تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189214 / تحميل: 5792
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وقال ابن سيرين : الجنس الواحد هو العلّة(١) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يؤخذ البعير بالبعيرين لـمّا أنفذ بعض الجيوش وقد نفدت الإبل(٢) .

وهذا البحث ساقط عنّا ؛ لأنّا نعتبر النصّ لا القياس ، فمهما دلّ على شي‌ء عملنا به ، وقد سُئل الصادقعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال : « لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن ولا يوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(٣) .

مسألة ٧٦ : قد بيّنّا أنّ كلّ مكيل أو موزون يجري فيه الربا مع الشرائط سواء اُكل أو لا.

أمّا الشافعي حيث علّل بالطعم اعتبره ، فكلّ موضع لا يثبت فيه الطعم لا يثبت فيه الربا إلّا النقدين.

ولا فرق عنده بين أن يُؤكل للتداوي ، كالهليلج والسقمونيا وغيرهما ، وبين ما يؤكل لسائر الأغراض.

وقسّم المطعومات إلى أربعة : ضرْب يؤكل قوتاً ، وآخر يؤكل تأدّماً ، وثالث يؤكل تفكّهاً ، ورابع يؤكل تداوياً. ويجري الربا في ذلك كلّه لا في مأكول الدوابّ ، كالقضب والحشيش والنوى(٤) .

وحُكي وجهٌ للشافعيّة : أنّ ما يهلك كثيره ويستعمل قليله في الأدوية‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢. المغني والشرح الكبير ٤ : ١٣٨.

(٢) علل الحديث ١ : ٣٩٠ / ١١٦٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧.

(٣) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٤) المجموع ٩ : ٣٩٧ و ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ و ٧٣.

١٤١

- كالسقمونيا - لا يجري فيه الربا(١) .

وفي الزعفران عندهم وجهان :

أصحّهما : جريان الربا فيه ؛ لأنّ المقصود الأظهر منه الأكل تنعّماً أو تداوياً إلّا أنّه يمزج بغيره.

والثاني : لا يجري ؛ لأنّه يقصد منه الصبغ واللون(٢) ، وهو قول القاضي أبي حامد(٣) .

والطين الخراساني لا يُعدّ مأكولاً ، ويُسفَّه آكِلُه - وإنّما يأكله قومٌ لعارضٍ بهم - ولو كان مستطاباً ؛ لاشتراك الكلّ في استطابته ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : « لا تأكلي الطين فإنّه يُصفّر اللون »(٤) ويجري آكل ذلك مجرى من يأكل التراب والخزف ، فإنّ من الممكن من يأكل ذلك ، فلا ربا فيه.

وعند بعضهم أنّه ربويّ(٥) .

والأرمني دواء ، كالهليلج.

وفيه وجه آخر لهم : أنّه لا ربا فيه ، كسائر أنواع الطين(٦) ، وهو قول القاضي ابن كج(٧) .

وأمّا دهن البنفسج والورد واللبان ففيه لهم وجهان ، أحدهما : ثبوت الربا ؛ لأنّها متّخذة من السمسم اكتسبت رائحة من غيره ، وإنّما لا يؤكل في‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ - ٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٤) كما في المغني ٤ : ١٣٩.

(٥و٦) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

١٤٢

العادة ضنّاً بها(١) .

وفي دهن الكتّان وجهان عندهم ، أصحّهما : أنّه ليس بربويّ ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل(٢) .

وكذا دهن السمك ؛ لأنّه يُعدّ للاستصباح وتدهين السُّفُن لا للأكل(٣) .

وفي وجهٍ : أنّه مال ربا ؛ لأنّه جزء من السمك(٤) .

وفي حبّ الكتّان وجهان(٥) ، وكذا في ماء الورد(٦) .

ولا ربا عندهم في العُود والمصطكي(٧) .

وأمّا الماء ففي صحّة بيعه وثبوت الملك فيه وجهان ، فعلى الجديد فيه وجهان أيضاً :

أصحّهما : أنّه ربويّ ؛ لأنّه مطعوم ، لقوله تعالى :( وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٨) .

والثاني : لا ربا فيه ؛ لأنّه ليس مأكولاً(٩) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ - ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ و ٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٧٣.

(٣ و٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥.

(٧) كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٨) البقرة : ٢٤٩.

(٩) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ - ٧٤.

١٤٣

ولا ربا في الحيوان ؛ لأنّه لا يؤكل على هيئته ، وما يُباح أكله على هيئته كالسمك الصغير على وجهٍ يجري فيه الربا(١) .

والحقّ عندنا في ذلك كلّه ثبوت الربا في كلّ مكيل أو موزون ، سواء كان مأكولاً أو لا. والسمك يوزن ، فيجري فيه الربا مطلقاً.

مسألة ٧٧ : إذا بِيع مالٌ بمالٍ فأقسامه ثلاثة :

الأوّل : أن لا يكون شي‌ء منهما ربويّاً.

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر.

الثالث : أن يكونا ربويّين.

فالأوّل لا يجب فيه رعاية التماثل قدراً ولا الحلول ولا التقابض في المجلس ، اتّحدا جنساً أو لا ، فيجوز بيع ثوبٍ بثوبين ، وعبد بعبدين ، ودابّة بدابّتين ، وبيع ثوبٍ بعبد وعبدين نقداً ونسيئةً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يشتري بعيراً ببعيرين إلى أجل(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به ما لم يكن فيه كيل ولا وزن »(٤) .

وسأل منصورُ بن حازم الصادقَعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال :

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٢) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ - ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ٦٩ / ٢٦١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٦ - ٥٧.

(٤) التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١٣ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ - ١٠١ / ٣٤٩.

١٤٤

« لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام : « لا بأس بالثوب بالثوبين »(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز إسلاف الشي‌ء في جنسه(٣) . فلا يجوز بيع فرس بفرسين سلفاً ولا نسيئةً ، بل يجب التقابض في المجلس عنده ، وهو إحدى الروايات عن أحمد ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة(٤) . ولأنّ الجنس أحد وصفَي علّة تحريم التفاضل ، فيحرم فيه النسأ، كالوصف الآخر(٥) .

وتُحمل الرواية على النساء في الطرفين ، أو على أنّ النهي للتنزيه نهي كراهة لا نهي تحريم. والربا عندنا يثبت لا لعلّة ، بل للنصّ على ثبوته في كلّ مكيل أو موزون ، وإباحة التفاضل فيما عداهما ، على أنّه منقوض بإسلاف الدراهم في الحديد.

وقال مالك : يجوز إسلاف أحد الشيئين في مثله متساوياً لا متفاضلاً.

ولا يجوز بيع حيوان بحيوانين من جنسه بصفة يقصد بهما أمراً واحداً إمّا الذبح أو غيره ؛ لأنّ الغرض إذا كان بهما سواء ، كان بيع الواحد باثنين نسيئةً ذريعةً إلى الربا(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٢) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٨.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٤) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٣ / ٢٢٧٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٨ / ١٢٣٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٧ : ٢٤٧ / ٦٨٤٧ ، و ٢٤٨ / ٦٨٥١ ، و ٢٧٣ / ٦٩٤٠.

(٥) المغني ٤ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٥.

١٤٥

ويبطل بقولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبِيعوا كيف شئتم »(١) .

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر ، كبيع ثوبٍ بدراهم أو دنانير ، أو بيع حيوان بحنطة أو شعير. وحكمه كالأوّل ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر - وإن كان أزيد قيمةً منه - نقداً ونسيئةً؛ للإجماع على السلف والنسيئة مع تغاير الثمن - الذي هو أحد النقدين - والمثمن ، إلّا الصرف خاصّةً ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

الثالث كالأوّل عندنا ؛ للإجماع على إسلاف أحد النقدين في البُرّ أو الشعير أو غيرهما من الربويّات والمكيلات ، والنسيئة أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة(٢) .

وقال الشافعي : إن اختلفت العلّة فيهما ، كالذهب بالقوت ، فلا تجب رعاية التماثل ولا الحلول ولا التقابض ، فيجوز إسلاف أحد النقدين في البُرّ ، أو بيع الشعير بالذهب نقداً أو نسيئةً.

وإن اتّفقت العلّة ، فإن اتّحد الجنس ، وجب فيه رعاية التماثل والحلول والتقابض في المجلس ، كما لو باع الذهب بالذهب والبُرّ بالبُرّ ، وثبت فيه أنواع الربا الثلاثة - وعندنا لا يجب الثالث إلّا في الصرف - وإن اختلف الجنس ، لم يجب التماثل ، بل الحلول والتقابض في المجلس ؛ لقولهعليه‌السلام : « ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبُرّ بالشعير والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٣) (٤) .

____________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦ ، المغني ٤ : ١٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٧.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧ - ٤٨.

١٤٦

والجواب : يحتمل أن يكون التقييد باليد على سبيل الأولويّة ، أو في الصرف.

فروع :

أ - يكره بيع الجنسين المختلفين متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فلا يصلح »(١) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فإنّه لا يصلح »(٢) .

ب - المصوغ من أحد النقدين لا يجوز بيعه بجنسه‌ من التبر أو المضروب متفاضلاً بل بوزنه وإن كان المصوغ أكثر قيمةً. وكذا الصحيح والمكسّر لا يجوز التفاضل فيهما مع اتّحاد الجنس - وبه قال الشافعي(٣) - لما رواه عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقايةً من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال أبو الدرداء : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن مثل هذا إلّا مِثْلاً بمثل ، فقال له معاوية : ما أرى بهذا بأساً ، قال أبو الدرداء : مَنْ يعذرني من هذا ، اُخبره عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويُخبرني عن رأيه ، والله لا ساكنتك بأرضٍ أنت فيها ، ثمّ قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له ذلك ، فكتب عمر إلى معاوية أن لا تبع ذلك إلّا وزناً بوزن مِثْلاً بمِثْلٍ(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٩١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٣ - ٩٤ / ٣٩٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٢٨٠ ، المغني ٤ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٣.

١٤٧

وقال مالك : يجوز أن يبيعه بقيمته من جنسه(١) . وأنكر أصحابه ذلك ، ونفوه عنه(٢) .

واحتجّ مَنْ أجازه : بأنّ الصنعة لها قيمة ، ولهذا لو أتلفه وجبت قيمته وإن زادت.

والجواب : لا نسلّم أنّ الصنعة تدخل في البيع وإن قوّمت على الغاصب. سلّمنا لكن لا نسلّم أنّه يقوّم بجنسه بل بغير جنسه.

ج - الفلوس يثبت الربا فيها عندنا ؛ لأنّها موزونة ، وبه قال أبو حنيفة(٣) ، وهو وجه ضعيف للشافعيّة ؛ لحصول معنى الثمنيّة(٤) .

