نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 358475 / تحميل: 7599
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

السند :‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب بعد ما قدمناه(١) . وأبو أيوب هو إبراهيم ابن زياد ، أو ابن عثمان ، أو ابن عيسى الثقة.

والثاني : فيه عثمان بن عيسى وأبو بصير ( وقد مضى(٢) فيهما ما يغني عن الإعادة )(٣) .

والثالث : حسن ، وما قيل من أنّ عبد الله بن المغيرة كان واقفاً(٤) يعرف دفعه مما سبق(٥) .

والرابع : فيه الحسين بن عبد الملك ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف عليه في الرجال ، وأبوه الظاهر أنّه ابن عمرو الأحول ، لوجوده في الرجال بالوصف(٦) ، وحاله لا يزيد على الإهمال.

والخامس : فيه أنّه مرفوع.

والسادس : صحيح.

والسابع : فيه محمّد بن سهل ، وهو مهمل في الرجال(٧) .

__________________

(١) في طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد ، راجع ج ١ ص ٦٩ ، ٤١٤ ، ج ٣ ص ٢٤.

(٢) راجع ج ١ ص ٧٢ ، ٣٦٣ ، ج ٢ ص ٩٠ ، ٢١٠ ، ٣٨٩ ، ج ٣ ص ١٥٠ ، ٢٣٠ ، ج ٤ ص ١٦ ، ٣٩٢ ، ج ٥ ص ١٦٨ ، ج ٦ ص ٣٩ ، ٤٦.

(٣) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».

(٤) رجال الكشي ٢ : ٨٥٧ / ١١١٠.

(٥) راجع ج ١ ص ١٣٣ ١٣٤.

(٦) انظر رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٠.

(٧) انظر رجال النجاشي : ٣٦٧ / ٩٩٦ ، الفهرست : ١٤٧ / ٦٢٠.

٢١

المتن :

في الأوّل : ربما يستفاد منه وجوب قراءة السورتين في الجمعة ، لأنّ السؤال تضمن أنّ الصلاة هل فيها شي‌ء موقت؟ فإمّا أن يراد بالتوقيت الاستحباب أو الوجوب ، فإن أُريد الأوّل يشكل بأنّ نفي توقيت الاستحباب إلاّ في الجمعة يقتضي ردّ ما دلّ على توظيف بعض السور في الصلوات ، ومع وجوده لا بدّ من حمل هذا الخبر على إرادة الثاني.

فإن قلت : ما دلّ على توقيت غير الجمعة ليس بسليم الإسناد ، فلا يعارض هذا الخبر بتقدير الاحتمال.

قلت : قد نقل الصدوق في الفقيه ما يقتضي التوقيت في غير الجمعة(١) ، وهو مؤيّد لغيره مما ورد في غيره ، على أنّ الكلام مع الشيخ والأخبار عنده غير مردودة ، فكان ينبغي أن يتعرض لما ذكرناه.

وقد اتفق في التهذيب أنّه روى عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : القراءة في الصلاة فيها شي‌ء موقت؟ قال : « لا ، إلاّ الجمعة تقرأ الجمعة والمنافقين » قلت له : فأيّ السور تقرأ في الصلاة؟ قال : « أمّا الظهر والعشاء يقرأ فيهما سواء ، والعصر والمغرب سواء ، وأمّا الغداة فأطول ، وأمّا الظهر والعشاء الآخرة فسبّح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ونحوها ، وأمّا العصر والمغرب فإذا جاء نصر الله وألهاكم التكاثر ونحوها ، وأمّا الغداة فعمّ يتساءلون وهل أتاك حديث الغاشية ولا أُقسم بيوم‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠١.

٢٢

القيامة وهل أتى على الإنسان حين من الدهر »(١) .

وروى في الزيادات من التهذيب الخبر المذكور هنا(٢) .

والظاهر أنّ الروايتين متحدتان ، لكن السند فيه الاختلاف ، والزيادة التي في الأوّل لا يخفى أنّها تؤيد ما قلناه من احتمال إرادة الوجوب من التوقيت ، لأنّ ذكر الصلوات والسور نوع من التوقيت ، فلو أُريد في الأوّل الاستحباب لم يتم النافي(٣) إلاّ أن يقال : إنّ المنفي أوّلاً التوقيت على الاستحباب ، لكن(٤) على وجهٍ لا يساويه غيره ، والتوقيت الثاني لمجرد الاستحباب ، أو أن الأول فيه تعين الاستحباب والثاني فيه عدم التعين ، ويراد بالتعين تعين السورتين ، وبالعدم عدم تعين سورة كما يقتضيه ظاهر الخبر من قوله : « ونحوها ».

ولا يذهب عليك أنّ التوجيه المذكور كأنّه لا بُدّ منه ؛ إذ لم ينقل القول بالوجوب في صلاة الجمعة ، بل الموجود في المختلف النقل عن الصدوق في ظهر يوم الجمعة ، وكذلك عن أبي الصلاح ، بل ظاهر العلاّمة في الاستدلال الإجماع على الأولوية في الجمعة(٥) . وقد يظن أنّ مراد الصدوق بظهر الجمعة ما يتناول الجمعة ؛ لأنّ الجمعة ظهر في الحقيقة ، والأخبار في بعضها ما يدل على ذلك ، وسيأتي في باب الجهر في القراءة عن قريب(٦) ، لكن لا يخفى أنّ الخبر بتقدير دلالته على الوجوب لا يتناول‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٥ / ٣٥٤ ، الوسائل ٦ : ١١٧ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٨ ح ٢. بتفاوت يسير.

(٢) التهذيب ٣ : ٦ / ١٥ ، الوسائل ٦ : ١١٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٩ ج ١.

(٣) في « فض » : الثاني ، وفي « رض » : التنافي.

(٤) في « م » زيادة : لا.

(٥) المختلف ٢ : ١٧٦.

(٦) في ص : ٣١.

٢٣

الظهر ، إلاّ بتقدير إطلاق كل منهما على الأُخرى.

وأمّا الثاني : فظاهر الأمر فيه وجوب قراءة الجمعة والمنافقين في الجمعة ، إلاّ أنّ الأمر في غير الجمعة للاستحباب ، فربما كان قرينةً على المساواة فيه ، إلاّ أن يقال بعدم استلزام خروج البعض خروج الجميع ، وفيه : أنّ استعمال الأمر في الاستحباب أولى من استعماله في الحقيقة والمجاز ، لكن الخبر مع ضعف سنده لا يصلح لمشقة التعب فيه ، غير أنّ الشيخرحمه‌الله لا يخلو ذكره له في الأخبار الأوّلة من غرابة.

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من ليلة الجمعة يتناول المغرب والعشاء.

والثالث : كما ترى متنه لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ الضمير في قوله : « فمن تركها » يحتمل العود إلى كل واحدة من السورتين ، ويحتمل العود إلى المنافقين ، وربما يؤيد الثاني أنّي لم أقف على ما يقتضي جواز ترك المنافقين كما ننبّه عليه من احتمال عدم القائل بالفرق.

ثم إنّ الترك لكل من السورتين أو المنافقين محتمل للجمعة والظهر ، وقد يدّعى ظهور الجمعة ، وفيه ما فيه.

فإن قلت : يجوز أن يراد أنّ الله أكرم بصلاة الجمعة المؤمنين ، والضمير في : « فسنّها » للسورة من قبيل الاستخدام كما قاله بعض في عبارة بعض متأخري الأصحاب ، حيث قال : وتصلّى الجمعة بها والمنافقين(١) .

قلت : الظاهر من الرواية خلاف هذا.

وفي التهذيب حمل قوله : « لا صلاة له » أوّلاً : على أنّ الترك بغير‌

__________________

(١) الروضة ١ : ٢٦٤.

٢٤

اعتقاد أنّ في قراءتهما فضلاً. وثانياً : كما ذكره هنا(١) . وظاهر الأوّل الحمل على البطلان حقيقةً باعتقاد عدم الفضل ، بل صرّح بعد ذكر خبر الأحول بالبطلان ( إذا اعتقد أنّه ليس في قراءتهما فضل(٢) ، وبين كلامه أوّلاً وآخراً نوع منافرة ، لأنّ الأوّل اقتضى البطلان )(٣) بسبب اعتقاد نفي الفضل الكثير ، والثاني البطلان بمجرد نفي الفضل. وقد يناقش في البطلان على التقديرين ، إلاّ أن يقال : إنّ نفي الفضل يقتضي الخروج عن الدين ، وفيه ما فيه. ولعلّ عدم التعرض هنا للوجه أولى ممّا في التهذيب.

(وأمّا الرابع : فهو ظاهر في الجمعة ، وما ذكره الشيخ في الأخبار من الحمل على شدة الاستحباب لا يخلو من وجه بعد ملاحظة ما قدّمناه وما سنذكره )(٤) .

