تذكرة الفقهاء الجزء ١١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415
المشاهدات: 102864
تحميل: 3727


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 102864 / تحميل: 3727
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 11

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا تصرّوا الإبل والغنم »(١) وفي روايةٍ : « مَنْ باع مُحفّلةً »(٢) ولم يفصّل. ولأنّه تدليس بتصرية ، فأشبه الإبل والغنم.

وقال داوُد : تثبت التصرية في الشاة والناقة ، دون البقرة ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا تصرّوا الإبل والغنم »(٣) ولم يذكر البقرة(٤) .

وينتقض بالخبر الآخر(٥) ، وعدم الذكر لا يدلّ على العدم خصوصاً والبقر لبنها أغزر وأكثر نفعاً من الإبل والغنم ، فالخبر يدلّ عليها بالتنبيه.

مسألة ٢٨٠ : ولا تثبت التصرية في غير الثلاثة المذكورة‌ في الخبر : الإبل والبقر والغنم عند علمائنا ؛ لأصالة لزوم البيع. ولأنّ لبن ما عداها غير مقصود ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني لهم : أنّه غير مختصّ بالأنعام ، بل هو ثابت في جميع الحيوانات المأكولة(٦) .

ولو اشترى أتاناً فوجدها مصرّاة ، فلا خيار له ؛ لأنّه ليس عيباً ، ولا يُعدّ تدليساً ؛ إذ المقصود لذاته ظَهْرها ، ولا مبالاة بلبنها ، وهو أضعف وجهي الشافعيّة.

____________________

(١ و ٣) صحيح البخاري ٣ : ٩٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٥٥ / ١١ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٠ / ٣٤٤٣ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٣ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧٥ / ٢٨٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٢٠ - ٣٢١ ، مسند أحمد ٣ : ١٣١ / ٩٠٥٥ ، المعجم الكبير للطبراني ١٢ : ٤١٩ / ١٣٥٤٥.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٣ / ٢٢٤٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١٩.

(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩٩ ، الهامش (٥)

(٥) وهو قولهعليه‌السلام : « مَنْ باع محفّلةً » المتقدّم آنفاً.

(٦) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٢٨ ، منهاج الطالبين : ١٠٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٤١ - ٢٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣١.

١٠١

والأصح عندهم : أنّه يثبت له الردّ ؛ لأنّه مقصود لتربية الجَحْش(١) .

وهل يردّ معها شيئاً؟ مبنيّ على طهارة لبنها.

فعلى قول أكثرهم هو نجس ، ولا يردّ معه شيئاً.

وقال الاصطخري منهم : إنّه طاهر ، فيردّ معها ما يردّ مع الشاة(٢) .

ولو اشترى جاريةً فوجدها مصرّاة ، فلا خيار له عندنا ؛ لأنّ لبنها غير مقصود غالباً إلّا على ندور ، فإنّ اللبن في الآدميّات غير مقصود بالذات ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

وأصحّهما عندهم : أنّه يثبت به الخيار ؛ لأنّ غزارة ألبان الجواري مطلوبة في الحضانة ، مؤثّرة في القيمة ، ويختلف ثمنها بذلك. ولأنّه إذا كثر لبنها حسن بدنها ، فكان تدليساً(٣) .

وليس بشي‌ء ؛ لندوره.

وعلى تقدير الردّ هل يردّ معها شيئاً؟ وجهان للشافعيّة :

أحدهما : يردّ ؛ لأنّ اللبن فيها مقصود ، ولهذا يثبت الردّ ، فيردّ صاعاً من تمر.

والثاني : لا يردّ شيئاً ؛ لأنّ لبن الآدميّات لا يباع عادةً ، ولا يعتاض عنه غالباً(٤) .

مسألة ٢٨١ : إذا ردّ المصرّاة ، ردّ معها اللبن الذي احتلبه منها. فإن كان قد تغيّر وصفه حتى الطراوة والحلاوة ، دفع الأرش. ولو فقد ذلك اللبن ،

____________________

(١ و ٢ ) المهذّب - للشيرازي ١ : ٢٩٠ ، التهذيب - للبغوي ٣ : ٤٢٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٤١ - ٢٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣١.

(٣ و ٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٢٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣١.

١٠٢

دفع مثله ؛ لأنّه ملك البائع ، لأنّ العقد وقع عليه ؛ لأنّه كان موجوداً حال العقد ، فيجب ردّه عليه ، وأقرب الأشياء إليه مثله ، فينتقل إليه مع عدمه. فإن تعذّر المثل أيضاً ، فالقيمة وقت الدفع.

وكذا لو تغيّر تغيّراً فاحشاً بحيث يخرج عن حدّ الانتفاع ، فهو كالتالف.

ولو ردّها قبل الحلب ، فلا شي‌ء عليه ؛ لأنّه لم يتصرّف.

وقالت الشافعيّة : إن كان ظهور التصرية قبل الحلب ، ردّها(١) ، ولا شي‌ء عليه. وإن كان بعده ، فاللبن إمّا أن يكون باقياً أو تالفاً ، فإن كان باقياً ، فلا يكلّف المشتري ردّه مع المصرّاة ؛ لأنّ ما حدث بعد البيع ملكٌ له وقد اختلط بالمبيع وتعذّر التمييز ، وإذا أمسكه ، كان بمثابة ما لو تلف(٢) .

