نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 346547 / تحميل: 7092
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ظهور(١) الفسخ في حياتهما ، وللعامل البيع هنا حيث كان له البيع هناك ، ولا يحتاج إلى إذن الوارث ؛ اكتفاءً بإذن مَنْ يتلقّى الوارث الملك منه ، بخلاف ما إذا مات العامل حيث لا يتمكّن وارثه من البيع دون إذن المالك ؛ لأنّه لم يرض بتصرّفه.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر : إنّ العامل أيضاً لا يبيع إلّا بإذن وارث المالك(٢) .

والمشهور عندهم : الأوّل(٣) . ولا بأس بالثاني.

ويجري الخلاف في استيفائه الديون بغير إذن الوارث(٤) .

أمّا لو أراد العامل الشراء ، فإنّه ممنوع منه ؛ لأنّ القراض قد بطل بموت المالك.

مسألة ٢٩٠ : إذا مات المالك وأراد هو والوارث الاستمرار على العقد ، فإن كان المال ناضّاً ، لم يكن لهما ذلك إلّا بتجديد عقدٍ واستئناف شرطٍ بينهما ، سواء وقع العقد قبل القسمة أو بعدها ، وسواء كان هناك ربح أو لا ؛ لجواز القراض على المشاع ، ويكون رأس المال وحصّته من الربح رأس المال ، وحصّة العامل من الربح شركة له مشاع ، كما لو كان رأس المال مائةً والربح مائتين وجدّد الوارث العقد على النصف ، فرأس مال الوارث مائتان من ثلاثمائة ، والمائة الباقية للعامل ، فعند القسمة يأخذها وقسطها من الربح ، ويأخذ الوارث مائتين ، ويقتسمان ما بقي.

وهذه الإشاعة لا تمنع القراض عندنا وعند العامّة(٥) .

____________________

(١) الظاهر : « حصول » بدل « ظهور ».

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٥) المغني ٥ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤١

أمّا عندنا : فلجواز القراض بالمشاع.

وأمّا عندهم : فلأنّ الشريك هو العامل ، وذلك لا يمنع التصرّف(١) .

وكذلك يجوز القراض مع الشريك بشرط أن لا يشاركه في اليد عندهم(٢) ، ويكون للعامل ربح نصيبه خاصّةً ، ويتضاربان في ربح نصيب الآخَر.

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا بدّ فيه من عقدٍ صالحٍ للقراض بألفاظه المشترطة ؛ لأنّه عقد مبتدأ ، وليس هو تقريراً لعقدٍ ماضٍ ؛ لأنّ العقد الماضي قد ارتفع ، فلا بدّ من لفظٍ صالحٍ للابتداء ، والتقرير يشعر بالاستدامة ، فلا ينعقد بلفظ الترك والتقرير بأن يقول الوارث أو وليُّه : « تركتُك ، أو : أقررتُك على ما كنتَ عليه » - وهو أحد قولَي الشافعيّة(٣) - لأنّ هذه العقود لا تنعقد بالكنايات.

والثاني - وهو الأظهر عند الجويني - : إنّه ينعقد بالترك والتقرير ؛ لفهم المعنى ، وقد يستعمل التقرير لإنشاء عقدٍ على موجب العقد السابق(٤) .

وإن كان المال عروضاً ، لم يصح تقرير الوارث عليه ، وبطل القراض عندنا وارتفع - وهو أظهر وجهي الشافعيّة وإحدى الروايتين عن أحمد(٥) - لارتفاع القراض الأوّل بموت المالك ، فلو وُجد قراضٌ آخَر لكان عقداً

____________________

(١) المغني ٥ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٢) الوسيط ٤ : ١٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٣ و ٤) الوسيط ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٥) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠ ، المغني ٥ : ١٨١ و ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤٢

مستأنفاً فيرد على العروض ، وهو باطل.

والثاني : إنّه يجوز تقرير الوارث عليه ؛ لأنّه استصحاب قراضٍ ، فيظهر فيه جنس المال وقدره ، فيجريان على موجبه ، وهذا الوجه هو منصوص الشافعي(١) .

والرواية الثانية عن أحمد : إنّ القراض إنّما منع منه في العروض ؛ لأنّه يحتاج عند المفاصلة إلى ردّ مثلها أو قيمتها ، ويختلف ذلك باختلاف الأوقات ، وهذا غير موجودٍ هنا ؛ لأنّ رأس المال غير العروض ، وحكمه باقٍ ، فإنّ للعامل أن يبيعه ليسلّم رأس المال ويقسّم الباقي(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ المظنّة لا يناط الحكم بها ، بل بالوصف الضابط لها ، ولا ريب في أنّ هذا ابتداء قراضٍ ، ولهذا لو كان المال ناضّاً كان ابتداء قراضٍ إجماعاً ، وكانت حصّة العامل من الربح شركةً له يختصّ بربحها ، ويضارب في الباقي ، وليس لربّ المال في حصّة العامل شركة في ربحها ، ولو كان المال ناقصاً بخسارةٍ أو تلفٍ كان رأس المال الموجودَ منه حال ابتداء القراض ، فلو جاز ابتداء القراض هنا وبناؤها على القراض الأوّل لصارت حصّة العامل من الربح غير مختصّةٍ [ به ] وحصّتها من الربح مشتركة بينهما ، وحُسب عليه العروض بأكثر من قيمتها فيما إذا كان المال ناقصاً ، وهذا لا يجوز في القراض بلا خلافٍ ، ويلزم أيضاً أن يصير بعض رأس المال ربحاً ، وذهاب بعض الربح في رأس المال.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠ ، المغني ٥ : ١٨١ و ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٢) المغني ٥ : ١٨١ - ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤٣

مسألة ٢٩١ : لو مات العامل ، فإن كان المال ناضّاً ولا ربح أخذه المالك ، وإن كان فيه ربح أخذ المالك المالَ وحصّته من الربح ، ودفع إلى الوارث حصّته.

ولو كان متاعاً واحتيج إلى البيع والتنضيض ، فإن أذن المالك لوارث العامل فيه جاز ، وإلّا تولّاه شخص ينصبه الحاكم.

ولا يجوز تقرير الوارث على القراض ؛ لأنّه لا يصحّ القراض على العروض ، والقراض الأوّل قد بطل بموت العامل أو جنونه ، وبه قال الشافعيّة(١) .

ولا يُخرّج على الوجهين المذكورين عندهم في موت المالك حيث قالوا هناك : إنّه يجوز - في أحد الوجهين - تقرير العامل على القراض ؛ لأنّ الفرق واقع بين موت المالك وموت العامل ؛ لأنّ ركن القراض من جانب العامل عمله وقد فات بوفاته ، ومن جانب المالك المال ، وهو باقٍ بعينه انتقل إلى الوارث ، ولأنّ العامل هو الذي اشترى العروض ، والظاهر أنّه لا يشتري إلّا ما يسهل عليه بيعه وترويجه ، وهذا المعنى لا يؤثّر فيه موت المالك ، وإذا مات العامل فربما كانت العروض كلاًّ على وارثه ؛ لأنّه لم يشترها ولم يخترها(٢) .

وعند أحمد : إنّه يجوز القراض بالعروض ، فيجوز هنا في كلّ موضعٍ يجوز ابتداء القراض فيه بالعروض بأن تُقوّم العروض ويجعل رأس المال‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، وراجع : الحاوي الكبير ٧ : ٣٣١ ، والبيان ٧ : ٢٠١.

١٤٤

قيمتها يوم العقد(١) .

ولو كان المال ناضّاً وقت موت العامل ، جاز أن يبتدئ المالك القراضَ مع وارثه بعقدٍ جديد ، ولا يصحّ بلفظ التقرير.

وللشافعيّة الوجهان السابقان(٢) .

فإن لم يرض ، لم يجز للوارث شراء ولا بيع.

إذا عرفت هذا ، فالوجهان المذكوران في التقرير للشافعيّة كالوجهين في أنّ الوصيّة بالزائد على الثلث إذا جعلناها ابتداء عطيّةٍ هل تنفذ بلفظ الإجازة؟ ويجريان أيضاً فيما إذا انفسخ البيع الجاري بينهما ثمّ أرادا إعادته ، فقال البائع : قرّرتُك على موجب العقد الأوّل ، وقَبِل صاحبه(٣) .

وفي مثله من النكاح لا يعتبر ذلك عندهم(٤) .

وللجويني احتمال فيه ؛ لجريان لفظ النكاح مع التقرير(٥) .

مسألة ٢٩٢ : إذا مات العامل وعنده مال مضاربةٍ لجماعةٍ متعدّدين ، فإن عُلم مال أحدهم بعينه كان أحقَّ به ، وإن جُهل كانوا فيه سواءً ، وإن جُهل كونه مضاربةً قضي به ميراثاً.

ولو سمّى الميّت واحداً بعينه قضي له به ، وإن لم يذكر كان أُسوة الغرماء ؛ لما رواه السكوني عن الصادقعليه‌السلام عن الباقر عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام أنّه كان يقول : « مَنْ يموت وعنده مال مضاربةٍ - قال - إن سمّاه بعينه قبل موته فقال : هذا لفلانٍ ، فهو له ، وإن مات ولم يذكر فهو أُسوة الغرماء »(٦) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٣.

