تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189449 / تحميل: 5800
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ورأس رئيسها في الرمح يتلو

أمام الركب آيات الكتاب

فوا لهفاً لذاك الشيب أضحى

يعوض بالدماء عن الخضاب

ألا أين الرسول يرى يزيداً

ينادي الخمر يقرع خير ناب

تمثل نادباً أرجاس حرب

طروباً في مجاوبة الغراب

ألا يا ليت أشياخي ببدر

لذي الثارات قد شهدوا طلابي

فيارب من اللعنات ضاعف

عليه ما على أهل الدباب

ومن آذى الرسول وسن ظلماً

على القربى وعظم للعذاب

وأول ظالم فابدأ بلعن

وآخر تابع من كل باب

فمنكم سادتي وبكم إليكم

ثوابي واحتجابي وانتسابي

عددت ولاءكم ذخري لحشري

وحسبي فيه في يوم الحساب

إليكم من سليمان عروساً

برأي الشيب في سن الشباب

فيامن حبهم فخري وذخري

ولاؤهم ومدحهم اكتسابي

عليكم سلم الباري وصلى

بعد الرمل مع قطر السحاب(1)

__________________

1 - عن الرائق ج 2 ص 412.

٤١

السيد سليمان الكبير

السيد سليمان الكبير المزيدي توفي ليلة الأحد 24 جمادى الثانية 1211 أبو داود ويكنى بأبي عبدالله أيضاً - سليمان بن داود بن حيدر بن أحمد بن محمود بن شهاب وينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وكان جده الأعلى أحمد يعرف بالمزيدي لأنه يسكن قرية الميزيدة المنسوبة لآل مزيد - أمراء الحلة وتوفي ودفن فيها وقبره معروف يزار، وأما ولده حيدر بن أحمد - جد صاحب الترجمة - فكان مرجعاً لسكانها ومن جاورها من تلك الأطراف والنواحي ويلقب بـ ( الشرع ) وهو لقب تطلقه العامة على من يتصدى لاستماع المرافعات بين الخصوم ونشر الأحكام الدينية، وله في المزيدية مسجد وآثار لا تزال تنسب إليه، ولذريته فيها اقطاع وضياع تعرف باسم آل شهاب - الجد الخامس للمترجم - وكان السيد المترجم يعرف بالمزيدي إيضاً، ولاشتهاره بإتقان علم الطب وتأليفه فيه لقب بالحكيم أيضاً ونبغ من هذه الأسرة عدد ليس بالقليل في الفضل والأدب ومن مشاهيرهم ولده الحسين وحفيده السيد مهدي والسيد سليمان وولده السليمان حيدر الشهير وغيرهم.

وقد ألف نجل المترجم السيد داود كتاباً في سيرة والده قال فيه:

ولد السيد سليمان في النجف الأشرف عام 1141 ونشأ فيها وأخذ العلم عن علمائها حتى اشتهر بعلمي الأديان والأبدان ثم انتقل إلى الحلة سنة 1175.

قال الشيخ اليعقوبي في البابليات: وقد عثرت على قصائد في مدح آل

٤٢

البيت للسيد المترجم لم يثبت منها ولده في ترجمة أبيه بيتاً واحداً وهي مثبتة في كتاب ( الرائق ) بخط معاصره العالم الأديب السيد أحمد العطار المتوفى سنة 1215 هـ تحت عنوان: - مما قاله السيد سليمان ابن السيد داود أيده الله تعالى - الأولى في رثاء الحسين مطلعها:

سرت تطوي الوهاد إلى الروابي

ولا تهوى الهشيم ولا الجوابي

وهي 80 بيتاً.

والثانية في مدح أميرالمؤمنينعليه‌السلام وهي 72 بيتاً، ومطلعها:

حارت بكنه صفاتك الأفهام

وتعذر الإدرا والإلهام

والثالثة في مدحهعليه‌السلام وهي 56 بيتاً وإليك المختار منها:

ظهور المعالي في ظهور النجائب

ونيل الأماني بعد طي السباسب

فدع دار ضيم دب فيك اهتضامها

كما دب في الملسوع سم العقارب

ولا تأس بعد الخسف يوم فراقها

( على مثلها من أربع وملاعب )(1)

متى تملك السلوان بين ظبائها

إذا نظرت عيناك بيض الترائب

وليس أسود الغاب عند افتراسها

لشلوك يوماً مثل سود الذوائب

إذا ظعنت تلك الظعائن خلتها

بدورا تجلى فوق تلك الركائب

وتهزأ بالغصن الرتيب إذا انثنت

وإن سفرت أزرت بنور الكواكب

أحادي السرى رفقاً بمهجة واله

تناهبها في السير أيدي النجائب

فما لي إلا عظم شوقي مطية

ولازاد لي غير الدموع السواكب

وعج بي على أطلال دار عهدتها

معاهد جود يوم بخل السحائب

ديار بها كم شيد للمجد ركنه

بسمر القنا والماضيات القواضب

ربوع يحير الوافدين ربيعها

سحائب جود عند بذل الرغائب

مهابط وحي أقفرت وتنكرت

معالمها من فادحات المصائب

* * *

__________________

1 - مطلع قصيدة لأبي تمام.

٤٣

لقد أوجبت آي الكتاب ودادهم

وود سواهم لوزكا غير واجب

بهم من علي آية الله آية

فحازوا به في الفحر أعلى المراتب

هو الآية الكبرى إمام ذوي النهى

هو العروة الوثقى رقى أي غارب

فلو لم يكن خير الورى وإمامها

لما جاز أن يرقى خيار المناكب

ولو لم يكن مولى الورى مثل حيدر

( فما هو إلا حجة للنواصب )(1)

فإن قلت نفس المصطفى كنت صادقا

ولو قلت عين الله لست بكاذب

ولم ير في يوم الوغى غير ضاحك

ولم يقف يوم الروع آثار هارب

فيا خيرة الله العلي ومن له

مناسم مجد فوق أعلى الكواكب

ويا من كتاب الله جاء مؤكداً

مودته في حفظ ود الأقارب

وفي ( هل أتى ) ( النجم ) جاء مديحه

وفي ( العاديات ) الغر بين الكتائب

ويا خير يدعى لدفع ملمة

ويا خير من يدعى لدفع النوائب

أياجد من أرجو ومثلك موئلي

ولست لأهوال الزمان بهائب

تدارك أبا السبطين نجلك انه

يناجيك فيها يا سليل الأطائب

فخذها أبا الأطهار نفثة مغرم

قليل اصطبار عند وقع المصائب

فواعجباً هل كيف ترضى بأنني

أضام وأنتم عدتي لمآربي

شكوت وما حالي عليك بغامض

ولا أنافي الجلى سواك بنادب

وحاشاك أن تبقي عليك لمادح

حقوقاً وقد سدت علي مذاهبي

وله قصيدة في مدحهعليه‌السلام التزم فيها أن تكون جميع حروفها مهملة.

هو المسك أو رسم الإمام له عطر

هو السر سر الله ولعالم الصدر

إمام همام ساد حلماً على الورى

وصهر رسول الله مولى له الأمر

__________________

1 - عجر بيت للمتنبي.

٤٤

وقد طارح جماعة من شعراء عصره كالنحويين والشيخ أحمد بن حمد الله والشيخ درويش التميمي - والد الشاعر الشهير الشيخ صالح التميمي وابن الخلفة والفحام والسيد شريف بن فلاح الكاظمي صاحب القصيدة الكرارية.

فمن قصيدة لمحمد بن الخلفة يمدحه فيها:

يا سائلا عن سيد فاق الورى

بفواضل الحسنات والاحسان

هذا سليمان بن داود الذي

كم فيه للمجد الأثيل معاني

يرجى ويحذر في القراع وفي القرى

في يوم مسغبة ويوم طعان

آثاره:

قال ولده داود: - أتقن العلوم وبرع في الطب والأدب وصنف بكل علم وفن كتاباً. قلت: ولم يذكر اسم كتاب منها بيد أني عثرت على رسالة له صغيرة الحجيم كبيرة الفائدة سماها « خلاصة الإعراب » رتبها على مقدمة وفصول أربعة وخاتمة من أحسن ما كتب في العربية على أوجز طرز وأسهل أسلوب مدرسي، رأيتها بخطه الجميل ويظهر أنه كتبها لجماعة من تلاميذه وكنى نفسه في أولها بأبي عبدالله سليمان بن داود الحسيني ونسبها شيخنا في الجزء 7 من الذريعة إلى حفيده سليمان الصغير الذي شارك جده المترجم في الاسم دون الكنية ولعل بقية آثاره تلفت في حوادث الحلة الأخيرة:

وفاته:

توفاه الله إليه ليلة الأحد الـ 24 من جمادى الثانية سنة 1211 بالسكتة القلبية وحمل جثمانه إلى النجف في موكب مهيب مشى فيه مئات الرجال من أشراف الحلة وصلى عليه إمام الطائفة يومئذ السيد محمد مهدي بحر العلوم ودفن عند إيوان العلماء مقابل مسجد عمران وكان لنعيه صدى في الأوساط العلمية

