نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 324

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 324 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226060 / تحميل: 5924
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

في السَّلَم عندنا ، وإذا فعل ذلك ، صحّ البيع في قول أكثر العلماء(١) ؛ لانتفاء الجهالة بذكر الأوصاف ، فصحّ ، كالسَّلَم.

وعن أحمد والشافعي وجهان ، أحدهما : أنّه لا يصحّ حتى يراه ؛ لأنّ الصفة لا تحصل بها معرفة المبيع ، فلم يصحّ البيع بها(٢) .

ويمنع عدم المعرفة مع ذكر الأوصاف.

أمّا ما لا يصحّ السَّلَم فيه فلا يصحّ بيعه بالصفة ؛ لعدم ضبطه.

فروع :

أ - إذا وصفه ووجده على الصفة ، لم يكن له الفسخ ، عند علمائنا أجمع - وبه قال محمّد بن سيرين وأحمد وأيّوب ومالك والعنبري وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر(٣) - لأنّه سلم له المعقود بصفاته ، فلم يكن له خيار ، كالمسلم فيه. ولأنّه مبيع موصوف ، فلم يكن للعاقد فيه الخيار في جميع الأحوال ، كالسَّلَم.

وقال الثوري وأصحاب الرأي : له الخيار بكلّ حالٍ ؛ لأنّه يسمّى خيار الرؤية(٤) .

وللشافعيّة وجهان(٥) ، كالمذهبين.

____________________

(١) المغني ٤ : ٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٩.

(٢) المغني ٤ : ٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٣) المغني ٤ : ٨٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٩ ، المدوّنة الكبرى ٤ : ٢٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢.

(٤) المغني ٤ : ٨٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٢٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٨٥ - ٨٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

٦١

و [ له ](١) خيار الرؤية إذا لم يجده على الوصف.

ب - لو وجده بخلاف الوصف ، فله الخيار قولاً واحداً ، ويسمّى خيار الخلف في الصفة ؛ لأنّه وجد الموصوف بخلاف الصفة ، فلم يلزمه ، كالسّلم.

ج - لو اختلفا فقال البائع : لم تختلف صفته. وقال المشتري : قد اختلفت ، قدّم قول المشتري؛ لأصالة براءة ذمّته من الثمن ، فلا يلزمه ما لم يقرّ به أو يثبت بالبيّنة.

مسألة ٣٤ : يصحّ بيع الغائب إذا كانا قد شاهداه ولا يتطرّق إليه التغيير غالباً‌ ، كالأرض وأواني الحديد ، أو كان ممّا لا يتغيّر في المدّة المتخلّلة بين الرؤية والعقد ، ذهب إليه علماؤنا - وهو قول عامّة العلماء(٢) - لوجود المقتضي - وهو العقد - خالياً عن مفسدة الجهالة ، فيثبت الحكم ، كما لو شاهداه حالة العقد ؛ إذ الشرط العلمُ ، ولا يحصل بالمشاهدة زيادة فيه.

وللشافعي قول آخر : إنّه لا يصحّ ، واشترط مقارنة الرؤية للعقد - وهو رواية اُخرى عن أحمد ، وهو محكي عن الحكم وحمّاد - لأنّ ما كان شرطاً في صحّة العقد يجب أن يكون موجوداً حال العقد ، كالقدرة على التسليم(٣) .

والجواب : القول بالموجب ؛ فإنّ الشرط العلمُ ، وهو ثابت حال العقد.

وينتقض بما لو شاهدا داراً ووقفا في بيت منها وتبايعا ، أو أرضاً

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : كونه. والصحيح ما أثبتناه.

(٢) المغني ٤ : ٨٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٢٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، المغني ٤ : ٨٩ - ٩٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

٦٢

ووقفا في طرفها ، صحّ إجماعاً مع عدم المشاهدة للكلّ في الحال.

فروع :

أ - لو رآه وقد تغيّر عمّا كان ، لم يتبيّن بطلان البيع‌ - وهو أصحّ وجهي الشافعي(١) - لكن للمشتري الخيار. وإن لم يتغيّر ، لزم البيع قولاً واحداً.

ب - لو كان المبيع ممّا يتغيّر في مثل تلك المدّة غالباً ، لم يصحّ البيع ؛ لأنّه مجهول ، وبه قال الشافعي وأحمد(٢) .

وإن احتمل التغيّر وعدمه أو كان حيواناً ، فالأقرب عندي : جواز بيعه - وهو أصحّ وجهي الشافعي(٣) - لأنّ الظاهر بقاؤه بحاله ، ولم يعارضه ظاهر غيره. فإن وجده متغيّراً ، فله الخيار.

ويقدّم قول المشتري لو ادّعى التغيّر ؛ لأنّ البائع يدّعي عليه الاطّلاع على المبيع على هذه الصفة والرضا به ، والمشتري ينكره ، وهو أحد قولي الشافعي(٤) .

