نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 411

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 411
المشاهدات: 181889
تحميل: 8457


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 411 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 181889 / تحميل: 8457
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 13

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فيومئذ ثبتت مودَّة عليّعليه‌السلام في قلبي.

قال عمر بن عبد الله: هذا لفظ النقّاش في حديث المروزيّ، وفي حديث محمّد بن يونس: قال أنس: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير مشويّ فوضع بين يديه فقال: اللّهمَّ أدخل عليَّ من تحبُّه واُحبُّه، فجاء عليّ وذكر الحديث.

« أخبرنا أبو طالب محمّد بن عليِّ بن محمّد بن البيِّع البغداديُّ -رحمه‌الله قدم علينا واسطاً - أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن بكران قال: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل المحامليُّ، حدَّثنا عبد الأعلى بن واصل، حدَّثنا عون بن سلام [ حدَّثنا ] سهل بن شعيب عن بريدة بن سفيان عن سفينة - وكان خادماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طوائر، قال: فرفعت له اُمُّ أيمن بعضها فلمـّا أصبح أتته به فقال: ما ذا يا اُمَّ أيمن؟ فقالت: هذا بعض ما اُهدي إليك أمس، قال: أولم أنهكِ أن ترفعي بعد طعاماً؟ إنَّ لكلِّ غد رزقه، ثمَّ قال: اللّهمَّ أدخل أحبَّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فدخل عليّعليه‌السلام فقال: اللّهمَّ وإليَّ.

هذا حديث غريب من هذا الطريق ».

ترجمته

وابن المغازلي من أعاظم محدّثي أهل السنّة وحفّاظهم المعتمدين الثقات، فقد أثنى عليه ومدحه السّمعاني في ( الأنساب ) ونصّ على روايته عنه بواسطة ابنه وعلي بن طراد الوزير. وأورده العلّامة البدخشاني في ( تراجم الحفّاظ ) ناقلاً ما ذكره السّمعاني بعين لفظه.

مضافاً إلى اعتماد أعيان العلماء على أقواله ووثوقهم بنقوله، فالعلّامة الحافظ خميس المترجم له في ( تذكرة الحفّاظ ) و ( العبر ) و ( مرآة الجنان ) و ( طبقات الحفّاظ ) وغيرها، ينقل بواسطة ابن المغازلي إملاء ابن السّقاء حديث

٢٦١

الطير في مدينة واسط معبراً عن ابن المغازلي بكلمة « شيخنا ».

والحافظ الذّهبي يترجم ابن السّقاء في ( تذكرته ) ويصفه بالإِمامة والحفظ نقلاً عن تاريخ ابن المغازلي.

والحفّاظ والعلماء: كالسمهودي، وابن حجر المكّي، والبرزنجي، وابن باكثير، والقندوزي وغيرهم يحتجّون بمرّوياته في كتبهم

و ( الدهلوي ) نفسه يذكر ابن المغازلي في عداد أعلام العلماء من أهل السنّة، الذين صنّفوا في فضائل علي وأهل البيت وكذلك تلميذه الرشيد في ( عزة الراشدين ) والمولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( إزالة الغين )

(٤١)

رواية أبي المظفّر السّمعاني

روى حديث الطير بطريقين قال:

« عن عمران الطائي قال: سمعت أنساً يقول: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي، وجاء علي يستأذن. فقال أنس: وأحببت أنْ يكون من الأنصار فقلت له: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة. ثمّ جاء الثانية، فقلت له: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، ثمّ الثالثة فقلت له: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فدفعني ودخل. فلمـّا رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللّهم وإليَّ »(١) .

و رواه أيضاً: « عن السدّي عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي

____________________

(١). الرسالة القوامية في مناقب الصحابة - مخطوط.

٢٦٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي فأكل معه »(١) .

ترجمته

١ - عبد الكريم بن محمّد السمعاني: « وجدّنا الإِمام أبو المظفر منصور ابن محمّد بن عبد الجبار السّمعاني: إمام عصره بلا مدافعة وعديم النظير في فنّه ولا أقدر على أن أصف بعض مناقبه، ومَنْ طالعَ تصانيفه وأنصف عرف محلّه من العِلم، صنّف التفسير الحسن المـَليح الّذي استحسنه كلّ من طالعه، وأملى المجالس في الحديث، وتكلّم على كل حديث بكلام مفيد، وصنّف التصانيف في الحديث مثل: منهاج أهل السنّة، والانتصار، والردّ على القدريّة، وغيرها، وصنّف في اُصول الفقه والقواطع، وهو مغن عمّا صنّف في ذلك الفنّ، وفي الخلاف: البرهان، وهو مشتمل على قريب من ألف مسألة خلافيّة، والأوسط، والمختصر الّذي سار في الآفاق والأقطار الملّقب بالاصطلام. وردّ فيه على زيد الدّبوسي وأجاب عن الأسرار الّتي جمعها.

