تذكرة الفقهاء الجزء ١١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415
المشاهدات: 102826
تحميل: 3726


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 102826 / تحميل: 3726
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 11

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عليه(١) . وإن قلنا : لا ينتقل إلّا بانقضاء الخيار ، وجبت القيمة ؛ لأنّه تلف وهو ملك البائع(٢) .

وقال أبو حامد : يضمن بالثمن ؛ لأنّه مسمّى ثبت بالعقد ، فلا يسقط مع بقاء العقد ، فإنّ القبض إذا وقع ، استقرّ البيع ، وإذا استقرّ ، لم ينفسخ بهلاك المبيع(٣) .

قالت الشافعيّة : والطريقة الاُولى أصحّ ؛ لأنّه إذا قلنا : إنّ المبيع في ملك البائع فتلف ، لا يجوز أن ينتقل إلى المشتري بعد تلفه.

وما ذكره من أنّ العقد ثابت فيثبت به المسمّى غير مسلّم ؛ لأنّ العقد ينفسخ لما تعذّر إمضاء أحكامه بتلفه ، وأمّا إذا قلنا : إنّ المبيع في ملك المالك ، فلا يمكنه أن يثبت استقرار العقد بتلفه ؛ لأنّ في ذلك إبطالاً لخيار البائع ، فمتى شاء المشتري أتلفه وأبطل خياره ، ولا يمكن بقاؤه على حكم الخيار ؛ لأنّه إذا لم يتمّ حكم العقد بتلفه فلا يمكن إتمامه فيه بعد تلفه ، كما لا يمكن العقد عليه بعد ذلك(٤) .

وأمّا ما ذكره من أنّ العقد يستقرّ به فليس بصحيح ؛ لأنّ القبض لا يستقرّ به العقد مع بقاء الخيار ، ولهذا لا يدخل الخيار في الصرف ؛ لوجوب التقابض فيه.

وعند أبي حنيفة أنّه إن كان الخيار للمشتري وحده ، تمّ العقد. وإن كان للبائع ، انفسخ(٥) .

____________________

(١) كذا ورد قوله : « وإن قلنا : لا ينتقل استقرّ الثمن عليه » في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة.

(٢-٤) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٥) اُنظر : مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٥٣ / ١١٣٠.

١٨١

فروع :

أ - قد عرفت أنّ المبيع إذا تلف قبل قبضه ، فهو من مال بائعه ، فيرجع المشتري بالثمن لا غير. وإن تلف بعد قبضه وانقضاء الخيار ، فهو من مال المشتري. وإن كان في مدّة الخيار من غير تفريط ، فمن المشتري إن كان الخيار للبائع أو لهما أو لأجنبيّ. وإن كان للمشتري خاصّة ، فمن البائع.

ب - إذا قبض المبيع في زمن الخيار ثمّ أودعه عند البائع فتلف في يده ، فهو كما لو تلف في يد المشتري ، وبه قال الشافعي حتى إذا فرّع على أنّ الملك للبائع ، ينفسخ البيع ويستردّ المشتري الثمن ويغرم القيمة(١) .

ثمّ أبدى الجويني في وجوب القيمة احتمالاً ؛ لحصول التلف بعد العود إلى يد المالك(٢) .

ج - لا يجب على البائع تسليم المبيع ولا على المشتري تسليم الثمن في زمن الخيار. ولو تبرّع أحدهما بالتسليم ، لم يبطل خياره ، ولا يجبر الآخر على تسليم ما عنده ، وله استرداد المدفوع قضيّةً للخيار.

وقال بعض الشافعيّة : ليس له استرداده ، وله أخذ ما عند صاحبه دون رضاه ، كما لو كان التسليم بعد لزوم البيع(٣) .

د - إذا اشترى زوجته بشرط الخيار ، بطل النكاح ؛ لانتقال الملك إليه عندنا بالعقد.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٦ - ١١٧ ، المجموع ٩ : ٢٢١.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ ، المجموع ٩ : ٢٢١.

١٨٢

وقال الشافعي : لا ينتقل ، فلو خاطبها بالطلاق في زمن الخيار ، فإن تمّ العقد بينهما وقلنا : إنّ الملك للمشتري أو موقوف ، لم يصحّ الطلاق. وإن قلنا : إنّه للبائع ، وقع. وإن فسخ وقلنا : إنّه للبائع أو موقوف ، وقع. وإن قلنا : للمشتري ، فوجهان. وليس له الوطؤ في زمن الخيار ؛ لأنّه لا يدري أيطأ بالملك أو بالزوجيّة؟ هذا قول الشافعي. وفيه لأصحابه وجه آخر(١) .