وأضعفهما : تقديم قول البائع ؛ لأصالة عدم التغيّر واستمرار العقد(٥) .

وفي أضعف وجهي الشافعي : بطلان البيع ؛ لما فيه من الغرر(٦) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٢٩٦ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٨٨ - ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٢٦ ، المجموع ٩ : ٢٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، المغني ، ٤ : ٩٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٩.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٢٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، وانظر : الحاوي الكبير ٥ : ٢٦.

(٤ و ٥ ) الحاوي الكبير ٥ : ٢٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥.

(٦) اُنظر : المصادر في الهامش (٣).

٦٣

ج - لو شاهده أحدهما دون الآخر ، ثبت الخيار للآخر مع الوصف عندنا ، ومطلقاً عند مَنْ جوّز بيع الغائب(١) .

مسألة ٣٥ : البيع بالصفة نوعان :

بيع عينٍ معيّنة ، كقوله : بعتك عبدي التركي ، ويذكر صفاته ، فيصحّ العقد عليه ، وينفسخ بردّه على البائع ، وتلفه قبل قبضه ؛ لكون المعقود عليه معيّناً ، فيزول العقد بزوال محلّه. ويجوز التفرّق قبل قبض ثمنه وقبضه ، كبيع الحاضر.

وبيع موصوفٍ غير معيّن ، مثل : بعتك عبداً تركيّاً ، ويستقصي في الوصف كالسَّلَم ، فإن سلّم إليه غير ما وُصف فردّه أو على ما وصف فأبدله ، لم يفسد العقد ؛ إذ لم يقع على عين هذا فلا ينفسخ بردّه ، كالسَّلَم.

وهل يجب قبض الثمن أو المبيع قبل التفرّق؟ الوجه : المنع.

وقال الشافعي وأحمد : لا يجوز التفرّق قبل قبض أحد العوضين ، كالسَّلَم(٢) .

ونمنع المساواة ؛ لأنّه بيع الحالّ ، فأشبه بيع العين.

مسألة ٣٦ : لا يصحّ بيع اللبن في الضرع ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وإسحاق وأحمد ، ونهى عنه ابن عباس وأبو هريرة ، وكرهه طاوُس ومجاهد(٣) - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يباع صوفٌ على ظهرٍ أو لبنٌ‌

____________________

(١) اُنظر : المغني ٤ : ٨٢ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٩.

(٢) المغني ٤ : ٨٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ١١٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٢ ، الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٨.

٦٤

في ضرعٍ(١) .

وسأله سماعة عن اللبن يشترى وهو في الضرع ، قال : « لا »(٢) والظاهر أنّ المسؤول الصادقُعليه‌السلام .

ولجهالة قدره ووصفه. ولأنّه يحدث شيئاً فشيئاً.

وقال مالك : إذا عرفا قدر الحلاب في كلّ دفعة ، صحّ وإن باعه أيّاماً معلومة(٣) .

وأجازه الحسن وسعيد بن جبير ومحمّد بن مسلمة(٤) ، كلبن الظئر(٥) .

والحاجة فارقة.

تذنيب : سوّغ الشيخ بيع اللبن في الضرع إذا ضمّ إليه ما يحتلب منه مع مشاهدة المحلوب‌(٦) ؛ لقول سماعة : « إلّا أن يحلب في سُكُرُّجَة(٧) فيقول : أشتري منك هذا اللبن في السُّكُرُّجَة وما في ضرعها(٨) بثمن مسمّى ، فإن لم يكن في الضرع(٩) شي‌ء ، كان ما في السُّكُرُّجة »(١٠) .

____________________

(١) سنن الدار قطني ٣ : ١٤ / ٤٠ - ٤٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٠ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١.

(٢) الكافي ٥ : ١٩٤ / ٦ ، الفقيه ٣ : ١٤١ / ٦٢٠ ، التهذيب ٧ : ١٢٣ / ٥٣٨ ، الاستبصار ٣ : ١٠٤ / ٣٦٤.

(٣) المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١ ، حلية العلماء ٤ : ١١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩.

(٤) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : محمّد بن مسلم. والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٥) المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١.

(٦) النهاية : ٤٠٠.

(٧) سُكُرُّجَة : إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الاُدْم. لسان العرب ٢ : ٢٩٩ « سكرج ».

(٨ و ٩) فيما عدا الاستبصار : « ضروعها الضروع ».

(١٠) اُنظر : المصادر في الهامش (٢).

٦٥

والأشهر عندنا : البطلان ؛ إذ ضمّ المعلوم إلى المجهول لا يصيّره معلوماً.

مسألة ٣٧ : اختلف علماؤنا في بيع الصوف على ظهور الغنم‌ ، والأشهر : المنع - وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد(١) - لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يباع صوف على ظهر(٢) .

