تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460
المشاهدات: 131558
تحميل: 3521


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131558 / تحميل: 3521
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 8

مؤلف:
ISBN: 964-319-051-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الوقوف ؛ جمعاً بين الأدلّة.

البحث الثاني : في الكيفيّة.

مسألة ٥٤٥ : يجب في الوقوف بالمشعر شيئان : النيّة ، لأنّه عبادة ، فلا يصحّ بدونها. وللآية(١) والأخبار(٢) .

ويشترط فيها التقرّب إلى الله تعالى ، ونيّة الوجوب ، وأنّ وقوفه لحجّة الإسلام أو غيرها.

الثاني : الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني ، لما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى الصبح حين تبيّن له الصبح(٣) .

قال جابر : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يزل واقفاً حتى أسفر جدّاً(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر فقف إن شئت قريباً من الجبل وإن شئت حيث تبيت(٥) »(٦) .

ولأنّ الكفّارة تجب لو أفاض قبل الفجر على ما يأتي ، وهي مرتّبة على الذنب.

وقال الشافعي : يجوز أن يدفع بعد نصف الليل ولو بجزء قليل(٧) .

____________________

(١) البيّنة : ٥.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن البيهقي ٧ : ٣٤١ ، أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣.

(٣ و ٤ ) صحيح مسلم ٢ : ٨٩١ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٤.

(٥) في الكافي : « حيث شئت ».

(٦) التهذيب ٥ : ١٩١ / ٦٣٥ ، الكافي ٤ : ٤٦٩ / ٤.

(٧) الحاوي الكبير ٤ : ١٧٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٤ ، المجموع ٨ : ١٣٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦٧ - ٣٦٨ ، الاستذكار ١٣ : ٣٧ ، المغني ٣ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٩.

٢٠١

فأوجب الوقوف في النصف الثاني من الليل ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر اُمّ سلمة ، فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة(١) .

ونحن نقول بموجبه ، فإنَّ المعذورين - كالنساء والصبيان والخائف - يجوز لهم الإفاضة قبل طلوع الفجر.

مسألة ٥٤٦ : يستحب أن يقف بعد أن يصلّي الفجر ، ولو وقف قبل الصلاة بعد طلوع الفجر ، أجزأه‌ ؛ لأنّه وقت مضيّق ، فاستحبّ البدأة بالصلاة.

ويستحب الدعاء بالمنقول ، ثم يفيض حين يشرق ثبير(٢) ، وترى الإبل مواضع أخفافها في الحرم ، رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام (٣) .

ويستحب أن يكون متطهّراً.

قال الصادقعليه‌السلام : « أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر فقف إن شئت قريباً من الجبل ، وإن شئت حيث تبيت »(٤) الحديث.

ولو وقف جنباً أو مُحْدثاً ، أجزأه إجماعاً.

ويستحبّ له أن يصلّي الفجر في أوّل وقته ؛ لازدحام الناس طلباً للوقوف والدعاء ، بخلاف الحصر.

مسألة ٥٤٧ : يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام.

قال الشيخرحمه‌الله : المشعر الحرام جبل هناك يسمّى قُزّح(٥) .

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٩٤ / ١٩٤٢.

(٢) ثبير : جبل بمكة. معجم البلدان ٢ : ٧٣.

(٣ و ٤ ) الكافي ٤ : ٤٦٩ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٩١ / ٦٣٥.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٨ ، وفيه : فراخ ، وهي تصحيف.

٢٠٢

ويستحب الصعود عليه وذكر الله تعالى عنده.

قال الله تعالى :( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ) (١) .

وأردف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الفضل بن العباس ووقف على قزح ، وقال : ( هذا قُزح ، وهو الموقف ، وجَمْع كلّها موقف )(٢) .

وروى العامّة عن جعفر بن محمدعليه‌السلام عن أبيهعليه‌السلام عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ركب القَصْواء حتى أتى المشعر الحرام ، فرَقِيَ عليه واستقبل القبلة فحمد الله وهلّله وكبّره ووحّده ، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جدّاً(٣) .

قال الصادقعليه‌السلام : « يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام ، وأن يدخل البيت »(٤) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٥٤٨ : الوقوف بالمشعر الحرام ركن من أركان الحجّ يبطل الحجّ بتركه عمداً ، عند علمائنا ، وهو أعظم من الوقوف بعرفة ، عند علمائنا - وبه‌

____________________

(١) البقرة : ١٩٨.

