نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار18%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 346384 / تحميل: 7089
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الحكمة عن الترمذي - « قلت: رواية سويد بن سعيد عن شريك عن سلمة عن الصنابحي عن علي مرفوعاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

ورواه الذهبي باسناده عنه، كما ستعلم في محلّه إن شاء الله تعالى.

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب - الحدثاني ).

٢ - المزي في ( تهذيب الكمال ١٢ / ٢٤٧ ).

٣ - الذهبي في ( تهذيب التهذيب - مخطوط ) و ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٥٤ ) و ( العبر في خبر من غبر ١ / ٤٣٢ ).

٤ - ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ٤ / ٢٧٢ ).

٥ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ١٩٨ ).

وغيرهم وقد أثنوا عليه ووصفوه بالأوصاف الحميدة، وأطروه غاية الإطراء، فليراجع.

(٦)

رواية أحمد بن حنبل

رواه من طرقٍ عديدة قال العلامة محمد بن علي بن شهرآشوب ( المترجم في الوافي بالوفيات ٤ / ١٦٤ والبلغة للفيروزآبادي ٢٤٠ ولسان الميزان ٥ / ٣١٠ وبغية الوعاة ١ / ١٨١ وطبقات المفسرين للداودي ٢ / ١٩٩ ) « وقال النبيعليه‌السلام بالاجماع أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٩.

٨١

الباب. رواه أحمد من ثمانية طرق »(١) .

وقال سبط ابن الجوزي: « أحمد في الفضائل: ثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد ابن عبد الله ( عمر ) الرومي، ثنا شريك عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٢) .

وقال السمهودي: « رواه الامام أحمد في الفضائل عن عليرضي‌الله‌عنه »(٣) .

كما يظهر ذلك من كلام المناوي والشيخاني القادري فيما سيأتي إن شاء الله.

متى روى أحمد حديثاً وجب المصير إليه

ولقد بنى علماء أهل السنة على وجوب المصير إلى الحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل، لأنه إمام زمانه والمقتدى به في هذا الفن، قال أخطب خوارزم والكنجي في بيان كثرة فضائل مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ويدلّ على ذلك ما رويناه عن إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل، وهو أعرف أصحاب الحديث في علم الحديث، قريع أقرانه وإمام زمانه، والمقتدى به في هذا الفن في إبانه، والفارس الذي يكب فرسان الحافظ في ميدانه، وروايته مقبولة، وعلى كاهل التصديق محمولة ولا يتّهم في دينه، ولا يشك أنه يقول بتفضيل الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما وأظلنا بظل رضاهما - فجاءت روايته فيه كعمود الصباح، ولا يمكن ستره بالراح »(٤) .

وقال سبط ابن الجوزي في ذكر حديث المؤاخاة: « ونحن نقول: الحديث

____________________

(١). مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٤.

(٢). تذكرة خواص الأمة: ٤٧.

(٣). جواهر العقدين - مخطوط.

(٤). المناقب للخوارزمي: ٣، كفاية الطالب: ٢٥٣.

٨٢

الذي رواه أحمد في الفضائل ليس فيه ميسرة ولا الحكم، وأحمد مقلَّد في الباب، متى روى حديثاً وجب المصير إلى روايته، لأنه إمام زمانه وعالم أوانه والمبرز في علم النقل على أقرانه، والفارس الذي لا يجارى في ميدانه، وهذا هو الجواب عن جميع ما يرد في الباب وفي أحاديث الكتاب »(١) .

(٧)

رواية عبّاد بن يعقوب

الرواجني الأسدي شيخ البخاري وابن ماجة والترمذي، وسيظهر ذلك من كلام الخطيب البغدادي والكنجي ان شاء الله.

وقد ترجمنا له بالتفصيل في مجلد ( حديث الطير ).

(٨)

رواية الترمذي

رواه في صحيحه كما في ( جامع الأصول ) حيث قال: « علي: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه الترمذي »(٢) .

وفي ( مطالب السئول ): « ولم يزل - أي عليعليه‌السلام - بملازمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يزيده الله تعالى علماً حتى قال رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). تذكرة خواص الأمة: ٢٢.

(٢). جامع الأصول ٩ / ٤٧٣.

٨٣

وسلّم - فيما نقله الترمذي في صحيحه بسنده عنه - أنا مدينة العلم وعلي بابها »(١) .

وفيه في شواهد علمهعليه‌السلام : « ومن ذلك ما رواه الامام الترمذي في صحيحه بسنده - وقد تقدم ذكره في الاستشهاد في صفة أمير المؤمنين بالأنزع البطين - إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٢) .

وقال السيوطي: « وأخرج الترمذي والحاكم عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، هذا حديث حسن على الصواب »(٣) .

وفي ( السيرة الشامية ) في أسماء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مدينة العلم. روى الترمذي وغيره مرفوعاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها. والصواب أنه حديث حسن ».

وقد اعترف ابن تيمية في ( المنهاج ) وابن روزبهان في ( الباطل ) بإخراج الترمذي حديث مدينة العلم في صحيحه.

كما سيظهر ذلك من: ( الصواعق ) و ( النواقض ) و ( العقد النبوي ) و ( الصراط السوي ) و ( أسماء رجال المشكاة ) و ( تيسير المطالب ) و ( النبراس ) و ( شرح المواهب اللدنية ) و ( إسعاف الراغبين ) و ( ذخيرة المآل ) و ( شرح المثنوي ) وغيرها - إن شاء الله تعالى.

ترجمته:

ولا بأس بايراد طرف من فضائل الترمذي ومحامده عن كتب أعيان أهل السنة ومشاهيرهم، فممن ترجم له:

____________________

(١). مطالب السئول: ٣٥.

(٢). مطالب السئول: ٦١.

(٣). تاريخ الخلفاء: ١٧٠.

٨٤

١ - السمعاني: « هذه النسبة إلى بوغ، وهي قرية من قرى ترمذ على ستة فراسخ، منها الامام أبو عيسى بن سورة بن شداد البوغي الترمذي الضرير، إمام عصره بلا مدافعة، صاحب التصانيف »(١) .

وقال: « أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث، صنّف كتاب الجامع والتاريخ والعلل تصنيف رجل عالم متقن، وكان يضرب به المثل في الحفظ والضبط، تلمذ لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ويشارك معه في شيوخه »(٢)

٢ - المجد ابن الأثير: « هو أحد العلماء الحفاظ الأعلام، وله في الفقه يد صالحة، أخذ عن جماعة من أئمة الحديث ولقي الصدر الأول من المشايخ وله تصانيف كثيرة في علم الحديث، وكتابه هذا الصحيح أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيباً وأقلها تكراراً، وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب، وفيه جرح وتعديل، وفي آخره كتاب العلل قد جمع فيه فوائد حسنة كما لا يخفى قدرها على من وقف عليها. قال الترمذيرحمه‌الله : صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته على علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم »(٣) .

٣ - العز ابن الأثير: « كان إماماً حافظاً، له تصانيف حسنة منها الجامع الكبير في الحديث، وهو أحسن الكتب، وكان ضريراً »(٤) .

٤ - ابن خلكان بمثل كلام السمعاني(٥) .

____________________

(١). الأنساب - البوغي.

(٢). المصدر - الترمذي.

(٣). جامع الأصول ١ / ١٩٣ - ١٩٤.

(٤). الكامل في التاريخ - حوادث: ٢٧٩.

(٥). وفيات الاعيان ٤ / ٢٧٨.

٨٥

٥ - أبو الفداء الأيوبي: « كان إماماً حافظاً له تصانيف حسنة منها الجامع الكبير في الحديث، وكان ضريراً، وهو من أئمة الحديث المشهورين الذين يقتدى بهم في علم الحديث »(١) .

٦ - الذهبي: « الامام الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي الترمذي الضرير مصنف الجامع وكتاب العلل

قال ابن حبان في كتاب الثقات: كان أبو عيسى ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر. وقال أبو سعيد الادريسي: كان أبو عيسى يضرب به المثل في الحفظ. وقال الحاكم: سمعت عمر بن عليك يقول: مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد، بكى حتى عمي وبقي ضريراً سنين

قال: ما أخرجت في كتابي هذا إلّا حديثاً قد عمل به بعض الفقهاء »(٢) .

٧ - الذهبي أيضاً: « كان من أئمة هذا الشأن »(٣) .

٨ - الخطيب التبريزي بمثل كلام المجد ابن الأثير(٤) .

