تذكرة الفقهاء الجزء ١١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415
المشاهدات: 102873
تحميل: 3727


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 102873 / تحميل: 3727
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 11

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تدخل(١) .

أمّا العلف الزائد على المعتاد ، المتّخذ للتسمين فإنّه يدخل.

وأمّا اُجرة الطبيب إن كان مريضاً(٢) فكاُجرة القصّار ، ونحوها ، فإنّ قيمته تزيد بزوال المرض ، فإن حدث المرض في يده ، فهي كالنفقة.

وأمّا مؤونة السائس فالأظهر إلحاقها بالعلف ، وكذا قول الشافعيّة(٣) .

ولو قصر الثوب بنفسه أو كال أو حمل أو طيّن الدار بنفسه ، لم تدخل الاُجرة فيه ؛ لأنّ السلعة لا تعدّ قائمةً عليه إلّا بما بذل. وكذا لو تطوّع متطوّع بالعمل.

ولو كان بيت الحفظ ملكه أو تطوّع بإعارة البيت متطوّعٌ ، لم يضف الأُجرة. فإن أراد استدراك ذلك ، قال : اشتريته ، أو : قام عليَّ بكذا وعملت فيه ، أو : تطوّع عليَّ متطوّع بما أُجرته كذا وقد بعتك بهما وربح كذا.

وأمّا العبارة الثالثة : فالظاهر أنّها بمنزلة الأُولى. فإذا قال : رأس مالي كذا ، فهو بمنزلة : اشتريته بكذا ؛ لأنّه المتبادر إلى الفهم من رأس المال ، فيكون حقيقةً فيه ، وهو الأظهر من مذهب الشافعي(٤) .

وقال بعض أصحابه : إنّه كالعبارة الثانية وهو « بما قام عليَّ »(٥) .

وهل يدخل المـَكْسُ(٦) الذي يأخذه السلطان - في لفظة القيام ،

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٧.

(٢) أي : إن كان المشترى عبداً مريضاً.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٧.

(٤ و ٥ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٧.

(٦) المـَكْس : الضريبة التي يأخذها الماكس ، وهو العَشّار. وأصلة الجباية. لسان العرب ٦ : ٢٢٠ « مكس ».

٢٢١

والفداء الذي يدفعه المولى في جناية العبد؟ إشكال ، أقربه : عدم دخول الفداء ، ودخول المكس؛ لأنّه من جملة المؤن.

وللشافعيّة وجهان فيهما(١) .

ولو استردّ المغصوب بشي‌ء دفعه إلى الغاصب أو غيره ممّن يساعده على ردّه ، لم يدخل.

وهذه العبارات الثلاثة تجري في المحاطّة جريانها في المرابحة.

مسألة ٣٨١ : والمرابحة نوع من البيع ، فإيجابه كإيجابه ، ويزيد : ضمّه الربح والإخبار بالثمن. ويجب العلم به قدراً وجنساً وبقدر الربح وجنسه ، فلو أبهم شيئاً من ذلك ، بطل ؛ لتطرّق الجهالة في أحد العوضين ، فلو قال : بعتك بما اشتريت وربح كذا ، ولم يعلما أو أحدهما قدر الثمن ، بطل.

وكذا لو عيّنا الثمن وجهلا الربح ، مثل أن يقول : الثمن عشرة وقد بعتك بعشرة ومهما شئت من الربح.

ويجب أيضاً ذكر الصرف والوزن مع الاختلاف.

وإذا كان المبيع لم يتغيّر ألبتّة ، صحّ أن يقول : اشتريته بكذا ، أو : هو عليَّ ، أو : ابتعته ، أو : تقوّم عليَّ ، أو : رأس مالي.

ولو عمل فيه ما لَه زيادة عوض ، قال : اشتريته بكذا وعملت فيه بكذا.

ولو استأجر في ذلك العمل ، صحّ أن يقول : تقوّم عليّ ، ويضمّ الاُجرة وكلّ ما يلزمه من قصّار وصبّاغ وغير ذلك ممّا تقدّم مع علمه بقدر ذلك كلّه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٧.

٢٢٢

مسألة ٣٨٢ : بيع المرابحة مبنيّ على الأمانة ؛ لاعتماد المشتري بنظر البائع واستقصائه وما رضيه لنفسه ، فيرضى المشتري بما رضيه البائع من زيادة يبذلها ، فيجب على البائع حفظ الأمانة بالصدق في الإخبار عمّا اشترى به وعمّا قام به عليه إن باع بلفظ القيام ، فلو اشترى بمائة ثمّ خرج عن ملكه ثمّ اشتراه بخمسين ، فرأس ماله خمسون ، ولا يجوز ضمّ الثمن الأوّل إليه.

ولو اشتراه بمائة وباعه بخمسين ثمّ اشتراه ثانياً بمائة ، فرأس ماله مائة ، ولا يجوز أن يخبر بمائة وخمسين لأجل خسرانه الخمسين.