وفي الأظهر عندهم : انتفاء الربا ؛ لانتفاء الثمنيّة والطعم ، والوزن والكيل ليسا علّةً عندهم(٥) وقد تقدّم بطلان التعليل.

د - يكره بيع أفراد الجنس الواحد إذا لم يدخله الكيل والوزن متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « البعير بالبعيرين والدابّة بالدابّتين يداً بيد ليس به بأس »(٦) وهو يدلّ بمفهومه على كراهيّة النسيئة فيه.

ه- لا يشترط التقابض في المجلس مع اتّحاد الجنس واختلافه إلّا في الصرف‌ - وبه قال بعض الشافعيّة(٧) - لأنّهما عينان من غير جنس الأثمان ، فجاز التفرّق فيهما قبل القبض ، كالحديد. نعم ، يشترط الحلول‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٢) المصادر في الهامش (١) ما عدا العزيز شرح الوجيز.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٤ و ٥) المجموع ٩ : ٣٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٦) الكافي ٥ : ١٩٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٧٧ / ٧٩٧ ، التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١١ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ / ٣٤٧.

(٧) روضة الطالبين ٣ : ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

١٤٨

مع الاتّفاق جنساً.

وقال بعض الشافعيّة : إذا كانا ربويّين ، وجب فيهما القبض قبل التفرّق ، كالذهب والفضّة(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : « لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البُرّ بالبُرّ ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلّا سواء بسواء عيناً بعين يداً بيد »(٢) .

والجواب : أنّه لا يدلّ على المنع مع عدم التقابض إلّا من حيث المفهوم ، وهو ضعيف.

مسألة ٧٨ : لعلمائنا قولان في أنّ الحنطة والشعير هل هُما جنس واحد أو جنسان؟

والأقوى عندي : الأوّل - وبه قال مالك والليث والحكم وحمّاد(٣) - لأنّ معمر بن عبد الله بعث غلاماً له ومعه صاع من قمح ، فقال : اشتر شعيراً ، فجاءه بصاع وبعض صاع ، فقال له : ردّه ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، وطعامنا يومئذٍ الشعير(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يصلح الشعير بالحنطة إلّا واحداً بواحد »(٥) .

____________________

(١) روضة الطالبين ٣ : ٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٠ ، ١٥٨٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ ، ١١٠٢١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١١ ، المغني ٤ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩ - ١٥٠.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٤ / ١٥٩٢ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٤ / ٨٣ و ٨٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٠.

(٥) الكافي ٥ : ١٨٩ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٨.

١٤٩

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ » وسُئل عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجد إلّا شعيراً أيصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال : « لا ، إنّما أصلهما واحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تبع الحنطة بالشعير إلّا يداً بيد ، ولا تبع قفيزاً من حنطة بقفيزين من شعير »(٢) .

ولأنّ أحدهما يُغشّ بالآخر ، فهُما كنوعي جنسٍ واحد.

وقال بعض(٣) علمائنا : إنّهما جنسان يباع أحدهما بالآخر متفاضلاً يداً بيد ونسيئةً - وبه قال الشافعي(٤) - لقولهعليه‌السلام : « بيعوا الذهب بالورق ، والورق بالذهب ، والبُرّ بالشعير ، والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٥) .

ولأنّهما لا يشتركان في الاسم الخاصّ ، فكانا جنسين ، كالشعير والذرّة.

وأجابوا عن حديث معمر بأنّه أعمّ من هذا الحديث. والغشّ ينتقض بالفضّة ، فإنّه يُغشّ بها الذهب.

والجواب : أنّ الراوي فهم تناول الطعام لصورة النزاع. وبالجملة فالتعويل على أحاديث الأئمّةعليهم‌السلام . والاختصاص بالاسم لا يُخرج الماهيّات عن التماثل ، كالحنطة والدقيق.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٨.

(٣) هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٢٥٤.

(٤) الاُمّ ٣ : ٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، المحلّى ٨ : ٤٩٢ ، المغني ٤ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩.

(٥) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ / ١١٠٢١.

١٥٠

مسألة ٧٩ : ثمرة النخل كلّها جنس واحد‌ ، كالبَرْنِيّ والمعقلي والآزاد والدقل وإن كان رديئاً في الغاية لا يجوز التفاضل فيه نقداً ولا نسيئةً ، فلا يباع مُدٌّ من البَرْنيّ بمُدَّيْن من الدقل وكذا البواقي لا نقداً ولا نسيئةً ، وكذا ثمرة الكرم كلّها جنس واحد ، كالأسود والأبيض والطيّان والرازقي ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يباع مختومان من شعير بمختومٍ من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، والتمر مِثْل ذلك»(١) .

وكان عليّعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقين من تمر المدينة بوسق من تمر خيبر(٢) .

وفي حديثٍ آخر ذلك وزيادة : « ولم يكنعليه‌السلام يكره الحلال »(٣) .

وسُئل عن الطعام والتمر والزبيب ، فقال : « لا يصلح شي‌ء منه اثنان بواحد إلّا أن تصرفه نوعاً إلى نوع آخر ، فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر »(٤) وإطلاق التمر يدلّ على اتّحاده حقيقةً.

وقال الباقرعليه‌السلام : « يكره وسق من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر ، لأنّ تمر المدينة أجودهما»(٥) .

تذنيب : الطلع كالثمرة في الاتّفاق وإن اختلفت اُصولهما‌ ، وطلع الفحل كطلع الإناث.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠٠ ، و ٩٧ / ٤١٣.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٩٦ - ٩٧ / ٤١٢ ، وصدر الحديث فيهما هكذا :

كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر.

(٤) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٤ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٦.

(٥) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٥ ، التهذيب ٧ : ٩٥ - ٩٦ / ٤٠٨.

١٥١

مسألة ٨٠ : اللحوم أجناس مختلفة باختلاف اُصولها‌ ، فلحم الغنم ضأنه وما عزه جنس واحد ، ولحم البقر جاموسها وعرابها جنس واحد مغاير للأوّل ، ولحم الإبل عرابها وبخاتيّها جنس آخر مغاير للأوّلين ، وكذا باقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع - وهو أصحّ قولي الشافعي ، وبه قال المزني وأبو حنيفة وأحمد في رواية(١) - لأنّها فروع اُصول مختلفة هي أجناس متعدّدة ، وكانت أجناساً كاُصولها ، كما في الأدقّة والخلول. ولأنّها متفاوتة في المنافع ومتخالفة في الأغراض والغايات ، فأشبهت المختلفات جنساً.

وللشافعي قول آخر : إنّها جنس واحد ، فلحم البقر والغنم والإبل والسموك والطيور والوحوش كلّها جنس واحد - وهو رواية عن أحمد أيضاً - لأنّها اشتركت في الاسم في حال حدوث الربا فيها الذي لا يقع بعده التمييز إلّا بالإضافة ، فكانت جنساً واحداً ، كأنواع الرطب والعنب ، وتخالف الثمار المختلفة بالحقيقة ، فإنّها وإن اشتركت في اسم الثمرة لكنّها امتازت بأساميها الخاصّة(٢) .

والجواب : المنع من الاشتراك في الاسم الخاصّ ، وليس إطلاق لفظ اللحم عليها إلّا كإطلاق الحيوان والجسم عليها.

وقال مالك : اللُّحْمان(٣) ثلاثة أصناف : الإنسي والوحشي صنف واحد ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اللحمان : جمع لحم. لسان العرب ١٢ : ٥٣٥ « لحم ».

١٥٢

والطير صنف ، ولحوم ذوات الماء صنف واحد - وهو رواية اُخرى عن أحمد إلّا أنّه جعل الوحشي صنفاً آخر - لأنّ لحم الطير لا تختلف المنفعة به ، ولا يختلف القصد في أكله(١) .

والجواب : يبطل بلحم الإبل ولحم الغنم ، فإنّها تختلف المنفعة بها والقصد إلى أكلها.

فروع :

أ - الوحشيّ من كلّ جنس مخالف لأهليّة ، فالبقر الأهلي مع البقر الوحشيّ جنسان مختلفان ، والغنم الأهليّة والغنم الوحشيّة - وهي الظباء - جنسان ، والحُمُر الوحشيّة والأهليّة جنسان أيضاً عندنا ، وبه قال الشافعي في أصحّ القولين وأحمد(٢) ، خلافاً لمالك(٣) ، وقد سبق.

ب - لحم السمك مخالف لباقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع ، وهو أصحّ قولي الشافعي وأحمد في رواية(٤) .

وللشافعي قول : إنّ اللُّحْمان كلّها صنف واحد(٥) ، فعلى هذا القول في السمك عنده قولان:

أحدهما : أنّ لحومها ولحوم باقي الحيوانات البرّيّة جنس واحد ؛

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ - ١٥٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اُنظر : المصادر في الهامش (١).

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، وانظر : المغني ٤ : ١٥٥ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٥) اُنظر : المصادر في الهامش (٢) من ص ١٥١.

١٥٣

لشمول الاسم لها ، قال الله تعالى :( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا ) (١) (٢) .

والجواب : أنّه كشمول الثمار للتمر والتفّاح.

والثاني : أنّ الحيتان مخالفة لباقي اللحوم ؛ لأنّ لها اسماً خاصّاً ، ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم ، لم يحنث بلحوم الحيتان. ولأنّه لا يسمّى لحماً عند الإطلاق ، ولهذا لا يضاف اللحم إلى اسمه فيقال : لحم السمك ، كما يقال : لحم الإبل(٣) .

ج - لحم السمك هل هو جنس واحد أو أجناس؟ الأقوى : الأوّل ؛ لشمول اسم السمك للكلّ ، والاختلاف بالعوارض لا يوجب الاختلاف في الحقيقة.

ويحتمل أن يكون أجناساً متعدّدة ، فكلّ ما اختصّ باسمٍ وصفةٍ كان جنساً مخالفاً لما غايره ممّا اختصّ باسمٍ آخر وصفة اُخرى ، فالشبّوط والقطّان والبُنّي أجناس مختلفة ، وكذا ما عداها.

د - الأقوى في الحمام - وهو ما عبّ وهَدَر ، أو كان مطوّقاً على اختلاف التفسير - أنّه جنس واحد ، فلحم القماري والدباسي والفواخت جنس واحد ؛ لشمول اسم الحمام لها ، وتقاربها في المنافع.

ويحتمل تعدّدها بتعدّد ما يضاف إليه.

أمّا الحمام مع غيره من الطيور كالعصافير والدجج فأولى بالتغاير.

ه- الجراد جنس بانفراده مغاير لسائر اللحوم البرّيّة والبحريّة ، وهو ظاهر عند علمائنا حيث أوجبوا اختلاف اللحوم باختلاف اُصولها ، وهو‌

____________________

(١) فاطر : ١٢.

(٢ و ٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥.