٩ - السيوطي: « الحافظ العلامة، طاف البلاد وسمع خلقاً كثيراً من الخراسانيين والعراقيين والحجازيين وغيرهم »(٥) .

١٠ - القاري: « هو أحد أئمة عصره وأجلة حفاظ دهره - قيل: ولد أكمه - سمع خلقاً كثيراً من العلماء الأعلام وحفاظ مشايخ الإِسلام، مثل قتيبة بن سعيد والبخاري والدارمي ونظرائهم، وجامعه دال على اتساع حفظه ووفور علمه، كأنه كاف للمجتهد وشاف للمقلد، ونقل عن الشيخ عبد الله الأنصاري

____________________

(١). المختصر - حوادث: ٢٧٩.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٣٣.

(٣). العبر ٢ / ٦٢.

(٤). أسماء رجال المشكاة المطبوع مع المشكاة ٣ / ٨٠٣.

(٥). طبقات الحفاظ ٢٧٨.

٨٦

أنه قال: جامع الترمذي عندي أنفع من كتابي البخاري ومسلم »(١) .

وانظر: ( دول الاسلام ١ / ١٦٨ ) و ( مرآة الجنان ٢ / ١٩٣ ) و ( تتمة المختصر حوادث ٢٧٩ ) وغيرها.

(٩)

رواية ابن فهم البغدادي

قال الحاكم في ( المستدرك ) « حدثنا بصحة ما ذكره الامام أو زكريا يحيى بن معين: أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطري، ثنا الحسين بن فهم، ثنا محمد بن يحيى بن الضريس، ثنا محمد بن جعفر الفيدي، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب. قال الحسين بن فهم: حدثناه أبو الصلت الهروي عن أبي معاوية.

قال الحاكم: ليعلم المستفيد لهذا العلم: أن الحسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون حافظ»(٢) .

ترجمته:

وعبارة الحاكم هذه في حق ابن فهم تغنينا عن ترجمته، وقد ذكره الحافظ

الذهبي في حوادث سنة ٢٨٩ قائلاً: « وفيها الحسين بن محمد بن فهم بن علي البغدادي الحافظ، أحد أئمة الحديث، أخذ عن يحيى بن معين وروى الطبقات عن ابن سعد »(٣) .

____________________

(١). شرح الشمائل للقاري ١ / ٧.

(٢). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٧.

(٣). العبر في خبر من غبر ٢ / ٨٣.

٨٧

(١٠)

رواية البزار

ابن حجر المكّي: « أخرج البزّار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(١) .

وستعلم روايته من ( العقد النبوي ) و ( نزل الأبرار ) و ( إسعاف الراغبين ) و ( مفتاح النجا ) و ( وسيلة النجاة ) و ( السيف المسلول ) وغيرها أيضاً.

ترجمته:

١ - أبو نعيم بقوله: « أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري أبوبكر البزّار الحافظ، قدم إصبهان مرّتين »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفيها مات حافظ وقته أبوبكر أحمد بن عمرو البصري البزار صاحب المسند الكبير بالرملة »(٣) .

٣ - السيوطي: « البزّار الحافظ العلامة الشهير »(٤) .

٤ - الأزهري: « سنن البزار الحافظ أبي بكر أحمد بن عبد الخالق البزار العتكي قال ابن أبي خثيمة: هو ركن من أركان الاسلام، كان يشبه بابن

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٣.

(٢). اخبار اصفهان ١ / ١٠٤.

(٣). دول الاسلام ١ / ١٧٧.

(٤). طبقات الحفاظ ٢٨٥.

٨٨

حنبل في زهده وورعه »(١) .

٥ - ( الدهلوي ) في كتابه ( التحفة ) ووصفه بـ « عمدة المحدثين » واعتمد على نقله واستشهد برواياته في مواضع عديدة منه.

(١١)

رواية ابن جرير الطبري

قال السيوطي بعد أنْ روى حديث « أنا دار الحكمة وعلي بابها » عن الترمذي والطبري وأبي نعيم، ثم ذكر عبارة الترمذي حوله، قال: « وقال ابن جرير: هذا خبر صحيح سنده، وقد يجب أنْ يكون هذا على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح لعلّتين: إحداهما: إنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا من هذا الوجه، والأخرى: إن سلمة بن كهيل عندهم ممن لا يثبت بنقله حجة.

وقد وافق علياً في رواية هذا الخبر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيره: ثنا محمد بن إبراهيم الفزاري ثنا عبد السلام بن صالح الهروي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها.

ثنا إبراهيم بن موسى الرازي - وليس بالفراء - ثنا أبو معاوية بإسناده مثله. هذا الشيخ لا أعرفه ولا سمعت منه غير هذا الحديث. إنتهى كلام ابن جرير »(٢) .

____________________

(١). رسالة الاسانيد: ٤٤.

(٢). جمع الجوامع ١ / ٣٧٣.

٨٩

ترجمته:

١ - ابن جزلة في مختار مختصر تاريخ بغداد - مخطوط.

٢ - السمعاني في الأنساب - الطبري.

٣ - ياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٤٢٣.

٤ - النووي في تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٧٨.

٥ - الذهبي في تذكرة الحفاظ ٢ / ٧١٠ والعبر.

٦ - ابن الوردي في تتمة المختصر حوادث ٣٠٧.

٧ - اليافعي في مرآة الجنان ٢ / ٢٦١.

٨ - السبكي في طبقات الشافعية ٢ / ١٣٥.

٩ - ابن الشحنة في روضة المناظر حوادث ٣١٠.

١٠ - إبن قاضي شهبة الأسدي في طبقات الشافعية ١ / ١٠١.

١١ - السيوطي في طبقات الحفاظ ٣٠٧.

١٢ - الدوادي في طبقات المفسرين ٢ / ١٠٦.

وقد ذكرنا ترجمته بالتفصيل في مجلَّد حديث الولاية.

وقالابن خلكان ما ملخصه: « كان إماماً في فنون كثيرة منها التفسير والحديث والفقه والتاريخ وغير ذلك، وله مصنفات مليحة في فنون عديدة تدل على سعة علمه وغزارة فضله، وكان من الأئمة المجتهدين لم يقلّد أحداً، وكان أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني المعروف بابن طرار على مذهبه، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

وكان ثقة في نقله وتاريخه أصح التواريخ وأثبتها، وذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء من جملة المجتهدين »(١) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ٤ / ١٩١.

٩٠

وقالأبو الفداء الأيوبي: « كان حافظاً لكتاب الله، عارفاً بالقراآت، بصيراً بالمعاني، وكان من المجتهدين لم يقلّد أحداً، وكان فقيهاً عالماً عارفاً بأقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولمـّا مات تعصّبت عليه العامّة ورموه بالرفض، وما كان سببه إلّا أنّه صنّف كتاباً فيه اختلاف الفقهاء ولم يذكر فيه أحمد ابن حنبل فقيل له في ذلك، فقال: لم يكن أحمد بن حنبل فقيهاً وإنما كان محدَثاً. فاشتد ذلك على الحنابلة وكانوا لا يحصون كثرة ببغداد فشنّعوا عليه بما أرادوه »(١) .

وقالالجزري: « الامام أبو جعفر الطبري الآملي البغدادي أحد الأعلام وصاحب التفسير والتاريخ والتصانيف قال الخطيب: كان أحد الأئمة العلم يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظاً لكتاب الله، عارفاً بالقراآت، بصيراً بالمعاني، فقيهاً في أحكام القرآن، عالماً بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين، عارفاً بأيّام الناس وأخبارهم ...»(٢) .

(١٢)

رواية أبي بكر الباغندي

قال ابن المغازلي: « أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، أنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ البغدادي، نا الباغندي محمد بن محمد ابن سليمان، نا محمد بن مصفى نا حفص بن عمر العدناني، نا علي بن عمرو عن أبيه

____________________

(١). المختصر - حوادث ٣٠٧.

(٢). غاية النهاية في طبقات القراء ٢ / ١٠٦.

٩١

عن جرير عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ولا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب - الباغندي ).

٢ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٣٦ ) و ( العبر ٢ / ١٥٣ ) و ( دول الإسلام حوادث ٣١٢ ).

٣ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٣١١ ) وغيرهم، فليراجع.

(١٣)

رواية الأصم

قال الحاكم ما نصّه: « حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي بالرملة، ثنا أبو الصّلت عبد السلام بن صالح، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب.

هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، وأبو صلت ثقة مأمون، فإني سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب في التاريخ يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سألت يحيى بن معين عن أبي الصّلت الهروي فقال: ثقة فقلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية عن الأعمش أنا مدينة العلم؟ فقال: حدّث به محمد ابن جعفر الفيدي وهو ثقة مأمون »(٢) .

