نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 346364 / تحميل: 7088
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

نُقِلُوا إلى «الشاغور» ومنها إلى «باب الساعات» ومنها نَقَلوا الإمام السجّاد عليه السلام إلى المسجد الجامع ، وأعادُوهم إلى هذا المسجد(١) .

أقولُ : هذا ما وقفنا عليه حول رأس سيّدنا أبي الفَضْلِ العَبّاس الأكبر عليه السلام ممّا ورد في المصادر المعتمدة.

ثمّ إنّ من الوارد احتمال أن تكون الرؤوس المقدّسة ـ وفيها رأس سيّدنا أبي الفَضْلِ العَبّاس عليه السلام ـ قد نُقِلَتْ إلى كربلاء ، ودفِنَتْ مع الأجساد الطاهرة ، لأنّ رأس الإمام الحسين عليه السلام قد نُقِلَ إلى مرقده المقدّس ، وضمّ إلى جسده الشريف ، على أقوى الأقوال وأوفقها للأدلّة(٢) .

كما أنّ من البعيد أنْ يَتْرُكَ الإمامُ السجّاد عليه السلام تلك الرؤوس الشريفة في بلاد الأعداء ؛ بعدَ أنْ أُطْلِقَ له الرجوعُ إلى العراق ، كما هو الثابت في التاريخ! لكنْ لمْ نقفْ على ما يدلّ بوضوحٍ على نقل سائر الرؤوس.

رأس العَبّاس الأصغر :

ثمّ إنّ حديثاً أثبتَتْهُ المصادر القديمة ، وهو ما رَوَوْهُ عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة المُجاشعيّ ، وفيه : أُتي بالرؤوس ، إذا بفارسٍ قد علّق في لَبَب فَرسه رأسَ غلامٍ أَمْرَدَ كأنّهُ القَمَرُ في ليلة تَمِّهِ.

فقلتُ له : رأسُ مَن هذا؟ فقال : رأسُ العَبّاس بن عليّ.

__________________

(١) الأزهار الأرجيّة للشيخ فرج آل عمران وانظر : مزارات أهل البيت عليهم السلام للجلالي (ص ٢٢٦ ـ ٢٢٨).

(٢) وقد أثبتنا ذلك في بحث مستقل.

٢٢١

قلتُ ومَن أنتَ؟ قال : حرملةُ بن كاهل الأسديّ(١) .

وقد ذكرنا في موردٍ سابقٍ عند ذكر أولاد الإمام أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام : أنّ المُناسب لهذا الوصف أن يكون صاحب هذا الرأس هو العبّاس الأصغر ابن أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام الشهيد في الطفّ أيضاً.

مقام مدفن الكفّين الشريفتين :

لا ريب ـ كما عرفنا ـ في حدوث قطع الكفّين الشريفتين في كربلاء ، ولكن كون المعلمين ـ الموجودين فعلاً في كربلاء ـ هما موضع دفنهما فيهما ، أمرٌ لم يتحقّق عند أهل المعرفة بتاريخ البلد.

ومن المحتمل أن يكون الكفّان ملحقتين بالجسد الشريف ، كما هو الحكم الشرعيّ في إلحاق أجزاء الموتى بأجسادهم.

لكن وجود هذين النَصَبين في الموضعين هما من معالم الملحمة العبّاسيّة ، ومُذكّران بهذه الظُلامة الفريدة الّتي أعلنها الأئمّة عليهم السلام باعتبارها ميزةً من خصائص العَبّاس عليه السلام فلابُدّ من إشادتها ولورتها لتبقى في ذاكرة هذا البلد المقدّس ، كما هي خالدةْ في ذاكرة التاريخ.

قال المظفّر : وهذا شيءٌ توارثه الخلفُ عن السلف ، وتراثُ مجدٍ خلّفه الماضي للباقي ، بحيث أقاموا مَعلمَين مُعْلِمَيْنِ بموضع الكفّين الشريفتين يعرف كلّ منهما بكفّ العَبّاس اليُمنى ، ثمّ كفّ العَبّاس اليُسرى ، يقعان في شرقيّ الصحن العبّاسيّ الشريف.

__________________

(١) رواه الصدوق في عقاب الأعمال (ص ٢١٨) وقد نقلناه سابقاً عنه وعن غيره.

٢٢٢

كما أنّ الشهرة على التسالُم بين أهل البلد ، منذُ قديم الأمَد ، كما يقول الشيخ المظفّر أنّ هذه الآثار ليستْ من الحديثة ، ولا من الأشياء الّتي لم تبتنِ على أُسٍّ قديمٍ ، بل هي سائرةٌ مع بقيّة آثارهم وتعاهدتها يدُ العمران إن طرقها طول الزمان بالتضعضع أو أشرف بها على الانهيار ، فإذنْ هي صحيحةُ الإسناد العمليّ لا القوليّ ، إذْ كل جيلٍ يتبعُ الجيلَ السابقَ في احترامها وتعاهدها بالعمارة ؛ حتّى تتّصل بأوّل الأجيال الّتي أُشيدتْ بها مشاهدهم وقبابهم ، وهذا ما يُسمّيه الناسُ بِالسيرة العمليّة ، ويحتجّ بها الفقهاءُ على إثبات الأحكام الشرعيّة.

وانتهى الشيخ المظفّر إلى التصريح بالقول : فأنا من هذه الناحية على ثقة ويقين(١) .

فلا يُعبأ بما يُثيره أهل الريب من نفي ذلك.

وموضع اليُمنى : في مطلع (باب الرضا عليه السلام) المعروف بباب العلقميّ وهو يقع في الجهة الشرقيّة نحو شمالها ، في بداية الشارع المسمّى بالعلقمي ، في زقاقٍ على الأيسر ، وعلى يسار الداخل إليه(٢) .

وموضع اليُسرى : مواجهٌ لمطلع باب (أمير المؤمنين عليه السلام) في بداية مدخل سوق باب الخان(٣) .

__________________

(١) بطل العلقمي.

(٢) اقرأ عنه وصفاً كاملاً في : المراقد والمقامات في كربلاء ، للحاج عَبْد الأمير القريشي ص ١٧٠ ـ وانظر بطل العلقمي (٣).

(٣) اقرأ عنه تفصيلاً في : المراقد والمقامات للقريشي (ص ٢ ـ ٧٤) وانظر بطل العلقمي ج ٣.

٢٢٣

أمّا مدفن الرِجْلينِ الشريفتين :

فلمْ يعرفْ عنه شيءٌ ، ولم يُذكرْ في موردٍ ولا مصدرٍ!.

وتلكَ مظلمةٌ أخْرى ممّا اختصّ بها العبّاسُ عليه السلام بين شهداء كربلاء.

ونَقَلَ الرواةُ عن السيّد الفقيه المهديّ بحر العلوم : أنّه زارَ المَرقَدَ الشريفَ للعبّاس ؛ فلاحظَ قِصَرَ محلّ الدفن ، فتعجّبَ هُو والحاضرون! لأنّ ذلك لا يُناسِبُ المعروفَ من كون العبّاس عليه السلام «رجُلاً طوالاً ، يركَبُ الفَرَسَ المُطَهَّمَ(١) ورِجْلاهُ تَخُطّانِ الأرْضَ»(٢) .