وكان فقيهاً مناظراً، فانتقل بالحجاز في سنة اثنتين وستين وأربعمائة إلى مذهب الشافعيرحمه‌الله ، وأخفى ذلك وما أظهره، إلى أن وصل إلى مرو، وجرى له في الانتقال محن ومخاصمات وثبت على ذلك ونصر ما اختاره.

وكانت مجالس وعظه كثيرة النّكت والفوائد.

سمِع الحديث الكثير في صغره وكبره، وانتشرت عنه الرّواية وكثر أصحابه، وتلامذته، وشاع ذكره.

سمع بمرو أباه وأبا غانم أحمد بن الحسين الكراعي وأبا بكر محمّد بن عبد الصمد الترابي المعروف بابن أبي الهيثم وجماعة كثيرة، بخراسان والعراق

____________________

(١). الرسالة القوامية - مخطوط.

٢٦٣

وجرجان والحجاز، وقد جمع الأحاديث الألف الحسان عن مسموعات عن مائة شيخ، له عن كلّ شيخ عشرة أحاديث.

أدركت جماعة من أصحابه، وتفقّهت على صاحبيه أبي حفص عمر بن محمّد بن علي السّرخسي وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد المروروذي والله يرحمهما.

وروى لي عنه الحديث أبو نصر محمّد بن محمّد بن يوسف القاشاني بمرو، وأبو القاسم الجنيد بن محمّد بن عليّ القائني بهراة، وأبو طاهر محمّد ابن أبي بكر السنحي ببلخ، وأبو بكر أحمد بن محمّد بن بشار الجرجردي بنيسابور، وأبو البدر حسان بن كامل بن صخر القاضي بطوس، وأبو منصور محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشادة بأصبهان، وجماعة كثيرة تزيد على خمسين نفراً.

وكانت ولادته في ذي الحجة سنة ستّ وعشرين وأربعمائة، وتوفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ودفن بأقصى سنجدان إحدى مقابر مرو ورزق من الأولاد خمسة: أبو بكر محمّد والدي، وأبو محمّد الحسن، وأبو القاسم أحمد، وإبن مراهق وبنت ماتا عقيب موته بمدة يسيرة »(١) .

٢ - الذهبي: « وأبو المظفر السمعاني العلّامة الحنفي ثمّ الشافعي. برع على والده أبي منصور في المذهب، وسمع أبا غانم الكراعي وطائفة. ثمّ تحوّل شافعياً، وصنّف التصّانيف، وخرّج له الأصحاب. توفي في ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة »(٢) .

٣ - اليافعي: « الإِمام العلّامة وكان إمام عصره بلا مدافعة، أقرّ له

____________________

(١). الأنساب - السمعاني.

(٢). العبر ٣ / ٣٢٦.

٢٦٤

بذلك الموافق والمخالف »(١) .

٤ - السبكي: « الإِمام الجليل، العالم الزاهد الورع، أحد أئمة الدنيا، أبو المظفر ابن الإِمام أبي منصور ابن السمعاني، الرفيع القدر، العظيم المحلّ، المشهور الذكر، أحد من طبّق الأرض ذكره، وعبّق الكون نشره ».

ثمّ إنّ السّبكي شرح ابتداء حال أبي المظفّر وترجم له وأثنى عليه ثمّ جَعَلَ يذكر كلمات الأعلام في حقّه قائلاً: « ومن ثناء الأئمة على الشيخ أبي المظفر قال إمام الحرمين: لو كان الفقه ثوباً طاوياً لكان أبو المظفر طرازه.

وقال أبو القاسم ابن إمام الحرمين: أبو المظفر ابن السّمعاني شافعي وقته.

وقال أبو عليّ بن أبي القاسم الصّفار: إذا ناظرت أبا المظفر فكأني اناظر رجُلاً من التّابعين.

وقال عبد الغافر الفارسي: أبو المظفر وحيد عصره في وقته فضلاً وطريقة وزهداً وورعاً.