والوجه : أنّه يكون شريكاً ، ويقضى بالصلح ؛ لعدم التمكّن من العلم بالقدر.

ولو أراد ردّه ، وجب على البائع أخذه ؛ لأنّه أقرب إلى استحقاقه من بدله ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والأصحّ عندهم : عدم الوجوب ؛ لذهاب طراوته بمضيّ الزمان(٣) .

واتّفقوا على أنّه لو حمض وتغيّر ، لم يكلّف أخذه(٤) .

والأقرب : ذلك إن خرج عن حدّ الانتفاع ، وإلّا وجب مع الأرش.

وإن تلف اللبن ، دفع المصرّاة وصاعاً من تمر(٥) ؛ للخبر(٦) .

والمعتمد : ما قلناه ، ووجوب صاع التمر لو ثبت ، لكان في صورة تعذّر اللبن ومثله ومساواته للقيمة.

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « ردّه ». وما أثبتناه يقتضيه سياق العبارة.

(٢ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٠.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩٦ ، الهامش (٣)

١٠٣

ولا يخرج ردّها على الخلاف في تفريق الصفقة عند الشافعي ؛ لتلف بعض المبيع وهو اللبن ؛ لأنّ الأخبار وردت بدفع صاع التمر مع دفع العين(١) .

وهل يتعيّن للضمّ إليها جنس التمر؟ اختلفت الشافعيّة على طريقين :

قال أبو إسحاق وغيره : إنّه يتعيّن التمر ، ولا يعدل عنه ؛ لقولهعليه‌السلام : « وصاعاً من تمر »(٢) فإن أعوز التمر أو كان في موضع يعزّ فيه التمر وكانت قيمته قيمةَ الشاة أو أكثر من نصف قيمتها ، دفع إليه قيمته بالحجاز حين الدفع ؛ لأنّا لو دفعنا إليه قيمة التمر وكان أكثر من قيمة الشاة ، دفعنا إليه البدل والمبدل.

وعلى هذا لو كانت قيمته بالحجاز أكثر من قيمة الشاة ما حكمه؟ قال(٣) بعض الشافعيّة : يدفع إليه التمر وإن كانت قيمته أكثر من قيمة الشاة ؛ لأنّه وجب بسببٍ آخر ، وهو إتلاف اللبن ، كما إذا زادت قيمة المبيع في يده حتى تضاعفت ثمّ وجد بالثمن عيباً ، فإنّه يردّه ويسترجع المبيع وقد زادت قيمته.

والطريق الثاني : أنّه لا يتعيّن التمر.

وعلى هذا القول للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّ القائم مقامه الأقوات ، كما في صدقة الفطر ؛ لأنّه قد ردّ صاعاً من تمر. وفي حديثٍ أنّه « إن ردّها ردّ معها مثلَيْ أو مِثْل لبنها قَمْحاً »(٤) فالمراد أنّه يردّ صاعاً من غالب قوت البلد ، ولمـّا كان غالب قوت الحجاز التمرَ نصّ عليه ، وهو الأصحّ عندهم ، لكن لا يتعدّى إلى الأقط ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٠.

(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩٦ ، الهامش (٣)

(٣) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « وقال ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٣ / ٢٩٤٠ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧١ / ٣٤٤٦.

١٠٤

بخلاف ما في صدقة الفطر.

وعلى هذا فوجهان :

أحدهما : أنّه يتخيّر بين الأقوات ؛ لأنّ في بعض الروايات ذكر التمر وفي بعضها ذكر القمح ، فأشعر بالتخيير.

وأصحّهما : أنّ الاعتبار بغالب قوت البلد ، كما في صدقة الفطر ، وهو قول مالك.

والثاني حكاه بعض الشافعيّة : أنّه يقوم مقامه غير الأقوات حتى لو عدل إلى مثل اللبن أو إلى قيمته عند إعواز المثل ، اُجبر البائع على القبول اعتباراً بسائر المتلفات.

هذا كلّه فيما إذا لم يرض البائع ، فإن تراضيا على غير التمر من قوت أو غيره أو ردّ اللبن المحلوب عند بقائه ، جاز إجماعاً(١) .

وحكى القاضي ابن كج من الشافعيّة وجهين في جواز إبدال التمر بالبُرّ عند اتّفاقهما عليه(٢) .

مسألة ٢٨٢ : نحن لمـّا أوجبنا ردّ العين أو المثل أو القيمة مع تعذّرهما سقط عنّا التفريع الآتي.

أمّا مَنْ أوجب الصاع من التمر أو البُرّ فللشافعيّة وجهان في القدر ، أصحّهما : أنّ الواجب صاع قلّ اللبن أو كثر ؛ لظاهر الخبر(٣) ، لأنّ اللبن الموجود عند البيع يختلط بالحادث بعده ويتعذّر التمييز ، فقطع الشارع الخصومةَ بينهما بتعيّن بدلٍ له ، كما أوجب الغُرّة(٤) في الجنين مع اختلاف‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٠ - ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٠.