وأمّا ما استدل به من الخامس فقد يقال عليه : إنّ الظاهر من الرواية استحباب السورتين ، أمّا استحباب كل واحدة فلا ، ويجوز أنّ تكون سورة المنافقين واجبة ؛ إذ لا دليل على استحبابها بعد إطلاق الأخبار بوجوبها.

والسادس : إنّما يدل على جواز ترك سورة الجمعة كالسابع ، والحقّ أنّ عدم القائل بالفصل يدفع هذا ، مضافاً إلى ما سبق من العلاّمة في المختلف(٥) ، ( وفي المختلف )(٦) أيضاً أنّ الصدوق احتجّ بالثالث على‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٦ / ١٦.

(٢) التهذيب ٣ : ٧.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) ما بين القوسين كان في النسخ مقدماً على قوله : وفي التهذيب. والأنسب كما أثبتناه.

(٥) في ص ٢٠٧٥.

(٦) ما بين القوسين ليس في « فض ».

٢٥

مدعاه ( ونقل المتن بلفظ : و )(١) سنّهما وتركهما(٢) ، لكن في الكتاب والتهذيب كما نقلته ، ولا يخفى أنّ الاستدلال به إن تمّ ظاهر الدلالة على أنّ مراده بالظهر الجمعة أو هما ، ونقل العلاّمة من الأدلة له الاحتياط(٣) ، والأمر فيه ما ترى.

وقد اتفق لشيخناقدس‌سره في المدارك أنّه قال بعد ذكر الخبر الأوّل : والأمر المستفاد من الجملة الخبرية محمول على الاستحباب كما تدل عليه صحيحة علي بن يقطين وذكر السادس ، وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٤) الآتية(٥) . وغير خفي إفادتها الجواز مع العجلة كإفادة الأولى الاختصاص بالجمعة ، فلا بدّ من ضميمة عدم الفارق ، والإجمال في مثل هذا غير لائق.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن عمر بن يزيد قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر ».

فالوجه في هذا الخبر الترغيب في أن يجعل ما صلّى بغير الجمعة والمنافقين من جملة النوافل ويستأنف الصلاة ، ليلحق فضل‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « م » : والضمير أتى به.

(٢) المختلف ٢ : ١٧٧.

(٣) انظر المختلف ٢ : ١٧٧.

(٤) في ص : ٢٧.

(٥) مدارك الأحكام ٣ : ٣٦٧.

٢٦

هاتين السورتين ، يبيّن ما ذكرناه :

ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن يونس ، عن صباح بن صبيح : قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ بقل هو الله أحد ، قال : « يتمها ركعتين ثم يستأنف ».

والذي يدلّ على ما قلناه :

ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي الفضل ، عن صفوان بن يحيى ، عن جميل ، عن علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيها(١) ؟ قال : « اقرأ فيها(٢) بقل هو الله أحد ».

فأجاز في هذا الخبر قراءة قل هو الله أحد ، وفي الخبر أنّه يعيد سواء كان في سفر أو حضر ، فلو كان المراد غير ما ذكرناه من الترغيب لما جوّز له في(٣) ذلك.

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن عبد الله ابن سنان(٤) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول في صلاة الجمعة : « لا بأس بأن تقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلاً ».

أحمد بن محمّد ، عن معاوية بن حكيم ، عن أبان ، عن يحيى‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩٠ : فيهما.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩٠ : فيهما.

(٣) ليس في الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩٠.

(٤) في « رض » : مسكان.

٢٧

الأزرق بيّاع السابري قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام قلت : رجل صلّى الجمعة فقرأ سبّح اسم ربك الأعلى وقل هو الله أحد ، قال : « أجزأه » (١) .

السند :

في الأوّل : حسن على ما قدّمناه في عمر بن يزيد(٢) .

والثاني : فيه يونس ، وفيه نوع اشتراك(٣) ، وغير بعيد كونه ابن عبد الرحمن أو ابن يعقوب ، لكن الثاني يروي عنه أحمد بن محمّد بن عيسى بواسطة ابن أبي عمير ، وانتفاؤها ممكن ، والأوّل قد يبعده ما نقل من قدح أحمد في يونس ، لكن قد نقل أنّه رجع عنه ، وبالجملة الجزم في المقام مشكل. أمّا صباح بن صبيح فهو ثقة.

والثالث : فيه أبو الفضل ، ولا يبعد أنّه العباس بن عامر ، وهو يروي عن صفوان في بعض الطرق ، وفي فوائد شيخناقدس‌سره على الكتاب أنّ حاله غير معلوم ، لكن ابن بابويه أوردها في كتابه بطريق صحيح عن صفوان بن يحيى ، عن علي بن يقطين(٤) ، انتهى. وما ذكره من جهة عدم المعلومية واضح ، لقيام الاحتمال ، أمّا احتمال دعوى الظهور فممكن ، وأمّا وصف الطريق بالصحة في الفقيه ففيه : أنّ إبراهيم بن هاشم في الطريق ، إلاّ أنّ شيخناقدس‌سره مضطرب الرأي في إبراهيم ، نعم شيخنا المحقّق في كتاب‌

__________________

(١) في « فض » و « م » : اقرأ.

(٢) في راجع ج ١ ص ٢٥٣ ٢٥٤.

(٣) انظر هداية المحدّثين : ١٦٥.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٨ / ١٢٢٤.

٢٨

الرجال ذكر ما يمكن استفادة تصحيح الطريق منه(١) ، وقد مضى(٢) نوع كلام في ما استخرجه في الكتاب سلّمه الله.

والرابع : صحيح.

والخامس : فيه معاوية بن حكيم وقد تكرر القول فيه(٣) . وأمّا أبان ففيه نوع اشتراك(٤) . ويحيى الأزرق بعنوان بيّاع السابري لم أقف عليه في الرجال ، نعم فيهم يحيى الأزرق من رجال الصادق والكاظمعليهما‌السلام في كتاب الشيخ(٥) ، ويحيى بن عبد الرحمن الأزرق في رجال الصادقعليه‌السلام ، وهو مهمل(٦) ، لكن النجاشي وثّق ابن عبد الرحمن(٧) ، فليتأمّل.

المتن :

في الأوّل : ما قاله الشيخ فيه لا يخلو من بعد ، لكن بعد ما تقدّم منّا القول في حقيقة الحال يظهر ما في البين من المقال. ثم إنّ ما فهمه الشيخ من جعل الصلاة نافلة قد يقال ليس بأولى من استحباب الإعادة للحوق الفضيلة ، وفيه : بُعد صحة الصلاة مع استحباب الإعادة ، ويدفعه أنّ الصحة إذا كانت تقتضي أقلية الثواب لا بعد في استحباب الإعادة ، إلاّ أن يقال : إنّ الدليل لو عيّن هذا الوجه فلا مانع منه ، إلاّ أنّ الاحتمال المذكور من الشيخ‌

__________________

(١) انظر منهج المقال : ٢٩.

(٢) في ص : ٣٦.

(٣) راجع ج ١ ص ١٤٦ ، ج ٢ ص ٦٥ ، ج ٣ ص ١٧٧.

(٤) انظر هداية المحدثين : ٦ / ١.

(٥) رجال الطوسي : ٣٣٤ / ٣٠ ، ٣٦٣ / ٢.

(٦) رجال الطوسي ٣٣٣ / ٥.

(٧) رجال النجاشي : ٤٤٤ / ١٢٠٠.

٢٩

قائم ، وفيه إمكان دعوى رجحان الاحتمال الآخر.

وقد يقال : إنّ الحديث يدلّ على إطلاق الجمعة على الظهر ؛ إذ السفر لا تقع فيه الجمعة ، وحينئذٍ يدل على ما مضى(١) في توجيه قول الصدوق ، ويمكن دفعه : بأنّ منع الجمعة في السفر مطلقاً محل كلام.

أمّا ما عساه يقال : من أنّ المعروف في مثل هذه المسألة العدول إلى السورتين ، فقد ذكرنا ما فيه مفصلاً في معاهد التنبيه. ولعلّ المراد أنّ من صلّى ففرغ من صلاته كان حكمه ما ذكر ، أو يقال بالتخيير بين العدول على تقدير العلم في الأثناء وجعلها نافلة.

فإن قلت : جعلها نافلة بعد الفراغ أو الأعم منه ومن(٢) الأثناء.

قلت : مراد الشيخ مجمل ، وكذلك الرواية بتقديره.

أمّا الثاني : فالبيان فيه أيضاً غير واضح ؛ لأنّ الظاهر الاختصاص بالعالم في الأثناء ، وصراحته في عدم العدول ينافي غيره من الأخبار.