قال ابن ابنه الحافظ أبو سعد ابن الإِمام أبي بكر بن أبي المظفر السّمعاني هو: أمام عصره بلا مدافعة وعديم النّظير في وقته ولا أقدر على أن أصِف بعض مناقبه، ومن طالع تصانيفه وأنصف عرف محلّه من العلم، صنّف التفسير الحسن المليح الّذي استحسنه كُلّ مَنْ طالعه، وأملى المجالس في الحديث مثل منهاج السّنّة، والانتصار، والردّ على القدّريّة، وغيرها، وصنّف في اُصول الفقه: القواطع، وهو يغني عن كل ما صنّف في ذلك الفن، وفي الخلاف: البرهان وهو يشتمل على قريب من ألف مسألة خلافيّة، والأوسط، والمختصر الّذي سار في الأقطار المسمّى بالاصطلام ردّ فيه على أبي زيد الدّبوسي، وأجاب عن الأسرار التي جمعها انتهى. ذكره في الأنساب.

____________________

(١). مرآة الجنان - حوادث سنة ٤٨٩.

٢٦٥

قلت: ولا أعرف فيه أجل ولا أفحل من برهان إمام الحرمين، فبينهما في الحسن عموم وخصوص، وكان رجوع أبي المظفّر عن مذهب أبي حنيفة في دار والي البلد ميكائيل بحضور أئمة الفريقين في شهر ربيع الأول سنة ثمان وستين وأربعمائة، واضطرب أهل مرو، وأدى الأمر إلى تشويش العوام والخصومة بين أهل المذهبين، واُغلق باب الجامع الأقدم، وترك الشافعيّة الجمعة إلى أن وردت الكتب من جهة ميكائيل من بلخ في شأنه والتشديد عليه، فخرّج من مرو ليلة الجمعة أوّل ليلة من شهر رمضان سنة ثمان وستّين وأربعمائة، وصحبه الشيخ الأجلّ ذو المجد ابن أبي القاسم الموسوي وطائفة من الأصحاب، وسار إلى طوس، ثمّ قصد نيسابور، واستقبلوه استقبالاً عظيماً حسناً، وكان في نوبة نظام الملك وعميد الحضرة أبي سعد محمّد بن منصور، فأكرم مورده واُنزل في عزٍّ وحشمة، وعقد له مجلس التذكير، وكان بحذاقته حافظاً لكثير من الحكايات والنكت والأشعار، فظهر له القبول عند الخاص والعامّ، واستحكم أمره في مذهب الشّافعي والتذكير وعلا شأنه، وقدّمه نظام الملك على أقرانه وكان خليقاً بذلك من أئمة المسلمين وأعلام الدّين، يقول: ما حفظت شيئاً نسيته، وجميع تصانيفه على مذهب الشّافعي ( رض ) ولم يوجد له شيء على مذهب أبي حنيفة. توفي يوم الجمعة ثالث عشري ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة بمرو ( إلى أنْ قال السبكي ) قال ابن السّمعاني في الرسالة القواميّة - وكأنّه صنّفها لنظام الملك - في تقديم أدلّة الإِمامة: قال أهل السنّة: أبو بكر ( رض ) أفضل الصحابة في جميع الأشياء قال: وجملة من وُسِمَ بالنفاق على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نيف وثمانون رجلاً »(١) .

____________________

(١). طبقات الشافعية الكبرى ٥ / ٣٣٥.

٢٦٦

(٤٢)

رواية البغوي

رواه في كتابه ( المصابيح ) في باب مناقب الإمامعليه‌السلام حيث قال:

« ومن الحسان: عن عمران بن الحصين: إن النبيّعليه‌السلام قال: إن علياً منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن.

عن زيد بن أرقم عن النبيّعليه‌السلام قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

عن حبشي بن جنادة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي منّي وأنا منه، ولا يؤدّي عني إلّا أنا أو علي.

عن ابن عمر قال: آخى رسول اللهعليه‌السلام بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه فقال: آخيت بين أصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد. فقال رسول اللهعليه‌السلام : أنت أخي في الدّنيا والآخرة غريب.

عن أنس قال: كان عند النبيّعليه‌السلام طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي فأكل معه غريب »(١) .

