نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 324

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 324 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226140 / تحميل: 5927
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى، يقتل ولمـّا بلغه أن ابن أبي داود تكلّم في حديث غدير خم عمل كتاب الفضائل وتكلّم على تصحيح الحديث.

قلت: رأيت مجلداً في طرق الحديث لابن جرير فاندهشت له لكثرة تلك الطرق.

قال ابن كامل: توفي ابن جرير سنة ٣١٠ »(١). .

٥ - اليافعي: « الحبر البحر الإِمام، أحد الأعلام، صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير، والمصنفات العديدة والأوصاف الحميدة، أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري. كان مجتهداً لا يقلّد أحداً. قال إمام الأئمة المعروف بابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من محمّد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة. وقال الفقيه الإِمام مفتي الأنام أبو حامد الإِسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصّل تفسير محمّد بن جرير لم يكن كثيراً.

قلت: وناهيك بهذا الثناء العظيم والمدح الكريم من هذين الإِمامين الجليلين البارعين النبيلين...

وكان ثقةً في نقله وتاريخه، قيل: تاريخه أصح التواريخ وأثبتها. وذكره الشيخ أبو إسحاق في طبقات الفقهاء في جملة المجتهدين »(٢). .

٦ - السبكي: « الإِمام الجليل، المجتهد المطلق، أبو جعفر الطبري، من أهل طبرستان، أحد أئمة الدنيا علماً وديناً قال الخطيب: كان ابن جرير أحد الأئمة، يحكم بقوله وذكر أن أبا العباس ابن شريح كان يقول: محمد ابن جرير الطبري فقيه العالَم وقال حسنك بن علي النيسابوري: أول ما سألني ابن خزيمة قال: كتبت عن محمّد بن جرير؟ قلت: لا. قال: ولم؟ قلت: لأنّه كان لا يظهر وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه. فقال: بئسما

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧١٠.

(٢). مرآة الجنان - حوادث ٣١٠.

١٢١

فعلت، ليتك لم تكتب عن كلّ من كتبت عنهم وسمعت منه!

قلت: لم يكن عدم ظهوره ناشئاً عن أنه منع

قال الفرغاني: كان محمّد بن جرير ممن لا تأخذه في الله لومه لائم، مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد. فأمّا أهل العلم والدين فغير منكرين، على علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها، وقناعته بما كان يرد عليه من حصّة خلّفها أبوه بطبرستان يسيرة

وقال ابن كامل: توفي عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة ٣١٠ »(١). .

وبمثل ذلك ترجم له غير من ذكرناه، حيث وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة، ونقلوا في حقّه كلمات الأعلام ومشاهير الأئمة فلاحظ حوادث سنة ٣١٠ من ( روضة المناظر ) و ( تتمة المختصر ).

وراجع ترجمته في ( طبقات الحفاظ ) و ( طبقات المفسرين ).

وانظر ما ذكره بترجمته شرّاح الحديث، كالمناوي والزرقاني والخفاجي في ( فيض القدير ) و ( شرح المواهب اللدنيّة ) و ( نسيم الرياض )

(٩)

رواية خيثمة بن سليمان

و رواه الحافظ الكبير أبو الحسن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، من كتابه ( فضائل الصحابة ) حيث قال:

« ثنا أحمد، ثنا حازم، أنبأ عبيدة بن موسى، ثنا يوسف بن صهيب » عن دكين، عن وهيب بن حمزة عن بريدة قال: سافرت مع علي من المدينة إلى

__________________

(١). طبقات الشافعية الكبرى ٢ / ١٣٥.

١٢٢

مكة، فرأيت منه جفوةً فقلت: لئن رجعت فلقيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لأنالنَّ منه. قال: فرجعت فلقيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم فذكرت عليا فنلت منه. فقال لي رسول الله: لا تقولنَّ لعليّ فإنَّ عليّاً وليّكم بعدي »(١). .

ترجمة خيثمة بن سليمان

١ - السمعاني: « أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي الأطرابلسي، من الأئمة الثقات، المشهورين بالرحلة والكثرة عن أهل العراق واليمن والحجاز، سمع محمد بن عيسى بن حيان المدائني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وطبقتهما. روى عنه: أبو عبد الله محمّد بن إسحاق بن مندة الحافظ. وتوفي في حدود سنة ٣٥٠ »(٢). .

٢ - الذهبي: « خيثمة بن سليمان بن حيدرة، الإمام، محدّث الشام، أبو الحسن القرشي الأطرابلسي، أحد الثقات قال الخطيب: خيثمة ثقة، قد جمع فضائل الصحابة »(٣). .

٣ - الذهبي أيضاً: « خيثمة الإِمام الثقة المعمّر، محدّث الشام قال أبو بكر الخطيب: خيثمة ثقة ثقة، قد جمع فضائل الصّحابة »(٤). .

٤ - الزّرقاني: « الإمام الحافظ أبو الحسن القرشي الطرابلسي، أحد الثقات الرّحالة، جمع فضائل الصحابة »(٥). .

__________________

(١). فضائل الصحابة - مخطوط

(٢). الأنساب ١ / ٣٠٣.

(٣). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٥٨.

(٤). سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١٢.

(٥). شرح المواهب اللدنيّة ١ / ٢٤٤.

١٢٣

(١٠)

رواية أبي حاتم ابن حبّان البستي

ورواه أبو حاتم محمّد بن حبّان البستي في ( صحيحه )، فقد رواه عنه الحافظ محبّ الدين الطّبري، والعلّامة إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي قال الأول:

« عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله فأقبل إليه رسول الله والغضب يعرف في وجهه فقال. ما تريدون من علي؟ ثلاثا، إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١) .

خرّجه الترمذي وقال حسن غريب. وأبو حاتم. و خرجه أحمد وقال فيه: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغيّر وجهه فقال: دعوا عليّاً، دعوا علياً، علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي»(١). .

وقال الثاني بعد روايته كذلك عن عمران بن حصين:

« أخرجه الترمذي وابن حبّان في صحيحه، وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده وقال فيه: فأقبل »(٢). .

أقول: وهذا نصّ روايته في ( صحيحه ):

« أخبرنا أبو يعلى، حدّثنا الحسن بن عمر بن شقيق، حدّثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية واستعمل عليهم عليّا، قال: فمضى علي في السرية فأصاب جارية، فأنكر ذلك عليه أصحاب رسول

__________________

(١). الرياض النضرة ٣ / ١٢٩.

(٢). أسنى المطالب - مخطوط.

١٢٤

الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه، ثم قام آخر فقال: يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه، ثم قام آخر فقال: يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي - ثلاثاً -؟ إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي»(١). .

فابن حبّان أخرج هذا الحديث وصحّحه.

ترجمة ابن حبّان

وهذه نبذة من كلمات القوم في الثناء عليه باختصار:

١ - ابن ماكولا: « حافظ جليل كثير التصانيف كان من الحفّاظ الأثبات توفي في سنة ٣٥٤ »(٢). .

٢ - السمعاني: « أبو حاتم محمّد بن حبّان بن أحمد بن حبان التميمي البستي، إمام عصره، صنّف تصانيف لم يسبق إلى مثلها سمع منه: أبو عبد الله بن مندة وأبو عبد الله بن البيّع الحافظان، وغيرهما. وذكره الحاكم أبو عبد الله فقال: أبو حاتم البستي القاضي: كان من أوعية العلم في اللغة والفقه والحديث والوعظ، وكان

__________________

(١). الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: ٣٧٣.

(٢). الإكمال في أسماء الرجال ٢ / ٣١٦.

١٢٥

من عقلاء الرجال، صنف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه »(١). .

« كان إماماً فاضلاً مكثراً من الحديث والرحلة والشيوخ، عالما بالمتون والأسانيد، أخرج من معاني الحديث ما عجز عنه غيره، ومن تأمّل تصانيفه وطالعها علم أن الرجل كان بحراً في العلوم »(٢). .