(٢) كذا ، وفي سنن الترمذي ٣ : ٢٣٢ / ٨٨٥ ورد هكذا : وأردف اُسامة بن زيد - إلى أن قال - وقال : ( هذا قُزَح ) - إلى آخره ، إلى أن قال - : وأردف الفضل ثم أتى الجمرة انتهى ، وكذا في سنن البيهقي ٥ : ١٢٢ إلى قوله ٦ : ( وجَمْع كلّها موقف ). ونحوه في صحيح مسلم ٢ : ٨٩٠ - ٨٩١ / ١٢١٨ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٨٩١ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٤.

(٤) الكافي ٤ : ٤٦٩ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٩١ / ٦٣٦.

٢٠٣

قال علقمة والشعبي والنخعي(١) - لقوله تعالى:( فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ) (٢) .

وما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( مَنْ ترك المبيت بالمزدلفة فلا حجّ له )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام « وإن قدم وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام ، فإنّ الله تعالى أعذر لعبده ، وقد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس ، فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ ، فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحجّ من قابل »(٤) .

وقال باقي العامّة : إنّه نسك وليس بركن(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام بجَمْع : ( مَنْ صلّى معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تمّ حجّه )(٦) .

ولأنّه مبيت في مكان ، فلا يكون ركنا ، كالمبيت بمنى.

والحديث حجّة لنا ؛ لأنّها كانت صلاة الفجر في جَمْع ، وإذا علّق تمام الحجّ على وقوف المشعر ، انتفى عند عدمه ، وهو المطلوب.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٧٧ ، الاستذكار ١٣ : ٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٠ ، المجموع ٨ : ١٥٠ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١٣٨ ، المغني ٣ : ٤٥٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٩.

(٢) البقرة : ١٩٨.

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٨٩ / ٩٨١ ، الاستبصار ٢ : ٣٠١ / ١٠٧٦.

(٥) المغني ٣ : ٤٥٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٧ ، الاستذكار ١٣ : ٣٦ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦٧ ، المجموع ٨ : ١٥٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٠.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٨٣ ، الهامش (٣).

٢٠٤

والقياس باطل ، ومعارض بقياسنا ، فيبقى دليلنا سالماً.

على أنّا لا نوجب المبيت ولا نجعله ركناً كما تقدّم ، بل الوقوف الاختياري.

مسألة ٥٤٩ : يجب الوقوف بالمشعر بعد طلوع الفجر ‌، فلو أفاض قبل طلوعه مختاراً عامداً بعد أن وقف به ليلاً ، جبره بشاة.

وقال أبو حنيفة : يجب الوقوف بعد طلوع الفجر(١) ، كقولنا.

وقال باقي العامّة : يجوز الدفع بعد نصف الليل(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أفاض قبل طلوع الشمس(٣) ، وكانت الجاهلية تفيض بعد طلوعها(٤) ، فدلّ على أنّ ذلك هو الواجب.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : في رجل وقف مع الناس بجَمْع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال : « إن كان جاهلاً فلا شي‌ء عليه ، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة »(٥) .

ولأنّه أحد الموقفين ، فيجب فيه الجمع بين الليل والنهار ، كعرفة.

احتجّوا : بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر اُمّ سلمة ، فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة(٦) .

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ١٣٦ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٤٦ ، تحفة الفقهاء ١ : ٤٠٧.

(٢) المغني ٣ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٤ ، المجموع ٨ : ١٣٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦٧ - ٣٦٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣٦ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٢٥.

(٣و٤) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٦ / ٣٠٢٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٤١ / ٨٩٥ و ٢٤٢ / ٨٩٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٤ - ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٢.

(٥) التهذيب ٥ : ١٩٣ / ٦٤٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٦ / ٩٠٢.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ١٩٤ / ١٩٤٢ ، المغني ٣ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٠.

٢٠٥

ونحن نقول بموجبه ؛ لجوازه للمعذورين.

وإن كان ناسياً ، فلا شي‌ء عليه ، قاله الشيخرحمه‌الله (١) ، وبه قال أبو حنيفة(٢) .

وقال ابن إدريس : لو أفاض قبل الفجر عامداً ، بطل حجّه(٣) .

مسألة ٥٥٠ : يجوز للخائف والنساء وغيرهم من أصحاب الأعذار والضرورات الإفاضة قبل طلوع الفجر من مزدلفة‌ إجماعاً ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقدّم ضَعَفة أهله في النصف الأخير من المزدلفة(٤) .

