تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 381

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 381
المشاهدات: 84809
تحميل: 3863


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84809 / تحميل: 3863
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 12

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بالعاقد ، فليس لأحد الموكّلين ردّ نصيبه خاصّةً ، كما لو اشترى ومات عن ابنين وخرج معيباً ، لم يكن لأحدهما ردّ نصيبه خاصّة.

وهل لأحد الموكّلين والابنين أخذ الأرش؟

أمّا عندنا : فنعم.

وأمّا عند الشافعي : فكذلك إن وقع اليأس عن ردّ الآخر بأن رضي به. وإن لم يقع ، فكذلك على أصحّ الوجهين(١) .

ب - لو وكّلا واحداً ببيع عبدٍ لهما ، أو وكّل أحد الشريكين صاحبه ، فباع الكلّ ثمّ ظهر عيب ، فعلى الأوّل لا يجوز للمشتري ردّ نصيب أحدهما. وعلى الوجوه الباقية يجوز.

ولو وكّل رجل اثنين ببيع عبده ، فباعاه من رجلٍ ، فعلى الأوّل يجوز للمشتري ردّ نصيب أحدهما. وعلى الوجوه الباقية لا يجوز.

ولو وكّلا رجلاً بشراء عبد أو وكّل رجلٌ رجلاً بشراء عبد له ولنفسه ، ففَعَل وظهر العيب ، فعلى الأوّل والثالث ليس لأحد الموكّلين إفراد نصيبه بالردّ. وعلى الثاني والرابع يجوز.

وقال القفّال : إنّه إن علم البائع أنّه يشتري لاثنين ، فلأحدهما ردّ نصيبه ؛ لرضا البائع بالتبعيض. وإن جهله البائع ، فلا(٢) . ولا بأس به عندي.

ج - لو وكّل اثنان رجلا ببيع عبد ، ورجلان رجلا بشرائه ، فتبايع الوكيلان وخرج معيبا ، فعلى الأوّل لا يجوز التفريق. وعلى الوجوه الباقية يجوز.

ولو وكّل رجلٌ رجلين ببيع عبد ورجلٌ رجلين بشرائه ، وتبايع الوكلاء ، فعلى الأوّل يجوز التفريق ، ولا يجوز على الوجوه الباقية.

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٩٩ ، المجموع ٩ : ٣٨٦.

٤١

المقصد السادس : فيما يندرج في المبيع‌

وضابطه الاقتصار على ما يتناوله اللفظ لغةً وعرفاً.

والألفاظ التي تمسّ الحاجة إليها ستّة تشتمل عليها مباحث ستّة :

الأوّل : الأرض.

مسالة ٥٦٦ : إذا قال : بعتك هذه الأرض أو العرصة أو الساحة أو البقعة‌ ، تناول اللفظ ما دلّ عليه حقيقةً ، وهو نفس الأرض ، فلو كان فيها ما هو متّصل بها كالأشجار والأبنية ، أو منفصل كالأمتعة وشبهها ، لم يدخل.

ولا خلاف في الثاني إلّا فيما يستثنى من المفتاح وشبهه ، وإنّما اختلفوا في الأوّل.

فإذا قال : بعتك هذه الأرض دون ما فيها من البناء والشجر ، لم يدخلا إجماعاً.

وإن قال : بعتكها بما فيها أو بما اشتملت عليه حدودها ، دخلا قطعاً.

وإن أطلق ، لم تدخل عندنا ، لخروجها عن مسمّى الأرض.

وقال الشافعي هنا : إنّه يدخل في البيع. وقال في الرهن : إذا قال : رهنتك هذه الأرض ، ولم يقل : بحقوقها ، لم يدخل الشجر والبناء في الرهن(١) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٥ ، الوسيط ٣ : =

٤٢

واختلف أصحابه على طرق ثلاثة :

أحدها : أنّ البناء والغراس لا يدخل في بيع الأرض إذا كان مطلقاً ، وكذلك في الرهن ، والذي قال هنا أراد به إذا قال : بحقوقها ، لأنّ الأرض اسم لا يتناول البناء والشجر ، وهما ينفردان عنها في البيع ، فلم يدخلا في البيع باسم الأرض.