مسألة ٣٤٨ : الفسخ قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل. وكذا الإجازة.

فإن قال البائع : فسخت البيع ، أو : استرجعت المبيع ، أو : رددت الثمن ، كان فسخاً إجماعاً.

وقال بعض الشافعيّة : لو قال البائع في زمن الخيار : لا أبيع حتى تزيد في الثمن ، وقال المشتري : لا أفعل ، كان اختياراً للفسخ. وكذا قول المشتري : لا أشتري حتى تنقص لي من الثمن ، وقول البائع : لا أفعل. وكذا طلب البائع حلول الثمن المؤجّل وطلب المشتري تأجيل الثمن الحالّ(٢) ، على إشكال ، إلّا أن يقول : لا أبيع(٣) حتى تعجّل أو تؤجّل.

وأمّا بالفعل : فكما لو وطئ البائع في مدّة خياره ، فإنّه يكون فسخاً عندنا على ما تقدّم.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما. والثاني : أنّه لا يكون فسخاً ، بخلاف الرجعة عنده ، فإنّها لا تحصل بالوطئ(٤) .

ونحن نقول : إنّها تحصل به ؛ لأنّه أبلغ في التمسّك من اللفظ.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ ، المجموع ٩ : ٢٢١ - ٢٢٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

(٣) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « لا أبع ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

١٨٣

وفرّق بأنّ الرجعة لتدارك النكاح ، وابتداء النكاح لا يحصل بالفعل ، فكذا تداركه ، والفسخ هنا لتدارك ملك اليمين ، وابتداؤه يحصل تارة بالقول و اُخرى بالفعل وهو السبي ، فكذا تداركه جاز أن يحصل بالفعل(١) . والصغرى ممنوعة.

وقال بعضهم أيضاً : إنّه ليس بفسخ تخريجاً على الخلاف في أنّ الوطء يكون تعييناً للمملوكة والمنكوحة عند إبهام العتق والطلاق(٢) .

والأقوى عندنا : أنّه تعيين.

وقال بعضهم : إنّه يكون فسخاً إذا نوى به الفسخ(٣) .

ولو قبّل بشهوة أو باشر فيما دون الفرج أو لمس بشهوة ، فالوجه عندنا : أنّه يكون فسخاً ؛ لأنّ الإسلام يصون صاحبه عن القبيح ، فلو لم يختر الإمساك ، لكان مُقدماً على المعصية.

وللشافعيّة وجهان(٤) .

أمّا الاستخدام وركوب الدابّة : فيهما للشافعيّة وجهان(٥) .

ولو أعتق البائع في زمن خياره ، كان فسخاً ، وبه قال الشافعي(٦) ، وقد سبق(٧) .

أمّا لو باع ، فكذا عندنا - وهو أصحّ قولي الشافعيّة(٨) - لدلالته على ظهور الندم.

____________________

(١-٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

(٦) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

(٧) في ص ١٥٨ ، و ما بعدها المسألة ٣٢٩.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ – ١١٨ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

١٨٤

وفي الثاني : لا يكون فسخاً ؛ لأصالة بقاء الملك ، فيستصحب إلى أن يوجد الفسخ صريحاً ، بخلاف العتق ؛ لقوّته(١) .

وإذا كان البيع فسخاً ، كان صحيحاً ، كالعتق ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) .

والثاني : المنع ؛ لأنّ الشي‌ء الواحد لا يحصل به الفسخ والعقد معاً ، كما أنّ التكبيرة الثانية في الصلاة بنيّة الشروع يخرج بها من الصلاة ، ولا يشرع بها في الصلاة(٣) .

ويمنع عدم حصول الفسخ والعقد في الشي‌ء الواحد بالنسبة إلى شيئين.

ويجري الخلاف في الإجارة والتزويج والرهن والهبة إن(٤) اتّصل بها القبض ، سواء في ذلك هبة مَنْ لا يتمكّن من الرجوع فيها أو(٥) مَنْ يتمكّن ؛ لزوال الملك في الصورتين ، والرجوع إعادة لما زال(٦) .

وأمّا العرض على البيع والإذن فيه والتوكيل والرهن غير المقبوض إن قلنا باشتراطه والهبة غير المقبوضة : فالأقرب أنّها من البائع فسخ ، ومن المشتري إجازة ؛ لدلالتها على طلب المبيع واستيفائه ، ولهذا يحصل بها الرجوع عن الوصيّة.

وللشافعيّة فيه وجهان ، هذا أحدهما. وأظهرهما عندهم : أنّها ليست‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٧ - ١١٨ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

(٤) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « وإن » وما أثبتناه من المصادر.