فذكر السيّد بحرُ العلوم مظلمةَ قَطعِ رِجْلَيهِ(٣) .

وهذه الرواية ، كما تؤكّد المظلمةَ ، قد تُشيرُ إلى عدمِ دفنِ الرِجلينِ معَ الجسدِ الشريف.

__________________

(١) المطهّم : السمين الفاحش الشمن ، وـ المنتفخ الوجه ، وـ التامّ من كلّ شيء ، المعجم الوسيط (طهم) ص ٥٦٩ ، والمراد هنا : الفرس الضخم المرتفع.

(٢) كما قال أبو الفرج الأصفهانيّ في مقاتل الطالبيين (ص ٩٠).

(٣) شرح الأخبار ، (٣ / ١٩١ ـ ١٩٣).

٢٢٤

العبّاس ورثاءه وندبته عليه السلام

أوّلُ مَنْ رثاهُ هُو الحسينُ عليه السلام :

ولمّا قُتِلَ العَبّاس عليه السلام قال الحسين عليه السلام : «الآن انكَسَرَ ظَهْري ، وقَلَّتْ حِيْلَتي »(١) .

ورثاء الأئمّة عليهم السلام :

ففي حديث مواراة الإمام السجّاد زين العابدين عليه السلام للأجساد الشريفة : مشى الإمام السجّاد عليه السلام إلى عمّه العَبّاس عليه السلام فوقع عليه يلثم نحره المقدّس ، قائلاً :

على الدنيا بعدك العَفا ، يا قمر بني هاشم ، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ، ورحمة الله وبركاته(٢) .

وفي الزيارة الصادرة من الناحية المقدّسة : «السلامُ على أبي الفَضْلِ العَبّاس ابن أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ ، المواسي أخاه بنفسه ، الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له ، الواقي الساعي إليه بمائه ، المقطوعة يداه ، لعن الله قاتليه ك زيد بن رقاد الجهني ، وحُكيم بن الطفيل الطائي»(٣) .

_________________

(١) مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي (٢ / ٣٠) والبحار (٤٥ / ٤٢).

(٢) كامل الزيارات (ص ٣٢٥) مقتل الحسين للمقرّم (٤١٢ ـ ٤١٨).

(٣) الإقبال لابن طاوس (ص ٥٧٣) ومصباح الزائر (ص ٢٧٨).

٢٢٥

رِثاءُ أُمّ البنين عليها السلام للعبّاس وأبنائها الطّاهرين :

في الحديث : «وكانت أُمّ البنين أُمّ هؤلاء الأربعة الإخوة القتلى ، تخرجُ غلى البقيع ، فتندُبُ بَنِيها أشجى نُدبة وأحرقها ، فيجتمعُ النّاسُ إليها يسمعون مِنها ، فكان مروانُ يجيء في من يجيء لِذلك ، فلا يزالُ يسمعُ نُدبَتها ويَبكي!».

ذكر ذلك عليّ بن محمّد بن حمزة ، عن النَوفَلِيّ ، عن حمّاد بن عيسى الجُهَنيّ ، عن معاوية بن عمّار ، عن جعفر بن محمّد(١) .

وقالوا : كانت أُمُّ جعفر الكلابيّةُ تندُبُ الحُسينَ وتبكيه ، وقد كُفَّ بصرُها ، فكان مروانُ ـ وهو والي المدينة ـ يجيءُ مُتَنَكِّراً بِاللّيل حتّى يقف ، فيسمعُ بُكاءَها وندبها(٢) .

قال السماويّ : وأنا أسترقّ جدّاً من رثاء أُمّه فاطمة ؛ أُمّ البنين ، الّذي أنشده أبو الحسن الأخفش في (شرح الكامل) وقد كانتْ تخرجُ إلى البقيع كلّ يومٍ ترثيه ، وتحملُ وَلَدَهُ عُبَيْد الله ، فيجتمعُ لِسماعِ رِثائِها أهلُ المدينة وفيهم مروانُ بنُ الحَكَم ، فيبكون لِشجيّ النُدبة ، ومنه قولُها (رضي الله عنها) :

يا مَنْ رأى العبّاسَ كَرْ

رَ على جَماهيرِ النَقَدْ

ووراهُ مِنْ أبناءِ حَيـ

ـدَرَ كُلُّ ليثٍ ذِي لَبَدْ

أُنبئتُ أنّ ابْني أُصِيْـ

ـبَ بِرأسهِ مقطوعَ يَدْ

وَيْلِي لى شِبْلِي أما

لَ بِرأسِهِ ضَرْبُ العَمَدْ

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٩٠) وعنه : المجلسي ، البحار (٤٥ / ٤٠) والبحراني ، العوالم (١٧ / ٢٨٣) والمظفّر بطل العلقمي ، (٣ / ٤٣١).

(٢) الشّجري ، الأمالي الخميسيّة (١ / ١٧٥).

٢٢٦

لَوْ كانَ سيفُكَ في يَدَيْـ

ـكَ لَمَا دَنَا مِنْهُ أَحَدْ

وقولها :

لا تَدْعُوَنّي وَيْكِ أُمَّ البَنِينْ

تُذَكِّرِينِيْ بِلُيُوثِ العَرِيْنْ

كانَتْ بنونٌ لِيَ أُدعى بِهِمْ

واليومَ أصبحتُ ولا من بنينْ

أربعةٌ مثلُ نُسُورِ الرّبى

قد وَاصَلُوا الموتَ بِقَطعِ الوَتِينْ

تنازع الخرصانُ أشلاءَهُمْ

فكلّهمْ أَمسى صَرِيعاً طَعِيْنْ

يا ليتَ شِعْري أَكَما أَخبرُوا

بِأنّ عبّاساً قطيعُ اليَمِينْ(١)

وقال السيّد الأمينُ عن أمّ البنين : كانتْ شاعرةً فصيحةً ، وكانتْ تخرجُ كلّ يومٍ إلى البقيع ومعها عُبَيْد الله ولد ولدها العبّاس ، فتندُبُ أولادها الأربعة ، خصوصاً العبّاس ، أشجى نُدبة وأحرقها ، فيجتمع النّاس ، يسمعوون بكاءها وندبتها ، فكان مروانُ بن الحكم ، على شدّة عدواته لبني هاشمٍ ، يجيءُ في من يجيء ، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي.

فمن قولها في رثاء ولدها العبّاس ما أنشده أو الحسن الأخفشُ في (شرح كامل المبرّد).

وأورد الأبيات الداليّة ، ثمّ قال : وزاد البيت حُسناً أنّ «العبّاس» من أسماء «الأسد».

ثمّ أورد الأبيات النونيّة(٢) .

__________________

(١) السّماوي إبصار العين (ص ٣١ ـ ٣٢) وانظر عنه : المظفّر ، بطل العلقمي (٣ / ٤٣١ ـ ٤٣٢).

