تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء4%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189446 / تحميل: 5800
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وإن كان البيع مؤجّلاً ، لم يصحّ الشرط إن كان معلوم النسبة ، وصحّ البيع ، وإلّا فلا.

ولا فرق في اشتراط ذلك في المبيع أو الثمن.

ب - لو عيّنا في البيع رجلاً يتولّى الكيل أو الوزن(١) ، احتمل اللزوم ؛ إخلاداً إلى ثقته ومعرفته ونصحه. والعدم ؛ لقيام غيره مقامه.

وللشافعي وجهان(٢) .

والأقوى عندي : اللزوم مع الحلول ، أمّا مع الأجل فيحتمل البطلان قويّاً ؛ لإمكان عدمه.

ج - لو باع داراً وشرط سكناها ، أو دابّةً واستثنى ظهرها ، فإن لم يعيّن مدّةً ، بطل العقد ، للجهالة ، وثبوت الغرر. وإن عيّن مدّةً ، صحّ عندنا ؛ عملاً بمقتضى الشرط السالم عن معارضة الكتاب والسنّة ، وبه قال أحمد(٣) . وللشافعي قولان(٤) .

د - لو باعه داراً بشرط أن يقفها عليه وعلى عقبه ونسله ، فالأولى الصحّة ، كما لو شرط وقفها على الغير. وكذا لو باعه داراً(٥) بشرط أن يقف عليه دكّانه أو على غيره.

____________________

(١) في « ك» : والوزن.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤.

(٣) المغني ٤ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٦٩ و ٣٧٨ ، وفي المغني ٤ : ٢٢٨ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٦ نُسب القول بعدم الصحّة إلى الشافعي.

(٥) في « ق ، ك» : داره.

٢٨١

وكذا يصحّ لو شرط إعماره إيّاها ؛ لأنّه شرط مرغب فيه يصحّ الابتداء به ، فصحّ جَعْله شرطاً في عقدٍ قابل للشروط. فعلى هذا لو أطلق الإعمار ، احتمل البطلان ؛ لأنّه كما ينصرف إلى عمر البائع ينصرف إلى عمر المشتري ولا أولويّة.

ولو شرط الإسكان ، صحّ وإن كان مطلقاً ، وله إخراجه متى شاء ؛ للوفاء بمطلق الشرط. وفرقٌ بين أن يشرط له سكناها من غير تعيين مدّة وبين أن يشرط الإسكان ؛ لأنّ الثاني شرطه التقرّبُ إلى الله تعالى ، بخلاف الأوّل.

ه- لو باعه بشرط أن لا يسلّم المبيع حتى يستوفي الثمن ، فالأقوى الصحّة ؛ لأنّه كشرطه الرهن.

وقال الشافعي : إن كان الثمن مؤجّلاً ، بطل العقد. وإن كان حالّاً ، يُبنى على أنّ البداءة في التسليم بمَنْ؟ فإن جُعل ذلك من قضايا العقد ، لم يضرّ ذِكْره ، وإلّا فسد العقد(١) .

و - لو قال لغيره : بِعْ عبدك من زيد بألف على أن عليَّ خمسمائة ، فباعه على هذا الشرط ، صحّ البيع عندنا ؛ لأنّه شرط سائغ لا يوجب جهالةً في المبيع ولا في الثمن ، فكان لازماً.

ولابن سريج من الشافعيّة قولان :

أظهرهما : أنّه لا يصحّ البيع ؛ لأنّ الثمن يجب جميعه على المشتري ، وهاهنا جعل بعضه على غيره.

والثاني : نعم ، ويجب على زيد ألف وعلى الآمر خمسمائة ، كما لو‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.

٢٨٢

قال : ألق متاعك [ في البحر ](١) على أن عليَّ كذا(٢) .

والوجه : أن نقول : إن قصد الآمر الضمان من الثمن ، كان ضماناً متبرّعاً به صحيحاً. وإن قصد الجعالة ، لزمه مع الفعل ، وعلى المشتري ألف كاملة.

وكذا لو قال : بِعْه منه بألف على أنّ الألف عليَّ ، صحّ ، وكان الثمن لازماً له بمجرّد الضمان المتبرّع به ، ولا يرجع على المشتري ، ولا يجب على المشتري للبائع شي‌ء.

ز - لو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ صاع بدرهم على أن أزيدك صاعاً ، وقصد هبة صاع أو بيعه من موضعٍ آخر ، بطل عندنا ؛ للجهل بالصبرة ، فلو علما بها(٣) ، صحّ البيع عندنا.