١٥٤

أصحّ قولي الشافعي(١) . وفي قول آخر للشافعي : إنّه من جنس اللحوم ، فحينئذٍ هل هو من البرّيّة أو البحريّة؟ وجهان(٢) .

و - أعضاء الحيوان الواحد كلّها جنس واحد مع لحمه ، كالكرش والكبد والطحال والقلب والرئة ، والأحمر والأبيض واحد ، وكذا الشحوم كلّها بعضها مع بعض ومع اللحم جنس واحد ؛ لأنّ أصلها واحد ، وتدخل تحت اسمه.

وللشافعيّة في ذلك طريقان :

الأشهر عندهم أن يقال : إن جعلنا اللحوم أجناساً ، فهذه أولى ؛ لاختلاف أسمائها وصفاتها ، وإن قلنا : إنّها جنس واحد ، ففيها وجهان ؛ لأنّ مَنْ حلف أن لا يأكل اللحم لا يحنث بأكل هذه الأشياء على الصحيح.

والثاني عن القفّال أن يقال : إن جعلنا اللحوم جنساً واحداً ، فهذه مجانسة لها ، وإن جعلناها أجناساً ، فوجهان ؛ لاتّحاد الحيوان ، فأشبه لحم الظهر مع شحمه(٣) .

وكذا المخ جنس آخر عندهم. والجلد جنس آخر. وشحم الظهر مع شحم البطن جنسان. وسنام البعير معهما جنس آخر ، أمّا الرأس والأكارع فمن جنس اللحم(٤) .

والكلّ عندنا باطل ؛ فإنّ الحقّ تساوي هذه الأشياء. والتعلّق بالحنث أو بعدمه غير مفيد ؛ فإنّ اليمين يتبع الاسم وإن كانت الحقيقة واحدةً ، كما لو حلف أن لا يأكل خبزاً ، فأكل دقيقاً ، لم يحنث وإن كان واحداً.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٥

تنبيه : كلّ ما حكمنا فيه باختلاف الجنس وتغايره ، فإنّه يجوز بيع بعضه ببعض‌ متفاضلاً نقداً ونسيئةً إلّا الصرف ، فلا يجوز النسيئة فيه ، وكلّ ما حكمنا فيه بالتماثل فإنّه لا يجوز التفاضل فيه.

مسألة ٨١ : المشهور المنع من بيع اللحم بحيوان من جنسه‌ - وبه قال الفقهاء السبعة(١) ومالك والشافعي وأحمد(٢) - لما رواه الجمهور عن سعيد بن المسيّب أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع اللحم بالحيوان(٣) . ومراسيل ابن المسيّب حجّة عندهم(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كره اللحم بالحيوان »(٥) .

ولأنّه نوعٌ في الربا بِيع بأصله الذي هو منه فلم يجز ، كما لو باع‌

____________________

(١) وهُمْ : سعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمّد وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار. وفي السابع ثلاثة أقوال ، فقيل : سالم بن عبد الله بن عمر. وقيل : أبو سلمة بن عبد الرحمن. وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

اُنظر : تهذيب الأسماء واللغات ١ : ١٧٢ ، ١٤٠ ، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال ٢٠ : ١٨.

(٢) المغني ٤ : ١٥٩ - ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الموطّأ ٢ : ٦٥٥ ، ٦٤ ، المراسيل - لأبي داود - : ١٣٣ ، ١٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧١ ، ٢٦٦.

(٤) اُنظر : مختصر المزني : ٧٨ ، والجرح والتعديل ٤ : ٦١ ، والكفاية - للخطيب البغدادي - : ٤٠٤ ، واللمع : ١٥٩ ، والحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والمجموع ( المقدّمة ) ١ : ٦٠ و ٦١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ : ٢٢١.

(٥) الكافي ٥ : ١٩١ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤٥ / ١٩٤ ، و ١٢٠ / ٥٢٥.

١٥٦

الشيرج(١) بالسمسم من غير اعتبارٍ.

والأقرب عندي : الجواز على كراهيّةٍ ؛ للأصل السالم عن معارضة ثبوت الربا ؛ لفقد شرطه ، وهو التقدير بالكيل أو الوزن ، المنفي في الحيوان الحيّ. وأمّا الكراهيّة : فللاختلاف.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والمزني بالجواز ؛ لأنّه باع ما فيه الربا بما لا ربا فيه فجاز ، كما لو باع الحيوان بالدراهم(٢) .

وقال محمّد بن الحسن : يجوز على اعتبار اللحم في الحيوان ، فإن كان دون اللحم الذي في مقابلته ، جاز(٣) .

فروع :

أ - الممنوع إنّما هو بيع لحم الحيوان بجنسه ، أمّا بغير جنسه - كلحم الشاة بالإبل - فإنّه يجوز ؛ لجواز بيع لحم أحدهما بلحم الآخر فبالآخر حيّاً أولى.

أمّا الشافعيّة : ففي كون اللحوم كلّها جنساً واحداً أو أجناساً(٤) متعدّدة عندهم قولان ، فإن قالوا بالوحدة ، لم يجز بيع لحم الشاة بالإبل الحيّة ، ولا لحم البقر بالشاة الحيّة وكذا البواقي. وإن قالوا باختلاف ، فقولان :

____________________

(١) الشيرج : دهن السمسم. تاج العروس ٢ : ٦٤ « شرج ».

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، المغني ٤ : ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، مختصر المزني : ٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « جنس واحد أو أجناس » بالرفع.

١٥٧

أحدهما : المنع ؛ لأنّ أبا بكر منع من بيع العناق بلحم الجزور(١) .

والجواب : أنّ فعل أبي بكر وقوله ليس حجّةً.

والثاني(٢) : الجواز - وبه قال مالك وأحمد - لأنّه يجوز بيعه بلحمه فجواز بيعه به أولى(٣) .

ب - يجوز بيع اللحم بالحيوان غير المأكول كالآدمي والسبع وغيرهما ، عندنا ؛ لجواز بيعه بجنسه فبغيره حيّاً أولى. ولأنّ سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل عليه ، وهو منفيّ هنا ، وبه قال مالك وأحمد ، لأنّ الحيوان لا ربا فيه جملة فجاز بيعه بما فيه الربا(٤) .

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والثاني : المنع - وهو اختيار القفّال - لعموم السنّة(٥) . وهو ممنوع.

ج - يجوز بيع اللحم بالسمكة الحيّة ، ولحم السمك بالحيوان الحيّ عندنا ؛ لما تقدّم.

وعند الشافعي قولان ، أحدهما : أنّ لحم السمك إن كان من جملة اللحم ، كان كما لو باع لحم غنم ببقر. وإن كان ليس من جملة اللُّحْمان ،

____________________

(١) رواه الشافعي في مختصر المزني : ٧٨ ، وأورده أبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢٨٤ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، وكذلك ابنا قدامة في المغني ٤ : ١٦٢ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٢) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» هكذا : وإن قالوا بالتعدّد والثاني. وجملة « وإن قالوا بالتعدّد » زائدة ؛ حيث ذكرها المصنّفقدس‌سره آنفاً بقوله : وإن قالوا بالاختلاف.

(٣) الوسيط ٣ : ٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ - ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٣ - ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٤) التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٨

فقولان ؛ لوقوع اسم اللحم والحيوان عليه. والثاني : الجواز(١) .

د - يجوز بيع الشحم والألية والطحال والقلب والكِلية والرئة بالحيوان عندنا‌ - وللشافعيّة وجهان(٢) - وكذا السنام بالإبل ؛ للنهي عن بيع اللحم بالحيوان ، ولم يرد في غيره.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّه في معنى اللحم.

وكذا الوجهان في بيع الجلد بالحيوان إن لم يكن مدبوغاً [ وإن كان مدبوغاً ](٣) فلا منع. وعلى الوجهين أيضاً بيع لحم السمك بالشاة(٤) .

ه- يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية من البيض ، أو بدجاجة فيها بيضة ، أو ببيضة لا غير ؛ لوجود المقتضي ، وهو عموم( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٥) السالم عن معارضة الربا ؛ لانتفاء شرطه ، وهو الكيل أو الوزن هنا.

ومَنَع الشافعيّة من بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة قولاً واحداً ؛ لأنّ ذلك بمنزلة بيع اللبن بالحيوان اللبون(٦) . وسيأتي.

مسألة ٨٢ : الألبان تابعة لاُصولها تختلف باختلافها وتتّفق باتّفاقها‌ ، فلبن الغنم ضأنه ومعزه(٧) جنسٌ ، ولبن الإبل عرابها وبخاتيّها جنسٌ آخر مغاير للأوّل ، ولبن البقر عرابها وجاموسها جنس واحد مخالف للأوّلين.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٣) أضفناها من المصدر.

(٤) نفس المصدر في الهامش (٢).

(٥) البقرة : ٢٧٥.

(٦) الذي عثرنا عليه في المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، والتهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ هو منع بيع بيضة بدجاجة في جوفها بيض.

(٧) في « ق ، ك» : ماعزه.

١٥٩

ولبن الوحشي مخالف للإنسي ، فلبن البقر الوحشي(١) مخالف للبن البقر الإنسي. وكذا لبن الظبي ولبن الشاة جنسان ، عند علمائنا أجمع.

وقد نصّ الشافعي على أنّ الألبان أجناس(٢) ، ولم يذكر غير ذلك ، إلّا أنّ له في اللُّحْمان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد - قاله أصحابه - لا فرق بينها(٣) (٤) ، فجعلوا في الألبان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد ، وهو المشهور عن أحمد. والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : أنّها أجناس ، وبه قال أبو حنيفة(٥) .

لنا : أنّها فروع تابعة لاُصول مختلفة بالحدّ والحقيقة ، فكانت فروعها تابعةً لها ، كالأدهان والخُلول - وهذا بخلاف اللُّحْمان ، فإنّ للشافعي قولاً بالتماثل فيها(٦) - لأنّ الاُصول التي حصل اللبن منها باقية بحالها وهي مختلفة ، فيدام حكمها على الفروع ، بخلاف اُصول اللحم.

احتجّ الآخرون بأنّ الألبان اشتركت في الاسم الخاصّ في أوّل حال‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : بقر الوحش.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» : بينهما. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، الوسيط ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ و ١٥٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٤).

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

سورة حم السجدة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (تنزيل من الرحمن) هو مثل أول سجدة لقمان (كتاب) أى هو كتاب، ويجوز أن يكون مرفوعا بتنزيل: أى نزل كتاب، وأن يكون خبرا بعد خبر أو بدلا، و (قرآنا) حال موطئة من آياته، ويجوز أن يكون حالا من كتاب لانه قد وصف.

قوله تعالى (مما تدعونا) هو محمول على المعنى، لان معنى في أكنة محجوبة عن سماع ماتدعونا إليه، ولايجوز أن يكون نعتا لاكنة، لان الاكنة الاغشية، وليست الاغشية مما تدعونا إليه، و (ممنون) مفعول من مننت الحبل: أى قطعته.