(٢) الأمين ، أعيان الشّيعة (٨ / ٣٨٩) و(٤ / ١٣٠).

٢٢٧

مراثٍ أخرى :

ويقول (١) الفضل (٢) بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ عليه السلام في رثاء جدّه العبّاس عليه السلام :

أحقّ الناسِ أنْ يُبكى عليهِ

فتىً(٣) أبكى الحسينَ بِكربلاءِ

أخوهُ وابنُ والدِهِ عليٍّ

أبُو الفضلِ المُضرّجُ بِالدّماءِ

ومَنْ واساهُ لا يَثنيه شيءٌ

وجاءَ لَهُ على عَطَشٍ بِماءِ(٤)

ويقول الكُميتُ بنُ زيد :

وأبُو الفضلِ إنّ ذِكْرَهُمُ الحُلْـ

ـوَ شِفاءُ النُفُوسِ من أسقامِ(٥)

قُتِلَ الأدْعِياءُ إذْ قَتَلُوْهُ

أَكْرَمَ الشارِبِيْنَ صَوْبَ الغَمامِ(٦)

__________________

(١) ذكر ذلك في تاريخ بغداد (١٢ / ١٣٦) وأدب ألطّفّ (١ / ٣ / ٢٢٣) ومقاتل الطالبيين (ص ٨٩) فهم مؤيّدون نسبتها إلى الشاعر المذكور. أمّا في كتاب (روض الجنان) للمؤرّخ الهنديّ «أشرف عليّ» ص ٣٢٥ : نسب هذه الأبيات إلى فضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ ين أبي طالب ، وكذلك في كتاب (عيون الأخبار وفنون الآثار ص ١٠١ وفيه : الفضل ابن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله ...) والحقّ مع الموافقين للمؤلّف.

(٢) وهو شاعر معاصر للمتوكّل (مات سنة ٢٤٧ هـ) وقد ذكر في أعيان الشيعة (٤٢ / ٢٨٢) أنّ أُمّه جعفريّة ، وأبوه محمّد بن الفضل كان من الشعراء المعاصرين للمأمون العباسيّ. عن معجم الشعراء للمرزباني (ص ١٨٤).

(٣) كذا ذكر أرباب المقاتل وراجع (معجم الشّعراء للمرزباني ، ص ١٨٤).

(٤) القاضي النعمان ، شرح الأخبار (٣ / ١٩٣). وأورده أبو الفرج ، مقاتل الطّالبييّن (ص ٩٠) بقوله «يقول الشاعر» من دون نسبة ، ولا حظ الغدير (٣ / ٥) للأميني ، وفقد نقله عن العمريّ صاحب (المجديّ) وعيون الأخبار في فنون الآثار : (ص ١٠١).

(٥) كذا في ديوان الكميت ، ونقل : «شِفاءُ النفوسِ والأسقامِ». فليلاحظ.

(٦) ديوان الكميت (ص ٥٠٦) ، أبو الفرج ، مقاتل الطالبييّن (ص ٩٠).

٢٢٨

عاقبة القتلة وعقوبتهم الدنيوية :

وكان حكيمُ بن طُفيل الطائيّ السنْبِسيّ سَلَبَ العبّاسَ بن عليّ ثيابَهُ ورمى الحسينَ بسهمٍ ، فكان يقول : تعلّقَ سهمي بِسِربالِهِ وما ضَرَّهُ.

فبعثَ المختارُ إليه عَبْد الله بن كامل ، فأخذه ، فاستغاث أهلُه بِعَديّ بن حاتم ، فكلّم فيه ابن كامل ؛ فقال : أمرُهُ إلى الأمير المُختار ؛ وبادَرَ بهِ إلى المُختار قبل شفاعة ابن حاتم له إلى المُختار ؛ فأمر به المُختارُ فعُرّيَ ورُميَ بِالسهام حتّى مات.

وكان زيدُ بن رقاد الجَنْبيّ يقول : رميتُ فتىً من آل الحسين ويدُهُ على جبهته فأثْبَتُّها في جبهته.

وكان ذاك الفتى عَبْد الله بن مُسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وكانَ رَماهُ بِسهمٍ فَلَقَ قلبَهُ ، فكان يقول : نزَعْتُ سهمي من قلبه وهو ميّتٌ ، ولم أزلْ أُنَضْنِضُ سهمي الّذي رميتُ بهِ جبهتَه فِيها حتّى انتزعتُهُ وبقيَ النَضْل!.

فبعثَ إليه المُختارُ ابنَ كامل في جماعةٍ ، فأحاطَ بِدارِهِ ؛ فخَرَجَ مُصلِتاً سيفَهُ فقاتلَ ، فقال ابن كامل : لا تضربُوهُ ولا تطعنُوهُ ، ولكن ارْمُوهُ بِالنّبل والحجارة ، ففعلوا ذلك حتّى سقطَ(١) .

قال : وبعث المختارُ أيضاً عَبْد الله الشّاكريّ إلى رجلٍ من جَنْب يُقال له : زيدُ بن رقاد ، كان يقول : لقد رَمَيْتُ فتىً منهم بِسَهمٍ ، وإنّه لواضِعٌ كفّه

__________________

(١) البلاذري ، جمل من أنساب الأشراف ٣ / ٤٠٦ وانظر ٦ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨. والخوارزمي مقتل الحسين (٢ / ٢٢٠) وانظر : الطبري ، التاريخ ٦ / ٦٤ ، وعنه : بطل العلقمي (٣ / ٢١٩ ـ ٢٢٠).

٢٢٩

على جبهته يتّقي النَبْلَ ، فأثبَتُّ كَفّهُ في جبهته ، فما استطاعَ أنْ يزيلَ كفّه عن جَبهته.

قال أبو مخنف : فحدّثني أبو عَبْد الأعلى الزُّبيديّ أنّ ذلك الفتى عَبْد الله بن مسلم بن عَقيل ، وأنّه قال حيث أثبتَ كفّه على جبهته : «الّلهمّ إنّهم استقلّونا واستذلّونا ، اللّهمّ فاقتلهم كما قَتَلونا ، وأذِلّهم كما استَذَلُّونا».

ثمّ إنّه رمى الغلامَ بسهَم آخَرَ فقتَلَه ، فكان يقول : جِئتُه ميِّتاً فنزعتُ سهمي الّذي قتلتُهُ بهِ من جَوْفِهِ ، فلم أَزَلْ أُنضْنِضُ السهمَ حتّى نزَعْتهُ من جبهته ، وبقيَ النَصْلُ في جبهته مُثبَتاً ما قدرتُ على نزعهِ!

قال : فلمّا آتى ابنُ كامل دارَه ؛ أحاط بها ، واقتحمَ الرجالُ عليه ، فخرجَ مُصلِتاً بسيفه ـ وكان شُجاعاً ـ فقال ابنُ كامل : «لا تضربوهُ بِسيفٍ ، ولا تَطعَنوهُ برمحٍ ، ولكن ارموهُ بِالنبل ، وارضخُوهُ بِالحجارة» ففعلوا ذلك به ، فَسَقَطَ(١) .

