تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189170 / تحميل: 5791
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بشرط مقابلة كلّ صاع منها بدرهم والجمع بين هذين الأمرين عند الزيادة والنقصان محال.

والثاني : يصحّ ؛ لإشارته إلى الصبرة ، ويلغى الوصف ، فإن خرج ناقصاً ، فللمشتري الخيار. فإن أجاز فبجميع الثمن ؛ لمقابلة الصبرة به ، أو [ بالقسط ](١) ؛ لمقابلة كلّ صاع بدرهم؟ وجهان.

وإن خرج زائداً ، ففي مستحقّ الزيادة وجهان :

أظهرهما : أنّها للمشتري ؛ لأنّ جملة الصبرة مبيعة منه ، فلا خيار له.

وفي خيار البائع وجهان ، أصحّهما : العدم ؛ لأنّه رضي ببيع جميعها.

والثاني : أنّ الزيادة للبائع ، فلا خيار له. وفي المشتري وجهان ، أصحّهما : ثبوت الخيار ، إذ لم يسلم له جميع الصبرة(٢) .

ه- لو قال : بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة سواء بسواء ، فإن علما القدر منهما ، صحّ ، وإلّا بطل ، خلافاً للجمهور.

و - إنّما يصحّ بيع الصبرة إذا تساوت أجزاؤها ، فإن اختلفت - كصبرة ممتزجة من جيّدٍ وردي‌ء - لم يصحّ إلّا بعد المشاهدة للجميع. ولو باعه نصفها أو ثلثها ، فكذلك. وبه قال بعض الحنابلة(٣) . وبعضهم سوّغه ؛ لأنّه اشترى جزءاً مشاعاً ، فاستحقّ من جيّدها ورديئها(٤) .

ز - لو اشترى الصبرة جزافاً ، قال مالك : يجوز له بيعها قبل نقلها ؛

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : بالبسط. ما أثبتناه من المصادر.

(٢) المجموع ٩ : ٣١٣ - ٣١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٥ - ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٤) المغني ٤ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

٨١

لأنّه مبيع متعيّن لا يحتاج إلى حقّ يوفّيه ، فأشبه الثوب الحاضر. وهو رواية عن أحمد(١) .

وله اُخرى : المنع ، لقول ابن عمر : كُنّا نشتري الطعام من الركبان جزافاً فنهانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ننقله من مكانه(٢) (٣) .

ح - مَنَع المجوّزون الغشَّ بأن يجعلها على دكّة أو حجر ينقصها أو يجعل الردي‌ء أو المبلول في باطنها ؛ لأنّهعليه‌السلام مرَّ على صُبرة من طعام فأدخل يده فنالت أصابعُه بللاً ، فقال : « يا صاحب الطعام ما هذا؟ » فقال : أصابته السماء يا رسول الله ، قال : « أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ » ثمّ قال : « من غشّنا فليس منّا »(٤) .

فإن وجده كذلك ، فللشافعيّة(٥) طريقان :

أحدهما : أنّ فيها قولَيْ بيع الغائب ؛ لأنّ ارتفاع الأرض وانخفاضها يمنع تخمين القدر ، وإذا لم يُفد العيان إحاطة ، فكان كعدم العيان في احتمال الغرر.

والثاني : القطع بالبطلان ؛ لأنّا إذا صحّحنا بيع الغائب أثبتنا خيار الرؤية ، والرؤية حاصلة هنا ، فيبعد إثبات الخيار معها ، ولا سبيل إلى نفيه ؛ للجهالة.

واعترض بأنّ الصفة والقدر مجهولان في بيع الغائب ، ومع ذلك ففيه‌

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٤٦ - ١٤٧ ، المغني ٤ : ٢٤٦.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ٣١٤.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٧.

(٤) المغني ٤ : ٢٤٦ ، وانظر : صحيح مسلم ١ : ٩٩ / ١٠٢ ، وسنن الترمذي ٣ : ٦٠٦ / ١٣١٥.

(٥) في « ق ، ك » للشافعيّة.

٨٢

قولان ، فكيف يقطع بالبطلان هنا مع علم بعض الصفات بالرؤية!؟

وإذا ثبت الخيار - وهو قول أحمد(١) - فوقت الخيار معرفة مقدار الصبرة أو تخمينه برؤية ما تحتها.

وفيه طريق ثالث للشافعي : القطع بالصحّة ؛ اعتماداً على المعاينة ، وجهالة القدر معها غير ضائرة(٢) .

وأثبت أحمد الخيارَ بين الفسخ وأخذ تفاوت ما بينهما ؛ لأنّه عيب(٣) .

ولو كان تحتها حفرة أو كان باطنها أجود ، فلا خيار للمشتري ، بل للبائع إن لم يعلم ، وإلّا فلا.

ولو ظهر تحتها دكّة ، ففي بطلان البيع للشافعي وجهان :

البطلان ؛ لأنّه ظهر أنّ العيان لم يُفد علماً.

والأظهر : الصحّة ، وللمشتري الخيار ؛ تنزيلاً لما ظهر منزلة العيب والتدليس(٤) .

ط - لو علم قدر الشي‌ء ، لم يجز بيعه صبرة ، عندنا ، وهو ظاهرٌ - وبه قال أحمد(٥) - لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ عرف مبلغ شي‌ء فلا يبعه جزافاً حتى يبينه »(٦) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٤٦.

(٢) الوسيط ٣ : ٣٥ ، الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠ ، المجموع ٩ : ٣١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤ - ٣٥.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٦.

(٤) المجموع ٩ : ٣١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠.

(٥) المغني ٤ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٤ : ٢٤٦ ، والشرح الكبير ٤ : ٤٠.

٨٣

وكرهه عطاء وابن سيرين ومجاهد وعكرمة ومالك وإسحاق وطاوس(١) .

وعن أحمد أنّه مكروه غير محرَّم(٢) .

وقال أبو حنيفة والشافعي : لا بأس بذلك ؛ لأنّه إذا جاز مع جهلهما ، فمع علم أحدهما أولى(٣) .

ي - لو باع ما علم كيله صبرة ، قال أبو حنيفة والشافعي : يصحّ - وهو ظاهر قول أحمد - لأنّه لا تغرير فيه ، فأشبه مالو علما كيله أو جهلاه(٤) .

وقال مالك : إنّه تدليس إن علم به المشتري ، فلا خيار له ؛ لأنّه دخل على بصيرة ، وإن جهل مع علم البائع ، تخيّر في الفسخ ؛ لأنّه غشّ(٥) . وهو قول بعض الحنابلة(٦) .

وعند بعضهم أنّه فاسد(٧) ، وهو مذهبنا ؛ لما تقدّم.

يأ - لو أخبره البائع بكيله ثمّ باعه بذلك الكيل ، صحّ عندنا ، فإن قبضه واكتاله ، تمّ البيع ، وإن قبضه بغير كيلٍ ، فإن زاد ، ردّ الزيادة ، وإن نقص ، رجع بالناقص. وإن تلف ، فالقول قول المشتري في قدره مع يمينه ، سواء قلّ النقص أو كثر.

والأقوى : أنّ للمشتري التصرّف فيه قبل كيله - خلافاً لأحمد(٨) - لأنّه سلّطه عليه.

احتجّ بأنّ للبائع فيه علقةً ، فإنّه لو زاد ، كانت له. قال : فلو تصرّف فيما يتحقّق أنّه حقّه أو أقلّ بالكيل ، فوجهان ، أحدهما : الصحّة ؛ لأنّه تصرّف في حقّه بعد قبضه. والمنع ؛ لانّه لا يجوز التصرّف في الجميع فلم يجز في البعض(٩) .

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٤ - ٩) المغني ٤ : ٢٤٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤١.

٨٤

يب - لو كال طعاماً وآخر ينظر إليه ، فهل لمن شاهد الكيل شراؤه بغير كيلٍ؟ أمّا عندنا فنعم - وهو إحدى روايتي أحمد(١) - لانتفاء الجهالة.

وكذا لو كاله البائع للمشتري ثمّ اشتراه منه أو اشتريا طعاماً فاكتالاه ثمّ باع أحدهما حصّته قبل التفرّق.

واُخرى عنه بالمنع(٢) .

مسألة ٤٧ : لو باع مختلف الأجزاء مع المشاهدة ، صحّ‌ - كالثوب والدار والغنم - بالإجماع. وكذا لو باع جزءاً منه مشاعاً ، كنصفه أو ثُلثه ، أو جزءاً معيّناً ، كهذا البيت ، وهذا الرأس من القطيع.

أمّا لو باع ذراعاً منها أو عشرةً من غير تعيين ، فإن لم يقصد الإشاعة ، بطل إجماعاً. وإن قصد الإشاعة ، فإن لم يعلما عدد الذُّرْعان ، بطل البيع إجماعاً ؛ لأنّ الجملة غير معلومة ، وأجزاء الأرض مختلفة ، فلا يمكن أن تكون معيّنةً ولا مشاعة.

وإن علم الذُّرْاعان ، للشيخ قولان :

البطلان(٣) - وبه قال أبو حنيفة(٤) - لأنّ الذراع عبارة عن بقعة بعينها ، وموضعها مجهول.

والصحّة(٥) - وبه قال الشافعي وأحمد(٦) - إذ لا فرق بين عُشْر الأرض وبين ذراع من عشرة على قصد الإشاعة.

وهو عندي أقرب. وليس الذراع بقعةً معيّنة ، بل هو مكيال.

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٢٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤١.

(٣) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٤) المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣.

(٥) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٣ ، الخلاف ٣ : ١٦٤ ، المسألة ٢٦٤.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٤).

٨٥

فروع :

أ - لو اتّفقا على أنّهما أرادا قدراً منها غير مشاع ، لم يصحّ البيع ؛ لاتّفاقهما على بطلانه. ولو اختلفا فقال المشتري : أردت الإشاعة فالبيع صحيح ، وقال البائع : بل أردت معيّناً ، فالأقرب تقديم قول المشتري ؛ عملاً بأصالة الصحّة وأصالة عدم التعيين.

ب - لو قال : بعتك من هذه الدار من هاهنا إلى هاهنا ، جاز ؛ لأنّه معلوم.

ج - لو قال : بعتك من هاهنا عشرة أذرع في جميع العرض إلى حيث ينتهي الذرع طولاً ، فالأقرب عندي : البطلان ؛ لاختلاف الذرع(١) ، والجهل بالموضع الذي ينتهي إليه.

وللشيخ قول بالجواز(٢) ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٣) .

د - لو قال : بعتك نصيبي من هذه الدار ، ولا يعلم قدره ، أو : نصيباً أو سهماً أو جزءاً أو حظّاً أو قليلاً أو كثيراً ، لم يصحّ ، وإن علما نصيبه ، صحّ.

ه - لو قال : بعتك نصف داري ممّا يلي دارك ، قال الشافعي وأحمد : لا يصحّ ؛ لجهله بالمنتهى(٤) . وفيه قوّة.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : الذراع.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٤ ، الخلاف ٣ : ١٦٤ ، المسألة ٢٦٥.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٦ - ٣١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣.

(٤) المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١١ ، وفيها قول أحمد فقط.