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي: ٨١.

(٢). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٦.

٩٢

و قال ابن المغازلي « أخبرنا أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الأصفهاني - قدم علينا واسطاً، إملاءً في جامعنا في شهر رمضان من سنة أربع وثلاثين وأربعمائة - أنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي بنيسابور، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، نا محمد بن عبد الرحيم الهروي، نا عبد السلام بن صالح نا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني: « الأصم - بفتح الألف والصاد المهملة وتشديد الميم في آخر الكلمة - هذه صفة لمن كان لا يسمع، من الصمم، والمشهور به في المشرق والمغرب: أبو العباس محمد بن يعقوب، محدّث عصره بلا مدافعة، ولم يختلف قط في صدقه وصحة سماعه، قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: ما رأينا الرحالة في بلد من بلاد الإسلام أكثر منها إليه، فناهيك بهذا شرفاً واشتهاراً وعلواً في الدين وقبولاً في بلاد المسلمين بطول الدنيا وعرضها »(٢) .

٢ - الذهبي: « الأصم: الامام الثّقة محدث المشرق، قال الحاكم: سمعت محمد بن الفضل بن خزيمة قال سمعت جدي إمام الأئمة - وسئل عن كتاب المبسوط للشافعي فقال - اسمعوه من أبي العباس الأصم فإنه ثقة قد رأيته يسمع بمصر، وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: ما بقي لكتاب المبسوط راو غير أبي العباس الوراق، وبلغنا أنه ثقة صدوق »(٣) .

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي: ٨٣.

(٢). الأنساب - الأصم. ملخصاً.

(٣). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٦٠. ملخّصاً.

٩٣

و في ( العبر ): « وفيها محدّث خراسان ومسند العصر أبو العباس الأصم محمد بن يعقوب »(١) .

٣ - السيوطي: « الأصم: الامام المفيد الثقة محدّث المشرق محدّث عصره بلا مدافعة ...»(٢) .

(١٤)

رواية أبي الحسن ابن تميم البغدادي

لقد ظهرت روايته للحديث من عبارة الحاكم الآنفة الذكر، كما ستعلم ذلك فيما يأتي أيضاً.

(١٥)

رواية أبي بكر ابن الجعابي

قال ابن شهرآشوب: « وقال النبيعليه‌السلام بالاجماع: أنا مدينة ألعلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه أحمد من ثمانية طرق، وإبراهيم الثقفي من سبعة طرق، وابن بطة من ستة طرق، والقاضي الجعابي من ستة طرق »(٣) .

____________________

(١). العبر في خبر من غبر - حوادث: ٣٦٤.

(٢). طبقات الحفاظ ٣٥٤.

(٣). مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٤.

٩٤

ترجمته:

ترجم له الحافظ جلال الدين السيوطي بما هذا نصّه: « ابن الجعابي الحافظ البارع، فريد زمانه، قاضي الموصل أبوبكر محمد بن عمر بن محمد بن مسلم التميمي البغدادي، ولد في صفر سنة ٢٨٤ وتخرّج بابن عقدة، وصنف الأبواب والشيوخ، روى عنه الدارقطني والحاكم وأبو نعيم - وهو خاتمة أصحابه -. قال أبو علي: ما رأيت في المشايخ أحفظ من ابن الجعابي، وسمعت من يقول: إنه يحفظ مائتي ألف حديث ويجيب في مثلها، إلّا أنه كان يفضل الحافظ، فإنه يسوق المتون بألفاظها، وأكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك، وكان إماماً في معرفة العلل وثقات الرجال وتواريخهم. مات بغداد في رجب سنة ٣٥٥ »(١) .

(١٦)

رواية الطبراني

لقد اخرجه من حديث ابن عباس، حيث قال: « ثنا الحسن بن علي المعمري ومحمد بن علي الصائفي المكي قال ثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه »(٢) .

ورواه بهذا اللفظ عنه: ابن حجر - على ما نقل عنه السيوطي في شرح

____________________

(١). طبقات الحفاظ ٣٧٥ وله ترجمة في تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٢٥ وفي العبر ٢ / ٣٠٢.

(٢). عن المعجم الكبير.

٩٥

الترمذي والسيوطي في ( جمع الجوامع )، والمتقي في ( كنز العمال ) والبدخشاني في ( نزل الأبرار ) و ( مفتاح النجا ) والمولوي مبين في ( وسيلة النجاة ) وولي الله في ( مرآة المؤمنين ) كما ستعرف فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

وأخرجه فيه عن ابن عباس بلفظ آخر، قال السيوطي: « أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب، عق عد طب ك »(١) .

ورواه بهذا اللفظ عنه: السمهودي في ( جواهر العقدين ) والمتقي في ( كنز العمال ) كما ستعلم.

وتظهر روايته إياه من حديث ابن عباس من ( النكت البديعات ) و ( شرح المواهب ) و ( الفوائد المجموعة ) كما سيأتي فيما بعد إن شاء الله.

وأخرجه الطبراني في ( الأوسط ) من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، فقد قال ابن حجر المكي « الحديث التاسع: أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، والطبراني والحاكم والعقيلي في الضعفاء وابن عدي عن ابن عمر، والترمذي والحاكم عن عليرضي‌الله‌عنه ، قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٢) .

وتظهر روايته له من حديث جابر من ( العقد النبوي ) و ( النبراس ) و ( نزل الأبرار ) و ( مفتاح النجا ) و ( تحفة المحبين ) و ( إسعاف الراغبين ) و ( وسيلة النجاة ) و ( السيف المسلول ) كما سيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى.

وأخرجه من حديث ابن عمر كما عرفت ذلك من عبارة ( الصواعق ) الآنفة قريباً، وستعرفه من عبارات ( نزل الأبرار ) و ( مفتاح النجا ) و ( تحفة المحبين ) و ( إسعاف الراغبين ) و ( وسيلة النجاة ) إن شاء الله.

هذا: ويعلم إخراجه حديث مدينة العلم بنحو الإطلاق من عبارة ( كنوز الحقائق ) إن شاء الله.

____________________

(١). الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير ١ / ١٠٨.

(٢). الصواعق المحرقة: ٧٣.

٩٦

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب - الطبراني ).

٢ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٢١٥ ).

٣ - الذهبي في ( العبر ٢ / ٣١٥ ).

٤ - اليافعي في ( مرآة الجنان ( ٢ / ٣٧٢ ).

٥ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٣٧٢ ).

٦ - الجزري في ( طبقات القراء ١ / ٣١١ ).

وقد ذكرنا ترجمة بالتفصيل عن هذه الكتب وغيرها في مجلد ( حديث الطير ).

وقالالذهبي: « الطبراني: الحافظ الامام العلامة الحجة أبو القاسم سليمان ابن أحمد بن أيوب بن مطير الشامي اللخمي الطبراني مسند الدنيا »(١) .

وفي ( دول الاسلام ) « مسند الدنيا الحافظ أبو القاسم »(٢) .

وقالالقنوجي « كان حافظ عصره، رحل في طلب الحديث من الشام إلى العراق والحجاز واليمن ومصر وبلاد الجزيرة الفراتية، وأقام في الرحلة ثلاثاً وثلاثين سنة، وسمع الكثير، وعدد شيوخه ألف شيخ، وله المصنفات الممتعة النافعة الغريبة، منها المعاجم الثلاثة »(٣) .

هذا، وقد تمسك ( الدهلوي ) - كغيره - في مواضع عديدة من كتابه ( التحفة ) بأخبار الطبراني وأقواله.

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩١٢.

(٢). دول الاسلام ١ / ٢٢٣.

(٣). التاج المكلل: ٥٤.

٩٧

(١٧)

رواية أبي بكر القفال الشاشي

قال الحاكم بعد أن أخرج الحديث من حديث ابن عباس « ولهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوري باسناد صحيح: حدثني أبوبكر محمد بن علي الفقيه الامام الشاشي القفال ببخارا - وأنا سألته - حدثني النعمان بن هارون البلدي ببلد من أصل كتابه، ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان الثوري، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، قال سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني: « الامام أبوبكر محمد بن علي بن إسماعيل القفال الشاشي، أحد أئمة الدنيا في التفسير والحديث والفقه واللغة »(٢) .

وقال في ( القفال ) « إمام أهل عصره بلا مدافعة، وكان إماماً أصولياً لغوياً شاعراً، أفنى عمره في طلب العلم ونشره، وشاع ذكره في الشرق والغرب، وصنف التصانيف الحسان »(٣) .