الثاني : أنّ جوابه مختلف ، ولا فرق بين البيع والرهن ، فتكون المسألتان على قولين ، أحدهما : لا يدخل فيهما البناء والشجر. والثاني : يدخلان ، لأنّهما للدوام والثبات في الأرض ، فأشبهت أجزاء الأرض ، ولهذا يلحق بها في الأخذ بالشفعة.

الثالث : الفرق بين البيع والرهن ؛ فإنّ البيع يزيل الملك ، فهو أقوى من الرهن الذي لا يزيله. ويفيد البيع ملك ما يحدث في الأرض من الشجر ، بخلاف الرهن ، فليستتبع البيع البناء والشجر ، ولهذا كان النماء الحادث في الأصل المبيع للمشتري ، ولم يكن النماء الحادث في الأصل المرهون مرهوناً. وهذا الثالث عندهم أوضح الطرق(١) .

لا يقال : لو باع النخل ، لم تدخل فيه الثمرة وإن كانت متّصلةً.

لأنّا نقول : الثمرة لا تراد للبقاء ، فليست من حقوقها ، بخلاف البناء والشجر.

____________________

= ١٦٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٦ - ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤ ، المغني ٤ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٥ ، الوسيط ٣ : ١٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤ - ١٩٥ ، المغني ٤ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.

٤٣

والوجه ما قلناه أوّلاً.

مسالة ٥٦٧ : لو قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها ، ففي دخول البناء والشجر إشكال عندي أقربه : عدم الدخول ؛ لأنّ ذلك ليس من حقوق الأرض ، بل حقوقها الممرّ ومجرى الماء وأشباه ذلك.

وقال الشيخرحمه‌الله : يدخل(١) . وبه قال الشافعي(٢) .

وحكى الجويني في وجهٍ أنّه لا يدخل(٣) ، كما قلناه.

وقد روى محمد بن الحسن الصفّار عن العسكري ٧ في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة فيها زرع ونخل وغيرهما من الشجر ، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه ، وذكر فيه أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها أتدخل النخل والأشجار والزرع في حقوق الأرض أم لا؟ فوقّع ٧ « إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها»(٤) .

وهذا الخبر صحيح لا ريب فيه ، إنّما المشكل صورة النزاع ، فإنّه فرق بين أن يبيع الأرض بحقوقها وهو المتنازع ، وبين أن يبيعها بما أغلق(٥) عليه بابها الذي هو الجواب ، فإنّ الشجر والبناء والزرع والبذر وأصل البقل تدخل في الصورة الثانية.

وكذا لو قال : بعتك الأرض بما فيها أو ما اشتملت عليه حدودها.

مسالة ٥٦٨ : الزرع قسمان :

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٠٥ ، الخلاف ٣ : ٨٢ ، المسألة ١٣٢.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨.

(٤) التهذيب ٧ : ١٣٨ / ٦١٣.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « يغلق ».

٤٤

أ - ما لا تتعدّد فائدته وثمرته ، بل توجد(١) مرّة واحدة ، كالحنطة والشعير والدخن وغيرها. وهذا لا يدخل في الأرض لو قال : بعتك هذه الأرض ، لأنّه ليس للدوام والثبات ، فكان كالأمتعة في الدار.

وكذا لا يدخل في الأرض الجزر الثابت ولا الفجل ولا السلق ولا الثوم ، كالحنطة والشعير ، وبه قال الشافعي(٢) .

أمّا لو قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها ، فإنّ هذا القسم من الزرع لا يدخل عندنا ؛ لأنّ الثابت المستمرّ - كالبناء والغرس - لا يدخل ، فغيره أولى بعدم الدخول ، وبه قال الشافعي(٣) .

ب - ما تتعدّد فائدته وتوجد(٤) ثمرته مرّة بعد اُخرى في سنتين وأكثر ، كالقطن والباذنجان والنرجس والبنفسج ، ولا تدخل في الأرض اُصولها عندنا وإن قال : بحقوقها.

وللشافعي قولان كالأشجار(٥) .

وأمّا الظاهر من ثمارها عند العقد فهو للبائع.

وفي النرجس والبنفسج وجه للشافعيّة : أنّهما من قبيل الزرع لا يدخلان(٦) .

وأمّا ما يجزّ مراراً كالقتّ والقصب والهندباء والكرّاث والنعناع والكرفس والطرخون فلا تدخل في الأرض عندنا وإن قال : بحقوقها ، لا ما ظهر منها ولا اُصولها.