وقد نصّ البغوي في صدر كتابه المذكور على اعتقاده بأنّ أكثر أخبار هذا الكتاب صحاح، بنقل العدل عن العدل عن رسول الله. فذكره حديث الطير في الحسان لا ينافي صحته، وهذا متن عبارته:

« أما بعد: فهذه ألفاظ صدرت عن صدر النّبوّة وسنن سارت عن معدن الرسالة، وأحاديث جاءت عن سيّد المرسلين وخاتم النّبيّين، عن مصابيح خرجت عن مشكاة التّقوى، ممّا أوردها الأئمة في كتبهم، جمعتها للمنقطعين إلى العبادة ليكون لهم بعد كتاب الله تعالى حظّاً من السّنن، وعوناً على ما هم

____________________

(١). مصابيح السنّة ٤ / ١٧٣.

٢٦٧

فيه من الطاعة، تركت ذكر أسانيدها حذراً من الإِطالة عليهم، واعتماداً على نقل الأئمة، وربّما سمّيت في بعضها الصحابي الّذي يرويه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمعنى دعا إليه.

وتجد أحاديث كلّ باب منها تنقسم إلى صحاح وحِسان، وأعني بالصّحاح ما أخرجه الشيخان: أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النّيسابوري رحمهما الله في جامعهما أو أحدهما، وأعني بالحسان ما أورده أبو داود وسليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمّد بن عيسى الترمذي وغيرهما من الأئمة في تصانيفهم، وأكثرها صحاح بنقل العدل عن العدل، غير أنّها لم تبلغ غاية شرط الشيخين في علو الدّرجة من صحّة الإِسناد، إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حَسَن، وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه، وأعرضت عن ذكر ما كان منكراً أو موضوعاً، والله المستعان وعليه التكلان ».

ترجمته

١ - ابن خلكان: « أبو محمّد الحسين بن مسعود بن محمّد المعروف بالفرّاء البغوي، الفقيه الشافعي المحدّث المفسّر، كان بحراً في العلوم، وأخذ الفقه عن القاضي حسين بن محمّد كما تقدّم في ترجمته. وصنّف في تفسير كلام الله تعالى، وأوضح المشكلات من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وروى الحديث، ودرّس، وكان لا يلقي الدرس إلّا على الطهارة، وصنّف كتباً كثيرة ورأيت في كتاب الفوائد السفرية التي جمعها الشيخ الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري أنّه توفي في سنة ست عشرة وخمس مائة. ومن خطّه نقلت. والله أعلم »(١) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٦.

٢٦٨

٢ - الذهبي: « البغوي، الإِمام الحافظ المجتهد محيي السنّة وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح، فإنّه كان من العلماء الربانيين، كان ذا تعبّد ونسك وقناعة باليسير توفي سنة ٥١٦»(١) .

٣ - الذهبي أيضاً: « المحدّث المفسّر، صاحب التّصانيف، وعالم أهل خراسان وكان سيّداً زاهداً قانعاً »(٢) .

٤ - اليافعي: كذلك(٣) .

٥ - علاء الدين الخازن: « الشيخ الجليل والحبر النبيل، الإِمام العالم الكامل، محيي السنّة، مدره الأمة وإمام الأئمّة، مفتي الفرق، ناصر الحديث »(٤) .

٦ - السبكي: « كان إماماً جليلاً، ورعاً زاهداً فقيهاً، محدّثاً مفسراً، جامعاً بين العلم والعمل، سالكاً سبيل السلف، له في الفقه اليد الباسطة وكان يلقّب بمحيي السنّة، وبركن الدين، ولم يدخل بغداد، ولو دخلها لاتّسعت ترجمته، وقدره عال في الدين وفي التفسير وفي الحديث، وفي الفقه متّسع الدائرة نقلاً وتحقيقاً، كان الشيخ الإِمام يجلّ مقداره جداً، ويصفه بالتحقيق مع كثرة النقل »(٥) .

٧ - الأسنوي: « الإِمام في التفسير والحديث والفقه وكان ديّناً ورعاً قانعاً باليسير ...»(٦) .

٨ - ابن قاضي شهبة: « أحد الأئمة جامع لعلوم القراآت والسنّة

____________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٢٥٧.

(٢). العبر ٤ / ٣٧.

(٣). مرآة الجنان ٣ / ٢١٣.

(٤). لباب التأويل = تفسير الخازن. المقدمة.

(٥). طبقات الشافعية ٧ / ٧٥.

(٦). طبقات الشافعية ١ / ٢٠٥.

٢٦٩

والفقه »(١) .

٩ - الخطيب التبريزي: « كان إماماً في الفقه والحديث، وكان متورعاً صحيح العقيدة في الدين »(٢) .