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٧.

(٢). الانساب - الشاشي.

(٣). المصدر نفسه - القفال.

٩٨

٢ - الرافعي: « إمام من أئمة أصحاب الشافعيرضي‌الله‌عنه ، مقدَّم في العلوم، وله تصانيف مشهورة في التفسير والحديث والأصول والفقه »(١) .

٣ - النووي: « كان إمام عصره بما وراء النهر وأعلمهم بالأصول، وله مصنّفات من أجلّ المصنفات، وهو أول من صنف الجدل وشرح رسالة الشافعي.

قال الشيخ أبو إسحاق في طبقاته: له مصنفات كثيرة ليس لأحدٍ مثلها وقال الامام أبو عبد الله الحليمي: كان شيخنا القفال الشاشي أعلم من لقيته من علماء عصره »(٢) .

٤ - ابن خلكان: « الفقيه الشافعي، إمام عصره بلا مدافعة، كان فقيهاً محدِّثاً أصولياً لغوياً شاعراً، لم يكن بما وراء النهر في الشافعيين مثله في قوته »(٣) .

٥ - الذهبي: « هو صاحب وجه في المذهب »(٤) .

٦ - اليافعي: « الامام النحرير، الفاضل الشهير المعروف بالقفال الكبير وبالقفال الشاشي الفقيه الشافعي، إمام عصره بلا منازع، وفريد دهره بلا مدافع، صاحب المصنفات المفيدة والطريقة الحميدة، روى عن أكابر من العلماء منهم الامامان الكبيران محمد بن جرير الطبري وإمام الأئمة محمد بن خزيمة وأقرانهما، وروى عنه جماعة من الكبار منهم: الحاكم أبو عبد الله وابن مندة وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم »(٥) .

٧ - السبكي: « الامام الجليل أحد أئمة الدهر، ذو الباع الواسع في العلوم واليد الباسطة والجلالة التامة والعظمة الوافرة، كان إماماً في التفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الكلام، إماماً في الأصول، إماماً في الفروع، إماماً في الورع

____________________

(١). التدوين بذكر علماء قزوين ١ / ٤٥٧.

(٢). تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٢٨٢.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٣٣٨.

(٤). العبر ٢ / ٣٣٨.

(٥). مرآة الجنان - حوادث: ٣٦٥.

٩٩

والزهد، إماماً في اللغة والشعر، ذاكراً للعلوم، محققاً لما يورده، حسن التصرف فيما عنده، فرداً من أفراد الزمان.

قال فيه أبو عاصم العبادي: هو أفصح الأصحاب قلماً، وأثبتهم في دقائق العلوم قدماً، وأسرعهم بياناً، وأثبتهم جناناً، وأعلاهم إسناداً، وأرفعهم عماداً.

قال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره وقال الحاكم أبو عبد الله: هو الفقيه الأديب إمام عصره بما وراء النهر للشافعيين، وأعلمهم بالأصول وأكثرهم رحلة في طلب الحديث، وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: كان إماماً وله مصنفات كثيرة ليس لأحدٍ مثلها وقال ابن الصلاح: القفال الكبير علم من أعلام المذهب مرفوع، ومجمع علوم هو بها عليم ولها جموع »(١) .

٨ - الأسنوي: « أحد أئمة الاسلام »(٢) .

(١٨)

رواية أبي الشيخ ابن حيّان

لقد رواه في ( كتاب السنة ) على ما ذكره السخاوي حيث قال: « حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها. الحاكم في المناقب من مستدركه، والطبراني في معجمه الكبير، وأبو الشيخ ابن حيان في السنة له، وغيرهم، كلّهم من حديث أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً به بزيادة: فمن أراد العلم فليأت الباب »(٣) .

____________________

(١). طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٢٠٠.

(٢). طبقات الشافعية للاسنوي ٢ / ٧٩.

(٣). المقاصد الحسنة: ٩٧.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مسألة ١٤ : إذا صارت الوديعة مضمونةً على المستودع‌ إمّا بنقل الوديعة أو إخراجها من الحرز أو باستعمالها كركوب الدابّة ولُبْس الثوب أو بغيرها من أسباب الضمان ثمّ إنّه ترك الخيانة وردّ الوديعة إلى مكانها وخلع الثوب ، لم يبرأ بذلك عند علمائنا أجمع ، ولم يزل عنه الضمان ، ولم تَعُدْ أمانته - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه ضمن الوديعة بعدوان ، فوجب أن يبطل الاستئمان ، كما لو جحد الوديعة ثمّ أقرّ بها.

وقال أبو حنيفة : يزول عنه الضمان ؛ لأنّه إذا ردّها فهو ماسك لها بأمر صاحبها ، فلم يكن عليه ضمانها ، كما لو لم يخرجها(٢) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّه إذا لم يخرجها لم يضمنها بعدوان ، بخلاف صورة النزاع.

ثمّ يُنقض على أبي حنيفة بما سلّمه من أنّه إذا جحد الوديعة وضمنها بالجحود ثمّ أقرّ بها ، فإنّه لا يبرأ ، وبالقياس على السارق ، فإنّه لو ردّ المسروق إلى موضعه ، لم يبرأ(٣) ، فكذا هنا.

فروع :

أ - لو ردّ الوديعة - بعد أن تعلّق ضمانها به إمّا بالإخراج من الحرز أو بالتصرّف أو بغيرهما من الأسباب‌ - إلى المالك وأعادها عليه ثمّ إنّ المالك‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٣٦٣ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٨ ، المغني ٧ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٦.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٦ ، الحاوي الكبير ٨ : ٣٦٣ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥ ، المغني ٧ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥.

١٦١

أودعه إيّاها ثانياً ، فإنّه يعود أميناً إجماعاً ، ويبرأ من الضمان.

ب - لو لم يسلّمها إلى المالك ولكن أحدث المالك له استئماناً‌ ، فقال : أذنتُ لك في حفظها ، أو أودعتُكها ، أو استأمنتُك ، أو أبرأتُك عن الضمان ، فالأقرب : سقوط الضمان عنه ، وعوده أميناً ؛ لأنّ التضمين لحقّ المالك ، وقد رضي بسقوطه ، وهو أصحّ قولَي الشافعيّة.

والثاني : إنّه لا يزول الضمان ولا يعود أميناً - وهو قول ابن سريج - لظاهر قولهعليه‌السلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدّي »(١) (٢) .

وكذا الخلاف فيما لو حفر بئراً في ملك غيره عدواناً ثمّ أبرأه المالك عن ضمان الحفر(٣) .

ج - لو قال المالك : أودعتُك كذا - ابتداءً - فإن خُنتَ ثمّ تركتَ الخيانة عُدْتَ أميناً لي‌ ، فخان وضمن ثمّ ترك الخيانة ، لم تزل الخيانة ، ولم يَعُدْ أميناً - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه لا ضمان حينئذٍ حتى يسقط ، وهناك الضمان ثابت فيصحّ إسقاطه ، ولأنّ الاستئمان الثاني معلّق.

د : لو قال : خُذْ هذا وديعةً يوماً وغير وديعةٍ يوماً ، فهو وديعة أبداً. ولو قال : خُذْه وديعةً يوماً وعاريةً يوماً ، فهو وديعة في اليوم الأوّل ، وعارية في اليوم الثاني.

وهل يعود وديعةً؟ مَنَع الشافعيّة منه ، وقالوا : لا يعود وديعةً أبداً(٥) .

____________________

(١) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٦ / ٣٥٦١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٦ / ١٢٦٦ ، مسند أحمد ٥ : ٦٣٨ / ١٩٦٢٠ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٧ : ٢٥٢ / ٦٨٦٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٨.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥ - ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٨.

١٦٢

مسألة ١٥ : إذا مزج المستودع الوديعة بماله مزجاً لا يتميّز أحدهما عن صاحبه‌ ، كدراهم مزجها بمثلها ، أو دنانير مزجها بمثلها بحيث لا مائز بين الوديعة وبين مال المستودع ، أو مزج الحنطة بمثلها ، كان ضامناً ، سواء كان المخلوط بها دونها أو مثلها أو أزيد منها - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه قد تصرّف في الوديعة تصرّفاً غير مشروعٍ ، وعيّبها بالمزج ، فإنّ الشركة عيب ، فكان عليه الضمان ، ولأنّه خلطها بماله خلطاً لا يتميّزا ، فوجب أن يضمنها ، كما لو خلطها بدونه.