وقال : قدمنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اُغَيْلمة(٥) بني عبد المطّلب(٦) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « رخّص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للنساء والصبيان أن يفيضوا بليل ، ويرموا الجمار بليل ، وأن يصلّوا الغداة في منازلهم ، فإن خفن الحيض مضين إلى مكة ، ووكّلن مَنْ يضحّي عنهنّ »(٧) .

____________________

(١) النهاية : ٢٥٣ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٨.

(٢) لم نعثر في المصادر المتوفّرة لدينا على قول أبي حنيفة بالنسبة إلى من أفاض قبل طلوع الفجر ناسياً ، ويظهر من سياق العبارة هنا وما في منتهى المطلب ٢ : ٧٢٥ : أنّ الضمير في « وبه قال أبو حنيفة » راجع إلى الجبر بشاة عند عدم وقوفه بعد طلوع الفجر. وانظر : تحفة الفقهاء ١ : ٤٠٧ ، وبدائع الصنائع ٢ : ١٣٦ ، والهداية - للمرغيناني - ١ : ١٤٦ ، والمبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٣ ، وفتح العزيز ٧ : ٣٦٨ ، والحاوي الكبير ٤ : ١٧٧.

(٣) السرائر : ١٣٨ - ١٣٩.

(٤) اُنظر : صحيح البخاري ٢ : ٢٠٢ ، وصحيح مسلم ٢ : ٩٤١ / ١٢٩٣ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢٤٠ / ٨٩٣ ، وسنن البيهقي ٥ : ١٢٣.

(٥) اُغيلمة تصغير أغلمة. والمراد الصبيان.

(٦) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٧ / ٣٠٢٥.

(٧) الاستبصار ٢ : ٢٥٧ / ٩٠٦ ، والتهذيب ٥ : ١٩٤ / ٦٤٦.

٢٠٦

وعن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : « أيّ امرأة ورجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلاً فلا بأس »(١) الحديث.

مسألة ٥٥١ : يستحب لغير الإمام أن يكون طلوعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل ، وللإمام بعد طلوعها ؛ لما رواه العامّة : أنّ المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ، ويقولون : أشرق ثبير كيما نغير ، وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خالفهم فأفاض قبل أن تطلع الشمس(٢) .

ومن طريق الخاصّة : أنّ الكاظمعليه‌السلام سُئل أيّ ساعة أحبّ إليك أن نفيض من جَمْع؟ فقال : « قبل أن تطلع الشمس بقليل هي أحبّ الساعات إليّ » قلت : فإن مكثنا حتى تطلع الشمس؟ قال : « ليس به بأس »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه تستحبّ الإفاضة بعد الإسفار قبل طلوع الشمس بقليل - وبه قال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي(٤) - لما رواه العامّة في حديث جابر : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يزل واقفاً حتى أسفر جدّاً ، فدفع قبل أن تطلع الشمس(٥) .

____________________

(١) الاستبصار ٢ : ٢٥٦ - ٢٥٧ / ٩٠٤ ، والتهذيب ٥ : ١٩٤ / ٦٤٤.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٦ / ٣٠٢٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٤١ - ٢٤٢ / ٨٩٥ و ٨٩٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٤ - ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٢.

(٣) الاستبصار ٢ : ٢٥٧ / ٩٠٨ ، وبتفاوت يسير في بعض الألفاظ في الكافي ٤ : ٤٧٠ / ٥ ، والتهذيب ٥ : ١٩٢ - ١٩٣ / ٦٣٩.

(٤) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٤ ، المجموع ٨ : ١٢٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٩١ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٨ - ٤٩ ، المغني ٣ : ٤٥٢.

٢٠٧

ومن طريق الخاصّة : ما تقدّم(١) في حديث الكاظمعليه‌السلام .

ولو دفع قبل الإسفار بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس ، لم يكن مأثوماً إجماعاً.

مسألة ٥٥٢ : حدّ المزدلفة : ما بين مأزمي(٢) عرفة إلى الحياض إلى وادي محسّر‌ يجوز الوقوف في أيّ موضع شاء منه إجماعاً ؛ لما رواه العامّة عن الصادقعليه‌السلام عن أبيه الباقرعليه‌السلام عن جابر : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( وقفت هاهنا بجَمْع ، وجَمْع كلّها موقف )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول زرارة - في الصحيح - : إنّ الباقرعليه‌السلام قال للحكم بن عُيينة : « ما حدّ المزدلفة؟ » فسكت ، فقال الباقرعليه‌السلام : « حدّها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض وادي محسّر »(٤) .

وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار ، قال : « حدّ المشعر الحرام من المأزمَين إلى الحياض وإلى وادي محسّر »(٥) .

إذا عرفت هذا ، فلو ضاق عليه الموقف ، جاز له أن يرتفع إلى الجبل ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : فإذا كثروا بجَمْع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال : « يرتفعون إلى المأزمين »(٦) .

مسألة ٥٥٣ : للوقوف بالمشعر وقتان : اختياريّ من طلوع الفجر إلى‌

____________________

(١) تقدّم في ص ٢٠٦.

(٢) المأزم : الطريق الضيق ، ويقال للموضع الذي بين عرفة والمشعر : مأزمان.

مجمع البحرين ٦ : ٧ « أزم ».

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٣ - ١٤٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٩٣ - ١٩٣٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٥ ، المغني ٣ : ٤٥٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥١.

(٤) التهذيب ٥ : ١٩٠ - ١٩١ / ٦٣٤ ، وفيه الحكم بن عتيبة.

(٥) التهذيب ٥ : ١٩٠ / ٦٣٣.

(٦) التهذيب ٥ : ١٨٠ / ٦٠٤.

٢٠٨

طلوع الشمس يوم النحر ، واضطراريّ بعد طلوع الشمس إلى زوالها ، فإذا أدرك الحاج الاختياريّ من وقت عرفة - وهو من زوال الشمس إلى غروبها من يوم عرفة - واضطراريّ المشعر ، أو أدرك اضطراريّ عرفة واختياريّ المشعر ، صحّ حجّه إجماعاً.

وكذا لو أدرك اختياريّ أحدهما وفاته الآخر اضطراريّاً واختياريّاً على إشكال لو كان الفائت هو المشعر.

أمّا لو أدرك الاضطراريّين معاً ولم يدرك اختياريّ أحدهما ، فقد قيل : يبطل حجّه(١) . وقيل : يصحّ(٢) .

ولو ورد الحاجّ ليلاً وعلم أنّه إذا مضى إلى عرفات وقف بها قليلاً ثم عاد إلى المشعر قبل طلوع الشمس ، وجب عليه المضيّ إلى عرفات ، والوقوف بها ، ثم يجي‌ء إلى المشعر.

ولو غلب على ظنّه أنّه إن مضى إلى عرفات ، لم يلحق المشعر قبل طلوع الشمس ، اقتصر على الوقوف بالمشعر ، وقد تمّ حجّه ، وليس عليه شي‌ء.

ولو وقف بعرفات ليلا ثم أفاض إلى المشعر فأدركه ليلاً أيضاً ولم يتّفق له الوقوف إلى طلوع الفجر بل أفاض منه قبل طلوعه ، ففي إلحاقه بإدراك الاضطراريّين نظر ، فإن قلنا به ، جاء فيه الخلاف.

وأمّا العامّة فقالوا : إذا فاته الوقوف بعرفات ، فقد فاته الحجّ مطلقاً ، سواء وقف بالمشعر أو لا(٣) .

____________________

(١و٢) اُنظر : شرائع الإسلام ١ : ٢٥٤.

(٣) الشرح الكبير ٣ : ٤٤٣ ، المجموع ٨ : ١٠٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٢٧.

٢٠٩

ويدلّ على إدراك الحجّ بإدراك الاضطراريّين : ما رواه الحسن العطّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا أدرك الحاجّ عرفات قبل طلوع الفجر فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجَمْع ووجدهم قد أفاضوا فليقف قليلاً بالمشعر وليلحق الناس بمنى ولا شي‌ء عليه »(١) .

مسألة ٥٥٤ : يستحب أخذ حصى الجمار من المزدلفة ، وهو سبعون حصاة ، عند علمائنا - وهو قول ابن عمر وسعيد بن جبير والشافعي(٢) - لأنّ الرمي تحيّة لموضعه ، فينبغي له أن يلتقطه من المشعر ، لئلّا يشتغل عند قدومه بغيره ، كما أنّ الطواف تحيّة المسجد ، فلا يبدأ بشي‌ء قبله.

وما رواه العامّة عن ابن عمر أنّه كان يأخذ الحصى من جَمْع ، وفَعَله سعيد بن جبير ، وقال : كانوا يتزوّدون الحصى من جَمْع(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - قال : « خُذْ حصى الجمار من جَمْع ، وإن أخذته من رحلك بمنى أجزأك »(٤) .