(٢) الوسيط ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤.

(٦) التهذيب ٧ : ١٩٢ / ٨٥١.

١٤٥

مسألة ٢٩٣ : إذا استردّ المالك بعضَ المال من العامل بعد دورانه في التجارة ولم يكن هناك ربح ولا خسران ، رجع رأس المال إلى القدر الباقي ، وارتفع القراض في القدر الذي أخذه المالك.

وإن كان بعد ظهور ربحٍ في المال ، فالمستردّ شائع ربحاً على النسبة الحاصلة من جملتي الربح ورأس المال ، ويستقرّ ملك العامل على ما يخصّه بحسب الشرط ممّا هو ربح منه ، فلا يسقط بالنقصان الحادث بعده.

وإن كان الاسترداد بعد ظهور الخسران ، كان الخسران موزَّعاً على المستردّ والباقي ، فلا يلزم جبر حصّة المستردّ من الخسران ، كما لو استردّ الكلّ بعد الخسران لم يلزم العامل شي‌ء ، ويصير رأس المال الباقي بعد المستردّ وحصّته من الخسران.

مثال الاسترداد بعد الربح : لو كان رأس المال مائةً وربح عشرين ، ثمّ استردّ المالك عشرين ، فالربح سدس المال ، فالمأخوذ يكون سدسه ربحاً : ثلاثة وثلث ، ويستقرّ ملك العامل على نصفه إذا كان الشرط المناصفةَ ، وهو واحد وثلثا واحدٍ ، ويبقى رأس المال ثلاثة وثمانين وثُلثاً ؛ لأنّ المأخوذ سدس المال ، فينقص سدس رأس المال ، وهو ستّة عشر وثلثان ، وحظّهما من الربح ثلاثة وثلث ، فيستقرّ ملك العامل على درهمٍ وثلثين ، حتى لو انخفضت السوق وعاد ما في يده إلى ثمانين لم يكن للمالك أن يأخذ الكلّ ويقول : كان رأس المال مائةً وقد أخذتُ عشرين أضمّ إليها هذه الثمانين لتتمّ لي المائة ، بل يأخذ العامل من الثمانين واحداً وثلثي واحدٍ ، ويردّ الباقي ، وهو ثمانية وسبعون وثلث واحدٍ.

ومثال الاسترداد بعد الخسران : كان رأس المال مائةً ، وخسر عشرين ، ثمّ استردّ المالك عشرين ، فالخسران موزَّع على المستردّ والباقي ،

١٤٦

تكون حصّة المستردّ خمسةً لا يلزمه جبرها ، حتى لو ربح بعد ذلك فبلغ المال ثمانين ، لم يكن للمالك أخذ الكلّ ، بل يكون رأس المال خمسةً وسبعين ، والخمسة الزائدة تُقسّم بينهما نصفين ، فيحصل للمالك من الثمانين سبعة وسبعون ونصف.

ولو كان رأس المال مائةً فخسر عشرةً ثمّ أخذ المالك عشرةً ثمّ عمل الساعي فربح ، فرأس المال ثمانية وثمانون وثمانية أتساع ؛ لأنّ المأخوذ محسوب من رأس المال ، فهو كالموجود ، والمال في تقدير تسعين ، فإذا بسط الخسران - وهو عشرة - على تسعين أصاب العشرة المأخوذة دينار وتُسْع دينار ، فيوضع ذلك من رأس المال ، وإن أخذ نصف التسعين الباقية بقي رأس المال خمسين ؛ لأنّه أخذ نصف المال ، فسقط نصف الخسران ، وإن أخذ خمسين بقي أربعة وأربعون وأربعة أتساع.

ولو كان رأس المال مائةً فربح عشرين ثمّ أخذ المالك ستّين ، بقي رأس المال خمسين ؛ لأنّه أخذ نصف المال ، فبقي نصفه ، وإن أخذ خمسين بقي رأس المال ثمانية وخمسين وثلثاً ؛ لأنّه أخذ ربع المال وسدسه ، فبقي ثلثه وربعه ، فإن أخذ منه ستّين ثمّ خسر فصار معه أربعون فردّها كان له على المالك خمسة ؛ لأنّ الذي أخذه المالك قد انفسخت فيه المضاربة ، فلا يجبر ربحه خسران الباقي ؛ لمفارقته إيّاه ، وقد أخذ من الربح عشرة ؛ لأنّ سدس ما أخذه ربح ، ولو ردّ منها عشرين لا غير بقي رأس المال خمسة وعشرين.

مسألة ٢٩٤ : حكم القراض الفاسد استحقاق المالك جميعَ الربح ؛ لأنّ المال له ، ونماؤه تابع ، والعامل إنّما يستحقّ شيئاً من الربح بالشرط ، فإذا بطل الشرط لم يستحق العامل شيئاً.

١٤٧

ويجب للعامل أُجرة المثل ، سواء كان في المال ربح أو لم يكن.

ولا يستحقّ العامل قراضَ المثل ، بل أُجرة المثل عندنا وعند الشافعي(١) ؛ لأنّ عمل العامل إنّما كان في مقابلة المسمّى ، فإذا لم تصح التسمية وجب ردّ عمله عليه ، وذلك يوجب له أُجرة المثل ، كما إذا اشترى شيئاً شراءً فاسداً وقبضه وتلف ، فإنّه يجب عليه قيمته.

وقال مالك : يجب للعامل قراض المثل ، يعني أنّه يجب ما يقارضه به مثله ؛ لأنّ شبهة كلّ عقدٍ وفاسده مردود إلى صحيحه ، وفي صحيحه لا يستحقّ شيئاً من الخسران ، وكذلك في الفاسد ، والصحيح يستحقّ فيه المسمّى ، سواء كانت أُجرته دونه أو أكثر(٢) .

والتسمية إنّما هي من الربح ، وفي مسألتنا بطلت التسمية ، وإنّما تجب له الأُجرة ، وذلك لا يختصّ بالربح ، فافترقا ، فبطل القياس.

إذا عرفت هذا ، فإنّ القراض الفاسد له حكمٌ آخَر ، وهو صحّة تصرّف العامل ونفوذه ؛ لأنّه أذن له فيه ، فوقع بمجرّد إذنه ، فإن كان العقد فاسداً - كما لو وكّله وكالةً فاسدة - وتصرّف فإنّه يصحّ تصرّفه.

لا يقال : أليس إذا باع بيعاً فاسداً وتصرّف المشتري لم ينفذ؟

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ١٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ - ٣٤٩ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥ ، المغني ٥ : ١٨٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٥ / ١٧٤٠ ، الاستذكار ٢١ : ١٥١ / ٣٠٨٥١ و ٣٠٨٥٢ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٦ / ١٢٥٠.

(٢) الاستذكار ٢١ : ١٥١ / ٣٠٨٥٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤١ / ١١١٤ ، التفريع ٢ : ١٩٦ - ١٩٧ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٥ / ١٢٥٠ ، المعونة ٢ : ١١٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٥ / ١٧٤٠ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، المغني ٥ : ١٨٨ - ١٨٩.

١٤٨

لأنّا نقول : الفرق ظاهر ؛ لأنّ تصرّف المشتري إنّما لم ينفذ لأنّه يتصرّف من جهة الملك ولم يحصل له ، وكذلك إذا أذن له البائع أيضاً ؛ لأنّ إذنه كان على أنّه ملك المأذون فيه ، فإذا لم يملك لم يصح ، وهنا أذن له في التصرّف في ملك نفسه ، وما شرطه من الشروط الفاسدة ، فلم يكن مشروطاً في مقابلة الإذن ؛ لأنّه أذن في تصرّفٍ يقع له ، فما شرطه لا يكون في مقابلته.

مسألة ٢٩٥ : لو دفع إليه مالاً قراضاً وقال : اشتر به هرويّاً أو مرويّاً بالنصف ، قال الشافعي : يفسد القراض(١) . واختلف أصحابه في تعليله.

فمنهم مَنْ قال : إنّما فسد ؛ لأنّه قال بالنصف ، ولم يبيّن لمن النصف؟ فيحتمل أن يكون شرط النصف لربّ المال ، وإذا ذكر في القراض نصيب ربّ المال ولم يذكر نصيب العامل ، كان القراض فاسداً(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الشرط إذا أُطلق انصرف إلى نصيب العامل ؛ لأنّ ربّ المال يستحقّ الربح بالمال ، ولا يحتاج إلى شرطٍ ، كما لا يحتاج في شركة العنان إلى شرط الربح ، فإذا شرط كان الظاهر أنّه شرط ذلك للعامل.

وقال بعضهم : إنّما فسد ؛ لأنّه أذن له في الشراء ، دون البيع(٣) .

____________________

(١) مختصر المزني : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

١٤٩

وفيه نظر ؛ لأنّ إطلاق المضاربة يقتضي تسويغ التصرّف للعامل بيعاً وشراءً ، والتنصيص على الإذن في شراء جنسٍ لا يقتضي عدم الإذن في البيع ، فيبقى على الإطلاق.