____________________

(١) الظاهر : « تؤخذ » بدل « توجد ».

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ١٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٤) الظاهر : « تؤخذ » بدل « توجد ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

٤٥

وقال الشافعي : لا تدخل الجزّة الظاهرة عند البيع ، بل هي للبائع ، وفي دخول الأصول الخلاف(١) .

وعند بعضهم أنّها تدخل قطعاً في بيع الأرض ؛ لأنّها كامنة فيها بمنزلة أجزائها(٢) .

وبالجملة ، كلّ زرع لا يدخل في البيع لا يدخل وإن قال : بعت الأرض بحقوقها عند الشافعي(٣) .

مسالة ٥٦٩ : إذا باع الأرض وفيها زرع ، كان البيع صحيحاً‌ ؛ عملاً بالأصل ، كما لو باع داراً مشغولة بأمتعة البائع ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو إسحاق من الشافعيّة : إنّ للشافعي فيها قولين ، كما لو باع العين المستأجرة ، فإنّ فيها قولين باعتبار استثناء المنفعة ، والمعتدّة إذا استحقّت السكنى في الدار ، لم يجز بيعها عندهم قولاً واحداً(٥) .

وأنكر باقي أصحاب الشافعي عليه ، وفرّقوا بينهما ؛ لأنّ بقاء الزرع في الأرض لا يحول بين يدي المشتري وبين الأرض ، وإنّما للبائع ترك الزرع والدخول للحاجة إلى ذلك ، بخلاف المستأجر والمعتدّة ، فإنّ يدهما حائلة ، وفرق بينهما ، ولهذا لو زوّج أمته وباعها ، يصحّ البيع قولا واحدا ، لأنّ يد الزوج ليست حائلة ، وإنّما ينتفع ببعض منافعها.

قالوا : ولو كان الأمر على ما قاله أبو إسحاق ، لكان البيع هنا باطلاً قولاً واحداً ؛ لأنّ مدّة إكمال الزرع مجهولة(٦) .

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٤) الوجيز ١ : ١٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.

(٥ و ٦ ) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

٤٦

مسالة ٥٧٠ : إذا ثبت أنّ البيع صحيح ، وأنّ الزرع للبائع‌ ، فإنّ له تبقيته إلى أوان الحصاد بغير اُجرة عليه في المدّة - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ تبقية الزرع مستثناة من بيعه ، فكأنّه باع العين دون المنفعة.

وقال أبو حنيفة : ليس له ذلك ؛ لأنّه بالبيع ملك المشتري المنافع(٢) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإنّه إذا حضر وقت الحصاد ، أمر بالقطع وتفريغ الأرض ، وعليه تسويتها وقلع العروق التي يضرّ بقاؤها بالأرض ، كعروق الذرّة ، كما لو كان في الدار دابّة لا يتّسع لها الباب ، فإنّها تنقض ، وعلى البائع ضمانه.

ولو قطع البائع الزرع قبل أوان حصاده ، لم يكن له الانتفاع بالأرض ، وكانت المنفعة للمشتري؛ لأنّه إنّما استحقّ تبقية هذا الزرع قضاءً للعادة بالتبقية ، ولئلّا يتضرّر بقطعه ، وهذه الضرورة قد زالت ، فإذا أزاله ، لم يكن له الانتفاع بمكانه ، كما لو باع داراً فيها قماش له ، فإنّ عليه نقله بمجرى العادة ، فإن جمع الحمّالين ونقله في ساعة واحدة ، لم يكن له حبس الدار إلى أن يمضي زمان العادة في النقل والتفريغ ، كذا هنا.

وإذا ترك الزرع حتى استحصد ، وجب عليه نقله بحسب الإمكان ، فإن أراد تبقيته ؛ لأنّه أنفع له ، لم يترك ، فإذا حصده ، فإن بقي له اُصول لا تضرّ بالأرض ، لم يكن عليه نقلها ، وإلّا وجب.

مسالة ٥٧١ : إذا كان المشتري جاهلاً بالزرع بأن تقدّمت رؤيته للأرض قبل البيع وقبل الزرع ، ثمّ باعها بعده ، كان له الخيار في فسخ البيع ؛ لنقص‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠.

٤٧

المبيع عادة ، وعدم تمكّنه من الانتفاع به عقيب العقد وهو مقتضاه. وإن شاء أجاز البيع مجّاناً بغير أرش ولا اُجرة.

