى بكم »(٢) .

وسيأتي ذكر ترجمة ابن الصباغ فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

____________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٤٨٠ وله ترجمة في طبقات المفسرين للداودي ٢ / ٥، الدرر الكامنة ٣ / ٢٥٦، شذرات الذهب ٦ / ١٤٣، طبقات القراء ١ / ٥٩٤.

(٢). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤٣.

٦٢

(٣٢)

جلال الدين المحلّي

وفسّر جلال الدين محمد بن أحمد المحلي ( المولى ) بـ ( الأولى ) حيث قال:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أولى بكم »(١) .

تفسير الجلالين

و « تفسير الجلالين » الذي اشترك في تأليفه جلال الدين السيوطي وجلال الدين المحلي من التفاسير المشهورة المعتبرة، قال تاج الدين الدهان في ( كفاية المتطلع في مرويات الشيخ حسن العجيمي ): « التفسير المعروف بالجلالين العلامتين الامام المحقق جلال الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد المحلّي الأخباري، والحافظ العمدة جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، والدر المنثور في التفسير بالمأثور للحافظ السيوطي. وقد شرع الجلال المحلي من سورة مريم إلى آخر الكتاب العزيز، ثم شرع في تفسير النصف الأول فمات بعد تفسير الفاتحة، فأتمّه الحافظ السيوطي من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الكهف. أخبر بها »(٢) .

ترجمة الجلال المحلّي

وقد ترجم للجلال المحلي شمس الدين السخاوي بما هذا ملخّصه:

____________________

(١). تفسير الجلالين: ٧١٦.

(٢). كفاية المتطلع لتاج الدين الذهان - مخطوط.

٦٣

« محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم، الجلال أبو عبد الله ابن الشهاب أبي العباس بن الكمال الأنصاري، المحلّي الأصل - نسبة للمحلة الكبرى من الغربيّة - القاهري الشافعي ولد كما رأيته بخطه في مستهل شوال سنة ٧٩١ بالقاهرة ونشأ بها. فقرأ القرآن وكتباً واشتغل في فنون ومهر وتقدّم على غالب أقرانه، وتفنّن في العلوم العقلية والنقلية، وتصدى للتصنيف والتدريس والاقراء، ورغب الأئمة في تحصيل تصانيفه وقراءتها وإقرائها، وارتحل الفضلاء للأخذ عنه، وتخرّج به جماعة درسوا في حياته.

وكان إماماً، علّامة، محققاً، نظّاراً، مفرط الذكاء، صحيح الذهن، معظّماً بين الخاصة والعامة، مهاباً، وقوراً، عليه سيما الخير، اشتهر ذكره وبعد صيته، وقصد بالفتاوى من الأماكن النائية، وهرع إليه غير واحد من الأعيان بقصد الزيارة والتبرك. هذا، ولم أكن أقصر به عن درجة الولاية. وترجمته يحتمل كراريس، مع أني قد أطلتها في معجمي. وقد حجّ مراراً. ومات سنة أربع وستّين »(١) .

(٣٣)

الحسين الواعظ الكاشفي

وفسّر حسين بن علي الواعظ الكاشفي ( المولى ) بـ ( الأولى ) في تفسيره المشهور بـ ( تفسير حسيني ) بتفسير قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) (٢) .

____________________

(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٧ / ٣٩ - ٤١.

(٢). تفسير حسيني - المواهب العلية. سورة الحديد.

٦٤

تفسير حسيني

و ( تفسير حسيني ) للواعظ الكاشفي يعدّ في التفاسير المعتبرة، وقد اعتمد عليه العلماء، كالشيخ أحمد بن أبي سعيد بن عبد الله بن عبد الرزاق الحنفي الصالحي المعروف بـ ( ملاجيون ) المترجم له بكل تعظيم في ( سبحة المرجان )، في تفسيره المعروف بـ ( تفسير أحمدي )، ضمن التفاسير التي اعتمد عليها ونقل عنها كالتفاسير البيضاوي والبغوي والسيوطي والزمخشري. وقد وصفه بـ « الشيخ الكبير العلي الحسيني الواعظ الكاشفي ».

وكالمولوي تراب علي في آخر كتابه ( التدقيقات الراسخات في شرح التحقيقات الشامخات. الملقب بسبيل النجاح إلى تحصيل الفلاح ) وعدّه « من الصحف الموثوقة والزبر الأنيقة » كتفاسير الرازي والنسفي والنيسابوري والبغوي. وكالشيخ محبوب عالم في تفسيره المسمى ( تفسير شاهي ).

وقد ذكر تفسيره المذكور في ( كشف الظنون ) بقوله: « تفسير حسين بن علي الكاشفي الواعظ المتوفى في حدود سنة ٩٠٠. وهو تفسير فارسي متداول. في مجلد. سماه بالمواهب العلية، كما ذكره ولده في بعض كتبه، وترجمته بالتركية لأبي الفضل محمد بن إدريس البدليسي المتوفى سنة ٩٨٢. وله جواهر التفسير للزهراوين. يأتي في الجيم »(١) .

(٣٤)

أبو السعود العمادي

وفسّر أبو السعود بن محمد العمادي ( المولى ) بـ ( الأولى ) بتفسير الآية

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٤٤٦.

٦٥

المذكورة، وهذا نص كلامه: « قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ ) لا تبرحون أبداً( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم. وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه: هو أولى بكم. كما يقال هو مئنة الكرم. أي مكان لقول القائل: إنه لكريم. أو مكانكم عن قريب، من الولي وهو القرب. أو ناصركم عن قريب من المولى وهو القرب. أو ناصركم على طريقة قوله: تحية بينهم، ضرب وجيع. أو متولّيكم تتولاكم كما توليتم موجباتها »(١).

ترجمة أبي السعود

وترجم له محمود بن سليمان الكفوي بما هذا ملخّصه « المولى الفاضل العلّامة، والحبر الكامل الفهّامة، لسان الزمان، إمام أهل اللسان، بدائعه الحسان تجلّ عن البيان، واسع التقرير كامل التحرير، سحبان النثر حسّان الشعر، كشّاف مشكلات التنزيل الجليل، وحلّال معضلات الكتاب بالتفسير والتأويل، حافظ قوانين الفروع والأصول، وضابط مسائل كلّ الفنون من المعقول والمنقول، زبدة أرباب التقوى وعمدة أصحاب الفتوى، إمام المفسرين ختام المجتهدين، شيخ الإسلام وعماد الدين، أبو السعود ابن الشيخ محيي الدين المنتسب بالعماد عامله الله بلطفه يوم المعاد.

وهو الأُستاذ على الإطلاق، والمشار إليه بالاتفاق، قرعت به أسماع سكّان الآفاق، وصكّت به آذان أهل فارس والعراق، شيخ كبير، إمام خبير، عالم نحرير، لا في العجم له مثيل ولا في العرب له نظير، مشهور الاسم، عالي الرتبة، عظيم الجاه، زائد الحشمة، تضرب به الأمثال وتشدّ إليه الرّحال، ترد الفتاوى عليه من أقطار الأرض وترد إليه بعضها على بعض، ولقد كان على أحسن طريقة سلكها الأشراف، وقلّدها أشراف الأخلاف، من دين مكين وعقل رزين، وكان

____________________

(١). تفسير أبي السعود - إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم - هامش تفسير الرازي: ٨ / ٧٢

٦٦

من محاسن الزمان، لم تر العيون مثله في العلم والعرفان، وكان يجتهد في بعض المسائل ويخرج ويرجّح بعض الدلائل، وكان إذا لم يجد واقعة الفتوى وجوابها في الكتب المتداولة المعمولة يكتب الجواب على رأيه الوجيز.