(٥) في « ق ، ك » : « ومَنْ ».

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

١٨٥

فسخاً من البائع ولا إجازةً من المشتري ، فإنّها لا تقتضي إزالة ملك ، وليست بعقود لازمة ، ويحتمل صدورها عمّن يتردّد في الفسخ والإجازة(١) .

ولو باع البائع المبيع في زمن الخيار بشرط الخيار ، قال الجويني : إن قلنا : لا يزول ملك البائع ، فهو قريب من الهبة غير المقبوضة. وإن قلنا : يزول ، ففيه احتمال ؛ لأنّه أبقى لنفسه مستدركاً(٢) .

مسألة ٣٤٩ : لو أعتق المشتري بإذن البائع في مدّة خيارهما أو خيار البائع ، نفذ ، وحصلت الإجازة من الطرفين. وإن كان بغير إذنه ، نفذ أيضاً ؛ لأنّه مالك أعتق فنفذ عتقه كغيره.

ثمّ إمّا أن يجعل للبائع الخيار أو يبطله كالتالف ، فإن أثبتناه ، فالأقوى أنّه يرجع بالقيمة كالتالف.

ولو باع أو وقف أو وهب وأقبض بغير إذن البائع ، فالأولى الوقوف على الإجازة ، ويكون ذلك إجازةً.

وقالت الشافعيّة : لا ينفذ شي‌ء من هذه العقود(٣) .

وهل يكون إجازةً؟ قال أبو إسحاق منهم : لا يكون إجازةً ، لأنّ الإجازة لو حصلت لحصلت ضمناً للتصرّف ، فإذا اُلغي التصرّف فلا إجازة(٤) .

وقال بعضهم : يكون اجازةً ؛ لدلالته على الرضا والاختيار. وهو أصحّ عندهم(٥) ، كما اخترناه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٨ - ١١٩ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٩ ، المجموع ٩ : ٢٠٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٢٠٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٣ ، المجموع ٩ : ٢٠٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٢٠٤.

١٨٦

ولو باشر هذه التصرّفات بإذن البائع أو باع من البائع نفسه ، صحّت التصرّفات ، وهو أصحّ قولي(١) الشافعيّة(٢) . وعلى الوجهين يلزم البيع ويسقط الخيار(٣) .

ولو أذن له البائع في طحن الحنطة المبيعة فطحنها ، كان مجيزاً. ومجرّد الإذن في هذه التصرّفات لا يكون إجازةً من البائع حتى لو رجع قبل التصرّف ، كان على خياره.

مسألة ٣٥٠ : إذا اشترى عبداً بجارية ثمّ [ أعتقهما ](٤) معاً ، فإن كان الخيار لهما ، عُتقت الجارية خاصّةً ؛ لأنّ إعتاق البائع مع تضمّنه للفسخ يكون نافذاً على رأي ، ولا يعتق العبد وإن كان الملك فيه لمشتريه ؛ لما فيه من إبطال حقّ الآخر ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. وعلى الوجه الذي قالوه من نفوذ عتق المشتري تفريعاً على أنّ الملك للمشتري يُعتق العبد ولا تُعتق الجارية(٥) .

وإن كان الخيار لمشتري العبد خاصّةً ، لم ينفذ عتق شي‌ء منهما ؛ لأنّ عتق كلّ واحد منهما يمنع عتق الآخر ، وليس أحدهما أولى من الآخر ، فيتدافعان ، وهو أحد وجوه الشافعيّة.

وفي الآخر : أنّه ينفذ عتق أحدهما خاصّةً ، ولا ينعتقان معاً ؛ لأنّه لا ينفذ إعتاقهما على التعاقب فكذا دفعةً واحدة(٦) .

وفيمن يُعتق منهما؟ وجهان ‌:

____________________

(١) الظاهر : « وجهي » بدل « قولي » بقرينة السياق.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٢٠٤.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك ‍» والطبعة الحجريّة : « اعتقا ». والصحيح ما أثبتناه.

(٥و٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٩ ، المجموع ٩ : ٢١٧.

١٨٧

أحدهما : أنّه ينفذ عتق الجارية ؛ لأنّ تنفيذ العتق فيها فسخ ، وفي العبد إجازة ، وإذا اجتمع الفسخ والإجازة ، يقدّم الفسخ ، كما يقدّم فسخ أحد المتبايعين على إجازة الآخر.

وأصحّهما عندهم : أنّه يعتق العبد ؛ لأنّ الإجازة إبقاء للعقد ، والأصل فيه الاستمرار(١) .