ولو اشتراه بمائة وباعه بمائة وخمسين ثمّ اشتراه بمائة ، فإن أراد بيعه مرابحةً بلفظ رأس المال ، أو بلفظ « ما اشتريت » أخبر بمائة. ولا يلزمه أن يحطّ عنه ربح البيع الأوّل ، كما لم يجز في الصورة الأُولى ضمّ الخسران إلى المائة وبه قال أبو يوسف ومحمّد والشافعي(١) لأنّ الثمن الذي يخبر به هو الذي يلي بيع المرابحة ، والذي يلي بيع المرابحة مائة ، فجاز أن يخبر بها ، كما لو لم يربح فيها.

وقال أبو حنيفة وأحمد : يجب أن يحطّ ربح البيع الأوّل فيمن يخبر ، فيضمّ أحد العقدين إلى الآخر ؛ لأنّ المرابحة تضمّ فيها العقود ، فيخبر بما يقوم عليه ، كما تضمّ اُجرة الخيّاط والقصّار ، فيخبر بما يقوم عليه ، وقد استفاد بهذا العقد الثاني تقرير الربح في العقد الأوّل ؛ لأنّه أَمِن به أن يردّ عليه بعيب ، فلا ينقل بعض ما استفاد للعقد بجميع الثمن(٢) .

____________________

(١) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٤ ، المغني ٤ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٦ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٤٨٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٨.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٤ ، المغني ٤ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٦ - ١١٧ ، =

٢٢٣

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الذمّة لزمته في هذا البيع الذي يلي بيع المرابحة. وتقرير الربح في الأوّل ليس بصحيح ؛ لأنّ العقد الأوّل قد لزم ولم يظهر فيه عيب ، فلا يتعلّق به حكم.

وإن باعه بلفظ « قام عليَّ » فكذلك عندنا ؛ لأنّ الإخبار إنّما هو بالثمن الأخير الذي يلي عقد المرابحة ، والملك الأخير إنّما قام عليه بمائة.

وللشافعيّة وجهان ، أصحّهما عندهم : ما قلناه. والثاني : أنّه لا يخبر إلّا بخمسين ، فإنّ أهل العرف يعدّون السلعة والحال هذه قائمة عليه بذلك(١) .

مسألة ٣٨٣ : يجوز لبائع المتاع شراؤه‌ بزيادة ونقصان حالّاً ومؤجّلاً بعد القبض وقبله ، إلّا أن يكون موزوناً أو مكيلاً ، فلا يجوز قبل القبض مطلقاً على رأي ، ويكره على رأي ، ويمنع في الطعام خاصّة على رأي ، وقد سبق(٢) .

إذا تقرّر هذا ، فإذا باع شيئاً وشرط الابتياع حال البيع ، لم يجز ؛ لاستلزامه الدور ، ويجوز لو كان ذلك من قصدهما ولم يذكراه لفظاً في العقد ، فإذا باع غلامه أو صاحبه أو ولده سلعة ثمّ اشتراها بزيادة من غير شرط الابتياع ، جاز. وإن قصد بذلك الإخبارَ بالزائد ، كره.

وكذا يكره أن يواطئ وكيله فيبيع ما اشتراه منه ثمّ يشتريه بأكثر ليخبر به في المرابحة ؛ لأصالة صحّة العقد ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٣) .

____________________

= الحاوي الكبير ٥ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢.

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٨.

(٢) في ج ١٠ ص ١١٩ وما بعدها ، المسألة ٦٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٨.

٢٢٤

وقال بعضهم : لا يجوز ، ويثبت للمشتري الخيار ؛ لأنّه تدليس ، وهو محرَّم في الشرع ، فإذا ظهر له ذلك ، ثبت له الخيار(١) .

وليس بجيّد ؛ لأصالة اللزوم والصحّة ، والتدليس ممنوع إذا لم يخبر إلّا بالواقع.

نعم ، استعمل حيلة شرعيّة ؛ لأنّ للإنسان نقل ملكه عنه وشراءه له.

مسألة ٣٨٤ : إذا اشترى شيئاً من ولده أو أبيه ، جاز أن يبيعه مرابحةً‌ ويخبر بثمنه - وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمّد(٢) لأنّه أخبر بما اشتراه به عقداً صحيحاً ، فوجب أن يجوز ، كما لو اشتراه من الأجانب.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يجوز ذلك حتى يبيّن ؛ لأنّ هؤلاء لا يثبت لهم بشهادته كما لا يثبت لنفسه بقوله ، فصار الشراء منهم كالشراء من نفسه. ولأنّه يحابيهم ، فهُمْ كعبده ومكاتَبه(٣) .