١٠ - السيوطي: « الإِمام الفقيه الحافظ المجتهد »(٣) .

١١ - الداودي: « كان إماماً في التفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الفقه »(٤)

١٢ - القاري: « كان مفسّراً محدّثاً فقيهاً من أصحاب الوجوه. قال بعض مشايخنا: ليس له قول ساقط، وكان ماهراً في علم القراءة، عابداً زاهداً، جامعاً بين العلم والعمل على طريقة السلف الصالحين وقد روى عنه جماعة من الأكابر، كالحافظ أبي موسى المديني »(٥) .

(٤٣)

رواية رزين العبدري

رواه في كتابه ( الجمع بين الصّحاح الستة )(٦) حيث قال:

« عن أنس بن مالك قال: كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر قد طبخ له، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي. فجاء علي فأكل

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٢٨٨.

(٢). اسماء رجال المشكاة ٣ / ٨٠٧.

(٣). طبقات الحفّاظ: ٤٠٠.

(٤). طبقات المفسرين ١ / ١٥٧.

(٥). المرقاة في شرح المشكاة. المقدمة.

(٦). جاء في ( كشف الظنون ) في ذكر الكتب الستّة: « جمعها رزين بن معاوية العبدري المتوفي سنة ٥٣٤. ورتّبها على الأبواب أيضاً. ذكر فيها فقه مالك الذي في الموطأ، وتراجم أبواب البخاري ».

٢٧٠

معه »(١) .

و تظهر روايته من عبارة ( جامع الاُصول ) لابن الأثير و ( جامع الفوائد ) للمغربي أيضاً.

ترجمته

ورزين العبدري المتوفى سنة ٥٣٤ من أعاظم ثقات محدثي أهل السنّة:

١ - ذكره الخطيب التبريزي في أوّل كتابه ( المشكاة ) في عداد الأئمة الذين وصفهم بقوله: « إني إذا نسبت الحديث إليهم كأنّي أسندت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ولا بأس بإيراد نصّ عبارته:

« أمّا بعد فإنّ التمّسّك بهديه لا يستتب إلّا بالاقتفاء لما صدر من مشكاته، والاعتصام بحبل الله لا يتم إلّا ببيان كشفه، وكان كتاب المصابيح الّذي صنّفه الإِمام محيي السنّة قامع البدعة أبو محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي رفع الله درجته أجمع كتاب صنّف في بابه وأضبط لشوارد الأحاديث وأوابدها، ولما سلكرضي‌الله‌عنه طريق الاختصار وحذف الأسانيد، تكلّم فيه بعض النقّاد وإن كان نقله وإنّه من الثقات كالاسناد، لكن ليس ما فيه أعلام كالاغفال، فاستخرت الله تعالى واستوقفت فأعلمت ما أغفله وأودعت كل حديث منه في مقرّه، كما رواه الأئمة المتقنون والثقات الرّاسخون.

مثل أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري، وأبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي، وأبي عبد الله محمّد ابن إدريس الشافعي، وأبي عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل الشّيباني، وأبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي، وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبي عبد الرّحمن أحمد بن شعيب النّسائي، وأبي عبد الله محمّد بن يزيد بن

____________________

(١). الجمع بين الصحاح الستة - مخطوط.

٢٧١

ماجة القزويني، وأبي محمّد عبد الله بن عبد الرّحمن الدّارمي، وأبي الحسن علي بن عمر الدّار قطني، وأبي بكر أحمد بن الحسن البيهقي، وأبي الحسن زرين بن معاوية العبدري، وغيرهم وقليل ما هو.

وإنّي إذا نسبت الحديث إليهم كأنّي أسندت إلى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنهم قد فرغوا منه وأغنونا عنه، وسردت الكتب والأبواب كما سردها، واقتفيت أثره فيها، وقسمت كلّ باب غالبا على فصول ثلاثة، أوّلها ما أخرجه الشيخان أو أحدهما واكتفيت بهما وإن اشترك فيه الغير لعلو درجتهما في الرّواية، وثانيها ما أورده غيرهما من الأئمة المذكورين، وثالثها ما اشتمل على معنى الباب من ملحقات مناسبة مع محافظة على الشريطة، وإن كان مأثوراً عن السلف والخلف ».