وقال بعضهم : الوجهان مبنيّان على أنّ الملك في زمن الخيار للبائع أو للمشتري؟ إن قلنا : للبائع ، فالعبد غير مملوك لمشتريه ، وإنّما ملكه الجارية ، فينفذ العتق فيها. وإن قلنا : للمشتري ، فملكه العبد ، فينفذ العتق فيه(٢) .

وقال أبو حنيفة : إنّهما يُعتقان معاً(٣) .

وإن كان الخيار لبائع العبد وحده ، فالمعتق بالإضافة إلى العبد مشترٍ والخيار لصاحبه ، وبالإضافة إلى الجارية بائع والخيار لصاحبه ، قاله بعض الشافعيّة(٤) ، وقد سبق الخلاف في إعتاقهما في هذه الصورة.

والذي يخرج منه الفتوى عندهم أنّه لا يحكم بنفوذ العتق في واحدٍ منهما في الحال ، فإن فسخ صاحبه البيع ، فهو نافذ في الجارية ، وإلّا ففي العبد(٥) .

ولو كانت المسألة بحالها وأعتقهما معاً مشتري الجارية ، فالحكم بينهم بما تقدّم.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٥ ، المجموع ٩ : ٢١٧.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٩ ، المجموع ٩ : ٢١٧.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٩ - ١٢٠ ، المجموع ٩ : ٢١٧.

١٨٨

وقال بعض الشافعيّة : إن كان الخيار لهما ، عتق العبد دون الجارية. وإن كان الخيار للمعتق وحده ، فعلى الوجوه الثلاثة : في الأوّل يُعتق العبد ، وفي الثاني تُعتق الجارية ، وحكم الثالث ظاهر(١) .

فروع :

أ - كلّ ما جعلناه فسخاً من البائع إذا فَعَله يكون إجازةً من المشتري لو أوقعه.

ب - لو قبّلت الجارية مشتريها ، لم يكن ذلك تصرّفاً وإن كان مع شهوة إن لم يأمرها. ولو قبّلها ، فهو تصرّف وإن لم يكن عن شهوة.

ج - لو فسخ المشتري بخياره ، فالعين في يده مضمونة. ولو فسخ البائع ، فهي في يد المشتري أمانة على إشكال ينشأ من أنّه قبضها قبض ضمان ، فلا يزول إلّا بالردّ إلى مالكها.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٠ ، المجموع ٩ : ٢١٧ - ٢١٨.

١٨٩

الفصل الثاني :

في العيب‌

وفيه مطالب :

الأوّل : في حقيقته.

مسألة ٣٥١ : العيب هو الخروج عن المجرى الطبيعي ، كزيادةٍ أو نقصان ، موجبة لنقص الماليّة.

روى السياري عن ابن أبي ليلى أنّه قدّم إليه رجل خصماً له ، فقال : إنّ هذا باعني هذه الجارية فلم أجد على رَكَبها(١) حين كشفتها شعراً وزعمت أنّه لم يكن لها قطّ ، قال : فقال له ابن أبي ليلى : إنّ الناس ليحتالون لهذا بالحيل حتى يذهبوه ، فما الذي كرهت؟ فقال : أيّها القاضي إن كان عيباً فاقض لي به ، قال : حتى أخرج إليك فإنّي أجد أذىً في بطني ، ثمّ دخل وخرج من بابٍ آخر ، فأتى محمّد بن مسلم الثقفي ، فقال : أيّ شي‌ء تروون عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام في المرأة لا يكون على رَكَبها شعر؟ أيكون ذلك عيباً؟ فقال له محمد بن مسلم : أمّا هذا نصّاً فلا أعرفه ، ولكن حدّثني أبو جعفرعليه‌السلام عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « كلّ ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب » فقال له ابن أبي ليلى : حسبك ، ثمّ رجع إلى القوم فقضى لهم بالعيب(٢) .

إذا ثبت هذا ، فإذا كان السلعة معيبةً ، لم يجب على البائع إظهار العيب ، لكن يكره له ذلك ، سواء تبرّأ من العيب أو لا ؛ لأصالة براءة الذمّة‌

____________________

(١) الرَّكَبُ : منبت العانة. الصحاح ١ : ١٣٩ « ركب ».

(٢) الكافي ٥ : ٢١٥ – ٢١٦ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٦٥ - ٦٦ / ٢٨٢.

١٩٠

من وجوب وتحريم ، وإنّما كره كتمانه ؛ لمشابهته الغشّ بنوع من الاعتبار.

وقال الشافعي : يجب على البائع أن يبيّنه للمشتري ؛ لأنّ النبيّعليه‌السلام قال : « ليس منّا مَنْ غشّنا »(١) (٢) .