وأمّا حرملة قاتل العبّاس الأصغر :

أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرني المظفّر بن محمّد البلخيّ ، قال : حدّثنا أبو عليّ ، محمّد بن همّام الإسكافيّ ، قال : حدّثنا عَبْد الله بن جعفر الحميريّ ، قال : حدّثني داود بن عمر النهديّ ، عن الحسن بن محبوب ، عن عَبْد الله بن يونس ، عن المِنهال بن عَمرو ، قال : دخلتُ على عليّ بن

__________________

(١) الطبري ، التّاريخ : (٦ / ٦٤) عنه : المظفّر ، بطل العلقمي (٣ / ٢٢٠) وانظر : الحدائق الورديّة للمحلي : (١ / ١٢٠).

٢٣٠

الحسين عليهما السلام منصرفي من مكّة ، فقال لي : يا منهال ، ما صنع حرملة بن كاهل الأسديّ؟

فقلتُ : تركتُهُ حيّاً بِالكوفة. قال : فرفع يديه جميعاً ، فقال :

«اللّهمّ أذقهُ حَرّ الحديد. اللّهمّ أذقهُ حَرّ النّار ».

قال المنهال : فقدمتُ الكوفة ، وقد ظهر المُختارُ بن أبي عبيد ، وكان لي صديقاً ، قال : فمكثتُ في منزلي أيّاماً حتّى انقطع النّاس عنّي ، وركبتُ إليه فلقيتُه خارجاً من داره ، فقال : يا منهال ، لم تأتنا في ولايتنا هذه ، ولم تُهنِّئنا بِها ، ولم تشركنا فيها؟.

فأعلمتُه أنّي كنتُ بمكّة ، وأنّي قد جئتُك الآن ؛ وسايرتُهُ ونحنُ نتحدّثُ حتّى أتى الكُناسةَ فوقفَ وُقُوفاً كأنّهُ ينتظرُ شيئاً ، وقد كان أُخبرَ بمكان حرملة بن كاهل ؛ فوجّهَ في طلبه ، فلم نلبثْ أنْ جاء قومٌ يركضون وقومٌ يشتدّون حتّى قالوا : أيّها الأمير ، البِشارة ، قد أُخِذَ حرملةُ بن كاهل ؛ فما لَبِثنا أنْ جِيءَ به ، فلمّا نظر إليه المُختار ، قال لِحَرملة : الحمدُ لله الّذي مكّنني منك. ثمّ قال : الجزّار! الجزّار!. فأُتيَ بِجزّارٍ ، فقال له : اقطعْ يديه. فقطعتا ؛ ثمّ قال له : اقطعْ رجليه. فقطعتا ؛ ثمّ قال : النّارَ النّارَ ، فُأتي بنارٍ وقصبٍ ، فأُلقي عليه واشتعلتْ فيه النّارُ.

فقلتُ : سُبحانَ الله!

فقال لي : يا منهال ، إنّ التَسبيحَ لَحَسَنٌ ، ففيم سبّحتَ؟

فقلتُ : أيّها الأمير ، دخلتُ في سفرتي هذه منصرفي من مكّة على

٢٣١

عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال لي : يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهل الأسديّ؟

فقلتُ : تركتُهُ حيّاً بالكوفة.

فرفع يديه جميعاً فقال : «اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ النّار».

فقال لي المختارُ : أسَمِعتَ عليَّ بنَ الحسين عليهما السلام يقولُ هذا؟

فقلتُ : واللهِ لقد سمعتُهُ.

قال : فنزلَ عن دابّته وصلّى ركعتين ؛ فأطال السّجودَ ؛ ثمّ قامَ فركبَ وقد احترقَ حرملة ، وركبتُ معه ، وسرنا فحاذَيْتُ داري ، فقلتُ : أيّها الأمير ، إنْ رأيتَ أنْ تُشرّفَني وتُكرّمَني وتنزلَ عندي وتحرمَ بِطعامي.

فقال : يا منهالُ ، تُعْلِمُني أنّ عليّ بن الحسين دعا بأربع دعواتٍ فأجابه اللهُ على يديّ ؛ ثمّ تأمرني أنْ آكلَ! هذا يومُ صومٍ شُكراً لله عزّ وجلّ على ما فعلتُهُ بِتَوفيقه(١) .

وهكذا جُوزِيَ قتلة الأطهار ، على يد المختار ، في الدنيا( وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى ) .

__________________

(١) الطّوسي : الأمالي (٢٣٨ ـ ٢٣٩) عنه : المجلسيّ : البحار ، (٤٥ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣) وانظر : المناقب لابن شهر آشوب : (٤ / ١٤٥) وكشف الغمّة للإربلي : (٣ / ٢ ـ ٧٣) وأمالي الشجري (١ / ١٨٨) وبطل العلقميّ للمظفّر : (٣ / ٢٢١ ـ ٢٢٣).

٢٣٢

الخاتمة

العَبّاسُ مُعجزةُ الحُسين عليهما السلام

٢٣٣
٢٣٤

روى الشيخ الصدوق بسنده عن الأصبغ بن نُباتة ، قال خرج علينا أَميْر المُؤْمِنِيْنَ علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن عليه السلام وهو يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم ويدي في يده ، هكذا ، وهو يقول : «خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا ، وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن ، بعد وفاتي».

ألا ، وإنّي أقول : خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا ، وهو إمام كلّ مؤمن ومولى كلّ مؤمن ، بعد وفاتي. ألا وإنّه سيُظلم بعدي كما ظُلمتُ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ابني : أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه ، المقتول في أرض كربلاء.

أما إنّه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة(١) .

أقولُ : وإذا كانوا كلّهم من سادة الشهداء ، فلا ريب أنّ الحسين عليه السلام وهو إمامهم فله السيادة عليهم أيضاً ، فهو سيّد السادة ، وإذن فما هو مقام العَبّاس عليه السلام بين هؤلاء؟ وهو أمير جيشه وحامل لوائه وعميد عسكره ، وهو من هو كما عرفنا عنه من المزايا الكبيرة في سماته المنيرة ، وسيرته المثيرة؟

__________________

(١) إكمال الدين وإتمام النعمة (١ / ٢٥٩) الحديث ٥ من الباب ٢٤.

٢٣٥

أقول : إنّ العَبّاس هو معجزة الحسين عليه السلام :

كثيرون ـ حتّى من المعتقدين بإمامة الحسين عليه السلام فضلاً عن محبّيه من غير أُولئك ـ يُعلنون عن أنّ قضية كربلاء لم تُبنَ على الإعجاز الغيبيّ ، وإلاّ لكان لِيَدِ الإعجاز أنْ تُبيد الأعداء ، وأنْ تُحرق كياناتهم بإصبعٍ من الغيب! وأنْ يكون للحسين ولكربلاء شأنٌ آخر.