٤٥

والأدبية ورثاه عامة الأدبا البلدين النجف والحلة فمنهم العلامة الشهير الشيخ محمد علي الأعسم بقصيدتين مطلع الأولى:

خطوب دهتني أضرمت نار أشجاني

وأغرت بإرسال المدامع أجفاني

ويقول في آخرها مؤرخاً عام وفاته:

وإذ عطلت منه المدارس أرخوا

تعطل درس العلم بعد سليمان

ومطلع الثانية:

لقد تضعضع ركن المجد وانهدما

واليوم ثلم من الاسلام قد ثلما

ومنهم الشيخ يونس بن الشيخ خضر - وهو ممن قرأ عليه - فقد رثاه بقصيدة مطلعها:

ألا ما لشمل المجد أضحى مبددا

فأورثنا حزناً طويلاً مدى المدى

ومنهم العالم الفاضل الشيخ حسن نصار بقصيدة مطلعها:

لم تبك عيني مدى الأيام مفقودا

إلا التقي سليمان بن داودا

ومنهم محمد بن اسماعيل بن الخلفة بقصيدة مطلعها:

بمن سرى الركب يفري مهمة البيد

وخداً ومخترق صم الجلاميد

ومنهم العالم الجليل الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني بقصيدة مطلعها:

الدهر لا يبرح خوانا

ياطالما فرق إخوانا

ومنهم الملا حسين جاوش ومطلع قصيدته:

ألا خلياني يا خليلي من نجد

وتذكار سعدي في حمى بانة السعد

٤٦

وابلغ من رثاه العالم الأديب الشيخ محمد رضا النحوي بقصيدة بليغة قال فيها:

ألما على دار النبوة وانشدا

بها من قضى لما قضى الدين والهدى

ألما معي نخلع رداء الحيا أسىً

على فقد من بالمكرمات قد ارتدى

( سليمان ) هذا العصر ( آصف ) عرشه

و ( لقمانه ) إن جار دهر أو اعتدى

صحبت له والعيش شهب سنونه

خلائق تحكي الروض باكرة الندى

فكان إذا صال الردى لي جنة

يرد الردى عني وعضباً مجرداً

وكان سميري في الدجى كلما زقا

صدى ونميري كلما كضني صدى

فلو كان يفدى بالنفس فديته

ولكن صرف الدهر لا يقبل الفدا

تباين دمعي في رثاه ومقولي

وإن كان كل عن جوى قد تصعدا

فهذا جرى مثل الجمان منظما

وذاك وهي مثل العتيق مبددا

فكنا لعمري ( مالكاً )(1) و ( متمما )

وأصبحت ( شماخا )(2) وكان ( مزردا )(3)

__________________

1 - مالك بن نويرة التميمي فارس شاعر صحابي. وفي أمثالهم:

فتى ولا كمالك. قتله خالد بن الوليد سنة 12 هـ ومتمم أخوه شاعر فحل وأشهر شعره رثاؤه لأخيه مالك.

2 - لقب معقل بن ضرار المازني الذبياني: شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والاسلام وهو من طبقة لبيد والنابغة، وكان أرجز الناس على البديهة، شهد القادسيه: وتوفي في ( موقان ) سنة 22 هـ.

3 - والمزرد: لقب أبيه ضرار.

٤٧

السيد مهدي بحر العلوم

المتوفى 1212

سعد الفائزون بالنصر يوماً

عز فيه النصير لابن البتول

أحسنوا صحبة الحسين وفازوا

أحسن الفوز بالحباء الجزيل

صبروا للنزال ضحوة يوم

ثم باتوا بمنزل مأهول

وأصيبوا بقرب ورد ظماء

فأصابوا الورود في سلسبيل

أبدلوا عن حرور يوم تقضى

جنة الخلد تحت ظل ظليل

سبقوا في المجال سبقاً بعيداً

وبقينا نجول في التأميل

ضيعوا عترة النبي وأمسوا

وهم بين قاتل وخذول

وقال:

الدين من بعدهم أقوت مرابعه

والشرع من بعدهم غارت شرايعه

__________________

عن الديوان المخطوط بخط السيد محمد صادق بحر العلوم - مكتبة الامام الحكيم العامة النجف رقم 388.

٤٨

قد اشتفى الكفر بالإسلام مذ رحلوا

والبغي بالحق لما راح صادعه

ودائع المصطفى أوصى بحفظهم

فضيعوها فلم تحفظ ودائعه

صنائع الله بدأ والأنام لهم

صنايع شد ما لاقت صنايعه

أزال أول أهل الغي أولهم

عن موضع فيه رب العرش واضعه

وزاد ما ضعضع الاسلام وانصدعت

منه دعائم دين الله تابعه

كمين جيش بدا يوم الطفوف ومن

يوم السقيفة قد لاحت طلايعه

يا رمية قد أصابت وهي مخطية

من بعد خمسين قد شطت مرابعه

وفجعة ما لها في الدهر ثانية

هانت لديها وإن جلت فجائعه

كل الرزايا وإن جلت وقائعها

تنسى سوى الطف لا تنسى وقائعه

وقال:

هذا مصاب الذي جبريل خادمه

ناغاه في المهد إذ نيطت تمائمه

هذا مصاب الشهيد المستضام ومن

فوق السموات قد قامت مآتمه

سبط النبي أبي الأطهار والده

الكرار مولى أقام الدين صارمه

صنو الزكي جنى قلب البتول له

أقسومة ليس فيها من يقاسمه

مطهر ليس يغشى الريب ساحته

وكيف يغشى من الرحمن عاصمه

لله طهر تولى الله عصمته

أراده رجس عظيمات جرائمه

لله مجد سما الأفلاك رفعته

ماد العلا عندما مادت دعائمه

ضيف ألم بأرض وردها شرع

قضى بها وهو ظامي القلب حائمه

لهفي على ماجد أربت أنامله

على السحاب غدا سقياه خاتمه

٤٩

وقال:

لله مرتضع لم يرتضع أبداً

من ثدي أنثى ومن طاها مراضعه

يعطيه إبهامه آنا وآونة

لسانه فاستوت منه طبايعه

سر به خصه باريه إذ جمعت

وأودعت فيه عن أمر ودايعه

غرس سقاه رسول الله من يده

وطاب من بعد طيب الأصل فارعه

ذوت بواسقه إذ أظمأوه فلم

يقطف من الثمر المطلول يانعه

عدت عليه يد الجانين فانقطعت

عن مجتنى نبعه الزاكي منافعه

قضى على ظمأ والماء قد منعت

بمشرعات القنا عنه مشارعه

هموا بإطفاء نور الله واجتهدوا

في وضع قدر من الرحمن رافعه

لم أنسه إذ ينادي بالطغاة وقد

تجمعوا حوله والكل سامعه

ترجون جدي شفيعاً وهو خصمكم

ويل لمن خصمه في الحشر شافعه

٥٠

السيد مهدي أو محمد مهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسيني البروجردي المعروف ببحر العلوم الطباطبائي من نسل ابراهيم طباطبا من ذرية الحسن المثنى ابن الامام الحسن الزكي ابن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ولد بكربلا ليلة الجمعة في شوال سنة 1155 وتوفي بالنجف سنة 1212 ودفن قريباً من قبر الشيخ الطوسي وقبره مزور مشهور.

رئيس الإمامية وشيخ مشايخهم في عصره والملقب ببحر العلوم عن جداره واستحقاق لم تسمح بمثله الأيام، له الكرامات والمكاشفات وشهرته بالزهد والتقوى والإخلاص والعبادة لا تحتاج إلى بيان وأساريره وأنواره غنية عن البرهان، ترجم له جملة من الباحثين وذكروا كثيراً من أخلاقه وصفاته وعددوا مصنفاته ومؤلفاته منها:

1 - كتاب المصابيح في العبادات والمعاملات ينقل عنه الفقهاء.

2 - الدرة النجفية، منظومة في بابي الطهارة والصلاة من الفقه يتجاوز عدد أبياتها الألفين، وقد أطبق العلماء والأدباء على أنها لا يوجد لها نظير، الشروع في نظمها سنة 1205 كما أرخها هو بقوله:

غراء قد وسمتها بالدرة

تاريخها عام الشروع ( غرة )

3 - تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام.

٥١

4 - الفوائد الرجالية المسمى بـ رجال السيد بحر العلوم طبع بمطابع النجف سنة 1385 هـ ويقع في أربعة أجزاء ويحتوي على كثير من الفوائد والتحقيقات الرجالية وعلى تراجم عدد كبير من رجال الحديث والرواية.

إلى غير ذلك من الرسائل والنوادر. أما آثاره ومآثره فمنها تعيين وتثبيت مشاعر الحج ومواقيت الإحرام على الوجهة الشرعية الصحيحة، وكانت قبل ذلك مقفلة مهملة فبقيقدس‌سره ما يقرب من ثلاث سنوات في مكة في هذا السبيل ولا يزال عمل الشيعة - اليوم - على نموذج تعيينه للمشاعر والمواقيت. أضف إلى ذلك آثاره في مسجد الكوفة ومسجد السهلة كما هي اليوم.