وقال بعضهم : إنّه يفسد ؛ للتعيين(١) .

وليس بشي‌ءٍ.

وقال آخَرون : إنّما يفسد ؛ لأنّه لم يعيّن أحد الجنسين(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّه يجوز أن يخيّره بما يشتريه.

والمعتمد : صحّة القراض.

مسألة ٢٩٦ : لا يجوز للعامل أن يبيع الخمر ولا يشتريه ، وكذا الخنزير وأُمّ الولد ، سواء كان العامل مسلماً أو نصرانيّاً إذا كان ربّ المال مسلماً أو كان العامل مسلماً ، ولو كانا ذمّيّين جاز - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه وكيل المالك ، ولا يدخل ذلك في ملك المالك ، فيكون منهيّاً عنه ؛ لما فيه من خروج الملك عن ملكه.

وقال أبو حنيفة : إذا كان العامل نصرانيّاً فباع الخمر أو اشتراها ، صحّ ذلك(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٣ - ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٣ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

١٥٠

وقال أبو يوسف ومحمّد : يصحّ منه الشراء ، ولا يصحّ منه البيع ، وفرّقوا بينهما بأنّ الوكيل يدخل ما يشتريه أوّلاً في ملكه ، فإذا باع ملك غيره لم يدخل في ملكه ، وكان العامل كأنّ في يده عصيراً فصار خمراً ، فيكون ذلك لربّ المال ، ولا يكون بيعه إلّا من جهته ، ولا يصحّ من المسلم بيع الخمر(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو خالف العامل واشترى خمراً أو خنزيراً أو أُمَّ ولدٍ ودفع المال في ثمنه ، فإن كان عالماً كان ضامناً ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فكأنّه قد دفع ثمنه بغير عوضٍ ، فكان ضامناً.

وإن كان جاهلاً ، فكذلك - وهو الأشهر للشافعيّة(٢) - لأنّ حكم الضمان لا يختلف بالعلم والجهل.

وقال القفّال من الشافعيّة : يضمن في الخمر ، دون أُمّ الولد ؛ لأنّه ليس لها أمارة تُعرف بها(٣) .

وقال بعضهم : لا يضمن فيهما(٤) .

وقال آخَرون : لا يضمن في العلم أيضاً ؛ لأنّه اشترى ما طلب فيه الفضل بحسب رأيه(٥) .

وهو خطأ ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فلا يجوز له دفع المال في عوضه.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

(٢) البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

١٥١

مسألة ٢٩٧ : قد بيّنّا أنّه إذا قال للعامل : قارضتك على أن يكون لك شركة في الربح ، أو شركة ، فإنّه لا يصح ؛ لأنّه لم يعيّن مقدار حصّة العامل ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال محمّد بن الحسن : إنّه إذا قال : شركة ، صحّ ، وإذا قال : شرك ، لم يصح(٢) .

وقال أصحاب مالك : يصحّ ، ويكون له مضاربة المثل(٣) .

وقد بيّنّا غلطهم.

ولو قال : خُذْه قراضاً على النصف أو الثلث أو غير ذلك ، صحّ ، وكان ذلك تقديراً لنصيب العامل ؛ قضيّةً للظاهر من أنّ الشرط للعامل ؛ لأنّ المالك يستحقّه بماله ، والعامل يستحقّه بالعمل ، والعمل يكثر ويقلّ ، وإنّما تتقدّر حصّته بالشرط فكان الشرط له.

فإن اختلفا فقال العامل : شرطتَه لي ، وقال المالك : شرطتُ ذلك لنفسي ، قُدّم قول العامل ؛ لأنّ الظاهر معه.

مسألة ٢٩٨ : لو دفع إليه ألفين قراضاً فتلف أحدهما قبل التصرّف ، فقد قلنا : إنّ الأقرب : احتساب التالف من الربح.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٨٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٥ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٥ ، المنتقى - للباجي - ٥ : ١٥٢.

(٣) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٥ ، المنتقى - للباجي - ٥ : ١٥٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، البيان ٧ : ١٦٥.

١٥٢

وقال الشافعي : يكون من رأس المال(١) .

فإن كان التلف بعد أن باع واشترى ، فالتلف من الربح قولاً واحداً.

ولو اشترى بالألفين عبدين فتلف أحدهما ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّه يكون من الربح ؛ لأنّه تلف بعد أن ردّ المال في التجارة.

والثاني : يكون من رأس المال ؛ لأنّ العبد التالف بدل أحد الألفين ، فكان تلفه كتلفها(٢) .

قال أبو حامد : هذا خلاف مذهب الشافعي ؛ لأنّ المزني نقل عنه أنّه إذا ذهب بعض المال قبل أن يعمل ثمّ عمل فربح وأراد(٣) أن يجعل البقيّة رأس المال بعد الذي هلك ، فلا يُقبل قوله ، ويوفى رأس المال من ربحه حتى إذا وفاه اقتسما الربح على شرطهما ؛ لأنّ المال إنّما يصير قراضاً في يد العامل بالقبض ، فلا فرق بين أن يهلك قبل التصرّف أو بعده ، فيجب أن يحتسب من الربح(٤) .

وهذا كما اخترناه نحن.

مسألة ٢٩٩ : لو دفع المالك إلى العامل مالاً قراضاً ثمّ دفع إليه مالاً آخَر قراضا ، فإن كان بعد تصرّف العامل في الأوّل بالبيع والشراء كانا قراضين ، وإلّا كانا واحداً ، فلو دفع إليه ألفاً قراضاً فأدارها العامل في التجارة بيعاً‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٣١ ، الوسيط ٤ : ١٢٤ ، البيان ٧ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٣ ، البيان ٧ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ - ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٣) في « ث ، خ ، ر » : « فأراد ».

(٤) راجع : بحر المذهب ٩ : ٢٣١.

١٥٣

وشراءً ثمّ دفع إليه ألفاً أُخرى قراضاً ، تعدّد القراضان على معنى أنّ ربح كلّ واحدةٍ منهما لا يجبر خسران الأُخرى ، بل تختصّ كلٌّ منهما بربحها وخسرانها ، وجبر خسرانها من ربحها خاصّةً.

فإن قال المالك : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، بعد أن اشتغل العامل بالتجارة ، لم يصح القراض الثاني ؛ لأنّ ربح الأوّل قد استقرّ ، فكان ربحه وخسرانه مختصّاً به ، فإذا شرط ضمّ الثانية إليه ، اقتضى أن يجبر به خسران الأُولى إن كان فيه خسران ، ويجبر خسران الثانية بربح الأوّلة ، وهو غير جائزٍ ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ من العقدين حكماً منفرداً ، فإذا شرط في الثاني ما لا يصحّ ، فسد.

وإن كان قبل أن يتصرّف في الأُولى(١) وقال له : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، جاز ، وكان قراضاً واحداً.

ولو كان المال الأوّل قد نضّ وقال له المالك : ضمّ الثانية إليه ، جاز - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه قد أمن فيه المعنى الذي ذكرناه ، وصار كأنّه لم يتصرّف.

ولما رواه محمّد بن عذافر عن أبيه قال : أعطى الصادقعليه‌السلام أبي ألفاً وسبعمائة دينار فقال له : « اتّجر لي بها » ثمّ قال : « أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوباً فيه ، ولكن أحببتُ أن يراني الله تعالى متعرّضاً لفوائده » قال : فربحتُ فيها مائة دينار ثمّ لقيته فقلت له : قد ربحتُ لك فيها مائة دينار ، قال : ففرح الصادقعليه‌السلام بذلك فرحاً شديداً ثمّ قال لي : « أثبتها‌

____________________

(١) في « ث » ، خ ، ر » : « الأوّلة » بدل « الأُولى ».

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧.

١٥٤

لي في رأس مالي »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه إذا دفع إليه ألفاً قراضاً ثمّ دفع إليه ألفاً أُخرى قراضاً ولم يأمره بضمّ إحداهما إلى الأُخرى ، بل جعل الألف الأُولى قراضاً بعقدٍ ثمّ دفع إليه الثانية قراضاً بعقدٍ آخَر ، لم يجز له ضمّ الثانية إلى الأُولى ومزجها به ؛ لأنّهما قراضان بعقدين على مالين ، فلا يجوز مزجهما إلّا بإذن المالك ، كما لو قارضه اثنان بمالين منفردين ، فإن ضمّ إحداهما إلى الأُخرى ومزجهما ضمن ، وبه قال الشافعي(٢) ، خلافاً لأبي حنيفة(٣) .

وقال إسحاق : يجوز ضمّ الثانية إلى الأُولى إذا لم يتصرّف في الأُولى(٤) .

وكذا لو ضمّ مال أحد المالكين إلى مال الآخَر ومزجه به ضمن ، إلّا أن يأذن كلّ واحدٍ منهما ، ولا يكفي إذن الواحد في عدم ضمان مال الآخَر ، بل في مال الآذن خاصّةً.