وإن كان عالماً ، لزمه البيع ، وسقط خياره ، كعالم العيب قبل البيع.

وإذا خلّى البائع بينه وبين الأرض المشغولة بزرعه ، كان إقباضاً له.

وهل يدخل في ضمان المشتري بذلك؟ الأقرب : ذلك وإن تعذّر انتفاعه بها ، لشغل الزرع المتقدّم - وهو أظهر قولي الشافعيّة(١) - لحصول التسليم في الرقبة ، وهي المبيعة.

والثاني : لا يدخل في ضمان المشتري ؛ لأنّها مشغولة بملك البائع ، كما ذكرنا فيما إذا كانت الدار مشحونةً بأمتعة البائع(٢) .

والمعتمد : الأوّل ، والفرق أنّ التفريغ في الأمتعة متأتٍّ في الحال ، على أن الجويني أورد فيها وجهاً(٣) أيضاً.

مسالة ٥٧٢ : إذا كان في الأرض اُصول لما يجزّ مرّة بعد اُخرى‌ ، فقد قلنا : إنّها لا تدخل في بيع الأرض.

وقال الشافعي : تدخل. فعلى قوله يشترط المشتري على البائع قطع الجزّة الظاهرة ؛ لأنّها تزيد، ويشتبه المبيع بغيره(٤) .

وكذا عندنا لو شرط دخول اُصولها في العقد.

ولا فرق بين أن يكون ما ظهر بالغاً أوان الجزّ أو لا يكون.

قال بعض الشافعيّة : إلّا القصب ، فإنّه لا يكلّف قطعه إلّا أن يكون ما ظهر قدراً ينتفع به. ولو كان في الأرض أشجار خلافٍ تُقطع من وجه‌

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

٤٨

الأرض ، فهي كالقصب(١) .

مسالة ٥٧٣ : لو كان في الأرض بذر كامنٌ لم يظهر‌ ، لم يدخل في بيع الأرض وإن قال : بحقوقها ، على ما تقدّم.

وقال الشافعيّ هنا بالتفصيل الذي ذكره في الزرع ، فالبذر(٢) الذي لا ثبات لنباته ويؤخذ(٣) دفعةً واحدة لا يدخل في بيع الأرض المبيعة ، ويبقى إلى أوان الحصاد ، وللمشتري الخيار مع جهله، فإن تركه البائع له ، سقطه خياره ، وعليه القبول ، قاله الشافعي(٤) .

وعندي فيه إشكال.

ولو قال البائع : أنا آخذه وأفرغ الأرض ، فلا خيار للمشتري أيضاً إن قصر الزمان ، وإلّا فله الخيار.

وأمّا البذر الذي يدوم(٥) نباته ، كنوى النخل والجوز واللوز وبذر الكرّاث ونحوه من البقول فإنّ حكمها في الدخول تحت بيع الأرض حكم الأشجار ؛ لأنّ هذه الاُصول تُركت في الأرض للتبقية ، فهي كاُصول الشجر إذا غُرست(٦) .

والحقّ ما قلناه نحن من عدم الدخول في القسمين ؛ عملاً بالأصل ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٢) في « س » والطبعة الحجريّة : « فالقدر » بدل « فالبذر ». والكلمتان ساقطتان في « ي » والظاهر ما أثبتناه لأجل السياق وكما هو في المصدر أيضاً.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « يوجد » بدل « يؤخذ ». والظاهر ما أثبتناه وكما هو في المصدر أيضاً.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦ - ١٩٧.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « تقدّم » بدل « يدوم ». والصحيح ما أثبتناه كما هو في المصدر أيضاً.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

٤٩

واستصحاب ملك البائع.

مسالة ٥٧٤ : إذا باع أرضاً وفيها حجارة ، فإمّا أن تكون مخلوقةً فيها أو لا.

فإن كانت مخلوقةً ، دخلت في بيع الأرض مع الإطلاق ؛ لأنّها من جملة الأرض.

ثمّ إن كانت مضرّةً بالغراس وتمنع عروقه من النفوذ ، فإن كان المشتري عالماً بذلك ، فلا خيار له. وإن لم يكن عالماً ، ثبت له الخيار ؛ لأنّ ذلك عيب ، وبه قال الشافعي(١) .

وفيه وجهٌ(٢) آخر له : أنّه ليس بعيب ، وإنّما هو فوات فضيلة(٣) .