(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩٦ ، الهامش (٣)

(٤) الغُرّة : العبد أو الأمة. الصحاح ٢ : ٧٦٨ « غرر ».

١٠٥

الأجنّة ذكورةً واُنوثةً ، وأرشَ الموضحة مع اختلافها صغراً وكبراً.

والثاني : أنّ الواجب يتقدّر بقدر اللبن ؛ لقولهعليه‌السلام : « من ابتاع مُحفّلةً فهو بالخيار ثلاثة أيّام فإن ردّها ردّ معها مثل أو مثلي لبنها قمحاً »(١) وعلى هذا فقد يزيد الواجب على الصاع وقد ينقص.

ومنهم مَنْ خصّ هذا الوجه بما إذا زادت قيمة الصاع على نصف قيمة الشاة ، وقطع بوجوب الصاع فيما إذا نقصت عن النصف. ومنهم مَنْ أطلقه إطلاقاً(٢) .

وعلى القول بالوجه الثاني قال الجويني : تعتبر القيمة الوسطى للتمر بالحجاز ، وقيمة مثل ذلك الحيوان بالحجاز ، فإذا كان اللبن عُشْر الشاة مثلاً ، أوجبنا من الصاع عُشْر قيمة الشاة(٣) .

ولو اشترى شاة بصاع تمر فوجدها مصرّاة ، فعلى الأصحّ عند الشافعيّة أنّه يردّها وصاعاً ، ويستردّ الصاع الذي هو ثمن(٤) .

وعلى الوجه الثاني لهم : تقوّم مصرّاة وغير مصرّاة ، ويجب بقدر التفاوت من الصاع(٥) .

أمّا غير المصرّاة فإذا حلب لبنها ثمّ ردّها بعيب ، لم يكن له ذلك عندنا ، بل له الأرش ؛ لأنّ التصرّف مانع من الردّ ، والحلب تصرّف.

وعند الشافعي يردّ بدل اللبن كما في المصرّاة(٦) .

وله قول آخر : أنّه لا يردّه ؛ لأنّه قليل غير معنيّ بجمعه ، بخلاف ما في المصرّاة(٧) .

والجويني خرّج ذلك على أنّ اللبن هل يأخذ قسطاً من الثمن أولا؟

____________________

(١) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ١٠٣ ، الهامش (٤)

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٠.

(٤ - ٧ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣١.

١٠٦

والصحيح عندهم : الأخذ(١) .

مسألة ٢٨٣ : لو لم يقصد البائع التصرية لكن ترك الحلب ناسياً أو لشغل عرض أو تحفّلت هي بنفسها ، فالأقرب : ثبوت الخيار ؛ لأنّ ضرر المشتري لا يختلف ، فكان بمنزلة ما لو وجد بالمبيع عيباً لم يعلمه البائع.

ويحتمل ضعيفاً : سقوط الخيار ؛ لعدم التدليس.

وللشافعيّة وجهان(٢) كالاحتمالين.

مسألة ٢٨٤ : قد بيّنّا أنّ التصرية إنّما تثبت في الأنعام.

وقال الشافعي : تثبت في سائر الحيوانات المأكولة(٣) .

وهذا الخيار منوط بخصوص التصرية ، وقد يلحق بها التدليس ، فلو حبس ماء القناة أو الرحى ثمّ أرسله عند البيع أو الإجارة فتخيّل المشتري كثرته ثمّ ظهر له الحال ، فله الخيار.

وكذا لو حمّر وجه الجارية أو سوّد شعرها أو جعّده أو أرسل الزنبور في وجهها فظنّها المشتري سمينةً ثمّ بان الخلاف ، فله الخيار.

أمّا لو لطخ ثوب العبد بالمداد فتخيّل المشتري كونه كاتباً ، فلا خيار فإنّ الذنب فيه للمشتري حيث اغترّ بما ليس فيه كثير تغرير ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : يثبت ؛ لأنّه تدليس(٤) .

وكذا لو علف(٥) الدابّة كثيراً فظنّها المشتري حبلى ، أو كانت الشاة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣١.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٢٩ ، حلية العلماء ٤ : ٢٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣١.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٢٤١ - ٢٤٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣١ ، منهاج الطالبين : ١٠٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٢.

(٥) في « ق ، ك» : « أعلف ».

١٠٧

عظيمةَ الضرع خلقةً فظنّ كثرة اللبن ؛ لأنّه لا يتعيّن في الجهة التي يظنّها ، فلا خيار.

وللشافعيّة وجهان(١) .

مسألة ٢٨٥ : لو اشترى مصرّاةً ورضي بها ثمّ وجد بها عيباً آخر ، ثبت له الردّ‌ إن لم يكن قد تصرّف بالحلب. وأمّا إن تصرّف به ، فلا ردّ.

وعند الشافعيّة التصرّف غير مسقط للردّ ، فيثبت له الردّ كما لو وجد بالمبيع عيباً فرضي به ثمّ وجد عيباً آخر ، ثبت له الردّ ويردّ بدل اللبن(٢) .