٣ - الذهبي: « العلّامة أبو حاتم محمّد بن حبان الحافظ صاحب التصانيف وكان من أوعية العلم في الحديث والفقه واللغة والوعظ وغيره ذلك، حتّى الطب والنجوم والكلام »(٣). .

٤ - اليافعي: « العلّامة الجهبذ الحافظ وصاحب التصانيف. وكان من أوعية العلم »(٤). .

٥ - السبكي: « الحافظ الجليل الإمام صاحب التصانيف قال أبو سعيد الإدريسي: كان على قضاء سمرقند زماناً، وكان من فقهاء الدين وحفّاظ الآثار وقال الحاكم: كان من أوعية العلم في الفقه واللّغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال وقال الخطيب: كان ثقة نبيلاً فهماً. وقال ابن السمعاني: كان أبو حاتم إمام عصره »(٥).

وكذلك تجد الكلمات الأخرى في حقّه، وفيما ذكرناه كفاية.

كلمة بشأن صحيح ابن حبان

وأمّا صحيح ابن حبّان، فقد نصّ على اعتباره غير واحدٍ منهم، قال النووي:

__________________

(١). الأنساب - البستي ٢ / ٢٠٩.

(٢). الأنساب - الحباني ٤ / ٣٩.

(٣). العبر - حوادث: ٣٥٤.

(٤). مرآة الجنان - حوادث: ٣٥٤.

(٥). طبقات الشافعية الكبرى ٢ / ١٤١.

١٢٦

« الصحيح أقسام، أعلاها ما اتّفق عليه البخاري ومسلم، ثمّ ما انفرد به البخاري، ثمّ مسلم، ثمّ ما على شروطهما، ثمّ على شرط البخاري، ثمّ مسلم، ثمّ صحيح غيرهما ».

قال شارحه السّيوطي: « التنبيه الثاني: قد علم ممّا تقدّم أن أصحّ من صنّف في الصحيح ابن خزيمة، ثم ابن حبان، ثم الحاكم، فينبغي أنْ يقال: أصحّها بعد مسلم ما اتّفق عليه الثلاثة، ثم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ثمّ ابن حبان والحاكم، ثم ابن خزيمة فقط، ثم ابن حبان فقط، ثم الحاكم فقط، إن يكن الحديث على شرط أحد الشيخين. ولم أر من تعرّض لذلك. فليتأمّل »(١) .

فالحمد لله على ثبوت صحة الحديث من صنيع ابن حبّان، مع أنه قد بلغ من التعصّب والإنحراف إلى أن أطال لسان الطعن على الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، كما في الميزان للذهبي وغيره من مصنفات الأعيان، ولكن مع ذلك التعصّب لم يمكنه أنْ ينبس ببنت شفةٍ في هذا الحديث الشريف بل أدخله في صحيحه

(١١)

رواية الطبراني

ورواه الحافظ الطبراني كما جاء في رواية محمّد صدر عالم حيث قال:

« أخرج ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وأخرج الطيالسي، والحسن بن سفيان، وأبو نعيم مثله. وأخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. و الطبراني والحاكم وصحّحه عنه، قال قال

__________________

(١). تدريب الراوي ١: ١ / ١٢٤.

١٢٧

رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن علياً منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمنٍ بعدي »(١) .

وهذا نص رواية الطبراني:

« حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا العباس بن الوليد الفرضي. ح وحدّثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدّد. ح وحدّثنا بشر بن موسى، والحسن بن المتوكّل البغدادي، ثنا خالد بن يزيد العدني قالوا:

ثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرّشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، فاستعمل عليهم عليّاً، فمضى على السرية، فأصاب علي جاريةً فأنكروا عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ثم انصرفوا. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام آخر فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟

__________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

١٢٨

فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ما ذا تريدون من علي؟ ثلاث مرّات. إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١) .

وأخرجه في ( المعجم الأوسط ) بأسانيد:

« حدّثنا عبد الوهاب بن رواحة الرامهرمزي قال: حدّثنا أبو كريب قال: حدّثنا حسن بن عطية قال: حدّثنا سعاد بن سليمان، عن عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة عن علي قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، كل واحد منهما على وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي. قال: فأخذا يميناً ويساراً، فدخل علي فأبعد فأصاب سبياً فأخذ جاريةً من السّبي. قال بريدة: وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعلي، فأتى رجل خالد بن الوليد فذكر أنّه قد أخذ جاريةً من الخمس فقال: ما هذا؟ ثم جاء آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك، فدعاني خالد فقال: يا بريدة، قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكتب إليه، فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ الكتاب بشماله - وكان كما قال الله عزّ وجلّ لا يقرأ ولا يكتب - فقال: وكنت إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي، فتكلّمت، فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غضب غضباً لم أره غضب مثله إلّا يوم قريظة والنضير، فنظر إليَّ فقال:

يا بريدة، أحبَّ عليّاً، فإنّما يفعل ما يؤمر به.

قال: فقمت وما من الناس أحد أحبَّ إليَّ منه »(٢). .

__________________

(١). المعجم الكبير ١٨ / ١٢٨.

(٢). المعجم الأوسط ٥ / ٤٢٥ رقم ٤٨٣٩

١٢٩

« حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي قال: حدّثنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد قال: حدّثنا عمرو بن عطية العوفي، عن أبيه عطية قال: حدّثني عبد الله بن بريدة:

أنّ أباه حدّثه: انّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مَه يا بريدة.

فرفعت رأسي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا وجهه متغيّر

قال بريدة: والله لا أبغضه أبداً بعد الذي رأيت من رسول الله »(١). .

« حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن بن منصور الحارثي قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا حسين الأشقر قال: حدّثنا زيد بن أبي الحسن قال: حدّثنا أبو عامر العقدي، عن أبي إسحاق، عن ابن بريدة.

عن أبيه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً أميراً على اليمن، وبعث خالد بن الوليد على الجبل، فقال: إن اجتمعتما فعلي على الناس، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله، وأخذ علي جاريةً من الخمس، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال: اغتنمها فأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بما صنع. فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في منزله وناس من أصحابه على بابه. فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خير، فتح الله على المسلمين، فقالوا: ما أقدمك؟ قال: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: فأخبره فإنّه يسقطه من عين رسول الله - ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمع الكلام - فخرج مغضباً وقال:

ما بال أقوامٍ ينتقصون علياً، من ينتقص علياً فقد تنقّصني، ومن فارق

__________________

(١). المعجم الأوسط ٦ / ٣٥٣ رقم: ٥٧٥٢.

١٣٠

علياً فقد فارقني. إن علياً منّي وأنا منه، خلق من طينتي، وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

يا بريدة: أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ وأنّه وليّكم من بعدي؟!

فقلت: يا رسول الله، بالصحبة، ألا بسطت يدك حتى اُبايعك على الإِسلام جديداً؟

قال: فما فارقته حتى بايعته على الإِسلام »(١) .

من مصادر ترجمة الطبراني

وللطّبراني تراجم حافلة ومناقب باهرة وفضائل فاخرة، فلاحظ:

١ - الأنساب - الطبراني.

٢ - وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٧.

٣ - أخبار إصبهان ١ / ٣٣٥.

٤ - تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩١٢.

٥ - مرآة الجنان ٢ / ٣٧٢.

٦ - المنتظم ٧ / ٥٤.

٧ - البداية والنهاية ١١ / ٢٧٠.

٨ - طبقات القرّاء ١ / ٣١١.

٩ - طبقات المفسرين ١ / ١٩٨.

١٠ - طبقات الحفّاظ: ٣٧٢.

__________________

(١). المعجم الأوسط ٧ / ٤٩. رقم: ٦٠٨١.

١٣١

(١٢)

رواية الحاكم

ورواه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري وصحّحه على شرط مسلم، وهذه عبارته:

« حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب الحافظ، حدّثني أبي ومحمّد بن نعيم قالا: ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سرية واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى علي في السرية فأصاب جاريةً، فأنكروا ذلك عليه. فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا لقينا النبيّ أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فنظروا إليه وسلّموا عليه ثم يتطّرقون إلى رحالهم، فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -. فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثمّ قام الثاني، فقال مثل ذلك، فأعرض عنه.

