تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189450 / تحميل: 5800
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ونحن نمنع ذلك كما قبل الذبح و(١) لو قصده حالة الشراء أو شرطه فيه.

ب - يجوز بيع الأكارع والرؤوس بعد الإبانة وقبلها من المذبوح نيئةً ومشويّةً ، ولا اعتبار بما عليها من الجلد ، فإنّه مأكول ، وبه قال بعض الشافعيّة(٢) .

ج - لو رأى بعض الثوب وبعضه الآخر في صندوق أو جِرابٍ لم يره ولا وُصف ، لم يصحّ ، وهو أحد قولي الشافعي ؛ للجهالة ، سواء قال ببطلان بيع الغائب أو لا.

أمّا على البطلان : فظاهر.

وأمّا على الصحّة : فلأنّه ناظرٌ إلى بعضه فيسهل النظر إلى باقية ، بخلاف الغائب فقد(٣) يعسر إحضاره وتدعو الحاجة إلى بيعه ، فجاز هناك ولم يجز هنا. ولأنّ الرؤية فيما رآه سبب اللزوم ، وعدمها فيما لم يُر سبب الجواز ، والعقد الواحد لا يتصوّر إثبات الجواز واللزوم فيه معاً ، ولا يمكن تبعيض المعقود عليه في الحكمين(٤) .

وهذان [ الفرقان ](٥) باطلان ؛ لأنّهم جوّزوا بيع ما في الكُمّ مع سهولة‌

____________________

(١) كلمة « و» لم ترد في « ق ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٠ ، المجموع ٩ : ٢٩٨ - ٢٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١ ، وفيها جواز بيع الأكارع والرؤوس بعد الإبانة فقط ، مع وجهٍ شاذّ لصحّة بيع الأكارع قبلها.

(٣) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : قد. وما أثبتناه - كما هو الأنسب بالعبارة - من العزيز شرح الوجيز.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦١ ، المجموع ٩ : ٢٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : القدران. وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.

٢٤١

إخراجه(١) . وسبب الردّ في البعض يكفي في ردّ الكلّ ، كما لو وجد البعض معيباً.

د - لو كان شيئين(١) فرأى أحدهما دون الآخر ، فإن وُصف له وصفاً يرفع الجهالة ، صحّ البيع ، وإلّا بطل ، عند علمائنا ؛ للجهالة.

أمّا الشافعي فإنّه جوّز بيع الغائب من غير وصفٍ في قولٍ ، وأبطله في آخر ، فعلى البطلان لا يصحّ البيع فيما لم يره ، وفيما يراه قولا تفريق الصفقة.

وعلى الصحّة ففي صحّة العقد فيهما قولان ، أحدهما : البطلان ؛ لأنّه جمع في صفقة واحدة بين مختلفي الحكم ؛ لأنّ ما رآه لا خيار فيه ، وما لم يره يثبت فيه الخيار ، فإن صحّحناه ، فله ردّ ما لم يره وإمساك ما رآه(٣) .

وعلى مذهبنا إذا خرج ما لم يره على غير الوصف ، كان بالخيار في الفسخ والإمضاء.

ه- لو خرج الموصوف على خلاف الوصف ، فللمشتري الخيار في طرف الرداءة ، وللبائع في طرف الزيادة على ما تقدّم.

ومَنْ جوّز بيع الغائب من غير وصفٍ - كالشافعي - أثبت له الخيار هنا عند الرؤية ، سواء شرطه أولا ؛ لأنّه شرط شيئاً ولم يحصل ، فثبت الخيار(٤) .

وقال بعض الشافعيّة : لو خرج على غير الوصف ، لم يثبت الخيار إلّا أن يشترطه(٥) .

وهل له الخيار قبل الرؤية؟ مقتضى مذهبنا أنّه ليس له ذلك ؛ إذ ثبوت‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦١.

(٢) أي : لو كان المبيع شيئين.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٩٦.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٩٣.

٢٤٢

الخيار منوط بخروجه على خلاف(١) الوصف.

أمّا الشافعي فظاهر مذهبه - على قوله بمنع بيع الغائب - أنّ الإجازة لا تنفذ ؛ لأنّ الإجازة رضا بالعقد والتزامٌ له ، وذلك يستدعي العلم بالمعقود عليه وهو جاهل بحاله. ولو كفى قوله : أجزت ، مع الجهل ، لأغنى قوله في الابتداء : اشتريت(٢) .

وله وجه آخر بالنفوذ تخريجاً من تصحيح الشرط إذا اشترى بشرط أنّه لا خيار(٣) .

وأمّا الفسخ فوجهان عنده بناءً على نفوذ الإجازة ، فإن قال بنفوذها ، فالفسخ أولى ، وإن منع من نفوذها ، ففي الفسخ وجهان : عدم النفوذ ؛ لأنّ الخيار في الخبر(٤) منوط بالرؤية. وأصحّهما عنده : النفوذ ؛ لأنّ حقّ الفسخ ثابت له عند الرؤية مغبوطاً كان أو مغبوناً ، فلا معنى لاشتراط الرؤية في نفوذه(٥) .

و - لو كان البائع قد رآه ، فإن زادت صفته وقت العقد ، تخيّر في الفسخ والإمضاء. ولو لم تزد ، فلا خيار.

والشافعي أطلق وذكر وجهين : ثبوت الخيار كما للمشتري ؛ لأنّه كخيار المجلس يشتركان فيه. وأصحّهما : لا ؛ لأنّه أحد المتبايعين ، فلا يثبت له الخيار مع تقدّم الرؤية كالمشتري(٦) .

ولو كان البائع لم يره ، فإن كان قد وصف له وصفاً يرفع الجهالة‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « غير » بدل « خلاف ».

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٩٣.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : في الجزء. وذلك تصحيف.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ - ٦٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٩٣.

٢٤٣

ولم يزد ، فلا خيار ، وإن زاد فله الخيار. ولو لم يوصف له ، بطل البيع.

وقال الشافعي على تقدير جواز بيع الغائب : في ثبوت الخيار للبائع وجهان : المنع - وبه قال أبو حنيفة - لأنّ جانب البائع بعيد عن الخيار ، بخلاف جانب المشتري. والثبوت ؛ لأنّه جاهل بالمعقود عليه فأشبه المشتري(١) .

ز - الأقرب ثبوت خيار المجلس مع خيار الرؤية ؛ لتعدّد السبب ، فيتعدّد المسبّب ، وكما في شراء الأعيان الحاضرة.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما. والثاني : لا يثبت ؛ للاستغناء بخيار الرؤية عنه ، فعلى الأوّل يكون خيار الرؤية على الفور ، وإلّا لثبت خيار مجلسين ، وعلى الثاني يمتدّ بامتداد مجلس الرؤية(٢) .

ح - لو اشترى موصوفاً ثمّ تلف في يده قبل الرؤية ، لم يبطل البيع‌ إلّا أن يُثبت المشتري الخلاف ويختار الفسخ. وللشافعي قولان(٣) .

ولو باعه قبل الرؤية بوصف البائع ، صحّ عندنا - خلافاً للشافعي(٤) - كما لو باعه في زمن خيار الشرط ، فإنّه يجوز على أصحّ القولين عنده ؛ لأنّه يصير مُجيزاً للعقد(٥) .

ط - لا يشترط الرؤية مع الوصف الرافع للجهالة‌ - وهو أحد قولي‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ - ٤٣ ، المجموع ٩ : ٢٩٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ - ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٢٩٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٢٩٥.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٢٩٥ - ٢٩٦.