والشافعي لمـّا جوّز بيع الصبرة مَنَع البيع هنا على تقدير إرادة الهبة أو بيعه القفيز من موضعٍ آخر ؛ لأنّه شرط عقد(٤) في عقد. وإن أراد أنّها إن خرجت عشرة آصُع ، اُخذت تسعة دراهم ، فإن كانت الصيعان مجهولةً ، لم يصح عنده أيضاً ؛ لأنّه لا يدري حصّة كلّ صاع. وإن كانت معلومةً ، صحّ. وإن كانت عشرةً ، فقد باع كلّ صاع وتُسْعاً بدرهم(٥) .

ولو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ صاع بدرهم على أن أنقصك صاعاً ،

____________________

(١) ما بين المعقوفين من العزيز شرح الوجيز وروضة الطالبين.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٣٦ - ١٣٧ ، وفي روضة الطالبين ٣ : ٧٥ من دون نسبة إلى ابن سريج.

(٣) في « ق ، ك» : علماها.

(٤) في « ق ، ك» : عقداً.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٤.

٢٨٣

فإن أراد ردّ صاعٍ إليه ، فهو فاسد عند الشافعي ؛ لأنّه شرط عقداً في عقد. وإن أراد أنّها إن خرجت تسعة آصُع اُخذت عشرة دراهم ، فإن كانت الصيعان مجهولةً ، لم يصح عندنا وعنده. وإن كانت معلومةً ، صحّ عنده ، فإذا كانت تسعة آصُع ، فيكون كلّ صاع بدرهم وتُسْع(١) .

وبعض الشافعيّة مَنَع من الصحّة مع العلم أيضاً ؛ لأنّ العبارة لا تبنى على الحمل(٢) المذكور(٣) .

ح - لو قال : بعتك هذه الدار أو هذه الأرض بكذا ، صحّ البيع مع المشاهدة‌ وإن جُهل قدرهما. وكذا لو قال : بعتك نصفها أو ربعها أو غيرهما(٤) من الأجزاء المشاعة.

ولو قال : بعتك هذه الأرض كلّ ذراع بدرهم ، فإن علما قدر الذُّرْاعان ، صحّ البيع ، وإلّا بطل.

وقال أبو حنيفة : يبطل مطلقاً ولا في ذراعٍ واحد ، بخلاف الصبرة ، فإنّه(٥) يجوز فيها إطلاق القفيز ، والأرض لا يجوز فيها إطلاق الذراع(٦) .

وقال الشافعي : يصحّ مع المشاهدة(٧) .

ولو قال : بعتك من هذه الأرض عشرة أذرع ، لم يصحّ ؛ لاختلاف‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٥.

(٢) كذا في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة ، وفي العزيز شرح الوجيز : لأنّ العبارة لا تنبئ عن المجمل. وفي المجموع وروضة الطالبين : لقصور العبارة عن الحمل - المحمل -.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٥.

(٤) في « ق ، ك» : غيره.

(٥) في « ق ، ك» : « لأنّه » بدل « فإنّه ».

(٦) حلية العلماء ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨.

(٧) حلية العلماء ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣ - ٣٤.

٢٨٤

أجزائها ، والجملة غير معلومة ، فلا يمكن أن تكون معيّنةً ولا مشاعةً.

ط - لو باعه شيئاً وشرط فيه قدراً معيّناً ، فأقسامه أربعة ؛ لأنّه إمّا أن يكون مختلف الأجزاء أو متّفقها ، وعلى التقديرين فإمّا أن ينقص المقدار عن الشرط أو يزيد :

الأوّل : أن يبيع مختلف الأجزاء - كالأرض والثوب - وينقص ، كأن يبيع أرضاً معيّنة على أنّها عشرة أذرع أو ثوباً كذلك فنقص ذراعاً.

قال علماؤنا : يتخيّر المشتري بين الفسخ والإمضاء. وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين(١) .

أمّا الصحّة : فلصدور العقد من أهله في محلّه جامعاً للشروط فكان صحيحاً. وللعموم السالم عن معارضة ما يقتضي البطلان ، ونقص الجزء كنقص الصفة.

وأمّا الخيار : فللنقص ، وهو عيب.

والقول الآخر للشافعي : البطلان ؛ لأنّ قضيّة قوله : « بعتك هذه الأرض » اختصاص البيع بهذه الأرض وعدم تناوله لغيرها ، وقضيّة الشرط أن تدخل الزيادة(٢) في البيع ، فوقع التضادّ. لكنّ الأظهر عندهم : الأوّل(٣) ، كما اخترناه.

إذا تقرّر هذا ، فنقول : إذا اختار المشتري البيع ، فهل يُجيز بجميع الثمن أو بالقسط؟ لعلمائنا قولان.

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ - ٧٥.

(٢) أي : الذراع الواحد الناقص. وفي العزيز شرح الوجيز : أن لا تدخل الزيادة.

فلاحظ.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤.