وأمّا الثالث : فهو ظاهر في صحة الجمعة سفراً بقل هو الله أحد ، واحتمال الجمعة للظهر قد مضى(٣) ، والمنقول في المختلف عن الصدوق القول بجواز قراءة غير الجمعة والمنافقين في السفر والمرض(٤) ، وعلى تقدير الصحة ربما كان الدال على الجواز محمولاً على استحباب الإعادة ، والشيخ كما ترى ظاهره الاستدلال على جعل الأُولى نافلة.

__________________

(١) في ص : ٢٣.

(٢) في « م » : وفي.

(٣) في ص ٢٣.

(٤) المختلف ٢ : ١٧٦ ، وهو في الفقيه ١ : ٢٠١.

٣٠

ونقل في المختلف عن الشيخ وجماعة القول بالعدول عن نيّة الفرض إلى النفل للناسي ، وأنّ ابن إدريس منع من ذلك ، ثم استدل العلاّمة برواية صباح بن صبيح ، ونقل عن ابن إدريس الاحتجاج بالنهي عن إبطال العمل ، وأجاب بأنّ النقل إلى التطوّع ليس إبطالاً للعمل(١) .

ولا يخفى ما في احتجاج ( العلاّمة لضعف الرواية ، والعدول حكم شرعي.

وأمّا احتجاج ابن إدريس فله وجه ؛ لأنّ النقل )(٢) إلى النفل إبطال للفرض ، إلاّ أن يقال عليه : إنّ المتبادر من الإبطال تركه بالكلية ، والحق أنّ النقل متوقف على الدليل ، والآية(٣) مؤيّدة ؛ وإن كان فيها نوع كلام من حيث احتمال إرادة الإبطال بالكفر ، لأنّه المبطل جميع الأعمال كما ذكره البعض(٤) .

وقد يقال : إنّ عموم الأعمال بالنسبة إلى جميع الأشخاص لا إلى كل شخص ليحتاج إلى ما يبطل جميع أعماله وهو الكفر ، فليتأمّل.

والرابع : ظاهر في جواز القراءة بغيرهما مع العجلة ، لكن العجلة غير منضبطة ، فربما كان فيها من هذه الجهة دلالة على عدم اللزوم ، مضافاً إلى ما سبق.

وأمّا الخامس : فلا يخفى ما في متنه.

__________________

(١) المختلف ٢ : ١٧٧ ، وهو في النهاية : ١٠٦ ، المبسوط ١ : ١٥١ ، المهذب ١ : ١٠٣ ، الجامع للشرائع : ٨١.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : ٣٣.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٤٦.

٣١

قوله :

باب الجهر بالقراءة لمن صلّى منفرداً أو كان مسافراً.

محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن القراءة يوم الجمعة ، إذا صلّيت وحدي أربعاً أجهر بالقراءة؟ فقال : « نعم ».

سعد ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عمران الحلبي قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وسئل عن الرجل يصلّي الجمعة أربع ركعات ، يجهر فيها بالقراءة؟ فقال : « نعم ، والقنوت في الثانية ».

الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن حريز بن عبد الله ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قال لنا : « صلّوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة ، واجهروا بالقراءة » فقلت : إنّه منكر علينا الجهر بها في السفر. فقال : « اجهروا ».

عنه ، عن فضالة ، عن الحسين بن عبد الله الأرّجاني ، عن محمّد ابن مروان قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صلاة الظهر يوم الجمعة ، كيف نصلّيها في السفر؟ فقال : « تصلّيها في السفر ركعتين ، والقراءة فيها جهر ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر ، فقال : « تصنعون كما تصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ، ولا يجهر الإمام‌

٣٢

فيها بالقراءة ، إنّما يجهر إذا كانت خطبة ».

عنه ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن صلاة الجمعة في السفر ، فقال : « تصنعون كما تصنعون في الظهر ، فلا يجهر الإمام فيها بالقراءة ، إنّما يجهر إذا كانت خطبة ».

فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على التقية والخوف ، يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بكير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوم في قرية ليس لهم من يجمع بهم ، أيصلّون الظهر يوم الجمعة في جماعة؟ قال : « نعم إذا لم يخافوا ».

السند :

في الأوّل : حسن.

والثاني : ( ليس فيه ارتياب يوقف الصحة إلاّ اشتراك )(١) حمّاد بن عثمان على ما ظنّه بعض(٢) ، وقد قدّمنا فيه القول(٣) . والذي ينبغي أن يقال هنا : إنّ الظاهر كونه حمّاد بن عثمان الثقة بتقدير الاشتراك ؛ لأنّ الصدوق رواها عن حمّاد بن عثمان(٤) ؛ وذكر في المشيخة الطريق إليه والراوي عنه ابن أبي عمير(٥) . والشيخ ذكر في الطريق إلى حمّاد بن عثمان الثقة ابن‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : فيه ارتياب توقف الصحّة لاشتراك ، وفي « م » ليس فيه ارتياب بوقت الصحة لاشتراك.

(٢) انظر حاوي الأقوال : ٣٢١ ٣٢٣ / ٢١٥.

(٣) راجع ج ٣ ص ٦٤ ٦٦.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٩ / ١٢٣١.

(٥) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٤٨.

٣٣

أبي عمير(١) ، وحينئذٍ يرتفع الريب.

والثالث (٢) : واضح بعد ملاحظة ما سبق في رجاله(٣) .

أمّا الرابع : ففيه الحسين بن عبد الله الأرجاني ، وهو مهمل في رجال الباقرعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٤) . أمّا محمّد بن مروان فهو مشترك(٥) .

والخامس : واضح كالثالث.

والسادس : مثله كالسابع.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّ من صلّى وحده الظهر يوم الجمعة يجهر فيها بالقراءة.

والثاني : شامل لمن صلّى جماعة وفرادى.

والثالث : ظاهر في الجهر إذا صلّيت جماعة.

والرابع : مطلق كالثاني.

أمّا الخامس : فهو خاص بالجماعة في نفي الجهر كالسادس. والحمل على التقية كما ذكره الشيخ يخالفه الثالث ، ولا يدل عليه السابع في ظاهر الحال. وربما يوجّه الدلالة بأنّ الخوف لا يتحقق إلاّ إذا جهر بالقراءة ؛ إذ الصلاة جماعة من دونها لا إنكار فيها. وقد يقال : إنّ الخوف من عدم‌

__________________

(١) الفهرست : ٦٠ / ٢٣٠.

(٢) في « فض » و « م » زيادة : صحيح.

(٣) راجع ج ١ ص ٥٦ ، ١٦٢ ، ١٩٦ ، ج ٢ ص ٢٣ ، ج ٤ ص ١٨٧ ، ٢٠٩ ، والطريق إلى الحسين بن سعيد تقدّم في ج ١ ص ٦٩ ، ٤١٤ ، ج ٣ ص ٢٤.

(٤) رجال الطوسي : ١١٥ / ٢٣.

(٥) هداية المحدثين : ٢٥٢.

٣٤

صلاة الجمعة ، فإذا صلّوا الظهر جماعة وعلم بعض أهل الخلاف بذلك فقد علم عدم فعل الجمعة. وعلى هذا لا دلالة له على مطلوب الشيخ.

أمّا منافاة الثالث للتقية فظاهرة ؛ ويمكن أن يدفع المنافاة بأنّ السفر مظنّة سقوط الجمعة ؛ والجهر بالقراءة عندهم جائز في الصلاة على ما مضى من الشيخ(١) في حمل ما تضمن التخيير بين الجهر والإخفات على التقية.

ولا يخفى بُعد التوجيه من حيث اشتراك العلّة ، إذ لم أجد في كلامهم سقوطها سفراً.

ولعلّ الحمل على رجحان الإخفات للإمام له وجه ؛ وحينئذٍ ربما يمكن رجحان الجهر للمنفرد من حيث سلامة ما دل على جهرة خصوصاً أو إطلاقاً من المعارض. وقول الصدوق بعد رواية عمران الحلبي : إنّها رخصة(٢) . ( قد ذكرت فيما مضى من باب الصلاة(٣) أنّ في الرخصة نوع إجمال ، والحال هنا كذلك ، فليراجع ما تقدم )(٤) .

فإن قلت : قولهعليه‌السلام : « إنّما يجهر إذا كانت خطبة » يدل على أنّ مع عدم الخطبة لا جهر ، وهو يتناول المنفرد وغيره.

قلت : ظاهر الكلام أنّ فاعل الجهر الإمام فلا يدل على المنفرد ، واحتمال البناء للمجهول يشكل باحتمال المعلوم ، وهو كافٍ في عدم تحقق المعارض.