وردّ الشهادة ممنوع عندنا. ولو سلّمنا ، فإنّ هذا لا يشبه ردّ الشهادة ؛ لأنّه لم تقبل شهادته لهم للتهمة بتفضيلهم على الأجانب. والشراء لنفسه منه لا تهمة فيه ؛ لأنّ حظّ نفسه عنده أوفر ، فلا يتّهم في ذلك ، فجرى مجرى الشهادة عليهم. وأمّا المكاتب فممنوع. وإن سلّم ، فإنّه غير متميّز من ملكه ، بخلاف الأب والابن.

مسألة ٣٨٥ : إذا حطّ البائع من الثمن بعد انقضاء العقد ، جاز أن يخبر‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٩.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٠ - ١٩١ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٥ ، المغني ٤ : ٢٨٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٤.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٥ ، المغني ٤ : ٢٨٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٥٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤.

٢٢٥

المشتري بالأصل ، فلو اشتراه بمائة ثمّ حطّ البائع عنه عشرة ، أخبر بالمائة ، سواء كان الحطّ في زمن الخيار لهما أو لأحدهما ، أو لا في زمن الخيار ، وكذا الزيادة ؛ لأنّ الذي وجب بالبيع إنّما هو أصل الثمن ، وعروض السقوط بالإبراء لا يُخرجه عن كونه من الثمن ، والإخبار إنّما هو بالثمن.

وقال الشافعي(١) : إن كان الحطّ قبل استقرار العقد مثل أن يكون في المجلس أو مدّة الخيار ، فإنّه يلحق بالعقد ، ويُخبر بما بعد الحطّ. وإن كان بعد لزوم العقد ، لم يلحق بالعقد. وكذا الزيادة قبل الحطّ.

وقال أبو حنيفة : يلحق بالعقد(٢) .

ولو حطّ بعض الثمن بعد لزوم العقد وباع بلفظ « ما اشتريت » لم يلزمه حطّ المحطوط ، وبه قال الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة(٤) .

وإن باعه بلفظ « قام عليَّ » لم يُخبر إلاّ بالباقي.

فإن حطّ الكلّ ، لم يجز بيعه مرابحةً بلفظ « قام ».

ولو حطّ عنه بعض الثمن بعد جريان المرابحة ، لم يلحق الحطّ المشتري ، وبه قال بعض الشافعيّة(٥) .

وقال بعضهم : يلحق(٦) .

مسألة ٣٨٦ : لو اشترى عبداً بثوبٍ قيمته عشرون وأراد بيعه مرابحة‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٢ - ٢٩٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٨١ ، المغني ٤ : ٢٨١.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٢ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٨١ ، المغني ٤ : ٢٨١.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٩.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٢ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢.

(٥ و ٦ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٩.

٢٢٦

بلفظ الشراء أو بلفظ القيام ، ذكر أنّه اشتراه بثوبٍ قيمته كذا ، ولا يقتصر على ذكر القيمة ؛ لأنّ البائع بالثوب يشدّد أكثر ما يشدّد البائع بالنقد.

ولو كان قد اشترى الثوب بعشرين ثمّ اشترى به العبد ، جاز أن يقول : « قام عليَّ بعشرين » ولا يقول : اشتريته بعشرين.

مسألة ٣٨٧ : لو اشتراه بدَيْنٍ له على البائع ، لم يجب الإخبار عنه ، سواء كان مليّاً أو لا ، مماطلاً أو لا ، قصد التخلّص من الغريم بالتسامح أو لا.

وقال الشافعي : إن كان مليّاً غير مماطل ، لم يجب الإخبار عنه. وإن كان مماطلاً ، وجب الإخبار عنه ؛ لأنّه يشتري من مثله بالزيادة للتخلّص من التقاضي(١) . وليس بشي‌ء.

وكذا لو سامح البائع بزيادة الثمن إمّا لغرضٍ أو لا لغرضٍ ، لم يجب الإعلام بالحال.

مسألة ٣٨٨ : إذا اشترى شيئين صفقةً واحدة أو جملة كذلك ثمّ أراد بيع بعضها مرابحةً ، لم يكن له ذلك‌ مع تقسيط الثمن على الأبعاض ، إلّا أن يخبر بصورة الحال ، سواء اتّفقت ، كقفيزي حنطة ، أو اختلفت ، كقفيز حنطة وقفيز شعير ، أو عبدين ، أو ثوبين ، أو عبد وثوب ، وسواء ساوى بينهما في التقويم أو لا ، وسواء باع خيارها بالأقلّ أو لا ، إلّا أن يخبر بصورة الحال في ذلك كلّه ؛ لتفاوت القيم والأغراض. ولأنّ توزيع الثمن على القيمتين تخمين وحزر وظنّ يتطرّق إليه الخطأ غالباً ، فلم يجز.

وقال الشافعي : يجوز مطلقاً ، ويقسّم الثمن على القيمتين ، فما خصّ‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٩.