وفيه وجه آخر : أنّه كما لو اشترى عبدين فتلف أحدهما وأراد ردّ الآخر ، فيخرّج على تفريق الصفقة(٣) .

فإن قيل : فهلّا قلتم : لا يثبت ؛ لأنّ اللبن مبيع وقد تلف في يده ، ولا يجوز ردّ المبيع بعد(٤) تلف شي‌ء منه؟

أجابوا : بأنّ التلف هنا لاستعلام العيب ، وهو لا يمنع الردّ. وكذا لو جزّ الشاة فوجدها معيبةً، إن كان الجزّ للاستعلام ، كان له الردّ ، وإلّا فلا(٥) .

وعندنا أنّ ذلك يمنع الردّ دون المصرّاة ؛ للخبر(٦) .

مسألة ٢٨٦ : لو ظهرت التصرية لكن درّ اللبن على الحدّ الذي كان يدرّ مع التصرية واستمرّ كذلك ، فلا خيار ؛ لزوال الموجب له.

____________________

(١) التهذيب – للبغوي - ٣ : ٤٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٢.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٢٤٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٢.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٢٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٢.

(٤) في « ق ، ك» : « مع » بدل « بعد ».

(٥) لم نعثر على الإشكال والجواب فيما بين أيدينا من المصادر.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩٦ ، الهامش (٣)

١٠٨

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما. والثاني : لا يسقط ؛ لثبوته بمجرّد التصرية(١) .

وكذا الوجهان إذا لم يعرف المشتري بالعيب القديم إلّا بعد زواله ، وكذا لو اُعتقت الأمة تحت العبد ولم يعرّف بعتقها حتى عُتق الزوج(٢) .

مسألة ٢٨٧ : إذا اشترى شاةً على أنّها لبون ، صحّ الشراء - وبه قال الشافعي(٣) لأنّه شرط لا يخالف الكتاب والسنّة ، وهو مقصود للعقلاء.

وإن اشتراها على أنّها تحلب كلّ يوم كذا رطلاً ، لم يصحّ ؛ لأنّ اللبن يختلف ، فلا يصحّ الشرط.

ولو اشتراها على أنّها حامل ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه يصحّ ؛ لأنّ الحمل يعلم في الظاهر ويتعلّق به أحكام.

والثاني : لا يصحّ ؛ لأنّه لا يعلم(٤) . وليس بشي‌ء.

مسألة ٢٨٨ : لو ماتت الشاة المصرّاة أو الأمة المدلَّسة ، فلا شي‌ء للمشتري ؛ لأنّ الردّ امتنع بموتها ، والأرش يتبع العيب ولا عيب هنا. ولو زالت التصرية قبل انتهاء الثلاثة ، فلا خيار. ولو زالت بعدها ، ثبت.

المطلب الثاني : في الأحكام.

مسألة ٢٨٩ : خيار الشرط يثبت في كلّ عقد‌ سوى الوقف والنكاح ،

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢٤ ، حلية العلماء ٤ : ١١٢ ، الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣.

١٠٩

ولا يثبت في الطلاق ولا العتق ولا الإبراء ، فإن تصرّف المشتري ، سقط الخيار ؛ لأنّ تصرّفه قبل انقضاء مدّة الشرط دليل على الرضا بلزوم العقد. وكذا لو أسقط خياره.

ولو كان الخيار للبائع أو مشتركاً فأسقط البائع خياره ، سقط. ولو تصرّف البائع ، فهو فسخ.

ولو أذن أحدهما للآخر في التصرّف فتصرّف ، سقط الخياران. ولو لم يتصرّف ، سقط خيار الآذن دون المأمور ؛ لأنّه لم يوجد منه تصرّفٌ فعليّ ولا قوليّ.

مسألة ٢٩٠ : لا يبطل الخيار بتلف العين ، بل إن كان مثليّاً فاختار صاحبه الفسخ ، طالَبه بالمثل. وإن لم يكن مثليّاً ، طالَب بالقيمة.

أمّا لو ظهر المشتري على عيب في العبد بعد موته ، فلا ردّ ؛ إذ لا مردود.

وكذا لو قُتل أو تلف الثوب أو اُكل الطعام ، فليس له الردّ هنا قطعاً.

وكذا لو خرجت العين عن قبول النقل من شخص إلى آخَر ، فلا ردّ ، كما لو أعتق العبد أو أولد الجارية أو وقف الضيعة ثمّ عرف كونه معيباً ، فقد تعذّر الردّ إمّا لتصرّفه في العين ، كما هو مذهبنا ، أو لأنّه لا يتمكّن من نقل العين إلى البائع بالردّ ، كما هو مذهب الشافعي(١) .

نعم ، يرجع على البائع بالأرش - وبه قال الشافعي وأحمد(٢) - لأنّه عيب لم يرض به وَجَده بعد اليأس من الردّ ، فوجب أن يكون له الرجوع بأرش العيب ، كما لو أعتقه ثمّ وجد به عيباً.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٤ ، المغني ٤ : ٢٦٩.

(٢) التهذيب للبغوي - ٣ : ٤٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٤ ، المغني ٤ : ٢٦٩.