والغشّ ممنوع ، بل إنّما يثبت في كتمان العيب بعد سؤال المشتري له وتبيّنه ، والتقصير في ذلك من المشتري.

مسألة ٣٥٢ : إطلاق العقد واشتراط السلامة يقتضيان السلامة‌ على ما مرّ من أنّ القضاء العرفي يقتضي أنّ المشتري إنّما بذل ماله بناءً على أصالة السلامة ، فكأنّها مشترطة في نفس العقد ، فإذا اشترى عبداً مطلقاً ، اقتضى سلامته من الخصاء والجبّ ، فإن ظهر به أحدهما ، كان له الردّ عندنا وبه قال الشافعي(٣) لأنّ الغرض قد يتعلّق بالفحوليّة غالباً ، والفحل يصلح لما لا يصلح له الخصيّ من الاستيلاد وغيره ، وقد دخل المشتري في العقد على ظنّ الفحوليّة ؛ لأنّ الغالب سلامة الأعضاء ، فإذا فات ما هو متعلّق الغرض ، وجب ثبوت الردّ وإن زادت قيمته باعتبارٍ آخر.

مسألة ٣٥٣ : الزنا والسرقة عيبان‌ في العبد والأمة عندنا - وبه قال الشافعي(٤) لتأثيرهما في نقص القيمة وتعريضهما لإقامة الحدّ.

____________________

(١) المستدرك - للحاكم - ٢ : ٩ ، مسند أحمد ٤ : ٥٠٦ / ١٥٤٠٦ ، و ٦٣٥ - ٦٣٦ / ١٦٠٥٤ ، مشكل الآثار ٢ : ١٣٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢١.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٣ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩٥ ، الوسيط ٣ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧٠ - ٢٧١ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٣ ، التهذيب – للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، الوجيز ١ : ١٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢١ ، منهاج الطالبين : ١٠٠ ، المغني ٤ : ٢٦٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٥.

١٩١

وقال أبو حنيفة : الزنا عيب في الإماء خاصّةً دون العبيد(١) ؛ لأنّ الجارية تفسد عليه فراشه. والسرقة تقتضي تفويت عضو منه فكان عيباً(٢) .

والجواب : إقامة الحدّ بالضرب يؤدّي إلى تعطيل منافعه ، وربّما أدّى إلى إتلافه.

وكذا البحث إذا شرب العبد وسكر ، كان عيباً ؛ لأنّه مستحقّ للحدّ ، وفيه تعريض للإتلاف.

ولو [ ثبت ] زنا العبد(٣) عند الحاكم ولم يقمْ عليه الحدّ بعدُ ، ثبت الردّ عنده(٤) .

واعلم أنّ الإباق من أفحش عيوب المماليك فينقص(٥) الماليّة ، ولهذا لا يصحّ بيعه منفرداً ، لأنّه في معرض التلف. ولأنّه أبلغ في السرقة ، بل هو سرقة بنفسه في الحقيقة.

والإباق الذي يوجب الردّ هو ما يحصل عند البائع وإن لم يأبق عند المشتري. ولو تجدّد في يد المشتري في الثلاث من غير تصرّف ، فكذلك ، وإلّا فلا. والمرّة الواحدة في الإباق تكفي في أبديّة العيب ، كالوطئ في إبطال العنّة.

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « العبد ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) تحفة الفقهاء ٢ : ٩٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٧٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٥٦ / ١٢٣٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٣ ، الوسيط ٣ : ١٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٢ ، المغني ٤ : ٢٦٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٥.

(٣) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « ولو زنى العبد ». وما أثبتناه من تصحيحنا.

(٤) أي عند أبي حنيفة. اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٢.

(٥) في « ق ، ك» : « ينقص ». والظاهر : « ينقص به الماليّة ».

١٩٢

مسألة ٣٥٤ : البول في الفراش عيب في العبد والأمة‌ إذا كانا كبيرين - وبه قال الشافعي(١) لأنّ ذلك خارج عن المجرى الطبيعي ، وينقص به الماليّة ، فيثبت به الردّ.

وأمّا إذا كانا صغيرين يبول مثلهما في الفراش ، فإنّه ليس بعيب ؛ لجريان العادة به ، فكان كالطبيعي.

وقال أبو حنيفة : ليس بول العبد الكبير في الفراش عيباً ، أمّا بول الأمة الكبيرة فإنّه عيب تردّ به الجارية ؛ لأنّ ذلك يؤذي فراش السيّد ، بخلاف العبد(٢) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ الغلام يفسد الثياب التي ينام فيها ، فيكون ذلك نقصاً.