٢٢٧

كلّ واحد منهما فهو ثمنه ؛ لأنّ الثمن ينقسم على المبيع على قدر قيمة المبيع في نفسه ، ولهذا لو باع شقصاً وسيفاً ، فإنّ الشفيع يأخذ الشقص بثمنه فيقوّمان ويقسّم الثمن على قدر القيمتين ، وكذا هنا(١) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ أخذ الشفعة قهريّ ، فالتجأ فيه إلى التقويم تخليصاً من إبطال حقّه.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يجوز فيما يقسّم الثمن على القيمة ، وما يتساوى يجوز ، كالطعام(٢) .

أمّا لو أخبر بالحال فقال : اشتريت المجموع بكذا وقوّمته مع نفسي فأصاب هذه القطعة من الثمن كذا ، فإنّه يجوز إجماعاً.

مسألة ٣٨٩ : يجب الإخبار بالعيوب المتجدّدة في يد المشتري‌ أو الجناية مثل أن يشتري عبداً صحيحاً بمائة ثمّ يقطع إصبعه ، سواء حدث العيب بآفة سماويّة أو بجنايته أو بجناية أجنبيّ ، أو اشتراه على أنّه صحيح - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ المشتري يبني العقد على العقد الأوّل ، ويتوهّم بقاء المبيع على حاله التي اشتراها البائع.

ولا فرق بين ما ينقص العين وما ينقص القيمة ، كما في الردّ ، فلو اشترى عبداً بعشرين ثمّ خصاه فزادت قيمته ، فالأقوى وجوب الإخبار‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٥ - ٢٩٦ ، التهذيب - للبغوي ٣ : ٤٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٩ - ١٩٠ ، المغني ٤ : ٢٨٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٤.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٣١ / ١١٠٢ ، التهذيب - للبغوي ٣ : ٤٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣ ، المغني ٤ : ٢٨٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٠ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٣.

٢٢٨

بالخصاء وإن زادت به القيمة.

وقال أبو حنيفة : لا يجب الإخبار عن العيب الحادث وإن نقصت القيمة إذا كان بآفة سماويّة(١) .

مسألة ٣٩٠ : لو اطّلع المشتري على عيبٍ قديم فأسقط أرشه ورضي به ، لم يجب ذكره في المرابحة ، كما لو تسامح معه.

وقال الشافعي : يجب(٢) . وليس بمعتمد.

ولو أخذ أرش العيب السابق ، أسقطه من رأس المال ، فلو اشتراه بمائة فوجد به عيباً أخذ أرشه عشرة ، أخبر بتسعين - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ ما رجع من أرش العيب نقصان من الثمن ؛ لما عرفت أنّ الأرش جزء من الثمن ، بخلاف ما لو حطّ بعض الثمن أو وهبه إيّاه ؛ لأنّ أخذ الأرش قهريّ وذلك اختياريّ ، فافترقا.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يخبر بصيغة « رأس مالي » أو « تقوّم عليّ » أو « هو عليَّ بتسعين » ولا يقول : « اشتريته » لأنّ الشراء كان بما سمّي في العقد.

ولو قال بصيغة « اشتريته » وجب أن يخبر بالمائة ، ويذكر العيب واسترجاع قدر أرشه.

مسألة ٣٩١ : لو اشترى عبداً بمائة فجني عليه في يده فأخذ الأرش ، لم يضعه في المرابحة‌ إن باع بلفظ « اشتريته » وكذا إن قال : « بما قام عليَّ » ولا يجب ذكر الجناية فيهما.

____________________

(١) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٠.

(٣) اُنظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٨٤ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٩٠.

٢٢٩

وقال الشافعي : إن باع بلفظ الشراء ، ذكر الثمن وأخبر بالجناية. وإن باع بلفظ « قام عليّ » فوجهان :

أحدهما : أنّه نازل منزلة الكسب والزيادات ؛ لأنّه من منافع العبد. ولأنّه لو جنى العبد ففداه ، لم يضمّه إلى الثمن ، والمبيع قائم عليه بتمام الثمن.

وأصحّهما عنده : أنّه يحطّ الأرش من الثمن ، كأرش العيب(١) .

وفيه(٢) بعض القوّة ؛ لأنّ المشتري إنّما أخلد إلى البائع وثوقاً بنظره ، وهو إنّما بذل الثمن الكثير في مقابلة السليم ، فيكون المشتري كذلك.

إذا تقرّر هذا ، فالمراد من الأرش هنا على قولهم بوضعه قدر النقصان ، لا المأخوذ بتمامه ، فإذا(٣) قطعت يد العبد وقيمته مائة فنقص ثلاثين(٤) ، يأخذ خمسين ، ويحطّ من الثمن ثلاثين لا خمسين ، وهو أحد قولي الشافعيّة(٥) .

وحكى الجويني وجهاً آخر : أنّه يحطّ جميع المأخوذ من الثمن(٦) .

وإن نقص من القيمة أكثر من الأرش المقدّر ، حطّ ما أخذ من الثمن ، وأخبر عن قيامه عليه بالباقي وأنّه(٧) نقص من قيمته كذا.