أمّا ما يقال : من أنّ أدلة الإخفات في الظهر تقتضي العموم ليوم‌

__________________

(١) في ص ١٥٥٠.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٩.

(٣) في « فض » زيادة : إلى ، وفي « رض » زيادة : في.

(٤) بدل ما بين القوسين في « م » : وقد ذكرتُ في معاهد التنبيه أنّ فيه إجمالاً بالنسبة إلى معنى الرخصة.

٣٥

الجمعة.

ففيه : أنّ الذي وقفت عليه من الأدلة : الآية الشريفة ، وهي قوله تعالى( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ) (١) والخبر المتضمن لأنّ من جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفى إلى آخره أعاد الصلاة(٢) ، والاحتياط بحصول يقين البراءة بالجهر في موضعه والإخفات في موضعه ، والشهرة.

وغير خفي حال هذه الأدلة فيما نحن فيه ، أمّا الآية : فظاهرها لا يخلو من إجمال كما يعلم من التفاسير ، وقد نقل الصدوق فيها كلاماً يقتضي أنّ المراد بها الجهر الوسط(٣) .

وأمّا الرواية : فلتوقفها على العلم بما يجهر فيه وما لا يجهر فهو أصل المدعى.

وأمّا الاحتياط : فالعامل بالأخبار قد يظن أنّ الاحتياط في الجهر للمنفرد ، بسبب عدم المعارض لما دل على الجهر ، وخلاف ابن إدريس(٤) المنقول في المختلف(٥) ( والمعتبر من قوله : يتعين الإخفات. فيه : أنّه لا يعمل بالأخبار فربما أدّاه الدليل إلى ما قاله.

والذي في المختلف )(٦) نقلاً عن السيد المرتضى في المصباح أنّه‌

__________________

(١) الإسراء : ١١٠.

(٢) التهذيب ٢ : ١٦٢ / ٦٣٥ ، الإستبصار ١ : ٣١٣ / ١١٦٣ ، الوسائل ٦ : ٨٦ أبواب القراءة ب ٢٦.

(٣) الفقيه ١ : ٢٠٢.

(٤) السرائر ١ : ٢٩٨.

(٥) المختلف ٢ : ١٧٨.

(٦) ما بين القوسين ليس في « م ».

٣٦

قال : والمنفرد بصلاة الظهر يوم الجمعة قد روي أنّه يجهر بالقراءة استحباباً ، وروى أنّ الجهر إنّما يستحب لمن صلاّها مقصورة بخطبة أو صلاّها أربعاً في جماعة ، ولا جهر على المنفرد. وقال ابن إدريس : وهذا الثاني هو الذي يقوى في نفسي واعتقده وأُفتي به ؛ لأنّ شغل الذمّة بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل شرعي لأصالة براءة الذمّة ، والرواية مختلفة ، فوجب الرجوع إلى الأصل ، لأنّ الاحتياط يقتضي ذلك ، لأنّ تارك الجهر تصح صلاته إجماعاً وليس كذلك الجاهر بالقراءة ؛ وما رواه ابن أبي عمير عن جميل وذكر الرواية الخامسة وما رواه محمّد بن مسلم وذكر الرواية السادسة.

وأجاب العلاّمة : بأنّ شغل الذمّة بالمندوب كما هو منافٍ للأصل كذلك شغلها بوجوب الإخفات ، بل هذا زائد في التكليف ؛ والروايتان تنافيان دعواه ؛ لاختصاصهما بالجماعة ، ومعارضتان برواية الحلبي الحسنة وذكر الاولى ورواية عمران الحلبي وذكر الثانية والثالثة والرابعة ـ(١) .

ولا يذهب عليك وجاهة كلام العلاّمة ، إلاّ أنّ قوله في معارضة الروايات محل تأمّل لاختلاف المورد.

ثم الظاهر من كلام ابن إدريس في الرجوع إلى الأصل يقتضي أنّ الأصل في الظهر الإخفات ، فإن أراد يوم الجمعة فالأصل محل تأمّل ، وغيره واضح الاندفاع. ثم قوله : إنّ تارك الجهر تصح صلاته إجماعاً. إن أراد به على وجه لزوم الإخفات فالكلام فيه له مجال ، إلاّ أنّ الشهرة في الإخفات على ما قيل فلو فعل لا على وجه اللزوم ربما كان أحوط ، وفي البين‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ١٧٨ ، وهو في السرائر ١ : ٢٩٨.

٣٧

شي‌ء.

وينبغي أن يعلم أنّ الخبر الثاني صريح في صدق الجمعة على الظهر ، وكذلك غيره.

ثم إنّ الأخبار ربما تدل على عدم وجوب الجهر والإخفات في الصلوات ، إلاّ أن يقال بالاختصاص. فليتأمّل.

قوله :

باب القنوت في صلاة الجمعة.

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين ، عن أبي أيوب إبراهيم بن عيسى ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . وصفوان عن أبي أيّوب قال : حدثني سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « القنوت يوم الجمعة في الركعة الأُولى ».

عنه ، عن فضالة ، عن أبان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن عمر بن حنظلة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : القنوت يوم الجمعة؟ فقال : « أنت رسولي إليهم في هذا ، إذا صلّيتم في جماعة ففي الركعة الأُولى ، وإذا صلّيتم وحداناً ففي الركعة الثانية ».

عنه ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن أبي بصير قال : « القنوت في الركعة الأُولى قبل الركوع ».

علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « في قنوت الجمعة إذا كان إماماً قنت في الركعة الأُولى ، وإن كان يصلّي أربعاً ففي الركعة الثانية قبل الركوع ».

٣٨

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن عبد الملك بن عمرو قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قنوت الجمعة في الركعة الأُولى قبل الركوع وفي الثانية بعده؟(١) فقال لي : « لا قبل ولا بعد ».

سعد بن عبد الله ، عن جعفر بن بشير ، عن داود بن الحصين قال : سمعت معمّر بن أبي رئاب يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر عن القنوت في الجمعة ، فقال : « ليس فيها قنوت ».

فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على حال التقية ، والذي يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير : قال : سأل عبد الحميد أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده عن القنوت في يوم الجمعة ، فقال : « في الركعة الثانية » فقال له : قد حدّثنا بعض أصحابك (٢) أنّك قلت : في الركعة الأُولى ، فقال : « في الأخيرة » وكان عنده ناس كثير ، فلمّا رأى غفلة منهم قال : « يا أبا محمّد في الأُولى والأخيرة » قال : قلت : جعلت فداك قبل الركوع أو بعده؟ قال : « كل القنوت قبل الركوع إلاّ الجمعة ، فإنّ الركعة الأُولى القنوت فيها قبل الركوع ، والأخيرة بعد الركوع ».

السند :

في الأوّل : واضح الحال بعد ما كرّرنا في رجاله من المقال(٣) .

__________________

(١) في « فض » و « م » : بعد.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤١٨ / ١٦٠٦ : بعض أصحابنا.

(٣) في ص : ٤٠ ، ٢٨٩ ، ٢٧٤ ، ٢٠٧٣.

٣٩

وصفوان فيه معطوف على فضالة. وحسين فيه هو ابن عثمان ، وفيه دلالة على أنّ أبا أيوب الخزاز إبراهيم بن عيسى ، وفي الرجال قيل : ابن عثمان(١) . وقيل : ابن زياد(٢) . وقيل : ابن عيسى(٣) .

والثاني : فيه إسماعيل الجعفي ، وقد قدّمنا(٤) أنّه لا يبعد في مثله أن يكون إسماعيل بن جابر لا ابن عبد الرحمن ، لقول النجاشي : إنّه روى خبر الأذان(٥) . وخبر الأذان الراوي عنه فيه أبان بن عثمان. وفي إسماعيل كلام تقدم.

وعمر بن حنظلة : لا نعلم مأخذ توثيقه من جدّيقدس‌سره في شرح الدراية(٦) ، واعتماده على حديث الوقت لا يخلو من غرابة. وقد مضى القول فيه مستوفى(٧) .

والثالث : فيه أبو بصير.

[والخامس (٨) ] : فيه عبد الملك بن عمرو ، ولم يعلم مدحه فضلاً عن التوثيق.

[والسادس (٩) ] : فيه داود بن الحصين ، وهو ثقة في النجاشي(١٠) ؛

__________________

(١) الفهرست : ٨ / ١٣ ، رجال النجاش : ٢٠ / ٢٥.

(٢) رجال الطوسي : ١٤٦ / ٧٩.

(٣) رجال العلاّمة : ٥ / ١٣.

(٤) راجع ج ٢ ص ٤٠٠ ، ج ٣ ص ١٦٦ ، ج ٤ ص ٢٦١ ، ج ٥ ص ٢٩٧ ، ج ٦ ص ١١٤.