٨٦

و - لو قال : بعتك عبداً من عبدين أو أكثر ، أو : شاةً من شاتين أو أكثر ، لم يصحّ على الأشهر - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - للجهالة ، وبالقياس على الزائد على الثلاثة ، أو في غير العبيد ، كالثياب والدوابّ ، أو لم يجعل له الاختيارِ أو زاده على الثلاث ، أو على النكاح ، فإنّه لو قال : أنكحتك إحدى ابنتي ، بطل إجماعاً.

وفي روايةٍ لنا : يجوز(٢) ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي في القديم في عبدٍ من عبدين أو من ثلاثة بشرط الخيار. ولأنّ الشرع أثبت التخيير مدّة ثلاثة أيّام بين العوضين ليختار هذا بالفسخ أو هذا بالإمضاء فجاز أن يثبت له الخيار بين عبدين ، وكما تتقدّر نهاية الاختيار بثلاثة تتقدّر نهاية ما يتخيّر فيه من الأعيان بثلاثة لا أزيد ؛ لدعاء الحاجة إليه ، وفي الأكثر يكثر الغرر ، والحاجة لا تنفي الغرر(٣) .

ويندفع بالتعيين. وما ذكروه من التخيير ضعيف.

ولو قال : بعتك شاةً من هذا القطيع ، بطل.

والأقرب : أنّه لو قصد الإشاعة في عبدٍ من عبدين أو في عشرة ، وفي شاةٍ من شاتين أو عشرة ، بطل ، بخلاف قصد الإشاعة في الذراع من الأرض.

ز - حكم الثوب حكم الأرض. ولو قال : بعتك من هاهنا إلى هاهنا ، صحّ إن كان ممّا لا ينقصه القطع ، وإن كان ممّا ينقصه القطع وشرطه ، جاز ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٠ ، المجموع ٩ : ٢٨٦ - ٢٨٧ و ٢٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ٨٤ ، المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٠.

(٢) اُنظر : الكافي ٥ : ٢١٧ ، ١ ، والفقيه ٣ : ٨٨ / ٣٣٠ ، والتهذيب ٧ : ٧٢ / ٣٠٨.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٨٧ و ٢٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١ - ٤٢ ، المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

٨٧

وإلّا فالأقوى عندي : الجواز أيضاً ؛ لأنّه سلّطه على قطعه ببيعه إيّاه.

وقال بعض الشافعيّة : لا يجوز ، كما لو اشترى نصفاً معيّناً من الحيوان(١) .

وليس بجيّد ؛ لامتناع التسليم هنا ، بخلاف التسليم في الثوب ، فإنّ النقص لا يمنع التسليم إذا رضيه.

وكذا البحث لو باعه ذراعاً من اُسطوانة من خشب ، والخلاف بين الشافعيّة فيه كما تقدّم. قالوا : ولو كانت الاُسطوانة من آجُرٍّ ، جاز. قالوا : بشرط أن يكون انتهاء الذراع إلى انتهاء الآجُرّة ، فلا يلحق الضرر بذلك(٢) .

ح - الاستثناء كالمبيع يجب أن يكون معلوماً ، فلو استثنى جزءاً مجهولاً ، بطل ، كقوله : بعتك هؤلاء العبيد إلّا واحداً ، ولم يعيّنه ، سواء اتّفقت القِيَم أو لا. ولا فرق بين أن يقول : على أن تختار مَنْ شئت منهم أو لا ، ولا إذا قال ذلك بين أن يقدّر زمان الاختيار أو لا يقدّره.

ولو باع جملة الشي‌ء واستثنى جزءاً شائعاً ، كنصفٍ أو ثُلْثٍ ، جاز.

ولو قال : بعتك هذه الصبرة إلّا صاعاً ، فإن كانت معلومة الصيعان ، صحّ ، وإلّا فلا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٣) - لأنّهعليه‌السلام نهى عن الثُّنْيا(٤) في البيع(٥) .

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١٠٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٧.

(٢) المجموع ٩ : ٣١٧ - ٣١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥.

(٤) هي أن يستثنى في عقد البيع شيء مجهول. النهاية - لابن الأثير - ١ : ٢٢٤ « ثنا ».

(٥) صحيح مسلم ٣ : ١١٧٥ / ٨٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٨٥ / ١٢٩٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦ ، مسند أحمد ٤ : ٣٢٦ / ١٤٤٢٧.

٨٨

وقال مالك : يصحّ وإن كانت مجهولة الصيعان(١) . وهو القياس الذي يقتضيه جواز بيع الصبرة مع الجهالة ؛ إذ لا فرق بين بيعها بأسرها وبين استثناء صاعٍ معلوم منها.

أمّا نحن فلمـّا أبطلنا بيعها مع الجهل ، بطل مع الاستثناء المعلوم.

ط - لو باعه صاعاً من هذه الصبرة وهُما يعلمان العدد ، صحّ.

وهل ينزّل على الإشاعة بحيث لو تلف بعض الصبرة تلف بقسطه من المبيع ، أو لا ، بل المبيع صاع من الجملة غير مشاع ؛ لعدم اختلاف المقصود باختلاف أعيان الصيعان ، فيبقى المبيع ما بقي صاع؟ فيه احتمال.

وأظهرهما عند الشافعيّة : الأوّل(٢) .

ولو لم يعلما العدد ، فإن نزّلناه على الإشاعة ، فالأقرب : البطلان ، وهو قول بعض الشافعيّة(٣) .

وإن قلنا : المبيع صاع غير مشاع ، جاز - وهو أظهر وجهي الشافعي(٤) - فالمبيع أيّ صاع كان حتى لو تلفت الصبرة سوى صاعٍ ، تعيّن ، وللبائع أن يسلّم صاعاً من أسفلها وإن لم يكن مرئيّاً ؛ لعدم التفاوت.

وقال القفّال من الشافعيّة : يبطل ؛ لأنّه غير معيّن ولا موصوف ، فصار كما لو فرّقها وباعه واحداً منها(٥) .

ي - لو كان له عبد واحد فحضر في جماعة عبيد ، فقال سيّده : بعتك‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠ ، وانظر بداية المجتهد ٢ : ١٦٤ ، والكافي في فقه أهل المدينة : ٣٣٢.

(٢ و ٣ ) المجموع ٩ : ٣١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣ و ٤٤ ، المجموع ٩ : ٣١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩.

(٥) حلية العلماء ٤ : ١٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٣١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩.

٨٩

عبدي من هؤلاء ، والمشتري يراهم ، بطل ؛ للجهالة ، وهو أحد قولي الشافعيّة. والآخر : يكون كبيع الغائب(١) .

يأ - يجب في المستثنى إمكان انفراده للبائع ، فلو باع أمةً واستثنى وطئها مدّةً ، لم يصحّ. ولو استثنى الكافر خدمة العبد - الذي بِيع عليه لإسلامه - مدّةً ، فالأقرب : الجواز ما لم تُثبت الخدمة عليه سلطنة ، كالمتعلّقة بالعين.

مسألة ٤٨ : إبهام السلوك كإبهام المبيع‌ ، فلو باعه أرضاً محفوفة بملكه من جميع الجهات وشرط السلوك من جانبٍ ولم يعيّن ، بطل البيع ؛ لتفاوت الغرض باختلاف الجهات ، وبه قال الشافعي(٢) .

ولو عيّن السلوكَ من جانبٍ ، صحّ إجماعاً ، وكذا لو قال : بعتكها بحقوقها ، ويثبت للمشتري حقّ السلوك من جميع الجوانب.

ولو أطلق ولم يعيّن جانباً ، فوجهان ، أظهرهما : ثبوت السلوك من الجميع ؛ لتوقّف الانتفاع عليه. وعدمه ؛ لسكوته عنه. وحينئذٍ هل هو بمنزلة نفي السلوك؟ احتمال.

وللشافعيّة كالوجهين(٣) .

ولو شرط نفي الممرّ ، فالوجه : الصحّة ؛ لإمكان الانتفاع بالإيجار وتوقّع تحصيل المسلك.

ويحتمل - وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٤) - البطلان ؛ لتعذّر الانتفاع في الحال.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٤ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥ ، المجموع ٩ : ٢٤١ - ٢٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

٩٠

ولو كانت الأرض المبيعة الملاصقةَ للشارع ، فليس للمشتري السلوك في ملك البائع ، فإنّ العادة في مثلها الدخول من الشارع. وإن كانت ملاصقةً للمشتري(١) ، فليس له السلوك في ملك البائع ، بل يدخل في ملكه السابق إن جرى البيع مطلقاً. ولو قال : بحقوقها ، فله السلوك في ملك البائع. وهذا كلّه كقول الشافعيّة(٢) .

ولو باع داراً واستثنى لنفسه بيتاً ، فله الممرّ. وإن نفى الممرّ ، فإن أمكن اتّخاذ ممرّ آخر ، صحّ ، وإن لم يمكن ، فالأقرب الصحّة.

وللشافعيّة وجهان(٣) .

مسألة ٤٩ : لو باع الدهن بظرفه وقد شاهده أو وصف له وصفاً يرفع الجهالة ، صحّ‌ إذا عرف المقدار ، عندنا ، ومطلقاً عند مجوّزي بيع الجزاف(٤) . وكذا كلّ ما تتساوى أجزاؤه ، كالعسل والدبس والخلّ.

ولو باعه كلّ رطلٍ بدرهم ، فإن عرف الأرطال ، صحّ ، وإلّا فلا ، وحكمه حكم الصبرة. ولو باعه مع الظرف بعشرة ، صحّ ؛ لأنّه باع عينين يجوز العقد على كلّ واحد منهما منفرداً فجاز مجتمعاً.

فأمّا إن باع السمن مع الظرف كلّ رطل بدرهمٍ وعرفا قدر المجموع ، صحّ وإن جهلا تفصيله.

ومَنَع منه بعضُ الشافعيّة وبعض الحنابلة ؛ لأنّ وزن الظرف يزيد وينقص ولا يعلم كم بدرهمٍ منهما ، فيدخل على غرر(٥) .

____________________

(١) أي : لملك المشتري.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥ ، المجموع ٩ : ٢٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

(٤) المغني ٤ : ٢٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

(٥) حلية العلماء ٤ : ١١٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٩ ، المغني ٤ : ٢٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

٩١

والباقون جوّزوه - كما اخترناه - لصحّة بيع كلٍّ منهما منفرداً ، فصحّ مجتمعاً. ولأنّه رضي أن يشتري الظرف كلّ رطل منه بدرهم ويشتري السمن كذلك(١) .

ولا يضرّ اختلاف القيمة فيهما ، كما لو اشترى ثوباً مختلفاً أو أرضاً كلّ ذراع بدرهم ، فإنّ القيمة مختلفة ، ويكون ثمن كلّ ذراع درهماً ، ولا يحتاج أن يجعل بعض الذراع الجيّد وبعض الردي‌ء بدرهم.