لكنّ الأمر في مفهوم (المعجزة) وتقديرها وتصوّر أهدافها يختلف من شخصٍ إلى آخر.

فإنْ كانَ المنظورُ منها «إتمامُ الحُجّة» فإنّ قضايا كربلاء قد احتوتْ على الحُجج التامّة ، لا على الأعداء المُعتدين فقطْ ، بل على الأُمّة الإسلاميّة المغلوبة على أمرها ـ مدى التاريخ ـ فضلاً عن الطغاة الظالمين في العالم أجمع!

وإنْ كانَ الإعجازُ من منظار الانتصار ، فإنّ الانتصار الحقيقيّ ليس بمجرّد الاستمرار في الحياة والبقاء في الدُنيا ، بل هو انتصار الحقّ ، بتحقّق الأهداف المطلوبة من المواقف والوقائع ، واستمرارها في كيان الإنسانيّة ، وأداء أثرها ، وهو ما قد حَصَلَ من كربلاء.

ولكن المعجزة الّتي تحقّقت في كربلاء هي من نوعٍ آخر فإنّ أعلى وأهمّ مظاهر الإعجاز في كربلاء هو (العَبّاس عليه السلام) نفسه ، حيث احتوى بمفردهِ على كلّ تلك المكارم والمآثر في سماته وسيرته ؛ فبلغ من المقام والرفعة (درجةً يغبطُهُ بِها الشُهداء يوم القيامة).

ومع أنّ العبّاس لم يكن إماماً ، وقد ورد النصّ بذلك عن أبي عبد الله

٢٣٦

الصادق عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) سورة النساء الآية ٥٩ ؛ قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين عليهم السلام ؛ فلمّا مضى عليٌّ ، لم يكن يستطيع عليٌّ ، ولم يكن ليفعل : أن يُدخِلَ محمّدَ بن عليّ ، ولا العبّاسَ بن عليّ ، ولا واحداً(١) من ولده(٢) .

كما لم يكن العبّاس معصوماً ، بل ليس من شأننا الحديث عن ثبوت العصمةَ له ، بعد أنّ انحصر المعصومون من أهل البيت بالأئمّة الإثني عشر عليهم السلام لكنّ العباس ـ بلا شكٍّ ـ كانَ أكبرَ معجزةٍ لأخيه الإمام المعصوم ، وذلك لأنّ قتل الحسين عليه السلام هو من دلائل النبوّة ، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله أخبر عنه ، وهو من إخباره بالغيب بأُمور تحقّقت في المستقبل ، كما أورده أرباب الكتب الجامعة لدلائل النبوّة ، كالبيهقي ، وأبي نعيم الأصفهاني ، والسيوطي ، وغيرهم ، كما أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أخبر عن مقتله ، وهذا ـ أيضاً ـ من دلائل الإمامة.

فهذه كلّها معجزاتٌ ؛ لتحقُّقِها ، واقترانِ أخبارها باليقين ، فليستْ إلاّ من الوحي المُبين من ربّ العالمين على نبيّه الأمين.

وبذلك ، فإنّ وجود العبّاس عليه السلام في واقعة الطفّ في كربلاء ـ وهو من أعلامها وأعيانها ، وعليه تدورُ أكثر قضاياها المهمّة.

بل ؛ وجوده وجودٌ عضويّ في إنجازها ، كلّ ذلك يدخله في المعجزة ،

__________________

(١) في بعض النّسخ [أحداً].

(٢) تفسير العيّاشي (١ / ٤٠٩) وتفسير فرات (ص ١١٠ ح ٢٧) والكافي (١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٨).

٢٣٧

ویتحقّق به الإعجاز.

مع أنّ خروج العبّاس عليه السلام مع الحسين عليه السلام وقيامه بتلك المهمّات وفي جميع أدوارها الحسّاسة ؛ لهو من خوارق العادة ، فليكن بذاته معجزةً للحسين عليه السلام حيث كان مثلُ العبّاس طوعَ إرادته ، ومُقتدياً به ، يميل معه حيث مال ، بل يسيرُ أَمَامَهُ في تلك الظروف الرهيبة ، حتّى الشهادة بين يديه.

فسلامُ الله يومَ وُلِدَ ، ويومَ قُتِلَ شهيداً ، ويومَ يُبْعَثُ في الجنان.

٢٣٨

وأمّا الحديث عن كرامات العَبّاس عليه السلام :

فما هي الكرامةُ؟

ولماذا يُصِرّ البعضُ على إثباتها لغير الأنبياء؟ مع أنّها كالمعجزة؟ أليس ذلك من الغلوّ الّذي هو كفرٌ وباطلٌ؟

وما هي الطُرُقُ اللازمة لإثبات مثل هذه الدعاوى الّتي أصبح يشهد عليها الكثيرون ؛ بحيث فاقت التواتُر ، في شأن العباس عليه السلام؟

تعريف الكرامة :

عُرّفت الكرامة بأنّها : ظهورُ أمرٍ خارقٍ للعادة من شخص ، غيرِ مقارِنٍ لدعوىً ، فأمّا إذا اقترنَ بدعوى النُبُوّة ، أو الإمامَة ، فهي المعجزة ، فهما ـ الكرامة والمعجزة ـ يتشاركان في كونهما خارقين للعادة ، ولا يمكن للبشر العاديّين أن يقوموا بهما.

وهما يفترقان ، في :

أنّ المعجزة : تختصّ بمن له مقامٌ إلهيّ يحتاجُ في تعيينه إلى نصبٍ ونصٍّ وفرضٍ من الله على العباد ، كالنبيّ المرسَلِ بِالوحي المُباشر ، المتّصل بالسماء ، والمتكلّم عنه ، وكالوصيّ والإمام المنصوب من قبل الله بواسطة الرسول والنبيّ ، وتعيينه ، والنصّ عليه ، والإعلان عن شخصه.

أمّا الكرامة : فهي تتحقّق على يد أولياء الله المخلصين ، الّذين انقادوا الله

٢٣٩

بالطاعة ، وخافُوه حقّ الخوف ؛ فَطَوَّعَ لهم كلَّ ما سواهُ ، وأخافَ منهم كلّ شيءٍ. وبما أنّ ظهور الخارق على يد الإنسان لا يخالف العقل ؛ لفرض أنّه ممكنٌ عقلاً ، والدليلُ على إمكانه وقوعُه ، وإنّما هو يخالف العادةَ ، فهو أمرٌ ممكن عقلاً. وبما أنّا ـ نحنُ المُسلمين ـ أُمّةٌ متعبّدون بالشرع ، فلابدّ أن نرى مواقف الشرع من مثل ذلك ، فنجد :

أوّلاً : أنّ الآيات القرآنيّةَ الكريمةَ ، المحكَمةَ والواضحةَ الدلالة ، تُصرّح بأنّ اللهَ تبارك وتعالى إنّما خلقَ الكونَ والحياةَ لابن آدم ، وسخّر له كلّ شيء من الممكنات ، لينتفع به ، وذلك من قوله تعالى : (هوَ الّذي خَلَقَ لَكُمْ ما في الأرضِ جَميعاً) فالكونُ ومجرياته وأُموره كلُّها مخلوقةٌ للعباد ، ولتكون تحت اختيارهم ، وفي قدرتهم ، وفي مُتناولهم ، فهي لَهُم ، ولِمَنفعتهم ، ومن أجلهم ، فهيَ ـ لا محالةَ ـ طوعُ إرادتهم.