٢٨٥

أحدهما : بجميع الثمن - وهو أظهر قولي الشافعي(١) - لأنّ المتناول بالإشارة تلك القطعة لا غير وإن كان الأظهر عنده(٢) في الصبرة الإجازةَ بالقسط ؛ لأنّ صبرة الطعام إذا كانت ناقصةً عن الشرط وأجزاؤها متساوية ، يكون ما فقده مثل ما وجده ، وفي الثوب أو القطعة من الأرض لم يكن ما فقده مثل ما وجده. ولأنّه في الصبرة لا يؤدّي تقسيط ذلك إلى جهالة الثمن في التفصيل وإن كان في الجملة مجهولاً ، وأمّا الثوب أو القطعة فإنّه إذا قسّم الثمن على قيمة ذُرْعانه وجعل الفائت مثل واحد منها ، أدّى إلى أن يكون الثمن حالة العقد مجهولاً في الجملة والتفصيل.

لا يقال : أليس إذا وجد عيباً وقد حدث عنده عيب ، أخذ أرشه ، فصار الثمن مجهولاً في الجملة والتفصيل؟

لأنّا نقول : ذلك لا يؤثّر في العقد ؛ لأنّه وقع في الابتداء على الجملة ، وصحّ بها ، ولهذا لا يسقط منه شي‌ء مع إمكان الردّ ، وهنا يكون واقعاً في الابتداء على ما ذكرنا.

لا يقال : لِمَ لا قسّمتموه على عدد الذُّرْعان؟

لأنّا نقول : ذُرْعان الثوب تختلف ، ولهذا لو باع ذراعاً منه ولم يعيّن موضعه ، لم يجز.

والثاني : أنّه يتخيّر بين الفسخ والإمضاء بحصّته من الثمن ، ولا يقسّط بالنسبة إلى الأجزاء ؛ لاختلافها ، بل بالنسبة من القيمة حال كمالها ونقصها.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٤ ، وحلية العلماء ٤ : ١٠٩.

٢٨٦

وللشيخ قول : إنّه إذا كان للبائع أرض بجنب تلك الأرض ، وجب عليه أن يوفيه منها(١) .

وليس بعيداً من الصواب ؛ لأنّه أقرب إلى المثل من الأرش.

إذا تقرّر هذا ، فنقول : لا يسقط خيار المشتري بأن يحطّ البائع من الثمن قدر النقصان.

الثاني : أن يبيعه مختلف الأجزاء - كالأرض والثوب - فيزيد على المشترَط ، مثل : أن يبيعه على أنّها عشرة أذرع فتخرج أحد عشر ، فالخيار هنا للبائع بين الفسخ والإمضاء للجميع بكلّ الثمن ، ولا يمكن أن يُجعل ذراع منه للبائع ؛ لأنّ ذلك مختلف. ولأنّه يؤدّي إلى الاشتراك ولم يرضيا بذلك.

ويحتمل ثبوت الزيادة للبائع ، فيتخيّر المشتري حينئذٍ ؛ للتعيّب بالشركة.

فإن دفع البائع الجميعَ ، سقط خياره. ويحتمل عدم سقوطه. والأوّل أقوى ؛ لأنّ زيادة العين هنا كزيادة الصفة ؛ إذ العقد تناول القطعة المعيّنة ، فزيادة الذراع زيادة وَصْفٍ ، فيجب على المشتري قبوله ، كما لو دفع إليه أجود.

وللشافعي قولان في صحّة البيع وبطلانه(٢) ؛ إذ لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة ولا المشتري على أخذ ما سمّاه.

فإن صحّحه ، فالمشهور عنده : أنّ للبائع الخيار. فإن أجاز ، فالجميع‌

____________________

(١) النهاية : ٤٢٠.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

٢٨٧

للمشتري ولا يطالبه للزيادة بشي‌ء(١) .

واختار بعض الشافعيّة أنّه لا خيار للبائع ، ويصحّ البيع في الكلّ بالثمن المسمّى ، وينزّل شرطه منزلة ما لو شرط كون المبيع معيباً فخرج سليماً ، لا خيار له(٢) .

فعلى المشهور لو قال المشتري : لا تفسخ فإنّي أقنع بالقدر المشروط والزيادة لك ، فهل يسقط خيار البائع؟ فيه قولان : السقوط ؛ لزوال الغبن عن البائع. وعدمه ؛ لأنّ ثبوت حقّ المشتري على الشياع يجرّ ضرراً(٣) .

ولو قال : لا تفسخ حتى أزيدك في الثمن لما زاد ، لم يكن له ذلك ، ولم يسقط به خيار البائع عندنا وعند الشافعي(٤) قولاً واحداً.

وكذا حكم الثوب والشياه لو باعها على أنّها عشرون رأساً فنقصت أو زادت.