ولآية الله بحر العلوم مقبرة خاصة بجوار قبر الشيخ الطوسي بالنجف الأشرف. عليها قبة كبيرة كقباب الأئمة وهي من الكاشي الأزرق، رثاه ردم كبير من الشعراء المشهورين والفطاحل المرموقين كما مدحوهن في حياته، ونذكر من الذين رثوه الشيخ ابراهيم يحيى العاملي، والسيد أحمد العطار، والشيخ جعفر كاشف الغطاء والسيد جواد العاملي.

وقصيدة السيد بحر العلوم اللامية يرد على قصيدة مروان بن أبي حفص في ( تحفة العالم ) للسيد جعفر بحر العلوم ج 1 ص 247.

قال الشيخ الطهراني في الذريعة - قسم الديوان - ديوان السيد محمد مهدي نسخة خطية توجد عند أحفاده، وله الدرة المذكورة في ج 8 ص 109 وله القصيدة في حساب عقود الأنامل.

من شعره قوله في رثاء مسلم بن عقيل:

عين جودي لمسلم بن عقيل

لرسول الحسين سبط الرسول

٥٢

لشهيد بين الأعادي وحيد

وقتيل لنصر خير قتيل

جاد بالنفس للحسين فجودي

لجواد بنفسه مقتول

فقليل من مسلم طل دمع

لدم بعد مسلم مطلول

أخبر الطهر انه لقتيل

في وداد الحسين خير سليل

وعليه العيون تنهال دمعاً

هو للمؤمنين قصد السبيل

وبكاه النبي شجواً بفيض

من جوى صدره عليه هطول

قائلاً: إنني إلى الله أشكو

ما ترى عترتي عقيب رحيلي

فابك من قد بكاه أحمد شجوا

قبل ميلاده بعهد طويل

وبكاه الحسين والآل لما

جاءهم نعيه بدمع همول

كان يوماً على الحسين عظيماً

وعلى الآل أي يوم مهول

منذراً باذي يحل بيوم

بعده في الطفوف قبل الحلول

ويح ناعيه قد أتى حيث يرجى

أن يجيء البشير بالمأمول

أبدل الدهر بالبشير نعياً

هكذا الدهر آفة من خليل

فاحثوا الركاب للثأر لكن

ثأروه بكل ثأر قتيل

فيهم ولده وولد أبيه

كم لهم في الطفوف من مقتول

خصه المصطفى بحبين حب

من أبيه له وحب أصيل

قال فيه الحسين أي مقال

كشف الستر عن مقام جليل

ابن عمي أخي ومن أهل بيتي

ثقتي قد أتاكم ورسولي

فأتاهم وقد أتى أهل غدر

بايعوه وأسرعوا في النكول

تركوه لدى الهياج وحيداً

لعدو مطالب بذحول

٥٣

لست أنساه إذ تسارع قوم

نحوه من طغاة كل قبيل

وأحاطوا به فكان نذيراً

باقتحام الرجال وقع الخيول

صال كالليث ضارباً كل جمع

بشبا حد سيفه المسلول

وإذا اشتد جمعهم شد فيهم

بحسام بقرعهم مفلول

فرأى القوم منه كر علي

عمه في النزال عند النزول

٥٤

الشيخ ابراهيم يحيى الطيبي

المتوفي 1214

أيها العاشق ما هذا القلى

أنت في الشام وهم في كربلا

تدعي الحب وتختار النوى

ما كذا تفعل أصحاب الولا

قعد الجسم برغمي عنهم

والحشا يجتاب أجواز الفلا

حبذا الحي التهامي الذي

نزل اليوم على حكم البلا

ملأ الأحشاء حزناً إذ هوى

بدره المقتول ظلماً في الملا

أي غيث من بني فاطمة

فقدت منه الصوادي منهلا

أي ليث من بني فاطمة

صادفت منه العوالي مقتلاً

أي مولى من بني فاطمة

قتل الإسلام لما قتلا

أي بدر ملأ الدنيا سناً

وجلا كل ظلام وانجلى

أي عذر لعيون فقدت

منه نور النور أن لا تهملا

كيف لا تجري دموعي للذي

رزؤه أبكى النبي المرسلا

أين أنت اليوم يا حامي الحمى

ومزيل الخطب لما نزلا

رب ذي عيش مرير طعمه

عذب الموت لديه وحلا

إن حزني كلما بردته

بشآبيب الدموع اشتعلا

أبعد الله نوى القلب الذي

كلما طال به العهد سلا

٥٥

أترى أي أناس غيركم

ودهم أجر كتاب فصلاً

أترى أي أناس غيركم

برز الهادي بهم مبتهلا

أبقوم غيركم قد أنزلت

آية التطهير فيما أنزلا

أبقوم غيركم يا هل ترى

كمل الدين الذي قد كملا

ليت شعري أعلى المرتضى

أم سواه منكب الهادي علا

أترى من نصر الله به

حين فر الجمع طه المرسلا

أترى من كان صنو المصطفى

حيدر أم غيره فيما خلا

من عنى القائل جهراً لا فتى

غير مولانا علي ذي العلا

يا قتيل الغاضريات الذي

قتل الدين له إذ قتلا

وجد المحتاج بحراً طامياً

يقذف الدر فعاف الوشلا

وقال:

بنفسي أقمار تهاوت بكربلا

وليس لها إلا القلوب لحود

بنفسي سليل المصطفى وابن صنوه

يذود عن الاطفال وهو فريد

أذاب فؤادي رزؤهم ومصابهم

وعهدي به في النائبات جليد

فقل لابن سعد أتعس الله جده

أحظك من بعد الحسين يزيد

نسجت سرابيل الضلال بقتله

ومزقت ثوب الدين وهو جديد

* * *

وقال:

لله أي مصاب هد أركاني

وحادث عن جميل الصبر ينهاني

عز العزاء فلا صبر ولا جلد

فكيف تطمع من مثلي بسلوان

وما بكيت لأن الحي من يمن

سار الغداة بخلاني وخلاني

ولا تلهفت لما بان مرتحلا

من حاجر بغصون الرند والبان

٥٦

ولا نزعت إلى سلمى بذي سلم

ولا عشوت إلى نمى بنعمان

لكن تذكرت يوم الطف فانهملت

دموع عيني وشبت نار أحزاني

هو الحسين الذي لولاه ما وضحت

معالم الدين للقاصي وللداني

نفسي الفداء لمولى سار مرتحلا

من الحجاز إلى أكناف كوفان

طارت له من بني كوفان مسرعة

صحائف الغدر من مثنى ووحدان

فسار يطوي الفلا حتى أناخ بهم

بفتية كنجوم الليل غران

وقام فيهم خطيباً منذراً لهم

وهو الملي بإيضاح وتبيان

حفت به خير أنصار له بذلت

منها الفداء بأرواح وأبدان

حتى قضوا بالمواضي دونه عطشا

وكل حي وان طال المدى فإني

طوبى لهم فلقد نالوا بصبرهم

خيراً وراحوا إلى روح وريحان

وما نسيبت فلا أنساه منفرداً

بين العدى دون أنصار وأعوان

يسطو على جمعهم بالسيف منصلتا

كالليث شد على سرب من الضان

ضرب يذكرنا ضرب الوصي وعن

منابت الأصل ينبي نبت أغصان

مصيبة أبلت الدنيا وساكنها

وهي الجديدة ما كر الجديدان

وكيف ينسى امرؤ رزءاً به فجعت

كريمة المصطفى من آل عدنان

انفقت فيك لجين الدمع فانبجست

عيني عليك بياقوت ومرجان

أمسي وأصبح والأحزان تنضحني

من عبرتي بدموع ذات ألوان

حتى أرى منكم البدر المطل على

أهل البسيطة من قاص ومن داني

منى من المنعم المنان أرقبها

والمن مرتقب من عند منان

وكم له من يد عندي نصرت بها

على الزمان وقد نادى بحرماني

أحببتكم حب سلمان ولي أمل

أن تجعلوني لديكم مثل سلمان

صلى الإله على أرواحكم وحدا

إليكم كل احسان ورضوان

٥٧

الشيخ ابراهيم بن الشيخ يحي بن الشيخ محمد بن العاملي الطيبي.

قال السيد الأمين في الأعيان: ولد سنة 1154 بقرية الطيبة من جبل عامل - لبنان - وتوفي سنة (1214) بدمشق عن 60 عاماً ودفن بمقبرة باب الصغير شرقي المشهد المنسوب إلى السيدة سكينة وكان له قبر مبني وعليه لوح فيه تاريخ وفاته رأيته وقرأته فهدم في زماننا.

كان عالما فاضلاً أديباً شاعراً مطبوعاً، نظم فأكثر حتى اشتهر بالشعر(1) .