٢٤٤

الشافعي(١) - لانتفاء الغرر ، فلا يشترط ذوق الطعم في المطعوم ، ولا الشمّ في المشموم ، ولا اللمس في الملموس.

وعلى قول الشافعي باشتراط الرؤية يشترط في هذه الإدراكُ بهذه المشاعر ؛ لأنّ كيفيّاتها المقصودة إنّما تُعرف بهذه الطرق(٢) .

وله قول آخر على اشتراط الرؤية أيضاً : عدم الاشتراط(٣) .

ى - لو كان غائباً في غير بلد التبايع ، سلّمه في ذلك البلد. ولو شرط تسليمه في بلد التبايع ، جاز عندنا ، كالسّلم.

ومَنَع بعض الشافعيّة وإن جوّزه في السَّلَم ؛ لأنّ السَّلَم مضمون في الذمّة ، والعين الغائبة غير مضمونة في الذمّة ، فاشتراط نقلها يكون بيعاً وشرطاً(٤) .

ونمنع بطلان اللازم على ما يأتي.

يأ - لو رأى ثوبين ثمّ سُرق أحدهما وجُهل بعينه ثمّ اشترى الباقي ، فإن تساويا صفةً وقدراً وقيمةً ، احتُمل صحّة البيع ؛ لكونه معيّناً مرئيّاً معلوماً. والعدم ، كبيع أحدهما. والأوّل أقرب.

ولو اختلفا في شي‌ء من ذلك ، لم يصحّ عندنا قطعاً ؛ لأنّ الرؤية لم تُفد شيئاً ، فإنّ المشتري لا يدري الباقي هل هو الطويل أو القصير؟ فلم يستفد من الرؤية حال المبيع عند العقد ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : يجوز ؛ لأنّه لا يقصر عن بيع الغائب في العلم(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ - ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٢٩٥.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ٢١ - ٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٢٩٣.

(٥) الوسيط ٣ : ٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٢٩٤.

٢٤٥

يب - لو اختلفا فقال المشتري : ما رأيت المبيع. وقال البائع : بل رأيته ، قدّم قول البائع ؛ عملاً بصحّة البيع. ولأنّ للمشتري أهليّة الشراء وقد أقدم عليه ، فكان ذلك اعترافاً منه بصحّة العقد. وهو أحد قولي الشافعي(١) بناءً على القول باشتراط الرؤية.

أمّا على القول بعدمه(٢) فوجهان ، هذا أحدهما ؛ لأنّه اختلاف في سبب الخيار ، فأشبه ما لو اختلفا في قدم العيب. وأظهرهما عندهم : تقديم قول المشتري ، كما لو اختلفا في اطّلاعه على العيب(٣) .

القسم الرابع : النهي عن بيع وشرط.

اعلم أنّ عقد البيع قابل للشروط التي لا تنافيه ، أمّا ما ينافيه فلا يقبلها.

روى الجمهور أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع وشرط(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عمّار عن الصادقعليه‌السلام قال : « بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلاً من أصحابه والياً ، فقال له : إنّي بعثتك إلى أهل الله - يعني أهل مكة - فانْهَهم عن بيع ما لم يقبض ، وعن شرطين في بيع ، وعن ربح ما لم يضمن »(٥) .

____________________

(١) في « ق ، ك» : الشافعيّة.

(٢) أي : عدم اشتراط الرؤية. وفي « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : بعدمها. والصحيح ما أثبتناه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣ - ٤٤ ، المجموع ٩ : ٢٩٤.

(٤) معرفة علوم الحديث : ١٢٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٥ ، المغني ٤ : ٣٠٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٦.

(٥) التهذيب ٧ : ٢٣١ / ١٠٠٦.

٢٤٦

وهذان النصّان ليسا على الإطلاق إجماعاً ؛ لما يأتي من جواز الشرط في العقد ، وقبول عقد البيع للشرط.

إذا تقرّر هذا ، فكلّ شرط يخالف الكتاب والسنّة فإنّه باطل إجماعاً.

وفي بطلان البيع ببطلانه بحث سيأتي ، وما لا يخالف الكتاب والسنّة فإنّه جائز ما لم يتضمّن ما ينافي العقد ، فأقسام الشرط أربعة :

أ - ما يوافق مقتضى العقد ويؤكّده ، مثل أن يشترط التسليم أو خيار المجلس أو التقابض أو ما أشبه ذلك ، فهذا لا يؤثّر في العقد نفعاً ولا ضرّاً.

ب - شرط لا يقتضيه العقد لكن يتعلّق به مصلحة المتعاقدين للعقد. وهو قد يتعلّق بالثمن ، كالأجل والرهن والضمان ، أو بالمثمن ، كاشتراط صفة مقصودة في السلعة ، كالصناعة والكتابة ، أو بهما معاً ، كالخيار. وهو جائز.

فهذه الشروط لا تُفسد العقد ، وتصحّ في أنفسها عندنا وعند الشافعي(١) .

ج - ما لا يتعلّق به مصلحة المتعاقدين لكنّه ممّا بُني على التغليب والسراية ، كشرط العتق. وهو جائز أيضاً.

د - ما لم يُبْنَ على التغليب والسراية ولا يتعلّق به مصلحة المتعاقدين ولا يقتضيه العقد ، فهذا عندنا جائز إن لم يخالف المشروع ولم يُنافِ مقتضى العقد ، وذلك مثل أن يبيعه داراً ويشترط سكناها سنة ، وبه قال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق(٢) .

وإن خالف المشروع ، مثل أن يبيع جاريةً بشرط أن لا ينتفع بها‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٧١ ، المجموع ٩ : ٣٦٤.

(٢) المغني ٤ : ٣٠٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٨.

٢٤٧

المشتري ، فهذا باطل.

والشافعي أبطل هذين القسمين معاً(١) ، وسيأتي.

مسألة ١١٧ : قد بيّنّا أنّ كلّ شرط ينافي مقتضى العقد‌ فإنّه يكون باطلاً ، مثل أن يشتري جارية بشرط أن لا خسارة عليه ، ومعناه أنّه متى خسر فيها فضمانه على البائع. وكذا لو شرط عليه أن لا يبيعها على إشكال ، أو لا يعتقها على إشكال ، أو لا يطأها ، فإنّ هذه الشروط باطلة ؛ لمنافاتها مقتضى العقد ، فإنّ مقتضاه ملك المشتري والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « الناس مسلّطون على أموالهم »(٢) .

وسأل عبدُ الملك بن عتبة [ الكاظم ](٣) عليه‌السلام عن الرجل ابتاع منه طعاماً أو ابتاع متاعاً على أن ليس عليَّ منه وضيعة هل يستقيم هذا؟ وكيف يستقيم وحدّ ذلك(٤) ؟ قال : « لا ينبغي »(٥) .

وإذا بطلت الشروط ، بطل البيع - خلافاً لبعض(٦) علمائنا - لأنّ التراضي إنّما وقع على هذا الشرط ، فبدونه لا تراضي ، فتدخل تحت قوله تعالى :( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ) (٧) وبه قال الشافعي والنخعي والحسن البصري وأبو حنيفة وأحمد‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٨ و ٣٦٩ و ٣٧٦ و ٣٧٨.

(٢) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المسألة ٢٩٠.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : الرضا. وما أثبتناه موافق لما في المصدر.

(٤) في التهذيب : وكيف يستقيم وجه ذلك؟

(٥) التهذيب ٧ : ٥٩ / ٢٥٣ ، الاستبصار ٣ : ٨٤ / ٢٨٤.

(٦) الشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ١٤٩.