الثالث : أن يكون متساوي الأجزاء وينقص ، فالخلاف هنا كما تقدّم في المختلف ، لكن بعض مَنْ خيّر المشتري بين الأخذ بالجميع أو الفسخ هناك جَعَل له الخيار هنا بين أخذ الحصّة من الثمن والفسخ ؛ لما مرّ من الفرق.

الرابع : أن يبيع متساوي الأجزاء ويزيد ، فالخلاف الخلاف في المختلف مع الزيادة ، لكن بعض مَنْ أبطل البيع أوّلاً أو قال بأنّه يأخذ الجميع بالمسمّى خيّر هنا المشتري بين الفسخ والأخذ للمشترَط بالمسمّى ، فيردّ الزيادة إلى البائع.

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ - ١٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

٢٨٨

ي - لو باع شيئاً بشرط نفي خيار المجلس وقَبِله المشتري ، جاز عندنا ، ولزم البيع والشرط ؛ لصحّته ، لتضمّنه إسقاط حقّ المشتري من الرجوع فيما وقع صحيحاً أو حقّ البائع.

وللشافعيّة طريقان ، أظهرهما : أنّ المسألة على قولين :

الصحّة ؛ لقولهعليه‌السلام : « المتبايعان بالخيار ما لم يتفرّقا إلّا بيع الخيار »(١) وأراد البيع الذي نفى عنه الخيار واستثناه من قوله : « بالخيار ».

وأصحّهما عندهم : البطلان(٢) .

فإن صحّ الشرط ، صحّ البيع ولزم. وإن أبطلنا الشرط ، ففي فساد البيع عندهم وجهان ، أصحّهما عندهم : نعم ، لأنّه شرط ينافي مقتضى العقد ، فأشبه ما إذا قال : بعتك بشرط أن لا اُسلّمه(٣) .

يأ - لو باع الغائب بشرط نفي خيار الرؤية ، فالأقوى عندي : الجواز ، كما لو أسقط خياره لو وجده ناقصاً عن شرطه.

وللشافعيّة فيه الخلاف الذي سبق في شرط نفي خيار المجلس.

وأكثرهم قطعوا هنا بفساد الشرط والبيع معاً ؛ لأنّ المشتري لم ير المبيع ولا عرف حاله ، فنفي الخيار فيه يؤكّد الغرر ، بخلاف نفي خيار المجلس ؛ لأنّه غير مُخلٍّ بمقصود العقد(٤) ، ولا يثبت فيه غرر ، وإنّما أثبته‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٨٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٦٣ / ١٥٣١ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٢ - ٢٧٣ / ٣٤٥٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٨.

(٢) الوسيط ٣ : ١٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣ - ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٨ - ١٧٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢١ - ١٢٢.

(٤) في العزيز شرح الوجيز هكذا : ونفي خيار المجلس لا يمكن غرراً بل هو مخلّ لمقصود العقد. فلاحظ.

٢٨٩

الشرع على سبيل الإرفاق بالمتعاقدين ، فجاز أن يكون نفيه غير قادح(١) .

يب - لو قال لعبده : إذا بعتك فأنت حُرٌّ ، لم يصح ؛ لبطلان العتق المعلّق عندنا. ويجوز عند الجمهور.

نعم ، يجوز عندنا تعليق نذر العتق كأن يقول : لله عليَّ أن اُعتقك إذا بعتك.

فعلى ما اختاره الجمهور في الصورة الاُولى لو باعه بشرط نفي الخيار ، قالت الشافعيّة : إن قلنا : البيع باطل ، أو قلنا : الشرط صحيح ، لم يعتق.

أمّا على التقدير الأوّل : فلأنّ اسم البيع يقع على الصحيح ولم يوجد.

وأمّا على الثاني : فلأنّ ملكه قد زال والعقد قد لزم ، ولا سبيل له إلى إعتاق ملك الغير.

وإن قلنا : العقد صحيح والشرط باطل ، عُتق ؛ لبقاء الخيار ، ونفوذ العتق من البائع في زمان الخيار(٢) .

وقال أبو حنيفة ومالك : لا يعتق إلّا أن يبيع بشرط الخيار ؛ لأنّ خيار المجلس غير ثابت عندهما(٣) .

وعلى الصورة التي تجوز عندنا - وهو النذر - لو باعه بشرط نفي الخيار ، لم يصح البيع ؛ لصحّة النذر ، فيجب الوفاء به ، ولا يتمّ برفع الخيار.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٩.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢.

٢٩٠

وعلى قول بعض علمائنا - من صحّة البيع مع بطلان الشروط - يلغو الشرط ، ويصحّ البيع ويعتق.

يج - يجوز أن يجمع بين شيئين مختلفين فما زاد في عقدٍ واحد ، كبيع وسَلَفٍ وإجازة أو بيعٍ ونكاحٍ وإجارة ، أو إجارة وبيع وكتابة ونكاح ، ويقسّط العوض على قيمة المبيع وإجارة المثل ومهر المثل من غير حصرٍ لمهر المثل على إشكال.