وقال مالك : إن خلطها بمثلها أو الأجود منها لم يضمن ، وإن خلطها بدونها ضمن ؛ لأنّه لا يمكنه ردّها إلّا ناقصةً(٢) .

وهو آتٍ في المساوي والأزيد ؛ فإنّ الشركة عيب ، والوقوف على عين الوديعة غير ممكنٍ ، فاشتمل ذلك على المعاوضة ، وإنّما تصحّ برضا المالك.

ولو مزجها بمال مالكها بأن كان له عنده كيسان وديعةً ، فمزج أحدهما بالآخَر بحيث لا يتميّز ، ضمن أيضاً ؛ لأنّه تصرّف تصرّفاً غير مشروعٍ في الوديعة ، وربما ميّز بينهما لغرضٍ دعا إليه ، فالخلط خيانة.

وكذا لو أودعه كيساً وكان في يده له كيسٌ آخَر أمانة مجرّدة بأن وقع عليه اتّفاقاً فمزج أحدهما بالآخَر ، كان ضامناً أيضاً.

وكذا لو كان الكيس الآخَر في يده على سبيل الغصب من مالك‌

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٨ ، المغني ٧ : ٢٨١ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠٦ - ٣٠٧.

(٢) البيان ٦ : ٤٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٦ ، المغني ٧ : ٢٨١ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠٧.

١٦٣

الوديعة ، وبالجملة على أيّ وجهٍ كان.

مسألة ١٦ : لو أودعه عشرة دراهم - مثلاً - في كيسٍ‌ ، فإن كان مشدوداً مختوماً فكسر الختم وحلّ الشدّ أو فَعَل واحداً منهما ، ضمن ؛ لأنّه هتك الحرز على ما تقدّم.

وإن لم يكن الكيس مشدوداً ولا مختوماً فأخرج منه درهماً لنفقته ، ضمنه خاصّةً ؛ لأنّه لم يتعدّ في غيره ، فإن ردّه لم يزل عنه الضمان ، فإن لم يختلط بالباقي لم يضمن الباقي ؛ لأنّه لم يتصرّف فيه.

وكذا إن اختلط وكان متميّزاً لم يلتبس بغيره.

وإن امتزج بالباقي مزجاً ارتفع معه الامتياز ، فالوجه : إنّه كذلك لا يضمن الباقي ، بل الدرهم خاصّةً ؛ لأنّ هذا الاختلاط كان حاصلاً قبل الأخذ ، وهو أصحّ قولَي الشافعيّة ، والثاني : إنّ عليه ضمان الباقي ؛ لخلطه المضمون بغير المضمون(١) .

فعلى ما اخترناه لو تلفت العشرة لم يلزمه إلّا درهم واحد ، ولو تلفت منها خمسة لم يلزمه إلّا نصف درهمٍ.

ولو أنفق الدرهم الذي أخذه ثمّ ردّ مثله إلى موضعه ، لم يبرأ من الضمان ، ولا يملكه صاحب الوديعة إلّا بالقبض والدفع إليه.

ثمّ إن كان المردود لا يتميّز عن الباقي ، صار الكلّ مضموناً عليه ؛ لخلطه الوديعةَ بمال نفسه ، وإن كان يتميّز فالباقي غير مضمونٍ عليه.

مسألة ١٧ : لو أتلف بعضَ الوديعة ، فإن كان ذلك البعض منفصلاً عن الباقي‌ - كالثوبين إذا أتلف أحدهما - لم يضمن إلّا الـمُتْلَف ؛ لأنّ العدوان‌

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٨.

١٦٤

إنّما وقع فيه ، فلا يتعدّى الضمان إلى غيره وإن كان الإيداع واحداً.

وإن كان متّصلاً ، كالثوب الواحد يخرقه ، أو يقطع طرف العبد أو البهيمة ، فإن كان عامداً في الإتلاف فهو جانٍ على الجميع ، فيضمن الكلّ.

وإن كان مخطئاً ، ضمن ما أتلفه خاصّةً ، ولم يضمن الباقي - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) - لأنّه لم يتعدّ في الوديعة ، ولا خان فيها ، وإنّما ضمن الـمُتْلَف ؛ لفواته وصدور الهلاك منه فيه مخطئاً.

وفي الثاني لهم : إنّه يضمنه أيضاً ، ويستوي العمد والخطأ فيه ، كما استويا في القدر التالف(٢) .

البحث الثاني : في الإيداع.

مسألة ١٨ : إذا أودع المستودعُ الوديعةَ غيرَه ، فإن كان بإذن المالك فلا ضمان عليه إجماعاً ؛ لانتفاء العدوان.

وإن لم يكن بإذن المالك ، فلا يخلو إمّا أن يودع من غير عذرٍ أو لعذرٍ ، فإن أودع من غير عذرٍ ضمن إجماعاً ؛ لأنّ المالك لم يرض بيد غيره وأمانته.

ولا فرق بين أن يكون ذلك الغير عبدَه أو جاريتَه(٣) أو زوجتَه أو ولدَه أو أجنبيّاً عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٤) - وذلك لعموم الدليل‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٦ - ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٩.

(٣) « أو جاريته » لم ترد في النسخ الخطّيّة المعتمدة لدينا.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٨ ، الوجيز ١ : ٢٨٤ ، الوسيط ٤ : ٥٠٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٧٣ و ١٧٦ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٧ ، البيان ٦ : ٤٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٢ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٩ ، المغني ٧ : ٢٨٢ و ٢٨٣ ، الشرح =

١٦٥

في الجميع.

وقال مالك : إنّ له أن يودع زوجته(١) .

وقال أبو العباس ابن سريج من الشافعيّة : إذا استعان بزوجته أو خادمه في خباء الوديعة ولم تغب عن نظره جاز ، ولا ضمان عليه(٢) .

وقال أبو حنيفة وأحمد : له أن يودع مَنْ عليه نفقته من ولدٍ ووالدٍ وزوجةٍ وعبدٍ ، ولا ضمان عليه بكلّ حال ؛ لأنّه حفظ الوديعة بمن يحفظ به ماله ، فلم يلزمه الضمان ، كما لو حفظها بنفسه(٣) .

وهو غلط ؛ لأنّه سلّم الوديعةَ إلى مَنْ لم يرض به صاحبها مع قدرته على صاحبها ، فضمنها ، كما لو سلّمها إلى الأجنبيّ.

والقياس عليه باطل ؛ لأنّه إذا حفظ ماله بخادمه أو زوجته فقد رضي المالك بذلك ، بخلاف صورة النزاع.

مسألة ١٩ : إذا أودع من غير إذن المالك ولا عذر ، ضمن‌ ، وكان لصاحبها أن يرجع على مَنْ شاء منهما إذا تلفت ، فإن رجع على المستودع‌

____________________

= الكبير ٧ : ٢٩٩ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٩ ، روضة القُضاة ٢ : ٦١٨ / ٣٥٦٠٤.

(١) بداية المجتهد ٢ : ٣١٢ ، الذخيرة ٩ : ١٦٢ ، البيان ٦ : ٤٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٩.

(٢) البيان ٦ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٧٦.

(٣) تحفة الفقهاء ٣ : ١٧١ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٧ - ٢٠٨ ، روضة القُضاة ٢ : ٦١٨ / ٣٥٦٠٣ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٠٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٨ ، الفقه النافع ٣ : ٩٣٩ / ٦٦١ ، المحيط البرهاني ٥ : ٥٢٨ ، المغني ٧ : ٢٨٣ ، الشرح الكبير ٧ : ٢٩٩ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٢٥ / ١٠٦٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٣١٢ ، الذخيرة ٩ : ١٦٢ ، حلية العلماء ٥ : ١٧٦ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٧ ، البيان ٦ : ٤٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٩.

١٦٦

الأوّل فلا رجوع له على الثاني ، وإن رجع على المستودع الثاني كان للمستودع الثاني أن يرجع على المستودع الأوّل ؛ لأنّه دخل معه على أن لا يضمن ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : ليس للمالك أن يضمن الثاني ؛ لأنّ قبض الثاني تعلّق به الضمان على الأوّل ، فلا يتعلّق به ضمان على الآخَر(٢) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه قبض مال غيره ، ولم يكن له قبضه ، فإذا كان من أهل الضمان في حقّه ضمنه ، كما استودعه إيّاه الغاصب.

ودليله ضعيف ؛ لأنّ المستودع الأوّل ضمن بالتسليم ، والثاني بالتسلّم.

مسألة ٢٠ : ولا فرق عندنا بين أن يودع المستودع الوديعةَ عند القاضي أو عند غيره.