إذا عرفت هذا ، فالضابط في الكبير والصغير العادة ، ولا قدر له ، خلافاً لبعض الشافعيّة حيث قدّره بسبع سنين(٣) .

ولو كانا يبولان في اليقظة ، فإن كان ذلك لضَعْفٍ في المثانة أو لسلس أو مرض ، فإنّه عيب إجماعاً. وإن كان عن سلامة وإنّما يفعلان ذلك تعبّثاً ، فليس بعيب ، بل يؤدّبان على فعله.

وأمّا الغائط فإن كانا يفعلانه في النوم ، كان عيباً ، إلّا أن يكونا‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٣ ، الوجيز ١ : ١٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٢ ، الوسيط ٣ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٢ - ١٢٣ ، منهاج الطالبين : ١٠٠.

(٢) الوسيط ٣ : ١٢٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٣.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٣.

١٩٣

صغيرين تقضي العادة بصدوره عنهما ، فإنّه ليس بعيب.

مسألة ٣٥٥ : البَخَر عيب في العبد والأمة‌ الصغيرين والكبيرين وبه قال الشافعي(١) لأنّه مؤذٍ عند المكالمة ، وتنقص به القيمة.

وقال أبو حنيفة : إنّ ذلك عيب في الأمة دون العبد ؛ لأنّها تفسد عليه فراشه ، بخلاف العبد(٢) .

وليس بصحيح ؛ فإنّ العبد قد يحتاج إلى أن يُسارّه بحديثٍ ويكالمه فيؤذيه.

ولو كان البَخَر في فرج المرأة ، كان له الردّ ؛ للتأذّي به ، وبه قال الشافعي(٣) .

والبَخَر الذي يعدّ عيباً هو الذي يكون من تغيّر المعدة ، دون ما يكون لقَلَح(٤) الأسنان ، فإنّ ذلك يزول بتنظيف الفم.

وأمّا الصُّنان(٥) : فإن كان مستحكماً يخالف العادة ، فهو عيب في العبد والأمة أيضاً ؛ لأنّه مؤذٍ تنقص به القيمة الماليّة. وأمّا الذي يكون‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٣ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧٠ - ٢٧١ ، الوسيط ٣ : ١٢٠ ، الوجيز ١ : ١٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢١ ، المغني ٤ : ٢٦٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٥.

(٢) تحفة الفقهاء ٢ : ٩٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٧٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٩ ، الوسيط ٣ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٣، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٣.

(٣) لم نعثر على قوله في مظانّه ممّا بين أيدينا من المصادر.

(٤) القَلَح : صُفرة تعلو الأسنان. لسان العرب ٢ : ٥٦٥ « قلح ».

(٥) الصُّنان : ذَفَر الإبط وخبث الريح. لسان العرب ٤ : ٣٠٦ - ٣٠٧ « ذفر » و ١٣ : ٢٥٠ « صنن ».

١٩٤

لعارضٍ من عرق أو حركة عنيفة أو اجتماع وسخ فإنّه ليس بعيب ، وبه قال الشافعي(١) .

مسألة ٣٥٦ : من اشترى عبداً فوجده مخنّثاً أو مُمكّناً من نفسه ، ثبت له الخيار ؛ لأنّه ينقص الماليّة ، ويثبت العار به على مالكه.

ولو وجده خنثى مشكلاً أو غير مشكل ، كان له الردّ ؛ لأنّ فيه زيادةً على المجرى الطبيعي ، فكان كالإصبع الزائدة ، وبه قال أكثر الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : إن كان يبول من فرج الرجال ، لم يردّ(٣) . وليس بصحيح.

ولو وجده غير مختون ، فإن كان صغيراً ، فلا خيار له ؛ لقضاء العادة به. وإن كان كبيراً ، فله الخيار ؛ لأنّه يخاف عليه من ذلك ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال بعض أصحابه : لا ردّ(٥) .

وأمّا الجارية فلو كانت غير مختونة ، لم يكن فيها خيار ، صغيرةً كانت أو كبيرة ؛ لأنّه سليم فيها. ولأنّ الختان فيها غير واجب بل سنّة ، بخلاف الذكر.

نعم ، لو كان العبد الكبير مجلوباً من بلاد الشرك وعلم المشتري‌

____________________

(١) الوسيط ٣ : ١٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٤ - ٤٤٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٣.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٥.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٥.

١٩٥

جلبه ، لم يكن له خيار قضاءً للعادة.