ويجوز أخذ حصى الجمار من الطريق في الحرم ومن بقيّة مواضع الحرم عدا المسجد الحرام ومسجد الخيف ، ومن حصى الجمار إجماعاً ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غداة العقبة وهو على ناقته : ( القط لي حصى الجمار ) فلقطت له سبع حصيات هي حصى الخذف ، فجعل يقبضهنّ(٥) في كفّه ويقول : ( أمثال هؤلاء فارموا ) ثم قال :

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٩٢ / ٩٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٥ / ١٠٨٨.

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦٩ ، المجموع ٨ : ١٣٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٨.

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ١٢٨.

(٤) الكافي ٤ : ٤٧٧ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٩٥ - ١٩٦ / ٦٥٠.

(٥) كذا في « ق ، ك ‍» والطبعة الحجرية والمغني والشرح الكبير ، وفي سنن ابن ماجة : ينفضهنّ ، وفي سنن البيهقي : فوضعتهنّ في يده.

٢١٠

( أيّها الناس إيّاكم والغلوّ في الدين ، فإنّما أهلك مَنْ كان قبلكم الغلوُّ في الدين )(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلّا من المسجد الحرام ومسجد الخيف »(٢) .

إذا عرفت هذا ، فلا يجوز أخذ الحصى من حصى الجمار ولا من غير الحرم ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الحسن - : « حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك ، وإن أخذته من غير الحرم لم يجزئك » قال : وقال : « ولا ترم الجمار إلّا بالحصى »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ولا يأخذ من حصى الجمار »(٤) .

وقال بعض علمائنا : لا يؤخذ الحصى من جميع المساجد(٥) .

ولا بأس به ؛ لما ورد من تحريم إخراج الحصى من المساجد(٦) .

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٤ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٨ / ٣٠٢٩ ، وسنن البيهقي ٧ : ١٢٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤٧٨ / ٨ ، التهذيب ٥ : ١٩٦ / ٦٥٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٧٧ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٩٦ / ٦٥٤.

(٤) الكافي ٤ : ٤٨٣ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٦٦ / ٩٠٦.

(٥) المحقّق في شرائع الإسلام ١ : ٢٥٧.

(٦) اُنظر : الكافي ٤ : ٢٢٩ / ٤ ، والفقيه ١ : ١٥٤ / ٧١٨ ، و ٢ : ١٦٥ / ٧١٣ ، وعلل الشرائع : ٣٢٠ ، الباب ٩ ، الحديث ١ ، والتهذيب ٣ : ٢٥٦ / ٧١١ ، و ٥ : ٤٤٩ / ١٥٦٨.

٢١١

الفصل الرابع

في نزول منى وقضاء مناسكها‌

وفيه أبواب :

الأوّل : في الرمي ومقدّمته.

وفيه مباحث :

الأوّل : في الإفاضة إلى منى.

مسألة ٥٥٥ : يستحب له الدفع من مزدلفة إلى منى إذا أسفر الصبح‌ قبل طلوع الشمس تأسّيا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

ويستحب أن يفيض بالسكينة والوقار ذاكراً لله تعالى مستغفراً داعياً ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : ثم أردف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضل بن عباس وقال : ( أيّها الناس إنّ البرّ ليس بإيجاف الخيل والإبل ، فعليكم بالسكينة ) فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فأفاض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خلاف ذلك بالسكينة والوقار والدعة ، فأفض بذكر الله والاستغفار ، وحرّك‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٩١ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩.

(٢) المغني ٣ : ٤٥٣ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٩٠ / ١٩٢٠ ، وسنن البيهقي ٥ : ١٢٦.

٢١٢

به لسانك »(١) .

مسألة ٥٥٦ : فإذا بلغ وادي محسّر - وهو وادٍ عظيم بين جَمْع ومنى ، وهو إلى منى أقرب - أسرع في مشيه‌ إن كان ماشياً ، وإن كان راكباً حرّك دابّته ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لما رواه العامّة عن الصادقعليه‌السلام : في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا أتى وادي محسّر حرّك قليلاً ، وسلك الطريق الوسطى(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فإذا مررت بوادي محسّر - وهو واد عظيم بين جمع ومنى ، وهو إلى منى أقرب - فاسع فيه حتى تجاوزه ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حرّك ناقته »(٣) .