قوله تعالى (وجعل فيها) هو مستأنف غير معطوف على خلق، لانه لو كان معطوفا عليه لكان داخلا في الصلة، ولايجوز ذلك لانه قد فصل بينهما بقوله تعالى. " وتجعلون " إلى آخر الآية، وليس من الصلة في شئ.

قوله تعالى (في أربعة أيام) أى في تمام أربعة أيام، ولولا هذا التقدير، لكانت الايام ثمانية، يومان في الاول وهو قوله " خلق الارض في يومين " ويومان في الآخرة، وهو قوله " فقضاهن سبع سموات في يومين " (سواء) بالنصب وهو مصدر: أى فاستوت استواء، ويكون في موضع الحال من الضمير في أقواتها أو فيها أو من الارض، ويقرأ بالجر على الصفة للايام، وبالرفع على تقدير: هى سواء.

قوله تعالى (ائتيا) أى تعاليا، و (طوعا) و (كرها) مصدران في موضع الحال، و (أتينا) بالقصر: أى جئنا، وبالمد: أى أعطينا من أنفسنا الطاعة، و (طائعين) حال وجمع، لانه قد وضعها بصفات من يعقل، أو التقدير: أتينا بمن فينا فلذلك جمع، وقيل جمع على حسب تعدد السموات والارض (وحفظا) أى وحفظناها حفظا، أو للحفظ (إذ جاء‌تهم) يجوزأن يكون ظرفا لانذرتكم كما تقول: لقيتك إذ كان كذا، ويجوز أن يكون صفة لصاعقة، أو حالا من صاعقة الثانية.

قوله تعالى (نحسات) يقرأ بكسر الحاء. وفيه وجهان: أحدهما هو اسم فاعل مثل نصب ونصبات، والثانى أن يكون مصدرا في الاصل مثل الكلمة ويقرأ بالسكون، وفيه وجهان: أحدهما هى بمعنى المكسورة وإنما سكن لعارض. والثانى أن يكون اسم فاعل في الاصل وسكن تخفيفا.

٢٢١

قوله تعالى (وأما ثمود) هو بالرفع على الابتداء، و (فهديناهم) الخبر وبالنصب على فعل محذوف تقديره: وأما ثمود فهدينا، فسره قوله تعالى فهديناهم.

قوله تعالى (ويوم نحشر) هو ظرف لما دل عليه مابعده وهو قوله تعالى (فهم يوزعون) كأنه قال يمنعون يوم نحشر.

قوله تعالى (أن يشهد) أى من أن يشهد، لان تستتر لايتعدى بنفسه.

قوله تعالى (وذلكم) هو مبتدأ، و (ظنكم) خبره، و (الذى) نعت للخبر، أو خبر بعد خبر، و (أرادكم) خبر آخر، ويجوز أن يكون الجميع صفة أو بدلا وأرداكم الخبر، ويجوز أن يكون أرداكم حالا، وقد معه مرادة.

قوله تعالى (يستعتبوا) يقرأ بفتح الياء وكسر التاء الثانية: أى أن يطلبوا زوال مايعتبون منه (فماهم من المعتبين) بفتح التاء: أى من المجابين إلى إزالة العتب، ويقرأ " يستعتبوا " بضم الياء وفتح التاء: أى يطلب منهم مالا يعتبون عليه، فماهم من المعتبين بكسر التاء: أى ممن يزيل العتب.

قوله تعالى (والغوا فيه) يقرأ بفتح الغين من لغا يلغا، وبضمها من لغا يلغو، والمعنى سواء.

قوله تعالى (النار) هو بدل من جزاء أو خبر مبتدإ محذوف، أو مبتدأ ومابعده الخبر، وجزاء مصدر: أى جوزوا بذلك جزاء، ويجوز أن يكون منصوبا بجزاء أعداء الله، وأن يكون حالا.

قوله تعالى (ألا تخافوا) يجوز أن يكون التقدير: بأن لاتخافوا أو قائلين لاتخافوا فعلى الاول هو حال: أى تتنزل بقولهم لاتخافوا، وعلى الثانى الحال محذوفة.

قوله تعالى (نزلا) فيه وجهان: أحدهما هو مصدر في موضع الحال من الهاء المحذوفة أو من ما: أى لكم الذى تدعونه معدا وماأشبهه، و (من) نعت له والثانى هو جمع نازل مثل صابر وصبر، فيكون حالا من الواو في تدعون أو من الكاف والميم في لكم، فعلى هذا يتعلق من بتدعون: أى يطلبونه من غفور، أو بالظرف: أى استقر ذلك من غفور، فيكون حالا من " ما ".

قوله تعالى (كأنه ولى) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الذى بصلته، والذى مبتدأ، وإذا للمفاجأة، وهى خبر المبتدإ: أى بالحضرة المعادى مشيها للولى، والفائدة تحصل من الحال. والثانى أن يكون خبر المبتدإ، وإذا ظرف لمعنى التشبيه، والظرف يتقدم على العامل

٢٢٢

المعنوى، والضمير في (يلقاها) للخصلة أو الكلمة.

قوله تعالى (خلقهن) الضمير للآيات، وهى الليل والنهار والشمس والقمر.

قوله تعالى (إن الذين كفروا) خبر " إن " محذوف: أى معاندون أو هالكون، وقيل هو أولئك ينادون.

قوله تعالى (أعجمى) على الاستفهام، ويقرأ بهمزة واحدة، وفتح العين على النسب إلى عجم، و (عمى) مصدر عمى مثل صدى صدى، ويقرأ بكسر الميم: أى مشكل فهو اسم فاعل، ويقرأ عمى على أنه فعل ماض، فعلى يتعلق باسم الفاعل أو الفعل وأما المصدر فلا يتعلق به لتقدمها عليه، ولكن يجوز أن يكون على التبيين أو حالا منه.

قوله تعالى (فلنفسه) هو خبر مبتدإ محذوف: أى فهو لنفسه.

قوله تعالى (وماتحمل) " ما " نافية، لانه عطف عليها ولاتضع، ثم نقض النفى بإلا، ولو كانت بمعنى الذى معطوفة على الساعة لم يستقم ذلك، فأما قوله تعالى " وماتخرج من ثمرة " فيجوز أن تكون بمعنى الذى، والاقوى أن تكون نافية.

قوله تعالى (آذناك) هذا الفعل يتعدى إلى مفعول بنفسه، وإلى آخر بحرف جر، وقد وقع النفى وما في خبره موقع الجار والمجرور.

وقال أبوحاتم: يوقف على آذناك، ثم يبتدأ فلا موضع للنفى.

وأما قوله تعالى (وظنوا) فمفعولاها قد أغنى عنهما (ومالهم من محيص) وقال أبوحاتم: يوقف على ظنوا، ثم أخبر عنهم بالنفى، و (دعاء الخير) مصدر مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، و (ليقولن هذا لى) جواب الشرط، والفاء محذوفة، وقيل هو جواب قسم محذوف.

قوله تعالى (بربك) الباء زائدة، وهو فاعل يكف، والمفعول محذوف: أى ألم يكفك ربك: وقيل هذا (أنه) في موضع البدل من الفاعل إما على اللفظ أو على الموضع: أى ألم يكفك ربك شهادته، وقيل في موضع نصب مفعول يكفى أى ألم يكفك ربك شهادته.

سورة الشورى

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (كذلك يوحى) يقرأ بياء مضمومة على ماسمى فاعله والفاعل (الله) ومابعده نعت له، والكاف في موضع نصب بيوحى، ويقرأ على ترك التسمية.

٢٢٣

وفيه وجهان: أحدهما أن كذلك مبتدأ، ويوحى الخبر، والله فاعل لفعل محذوف كأنه قيل: من يوحى فقال الله، ومابعده نعت له، ويجوز أن يكون (العزيز) مبتدأ، و (الحكيم) نعت له أو خبر، و (له مافى السموات) خبر أو خبر ثان. والثانى أن يكون كذلك نعتا لمصدر محذوف، وإليك القائم مقام الفاعل: أى وحيا مثل ذلك.

قوله تعالى (فريق) هو خبر مبتدإ محذوف: أى بعضهم فريق في الجنة وبعضهم فريق في السعير، ويجوز أن يكون التقدير: منهم فريق.

قوله تعالى (والظالمون) هو مبتدأ ومابعده الخبر، ولم يحسن النصب لانه ليس في الجملة بعده فعل يفسر الناصب.

قوله تعالى (ذلكم) يجوز أن يكون مبتدأ، و (الله) عطف بيان أو بدل، و (ربى) الخبر، وأن يكون الله الخبر، وربى خبر ثان أو بدل، أو يكون صفة الله تعالى، و (عليه توكلت) الخبر.

قوله تعالى (فاطر السموات) أى هو فاطر، ويجوز أن يكون خبرا آخرا، ويقرأ بالجر بدلا من الهاء في عليه، والهاء في (فيه) ضميرا لجعل، والفعل قد دل عليه. ويجوز أن يكون ضمير المخلوق الذى دل عليه يذرؤكم: والكاف في (كمثله) زائدة: أى ليس مثله شئ، فمثله خبر ليس، ولو لم تكن زائدة لافضى إلى الحال إذ كان يكون المعنى أن له مثلا، وليس لمثله مثل، وفي ذلك تناقض لانه إذا كان له مثل فلمثله مثل، وهو هو مع أن إثبات المثل لله سبحانه محال، وقيل مثل زائدة، والتقدير: ليس كهو شئ كمافى قوله تعالى " فإن آمنوا بمثل ماآمنتم به " وقد ذكر وهذا قول بعيد.

قوله تعالى (أن أقيموا) يجوز أن يكون بدلا من الهاء في به، أومن " ما " أو من الدين كل صالح، ويجوز أن تكون إن بمعنى أى، فلا يكون له موضع.

قوله تعالى (لعل الساعة قريب) يجوز أن يكون ذكر على معنى الزمان، أو على معنى البعث أو على النسب: أى ذات قرب (وهو واقع) أى جزاء كسبهم، وقيل هو ضمير الاشفاق.

قوله تعالى (يبشر الله) العائد على الذى محذوف: أى يبشر به (إلا المودة) استثناء منقطع، وقيل هو متصل، أى لاأسألكم شيئا إلا المودة في القربى فإنى أسألكموها.

قوله تعالى (يختم) هو جواب الشرط (ويمح) مرفوع مستأنف، وليس من الجواب لانه يمحو الباطل من غير شرط، وسقطت الواو من اللفظ لالتقاء الساكنين، ومن المصحف

٢٢٤

حملا على اللفظ.

قوله تعالى (ويستجيب) هو بمعنى يجيب، و (الذين آمنوا) مفعول به، وقيل يستجيب دعاء الذين آمنوا، وقيل الذين في موضع رفع: أى ينقادون له.