مسألة ٣٠٠ : إذا دفع إليه ألفاً قراضاً وقال له : أضف إليها ألفاً أُخرى من عندك ويكون الربح لك منه الثلثان ولي الثلث ، أو قال : لك الثلث ولي الثلثان ، فالأقرب عندنا : الصحّة ؛ للأصل.

وقال الشافعي : لا يصحّ ؛ لأنّه إن شرط لنفسه الأكثر فقد فسد ؛ لتساويهما في المال ، وذلك يقتضي تساويهما في الربح ، فإذا شرط عليه‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٧٦ / ١٢ ، التهذيب ٦ : ٣٢٦ - ٣٢٧ / ٨٩٨.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩.

(٤) المغني ٥ : ١٧٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٨.

١٥٥

العمل ونصيبه من الربح كان باطلاً ، وإن شرط للعامل الأكثر فسد أيضاً ؛ لأنّ الشركة إذا وقعت على مالٍ كان الربح تابعاً له دون العمل ، فتكون الشركة فاسدةً ، ويكون هذا قراضاً فاسداً ؛ لأنّه عقد بلفظ القراض(١) .

ولو كان قد دفع إليه ألفين وقال له : أضف إليهما ألفاً من عندك فتكون الألف بيننا شركةً والألف الأُخرى قارضتك عليها بالنصف ، جاز عنده(٢) أيضاً ؛ لأنّ أكثر ما فيه أنّ مال القراض مشاع ، والإشاعة إذا لم تمنع التصرّف لم تمنع الصحّة.

وقال أصحاب مالك : لا يجوز أن يضمّ إلى القراض الشركة(٣) ؛ لأنّه لا يجوز أن يضمّ إليه عقد إجارةٍ ، فلا يجوز أن يضمّ إليه عقد شركةٍ(٤) .

والأصل ممنوع ، ولأنّ أحد العقدين إذا لم يجعلاه شرطاً في الآخَر لم يمنع من جمعهما ، كما لو كان المال متميّزاً ، والإجارة إن كانت متعلّقةً بزمانٍ نافت القراض ؛ لأنّه يمنعه من التصرّف ، وإن كانت متعلّقةً بالذمّة جاز.

ولو دفع إليه ألفاً قراضاً فخلطها بألف له بحيث لا تتميّز ، فقد تعدّى بذلك ، فصار ضامناً ، كالمودع إذا مزج الوديعة بغيرها من ماله أو غير ماله.

ولأنّه صيّره بمنزلة التالف.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، البيان ٧ : ١٦٦ - ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤ ، المغني ٥ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٣.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٣ ، المغني ٥ : ١٣٦ - ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٢ - ١٤٣.

(٣) في « ث ، خ ، ر » : « شركة ».

(٤) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٣ ، التفريع ٢ : ١٩٥ ، المعونة ٢ : ١١٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٨٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، المغني ٥ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٣.

١٥٦

مسألة ٣٠١ : إذا دفع إليه مالاً قراضاً وشرط عليه أن ينقل المال إلى موضع كذا ويشتري من أمتعته ثمّ يبيعها هناك أو يردّها إلى موضع القراض ، جاز ذلك ؛ للأصل ، بل لو خالف ضمن ؛ لما رواه الكناني عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المضاربة يعطى الرجل المال يخرج به إلى الأرض ونهي(١) أن يخرج به إلى أرض غيرها فعصى فخرج به إلى أرض أُخرى فعطب المال ، فقال : « هو ضامن ، فإن سلم فربح فالربح بينهما »(٢) .

وقال أكثر الشافعيّة : يفسد القراض ؛ لأنّ نقل المال من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ عمل زائد على التجارة ، فأشبه شرط الطحن والخبز ، ويخالف ما إذا أذن له في السفر ؛ فإنّ الغرض منه رفع الحرج(٣) .

وقال جماعة من محقّقيهم : إنّ شرط المسافرة لا يضرّ ، فإنّها الركن الأعظم في الأموال والبضائع الخطيرة(٤) .

والأصل عندنا ممنوع.

ولو قال : خُذْ هذه الدراهم قراضاً وصارِف بها مع الصيارفة ، لم يجز له أن يصارف مع غيرهم ؛ لأنّه قد خالف ما عيّنه له ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّه يصحّ ؛ لأنّ الغرض من مثله أن يصرفه صرفاً لا قوام بأعيانهم(٥) .

مسألة ٣٠٢ : لو دفع إليه زيد مالاً قراضاً ودفع إليه عمرو كذلك ، فاشترى بكلّ واحدٍ من المالين عبداً ثمّ اشتبها عليه ، بِيع العبدان ، وبسط الثمن بينهما على النسبة - ولو ربح فعلى ما شرطاه له ، فإن اتّفق خسران ،

____________________

(١) في الفقيه و « ر » : « وينهى ».

(٢) الفقيه ٣ : ١٤٣ - ١٤٤ / ٦٣١ ، التهذيب ٧ : ١٨٩ - ١٩٠ / ٨٣٧.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

١٥٧

فإن كان لتقصيره ضمن ، وإن كان لانخفاض السوق لم يضمن ؛ لأنّ غايته أن يكون كالغاصب ، والغاصب لا يضمن نقصان السوق - وهو أحد قولَي الشافعيّة(١) ؛ لأنّ قضيّة المال الممتزج هذا.

ولما رواه إسحاق بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهماً في ثوبٍ وآخَر عشرين درهماً في ثوبٍ ، فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه ، قال : « يباع الثوبان ، فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والآخَر خُمسي الثمن » قال : قلت : فإنّ صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين : اختر أيّهما شئت ، قال : « قد أنصفه »(٢) .

وللشافعيّة قولٌ بأنّ شراء العبدين ينقلب إلى العامل ، ويغرم لهما ؛ للتفريط حيث لم يفردهما حتى تولّد الاشتباه(٣) .

ثمّ المغروم عند الأكثرين الألفان(٤) .

وقال بعضهم : يغرم قيمة العبدين وقد تزيد على الألفين(٥) .

ولهم قولٌ غريب ثالث : إنّه يبقى العبدان على الإشكال إلى أن‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، البيان ٧ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٥.

(٢) الكافي ٧ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٣ / ٦٢ ، التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨٢ و ٣٠٣ - ٣٠٤ / ٨٤٧.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، البيان ٧ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤ - ٢٢٥.

١٥٨

يصطلحا(١) .

مسألة ٣٠٣ : إذا تعدّى المضارب وفَعَل ما ليس له فعله أو اشترى شيئاً نهاه المالك عن شرائه ، ضمن المال في قول أكثر أهل العلم(٢) ، وروي ذلك عن أهل البيتعليهم‌السلام (٣) ، وبه قال أبو هريرة وحكيم بن حزام وأبو قلابة ونافع وأياس والشعبي والنخعي والحكم ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي(٤) .

وروى العامّة عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال : « لا ضمان على مَنْ شُورك في الربح »(٥) ونحوه عن الحسن والزهري(٦) .

والمعتمد : الأوّل ، والرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام نحن نقول بموجبها ؛ فإنّه لا ضمان بدون التفريط.

والأصل فيه أنّه قد تصرّف في مال غيره بدون إذنه ، فلزمه الضمان ، كالغاصب. وقد تقدّم أنّه يشارك في الربح.

إذا عرفت هذا ، فلو اشترى شيئاً نهاه المالك عن شرائه فربح ، فالربح على الشرط ، وبه قال مالك(٧) ؛ لما تقدّم(٨) من الرواية عن أهل البيتعليهم‌السلام ، ولأنّه تعدٍّ ، فلا يمنع كون الربح لهما على ما شرطاه ، كما لو لبس الثوب وركب دابّةً ليس له ركوبها.

وقال أحمد : الربح بأسره لربّ المال - وعن أحمد رواية أُخرى :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٥.

(٢) كما في المغني ٥ : ١٦٥ ، والشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٣) التهذيب ٧ : ١٩٣ / ٨٥٣.

(٤ - ٦) المغني ٥ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٧) المنتقى - للباجي - ٥ : ١٧٠ ، المغني ٥ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٨) آنفاً.

١٥٩

إنّهما يتصدّقان بالربح على سبيل الورع ، وهو لربّ المال في القضاء - لأنّ عروة بن [ الجعد ](١) البارقي قال : عرض للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جلب فأعطاني ديناراً فقال : « يا عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاةً » فأتيتُ الجلب فساومتُ صاحبه فاشتريتُ شاتين بدينارٍ ، فجئتُ أسوقهما - أو أقودهما - فلقيني رجل بالطريق فساومني ، فبعتُ منه شاةً بدينار ، فجئتُ بالدينار والشاة فقلت : يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم ، فقال : « وكيف صنعتَ؟ » فحدّثته الحديث ، فقال : « اللّهمّ بارك له في صفقة يمينه »(٢) .

ولأنّه نماء عينه بغير إذن مالكه ، فكان لمالكه ، كما لو غصب حنطةً فزرعها(٣) .

والخبر لا يدلّ على المتنازع ، والفرق ظاهر بين الغاصب والمضارب المأذون له.