وكانت له اليد الطولى في التخميس فقد ولع به فخمس جملة من القصائد المشهورة كالبردة، ورائية أبي فراس الحمداني في الفخر وميميته في مدح أهل البيت ولا ميته المرفوعة التي قالهافي الأسر، وعينية ابن زريق البغدادي، وكافية السيد الرضى المكسورة وزاد عليها مخمساً وجعلها في مدح النبي، ورائية ابن منيرالمعروفة بالتترية، بل قيل انه اكثر المشهور من غرر الشريف الرضي، وإنه خمس ديوان الأمير أبي فراس برمته.

سافر إلى العراق فأقام به مدة، قرأ في أثنائها على السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي والشيخ جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء، ثم سافر لزيارة الرضاعليه‌السلام ثم عاد إلى دمشق وتوطنها إلى أن مات.

له أرجوزة في التوحيد وجدتها بخطه وجمعت شعره في ديوان كبير يقارب سبعة آلاف وخمسمائة بيت بعد تفتيش وتنقيب كثير ورتبته على حروف المعجم انتهى. أقول: ونشر كثيراً منه في الأعيان من مدائحه في الرسول الأعظم والامام

__________________

1 - وورث ذلك منه أولاده واحفاده، فكلهم شعراء وأدباء كولديه للشيخ نصر الله والشيخ صادق وحفيديه الشيخ ابراهيم بن نصر الله والشيخ ابراهيم بن صادق وولده وغيرهم.

٥٨

أمير المؤمنين والأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام . وترجم له صاحب ( الحصون ) ج 9 ص 181 والشيخ السماوي في ( الطليعة ) والأستاذ علي الخاقاني في ( شعراء الغرى ) ج 1 ص 1.

وقال أيضاً:

أرابها نفثة من صدر مصدور

وهجرة للجفا من غير مهجور

أوفت علي وقالت وهي مجهشة

ما بال صفوك ممزوجاً بتكدير

لا تضجرن لآمال أوابدها

ندت فما زلن في قيد المقادير

فقلت هيهات مثلي غير منتجع

برق المنى وهو مزرور على الزور

خطب أحم لو التاث النهار به

لم ينفجر فجره إلا بديجور

حوادث ينزوي قلب الحزين بها

إلى وطيس بنار الوجد مسجور

قتلاً واسراً وتشريداً كأنهم

عشيرة المصطفى في يوم عاشور

غداة جب سنام المجد من مضر

وهاشم بالعوالي والمباتير

هو الحسين الذي لولاه ما نظرت

عين إلى علم للمجد منشور

غضنفر سن للحامين حوزتهم

بذل النفوس وإلغاء المحاذير

سيم الهوان فطاب الموت في فمه

وتلك شنشنة الأسد المغاوير

وحوله من بني الزهراء كل فتى

يغشى الوغى بجنان غير مذعور

بيض الوجوه إذا ما أسفروا خلعوا

على الظلام جلابيباً من النور

وبينهم خير أصحاب لهم حسب

زاك وممدود فضل غير مقصور

وقد أظلهم جيش يسير به

باغ يرى العدل ذنباً غير مغفور

يمضون أمر ابن هند في ابن فاطمة

تبت يدا آمر منهم ومأمور

فصادفوا منه في غاب القنا أسدا

يسري ومن حوله الأشبال كالسور

من كل معتصم بالحق ملتزم

بالصدق متسم بخير مذكور

ما أنس لا أنس مسراهم غداة غدوا

إلى الكريهة في جد وتشمير

٥٩

ثاروا وقد ثوب الداعي كما حملت

أسد العرين على سرب اليعافير

فلا تعاين منهم غير مندفع

كالسيل يخبط مثبوراً بمثبور

كل يرى العز كل العز مصرعه

بالسيف كي لا يعاني ذل مأسور

وحين جاء الردى يبغي القرى سقطوا

على الثرى بين مذبوح ومنحور

طوبى لهم فلقد نالوا بصبرهم

أجراً وأي صبور غير مأجور

كريهة شكر الباري مساعيهم

فيها ويا رب سعي غير مشكور

مبرئين من الآثام طهرهم

دم الشهادة منها أي تطهير

ولو شهدت غداة الطف مشهدهم

بذلت نفسي وهذا جل مقدوري

ولست أدري أسوء الحظ أقعدني

عن ذلك اليوم أم عجزي وتقصيري

وينثني عن حياض الموت نحو خباً

على بنات رسول الله مزرور

ولم يزل باذلا في الله مهجته

يجر نحو المنايا ذيل محبور

حتى تجلى عليه الحق من كثب

فخر كالنجم يحكي صاحب الطور

قضى فللدين شمل غير مجتمع

وللمكارم ربع غير معمور

فأبعد الله عيناً غير باكية

لرزئه وفؤاداً غير مفطور

يا للرجال لجرح غير مندمل

عمر الزمان وكسر غير مجبور

فهل تطيب حياة وابن فاطمة

فوق التراب طريحاً غير مقبور

وفي الشآم يزيد في بلهنية

مرفه بين مزمار وطنبور

وما نسيت فلا أنساه منجدلا

ترضه القوم بالجرد المحاضير

والفاطميات فوضى يرتمين على

أشلائه بعد تضميخ وتعفير

يلهجن بالمرتضى يا خير من رقصت

به النجائب تحت السرج والكور

عطفاً على حرم التقوى فقد فجعت

بصارم من سيوف الله مشهور

جدعت أنف قريش بالحسام ومذ

مضيب دبت الينا بالفواقير

يا للكريم الذي أمست كرائمه

مسبية بعد احصان وتخدير

فخيم الضيم فينا حين فارقنا

وأدرك الوتر منا كل موتور

يا ليت عين رسول الله ناظرة

ايتامه بين مقهور ومنهور

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

مسألة ١٨٠ : إذا ضمّ ما يملكه من الثمرة إلى غيره مملوكةً لغيره وباعهما في عقدٍ واحد‌ ، فإن كان المشتري عالماً ، لزم البيع في نصيب البائع بحصّته من الثمن ، وكان نصيب غيره موقوفاً إن أجاز ، لزم البيع ، وإن لم يُجِزْ ، بطل في نصيبه خاصّة ، ولا خيار للمشتري هنا. وإن كان جاهلاً ، تخيّر مطلقاً ، سواء أجاز المالك أو لا ؛ لتفاوت الأغراض في الغرماء.

ويحتمل عدم الخيار فيما لو أجاز المالك ، وثبوتُه لو لم يُجِزْ ؛ لتبعّض الصفقة عليه.

ولو باع الثمرة بأجمعها وفيها الزكاة ، فإن كان المشتري عالماً وشرط البائع عليه نصيب الفقراء ، صحّ البيع. وكذا لو لم يشترط وضمن البائع حصّة الفقراء. ولو لم يضمن البائع ولا شرط الزكاة ، بطل البيع في نصيب الفقراء ، ولزمه في نصيب المالك.

وإن كان جاهلاً ، تخيّر بين أخذ حصّة المالك بحصّته من الثمن أو يردّ.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّه يتخيّر المشتري بين أخذ حصّة المالك بحصّته من الثمن وبين الردّ.

والثاني : أنّه يتخيّر المشتري بين أخذ حصّة المالك بجميع الثمن أو يردّ(١) .

مسألة ١٨١ : إذا باع الثمرة واحتاجت إلى السقي ليزيد نماؤها‌ ، وجب على البائع تمكينه من ذلك ؛ لنهيهعليه‌السلام عن الضرر(٢) . فإن كان سقيها يضرّ‌

____________________

(١) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٣ : ٤٤ و ٤٥ ، و ٤ : ١٤٦ ، والحاوي الكبير ٥ : ٢٠٥.

(٢) الكافي ٥ : ٢٨٠ / ٤ ، و ٢٩٢ - ٢٩٣ / ٢ ، و ٢٩٤ / ٨ ، الفقيه ٣ : ٤٥ / ١٥٤ ، و ١٤٧ ، ٦٤٨ ، =

٣٨١

النخل ، قدّم مصلحة المشتري.

ولا يجب على البائع صاحب الاُصول في كلّ حال سقي ثمرة المشتري ؛ لأصالة براءة ذمّته ، بل التمكين منه.

وقال الشافعي : يجب على البائع سقي الثمرة قبل التخلية وبعدها قدراً تنمو به الثمار وتسلم عن التلف والفساد ؛ لأنّ التسليم واجب عليه ، والسقي من تتمّة التسليم ، كالكيل في المكيلات والوزن في الموزونات ، فيكون على البائع(١) .

ونحن نمنع كون السقي من تتمّة التسليم ؛ لأنّ التسليم هو التخلية وقد حصل ، فلا يجب عليه إنماء المبيع كغذاء الحيوان.