ثمّ قام الثّالث فقال مثل ذلك فأعرض عنه.

ثمّ قام الرابع، فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل عليه رسول الله - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟! إن عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »(١). .

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١١٠.

١٣٢

و قال الحاكم:

« أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي - ببغداد، من أصل كتابه - ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون قال:

إني لجالسٌ عند ابن عبّاس، إذْ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس، إمّا أن تقوم معنا وإمّا أنْ تخلو بنا من بين هؤلاء. قال فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم - قال: وهو يومئذٍ صحيح قبل أنْ يعمى - قال: فانتدوا فتحدثوا، فلا ندري ما قالوا: قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: اُف وتف، وقعوا في رجلٍ له بضع عشر فضائل ليست لأحدٍ غيره.

وقعوا في رجلٍ قال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لأبعثنَّ رجلاً لا يخزيه الله أبداً، يحبُّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، فاستشرف لها مستشرف، فقال أين علي؟ فقالوا: إنّه في الرّحى يطحن. قال: وما كان أحدهم ليطحن، قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر، قال: فنفث في عينيه، ثم هزّ الراية ثلاثاً فأعطاها إيّاه، فجاء علي بصفيّة بنت حيي.

قال ابن عباس: ثم بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلاناً بسورة التوبة، فبعث عليّاً خلفه فأخذها منه وقال: لا يذهب بها إلّا رجل هو منّي وأنا منه.

فقال ابن عباس: وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبني عمّه: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال: وعلي جالس معهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقبل على رجل رجل منهم فقال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة، فأبوا، فقال لعلي: أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

قال ابن عباس: وكان علي أوّل من آمن من الناس بعد خديجة رضى الله عنها.

قال: وأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثوبه فوضعه على علي

١٣٣

وفاطمة والحسن والحسين وقال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

قال ابن عباس: وشرى علي نفسه، فلبس ثوب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم نام مكانه، قال ابن عباس: وكان المشركون يرمون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء أبو بكر -رضي‌الله‌عنه - وعلي نائم قال: وأبو بكر يحسب أنّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: فقال: يا نبيّ الله، فقال له علي: إنّ نبيّ الله قد انطلق إلى نحو بئر ميمون فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل عليرضي‌الله‌عنه يُرمى بالحجارة كما كان نبيّ الله وهو يتضوّر وقد لفَّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف عن رأسه فقالوا: إنّك للئيم، وكان صاحبك لا يتضوّر ونحن نرميه وأنت تتضوّر، وقد استنكرنا ذلك.

فقال ابن عباس: فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة تبوك وخرج الناس معه، فقال له علي: أخرج معك؟ قال فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا. فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس بعدي نبيّ، إنّه لا ينبغي أنْ أذهب إلّا وأنت خليفتي.

قال ابن عباس: وقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنت وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ومؤمنة.

قال ابن عباس: وسدّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه لَيس له طريق غيره.

قال ابن عباس: وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فإنّ مولاه علي.

قال ابن عباس: وقد أخبرنا الله عزّ وجلّ في القرآن أنّه رضي عن أصحاب الشجرة، فعلم، ما في قلوبهم، فهل أخبرنا أنّه سخط عليهم بعد

١٣٤

ذلك؟

قال ابن عباس: وقال نبيّ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمر -رضي‌الله‌عنه - حين قال: ائذن لي فأضرب عنقه قال: وكنت فاعلاً؟ وما يدريك، لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم.

هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه بهذه السّياقة.

وقد حدّثنا السيد الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمد الزيدي -رضي‌الله‌عنه - ثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني القطّان قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: كان يعجبهم أنْ يجدوا الفضائل من رواية أحمد بن حنبل،رضي‌الله‌عنه »(١). .

من مصادر ترجمة الحاكم

وإليك قائمةً بمصادر ترجمة الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك، لتقف بمراجعتها على جلالته ومنزلته الرفيعة عند أهل السنّة:

١ - الأنساب - البيّع.

٢ - وفيات الأعيان ٤ / ٢٨٠.

٣ - تاريخ بغداد ٥ / ٤٧٣.

٤ - تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٣٩.

٥ - الوافي بالوفيات ٣ / ٣٢٠.

٦ - البداية والنهاية ١١ / ٣٥٥.

٧ - النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٨.

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢ - ١٣٤.

١٣٥

٨ - طبقات السبكي ٤ / ١٥٥.

٩ - طبقات القرّاء ٢ / ١٨٤.

١٠ - طبقات الحفّاظ: ٤٠٩.

١١ - العبر ٣ / ٩١.

١٢ - اللباب ١ / ١٩٨.

وقد أوردنا نبذاً من ذلك في مجلَّد حديث الطّير.

(١٣)

رواية ابن مردويه

ورواه أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني بتفسير قوله تعالى:( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) . قال المتّقي: « عن علي قال: لـمّا نزلت هذه الآية:( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) دعا ببني عبد المطلب وصنع لهم طعاماً ليس بالكثير فقال: كلوا بسم الله. من جوانبها، فإنّ البركة تنزل من ذروتها، ووضع يده أوّلهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم دعا بقدحٍ فشرب أوّلهم ثم سقاهم فشربوا حتّى رووا. فقال أبو لهب: لقد سحركم. وقال: يا بني عبد المطّلب: إنّي جئتكم بما لم يجيء به أحد قط، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله، وإلى الله وإلى كتابه. فنفروا فتفرقوا. ثم دعاهم الثانية على مثلها فقال أبو لهب كما قال المرة الاُولى، فدعاهم ففعلوا مثل ذلك، ثم قال لهم - ومدّ يده - من يبايعني على أنْ يكون أخي وصاحبي ووليّكم بعدي؟ فمددت يدي وقلت: أنا اُبايعك - وأنا يومئذٍ أصغر القوم عظيم البطن - فبايعني على ذلك. قال: وذلك الطعام أنا صنعته. ابن مردويه ».

١٣٦

ترجمة ابن مردويه

وتجد ترجمة ابن مردويه والثناء العظيم عليه في:

١ - تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٥٠.

٢ - الوافي بالوفيات ٨ / ٢٠١.

٣ - النجوم الزاهرة ٤ / ٢٤٥.

٤ - تاريخ إصبهان ١ / ١٦٨.

٥ - طبقات المفسّرين ١ / ٩٣.

٦ - طبقات الحفّاظ: ٤١٢.

وغيرها، وهذا موجز ما جاء في ( سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٠٨ ):

« ابن مردويه، الحافظ المجود العلاّمة، محدّث أصبهان، قال أبو بكر بن أبي علي: هو أكبر من أنْ ندلّ عليه وعلى فضله، وعلمه وسيره، وأشهر بالكثرة والثقة من أنْ يوصف حديثه، أبقاه الله ومتّعه بمحاسنه. قال أبو موسى وسمعت الإمام إسماعيل يقول: لو كان ابن مردويه خراسانياً كان صيته أكثر من صيت الحاكم.

وكان من فرسان الحديث، فهماً يقظاً متقناً، كثير الحديث جدّاً، ومن نظر في تواليفه عرف محلّه من الحفظ ».

(١٤)

رواية أبي نعيم الأصبهاني

ورواه الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في كتابه ( فضائل الصحابة ) على ما ذكر غير واحدٍ. فقد روى الوصابي اليمني: « عن عمران بن حصين - رضي الله

١٣٧

عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إن عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة »(١). .

وروى محمد صدر عالم: « عن عمران بن حصين قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وأخرج الطيالسي والحسن بن سفيان وأبو نعيم مثله »(٢) .

أقول: وهذا نصّ الرواية فيه بترجمة ( بريدة بن الحصيب ):

« حدّثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة قال: غزوت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوةً، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكرت علياً فتنقّصته، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر وقال: يا بريدة! ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. رواه أبو بكر ابن أبي شيبة عن الفضل، مثله.

حدّثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدّثني أبي، ثنا روح، ثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى خالد بن الوليد ليقسّم الخمس - وقال روح مرةً: ليقبض الخمس - قال: فأصبح علي ورأسه يقطر. قال فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال: فلمّا رجعت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخبرته بما صنع علي، قال: فكنت أبغض عليّاً قال فقال: يا بريدة، أتبغض

__________________

(١). أسنى المطالب - مخطوط.

(٢). معارج العلى - مخطوط.

١٣٨

عليّاً؟ قال قلت: نعم. قال: فلا تبغضه. وقال روح مرةً: فأحبّه فإن له في الخمس أكثر من ذلك.

حدّثناه القاضي أبو أحمد العسّال، ثنا القاسم بن يحيى بن نصر، ثنا لوين، ثنا أبو معشر البراء، عن علي بن سويد بن منجوف، عن ابن بريدة عن أبيه: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث عليّاً. فذكر نحوه »(١) .

ورواه في ( حلية الأولياء ):

« حدّثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدّد.

ح وحدّثنا أبو عمرو ابن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا بشر بن هلال وعبد السلام بن عمر.

قالوا: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، واستعمل عليهم عليّاً - كرّم الله وجهه - فأصاب علي جاريةً، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ثم انصرفوا، فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه. ثم قام آخر منهم فقال:

يا رسول الله: ألم تر أنّ عليا صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه. حتى قام الرابع فقال:

__________________

(١). معرفة الصحابة ٣ / ١٦٣. ولا يخفى أنّ أبا نعيم قد اختصر الخبر هنا، ولا بدّ أنه أتى به على الوجه الصحيح الكامل بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولـمّا يطبع بعدُ.

١٣٩

يا رسول الله، ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟

فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ - ثلاث مرّات - ثم قال:

إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١). .

ترجمة أبي نعيم الأصبهاني

وقد ذكرت ترجمة الحافظ أبي نعيم في كافة كتب التراجم والسير والرجال فلاحظ:

وفيات الأعيان ١ / ٩١.

والعبر ٣ / ١٧٠.

ومرآة الجنان ٣ / ٥٢.

والوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

وطبقات الشافعية للسبكي ٤ / ١٨، الأسنوي ٢ / ٤٧٤.

وطبقات الحفّاظ: ٤٢٣.

والمنتظم ٨ / ١٠٠.

وتذكرة الحفّاظ: ٣ / ١٠٩٢.

وغيرها من الكتب المشهورة المعتبرة.

وهذه خلاصة ما جاء في طبقات السبكي:

« أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران. الإِمام الجليل الحافظ أبو نعيم الأصبهاني الصوفي الجامع بين الفقه والتصوف، النهاية في الحفظ والضبط وأحد أعلام الدين، جمع الله له بين العلو في الرواية

__________________

(١). حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثم ذكر أن معه ماء قبل أن يخرج الوقت قال عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة قال وسألته عن تيمم الحائض والجنب سواء إذا لم يجدا ماء قال نعم.

(باب)

(الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه ماء إلا قليل وخاف إن هو اغتسل أن يعطش قال إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمم بالصعيد فإن الصعيد أحب إلي.

_________________________________________

أبي بصير ، وهي مع ضعف سندها بعثمان ، واشتراك أبي بصير ، وجهالة المسؤول ، إنما يدل على الإعادة إذا نسي الماء في رحله ، وتيمم وصلى ثم ذكر في الوقت ، وهو خلاف محل النزاع.

قولهعليه‌السلام : « قال نعم » قال في المدارك : اعلم أن الظاهر من كلام الأصحاب تساوي الأغسال في كيفية التيمم ، وهو الظاهر من كلام المفيد في المقنعة ، فإنه لم يذكر التيمم بدلا من الوضوء ، واستدل له الشيخ (ره) بخبر أبي بصير وعمار ، قال في الذكرى : وخرج بعض الأصحاب وجوب تيممين على غير الجنب بناء على وجوب الوضوء هناك ، ولا بأس به والخبران غير مانعين منه لجواز التسوية في الكيفية لا الكمية ، وما ذكره أحوط ، وإن كان الأظهر الاكتفاء بالتيمم الواحد.

باب الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش

الحديث الأول : حسن.

وقولهعليه‌السلام : « أحب إلى » يشعر بجواز الغسل أيضا حينئذ والمشهور عدمه.

١٨١

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لشربه أيتيمم أو يتوضأ قال التيمم أفضل ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الطهور.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران وجميل قالا قلنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه ماء يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم قال لا ولكن يتيمم ويصلي بهم فإن الله عز وجل قد جعل التراب طهورا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة قال إن كانت الأرض مبتلة وليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم من غباره أو شيء

_________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « نصف الطهور » أي جعل عليه مسح نصف أعضاء الوضوء تخفيفا ، والأمر بالوضوء مع احتياجه إلى الماء ينافي التخفيف.

الحديث الثالث : حسن.

والمشهور بين الأصحاب كراهة إمامة التيمم بالمتوضين ، بل قال في المنتهى : إنه لا يعرف فيه خلافا إلا ما حكي عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك ، ولو لا ما يتخيل من انعقاد الإجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة.

الحديث الرابع : حسن مقطوع.

وقال الوالد العلامةقدس‌سره : رواه في التهذيب في الصحيح ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن رفاعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وفي الموثق كالصحيح عن عبد الله ، عن ابن أبي بكير ، عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في معناه ، والظاهر أن عبد الله نقل في كتابه فتوى لا رواية.

١٨٢

مغبر وإن كان في حال لا تجد إلا الطين فلا بأس أن تتيمم به.

(باب)

(الرجل يصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن

_________________________________________

وقال في الحبل المتين : يستفاد منه عدم جواز التيمم بالأرض الرطبة مع وجود التراب ، وأنها متقدمة على الطين ، وأنه يجب تحري الأجف منها عند الاضطرار إلى التيمم بها ، وربما يستنبط ـ من تعليقهعليه‌السلام الأمر بالتيمم بها على فقد الماء والتراب ـ تسويغ التيمم بالحجر الرطب إلا مع فقد التراب ، لشمول اسم الأرض للحجر ، ولو قلنا بعدم شموله له ففي الحديث دلالة على تقديم التراب على الحجر الجاف كما هو مذهب الشيخين في النهاية ، والمقنعة ، ومختار ابن إدريس ، وابن حمزة ، وسلار لأن الأرض الرطبة لما كانت مقدمة عليه كما يقتضيه اقتصارهعليه‌السلام على قوله ليس فيها ماء ولا تراب دون أن يقول ولا حجر فالتراب مقدم عليه بطريق أولى.

باب الرجل تصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « يتيمم » استدل به سلار على التيمم بالثلج ولا يخفى أن الظاهر التيمم بالتراب كما فهمه الشيخ وعلى تقدير عدم ظهوره لا يمكن الاستدلال به ، ثم [ إنه ] ذهب الشيخ في النهاية إلى تقدم الثلج على التراب كما يظهر من بعض الأخبار ، ويمكن القول بالتفصيل بأنه إن حصل الجريان فالثلج مقدم وإلا فالتراب ، وقال في المختلف : لو لم يجد إلا الثلج وتعذر عليه كسره وإسخانه قال الشيخان وضع يديه عليه باعتماد حتى تتنديا ثم يتوضأ بتلك الرطوبة بأن يمسح يده على وجهه بالنداوة ، وكذا بقية أعضائه ، وكذا في الغسل ، فإن خشي من ذلك آخر الصلاة

١٨٣

رجل أجنب في السفر ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا فقال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه قال قال إن أجنب فعليه أن يغتسل على ما كان عليه وإن احتلم تيمم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير عمن رواه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل أصابته الجنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه

_________________________________________

حتى يتمكن من الطهارة المائية أو الترابية. وقال المرتضى : إذا لم يجد إلا الثلج ضرب بيديه ويتيمم بنداوته ، وكذا قال سلار ومنع ابن إدريس من التيمم به والوضوء والغسل منه وحكم بتأخير الصلاة إلى أن يجد الماء أو التراب ، والوجه ما قاله الشيخان.