وللشافعيّة وجهان - حكاهما [ أبو ](٣) حامد فيما إذا وجد المالك وقدر على الردّ عليه ، وفيما إذا لم يجد - أحدهما : إنّه لا يضمن.

أمّا إذا كان المالك حاضراً : فلأنّ أمانة القاضي أظهر من أمانة المستودع ، فكأنّه جعل الوديعة في مكانٍ أحرز.

وأمّا إذا كان غائباً : فلأنّه لو كان حاضراً لألزمه المودع الردّ ، فإذا كان غائباً ناب عنه القاضي.

والأظهر عند أكثر الشافعيّة : إنّه يضمن.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٧٣ ، البيان ٦ : ٤٣٦ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٢١ ، المغني ٧ : ٢٨٢ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠١.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ١٧١ - ١٧٢ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٨ ، المغني ٧ : ٢٨٢ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٢١.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ابن ». والصحيح ما أثبتناه.

١٦٧

أمّا إذا كان المالك حاضراً : فلأنّه لا ولاية للقاضي على الحاضر الرشيد ، فأشبه سائر الناس.

وأمّا إذا كان غائباً : فلأنّه لا ضرورة بالمودع إلى إخراجها من يده ، ولم يرض المالك بيد غيره ، فليحفظه إلى أن يجد المالك أو يتجدّد له عذر(١) .

وعلى تقدير تجويز الدفع إلى القاضي هل يجب على القاضي القبول إذا عرضها المستودع عليه؟

أمّا إذا كان المالك حاضراً والتسليم إليه متيسّراً ، فلا وجه لوجوبه عليه.

وأمّا إذا لم يكن كذلك ، ففي إيجاب القبول للشافعيّة وجهان :

أحدهما : المنع ؛ لأنّه التزم حفظه ، فيؤمر بالوفاء به.

وأظهرهما : الإيجاب ؛ لأنّه نائب عن الغائب ، ولو كان المالك حاضراً لألزم القبول(٢) .

ولو دفع الغاصبُ الغصبَ إلى القاضي ، ففي وجوب القبول عليه الوجهان(٣) .

لكن هذه الصورة أولى بعدم الوجوب ، ليبقى مضموناً للمالك.

والمديون إذا حمل الدَّيْن إلى القاضي ، فكلّ موضعٍ لا يجب على ربّ الدَّيْن القبول لو كان حاضراً ففي القاضي أولى ، وكلّ موضعٍ يجب على المالك قبوله ففي القاضي الوجهان(٤) .

وهذه الصورة أولى بعدم الوجوب - وهو الأظهر عندهم(٥) - لأنّ الدَّيْن‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٢ - ٢٩٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٩ - ٢٩٠.

(٢ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٠.

١٦٨

ثابت في الذمّة لا يتعرّض للتلف ، وإذا تعيّن تعرّض له ، ولأنّ مَنْ في يده العين يثقل عليه حفظها.

وجميع ما ذكرناه فيما إذا استحفظ الغير وأزال يده ونظره على الوديعة ، أمّا إذا استعان به في حملها إلى الحرز فلا بأس ، كما لو استعان في سقي البهيمة وعلفها.

فروع :

أ - لو كانت له خزانة مشتركة بينه وبين أبيه فدفع الوديعة إلى أبيه ليضعها في الخزانة المشتركة ، فالأقرب : الضمان ، إلّا إذا علم المالك بالحال.

ب - لا يجوز أن يضع الوديعة في مكانٍ مشترك بينه وبين غيره‌ ، كدكّانٍ مشترك ودارٍ مشتركة ، فلو وضعها فيه ثمّ أراد الخروج لحاجاته فاستحفظ مَنْ يثق به من متّصليه وكان يلاحظ المحرز في عوداته ، فلا بأس ؛ لأنّه في الحقيقة إيداع مع الحاجة.

ولو فوّض الحفظ إلى بعضهم ولم يلاحظ الوديعة أصلاً ، فالأقرب : الضمان.

ج - لو كان المحرز خارجاً عن داره التي يأوي إليها وكان لا يلاحظه‌ ، فإن كان يشاركه غيره ضمن ، وإلّا فلا.

مسألة ٢١ : لو جعل الوديعة في دار جاره ، فإن كان الموضع محرزاً لا يدخله المالك وكان عاريةً أو مأذوناً فيه فلا ضمان‌ ، وإن لم يكن كذلك ضمن ؛ لأنّه فرّط حيث وضع الوديعة في غير حرزٍ أو في حرزٍ ممنوع منه شرعاً.

ولما رواه محمّد بن الحسن الصفّار قال : كتبت إلى أبي محمّد‌

١٦٩

العسكريعليه‌السلام : رجل دفع إلى رجلٍ وديعةً فوضعها في منزل جاره فضاعت هل تجب عليه إذا خالف أمره وأخرجها من ملكه؟ فوقّععليه‌السلام : « هو ضامن لها إن شاء الله »(١) .

مسألة ٢٢ : إذا أراد المستودع ردَّ الوديعة على صاحبها ، كان له ردّها عليه أو على وكيله في قبضها‌ ؛ لأنّ المستودع لا يلزمه إمساكها.

فإن دفعها إلى الحاكم أو إلى ثقةٍ مع وجود صاحبها أو وكيله ، ضمنها على ما قدّمناه ؛ لأنّ الحاكم والأمين لا ولاية له على الحاضر الرشيد.

وإن لم يقدر على صاحبها ولا وكيله فدفعها إلى الحاكم أو أمينٍ ، فإن كان لغير عذرٍ ضمن ؛ لأنّه لا حاجة به إلى ذلك ، ولا ينوب الحاكم في غير حال الحاجة.

وإن كان به حاجة إلى الإيداع - كأن يخاف حريقاً أو نهباً أو غير ذلك - فدفعها إلى الحاكم أو إلى ثقةٍ ليخلصها من ذلك جاز ، وإن تلفت لا ضمان عليه ؛ لأنّه موضع حاجةٍ ، وقد تقدّم.

مسألة ٢٣ : لو عزم المستودع على السفر ، كان له ذلك‌ ، ولم يلزمه المقام لحفظ الوديعة ؛ لأنّه متبرّع بإمساكها ، ويلزمه ردّها إلى صاحبها أو وكيله في استردادها أو في عامّة أشغاله ، فإن لم يظفر بالمالك ؛ لغيبته ، أو تواريه ، أو حبسه وتعذّر الوصول إليه ، ولا ظفر بوكيله ، فإنّه يدفعها إلى الحاكم ، ويجب عليه قبولها ؛ لأنّه موضوع للمصالح ، فإن لم يجد دَفَعها إلى أمينٍ ، ولا يُكلّف تأخير السفر ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كانت عنده ودائع ، فلـمّا أراد الهجرة سلّمها إلى أُمّ أيمن ، وأمر عليّاًعليه‌السلام بردّها(٢) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٨٠ / ٧٩١.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٤٢ ، الهامش (٣)

١٧٠

فإن ترك هذا الترتيب فدفعها إلى الحاكم أو إلى الأمين مع إمكان الدفع إلى المالك أو وكيله ، ضمن.

وللشافعيّة خلاف في الحاكم(١) سبق(٢) .

وإن دفع إلى أمينٍ وهو يجد الحاكم ، فللشافعي قولان :

أحدهما - وبه قال علماؤنا ، وأحمد بن حنبل وابن خيران من الشافعيّة والاصطخري منهم - : إنّه يضمنه ؛ لأنّ أمانة الحاكم ظاهرة متّفق عليها ، فلا يُعدل عنها ، كما لا يُعدل عن النصّ إلى الاجتهاد ، ولأنّ الحاكم نائب الغائبين ، فكان كالوكيل ، ولأنّ له ولايةً ، فهو يمسكها بالولاية والعدالة ، بخلاف غيره ، فإنّه ليس له الولاية.

والثاني : إنّه لا يضمن - وبه قال مالك - لأنّه أودع بالعذر أميناً ، فأشبه الحاكم ، ولأنّ مَنْ جاز له دفعها إليه مع عدم الحاكم جاز دفعها إليه مع وجوده ، كوكيل صاحبها(٣) .

وقد نقل أصحاب الشافعي عنه اضطراباً في القول ، فقالوا : هذان القولان للشافعي.

قال في باب الرهن فيما إذا أراد العَدْل ردّ الرهن أو الوديعة - يعني إلى عَدْلٍ - بغير أمر الحاكم : ضمن.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٠.

(٢) في ص ١٦٦ ، المسألة ٢٠.