مسألة ٣٥٧ : لو اشترى أمةً فخرجت مزوّجةً ، أو اشترى عبداً فبان له زوجة ، لم يكن له خيار‌ في الردّ ولا الأرش ؛ لأنّه ليس بعيب ، وله الخيار في إجازة النكاح وفسخه في طرف المرأة والرجل ، سواء كانا عبدين أو أحدهما ، وسواء كانا لمالكٍ واحد أو لمالكين. وحينئذٍ فلا وجه للردّ ؛ لأنّه إن رضي بالتزويج ، فلا بحث. وإن لم يرض ، كان له الفسخ ، سواء حصل دخول أو لا.

وقال الشافعي : يثبت له الخيار ؛ لما فيه من نقص القيمة ، لأنّه ليس له أن يطأ الأمة ، فينقص تصرّفه فيها ، ويجب عليه نفقة الغلام ، أو على الغلام إن وجدها(١) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ ذلك مبنيّ على انتفاء خيار فسخه للنكاح ، أمّا معه فلا.

وللشافعي قول آخر : إنّه لا خيار له أيضاً(٢) .

ولو ظهرت معتدّةً ، فإن كان زمان العدّة قصيراً جدّاً ، فلا خيار له ؛ لأنّه لا يعدّ عيباً ، ولا ينقص الماليّة ولا الانتفاع به.

وإن كان طويلاً ، احتمل ثبوت الخيار ؛ لتفويت منفعة البُضْع هذه المدّة ، فكان كالمبيع لو ظهر مستأجراً. ونفيُه ؛ لأنّ التزويج لا يعدّ عيباً ، فالعدّة أولى.

ويحتمل أن يقال : إن استعقب فسخ التزويج عدّةً ، كان التزويج عيباً ، وإلّا فلا.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٦٦ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤.

١٩٦

مسألة ٣٥٨ : لو اشترى أمةً فوجد بينها وبينه ما يوجب التحريم ، كالرضاع والنسب وكونها موطوءة أبيه أو ابنه ، لم يكن له الخيار - وبه قال الشافعي(١) لأنّ ذلك لا ينقص قيمتها ، وإنّما ذلك أمر يختصّ به ، ويخالف التزويج ، عند الشافعي ؛ لأنّه يحرم به الاستمتاع على كلّ أحد ، فتنتقص بذلك قيمتها.

والعدّة والإحرام كالتزويج يثبت به الردّ عند الشافعي ؛ لأنّ التحريم فيه عامّ فيقلّل الرغبات(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : لا فرق بين التحريم المؤبّد والإحرام والعدّة(٣) .

ولو كانت صائمةً ، لم يكن له خيار الردّ.

وللشافعيّة وجه آخر ضعيف(٤) .

ولو وجدها رتقاء أو مفضاة أو قرناء أو مستحاضة ، فله الخيار ؛ لأنّ ذلك عيب ، والاستحاضة مرض.

مسألة ٣٥٩ : لو وجد الجارية لا تحيض ، فإن كانت صغيرةً أو آيسةً ، فلا ردّ ؛ لقضاء العادة بذلك. ولأنّ المجرى الطبيعي على ذلك. وإن كانت في سنّ مَنْ تحيض ، فله الردّ ؛ لأنّ ذلك لا يكون إلّا للخروج عن المجرى الطبيعي. وكذا لو تباعد حيضها - وبه قال الشافعي(٥) - لخروجه عن المجرى الطبيعي.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن رجل اشترى جارية مدركة‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ و ٢١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤ و ١٢٥.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٥.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤.

١٩٧

فلم تحض عنده حتى مضى لها ستّة أشهر وليس بها حمل ، قال : « إن كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر ، فهذا عيب تردّ منه »(١) .

مسألة ٣٦٠ : لو اشترى عبداً أو أمةً فخرجا مرتدّين ، ثبت له الردّ ؛ لأنّه يوجب الإتلاف فكان أعظم العيوب ، وبه قال الشافعي(٢) .

ولو خرجا كافرين أصليّين ، فلا ردّ فيهما معاً ، سواء كان ذلك الكفر مانعاً من الاستمتاع كالتمجّس والتوثّن ، أو لم يكن كالتهوّد والتنصّر - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ هذا نقص من جهة الدين ، فلا يعدّ عيباً ، كالفسق بما لا يوجب حدّاً. ولأنّه لا يؤثّر في تقليل منافع العبد والجارية وتكثيرها ، فلا ينقص به الماليّة.

وقال أبو حنيفة : له الردّ فيهما ؛ لأنّ الكفر عيب ؛ لقوله تعالى( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ) (٤) (٥) .

وعدم الخيريّة لا ينافي السلامة من العيوب.