وإن باعه كلّ رطل بدرهمٍ على أن يزن الظرف معه فيحسب عليه بوزنه ولا يكون مبيعاً وهُما يعلمان زنة كلّ واحد منهما ، صحّ ؛ لأنّه إذا علم أنّ الدهن عشرة والظرف رطلان ، كان معناه بعتك عشرة أرطال باثني عشر درهماً. ولو لم يعلما زنتهما ولا زنة أحدهما ، بطل ؛ لأدائه إلى جهالة الثمن في الحال في الجملة والتفصيل ، وبه قال الشافعي وأحمد(٢) .

مسألة ٥٠ : يجوز بيع النحل إذا شاهدها وكانت محبوسةً بحيث لا يمكنها الامتناع‌ - وبه قال الشافعي ومحمّد بن الحسن وأحمد(٣) - لأنّها معلومة يقدر على تسليمها ، فصحّ بيعها كغيرها.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز بيعها منفردةً ؛ لأنّه لا ينتفع بعينه ، فأشبه الحشرات(٤) .

والجواب : المنع من عدم الانتفاع ؛ لأنّها يخرج من بطونها شراب فيه‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١١٠ ، المغني ٤ : ٢٥١ و ٢٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

(٢) المجموع ٩ : ٣٢٠ ، المغني ٤ : ٢٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢١ و ٣٢٢ ، حلية العلماء ٤ : ١١١ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٤ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٤ ، المجموع ٩ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٤ : ١١٢ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

٩٢

منافع للناس ، فصارت كبهيمة الأنعام.

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يجوز بيعها في كواراتها(١) - وبه قال بعض الحنابلة(٢) - لجهالتها.

وقال بعضهم : يجوز(٣) .

والضابط : العلم ، فإن تمكّن منه بأن يفتح رأس البيت ويشاهدها ويعرف كثرتها من قلّتها ، جاز ، وإلّا فلا.

مسألة ٥١ : ويجوز بيع دود القزّ - وبه قال الشافعي وأحمد‌(٤) - لأنّه حيوان طاهر معلوم يجوز اقتناؤه لتملّك ما يخرج منه ، فأشبه البهائم.

وقال أبو حنيفة في رواية عنه : إنّه لا يجوز بيعه. وفي رواية اُخرى : إن كان معه قزّ ، جاز بيعه ، وإلّا فلا ؛ لأنّه لا ينتفع بعينه ، فأشبه الحشرات(٥) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ النفع بها ظاهر ، وهو ما يخرج منها ، كالبهائم التي لا ينتفع بها بشي‌ء غير النتاج ، بخلاف الحشرات التي لا نفع فيها البتة ، فإنّ هذه يخرج منها الحرير ، وهو أفخر الملابس.

وكذا يجوز بيع بزره.

ومَنَعه بعض الحنابلة(٦) . وهو خطأ ؛ لما مرّ.

____________________

(١) الكِوارة : شي‌ء يتّخذ للنحل من القُضْبان ، وهو ضيق الرأس. لسان العرب ٥ : ١٥٦ « كور ».

(٢ و ٣ ) المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨ ، حلية العلماء ٤ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٢٢٧ و ٢٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٤.

(٥) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٢٢٧ و ٢٥٣ ، المحلّى ٩ : ٣١ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

(٦) المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

٩٣

مسألة ٥٢ : المسك طاهر يجوز بيعه في الجملة‌ ، وبه قال عامّة الفقهاء(١) .

وحكي عن بعض الناس : المنع من بيعه ؛ لأنّه نجس ، لقولهعليه‌السلام : « ما اُبين من حيّ فهو ميّت »(٢) والميتة نجسة(٣) .

وقد قيل : إنّه دم(٤) .

وهو خطأ ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للأنصاريّة التي سألته عن غسل الحيض : « خُذي فِرصةً(٥) من مسك فتطهّري بها »(٦) .

ولا دلالة في الخبر ؛ لأنّ الغزال يلقيه كما يلقي الولدَ ، ويلقي الطير البيضَ. والدم المحرَّم هو المسفوح ، فإنّ الكبد حلال وهو دم ، وقد روي جواز بيعه عن الصادقعليه‌السلام (٧) .

إذا ثبت هذا ، فقد جوّز الشيخُ بيعَ المسك في فأرة وإن لم يفتق ، وفتقه أحوط(٨) ، وبه قال بعض الشافعيّة ؛ لأنّ بقاءه في فأرةٍ مصلحة له ، فإنّه يحفظ رطوبته وذكاء رائحته ، فأشبه ما مأكوله في جوفه(٩) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٠٦ وكما في الخلاف ٣ : ١٧٠ ، المسألة ٢٧٧

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ١١١ / ٢٨٥٨ ، المستدرك - للحاكم - ٤ : ٢٣٤ نحوه.

(٣ و ٤ ) حلية العلماء ٤ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ٣٠٦ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٤ ، وكما في الخلاف ٣ : ١٧٠ ، المسألة ٢٧٧.

(٥) الفِرْصة : قطعة من صوف أو قطن أو خرقة. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٤٣١ « فرص ».

(٦) صحيح البخاري ١ : ٨٥ - ٨٦ ، سنن النسائي ١ : ١٣٥ - ١٣٦ ، سنن البيهقي ١ : ١٨٣ ، معرفة السنن والآثار ١ : ٤٨٨ - ٤٨٩ / ١٤٦١ ، مسند أبي عوانة ١ : ٣١٧.

(٧) اُنظر : الفقيه ٣ : ١٤٣ / ٦٢٨ ، والتهذيب ٧ : ١٣٩ / ٦١٥.

(٨) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٨ ، الخلاف ٣ : ١٧٠ ، المسألة ٢٧٨.

(٩) المجموع ٩ : ٣٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

٩٤

ومَنَع أكثر أصحاب الشافعي وأصحاب أحمد ؛ لبقائه خارج وعائه من غير ضرورة ، وتبقى رائحته [ فلم يجز ](١) بيعه مستوراً ؛ لجهالة صفته ، كالدرّ في الصدف(٢) .

والوجه : الصحّة ؛ لأنّ صفة المسك معلومة ، فيشتريه بشرط الصحّة ، كالمذوق قبل ذوقه.

مسألة ٥٣ : لا يجوز بيع البيض في بطن الدجاجة ولا النوى في التمر‌ - وهو وفاق - للجهالة.

ولو باع لؤلؤةً في صدفٍ ، لم يجز أيضاً ؛ للجهالة ، وبه قال محمّد(٣) .

وقال أبو يوسف : يجوز ، وله الخيار إذا رآه ؛ لأنّه كالحقّة(٤) .

ونحن نمنع من حكم الأصل ؛ لعدم ضبط اللؤلؤ.

مسألة ٥٤ : قد بيّنّا أنّ جهالة الاستثناء تُبطل البيع‌ ، وكذا المنفصل المعلوم إذا جُهلت نسبته إلى المستثنى منه ، فلو باعه بعشرة إلّا ثوباً وعيّنه ، لم يصحّ. وكذا لو باعه بثوب إلّا درهماً مع جهل النسبة.

ولو استثنى جزءاً معلوماً مشاعاً ، كثُلْثٍ أو ربع من الصبرة أو الحائط ، أو جزءين وأزيد ، كتُسْعين أو ثلاثة أثمان ، صحّ البيع ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأحمد(٥) - لانتفاء الجهالة.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : فلم يقع. وما أثبتناه - كما هو الصحيح - من المغني والشرح الكبير.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٤ - ٣٣٥ ، المجموع ٩ : ٣٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٣ و ٤) لم نعثر عليه في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٥.

٩٥

وقال أبو بكر وابن أبي موسى : لا يجوز(١) . وليس بمعتمد.

وكذا يجوز أن يستثني المشاع من الحيوان ، كثُلْثه أو ربعه ؛ لوجود المقتضي وانتفاء المانع.

وقال بعض الحنابلة : لا يجوز ؛ قياساً على استثناء الشحم(٢) .

وهو خطأ ؛ لجهالة الشحم.

ولو قال : بعتك قفيزاً من هذه الصبرة إلّا مكّوكاً(٣) ، صحّ.

فروع :

أ - لو باع قطيعاً واستثنى شاةً معيّنة ، صحّ البيع ، وإن لم تكن معيّنةً ، بطل - وهو قول أكثر العلماء(٤) - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الثُّنْيا إلّا أن تعلم(٥) . ونهى عن الغرر(٦) . ولأنّه مبيع مجهول فلم يصحّ ، كما لو قال : إلّا شاة مطلقة.

وقال مالك : يصحّ أن يبيع مائة شاة إلّا شاة يختارها ، أو يبيع ثمرة حائطه ويستثني ثمرة نخلاتٍ يعدّها(٧) .

ب - لو قال : بعتك هذا بأربعة دراهم إلّا بقدر درهم ، أو : إلّا ما يخصّ درهماً ، صحّ ؛ لأنّ قدره معلوم من المبيع وهو الربع ، فكأنّه قال : بعتك ثلاثة أرباعه بأربعة. ولو قال : إلّا ما يساوي درهماً ، صحّ مع العلم‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٥.

(٣) المكّوك : ميكال معروف لأهل العراق. لسان العرب ١٠ : ٤٩١ « مكك ».

(٤) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

(٥) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٢ / ٣٤٠٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٨٥ / ١٢٩٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦.

(٦) تقدّم تخريجه في ص ٤٨ ، الهامش (٢).

(٧) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

٩٦

لا مع الجهالة ؛ إذ ما يساوي الدرهم قد يكون الربع وقد يكون أكثر وأقلّ.

ج - لو باعه سمسما واستثنى الكسب(١) ، لم يجز ، لأنّه قد باعه الشيرج بالحقيقة ، وهو غير معلوم. وكذا لو استثنى الشيرج. وكذا لو باعه قطناً واستثنى الحبّ أو بالعكس ، وبه قال الشافعي(٢) .

مسألة ٥٥ : لو باعه حيواناً مأكولاً واستثنى رأسه وجلده ، فالأقوى بطلان البيع - وبه قال أبو حنيفة والشافعي(٣) - لأنّه لم يجز إفراده بالعقد فلم يجز استثناؤه ، كالحمل ، ولأنّه مجهول.

وفي قولٍ لنا : الشركة بقيمة ثُنْياه(٤) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « اختصم إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلان اشترى أحدهما من الآخر بعيراً واستثنى البيّعُ الرأسَ والجلد ثمّ بدا للمشتري أن يبيعه ، فقال للمشتري : هو شريكك في البعير على قدر الرأس والجلد »(٥) .

وقال مالك : يكون له ما استثناه ، ويصحّ البيع في السفر دون الحضر ؛ لأنّ المسافر لا يمكنه الانتفاع بالجلد والسواقط. فجوّز له شراء اللحم دونها(٦) .

وليس بجيّد ؛ لتساوي السفر والحضر في الحكم.

وقال أحمد : يصحّ الاستثناء مطلقاً ؛ لأنّ المستثنى والمستثنى منه معلومان ، فصحّ ، كما لو استثنى نخلةً معيّنة(٧) .

____________________

(١) الكُسْب : عصارة الدهن. لسان العرب ١ : ٧١٧ « كسب ».

(٢) المجموع ٩ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

(٤) من القائلين بذلك : المحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ٥٧.

(٥) الكافي ٥ : ٣٠٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٨١ / ٣٥٠.