إذا عرفت هذا ، فهل يستحقّ العامل الأُجرة ، أم لا؟ عن أحمد روايتان :

إحداهما : إنّه لا يستحقّ ، كالغاصب.

والثانية : إنّه يستحقّ ؛ لأنّ ربّ المال رضي بالبيع وأخذ الربح ، فاستحقّ العامل عوضاً ، كما لو عقده بإذنٍ(٤) .

وفي قدر الأُجرة عنه روايتان :

إحداهما : أُجرة مثله ما لم يحط بالربح ؛ لأنّه عمل ما يستحقّ به‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « لبيد ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٦ ، الهامش (٢)

(٣) المغني ٥ : ١٦٥ - ١٦٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨ - ١٥٩.

(٤) المغني ٥ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

كالشيخ محمد بن محمد الأمير الأزهري المالكي كما في ( رسالة أسانيده ) وشاه ولي الله الدهلوي كما في ( الإِرشاد إلى مهمات الاسناد )، والشوكاني كما في ( إتحاف الأكابر بأسناد الدفاتر ). وغيرهم.

(١٢٥)

إثبات البرزنجي المدني

وقال محمد بن عبد الرسول البرزنجي الكردي المدني في ( الاشاعة في أشراط الساعة ) بعد نقل الحكاية الموضوعة في تعلم الخضر من أبي حنيفة عن كتاب ( المشرب الوردي في مذهب المهدي لعلي القاري ) قال:

« قال الشيخ علي: ولا يخفى أن هذا مع ركاكته ولحنه كلام بعض الملحدين الساعين في فساد الدين، إذ حاصله: أن الخضر الذي قال الله تعالى في حقه( عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ) وقد تعلم منه موسىعليه‌السلام تلميذ أبي حنيفة، وما أسرع فهم التلميذ حيث أخذ عن الخضر في ثلاث سنين ما تعلّم الخضر من أبي حنيفة حيّاً وميتاً في ثلاثين سنة، وأعجب منه أن أبا القاسم القشيري ليس معدوداً في طبقات الحنفية، ثم العجب من الخضر أنه أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يتعلّم منه الإسلام، ولا من علماء الصحابة كعلي باب مدينة العلم وأقضى الصحابة ».

ترجمته:

ترجم لهالمرادي بقوله: « محمد البرزنجي ابن عبد الرسول بن عبد السيد ابن عبد الرسول بن قلندر بن عبد السيد، المتصل النسب بسيدنا الحسن بن علي ابن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، الشافعي البرزنجي الأصل والمولد، المحقق المدقق

٢٨١

النحرير الأوحد الهمام، ولد بشهر زور ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الأول سنة أربعين وألف، ونشأ بها وقرأ القرآن وجوده على والده، وبه تخرّج في بقية العلوم ثمّ توطّن المدينة الشريفة وتصدّر التدريس وصار من سراة رءوسها، وألّف تصانيف عجيبة وبالجملة، فقد كان من أفراد العالم علماً وعملاً، وكانت وفاته في غرة محرم سنة ثلاث ومائة وألف، ودفن بالمدينةرحمه‌الله تعالى »(١) .

(١٢٦)

رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمد بن معتمد خان الحارثي البدخشاني بقوله: « وأخرج البزار عن جابر بن عبد الله، والعقيلي وابن عدي عن ابن عمر، والطبراني عن كليهما والحاكم عن علي وابن عمر، وأبو نعيم في المعرفة عن عليرضي‌الله‌عنه قالوا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها. زاد الطبراني في رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: فمن أراد العلم فليأته من بابه.

وهذا الحديث صحيح على رأي الحاكم، وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات، وقال الحافظ ابن حجر: الصّواب خلاف قوليهما معاً، فالحديث حسن لا صحيح ولا موضوع، وهو عند الترمذي وأبي نعيم في الحلية عن علي كرّم الله وجهه بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها »(٢) .

ورواه في ( مفتاح النجا ) كذلك ثم قال: « أقول: ذهب أكثر محققي المحدثين إلى أن هذا الحديث حديث حسن، بل قال الحاكم صحيح، ولم يصب ابن الجوزي في إيراده في الموضوعات»(٣) .

____________________

(١). سلك الدرر ٤ / ٦٥ - ٦٦.

(٢). نزل الابرار بما صح في مناقب اهل البيت الاطهار - ٧٣.

(٣). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

٢٨٢

ورواه في ( تحفة المحبين ) أيضاً بقوله: « أنا مدينة العلم وعلي بابها. ر، طس عن جابر بن عبد الله، عق، طب، عد عن ابن عمر. عم في المعرفة عن علي. ك عن كلا الأخيرين.

أقول: هذا الحديث صحّحه الحاكم وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات، وقال الحافظ ابن حجر: الصواب خلاف قوليهما معاً، فالحديث حسن لا صحيح ولا موضوع. أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه. طب عن ابن عباس »(١) .

(١٢٧)

إثبات صدر العالم

وقد أثبته محمد صدر العالم(٢) حيث أورد كلام الحافظ السيوطي في ( جمع الجوامع ) بطوله، وقد تقدم نصه في محله ( الوجه ٨٨ ).

(١٢٨)

رواية شاه ولي الله

وأرسله شاه ولي الله والد ( الدهلوي ) في مواضع من كتابه ( قرة العينين )

____________________

(١). تحفة المحبين - مخطوط.

والبدخشاني من كبار محدثي أهل السنة المعتمدين، فان كثيراً من علمائهم المتأخرين عنه ينقلون عن كتبه: نزل الابرار، تحفة المحبين، مفتاح النجا، ويستشهدون برواياته فيها وقد ترجم له صاحب ( نزهة الخواطر ٦ / ٢٥٩ ) قائلاً: « الشيخ العالم المحدث محمد بن رستم بن قباد الحارثي البدخشي، أحد الرجال المشهورين في الحديث والرجال » ثم ذكر كتبه المذكورة وغيرها.

(٢). وهو من كبار علماء أهل السنة في الديار الهندية في القرن الثاني عشر، كان معاصراً لشاه ولي الله الدهلوي وقد أثنى عليه ومدحه في كتابه ( التفهيمات الالهية ).

٢٨٣

إرسال المسلم، فمنها: قوله في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وقد شهدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعلمه بقوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وبتفوّقه في القضاء بقوله: أقضاكم علي ».

ومنها: قوله: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

ومنها قوله: « النكتة السابعة: لقد شاء الله تعالى انتشار دينه بواسطة رسوله في جميع الآفاق، وهذا لم يمكن إلّا عن طريق العلماء والقرّاء الذين أخذوا القرآن منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأظهر سبحانه على لسانهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضائل جماعة من الصحابة ليكون حثّاً للناس على أخذ العلم والقرآن منهم، وأصبحت تلك الفضائل بمثابة إجازات المحدثين لتلاميذهم، ليعرف الأقوال بالرجال من لا يعرف الرجال بالأقوال، ولقد كان علماء الأصحاب يشتركون في هذه الفضائل كما تنطق بذلك كتب الحديث، ومن هذا الباب: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وأقرؤكم أبي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ».

وقال شاه ولي الله في ( ازالة الخفا في سيرة الخلفا ) في مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام « وعن ابن عباس رضي الله عنها قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. و عن جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد العلم فليأت الباب ».

ولقد اعترف ( الدهلوي ) برواية والده حديث مدينة العلم حيث قال في رسالته التي ألّفها في بيان اعتقادات والده - على ما في ( ذخيرة العقبى لعاشق علي خان الدهلوي ) قال: « وقد أخرج في مصنفاته ما لا يحصى من أحاديث مناقب أمير المؤمنين، ولا سيّما « حديث غدير خم » و « أنت مني وأنا منك » و « من فارقك يا علي فقد فارقني » و حديث « ائتني بأحب خلقك إليك » و « أنا مدينة العلم وعلي بابها » و حديث « هذا أمير البررة وقاتل الفجرة » وأخرج حديث رد الشمس - الذي اختلف المحدثون فيه - بطريق صحيح عن الشيخ أبي طاهر المدني عن أبي القاسم

٢٨٤

الطبراني، ثم نقل شواهده عن الطحاوي وغيره من كبار المحدثين، وحكم بصحته، كما روى كرامات عديدة للمرتضى بطرق صحيحة ».

ترجمته:

والشاه ولي الله الدهلوي غني عن التعريف، فهو شيخ علماء الهند ومن عليه اعتمادهم، فقد وصفه محمد معين السندي بـ « عالم الهند وعارف وقته »(١) .

وفي موضع آخر بـ « قدوة علماء دهره يعسوب زماننا، الشيخ الأجل، الصوفي الأكمل، إمام بلاد الهند »(٢) .

ووصفه رشيد الدين الدهلوي في ( غرة الراشدين ) بـ « عمدة المحدثين، قدوة العارفين ».