وإن لم تضرّ بالأرض ولا بالشجر بأن تكون بعيدةً من وجه الأرض لا تصل إليها عروق الشجر، فلا خيار للمشتري ، لأنّ ذلك ليس بعيب.

وأمّا إن لم تكن مخلوقةً في الأرض ، فإمّا أن تكون مبنيّهً فيها مدرجة في البناء ، فإنّها أيضاً تدخل في الأرض إن قلنا بدخول البناء ، أو اشترط دخوله. وإمّا أن تكون مودعةً فيها مدفونة للنقل [ فإنّها ] لم تدخل في البيع - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّها بمنزلة الكنوز والأقمشة في الدار وقد تُركت في الأرض للنقل والتحويل.

وإذا كانت للبائع عند الإطلاق ، فإمّا أن يكون المشتري عالماً بالحال من كونها في الأرض وضررِها ، أو جاهلاً.

فإن كان عالماً ، فلا خيار له في فسخ العقد وإن تضرّر بقلع البائع ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « وفي وجه ».

(٣ و ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

٥٠

وله إجبار البائع على القلع والنقل تفريغاً لملكه ؛ لأنّه لا عرف في تبقيتها ، بخلاف الزرع ، فإنّ له أمداً ينتظر.

ولا اُجرة للمشتري في مدّة القلع والنقل وإن طالت ، كما لو اشترى داراً فيها أقمشة وهو عالم بها ، لا اُجرة له في مدّة النقل والتفريغ.

وعلى البائع - إذا نقل - تسوية الأرض ؛ لأنّ الحفر حصل بنقل ملكه من غير تعدٍّ من صاحب الأرض ، فكان عليه تسويتها.

وإن كان جاهلاً بالحجارة أو علمها وجهل ضررها ، فالأحوال أربعة :

أ - أن لا يكون في ترك الحجارة ولا في قلعها ضرر ، فإن لم يحوج النقل وتسوية الأرض إلى مدّة لمثلها اُجرة ولم تنقص الأرض بها ، فللبائع النقل ؛ لأنّها ملكه ، وعليه تسوية الأرض ، ولا خيار للمشتري إن كان الزمان يسيراً. وإن كان كثيراً يضرّ بمنفعة الأرض ، فله الخيار ، فإن فسخ ، فلا كلام. وإن أجاز ، فهل له الاُجرة؟ وجهان.

وله إجبار البائع على النقل.

وحكى الجويني وجهاً أنّه لا يجبر ، والخيرة للبائع(١) . والمذهب عندهم الأوّل(٢) .

ب - أن لا يكون في قلعها ضرر ويكون في تركها ضرر ، فيؤمر البائع بالنقل ، ولا خيار للمشتري ، كما لو اشترى داراً فلحق سقفها خلل يسير يمكن تداركه في الحال ، أو كانت البالوعة مفسدةً ، فقال البائع : أنا أصلحه وأنقيها ، لا خيار للمشتري.

ج - أن يكون الترك والقلع معاً مضرّين ، فيتخيّر المشتري ، سواء‌

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

٥١

جهل أصل الأحجار أو يكون قلعها مضرّاً. ولا يسقط خياره بأن يترك البائع الأحجار ؛ لما في بقائها من الضرر.

ولو قال البائع للمشتري : لا تفسخ وأنا أغرم لك اُجرة المثل مدّة النقل ، لم يسقط خياره أيضاً، كما لو قال البائع : لا تفسخ بالعيب لأغرم لك أرشه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. والثاني: السقوط(١) . وليس بجيّد.

ثمّ إن اختار المشتري البيع ، فعلى البائع النقلُ وتسوية الأرض ، سواء كان النقل قبل القبض أو بعده.

وهل تجب اُجرة المثل لمدّة النقل إن كان النقل قبل القبض؟ قال الشافعي : يبنى على أنّ جناية البائع قبل القبض كآفة سماويّة أو كجناية الأجنبيّ؟ إن قلنا بالأوّل ، لم تجب ، لأنّ المبيع قبل القبض مضمون بالثمن ، فلا يضمن البائع إلّا ما يتقسّط عليه الثمن. وإن قلنا بالثاني ، فهو كما لو نقل بعد القبض(٢) .