(٣) الحاوي الكبير ٨ : ٣٥٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٨ ، البيان ٦ : ٤٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٠ ، المغني ٧ : ٢٨٣ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠٤ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٢٥ / ١٠٦٩ ، بداية المجتهد ٢ : ٣١٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٩ - ٢٠.

١٧١

وقال هنا في ردّ الوديعة : ولو لم يكن حاضراً - يعني ربّ الوديعة - فأودعها أميناً يودعه ماله، لم يضمن. فلم يفرّق بين أن يجد الحاكم أو لا يجد(١) .

ونقل عنه طريقة قاطعة بأنّه يضمن(٢) .

ونقل عنه أيضاً طريقة قاطعة أنّه لا يضمن(٣) .

وحكى بعض الشافعيّة وجهاً : إنّه يشترط أن يكون الأمين الذي يودعه بحيث يأتمنه ويودع ماله عنده(٤) .

لكنّ الظاهر عندهم خلافه ، وقول الشافعي : « يودعه ماله » على سبيل التأكيد والإيضاح(٥) .

مسألة ٢٤ : ولا يجوز للمستودع إذا عزم على السفر أن يسافر بالوديعة‌ ، بل يجب عليه دفعها إلى صاحبها أو وكيله الخاصّ في الاسترداد أو العامّ في الجميع ، فإن لم يوجد أحدهما دفعها إلى الحاكم ، فإن تعذّر الحاكم دفعها إلى أمينٍ ، ولا يسافر بها ، فإن سافر بها مع القدرة على صاحبها أو وكيله أو الحاكم أو الأمين ، ضمن عند علمائنا أجمع ، سواء كان السفر مخوفاً أو غير مخوفٍ - وبه قال الشافعي(٦) - لأنّه سافر بالوديعة من غير ضرورةٍ بغير إذن مالكها فضمن ، كما لو كان الطريق مخوفاً ، ولأنّ حرز‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٤ - ٢٩٥.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٥.

(٦) الحاوي الكبير ٨ : ٣٥٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٨ ، الوسيط ٤ : ٥٠١ ، حلية العلماء ٥ : ١٧١ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٨ ، البيان ٦ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩١ ، المغني ٧ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٢٠.

١٧٢

السفر دون حرز الحضر ، وفي الحديث : « إنّ المسافر ومتاعه لعلى قَلَتٍ(١) إلّا ما وقى الله »(٢) .

وقال أبو حنيفة : إذا كان السفر آمناً ، لم يضمن ؛ لأنّه نقل الوديعة إلى موضعٍ مأمون فلم يضمن ، كما لو نقلها في البلد من موضعٍ إلى موضعٍ(٣) .

وهو وجهٌ للشافعيّة ، وكذا إذا كان السفر في البحر إذا كان الغالب فيه السلامة(٤) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ البلد يؤمن أن يطرأ عليه الخوف ، والسفر لا يؤمن فيه مثل ذلك ، ولأنّ البلد في حكم المنزل الواحد وقد رضي مالك الوديعة به ، بخلاف السفر.

مسألة ٢٥ : لو اضطرّ المستودع إلى السفر بالوديعة بأن يضطرّ إلى السفر وليس في البلد حاكم‌ ولا ثقة ولم يجد المالك ولا وكيله ، أو اتّفق جلاءٌ لأهل البلد ، أو وقع حريق أو غارة ونهب ولم يجد المالك ولا وكيله ولا الحاكم ولا العَدْل ، سافر بها ، ولا ضمان عليه إجماعاً ؛ لأنّ حفظها حينئذٍ في السفر بها ، والحفظ واجب ، وإذا لم يتمّ إلّا بالسفر بها كان السفر بها واجباً ، ولا نعلم فيه خلافاً.

____________________

(١) القلت : الهلاك. راجع الهامش التالي.

(٢) غريب الحديث - لابن قتيبة - ٢ : ٥٦٤.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٢٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٧ ، المحيط البرهاني ٥ : ٥٣١ ، الحاوي الكبير ٨ : ٣٥٧ ، الوسيط ٤ : ٥٠٢ ، حلية العلماء ٥ : ١٧١ ، البيان ٦ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٥ - ٢٩٦ ، المغني ٧ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٠٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٢٠.

(٤) حلية العلماء ٥ : ١٧١ ، البيان ٦ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩ (١)

١٧٣

أمّا لو عزم على السفر من غير ضرورةٍ في وقت السلامة وأمن البلد وعجز عن المالك ووكيله وعن الحاكم والأمين فسافر بها ، فالأقرب : الضمان ؛ لأنّه التزم الحفظ في الحضر ، فليؤخّر السفر ، أو ليلتزم خطر الضمان ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه لا ضمان عليه ، وإلّا لزم أن ينقطع عن السفر ، وتتعطّل مصالحه ، وفيه تنفير عن قبول الودائع(١) .

وشرطوا لجواز السفر بها أمن الطريق ، وإلّا فيضمن(٢) .

أمّا عند وقوع الحريق ونحوه فإنّا نقول : إذا كان احتمال الهلاك في الحضر أقرب منه في السفر ، فله أن يسافر بها ، ولو كان الطريق آمناً فحدث خوفٌ أقام.

ولو هجم القطّاع فألقى المال في مضيعة إخفاءً له فضاع ، فعليه الضمان.

مسألة ٢٦ : لو عزم المستودع على السفر فدفن الوديعة ثمّ سافر ، ضمنها إن كان قد دفن في غير حرزٍ.

وإن دفنها في منزله في حرزٍ ولم يُعلمْ بها أحداً ، ضمنها أيضاً ؛ لأنّه غرّر بها ، لأنّه ربما هلك في سفره فلا يصل صاحبها إليها ، ولأنّه ربما يخرب المكان أو يغرق فلا يعلم أحد بمكانها لينقلها فتتلف.

وإن أعلم بها غيره ، فإن كان غير أمينٍ ضمن ؛ لأنّه قد زادها تضييعاً ، لأنّه قد يخون فيها ويطمع.

وإن كان أميناً فإن لم يكن ساكناً في الموضع ، ضمنها ؛ لأنّه لم يودعها‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٦ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٢.

١٧٤

عنده.

وإن كان ساكناً في الموضع ، فإن كان ذلك مع عدم صاحبها والحاكم جاز ؛ لأنّ الموضع وما فيه في يد الأمين ، فالإعلام كالإيداع ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّه يضمن ؛ لأنّه إعلام لا إيداع(١) .

وإن كان مع القدرة على صاحبها أو وكيله ضمن.

وإن كان مع القدرة على الحاكم ، فعلى الوجهين السابقين.

ولو جعلها في بيت المال ، ضمن ، قاله الشافعي في الأُمّ(٢) .

واختلف أصحابه في معناه.

فمنهم مَنْ قال : أراد بذلك إذا تركها في بيت المال مع القدرة على صاحبها.

ومنهم مَنْ قال : أراد إذا جعلها في بيت المال بنفسه ولم يسلّمها إلى الحاكم(٣) .

ولو خاف المعاجلة عليها فدفنها فلا ضمان.

فروع :

أ - لو راقبها من الجوانب أو من فوق مراقبة الحارس‌ ، فهو كالسكنى في الموضع الذي دُفنت فيه.

ب - قال بعض الشافعيّة : الإعلام كالإيداع‌ من غير فرقٍ بين أن يسكن الموضع أو لا يسكنه(٤) .

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩١.

(٢) الأُمّ ٤ : ١٣٥ ، وعنه في البيان ٦ : ٤٣٤.

(٣) البيان ٦ : ٤٣٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩١.

١٧٥

وإذا دفن الوديعة في غير حرزٍ عند إرادة السفر ، ضمن على ما تقدّم ، إلّا أن يخاف عليها المعاجلة.

وكذا يضمن لو دفنها في حرزٍ ولم يُعلِمْ بها أميناً ، أو أعلم أميناً حيث لا يجوز الإيداع عند الأمين.

ج - هل سبيل هذا الإعلام الإشهاد أو الائتمان؟ إشكال.

وللشافعيّة وجهان(١) .

فعلى الأوّل لا بدّ من إعلام رجلين أو رجل وامرأتين. والظاهر الثاني.

د - كما يجوز إيداع الغير لعذر السفر كذا يجوز لسائر الأعذار‌ ، كما لو وقع في البقعة حريق أو غارة أو خاف الغرق.

وفي معناها ما إذا أشرف الحرز على الخراب ولم يجد حرزاً ينقلها إليه.

ه- لو أودعه حالة السفر فسافر بها أو كان المستودع منتجعاً(٢) فانتجع بها ، فلا ضمان‌ ، لأنّ المالك رضي به حيث أودعه ، فكان له إدامة السفر والسير بالوديعة.