ولدرحمه‌الله في رأس المائة العاشرة، ومكث في منصب الفتوى أكثر من ثلاثين سنة، وصنّف فيها كتاب التفسير المسمى بإرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم في مجلدين ضخمين »(١) .

(٣٥)

سعيد الجلبي

وذكر سعيد الجلبي مفتي الروم تفسير ( المولى ) بـ ( الأولى ) في حاشية البيضاوي حيث قال: « قوله: فغدت كلا الفرجين. البيت. يصف بقرة وحشية نفرت من صوت الصائد. فغدت فزعة لا تدري أقدّامها الصائد أم خلفها. أي: فغدت البقرة كلا جانبيها الأمام والخلف، تحسب أنه أولى وأحرى بأن يكون فيه الخوف، والفرج بمعنى المخافة أي كلا موضعيها الذي يخاف منهما في الجملة. أو بمعنى: ما بين قوائم الدابّة، فما بين اليدين فرج وما بين الرجلين فرج، وهو بمعنى السعة والانفراج. وفسّره بالقدّام والخلف توسّعاً، أو بمعنى الجانب والطريق، فعل بمعنى مفعول لأنه مفروج مكشوف، وضمير أنه لكلا لأنه مفرد اللفظ. وخلفها وأمامها إمّا بدل من كلام، وإمّا خبر مبتدأ محذوف، أي هما خلفها وأمامها. كذا في الكشف.

قوله: حقيقته محراكم، من الحرى، فالمولى مشتق من الأولى بحذف

____________________

(١). كتائب أعلام الأخيار للكفوي. وتوجد ترجمة أبي السعود المتوفى سنة ٩٨٢ في: البدر الطّالع ١ / ٢٦١، شذرات الذهب ٨ / ٣٩٨ وغيرهما.

٦٧

الزوائد »(١) .

(٣٦)

شهاب الدين الخفاجي

وأما تفسير شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي ( المولى ) بـ ( الأولى )، فتجده في حاشيته على تفسير البيضاوي، فقد قال: « قوله:( هي أولى بكم ) أي: أحق من النجاة. وهو بيان لحاصل المعنى. قوله: كقول لبيد. العامري الشاعر المشهور وهو من قصيدته المشهورة التي هي إحدى المعلقات السبع والشاهد في قوله: مولى المخافة، فإنه بمعنى مكان أولى وأحرى بالخوف.

قوله: وحقيقته. أي: حقيقة مولاكم هنا محراكم بالحاء والراء المهملتين، أي المحلّ الذي يقال فيه إنه أحرى وأحق بكم، من قولهم هو حرى بكذا أي خليق وحقيق وجدير به، كلّها بمعنى واحد، وليس المراد إنه اسم مكان من الأولى على حذف الزوائد كما توهم، وسترى معناه عن قريب.

قوله: كقولك هو مئنة الكرم إلخ. يعني: إن مولاكم اسم مكان لا كغيره من أسماء الأمكنة فإنها مكان للحدث بقطع النظر عمّن صدر عنه، وهذا محل للمفضل على غيره الذي هو صفته، فهو ملاحظ فيه معنى أولى لا أنه مشتق منه، كما أن المئنة مأخوذة من أن التحقيقية وليست مشتقة منه، إذ لم يذهب أحد من النحاة إلى الاشتقاق من اسم التفضيل، كما لم يقل أحد بالاشتقاق من الحرف، ومئنة الكرم وصف له على طريق الكناية الرمزية في قولهم: الكرم بين برديه كما في

____________________

(١). لاحظ سورة الحديد من حاشية تفسير البيضاوي للجلبي مفتي الروم. وتوجد ترجمته في: الشقائق النعمانيّة ٢ / ٤٣، الفوائد البهيّة: ٧٨. توفي سنة ٩٤٥.

٦٨

شروح الكشاف »(١) .

ترجمة الخفاجي

وشهاب الدين الخفاجي من شيوخ مشايخ شاه ولي الله الدهلوي والد عبد العزيز ( الدهلوي ) كما لا يخفى على من راجع رسالته في أسانيده المسماة بـ ( الارشاد ).

وقد ترجم للخفاجي محمد أمين المحبي ترجمة حافلة نختصر منها ما يلي:

« الشيخ أحمد بن محمد بن عمر قاضي القضاة الملقّب بشهاب الدين الخفاجي المصري الحنفي، صاحب التصانيف السائرة، وأحد أفراد الدنيا المجمع على تفوّقه وبراعته، وكان في عصره بدر سماء العلم ونير أفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره طلوع الشهب في الفلك، وكلّ من رأيناه أو سمعناه به ممن أدرك وقته معترفون له بالتفرّد في التقرير والتحرير وحسن الإنشاء، وليس فيهم من يلحق شأوه ولا يدعي ذلك، مع أن في الخلق من يدعي ما ليس فيه.

وتآليفه كثيرة ممتعة مقبولة وانتشرت في البلاد، ورزق فيها سعادة عظيمة فإنّ الناس اشتغلوا بها. وأشعاره ومنشآته مسلّمة لا مجال للخدش فيها. والحاصل إنه فاق كلّ من تقدّمه في كلّ فضيلة، وأتعب من يجيء بعده، مع ما خوّله الله تعالى من السعة وكثرة الكتب ولطف الطبع والنكتة النادرة.

وقد ترجم نفسه في آخر ريحانته من حين مبدئه، ثم ذكر أن من تآليفه: حواشي تفسير القاضي وهي التي سمّاها عناية القاضي، وشرح الشفا، وشرح درة الغواص، والريحانة

وأخذ عنه جماعة اشتهروا بالفضل الباهر »(٢) .

____________________

(١). عناية القاضي - حاشية تفسير البيضاوي. سورة الحديد.

(٢). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٣٣١.

٦٩

(٣٧)

سليمان الجمل

وذكر الشيخ سليمان الجمل تفسير ( المولى ) بـ ( الأولى ) في حاشيته على تفسير الجلالين حيث قال: « قوله:( هِيَ مَوْلاكُمْ ) يجوز أنْ يكون مصدراً أي ولايتكم أي ذات ولايتكم، وأن يكون مكاناً أي مكان ولايتكم، وأن يكون بمعنى أولى كقولك: هو مولاه أي أولى به إلخ. سمين.

وفي أبي السعود: هي مولاكم أي أولى بكم، وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم، كما يقال هو مئنة الكرم، أي مكان لقول القائل إنه لكريم أو مكانكم عن قريب، من الولي وهو القرب، أو ناصركم على طريقة قوله: تحية بينهم ضرب وجيع. إلخ.

وفي الشهاب: قوله هو مئنة الكرم يعني: إن مولاكم اسم مكان لا كغيره من أسماء الأمكنة، فإنها مكان للحدث بقطع النظر عمّن صدر عنه. وهذا محل للمفضل على غيره الذي هو صفته، فهو ملاحظ فيه معنى أولى لا أنه مشتقة منه، كما أن المئنة مأخوذة من أن وليست مشتقة منها. الخ.