ولبعض الشافعيّة قول : إنّه لو وجد الجارية مجوسيّة أو وثنيّة ، كان له الردّ ؛ لنقص المنافع فيها؛ إذ لا يمكنه(٦) الاستمتاع بها(٧) . وهو حسن.

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢١٣ ( باب مَنْ يشتري الرقيق ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ٦٥ / ٢٨١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٤ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤ ، المغني ٤ : ٢٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٦.

(٤) البقرة : ٢٢١.

(٥) تحفة الفقهاء ٢ : ٩٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٧٥ ، الهداية – للمرغيناني - ٣ : ٣٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٩ ، المغني ٤ : ٢٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٦.

(٦) في الطبعة الحجريّة : « لا يمكن ».

(٧) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤.

١٩٨

قال هذا : ولو وجد الأمة كتابيّةً أو وجد العبد كافراً أيّ كُفْرٍ كان ، فلا ردّ إن كان قريباً من بلاد الكفر بحيث لا تقلّ فيه الرغبات. وإن كان في بلاد الإسلام حيث تقلّ الرغبات(١) في الكافر وتنقص قيمته ، فله الردّ(٢) . والأوّل أقوى.

تذنيب : لو شرط إسلام العبد أو الأمة فبان كافراً ، كان له الردّ قطعاً ؛ لنقصانه عمّا شرط.

ولو شرط كفره فخرج مسلماً ، فالأقرب : أنّ له الردّ - وهو أحد قولي الشافعي(٣) - لأنّ الراغب لبني الكفر أكثر ، فإنّ المسلم والكافر معاً يصحّ أن يملكا الكافر ، ولا يصحّ للكافر أن يملك المسلم ، فحينئذٍ يستفيد المشتري بهذا الشرط غرضاً مقصوداً عند العقلاء ، فكان له الفسخ بعدمه ، كغيره من الشروط.

والقول الآخر للشافعي : إنّه لا خيار له - وهو مذهب أبي حنيفة(٤) - لأنّ المسلم أفضل من الكافر(٥) .

مسألة ٣٦١ : الأقوى عندي أنّه لا يشترط رؤية شعر الجارية ، بل يبنى على العادة في سواده وبياضه دون غيره ، فلو اشترى جاريةً ولم ير شعرها ، صحّ البيع ؛ لأنّه غير مقصود بالذات ، فأشبه التابع في البيع. فإن كانت في‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : « الرغبة ».

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٤.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٧ - ٤٤٨ ، حلية العلماء ٤ : ٢٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٠.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٦.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢٠.

١٩٩

سنّ الكبر الذي يبيض الشعر فيه لو رآه أبيض أو أسود ، فلا خيار له. وإن كانت في سنّ أقلّ فوجده أبيض ، كان له الخيار ؛ لأنّه نقص في اللون ، وخروج عمّا يقتضيه المزاج الطبيعي.

أمّا لو اشتراها بعد أن شاهد شعرها فوجده جعداً(١) ثمّ بعد ذلك صار سبطاً(٢) وقد كان جعده بصنعة عملها ، فلا خيار - وبه قال أبو حنيفة(٣) - لأصالة لزوم العقد ، وكون هذا ليس عيباً.

وقال الشافعي : لا يصحّ الشراء حتى ينظر إلى شعرها ؛ لأنّ الشعر مقصود ، ويختلف الثمن باختلافه ، فإذا رآه جعداً ثمّ وجده سبطاً ، ثبت له الخيار ؛ لأنّه تدليس يختلف الثمن باختلافه ، فأشبه تسويد الشعر(٤) . والفرق ظاهر.

قال أبو حنيفة : إنّ هذا تدليس بما ليس بعيب(٥) .

نعم ، لو شرط كونها جعدةً وكانت سبطةً ، كان له الخيار ؛ تحقيقاً لفائدة الشرط.

وكذا لو أسلم في جارية جعدة فدفع إليه سبطة ، لم يلزمه القبول ؛ لأنّه خلاف ما شرطه في السَّلَم.

مسألة ٣٦٢ : إطلاق العقد في الأمة لا يقتضي البكارة‌ ولا الثيوبة ، فلا يثبت الخيار بأحدهما مع الإطلاق.

____________________

(١) الجعد من الشعر خلاف السبط ، أو القصير. لسان العرب ٣ : ١٢١ « جعد ».

(٢) شعر سبط : أي مسترسل غير جعد. الصحاح ٣ : ١١٢٩ « سبط ».

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٢٥٢ ، حلية العلماء ٤ : ٢٣٣.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ و ٤٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ و ٢٠٧ ، المغني ٤ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٠.

(٥) المغني ٤ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٠.

٢٠٠