فيظهر من هذا الكلام أنّ العبدري من الأئمة المتقنين والثقات الراسخين، وأنه في ذلك مثل: البخاري، ومسلم، ومالك، والشافعي، وأحمد، وسائر أصحاب الصحاح والمسانيد المعتمدين وأنّه إذا نسب إليه الحديث كأنّه قد أسند إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وناهيك بهذا المقام من فخرٍ لا يبارى وعظمة لا تجارى، ووثوق لا يشق غباره، واعتماد لا تلحق آثاره

٢ - ابن الأثير: « وأمّا كتاب رزين فأخبرنا به الشيخ الإمام العالم أبو جعفر المبارك بن أحمد بن رزين الحدّاد المقري الواسطي إجازة، في سنة ٥٨٩ قال:

أخبرنا الإمام الحافظ أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري كتابه في سنة ٥٢٣ »(١) .

٣ - الذهبي: « وفيها مات الحافظ رزين بن معاوية العبدري بمكة »(٢) .

____________________

(١). جامع الأصول ١ / ١٢٣.

(٢). دول الإسلام، حوادث ٥٣٥. واُنظر العبر ومرآة الجنان أيضاً.

٢٧٢

٤ - الخطيب التبريزي: « رزين بن معاوية العبدري هو أبو الحسن رزين ابن معاوية العبدري الحافظ، صاحب كتاب التجريد في الجمع بين الصحاح. مات بعد العشرين وخمسمائة. رحمه ‌الله تعالى »(١) .

٥ - وقال القاري في رسالته ( الحظّ الأوفر في الحج الأكبر ): « وأمّا إطلاق الحجّ الأكبر على حجّ مخصوصٍ بطريق العموم على يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة على ما اشتهر على الألسنة، وألسنة الخلق أقلام الحق فإنّما هو أمر آخر، وصار إصطلاحاً عرفيّاً في الأثر، لكن ما رآه المسلمون حَسَناً فهو عند الله حسن، ومقصودنا في هذه الرّسالة ما يدل على تلك المسألة وما يترتب عليها من الأجوبة والأسئلة فنقول - وبالله التّوفيق وبيده أزمّة التحقيق -.

إنّه ذكر الإِمام الزيلعي في شرح كنز الحقائق - وهو من جملة الأئمة الحنفيّة، من أجلّة المحدّثين في الملّة الحنيفية - عن طلحة بن عبد الله - وهو أحد العشرة المبشّرة تغمدهم الله بالرضوان والمغفرة - أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة، وهو أفضل من سبعين حجّة في غير جمعة. رواه رزين بن معاوية في تجريد الصّحاح.

وأمّا ما ذكر بعض المحدّثين في إسناد هذا الحديث بأنّه ضعيف فعلى تقدير صحّته لا يضرّ في المقصود، فإنّ الحديث الضعيف معتبر في فضائل الأعمال عند جميع العلماء من أرباب الكمال.

وأمّا قول بعض الجهّال بأن هذا الحديث موضوع، فهو باطل مصنوع مردود عليه ومنقلب إليه، لأنّ الإمام رزين بن معاوية العبدري من كبراء المحدّثين ومن علماء المخرجين ونقله سند معتمد عند المحققين، قد ذكره في تجريد صحاح السّت، فإن لم يكن روايته صحيحة فلا أقل من أنّها ضعيفة، كيف وقد اعتضد بما ورد من أن العبادة تضاعف في يوم الجمعة مطلقاً بسبعين

____________________

(١). الإكمال في أسماء الرجال ٣ / ٨٠٨.

٢٧٣

ضعفاً بل بمائة ضعف على ما سيأتي ».

(٤٤)

رواية النطنزي

ورواه أبو الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النطنزي في كتابه ( الخصائص العلويّة )(١) على ما في كتاب ( المناقب ) لابن شهر آشوب حيث قال في حديث الطير:

« قد رواه ابن بطة في الإِبانة بطريقين، والخطيب في تاريخ بغداد بسبعة طرق. وقد صنّف أحمد بن محمّد بن سعيد كتاب الطير، ورواه الترمذي في جامعه، والبلاذري في تاريخه، وابن البيع في صحيحه، وأبو يعلى في مسنده، وأحمد في فضائله، وأبو نعيم في حليته، والنطنزي في خصائصه ».

ترجمته

و« النطنزي » من أعلام الحديث واللغة والأدب، ترجم له وأثنى عليه:

١ - السمعاني ، ونصّ على قراءته عليه(٢) .

٢ - الصفدي ، وأرّخ وفاته بحدود ٥٥٠(٣) .

٣ - ياقوت (٤) .