وقوله: أو ناصركم. فالمعنى لا ناصر لكم إلّا النار، كما أن معنى البيت لا تحية لهم إلا الضرب على التهكّم. والمراد نفي الناصر ونفي التحية. الخ شهاب »(١) .

____________________

(١). حاشية تفسير الجلالين سورة الحديد. وتوجد ترجمته في الأعلام ٣ / ١٣١.

٧٠

(٣٨)

جار الله الاله آبادي

وأمّا ذكر الملّا جار الله الإِله آبادي مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد جاء في حاشيته على تفسير البيضاوي بتفسير الآية من سورة الحديد حيث قال: « قوله: وحقيقته محراكم من الحرى، فالمولى الحري، مشتق من الأولى بحذف الزائد »(١) .

(٣٩)

محبّ الدين الأفندي

وقد فسّر محبّ الدين الأفندي ( المولى ) بـ ( الأولى ) في شرح بيت لبيد الذي استشهد به الزمخشري في الكشاف(٢) .

(٤٠)

محمد الأمير اليماني

وذكر محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني مجيء ( المولى ) بمعنى

____________________

(١). حاشية البيضاوي. سورة الحديد. توجد ترجمته في نزهة الخواطر ٦ / ٥٤.

(٢). تنزيل الآيات في شرح شواهد الكشاف: ١٤٠. وتوجد ترجمته في: ريحانة الألباء: ٩٩. توفي سنة ١٠١٤.

٧١

( الأولى ) نقلاً عن الفقيه حميد ضمن معانيه حيث قال: « ومنها بمعنى الأولى. قال تعالى:( هُوَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم وبعذابكم »(١) .

وسيأتي طرف من ترجمة محمد بن اسماعيل الأمير فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

(٤١)

عبد الرحيم بن عبد الكريم

وفسّر عبد الرحيم بن عبد الكريم ( المولى ) بـ ( الأولى ) في شرح بيت لبيد العامري حيث قال: « وأراد بالمولى الأولى يقول: فغدت البقرة في كلا الفرجين تحسب أنّ كلّ واحد من الفرجين - وهما خلفها وأمامها - أولى بالمخافة »(٢) .

(٤٢)

رشيد النبي

وكذا فسّره رشيد النبي في شرح بيت لبيد المذكور(٣) .

____________________

(١). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية.

(٢). شرح المعلّقات السبع.

(٣). شرح المعلّقات السبع. وتوجد ترجمته في نزهة الخواطر ٧ / ١٧٨.

٧٢

(٤٣)

السيّد الشبلنجي

وذكر السيّد مؤمن بن حسن الشبلنجي ( الأولى ) من معاني ( المولى ) نقلاً عن العلماء(١) .

أقول:

فهل يمكن أن يقال أن ( الدهلوي ) لم يطّلع على هذه الكلمات التي ذكرناها عن كبار الأئمة ومشاهير اللغة والتفسير والحديث والأدب؟

وهل يمكن أن يقال إنه لم يراجع شيئاً من التفاسير ولم يقف على كلمات المفسّرين حتى التفاسير المتداولة كالكشاف ومعالم التنزيل وتفسير الجلالين وأنوار التنزيل؟

أللهم كلّا إنه ليس إلّا التعصب والعناد، إنه يحاول خديعة العوام وتضليلهم بالأكاذيب وإنكار الحقائق الراهنة، ونحن نكشف النقاب عن ذلك كله بكلمات علماء طائفته ومشاهير أئمتهم في كل مورد، والله وليّ التوفيق.

____________________

(١). نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار: ٧٨.

٧٣

اعتراف علماء الكلام

بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى )

بل إن بعض مشاهير متكلّمي أهل السنّة - في الوقت الذي ينكرون تواتر حديث الغدير ودلالته تبعاً للفخر الرازي - يعترفون بشيوع استعمال ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالتصرف ) وهذا دليل آخر على شدة تعصب ( الدهلوي ) الذي ينكر هذه الجهة أيضاً، ولا بأس بإيراد نصوص عباراتهم في هذا المقام:

التفتازاني

قال سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني: « ولفظ ( المولى ) قد يراد به المعتق والحليف والجار وابن العم والناصر والأولى بالتصرف. قال الله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ ) أي أولى بكم. ذكره أبو عبيدة. و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها. أي الأولى بها والمالك لتدبير أمرها. ومثله في الشعر كثير.

وبالجملة استعمال ( المولى ) بمعنى: المتولى والمالك للأمر والأولى بالتصرّف شائع في كلام العرب منقول عن كثير من أئمة اللغة. والمراد إنه اسم لهذا المعنى، لا أنّه صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة أفعل التفضيل وأنه لا

٧٤

يستعمل استعماله »(١) .

القوشجي

وقال علاء الدين علي بن محمد القوشجي: « ولفظ ( المولى ) قد يراد به المعتق والمعتق والحليف والجار وابن العم والناصر والأولى بالتصرف. قال الله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم ذكره أبو عبيدة. و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها أي الأولى بها في التصرف والمالك لتدبير أمرها. ومثله في الشعر كثير »(٢) .

ولا يتوهم: أن هذا الكلام من التفتازاني والقوشجي هو تقرير لدلالة حديث الغدير على الامامة من جانب الامامية ولا يدلّ على قبولهما ذلك.

لأنّ سكوتهما في مقام الجواب عن الاستدلال بحديث الغدير عن الجواب عن هذه الناحية وتعرّضهما لسند حديث الغدير، وجعل ذيل الحديث وهو: « اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » مشعراً بأنّ المراد من ( المولى ) هو الناصر والمحب دليل على قبولهما شيوع استعمال ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالتصرف )، وأن هذا الكلام لهما وليس من جانب الشيعة. وإنْ كنت في ريب مما ذكرناه فراجع نص عبارتيهما.

ويدل على ما ذكرناه بوضوح تصريح المولوي عبد الوهاب القنوجي بذلك حيث أنه بعد أن نقل عن ( المواقف وشرحها ) إنكار مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) ردّ عليه باعتراف القوشجي شارح التجريد بمجيئه بهذا المعنى ولننقل نص عبارته الواردة ضمن ما ذكره في الجواب عن حديث الغدير:

« وعن الثالث - بمنع صحة الحديث ولأن عليّاًرضي‌الله‌عنه لم يكن

____________________

(١). شرح المقاصد ٢ / ٢٩٠.

(٢). شرح التجريد: ٣٦٣.

٧٥

يوم الغدير مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنه كان باليمن. وردّ هذا بأنّ غيبته لا تنافي صحة الحديث، إلّا أن يروى هكذا: أخذ بيده واستحضره وقال كذا وكذا

ولأن مفعلاً بمعنى أفعل لم يذكره أحد، ويقال أولى من كذا دون مولى من كذا، وأولى الرجلين والرجال دون مولى الرجلين أو الرجال. هكذا في المواقف وشرحه.

وفيه بحث أورده شارح التجريد حيث قال: قد يراد بالمولى الأولى بالتصرف قال الله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم. ذكره أبو عبيدة، و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها. أي الأولى بها في التصرف والمالك لتدبير أمرها. ومثله في الشعر كثير، وبالجملة، استعمال المولى بمعنى المتولي والمالك للأمر والأولى بالتصرف شائع في كلام العرب، منقول عن أئمة اللغة، والمراد إنه اسم لهذا المعنى لا صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة اسم التفضيل، وأنه لا يستعمل استعماله.