مسألة ٢٧ : إذا مرض المستودع مرضاً مخوفاً أو حُبس ليُقتل ، وجب عليه الإيصاء بالوديعة‌ ، وإن تمكّن من صاحبها أو وكيله ، وجب عليه ردّها إليه ، وإن لم يقدر على صاحبها ولا على وكيله ، ردّها إلى الحاكم.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٣٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩١.

(٢) النجعة : طلب الكلأ في موضعه. الصحاح ٣ : ١٢٨٨ « نجع ».

١٧٦

ولو أودعها عند ثقةٍ مع عدم الحاكم جاز ، وإن كان مع القدرة عليه ضمن.

وللشافعيّة وجهان(١) .

ولو لم يوص بها لكن سكت عنها وتركها بحالها حتى مات ، ضمن ؛ لأنّه غرّر بها وعرّضها للفوات ، فإنّ الورثة يقتسمونها ويعتمدون على ظاهر اليد ولا يحسبونها وديعةً ، ويدّعونها لأنفسهم ، فكان ذلك تقصيراً منه يوجب التضمين.

فروع :

أ - التقصير هنا إنّما يتحقّق بترك الوصاية إلى الموت‌ ، فلا يحصل التقصير إلّا إذا مات ، لكن نتبيّن عند الموت أنّه كان مقصّراً من أوّل ما مرض ، فضمّناه ، أو يلحق التلف إذا حصل بعد الموت بالتردّي بعد الموت في بئرٍ حفرها متعدٍّ.

ب - قد توهّم بعض الناس أنّ المراد من الوصيّة بها تسليمها إلى الوصي‌ ليدفعها إلى المالك ، وهو الإيداع بعينه(٢) .

وليس كذلك ، بل المراد الأمر بالردّ من غير أن يخرجها من يده ، فإنّه والحالة هذه مخيّر بين أن يودع للحاجة ، وبين أن يقتصر على الإعلام والأمر بالردّ ؛ لأنّ وقت الموت غير معلومٍ ، ويده مستمرّة على الوديعة ما دام حيّاً.

ج - الأقرب : الاكتفاء بالوصيّة وإن أمكنه الردّ إلى المالك‌ ؛ لأنّه‌

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٣٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٦.

١٧٧

مستودع لا يدري متى يموت ، فيستصحب الحكم.

ويحتمل أنّه يجب عليه الردّ إلى المالك أو وكيله عند المرض ، فإن تعذّر أودع عند الحاكم أو أوصى إليه ، كما إذا عزم على السفر ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) .

د - يجب الإيصاء إلى الأمين‌ ، فإن أوصى إلى غير ثقةٍ ، فهو كما لو لم يوص ، ويجب عليه الضمان ؛ لأنّه غرّر بالوديعة.

ولا يجب أن يكون أجنبيّاً ، بل يجوز أن يوصي بها إلى وارثه ، ويُشهد عليه ؛ صوناً لها عن الإنكار.

وكذا الإيداع حيث يجوز أن يودع أميناً.

مسألة ٢٨ : إذا أوصى بالوديعة ، وجب عليه أن يبيّنها ويميّزها عن غيرها‌ بالإشارة إلى عينها أو بيان جنسها ووصفها ، فلو لم يبيّن الجنس ولا أشار إليها بل قال : عندي وديعة ، فهو كما لو لم يوص.

ولو ذكر الجنس فقال : عندي ثوب لفلان ، ولم يصفه ، فإن لم يوجد في تركته جنس الثوب ، فأكثر علمائنا على أنّ المالك يضارب ، فيضارب ربّ الوديعة الغرماء بقيمة الوديعة ؛ لتقصيره بترك البيان ، وهو قول بعض الشافعيّة ، وهو ظاهر مذهبهم(٢) أيضاً.

وقال بعضهم : لا يضمن ؛ لأنّها ربما تلفت قبل الموت ، والوديعة أمانة ، فلا تُضمن بالشكّ(٣) .

وإن وُجد في تركته جنس الثوب ، فإمّا أن يوجد أثواب أو ثوب واحد ، فإن وُجد أثواب ضمن ؛ لأنّه إذا لم يميّز كان بمنزلة ما لو خلط الوديعة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٧ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٢.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٧ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٣.

١٧٨

بغيرها ، وذلك سبب موجب للضمان ، فكذا ما ساواه ، وهو عدم تنصيصه على التخصيص.

وإن وُجد ثوبٌ واحد ، ففي تنزيل كلامه عليه إشكال.

قال بعض الشافعيّة : إنّه ينزّل عليه ، ويدفع إليه(١) .

ومنهم مَنْ أطلق القول بأنّه إذا وجد جنس الثوب ضمن ، ولا يدفع إليه عين الموجود.

أمّا الضمان : فللتقصير بترك البيان.

وأمّا أنّه لا يدفع إليه عين الموجود : فلاحتمال أن تكون الوديعة قد تلفت ، والموجود غيرها(٢) . وهو جيّد.

ولهم وجهٌ آخَر : إنّه إنّما يضمن إذا قال : عندي ثوب لفلان ، وذكر معه ما يقتضي الضمان ، أمّا إذا اقتصر عليه فلا ضمان(٣) .

مسألة ٢٩ : لو مات ولم يذكر عنده وديعة ولكن وُجد في تركته كيس‌ مختوم أو غير مختومٍ مكتوب عليه : إنّه وديعة فلان ، أو وُجد في جريدته : إنّ لفلان عندي كذا وكذا وديعة ، لم يجب على الوارث التسليم بهذا القدر ؛ لأنّه ربما كتبه عبثاً ولهواً أو تلقّناً(٤) أو ربما اشترى الكيس بعد تلك الكتابة فلم يمحها ، أو ردّ الوديعة بعد ما أثبت في الجريدة ولم يمحه.

وبالجملة ، إنّما يثبت كونها وديعةً بأن يُقرّ أنّ هذه وديعة ، ثمّ يموت ، ولا يكون متّهماً في إقراره عندنا ومطلقاً عند جماعةٍ من علمائنا ، أو يُقرّ الورثة بأنّها وديعة ، أو تقوم البيّنة بذلك ، فإذا ثبتت الوديعة بأحد‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٧ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٣.

(٤) كذا قوله : « تلقّناً » ، وبدله في العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٨ ، وروضة الطالبين ٥ : ٢٩٤ : « تلبيساً ».

١٧٩

هذه الوجوه وجب على الورثة دفعها إلى مالكها ، فإن أخّروا الدفع مع الإمكان ضمنوا.

ولو لم يعلم صاحبها بموت المستودع ، وجب على الورثة إعلامه ذلك ، ولم يكن لهم إمساك الوديعة إلى أن يطلبها المالك منهم ؛ لأنّ المالك لم يأمنهم عليها ، وذلك كما لو أطارت الريح ثوباً إلى دار إنسانٍ وعلم صاحبها فإنّ عليه إعلامه ، فإن أخّر ذلك مع إمكانه ضمن.

تذنيب : لو لم يوص المستودع بالوديعة فادّعى ربّ الوديعة أنّه قصّر‌ ، وقال الورثة : لعلّها تلفت قبل أن ينسب إلى التقصير ، فالظاهر براءة الذمّة.

ويحتمل الضمان.

تذنيبٌ آخَر : جميع ما قلناه ثابت فيما إذا وجد فرصةً للإيداع أو الوصيّة‌ ، أمّا إذا لم يجد بأن مات فجأةً أو قُتل غيلةً ، فلا ضمان ؛ لأنّه لم يقصّر.

مسألة ٣٠ : قد بيّنّا الخلاف فيما إذا كان عنده وديعة ثمّ مات ولم توجد في تركته ، وأنّ الذي يقتضيه النظر عدم الضمان.

والذي عليه فتوى أكثر العلماء منّا ومن الشافعيّة(١) وجوب الضمان.

وقد قال الشافعي : إذا لم توجد بعينها حاصّ المالك الغرماء(٢) .

واختلف أصحابه في هذه المسألة على ثلاث طُرق :

منهم مَنْ قال : إنّما يحاصّ الغرماء بها إذا كان الميّت قد أقرّ قبل موته ، فقال : عندي أو علَيَّ وديعة لفلان ، فإذا لم تُوجد ، كان الظاهر أنّه أقرّ‌

____________________

(١) راجع الهامش (٢) من ص ١٧٧.

(٢) الأُم ٤ : ١٣٨ ، الحاوي الكبير ٨ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٧٦ - ١٧٧.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428