قوله تعالى (إذا يشاء) العامل في إذا جمعهم لاقدير، لان ذلك يؤدى إلى أن يصير المعنى وهوعلى جمعهم قدير إذا يشاء، فتعلق القدرة بالمشيئة وهو محال وعلى يتعلق بقدير.

قوله تعالى (وماأصابكم) " ما " شرطية في موضع رفع بالابتداء (فيما كسبت) جوابه. والمراد بالفعلين الاستقبال، ومن حذف الفاء من القراء حمله على قوله، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون " وعلى ماجاء من قول الشاعر:

* من يفعل الحسنات الله يشكرها *

ويجوز أن تجعل " ما " على هذا المذهب بمعنى الذى، وفيه ضعف.

قوله تعالى (الجوار) مبتدأ أو فاعل ارتفع بالجار و (في البحر) حال منه، والعامل فيه الاستقرار، ويجوز أن يتعلق في بالجوار، و (كالاعلام) على الوجه الاول حال ثانية، وعلى الثانى هى حال من الضمير في الجوار، و (يسكن) جواب الشرط (فيظللن) معطوف على الجواب، وكذلك (أو يوبقهن - ويعف).

وأما قوله تعالى (ويعلم الذين) فيقرأ بالنصب على تقدير: وإن يعلم لانه صرفه عن الجواب وعطفه على المعنى، ويقرأ بالكسر على أن يكون مجزوما حرك لالتقاء الساكنين، ويقرأ بالرفع على الاستئناف.

قوله تعالى (مالهم من محيص) الجملة المنفية تسد مسد مفعولى عملت.

قوله تعالى (فمتاع الحياة) أى فهو متاع.

قوله تعالى (والذين يجتنبون) معطوف على قوله تعالى " للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار أعنى، أو رفع على تقديرهم. و (كبائر) بالجمع واحدتها كبيرة، ومن أفرد ذهب به إلى الجنس، و (هم) مبتدأ، و (يغفرون) الخبر، والجملة جواب إذا، وقيل هم مرفوع بفعل محذوف تقديره: غفروا فحذف الفعل لدلالة يغفرون عليه.

قوله تعالى (ولمن صبر) " من " شرطية، وصبر في موضع جزم بها، والجواب (إن ذلك) وقد حذف الفاء، وقيل " من " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى إن ذلك منه.

٢٢٥

قوله تعالى (ينصرونهم) يجوز أن يكون في موضع جر حملا على لفظ الموصوف ورفعا على موضعه.

قوله تعالى (فإن الانسان كفور) أى إن الانسان منهم.

قوله تعالى (ذكرانا وإناثا) هما حال، والمعنى يقر بين الصنفين.

قوله تعالى (أن يكلمه الله) " أن " والفعل في موضع رفع بالابتداء، وماقبله الخبر أو فاعل بالجار لاعتماده على حرف النفى، و (إلا وحيا) استثناء منقطع، لان الوحى ليس بتكليم (أو من وراء حجاب) الجار متعلق بمحذوف تقديره: أو أن يكلمه، وهذا المحذوف معطوف على وحى تقديره: إلا أن يوحى إليه أو يكلمه، ولايجوز أن يتعلق من بيكلمه الموجودة في اللفظ، لان ماقبل الاستثناء المنقطع لايعمل فيما بعد إلا، وأما (أو يرسل) فمن نصب فمعطوف على موضع وحيا: أى يبعث إليه ملكا، وقيل في موضع جر: أى بأن يرسل.

وقيل في موضع نصب على الحال، ولايجوز أن يكون معطوفا على أن يكلمه لانه يصير معناه: ماكان لبشر أن يكلمه الله، ولا أن يرسل إليه رسولا. وهذا فاسد ولان عطفه على أن يكلم الموجودة يدخله في صلة أن وإلا وحيا يفصل بين بعض الصلة وبعض لكونه منقطعا، ومن رفع يرسل استأنف، وقيل " من " متعلقة بيكلمه لانه ظرف، والظرف يتسع فيه.

قوله تعالى (ماكنت تدرى) الجملة حال من الكاف في إليك.

قوله تعالى (صراط الله) هو بدل من صراط مستقيم بدل المعرفة من النكرة. والله أعلم.

سورة الزخرف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (والكتاب) من جعل حم قسما كانت الواو للعطف، ومن قال غير ذلك جعلها للقسم.

قوله تعالى (في أم الكتاب) يتعلق بعلى، واللام لاتمنع ذلك. ولدينا بدل من الجار والمجرور، ويجوز أن يكون حالا من الكتاب أو من أم، ولايجوز أن يكون واحد من الظرفين خبرا، لان الخبر قد لزم أن يكون على من أجل اللام، ولكن يجوز أن كل واحد منهما صفة للخبر فصارت حالا بتقدمها، و (صفحا) مصدر من معنى تضرب لانه بمعنى

٢٢٦

نصفح، ويجوز أن يكون حالا، وقرئ بضم الصاد،

والاشبه أن يكون لغة، و (أن) بفتح الهمزة بمعنى، لان كنتم، وبكسرها على الشرط، وماتقدم بدل على الجواب (وكم) نصب ب‍ (أرسلنا) و (بطشا) تمييز وقيل مصدر في موضع الحال من الفاعل: أى أهلكناهم باطشين.

قوله تعالى (وجهه مسودا) اسم كان وخبرها، ويجوز أن يكون في ظل اسمها مضمرا يرجع على أحدهم، ووجهه بدل منه، ويقرآن بالرفع على أنه مبتدأ وخبر في موضع خبر ظل (وهو كظيم) في موضع نصب على الحال من اسم ظل، أو من الضمير في مسودا.

قوله تعالى (أو من) " من " في موضع نصب تقديره: أتجعلون من ينشأ، وفي موضع رفع، أى أو من ينشأ جزء‌ا وولد، و (في الخصام) يتعلق ب‍ (مبين).

فإن قلت: المضاف إليه لايعمل فيما قبله. قيل: إلا في غير لان فيها معنى النفى، فكأنه قال: وهو لايبين في الخصام، ومثله مسألة الكتاب أنا زيدا غير ضارب، وقيل ينتصب بفعل يفسره ضارب، وكذا في الآية.

قوله تعالى (قل أو لو) على لفظ الامر وهو مستأنف، ويقرأ " قال " يعنى النذير المذكور.

قوله تعالى (براء) بفتح الباء وهمزة واحدة، وهو مصدر في موضع اسم الفاعل بمعنى برئ، وقد قرئ به.

قوله تعالى (على رجل من القريتين) أى من إحدى القريتين مكة والطائف، وقيل التقدير: على رجل من رجلين من القريتين، وقيل: كان الرجل من يسكن مكة والطائف ويتردد إليهما، فصار كأنه من أهلهما.

قوله تعالى (لبيوتهم) هو بدل بإعادة الجار: أى لبيوت من كفر. والسقف واحد في معنى الجمع، وسقفا بالضم جمع مثل رهن ورهن.

قوله تعالى (جاء‌نا) على الافراد ردا على لفظ من، وعلى التثنية ردا على القريتين الكافر وشيطانه، و (المشرقين) قيل أراد المشرق والمغرب، فغلب مثل القمرين.

قوله تعالى (ولن ينفعكم) في الفاعل وجهان: أحدهما (أنكم) وماعملت فيه: أى لاينفعكم تأسيكم في العذاب.

والثانى أن يكون ضمير التمنى المدلول عليه بقوله: " يا ليت بينى وبينك ": أى لن ينفعكم تمنى التباعد، فعلى هذا يكون أنكم بمعنى لانكم. فأما إذ فمشكلة الامر، لانها

٢٢٧

ظرف زمان ماض، ولن ينفعكم وفاعله واليوم المذكور ليس بماض.

وقال ابن جنى في مساء‌لته أبا على: راجعته فيها مرارا فآخر ماحصل منه أن الدنيا والاخرى متصلتان، وهما سواء في حكم الله تعالى وعلمه، فتكون إذ بدلا من اليوم حتى كأنها مستقبلة أو كأن اليوم ماض.

وقال غيره: الكلام محمول على المعنى، والمعنى أن ثبوت ظلمهم عندهم يكون يوم القيامة، فكأنه قال: ولن ينفعكم اليوم إذا صح ظلمكم عندكم، فهو بدل أيضا، وقال آخرون: التقدير بعد إذ ظلمتم: فحذف المضاف للعلم به، وقيل إذ بمعنى أن: أى لان ظلمتم يقرأ " إنكم في العذاب " بكسر الهمزة على الاستئناف، هذا على أن الفاعل التمنى، ويجوز على هذا أن يكون الفاعل ظلمكم أو جحدكم، وقد دل عليه ظلمتم، ويكون الفاعل المحذوف من اللفظ هو العامل في إذ لا ضمير الفاعل.

قوله تعالى (أم أنا خير) أم هاهنا منقطعة في اللفظ لوقوع الجملة بعدها، وهى في المعنى متصلة معادلة، إذ المعنى: أنا خير منه أم لا، أو أينا خير، و (أسورة) جمع سوار، وأما أساورة فجمع أسوار أو جمع أسورة جمع الجمع، وأصله أساوير فجعلت الياء عوضا من التاء، وأما (سلفا) فواحد في معنى الجمع مثل الناس والرهط وأما سلفا بضمتين فجمع مثل أسد وأسد، أو جمع سالف مثل صابر وصبر، أو جمع سليف مثل رغيف ورغف، وأما سلفا بضم السين وفتح اللام فقيل أبدل من الضمة فتحة تخفيفا، وقيل هو جمع سلفة مثل غرفة وغرف.

قوله تعالى (مثلا) هو مفعول ثان لضرب: أى جعل مثلا، وقيل هو حال: أى ذكر ممثلا به، و (يصدون) بضم الصاد يعرضون وبكسرها لغة فيه، وقيل الكسر بمعنى يضجون.

قوله تعالى (لجعلنا منكم) أى بدلا منكم، وقيل المعنى: لحولنا بعضكم ملائكة.

قوله تعالى (أن تأتيهم) هو بدل من الساعة بدل الاشتمال.

قوله تعالى (يطاف) تقدير الكلام: يدخلون فيطاف فحذف لفهم المعنى.

قوله تعالى (لايفتر عنهم) هى حال أو خبر ثان، وكلاهما توكيد.

قوله تعالى (يامالك) يقرأ " يامال " بالكسر والضم على الترخيم.

قوله تعالى (إن كان للرحمن ولد) " إن " بمعنى " ما " وقيل شرطية: أى إن قلتم ذلك، فأنا أول من وحده، وقيل إن صح ذلك فأنا أول الآنفين من عبادته، ولن يصح ذلك.