فروع :

أ - قد بيّنّا أنّ السقي ليس واجباً على البائع بل التمكين(٢) ، فإن مَنَعه منه حتى تلفت أو عابت ، ضمن الأرش ؛ لأنّه سبّب في الإتلاف ، والأرش في العيب هو قدر قيمة التفاوت بين كونها حالة الأخذ وكونها بالغةً حدّ الكمال إلى وقت أخذها بمجرى العادة. مثلاً : إذا باعها وهي بُسْر واحتاجت إلى سقي حتى تصير رطباً فمنعه البائع منه فلم تبلغ كماليّة الترطيب ، كان‌

____________________

= التهذيب ٧ : ١٤٦ - ١٤٧ / ٦٥١ ، و ١٦٤ / ٧٢٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ / ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، سنن الدار قطني ٣ : ٧٧ / ٢٨٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٩ و ٧٠ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٧ - ٥٨ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٢ : ٨٦ / ١٣٨٧ ، مسند أحمد ١ : ٥١٥ / ٢٨٦٢ ، و ٦ : ٤٤٦ - ٤٤٧ / ٢٢٢٧٢.

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٧٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٩.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : التمكّن. والصحيح ما أثبتناه.

٣٨٢

عليه أرش التفاوت بين كونها رطباً كاملاً وناقصاً. وفي التلف يجب عليه قيمة البُسْر.

ب - لو احتاج المشتري في السقي إلى آلة ، لم يجب على البائع إقامتها. ولو كان للبائع آلة ، كدولاب ودالية ، لم يجب عليه تمكين المشتري من السقي بها. ويجي‌ء على قول الشافعي الوجوبُ.

ج - قال الشافعي : السقي يجب على البائع ، فلو شرط على المشتري ، بطل العقد ، لأنّه خلاف مقتضاه(١) . وهو ممنوع.

مسألة ١٨٢ : لو باع الاُصول والثمرة للبائع ثمّ أراد سقيها بالماء وكان ذلك لا يضرّ النخل‌ ، وجب على المشتري تمكينه منه ؛ لأنّه ممّا ينفع ثمرته ويُبقيها ، وكان عليه تمكينه منه كتركها على الاُصول ، وبه قال الشافعي(٢) .

ثمّ اعترض أصحابه على أنفسهم بأنّ البائع لو باع الثمرة بعد بدوّ صلاحها وعطشت ، وجب على البائع سقيها عندهم ؛ لأنّه صاحب الاُصول ، فألّا قلتم هنا : يجب السقي على المشتري ؛ لأنّه صاحب الاُصول؟

والجواب : أنّهم لم يقولوا : إنّه يجب عليه السقي ؛ لأنّه صاحب الاُصول ، بل وجب عليه السقي ؛ لأنّه يجب عليه تسليم الثمرة كاملةً ، وذلك إنّما يكون بالسقي ، وهنا لم يلزمه تسليم الثمرة ولم يملكها من جهته(٣) .

وإن كان السقي ينفعهما معاً ، لم يكن لأحدهما منع الآخر منه. وإن كان يضرّهما معاً ، لم يكن لأحدهما السقي إلّا برضا الآخر.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٥ - ٣٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٩.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٨.

(٣) لم نعثر عليه في مظانّه.

٣٨٣

وأمّا إن كان السقي يضرّ بالاُصول ، فإن استغنت الثمرة عنه ، مُنع صاحب الثمرة منه.

وإن استضرّت الثمرة بتركه ، أو كان المشتري يريد سقي الاُصول ؛ لحاجتها إليه وكان ذلك يضرّ بالثمرة ، قال بعض الشافعيّة : إن رضي أحدهما بإدخال الضرر عليه ، أقرّ العقد بينهما. وإن لم يرض واحد منهما ، فسخ العقد ؛ لتعذّر إمضائه إلّا بضرر أحدهما(١) .

وقال بعضهم : أيّهما احتاج إلى السقي ، اُجبر الآخر عليه وإن أضرّ به ؛ لأنّه دخل معه في العقد على ذلك ؛ لأنّ مشتري الاُصول اقتضى عقده تبقية الثمرة ، والسقي من تبقيتها ، والبائع اقتضى العقد في حقّه تمكين المشتري من حفظها وتسلّمها ، ويلزم كلّ واحد منهما ما أوجبه العقد للآخر وإن أضرّ به(٢) .

إذا تقرّر هذا ، فإنّما له أن يسقي القدر الذي له فيه صلاحه ، فإن اختلفا في ذلك ، رجع إلى أهل الخبرة ، فما احتاج إليه اُجبر عليه ، وأيّهما طلب السقي ، فالمؤونة عليه ؛ لأنّه لحاجته.

تذنيب : لو كانت الثمرة مؤبَّرةً ، فهي للبائع. فإن عطشت وتعذّر سقيها فطالبه المشتري بقطعها ، لتضرّر الاُصول ببقائها عليها ، فإن كان الضرر يسيراً ، لم يلزمه القطع. وان كان كثيراً يخاف من جفاف النخل أو نقصان حملها ، اُجبر المشتري على تركه - وهو أحد قولي الشافعي(٣) - لأنّه‌

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٧ - ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٥.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤.

٣٨٤

دخل في العقد على ذلك.

والثاني له : يُجبر البائع على قطعها ؛ لأنّ الضرر يلحقها وإن بقيت ، والاُصول تسلم بقطعها. ولأنّ ضرر الاُصول أكثر لتعذّر أمثال الثمرة في المستقبل بذلك(١) . وهذا القول لا بأس به عندي.

مسألة ١٨٣ : إذا(٢) باع الأصل خاصّةً وعليه ثمرة ظاهرة ، فالثمرة للبائع‌ ، والأصل للمشتري في غير النخل ، وفيه مع التأبير أو اشتراطه ، وللمشتري مع عدمه ، ولا يجب على البائع قلع الثمرة مع الإطلاق ، بل يجب على المشتري تبقيتها إلى أوان الجذاذ - وبه قال مالك وأحمد والشافعي(٣) - لأنّ النقل والتفريغ إنّما يجب بحسب العادة والعرف ؛ فإنّ بائع الدار يجب عليه نقل الأقمشة والأطعمة على حسب العرف نهاراً لا ليلاً شيئاً بعد شي‌ء ، كذا هنا تفريغ النخل من الثمرة إنّما يكون في أوان تفريغها في العادة ، وهو وقت الجذاذ.

وقال أبو حنيفة : يلزمه قطعها في الحال وتفريغ النخل ؛ لأنّ المبيع مشغول بملك البائع ، فلزمه(٤) نقله وتفريغه ، كما لو باع داراً فيها قماش(٥) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « لو » بدل « إذا ».

(٣) المغني ٤ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤.

(٤) في الطبعة الحجريّة : فيلزمه.

(٥) المغني ٤ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٦ - ٢٠٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤.

٣٨٥

والجواب ما تقدّم.

فروع :

أ - لو شرط قطع الثمرة في الحال ، وجب على البائع قطعها في الحال ؛ عملا بـ « الشروط » وقد قالعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(١) .

ب - لو شرط الإبقاء ، صحّ عندنا ؛ لأنّه مقتضى البيع على الإطلاق ، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(٢) .

وقال أبو حنيفة : يفسد البيع(٣) . وليس بجيّد.

ج - المرجع في وقت القطع إلى العادة ، فما كانت العادة فيه أن يقطع قبل نضجه كالمكتوم يؤخذ بُسْراً ، كلّف البائع القطع بمجرى العادة ، ولا يكلّفه قطع الجميع إذا لم يتّفق بيعه دفعة. وإذا جاء وقت الجذاذ ، لم يمكّن من أخذها على التدريج ، ولا أن يؤخّر إلى نهاية النضج ، بل يؤخذ بالعادة في ذلك كلّه. هذا مع الإطلاق ، وأمّا مع الشرط فبحسبه.

د - لو تعذّر السقي ؛ لانقطاع الماء ، أو تعذّر الآلة وعظم ضرر النخل ولم يكن في الإبقاء منفعة لصاحب الثمرة ، فالأقوى عندي : إلزام صاحب الثمرة بقطعها على ما تقدّم.

وللشافعي قولان تقدّما(٤) .

ه- لو أصاب الثمار آفة ولم يكن في إبقائها فائدة ، فإن لم يتضرّر‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٦ ، المغني ٤ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٦.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤.

(٤) في ص ٣٨٣ ، تذنيب المسألة ١٨٢.

٣٨٦

صاحب النخل ، كان لصاحب الثمرة الإبقاء ؛ عملاً بالإطلاق ، وانتفاء الضرر. وإن كان يتضرّر، فالأقوى : إلزامه بالقطع ؛ دفعاً للضرر مع انتفاء الفائدة.

وللشافعي قولان(١) .

و - لو احتاج صاحب الثمرة إلى السقي ، وجب على صاحب الأصل تمكينه منه مع انتفاء ضرره على ما تقدّم ، ومن الدخول إلى البستان لذلك ، فإن لم يأمنه ، نصب الحاكم أميناً للسقي ، ومؤونته على البائع.

ويحتمل تمكين البائع من السقي ، وعلى المشتري مراقبته. وهو الوجه عندي.

ز - لو لم يسق البائع وتضرّر المشتري ببقاء الثمار ، لامتصاصها رطوبة الأشجار ، أجبر البائع على السقي أو القطع ، فإن تعذّر السقي ، لانقطاع الماء ، فالاحتمالان السابقان.