ووصفه حيدر علي الفيض آبادي في ( منتهى الكلام ) بـ « خاتم العارفين، قاصم المخالفين، سيد المحدثين، سند المتكلمين، حجة الله على العالمين ». وترجم له الصديق حسن خان القنوجي في ( اتحاف النبلاء ) و ( أبجد العلوم )، وهذه خلاصة ما ذكر في الكتاب الثاني:

« مسند الوقت الشيخ الأجل شاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم المحدِّث الدهلوي. له رسالة سماها الجزء اللطيف في ترجمة العبد الضعيف ذكر فيها ترجمته بالفارسية مفصلة، حاصلها: إنه ولد يوم الأربعاء رابع شوال وقت طلوع الشمس في سنة ١١١٤ الهجرية، تاريخه عظيم الدين، ورأى جماعة من الصلحاء منهم والده الماجد مبشرات قبل ولادته، وهي مذكورة في كتاب القول الجلي في ذكر آثار الولي للشيخ محمد عاشق بن عبيد الله البارهوي البهليتي المخاطب بعلي، واكتسب في صغر سنّه الكتب الفارسية والمختصرات من العربية، واشتغل بأشغال المشايخ

____________________

(١). دراسات اللبيب في الاسوة الحسنة بالحبيب: ٢٧٣.

(٢). نفس المصدر: ٢٩٢.

٢٨٥

النقشبندية، ولبس خرقة الصوفية، وأجيز بالدّرس وفرغ من تحصيل العلم، وأجازه والده بأخذ البيعة ممن يريدها وقال: يده كيده، ثم اشتغل بالدرس نحو اثني عشرة سنة، وحصل له فتح عظيم في التوحيد والجانب الواسع في السلوك، ونزل على قلبه العلوم الوجدانية فوجاً فوجاً، وخاض في بحار المذاهب الأربعة واشتاق إلى زيارة الحرمين الشريفين، فرحل إليهما في سنة ١١٤٣ وأقام هناك عامين كاملين، وتلمذ على الشيخ أبي الطاهر المدني وغيره من مشايخ الحرمين.

ومن نعم الله تعالى عليه أن أولاه خلعة الفاتحية، وألهمه الجمع بين الفقه والحديث، وأسرار السنن ومصالح الأحكام، وسائر ما جاء بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ربه عزّ وجل، حتى أثبت عقائد أهل السنة بالأدلة والحجج، وطهّرها من قذى أهل المعقول، وأعطي علم الابداع والخلق والتدبير والتدلي مع طول وعرض وعلم استعداد النفوس الانسانية لجميعها، وأفيض عليه الحكمة العملية وتوفيق تشييدها بالكتاب والسنة، وتمييز العلم المنقول من المحرف المدخول، وفرق السنة السنية من البدعة غير المرضية. انتهى.

وكانت وفاته سنة ١١٧٦ الهجرية. وله مؤلفات جليلة ممتعة يجل تعدادها منها: فتح الرحمن في ترجمة القرآن، والفوز الكبير في أُصول التفسير، والمسوّى والمصفّى في شروح الموطإ، والقول الجميل والخير الكثير، والانتباه، والدر الثمين، وكتاب حجة الله البالغة، وكتاب إزالة الخفا عن خلافة الخلفاء، ورسائل التفهيمات. وغير ذلك.

وقد ذكرت له ترجمة حافلة في كتابي إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين، وذكر له معاصرنا المرحوم المولوي محمد محسن بن يحيى البكري التيمي الترهتيرحمه‌الله ترجمة بليغة في رسالته اليانع الجني، وبالغ في الثناء عليه، وأتى بعبارة نفيسة جداً، وأطال في ذكر أحواله الأُولى والأُخرى وأطاب ».

٢٨٦

(١٢٩)

إثبات محمد معين السندي

وقال معين بن محمد أمين السندي: « واستدلّوا على حجية القياس بعمل جمع كثير من الصحابة، وأن ذلك نقل عنهم بالتواتر، وإنْ كانت تفاصيل ذلك آحاداً، وأيضاً: عملهم بالقياس وترجيح البعض على البعض تكرر وشاع من غير نكير، وهذا وفاق وإجماع على حجية القياس.

فالجواب: إنه كما نقل عنهم القياس نقل ذمّهم القياس أيضاً، فعن باب مدينة العلمرضي‌الله‌عنه أنه قال: لو كان الدين بالقياس لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره »(١) .

ترجمته:

ومحمد معين السندي من مشاهير محققي أهل السنة، ومن تلامذة الشيخ عبد القادر مفتي مكّة المكرّمة ومن معاصري شاه ولي الله، وكتابه ( دراسات اللبيب ) من الكتب المعتبرة المشهورة، قال فيه: « وقد وافقنا على هذا الرأي قدوة علماء دهره يعسوب زماننا الشيخ الأجل الصوفي الأكمل إمام بلاد الهند الشيخ ولي الله ابن عبد الرحيم مشافهاً، في جملة صالحة من آرائنا مخاطباً لي في تفرّدي ببعض ما خالفت فيه الجماهير: ومن الرديف فقد ركبت غضنفراً؟. والحمد لله تعالى على ذلك حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ».

وقد ذكره المولوي صديق حسن خان القنوجي في ( إتحاف النبلاء المتقين

____________________

(١). دراسات اللبيب: ٢٨٤.

٢٨٧

بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين ) ووصفه بـ « الشيخ الفاضل المحقق » وأثنى عليه وعلى كتابه المذكور، ونوّه بالقصيدة التي أنشدها بعض معاصري السندي - وهو القاضي البشاوري - في وصف ( دراسات اللبيب ) واستجودها، وهي مطبوعة في آخر الكتاب المذكور.

(١٣٠)

إثبات محمد سالم الحفني

وأثبته الشيخ محمد بن سالم الحفني الشافعي في ( حاشية الجامع الصغير ) بقوله: « قوله ( فليأت الباب ) يعني: علياً، فقد ورد إن العلم جزّاً عشرة أجزاء أعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً، ولذا سئل سيدنا معاوية فقال للسائل: سل علياً فإنه أعلم مني ».

ترجمته:

١ - محمد بن محمد الأمير الأزهري في ( أسانيده ) بعد ذكر أخيه جمال الدين الحفني « ومنهم أخوه طراز عصابة العلماء المحققين، وبقية السادة الهداة العارفين، بهجة الدنيا وزينة الملة والدين، موصل السالكين ومجمل الواصلين، الاستاذ الأعظم شيخ الشيوخ، أبو عبد الله بدر الدين سيدي محمد الحفنيرضي‌الله‌عنه وأرضاه، حضرته في مجالس من الجامع الصغير والنجم الغيطي في مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي متن الشمائل للترمذي، وماترحمه‌الله أثناء قراءتها، وتلقنت عنه الذكر من طريق الخلوتية، وأجازني إجازة عامّة ».

٢ - المرادي: « محمد الحفني - الشيخ العالم المحقق المدقق العارف بالله تعالى قطب وقته أبو المكارم نجم الدين، ولد سنة ١١٠١ ودخل الأزهر واشتغل

٢٨٨

بالعلم على من به من الفضلاء، وألَّف التآليف النافعة، وكان يحضر درسه أكثر من خمسمائة طالب، وكان حسن التقرير ذا فصاحة وبيان، شهماً مهاباً محققاً مدققاً يهرع إليه الناس جميعاً، واشتهرت طريقة الخلوتية عنه في مشرق الأرض ومغربها في حياته. وكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة ١١٨١ » إنتهى ملخصاً(١) .

(١٣١)

رواية محمد بن إسماعيل الأمير

وروى محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني حديث مدينة العلم وأثبت صحته، إذ قال في ( الروضة الندية في شرح التحفة العلوية ) ما نصه: « قوله:

[ باب علم المصطفى إنْ تأته

فهنيئاً لك بالعلم مريا ] البيت

إشارة إلى الحديث المشهور المروي من طرق ابن عباس وغيره، ولفظه عن ابن عباس أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. أخرجه العقيلي وابن عدي والطبراني والحاكم.

أخرج ابن عدي أيضاً والحاكم من حديث جابر، و أخرج الترمذي من حديث عليعليه‌السلام بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها قال الترمذي: هذا حديث غريب - وفي نسخة: منكر -.

وقال العلّامة الحافظ الكبير المجتهد محمد بن جرير الطبري: هذا حديث عندنا صحيح، صحيح سنده. وقال الحاكم في حديث ابن عباس: صحيح الاسناد. وروى الخطيب في تاريخه عن يحيى بن معين أنه سئل عن حديث ابن

____________________

(١). سلك الدرر ٤ / ٣٨.

٢٨٩

عباس وقال: هو صحيح.

وقال ابن عدي: إنه موضوع، وأورد ابن الجوزي الحديثين حديث جابر وابن عباس في الموضوعات، وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: قد قال ببطلانه أيضاً الذهبي في الميزان وغيره، ولم يأتوا في ذلك بعلة قادحة سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر.

وقال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع وقال: الصواب خلاف قول الحاكم إنه صحيح وخلاف قول ابن الجوزي إنه موضوع، بل هو من قسم الحسن، لا يرتقي إلى الصحة ولا ينحطُّ إلى الكذب.

قال الحافظ السيوطي: قد كنت أجيب بهذا الجواب - وهو أنه من قسم الحسن - دهراً إلى أنْ وقفت [ على ] تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس، فاستخرت الله تعالى وجزمت بارتقاء الحديث عن رتبة الحسن إلى رتبة الصحة. إنتهى.