ولو كان أحد الأعواض مؤجّلاً ، قسّط المسمّى عليه كذلك ، فلو باعه عبداً يساوي عشرةً حالّاً وعشرين مؤجّلاً إلى سنة مثلاً ، وآجره داره مدّة سنة بعشرين وثمن المبيع مؤجّل سنة والعوض عشرون ، قسّط بينهما بالسويّة.

خاتمة تتعلّق بحكم البيع الفاسد :

البيع الفاسد لا يفيد ملكيّة المشتري للمعقود عليه ، سواء فسد من أصله أو باقتران شرطٍ فاسد أو بسببٍ آخر. ولو قبضه ، لم يملكه بالقبض.

ولو تصرّف فيه ، لم ينفذ تصرّفه فيه ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك والشافعي وأحمد(١) - لقوله تعالى :( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) (٢) .

وقول الصادقعليه‌السلام في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثمّ يجي‌ء مستحقّ الجارية ، فقال : « يأخذ الجاريةَ المستحقُّ ، ويدفع إليه المبتاع‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٣ ، الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٧.

(٢) البقرة : ١٨٨.

٢٩١

قيمة الولد ، ويرجع على مَنْ باعه بثمن الجارية وقيمة الولد ، التي(١) اُخذت منه »(٢) .

وقال أبو حنيفة : إن اشترى بما لا قيمة له - كالدم والميتة - فالحكم كما قلناه.

وإن اشتراه بشرطٍ فاسد أو بما لَه قيمة في الجملة - كالخمر والخنزير - ثمّ قبض المبيع بإذن البائع ، ملكه ، ونفذ تصرّفه فيه ، لكن للبائع أن يستردّه بجميع زوائده المتّصلة والمنفصلة.

ولو تلف في يده أو زال ملكه عنه ببيعٍ أو هبة أو إعتاق ، وبالجملة كلّ تصرّف يمنع من الرجوع ، فعليه قيمته إلّا أن يشتري عبداً بشرط العتق ، فإنّه قال : يفسد العقد ، وإذا تلف في يده ، فعليه الثمن.

ويكره للمشتري التصرّف فيها ، فإن وطئها ، ردّها ومهرها. فإن قال : بعتكها ولم يذكر العوض ، ملكها بالقبض. ولو قال : بعتكها بغير عوضٍ ، لم يملك بالقبض.

واستدلّ بحديث بريرة ؛ فإنّ عائشة اشترتها واشترطت لمواليها الولاء فقبضتها وأعتقتها ، فأجاز النبيّ ٦ العتق(٣) ، وهذا العقد(٤) فاسد.

ولأنّ المشتري على صفة يملك المبيع ابتداء العقد وقد حصل عليه ضمان بدله من عقدٍ فيه تسليطٌ ، فوجب أن يملكه ، كما لو كان العقد‌

____________________

(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة والاستبصار : « الذي » بدل « التي » وما أثبتناه من التهذيب.

(٢) التهذيب ٧ : ٨٢ / ٣٥٣ ، الاستبصار ٣ : ٨٤ / ٢٨٥.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٢٠٠ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤٢ - ١١٤٣ / ٨ ، سنن البيهقي ١٠ : ٣٣٦ - ٣٣٧ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤٥.

(٤) في « ق ، ك » : وهذا عقد.

٢٩٢

صحيحاً(١) .

وحديث بريرة ممنوع ، سلّمناه ، لكن يحتمل أنّ الشرط وقع قبل العقد أو بعد تمامه ، والبيع الصحيح لا يملك فيه بالقبض ، ويملك عليه فيه المسمّى ، بخلاف المتنازع ، ومع الفرق يبطل القياس.

ثمّ نعارضه بأنّه مبيع مستردّ بزوائده المتّصلة والمنفصلة ، فلا يثبت الملك فيه للمشتري ، كما لو اشترى بدم أو ميتة عنده.

مسألة ١٢٧ : إذا اشترى شراءً فاسداً ، وجب عليه ردّه على مالكه‌ ؛ لعدم خروجه عنه بالبيع ، وعليه مئونة الردّ ، كالمغصوب ؛ لوجوب ما لا يتمّ الواجب إلّا به.

وليس للمشتري حبسه لاسترداد الثمن ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الآخر : له ذلك ، وبه قال أبو حنيفة(٢) .

ولا يتقدّم به على الغرماء ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الآخر : يتقدّم ، وبه قال أبو حنيفة(٣) .

ويجب عليه أيضاً اُجرة المثل للمدّة التي كانت في يده ، سواء استوفى المنفعة أو تلفت تحت يده ؛ لأنّ يده ثبتت عليه بغير حقّ ، فهو كالمغصوب.