وثانياً : أنّ النقلَ المشهورَ ثابتٌ بأنّ العبد الصالح إذا أطاع الله دخل كلّ شيء تحتَ قدرته ، ففي الحديث القُدسيّ : «عَبْدي أطِعْني ؛ تَكُنْ مثلي : أقولُ لِشيءٍ : «كُنْ» فيكونُ ، وتقولَ : «كُنْ» فيكُونُ».

والجمع بين الحقائق المذكورة هذه يقتضي : أنّ العَبْد المؤمنَ الصالحَ ؛ له قابليّة التصرّف في ما حوله من أُمور وشؤون ، فكيفَ إذا كان «وليّاً لله»!؟

وهذه القابليّة لا تحصل اعتباطاً بالصدفة ؛ وإنّما هي بحاجةٍ إلى واقعيّةٍ وإخلاصٍ وتفانٍ مُطلقٍ في سبيل الله ، والتقوى الصادقة في القول والعقيدة والعمل.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الذين آمنوا إلّا وعلي رأسها وأميرها، و أخرج عن ابن مسعود قال: كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسئل عن علي كرّم الله وجهه، فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً، و عنه أيضاً: أنزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلّا له ظهر وبطن، وأما علي فعنده منه علم الظاهر والباطن، و أخرج أيضاً: علي سيد المرسلين [ المسلمين ] وإمام المتقين، وأخرج أيضاً: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب، و أخرج أيضاً: علي راية الهدى، وأخرج أيضاً: إنّ الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي وأنزلت عليَّ هذه الآية:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) وأخرج أيضاً عن ابن عباس: كنا نتحدث أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد إلى علي كرّم الله وجه سبعين عهداً لم يعهد إلى غيره. والأخبار في هذا الباب لا تكاد تحصى.

« ت » عن اسماعيل بن موسى الفزاري عن محمد بن عمر الرومي عن شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن علي أمير المؤمنين « وقال غريب » وزعم القزويني كابن الجوزي وضعه، وأطال العلائي ردّه وقال: لم يأت أبو الفرج ولا غيره بعلة قادحة في هذا الخبر سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر.

وسئل عنه الحافظ ابن حجر في فتاويه فقال: هذا حديث صحّحه الحاكم وذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال إنه كذب، والصواب خلاف قوليهما معاً وأنه من قسم الحسن لا يرتقي إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب، قال: وبيانه يستدعى طولاً، لكن هذا هو المعتمد »(١) .

____________________

(١). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٣ / ٤٦.

٣٤١

(٣٦)

رواية الشعراني

ورواه محمد حجازي الشعراني في ( فتح المولى النصير بشرح الجامع الصغير ) وحكم بكونه حسناً كما في شرح العزيزي، فإنه المراد من « قال الشيخ » وسيأتي.

(٣٧)

إثبات يعقوب اللّاهوري

وأثبته الملّا يعقوب البنباني اللاهوري. وسيأتي كلامه فيما بعد.

(٣٨)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه أحمد بن الفضل المكي حيث قال: « وعنه أيضاً كرّم الله وجهه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. أخرجه الترمذي »(١) .

____________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

٣٤٢

(٣٩)

إثبات عبد الحق الدهلوي

وأثبته الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( اللمعات شرح المشكاة ) وكذا في ( أشعة اللمعات ). كما ذكر « دار الحكمة » في أسماء النبي في ( مدارج النبوة ).

(٤٠)

رواية الجفري

وأرسله شيخ بن علي الجفري إرسال المسلَّم حيث قال في ( كنز البراهين الكسبية ): « قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها ».

(٤١)

رواية العزيزي

ورواه الشيخ علي العزيزي بشرح الجامع الصغير وقال: « قال العلقمي: وزعم القزويني وابن الجوزي أنه موضوع. وردّ عليهما الحافظ العلائي وابن حجر والمؤلف بما يبطل قولهما وقال الشيخ: حديث حسن »(١) .

____________________

(١). السراج المنير - شرح الجامع الصغير ٢ / ٦٢.

٣٤٣

(٤٢)

رواية الشبراملسي

ورواه علي الشبراملسي في حاشيته على المواهب اللدنية بشرح « دار الحكمة » من أسماء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « قوله: دار الحكمة. أخذه الشيخ من حديث علي: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها. رواه الحاكم في المستدرك وصححه ».

(٤٣)

رواية الزرقاني

وأثبته الزرقاني المالكي شارح المواهب اللدنية وحققه بشرح « دار الحكمة » قال: « لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. رواه الحاكم في المستدرك وصححه، وزعم ابن الجوزي والذهبي أنه موضوع. وردّ بما يطول. قال الحافظان العلائي وابن حجر: الصواب إنه حسن لا صحيح ولا موضوع »(١) .

____________________

(١). شرح المواهب اللدنية ٣ / ١٢٩.

٣٤٤

(٤٤)

رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمد البدخشاني في كتابه ( نزل الأبرار ) حيث قال بعد ذكر حديث مدينة العلم: « وهو عند الترمذي وأبي نعيم في الحلية عن علي كرم الله وجهه بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها».

وفي كتابه ( مفتاح النجا ): « وأخرجه الترمذي وأبو نعيم في الحلية عن علي كرم الله وجهه مرفوعاً بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها ».

وفي كتابه ( تحفة المحبين ) عن الترمذي وحكم بحسنه بالنظر إلى شواهده.

(٤٥)

رواية محمد صدر العالم

ورواه محمد صدر العالم في ( معارج العلى ) نقلا عن ( جمع الجوامع ) وقد مرّت عبارته فيما سبق.

(٤٦)

إثبات النظام السهالوي

وأثبته نظام الدين السهالوي في ( الصبح الصادق ) كما ستعرف.

٣٤٥

(٤٧)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه شاه ولي الله الدهلوي في ( قرة العينين ) واختار أنه حسن.

(٤٨)

رواية الأمير الصنعاني

ورواه محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني عن الترمذي، ونقل تصحيح الطبري في ( الروضة الندية ).

(٤٩)

رواية محمد مبين اللكهنوي

ورواه المولوي محمد مبين اللكهنوي في ( وسيلة النجا ) عن الترمذي وأبي نعيم.

٣٤٦

(٥٠)

رواية ( الدهلوي )

وقال عبد العزيز ( الدهلوي ) في كتابه ( عزيز الاقتباس ): « حديث أنا دار الحكمة وعلي بابها. رواه الترمذي ».

وذكره ( الدهلوي ) في جواب سؤال بعض السائلين واحتج به، وقد مضت عبارته.