وإن كان النقل بعد القبض ، فوجهان للشافعيّة : عدم الوجوب ؛ لأنّ إجازته رضا بتلف المنفعة في مدّة النقل. وأصحّهما عند أكثرهم : أنّها تجب ؛ لأنّ البيع قد استقرّ والمنافع مضمونة على المتلف ، كضمان أجزائه على المتلف وإن كان البائعَ ، وكما لو جنى على المبيع بعد القبض ، عليه ضمانه.

والحاصل أنّ في وجوب الاُجرة ثلاثة أوجه ، ثالثها - وهو الأظهر عندهم - : الفرق بين أن يكون(٣) النقل قبل القبض ، فلا تجب ، أو بعده‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « بين كون ».

٥٢

فتجب(١) .

ويجري مثل هذا الخلاف في وجوب الأرش لو بقي في الأرض بعد التسوية نقصان وعيب(٢) .

د - أن يكون في قلعها ضرر ولا يكون في تركها ضرر ، فللمشتري الخيار ، فإن أجاز ، ففي الاُجرة والأرش ما مرّ. ولا يسقط خياره بأن يقول : أقلع وأغرم الاُجرة أو أرش النقص. ولو رضي بترك الأحجار في الأرض ، سقط خيار المشتري إبقاء للعقد.

ثمّ ينظر في الترك ، فإن اقتصر البائع على قوله : تركتها للمشتري ، كان ذلك إعراضا لا تمليكا - وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٣) - فتكون باقية على ملك البائع ، والترك أفاد قطع الخصومة.

فإن أراد الرجوع ، فله ذلك - وبه قال أكثر الشافعيّة(٤) - ويعود خيار المشتري.

وقال الجويني : لا رجوع له ، ويلزمه الوفاء بالترك(٥) .

والثاني للشافعيّة : أنّه تمليك ليكون سقوط الخيار في مقابلة ملك حاصل(٦) .

ولو قال : وهبتها منك وحصلت شرائط الهبة ، حصل الملك. ومنهم مَنْ طرّد الخلاف ؛ لأنّه لا يقصد حقيقة الهبة ، إنّما قصد دفع الفسخ.

وإن لم تجمع شرائط الهبة ، بطلت.

وللشافعيّة في صحّتها للضرورة وجهان ، إن صحّحناها ، ففي إفادة‌

____________________

(١ - ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨ - ١٩٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

٥٣

الملك ما ذكرنا في لفظ الترك(١) .

هذا كلّه إذا كانت الأرض بيضاء ، أمّا إذا كان فيها غرس ، نُظر إن كانت حاصلةً يوم البيع واشتراها مع الأرض ، فنقصان الأشجار وتعيّبها بالأحجار كعيب(٢) الأرض في إثبات الخيار وسائر الأحكام.

وإن أحدثها المشتري بعد الشراء ، فإن كان قد أحدثها عالماً بالأحجار ، فللبائع قلعها ، وليس عليه ضمان نقصان الغراس.

وإن أحدثها جاهلاً ، فله الأرش عندنا ؛ لأنّه عيب تعقّبه تصرّف المشتري ، فسقط ردّه.

وللشافعيّة في ثبوت الخيار للمشتري وجهان : الثبوت ؛ لأنّ الضرر ناشٍ من إيداعه الأحجار في الأرض. والأصحّ عندهم : عدمه ؛ لرجوع الضرر إلى غير المبيع(٣) .

فإن كانت الأرض تنقص بالأحجار أيضاً ، نُظر فإن لم يورث الغرس وقلع الغروس نقصاناً في الأرض ، فله القلع والفسخ عند الشافعي(٤) لا عندنا.

وإن أورث الغرس أو القلع نقصاناً ، فلا خيار في الفسخ ، إذ لا يجوز له ردّ المبيع ناقصاً ، ولكن يأخذ الأرش.

وإذا قلع البائع الأحجار فانتقص الغراس ، فعليه أرش النقص بلا خلاف.

ولو كان فوق الأحجار زرع إمّا للبائع أو للمشتري ، ترك إلى أوان‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

(٢) كذا ، والظاهر : « كتعيّب ».

(٣ و ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

٥٤

الحصاد ؛ لأنّ له غايةً منتظرة ، بخلاف الغراس ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا فرق بينه وبين الغراس(٢) .