ولو زادت العين في يد المشتري زيادة منفصلة كالولد والثمرة ، أو متّصلة كالسمن وتعلّم الصنعة ، وجب عليه ردّ الزيادة أيضاً ؛ لأنّها نماء ملك البائع ، فيتبع الملك ، فإن تلفت الزيادة ، ضمنها المشتري ، وهو أحد وجهي‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، المجموع ٩ : ٣٧٧ ، المغني ٤ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٣ ، وليس فيها بعض الفروع المذكورة في المتن.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.

٢٩٣

الشافعيّة. وفي الآخر : لا يضمنها المشتري عند التلف(١) .

وإن نقصت ، وجب عليه ردّ أرش النقصان ؛ لأنّ الجملة مضمونة عليه حيث قبضها بغير حقّ. ولأنّه قبضها على سبيل المعاوضة ، فأشبهت المقبوض على وجه السوم.

وإن تلف جميعها ، وجب عليه قيمتها يوم التلف ، كالعارية. ويحتمل يوم القبض. ويحتمل أكثر القيم من حين القبض إلى حين التلف ، كالمغصوب ؛ فإنّه في كلّ آن مخاطب من جهة الشرع بالردّ.

هذا إذا(٢) لم يكن مثليّاً ، وإن كان مثليّاً ، وجب ردّ مثله ؛ لأنّه أقرب إلى العين من القيمة ، ولا يضمن تفاوت السعر ، كما لو كانت العين باقيةً ودفعها ، لم يضمن تفاوت السوق.

وللشافعي(٣) هذه الأقوال الثلاثة.

ولو أنفق على العبد أو الدابّة مدّة مقامه في يده ، لم يرجع على البائع إن كان عالماً بفساد البيع ؛ لأنّه يكون كالمتبرّع بالإنفاق على مال الغير. وإن كان جاهلاً ، رجع ؛ لأنّ الغارّ هو البائع.

وللشافعي(٤) في الجاهل وجهان هذا أحدهما.

مسألة ١٢٨ : لو كان المبيع بالبيع الفاسد جاريةً ، لم يجز للمشتري وطؤها‌ ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وإن ذهب أبو حنيفة إلى الملك(٥) بما‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٠.

(٢) في « ق ، ك » : « إن » بدل « إذا ».

(٣و٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٠.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٠ و ٣٧١.

٢٩٤

تقدّم من الشروط.

فإن وطئها عالماً بالتحريم ، وجب عليه الحدّ مطلقاً عندنا ؛ لأنّه وطئ ملك الغير بغير إذنه مع علمه بالتحريم وانتفاء الشبهة عنه ؛ إذ التقدير العلمُ بالتحريم ، فكان زانياً يجب عليه الحدّ.

وللشافعي أقوال :

أحدها : ثبوت الحدّ إن اشتراها بميتة أو دم ، وسقوطه إن اشتراها بما لَه قيمة ، كالخمر ، والخنزير أو بشرطٍ فاسد ؛ لاختلاف العلماء ، كالوطئ في النكاح بلا وليّ.

والثاني : وجوب الحدّ مطلقاً ؛ لأنّ أبا حنيفة لم يُبح الوطء وإن كان يثبت الملك ، بخلاف الوطئ في النكاح بلا وليّ.

والثالث : سقوط الحدّ مطلقاً ؛ لأنّه يعتقد أنّها ملكه. ولأنّ في الملك اختلافاً(١) .

وليس بمعتمد.

ويجب المهر ، سواء سقط الحدّ أو لا ، ولا يسقط بالإذن الذي يتضمّنه التمليك الفاسد.

وقال الشافعي : إذا لم يجب الحدّ يجب المهر(٢) ؛ لأنّ الحدّ إذا سقط للشبهة لم يسقط المهر.

وهل يشترط في وجوبه عدم علمها(٣) بالتحريم؟ الأقرب عندي :

____________________

(١) اُنظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٧٦ و ٧٧ ، والمجموع ٩ : ٣٧٠ و ٣٧١.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٧ - ٣١٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧١.

(٣) في « ق ، ك » بدل « عدم علمها » : « جهلها ».

٢٩٥

العدم ؛ لأنّها ملك الغير ، فلا عبرة بالعلم في طرفها ، بخلاف الحُرّة حيث سقط مهرها مع علمها بالتحريم ؛ لأنّ الجارية هنا مال ، فالتصرّف فيها بالوطي تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، فكان عليه عوضه.

ويحتمل السقوط ، لنهيهعليه‌السلام عن مهر البغيّ(١) .

ثمّ إذا وجب المهر ، لا يخلو إمّا أن تكون ثيّبا أو بكرا ، فإن كانت ثيّبا ، وجب مهر مثلها. وإن كانت بكرا ، وجب مع المهر أرش البكارة. أمّا مهر البكر : فللاستمتاع بها. وأمّا أرش البكارة : فلإتلاف ذلك الجزء.