١١٠

وقال أبو حنيفة : إذا قتله خاصّة ، لا يرجع بأرش العيب ، كما لو باعه(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ البيع لا يتعلّق به الضمان ، وإنّما يتعلّق بالتسليم. ولأنّه في البيع لم ييأس من الردّ.

مسألة ٢٩١ : والأرش جزء من الثمن‌ نسبته إليه نسبة ما ينقص العيب من قيمة المبيع لو كان سليماً إلى تمام القيمة ، وإنّما كان الرجوع بجزء من الثمن ؛ لأنّه لو بقي كلّ المبيع عند البائع ، كان مضموناً عليه بالثمن ، فإذا احتبس جزء منه ، كان مضموناً بجزء من الثمن ، فلو كانت القيمة مائةً دون العيب وتسعين مع العيب ، فالتفاوت بالعشر ، فيكون الرجوع بعُشْر الثمن إن كان مائتين ، فبعشرين ، وإن كان بخمسين ، فبخمسة.

ومتى تُعتبر قيمته؟ يحتمل أن يكون الاعتبار بقيمته يوم البيع ؛ لأنّ الثمن يومئذٍ قابَل المبيع. وأن يكون الاعتبار بقيمته يوم القبض ؛ لأنّه يوم دخول المبيع في ضمانه. وأن يكون الاعتبار بأقلّ الثمنين منهما ؛ لأنّ القيمة إن كانت يوم البيع أقلّ ، فالزيادة حدثت في ملك المشتري. وإن كانت يوم القبض أقلَّ ، فما نقص من ضمان البائع.

وللشافعيّة وجوه ثلاثة كالاحتمالات ، وأكثرهم قطع باعتبار أقلّ القيمتين(٢) .

ولو اختلف المقوّمون ، اُخذ بالأوسط.

وإذا ثبت الأرش ، فإن كان الثمن بَعْدُ في ذمّة المشتري ، برئ عن قدر الأرش عند طلبه ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة. والآخر : أنّه لا يتوقّف على‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٥ ، المغني ٤ : ٢٦٩.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٤.

١١١

الطلب ، بل يبرأ بمجرّد الاطّلاع على العيب(١) .

وإن كان قد سلّمه وهو باقٍ في يد البائع ، فالأقرب : أنّه لا يتعيّن حقّ المشتري فيه ، بل للبائع إبداله ؛ لأنّه غرامة لحقته ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والأظهر عندهم : أنّه يتعيّن لحقّ المشتري(٢) .

ولو كان المبيع باقياً والثمن تالفاً ، جاز الردّ ويأخذ مثله إن كان مثليّاً ، وقيمته إن كان متقوّماً أقلّ ما كانت من يوم البيع إلى يوم القبض ؛ لأنّها إن كانت يوم العقد أقلّ ، فالزيادة حدثت في ملك البائع. وإن كانت يوم القبض أقلّ ، فالنقص من ضمان المشتري.

ويجوز الاستبدال عنه كما في القرض. وخروجه عن ملكه بالبيع ونحوه كالتلف.

ولو خرج وعاد ، فهل يتعيّن لأخذ المشتري أو للبائع إبداله؟ الأقرب : الأوّل ، وهو أحد قولي الشافعيّة. والثاني : أنّ للبائع إبداله(٣) .

وإن كان الثمن باقياً بحاله ، فإن كان معيّناً في العقد ، أخذه.

وإن كان في الذمّة ونقده ، ففي تعيّنه لأخذ المشتري للشافعيّة وجهان(٤) . وإن كان ناقصاً ، نُظر إن تلف بعضه ، أخذ الباقي وبدل التالف.

وإن رجع النقصان إلى الصفة ، كالشلل ونحوه ، ففي غرامة الأرش للشافعيّة وجهان ، أصحّهما : العدم ، كما لو زاد زيادة متصلة ، يأخذها مجّاناً(٥) .

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٤.

(٣ - ٥ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٥.

١١٢

فروع :

أ - لو لم تنقص القيمة بالعيب ، كما لو اشترى عبداً فخرج خصيّاً ، كان له الردّ ؛ لأنّه نقص في الخلقة خارج عن المجرى الطبيعي ، فكان له الردّ.

وفي الأرش إشكال ينشأ عن عدم تحقّقه ؛ إذ لا نقص في الماليّة هنا.

وقالت الشافعيّة : لا أرش له ولا ردّ(١) .

ب - لو اشترى عبداً بشرط العتق ثمّ وجد به عيباً ، فإن كان قبل العتق ، لم يجب عليه أخذه ، وكان له الردّ. فإن أخذه ، كان له ذلك والمطالبة بالأرش ؛ لأنّ الخيار له.

وإن ظهر على العيب بعد العتق ، فلا سبيل إلى الردّ ؛ لأنّ العتق صادف ملكاً فغلب جانبه ، ويثبت له الأرش ، خلافاً لبعض الشافعيّة ؛ لأنّه وإن لم يكن معيباً لم يمسكه(٢) . وهذا ليس بشي‌ء.

ج - لو اشترى مَنْ يعتق عليه ثمّ وجد به عيباً ، فالأقوى أنّ له الأرش دون الردّ ؛ لخروجه بالعتق.