تذنيب : إنّما وجب على البائع والغاصب تسوية الحفر إذا حفر في الأرض المغصوبة ، ولم يوجبوا على هادم الجدار أن يعيده ، بل أوجبوا الأرش ؛ لأنّ [ طمّ ](٣) الحفر لا يتفاوت ، وهيئات البناء تختلف وتتفاوت ، فيشبه(٤) [ طمّ ](٥) الحفر بذوات الأمثال ، والهدم بذوات القِيَم حتى لو رفع لبنة أو اثنتين(٦) من رأس الجدار وأمكن الردّ من غير اختلاف في الهيئة ، لزمه الردّ إلى تلك الهيئة.

البحث الثاني : في البستان.

إذا قال : بعتك هذا الباغ أو البستان ، دخل فيه الأرض والأشجار والحائط الدائر عليه ؛ لأنّ لفظ « البستان » يدلّ على مجموع هذه الأشياء بالمطابقة ، لتبادر الذهن إليه.

ولو كان فيه بناء - كبيت أو دار - ففي دخوله في البستان ما مرّ في لفظة « الأرض » فعندنا لا يدخل. وعند الشافعي قولان(٧) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

(٣ و ٥ ) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٤) في « س ، ي » : « فشبه ».

(٦) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « حتى لو وقع لبنة أو اثنتان ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٧) الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، الوجيز ١ : ١٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، الوسيط ٣ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

٥٥

وهل يدخل العريش الذي توضع عليه القضبان؟ الظاهر عند الجويني(١) دخوله.

والأقرب عندي : عدم الدخول.

قالت الشافعيّة : لفظ « الكَرْم » كلفظ « البستان »(٢) .

وليس جيّداً ؛ فإنّ العادة والعرف والاستعمال تقتضي عدم دخول الحائط في مسمّى الكَرْم ، ودخوله في البستان.

ولو قال : هذه الدار بستان ، دخلت الأبنية والأشجار معاً.

ولو قال : هذا الحائط بستان ، أو هذه المحوطة ، دخل الحائط المحيط وما فيه من الأشجار ، وأمّا البناء ففيه(٣) ما سبق ، كذا قال بعض الشافعيّة(٤) .

ولا يظهر فرق بين الأبنية والأشجار في المحوطة ، فإمّا أن يدخلا معاً أو يخرجا معاً.

ويدخل المجاز والشرب في لفظ « البستان » و « الباغ » وإن لم يقل : « بحقوقه » على إشكال.

البحث الثالث : في القرية.

إذا قال : بعتك هذه القرية أو الدسكرة ، دخل في المبيع الأبنية‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٢) الوسيط ٣ : ١٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وأمّا الشافعيّة » بدل « وأمّا البناء ففيه ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

٥٦

والساحات الداخلة في السور وسور المحيط بها ؛ لأنّ القرية اسم لذلك ، لأنّها مأخوذة من الجمع.

ولا تدخل المزارع فيها - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه لو حلف أن لا يدخل القرية ، لم يحنث بدخول المزارع.

ولو قال : بعتكها بحقوقها ، لم تدخل أيضاً ؛ لأنّها ليست من حقوق القرية ، فلا بُدَّ من النصّ على المزارع ، وبه قال أكثر الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : إنّها تدخل(٣) . وبعضهم قال : إن قال : بحقوقها ، دخلت ، وإلّا فلا(٤) .

وكلاهما ضعيف.

أمّا الأشجار التي في وسط القرية فإنّها على الخلاف السابق فيما لو باع أرضاً وفيها شجر.

والأولى عندي عدم دخولها في القرية.

وقال بعض الشافعيّة : إنّها تدخل في لفظ القرية ، ولا تدخل في لفظ الأرض(٥) .

وقال الشافعي : إذا قال : بحقوقها ، دخلت الأشجار قولاً واحداً(٦) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، الوسيط ٣ : ١٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ ، منهاج الطالبين : ١٠٦.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٤) فتح العزيز بهامش المجموع ٩ : ٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ ، وفي العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ قد سقط بعض القول فلاحِظْ.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤.

(٦) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

٥٧

وتدخل فيها البيوت وحيطانها والسقوف والطرق المسلوكة فيها.

ولو وجدت قرينة تدلّ على إرادة المزارع ، دخلت ، وإلّا فلا ، كما لو ساومه على القرية ومزارعها واتّفقا على ثمن معيّن ثمّ اشترى القرية بذلك الثمن ؛ فإنّ المزارع تدخل هنا ؛ للقرينة الدالّة على الدخول.