(٦) المدونّة الكبرى ٤ : ٢٩٣ ، المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

(٧) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

٩٧

وليس بجيّد ؛ للعلم هنا.

فروع :

أ - لو باع الرأس والجلد أو شارك فيهما ، فالوجه عندي : البطلان ؛ للجهالة وتعذّر التسليم.

وفي قولٍ لنا : إنّه يكون للشريك بقدر نصيبه(١) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام في رجلٍ شهد بعيراً مريضاً وهو يباع ، فاشتراه رجل بعشرة دراهم وأشرك فيه رجلاً بدرهمين بالرأس والجلد ، فقضي أنّ البعير بري‌ء فبلغ ثمانية دنانير ، قال : فقال : « لصاحب الدرهمين خُمس ما بلغ ، فإن قال : أريد الرأس والجلد فليس له ذلك هذا الضرار وقد اُعطي حقّه إذا اُعطي الخُمس »(٢) .

ب - لو امتنع المشتري من ذبحها ، قال أحمد : لم يجبر عليه ، ويلزمه قيمة ذلك ؛ لما روي عن عليّعليه‌السلام أنّه قضى في رجلٍ اشترى ناقةً وشرط ثُنْياها ، فقال : « اذهبوا إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثُنْياها من ثمنها »(٣) .

وقد بيّنّا أنّ الأقوى بطلان البيع.

ج - لو استثنى شحم الحيوان ، لم يصحّ البيع - وبه قال أحمد(٤) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الثُّنْيا إلّا أن تعلم(٥) . ولأنّه لا يصحّ إفراده بالبيع ؛

____________________

(١) قال به المحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ٥٧.

(٢) التهذيب ٧ : ٧٩/ ٣٤١ ، وبتفاوت في الكافي ٥ : ٢٩٣ / ٤.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١ - ٢٢.

(٤) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١.

(٥) تقدّم تخريجه في ص ٩٥ ، الهامش (٥).

٩٨

لجهالته.

مسألة ٥٦ : لو استثنى الحملَ ، صحّ عندنا - وبه قال الحسن والنخعي‌ وإسحاق وأبو ثور وأحمد في روايةٍ(١) - لأنّ نافعاً(٢) روى عن ابن عمر أنّه باع جاريةً واستثنى ما في بطنها(٣) .

ولأنّه يصحّ استثناؤه في العتق فصحّ في البيع.

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في اُخرى ، والثوري : لا يصحّ ، لأنّه مجهول لا يصحّ إفراده بالبيع ، فلا يصحّ استثناؤه. ولأنّهعليه‌السلام نهى عن الثّنيا إلّا أن تعلم(٤) (٥) .

ونحن نقول بالموجب ، فإنّ الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل ، والبيع إنّما تناول الاُمّ دون الحمل ، وإطلاق الاستثناء عليه مجاز ، بل نقول نحن : إنّه لو باع الامّ ولم يستثن الحمل ، لم يدخل في البيع ، وكان للبائع ، والاستثناء هنا مؤكّد لا مخرج.

تذنيب : لو باع أمةً حاملاً بحُرٍّ ، جاز البيع عندنا ؛ للأصل‌ ، خلافاً للشافعي ؛ لأنّ الحمل لا يدخل في البيع ، فصار كأنّه مستثنى ، فلا يصحّ بيعها(٦) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ - ٣٧ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١.

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « نافع » غير منصوب.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٧.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٩٥ ، الهامش (٥).

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٥ - ٢٢٦ ، المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ - ٣٧ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١.

(٦) المجموع ٩ : ٣٢٤ - ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٧.

٩٩

ونمنع بطلان الاستثناء.

مسألة ٥٧ : لا يكفي في العلم مشاهدة وجه الدابّة‌ ، بل لابُدّ من النظر إلى مؤخّرها - وبه قال أبو يوسف(١) - لأنّ المؤخّر موضع مقصود منها ، فيشترط رؤيته.

وقال محمّد بن الحسن : لا يشترط ؛ لأنّ الأصل في الحيوان الوجه ، فتكفي رؤيته ، كالعبد والأمة(٢) .

ونحن نمنع المقيس عليه ، ونوجب المشاهدة لجميع الأجزاء الظاهرة في المبيع كلّه ، سواء كان حيواناً أو غيره ، أو نثبت خيار الرؤية لو ظهر البعض على الخلاف.

ولو اشترى دارا فرأى خارجها ، لم يصحّ ، إلّا إذا وصف الباقي وصفاً يرفع الجهالة ، ويثبت خيار الرؤية ، وبه قال زفر(٣) .

وقال أبو حنيفة وصاحباه : إذا رأى خارجها ، كان رؤية لها(٤) . وليس بجيّد.

مسألة ٥٨ : وكما أنّ الجهالة في الموضعين مبطلة فكذا في صفاتهما ولواحق المبيع‌ ، فلو شرطا شرطاً مجهولاً ، بطل البيع. ولو شرطا تأجيل الثمن ، وجب أن يكون معلوماً ، فلو أجّله إلى الحصاد ونحوه ، بطل البيع ؛ للجهالة.

فإن أسقط الأجل ، لم ينقلب جائزاً عندنا - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّه‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٩٣.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ٢٩٣.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٩٤.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ٢٧.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

كان ينصب، و (لووا) بالتخفيف والتشديد، وهو ظاهر، والهمزة في (أستغفرت لهم) مفتوحة همزة قطع، وهمزة الوصل محذوفة، وقد وصلها قوم على أنه حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه.

قوله تعالى (ليخرجن) يقرأ على تسمية الفاعل والتشديد، و (الاعز) فاعل و (الاذل) مفعول، ويقرأ على ترك التسمية والاذل على هذا حال، والالف واللام زائدة، أو يكون مفعول حال محذوفة: أى مشبها الاذل.

قوله تعالى (وأكون) بالنصب عطفا على ما قبله، وهو جواب الاستفهام، ويقرأ بالجزم حملا على المعنى، والمعنى: إن أخرتنى أكن، والله أعلم.

سورة التغابن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أبشر) هو مبتدأ، و (يهدوننا) الخبر، ويجوز أن يكون فاعلا أى أيهدينا بشر.

قوله تعالى (يوم يجمعكم) هو ظرف لخبير، وقيل لما دل عليه الكلام: أى تتفاوتون يوم يجمعكم، وقيل التقدير.

اذكروا يوم يجمعكم.

قوله تعالى (يهد قلبه) يقرأ بالهمز: أى يسكن قلبه.

قوله تعالى (خيرا لانفسكم) هو مثل قوله تعالى " انتهوا خيرا لكم " والله أعلم.

سورة الطلاق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (إذا طلقتم) قيل التقدير: قل لامتك إذا طلقتم. وقيل الخطاب له صلى الله عليه وسلم ولغيره (لعدتهن) أى عند أول مايعتد لهن به وهو في قبل الطهر.

قوله تعالى (بالغ أمره) يقرأ بالتنوين والنصب وبالاضافة والجر، والاضافة غير محضة، ويقرأ بالتنوين والرفع على أنه فاعل بالغ، وقيل أمره مبتدأ، وبالغ خبره.

قوله تعالى (واللائى لم يحضن) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أى فعدتهن كذلك، و (أجلهن) مبتدأ، و (أن يضعن) خبره، والجملة خبر أولات، ويجوز أن يكون أجلهن بدل

٢٦١

الاشتمال: أى وأجل أولات الاحمال.

قوله تعالى (أسكنوهن من حيث) من هاهنا لابتداء الغاية، والمعنى تسببوا في إسكانهن من الوجه الذى تسكنون، ودل عليه قوله تعالى (من وجدكم) والوجد الغنى، ويجوز فتحها وكسرها، ومن وجدكم بدل من " من حيث ".

قوله تعالى (رسولا) في نصبه أوجه: أحدها أن ينتصب بذكرا: أى أنزل إليكم أن ذكر رسولا. والثانى أن يكون بدلا من ذكرا، ويكون الرسول بمعنى الرسالة، و (يتلو) على هذا يجوز أن يكون نعتا، وأن يكون حالا من اسم الله تعالى.

والثالث أن يكون التقدير: ذكر أشرف رسول، أو ذكرا ذكر رسول، ويكون المراد بالذكر الشرف، وقد أقام المضاف إليه مقام المضاف.

والرابع أن ينتصب بفعل محذوف: أى وأرسل رسولا.

قوله تعالى (قد أحسن الله له) الجملة حال ثانية، أو حال من الضمير في خالدين.

قوله تعالى (مثلهن) من نصب عطفه: أى وخلق من الارض مثلهن، ومن رفع استأنفه، و (يتنزل) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون نعتا لما قبله، والله أعلم.

سورة التحريم

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (تبتغى) هو حال من الضمير في تحرم، ويجوز أن يكون مستأنفا وأصل (تحلة) تحللة، فأسكن الاول وأدغم (وإذ) في موضع نصب باذكر.

قوله تعالى (عرف بعضه) من شدد عداه إلى اثنين، والثانى محذوف: أى عرف بعضه بعض نسائه، ومن خفف فهو محمول على المجازاة لا على حقيقة العرفان لانه كان عارفا بالجميع، وهو كقوله تعالى " والله بما تعملون خبير " ونحوه: أى يجازيكم على أعمالكم.

قوله تعالى (إن تتوبا) جواب الشرط محذوف تقديره: فذلك واجب عليكما أو يتب الله عليكما، ودل على المحذوف (فقد صغت) لان إصغاء القلب إلى ذلك ذنب.

قوله تعالى (قلوبكما) إنما جمع، وهما اثنان لان لكل إنسان قلبا، وما ليس في الانسان منه إلا واحد جاز أن يجعل الاثنان فيه بلفظ الجمع، وجاز أن يجعل بلفظ التثنية، وقيل وجهه أن التثنية جمع.

٢٦٢

قوله تعالى (هو مولاه) مبتدأ وخبره خبر إن، ويجوز أن يكون هو فصلا، فأما (جبريل وصالح المؤمنين) ففيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر محذوف أو مواليه، أو يكون معطوفا على الضمير في مولاه أو على معنى الابتداء.

والثانى أن يكون مبتدأ (والملائكة) معطوفا عليه، و (ظهير) خبر الجميع، وهو واحد في معنى الجمع: أى ظهراء، و (مسلمات) نعت آخر وما بعده من الصفات كذلك، فأما الواو في قوله تعالى (وأبكارا) فلا بد منها، لان المعنى بعضهن ثيبات وبعضهن أبكار.

قوله تعالى (قوا) في هذا الفعل عينه لان فاء‌ه ولامه معلتان، فالواو حذفت في المضارع لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، والامر مبنى على المضارع.

قوله تعالى (لا يعصون الله) هو في موضع رفع على النعت.

قوله تعالى (توبة نصوحا) يقرأ بفتح النون، قيل هو مصدر، وقيل هو اسم فاعل: أى ناصحة على المجاز، ويقرأ بضمها وهو مصدر لا غير مثل القعود.

قوله تعالى (يقولون) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.