____________________

(١). اُنظر: إيضاح المكنون ١ / ٤٣٠.

(٢). الأنساب - النطنزي.

(٣). الوافي بالوفيات ٤ / ١٦١.

(٤). معجم البلدان - نطنز.

٢٧٤

(٤٥)

رواية الخطيب الخوارزمي المكّي

رواه الموفّق بن أحمد المكّي، أخطب خطباء خوارزم، فقال:

« وأخبرنا صمصمام الأئمة أبو عفان عثمان بن أحمد الصرام الخوارزمي، أخبرني عماد الدين أبو بكر محمّد بن الحسن النسفي، حدّثني الشيخ الفقيه أبو القاسم ميمون بن علي الميمون، حدثني الشّيخ الزاهد أبو محمّد إسماعيل ابن الحسين، حدّثني أبو الحسن القاضي علي بن الحسن بن علي بن مطرف الخرّاجي - ببغداد - حدّثني يحيى بن صاعد، حدّثني إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدّثني أبو أحمد الحسين بن محمّد بن سليمان بن حزم، عن محمّد بن شعيب، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أتي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطائر فقال: اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ، فجائه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: اللهم وإليّ.

و أخبرنا الشيخ الصالح العالم الأوحد أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروجي الهروي، عن مشايخه الثلاثة: القاضي أبي عمر محمود بن القاسم الأزدي وأبي نصر عبد العزيز بن محمّد الترياقي وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي ثلاثتهم، عن أبي محمّد بن عبد الجبار بن محمّد الجراحي، عن أبي العباس محمّد بن أحمد المحبوبي، عن الإمام الحافظ أبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي، حدّثني سفيان، عن وكيع، حدّثني عبيد الله بن موسى، عن عيسى بن عمر، عن السدّي، عن أنس بن مالك قال: كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ

٢٧٥

خلقك إليك وإليَّ ليأكل معي من هذا الطير، فجائه عليعليه‌السلام فأكل معه.

قالرضي‌الله‌عنه : أخرج أبو عيسى الترمذي هذا الحديث في جامعه ».

* وروى بإسناده خبر المناشدة في الشورى، وجاء فيه مناشدة الإِمامعليه‌السلام القوم بحديث الطير، وهذا هو النص:

« وأخبرني الشيخ الإِمام شهاب الدين، أفضل الحفّاظ، أبو النجيب سعد ابن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي - فيما كتب إليّ من همدان - أخبرني الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد - فيما أذن لي في الرواية عنه - أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني - سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة - أخبرني الإِمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني. قال الشيخ الإِمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني: وأخبرنا بهذا الحديث عالياً الإِمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني - في كتابه إليَّ من إصبهان سنة ٤٨٨ - عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدّثني سليمان بن محمّد ابن أحمد، حدّثني يعلى بن سعد الرازي، حدّثني محمّد بن حميد، حدّثني زاهر بن سليمان بن الحرث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال:

كنت مع علي في البيت يوم الشورى وسمعته يقول لهم: لأحتجنّ عليهم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم تغيير ذلك ثم قال:

اُنشدكم الله أيها النفر جميعاً: أفيكم أحد وحّد الله، قبلي؟ قالوا: لا. قال: فاُنشدكم الله هل منكم أحد له أخ مثل جعفر الطيّار في الجنّة مع الملائكة؟ قالوا: اللّهم لا. قال: اُنشدكم الله هل فيكم أحد له عم كعمّي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: اُنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمّد سيدة نساء أهل الجنّة، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: اُنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطيّ

٢٧٦

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر مرات، قدّم بين يدي نجواه صدقة، قبلي؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، ليبلِّغ الشاهد الغائب، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليَّ، وأشدهم لك حبّاً ولي حبّاً، يأكل معي من هذا الطير، فأتاه وأكل معه، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله على يده، إذ رجع غيري منهزماً، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد قال فيه رسول الله لوفد بني وليعة: لتنتهينّ أو لأبعثنّ إليكم رجلاً نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي، يقتلكم بالسيف غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد قال رسول الله: كذب من زعم أنّه يحبني ويبغض هذا، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله هل فيكم أحد سلّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ملك من الملائكة منهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، حيث جئت بالماء إلى رسول الله من القليب، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد قال له جبرئيل: هذه هي المواساة، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّه منّي وأنا منه، وقال جبرئيل: وأنا منكما، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد نودي من السّماء: لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا علي، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبيّ، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إني