قوله تعالى (وهو الذى في السماء إله) صلة الذى لاتكون إلا جملة، والتقدير هنا، وهو

٢٢٨

الذى هو إله في السماء، وفي متعلقة بإله: أى معبود في السماء، ومعبود في الارض، ولايصح أن يجعل إله مبتدأ وفي السماء خبره، لانه لايبقى للذى عائد فهو كقولك: هو الذى في الدار زيد، وكذلك إن رفعت إلها بالظرف، فإن جعلت في الظرف ضميرا يرجع على الذى وأبدلت إلها منه جاز على ضعف، لان الغرض الكلى إثبات إلهيته لا كونه في السموات والارض، وكان يفسد أيضا من وجه آخر وهو قوله " وفي الارض إله " لانه معطوف على ماقبله، وإذا لم تقدر ماذكرنا صار منقطعا عنه وكان المعنى إن في الارض إلها.

قوله تعالى (وقيله) بالنصب، وفيه أوجه: أحدها أن يكون معطوفا على سرهم: أى يعلم سرهم وقيله.

والثانى أن يكون معطوفا على موضع الساعة: أى وعنده أن يعلم الساعة وقيله.

والثالث أن يكون منصوبا على المصدر: أى وقال قيله ويقرأ بالرفع على الابتداء و (يارب) خبره، وقيل التقدير: وقيله هو قيل يا رب، وقيل الخبر محذوف: أى قيله يا رب مسموع أو مجاب، وقرئ بالجر عطفا على لفظ الساعة، وقيل هو قسم، والله أعلم.

سورة الدخان

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (إنا أنزلناه) هو جواب القسم، و (إنا كنا) مستأنف، وقيل هو جواب آخر من غير عاطف.

قوله تعالى (فيها يفرق) هو مستأنف، وقيل هو صفة لليلة، و " إنا " معترض بينهما.

قوله تعالى (أمرا) في نصبه أوجه: أحدها هو مفعول منذرين كقوله " لينذر بأسا شديدا ".

والثانى هو مفعول له، والعامل فيه أنزلناه أو منذرين أو يفرق.

والثالث هو حال من الضمير في حكيم أو من أمر، لانه قد وصف، أو من كل، أو من الهاء في أنزلناه.

والرابع أن يكون في موضع المصدر.

أى فرقا من عندنا والخامس أن يكون مصدرا: أى أمرنا أمرا، ودل على ذلك مايشتمل الكتاب عليه من الاوامر.

٢٢٩

والسادس أن يكون بدلا من الهاء في أنزلناه، فأما (من عندنا) فيجوز أن يكون صفة لامر، وأن يتعلق بيفرق.

قوله تعالى (رحمة) فيه أوجه: أحدها أن يكون مفعول مرسلين فيراد به النبى صلى الله عليه وسلم. والثانى أن يكون مفعولا له. والثالث أن يكون مصدرا: أى رحمناكم رحمة. والرابع أن يكون في موضع الحال من الضمير في مرسلين، والاحسن أن يكون التقدير: ذوى رحمة.

قوله تعالى (رب السموات) بالرفع على تقدير هو رب، أو على أن يكون مبتدأ، والخبر (لا إله إلا هو) أو خبر بعد خبر، وبالجر بدلا من ربك.

قوله تعالى (ربكم) أى هو ربكم، ويجوز أن يكون خبرا آخر، وأن يكون فاعل يميت، وفي " يحيى " ضمير يرجع إلى ماقبله، أو على شريطة التفسير.

قوله تعالى (يوم تأتى) هو مفعول فارتقب.

قوله تعالى (هذا عذاب) أى يقال هذا، و (الذكرى) مبتدأ، ولهم الخبر، وأن ظرف يعمل في الاستقرار، ويجوز أن يكون أنى الخبر ولهم تبيين (وقد جاء‌هم) حال و (قليلا) أى زمانا قليلا، أو كشفا قليلا، (ويوم نبطش) قيل هو بدل من تأتى، وقيل هو ظرف لعائدون، وقيل التقدير: اذكر، وقيل ظرف لما دل عليه الكلام: أى ننتقم يوم نبطش، ويقرأ " نبطش " بضم النون وكسر الطاء، يقال أبطشته إذا مكنته من البطش: أى نبطش الملائكة.

قوله تعالى (عباد الله) أى ياعباد الله: أى أدوا إلى ما وجب عليكم، وقيل هو مفعول أدوا: أى خلوا بينى وبين من آمن بى (وإنى عذت) مستأنف، و (أن ترجمون) أى من أن ترجمون، و (أن هؤلاء) منصوب بدعا، ويقرأ بالكسر لان دعا بمعنى قال، و (رهوا) حال من البحر: أى ساكنا، وقيل هو مفعول ثان: أى صيره، و (كم) نصب ب‍ (تركوا)، و (كذلك) أى الامر كذلك، وقيل التقدير: تركا كذلك.

قوله تعالى (من فرعون) هو بدل من العذاب بإعادة الجار: أى من عذاب فرعون، ويجوز أن يكون جعل فرعون نفسه عذابا، و (من المسرفين) خبر آخر أو حال من الضمير في عاليا، و (على علم) حال من ضمير الفاعل: أى اخترناهم عالمين بهم، وعلى يتعلق باخترنا.

قوله تعالى (والذين من قبلهم) يجوز أن يكون معطوفا على قوم تبع، فيكون

٢٣٠

(أهلكناهم) مستأنفا أو حالا من الضمير في الصلة، ويجوز أن يكون مبتدأ

والخبر أهلكناهم، وأن يكون منصوبا بفعل محذوف، و (لاعبين) حال و (أجمعين) توكيد للضمير المجرور (يوم لا يغنى) يجوز أن يكون بدلا من يوم الفصل، وأن يكون صفة لميقاتهم، ولكنه بنى، وأن يكون ظرفا لما دل عليه الفصل: أى يفصل بينهم يوم لايغنى، ولايتعلق بالفصل نفسه لانه قد أخبر عنه.

قوله تعالى (إلا من رحم) هو استثناء متصل: أى من رحمه الله بقبول الشفاعة فيه، ويجوز أن يكون بدلا من مفعولى ينصرون: أى لاينصرون إلا من رحم الله.

قوله تعالى (يغلى) يقرأ بالياء: ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الكاف: أى يشبه المهل غالبا، وقيل هو حال من المهل، وقيل التقدير: هو يغلى: أى الزقوم أو الطعام. وأما الكاف فيجوز أن تكون خبرا ثانيا، أو على تقدير: هو كالمهل، ولايجوز أن يكون حالا من طعام لانه لا عامل فيها إذ ذاك، ويقرأ بالتاء: أى الشجرة والكاف في موضع نصب: أى غليا كغلى الحميم (فاعتلوه) بكسر التاء وضمها لغتان.

قوله تعالى (ذق إنك) إنك يقرأ بالكسر على الاستئناف، وهو استهزاء به، وقيل أنت العزيز الكريم عند قومك، ويقرأ بالفتح: أى ذق عذاب أنك أنت، و (مقام) بالفتح والضم مذكورة في الاحزاب، و (في جنات) بدل من مقام بتكرير الجار، وأما (يلبسون) فيجوز أن يكون خبر إن فيتعلق به في، وأن يكون حالا من الضمير في الجار، وأن يكون مستأنفا، و (كذلك) أى فعلنا كذلك أو الامر كذلك، و (يدعون) حال من الفاعل في زوجنا، و (لايذوقون) حال أخرى من الضمير في يدعون، أو من الضمير في آمنين، أو حال أخرى بعد آمنين، أو صفة لآمنين.

قوله تعالى (إلا الموتة الاولى) قيل الاستثناء منقطع: أى ماتوا الموتة، وقيل هو متصل لان المؤمن عند موته في الدنيا بمنزلته في الجنة لمعاينته مايعطاه منها، أو مايتيقنه من نعيمها، وقيل إلا بمعنى بعد، وقيل بمعنى سوى، و (فضلا) مصدر: أى تفضلنا بذلك تفضيلا، والله أعلم.

٢٣١

سورة الجاثية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (آيات لقوم يوقنون) يقرأ بكسر التاء وفيه وجهان: أحدهما أن " إن " مضمرة حذفت لدلالة إن الاولى عليها وليست آيات معطوفة على آيات الاولى لما فيه من العطف على عاملين.

والثانى أن يكون كرر آيات التوكيد، لانها من لفظ آيات الاولى، فأعربها بإعرابه كقولك: إن بثوبك دما وبثوب زيد دما، فدم الثانى مكرر لانك مستغن عن ذكره، ويقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وفي خلقكم خبره، وهى جملة مستأنفة، وقيل هى في الرفع على التوكيد أيضا. وأما قوله تعالى (واختلاف الليل) فمجرورة بفي مقدرة غير الاولى، و (آيات) بالكسر والرفع على ماتقدم، ويجوز أن يكون اختلاف معطوفا على المجرور بفي، وآيات توكيد، وأجاز قوم أن يكون ذلك من باب العطف على عاملين.

قوله تعالى (نتلوها) قد ذكر إعرابه في قوله تعالى " نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين ".

قوله تعالى (يسمع) هو في موضع جر على الصفة أو حال من الضمير في أثيم، أو مستأنف، و (تتلى) حال، و (كأن لم يسمعها) حال أيضا.

قوله تعالى (ولا ما اتخذوا) هو معطوف على ماكسبوا، ومافيهما بمعنى الذى أو مصدرية، و (من رجز أليم) قد ذكر في سبأ.

قوله تعالى (جميعا منه) يجوز أن يكون متعلقا بسخر، وأن يكون نعتا لجميع، ويقرأ منة بالنصب: أى الامتنان، أو من به عليكم منة، ويقرأ منه بالرفع والاضافة على أنه فاعل سخر، أو على تقدير ذلك منه.

قوله تعالى (قل للذين آمنوا يغفر) قد ذكر مثله في إبراهيم.

قوله تعالى (ليجزى قوما) بالياء والنون على تسمية الفاعل وهو ظاهر، ويقرأ على ترك التسمية ونصب قوم وفيه وجهان: أحدهما وهو الجيد أن يكون التقدير: ليجزى الخير قوما على أن الخبر مفعول به في الاصل كقولك: جزاك الله خيرا، وإقامة المفعول الثانى مقام الفاعل جائزة والثانى أن يكون القائم مقام الفاعل المصدر.

أى ليجزى الجزاء، وهو بعيد.

٢٣٢

قوله تعالى (سواء محياهم ومماتهم) يقرأ سواء بالرفع، فمحياهم مبتدأ، ومماتهم معطوف عليه، وسواء خبر مقدم، ويقرأ سواء بالنصب وفيه وجهان:

أحدهما هو حال من الضمير في الكاف: أى نجعلهم مثل المؤمنين في هذه الحال.