(٥١)

إثبات محمد إسماعيل الدهلوي

وهو ابن أخ ( الدهلوي ) فإنه أثبت حديث أنا دار الحكمة في رسالته ( منصب امامت ) قال: « ومن ذلك الحكمة. قال الله تبارك وتعالى( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. ودعاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابن عباس: اللهم علمه الحكمة ».

(٥٢)

رواية المحدِّث الدهلوي

ورواه حسن علي المحدث الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ) قائلاً: « عن علي

٣٤٧

رضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب، وقال روى بعضهم هذا الحديث عن شريك ولم يذكر فيه عن الصنابحي، ولا نعرف هذا الحديث عن أحد من الثقات غير شريك، ورواه أحمد عن الصنابحي ».

وكذا أثبته في كتابه ( شرح عزيز الاقتباس ).

(٥٣)

رواية السليماني

ورواه نور الدين السليماني في ( الدر اليتيم ) نقلاً عن كتاب ( الاكتفاء ): « وعنه - أي عن عليعليه‌السلام - إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها. أخرجه الترمذي في جامعه وقال غريب. وأبو نعيم في المعرفة ».

(٥٤)

رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه ولي الله اللكهنوي حيث قال بعد حديث مدينة العلم: « وأورد الترمذي لفظ الدار مكان المدينة ».

٣٤٨

(٥٥)

رواية البلخي القندوزي

ورواه الشيخ سليمان القندوزي حيث قال: « الترمذي والحمويني بسنديهما عن سويد بن غفلة عن الصنابحي عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها وفي الباب عن ابن عباس.

الحمويني عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

ابن المغازلي بسنده عن مجاهد عن ابن عباس. و أيضاً عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي عن علي كرّم الله وجهه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها ».

وروى عن ( كنوز الحقائق ): « أنا دار الحكمة وعلي بابها. للترمذي » وكذا عن ( الجامع الصغير ) وعن ( الصواعق المحرقة ).

(٥٦)

رواية الشاذلي

ورواه الشاذلي الدمنتي في ( شرح الترمذي ) حيث أخرجه.

٣٤٩

(٢)

أنا مدينة الحكمة وعلي بابها

وممن رواه أو أرسله إرسال المسلَّم:

١ - إسماعيل المدني الأنماطي.

٢ - أبو الحسن شاذان الفضلي.

٣ - أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني.

٤ - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني.

٥ - أبوبكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي.

٦ - أبو المجامع ابراهيم بن محمد الحموئي.

٧ - السيد شهاب الدين أحمد.

٨ - جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

٩ - عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي.

١٠ - شاه ولي الله الدهلوي.

١١ - المولوي ولي الله اللكهنوي.

١٢ - الشيخ سليمان البلخي القندوزي.

٣٥٠

(١)

رواية الأنماطي

لقد روى هذا الحديث بترجمة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام من كتابه في ( تاريخ الصحابة ) قائلاً: « حدثنا أبوبكر ابن خلاد وفاروق الخطابي قالا: أخبرنا أبو مسلم الكجي، عن محمد بن عمر بن الرومي، عن شريك عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ».

(٢)

رواية شاذان الفضلي

ورواه أبو الحسن شاذان الفضلي في كتابه في ( خصائص علي )عليه‌السلام على ما نقل عنه جلال الدين السيوطي، كما ستعلم.

(٣)

رواية الدارقطني

ورواه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني أيضاً كما ستعلم من عبارة الحافظ الخطيب البغدادي.

٣٥١

(٤)

إثبات أبي نعيم

وأثبت الحافظ أبو نعيم هذا الحديث بوصفه سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام بـ « مدينة الحكمة »، إذ في مدحه بقوله: « سيد القوم، محب الشهود ومحبوب العبود، باب مدينة الحكمة والعلوم ...»(١) .

(٥)

رواية الخطيب البغدادي

ورواه الحافظ أبوبكر الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) حيث قال:

« أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل وعبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن سابور، حدثنا عثمان بن إسماعيل بن مجالد، حدثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب »(٢) .

وفي كتاب ( تلخيص المتشابه في الرسم ) بقوله: « أخبرني الحسن بن أبي طالب نا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن إبراهيم الأنماطي، نا الحسين بن عبيد الله التميمي، نا حبيب بن النعمان قال: أتيت المدينة لأجاور بها، فسألت

____________________

(١). حلية الأولياء ١ / ٦١.

(٢). تاريخ بغداد ١١ / ٢٠٤.

٣٥٢

من خير أهلها فأشاروا إلى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأتيته فسلّمت عليه، فقال لي: أنت الأعرابي الذي سمعت من أنس بن مالك خمسة عشر حديثاً؟ قال قلت: نعم. قال: فأملها علي، قال: فأمليتها على ابنه وهو يسمع فقلت له: الا تحدثني بحديثٍ عن جدّك أخبرك به أبوك؟ قال: يا أعرابي تريد أن يبغضك الناس وينسبوك إلى الرفض؟ قال قلت: لا. قال: حدثني أبي عن جدّي قال حدثني جابر بن عبد الله قال رسول الله: أبوبكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة.

قال: فعجّلت. فعرف الذي أردت. قال:

وحدثني أبي عن أبيه عن جابر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكم - أو الحكمة - وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب »(١) .

كما وستعلم ذلك من عبارة السيوطي الآتية.

(٦)

رواية الحموئي

ورواه صدر الدين أبو المجامع الحمويني، كما ستعلم من عبارة القندوزي.

(٧)

رواية شهاب الدين أحمد

وقال شهاب الدين أحمد: « قال الامام الهمام المتفق على علو شأنه في العلوم

____________________

(١). تلخيص المتشابه ١ / ١٦١.

٣٥٣

والأعمال، المتّسق له دراري الفضل في سلك النظم بألسنة أهل الكمال، الحافظ الورع البارع العالم العامل العارف الكامل بلا شك ومرية: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني، في كتابه الفائق اللائق المسمى بالحلية: « وسيد القوم محب الشهود ومحبوب المعبود، باب مدينة الحكم والعلوم ...»(١) .

(٨)

رواية السيوطي

وقال جلال الدين السيوطي: « قال أبو الحسن شاذان الفضلي في خصائص علي: ثنا أبوبكر محمد بن ابراهيم بن فيروز الأنماطي، ثنا الحسين بن عبد الله التميمي، ثنا حبيب بن النعمان، حدثني جعفر بن محمد، حدثني أبي عن جدي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت إلى بابها.

أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه من طريق الدارقطني، ثنا محمد بن ابراهيم الأنماطي به »(٢) .

(٩)

رواية المناوي

ورواه عبد الرؤف المناوي حيث قال: « أنا دار الحكمة. وفي رواية: أنا

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٢). اللالي المصنوعة ١ / ٣٣٥.

٣٥٤

مدينة الحكمة - وعلي بابها. أي: علي بن أبي طالب هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة»(١) .