وكذا لو بذل ثمناً لا يصلح إلّا للجميع ، دخلت ، عملاً بشاهد الحال.

البحث الرابع : الدار.

مسالة ٥٧٥ : إذا قال : بعتك هذه الدار ، دخل في المبيع الأرض والأبنية على تنوّعها حتى الحمّام المعدود من مرافقها ؛ لتناول اسم الدار لذلك كلّه.

وعن الشافعي أنّ الحمّام لا يدخل(١) .

وحَمَله أصحابه على حمّامات الحجاز ، وهي بيوت من خشب تنقل(٢) .

ولو كان في وسطها أشجار ، لم تدخل عندنا.

وقال الشافعي : إن قال : بحقوقها ، دخلت قطعاً. وإن أطلق ، فعلى الطرق المذكورة في لفظ الأرض(٣) .

ونقل الجويني في دخولها ثلاثة أوجه ، ثالثها : الفرق بين أن تكثر بحيث يجوز تسمية الدار بستاناً ، فلا تدخل في لفظ الدار ، وبين أن لا تكون كذلك فتدخل(٤) .

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ و ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ و ١٩٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ - ٢٠١.

٥٨

مسالة ٥٧٦ : الآلات التي في الدار على أقسام ثلاثة :

أ - المنقولات ، كالدلو والبكرة والرشا والمجارف(١) والسُّرُر والرفوف الموضوعة على الأوتاد من غير تسمّر والسلالم التي لم تسمّر ولم تطيّن والأقفال والكنوز والدفائن.

وهذه لا تدخل في البيع ، وبه قال الشافعي(٢) .

وأمّا المفاتيح للأغلاق المثبتة فالأقرب : دخولها - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٣) - لأنّها من توابع المغلاق المثبت.

والآخر : لا تدخل كسائر المنقولات(٤) .

وكذا الأقرب في ألواح الدكاكين الموضوعة في أبوابها الدخولُ ؛ لأنّها أبواب لها ، فأشبه الباب المثبت.

ويحتمل عدم الدخول ؛ لأنّها تنقل وتحوّل ، فكانت كالفرش.

وللشافعيّة وجهان(٥) .

ب - ما اُثبت في الدار تتمّةً لها ليدوم فيها ويبقى ، كالسقوف‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « المخارق ». وفي « س ، ي » : « المخارف ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٩ و ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٣ و ٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

٥٩

والأبواب المنصوبة وما عليها من التعاليق(١) والحَلَق والسلاسل والضباب(٢) .

وهذه تدخل في البيع ؛ لأنّها معدودة من أجزاء الدار.

ج - ما اُثبت على غير هذا الوجه ، كالرفوف والدنان والإجّانات المثبتة والسلالم المسمّرة والأوتاد المثبتة في الأرض والجُدْران والتحتاني من حجري الرحى وخشب القصّار ومعجن الخبّاز.

والأقرب : عدم الدخول ؛ لأنّها ليست من أجزاء الدار ، وإنّما اُثبتت لسهولة الارتفاق بها كيلا تتزعزع وتتحرّك عند الاستعمال.

وللشافعي في الفوقاني من حجري الرحى وجهان إن أدخلنا التحتاني ، والأصحّ : الدخول عندهم(٣) .

وقطع الجويني بدخول الحجرين في بيع الطاحونة ، وبدخول الإجّانات المثبتة إذا باع باسم المدبغة(٤) .

مسالة ٥٧٧ : في دخول مسيل الماء في بيع الأرض وشربها من القناة والنهر المملوكين إشكال أقربه : عدم الدخول ، إلّا أن يشترطها ويقول : « بحقوقها ».

وعن بعض الشافعيّة أنّه لا يكفي ذكر الحقوق(٥) .

____________________

(١) الظاهر : « المغاليق » بدل « التعاليق ».

(٢) في « س ، ي » : « الضبّات ». وفي الطبعة الحجريّة : « والضباط ». وهو غلط ، والظاهر ما أثبتناه. والضبّة : حديدة عريضة يضبّب بها الباب والخشب. والجمع : ضباب. لسان العرب ١ : ٥٤١ « ضبب ».

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٩ - ١٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٥) فتح العزيز بهامش المجموع ٩ : ٣٤ ، وفي العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ قد سقط حرف « لا » في قوله : « لا يكفي » ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

٦٠