والثانى أن يكون مفعولا ثانيا لحسب، والكاف حال، وقد دخل سواء محياهم ومماتهم على هذا الوجه في الحسبان، ومحياهم ومماتهم مرفوعان بسواء لانه بمعنى مستو وقد قرئ باعتماده، ويقرأ مماتهم بالنصب: أى في محياهم ومماتهم، والعامل فيه نجعل أو سواء، وقيل هما ظرفان، فأما الضمير المضاف إليه فيرجع إلى القبيلين، ويجوز أن يرجع إلى الكفار لان محياهم كمماتهم، ولهذا سمى الكافر ميتا، و (على علم) حال، و (من يهديه) استفهام (من بعد الله) أى من بعد إضلال الله إياه.

قوله تعالى (يومئذ يخسر) هو بدل من يوم الاول.

قوله تعالى (كل أمة) مبتدأ، و (تدعى) خبره، وقرئ بالنصب بدلا من كل الاولى، فتدعى على هذا مفعول ثان أو وصف لكل أو لامة.

قوله تعالى (ينطق) يجوز أن يكون حالا من الكتاب، أو خبرا ثانيا.

قوله تعالى (والساعة لاريب فيها) يقرأ بالرفع على الابتداء، ومابعده الخبر، وقيل هو معطوف على موضع " إن " وماعملت فيه، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم " إن ".

قوله تعالى (إن نظن إلا) تقديره: إن نحن إلا نظن ظنا، فإلا مؤخرة لولا هذا التقدير لكان المعنى: مانظن إلا ظنا، وقيل هى في موضعها لان نظن قد تكون بمعنى العلم والشك فاستثنى الشك: أى مالنا اعتقاد إلا الشك.

قوله تعالى (في السموات) يجوز أن يكون حالا من الكبرياء، والعامل فيه الاستقرار، وأن يكون ظرفا، والعامل فيه الظرف الاول، أو الكبرياء لانها بمعنى العظمة.

سورة الاحقاف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (من قبل هذا) في موضع جر: أى بكتاب منزل من قبل هذا (أو أثارة) بالالف: أى بقية، وأثرة بفتح الثاء وسكونها: أى مايؤثر: أى يروى.

قوله تعالى (من لايستجيب له) " من " في موضع نصب بيدعو، وهى نكرة موصوفة، أو بمعنى الذى.

٢٣٣

قوله تعالى (ماكنت بدعا) أى ذا بدع يقال: أمرهم بدع: أى مبتدع، ويجوز أن يكون وصفا: أى ماكنت أول من ادعى الرسالة، ويقرأ بفتح الدال وهو جمع بدعة: أى ذا بدع.

قوله تعالى (وكفرتم به) أى وقد كفرتم فيكون حالا، وأما جواب الشرط فمحذوف تقديره: ألستم ظالمين، ويجوز أن تكون الواو عاطفة على فعل الشرط.

قوله تعالى (وإذ لم يهتدوا به) العامل في إذ محذوف: أى إذ لم يهتدوا ظهر عنادهم.

قوله تعالى (إماما ورحمة) حالان من كتاب موسى.

قوله تعالى (لسانا) هو حال من الضمير في مصدق، أو حال من كتاب لانه قد وصف، ويجوز أن يكون مفعولا لمصدق: أى هذا الكتاب يصدق لسان محمد صلى الله عليه وسلم (وبشرى) معطوف على موضع لينذر.

قوله تعالى (فلا خوف) دخلت الفاء في خبر " إن " لما في الذين من الابهام، وبقاء معنى الابتداء بخلاف ليت ولعل، و (خالدين فيها) حال من أصحاب الجنة، و (جزاء) مصدر لفعل دل عليه الكلام: أى جوزوا جزاء، أو هو في موضع الحال.

قوله تعالى (حسنا) هو مفعول ثان لوصى، والمعنى ألزمناه حسنا، وقيل التقدير وصية ذات حسن، ويقرأ حسنا بفتحتين: أى إيصاء حسنا، أو ألزمناه فعلا حسنا، ويقرأ إحسانا: أى ألزمناه إحسانا، و (كرها) حال أى كارهة (وحمله) أى ومدة حمله وفصاله ثلاثون، و (أربعين) مفعول بلغ: أى بلغ تمام أربعين، و (في ذريتى) في هنا ظرف، أى اجعل الصلاح فيهم.

قوله تعالى (في أصحاب الجنة) أى هم في عدادهم فيكون في موضع رفع، و (وعد الصدق) مصدر وعد، وقد دل الكلام عليه، و (أف) قد ذكر في سبحان، و (لكما) تبيين (أتعداننى) بكسر النون الاولى، وقرئ بفتحها وهى لغة شاذة في فتح نون الاثنين، وحسنت هنا شيئا لكثرة الكسرات، و (أن أخرج) أى بأن أخرج، وقيل لايحتاج إلى الباء وقد مر نظيره (وهما يستغيثان) حال،

و (الله) تعالى مفعول يستغيثان، لانه في معنى يسألان، و (يلك) مصدر لم يستعمل فعله، وقيل هو مفعول به: أى ألزمك الله ويلك، و (في أمم) أى في عدادهم، ومن تتعلق بخلت.

قوله تعالى (وليوفينهم) مايتعلق به اللام محذوف: أى وليوفيهم أعمالهم: أى جزاء أعمالهم جازاهم أو عاقبهم.

٢٣٤

قوله تعالى (ويوم يعرض) أى اذكروا، أو يكون التقدير: ويوم يعرض الذين كفروا على النار يقال لهم أذهبتم، فيكون ظرفا للمحذوف.

قوله تعالى (مستقبل أو ديتهم) الاضافة في تقدير الانفصال: أى مستقبلا أوديتهم، وهو نعت لعارض، و (ممطرنا) أى ممطر إيانا فهو نكرة أيضا، وفي الكلام حذف: أى ليس كما ظننتم، بل هو ما استعجلتم به، و (ريح) خبر مبتدأ محذوف: أى هو ريح، أو هى بدل من " ما " و (تدمر) نعت للريح، و (لاترى) بالتاء على الخطاب، وتسمية الفاعل، و (مساكنهم) مفعول به، ويقرأ على ترك التسمية بالياء: أى لايرى إلا مساكنهم بالرفع، وهو القائم مقام الفاعل، ويقرأ بالتاء على ترك التسمية وهو ضعيف.

قوله تعالى (فيما إن مكناكم) " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، وإن بمعنى ماالنافية، وقيل " إن " زائدة: أى في الذى مكناكم.

قوله تعالى (قربانا) هو مفعول اتخذوا، و (آلهة) بدل منه، وقيل قربانا مصدر، وآلهة مفعول به، والتقدير: للتقرب بها.

قوله تعالى (وذلك إفكهم) يقرأ بكسر الهمزة وسكون الفاء: أى ذلك كذبهم، ويقرأ بفتح الهمزة مصدر أفك: أى صرف، والمصدر مضاف إلى الفاعل أو المفعول، وقرئ " آفكهم " على لفظ الفعل الماضى: أى صرفهم، ويقرئ كذلك مشددا، وقرئ " إفكهم " ممدودا: أى أكذبهم، وقرئ " آفكهم " مكسور الفاء ممدود مضموم الكاف: أى صارفهم (وماكانوا) معطوف على إفكهم.

قوله تعالى (وإذ صرفنا) أى واذكر إذ، و (يستمعون) نعت لنفر، ولما كان النفر جماعة قال يستمعون، ولو قال تعالى يستمع جاز حملا على اللفظ.

قوله تعالى (ولم يعى) اللغة الجيدة عيى يعيا، وقد جاء عيا يعيى، والباء في (بقادر) زائدة في خبر " إن " وجاز ذلك لما اتصل بالنفى ولولا ذلك لم يجز.

و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (بلاغ) أى هو بلاغ، ويقرأ بلاغا: أى بلغ بلاغا ويقرأ بالجر: أى من نهار ذى بلاغ، ويقرأ بلغ على الامر، والله أعلم.

سورة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (الذين كفروا) مبتدأ، و (أضل أعمالهم) خبره، ويجوز أن تنتصب بفعل دل

٢٣٥

عليه المذكور، أى أضل الذين كفروا، ومثله (والذين آمنوا).

قوله تعالى (فإذا لقيتم) العامل في إذا هو العامل في (ضرب) والتقدير: فاضربوا ضرب الرقاب، فضرب هنا مصدر فعل محذوف، ولايعمل فيه نفس المصدر لانه مؤكد، و (منا) مصدر: أى إما أن تمنوا منا، وأما أن تفادوا فداء ويجوز أن يكونا مفعولين: أى أولوهم منا، أو اقبلوا فداء، و (حتى تضع الحرب) أى أهل الحرب (ذلك) أى الامر ذلك.

قوله تعالى (عرفها) أى قد عرفها فهو حال، ويجوز أن يستأنف.

قوله تعالى (والذين كفروا) هو مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: تعسوا أو أتعسوا، ودل عليهما (تعسا) ودخلت الفاء تنبيها على الخبر، و (لهم) تبيين (وأضل) معطوف على الفعل المحذوف، والهاء في (أمثالها) ضمير العاقبة أو العقوبة.

قوله تعالى (وكأين من قرية) أى من أهل قرية، و (أخرجتك) للقرية لا للمحذوف ومابعدها من الضمائر للمحذوف.

قوله تعالى (كمن زين) هو خبر من قوله تعالى (مثل الجنة) أى فيما نقص عليك مثل الجنة.

قوله تعالى (فيها أنهار) مستأنف شارح لمعنى المثل، وقيل مثل الجنة مبتدأ، وفيها أنهار جملة هى خبره، وقيل المثل زائد، فتكون الجنة في موضع مبتدأ مثل قولهم * ثم اسم السلام عليكما * واسم زائد (غير آسن) على فاعل من أسن بفتح السين، وأسن من أسن بكسرها، وهى لغة، و (لذة) صفة لخمر، وقيل هو مصدر: أى ذات لذة، و (من كل الثمرات) أى لهم من كل ذلك صنف أو زوجان (ومغفرة) معطوف على المحذوف أو الخبر محذوف: أى ولهم مغفرة.

قوله تعالى (كمن هو) الكاف في موضع رفع: أى حالهم كحال من هو خالد في الاقامة الدائمة، وقيل هو استهزاء بهم: وقيل هو على معنى الاستفهام: أى أكمن هو، وقيل هو في موضع نصب أى يشبهون من هو خالد فيما ذكرناه، و (آنفا) ظرف: أى وقتا مؤتنفا، وقيل هو حال من الضمير في قال.

أى مؤتنفا (والذين اهتدوا) يحتمل الرفع والنصب (وآتاهم تقواهم) أى ثوابها.

قوله تعالى (أن تأتيهم) موضعه نصب بدلا من الساعة بدل الاشتمال.