تذنيب : لو جنى العبد في يد المشتري ففداه ، لم يضمّ الفداء إلى رأس ماله ، ويُخبر به ؛ لأنّ الفداء لزمه لتخليص ماله وتبقيته عنده ، فجرى‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٠.

(٢) أي : في الوجه الثاني.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « فلو » بدل « فإذا ».

(٤) الظاهر : ثلاثون.

(٥ و ٦ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٠.

(٧) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « وأن ». والأنسب ما أثبتناه.

٢٣٠

مجرى طعامه وشرابه.

مسألة ٣٩٢ : إذا كان قد اشتراه مغبوناً فيه ، لم يلزمه الإخبار بالغبن ؛ لأنّه باع ما اشترى بما اشترى ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والثاني : يلزم ؛ لأنّ المشتري اعتمد على نظره واعتقد أنّه [ لا يحتمل ](١) الغبن ، فليخبره ليكون على بصيرة في أمره.

ورجّح أكثرهم الثاني ؛ لأمرين :

أ - أنّهم قالوا : لو اشتراه بدَيْنٍ من مماطل ، وجب الإخبار عنه ؛ لأنّ الغالب أنّه يشتري من مثله بالزيادة. وهو ممنوع.

ب - لو اشترى من ابنه الطفل ، وجب الإخبار عنه ؛ لأنّ الغالب في مثله الزيادة في الثمن عنه نظراً للطفل واحترازاً عن التهمة ، فإذا وجب الإخبار عند ظنّ الغبن فلأن يجب عند تيقّنه كان أولى(٢) .

ولو اشتراه من ولده البالغ أو من أبيه ، فالأصحّ عندهم : أنّه لا يجب الإخبار عنه ، كما لو اشترى من زوجته أو مكاتبه(٣) .

وأوجب أبو حنيفة الإخبار عن البائع إذا كان ابناً أو أباً له(٤) .

والأصحّ أنّه لا يجب. وكذا لو كان غلامه.

مسألة ٣٩٣ : لو اشتراه بثمن مؤجّل ، وجب الإخبار عنه ؛ لاختلاف الثمن بسببه ، فإنّ الظاهر التفاوت في الثمن بين المعجّل والمؤجّل ، فإنّ‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « لا يجهل ». وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٠.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٠ - ١٩١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤.

٢٣١

المعجّل أقلّ ثمناً والمؤجّل أكثر ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(١) .

فإن باعه وذكر الثمن وأهمل الأجل ، تخيّر المشتري بين الرضا به حالّاً وبين الفسخ - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٢) لأنّه لم يرض بذمّة المشتري ، وقد تكون ذمّته دون ذمّة البائع ، فلا يلزم الرضا بذلك.

وقال الأوزاعي : يلزمه العقد ، ويثبت في ذمّة المشتري مؤجّلاً(٣) ؛ لأنّه باعه بما اشتراه ، فيثبت على المشتري مؤجّلاً.

ويمنع أنّه باعه بما اشتراه في الوصف ؛ إذ التقدير خلافه ، وأنّه باعه حالّاً.

أمّا لو قال : اشتريته بمائة وبعتك بها على صفتها ، كان للمشتري مثل الأجل.

مسألة ٣٩٤ : إذا أثمر النخل في يد المشتري أو حملت الدابّة أو الأمة في يده أو تجدّد لها لبن أو صوف وشبهه فاستوفاه المشتري ، لم يحطّ النماء‌ المنفصل الذي استوفاه ولا قيمته من رأس المال ، ويُخبر بما اشتراه ؛ لأنّ ذلك فائدة تجدّدت في ملكه ، فإن اشتراها مثمرةً وأخذ الثمرة أو حاملاً ، سقط حصّة الثمرة والولد من الثمن وأخبر(٤) بالحال ، كما لو اشترى عينين وباع أحدهما مرابحةً.

ولا يجب أن يُخبر عن وطئ الثيّب ولا عن مهرها الذي أخذه ، وبه قال الشافعي(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.

(٢) المغني ٤ : ٢٨٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٤.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٩٥.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « أخبره ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.

٢٣٢

أمّا لو وطئ البكر ، فإنّه يُخبر به ؛ لأنّه يوجب أرشاً بالاقتضاض.

مسألة ٣٩٥ : إذا باعه بمائة هي رأس ماله وربح كلّ عشرة واحداً ، وكان قد أخبر بأنّ رأس المال مائة ، ثمّ ظهر كذبه وأنّ الثمن تسعون ، لم يبطل البيع من أصله - وهو أظهر قولي الشافعي(١) لأنّ سقوط جزء من الثمن المسمّى بضرب من التدليس لا يمنع من صحّة العقد ، ولا يقتضي جهالة الثمن ، كأرش المعيب(٢) . ولأنّا لا نسقط شيئاً من الثمن بل نخيّره في الفسخ والإمضاء بالجميع.