ولو سلّم أن المراد بالمولى هو الأولى فأين الدليل على أنّ المراد هو الأولى بالتصرف والتدبير، بل يجوز أنْ يراد الأولى في الاختصاص به والقرب منه ».

ترجمة التفتازاني

وإذ علمت باعتراف التفتازاني بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) وشيوع ذلك في كلام العرب فلنذكر خلاصة ترجمته:

قالالسيوطي: « مسعود بن عمر بن عبد الله الشيخ سعد الدين التفتازاني، الامام العلّامة، عالم بالنحو والتصريف والمعاني والبيان والأصلين والمنطق وغيرها، شافعي. قال ابن حجر: ولد سنة ٧١٢، وأخذ عن القطب والعضد، وتقدّم في الفنون، واشتهر بذلك، وطار صيته وانتفع الناس بتصانيفه. وكان في لسانه لكنة

٧٦

وانتهت إليه معرفة العلوم بالمشرق، مات بسمرقند سنة ٧٩١ »(١) .

وقالالكفوي: « وكان من كبار العلماء الشافعية، ومع ذلك له آثار جليلة في أصول الحنفية»(٢) .

ترجمة القوشجي

والقوشجي أيضاً من كبار علماء أهل السنة المحققين، فقد ذكر في ( كشف الظنون ) في شروح التجريد: « ثم شرح المولى المحقق علاء الدين علي بن محمد الشهير بالقوشجي المتوفى سنة ٨٧٩ شرحاً لطيفاً ممزوجاً أوّله: خير الكلام حمد الملك العلاّم إلخ. لخّص فيه فوائد الأقدمين أحسن تلخيص، وأضاف إليها نتائج فكره، مع تحرير سوّده بكرمان وأهداه إلى السلطان أبي سعيد خان. قد اشتهر هذا الشرح بالشرح الجديد. قال في ديباجته بعد مدح الفن والمصنف:

إن كتاب التجريد الذي صنّفه المولى العظم قدوة العلماء الرّاسخين، أسوة الحكماء المتألهين نصير الحق والملة والدين، تصنيف مخزون بالعجائب وتأليف مشحون بالغرائب. فهو وإنْ كان صغير الحجم وجيز النظم، فهو كثير العلم جليل الشأن، حسن الانتظام مقبول الأئمة العظام، لم يظفر بمثله علماء الأمصار، مشتمل على إشارات إلى مطالب هي الأمهات، مملو بجواهر كلّها كالفصوص متضمن لبيانات معجزة في عبارات موجزة، يفجر ينبوع السلاسة من لفظه ولكن معانيه لها السحر، وهو في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار تداولته أيدي النظار.

ثم إنّ كثيراً من الفضلاء وجّهوا نظرهم إلى شرح هذا الكتاب ونشر معانيه وإني بعد أن صرفت في الكشف عن حقائق هذا العلم شطراً من عمري

____________________

(١). بغية الوعاة ٢ / ٢٨٥.

(٢). كتائب الأعلام - مخطوط.

٧٧

ووقفت على الفحص عن دقائقه قدراً من دهري فرأيت أن أشرحه شرحاً يذلّل صعابه ويكشف نقابه وأضيف إليها فوائد »(١) .

* * *

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٣٤٨ وللقوشجي ترجمة في: البدر الطالع ١ / ٤٩٥ وغيره.

٧٨

فهم الشيخين ( الأولى )

من ( المولى )

هذا كلّه، بالإِضافة إلى فهم الشيخين أبي بكر وعمر بالخصوص معنى ( الأولى ) من لفظ ( المولى ) يوم الغدير، فقد ذكر ابن حجر المكي في وجوه الجواب عن الاستدلال بحديث الغدير:

« ثالثها - سلّمنا أنه ( أولى )، لكن لا نسلّم أنّ المراد أنه الأولى بالامامة، بل بالاتباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال، بل هو الواقع إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما في الحديث، فإنهما لمـّا سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني. وأخرج أيضاً أنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إنه مولاي »(١) .

وذكر الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( اللمعات في شرح المشكاة ) هذا الكلام عن ابن حجر المكي وارتضاه.

وقال شهاب الدين أحمد العجيلي: « وقد تولّيت الامام المرتضى لقباً وفعلاً

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٦.

٧٩

وقولاً علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، والمراد بالتولي الولاية، وهو الصديق الناصر، أو الأولى بالاتباع والقرب كقوله تعالى:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) وهذا هو الذي فهمه عمررضي‌الله‌عنه من الحديث، فإنّه لمـّا سمعه قال: ليهنئك يا ابن أبي طالب أمسيت وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة»(١) .

تناقض من ابن حجر

لكنّ العجب من ابن حجر المكي إذْ ناقض نفسه فأنكر مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) مطلقاً، فإنه مع تنصيصه في الوجه الثالث على أن كون ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالاتباع والقرب من النبي ) « هو الواقع إذْ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر » قال في الوجه الثاني من وجوه الرد على تمسك الشيعة بحديث الغدير:

« وثانيها: لا نسلّم أنّ معنى المولى ما ذكروه، بل معناه الناصر، لأنه مشترك بين معان كالمعتق والعتيق والمتصرف في الأمر والناصر والمحبوب، وهو حقيقة في كلّ منها، وتعيين بعض معنى المشترك من غير دليل يقتضيه تحكّم لا يعتد به، وتعميمه في مفاهيمه كلها لا يسوغ، لأنه إنْ كان مشتركاً لفظياً بأن تعدّد وضعه بحسب تعدّد معانيه كان فيه خلاف، والذي عليه جمهور الأصوليين وعلماء البيان واقتضاء الاستعمالات العصماء للمشترك أنه لا يعمّ جميع معانيه، على أنّا لو قلنا بتعميمه على القول الآخر أو بناء على أنه مشترك معنوي بأن وضع وضعاً واحداً للقدر المشترك وهو القرب المعنوي من الولي بالفتح فيصلح لصدقه على كلّ مما مر، فلا يتأتى تعميمه هنا، لامتناع إرادة كل من العتق والعتيق.

فتعيّن إرادة البعض، ونحن وهم متفقون على صحة إرادة الحب بالكسر. وعليرضي‌الله‌عنه سيدنا وحبيبنا.

على أنّ كون المولى بمعنى الامام لم يعهد لغة ولا شرعاً. أمّا الثاني فواضح،

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت

أي الصبر ، يقال ( عزيته ) أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن المصاب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ، ونسبته إلى عدله وحكمته وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته ، وهي مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

وقال : في النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا الثوري فإنه قال : لا يستحب التعزية بعد الدفن.

وقال في التذكرة : قال : الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد.

وقال : المحقق في المعتبر : التعزية مستحبة وأقلها أن يراه صاحب التعزية وباستحبابها قال : أهل العلم مطلقا ، خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر. بعد الدفن أو قبله. وقال : الشيخ بعد الدفن أفضل وهو حق انتهى.

وقال في المنتهى : قال الشيخ في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة وخالف فيه ابن إدريس وهو الحق انتهى ، ولنرجع إلى بيان ما يستفاد من الخبر بعد ما نبهناك على ما ذهب إليه الأصحاب.