قولهعليه‌السلام « ولا أرى أن يعود » فيه دلالة على أن من صلى بتيمم فصلاته لا تخلو من نقص وإن كانت مبرئة للذمة وأنه يجب عليه إزالة هذا النقص عن صلاته المستقبلة بالخروج عن محل الاضطرار.

الحديث الثاني : مرفوع.

وقال في المدارك : من عدم الماء مطلقا أو تعذر عليه استعماله يجوز له الجماع لعدم وجوب الطهارة المائية عليه ، ولو كان معه ما يكفيه للوضوء فكذلك قبل دخول الوقت ، أما بعده فجزم العلامة في المنتهى بتحريمه لأنه يفوت الواجب وهو الصلاة بالمائية ، وفيه نظر ، وقال : إطلاق النص وكلام أكثر الأصحاب يقتضي أنه لا فرق في تيمم المريض بين متعمد الجنابة وغيره ، ويؤيده أن الجنابة على هذا التقدير غير محرم إجماعا كما نقله في المعتبر فلا يترتب على فاعله عقوبة وارتكاب التغرير بالنفس عقوبة.

وقال الشيخان : إن أجنب نفسه مختارا لم يجز له التيمم ، وإن خاف التلف أو الزيادة في المرض ، واستدل عليه في الخلاف بصحيحة عبد الله بن سليمان وصحيحة

١٨٤

التلف إن اغتسل قال يتيمم ويصلي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة.

(باب)

(التيمم بالطين)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كنت في حال لا تقدر إلا على الطين فتيمم

_________________________________________

محمد بن مسلم ، وأجاب عنهما في المعتبر بعدم الصراحة في الدلالة لأن العنت المشقة وليس كل مشقة تلفا ولأن قولهعليه‌السلام « على ما كان » ليس حجة في محل النزاع وإن دل بإطلاقه فدفع الضرر المظنون واجب عقلا لا يرتفع بإطلاق الرواية ولا يخص بها عموم نفي الحرج وهو جيد.

الحديث الثالث : مرسل.

وقال الشيخرحمه‌الله : من تعمد الجنابة وخشي على نفسه من استعمال الماء يتيمم ويصلي ثم يعيد ، واحتج بخبر جعفر بن بشير ، وعبد الله بن سنان ، وقال في المدارك : هما لا يدلان على ما اعتبره من القيد ، والأجود حملهما على الاستحباب لأن مثل هذا المجاز أولى من التخصيص وإن كان القول بالوجوب لا يخلو من رجحان.

باب التيمم بالطين

الحديث الأول : صحيح ، وآخره مرسل.

وقال في المدارك : ومع فقد الغبار يتيمم بالوحل ، والمستند في ذلك بعد الإجماع روايتا أبي بصير ورفاعة ولو أمكن تجفيف الوحل بحيث يصير ترابا والتيمم به وجب ذلك ، وقدم على الغبار قطعا ، واختلف الأصحاب في كيفية التيمم بالوحل ، فقال الشيخان : إنه يضع يديه على الأرض ثم يفركهما ويتيمم به وهو خيرة المعتبر ، وقال آخرون : يضع يديه على الوحل ويتربص فإذا يبس تيمم به

١٨٥

به فإن الله أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر أن تنفضه وتتيمم به وفي رواية أخرى صعيد طيب وماء طهور.

(باب)

(الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يكون به القرح والجراحة يجنب قال لا بأس بأن لا يغتسل ويتيمم.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن

_________________________________________

واستوجهه في التذكرة إن لم يخف فوت الوقت وهو بعيد ، وقال : إذا فقد التراب وما في معناه ، وجب التيمم بغبار الثوب ، أو عرف الدابة ، أو لبد السرج ، أو غير ذلك مما فيه غبار ، قال في المعتبر : وهو مذهب علمائنا ، وأكثر العامة ، وإنما يجوز التيمم بالغبار مع فقد التراب كما نص عليه الشيخ وأكثر الأصحاب ، وربما ظهر من عبارة المرتضى في الجمل جواز التيمم به مع وجود التراب أيضا ، وهو بعيد لأنه لا يسمى صعيدا ، بل يمكن المناقشة في جواز التيمم به مع إمكان التيمم بالطين ، إلا أن الأصحاب قاطعون بتقديم الغبار على الوحل وظاهر هم الاتفاق عليه.

قولهعليه‌السلام « صعيد طيب » قال الفاضل التستريرحمه‌الله : كان المعنى أن الطين مركب من الصعيد الطيب ومن الماء ، فلا يدل على أن الطين صعيد بقول مطلق ، ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى أمر بالصعيد وبالماء ، والصعيد هنا حاصل فيستفاد منه أن الطين صعيد.

باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة

الحديث الأول : صحيح.

الحديث الثاني : حسن.

١٨٦

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال يتيمم المجدور والكسير بالتراب إذا أصابته الجنابة.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن مجدور أصابته جنابة قال إن كان أجنب هو فليغتسل وإن كان احتلم فليتيمم.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح وابن فضال ، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر له أن رجلا أصابته جنابة على جرح كان به فأمر بالغسل فاغتسل فكز فمات فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قتلوه قتلهم الله إنما كان دواء العي السؤال.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن سكين وغيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قيل له إن فلانا أصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه

_________________________________________

الحديث الثالث : مرفوع.

الحديث الرابع : مجهول.

قولهعليه‌السلام « فكز » كذا في أكثر النسخ وفي بعضها فكن قال في الصحاح الكن السترة ، وقال الكز بالضم داء تأخذ من شدة البرد ، وقد كز الرجل فهو مكزوز إذا تقبض من البرد.

قولهعليه‌السلام « دواء العي » في الصحاح عي إذا لم يهتد لوجه ، يحتمل أن يكون صفة مشبهة من عي إذا عجز ولم يهتد إلى العلم بالشيء وأن يكون مصدرا ، وقال في شرح المصابيح : العي بكسر العين وتشديد الياء التحير في الكلام ، والمراد به هنا الجهل ، يعني لم لم تسألوا إذا لم تعلموا شيئا فإن الجهل داء شديد وشفاؤه السؤال والتعلم من العلماء ، وكل جاهل لم يستح عن التعلم وتعلم يجد شفاء.

الحديث الخامس : حسن ، وفي بعض النسخ ابن سكين وهو ثقة ، وفي بعضها ابن مسكين وهو مجهول ، ولا يضر ذلك لأنه بمنزلة مرسل ابن أبي عمير ، ولو كان فاعل قال في قوله ـ قال وروى ـ ابن أبي عمير كما هو ظاهر لكان حسنا

١٨٧

فمات فقال قتلوه ألا سألوا ألا يمموه إن شفاء العي السؤال.

قال وروي ذلك في الكسير والمبطون يتيمم ولا يغتسل.

(باب النوادر)

١ ـ علي بن محمد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن الحسن بن علي الوشاء قال دخلت على الرضاعليه‌السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك وقال مه يا حسن فقلت له لم تنهاني أن أصب على يدك تكره أن أوجر قال تؤجر أنت وأوزر أنا فقلت له وكيف ذلك فقال أما سمعت الله عز وجل يقول «فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ »

_________________________________________

أيضا ولعله في الكسير محمول على عدم إمكان الجبيرة ، ويحتمل التخيير أيضا أو تخصيص الجبيرة بالوضوء والأوسط أظهر.

باب النوادر

الحديث الأول : ضعيف.

قولهعليه‌السلام « تؤجر أنت » يحتمل أن يكون استفهاما ، وقولهعليه‌السلام « وأوزر أنا » جملة حالية وعلى ظاهره يدل على أن الجاهل يثاب على فعل يراه حسنا ويمكن حمله على الكراهة ولا يكون المعاونة على المكروه مكروها ، أو يكون مكروها من جهة ومندوبا من جهة ، وقال الشيخ البهائيرحمه‌الله : استدل العلامة في المنتهى وغيره بهذه الرواية على كراهة الاستعانة والظاهر أن المراد الصب على نفس العضو ، وهو التولية المحرمة كما يرشد إليه قوله « على يدك » ولم يقل في يدك ، وكما يدل عليه قولهعليه‌السلام « وأوزر أنا » إذ لا وزر في المكروه ، فالاستدلال بها على كراهة الاستعانة محل تأمل. وقال : الباء في بعبادة ربه ظرفية ، والتفسير المشهور لهذه الآية ، ولا يجعل أحدا شريكا مع ربه في المعبودية فلعل كلا المعنيين مراد فإن الإمامعليه‌السلام لم ينف ذلك التفسير هذا ولا يخفى أن

١٨٨

«عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً » وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد.

٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن صباح الحذاء ، عن أبي أسامة قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسأله رجل من المغيرية عن شيء من السنن فقال ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنة عرفها من عرفها وأنكرها من أنكرها فقال رجل فما السنة في دخول الخلاء قال تذكر الله وتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا فرغت قلت الحمد لله على ما أخرج مني من الأذى في يسر وعافية قال الرجل فالإنسان يكون على تلك

_________________________________________

الضمير في قولهعليه‌السلام « وهي العبادة » وقوله « إن يشركني فيها » راجعين إلى الصلاة والغرض منع الشركة في الوضوء : فكأنه لعدم تحققها بدونه ، أو بدله كالجزء منها ، ولا يبعد أن يجعل الباء في الآية للسببية ، وكذا « في » في قولهعليه‌السلام فيها ، وحينئذ لا يحتاج إلى تكلف جعل الوضوء كالجزء من الصلاة فتدبر.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وكان فيه دلالة على استحباب عدم الفاصلة كثيرا بين الوضوء والصلاة ، والظاهر أن الغرض بيان الاشتراط.

الحديث الثالث : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « من المعتزلة » وفي بعض النسخ ـ المغيرية ـ وهو أظهر ، قال في الملل والنحل : المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي ادعى أن الإمام بعد محمد بن علي بن الحسين ، محمد بن عبد الله بن الحسن ، وكان المغيرة مولى لعبد الله بن خالد

١٨٩

الحال ولا يصبر حتى ينظر إلى ما يخرج منه قال إنه ليس في الأرض آدمي إلا ومعه ملكان موكلان به فإذا كان على تلك الحال ثنيا برقبته ثم قالا يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا إلى ما هو صائر.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن علي بن المعلى ، عن إبراهيم بن محمد بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من توضأ فتمندل كانت له حسنة وإن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوؤه كانت له ثلاثون حسنة.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن جراح الحذاء ، عن سماعة بن مهران قال قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن قاسم الخزاز ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام قاعد ومعه ابنه محمد إذ قال :

_________________________________________

القصري وفي القاموس كدح في العمل كمنع سعى وعمل لنفسه خيرا أو شرا.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : مجهول.

والظاهر يومه مكان ليلته وكأنه من النساخ ، أو الرواة بقرينة أنه نقل هذا الخبر عن سماعة بعد ذلك بزيادة ، وهنا في أكثر النسخ يومه ، وفي ثواب الأعمال في نهاره إلا الكبائر ، ومن توضأ للصبح كان وضوءه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر ، وعلى ما في أكثر نسخ المتن يحتمل أن يكون المراد الليلة السابقة ، أو يكون الظرف متعلقا بالكفارة فيكون المراد جميع الذنوب والله يعلم.

الحديث السادس : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام » أصل ـ بينا ـ بين فأشبعت الفتحة وقفا فصارت ألفا ، يقال بينا وبينما ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف وأبقيت الألف المشبعة وصلا مثلها وقفا ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة ، ويضافان إلى جملة

١٩٠

_________________________________________

من فعل وفاعل ومبتدأ وخبر ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى ، والأفصح في جوابهما أن لا يكون فيه إذ وإذا ، وقد جاء في الجواب كثيرا تقول بينا زيد جالس دخل عليه عمرو وإذ دخل عليه وإذا دخل عليه ، على ما ذكره الجوهري و ـ بينا ـ هنا مضاف إلى جملة ما بعده وهي ـ أمير المؤمنينعليه‌السلام جالس ـ وأقحم جزئي الجملة الظرف المتعلق بالخبر وقدم عليه توسعا ، أما كلمة « ذات » فقد قال الشيخ الرضيرضي‌الله‌عنه في شرح الكافية : وأما ذا وذات وما تصرف منهما إذا أضيف إلى المقصود بالنسبة فتأويلها قريب من التنزيل المذكور ، إذ معنى ـ جئت ذا صباح ـ أي وقتا صاحب هذا الاسم ، فذا من الأسماء الستة وهو صفة موصوف محذوف وكذا جئته ذات يوم أي مدة صاحبة هذا الاسم ، واختصاص ذا بالبعض وذات بالبعض الأخر يحتاج إلى سماع ، وأما ذا صبوح وذا غبوق فليس من هذا الباب ، لأن الصبوح والغبوق ليسا زمانين ، بل ما يشرب فيهما فالمعنى جئت زمانا صاحب هذا الشراب فلم يضف المسمى إلى اسمه. وقيل : إن ذا وذات في أمثال هذه المقامات مقحمة بلا ضرورة داعية إليها بحيث يفيدان معنى غير حاصل قبل زيادتهما مثل ـ كاد ـ في قوله تعالى «وَما كادُوا يَفْعَلُونَ » والاسم في بسم الله على بعض الأقوال ، وظرف المكان المتأخر أعني مع متعلق بجالس أيضا.

واختلف في إذا الفجائية هذه هل هي ظرف مكان أو ظرف زمان فذهب المبرد إلى الأول ، والزجاج إلى الثاني ، وبعض إلى أنها حرف بمعنى المفاجأة ، أو حرف زائد وعلى القول بأنها ظرف مكان ، قال ابن جني عاملها الفعل الذي بعدها لأنها غير مضافة إليه وعامل ـ بينا وبينما ـ محذوف يفسره الفعل المذكور فمعنى الفقرة المذكورة في الحديث قال أمير المؤمنينعليه‌السلام بين أوقات جلوسه يوما من الأيام مع محمد بن الحنفية وكان ذلك القول في مكان جلوسه ، وقال شلوبين : إذ مضافة إلى الجملة فلا يعمل فيها الفعل ولا في بينا وبينما لأن المضاف إليه

١٩١

يا محمد ائتني بإناء من ماء فأتاه به فصبه بيده اليمنى على يده اليسرى ثم قال :

_________________________________________

لا يعمل في المضاف ولا فيما قبله وإنما عاملهما محذوف يدل عليه الكلام ، وإذ بدل منهما ويرجع الحاصل إلى ما ذكرنا على قول ابن جني ، وقيل : العامل ما يلي بين بناء على أنها مكفوفة عن الإضافة إليه كما يعمل تألى اسم الشرط فيه ، والحاصل حينئذ أمير المؤمنينعليه‌السلام جالس مع محمد بين أوقات يوم من الأيام في مكان ، قوله « يا محمد إلى آخره » وقيل بين خبر لمبتدء محذوف والمصدر المسبوك من الجملة الواقعة بعد إذ مبتدأ والمال حينئذ أن بين أوقات جلوسهعليه‌السلام مع ابنه قوله يا محمد إلى آخره ـ ثم حذف المبتدأ مدلولا عليه بقوله ـ يا محمد إلى آخره ـ وعلى قول الزجاج وهو كون إذا ظرف زمان يكون مبتدأ مخرجا عن الظرفية خبره ـ بينا وبينما ـ فالمعنى حينئذ ، وقت قول أمير المؤمنينعليه‌السلام حاصل بين أوقات جلوسه يوما من الأيام مع محمد بن الحنفية.

قولهعليه‌السلام : « آتني » يدل على أن طلب إحضار الماء ليس من الاستعانة المكروهة.

قولهعليه‌السلام « فصبه » في التهذيب وغيره فأكفاه ، وقال الجوهري كفأت الإناء كبيته وقلبته فهو مكفوء وزعم ابن الأعرابي أن أكفاءه لغة فصيحة الضبط.