(٧) النساء : ٢٩.

٢٤٨

ابن حنبل(١) .

وقال ابن شُبْرُمة : البيع جائز والشرط جائز أيضاً(٢) ؛ لأنّ جابراً قال : ابتاع منّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعيراً بمكة ، فلمـّا نقدني الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة(٣) .

وقال ابن أبي ليلى : البيع صحيح والشرط باطل - وهو رواية أبي ثور عن قولٍ للشافعي(٤) - لأنّ عائشة اشترت بَرِيرَة بشرط أن تُعتقها ويكون ولاؤها لمواليها ، فأجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله البيع وأبطل الشرط(٥) (٦) .

والجواب عن الأوّل : أنّا نقول بموجبه ، وإنّما يرد على الشافعي حيث أبطل مثل هذا الشرط على ما تقدّم في التقسيم.

وعن الثاني : جاز أن يكون شرط الولاء في العتق ، فلا يبطل ببطلانه ، بخلاف البيع.

____________________

(١) مختصر المزني : ٨٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣١٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٨ و ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٩ ، الوسيط ٣ : ٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٥ - ١١٦ و ١٢٠ ، المحلّى ٨ : ٤١٥ ، المغني ٤ : ٣٠٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٦١.

(٢) معرفة علوم الحديث : ١٢٨ ، المحلّى ٨ : ٤١٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٣١ ، المجموع ٩ : ٣٧٦.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٢٤٨ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٣ / ١١٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٧ بتفاوت.

(٤) حلية العلماء ٤ : ١٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ٢٥١ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤١ / ١٥٠٤ ، وراجع أيضاً المصادر في الهامش (٢) من ص ٢٥٠.

(٦) معرفة علوم الحديث : ١٢٨ ، المحلّى ٨ : ٤١٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣١٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٣١ ، المجموع ٩ : ٣٧٦ ، المغني ٤ : ٣٠٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٦١.

٢٤٩

وقسَّم بعضُ الشافعيّة الشرطَ إلى صحيحٍ وفاسدٍ ، ففي الأوّل العقدُ صحيح قطعاً ، وفي الثاني إن لم يكن شيئاً يفرد بعقدٍ ولا يتعلّق به غرض يورث تنازعاً ، لم يؤثّر في البيع ، كما لو عيّن الشهود وقلنا : لا يتعيّنون ، لم يفسد به العقد ؛ لأنّا(١) إذا ألغينا تعيين(٢) الشهود ، أخرجناه عن أن يكون من مقاصد العقد. وإن تعلّق به غرض ، فسد العقد بفساده ؛ للنهي عن بيع وشرط(٣) . ولأنّه يوجب الجهل بالعوض.

وإن كان ممّا يفرد بعقدٍ ، كالرهن والكفيل ، ففي فساد البيع بشرطهما على نعت الفساد قولان : الفساد - وبه قال أبو حنيفة - كسائر الشروط(٤) الفاسدة. والصحّة - وبه قال المزني - لأنّه يجوز إفراده عن البيع ، فلا يوجب فسادهُ فسادَ البيع ، كالصداق لا يوجب فسادهُ فسادَ النكاح(٥) .

قال عبد الوارث بن سعيد : دخلت مكة فوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيّين : أبو حنيفة وابن أبي ليلى ، وابن شُبْرُمة ، فصرتُ إلى أبي حنيفة فسألته عمّن باع بيعاً وشرط شرطاً ، فقال : البيع والشرط فاسدان ، فأتيت ابن أبي ليلى فسألته ، فقال : البيع جائز والشرط باطل ، فأتيت ابن شُبْرُمة فسألته ، فقال : البيع والشرط جائزان ، فرجعت إلى أبي حنيفة فقلت : إنّ صاحبيك خالفاك ، فقال : لست أدري ما قالا ، حدّثني عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدّه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع وشرط. ثمّ أتيت ابن أبي ليلى ، فقلت : إنّ صاحبيك خالفاك ، فقال : ما أدري ما قالا ، حدّثني هشام بن‌

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : ولأنّا. وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : تعيّن. وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.

(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٢٤٥ ، الهامش (٤).

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « العقود » بدل « الشروط ». وما أثبتناه من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ - ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥ - ٧٦.

٢٥٠

عروة عن أبيه عن عائشة أنّها قالت : لمـّا اشتريت بَرِيرَة جاريتي شرطَتْ عليَّ مواليها أن أجعل ولاءها لهم إذا أعتقتها ، فجاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « الولاء لمن أعتق » فأجاز البيع وأفسد الشرط، فأتيت ابن شبرمة فقلت : إنّ صاحبيك خالفاك ، فقال : ما أدري ما قالا ، حدّثني مسعر عن محارب عن جابر قال : ابتاع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله [ منّي ](١) بعيراً بمكة ، فلمـّا نقدني الثمن شرطتُ عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة ، فأجاز النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الشرط والبيع(٢) .

مسألة ١١٨ : ومن الشروط الجائزة عندنا أن يبيعه شيئاً ويشترط في متن العقد أن يشتري منه شيئاً أو يبيعه شيئاً آخر أو يقرضه شيئا أو يستقرض منه ، لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم»(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « المسلمون عند شروطهم إلّا كلّ شرط خالف كتاب الله عزّ وجلّ فلا يجوز »(٤) .

وقالعليه‌السلام : « من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله عزّ وجلّ فلا يجوز له ولا يجوز على الذي اشترطه عليه ، والمسلمون عند شروطهم ممّا وافق كتاب الله عزّ وجلّ »(٥) .

وهذه الشروط كلّها سائغة لا تخالف كتاب الله تعالى ، فوجب جوازها ولزومها وصحّة العقد معها.

وقال الشافعي : لا يجوز ذلك ؛ لأنّه جَعَل الثمن والرفق بالعقد الثاني‌

____________________

(١) أضفناها من كتاب الخلاف للشيخ الطوسي ، وكما ورد سابقاً في ص ٢٤٨.

(٢) الخلاف ٣ : ٢٩ - ٣٠ ، المسألة ٤٠ ، معرفة علوم الحديث : ١٢٨ ، المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٣ - ١٤ ، المحلّى ٨ : ٤١٥ - ٤١٦.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٤) الفقيه ٣ : ١٢٧ / ٥٥٣ ، التهذيب ٧ : ٢٢ / ٩٣.

(٥) الكافي ٥ : ١٦٩ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٢ / ٩٤ ، وفيهما : « فيما وافق ».

٢٥١

ثمناً ، واشتراط العقد الثاني فاسد ، فبطل(١) بعض الثمن ، وليس له قيمة يتعلّق به حتى يفرض التوزيع عليه وعلى الباقي(٢) .

والجواب : المنع من جَعْل الرفق بالعقد الثاني جزءاً من الثمن.

ولا نسلّم بطلان اشتراط العقد الثاني ، فإنّه المتنازع. ثمّ ينتقض بشرط العتق وما حكم بجوازه من الشروط.

فروع :

أ - لو تبايعا بشرط أن يبيعه شيئاً آخر ، فقد قلنا : إنّه يصحّ عندنا ، خلافاً للشافعي(٣) . وينصرف الثاني إلى البيع الصحيح ، فإذا باعه الثاني صحيحاً ، صحّ ، ووفى بالشرط. وإن باعه باطلاً ، لم يعتدّ به ، ووجب عليه استئناف عقد صحيح ، عملاً بمقتضى الشرط وتحصيلاً له.