فاعلم : أن الظاهر منقوله عليه‌السلام : « ليس التعزية إلا عند القبر » عند انحصار التعزية فيما يقع عند القبر بعد الدفن كما هو الظاهر أو مطلقا كما نقلنا عن المحقق ، ولعله على ما ذكره الشيخ في المبسوط ، لكن فيه أنه لا يدل إلا على عدم استحباب التعزية بعد ذلك لا كراهتها ، مع أن مقتضى الجمع بين الأخبار انحصار السنة المؤكدة في ذلك.

وقوله عليه‌السلام : « ثم ينصرفون » يدل على كراهة المقام عند القبر بعد الدفن

١٢١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن إسحاق بن عمار قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية الواجبة بعد الدفن.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن محمد ، عن

إلا بقدر التعزية.

وقوله عليه‌السلام : « فيسمعون الصوت » يدل على إمكان سماع ما يحدث في القبر ولا استبعاد في ذلك وإن كان نادرا لمخالفته للحكمة غالبا.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « بعد ما يدفن » حمل على أن المراد أن تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه كما قال به الشيخ والفاضلان ، فإن تعريف المبتدأ باللام يدل على الحصر ، فالمراد حصر التعزية الكاملة والسنة الأكيدة منها فيه.

الحديث الثالث : موثق. وهو الخبر الأول مع اختلاف في السند إلى إسحاق.

الحديث الرابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « التعزية الواجبة » حمل على تأكد الاستحباب وهو مؤيد لما ذكرنا من الجمع والحمل.

الحديث الخامس : ضعيف. إن كان القاسم الجوهري أو كان مسئولا وإلا فمجهول.

١٢٢

الحسين بن عثمان قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد اللهعليه‌السلام خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء.

قوله عليه‌السلام : « بلا حذاء ولا رداء » يدل على استحباب كون صاحب التعزية كذلك مطلقا أو في خصوص جنازة الابن وأيد الأولى بأنه وضع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رداءه في جنازة سعد ، ويدل على خصوص وضع الرداء ما سيأتي من الأخبار ، وقد ورد النهي عنه في رواية السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول الله :صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والذي يقول قفوا ، والذي يقول : استغفروا له غفر الله لكم؟

قال في الذكرى : بعد إيراد هذه الرواية ومنه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء ، ويظهر من ابن حمزة تحريمه ، أما صاحب الجنازة فخلعه ليتميز عن غيره ، لخبر ابن أبي عمير وخبر أبي بصير ذكره الجعفي وابن حمزة والفاضلان وذكر ابن الجنيد أيضا التميز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب والأخ ، ولا يجوز على غيرهما وابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز ، فكأنه خص التميز في غير الأب والأخ بهذا النوع من الامتياز ، وأنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما وزعم أنه من خصوصيات الشيخ ، ورده الفاضلان بأحاديث الامتياز ، ولعله إنما أنكر هذا النوع من الامتياز ، والظاهر أن الأخبار لا تتناوله ، ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه ولا على اختصاص الأب والأخ.

وقال : أبو الصلاح يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه خاصة ويرده ما تقدم انتهى.

وقال : العلامة في المختلف قال أبو الصلاح : يستحب للرجل أن يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه دون من عداهم ، فإن قصد بالاستثناء التحريم منعناه عملا بالأصل ، وإن قصد انتفاء الاستحباب منعناه أيضا لأن المقتضي

١٢٣

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن رفاعة النخاس ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال عزى أبو عبد اللهعليه‌السلام رجلا بابن له فقال :

للاستحباب هناك ليس إلا تميزه عن غيره وهو متحقق هنا ، ويؤيده رواية الحسين ابن عثمان انتهى.

أقول : إذا سمعت ما تلونا عليك فاعلم : أن الظاهر من الأخبار استحباب وضع الرداء لصاحب الجنازة أي الجماعة الذين يعدون من أصحاب تلك المصيبة لعموم الأخبار وكراهة ذلك أو حرمته لغيرهم ، وإثبات الحرمة مشكل ، وكذا إثبات مرجوحية سائر أنواع الامتياز ، والقول باستحبابها أيضا لا يخلو من إشكال. وإن كان التعليل الوارد في بعض الأخبار يشهد بذلك كما لا يخفى ، وأما التحفي فظاهر هذا الخبر ، استحبابه إما في مطلق المصيبة أو في مصيبة الابن ، والأولى الاقتصار على الابن وإن كان العموم لا يخلو من قوة والله يعلم.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ينبغي » ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة ، والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف كما ذكرناه ولا يبعد أن يكون المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب ليكون وضعه علة للامتياز ، ومن هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز والله يعلم.

الحديث السابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رجلا بابن له » أي بسبب فقد ابنه.

١٢٤

الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك من ابنك فلما بلغه جزعه بعد عاد إليه فقال له قد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فما لك به أسوة فقال إنه كان مرهقا فقال إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قوله عليه‌السلام : « الله خير لابنك منك » لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين. أحدهما : أنه على تقدير وجود الولد يصل نفع الوالد إليه ، أو أن هذه النشأة خير له من النشأة الأخرى ، والحياة خير له من الممات فأزالعليه‌السلام وهمه : بأن الله تعالى ورحمته خير لابنك منك ومما تتصور من نفع توصله إليه على تقدير الحياة ، والموت مع رحمة الله خير من الحياة.

وثانيهما : توقع النفع منه مع حياته أو الاستئناس به فأزالعليه‌السلام ذلك الوهم أيضا بأن ما عوضك الله من الثواب على فقده خير لك من كل نفع تتوهمه أو تقدره في حياته.

قوله عليه‌السلام : « فعاد إليه » يفهم منه استحباب تكرار التعزية مع بقاء الجزع.

قوله عليه‌السلام . « فما لك به أسوة ».

قال : في القاموس : « الأسوة » ويضم القدوة وما يأتسي به الحزين ، والجمع إسى ويضم وأساه تأسيه فتأسى عزاه فتعزى.

وقال في النهاية : الأسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة. أقول : يحتمل هذا الكلام : وجهين.

الأول : أن يكون المراد بالأسوة القدوة : والمعنى أنك تتأسى به ويلزمك التأسي به في الموت فلأي شيء تجزع مع أنك بعد الموت تجتمع مع ابنك ، والغرض أنه لو كان لأحد بقاء في الدنيا كان ذلك لأشرف الخلائق ، فإذا لم يبق هو في الدنيا فكيف تطمع أنت في البقاء ، ويحتمل أن يكون الغرض أنه ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك ولا تحزن على فقد غيرك كما ورد في

١٢٥

فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص

خبر آخر أنهم قالوا : لصاحب مصيبة غفلت عن المصيبة الكبرى وجزعت للمصيبة الصغرى.

الثاني : أن يكون المراد بالأسوة ما يتأسى به الحزين أي ينبغي أن يحصل لك به وبسبب مصيبته وتذكرها تأسي وتعز عن كل مصيبة لأنه من أعظم المصائب ، وتذكر المصائب العظيمة يهون صغارها لما سيأتي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط ، وقيل المراد أنك من أهل التأسي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أمته فينبغي أن يكون مصيبتك بفقده أعظم وما ذكرنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « إنه كان مرهقا » بالتشديد على صيغة المفعول.