ح - لو قضت العادة بأخذ بعض الثمرة بُسْراً والباقي رطباً ، وجب اتّباعها. ولو قضت بأخذها كلّها بُسْراً ، فعليه نقلها. ولو أراد إبقاءها ليأخذها شيئاً فشيئاً ليكون أنفع له ، لم يكن له ذلك ، بل يأخذها وينقلها عند إمكان نقلها. وإذا استحكمت حلاوته ، فعليه نقله. ولو قضت العادة بأخذها تمرا أو قَسْباً(١) ، اتّبعت العادة.

ط - لو كان النخل ممّا يعتاد التخفيف منه بقطع بعض ثمرته وباع الأصل‌ واستثنى الثمرة أو باع الثمرة خاصّة ، لم يجب التخفيف هنا ؛ عملاً بأصالة سلامة الملك على مالكه ، فليس لغيره التصرّف فيه بشي‌ء.

____________________

(١) الوسيط ٣ : ١٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤.

(٢) القَسْب : التمر اليابس يتفتّت في الفم. لسان العرب ١ : ٦٧٢ « قسب ».

٣٨٧

ولو باع الثمرة واشترط تخفيفها ، احتمل بطلان البيع ؛ لجهالة الباقي من المبيع.

والوجه : الصحّة ؛ لأنّ المبيع غير مجهول ، أقصى ما في الباب أنّه شرط قطع البعض ، فيبني في ذلك على العادة.

أمّا لو باع الثمرة ، فالوجه : أنّه لا يجب على المشتري تخفيفها ، سواء تضرّر النخل أو الثمرة أو لا.

ي - لو باع الأصل دون الثمرة وكانت عادة اُولئك القوم قطع الثمار قبل إدراكها ، كما لو كان الكَرْم في البلاد الشديدة البرد لا تنتهي ثمارها إلى الحلاوة واعتاد أهلها قطع الحِصْرم ، ففي إلحاق العرف الخاصّ بالعامّ نظر : من حيث إنّ إطلاق العقد يُحمل على المعتاد ، فيكون المعهود كالمشروط ، ومن حيث إنّ تواطؤ قوم معيّنين ليس حجّةً ، بخلاف العادة العامّة الثابتة في زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

يأ - لو تبايعا بشرط القطع ، وجب الوفاء به ، فإن تراضيا على الترك ، جاز ، فكان بدوّ الصلاح بمنزلة كبر العبد الصغير.

وقال أحمد : يبطل البيع ، وتعود الثمرة إلى البائع(١) . ولا وجه له.

مسألة ١٨٤ : ولا فرق بين الثمرة وغيرها من المبيعات‌ ، فلو اشترى ثمرةً بعد بدوّ صلاحها أو قبله بشرط القطع أو مطلقاً على ما اخترناه ، وبالجملة ، على وجه يصحّ البيع فتلفت ، فإن كان التلف قبل القبض ، فهو من ضمان البائع ، وانفسخ العقد. ولو تلف البعض ، انفسخ فيه خاصّة ، وتخيّر المشتري في أخذ الباقي بحصّته ، وفي الفسخ فيه أيضاً.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٧.

٣٨٨

وإن كان ذلك بعد القبض - وهو التخلية بين المشتري وبينها - فهي من ضمان المشتري - ولا فرق بين أن يكون التلف بأمرٍ سماوي ، كالريح والثلج والبرد ، أو بغير سماوي ، كالسرقة والحريق ، ولا بين أن يكون التالف أقلّ من الثلث أو أكثر - وبه قال أبو حنيفة ، وهو الجديد من قولي الشافعي(١) ؛ لأنّ امرأة أتت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : إنّ ابني اشترى ثمرةً من فلان ، فأَذْهَبَتْها الجائحةُ ، فسأله أن يضع عنه ، فتألّى(٢) أن لا يفعل ، فقالعليه‌السلام : « تألّى فلان أن لا يفعل خيراً»(٣) ولو كان ذلك واجباً عليه ، لأجبره عليه.

ولأنّ التخلية يتعلّق بها جواز التصرّف فيغلب الضمان ، كالنقل والتحويل.

وقال في القديم : إذا تلفت بعد القبض ، فهي من ضمان البائع أيضاً - فإن تلفت كلّها ، انفسخ العقد. وإن تلف بعضها ، انفسخ فيه. وهل ينفسخ في الباقي؟ مبنيّ على قولي تفريق الصفقة - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بوضع الجوائح ، ونهى عن بيع السنين(٤) .

ولأنّ التخلية ليست بقبض صحيح ، ولهذا لو عطشت الثمرة ، كان من ضمان البائع إذا تلفت(٥) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٣٣ - ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٩.

(٢) أي : حلف ، مشتقّ من الألية ، وهي اليمين.

(٣) الموطّأ ٢ : ٦٢١ ، ١٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٥ ، مسند أحمد ٧ : ٢٥٢ ، ٢٤٢٢١ ، المغني ٤ : ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٧٢ - ٢٧٣.

(٤) سنن الدار قطني ٣ : ٣١ ، ١١٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٦.

(٥) الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٩٣ ، =

٣٨٩

وقال مالك : إن كان التالف أقلّ من الثلث ، كان من ضمان المشتري.

وإن كان قدر الثلث فما زاد ، كان من ضمان البائع ؛ لأنّ الثمرة لا بدّ وأن يأكل منها الطائر ويسقط منها الريح ، فلم يكن بدّ من حدّ فاصل بين ذلك وبين الجائحة ، فقدّر بما دون الثلث(١) .

وقال أحمد : إن تلفت بأمر سماويّ ، كان من ضمان البائع. وإن تلفت بنهب أو سرقة ، كان من ضمان المشتري ؛ لأنّ ما يتلفه الآدمي يرجع إلى بدله منه ، فلهذا كان من ضمانه ، بخلاف الجائحة(٢) .

والجواب : أنّ الحديث استضعفه الشافعي(٣) ، فلا يجوز أن يحتجّ به.

ويحتمل أن يكون أراد بذلك في بيع السنين ، أو قال ذلك ندباً لا واجباً.

والتخلية قبض صحيح ؛ لأنّه يتعلّق بها جواز التصرّف ، ولا يمكن نقلها ، فأشبهت العقار.

وأمّا عطش الثمرة فيُمنع أنّه من ضمان البائع. ولو قلنا به ، فهو مبنيّ على قوله : إنّ العقد يقتضي أن يكون سقيها على البائع ، كما اقتضى تركها على الاُصول إلى أوان الجذاذ ، فإن عجز عن تسليم الماء ، ثبت للمشتري‌

____________________

= روضة الطالبين ٣ : ٢١٩ ، المغني ٤ : ٢٣٣ - ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٧١ و ٢٧٣ و ٢٧٦ - ٢٧٧.

(١) الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٣٤ ، المغني ٤ : ٢٣٤ - ٢٣٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٨١ - ٢٨٣ ، حلية العلماء ٤ : ٣٤٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٠٥ - ٢٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٠.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٣٤٥ ، وانظر : المغني ٤ : ٢٣٣ - ٢٣٤ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٧١ و ٢٧٨ - ٢٨٠.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٧٤ - ٢٧٥.

٣٩٠

الخيار.

وقول مالك ليس بصحيح ؛ لأنّ ما يأكله الطير لا يؤثّر في العادة ولا يبلغ ما حدَّه به إلّا أن يقع عليه الجذاذ ، فيكون ذلك من جملة الجوائح.

وينتقض ما قاله أحمد بالعبد إذا مات في يد البائع أو قتل ، فإنّهما سواء وإن كان يرجع في أحدهما إلى الضمان.

فروع :

أ - لو تلفت الثمرة بعد التخلية وبلوغ أوان الجذاذ وإمكانه من المشتري ، فعلى ما قلناه الضمان على المشتري ؛ لأنّا نوجبه عليه وإن لم يبلغ أوان الجذاذ فمع بلوغه وإمكان الجذاذ منه يكون أولى. وكذا على جديد الشافعي(١) .

وعلى قديمه قولان :

أحدهما : أنّه يكون من ضمان البائع أيضاً ؛ لأنّ الآفة أصابته قبل نقله فكان كما لو أصابته قبل أوان الجذاذ. ولأنّ التسليم لا يتمّ ما دامت الثمار متّصلة بملك البائع.

والثاني : أنّها من ضمان المشتري ؛ لأنّه بتركه(٢) النقل مع قدرته عليه يكون مفرّطاً ، فانتقل الضمان إليه. ولانقطاع العلقة بينهما ؛ إذ لا يجب السقي على البائع حينئذٍ(٣) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٢٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٩ ، حلية العلماء ٤ : ٣٤٤ و ٣٤٦.

(٢) في الطبعة الحجريّة : بترك.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٠ ، حلية العلماء ٤ : ٣٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٩.