قوله تعالى (فأنى لهم) هو خبر و (ذكراهم) والشرط معترض: أى أنى لهم ذكراهم إذا

٢٣٦

جاء‌تهم الساعة، وقيل التقدير: أنى لهم الخلاص إذا جاء تذكرتهم.

قوله تعالى (نظر المغشى) أى نظرا مثل نظر المغشى، و (أولى) مبتدأ، و (لهم) الخبر وأولى مؤنثه أولات، وقيل الخبر (طاعة) وقيل طاعة صفة، لسورة، أى ذات طاعة أو مطاعة، وقيل طاعة مبتدأ، والتقدير: طاعة وقول معروف أمثل من غيره، وقيل التقدير أمرنا طاعة (فإذا عزم الامر) العامل في إذا محذوف تقديره: فإذا عزم الامر فاصدق، وقيل العامل (فلو صدقوا) أى لو صدقوا إذا عزم الامر، والتقدير: إذا عزم أصحاب الامر أو يكون المعنى تحقق الامر، و (أن تفسدوا) خبر عسى، وإن توليتم معترض بينهما، ويقرأ توليتم: أى ولى عليكم.

قوله تعالى (أولئك الذين) أى المفسدون، ودل عليه ماتقدم.

قوله تعالى (الشيطان) مبتدأ، و (سول لهم) خبره، والجملة خبر إن، و (أملى) معطوف على الخبر، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اسم الله عزوجل. فيكون مستأنفا، ويقرأ أملى على مالم يسم فاعله وفيه وجهان: أحدهما القائم مقام الفاعل لهم. والثانى ضمير الشيطان.

قوله تعالى (يضربون) هو حال من الملائكة أو من ضمير المفعول، لان في الكلام ضميرا يرجع إليهم.

قوله تعالى (ثم لايكونوا) هو معطوف على يستبدل، والله أعلم.

سورة الفتح

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (عند الله) هو حال من الفوز لانه صفة له في الاصل قدم فصار حالا، ويجوز أن يكون ظرفا لمكان، أو لما دل عليه الفوز، ولايجوز أن يكون ظرفا للفوز لانه مصدر، و (الظالمين) صفة للفريقين.

قوله تعالى (لتؤمنوا) بالتاء على الخطاب لان المعنى. أرسلناه إليكم، وبالياء لان قبله غيبا.

قوله تعالى (إنما يبايعون الله) هو خبر إن، و (يد الله) مبتدأ ومابعده الخبر، والجملة خبر آخر لان أو حال من ضمير الفاعل في يبايعون، أو مستأنف.

قوله تعالى (يريدون) هو حال من ضمير المفعول في ذرونا، ويجوز أن يكون حالا من المخلفون، وأن يستأنف، و (كلام الله) بالالف، ويقرأ " كلم الله " والمعنى متقارب.

٢٣٧

قوله تعالى (يقاتلونهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا مقدرة (أو يسلمون) معطوف على يقاتلونهم، وفى بعض القراء‌ات " أويسلموا " وموضعه نصب واو بمعنى إلى أن أو حتى.

قوله تعالى (ومغانم) أى وأثابهم مغانم أو أثابكم مغانم، لانه يقرأ (تأخذونها) بالتاء والياء.

قوله تعالى (وأخرى) أى ووعدكم أخرى، وأثابكم أخرى، ويجوز أن يكون مبتدأ، و (لم تقدروا) صفته، و (قد أحاط) الخبر، ويجوز أن يكون هذه صفة، والخبر محذوف: أى وثم أخرى، و (سنة الله) قد ذكر في سبحان.

قوله تعالى (والهدى) هو معطوف: أى وصدوا الهدى، و (معكوفا) حال من الهدى، و (أن يبلغ) على تقدير: من أن يبلغ، أو عن أن يبلغ، ويجوز أن يكون بدلا من الهدى بدل الاشتمال: أى صدوا بلوغ الهدى.

قوله تعالى (أن تطؤهم) هو في موضع رفع بدلا من رجال بدل الاشتمال: أى وطئ رجال بالقتل، ويجوز أن يكون بدلا من ضمير المفعول في تعلموهم: أى تعلموهم وطأهم، فهو اشتمال أيضا ولم تعلموهم صفة لما قبله (فتصيبكم) معطوف

على تطئوا، و (بغير علم) حال من الضمير المجرور أو صفة لمعرة (لعذبنا) جواب لو تزيلوا، وجواب لولا محذوف أغنى عنه جواب لو، وقيل هو جوابهما جميعا، وقيل هو جواب الاول. وجواب الثانى محذوف.

قوله تعالى (حمية الجاهلية) هو بدل، وحسن لما أضيف إلى ماحصل معنى فهو كصفة النكرة المبدلة، و (كلمة التقوى) أى العمل أو النطق أو الاعتقاد فحذف لفهم المعنى.

قوله تعالى (بالحق) يجوز أن يتعلق بصدق، وأن يكون حالا من الرؤيا (لتدخلن) هو تفسير الرؤيا أو مستأنف: أى والله لتدخلن، و (آمنين) حال والشرط معترض مسدد، و (محلقين) حال أخرى أو من الضمير في آمنين (لاتخافون) يجوز أن يكون حالا مؤكدة: وأن يكون مستأنفا: أى لاتخافون أبدا.

قوله تعالى (بالهدى) هو حال: أى أرسله هاديا.

قوله تعالى (محمد) هو مبتدأ. وفي الخبر وجهان، أحدهما (رسول الله) فيتم الوقف إلا أن تجعل (الذين) في موضع جر عطفا على اسم الله: أى ورسول الذين، وعلى هذا يكون (أشداء) أى هم أشداء.

٢٣٨

والوجه الثانى أن يكون رسول الله صفة، والذين معطوف على المبتدأ، وأشداء الخبر، و (رحماء) خبر ثان، وكذلك (تراهم) و (يبتغون) ويجوز أن يكون تراهم مستأنفا: ويقرأ " أشداء ورحماء " بالنصب على الحال من الضمير المرفوع في الظرف وهو معه. وسجدا حال ثانية، أو حال من الضمير في ركعا مقدرة، ويجوز أن يكون يبتغون حالا ثالثة.

قوله تعالى (سيماهم) هو فعل من سام يسوم وهو بمعنى العلامة من قوله تعالى " مسومين " و (في وجوههم) خبر المبتدأ، و (من أثر السجود) حال من الضمير في الجار.

قوله تعالى (ومثلهم في الانجيل) إن شئت عطفته على المثل الاول: أى هذه صفاتهم في الكتابين، فعلى هذا تكون الكاف في موضع رفع: أى هم كزرع، أو في موضع نصب على الحال: أى مماثلين، أو نعتا لمصدر محذوف: أى تمثيلا كزرع و (شطأه) بالهمز وبغير همز ولاألف. وجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الطاء وحذفها، ويقرأ بالالف على الابدال وبالمد والهمز، وهى لغة، و (على سوقه) يجوز أن يكون حالا: أى قائما على سوقه، وأن يكون ظرفا، و (يعجب) حال. و (منهم) لبيان الجنس تفضيلا لهم بتخصيصهم بالذكر، والله أعلم.

سورة الحجرات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (لاتقدموا) المفعول محذوف أى لاتقدموا مالا يصلح، ويقرأ بفتح التاء والدال: أى تتقدموا.

قوله تعالى (أن تحبط) أى مخافة أن تحبط أو لان تحبط على أن تكون اللام للعاقبة وقيل لئلا تحبط.

قوله تعالى (أولئك) هو مبتدأ، و (الذين امتحن) خبره و (لهم مغفرة) جملة أخرى، ويجوز أن يكون الذين امتحن الله صفة لاولئك، ولهم مغفرة الخبر والجميع خبران.

قوله تعالى (أن تصيبوا) هو مثل " أن تحبط ".

قوله تعالى (لو يطيعكم) هو مستأنف، ويجوز أن يكون في موضع الحال والعامل فيه الاستقرار، وإنما جاز ذلك من حيث جاز أن يقع صفة للنكرة كقولك مررت برجل لو كلمته لكلمنى: أى متهيئ لذلك.

قوله تعالى (فضلا) هو مفعول له أو مصدر من معنى ماتقدم، لان تزيينه الايمان تفضل

٢٣٩

أو هو مفعول، و (طائفتان) فاعل فعل محذوف (واقتتلوا) جمع على آحاد الطائفتين.

قوله تعالى (بين أخويكم) بالتثنية والجمع، والمعنى مفهوم.

قوله تعالى (ميتا) هو حال من اللحم، أو من أخيه (فكرهتموه) المعطوف عليه محذوف تقديره: عرض عليكم ذلك فكرهتموه، والمعنى: يعرض عليكم فتكرهونه، وقيل إن صح ذلك عندكم فأنتم تكرهونه.

قوله تعالى (لتعارفوا) أى ليعرف بعضكم بعضا، ويقرأ لتعارفوا (إن أكرمكم) بفتح الهمزة وأن ومابعدها هو المفعول.

قوله تعالى (يلتكم) يقرأ بهمزة بعد الياء، وماضيه ألت، ويقرأ بغير همز وماضيه لات يليت وهما لغتان، ومعناهما النقصان، وفيه لغة ثالثة ألات يليت، والله أعلم.

سورة ق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

من قال (ق) جعل قسم الواو في (والقرآن) عاطفة، ومن قال غير ذلك كانت واو القسم وجواب القسم محذوف، قيل هو قوله (قد علمنا) أى لقد وحذفت اللام لطول الكلام، وقيل هو محذوف تقديره: لتبعثن أو لترجعن أو على مادل عليه سياق الآيات، و (بل) للخروج من قصة إلى قصة، وإذا منصوبة بما دل عليه الجواب: أى يرجع.

قوله تعالى (فوقهم) هو حال من السماء أو ظرف لينظروا (والارض) معطوف على موضع السماء: أى ويروا الارض ف‍ (مددناها) على هذا حال، ويجوز أن ينتصب على تقدير: ومددنا الارض، و (تبصرة) مفعول له أو حال من المفعول: أى ذات تبصير أو مصدر: أى بصرناهم تبصرة (وذكرى) كذلك.

قوله تعالى (وحب الحصيد) أى وحب النبت المحصود، وحذف الموصوف.

وقال الفراء: هو في تقدير صفة الاول: أى والحب الحصيد، وهذا بعيد مما فيه من إضافة الشئ إلى نفسه، ومثله حبل الوريد: أى حبل العرق الوريد وهو فعيل بمعنى فاعل: أى وارد، أو بمعنى مورود فيه (والنخل) معطوف على الحب، و (باسقات) حال (ولها طلع) حال أيضا و (نضيد) بمعنى منضود، و (رزقا) مفعول له، أو واقع موقع المصدر، و (به) أى بالماء.

قوله تعالى (ونعلم) أى ونحن نعلم، فالجملة حال مقدرة، ويجوز أن يكون مستأنفا.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458