ب - لو باعه شيئاً بشرط أن يبيعه إيّاه ، لم يصحّ ، سواء(٤) اتّحد الثمن قدراً ووصفاً وعيناً أو لا ، وإلّا جاء الدور ؛ لأنّ بيعه له يتوقّف على ملكيّته له ، المتوقّفة على بيعه ، فيدور.

أمّا لو شرط أن يبيعه على غيره ، فإنّه يصحّ عندنا حيث لا منافاة فيه للكتاب والسنّة.

لا يقال : ما ألزمتموه من الدور آتٍ هنا.

لأنّا نقول : الفرق ظاهر ؛ لجواز أن يكون جارياً على حدّ التوكيل أو‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : فيبطل.

(٢ و ٣) الوجيز ١ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٦ و ٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٦٨ و ٣٧٣ ، المغني ٤ : ٣١٤.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : وسواء. والصحيح ما أثبتناه.

٢٥٢

عقد الفضولي ، بخلاف ما لو شرط البيع على البائع.

ج - لو باعه شيئاً بشرط أن يبيعه آخَرَ(١) أو يُقرضه بعد شهر أو في الحال ، لزمه الوفاء بالشرط ، فإن أخلّ به ، لم يبطل البيع ، لكن يتخيّر [ البائع ](٢) بين فسخه للبيع وبين إلزامه بما شرطه ، فإن فسخ البيع ، فالنماء المتجدّد بين العقد والفسخ للمشتري ، أمّا المتّصل فللبائع ؛ لأنّه تابع للعين.

د - لو باعه شيئاً بشرط أن يُقرضه أو يبيعه أو يؤجره ، صحّ عندنا على ما قلناه ، خلافاً للشافعي ، فعلى قوله لو تبايعا البيع الثاني ، فإن كانا يعلمان بطلان الأوّل ، صحّ ، وإلّا فلا ؛ لإتيانهما به على حكم الشرط الفاسد(٣) .

وقال بعض أصحابه : يصحّ أيضاً(٤) .

وهذا التفريع لا يتأتّى على قولنا إلّا فيما لو كان البيع الأوّل فاسداً ، كما لو قال : بعتك هذا بما شئت بشرط أن تبيعني كذا بكذا ، فحينئذٍ نقول : إن كانا يعلمان بطلان الأوّل وتبايعا الثاني صحيحاً ، كان لازماً ؛ لأنّه كابتداء العقد ؛ إذ لا عبرة بالشرط الفاسد مع علم فساده. وإن لم يعلما بطلانه ، صحّ أيضاً إن اُثبت لهما الخيار إن قصدا معاً بالذات البيعَ الأوّل ، وإلّا اختصّ بالخيار مَنْ قصده بالذات دون مَنْ قصده بالعرض.

ه- لو باعه شيئاً بشرط أن يبيعه على زيد بكذا ، فباعه بأزيد ، فإن قصد إرفاقَ زيد أو غرضاً معتبراً عند العقلاء ، تخيّر بين الفسخ والإمضاء ؛

____________________

(١) أي : شيئاً آخر.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : المشتري. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٣.

٢٥٣

لمخالفة الشرط ، فإن فسخ ، رجع بالعين ، وليس لزيد خيار. وإن لم يقصد ، فلا خيار.

ولو باعه بأقلّ ، تخيّر ، إلّا مع تعلّق الغرض.

ولو أطلق الثمن ، باع بما شاء ولا خيار.

ولو باعه على عمرو ، تخيّر ، سواء باعه بثمن عيّنه أو بأزيد أو بأنقص أو بأقلّ من ثمن المثل أو أطلق.

ولو عيّن الثمن وأطلق المشتري فباع بأقلّ أو أزيد ، تخيّر مع تعلّق الغرض ، وإلّا فلا.

و - لو شرط أن يبيعه على زيد فامتنع زيد من شرائه ، احتُمل ثبوت الخيار‌ بين الفسخ والإمضاء. والعدم ، إذ تقديره : بِعْه على زيد إن اشتراه.

مسألة ١١٩ : من الشروط الفاسدة شرْطُ ما لا يدخل تحت قدرة البائع عليه‌ ، فلو اشترى الزرع بشرط أن يجعله سنبلاً ، أو البُسْر بشرط أن يجعله تمراً ، بطل ويبطل البيع على ما اخترناه ، خلافاً لبعض(١) علمائنا.

نعم ، يجوز اشتراط تبقيته في الأرض أو على رؤوس النخل إلى أوان ذلك.

وكذا يصحّ اشتراط ما يدخل تحت قدرة البائع من منافعه ، مثل أن يشتري ثوباً ويشترط خياطته عليه ، أو غزلاً ويشترط نساجته ، أو فضّةً ويشترط عليه صياغتها ، أو طعاماً ويشترط عليه طحنه(٢) أو خبزه ، أو قزّاً ويشترط سلّه(٣) ، وكذا كلّ منفعة مقصودة ، عملاً بالعمومات السالمة عن‌

____________________

(١) لم نتحقّقه.

(٢) في الطبعة الحجريّة : طبخه.

(٣) السَّلُّ : انتزاع الشي‌ء وإخراجه في رفق. لسان العرب ١١ : ٣٣٨ « سلل ».

٢٥٤

معارضة مخالفة فعل هذه الشروط للكتاب والسنّة.

وكذا لو اشترى زرعاً وشرط على بائعه أن يحصده ، أو اشترى ثوباً وشرط صبغه ، أو لبناً وشرط عليه طبخه ، أو نعلاً على أن ينعل به دابّته ، أو عبداً رضيعاً على أن يتمّ إرضاعه ، أو متاعاً على أن يحمله إلى بيته والبائع يعرف البيت ، فهذا كلّه سائغ لازم عندنا ؛ لما تقدّم.

وللشافعيّة أقوال :

أحدها : أنّه يفسد قطعاً ؛ لأنّه شراء للعين واستئجار للبائع على العمل ، فقد شرط العمل في العين كالزرع قبل أن يملكه ، فأشبه ما لو استأجره لخياطة ثوب لم يملكه. ولأنّ الحصاد - مثلاً - يجب على المشتري ، فإذا شرطه على البائع ، فقد شرط ما لا يقتضيه العقد. ولأنّه شرط تأخير التسليم ، لأنّ معنى ذلك أن يسلّمه إليه مقطوعاً.

والثاني : أنّ الاستئجار يبطل ، وفي البيع قولا تفريق الصفقة.

والثالث : أنّهما باطلان ، أمّا شرط العمل : فلما تقدّم. وأمّا البيع : فلأنّ الشرط إذا فسد فسد البيع(١) .

والجواب : لا نسلّم أنّه استئجار وإن أفاد فائدته ، بل هو شرط لزم البائع بعقد البيع ، ثمّ إنّه يبطل بشرط الرهن مع الثمن في المبيع.

والثاني باطل ؛ لأنّ هذا يصحّ إفراده بالعقد ، فخالف سائر الشروط.

وكذا الثالث إنّه ليس بتأخير ؛ لأنّه يمكن تسليمه خالياً عن العمل ويسلّم الزرع قائماً. ولأنّ الشرط من التسليم ، فلم يكن ذلك تأخيراً للتسليم.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٥ - ١٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٣ - ٣٧٤.

٢٥٥

فروع :

أ - يشترط في العمل المشروط في العقد على البائع أن يكون محلَّلاً ، فلو اشترى العنب على شرط أن يعصره البائع خمراً ، لم يصحّ الشرط والبيع على إشكال ينشأ من جواز إسقاط المشتري الشرطَ عن البائع والرضا به خالياً عنه ، وهو المانع من صحّة البيع ، ومن اقتران البيع بالمبطل.