لا يقال : كيف يجب المهر مع أنّ السيّد أذن في الوطء ، ومعلوم أنّ السيّد لو أذن في وطئ أمته ، لم يجب المهر ، فكيف يجب مع مهر البكر أرش البكارة!؟ مع أنّ الرجل إذا نكح نكاحا فاسدا حرّة وأزال بكارتها أنّه لا يضمن البكارة.

لأنّا نقول : أمّا الإذن فيمنع حصوله من السيّد ، وإنّما ملّكه الجارية ، والتمليك إذا كان صحيحا ، تضمّن إباحة الوطء. وإذا كان فاسدا ، لم يبحه ، فلم يسقط بذلك ضمانه.

والنكاح تضمّن في الحرّة الإذن في الوطء ، لأنّه معقود على الوطء ، والوطء يتضمّن إتلاف البكارة. وليس كذلك البيع ، فإنّه ليس بمعقود على الوطء ، ولهذا يجوز شراء من لا يحلّ وطؤها ولا يصحّ نكاحها. ولأنّها سلّمت نفسها في النكاح لا على وجه الضمان لبدنها ، وهنا البيع يقتضي ضمان البدن ، فافترقا.

لا يقال : إذا أوجبتم مهر البكر ، فكيف توجبون ضمان البكارة وقد‌

____________________

(١) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٧ / ٣٤٢٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٣٩ / ١١٣٣ ، و ٥٧٥ / ١٢٧٦ ، و ٤ : ٤٠٢ / ٢٠٧١ ، سنن النسائي ٧ : ١٨٩ و ٣٠٩ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٣.

٢٩٦

دخل ضمانها في المهر!؟

لأنّا نقول : إتلاف البكارة إتلاف جزء من البدن ، والمهر ضمان المنفعة ، فلا يدخل أحدهما في الآخر.

لا يقال : إذا ضمن البكارة ، ينبغي أن يجب مهر ثيّب ؛ لأنّه قد ضمن البكارة ، ويجري مجرى مَنْ أزال بكارتها بإصبعه ثمّ وطئها.

لأنّا نقول : إذا وطئها بكراً ، فقد استوفى منفعة هذا الجزء ، فوجب عليه قيمة ما استوفى من المنفعة ، فإذا أتلفه ، وجب ضمان عيبه.

ويحتمل أنّ عليه عُشْرَ قيمتها إن كانت بكراً ، ونصفَ العُشْر إن كانت ثيّباً ؛ لما روي عن الصادقعليه‌السلام في رجل تزوّج امرأةً حُرّة فوجدها أمّةً ، إلى أن قال : « وإن كان زوّجها وليُّ لها ، رجع على وليّها بما أخذته ، ولمواليها عليه إن كانت بكراً عُشْر قيمتها [ وإن كانت غير بكر فنصف عُشْر قيمتها ](١) بما استحلّ من فرجها »(٢) .

فروع :

أ - لو حملت هذه الجارية من المشتري ، لحق به الولد ؛ لأنّه وطئها بشبهة ، فيكون حُرّاً ؛ لأنّ الشبهة من جهة الملك ، ولا يمسّه الرقّ ، ولا يثبت عليه ولاء ، بل هو حُرّ الأصل. ويجب على الواطئ قيمته للبائع ؛ لأنّه نماء ملكه وقد حال بينه وبينه بالحُرّيّة ، فكان عليه قيمته.

ولقول الصادقعليه‌السلام في رجل اشترى جاريةً فأولدها فوجدت‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصادر.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٤ - ٤٠٥ / ١ ، التهذيب ٧ : ٣٤٩ / ١٤٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٢١٦ - ٢١٧ / ٧٨٧ بتفاوت في بعض الألفاظ.

٢٩٧

الجارية مسروقة ، قال : « يأخذ الجاريةَ صاحبُها ، ويأخذ الرجل ولده بقيمته »(١) .

ب - لو نقصت بالولادة ، وجب عليه مع قيمته الولد أرش نقصان الولادة ، ولا يجبر الولد النقصان ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : يجبر الولد النقصان(٣) .

وسيأتي بطلانه في باب الغصب إن شاء الله تعالى.

ج - تعتبر قيمة الولد يوم سقوطه حيّاً ؛ لأنّه وقت الحيلولة بينه وبين صاحبه. ولو سقط ميّتاً ، فلا شي‌ء ؛ لأنّه لا قيمة له حينئذٍ ، ولا يقوَّم قبل سقوطه ؛ لأنّه لا قيمة له حينئذٍ ، فإذا لم يكن له قيمة حين سقط ، لم يضمن وهو قبل ذلك لا قيمة له.