قوله تعالى (امرأة نوح وامرأة لوط) أى مثل امرأة نوح، وقد ذكر في يس وغيرها، و (كانتا) مستأنف، و (إذ قالت) العامل في إذ المثل، و (عندك) يجوز أن يكون ظرفا لابن، وأن يكون حالا من (بيتا).

قوله تعالى (ومريم) أى واذكر مريم، أو ومثل مريم، و (فيه) الهاء تعود على الفرج، والله أعلم.

سورة الملك

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (طباقا) واحدها طبقة، وقيل طبق، و (تفاوت) بالالف وضم الواو مصدر تفاوت، وتفوت بالتشديد مصدر تفوت وهما لغتان، و (كرتين) مصدر: أى رجعتين.

قوله تعالى (كفروا بربهم عذاب) بالرفع على الابتداء، والخبر للذين، ويقرأ بالنصب عطفا على عذاب السعير.

قوله تعالى (فسحقا) أى فالزمهم سحقا، أو فاسحقهم سحقا.

قوله تعالى (من خلق) من في موضع رفع فاعل يعلم، والمفعول محذوف أى ألا يعلم الخالق خلقه، وقيل الفاعل مضمر، ومن مفعول.

٢٦٣

قوله تعالى (النشور أأمنتم) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل، وبقلبها واوا في الوصل لانضمام الراء قبلها، و (أن يخسف) و (أن يرسل) هما بدلان من بدل الاشتمال.

قوله تعالى (فوقهم صافات) يجوز أن يكون صافات حالا، وفوقهم ظرف لها، ويجوز أن يكون فوقهم حالا، وصافات حالا من الضمير في فوقهم (ويقبضن) معطوف على اسم الفاعل حملا على المعنى: أى يصففن ويقبضن: أى صافات وقابضات، و (ما يمسكهن إلا الرحمن) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يقبضن، ومفعول يقبضن محذوف: أى أجنحتهن.

قوله تعالى (أمن) من مبتدأ، و (هذا) خبره، و (الذى) وصلته نعت لهذا أو عطف بيان، و (ينصركم) نعت جند محمول على اللفظ، ولو جمع على المعنى لجاز، و (مكبا) حال، و (على وجهه) توكيد، و (أهدى) خبر " من " وخبر " من " الثانية محذوف.

قوله تعالى (غورا) هو خبر أصبح أو حال إن جعلتها التامة وفيه بعد، والغور مصدر في معنى الغائر، ويقرأ " غورا " بالضم والهمز على فعول، وقلبت الواو همزة لانضمامها ضما لازما ووقوع الواو بعدها، والله أعلم.

سورة ن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (ن والقلم) هو مثل " يس والقرآن " وقد ذكر.

قوله تعالى (بأيكم المفتون) فيه ثلاثة أوجه: أحدها الباء زائدة.

والثانى أن المفتون مصدر مثل المفعول والميسور: أى بأيكم الفتون: أى الجنون.

والثالث هى بمعنى في: أى في أى طائفة منكم الجنون.

قوله تعالى (لو تدهن فيدهنون) إنما أثبت النون لانه عطفه على تدهن ولم يجعله جواب التمنى، وفي بعض المصاحف بغير نون على الجواب.

قوله تعالى (أن كان) يقرأ بكسر الهمزة على الشرط، وبفتحها على أنها مصدرية، فجواب الشرط محذوف دل عليه (إذا تتلى) أى أن كان ذا مال يكفر، وإذا جعلته مصدرا كان التقدير: لان كان ذا مال يكفر، ولا يعمل فيه

تتلى ولا مال، لان ما بعد اذا لا يعمل فيما قبلها، و (مصبحين) حال من الفاعل في يصر منها لا في أقسموا، و (على حرد) يتعلق ب‍ (قادرين) وقادرين حال، وقيل خبر غدوا

٢٦٤

لانها حملت على أصبحوا.

قوله تعالى (عند ربهم) يجوز أن يكون ظرفا للاستقرار، وأن يكون حالا من (جنات).

قوله تعالى (بالغة) بالرفع نعت لايمان، وبالنصب على الحال، والعامل فيها الظرف الاول أو الثانى.

قوله تعالى (يوم يكشف) أى اذكر يوم يكشف، وقيل العامل فيه (خاشعة) ويقرأ " تكشف " أى شدة القيامة، وخاشعة حال من الضمير في يدعون، و (من يكذب) معطوف على المفعول أو مفعول معه.

سورة الحاقة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (الحاقة) قيل هو خبر مبتدأ محذوف، وقيل مبتدأ ومابعده الخبر على ماذكر في الواقعة، و (ما) الثانية مبتدأ، و (أدراك) الخبر والجملة بعده في موضع نصب، و (الطاغية) مصدر كالعافية، وقيل اسم فاعل بمعنى الزائدة، و (سخرها) مستأنف أو صفة، و (حسوما) مصدر: أى قطعا لهم، وقيل هو جمع أى متتابعات، و (صرعى) حال، و (كأنهم) حال أخرى من الضمير في صرعى و (خاوية) على لغة من أنث النخل، و (باقية) نعت: أى حالة باقية، وقيل هو بمعنى بقية، و (من قبله) أى من تقدمه بالكفر، ومن قبله: أى من عنده، وفي جملته، و (بالخاطئة) أى جاء‌وا بالفعلة ذات الخطأ على النسب مثل تامر ولابن.

قوله تعالى (وتعيها) هو معطوف، أى ولتعيها، ومن سكن العين فر من الكسرة مثل فخذ، و (واحدة) توكيد لان النفخة لا تكون إلا واحدة، (وحملت الارض) بالتخفيف، وقرئ مشددا: أى حملت الاهوال، و (يومئذ) ظرف ل‍ (وقعت) و (يومئذ) ظرف ل‍ (واهية) و (هاؤم) اسم للفعل بمعنى خذوا، و (كتابيه) منصوب باقرء‌وا لا بهاؤم عند البصريين، وبهاؤم عند الكوفيين، و (راضية) على ثلاثة أوجه: أحدها هى بمعنى مرضية مثل دافق بمعنى مدفوق.

والثانى على النسب: أى ذات رضا مثل لابن وتامر.

والثالث هى على بابها، وكأن العيشة رضيت بمحلها وحصولها في مستحقها أو أنها لاحال أكمل من حالها فهو مجاز.

٢٦٥

قوله تعالى (ماأغنى عنى) يحتمل النفى والاستفهام، والهاء في هذه المواضع لبيان الحركة لتتفق رء‌وس الآى، و (الجحيم) منصوب بفعل محذوف، و (ذرعها سبعون) صفة لسلسلة، وفي تتعلق ب‍ (اسلكوه) ولم تمنع الفاء من ذلك، والتقدير ثم فاسلكوه، فثم لترتيب الخبر عن المقول قريبا من غير تراخ، والنون في (غسلين) زائدة لانه غسالة أهل النار، وقيل التقدير: ليس له حميم إلا من غسلين ولاطعام، وقيل الاستثناء من الطعام والشراب، لان الجميع يطعم بدليل قوله تعالى " ومن لم يطعمه " وأما خبر ليس هاهنا أوله، وأيهما كان خبرا فالآخر إما حال من حميم أو معمول الخبر، ولايكون اليوم خبرا لانه زمان، والاسم جثة، و (قليلا) قد ذكر في الاعراف، و (تنزيل) في يس، و (باليمين) متعلق بأخذنا أو حال من الفاعل، وقيل من المفعول.

قوله تعالى (فما منكم من أحد) من زائدة، وأحد مبتدأ، وفي الخبر وجهان: أحدهما (حاجزين) وجمع على معنى أحد، وجر على لفظ أحد، وقيل هو منصوب بما، ولم يعتد بمنكم فصلا، وأما منكم على هذا فحال من أحد، وقيل تبيين. والثانى الخبر منكم، وعن يتعلق بحاجزين، والهاء في إنه للقرآن العظيم.

سورة المعارج

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (سأل) يقرأ بالهمزة وبالالف وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هى بدل من الهمزة على التخفيف.

والثانى هى بدل من الواو على لغة من قال: هما يتساولان.

والثالث هى من الياء من السيل، والسائل يبنى على الاوجه الثلاثة، والباء بمعنى عن وقيل هى على بابها: أى سال بالعذاب كما يسيل الوادى بالماء واللام تتعلق بواقع، وقيل هى صفة أخرى للعذاب، وقيل يسأل؟؟، وقيل التقدير، هو للكافرين، و (من) تتعلق بدافع: أى لا يدفع من جهة الله، وقيل تتعلق بواقع، ولم يمنع النفى ذلك لانه ليس فعل، و (ذى) صفة لله تعالى، و (تعرج) مستأنف، و (يوم تكون) بدل من قريب (ولايسأل) بفتح الياء: أى حميما عن حاله، ويقرأ بضمها والتقدير: عن حميم، و (يبصرونهم) مستأنف، وقيل حال وجمع الضمير على معنى الحميم، و (يود) مستأنف أو حال من ضمير المفعول أو المرفوع، و (لو) بمعنى أن.

٢٦٦

قوله تعالى (نزاعة) أى هى نزاعة، وقيل هى بدل من لظى، وقيل كلاهما خبر، وقيل خبر إن، وقيل لظى بدل من اسم إن، ونزاعة خبرها، وأما النصب فقيل هو حال من الضمير في (تدعو) مقدمة، وقيل هى حال مما دلت عليه لظى أى تتلظى نزاعة، وقيل هو حال من الضمير في لظى على أن تجعلها صفة غالبة مثل الحارث والعباس، وقيل التقدير: أعنى. وتدعو يجوز أن يكون حالا من الضمير في نزاعة إذا لم تعمله فيها، و (هلوعا) حال مقدرة، و (جزوعا) حال أخرى والعامل فيها هلوعا، وإذا ظرف لجزوعا، وكذلك (منوعا).

قوله تعالى (إلا المصلين) هو استثناء من الجنس، والمستثنى منه الانسان وهو جنس، فلذلك ساغ الاستثناء منه.

قوله تعالى (في جنات) هو ظرف ل‍ (مكرمون) ويجوز أن يكونا خبرين، و (مهطعين) حال من الذين كفروا، وكذلك (عزين) وقبلك معمول مهطعين وعزين جمع عزة، والمحذوف منه الواو، وقيل الياء، وهو من عزوته إلى أبيه وعزيته لان العزة الجماعة، وبعضهم منضم إلى بعض، كما أن المنسوب مضموم إلى المنسوب إليه.

وعن يتعلق بعزين: أى متفرقين عنهما، ويجوز أن يكون حالا.

قوله تعالى (يوم يخرجون) هو بدل من يومهم، أو على إضمار أعنى، و (سراعا) و (كأنهم) حالان، والنصب قد ذكر في المائدة (خاشعة) حال من يخرجون، والله أعلم.

سورة نوحعليه‌السلام

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أن أنذر) يجوز أن تكون بمعنى أى، وأن تكون مصدرية، وقد ذكرت نظائره، و (طباقا) قد ذكر في الملك، و (نباتا) اسم للمصدر فيقع موقع إتبات؟؟؟ ونبت وتنبيت، وقيل التقدير: فنبتم نباتا، و (منها) يجوز أن يتعلق بتسلكوا، وأن يكون حالا، و (كبارا) بالتشديد والتخفيف بمعنى كبير، و (ودا) بالضم

والفتح لغتان، وأما (يغوث ويعوق) فلا ينصرفان لوزن الفعل والتعريف. وقد صرفهما قوم على أنهما نكرتان.