٣٩١

ب - لو تلف بعض الثمار ، فكالكلّ ، إلّا أن يتلف قبل التخلية ، فإنّه يثبت للمشتري الخيار في التسليم.

ولو عابت الثمار بالجائحة ولم تتلف ، فإن كان بعد التخلية ، فلا خيار للمشتري ، وهو جديد الشافعي(١) . وعلى قديمه يكون له الخيار(٢) .

وإن كان قبلها ، فمن ضمان البائع.

ج - لو ضاعت الثمار بغصبٍ أو سرقة ، فإن كان قبل التخلية ، فمن ضمان البائع. وإن كان بعدها ، فمن المشتري.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّها من ضمان البائع ؛ لأنّ التسليم لا يتمّ بالتخلية ، على القديم.

والثاني : أنّها من ضمان المشتري ، على القديم أيضاً ؛ لتمكّنه من الاحتراز عنه بنصب الحفاظ. ولأنّ الرجوع على الجاني بالضمان يتيسّر(٣) .

د - لو اختلفا في الجائحة أو في قدرها ، فالقول قول البائع‌ - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّ الثمن قد لزم بالبيع ، والأصل أن لا جائحة.

ه- إذا لم يُمكّن البائعُ المشتريَ من السقي أو لم يسقه عند مَنْ أوجب السقي عليه ، أو شرطه عند مَنْ لا يوجبه وأخلّ به وعرض في الثمار آفة بسبب العطش ، فإن تلفت ، وجب على البائع الضمان ، لأنّه سبب في الإتلاف.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٩ ، المغني ٤ : ٢٣٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٠ ، حلية العلماء ٤ : ٣٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٠.

(٤) روضة الطالبين ٣ : ٢٢٠.

٣٩٢

وللشافعيّة طريقان :

أحدهما : أنّ في انفساخ البيع قولين.

وأصحّهما : القطع بالفسخ ؛ لأنّ استحقاق السقي بالعقد قبل التخلية ، وما يستند إلى سبب سابق على القبض فهو بمنزلة ما لو سبق بنفسه. وعلى تقدير عدم الفسخ فعلى البائع الضمان للقيمة أو المثل ، وإنّما يجب ضمان ما تلف ، ولا ينظر إلى ما كان ينتهي إليه لو لا العارض(١) .

ولو تعيّبت ولم تفسد ، تخيّر المشتري وإن جعلنا الجائحة من ضمانه ؛ لأنّ الشرع ألزم البائع تنمية الثمار بالسقي إمّا بالشرط عندنا أو مطلقاً عند الشافعي(٢) ، فالعيب الحادث بترك السقي كالعيب المتقدّم على القبض.

ولو أفضى التعيّب إلى تلفه ، نُظر إن لم يشعر به المشتري حتى تلف ، عاد البحث في الانفساخ ، ولزم الضمان على البائع إن قلنا بعدم الفسخ ، ولا خيار بعد التلف.

وإن شعر به ولم يفسخ حتى تلف ، فوجهان : أحدهما : يغرم البائع ، لعدوانه. وعدمه ، لتقصير المشتري بترك الفسخ مع القدرة عليه(٣) .

و - لو باع الأصل والثمرة معاً فتلفت الثمرة بجائحة قبل التخلية ، بطل العقد فيها ، ويتخيّر المشتري في الأشجار مع إمضاء البيع بقدر حصّتها من الثمن ، وفسخ البيع فيها أيضاً.

وللشافعي في بطلان بيع الاُصول قولان(٤) .

____________________

(١ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٠.

٣٩٣

وإن تلفت بعد التخلية ، فهي من ضمان المشتري عندنا وعند الشافعي(١) أيضاً قولاً واحداً ؛ لانقطاع العلائق هنا ، والثمرة متّصلة بملك المشتري.

ز - لو اشترى طعاماً مكايلةً وقبضه جزافاً فهلك في يده ، فهو من ضمان المشتري ؛ لحصول القبض. وإن جعلنا الكيل شرطاً فيه ، فالأقرب أنّه من ضمان البائع.

وللشافعي وجهان ؛ لبقاء الكيل بينهما(٢) .

ح - ليس للبائع تكليف مشتري الثمرة قطعها قبل بدوّ صلاحها إلّا أن يشرطه ، بل يجب عليه تبقيتها إلى أوان أخذها عرفاً بالنسبة إلى جنس الثمرة ، فما قضت العادة بأخذه بُسْراً اقتصر عليه ، وما قضت بأخذه رطباً أو قسْباً اُخّر إلى وقته. وكذا لو باع الأصل واستثنى الثمرة وأطلق ، وجب على المشتري إبقاؤها.

ط - لو أتلف الثمرة أجنبيّ قبل التخلية ، تخيّر المشتري بين فسخ البيع وإلزام المـُتلف. والأقرب : إلحاق البائع به ، فيتخيّر المشتري بين فسخ البيع وإلزام البائع بالمثل ، أو القيمة ، سواء زادت عن الثمن المسمّى المدفوع إلى البائع أو نقصت عنه.

ولو تلفت المشتري ، فكالقبض يكون من ضمانه.

مسألة ١٨٥ : يجوز بيع الثمرة بجميع العروض والأثمان إلّا بالثمرة‌ ، وهي المزابنة ، وبيع الزرع كذلك إلّا بالحبّ ، وهي المحاقلة ، هذا هو المشهور من تفسير المحاقلة والمزابنة.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٠.

٣٩٤

والمحاقلة مأخوذة من الحَقْل ، وهي الساحة التي تزرع ، سُمّيت محاقلةً ؛ لتعلّقها بزرع في حقل. والمزابنة مأخوذة من الزَّبْن ، وهو الدفع ، سُمّيت بذلك ؛ لأنّها مبنيّة على التخمين ، والغبن فيها ممّا يكثر فيريد المغبون دفعه والغابن إمضاءه فيتدافعان.

والأصل في تحريم المحاقلة والمزابنة النصُّ.

روى جابر أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن المحاقلة والمزابنة.

فالمحاقلة : أن يبيع الرجل الزرع بمائة فَرْقٍ(١) من حنطة. والمزابنة : أن يبيع الثمرة بمائة فرق من تمر(٢) .

وهذا التفسير إن كان من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فذاك. وإن كان من الراوي ، فهو أعرف بتفسير ما رواه.

ولأنّه مجهول المقدار بِيع بجنسه وهُما ربويّان فلم يصحّ ؛ لجواز زيادة أحدهما على صاحبه ، بل هو الغالب ؛ لندور التساوي.

مسألة ١٨٦ : قد عرفت أنّ المحاقلة هي بيع الحنطة في سنبلها بالحنطة الصافية‌ على وجه الأرض ، والمزابنة : بيع الرطب على رأس النخل بالتمر على وجه الأرض ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٣) .

وقال مالك : المحاقلة إكراء الأرض ببعض ما يخرج منها من الثلث أو‌

____________________

(١) الفرق : مكيال ضخم لأهل المدينة ، معروف. لسان العرب ١٠ : ٣٠٥ « فرق ».

(٢) مختصر المزني : ٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ - ٣٥٥ ، وفي سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٢ / ٢٢٨٦ ، وسنن النسائي ٧ : ٣٧ ، وسنن البيهقي ٥ : ٣٠٧ ، بدون التفسير.

(٣) الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ٣٤٨ و ٣٥٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٩٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٢ ، المجموع ٩ : ٣٠٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٩٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٤٤ ، المغني ٤ : ٢٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥.

٣٩٥

الربع أو غيرهما(١) . ونُقل عنه أيضاً ما يقاربه ، وهو أنّ المحاقلة إكراء الأرض للزرع بالحبّ(٢) ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن المحاقلة والمزابنة ، والمحاقلة : كراء الأرض(٣) .

وذكر ابن المنذر في بعض ألفاظه : والمحاقلة استكراء الأرض بالحنطة(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ إكراء الأرض بالحنطة إنّما هو بذل الحنطة في مقابلة المنفعة ، والمنفعة ليست بحنطة. وإذا باع السنبل بالحنطة ، فقد باع حنطةً بحنطة مع الجهالة بالتساوي ، وهو غير جائز.

والمزابنة هي ضمان الصُّبْرة بقدر معلوم بأن يقول الشخص لغيره في صُبْرة مشاهدة : ضمنت لك صُبْرتك هذه بمائة قفيز ، فيقول المالك : هي أقلّ من ذلك ، فيقول لمالكها : يكال الآن إن زاد فلي ، وإن نقص فعليَّ.

وهذا ليس عقداً وإنّما هو قمار. والقصد النهي عن عقده ، فالمشهور ما تقدّم.

مسألة ١٨٧ : هل يشترط في المحاقلة والمزابنة اتّحاد الثمن والمثمن أم لا؟

قيل : نعم(٥) . فيكون النهي متناولاً لبيع الحنطة الثابتة في السنابل‌

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ٢٢٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٥.

(٢) كما في الخلاف - للشيخ الطوسي - ٣ : ٩٤ ، المسألة ١٥٢.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١١٧٩ /١٥٤٦ ، سنن الدار قطني ٣ : ٧٥ - ٧٦ / ٢٨٥ ، مسند أحمد ٣ : ٣٦٥ / ١١١٨٣.