لا يقال : لو ضربه أجنبيُّ فسقط ميّتاً ، وجب عليه الضمان ، وكان للسيّد من ديته أقلّ الأمرين من دية الجنين ومن قيمته حين(٤) سقط.

لأنّا نقول : الواطئ يضمنه بالحيلولة بينه وبين سيّده ، ووقت الحيلولة حين السقوط وكان ميّتاً ، فلم يجب ضمانه. وضمان الضارب قائم مقام خروجه حيّاً ، فلهذا ضمنه للبائع ، وإنّما ضمن الأقلّ ؛ لأنّ دية الجنين إن كانت أقلّ ، لم يضمن أكثر من ذلك ؛ لأنّه بسبب ذلك ضمن. وإن كانت القيمة أقلّ ، كان الباقي لورثته ، ويطالب به المالك مَنْ شاء من الجاني والمشتري.

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢١٥ / ١٠ ، التهذيب ٧ : ٦٥ / ٢٨٠ ، الاستبصار ٣ : ٨٤ / ٢٨٦.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٢.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٣٠٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ٢٢.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « يوم » بدل « حين ».

٢٩٨

وقال أبو حنيفة : يعتبر قيمة الولد يوم المحاكمة(١) .

د - قيمة الولد تستقرّ هنا على المشتري ، أمّا لو اشترى جاريةً واستولدها فخرجت مستحقَّةً ، يغرم قيمة الولد ، ويرجع على البائع ؛ لأنّه غرّه إن كان جاهلاً بالحال. وإن علم عدم استحقاق البائع لها ، لم يرجع ؛ لعدم المقتضي للرجوع.

ه- لو سلّم الجارية المبيعة إلى البائع حاملاً فولدت في يد البائع ، ضمن المشتري ما نقص بالولادة. ولو ماتت من ذلك ، ضمن القيمة ؛ لثبوت السبب في يده ، فكان كوجود المسبَّب عنده. وكذا لو أحبل أمة غيره بشبهة فماتت في الطلق.

أمّا لو أكره امرأةً حُرّةً على الزنا فحملت ثمّ ماتت في الطلق ، احتمل الضمان أيضاً ؛ لأنّه سبّب في الإتلاف. وعدمه.

وللشافعي قولان(٢) .

فعلى الثاني الفرقُ : أنَّ الولد لم يلحق بالزاني فلم يثبت تكوّنه منه ، وهنا قد ثبت كونه منه.

ولأنّ ضمان المملوك أوسع من ضمان الحُرّ ؛ لأنّه يضمن باليد وبالجناية ، فجاز أن يضمن المملوكة بذلك دون الحُرّة.

و - هذه الأمة لو حبلت لم تكن(٣) في الحال اُمَّ ولد ؛ إذ هي ملك الغير في نفس الأمر.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٣٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩١ ، المجموع ٩ : ٣٧٢.

(٣) في « ق ، ك» : لم تك.

٢٩٩

فإن ملكها المشتري بعد ذلك في وقتٍ مّا من الدهر ، قال الشيخ : تصير اُمّ ولد(١) ، بناءً منه على أنّ مَنْ أولد من جارية غيره ولداً حُرّاً ثمّ ملكها فإنّها تصير اُمّ ولد ؛ لأنّها علقت منه بحُرَّ ، فأشبه مملوكته.

والمعتمد خلافه ؛ لرواية ابن مارد(٢) . ولأنّها حملت منه في ملك غيره ، فأشبهت الأمة المزوّجة.

وللشافعي قولان(٣) .

ولو علقت بمملوكٍ ، لم تصر اُمَّ ولد إلّا في مسألة واحدة ، وهي المكاتب إذا وطئ أمته ، فإذا ملكها بعد ذلك ، فالاحتمالان.

وللشافعي القولان(٤) أيضاً.

مسألة ١٢٩ : لو باع المشتري فاسداً(٥) ما اشتراه ، لم يصحّ‌ ؛ لأنّه لم يملكها(٦) بالشراء الأوّل ، ويجب على المشتري الثاني ردّها على البائع الأوّل ، فإن تلفت في يد المشتري الثاني ، كان للمالك أن يطالب بقيمتها مَنْ شاء منهما ؛ لأنّ الأوّل ضامن ، والثاني قبضها من يد ضامنة بغير إذن صاحبها ، فكان ضامناً. ولأنّه دخل فيها على وجه الضمان كالمشتري الأوّل.

ومتى تعتبر القيمة؟ لعلمائنا قولان :

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٠ ، و ٦ : ١٨٦.

(٢) التهذيب ٧ : ٤٨٢ - ٤٨٣ / ١٩٤٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧١.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٩ ، حلية العلماء ٦ : ٢٤٤ ، روضة الطالبين ٨ : ٥٥٣.

(٥) أي المشتري شراءً فاسداً.

(٦) تأنيث الضمير هنا وما بعدها باعتبار العين المبيعة.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458