وبالجملة ، فهل يثمر اقتران مثل هذا الشرط بطلانَ البيع من أصله بحيث لو رضي صاحبه بإسقاطه لا يرجع البيع صحيحاً ، أو إيقاف البيع إن لم يرض بدونه بطل ، وإلّا صحّ؟ نظر.

ب - لو اشترط شرطاً مجهولاً ، كما لو باعه بشرط أن يعمل فيه ما يأمره به بعد العقد ، أو يصبغ له ثوباً ويطلقهما أو أحدهما ، فالوجهان.

ج - لا فرق في الحكم بين اقتران البيع والعمل في الثمن وتعدّده‌ بأن يقول : بعتك هذا الثوب بعشرة و [ استأجرني ](١) على خياطته بدرهم ، أو يقول : بعتك هذا الثوب وآجرتك نفسي على خياطته بعشرة ، فيقول : قبلت.

وللشافعيّة الأقوال(٢) السابقة.

د - لو اشترى حطباً على ظهر بهيمة مطلقاً ، صحّ ، ويسلّمه إليه في موضعه.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : استأجرتك. والصحيح ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٣ و ٣٧٤.

٢٥٦

وللشافعيّة قولان ، هذا أحدهما. والثاني : لا يصحّ البيع حتى يشترط تسليمه إليه في موضعه ؛ لأنّ العادة قد تقتضي حمله إلى داره(١) .

والمعتمد : الأوّل ، فعلى هذا لو شرط حمله إلى داره ، صحّ عندنا وعندهم بمقتضى الثاني.

ه- لو شرط على البائع عملاً سائغاً ، تخيّر المشتري‌ بين الفسخ والمطالبة به أو بعوضه إن فات وقته وكان ممّا يتقوّم ، كما لو شرط تسليم الثوب مصبوغاً فأتاه به غير مصبوغ وتلف في يد المشتري. ولو لم يكن ممّا يتقوّم ، تخيّر بين الفسخ والإمضاء مجّاناً.

و - لو كان الشرط على المشتري ، مثل أن باعه داره بشرط أن يصبغ المشتري له ثوبه ، فتلف الثوب ، تخيّر البائع بين الفسخ والإمضاء بقيمة الفائت إن كان ممّا له قيمة ، وإلّا مجّاناً.

مسألة ١٢٠ : لو اشترى بشرط تأجيل الثمن عليه إلى مدّة معيّنة ، صحّ ، وهو بيع النسيئة ، عند علمائنا - وهو قول الشافعي(٢) أيضاً وإن منع من شرط غير الأجل(٣) - لورود النصّ فيه.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « مَنْ ساوم بثمنين أحدهما عاجلاً والآخر نظرةً فليسمّ أحدهما قبل الصفقة »(٤) .

إذا ثبت هذا ، فشرط الأجل المشروط في البيع أن يكون مضبوطاً محروساً من الزيادة والنقصان ، فلو شرط قدوم الحاجّ أو نزول المطر أو‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٤.

(٢) الوجيز ١ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٧ ، المجموع ٩ : ٣٣٩.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٦.

(٤) الكافي ٥ : ٢٠٦ ( باب الشرطين في البيع ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ٤٧ / ٢٠١.

٢٥٧

إقباض المبيع ، بطل العقد والشرط ؛ لاشتماله على الغرر وقد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه(١) .

ولو شرط تأجيل الثمن إلى ألف سنة مثلاً ، فالأقوى الجواز ، عملاً بالعموم الدالّ على تسويغ مثله. والقطعُ بالموت قبله باطل ؛ لمنعه أوّلاً ، ولمنع صلاحيّته للتأثير - كشكّ حياته - في المدّة القليلة ، فكما لا يمنع الشكّ كذا اليقين.

وقال بعض الشافعيّة : لو أجّل الثمن إلى ألف سنة ، بطل العقد ؛ للعلم بأنّه لا يبقى إلى هذه المدّة(٢) .

ولو سُلّم ، لم يقتض المنع ؛ لجواز انتقاله عنه إلى وارثه.

فروع :

أ - إذا أجّل الثمن إلى مدّة معلومة ، سقط الأجل بموت مَنْ عليه‌ على ما يأتي.

وهل يثبت للورثة الخيارُ؟ إشكال ينشأ من زيادة الثمن في مقابلة الأجل ولم يسلم لهم الارتفاق به ، ومن لزوم البيع وانعقاده وانتقال السلعة إلى المشتري ، فلا يبطل بالتعجيل المستند إلى حكم الشرع مطلقاً.

ب - لو آجر ثوباً ألف سنة ، لم يصحّ ، لا باعتبار زيادة الأجل ، بل للعلم بفساد العين وعدم الانتفاع به طول المدّة.

ج - لا فرق بين أن يشترط الأجل في الثمن المعيّن المشخّص‌ أو‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ / ١٥١٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٩ / ٢١٩٤ و ٢١٩٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٤ / ٣٣٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٢ / ١٢٣٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٦ ، مسند أحمد ٢ : ٣١٢ / ٦٢٧١ ، و ٣ : ٧١ / ٨٦٦٧ ، و ٢٨٤ / ١٠٠٦٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٧ ، المجموع ٩ : ٣٣٩.

٢٥٨

الثابت في الذمّة ، فلو شرط ثمناً معيّناً ، كهذه الدنانير ، وتأديتها في أجل معلوم ، صحّ. وكذا لو شرط تسليم المبيع المعيّن في مدّة معيّنة كأن يشتري منه هذا الثوب بعشرة بشرط أن يسلّم الثوب بعد شهر ، صحّ عند علمائنا أجمع ، خلافاً للشافعي فيهما ؛ فإنّه قال : يفسد لو كان الأجل في المبيع أو الثمن المعيّن ؛ لأنّ الأجل رفق اُثبت ليحصل الحقّ في الذمّة والمعيّن حاصل(١) . وليس بجيّد.

د - لو حلّ الأجل فأجّل البائع المشتري مدّة أو زاد في الأجل قبل حلول الأجل المضروب أوّلاً ، فهو وعد غير لازم ؛ لعدم وجود المقتضي له ، إذ الوعد غير موجب ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : يلزم(٣) . ويبطل على قوله ببدل الإتلاف ، فإنّه لا يتأجّل وإن أجّله(٤) .

وقال مالك : يتأجّل(٥) .

ه- لو أوصى مَنْ له دَيْنٌ حالٌّ على إنسان بإمهاله مدّة ، فعلى ورثته إمهاله تلك المدّة ؛ للزوم التبرّعات بعد الموت ، والوصيّة هنا لم تتناول العين ، فلا تخرج من الثلث على إشكال.

و - لو كان عليه دين مؤجّل فأسقط المديون الأجل ، لم يسقط ، وليس للمستحقّ مطالبته في الحال ؛ لأنّ الأجل صفة تابعة والصفة لا تفرد بالإسقاط ، ولهذا لو أسقط مستحقّ الحنطة الجيّدةَ أو الدنانير الصحاح الجودةَ أو الصحّةَ ، لم تسقط.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٧ ، المجموع ٩ : ٣٣٩.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٧ ، المجموع ٩ : ٣٣٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٧.

٢٥٩

وللشافعي وجهان(١) .

مسألة ١٢١ : يصحّ اشتراط الخيار على ما يأتي‌ ، وشرطُ وثيقةٍ بالرهن والكفيل والشهادة ، وبه قال الشافعي(٢) أيضاً ، فيصحّ البيع بشرط أن يرهن المشتري بالثمن أو يتكفّل به كفيل أو يشهد عليه ، سواء كان الثمن حالّاً أو مؤجّلاً.