(٤) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر ، وفي المغني - لابن قدامة - ٤ : ٢٩٨ نقله عن أبي سعيد.

(٥) قال به الشيخ الطوسي في النهاية : ٤١٦.

٣٩٦

بحبٍّ منها معيّن المقدار. ولبيع ثمرة النخل ، الثابتة عليها بثمرة منها ، فيجوز بيع كلّ منهما بتمر موضوع على الأرض من غير تلك الثمرة ، وبحبٍّ موضوع على الأرض من غير تلك السنابل ؛ للأصل.

ولما رواه يعقوب بن شعيب عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجلين يكون بينهما النخل ، فيقول أحدهما لصاحبه : [ اختر ] إمّا أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلاً مسمّى وتعطيني نصف هذا الكيل زاد أو نقص ، وإمّا أن آخذه أنا بذلك وأردّ عليك ، قال : « لا بأس »(١) .

وفي الحسن عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام في رجل قال لآخر : بعني ثمرة نخلك هذا الذي فيها بقفيزين من تمر أو أقلّ أو أكثر يسمّي ما شاء فباعه ، فقال : « لا بأس به »(٢) .

وقال بعض(٣) علمائنا : لا يشترط ذلك ، بل يحرم بيع الزرع بالحنطة الموضوعة على الأرض وبيع الثمرة في النخلة بالتمر الموضوع على الأرض - وبه قال الشافعي(٤) - حذراً من الربا ، لأنّ كلّ واحد منهما بيع مال الربا بجنسه(٥) من غير تحقّق المساواة في المعيار(٦) الشرعي ؛ لأنّ المعتاد فيهما الكيل ، ولا يمكن كيل الحنطة في السنابل ولا الثمرة على رأس النخل.

والتخمين بالخرص لا يغني ، كما لو كان كلّ واحد منهما على وجه الأرض.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩١ / ٣٨٩ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) الكافي ٥ : ١٧٦ - ١٧٧ / ١٠ ، التهذيب ٧ : ٨٩ / ٣٧٩ ، الاستبصار ٣ : ٩١ / ٣١٠.

(٣) ابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٦٧.

(٤) الاُم ٣ : ٦٢ - ٦٣ ، الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٤ : ٣٤٨ و ٣٥٢.

(٥) في الطبعة الحجريّة : من جنسه.

(٦) في « ق ، ك» : العيار.

٣٩٧

ونمنع الربا ؛ لأنّه لا يثبت إلّا في المكيل أو الموزون ، ولا شي‌ء من الثمرة على رأس(١) النخل ولا من الزرع في السنابل بمكيل أو موزون.

وقد روى ابن رباط عن أبي الصباح الكناني قال : سمعت الصادقَعليه‌السلام يقول : « إنّ رجلاً كان له على رجل خمسة عشر وسقاً من تمر وكان له نخل فقال له : خذ ما في نخلي بتمرك ، فأبى أن يقبل ، فأتى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله إنّ لفلان عليَّ خمسة عشر وسقاً من تمر ، فكلّمه يأخذ ما في نخلي بتمره ، فبعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا فلان خُذْ ما في نخله بتمرك ، فقال : يا رسول الله لا يفي وأبى أن يفعل ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لصاحب النخل : اجذذ نخلك ، فجذّه فكال له خمسة عشر وسقاً » فأخبرني بعض أصحابنا عن ابن رباط ولا أعلم إلّا أنّي قد سمعته منه أنّ أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : « إنّ ربيعة الرأي لمـّا بلغه هذا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هذا ربا ، قلت : أشهد بالله إنّه من الكاذبين ، قال : صدقت »(٢) .

فروع :

أ - لو اختلف الجنس ، جاز البيع إجماعاً ، كأن يبيع الشعير في سنبله بالدخن الموضوع على الأرض ، أو ثمرة النخل فيها بعنبٍ أو زبيبٍ موضوع على الأرض.

واشترط الشافعي التقابض هنا بالنقل لما على وجه الأرض ، وبالتخلية فيما على الشجر(٣) . وهو بناءً على مذهبه من وجوب التقابض في‌

____________________

(١) في « ق ، ك ‍» : رؤوس.

(٢) التهذيب ٧ : ٩١ - ٩٢ / ٣٩٠ ، الاستبصار ٣ : ٩٢ / ٣١٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٥.

٣٩٨

الربويّات مع اختلاف الجنس ، وقد سلف بحثه(١) .

ب - إن جعلنا العلّة في المحاقلة والمزابنة الربا ، لم يجز بيع غير النخل والزرع بجنسه‌ الموضوع على الأرض ، فلا يجوز بيع العنب في أصله بزبيب أو عنب موضوع على الأرض ، وكذا غيره من الفواكه ، ولا بيع الدخن في سنبله بحبِّ دخن موضوع على الأرض ؛ عملاً بتعميم الحكم عند تعميم علّته. وإن لم نجعل العلّة ذلك ، جاز جميع ذلك.

ج - الحنطة والشعير عندنا أنّهما جنس واحد في الربا‌ على ما تقدّم(٢) ، خلافاً للشافعي(٣) . فعلى أصلنا هذا إذا جعلنا العلّة الربا ، لم يجز بيع الحنطة في السنبل بالشعير الموضوع على الأرض وبالعكس ، وإلّا جاز.

د - في أكثر تفاسير المحاقلة أنّها بيع الحنطة في السنبل بحنطة‌ إمّا منها أو من غيرها على ما تقدّم ، فهل يدخل فيه الشعير الثابت في سنبله بالشعير المصفّى؟ إن جعلناه من جنس الحنطة أو قلنا : العلّة الربا ، شمل التحريم ، وإلّا فلا ؛ لكن لا يكون محاقلةً إن لم يكن من الجنس وإن قلنا بالتحريم لعلّة الربا فيه.

أمّا غير الشعير والحنطة كالدخن يباع في سنبله بحبٍّ مصفّى إمّا منه أو من غيره ، والذرّة والاُرز وغير ذلك من أنواع الزرع فهل يكون محاقلةً؟

في بعض ألفاظ علمائنا أنّ المحاقلة هي بيع الزرع بالحبّ من جنسه(٤) ، فيكون ذلك كلّه محاقلةً. وإن لم نجعل ذلك محاقلةً بل خصّصنا اسم‌

____________________

(١) في ص ١٤٧ ، الفرع ( ه‍ ) من المسألة ٧٧.

(٢) في ص ١٤٨ ، المسألة ٧٨.

(٣) الاُمّ ٣ : ٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، المحلّى ٨ : ٤٩٢ ، المغني ٤ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩.

(٤) كشف الرموز ١ : ٥٠٦ - ٥٠٧ ، وكما في شرائع الإسلام ٢ : ٥٤.

٣٩٩

المحاقلة بالحنطة ، هل يثبت التحريم؟ إن جعلنا العلّة في الحنطة الربا ، ثبت هنا ، وإلّا فلا.

أمّا الثمرة فالمشهور اختصاص المزابنة بثمرة النخل منها دون غيرها ، لكن في التحريم إن جعلناه معلّلاً بالربا ، ثبت في غير النخل ، وإلّا فلا.

ه- لو باع الزرع قبل ظهور الحبّ بالحبّ ، فلا بأس‌ - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه حشيش ، وهو غير مطعوم ولا مكيل ، سواء تساويا جنساً أو اختلفا. ولا يشترط التقابض في الحال.

و - قد بيّنّا أنّ بيع الصُّبْرة باطل إلّا مع العلم بقدرها ، فلو باع صُبْرةً باُخرى مجهولتين من جنسٍ واحد ، لم يجز مطلقاً عندنا على ما تقدّم(٢) .

وقال الشافعي : إن أطلقا البيع ، لم يجز ؛ لأنّ التساوي شرط ، والجهل به كالعلم بالتفاضل ، فيكون البيع باطلاً.

وإن قال : بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة كيلاً بكيل أو مِثْلاً بمِثْل ، فإن كِيلتا وتساويتا ، صحّ البيع. وإن تفاوتتا ، فقولان ، أحدهما : الفساد ؛ لتفاضلهما. والثاني : الصحّة ، ويأخذ بقدر صُبْرته.

وإن اختلف الجنس وأطلقا ، صحّ البيع. وإن شرطا التساوي ، فإن خرجتا متساويتين ، صحّ البيع. وإن تفاضلتا ، قيل للّذي له الفضل : أترضى بتسليمه؟ فإن أجاب ، لزم البيع. وإن أبى ، قيل للآخر : أتأخذ بقدر صُبْرتك؟ فإن رضي ، لزم البيع. وإن أبى ، فسخ العقد بينهما(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٥ ، المجموع ٩ : ٣٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٧.

(٢) في ص ٧٤ ، المسألة ٤٥ ، وص ٨٠ ، الفرع ( ه‍ ) من المسألة ٤٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢ ، المغني ٤ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٨.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458