وقال الشافعي في الآخر : إنّ البيع باطل - وبه قال مالك - لأنّ الثمن وقع مجهولاً ، لأنّه غير المسمّى ، فلم يصح(٣) . وجوابه تقدّم.

إذا ثبت أنّ البيع صحيح ، فإنّ المشتري يتخيّر بين أخذه بجميع الثمن الذي وقع عقد المرابحة عليه ، وبين الردّ - وبه قال أبو حنيفة ومحمّد والشافعي في أحد القولين(٤) - لأنّ الثمن مسمّى في العقد ، وإنّما كان فيه تدليس وخيانة ، وذلك يوجب الخيار دون الحطيطة ، كما لو ظهر فيه عيب دلّسه البائع.

والقول الثاني للشافعي : أنّه يأخذه بما ثبت أنّه رأس المال وحصّته‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٨٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « البيع » بدل « المعيب ». والظاهر ما أثبتناه كما في هامش « ق ».

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.

(٤) حلية العلماء ٤ : ٢٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١ ، بداية المجتهد ٢ : ٢١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٦ ، المغني ٤ : ٢٨١ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٢.

٢٣٣

من الربح - وبه قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف وأحمد بن حنبل لأنّه باعه إيّاه برأس ماله وما قدّره من الربح ، وإنّما ذكر أكثر من رأس المال ، فإذا كان رأس المال قدراً ، كان متعيّناً به وبالزيادة ، بخلاف العيب(١) ؛ لأنّه لم يرض إلّا بالثمن المسمّى ، وهنا رضي برأس المال والربح المقرّر(٢) .

ويمنع أنّ البيع برأس المال ؛ لأنّه عيّنه بالذكر.

قالت الشافعيّة : إذا قلنا بالصحّة ، فلا يخلو إمّا أن يكون كذبه في هذا الإخبار خيانةً أو غلطاً.

فإن كان خيانةً ، فقولان منصوصان عن الشافعي في اختلاف العراقيّين :

أحدهما وبه قال أحمد - : أنّا نحكم بانحطاط الزيادة وحصّتها من الربح ؛ لأنّه يملّك باعتبار الثمن الأوّل فينحطّ الزائد عليه ، كما في الشفعة.

والثاني - وبه قال أبو حنيفة - : أنّا لا نحكم به ؛ لأنّه سمّى ثمناً معلوماً ، وعقد به العقد فليجب.

وإن كان غلطاً ، فالمنصوص القول الأوّل. والثاني مخرّج من مثله في الحالة الاُولى(٣) .

مسألة ٣٩٦ : قد بيّنّا أنّه إذا أخبر بالزائد ، يتخيّر المشتري ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : أنّه يحطّ الزائد وما يصيبه من الربح(٤) .

____________________

(١) وردت العبارة في المغني والشرح الكبير هكذا : « فإذا بان رأس المال قدراً ، كان مبيعاً به وبالزيادة ، بخلاف العيب». فلاحظ.

(٢) المصادر في الهامش (٤) من ص ٢٣٢.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٨٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٤ - ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.

(٤) اُنظر : المصادر في الهامش (٤) من ص ٢٣٢.

٢٣٤

فعلى الانحطاط هل للمشتري الخيار؟ للشافعي قولان :

أظهرهما : نفي الخيار ؛ لأنّه قد رضي بالأكثر فبالأقلّ أولى.

والثاني - وبه قال أبو حنيفة أنّه يثبت الخيار ؛ لأنّه إن بان كذبه بالإقرار لم يؤمن كذبه ثانياً وثالثاً. وإن بان بالبيّنة على الشراء أو بالبيّنة على الإقرار ، فقد يخالف الباطن الظاهر. ولأنّه قد يكون له غرض في الشراء بذلك المبلغ لتحلّة قسمٍ أو إنفاذ وصيّة ونحوها(١) .

وللشافعيّة طريق آخر : أنّ القول الأوّل محمول على ما إذا تبيّن كذب البائع بالبيّنة ، والثاني على ما إذا تبيّن بالإقرار. والفرق : أنّه إذا ظهر بالبيّنة خيانته ، لم تؤمن خيانته من وجهٍ آخر ، والإقرار يشعر بالأمانة وبذل النصح. والطريقة الاُولى أظهر عندهم(٢) .

فإن قلنا : لا خيار له ، أو قلنا : له الخيار فأمسك بما يبقى بعد الحطّ ، فهل للبائع الخيار؟ للشافعيّة وجهان ، وقيل : قولان :

أحدهما : نعم ؛ لأنّه لم يسلم له مسمّاه في العقد.

وأظهرهما : المنع ؛ لاستبعاد أن يصير تلبيسه أو غلطه سبباً لثبوت الخيار له(٣) .

ومنهم مَنْ خصّ الوجهين بصورة الخيانة ، وقطع بثبوت الخيار عند الغلط(٤) .