قوله تعالى (مما خطاياهم) " ما " زائدة. أى من أجل خطاياهم (أغرقوا) وأصل (ديارا) ديوار لانه فيعال من دار يدور ثم أدغم.

٢٦٧

سورة الجن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أوحى إلى) يقرأ أحى بغير واو وأصله وحى، يقال وحى وأوحى ثم قلبت الواو المضمومة همزة.

وما في هذه السورة من أن فبعضه مفتوح وبعضه مكسور، وفي بعضه اختلاف، فما كان معطوفا على أنه استمع فهو مفتوح لاغير لانها مصدرية. وموضعها رفع بأوحى، وماكان معطوفا على أنا سمعنا فهو مكسور لانه حكى بعد القول، وماصح أن يكون معطوفا على الهاء في به كان على قول الكوفيين على تقدير: وبأن ولا يجيزه البصريون لان حرف الجر يلزم إعادته عندهم هنا، فأما قوله تعالى " وأن المساجد لله " فالفتح على وجهين: أحدهما هو معطوف على أنه استمع فيكون قد أوحى والثانى أن يكون متعلقا بتدعو: أى فلا تشركوا مع الله أحدا لان المساجد له: أى مواضع السجود، وقيل هو جمع مسجد وهو مصدر، ومن كسر استأنف، وأما " وأنه لما قام " فيحتمل العطف على أنه استمع وعلى إنا سمعنا، و (شططا) نعت لمصدر محذوف: أى قولا شططا وكذلك (كذبا) أى قولا كذبا ويقرأ تقول بالتشديد، فيجوز أن يكون كذبا مفعولا ونعتا، و (رصدا) أى مرصدا أو ذا إرصاد، و (أشر) فاعلى فعل محذوف: أى أريد شر، و (قددا) جمع قدة مثل عدة وعدد. و (هربا) مصدر في موضع الحال.

قوله تعالى (وأن لو استقاموا) أن مخففة من الثقيلة ولو عرض كالسين وسوف وقيل " لو " بمعنى أن، وإن بمعنى اللام وليست لازمة كقوله تعالى " لئن لم ينته " وقال تعالى في موضع آخر " وإن لم ينتهوا " ذكره ابن فصال في البرهان، والهاء في (يدعوه) ضمير اسم الله: أى قام موحدا لله، و (لبدا) جمع لبدة، ويقرأ بضم اللام وفتح الباء مثل حطم وهو نعت للمبالغة، ويقرأ مشددا مثل صوم.

قوله تعالى (إلا بلاغا) هو من غير الجنس، و (من أضعف) قد ذكر أمثاله، و (من ارتضى) من استثناء من الجنس، وقيل هو مبتدأ والخبر (فإنه) و (رصدا) مفعول يسلك: أى ملائكة رصدا، و (عددا) مصدر، لان أحصى بمعنى عد، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم.

٢٦٨

سورة المزمل

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (المزمل) أصله المتزمل، فأبدلت التاء زايا وأدغمت، وقد قرئ بتشديد الميم وتخفيف الزاى، وفيه وجهان: أحدهما هو مضاعف، والمفعول محذوف: أى المزمل نفسه. والثانى هو مفتعل، فأبدلت الفاء ميما.

قوله تعالى (نصفه) فيه وجهان، أحدهما هو بدل من الليل بدل بعض من كل و (إلا قليلا) استثناء من نصفه.

والثانى هو بدل من قليلا، وهو أشبه بظاهر الآية، لانه قال تعالى " أو انقص منه أو زد عليه " والهاء فيهما للنصف، فلو كان الاستثناء من النصف لصار التقدير: قم نصف الليل إلا قليلا أو انقص منه قليلا: أى على الباقى، والقليل المستثنى غير مقدر، فالنقصان منه لايعقل.

قوله تعالى (أشد وطأ) بكسر الواو بمعنى مواطأة وبفتحها، وهو اسم للمصدر ووطأ على فعل، وهو مصدر وطئ وهو تمييز.

قوله تعالى (تبتيلا) مصدر على غير المصدر واقع موقع تبتل، وقيل المعنى بتل نفسك تبتيلا.

قوله تعالى (رب المشرق) يقرأ بالجر على البدل، وبالنصب على إضمار أعنى أو بدلا من اسم أو بفعل يفسره (فاتخذه) أى اتخذ رب المشرق، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ، ولاإله إلا هو الخبر.

قوله تعالى (والمكذبين) هو مفعول معه، وقيل هو معطوف، و (النعمة) بفتح النون التنعم، وبكسرها كثرة الخير.

قوله تعالى (ومهلهم قليلا) أى تمهيلا قليلا، أو زمانا قليلا.

قوله تعالى (يوم ترجف) هو ظرف للاستقرار في خبر إن، وقيل هو وصف لعذاب: أى واقعا يوم ترجف، وقيل هو ظرف لاليم. وأصل مهيل مهيول، فحذف الواو عند سيبويه وسكنت الياء، والياء عند الاخفش، وقلبت الواو ياء.

قوله تعالى (فعصى فرعون الرسول) إنما أعاده بالالف واللام ليعلم أنه الاول، فكأنه قال: فعصاه فرعون.

٢٦٩

قوله تعالى (يوم) هو مفعول تتقون، أى تتقون عذاب يوم، وقيل هو مفعول كفرتم: أى بيوم، و (يجعل الولدان) نعت اليوم، والعائد محذوف: أى فيه، و (منفطر) بغير تاء على النسب: أى ذات انفطار، وقيل ذكر حملا على معنى السقف، وقيل السماء تذكر وتؤنث.

قوله تعالى (ونصفه وثلثه) بالجر حملا على ثلثى، وبالنصب حملا على أدنى (وطائفة) معطوف على ضمير الفاعل، وجرى الفصل مجرى التوكيد.

قوله تعالى (أن سيكون) أن مخففة من الثقيلة، والسين عوض من تخفيفها وحذف اسمها، و (يبتغون) حال من الضمير في يضربون.

قوله تعالى (هو خيرا) هو فصل أو بدل أو تأكيد، وخبر المفعول الثانى.

سورة المدثر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

(المدثر) كالمزمل، وقد ذكر.

قوله تعالى (تستكثر) بالرفع على أنه حال، وبالجزم على أنه جواب أو بدل، وبالنصب على تقدير لتستكثر، والتقدير في جعله جوابا: إنك أن لا تمنن بعملك أو بعطيتك تزدد من الثواب لسلامة ذلك عن الابطال بالمن على ماقال تعالى " لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى ".

قوله تعالى (فإذا نقر) " إذا " ظرف، وفي العامل فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو مادل عليه (فذلك) لانه إشارة إلى النقر، و (يومئذ) بدل من إذا، وذلك مبتدأ، والخبر (يوم عسير) أى نقر يوم.

الثانى العامل فيه مادل عليه عسير: أى تعسير، ولايعمل فيه نفس عسير لان الصفة لا تعمل فيما قبلها.

والثالث يخرج على قول الاخفش، وهو أن يكون " إذا " مبتدأ، والخبر فذلك، والفاء زائدة،

فأما يومئذ فظرف لذلك، وقيل هو في موضع رفع بدل من ذلك، أو مبتدأ، ويوم عسير خبره، والجملة خبر ذلك، و (على) يتعلق بعسير أو هى نعت له، أو حال من الضمير الذى فيه، أو متعلق ب‍ (يسير) أو لما دل عليه.

٢٧٠

قوله تعالى (ومن خلقت) هو مفعول معه أو معطوف، و (وحيدا) حال من التاء في خلقت، أو من الهاء المحذوفة، أو من " من " أو من الياء في ذرنى.

قوله تعالى (لاتبقى) يجوز أن يكون حالا من سقر، والعامل فيها معنى التعظيم، وأن يكون مستأنفا: أى هى لا تبقى، و (لواحة) بالرفع: أى هى لواحة، وبالنصب مثل لا تبقى، أو حال من الضمير في أى الفعلين شئت.

قوله تعالى (جنود ربك) هو مفعول يلزم تقديمه ليعود الضمير إلى مذكور، و (أدبر) ودبر لغتان، ويقرأ إذ وإذا.

قوله تعالى (نذيرا) في نصبه أوجه: أحدها هو حال من الفاعل في قم في أول السورة.

والثانى من الضمير في فأنذر حال مؤكدة.

والثالث هو حال من الضمير في إحدى.

والرابع هو حال من نفس إحدى.

والخامس حال من الكبر أو من الضمير فيها.

والسادس حال من اسم إن.

والسابع أن نذيرا في معنى إنذار: أى فأنذر إنذارا أو إنها لاحدى الكبر لانذار البشر، وفي هذه الاقوال مالا نرتضيه ولكن حكيناها، والمختار أن يكون حالا مما دلت عليه الجملة تقديره: عظمت عليه نذيرا.

قوله تعالى (لمن شاء) هو بدل بإعادة الجار.

قوله تعالى (في جنات) يجوز أن يكون حالا من أصحاب اليمين، وأن يكون حالا من الضمير في يتساء‌لون.

قوله تعالى (لم نك من المصلين) هذه الجملة سدت مسد الفاعل، وهو جواب ماسلككم، و (معرضين) حال من الضمير في الجار، و (كأنهم) حال هى بدل من معرضين أو من الضمير فيه، و (مستنفرة) بالكسر نافرة، وبالفتح منفرة (فرت) حال، وقد معها مقدرة أو خبر آخر، و (منشرة) بالتشديد على التكثير، وبالتخفيف وسكون النون من أنشرت، إما بمعنى أمر بنشرها ومكن منه مثل ألحمتك عرض فلان، أو بمعنى منشورة مثل أحمدت الرجل: أو بمعنى أنشر الله الميت: أى أحياه، فكأنه أحيا مافيها بذكره، والهاء في إنه للقرآن أو للوعيد.

قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئة الله عزوجل.

٢٧١

سورة القيامة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

في (لا) وجهان: أحدهما هى زائدة كما زيدت في قوله تعالى " لئلا يعلم " والثانى ليست زائدة، وفي المعنى وجهان: أحدهما هى نفى للقسم بها كما نفى القسم بالنفس. والثانى أن لا رد لكلام مقدر، لانهم قالوا أنت مفتر على الله في قولك نبعث فقال لا، ثم ابتدأ، فقال: أقسم، وهذا كثير في الشعر، فإن واو العطف تأتى في مبادئ القصائد كثيرا يقدر هناك كلام يعطف عليه، وقرئ " لاقسم ".

وفي الكلام وجهان: أحدهما هى لام التوكيد دخلت على الفعل المضارع كقوله تعالى " وإن ربك ليحكم بينهم " وليست لام القسم. والثانى هى لام القسم ولم تصحبها النون اعتمادا على المعنى ولان خبر الله صدق، فجاز أن يأتى من غير توكيد، وقيل شبهت الجملة الفعلية بالجملة الاسمية كقوله تعالى " لعمرك إنهم لفى سكرتهم ".