(١٠)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه شاه ولي الله الدهلوي في ( إزالة الخفا ) مستشهداً به مرسلاً إيّاه إرسال المسلَّم حيث قال في ذكر مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وحكمته أكثر من أن تحصر وتحصى وكيف يتيسر ذلك وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها »؟

(١١)

رواية ولي الله اللكهنوي

وكذا قال المولوي ولي الله اللكهنوي في ذكر مناقب الامامعليه‌السلام من كتابه ( مرآة المؤمنين ).

(١٢)

رواية القندوزي

وقال القندوزي البلخي الحنفي: « أخرج الحمويني عن سعيد بن جبير عن

____________________

(١). فيض القدير ٣ / ٤٦.

٣٥٥

ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبّني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك، لحمك من لحمي ودمك من دمي وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي. وأنت إمام أمّتي ووصيي. سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاك وخسر من عاداك. فاز من لزمك وهلك من فارقك ومثلك ومثل الأئمة من ولدك مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة »(١) .

تنبيه

يظهر من الحافظ الدارقطني أن له كلاماً في ثبوت حديث: ( أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ) عن سيدنا عليعليه‌السلام . وهذا نص كلامه في ( العلل ): « وسئل عن حديث الصنابحي عن علي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها.

فقال: هو حديث يرويه سلمة بن كهيل. واختلف عنه. فرواه شريك عن سلمة عن الصنابحي عن علي. واختلف عن شريك، فقيل عنه عن سلمة عن رجل عن الصنابحي. ورواه يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن سويد بن غفلة عن الصنابحي ولم يسنده.

والحديث مضطرب غير ثابت. وسلمة لم يسمع من الصنابحي »(٢) .

أقول: هذا من الدارقطني غير مقبول. إذ لا تنافي بين طرق الحديث، بل إن بعضها يقوّي البعض الآخر، ولا اضطراب وتوضيح ذلك:

____________________

(١). ينابيع المودة: ١٣٠ ٦ / ٢٣٠.

(٢). تهذيب التهذيب ٤ / ١٥٦.

٣٥٦

إن الطريق الذي فيه « شريك عن سلمة عن الصنابحي عن علي » لا كلام في ثبوت الحديث به، ودعوى الدارقطني أن « سلمة لم يسمع من الصنابحي » غير مسموعة، لأنها شهادة على النفي، بل لا وجه لاستبعاد سماعه منه، لأن سلمة ولد سنة ٧٤ كما ذكر ابن حجر(١) . وقد مات الصنابحي - وهو عبد الرحمن بن عسيلة - زمن عبد الملك، وذكره البخاري فيمن مات بين السبعين إلى الثمانين كما قال ابن حجر. فلو كانت وفاته سنة ٧٠ كان سلمة من أبناء الثالثة والعشرين. فلا شكال في سماعه منه.

والطريق الذي فيه: « شريك عن سلمة عن رجل عن الصنابحي » يثبت به الحديث كذلك، لأن « الرجل » فيه هو « سويد بن غفلة » بقرينة الطريق الآخر وهو من ثقات التابعين قال الذهبي: « سويد بن غفلة الجعفي أبو أمية ولد عام الفيل قدم المدينة حين دفنوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وسمع أبابكر وعدّة. وعنه سلمة بن كهيل وعبدة بن أبي لبابة. ثقة إمام زاهد قوّام »(٢) .

وأما قول الدارقطني: « ورواه يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن سويد ابن غفلة عن الصنابحي ولم يسنده » أي: لم يسنده إلى الصنابحي، بل رواه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام من دون ذكر له.

ففيه: إن « سويد بن غفلة » تابعي مخضرم، روى عن الخلفاء الأربعة كما لا يخفى على من لاحظ كتب الرجال، وقد نص على ذلك الحافظ العلائي في ( أجوبته ) والفيروزآبادي في ( نقد الصحيح ). على أنه والصنابحي في طبقة واحدة ولم يكن بين قدومهما المدينة المنورة إلّا أيّام معدودة. قال ابن حجر: « سويد بن غفلة - بفتح المعجمة والفاء - أبو أمية الجعفي، مخضرم من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان مسلما في حياته، ثم نزل الكوفة

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٦ / ٢٣٠.

(٢). الكاشف ١ / ٤١٢.

٣٥٧

ومات سنة ٨٠ وله مائة وثلاثون سنة »(١) .

وقال: « عبد الرحمن بن عسيلة - بمهملة مصغراً - المرادي أبو عبد الله الصنابحي ثقة من كبار التابعين. قدم المدينة بعد موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسة أيام، مات في خلافة عبد الملك »(٢) .

فلا مانع من سماع كلا الرجلين الحديث من أمير المؤمنينعليه‌السلام مباشرة، فعدم إسناد « سويد بن غفلة » الحديث إلى « الصنابحي » لا يوجب الطعن في هذا الطريق.

فظهر أن تعلّل الدارقطني بهذا في ( العلل ) ليس إلّا عن جهل وغفلة إنْ لم يكن من علة في قلبه

ولا يخفى أن ما ذكره يدور حول الحديث عن أمير المؤمنين خاصة وقد علمت من عبارة الخطيب والسيوطي أن الدارقطني من رواته عن جابر. كما عرفت من رواية الحمويني ورود هذا الحديث عن ابن عباس أيضاً.

____________________

(١). تقريب التهذيب ١ / ٣٤١.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٩١.

٣٥٨

(٣)

أنا دار العلم وعلي بابها

وممن رواه أو أثبته:

١ - أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي.

٢ - محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري.

٣ - علي بن سلطان القاري.

٤ - أحمد بن الفضل بن باكثير المكي.

٥ - شيخ بن علي الجفري.

٦ - سليمان بن إبراهيم القندوزي.

(١)

رواية البغوي

أما البغوي فقد روى هذا الحديث الشريف في كتابه ( مصابيح السنة ) كما

٣٥٩

ستعلم من عبارة المحب الطبري الآتية.

(٢)

رواية المحب الطبري

فقد قال محب الدين الطبري في ( ذخائر العقبى ) إذْ قال: « ذكر أنهرضي‌الله‌عنه باب دار العلم وباب مدينة العلم. عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها.

أخرجه البغوي في المصابيح في الحسان.

وأخرجه أبو عمروقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. وزاد: فمن أراد العلم فليأته من بابه »(١) .

وفي ( الرياض النضرة ): « ذكر اختصاصه بأنه دار العلم وباب مدينة العلم. عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها. أخرجه في المصابيح في الحسان ».

وفيه: « ذكر علمه وفقهه. وقد تقدم - في ذكر أعلميته مطلقاً وأعلميته بالسنة، وأنه باب دار العلم، وأن أحداً من الصحابة لم يكن يقول: « سلوني » غيره، وإحالة جمع من الصحابة عليه - معظم أحاديث هذا الذكر ».

(٣)

رواية القاري

وقال علي القاري: « وعنه. أي عن علي. قال قال رسول الله صلّى الله

____________________

(١). ذخائر العقبى ٧٧.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428