قال في النهاية : الرهق السفه وغشيان المحارم وفيه فلان مرهق : أي متهم بسوء وسفه ، ويروي مرهق أي ذو رهق.

وقال في القاموس : « الرهق » محركة السفه والنوك والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم « والمرهق » كمكرم من أدرك وكمعظم الموصوف بالرهق ومن يظن به السوء.

أقول : المراد « إن حزني » ليس بسبب فقده بل بسبب أنه كان يغشى المحارم وأخاف أن يكون معاقبا معذبا فعزاهعليه‌السلام بذكر وسائل النجاة وأسباب الرجاء.

الحديث الثامن : مجهول. بسعدان ، ويمكن أن يعد حسنا لأنهم ذكروا في سعدان أن له أصلا ويكون كتابه من الأصول مدح له.

قوله عليه‌السلام : « وأن يكون في قميص حتى يعرف فيه » إيماء إلى أن المراد

١٢٦

حتى يعرف.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال رأيت موسىعليه‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن مهران قال كتب أبو جعفر الثانيعليه‌السلام إلى رجل ذكرت مصيبتك بعلي ابنك وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك وكذلك الله عز وجل إنما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله

بالرداء الثوب الأعلى الذي يلبسه أصناف الناس غالبا ليصير نزعه سببا للامتياز ، والكلام في الاستدلال بالتعليل على سائر أفراد الامتياز ما مر.

الحديث التاسع : حسن. كالصحيح بل لا يقصر عن الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قبل الدفن وبعده » أي يجمعهما في كل جنازة أو كان يفعل تارة هكذا وتارة هكذا ، ويدل على جواز التعزية قبل الدفن واستحبابه على التقديرين وعلى حصول التعزية بها قبل الدفن خاصة على الثاني فيدل على ما ذكرنا من التأويل في الأخبار السابقة.

الحديث العاشر : ضعيف. والظاهر أن مهزيار مكان ابن مهران كما سيجيء في آخر الكتاب هذا المضمون وفيه علي بن مهزيار ، لكن سيأتي رواية سهل عن علي بن مهران في باب غسل الأطفال.

قوله عليه‌السلام : « ذكرت » يدل على أنه شكا فيما كتب إليهعليه‌السلام فقد ابنه.

قوله عليه‌السلام : « أزكى » أي أطهر وأحسن ما عند أهله أي أهل هذا المأخوذ.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« وأحسن عزاك مقصورا أو ممدودا » أي صبرك. في القاموس العزي الصبر أو حسنه كالتعزوة ، عزي كرضى عزاء فهو عز وعزاه تعزية.

قوله عليه‌السلام : « وربط على قلبك » أي ألقى الله على قلبك صبرا. قال في

١٢٧

ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة فأعظم الله أجرك وأحسن عزاك وربط على قلبك إنه قدير وعجل الله عليك بالخلف وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى.

(باب)

(ثواب من عزى حزينا ً)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها.

القاموس : ربط جأشه رباطة اشتد قلبه والله على قلبه. ألهمه الصبر وقواه انتهى.

أقول. منه قوله تعالى «وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « وأرجو أن يكون الله قد فعل » بشارة له بأنهعليه‌السلام قد دعا له بالخلف واستجيب دعاؤه.

باب ثواب من عزى حزيناً

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « حلة يحبر بها » قال في القاموس : الحلة بالضم إزار ورداء بردا وغيره ولا يكون حلة الا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

وقال : فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة والحسن وبالفتح السرور كالحبور والحبرة والحبر محركة وأحبره سره والنعمة كالحبرة وقال : تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه.

وقال في النهاية : الحبر بالكسر وقد يفتح الجمال والهيئة الحسنة يقال حبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته.

أقول : قد ظهر أنه يمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن ويزين

__________________

(١) سورة الكهف : ١٤.

١٢٨

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئا.

(باب)

(المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها ويخرج الولد؟

بها ، ومخففا أي يسر بها ، وروي في الذكرى : يحبى بها من الحبوة والعطاء ثم قال وروي تحبر بها أي يسر بها.

الحديث الثاني : ضعيف. وروى العامة مثله عن عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « نعم ويخاط بطنها » المشهور بين الأصحاب أنه يجب الشق حينئذ وإخراج الولد توصلا إلى بقاء الحي ، قالوا : ولا عبرة بكونه مما يعيش عادة كما ذكره المحقق وغيره تمسكا بإطلاق الروايات.

وقال بعض المتأخرين : لو علم موته حال القطع انتهى وجوبه ، وإطلاق الروايات تقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، بل لا يعلم خصوص شق الجانب أيضا ، وقيده الشيخان في المقنعة والنهاية وابن بابويه بالجانب الأيسر ، وأما خياطة المحل بعد القطع فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وأتباعهما كما ورد في هذه الرواية وإن خلا عنه غيرها ، وردها المحقق في المعتبر بالقطع وبأنه لا ضرورة إلى ذلك فإن المصير إلى البلاء : ولا يخفى أن القطع لا

١٢٩

قال فقال نعم ويخاط بطنها :

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن وهب بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك فيتخوف عليه فشق بطنها وأخرج الولد.

وقال في المرأة يموت ولدها في بطنها فيتخوف عليها قال لا بأس أن يدخل

يضر لأن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد وضعف التعليل ظاهر.

الحديث الثاني : ضعيف. والظاهر أنه سقط عن أبيه بعد ابن خالد كما يشهد به ما مر آنفا في الباب السابق.

قوله عليه‌السلام : « ولد يتحرك » ظاهره أن مناط الوجوب الحركة ، ويمكن أن يكون المناط العلم بالحياة ، وعبر بها عنها لأنها لا يعلم غالبا إلا بها لكن العلم بغير ذلك نادر.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقطيع والإخراج مع الخوف على الأم ونقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع واستدل بهذه الرواية.

قال في المعتبر :( وهب هذا ) عامي لا يعمل بما يتفرد به ، والوجه أنه إن مكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بشيء من العلاجات. وإلا توصل إلى إخراجه بالأرفق ويتولى ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن يتولاه غيرهم دفعا عن نفس الحي.

أقول : ضعفه منجبر بعمل الأصحاب على ما هو دأبهم وما ذكره من التفصيل لا يأبى عنه الخبر واعلم أن ظاهرقوله عليه‌السلام لا بأس : الجواز ويمكن أن يكون هذا النوع من التعبير لرفع توهم الحذر عن مباشرة الرجل ذلك على كل حال كما في قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما »(١) وقوله تعالى «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا »(٢) ويحتمل أن يكون المراد عدم البأس مع عدم رفق النساء وإن

__________________

(١) سورة البقرة ، ١٥٨.

(٢) سورة النساء : ١٠١.

١٣٠

الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء.

(باب)

(غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى

أمكنهن الإخراج بغير رفق فلا ينافي الوجوب مع عدمهن أو عدم قدرتهن أصلا والله يعلم.

باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « السقط » إلخ ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تغسيل السقط إذا تمت له أربعة أشهر كما يدل عليه هذا الخبر.