وللشافعيّة في الأرش قولان : الثبوتُ وعدمُه(٣) .

مسألة ٢٩٢ : لو زال ملكه عن المبيع ثمّ عرف العيب ، لم يكن له الردّ لا في الحال ولا فيما بعده وإن عاد إليه بفسخ أو بيع وغيره ؛ لأنّه قد تصرّف في المبيع ، وقد بيّنّا أنّ التصرّف مبطل للردّ ، لكن له الأرش ، سواء زال الملك بعوض كالبيع والهبة بشرط الثواب ، أو بغير عوض.

____________________

(١ - ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٥.

١١٣

وقالت الشافعيّة : إن زال الملك بعوض ، فقولان :

أحدهما : له الأرش ؛ لتعذّر الردّ ، كما لو مات العبد أو أعتقه ، وهذا تخريج ابن سريج. وعلى هذا لو أخذ الأرش ثمّ ردّه عليه مشتريه بالعيب ، فهل يردّه مع الأرش ويستردّ الثمن؟ وجهان.

والثاني - وهو الصحيح عندهم ، وهو منصوص الشافعي - : أنّه لا يرجع بالأرش. وفي تعليله خلاف(١) .

قال أبو إسحاق وابن الحدّاد : لأنّه استدرك الظلامة ببيعه وروّج العيب كما رُوّج عليه(٢) .

وقال ابن أبي هريرة : لأنّه ما أيس من الردّ فربما يعود إليه ويتمكّن منه ، فلم يكن له الرجوع بالأرش ، كما لو قدر على ردّه في الحال.

وأجابوا عن الأوّل : بأنّه لم يستدرك ظلامته ، بل غبن المشتري في البيع. ولأنّه لم يحصل له استدراك الظلامة من جهة مَنْ ظلمه ، فلا يسقط حقّه بذلك(٣) .

والصحيح عندنا ما قلناه من أنّ له الرجوع بالأرش قال أصحاب مالك : وهذا هو الصحيح من مذهب مالك(٤) - ؛ لأنّ البائع لم يغرمه ما أوجبه العقد ، فكان له الرجوع عليه كما لو أعتقه أو كاتبه. ولأنّه عندنا يتخيّر المشتري مطلقاً بين الردّ والرجوع بالأرش مع عدم التصرّف ، ومعه يثبت له الأرش لا غير.

وكونُه لا ييأس من الردّ ، فأشبه ما إذا كان قادراً على الردّ لا يُسقط حقَّ المشتري من طلب الأرش عندنا.

____________________

(١ -٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٥.

(٤) بداية المجتهد ٢ : ١٧٩ - ١٨٠ ، التفريع ٢ : ١٧٤.

١١٤

وإن زال الملك بغير عوض ، فعلى تخريج ابن سريج يرجع بالأرش. وعلى المنصوص وجهان مبنيّان على التعليلين : إن علّلنا باستدراك الظلامة ، يرجع ؛ لأنّه لم يستدرك الظلامة. وإن علّلنا بعدم اليأس من الردّ ، فلا ؛ لأنّه ربما يعود إليه(١) .

مسألة ٢٩٣ : لو ظهر على العيب بعد بيعه على آخر ، فقد قلنا : إنّه لا ردّ له ، سواء ردّ عليه أو لا ، بل له الأرش ، فإن ظهر المشتري الثاني على العيب فردّه على الأوّل بالعيب ، لم يكن للأوّل ردّه على البائع ؛ لأنّه ببيعه قد تصرّف فيه ، والتصرّف عندنا يُسقط الردَّ ، وإنّما له الأرش خاصّة.

وقال الشافعي : له الردّ بناءً منه على أنّ هذا التصرّف لا يمنع الردّ. ولأنّه زال التعذّر الذي كان، وتبيّن أنّه لم يستدرك(٢) الظلامة ، وليس للمشتري الثاني ردّه على البائع الأوّل ؛ لأنّه ما تلقّى الملك منه(٣) .

ولو حدث عيب في يد المشتري الثاني ثمّ ظهر عيبٌ قديم ، فعلى التعليل بتعذّر الردّ : للمشتري الأوّل أخذ الأرش من بائعه ، كما لو لم يحدث عيب ، ولا يخفى الحكم بينه وبين المشتري الثاني.

وعلى التعليل الآخر : إن قَبِله المشتري الأوّل مع العيب الحادث ، خيّر بائعه ، إن قَبِله ، فذاك ، وإلّا ، أخذ الأرش منه(٤) .

وقال بعضهم : لا يأخذ الأرش ، واسترداده رضا بالعيب(٥) .

وإن لم يقبله وغرم الأرش للثاني ، ففي رجوعه بالأرش على بائعه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٥.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « ولأنّه زال للتعذّر الذي كان ويئس أن - أنّه - يستدرك ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز » و « روضة الطالبين ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٧ - ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٥ - ١٣٦.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٦.

١١٥

وجهان :

أحدهما : عدم الرجوع وبه قال ابن الحدّاد - لأنّه ربّما قَبِله بائعه أو قَبِله هو ، فكان متبرّعاً بغرامة الأرش.