قولهعليه‌السلام « بيده اليمنى » كذا في أكثر نسخ الفقيه والتهذيب أيضا ، وفي بعض نسخ التهذيب وغيره بيده اليسرى على يده اليمنى وعلى كلتا النسختين الأكفاء إما للاستنجاء أو لغسل اليد قبل إدخالها الإناء ، والأول أظهر ويؤيده استحباب الاستنجاء باليسرى على نسخة الأصل ، وعلى الأخرى يمكن أن يقال : الظاهر أن الاستنجاء باليسرى إنما يتحقق بأن تباشر اليسرى العورة وأما الصب فلا بد أن يكون باليمنى في استنجاء الغائط وأما استنجاء البول فإن لم تباشر اليد العورة فلا يبعد كون الأفضل الصب باليسار ، وإن باشرتها فالظاهر أن الصب باليمين أولى.

١٩٢

الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ثم استنجى فقال : اللهم حصن فرجي وأعفه واستر عورتي وحرمها على النار ثم استنشق فقال : اللهم لا تحرم علي ريح الجنة واجعلني ممن يشم ريحها وطيبها وريحانها ثم تمضمض

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « الحمد لله » في الفقيه وغيره ـ بسم الله الحمد لله ـ أي أستعين ، أو أتبرك باسمه تعالى وأحمده.

قوله « طهورا » أي مطهرا كما يناسب المقام ، ولأن التأسيس أولى من التأكي د « ولم يجعله نجسا » أي متأثرا من النجاسة ، أو بمعناه فإنه لو كان نجسا لم يمكن استعماله في إزالة النجاسة ، ولعل كلمة « ثم » في الموضع منسلخة عن معنى التراخي كما قيل في قوله تعالى «ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ »(١) والمراد بتحصين الفرج ستره وصونه عن الحرام وعطف ـ الإعفاف ـ عليه تفسيري أو الإعفاف عن الشبهات والمكروهات ، وقال الشيخ البهائي (ره) عطف العورة من قبيل عطف العام على الخاص فإن العورة كل ما يستحيي ، والأولى أن يقال : عطف الستر من قبيل عطف الخاص على العام فلا تغفل و « حرمها » أي العورة بالمعنى الأخص أو الفرج وفي بعض الروايات حرمهما باعتبار لفظي الفرج والعورة وإن اتحد معناهما أو يقرأ عورتي بتشديد الياء.

قولهعليه‌السلام « ثم استنشق » أقول : الرواية في سائر الكتب بتقديم المضمضة على الاستنشاق كما هو المشهور فيهما ، وفي الكتاب بالعكس ، ولعله من النساخ والمشهور استحباب تقديم المضمضة ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز تأخير المضمضة عن الاستنشاق ، وقال في الذكرى : هذا مع قطع النظر عن اعتقاد شرعية التغيير أما معه فلا شك في تحريم الاعتقاد لا عن شبهة ، وأما الفعل فالظاهر لا انتهى ، والاستنشاق اجتذاب الماء بالأنف ، وأما الاستنتار فلعله مستحب آخر ولا يبعد كونه

__________________

(١) المؤمنون : ١٤.

١٩٣

فقال اللهم أنطق لساني بذكرك واجعلني ممن ترضى عنه ثم غسل وجهه فقال : اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه

_________________________________________

داخلا في الاستنشاق عرفا ويشم بفتح الشين من باب علم ، ويظهر من الفيروزآبادي أنه يجوز الضم فيكون من باب نصر والريح الرائحة وفي الفقيه وغيره ريحها وروحها وطيبها. وقال الجوهري : الروح نسيم الريح ويقال : أيضا يوم روح أي طيب وروح وريحان أي رحمة ورزق وأول الدعاء استعاذة من أن يكون من أهل النار فإنهم لا يشمون ريح الجنة حقيقة ولا مجازا والمضمضة تحريك الماء في الفم كما ذكره الجوهري والدعاء في الفقيه وأكثر كتب الدعاء والحديث هكذا ( اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك ) وفي بعضها ـ بذكراك ـ والتلقين التفهيم وهو سؤال منه تعالى أن يلهمهم يوم لقائه ما يصير سببا لفكاك رقابهم من النار كما قال تعالى «يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها »(١) وقرأ بتخفيف النون من التلقي كما قال تعالى «وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً »(٢) والأول أظهر.

« ويوم اللقاء » إما يوم القيامة والحساب ، أو يوم الدفن والسؤال ، أو يوم الموت أو الأعم ، وإنطاق اللسان عبارة عن توفيق الذكر مطلقا ، وبياض الوجه وسواده إما كنايتان عن بهجة السرور والفرح وكابة الخوف والخجلة ، أو المراد بهما حقيقة السواد والبياض ، وفسر بالوجهين قوله تعالى «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ »(٣) ويمكن أن يقرأ قولهعليه‌السلام « تبيض وتسود » على المضارع الغائب من باب الأفعال ، فالوجوه مرفوعة فيهما بالفاعلية وأن يقرأ بصيغة المخاطب من باب التفعيل مخاطبا إليه تعالى فالوجوه منصوبة فيهما على المفعولية كما ذكره الشهيد الثاني

__________________

(١) النحل : ١١١.

(٢) الإنسان : ١١.

(٣) آل عمران : ١٠٦.

١٩٤

الوجوه ثم غسل يمينه فقال : اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد بيساري ثم غسل شماله فقال : اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك من مقطعات النيران ثم مسح رأسه فقال : اللهم غشني برحمتك

_________________________________________

رفع الله درجته ، والأول هو المضبوط في كتب الدعاء المسموع عن المشايخ الأجلاء ثم الظاهر أن التكرير للإلحاح في الطلب والتأكيد فيه ، وهو مطلوب في الدعاء فإنه تعالى يحب الملحين في الدعاء ، ويمكن أن تكون الثانية تأسيسا على التنزل فإن ابيضاض الوجوه تنور فيها زائدا على الحالة الطبيعة ، فكأنه يقول : إن لم تنورها فأبقها على الحالة الطبيعية ولا تسودها « والكتاب » كتاب الحسنات وإعطائه باليمين علامة الفلاح يوم القيامة كما قال تعالى «فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً »(١) .

قولهعليه‌السلام « والخلد بيساري » في سائر الكتب والخلد في الجنان يحتمل وجوها :

الأول : أن المراد بالخلد الكتاب المشتمل على توقيع كونه مخلدا في الجنان على حذف المضاف ، وباليسار اليد اليسرى ، والباء صلة لأعطني ، كما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : يعطى كتاب أعمال العباد بإيمانهم وبراءة الخلد في الجنان بشمائلهم ، وهو أظهر الوجوه.

الثاني : أن المراد باليسار اليسر خلاف العسر كما قال تعالى «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » فالمراد هنا طلب الخلود في الجنة من غير أن يتقدمه عذاب النار وأهوال يوم القيامة وسهولة الأعمال الموجبة له.

الثالث : أن يراد باليسار مقابل الإعسار أي اليسار بالطاعات ، أي أعطني الخلد في الجنان بكثرة طاعاتي فالباء للسببية فيكون في الكلام إيهام التناسب و

__________________

(١) الإنشقاق : ٩.

١٩٥

وبركاتك وعفوك ثم مسح على رجليه فقال : اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الأقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عني ثم التفت إلى محمد فقال :

_________________________________________

وهو الجمع بين المعنيين المتناسبين بلفظين لهما معنيان متناسبان ، كما قيل في قوله تعالى «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ »(١) فإن المراد بالنجم ما ينجم من الأرض أي ما يظهر ولا ساق له كالبقول ، وبالشجر ما له ساق فالنجم. بهذا المعنى وإن لم يكن مناسبا للشمس والقمر لكنه بمعنى الكواكب يناسبها وهذا الوجه مع لطفه لا يخلو من بعد.

الرابع : أن الباء للسببية أي أعطني الخلد بسبب غسل يساري وعلى هذا فالباء في قوله ـ بيميني أيضا للسببية ، ولا يخفى بعده لا سيما في اليمين لأن إعطاء الكتاب مطلقا ضروري ، وإنما المطلوب الإعطاء باليمين الذي هو علامة الفائزين أقول في سائر الكتب بعد قوله بيساري وحاسبني حسابا يسيرا.