مسألة ٣٩٧ : قد بيّنّا مذهبنا في ظهور كذب إخبار البائع ، وأنّ المشتري يتخيّر ولا يحطّ شيئاً ، وهو أحد قولي الشافعي(٥) . وحينئذٍ إنّما يثبت الخيار‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.

(٥) اُنظر : المصادر في الهامش (٤) من ص ٢٣٤.

٢٣٥

له ؛ لأنّه قد غرّه ودلّس عليه ، فلو كان المشتري عالماً بكذب البائع ، لم يكن له خيار ، ويكون بمنزلة ما لو اشترى معيباً وهو عالم بعيبه.

وإذا ثبت الخيار ، فلو قال البائع : لا تفسخ فإنّي أحطّ الزيادة ، سقط الخيار.

وللشافعي وجهان(١) .

ولا فرق بين أن يظهر الكذب في قدر الثمن أو جنسه أو وصفه أو حلوله أو قلّة أجله.

مسألة ٣٩٨ : لو ظهر كذب البائع بعد هلاك السلعة ، ففي سقوط خيار المشتري إشكال‌ ينشأ : من أنّه ثبت بحقّ فلا يسقط بهلاك المعقود عليه ، كغيره من أنواع الخيار. ومن أنّ الخيار ثبت لإزالة الضرر ، فلا يثبت مع الضرر ، كالبائع.

واختلفت الشافعيّة :

فقال بعضهم : تحطّ الخيانة وحصّتها من الربح قولاً واحداً.

وقال بعضهم بجريان القولين في الانحطاط ، فإن قلنا بالانحطاط ، فلا خيار للمشتري ؛ لأنّ البائع قد لا يريد القيمة ، فالفسخ وردُّ القيمة يضرّ به. وأمّا البائع فإن لم يثبت له الخيار عند بقاء السلعة ، فكذا هاهنا. وإن أثبتناه ثَمَّ ، ثبت هنا أيضاً ، كما لو وجد بالعبد عيباً والثوب الذي هو عوضه تالف(٢) . وإن قلنا بعدم الانحطاط ، فهل للمشتري الفسخ؟ وجهان ، أظهرهما : لا ، كما لو عرف بالعيب بعد تلف المبيع ، ولكن يرجع بقدر‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٢.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « بألف » بدل « تالف » والصحيح ما أثبتناه.

٢٣٦

التفاوت وحصّته من الثمن ، كما يرجع بأرش العيب(١) .

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : سقط حقّه ، فلا يفسخ ولا يرجع بشي‌ء ؛ لأنّ الخيار ثبت له من طريق الحكم لا لنقصٍ ، فيسقط بتلف السلعة ، كخيار الرؤية(٢) .

وحكي عن محمّد أنّه قال : يردّ القيمة ، ويرجع في الثمن(٣) . كما قوّيناه نحن أوّلاً.

وقول أبي حنيفة باطل ؛ لأنّ الخيار ثبت له لتدليس البائع ونقص الثمن عمّا حكاه ، فهو بمنزلة العيب يستره عنه ، ولا يشبه خيار الرؤية ؛ لأنّه يثبت للاختبار ، لا لأجل نقصٍ أو خيانة تثبت. وأمّا الفسخ بعد التلف فإضرار بالبائع ، كما لا يثبت إذا تلف المبيع المعيب في يد المشتري.

مسألة ٣٩٩ : يجب عليه الإخبار بكلّ ما يتفاوت الثمن بسببه‌ على وجهه كالأجل وشبهه من عيب طرأ في يده فنقص أو جناية على ما تقدّم. فلو كذب ، تخيّر المشتري ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : تحطّ الجناية وقدرها من الربح(٤) .

هذا في القدر ، أمّا لو كذب في سلامة المبيع وكان معيباً ، أو في حلول الثمن وكان مؤجّلاً ، هل يكون حكمه حكم القدر؟ قال بعض الشافعيّة بذلك ، فعلى قول الحطّ فالسبيل النظر إلى القيمة ويقسّط الثمن عليها(٥) . ونحن لا نقول بذلك.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٢.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٣٠١.

(٤ و ٥ ) الوجيز ١ : ١٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٢.

٢٣٧

مسألة ٤٠٠ : لو كذب بنقصان الثمن - بأن قال : كلّ الثمن أو رأس المال أو ما قامت السلعة به عليَّ مائة ، وباع مرابحة لكلّ عشرة درهم ، ثمّ عاد وقال : غلطت والثمن مائة وعشرة فإن صدّقه المشتري ، فالبيع صحيح ؛ لأنّه عقد صدر من أهله في محلّه بثمن معلوم مسمّى ، فيكون صحيحاً ، كغيره من العقود - وهو أحد وجهي الشافعيّة(١) - كما لو غلط بالزيادة.

وقال بعضهم : البيع باطل ؛ لأنّ العقد لا يحتمل الزيادة ، وأمّا النقصان فهو معهود عند الشرع بدليل الأرش(٢) .