(٥) رجال النجاشي : ٣٢ / ٧١.

(٦) الدراية : ٤٤.

(٧) راجع ج ٢ ص ٥٥ ، ج ٤ ص ٢٥ ، ٢٨٠.

(٨) في النسخ : والرابع ، والصحيح ما أثبتناه ، وأما الرابع فقد ترك البحث عنه هنا ، ولكن السند تقدم في ص ٩١٠ أنّه ليس فيه ارتياب.

(٩) في النسخ : والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.

(١٠) جال النجاشي : ١٥٩ / ٤٢١.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الألباب، بل مريت له أخلاف رواية الخلف عن السلف، حتى اكتنفت بزبد الأوطاب، ونظمت فيه جواهر درر صرحت ألسن السنن ونطقت بها آيات الكتاب، وقررته بأدلة نظر محكمة الأسباب بالصواب، هامية السحاب بالمحاب، مفتحة الأبواب للطلاب مثمرة إن شاء الله تعالى لجامعها جميل الثناء وجزيل الثواب ».

ومما قال في الفصل المذكور: « فقد صدّرت هذا الفصل المعقود لبيان فضله الموفور وعلمه المشهور، من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بما فيه شفاء الصدور ووفاء بالمستطاع والمقدور، واهتداء يخرج القلوب الضالة من الظلمات إلى النور، واقتصرت عليها لكونها واضحة جدداً، راجحة صحة ومعتقداً، وقد جعلت المعقبات الإِلهية من بين يديها ومن خلفها لحفظها رصداً، ولم أتجاوزها إلى إيراد أخبار كثيرة عدداً واهية سنداً ومستنداً ».

(٥٥)

رواية سبط ابن الجوزي

ونقله شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزعلي المعروف بـ « سبط ابن الجوزي » عن أحمد بن حنبل وصححه حيث قال: « حديث أنا مدينة العلم: قال أحمد في الفضائل: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن عبد الله(١) الرومي ثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وفي رواية: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وفي رواية: أنا مدينة الفقه وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. ورواه عبد الرزاق فقال: فمن أراد الحكم فليأت الباب.

____________________

(١). كذا.

١٦١

فإنْ قيل: قد ضعّفوه. فالجواب: إن الدارقطني قال: قد رواه سويد بن غفلة عن الصنابحي ولم يذكر سويد بن غفلة، وقول الدارقطني إنْ ثبت فهو صفة الإرسال، والمرسل حجة في باب الأحكام فكيف بباب الفضائل؟

فإنْ قيل: في هذه الروايات مقال. قلنا: نحن لم نتعرض لها، بل نحتج بما خرّجه أحمد وهو الرواية الأولى عن علي، وإذا ثبتت الرواية الأولى ثبتت الروايات كلّها، لأن رواية الحديث بالمعنى جائزة في أحكام الشريعة فههنا أولى.

فإن قيل: محمد بن علي(١) الرومي شيخ شيخ أحمد بن حنبل ضعّفه ابن حبان فقال: يأتي على الثقات بما ليس من أحاديث الأثبات. قلنا: قد روى عنه إبراهيم بن محمد شيخ أحمد، ولو كان ضعيفاً لبيّن ذلك، وكذا أحمد فإنه أسند إليه ولم يضعّفه ومن عادته الجرح والتعديل، فلمـّا أسند عنه علم أنه عدل في روايته »(٢) .

هذا، والجديد بالذكر أنه قال في كتابه في الباب الثاني المعقود لبيان فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فضائله أشهر من الشمس والقمر، وأكثر من الحصى والمدر، وقد اخترت منها ما ثبت واشتهر، وهي قسمان: قسم مستنبط من الكتاب والثاني من السنّة الطاهرة التي لا شكّ فيها ولا ارتياب»(٣) .

فثبت أن حديث مدينة العلم من فضائلهعليه‌السلام الثابتة المشتهرة التي لا ريب فيها ولا ارتياب.

ويدل على التزامه بنقل ما ثبت فحسب قوله في الفصل الذي عقد في ذكر أم أمير المؤمنينعليهما‌السلام : « قلت: وقد أخرج لها أبو نعيم الحافظ حديثاً طويلاً في فضلها، إلّا أنّهم قالوا: في إسناده روح بن صلاح، ضعّفه ابن عدي، فلذلك لم نذكره »(٤) .

____________________

(١). كذا.

(٢). تذكرة خواص الامة: ٤٧ - ٤٨.

(٣). تذكرة خواص الامة: ١٣.

(٤). المصدر نفسه: ١٠.

١٦٢

على أن مجرد رواية أحمد الحديث في فضائله كاف لصحته لدى سبط ابن الجوزي وغيره، لأنّهم يرون أن كل حديث يرويه أحمد حجة، وأنه يجب المصير إليه، كما تقدم في رواية احمد للحديث.

ترجمته:

وتوجد ترجمة سبط ابن الجوزي مع التجليل والإكبار في كتب التاريخ وطبقات الفقهاء، كما نقل عنه كبار العلماء الأعلام في كتب الحديث والفقه والسيرة ومن ذلك:

١ - وفيات الأعيان لابن خلكان.

٢ - ذيل مرآة الزمان لليونيني.

٣ - المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء.

٤ - تتمة المختصر لابن الوردي.

٥ - العبر في خبر من غبر للذهبي.

٦ - الوافي بالوفيات للصفدي.

٧ - مرآة الجنان لليافعي.

٨ - الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي.

٩ - الأثمار الجنيّة في طبقات الحنفيّة للقاري.

١٠ - طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة.

١١ - مختصر الجواهر المضية للفيروزآبادي.

١٢ - غاية المرام بأخبار البلد الحرام لابن فهد.

١٣ - إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد.

١٤ - طبقات المفسرين للداودي.

١٥ - كتائب أعلام الأخيار للكفوي.

١٦ - القول المنبي للسخاوي.

١٧ - حسن المقصد للسيوطي.

١٦٣

١٨ - الدر المختار للحصكفي.

١٩ - جواهر العقدين للسمهودي.

٢٠ - الصواعق المحرقة لابن حجر.

٢١ - إنسان العيون للحلبي.

٢٢ - كفاية الطالب للكنجي.

٢٣ - مفتاح النجا للبدخشاني.

٢٤ - التحفة ( للدهلوي ).

واليك بعض مصادر ترجمته: المختصر ٣ / ٢٦، العبر ٥ / ٢٢٠، مرآة الجنان ٤ / ١٣٦، الجواهر المضية ٢ / ٢٣١، طبقات المفسرين ٢ / ٣٨٣.

(٥٦)

رواية الكنجي الشافعي

وقد عقد أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي باباً من كتابه ( كفاية الطالب ) لحديث مدينة العلم، فأثبته فيه بطرق عديدة ووجوه سديدة حيث قال:

« الباب الثامن والخمسون في تخصيص علي بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

أخبرنا العلامة قاضي القضاة صدر الشام أبو الفضل محمد بن قاضي القضاة شيخ المذاهب أبي المعالي محمد بن علي القرشي، أخبرنا حجة العرب زيد ابن الحسن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا زين الحفاظ وشيخ أهل الحديث على الإطلاق أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا أبو جعفر الحسين بن حفص الخثعمي، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن بشير [ بشر ] الكندي عن

١٦٤

إسماعيل بن إبراهيم الهمداني عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي، وعن عاصم ابن ضمرة عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله خلقني وعلياً من شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمرتها والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب إلّا الطيب؟ أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها [ فليأت الباب ].

قلت: هكذا رواه الخطيب في تاريخه وطرقه.

وأخبرنا العلامة قاضي القضاة أبو نصر محمد بن هبة الله وقاضي القضاة محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي: أخبرنا الحافظ أبو القاسم أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أخبرنا أبو القاسم بن مسعدة، أخبرنا حمزة بن يوسف، أخبرنا أبو أحمد ابن عدي، حدثنا النعمان بن هارون البلدي ومحمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي وعبد الملك بن محمد قالوا: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدّب، حدثنا عبد الرزاق عن سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان قال سمعت جابراً يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم الحديبية - وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب وهو يقول - هذا أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره، مخذول من خذله، ثمّ مدّ بها صوته وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب [ فليأتها من بابها ].

[ قلت ] هكذا رواه ابن عساكر في تاريخه وذكر طرقه عن مشايخه.

أخبرنا علي بن عبد الله بن أبي الحسن الأزجي بدمشق عن المبارك بن الحسن أخبرنا أبو القاسم بن البسري، أخبرنا أبو عبد الله [ بن ] محمد أخبرنا محمد بن الحسين حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا، حدثنا عثمان بن عبد الله العثماني حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

قلت: هذا حديث حسن عال.