ولا نعلم خلافاً في استحباب الإسراع فيه.

ولو ترك الهرولة فيه ، استحبّ له أن يرجع ويهرول ؛ لأنّها كيفية مستحبّة ، ولا يمكن فعلها إلّا بإعادة الفعل ، فاستحبّ له تداركها ، كناسي الأذان.

وقول ابن بابويه : ترك رجل السعي في وادي محسّر ، فأمره الصادقعليه‌السلام بعد الانصراف إلى مكة فرجع فسعى(٤) .

وقد قيل : إنّ النصارى كانت تقف ثَمَّ ، فرأوا مخالفتهم(٥) .

ويستحبّ له الدعاء حالة السعي في وادي محسّر ؛ لقول الصادقعليه‌السلام

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٩٢ / ٦٣٧.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٩١ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٦٧ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩.

(٣) الكافي ٤ : ٤٧٠ - ٤٧١ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٨٢ / ١٣٨٤ ، التهذيب ٥ : ١٩٢ / ٦٣٧.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٨٢ / ١٣٨٧ ، وفيه : أن يرجع ويسعى.

(٥) كما في فتح العزيز ٧ : ٣٧٠.

٢١٣

- في الصحيح - : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اللّهم سلّم عهدي ، واقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني بخير فيمن تركت بعدي »(١) .

وفي رواية عن الكاظمعليه‌السلام : « الحركة في وادي محسّر مائة خطوة »(٢) .

وفي حديث آخر « مائة ذراع »(٣) .

وأمّا الجمهور : فاستحبّوا الإسراع قدر رمية حجر(٤) .

وإذا أفاض من المشعر قبل طلوع الشمس ، فلا يجوز وادي محسّر حتى تطلع الشمس مستحبّاً.

وروي عن الباقرعليه‌السلام أنّه يكره(٥) أن يقيم عند المشعر بعد الإفاضة(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجب يوم النحر بمنى ثلاثة مناسك : رمي جمرة العقبة ، والذبح ، والحلق أو التقصير ، ويجب عليه بعد عوده من مكّة إلى منى يوم النحر أو ثانيه رمي الجمار الثلاث والمبيت بمنى.

البحث الثاني : في رمي جمرة العقبة.

مسألة ٥٥٧ : إذا ورد منى يوم النحر ، وجب عليه فيه رمي جمرة العقبة ، وهي آخر الجمار ممّا يلي منى ، وأوّلها ممّا يلي مكّة ، وهي عند‌

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٨٢ / ١٣٨٤.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٨٢ / ١٣٨٥.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٨٢ / ١٣٨٦.

(٤) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٤ ، المجموع ٨ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٠.

(٥) في المصدر : كره.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٨٢ / ١٣٨٣.

٢١٤

العقبة ، ولذلك سُمّيت جمرة العقبة [ وهي ](١) في حضيض الجبل مترقّية عن الجادّة.

ولا نعلم خلافاً في وجوب رمي جمرة العقبة ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رماها(٢) ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « خُذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة ، فارمها من قِبَل وجهها ، ولا ترمها من أعلاها »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب له إذا دخل منى بعد طلوع الشمس رمي جمرة العقبة حالة وصوله.

مسألة ٥٥٨ : لا يجوز الرمي في هذا اليوم ولا باقي الأيّام إلّا بالحجارة ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(٥) - لما رواه العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رمى بالأحجار ، وقال : ( بمثل هذا فارموا )(٦) .

وقالعليه‌السلام : ( عليكم بحصى الخذف )(٧) .

____________________

(١) أضفناها لأجل السياق.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٦٧ - ٢٦٨ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٤) الكافي ٤ : ٤٧٨ - ٤٧٩ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٩٨ / ٦٦١.

(٥) المغني ٣ : ٤٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٩ ، الاُم ٢ : ٢١٣ ، مختصر المزني : ٦٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٩ ، الوجيز ١ : ١٢٢ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٨ : ١٧٠ و ١٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٠ ، شرح السنّة - للبغوي - ٤ : ٣٣٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٥٨.

(٦) سنن البيهقي ٥ : ١٢٨.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٩٣١ - ٩٣٢ / ١٢٨٢ ، سنن النسائي ٥ : ٢٦٧ و ٢٦٩ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٧.

٢١٥

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « خُذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قِبَل وجهها »(١) والأمر للوجوب.

وقال أبو حنيفة : يجوز بكلّ ما كان من جنس الأرض ، كالكحل والزرنيخ والمدر ، فأمّا ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز(٢) .