وأظهرهما : أنّه يرجع ؛ لأنّه ربّما لا يقبله بائعه فيتضرّر(١) .

وقال بعضهم : يمكن بناء هذين الوجهين على ما سبق من المعنيين : إن علّلنا بالأوّل ، فإذا غرم الأرش ، زال استدراك الظلامة ، فيرجع. وإن علّلنا بالثاني ، فلا يرجع ؛ لأنّه ربّما يرتفع العيب الحادث فيعود إليه. وعلى الوجهين معاً لا يرجع ما لم يغرم للثاني ، فإنّه ربّما لا يطالبه الثاني بشي‌ء فيبقى مستدركاً للظلامة(٢) .

ولو كانت المسألة بحالها وتلف المبيع في يد المشتري الثاني أو كان قد أعتقه ثمّ ظهر العيب القديم ، رجع الثاني على الأوّل بالأرش ، ورجع الأوّل بالأرش على بائعه بلا خلاف ؛ لحصول اليأس عن الردّ ، لكن هل يرجع على بائعه قبل أن يغرم لمشتريه؟ فيه وجهان مبنيّان على المعنيين ، إن علّلنا باستدراك الظلامة ، فلا يرجع ما لم يغرم ، وإن علّلنا بالثاني ، يرجع. ويجري الوجهان فيما لو أبرأه الثاني هل يرجع هو على بائعه؟(٣) .

مسألة ٢٩٤ : لو باعه المشتري على آخر ثمّ ظهر له العيب ، سقط الردّ‌ عندنا دون الأرش على ما تقدّم.

وعند الشافعي لا يسقط إذا عاد إليه بالردّ بالعيب على ما قلناه في المسألة السابقة.

وإن عاد إليه لا بالردّ بالعيب ، كما لو عاد بإرثٍ أو اتّهابٍ أو قبول وصيّةٍ أو إقالة ، فلا ردّ له عندنا أيضاً.

____________________

(١ - ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٦.

١١٦

وللشافعيّة وجهان من مأخذين :

أحدهما : البناء على المعنيين السابقين ، فإن علّلنا بالأوّل ، لم يردّ - وبه قال ابن الحدّاد لأنّ استدراك الظلامة قد حصل بالبيع ولم يبطل ذلك الاستدراك ، بخلاف ما لو ردّ عليه بالعيب. وإن علّلنا بالثاني ، يردّ ؛ لزوال(١) العذر ، وحصول القدرة على الردّ ، كما لو ردّ عليه بالعيب.

والثاني من المأخذين : أنّ الملك العائد هل ينزّل منزلة غير الزائل؟ قيل : نعم ؛ لأنّه عين ذلك المال وعلى تلك الصفة. وقيل : لا ؛ لأنّه ملك جديد ، والردّ نقض لذلك الملك(٢) .

ويتخرّج على هذا فروع :

أ - لو أفلس بالثمن وقد زال ملكه عن المبيع وعاد ، هل للبائع الفسخ؟

ب - لو زال ملك المرأة عن الصداق وعاد ثمّ طلّقها قبل المسيس ، هل يرجع في نصفه أو يبطل حقّه من العين كما لو تعذّر؟

ج - لو وهب من ولده وزال ملك الولد وعاد ، هل للأب الرجوع؟(٣) .

مسألة ٢٩٥ : لو عاد إليه بطريق الشراء ثمّ ظهر عيب قديم‌ كان في يد البائع الأوّل ، فإن علّلنا بالمعنى الأوّل ، لم يردّ على البائع الأوّل ؛ لحصول الاستدراك ، ويردّ على الثاني. وإن علّلنا بالثاني ، فإن شاء ردّ على الثاني ، وإن شاء ردّ على الأوّل. وإذا ردّ على الثاني ، فله أن يردّ عليه، وحينئذٍ يردّ‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : « فردّ ؛ لزوال ». وفي الطبعة الحجريّة : « فردّ بزوال ». والصحيح ما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز » و « روضة الطالبين ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٨ - ٢٤٩.

١١٧

هو على الأوّل.

ويجي‌ء وَجْهٌ لهم : أنّه لا يردّ على الأوّل بناءً على أنّ الزائل العائد كالذي لم يَعُدْ.

ووَجْهٌ : أنّه لا يردّ على الثاني ؛ لأنّه لو ردّ عليه لردّ هو ثانياً عليه(١) .

وهذا كلّه ساقط عندنا ؛ لسقوط حقّ المشتري من الردّ بتصرّفه.

مسألة ٢٩٦ : إذا زال ملكه عن المبيع ثمّ عرف العيب وكان الزوال بغير عوض ، فلا ردّ له‌ على ما اخترناه إذا عاد إليه مطلقاً.

وقال الشافعي : إذا زال ملكه لا بعوضٍ ، نُظر إن عاد لا بعوض أيضاً ، فجواز الردّ مبنيّ على أنّه هل يأخذ الأرش لو لم يَعُدْ؟ إن قلنا : لا ، فله الردّ ؛ لأنّ ذلك لتوقّع العود. وإن قلنا : يأخذ ، فينحصر الحقّ فيه أو يعود إلى الردّ عند القدرة؟ فيه وجهان.