قوله تعالى (قادرين) أى بل نجمعها، فقادرين حال من الفاعل، و (أمامه) ظرف: أى ليكفر فيما يستقبل، و (يسأل) تفسير ليفجر.

قوله تعالى (إلى ربك) هو خبر (المستقر) ويومئذ منصوب بفعل دل عليه المستقر، ولا يعمل فيه المستقر لانه مصدر بمعنى الاستقرار، والمعنى إليه المرجع.

قوله تعالى (بل الانسان) هو مبتدأ، و (بصيرة) خبره، وعلى يتعلق بالخبر وفي التأنيث وجهان: أحدهما هى داخلة للمبالغة: أى بصير على نفسه. والثانى هو على المعنى: أى هو حجة بصيرة على نفسه، ونسب الابصار إلى الحجة لما ذكر في بنى إسرائيل، وقيل بصيرة هنا مصدر، والتقدير: ذو بصيرة، ولايصح ذلك إلا على التبيين.

قوله تعالى (وجوه) هو مبتدأ، و (ناضرة) خبره، وجاز الابتداء بالنكرة لحصول الفائدة، ويومئذ ظرف للخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أى ثم وجوه وناضرة صفة، وأما (إلى) فتتعلق ب‍ (ناظرة) الاخيرة.

وقال بعض غلاة المعتزلة إلى هاهنا اسم بمعنى النعمة: أى منتظرة نعمة ربها، والمراد أصحاب الوجوه.

قوله تعالى (إذا بلغت) العامل في إذا معنى " إلى ربك يومئذ المساق " أى إذا بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى، و (التراقى) جمع ترقوة، وهى فعلوة وليست

٢٧٢

بتفعلة إذ ليس في الكلام ترق، و (من) مبتدأ، و (راق) خبره: أى من يرقيها ليبرئها: وقيل من يرفعها إلى الله عزوجل أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟.

قوله تعالى (فلا صدق) لا بمعنى ما و (يتمطى) فيه وجهان: أحدهما الالف مبدلة من طاء، والاصل يتمطط: أى يتمدد في مشيه كبرا. والثانى هو بدل من واو والمعنى يمد مطاه: أى ظهره.

قوله تعالى (أولى لك) وزن أولى فيه قولان: أحدهما فعلى، والالف للالحاق لا للتأنيث. والثانى هو أفعل، وهو على القولين هنا علم، فلذلك لم ينون، ويدل عليه ماحكى عن أبى زيد في النوادر هى أولاة بالتاء غير مصروف، فعلى هذا يكون أولى مبتدأ ولك الخبر. والقول الثانى أنه اسم للفعل مبنى، ومعناه وليك شر بعد شر ولك تبيين، و (سدى) حال وألفه مبدلة من واو (يمنى) بالياء على أن الضمير للمنى، فيكون في موضع جر، ويجوز أن يكون للنطفة لان التأنيث غير حقيقى، والنطفة بمعنى الماء فيكون في موضع نصب كالقراء‌ة بالتاء، و (الذكر والانثى) بدل من الزوجين، و (يحيى) بالاظهار لاغير، لان الياء لو أدغمت للزم الجمع بين ساكنين لفظا وتقديرا، والله أعلم.

سورة الانسان

بسم اللّه الرحمن الرحيم

في (هل) وجهان: أحدهما هى بمعنى قد. والثانى هى استفهام على بابها والاستفهام هنا للتقرير أو التوبيخ، و (لم يكن شيئا) حال من الانسان، و (أمشاج) بدل أو صفة، وهو جمع مشيج، وجاز وصف الواحد بالجمع هنا لانه كان في الاصل متفرقا ثم جمع: أى نطفة أخلاط، و (نبتليه) حال من الانسان، أو من ضمير الفاعل.

قوله تعالى (إما شاكرا) إما هاهنا لتفصيل الاحوال، وشاكرا وكفورا حالان أى يناله في كلتا حالتيه.

قوله تعالى (سلاسل) القراء‌ة بترك التنوين، ونونه قوم أخرجوه على الاصل، وقرب ذلك عندهم شيئان: أحدهما إتباعه مابعده. والثانى أنهم وجدوا في الشعر مثل ذلك منونا في الفواصل، وإن هذا الجمع قد جمع كقول الراجز: * قد جرت الطير أيا منينا * قوله تعالى (من كأس) المفعول محذوف: أى خمرا أو ماء من كأس، وقيل " من " زائدة، و (كان مزاجها) نعت لكأس، وأما (عينا) ففي نصبها أوجه: أحدها هو بدل من موضع من

٢٧٣

كأس.

والثانى من كافور: أى ماء عين أو خمر عين.

والثالث بفعل محذوف: أى أعنى والرابع تقديره: أعطوا عينا.

والخامس يشربون عينا وقد فسره مابعده.

قوله تعالى (يشرب بها) قيل الباء زائدة، وقيل هى بمعنى " من " وقيل هو حال أى يشرب ممزوجا بها، والاولى أن يكون محمولا على المعنى، والمعنى يلتذ بها، و (يفجرونها) حال.

قوله تعالى (يوفون) هو مستأنف ألبتة.

قوله تعالى (متكئين فيها) يجوزأن يكون حالا من المفعول في جزاهم، وأن يكون صفة لجنة، و (لا يرون) يجوز أن يكون حالا من الضمير المرفوع في متكئين وأن يكون حالا أخرى، وأن يكون صفة لجنة، وأما (ودانية) ففيه أوجه: أحدها أن يكون معطوفا على لا يرون أو على متكئين، فيكون فيه من الوجوه ما في المعطوف عليه. والثانى أن يكون صفة لمحذوف تقديره: وجنة دانية، وقرئ ودانية بالرفع على أنه خبر، والمبتدأ (ظلالها) وحكى بالجر: أى في جنة دانية، وهو ضعيف لانه عطف على المجرور من غير إعادة الجار، وأما ظلالها فمبتدأ، وعليهم الخبر على قول من نصب دانية أو جره، لان دنا يتعدى بإلى، ويجوز أن يرتفع بدانية لان دنا وأشرف بمعنى، وأما (وذللت) فيجوز أن يكون حالا: أى وقد ذللت، وأن يكون مستأنفا.

قوله تعالى (قواريرا قوارير) يقرآن بالتنوين وبغير التنوين وقد ذكر، والاكثرون يقفون على الاول بالالف لانه رأس آية. وفي نصبه وجهان: أحدهما هو خبر كان والثانى حال، وكان تامة: أى كونت، وحسن التكرير لما اتصل به من بيان أصلها، ولولا التكرير لم يحسن أن يكون الاول رأس آية لشدة اتصال الصفة بالموصوف، و (قدروها) يجوز أن يكون نعتا لقوارير، وأن يكون مستأنفا، و (عينا) فيها من الوجوه ما تقدم في الاول والسلسبيل كلمة واحدة ووزنها فعليل(١) مثل إدريس.

_____________________

(١) قوله (ووزنها فعليل) أى لان الباء زائدة كما في البيضاوى اه‍. (*)

٢٧٤

قوله تعالى (عاليهم) فيه قولان: أحدهما هو فاعل، وانتصب على الحال من المجرور في عاليهم، و (ثياب سندس) مرفوع به: أى يطوف عليهم في حال علو السندس، ولم يؤنث عاليا لان تأنيث الثياب غير حقيقى والقول الثانى هو ظرف لان عاليهم جلودهم، وفي هذا القول ضعف، ويقرأ بسكون الياء إما على تخفيف المفتوح المنقوص، أو على الابتداء والخبر، ويقرأ " عاليتهم " بالتاء وهو ظاهر، و (خضر) بالجر صفة لسندس، وبالرفع لثياب (وإستبرق) بالجر عطفا على سندس، وبالرفع على ثياب.

قوله تعالى (أو كفورا) أو هنا على بابها عند سيبويه، وتفيد في النهى المنع من الجميع، لانك إذا قلت في الاباحة جالس الحسن أو ابن سيرين كان التقدير: جالس أحدهما، فإذا نهى قال لاتكلم زيدا أو عمرا، فالتقدير: لاتكلم أحدهما. فأيهما كلمه كان أحدهما فيكون ممنوعا منه، فكذلك في الآية، ويئول المنع إلى تقدير: فلا تطع منهما آثما ولا كفورا.

قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئة الله أو إلا في حال مشيئة الله عزوجل (والظالمين) منصوب بفعل محذوف تقديره: ويعذب الظالمين، وفسره الفعل المذكور، وكان النصب أحسن لان المعطوف عليه قد عمل فيه الفعل وقرئ بالرفع على الابتداء، والله أعلم.

سورة المرسلات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الواو الاولى للقسم، وما بعدها للعطف، ولذلك جاء‌ت الفاء، و (عرفا) مصدر في موضع الحال: أى متتابعة، يعنى الريح، وقيل المراد الملائكة فيكون التقدير بالعرف أو للعرف، و (عصفا) مصدر مؤكد، و (ذكرا) مفعول به، وفي (عذرا أو نذرا) وجهان: أحدهما مصدران يسكن أوسطهما ويضم. والثانى هما جمع عذير ونذير، فعلى الاول ينتصبان على المفعول له، أو على البدل من ذكرا، أو بذكرا، وعلى الثانى هما حالان من الضمير في الملقيات: أى معذرين ومنذرين.

قوله تعالى (إنما) " ما " هاهنا بمعنى الذى، والخبر (لواقع) ولا تكون " ما " مصدرية هنا ولا كافة.

قوله تعالى (فإذا النجوم) جواب إذا محذوف تقديره: بأن الامر أو فصل، ويقال لاى

٢٧٥

يوم، وجوابها العامل فيها، ولا يجوز أن يكون (طمست) جوابا لانه الفعل المفسر لمواقع النجوم الكلام لا يتم به، والتقدير: فإذا طمست النجوم ثم حذف الفعل استغناء عنه بما بعده.

وقال الكوفيون: الاسم بعد إذا مبتدأ، وهو بعيد لما في إذا من معنى الشرط المتقاضى بالفعل قوله تعالى (وقتت) بالواو على الاصل، لانه من الوقت، وقرئ بالتخفيف، ودل عليه قوله تعالى " كتابا موقوتا " وقرئ بالهمز لان الواو قد ضمت ضما لازما فهرب منها إلى الهمزة.

قوله تعالى (لاى يوم) أى يقال لهم، و (ليوم الفصل) تبيين لما قبله.

قوله تعالى (ويل) هو مبتدأ، و (يومئذ) نعت له أو ظرف له، و (للمكذبين) الخبر.

قوله تعالى (ثم نتبعهم) الجمهور على الرفع: أى ثم نحن نتبعهم، وليس بمعطوف لان العطف يوجب أن يكون المعنى أهلكنا المجرمين ثم أتبعناهم الآخرين في الهلاك، وليس كذلك لان إهلاك الآخرين لم يقع بعد، وقرئ بإسكان العين شاذا. وفيه وجهان: أحدهما هو على التخفيف لا على الجزم. والثانى هو مجزوم، والمعنى: ثم أتبعناهم الآخرين في الوعد بالاهلاك، أو أراد بالآخرين آخر من أهلك.