وقد تكلّم العلماء في معنى هذا الحديث إن علياً باب العلم، فأكثروا حتى قالت طائفة: إنما أراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنا مدينة العلم » أي: أنا

١٦٥

معدن العلم وموضعه، وما كان عند غيري فغير معدود من العلم، و قوله: « وعلي بابها » يريد: إن باب هذه المدينة رفيع من حيث أن شريعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أثبت الشرائع وأقومها وأهداها، لا يدخل عليها النسخ ولا التحريف ولا التبديل، بل هي محفوظة بحفظ الله عز وجل، مصونة من النقص لا ينسخها شيء، فلهذا نسبها إلى العلو، وكتابه آخر الكتب التي أنزلها الله عز وجل فلا يدخل عليه النسخ قال الله تعالى:( وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) أي: إن القرآن يحكم على سائر الكتب المنزلة قبله، وما ورد فيه من الحرام والحلال لا يتغير ولا ينسخ ولا يبطل، فكان القرآن أجل الكتب التي أنزلها الله تعالى، وشريعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجل الشرائع وأعلاها وأبهاها وأسناها وأسماها، حيث لا يدخل عليها النسخ ولا التبديل، فهي عالية سامية عال بابها.

قلت - والله أعلم - إن وجه الحديث عندي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « أنا مدينة العلم وعلي بابها » أرادصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الله تعالى علّمني العلم وأمرني بدعاء الخلق إلى الإقرار بوحدانيّته في أول النبوة، حتى مضى شطر زمان الرسالة على ذلك، ثم أمرني الله بمحاربة من أبى الإقرار لله عزّ وجلّ بالوحدانية بعد منعه من ذلك « فأنا مدينة العلم » في الأوامر والنواهي، وفي السلم والحرب حتى جاهدت المشركين « وعلي بن أبي طالب بابها » أي هو أن من يقاتل أهل البغي بعدي من أهل بيتي وسائر أمتي، ولو لا أن علياً بين [ سن ] للناس قتال أهل البغي وشرع الحكم في قتلهم واطلاق الأسارى منهم وتحريم سلب أموالهم وذراريهم لما عرف ذلك، فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنّ في قتال المشركين نهب أموالهم وسبي ذراريهم، وسنّ علي في قتال أهل البغي أن لا يجهز على جريح، ولا يقتل الأسير، ولا تسبى النساء والذرية، ولا تؤخذ أموالهم. وهذا وجه حسن صحيح.

ومع هذا، فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفصيل علي، وزيادة علمه وغزارته وحدة فهمه ووفور حكمته وحسن قضاياه وصحة فتواه، وقد كان أبوبكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الأحكام،

١٦٦

ويأخذون بقوله في النقض والإِبرام، إعترافاً منهم بعلمه ووفور فضله ورجاحة عقله وصحة حكمه.

وليس هذا الحديث في حقه بكثير، لأن رتبته عند الله وعند رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعند المؤمنين من عباده أجل وأعلى من ذلك »(١) .

كفاية الطالب

هذا، وقد صرّح الحافظ الكنجي في مقدمة كتابه بأنّه « كتاب يشتمل على بعض ما رويناه عن مشايخنا في البلدان، من أحاديث صحيحة من كتب الأئمة والحفاظ في مناقب أمير المؤمنين علي، الذي لم ينل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضيلة في آبائه وطهارة مولده إلّا وهو قسيمه فيها ».

ترجمته:

وترجم له كبار العلماء وأعيان المؤرخين في كتب التاريخ والرجال، وقد ترجمنا له في بعض مجلّدات الكتاب، ومن مصادر ترجمته: ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٩٢، الوافي بالوفيات ٥ / ٢٥٤، تلخيص مجمع الآداب ٣ / ٣٨٩.

(٥٧)

إثبات العزّ ابن عبد السلام

ولقد ذكره الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي، في كلام له أنشأه عن لسان مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أورده بنصه شهاب الدين أحمد في كتابه ( توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ) حيث

____________________

(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٢٢٠ - ٢٢٣.

١٦٧

قال:

« قال سلطان العلماء في عصره، وبرهان العرفاء في دهره، الشيخ القدوة الامام في الأجلة الأعلام، مفتي الأنام، عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام عن لسان حال أول الأصحاب بلا مقال، وأفضل الأتراب لدى عدّ الخصال: علي ولي الله في الأرض والسماء، رضي الله تعالى عنه ونفعنا به في كلّ حال:

يا قوم نحن أهل البيت، عجنت طينتنا بيد العناية في معجن الحماية، بعد أن رش علينا [ عليها ] فيض الهداية، ثم خمرت بخميرة النبوة وسقيت بالوحي، ونفخ فيها روح الأمر، فلا أقدامنا تزل، ولا أبصارنا تضل، ولا أنوارنا تقل، وإذا نحن ضللنا فمن بالقوم يدل الناس؟! من أشجار شتى وشجرة النبوة واحدة، ومحمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلّم أصلها وأنا فرعها، وفاطمة الزهراء ثمرها، والحسن والحسين أغصانها، فأصلها نور، وفرعها نور، وثمرها نور، وغصنها نور، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور، يا قومي: لما كانت الفروع تبنى على الأصول، بنيت فصل فضلي على طيب أصلي، فورثت علمي عن ابن عمي، وكشف به غمي، تابعت رسولاً أميناً، وما رضيت غير الاسلام ديناً، فلو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، ولقد توجني بتاج من كنت مولاه ومنطقني بمنطقة أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقلّدني بتقليد أقضاكم علي، وكساني بحلة أنا من علي وعلي مني، شعر:

عجبت منك أشغلتني بك عيني

أدنيتني منك حتى ظننت أنك أني

إلى آخر ما ذكر »(١) .

ترجمته:

١ - الذهبي: « وعز الدين شيخ الإسلام أبو محمد عبد العزيز بن

____________________

(١). توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل - مخطوط.

١٦٨

عبدالسلام بن أبي القاسم السلمى الدمشقي الشافعي برع في الفقه والأصول والعربية، ودرّس وأفتى وصنّف، وبلغ رتبة الإِجتهاد، وانتهت إليه معرفة المذهب، مع الزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصّلابة في الدين »(١) .

٢ - اليافعي: « الشيخ الفقيه العلامة الامام المفتي المدرّس القاضي الخطيب سلطان العلماء ومحل النجباء، المقدّم في عصره على سائر الأقران، بحر العلوم والمعارف والمعظم في سائر البلدان، ذو التحقيق والاتقان، والعرفان والايقان المشهود له بمصاحبة العلم والصّلاح والجلالة والوجاهة والاحترام، الذي أرسل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع الشاذلي إليه السلام، مفتي الأنام وشيخ الاسلام: عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام أبي القاسم السلمي الدمشقي الشافعي

برع في الفقه والأصول والعربية، ودرّس وأفتى، وصنّف المصنفات المفيدة، وأفتى الفتاوى السديدة، وجمع من فنون العلوم العجب العجاب من التفسير والحديث والفقه والعربية والأصول واختلاف المذهب والعلماء وأقوال الناس ومآخذهم، حتى قيل بلغ رتبة الاجتهاد، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد، وانتهت إليه معرفة المذهب مع الزهد والورع، وقمعه للضلالات والبدع، وقيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك مما عنه اشتهر، كان يصدع بالحق ويعمل به، متشدداً في الدين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يخاف سطوة ملك ولا سلطان، بل يعمل بما أمر الله ورسوله وما يقتضيه الشرع المطهر، توفيرحمه‌الله بمصر سنة ستين وستمائة »(٢) .

٣ - الأسنوي: « كانرحمه‌الله شيخ الاسلام علماً وعملا وورعاً وزهداً وتصانيف وتلاميذ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر »(٣) .

____________________

(١). العبر في خبر من غبر حوادث: ٦٦٠.

(٢). مرآة الجنان - حوادث: ٦٦٠.

(٣). طبقات الشافعية للاسنوي ٢ / ١٩٧.

١٦٩

٤ - ابن قاضي شهبة: « الشيخ الامام العلامة وحيد عصره، سلطان العلماء عز الدين أبو محمد السلمي روى عنه الدمياطي وخرّج له أربعين حديثاً، وابن دقيق العيد - وهو الذي لقّبه بسلطان العلماء - وخلق، وكان أمّاراً بالمعروف نهاءً عن المنكر، وقد ولي الخطابة بدمشق فأزال كثيراً من بدع الخطباء وأبطل صلاة الرغائب والنصف فوقع بينه وبين ابن الصلاح بسبب ذلك منازعة »(١) .