وإن عاد بعوض ، كما لو اشتراه ، فإن قلنا : لا ردّ في الحالة الأُولى ، فكذا هنا ، ويردّ على البائع الأخير(٢) . وإن قلنا : يردّ ، فهنا يردّ على الأوّل أو على الأخير أو يتخيّر؟ ثلاثة أوجُه خارجة ممّا سبق(٣) .

مسألة ٢٩٧ : لو باع زيد شيئاً من عمرو ثمّ اشتراه زيد منه فظهر فيه عيب كان في يد زيد ، فإن كانا عالمَين بالحال ، فلا ردّ.

وإن علم زيد خاصّةً ، فلا ردّ له ؛ لعلمه بالعيب ، ولا لعمرو أيضاً ؛ لزوال ملكه وتصرّفه فيه عندنا ، وبه قال الشافعي ؛ لزوال ملكه(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٦.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « الآخر ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز » و « روضة الطالبين ».

(٣ و ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٧.

١١٨

وهل يثبت لعمرو أرشٌ؟ الأقرب : ذلك وهو أحد قولي الشافعي(١) - لوجود سببه ، وهو سبق العيب مع تعذّر الردّ.

والصحيح عنده : أنّه لا أرش له ؛ لاستدراك الظلامة أو لتوقّع العود(٢) .

فإن تلفت في يد زيد ، أخذ الأرش عندنا ؛ لما تقدّم ، وعنده على التعليل الثاني لا الأوّل(٣) .

وكذا الحكم لو باعه من غيره.

وإن كان عمرو عالماً ، فلا ردّ له ، ولزيدٍ الردُّ ؛ لأنّه اشترى معيباً مع جهله بعيبه وعدم تصرّفه.

ولو كانا جاهلين فلزيدٍ الردُّ ، وبه قال الشافعي إن اشتراه بغير جنس ما باعه أو بأكثر منه(٤) . ثمّ لعمرو أن يردّ عليه عند الشافعي(٥) . ونحن لا نقول به ؛ لأنّه تصرّف فيه.

وإن اشتراه بمثله ، فلا ردّ لزيد في أحد وجهي الشافعي ؛ لأنّ عَمْراً يردّه عليه ، فلا فائدة فيه ، وله ذلك(٦) (٧) .

مسألة ٢٩٨ : لو اشترى المعيب جاهلاً بعيبه ورهنه المشتري ثمّ عرفه بالعيب ، فلا ردّ له‌ على قولنا من أنّ تصرّفه يمنع الردّ ، ويثبت له الأرش.

وقال الشافعي : لا ردّ له في الحال. وهل يأخذ أرشه؟ إن علّلنا باستدراك الظلامة ، فنعم. وإن علّلنا بتوقّع العود ، فلا. وعلى هذا لو تمكّن من الردّ ، ردّ عنده. ولو حصل اليأس أخذ الأرش(٨) .

وإن كان المشتري قد آجره ، فلا ردّ له ؛ لتصرّفه فيه ، وله الأرش.

____________________

(١-٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٧.

(٦) أي : ولزيدٍ الردُّ ، في الوجه الآخر.

(٧و٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٧.

١١٩

وقال الشافعي : إن لم نجوّز بيع المستأجر ، فهو كالرهن. وإن جوّزناه ، فإن رضي البائع به مسلوب المنفعة مدّة الإجارة ، ردّ عليه ، وإلّا تعذّر الردّ. وفي الأرش الوجهان ، ويجريان فيما لو تعذّر الردّ لغَصْبٍ أو إباق(١) .

ولو عرف العيب بعد أن زوّج الجارية أو العبد ولم يرض البائع بالأخذ ، قطع بعض الشافعيّة بثبوت الأرش للمشتري هنا. أمّا على الأوّل : فظاهر. وأمّا على الثاني : فلأنّ النكاح يراد للدوام ، واليأس حاصل(٢) .

وقال بعضهم بما تقدّم(٣) .

ولو كاتب المشتري ثمّ عرف العيب ، قال بعض الشافعيّة : إنّه كالتزويج(٤) .

وقال بعضهم : لا يأخذ الأرش على المعنيين ، بل يصبر ؛ لأنّه قد استدرك الظلامة بالنجوم ، وقد يعود إليه بالعجز وردّه(٥) .

والأظهر عندهم : أنّه كالرهن ، وأنّه لا يحصل الاستدراك بالنجوم(٦) .

ولو وجد المشتري بالشقص عيباً بعد أخذ الشفيع ، فله الأرش.

وللشافعي وجهان(٧) .

مسألة ٢٩٩ : الخيار إن كان موقّتاً ، امتدّ بامتداد ذلك الوقت ، كالمجلس ، والحيوان ، والمشروط وقته.

وإن لم يكن موقّتاً - كخيار العيب - هل هو على الفور أم لا حتى لو‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤٩ - ٢٥٠، روضة الطالبين ٣ : ١٣٧.

(٢-٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٧.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٧ - ١٣٨.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٨.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥٠.

١٢٠