قلت: قد قسم أئمة الحديث الصحيح من الأحاديث إلى أقسام سبعة أحدها: أن ينص إمام من أئمة الحديث غير الشيخين [ على ] أنه صحيح، وهذا الحديث قد نص إمامان حافظان كبيران الحاكم أبو عبد الله والعلامة محمد بن جرير الذي قال الخطيب البغدادي في حقه: وكان ابن جرير من الأئمة يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، جمع من العلوم ما لم يشاركه أحد من أهل عصره، وقال في حقه المعروف عندهم بإمام الأئمة ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير، وأما الحاكم فهو إمام غير منازع. قال الذهبي في حقه: المحدِّث الحافظ الكبير إمام المحدّثين، وقال الخليل بن عبد الله: هو ثقة واسع بلغت تصانيفه قريباً من خمسمائة.

قلت: فأين يقع ابن الجوزي عند هذين الامامين؟ وأين هو من طبقتهما وحفظهما وإتقانهما؟ وهو الذي قال الحافظ الذهبي في حقه - نقلاً عن الموقاني - أن

٢٩٠

ابن الجوزي كان كثير الغلط فيما يصنفه، ثم قال الذهبي قلت: نعم له وهم كثير في تواليفه، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحوّل من كتاب إلى آخر. انتهى.

قلت: وسمعت ما قاله الحافظ العلائي أنه لا علة قادحة، وإنما دعوى الوضع دفع بالصدر، وقد قال الذهبي في حق العلائي: إنه قرأ وأفاد وانتقى ونظر في الرجال والعلل، وتقدّم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم. انتهى. هذا كلام الذهبي فيه وهو عصريّه ومن أقرانه، وقد أثنى عليه غيره ممن تأخر عن عصره بأكثر من هذا.

فظهر لك بطلان دعوى الوضع وصحة القول بالصحة كما أختاره الحافظ السيوطي، وهو قول الحاكم وابن جرير ».

وفي ( الروضة الندية ) أيضاً:

« وكفاه كونه للمصطفى ثانياً

في كلّ ذكرٍ وصفيّاً

قوله: وكفاه، أي كفاه شراً وفخراً أنه يذكر ثانياً وتالياً لذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه صفي ومختار لله تعالى ولرسوله كما تقدم من إكرامه، والبيت يشير إلى ما خص الله الوصيعليه‌السلام من إلقاء ذكره الشريف على ألسنة العالم من صبي ومكلّف وحرٍ وعبدٍ وذكرٍ وأنثى، فإنهم إذ ذكروا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكروه لذكره، وهذا من إكرام الله له، ينشأ الصبي فيهتف يا محمد يا علي، والعامي وغيرهما، وهذا من رفع الذكر الذي طلبه خليل الله في قوله:( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) وهو الذي امتن الله به على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله تعالى:( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) .

وكفاه شرفاً أنه أول السابقين إلى الاسلام.

وكفاه شرفاً أنه أول من صلّى، والذي رقى جنب أبي القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكسر الأصنام.

وكفاه شرفاً أنه الذي فداه بنفسه ليلة مكر الذين كفروا به.

٢٩١

وكفاه شرفاً أنه الذي أدّى عنه الأمانات.

وكفاه شرفاً أنه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلة الرأس من البدن.

وكفاه شرفاً أنه من رسول الله وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه.

وكفاه شرفاً أنه سلّمت عليه الأملاك يوم بدر.

وكفاه شرفاً أنه الذي قطر أبطال المشركين في كلّ معركة.

وكفاه شرفاً أنه قاتل عمرو بن عبد ود.

وكفاه شرفاً أنه فاتح خيبر.

وكفاه شرفاً أنه مبلّغ براءة إلى المشركين.

وكفاه شرفاً أن الله سبحانه زوّجه البتول.

وكفاه شرفاً أن أولاده لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولاد.

وكفاه شرفاً أنه خليفته يوم غزوة تبوك، وأنه منه بمنزلة هارون من موسى.

وكفاه شرفاً أنه أحبّ الخلق إلى الله بعد رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً أنه أحبّ الخلق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً أن الله باهى به ملائكته.

وكفاه شرفا أنه قسيم النار والجنة.

وكفاه شرفاً أنه أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً أنه من آذاه فقد أذى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً أن النظر إلى وجهه عبادة.

وكفاه شرفاً أنه لا يبغضه إلّا منافق ولا يحبّه إلّا مؤمن.

وكفاه شرفاً أن فيه مثلاً من عيسى بن مريمعليهما‌السلام .

وكفاه شرفاً أنه ولي كلّ مؤمن ومؤمنة.

وكفاه شرفاً أنه سيّد العرب.

وكفاه شرفاً أنه سيد المسلمين.

وكفاه شرفاً أنه يحشر راكباً.

٢٩٢

وكفاه شرفاً أنه يسقى من حوض رسول الله المؤمنين ويذود المنافقين.

وكفاه شرفاً أنه لا يجوز أحد الصراط إلّا بجوازٍ منه.

وكفاه شرفاً أنه يكسى حلة خضراء من حلل الجنة.

وكفاه شرفاً أنه ينادى من تحت العرش نعم الأخ أخوك علي.

وكفاه شرفاً أنه مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قصره مع ابنته سيدة نساء العالمين.

وكفاه شرفاً أنه حامل لواء الحمد، آدم ومن ولده يمشون في ظله.

وكفاه شرفاً أنه يقول أهل المحشر حين يرونه: ما هذا إلّا ملك مقرب أو نبي مرسل، فينادي مناد ليس هذا بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولكنه علي بن أبي طالب أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً أنه مكتوب اسمه مع اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به.

وكفاه شرفاً أنه يقبض روحه كما يقبض روح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً أنه تشتاق اليه الجنة كما في حديث أنس: تشتاق الجنة إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان.

وكفاه شرفاً أنه باب مدينة علمه.

وكفاه شرفاً أنها سدّت الأبواب إلّا بابه.

وكفاه شرفاً أنه لم يرمد بعد الدعوة النبوية ولا أصابه حر ولا برد.

وكفاه شرفاً أنه أول من يقرع باب الجنة.

وكفاه شرفاً أن قصره في الجنة بين قصري خليل الرحمن وسيد ولد آدمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً نزول آية الولاية فيه.

وكفاه شرفاً أن الله سماه مؤمناً في عشرة آيات.

٢٩٣

وكفاه شرفاً أكله من الطائر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً بيعة الرضوان.

وكفاه شرفاً أنه رأس أهل بدر.

وكفاه شرفاً أنه وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكفاه شرفاً أنه وزيره.

وكفاه شرفاً أنه أعلم أمته.

وكفاه شرفاً أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تنزيله.

وكفاه شرفاً أنه قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

وكفاه شرفا أنه حامل لوائهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كلّ معركة.

وكفاه شرفاً أنه الذي غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتولّى دفنه.

وكفاه شرفاً ما أعطاه الله من الزهادة والعبادة والتأله.

وكفاه شرفاً ما فاز به من الزهادة والزلفى.

هذي المفاخر لا قعبان من لبن

شيبا بماء فعادا بعد ابوالا

ترجمته:

توجد مفاخره السامية وترجمته الحافلة في الكتب التالية:

١ - البدر الطالع ٢ / ١٣٣ - ١٣٩.

٢ - الجنة في الاسوة الحسنة بالسنّة للقنوجي.

٣ - إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين.

٤ - الحطة في ذكر الصحاح الستّة للقنوجي.

٥ - ذخيرة المآل في عدّ مناقب الآل، للعجيلي.

٦ - أبجد العلوم ٨٦٨.

٧ - التاج المكلل ٤١٤.

وغيرها

٢٩٤

(١٣٢)

رواية محمّد الصبان

وقال محمد بن علي الصبان: « أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر ابن عبد الله، والطبراني والحاكم والعقيلي في الضعفاء، وابن عدي عن ابن عمر، والترمذي والحاكم عن علي. قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وفي رواية: فمن أراد العلم فليأت الباب، و في أخرى عند الترمذي عن علي: أنا دار الحكمة وعلي بابها ، و في أخرى عند ابن عدي: علي باب علمي.

وقد اضطرب الناس في هذا الحديث، فجماعة على أنه موضوع، منهم ابن الجوزي والنووي، وبالغ الحاكم على عادته فقال: إن الحديث صحيح، وصوّب بعض محققي المتأخرين المطّلعين من المحدّثين أنه حسن »(١) .

(١٣٣)

إثبات سليمان الجمل (٢)

وقال الشيخ سليمان جمل في كتاب ( الفتوحات الأحمدية بالمنح المحمدية )

____________________

(١). اسعاف الراغبين هامش نور الأبصار: ١٥٦.

وأبو العرفان الشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي المتوفى سنة ١٢٠٦ عالم كبير محقق، ولد بمصر وتخرج على علمائها حتى برع في العلوم النقلية والعقلية، واشتهر بالتحقيق والتدقيق وشاع ذكره في مصر والشام، وله مؤلفات كثيرة مفيدة.