وقال الشهيد الثاني قدس الله روحه : لم يطلب دخول الجنة بغير حساب لمقامه واعترافا بتقصيره عن الوصول إلى هذا القدر من القرب لأنه مقام الأصفياء ، بل طلب سهولة الحساب تفضلا من الله تعالى وعفوا عن المناقشة بما يستحقه وتحرير الحساب بما هو أهله ، وفيه مع ذلك اعتراف بحقية الحساب مضافا إلى الاعتراف بأخذ الكتاب وذلك بعض أحوال يوم الحساب.

و قولهعليه‌السلام « اللهم لا تعطني كتابي بشمالي » إشارة إلى قوله سبحانه «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ ». «فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً »(٢) وقوله « ولا من وراء ظهري » كما في غير نسخ الكتاب « ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي » إلى ما روي من أن المجرمين يعطى كتابهم من وراء ظهورهم بشمائلهم حالكونها مغلولة إلى أعناقهم.

قولهعليه‌السلام « من مقطعات النيران » قال الجزري : المقطع من الثياب كل

__________________

(١) الرحمن : ٦.

(٢) الإنشقاق : ١٠.

١٩٦

يا محمد من توضأ بمثل ما توضأت وقال مثل ما قلت خلق الله له من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره ويهلله ويكتب له ثواب ذلك

_________________________________________

ما يفصل ويخاط من قميص وغيره ، انتهى. وهذا إشارة إلى قوله تعالى «قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ »(١) فإما أن تكون جبة وقميصا حقيقة من النار ، مثل الرصاص والحديد ، أو تكون كناية عن لصدوق النار بهم كالجبة والقميص ، ولعل السر في كون ثياب النار مقطعات أو التشبيه بها كونها أكثر اشتمالا على البدن من غيرها ، فالعذاب بها أشد ، وفي بعض نسخ الحديث والدعاء مفظعات بالفاء والظاء المعجمة جمع مفظعة بكسر الظاء من فظع الأمر بالضم فظاعة فهو فظيع أي شديد شنيع ، وهو تصحيف ، والأول موافق للاية الكريمة حيث يقول «فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ».

و « التغشية » التغطية و « البركة » النماء والزيادة. وقال في النهاية : في قولهم ـ وبارك على محمد وآل محمد ـ أي أثبت لهم وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، وهو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه ، وتطلق البركة أيضا على الزيادة ، والأصل الأول ، انتهى. ولعل الرحمة بالنعم الأخروية أخص ، كما أن البركة بالدنيوية أنسب ، كما يفهم من موارد استعمالهما ، ويحتمل التعميم فيهما ، وقال الوالدقدس‌سره : يمكن أن تكون الرحمة عبارة عن نعيم الجنة وما يوصل إليها ، والبركات عن نعيم الدنيا الظاهرة والباطنة من التوفيقات للأعمال الصالحة والعفو عن الخلاص من غضب الله وما يؤدي إليه.

قولهعليه‌السلام « من كل قطرة » أي بسببها أو من عملها ، بناء على تجسم الأعمال ، والتسبيح والتقديس مترادفان بمعنى التنزيه ، ويمكن تخصيص التقديس بالذات والتسبيح بالصفات والتكبير بالأفعال وقولهعليه‌السلام « إلى يوم القيمة » إما متعلق بيكتب أو بخلق ، أو بهما وبالأفعال الأربعة على التنازع.

__________________

(١) الحجّ : ١٩.

١٩٧

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن قيس قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول وهو يحدث الناس بمكة صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الفجر ثم جلس مع أصحابه حتى طلعت الشمس فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان أنصاري وثقفي فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد علمت أن لكما حاجة وتريدان أن تسألا عنها فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني وإن شئتما فاسألا عنها قالا بل تخبرنا قبل أن نسألك عنها فإن ذلك أجلى للعمى وأبعد من الارتياب وأثبت للإيمان فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت أن تسألني عن وضوئك وصلاتك ما لك في ذلك من الخير أما وضوؤك فإنك إذا وضعت يدك في إنائك ثم قلت بسم الله تناثرت منها ما اكتسبت من الذنوب فإذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما وفوك فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك فإذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك فهذا لك في وضوئك.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الوضوء شطر الإيمان.

٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، عن إسماعيل بن مهران ، عن صباح

_________________________________________

الحديث السابع : صحيح على الظاهر ، وإن قيل باشتراك محمد بن قيس.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

ويحتمل أن يكون المراد بالشطر الجزء والنصف وعلى التقديرين يمكن أن يراد بالإيمان الصلاة كما قال تعالى «وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ »(١) أي صلاتكم أو الإيمان المشتمل على العبادات لأنه أحد إطلاقاته. في الأخبار.

الحديث التاسع : مرسل ، وظاهره الأعم من التجديد.

__________________

(١) البقرة : ١٤٣.

١٩٨

الحذاء ، عن سماعة قال كنت عند أبي الحسنعليه‌السلام فصلى الظهر والعصر بين يدي وجلست عنده حتى حضرت المغرب فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ثم قال لي توضأ فقلت جعلت فداك أنا على وضوئي فقال وإن كنت على وضوء إن من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلا الكبائر ومن توضأ للصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر.

١٠ ـ محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الطهر على الطهر عشر حسنات.

١١ ـ محمد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد بإسناده ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليأخذ كفا من ماء فليمسح به قفاه يكون ذلك فكاك رقبته من النار.

١٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة قال :

_________________________________________

الحديث العاشر : مرسل.

ويشمل الوضوء بعد الغسل بل الغسل بعد الغسل أيضا ، ولم أر التصريح بهما في كلامهم.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

والظاهر أنه محمول على التقية ، ويحتمل أن يكون الثواب على هذا الفعل للتقية.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

والمشهور بين الأصحاب عدم جواز التوضؤ والاغتسال بالمضاف مطلقا وخالف فيه ابن بابويه فجوز رفع الحدث بماء الورد ، ولم يعتبر المحقق خلافه حيث ادعى الإجماع على عدم حصول الرفع به لمعلومية نسبه ، أو لانعقاد الإجماع بعده ، والمعتمد المشهور ، احتج ابن بابويه بهذه الرواية ، وقال في المدارك : وهو ضعيف لاشتمال

١٩٩

لا بأس بذلك.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الوهاب ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن هشام بن سالم ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عمن مس عظم الميت قال إذا كان سنة فليس به بأس.

١٤ ـ محمد بن يحيى رفعه ، عن أبي حمزة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد إلا متيمما حتى يخرج منه ثم يغتسل وكذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل كذلك ولا بأس أن يمرا في سائر المساجد ولا يجلسان فيها.

_________________________________________

سنده على سهل بن زياد ، ومحمد بن عيسى عن يونس ، وقد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد أنه لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى ، عن يونس ، وحكم الشيخ في كتاب الأخبار بشذوذ هذه الرواية وأن العصابة أجمعت على ترك العمل بظاهرها ، ثم أجاب عنها باحتمال أن يكون المراد بالوضوء التحسين والتنظيف ، أو أن يكون المراد بماء الورد الماء الذي وقع فيه الورد دون أن يكون معتصرا منه ، وما هذا شأنه فهو بالإعراض عنه حقيق ، ونقل المحقق في المعتبر اتفاق الناس جميعا على أنه لا يجوز الوضوء بغير ماء الورد من المائعات.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

قولهعليه‌السلام « إذا جاز سنة » كأنه لذهاب الدسومة التي تكون في العظم ، والمراد بالعظم عظم الميتة من الحيوانات ، أو الميت الذي لم يغسل ، ويحتمل أن يكون السؤال باعتبار غسل المس.

الحديث الرابع عشر : مرفوع.

قولهعليه‌السلام « فاحتلم » أي رأى في النوم ما يوجب الاحتلام.

قولهعليه‌السلام « فليتيمم » قال في المدارك : هذا مذهب أكثر علمائنا ، ومستنده

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324