وكذا يجوز أن يشترط المشتري على البائع كفيلاً بالعهدة ، عملاً بعموم قولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٣) السالم عن معارضة مخالفته للكتاب والسنّة ، بل هي موافقة لهما ؛ لقوله تعالى :( فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ) (٤) ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (٥) .

وهل يجوز أن يشترط المشتري على البائع رهناً على عهدة الثمن المقبوض لو خرج المبيع مستحقّاً؟ الأقرب ذلك.

ولا بُدّ من تعيين الرهن بالمشاهدة أو الوصف ، كما يوصف المـُسْلَم فيه - وبه قال الشافعي(٦) - دفعاً للغرر ، وحسماً لمادّة التنازع.

وقال مالك : لا يشترط التعيين ، بل ينزّل المطلق على ما يصلح أن يكون رهناً لمثل ذلك في العادة(٧) .

وقال أبو حنيفة : لو قال : رهنتك أحد هذين العبدين ، جاز ، كالبيع(٨) .

وقد تقدّم بطلانه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٧ ، المجموع ٩ : ٣٣٩ - ٣٤٠.

(٢) الوسيط ٣ : ٧٤ ، الوجيز ١ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٨.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٤) البقرة : ٢٨٣.

(٥) البقرة : ٢٨٢.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٥.

(٧ و ٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٠.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

(٤)

رواية الخوارزمي

فقد قال ما نصه: « حدثنا سيّد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب إليّ من همدان - حدثنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله ابن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرنا الشيخ أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمةرضي‌الله‌عنه - من مسند زيد بن عليرضي‌الله‌عنه ، - حدثنا الفضل بن الفضل ابن العباس، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن سهل، حدّثنا محمد بن عبد الله البلدي، حدثني إبراهيم بن عبيد الله بن العلا، حدثني أبي عن زيد بن عليرضي‌الله‌عنه عن أبيه عن جدّه عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال:

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتحت خيبر: لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت اليوم فيك مقالاً لا تمرّ على ملأٍ من المسلمين إلّا أخذوا من تراب نعليك وفضل طهورك يستشفون به.

ولكنْ حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك. وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. أنت تؤدّي ديني وتقتل على سنتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس مني، وأنك غداً على الحوض خليفتي وتذود عنه المنافقين، وأنت أول من يرد على الحوض، وأنت أول داخل الجنة من أمتي، وإن شيعتك على منابر من نور رواء مرويين مبيضّة وجوههم حولي، أشفع لهم فيكونون غداً في الجنة جيراني. وإن عدوّك ظماء مظمئون مسودّة وجوههم مقمحون، حربك حربي وسلمك سلمي، وسرك سري وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك كسريرة صدري، وأنت باب علمي.

وإن ولدك ولدي، ولحمك لحمي، ودمك دمي. وإن الحق معك، والحق

٣٨١

على لسانك، وفي قلبك، وبين عينيك، والإِيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي. وإن الله عزّ وجلّ أمرني أن أبشرّك أنك وعترتك في الجنة وأن عدوك في النار، لا يرد الحوض عليّ مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك.

قال علي: فخررت له سبحانه وتعالى ساجداً، وحمدته على ما أنعم به علي من الإسلام والقرآن، وحبّبني إلى خاتم النبيين وسيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

(٥)

رواية العطّار الهمداني

وأما رواية الحفاظ أبي العلاء العطّار فستعلمها من عبارة الكنجي، فإنه من أعلام سند روايته.

(٦)

رواية الصالحاني

وأما رواية أبي حامد الصالحاني فتعلم من عبارة ( توضيح الدلائل )، فقد نقل عنه الحديث.

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين. وعنه القندوزي في الينابيع: ٦٣.

٣٨٢

(٧)

رواية الكنجي

وأما رواية الكنجي الشافعي فقد قال ما نصه: « أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي، أخبرنا الحافظ أبو العلاء الهمداني، أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله الهمداني، حدثنا أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمة عن مسند زيد بن عليرضي‌الله‌عنه ، حدثنا الفضل بن الفضل بن العباس » إلى آخره(١) ، كما تقدم في الخوارزمي.

(٨)

رواية شهاب الدين أحمد

وأما رواية شهاب الدين أحمد فهي: « عن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وعنهم، قال قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتحت خيبر: لولا أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم

رواه الامام الحافظ الصالحاني وقال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي نصر بدانكفاد بقراءتي عليه قال: حدثنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا الامام الحافظ العالم الرباني أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني بسنده إلى زيد بن علي. فذكر سنده

____________________

(١). كفاية الطالب: ٢٦٤.

٣٨٣

ورواه أيضاً الإِمام أبو سعد في شرف النبوة بتغيير يسير في اللفظ وزيادة هي: ليس أحد من الأمة يتقدّمك، وأن أمير المؤمنين علياً كرم الله تعالى وجهه خرَّ ساجداً، ثم قال: الحمد لله الذي أنعم عليَّ بالاسلام، وهداني بالقرآن، وحبّبني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين، إحساناً منه وتفضّلاً.

أقول: هذا حديث جامع يدخل فيه أشتات أبواب المناقب، ويشتمل أسباب خصائص الفضائل وعلو المراتب، قد رواه أجلة الثقات من أهل السنة وعناه أدلة الثقاة، ولله الفضل والمنة، والمراد من إيراده في هذا الباب كما خطّه قلمي لفظة: وتقاتل على سنتي والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي »(١) .

(٩)

رواية القندوزي

وأما رواية القندوزي فهي: « الموفق بن أحمد قال: أخبرنا سيّد الحفاظ أبو منصور » إلى آخر ما تقدم في الخوارزمي(٢) .

____________________

(١). توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل - مخطوط.

(٢). ينابيع المودة: ٦٣.

٣٨٤

(١٣)

عيبة علمي وبابي الذي أوتى منه

ومن رواته:

١ - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني.

٢ - أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد الخوارزمي.

٣ - أبو القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي.

٤ - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي.

٥ - أبو المجامع صدر الدّين الحموئي.

٦ - حسام الدين أبو عبد الله حميد المحلي.

٧ - السيد شهاب الدين أحمد.

٨ - محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني.

٩ - سليمان بن إبراهيم البلخي القندوزي.

٣٨٥

(١)

رواية أبي نعيم

رواه أبو نعيم الاصفهاني بإسناده عن ابن عباس - حيث قال: « حدثنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي قال: حدثنا محمد بن جرير قال: حدّثنا عبد الله بن داهر الرازي قال: حدّثني أبي داهر بن يحيى الأحمري المقري قال: حدّثنا الأعمش عن عباية، عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

وقال: يا أم سلمة، إشهدي واسمعي: هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي بابي الذي أوتي منه، والوصي على الأموات من أهل بيتي، أخي في الدنيا وخديني في الآخرة، ومعي في السّنام الأعلى »(١) .

(٢)

رواية الخوارزمي

ورواه الموفّق بن أحمد المكي الخوارزمي في ( المناقب ) بقوله: « أنبأني مهذب الأئمة هذا قال: أنبأنا محمد بن علي الشاهد قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقري - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا حبيب بن الحسن قال: حدثنا

____________________

(١). منقبة المطهرين أهل بيت محمد سيد الاولين والآخرين - مخطوط.