٢٧٧

قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد ردّت عليه الشمس حتى صلى العصر في وقتها، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله هل فيكم أحد أمره رسول الله أن يأخذ براءة من أبي بكر، فقال أبو بكر: يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟ فقال: إنّه لا يؤدّي عنّي إلّا علي، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله: لا يحبك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا كافر، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله أتعلمون أنّه تعالى أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي، فقلتم في ذلك، فقال رسول الله: ما سددت أبوابكم ولا فتحت بابه، بل الله سد أبوابك وفتح بابه، غيري؟ قالوا: اللّهم نعم. قال: فاُنشدكم بالله أتعلمون أنّه ناجاني يوم الطائف دون الناس، فأطال ذلك، فقلتم: ناجاه دوننا، فقال: ما أنا انتجيته، بل الله انتجاه. غيري؟ قالوا: اللّهم نعم. قال: فاُنشدكم الله أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: الحق مع علي وعلي مع الحق يدور الحق مع علي كيف ما دار؟ قالوا: اللّهم نعم. قال: فاُنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلّوا ما إن تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض؟ قالوا: اللّهم نعم. قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد وقى رسول فاُنشدكم الله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود العامري حيث دعاكم إلى البراز، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث قال( إِنَّما يُرِيدُ ) إلخ غيري؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله: أنت سيد العرب، غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: فاُنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما سألت الله شيئاً إلّا سألت لك، غيري؟ قالوا: اللّهم لا.

قال أبو الطفيل: كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت علياًعليه‌السلام يقول: بايع الناس أبا بكر وأنا - والله - أولى

٢٧٨

بالأمر وأحق به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثمّ بايع أبو بكر لعمر وأنا - والله - أحق بالأمر منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا لعثمان إذا لا أسمع ولا أطيع، إن عمر جعلني في خمس نفر أنا سادسهم، لأيم الله لا يعرف لي فضل في الصلاح ولا يعرفونه لي كما نحن فيه شرع سواء، وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم ثم لا يستطيع عربهم ولا عجمهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك أن يرد خصلة منها ثم قال:

أنشدكم الله أيها الخمسة أمنكم أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له عم مثل عمّي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له ابن عم مثل ابن عمّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له أخ مثل أخي المزيّن بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنّة؟ قالوا: لا. قال: أمنكم زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيدة نساء هذه الاُمة؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له سبطان مثل ولديَّ الحسن والحسين سبطي هذه الاُمة ابني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنك أحد قتل مشركي قريش، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد وحدّ الله قبلي؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد صلّى إلى القبلتين غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد أمر الله بمودّته، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد غسّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد سكن المسجد يمر فيه جنبا، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلّى العصر، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قرّب إليه الطير فأعجبه: أللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجئت وأنا لا أعلم ما كان من قوله، فدخلت فقال: وإليَّ يا ربّ وإليَّ يا ربّ، غيري؟

٢٧٩

قالوا: لا. قال: أمنكم أحد كان أعظم عناء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني، حتى اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت مهجتي، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير زوجتي فاطمة؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد كان له سهم في الخاص وسهم في العام، غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد يطهّره كتاب الله غيري حتى سدّ النبيّ أبواب المهاجرين وفتح بابي إليه، حتى قام إليه عمّاه حمزة والعباس فقالا: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سددت أبوابنا وفتحت باب علي! فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنا فتحت بابه ولا سددت أبوابكم، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد تمّم الله نوره من السماء حين قال( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: أمنكم أحد ناجى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستة عشر مرة غيري حين قال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) أعمل بها أحد غيري؟ قالوا: اللّهم لا. قال: أمنكم أحد ولي غمض رسول الله، غيري؟ قالوا: اللهم لا. قال: أمنكم أحد آخر عهده برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين وضعه في حفرته، غيري؟ قالوا: لا »(١) .

* وجاء حديث الطّير فيما ذكَّر به عمرو بن العاص معاوية بن أبي سفيان من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وذلك في كتابٍ وجّهه إليه جواباً لكتابٍ منه إليه.

وهذا هو نصّ الكتابين، في رواية الخطيب الخوارزمي:

« فكتب إليه معاوية:

من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفّان، إمام المسلمين ذو النورين ختن المصطفى على ابنته، وصاحب جيش العسرة، وبئر دومة،

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ٢٢١ - ٢٢٥.

٢٨٠