قال في المعتبر لا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة وهو مذهب علمائنا ، ثم استدل عليه بهذا الخبر وخبر سماعة الاتي وقال : لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى وضعف سماعة عن سند الثانية لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما ، وأما الصلاة عليه فلا وهو اتفاق علمائنا ، ثم قال : ولو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه بل يلف في خرقة ويدفن ، ذكر ذلك الشيخان وهو مذهب العلماء.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا عقل الصلاة » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم الصلاة على الطفل فذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمرتضى وابن إدريس إلى أنه يشترط في

١٣١

عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه فقال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا أطاقه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال رأيت ابنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام في حياة أبي جعفرعليه‌السلام يقال له : عبد الله فطيم قد درج

وجوب الصلاة عليه بلوغ الحد الذي يمرن فيه على الصلاة وهو ست سنين.

وقال : المفيد في المقنعة لا يصل على الصبي حتى يعقل الصلاة وقال ابن الجنيد : يجب على المستهل. وقال ابن أبي عقيل : لا تجب الصلاة على الصبي حتى تبلغ.

أقول : في هذا الخبر إجمال واقتصر المفيد (ره) على القول به بذكر لفظه ولم يبين المراد ويحتمل أن يكون الراوي علم أن عقل الصلاة حد التمرين ومراده بالوجوب هنا مطلق الثبوت ، أو وجوب التمرين على الولي فالمعنى أنه متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا.

فقال : إذا كان ابن ست سنين ، ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهماعليهما‌السلام في الصبي متى يصلي فقال : إذا عقل الصلاة قلت : متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال : لست سنين ولو لم يكن مراد السائل ذلك يظهر من أخبار أخر أن هذا هو حد عقل الصلاة كما هو الغالب في الأطفال أيضا وسيأتي حكم تمرين الصلاة والصيام في أبوابها إن شاء الله.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد درج » أي كان ابتداء مشيه قال : في القاموس درج دروجا ودرجانا مشى.

قوله عليه‌السلام : « ذاك شر لك » أي كونك مولى لي شرف لك وفخر فإنكار ذلك شر لك والملعون كأنه غضب من ذلك.

قوله عليه‌السلام : « في جنازة الغلام » وفي التهذيب في جنان الغلام وما هنا هو

١٣٢

فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام

الظاهر ، وهو كناية عن الموت.

قال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم إلا طعن في نيطه ، يقال : طعن في نيطه أي في جنازته ومن ابتدأ في شيء أو دخله فقد طعن فيه ويروي طعن على ما لم يسم فاعله ، « والنيط نياط القلب » وهو علاقته ، وقال : في خبر ، تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رمى في جنازته لأن الجنازة تصير مرميا فيها ، والمراد بالرمي الحمل والوضع انتهى ، ويحتمل أن يكون الطعن بمعناه المعروف والجنازة كناية عن الشخص وبعض المعاصرين قرأ احتار بالحاء المهملة والتاء المثناة من فوق والراء المهملة.

قال في القاموس : الحتار من كل شيء كفافه وما استدار به وحلقة الدبر أو ما بينه وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ، وريق الجفن وشيء في أقصى فم البعير انتهى.

قال : بعض أفاضل المعاصرين أظن الجميع تحريفا من النساخ وأنه طعن في حياته الغلام أي في حياة أبي جعفرعليه‌السلام أي أصابه الطاعون في حياته وعلى تقدير جنان وحتارا أيضا يكون المعنى إصابة الطاعون في ذلك المكان ، وأما كون طعن مبنيا للفاعل وعود ضميره إلى المولى أو مبنيا للمفعول ونائب فاعله المولى ففي غاية البعد لفظا ومعنى وتركيبا فإن استعمال الطعن المتعارف بمثل الرمح ونحوه في معنى الوكز ونحوه غير معروف ، ولو سلم فالمعهود المتعارف أن يقال طعنه في جنانه وحمله على الطعن بالرمح ونحوه لا يليق والمقام والذوق لا يقبلان كون المولى ضربه ضربة في ذلك المكان فمات منها أو طعنة بالرمح كذلك انتهى ولا يخفى غرابته.

١٣٣

فمات فأخرج في سفط إلى البقيع فخرج أبو جعفرعليه‌السلام وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو جعفرعليه‌السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال إنه لم يكن يصلى على الأطفال إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيدفنون

قوله عليه‌السلام : « في سقط » وهو معرب معروف.

قوله عليه‌السلام : « ومطرف خز » قال في القاموس : المطرف كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

وقال الجوهري : المطرف والمطرف واحد المطارف وهي أردية من خز مربعة لها أعلام. أقول : يدل الخبر على استحباب التزين ولبس الثياب الصفر.

قوله عليه‌السلام : « فكبر عليه أربعا » محمول على التقية كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إنه لم يكن يصلي » على البناء للمجهول أي في زمن النبي وأمير المؤمنين ( صلى الله عليهما ).

قوله عليه‌السلام : « فيدفنون من وراء » في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا.

قال في النهاية في حديث الشفاعة : يقول : إبراهيم إني كنت خليلا من وراء وراء هكذا يقال مبينا على الفتح أي من خلف حجاب ، ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : شيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من وراء وراء ، أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال : لولد الولد وراء انتهى.

أقول : الظاهر أنه على التقديرين ، كناية إما عن عدم الإحضار في محضر الجماعة للصلاة ، أو عدم إحضار الناس في إعلامهم للصلاة ، ويحتمل بعيدا أن يكون من وراء وراء بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك ، أو

١٣٤

من وراء ولا يصلي عليهم وإنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال مات ابن لأبي جعفرعليه‌السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل وكفن ومشى معه وصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت

يكون المراد أنه كان يفعل ذلك بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد الأزمنة المتصلة بعصرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون الغرض بيان استمرار هذا الحكم من زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الأعصار بعده ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة ، غاية الظهور كل ذلك خطر بالبال والأول عندي أظهر والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « كراهية أن يقولوا ».

أقول : المشهور بين الأصحاب استحباب الصلاة على من لم يبلغ ست سنين إذا ولد حيا والظاهر من هذا الخبر وكثير من الأخبار وسيأتي بعضها وعدم استحبابها قبل الست ، ويظهر منها إن ما ورد من الأمر بالصلاة قبل ذلك محمول على التقية.

فإن قيل : ظاهر هذا الخبر عدم شرعية الصلاة على غير البالغ مطلقا ولم يقل به أحد.

قلت مقتضى الجمع بين الأخبار الحمل على ما قبل الست بأن يكون اللام للعهد ، أي مثل هذه الأطفال مع أنه يمكن أن يقال إطلاق الطفل على غير البالغ مطلقا غير معلوم في اللغة والعرف القديم كما لا يخفى على من راجع كلام اللغويين واستعمالات القدماء. وبالجملة الأحوط بالنظر إلى الأخبار ترك الصلاة عليهم قبل ذلك والله يعلم.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « خمرة » قال في القاموس : الخمرة حصيرة صغيرة من

١٣٥

معه حتى إني لأمشي معه فقال أما إنه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين كان عليعليه‌السلام يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب الصلاة عليه فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين قال قلت فما تقول في الولدان فقال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال سألته عن السقط إذا

السعف.

أقول : لعلهم طرحوا ليجلس عليها فلم يجلس ، وظاهر هذا الخبر استحباب القيام حتى يدفن ، ولعله محمول على التقية كما أن الصلاة أيضا كانت لها.