وقال داود : يجوز الرمي بكلّ شي‌ء حتى حُكي عنه أنّه قال : لو رمى بعصفور ميّت ، أجزأه ؛ لقولهعليه‌السلام : ( إذا رميتم وحلقتم فقد حلّ لكم كلّ شي‌ء )(٣) (٤) ولم يفصّل.

وعن سكينة بنت الحسين أنّها رمت الجمرة ورجل يُناولها الحصى تُكبّر مع كلّ حصاة ، فسقطت حصاة فرمت بخاتمها(٥) .

ولأنّه رمى بما هو من جنس الأرض فأجزأه ، كالحجارة.

والجواب : لم يذكر في الحديث كيفية المرميّ به ، وبيَّنه بفعله ، فيصرف ما ذكره إلى المعهود من فعله ، كغيره من العبادات.

وفعل سكينةعليها‌السلام نقول به ؛ لجواز أن يكون فصّ الخاتم حجراً.

وينتقض قياس أبي حنيفة بالدراهم.

مسألة ٥٥٩ : واختلف قول الشيخرحمه‌الله .

____________________

(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٢١٤ ، الهامش (٤).

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٥٧ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٤٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٨ ، المغني ٣ : ٤٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٠ ، المجموع ٨ : ١٨٦.

(٣) مسند أحمد ٦ : ١٤٣.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٧٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٠.

(٥) المغني ٣ : ٤٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٩.

٢١٦

فقال في أكثر كتبه : لا يجوز الرمي إلّا بالحصى(١) . واختاره ابن إدريس(٢) وأكثر علمائنا(٣) .

وقال في الخلاف : لا يجوز الرمي إلّا بالحجر وما كان من جنسه من البرام والجوهر وأنواع الحجارة ، ولا يجوز بغيره ، كالمدر والآجر والكحل والزرنيخ والملح وغير ذلك من الذهب والفضة ، وبه قال الشافعي(٤) .

والوجه : الأوّل ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لـمّا لقط له الفضل بن العباس حصى الخذف قال : ( بمثلها فارموا )(٥) .

ومن طريق الخاصّة : رواية زرارة - الحسنة - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا ترم الجمار إلّا بالحصى »(٦) .

ولحصول يقين البراءة بالرمي بالحصى دون غيره ، فيكون أولى.

مسألة ٥٦٠ : ويجب أن يكون الحصى أبكاراً‌ ، فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره ، لم يجزئه عند علمائنا - وبه قال أحمد(٧) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا أخذ الحجارة قال : ( بأمثال هؤلاء فارموا )(٨) وإنّما تتحقّق المماثلة بما‌

____________________

(١) النهاية : ٢٥٣ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٩ ، الجمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢٣٤.

(٢) السرائر : ١٣٩.

(٣) منهم : القاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢٥٤ ، وابن زهرة في الغنية ( ضمن الجوامع الفقهية ) : ٥١٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٨٨ ، والكيدري في إصباح الشيعة : ١٦٠.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٤٢ ، المسألة ١٦٣.

(٥) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٨ / ٣٠٢٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٦٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٧ بتفاوت يسير.

(٦) الكافي ٤ : ٤٧٧ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٩٦ / ٦٥٤.

(٧) المغني ٣ : ٤٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٩.

(٨) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٨ / ٣٠٢٩.

٢١٧

ذكرناه.

ولأنّهعليه‌السلام أخذ الحصى من غير المرمى ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ولا يأخذ من حصى الجمار »(٢) .

وقال الشافعي : إنّه مكروه ويجزئه(٣) .

وقال المزني : إن رمى بما رمى به هو ، لم يجزئه ، وإن رمى بما رمى به غيره ، أجزأه ، لأنّه رمى بما يقع عليه اسم الحجارة فأجزأه ؛ كما لو لم يرم به قبل ذلك(٤) .

والجواب : ليس المطلق كافياً ، وإلّا لما احتاج الناس إلى نقل الحصى إلى الجمار ، وقد أجمعنا على خلافه.

ولا فرق في عدم الإجزاء بين جميع العدد وبعضه ، فلو رمى بواحدة قد رُمي بها وأكمل العدد بالأبكار ، لم يجزئه.

ولو رمى بخاتم فصّه حجر ، فالأقرب الإجزاء ، خلافاً لبعض العامّة ، فإنّه منع منه ؛ لأنّ الحجر هنا تبع(٥) .