(٢). هو الشيخ سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الازهري المعروف بالجمل، فاضل من أهل منية عجيل - احدى قرى الغربيّة بمصر - انتقل الى القاهرة، له مؤلفات » الاعلام ٣ / ١٣١ وأرخ وفاته بسنة ١٢٠٤.

٢٩٥

بشرح:

« ووزير ابن عمه في المعالي

ومن الأهل تسعد الوزراء »

وقوله « ومن الأهل إلخ » من تلك السعادة ما أمدّ به من المؤاخاة، فقد أخرج الترمذي: آخىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد. فقال: أنت أخي في الدنيا والآخرة، ومنها العلوم التي أشار إليها بقوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ».

(١٣٤)

إثبات الاورنقابادي

وقال قمر الدين الحسيني الاورنقابادي في ( نور الكونين ) في ذكر بيت النبوة: « حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وسدّوا كلّ خوخة إلّا خوخة أبي بكر، وسدّوا كل خوخة إلّا باب علي، فيها إشارة إلى كلية هذا البيت، وإلى أبوابه ».

ترجمته:

١ - غلام علي آزاد في سبحة المرجان ١٠١.

٢ - صديق حسن خان القنوجي في ( أبجد العلوم ): « السيد قمر الدين الحسيني الأورنك آبادي، كان قمراً طالعاً في ميزان الشرع المبين، وكوكباً ساطعاً في أوج الشرف الرصين، آباؤه من سادات خجند، والسيد ظهير الدين منهم هاجر منها إلى الهند، وتوفّى في أمن آباد من توابع لاهور، ثم ابنه السيد محمد رحل إلى الدكن، وكان ابنه السيد عناية الله من العرفاء، أخذ الطريقة النقشبندية عن

٢٩٦

الشيخ أبي المظفر البرهانفوري عن الشيخ محمد معصوم عن أبيه الشيخ أحمد السهرندي، وتوطّن ببلدة بالابور على أربع منازل برهانفور، وتوفي بها سنة ١١١٧، وابنه السيد منيب الله المتوفى سنة ١١٦١ كان من العرفاء أيضاً، وصاحب هذه الترجمة ولده الأرشد.

ولد سنة ١١٢٣ وساح في مناهج الفنون وبرع في العلوم العقلية والنقلية، حتى صار في النقليات إماماً بارعاً، وفي العقليات برهاناً ساطعاً، حفظ القرآن وزان العلم بالعمل وراح إلى دهلي وسهرند، وزار قبر المجدد، ورحل إلى لاهور واجتمع بطائفة من العلماء والعرفاء في تلك البلاد، ثم رجع إلى بالابور، وجاء إلى أورنك آباد، وانعقد الوداد بينه وبين السيد آزاد، فكانا فرقدين على فلك الاتحاد، ثم ارتحل إلى الحرمين الشريفين مع ابنيه الكريمين مير نور الهدى ومير نور العلى، ورجع إلى الهند، ثم انتهض مع أهل بيته إلى أورنك آباد، له كتاب في مسألة الوجود سماه مظهر النور، بين فيه مذاهب العلماء ومسالك المتكلمين والحكماء، ذكر طرفاً منها السيد آزاد في السبحة، وأرخ له بأبيات عربية

توفي في أورنك آباد في سنة ١١٩٣ ودفن داخل البلد. قال آزاد في تاريخ وفاته: موت العلماء ثلمة ».

(١٣٥)

رواية شهاب الدين العجيلي

وقال شهاب الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي ما نصه:

« ودعوة الحق وباب العلم

وأعلم الصحب بكل حكم

قالت أم سلمة رضي الله عنها: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أما ترضين يا فاطمة أن زوّجتك أقدم أمتي سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم

٢٩٧

حلماً؟ و قالت أم سلمة رضي الله عنها: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فهو الداعي إلى الحق، وهو دعوة الحق. و في الجامع الكبير: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً وعلي أعلم بالواحد منهم.

وأخرج الترمذي أنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب، ولهذا كانت الطرق والسلسلات راجعة اليه. و في الكبير للسيوطيرحمه‌الله قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي باب علمي ومبين لأمّتي ما أرسلت به من بعدي، رواه أبو ذر و فيه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي بن أبي طالب أعلم الناس بالله وأكثر الناس حباً وتعظيماً لأهل لا إله إلّا الله. أخرجه أبو نعيم. وكان عمررضي‌الله‌عنه يقول: أعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن، ويقول: إن علياً أقضانا، ولو لا علي لهلك عمر. وقالت عائشة رضي الله عنها: إنه أعلم من بقي بالسنة، و من كلامهرضي‌الله‌عنه : لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً من تفسير سورة الفاتحة و كان يشير إلى صدره ويقول: كم من علوم هاهنا لو وجدت لها حاملاً »(١) .

وقال أيضاً: « والمراد بقولي على اصطلاح العلماء، أعني مدينة العلمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأعني أعلم خلق الله بمراد الله، وأعني باب المدينة ونقطة الباءرضي‌الله‌عنه ، وأعني عالم قريش الذي يملأ طباق الأرض علماً، ومن تابعهم على ذلك المنهج سلفاً وخلفاً، فإن صريح أقوالهم ما ذكرته في المنظومة: إن الشيعة كلّ من تولّى علياً وأهل بيته وتابعهم في أقوالهم وأفعالهم، فمن سلك منهجهم القويم واتخذهم أولياء صدق عليه اسم التشيع، إذ هو المتبع لهم حقيقة ولا نفضّل مذهباً من مذهب ولا فرقة من فرقة، ومن أظهر اتباعهم وتشيع به وهو عارٍ منه فهو من أعدائهم وان تسمى بذلك الاسم، فالأسماء لا تغيّر المعاني، ومن تبعني فإنّه مني ».

____________________

(١). ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللال - مخطوط.

٢٩٨

وقال بعد نقل كلام نسبوه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في حق الشيخين « فانظر إلى كلام باب مدينة العلم وشهادته لهما بالحق، فإنك تعرف بذلك من دخل الباب ومن خرج »(١) .

(١٣٦)

رواية محمد مبين السهالوي

وقال محمد مبين بن محب الله السهالوي:

« وأما بيان علمه وحكمته وحلّه للمشكلات وفقاهته وذكائه وجوده، فالقلم عاجز عنه، ولكن نتعرض إلى طرف منه، ويكفي لطالبي الحقيقة قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقه: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه البزار عن جابر ابن عبد الله والعقيلي وابن عدي عن ابن عمر، والطبراني عن كليهما، والحاكم عن علي وابن عمر، وزاد الطبراني في رواية عن ابن عباس مرفوعاً: فمن أراد العلم فليأته من بابه. وهذا الحديث صحيح على رأي الحاكم وقال ابن حجر حسن، وهو عند الترمذي وأبي نعيم عن علي بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

بار بگشا أي علي مرتضى

اى پس از سوء القضا حسن القضا

چون تو بابى آن مدينه علم را

چون شعاعى آفتاب حلم را

باز باش اى باب رحمت تا ابد

بارگاه ما له كفوا أحد

از همه طاعات اينت بهترست

سبق يأبى بر هر آن سابق كه هست»(٢)

____________________

(١). والعجيلي من كبار علماء القرن الثالث عشر وأدبائه، ترجم له القنوجي: « بالشيخ العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز » الخ. التاج المكلل: ٥٠٩.

(٢). وسيلة النجاة: ١٣٦.

٢٩٩

وكفاه شرفاً أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انتجاه.

ترجمته:

ذكرنا مآثره ومفاخره عن أهل السنة في مجلد ( حديث الولاية )، وقد وصفه صاحب نزهة الخواطر ٧ / ٤٠٣ بالشيخ الفاضل الكبير أحد الفقهاء الحنفية ثم ذكر كتابه، وأرخ وفاته بسنة ١٢٢٥.

(١٣٧)

رواية ثناء الله باني بتي

وقال ثناء الله باني بتي في ( السيوف المسلول ): « الخامس حديث جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها. رواه البزار والطبراني عن جابر، وله شواهد من حديث ابن عمر وابن عباس وعلي وأخيه، وصحّحه الحاكم، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال يحيى بن معين: لا أصل له، وقال البخاري والترمذي: إنه منكر وليس له وجه صحيح، وقال النووي والجزري: إنه موضوع. وقال الحافظ ابن حجر: الصواب خلاف قول الفريقين - يعني من قال إنه صحيح ومن قال إنه موضوع - فالحديث حسن لا صحيح ولا موضوع.

أقول: ما ذكره ابن حجر هو الصواب بالنظر إلى سند الحديث، وأما بالنظر إلى كثرة شواهده فيحكم بصحته.

والجواب: إن هذا الحديث لا دلالة فيه على الامامة ».

ترجمته:

قالالصديق حسن خان القنوجي في ( إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين ) ما حاصله: « القاضي ثناء الله باني بتي، من أحفاد الشيخ

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428