وعلى ما اخترناه من صحّة البيع لا تثبت الزيادة كما لا يثبت الحطّ ، لكن للبائع الخيار في فسخ البيع وإمضائه بلا شي‌ء ، وهو أحد وجهي الشافعيّة القائلين به.

والثاني لهم : تثبت الزيادة مع ربحها ، وللمشتري الخيار(٣) .

وإن كذّبه المشتري ، وهو قسمان :

أ - أن لا يبيّن للغلط وجهاً محتملاً ، فلا تسمع دعواه. ولو أقام بيّنةً ، لم تسمع ؛ لأنّه أقرّ بأنّ الثمن مائة ، وتعلّق بذلك حقّ المشتري ، فلا يقبل رجوعه عنه ولا تُسمع بيّنته ؛ لأنّ إقراره يكذّبها ، بخلاف ما لو أقرّ بأنّ الثمن أقلّ ؛ لأنّه اعترف فيها بما هو حقّ لغيره وضرر عليه. ولأنّ إقراره الثاني يكذّب قوله وبيّنته.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٢ - ١٩٣.

٢٣٨

فإن ادّعى علم المشتري بصدقه والتمس تحليفه على أنّه لا يعرف ذلك ، اُجيب إليه ؛ لأنّه ربما يقرّ عند عرض اليمين عليه ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والثاني : لا يجاب ، كما لا تسمع بيّنته(١) .

فإن نكل ، تردّ اليمين على المدّعى ، وهو أحد قولي الشافعيّة. والثاني : لا تردّ(٢) .

والوجهان مبنيّان على أنّ اليمين المردودة بعد نكول المدّعى عليه كالإقرار من جهة المدّعى عليه أو كالبيّنة من جهة المدّعى؟ وسيأتي تحقيقه فعلى الأوّل تردّ ، لا على الثاني ؛ لأنّ بيّنته غير مقبولة.

وإذا(٣) قلنا بتحليف المشتري ، يحلف على نفي العلم. فإن حلف ، ثبت العقد على ما حلف عليه ، فيثبت المبيع له بمائة وعشرة. وكذا إذا قلنا : لا تعرض اليمين عليه. وإن نكل ورددنا اليمين على البائع ، فإنّه يحلف على القطع أنّه اشتراه بمائة وعشرة. وإذا حلف ، فللمشتري الخيار بين إمضاء العقد بما حلف عليه البائع فيكون الثمن عليه مائةً وأحد وعشرين ، وبين الفسخ ؛ لأنّه دخل في العقد على أن يكون الثمن مائةً وعشرة مع الربح.

ب - أن يبيّن للغلط وجهاً محتملاً ، مثل أن يقول : ما كنت اشتريته بنفسه ، بل اشتراه وكيلي وأخبرني أنّ الثمن مائة فبانَ خلافه ، أو ورد عليَّ كتابه فبانَ مزوّراً ، أو يقول : كنت راجعت جريدتي فغلطت من [ ثمن ](٤)

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٣٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٣.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٣.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « فإذا ».

(٤) أضفناها لأجل السياق.

٢٣٩

متاع إلى غيره ، فتُسمع دعواه للتحليف ؛ لأنّ بيان هذه الأعذار يُجوّز ظنّ صدقه ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وبعضهم طرد الخلاف في التحليف ، وسماع البيّنة يترتّب على التحليف ، إن قلنا : لا تحليف ، فالبيّنة أولى أن لا تُسمع. وإن قلنا : له التحليف ، ففي البيّنة وجهان ، الأظهر عندهم : سماعها(٢) .

وعندنا أنّه يحلف المشتري ، كما إذا أقرّ بإقباض الرهن ثمّ رجع عن ذلك.

وقال أحمد بن حنبل : القول قول البائع مع يمينه ؛ لأنّه لمـّا دخل معه المشتري في بيع المرابحة فقد جعله أميناً ، فالقول قوله مع يمينه ، كالوكيل والشريك والـمُضارب(٣) .

وهو خطأ ؛ لأنّه قبل قوله فيما أخبر به من الثمن ، وذلك لا يصير به أميناً له ، كما لو أخبره بقدر المبيع ، فإن قال : بعتك هذه الصبرة وهي عشرة أقفزة ، فقبل قوله ثمّ بانت تسعة وأنكر البائع ذلك ، لم يقبل قوله. ويفارق الوكيل والشريك ؛ لأنّه استنابه في التصرّف عنه فقبل قوله عليه ، بخلاف المتنازع.

مسألة ٤٠١ : إذا قال : رأس مالي مائة درهم بعتك بها وربح كلّ عشرة واحداً ، اقتضى أن يكون الربح من جنس الثمن الأوّل. وكذا لو قال : بعتك بمائة وربح عشرة.

ويجوز أن يجعل الربح من غير جنس الأصل.

ولو قال : اشتريت بكذا وبعتك به وربح درهم على كلّ عشرة ،

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٣.

(٣) المغني ٤ : ٢٨٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٣ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٤.

٢٤٠