٥ - السيوطي: « أبو محمد شيخ الإسلام، سلطان العلماء، قال الذهبي في العبر: إنتهت إليه معرفة المذهب مع الزهد والورع وبلغ رتبة الاجتهاد،. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: قيل لي ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وقال ابن كثير في تاريخه: إنتهت إليه رياسة المذهب وقصد بالفتوى من سائر الآفاق، ثم كان في آخر عمره لا يتعبد بالمذهب، بل اتسع نطاقه وأفتى بما أدى إليه اجتهاده. وقال تلميذه ابن دقيق العيد: كان ابن عبد السلام أحد سلاطين الإسلام. وقال الشيخ جمال الدين ابن الحاجب: ابن عبد السلام أفقه من الغزالي »(٢) .

(٥٨)

إثبات جلال الدين محمد المعروف بمولوي

وقد ضمّن جلال الدين محمد بن محمد البلخي المعروف بمولوي حديث مدينة العلم قصيدة له أنشأها بمدح مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام في ديوانه ( المثنوي ) هذا أولها:

« از على آموز اخلاص عمل

شير حق را دان منزه از دغل »

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٤٤٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣١٤.

١٧٠

الى أن قال:

چون تو بابى آن مدينه علم را

چون شعاعى آفتاب حلم را

باز باش اى باب بر جوياى باب

تا رسند از تو قشور اندر لباب

باز باش اى باب رحمت تا ابد

بارگاه ما له كفواً احد »

ترجمته:

١ - عبد القادر القرشي: « محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن قاسم بن مسيب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ابن أبي قحافة التيمي، المعروف بمولانا جلال الدين الغزنوي. [ القونوي ] كان عالماً بالمذهب، واسع الفقه، عالماً بالخلاف وأنواع من العلوم، ثم إن الشيخ جلال الدين انقطع وتجرّد وهام، وترك التصنيف والاشتغال »(١) .

٢ - الفاضل الازنيقي « ومن علماء الحنفية الشيخ جلال الدين وتلقب أيضاً بسلطان العلماء، أو لقب [ لقبه ] بهذا اللقب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هكذا سمعه كثير من الصلحاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام »(٢) .

٣ - عبد الرحمنالجامي ترجمة مفصلة(٣) .

٤ - مجد الدينالبدخشاني كذلك(٤) .

هذا، وقد أثنى المولوي عبد العلي بن نظام الدين الأنصاري الملقّب عندهم بـ « بحر العلوم » على « المولوي » و « المثنوي » في مقدمة كتابه « شرح المثنوي ».

____________________

(١). الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١٢٣ - ١٢٤.

(٢). مدينة العلوم للازنيقي.

(٣). نفحات الانس: ٤٥٩.

(٤). جامع السلاسل - مخطوط.

١٧١

(٥٩)

إثبات محيي الدين النووي

لقد أثبت حديث مدينة العلم، حيث ضمّنه في بيت شعر له في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام كما في ( توضيح الدلائل ) في ذكر من مدح الامامعليه‌السلام : « وكالامام في الاسلام والمشار اليه في الأعلام، مرجع العلوم والفتاوى أبي زكريا محيي الدين يحيى النووي، فإنه قد قال وأجاد المقال:

إمام المسلمين بلا ارتياب

أمير المؤمنين أبو تراب

نبي الله خازن كل علم

علي للخزانة مثل باب »

ترجمته:

ترجم له أعلام الحفاظ والمؤرخين وأثنوا عليه بما لا مزيد عليه راجع:

١ - تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٠.

٢ - العبر ٥ / ٣١٢.

٣ - مرآة الجنان - حوادث سنة ٦٧٦.

٤ - تتمة المختصر - حوادث ٦٧٦.

٥ - طبقات الشافعية للاسنوي ٢ / ٤٧٦.

٦ - طبقات الشافعية للسبكي ٨ / ٣٩٥.

٧ - النجوم الزاهرة ٧ / ٣٧٨.

٨ - طبقات الحفاظ ٥١٠.

٩ - الخميس - حوادث ٦٧٦.

١٧٢

(٦٠)

إثبات السعدي الشيرازي

لقد أثبت الشيخ شرف الدين مصلح بن عبد الله السعدي الشيرازي هذا الحديث، حيث ضمّنه في قصيدةٍ له في مدح مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ذكرها نور الدين جعفر الشهير بمير ملا البدخشي، وهذا نصها:

« منم كز جان شدم مولاي حيدر

امير المؤمنين آن شاه صفدر

على كورا خدا بى شك ولى خواند

بامر حق على كردش بيمبر

بحق بادشاه هر دو عالم

خداى بى نياز فرد اكبر

بحق آسمانها وملائك

كز آن جا هيج جاى نيست برتر

به بنج اركان شرع وهفت اقليم

به نه جرخ وده ودو برج ديگر

به كرسي وبه عرش ولوح محفوظ

بحق جبرئيل آن خوب منظر

به ميكائيل واسرافيل وصورش

به عزرائيل وهول كور ومنكر

به تورات وزبور وصحف وانجيل

بحق حرمت هر جار دفتر

بحق آية الكرسي ويس

بحق سوره طه سراسر

بحق آدم ونوح ستوده

بحق هود وشيث دادكستر

بدرد يحيى ودرمان لقمان

به ذو القرنين ولوط نيك محضر

به ابراهيم وقربان كردن او

به اسحاق واسماعيل وهاجر

بختم انبيا احمد كه باشد

شفيع عاصيان در روز محشر

بحق مكه وبطحا وزمزم

بحق مروه وركني زمشعر

بتعظيم رجب با قدر شعبان

بحق روزه وتصديق داور

به رنج اهل بيت وآه زهرا

به خون ناحق شبير وشبر

به آب ديده طفلان محروم

به سوز سينه بيران محروم

١٧٣

كه بعد از مصطفى در جمله عالم

نه بد فاضل تر وبهتر زحيدر

مسلم بد سلوني گفتن او را

كه علم مصطفى را بود او در

يقين اندر سخا وعلم وعصمت

زپيغمبر نبود او هيج كمتر

اكر دانى بكوئى جز على كيست

كه دلدل زير رانش بود ورخور

چه گويم وصف آن شاهى كه جبريل

گهي بد مدح گويش گاه چاكر

بدان گفتم كه تا خلقان بدانند

كه سعدى زين سعادت نيست بى بر

يا سعدى تو نيكو اعتقادى

زدين واعتقاد خويش برخورد »(١)

ترجمته

١ - عبد الرحمن الجامي في ( نفحات الانس ٦٠٠ ).

٢ - السمرقندي في ( تذكرة الشعراء: ٢٢٣ ).

(٦١)

رواية المحب الطبري

رواه في ( الرياض النضرة ) حيث قال: « ذكر اختصاصه بأنه باب دار العلم وباب مدينة العلم: عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها.

أخرجه في المصابيح في الحسان، و أخرجه أبو عمروقال: أنا مدينة العلم وزاد: « فمن أراد العلم فليأته من بابه »(٢) .

وفي ( ذخائر العقبى ): « ذكر أنهرضي‌الله‌عنه باب دار العلم وباب مدينة العلم عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها. أخرجه البغوي في المصابيح في الحسان.

____________________

(١). خلاصة المناقب - مخطوط.

(٢). الرياض النضرة في مناقب العشرة ٢ / ٢٥٥.

١٧٤

وخرجه أبو عمروقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وزاد: « فمن أراد العلم فليأته من بابه(١) .

ترجمة

ترجم له كبار الأئمة الحفاظ بكل تبجيل وإكبار. راجع:

١ - تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٤.

٢ - طبقات السبكي ٨ / ١٨.

٣ - مرآة الجنان ٤ / ٢٢٤.

٤ - النجوم الزاهرة ٨ / ٧٤.

٥ - طبقات الحفاظ ٥١١.

(٦٢)

إثبات الفرغاني

وقد أثبته سعيد الدين محمد بن أحمد الفرغاني، وأرسله إرسال المسلَّم حيث قال في ( شرح التائية ) بشرح قول ابن الفارض:

« كراماتهم من بعض ما خصهم به

بما خصهم من إرث كل فضيلة »

قال: « وأما حصة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: العلم [ فالعلم ] والكشف وكشف معضلات الكلام العظيم والكتاب الكريم، الذي هو من أخص معجزاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بأوضح بيان بما ناله بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، و بقوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها، مع فضائل أخر لا تعدّ ولا تحصى ».

وقال في الشرح الفارسي بشرح:

« وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا

علي بعلم ناله بالوصية »

____________________

(١). ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى: ٧٧.

١٧٥

قال: « أوضح علي بالتأويل ما كان مشكلاً فهمه من معاني الكتاب والسنة على غيره من الأصحاب، لا سيّما عمر القائل في هذا الشأن: لو لا علي لهلك عمر، ولقد أوضح تلك المشكلات بما ناله من العلوم وانتقل اليه بالوصية من المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولهذا قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، أذكركم الله في أهل بيتي - قاله ثلاثا -.