مسألة ٥٦١ : يجب أن يكون الحصى من الحرم‌ ، فلا يجزئه لو أخذه من غيره ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إن أخذته من الحرم أجزأك ، وإن أخذته‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥ ، المغني ٣ : ٤٥٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٦٦ / ٩٠٦.

(٣) الاُم ٢ : ٢١٣ ، مختصر المزني : ٦٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٩ - ١٨٠ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦٩ ، المجموع ٨ : ١٧٢ و ١٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤١ ، المغني ٣ : ٤٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٩.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤١ ، المجموع ٨ : ١٧٢ و ١٨٥.

(٥) المغني ٣ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٠.

٢١٨

من غير الحرم لم يجزئك »(١) وهذا نصُّ في الباب.

ويكره أن تكون صمّاً(٢) بل تكون رخوةً ، ويستحب أن تكون برشاً(٣) منقّطة كحليّة بقدر الأنملة ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام كره الصمّ منها ، وقال : « خُذ البرش »(٤) .

وقال الرضاعليه‌السلام : « حصى الجمار تكون مثل الأنملة ، ولا تأخذها سوداً ولا بيضاً ولا حمراً ، خُذها كحليّة منقّطة تخذفهنّ خذفاً وتضعها [ على الإبهام ](٥) وتدفعها بظفر السبّابة » قال : « وارمها من بطن الوادي ، واجعلهنّ على يمينك كلّهنّ ، ولا ترم على(٦) الجمرة ، وتقف عند الجمرتين الأوّلتين ، ولا تقف عند جمرة العقبة »(٧) .

ويكره أن تكون نجسةً ، وتجزئه ؛ للامتثال.

مسألة ٥٦٢ : يستحب أن تكون الحصى ملتقطةً ، ويكره أن تكون مكسّرةً - وبه قال الشافعي وأحمد(٨) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر الفضل ، فلقط له حصى الخذف ، وقال : ( بمثلها فارموا )(٩) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٧٧ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٩٦ / ٦٥٤.

(٢) أي صلباً ، اُنظر لسان العرب ١٢ : ٣٤٣ « صمم ».

(٣) البَرشَ والبُرْشَةُ : لون مختلف ، نقطة حمراء واُخرى سوداء أو غبراء أو نحو ذلك.

لسان العرب ٦ : ٢٦٤ « برش ».

(٤) الكافي ٤ : ٤٧٧ / ٦ ، التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٥.

(٥) أضفناها من المصدر.

(٦) في التهذيب : أعلى.

(٧) الكافي ٤ : ٤٧٨ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٦.

(٨) الحاوي الكبير ٤ : ١٧٨ ، المجموع ٨ : ١٣٩ و ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٥٤.

(٩) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٨ / ٣٠٢٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٦٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٧ بتفاوت يسير.

٢١٩

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « التقط الحصى ، ولا تكسر منها شيئاً »(١) .

ويستحب أن تكون صغاراً قدر كلّ واحدة منها مثل الأنملة ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بحصى الخذف(٢) ، والخذف إنّما يكون بأحجار صغار.

ومن طريق الخاصّة : قول الرضاعليه‌السلام : « حصى الجمار تكون مثل الأنملة »(٣) .

وقال الشافعي : أصغر من الأنملة طولاً وعرضاً. ومنهم مَنْ قال : كقدر النواة. ومنهم من قال : مثل الباقلاء(٤) . وهذه المقادير متقاربة.

ولو رمى بأكبر ، أجزأه ؛ للامتثال.

وفي إحدى الروايتين عن أحمد أنّه لا يجزئه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بهذا القدر(٥) (٦) .

البحث الثالث : في رمي الجمار وكيفيّته.

مسألة ٥٦٣ : يجب في الرمي النيّة ، لأنّه عبادة وعمل.

ويجب أن يقصد وجوب الرمي إمّا لجمرة العقبة أو لغيرها ، لوجوبه قربة إلى الله تعالى ، إمّا لحجّ الإسلام أو لغيره.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٧.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٩٣١ - ٩٣٢ / ١٢٨٢ ، سنن النسائي ٥ : ٢٦٧ و ٢٦٩ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٧.

(٣) الكافي ٤ : ٤٧٨ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٦.

(٤) الاُم ٢ : ٢١٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٨ : ١٧١.

(٥) المصادر في الهامش (٢).

(٦) المغني ٣ : ٤٥٤ - ٤٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٥.

٢٢٠