قوله عليه‌السلام : « متى تجب عليه الصلاة » يحتمل صلاة الجنازة وصلاة التمرينقوله عليه‌السلام : « الله علم بما كانوا عاملين » أقول سيأتي شرح هذا الكلام وتفصيل القول فيه في باب الأطفال إن شاء الله تعالى.

الحديث الخامس : موثق. إن اعتبرنا توثيق نصر بن الصباح لعلي بن إسماعيل كما حكم الشهيد الثاني بصحة خبره ، وحسن موثق إن لم نعتبره.

قوله عليه‌السلام : « إذا استوى خلقه » استدل بهذا الخبر على ما عليه الفتوى كما ذكرنا ، ولا يخفى أن الحكم فيه وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة إلا أن يدعى التلازم بين الأمرين وإثباته مشكل.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأصحاب أنه يلف في خرقة ويدفن بعد الغسل.

وأوجب الشهيد (ره) ومن تأخر عنه تكفينه بالقطع الثلاث ، وتحنيطه أيضا ، والظاهر من الخبر وجوب التكفين على ما هو المعهود لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق والأحوط التحنيط أيضا لعموم الأخبار.

١٣٦

استوى خلقه يجب عليه الغسل واللحد والكفن فقال كل ذلك يجب عليه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهران ، عن محمد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به فكتب

قوله عليه‌السلام : « واللحد » قال الجوهري : اللحد بالتسكين الشق في جانب القبر ، واللحد بالضم لغة : فيه تقول ألحدت القبر لحدا وألحدت أيضا فهو ملحد ، أقول : يمكن أن يكون هنا اسما مصدرا وظاهره وجوب اللحد للميت ، والمشهور بينهم استحبابه بل لا خلاف بينهم في ذلك.

قال في التذكرة : ويستحب أن يجعل له لحد ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ، وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف عليه بشيء ذهب إليه علماؤنا وبه قال : الشافعي وأكثر أهل العلم.

وقال أبو حنيفة : الشق أفضل لكل حال ، ثم قال : يستحب أن يكون اللحد واسعا بقدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس انتهى.

أقول : يمكن حمل الخبر على الاستحباب المؤكد مع أن الوجوب في عرف الأخبار أعم من المعنى المصطلح والأولى عدم الترك.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يدفن بدمه » الظاهر أن المراد أنه لا يغسل بل يدفن ملطخا بالدم ، وقيل المراد أنه يدفن معه ما فضل من الدم عن المرأة عند الولادة ولا يخفى بعده.

وحمل القوم هذا الخبر على ما إذا لم يتم له أربعة أشهر كما مر وقالوا يلف في خرقة ويدفن ، واستدلوا على حكم هذا النوع من السقط بهذا الخبر مع أنه خال عن ذكر اللف وبعضهم عبروا عن هذا النوع بمن لم يلجه الروح.

وقال : الشهيد الثاني (ره) المراد به من نقص سنه عن أربعة أشهر وقد صرح

١٣٧

عليه‌السلام إلي أن السقط يدفن بدمه في موضعه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن سعيد ، عن علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول إنه لما قبض إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم

في المعتبر أن مدار وجوب الغسل وعدمه على بلوغ أربعة أشهر وعدمه كما نقلنا عنه سابقا وهو الأظهر كما عرفت من الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « في موضعه » لعل المراد أنه لا يلزم نقله إلى المقابر لأن ذلك حكم من ولجته الروح ومات ، بل يدفن في الدار التي وقع فيها السقط لا خصوص موضع السقط والله يعلم.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « آيتان من آيات الله » أي علامتان من علاماته تدلان على وجوب القادر الحكيم وقدرته وعلمه.

قوله عليه‌السلام : « مطيعان » وفي بعض النسخ مطيعان له وهو المراد.

قوله عليه‌السلام : « لا ينكسفان لموت أحد » أي بمحض الموت ، بل إذا كان ذلك بسبب فعل الأمة واستحقوا العذاب والتخويف يمكن أن ينكسفا لذلك ، فلا ينافي ما روي في الأخبار من انكسافهما لشهادة الحسين ( صلوات الله عليه ) ولعنة الله على قاتله فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة ، واستحقوا بذلك التخويف والعذاب بخلاف فوت إبراهيمعليه‌السلام فإنه لم يكن بفعل الأمة.

قوله عليه‌السلام : « يا علي قم فجهز ابني » لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضييق

١٣٨

نزل عن المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف فلما سلم قال يا علي قم فجهز ابني فقام عليعليه‌السلام فغسل إبراهيم وحنطه وكفنه ثم خرج به ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسي أن يصلي على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال يا أيها الناس أتاني جبرئيلعليه‌السلام بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ألا وإنه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ثم قال يا علي انزل فألحد ابني فنزل فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر

وقته ، وتوسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله.

قال في القاموس : جهاز الميت والعروس والمسافر : « بالكسر والفتح » وما يحتاجون إليه وقد جهزه تجهيزا.

قوله عليه‌السلام : « زعمتم » أي قلتم ويطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه.

قال في القاموس : الزعم مثلثة ، القول الحق والباطل والكذب وأكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى.

قوله عليه‌السلام : « من كل صلاة » يدل على وجوب التكبيرات الخمس مع التعليل كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إلا على من صلى » أي لزم تمرينه بالصلاة كما سيأتي تفسيره ويدل على عدم مشروعية الصلاة على من يبلغ الست بتوسط الأخبار الأخرى.

قوله عليه‌السلام : « فألحد ابني » بفتح الحاء أو بكسره من باب الأفعال في القاموس لحد القبر كمنع ، والحدة عمل له لحدا : والميت دفنه.

أقول : يدل على شرعية اللحد وعمومه للأطفال أيضا ، ويدل على عدم كراهة

١٣٩

ولده إذ لم يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ولكني لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرفصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ ـ علي ، عن علي بن شيرة ، عن محمد بن سليمان ، عن حسين الحرشوش ، عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن الناس يكلمونا ويردون علينا قولنا إنه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى إلا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال قولوا لهم أرأيت لو أن هذا الذي أسلم الساعة ثم افترى على إنسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل لهم فلو أن هذا الصبي الذي لم يصل افترى على إنسان هل

نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر ، وقد مر الكلام فيه ولم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الخبر ، ويدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد وعدم حرمته ويدل على مطلوبية حل عقد الكفن وعلى أن الجزع الشديد يحبط الأجر وعلى الإحباط في الجملة.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « على من وجبت عليه الصلاة » أي لزم تمرينه ويلزم عليه بسبب التمرين ، وحاصل الجواب أن مناط وجوب الصلاة كون الميت بحيث تلزمه الصلاة ولا مدخل للفعل في ذلك ، وهذا الخبر يدل على أن ما ورد من الصلاة على الطفل الذي لم يبلغ الست محمول على التقية. وأن الصلاة عليه غير مطلوب فإنه الظاهر من قوله لا يصلي.

ويمكن أن يأول بأن المراد : عدم وجوب الصلاة عليه قبل ذلك ، بأن يكون المخالف الذي عورض في ذلك قائلا بالوجوب ، ويؤيده قوله وإنما يجب أن

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391