وقال أيضاً: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

وقال أيضاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

الفرغاني وشرح التائية

وليعلم أن شرح الفرغاني على التائية من الكتب المعروفة، وهو من أكابر علماء أهل السنة، قال في ( كشف الظنون ):

« تائية في التصوف للشيخ أبي حفص عمر بن علي من الفارض الحموي المتوفى سنة ٥٧٦ ولها شروح، منها: شرح السعيد محمد بن أحمد الفرغاني المتوفى في حدود سنة ٧٠٠، وهو الشارح الأول لها، وأقدم الشارحين له، حكى أن الشيخ صدر الدين القونوي عرض لشيخه محيي الدين ابن العربي في شرحها، فقال للصدر: لهذه العروس لعل من أولادك، فشرحها الفرغاني والتلمساني، وكلاهما من تلاميذه، وحكى أن ابن عربي وضع عليها قدر خمسة كراريس وكانت بيد صدر الدين، قالوا: وكان في آخر درسه يختم ببيت منها ويذكر عليه كلام ابن عربي، ثم يتلوه بما هو رده بالفارسية، وانتدب لجمع ذلك سعيد الدين. وحكى أن الفرغاني قرأها أولاً على جلال الدين الرومي المولوي، ثم شرحها فارسياً ثم عربياً، وسماه منتهى المدارك، وهو كبير أورد في أوله مقدمة في أحوال السلوك أوله: الحمد لله الرب القديم الذي تعزز »(١) .

وقد ذكره الجامي وقال: « هو من أكمل أرباب العرفان، وأكابر أصحاب

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٢٦٥.

١٧٦

الذوق والوجدان، ولم يبين أحد مسائل علم الحقيقة مع الضبط والتحقيق كما بين في ديباجة شرح تائية ابن الفارض، وقد كان قد كتبه أولاً بالفارسية، وعرضه على شيخه الشيخ صدر الدين القونويقدس‌سره وقد استحسنه الشيخ كثيراً وقرضه، وقد أورد الشيخ السعيد تقريضه في ديباجة الشرح على سبيل التيمن والتبرك، ثم إنه كتبه لتعميم وتتميم فائدته باللسان العربي، وأضاف إليه فوائد أخرى، جزاه الله تعالى عن الطالبين خير الجزاء.

وله تصنيف آخر سمّاه بمناهج العباد إلى المعاد، بيّن فيه مذاهب الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين في مسائل العبادات وبع المعاملات »(١) .

وترجم له محمود بن سليمان الكفوي بقوله: « الشيخ الفاضل الرباني، الكامل الصمداني، سعيد الدين الفرغاني. هو من أعزة أصحاب الشيخ صدر الدين القونوي، مريد الشيخ محيي الدين العربي.

كان من أكمل أرباب العرفان، وأفضل أصحاب الذوق والوجدان، وكان جامعاً للعلوم الشرعية والحقيقة. وقد شرح أحسن الشروح أصول الطريقة، وكان لسان عصره وبرهان دهره ودليل طريق الحق، وسر الله بين الخلق، بسط مسائل علم الحقيقة وضبط فنون أصول الطريقة في ديباج شرح القصيدة التائية الفارضية »(٢) .

وقال الذهبي: « والشيخ سعيد الكاشاني الفرغاني، شيخ خانقاه الطاجون وتلميذ الصدر القونوي، كان أحد من يقول بالوحدة، شرح تائية ابن الفارض في مجلدتين، ومات في ذي الحجة عن نحو سبعين سنة »(٣) .

____________________

(١). نفحات الانس: ٥٥٩.

(٢). كتائب اعلام الأخيار - مخطوط.

(٣). العبر في خبر من غبر - حوادث: ٦٩٩.

١٧٧

(٦٣)

إثبات الكازروني

لقد أثبت أحمد بن منصور الكازروني حديث مدينة العلم، اذ وصف أمير المؤمنينعليه‌السلام بـ « باب العلم » بترجمتهعليه‌السلام في كتابه ( مفتاح الفتوح ) حيث قال ما نصه:

« أبو الحسن علي بن أبي طالب، أوّل من سمّاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين، خاتم الخلفاء الراشدين، أقدمهم إجابة وإيماناً، وأوّلهم تصديقاً وإيقاناً، وأقومهم قضية وإتقاناً، باب العلم، ومعدن الفضل، وحائز السبق، ويعسوب الدين، وقاتل المشركين والمتمردين، ذو القرنين، وأب [ أبو ] الريحانتين، ابن عم النبي لحاً وقسمة، وأخوه حقاً ونسباً، وصاحبه دنياً وديناً، ختم الله به الخلافة كما ختم بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرسالة، ولمـّا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يضم الشكل إلى الشكل، والجنس إلى الجنس، والمثل إلى المثل، ادّخر علياً لنفسه واختصه بأخوته، وناهيه بهذا شرفاً وفخراً.

ومن تأمل في كلامه وكتبه وخطبه ورسالاته علم أن علمه لا يوازي علم أحد، وفضائله لا يشاكل فضائل أحد بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن جملتها كتاب نهج البلاغة، وأيم الله لقد وقف دونه فصاحة الفصحاء وبلاغة البلغاء وحكمة الحكماء.

نزلت في شأنه آيات كثيرة، ووردت في فضائله أحاديث غير قليلة، كتب التفاسير مشحونة بذلك، وبطون الأسانيد مطوية عليها، لا يحصيها عاد، ولا يحويها تعداد، فما من مشكل إلّا وله فيه اليد البيضاء، ولا من معضل إلّا وجلاه حق الجلاء، لقد صدق الفاروق حيث قال: أعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو

١٧٨

الحسن.

لعلي أسماء أوردها الأئمة في كتبهم منها في السماء « اعلى »، وفي الأرض: « علي »، وفي التوراة: « ولي » وفي الانجيل: « وفي »، وفي الزبور: « تقي » وعند حملة العرش: « سخي » وفي الجنة: « الساقي »، وعند المؤمنين: « المرتضى » و « حيدر »، وفي القرآن:( رُكَّعاً سُجَّداً ) ويسمى « قصماً »، سمّاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « علياً » وكنّاه بأبي الحسن، وأبي التراب، نسبه نسب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحسبه حسبه، ودينه دينه، قريب القربة، قديم الهجرة.

وامه فاطمة رضي الله عنها بنت أسد، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، قيل: ولدت فاطمة علياً في الكعبة، ونقل عنها: أنها كانت إذا أرادت أن تسجد لصنم وعلي في بطنها لم يمكّنها، يضع رجله على بطنها ويلصق ظهره بظهرها، ويمنعها عن ذلك، ولذلك يقال عند ذكر اسمه: كرّم الله وجهه، أي: كرّم الله وجهه من أن يسجد لصنم »(١) .

كتاب مفتاح الفتوح

وكتاب ( مفتاح الفتوح ) من شروح كتاب ( المصابيح ) المعروفة، قال في ( كشف الظنون ): « ومن شروح المصابيح: مفتاح الفتوح، أوله: الحمد لله الذي قصرت الافهام عما يليق بكبريائه الخ. ذكر فيه: انه جمعه من شرح السنة والغريبين والفائق والنهاية، ووضع حروف الرموز لتلك الكتب، وفرغ منه في إحدى وعشرين [ من ] رمضان سنة سبع وسبعمائة »(٢) .

____________________

(١). مفتاح الفتوح في شرح المصابيح - مخطوط.

(٢). كشف الظنون ٢ / ١٧٠١.

١٧٩

(٦٤)

إثبات أمير حسيني الفوزي

لقد أثبت حسين بن محمد المعروف بأمير حسيني الفوزي حديث مدينة العلم، إذ وصف أمير المؤمنينعليه‌السلام بهذا الوصف في جملة أوصافه التي ذكرها في ترجمتهعليه‌السلام في كتاب ( نزهة الأرواح ).

ترجمته:

ويوجد الثناء عليه وعلى ( نزهة الارواح ) وسائر مصنفاته في الكتب المؤلفة في تراجم العرفاء ومشايخ الصوفية، مثل:

١ - نفحات الأُنس: ٦٠٥.

٢ - جامع السلاسل - مخطوط.

وفي ( كشف الظنون ): « نزهة الأرواح فارسي لفخر السادات حسين بن محمد المعروف بأمير حسيني الفوزي، ألفه سنة ٧١١، مختصر منثور ومنظوم »(١) .

(٦٥)

رواية صدر الدين الحموئي

لقد روى صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد الحموئي الجويني

____________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٩٣٩.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428