٣٨٦

عبدالله بن أيوب القرني قال: حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: حدّثنا إسماعيل ابن عباد المدني، عن شريك، عن منصور، عن ابراهيم بن علقمة، عن عبد الله قال:

خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عند زينب بنت جحش، فأتى بيت أم سلمة - وكان يومها من رسول الله - فلم يلبث أن جاء عليرضي‌الله‌عنه فدقّ الباب دقّاً خفيفاً، فاستثبت رسول الله الدقّ وأنكرته أمّ سلمة، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قومي فافتحي له الباب. فقالت: يا رسول الله من هذا الذي بلغ من خطره ما أفتح له الباب فأتلقاه بمعاصمي وقد نزلت فيَّ آية من كتاب الله بالأمس؟ فقال - كالمغضب -: إنّ طاعة الرسول طاعة الله، ومن عصى الرسول فقد عصى الله. إنّ بالباب رجلاً ليس بالنزق ولا الخرق، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. ففتحت له الباب، فأخذ بعضادتي الباب، حتى إذا لم يسمع حسّاً ولا حركة، وصرت إلى خدري - استأذن فدخل.

فقال رسول الله: أتعرفينه؟ قلت: نعم، هذا علي بن أبي طالب. قال: صدقت. سجيّته من سجيّتي، ولحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة علمي.

إسمعي واشهدي: وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي. إسمعي واشهدي: لو أن عبداً عبد الله ألف عام من بعد ألف عام بين الركن والمقام، ثمّ لقى الله مبغضاً لعليرضي‌الله‌عنه لأكبّه الله يوم القيامة على منخريه في نار جهنم ».

وقال الخوارزمي: « أنبأني أبو العلاء هذا، أخبرنا الحسن بن أحمد المقري قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي » إلى آخر ما تقدم في أبي نعيم.

٣٨٧

(٣)

رواية الرّافعي

ورواه عبد الكريم الرافعي في ( التدوين في أخبار قزوين ) حيث قال: « كتب إلينا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي - وقرأت على يوسف بن عمر بسماعه منه - قال: ثنا أبو الفضل أحمد بن حسن خيرون، أنبأ أبو علي أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان، ثنا أبوبكر بن كامل، ثنا القاسم بن العباس، ثنا زكريا بن يحيى الحراز، ثنا إسماعيل بن عبّاد، ثنا شريك عن منصور عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد الله قال: خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت زينب » بنحو ما تقدم إلى آخره.

(٤)

رواية الكنجي

ورواه أبو عبد الله الكنجي بقوله: « أخبرنا المعمَّر أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري، أخبرنا الشيخان ابن النبطي والكاغذي، قال أبو الفتح أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون، وقال أبو المظفر أخبرنا أبوبكر أحمد بن علي الطريثيثي قالا: أخبرنا أبو علي ابن شاذان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، أخبرنا الحافظ أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي الفسوي في مشيخته، حدثنا أبو طاهر محمد بن قسيم الحضرمي، حدثنا حسن بن حسين العرني، حدثني يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير

٣٨٨

عن ابن عباس قال:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّ سلمة: هذا علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. يا أم سلمة: هذا علي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ووعاء علمي ووصيي وبابي الذي أوتى منه. أخي في الدنيا والآخرة، ومعي في المقام الأعلى، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين »(١) .

وقال الكنجي الشافعي: « الباب السادس والثمانون: في أن خلق عليرضي‌الله‌عنه مثل خلق النبي: أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن [ أبي ] الحسن الأرجي بدمشق، عن الحافظ أبي الفضل محمد بن ناصر بن علي السّلامي، أخبرنا محمد بن علي بن عبيد الله، ثنا عمي أحمد بن عبيد الله، حدثنا أبو الحسين بن الصواف، حدثنا عبد الله بن أبي سفيان، حدثنا محمد بن الكديمي، حدثنا زكريا ابن يحيى، حدثنا إسماعيل بن عبّاد عن شريك النخعي، عن سعيد بن زيد قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت زينب حتى دخل بيت أم سلمة - وكان يومها من رسول الله - فلم يلبث أن جاء علي بن أبي طالب فدقّ الباب » إلى آخر ما تقدم(٢) .

(٥)

رواية الحموئي

ورواه صدر الدّين الحموئي بسنده عن ابن درستويه عن الفسوي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، كما تقدم

____________________

(١). كفاية الطالب: ١٦٧.

(٢). المصدر: ١٩٨.

٣٨٩

في الكنجي(١) .

(٦)

رواية المحلي

ورواية حميد المحلي تعلم من كلام الأمير الصنعاني الآتي.

(٧)

رواية شهاب الدين أحمد

ورواه السيد شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل ) عن ابن عباس، كما تقدم.

(٨)

رواية الأمير الصنعاني

ورواه محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في ( الروضة الندية - شرح التحفة العلوية ) حيث قال: « ذكر الفقيه العلامة حميدرحمه‌الله في شرحه بعضاً من الروايات في الخوارج ولم يستوف كما سقناه، إلّا أنه ذكر ما لم نذكره فيما مضى، وذكر بسنده الى ابن عباس قال: كان ابن عباس جالساً بمكة يحدّث الناس على شفير زمزم، فلما انقضى حديثه نهض إليه رجل من القوم فقال: يا ابن عباس، إنّي رجل من أهل الشام. قال: أعوان كلّ ظالم إلّا من عصم الله منكم، سل عما

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ١٤٩.

٣٩٠

بدالك قال: يا ابن عباس إني جئت أسألك عن علي بن أبي طالب وقتله أهل لا إله إلّا الله لم يكفروا بقبلة ولا حج ولا صيام رمضان. فقال له: ثكلتك أُمّك سلْ عما يعنيك قال: يا عبد الله ما جئتك أضرب من حمص لحج ولا عمرة، ولكن أتيتك لتخرج لي أمر علي وفعاله. فقال ويحك إن علم العالم صعب لا يحتمل، ولا تقربه القلوب ( إلى أن نقل عن ابن عباس أنه قال في خطاب الشامي ) فاجلس حتى أخبرك الذي سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعاينته:

إن رسول الله تزوّج بنت جحش فأولم، وكانت وليمته الحيس، وكان يدعو عشرة عشرة من المؤمنين، فكانوا إذا أصابوا من طعام نبي الله استأنسوا إلى حديثه فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعة أيام ولياليها، ثم تحوّل إلى بيت أم سلمة بنت أمية - وكان ليلتها وصبحها ويومها من رسول الله - فلما تعالى النهار وانتهى علي إلى الباب، فدقه دقاً خفيفاً، فعرف رسول الله دقّه وأنكرته أم سلمة، فقال: يا أم سلمة قومي وافتحي الباب

فقال الشامي: فرّجت عني يا ابن عباس، أشهد أن علياً مولاي ومولى كل مسلم ».

(٩)

رواية القندوزي

ورواه القندوزي عن الخوارزمي بسنده عن ابن عباس. وعن الحمويني بسنده عن ابن مسعود ».

أقول: ويؤيد هذاالحديث:

١ - قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في كلام له « أنا عيبة العلم أنا أوبة الحلم » رواه صاحب ( توضيح الدلائل ) وقد تقدّم النص الكامل له في الكتاب.

٣٩١

٢ - قولهعليه‌السلام في خطبة له في وصف آل محمد: « هم موضع سره ولجأ أمره وعيبة علمه » رواها باختصار القندوزي في ( ينابيع المودة - ٥٢٠ ).

٣ - قول سيدنا علي بن الحسينعليه‌السلام : « نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم ونحن عيبة علمه » وسيأتي نصّه قريباً.