قوله تعالى (إلى قدر) هو في موضع الحال: أى مؤخرا إلى قدر، و (قدرنا) بالتخفيف أجود لقوله تعالى (فنعم القادرون) ولم يقل المقدرون، ومن شدد الفعل نبه على التكثير، واستغنى به عن التكثير بتشديد الاسم، والمخصوص بالمدح محذوف: أى فنعم القادرون نحن.

قوله تعالى (كفاتا) جمع كافت مثل صائم وصيام وقيل هو مصدر مثل كتاب وحساب، والتقدير: ذات كفت أى جمع، وأما (أحياء) ففيه وجهان،: أحدهما هو مفعول كفاتا. والثانى هو المفعول الثانى لجعلنا: أى جعلنا بعض الارض أحياء بالنبات، وكفاتا على هذا حال والتاء في فرات أصل.

قوله تعالى (لاظليل) نعت لظل، و (القصر) بسكون الصاد، وهو المشهور وهو المبنى، ويقرأ بفتحها وهو جمع قصرة وهى أصل النخلة والشجرة، و (جمالات) جمع جمالة وهو اسم الجمع مثل الزكارة والحجارة والضم لغة.

قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ، و (يوم لاينطقون) خبره، ويقرأ بفتح الميم وهو نصب على الظرف: أى هذا المذكور في يوم لاينطقون. وأجاز الكوفيون أن يكون مرفوع الموضع

٢٧٦

مبنى اللفظ لاضافته إلى الجملة.

قوله تعالى (فيعتذرون) في رفعه وجهان: أحدهما هو نفى كالذى قبله: أى فلا يعتذرون. والثانى هو مستأنف: أى فهم يعتذرون فيكون المعنى أنهم لاينطقون نطقا ينفعهم: أى لاينطقون في بعض المواقف وينطقون في بعضها، وليس بجواب النفى، إذ لو كان كذلك لحذف النون.

قوله تعالى (قليلا) أى تمتعا أو زمانا، والله أعلم.

سورة التساؤل (عم)

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قد ذكرنا حذف ألف ما في الاستفهام، و (عن) متعلقة ب‍ (يتساء‌لون) فأما (عن) الثانية فبدل من الاولى، وألف الاستفهام التى ينبعى أن تعاد محذوفة، أو هى متعلقة بفعل آخر غير مستفهم عنه: أى يتساء‌لون عن النبأ (الذى) يحتمل الجر والنصب والرفع، و (أزواجا) حال: أى متجانسين متشابهين.

قوله تعالى (ألفافا) هو جمع لف مثل جذع وأجذاع، وقيل هو جمع لف ولف جمع لفاء.

قوله تعالى (يوم ينفخ) هو بدل من يوم الفصل أو من ميقات، أو هو منصوب بإضمار أعنى، و (أفواجا) حال.

قوله تعالى (للطاغين) يجوز أن يكون حالا من (مآبا) أى مرجعا للطاغين، وأن يكون صفة لمرصادا، وأن تتعلق اللام بنفس مرصادا، و (لابثين) حال من الضمير، في الطاغين حال مقدرة، و (أحقابا) معمول لابثين، وقيل معمول (لا يذوقون) ويراد أحقابا هنا الابد ولا يذوقون حال أخرى، أو حال من الضمير في لابثين، و (جزاء‌ا) مصدر. أى جوزوا جزاء بذلك، و (كذابا) بالتشديد مصدر كالتكذيب، وبالتخفيف مصدر كذب إذا تكرر منه الكذب، وهو في المعنى قريب من كذب (وكل شئ) منصوب بفعل محذوف، و (كتابا) حال: أى مكتوبا، ويجوز أن يكون مصدرا على المعنى، لان أحصيناه بمعنى كتبناه، و (حدائق) بدل من مفازا، و (لا يسمعون) حال من الضمير في خبر إن ويجوز أن يكون مستأنفا، و (عطاء) اسم للمصدر وهو بدل من جزاء و (رب السموات) بالرفع على الابتداء، وفي خبره وجهان: أحدهما (الرحمن) فيكون ما بعده خبرا آخر أو مستأنفا.

٢٧٧

والثانى الرحمن نعت، و (لا يملكون) الخبر، ويجوز أن يكون رب خبر مبتدأ محذوف: أى هو رب السموات، والرحمن وما بعده مبتدأ وخبر، ويقرأ " رب " والرحمن بالجر بدلا من ربك.

قوله تعالى (يوم يقوم) يجوز أن يكون ظرفا للايملكون ولخطابا (ولايتكلمون) (وصفا) حال قوله تعالى (يوم ينظر) أى عذاب يوم، فهو بدل، ويجوز أن يكون صفة لقريب، والله أعلم.

سورة والنازعات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

(غرقا) مصدر على المعنى، لان النازع المغرق في نزع السهم أو في جذب الروح وهو مصدر محذوف الزيادة: أى إغراقا، و (أمرا) مفعول، وقيل حال: أى يدبرون مأمورات، و (يوم ترجف) مفعول: أى اذكر، ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه راجفة أو خاشعة: أى يخاف يوم ترجف، و (تتبعها) مستأنف.

أو حال من الراجفة.

قوله تعالى (يقولون) أى يقول أصحاب القلوب والابصار.

قوله تعالى (اذهب) أى قال اذهب، وقيل التقدير: إن ذهب فحذف إن.

قوله تعالى (إلى أن تزكى) لما كان المعنى أدعوك جاء بإلى.

قوله تعالى (نكال الآخرة) في نصبه وجهان: أحدهما هو مفعول له. والثانى هو مصدر لان أخذه ونكل به هنا بمعنى. فأما جواب القسم فقيل هو (إن في ذلك لعبرة) وقيل هو محذوف تقديره: لتبعثن.

قوله تعالى (أم السماء) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أى أم السماء أشد، و (بناها) مستأنف، وقيل حال من المحذوف (والارض) منصوب بفعل محذوف أى ودحا الارض، وكذلك (والجبال) أى وأرسى الجبال، و (متاعا) مفعول له أو مصدر.

قوله تعالى (فإذا جاء‌ت) العامل فيها جوابها، وهو معنى قوله تعالى " يوم يتذكر "

قوله تعالى (هى المأوى) أى هى المأوى له، لا بد من ذلك ليعود على " من " من الخبر ضمير، وكذلك (المأوأى) الثانى والهاء في (ضحاها) ضمير العشية مثل قولك في ليلة ويومها.

٢٧٨

سورة عبس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أن جاء‌ه) أى لان جاء‌ه.

قوله تعالى (فتنفعه) بالرفع عطفا على يذكر، وبالنصب على جواب التمنى في المعنى، ويقرأ، و (تصدى) يتفعل من الصدى وهو الصوت: أى لا يناديك إلا أجبته، ويجوز أن تكون الالف بدلا من دال، ويكون من الصدد، وهو الناحية والجانب، و (إنها) الضمير للموعظة، والضمير في الفعل للقرآن، و (في صحف) حال من الهاء، ويجوز أن يكون نعتا للتذكرة، وأن يكون التقدير: هو أو هى في صحف، وكذلك (بأيدى) و (من نطفة) متعلق بخلق الثانية. وماأكفره تعجب أو استفهام.

قوله تعالى (ثم السبيل) هو مفعول فعل محذوف: أى ثم يسر السبيل للانسان، ويجوز أن ينصب بأن مفعول ثان ليسره، والهاء للانسان: أى يسره السبيل: أى هداه له.

قوله تعالى (ما أمره) " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى ماأمره به، والله أعلم.

قوله تعالى (أنا صببنا) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على البدل من طعامه أو على تقدير اللام (فإذا جاء‌ت الصاخة) مثل جاء‌ت الطامة، وقيل العامل في إذا معنى (لكل امرئ) والله أعلم.

سورة التكوير

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (إذا الشمس) أى إذا كورت الشمس، وجواب إذا (علمت نفس) و (الجوارى) صفة للخنس.

قوله تعالى (عند ذى العرش) يجوز أن يكون نعتا لرسول، وأن يكون نعتا لمكين، و (ثم) معمول مطاع، وقرئ بضم الثاء، والهاء في (رآه) لجبريل عليه السلام، و (بظنين) بالظاء: أى بمتهم، وبالضاد: أى ببخيل، وعلى تتعلق به على الوجهين.

قوله تعالى (فأين تذهبون) أى إلى أين، فحذف حرف الجر كما قالوا ذهبت الشام، ويجوز أن يحمل.

على المعنى كأنه قال: أين تؤمنون، و (لمن شاء) بدل بإعادة الجار، و (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئته، والله أعلم.

٢٧٩

سورة الانفطار

بسم اللّه الرحمن الرحيم

جواب (إذا علمت) و (ما غرك) استفهام لا غير، ولو كان تعجبا لقال ما أغرك. و (عدلك) بالتشديد قوم خلقك، وبالتخفيف على هذا المعنى، ويجوز أن يكون معناه صرفك على الخلقة المكروهة.

قوله تعالى (ماشاء) يجوز أن تكون " ما " زائدة، وأن تكون شرطية، وعلى الامرين الجملة نعت لصورة، والعائد محذوف: أى ركبك عليها، وفي تتعلق بركبك وقيل لا موضع للجملة لان في تتعلق بأحد الفعلين، فالجميع كلام واحد، وإنما تقدم الاستفهام عن ماهو حقه، و (كراما) نعت، و (يعلمون) كذلك، ويجوز أن يكون حالا: أى يكتبون عالمين.

قوله تعالى (يصلونها) يجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون نعتا لجحيم.

قوله تعالى (يوم لا تملك) يقرأ بالرفع: أى هويوم، وبالنصب على تقدير أعنى يوم، وقيل التقدير: يجازون يوم، ودل عليه ذكر الدين، وقيل حقه الرفع،

ولكن فتح على حكم الظرف كقوله تعالى " ومنا دون ذلك " وعند الكوفيين هو مبنى على الفتح، والله أعلم.

سورة التطفيف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (كالوهم) " في " هم وجهان: أحدهما هو ضمير مفعول متصل، والتقدير: كالوا لهم، وقيل هذا الفعل يتعدى بنفسه تارة وبالحرف أخرى، والمفعول هنا محذوف: أى كالوهم الطعام ونحو ذلك، وعلى هذا لايكتب كالواو وزنوا بالالف والوجه الثانى أنه ضمير منفصل مؤكد لضمير الفاعل، فعلى هذا يكتبان بالالف.

قوله تعالى (ألا يظن) الاصل لا النافية دخلت عليها همزة الاستفهام، وليست ألا التى للتنبيه، لان ما بعد تلك مثبت، وهاهنا هو منفى.

قوله تعالى (يوم يقوم الناس) هو بدل من موضع الجار والمجرور، وقيل التقدير: يبعثون يوم يقوم الناس، وقيل التقدير: أعنى، وقيل هو مبنى وحقه الجر أو الرفع، والنون في (سجين) أصل من السجن وهو الحبس، وقيل هو بدل من اللام.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458