٣٩٢

(١٤)

وهو بابي الذي أوتى منه

ومن رواته:

١ - أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه.

٢ - أبو القاسم علي بن الحسن ابن عساكر.

٣ - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي.

(١)

رواية ابن مردويه

أما رواية أبي بكر ابن مردويه الاصبهاني فهذا نصها على ما نقل: « حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن داهر: قال حدثني أبي عن الأعمش عن عباية الأسدي عن ابن عباس قال: ستكون فتنة فمن أدركها - أو فإنْ أدركها أحد منكم - فعليه بخصلتين، كتاب الله وعلي بن أبي طالب، فإنّي سمعت رسول الله

٣٩٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول - وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب -: هذا أوّل من آمن بي وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة، وهو الصّديق الأكبر وهو بابي الذي أوتى منه ».

(٢)

رواية ابن عساكر

وأما رواية ابن عساكر، فقد ذكرها الكنجي، وإليك نص كلامه:

(٣)

رواية الكنجي

في الباب الرابع والأربعين من كتابه: « أخبرنا العلّامة مفتي الشام أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أخبرنا أبو القاسم ابن مسعدة، أخبرنا أبو عبد الرحمن بن عمرو الفارسي، أخبرنا أبو أحمد ابن عدي، حدثنا علي بن سعيد بن بشير، حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، حدثنا أبي عن الأعمش عن عباية عن ابن عباس قال: ستكون فتنة فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعلي بن أبي طالب هكذا أخرجه محدّث الشّام في فضائل علي في الجزء التاسع والأربعين بعد الثلاثمائة من كتابه بطرق شتى »(١) .

____________________

(١). كفاية الطالب ١٧٨ - ١٨٨.

٣٩٤

(١٥)

علي بن أبي طالب باب حطّة

ومن رواته:

١ - أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني.

٢ - أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي.

٣ - السيد علي بن شهاب الهمداني.

٤ - جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

٥ - عبد الوهاب بن محمد رفيع البخاري.

٦ - أحمد بن محمد - ابن حجر المكي.

٧ - علي بن حسام الدين المتقي.

٨ - شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني.

٩ - علي بن أحمد العزيزي الشافعي.

١٠ - ميزا محمد بن معتمد خان البدخشاني.

١١ - محمد صدر العالم.

١٢ - محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني.

٣٩٥

١٣ - أحمد بن عبد القادر العجيلي.

١٤ - سليمان بن إبراهيم القندوزي.

(١)

رواية الدّارقطني

أما رواية الدارقطني، فستعلمها من نقل السيوطي وابن حجر والمتقي وغيرهم.

(٢)

رواية الديلمي

وأمّا الديلمي، فقد رواه عن ابن عباس في كتاب ( فردوس الأخبار ) حيث قال: « ابن عباس: علي باب حطة من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً ».

(٣)

رواية الهمداني

وأمّا الهمداني، فقد رواه في ( روضة الفردوس ) وفي ( المودة في القربى ) كذلك عن ابن عباس باللفظ المتقدم.

٣٩٦

(٤)

رواية السيوطي

وأما السيوطي فرواه بقوله: « علي باب حطة من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كافراً. قط في الأفراد »(١) .

وهو الحديث التاسع والثلاثون من ( القول الجلي ).

(٥)

رواية ابن حجر

وأما ابن حجر المكي، فرواه عن الدارقطني في ( الصواعق ) حيث جعله الحديث الرابع والثلاثين من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) .

(٦)

رواية المتقي

وأما المتقي، فقد رواه بقوله: « علي بن أبي طالب باب حطة من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً. قط في الأفراد عن ابن عباس »(٣) .

____________________

(١). الجامع الصغير ٢ / ٦٦.

(٢). الصواعق المحرقة: ٧٥.

(٣). كنز العمال ١٢ / ٢٠٣.

٣٩٧

(٧)

رواية العيدروس

وأما العيدروس، فرواه عن الدارقطني عن ابن عباس كذلك(١) .

(٨)

رواية العزيزي

وأما العزيزي، فقال في شرحه: « علي باب حطة - أي طريق حط الخطايا، من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً. يحتمل أن المراد الحثّ على اتّباعه والزجر عن مخالفته. وقال المناوي: أي إنه تعالى كما جعل لبني اسرائيل دخولهم الباب متواضعين خاشعين سبباً للغفران، جعل الاهتداء بهدي علي سبباً للغفران. وهذا نهاية المدح. وقال العلقمي: أشار إلى قوله تعالى( وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ) أي قولوا حط عنا ذنوبنا، وارتفعت على معنى مسألتنا أو أمرنا. فعلىرضي‌الله‌عنه ومن اقتدى به واهتدى بهديه وتبعه في أحواله وأقواله كان مؤمناً كامل الإِيمان. قط الأفراد عن ابن عباس »(٢) .

____________________

(١). العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.

(٢). السراج المنير - شرح الجامع الصغير - ٢ / ٤١٧.

٣٩٨

(٩)

رواية الأمير الصنعاني

وأما الأمير الصنعاني فقد قال:

قل من المدح بما شئت فلم

تأت فيما قلته شيئاً فريّا

كلّ من رام يداني شأوه

في العلى فاعدده روماً أشعبيا

هذه فذلكة لما تقدم من فضائله، كأنه قال: إذا قد عرفت أنه أحرز كل كمال وبذ في كل فضيلة كملة الرجال، فقلت ما شئت في مدحه. كأن تمدحه بالعبادة فإنه بلغ رتبتها العليّة. وبالشجاعة فإنه أنسى من سبقه من أبطال البرية، وبالزهادة فإنّه إمامها الذي به يقتدى، وبالجود فإنه الذي إليه فيه المنتهى. وبالجملة، فلا فضيلة إلّا وهو حامل لوائها ومقدَّم أمرائها. فقل في صفاته ما انطلق به اللسان، فلن يعيبك في ذلك إنسان.

وفي هذا إشارة إلى عدم انحصار فضائله كما قد أشرنا إليه سابقاً، وكيف تحصر لنا وقد قال إمام المحدثين أحمد بن حنبل: إنه ما ثبت لأحد من الفضائل الصحيحة مثل ما ثبت للوصيعليه‌السلام . وقد علم أن كتب السنة قد شرقت وغربت وبلغت مبلغ الرياح، فلا يمكن حصرها. ولنشر إلى ما لم نورده سابقاً.

فمن ذلك: إنه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلة الرأس من البدن. كما أخرجه الخطيب من حديث البراء. و الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي مني بمنزلة رأسي من بدني. ومن ذلك: إنه باب حطّة كما أخرجه الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي باب حطة من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً ».

٣٩٩

(١٦)

علي بن أبي طالب باب الدين

ومن رواته:

١ - أبو شجاع شيرويه الديلمي

٢ - السيد علي الهمداني.

٣ - سليمان القندوزي البلخي.

روى القندوزي في ( ينابيع المودة ) عن كتاب ( السبعين ) للسيّد علي الهمداني: « الحديث الأربعون - عنه - أي عن ابن عباس - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي ابن أبي طالب باب الدين. من دخل فيه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً. رواه صاحب الفردوس »(١) .

ويؤيد هذاالحديث : قول أم الخير بنت حريش بن سراقة البارقي، في كلام لها في فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فإلى أين تريدون - يرحمكم الله - عن ابن عم رسول الله وصهره وأبي سبطيه؟ خلق من طينته وتفرّغ من نبعته وجعله

____________________

(١). ينابيع المودة ٢٣٦.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458