ولأنّه متّصل بالحيوان ، فلم يجز إفراده بالعقد ، كأعضائه.

وقال بعض(٣) علمائنا بالجواز - وبه قال مالك والليث بن سعد ، وهو رواية اُخرى عن أحمد(٤) - وهو الأقوى عندي ؛ لما رواه إبراهيم الكرخي ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام : ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نَعْجة وما في بطونها من حملٍ بكذا وكذا درهماً؟ قال : « لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف »(٥) وهو يدلّ على المطلوب ؛ لأنّ ضمّ المجهول إلى مثله لا يؤثّر في العلم ، فبقي أن يكون الصوف مقصوداً بالذات والحمل بالعرض.

ولأنّه مبيع مملوك مشاهد يجوز بيعه بعد تناوله ، فجاز بيعه قبل‌

____________________

(١) بدائع الصنائع ٥ : ١٦٨ ، مختصر المزني : ٨٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٧ و ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ :٤٠ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ١١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٠ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٨.

(٢) سنن الدار قطني ٣ : ١٤ / ٤٠ - ٤٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٠.

(٣) اُنظر : المقنعة : ٦٠٩ ، والسرائر : ٢٣٢ - ٢٣٣.

(٤) المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٠ ، المجموع ٩ : ٣٢٨.

(٥) الكافي ٥ : ١٩٤ / ٨ ، الفقيه ٣ : ١٤٦ / ٦٤٢ ، التهذيب ٧ : ١٢٣ - ١٢٤ / ٥٣٩.

٦٦

تناوله ، كالثمار. ولوجود المقتضي وعدم المانع - وهو الجهالة - كالرطبة ، بخلاف الأعضاء ؛ لتعذّر تسليمها مع سلامة الحيوان.

ولا فرق بين بيعه قبل التذكية وبعدها ، خلافاً للشافعي ؛ لعدم الإيلام حينئذٍ(١) .

مسألة ٣٨ : لا يجوز بيع الملاقيح - وهي ما في بطون الاُمّهات - ولا المضامين‌ - وهي ما في أصلاب الفحول - جمع ملقوح ، يقال : لقحت الناقة والولد ملقوح به ، إلّا أنّهم استعملوه بحذف الجارّ. وقيل : جمع ملقوحة من قولهم : لقحتْ ، كالمجنون من جُنَّ. وجمع مضمون ، يقال : ضمن الشي‌ء ، أي : تضمّنه واستسرّه. ومنهم مَنْ عَكَس التفسيرين.

ولا نعرف خلافاً بين العلماء في فساد هذين البيعين ؛ للجهالة ، وعدم القدرة على التسليم ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الملاقيح والمضامين(٢) ، ولا خلاف فيه.

تذنيب : لو باع الحمل مع اُمّه ، جاز إجماعاً‌ ، سواء كان في الآدمي أو غيره.

ولو ضمّ الحمل إلى الصوف ، قال الشيخ : يجوز(٣) ، كما لو ضمّ إلى الاُمّ.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سُئل عن ذلك : « لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حملٌ كان رأس ماله في الصوف »(٤) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٠.

(٢) المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ٢٣٠ / ١١٥٨١.

(٣) النهاية : ٤٠٠.

(٤) الكافي ٥ : ١٩٤ / ٨ ، الفقيه ٣ : ١٤٦ / ٦٤٢ ، التهذيب ٧ : ١٢٣ - ١٢٤ / ٥٣٩.

٦٧

وفيه إشكال أقربه : الجواز إن كان الحمل تابعاً للمقصود ، وإلّا فلا.

مسألة ٣٩ : يحرم بيع عسيب الفحل - وهو نطفته‌ - لأنّه غير متقوّم ولا معلوم ولا مقدور عليه. ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عنه(١) .

أمّا إجارة الفحل للضراب فعندنا مكروهة وليست محرّمةً - وهو أضعف وجهي الشافعي ، وبه قال مالك(٢) - لأنّها منفعة مقصودة يحتاج إليها في كلّ وقت ، فلو لم يجز الإجارة فيها ، تعذّر تحصيلها ؛ لعدم وجوب البذل على المالك.

وقال أبو حنيفة والشافعي في أصحّ وجهيه ، وأحمد : إنّها محرّمة ؛ لأنّهعليه‌السلام نهى عن عسيب الفحل(٣) .

ولأنّه لا يقدر على تسليمه ، فأشبه إجارة الآبق. ولأنّه متعلّق باختيار الفحل وشهوته. ولأنّ القصد هو الماء ، وهو ممّا لا يجوز إفراده بالبيع(٤) .

ونحن نقول بموجب النهي ؛ لتناوله البيع ، أو التنزيه. ونمنع انتفاء القدرة ، والعقد وقع على الإنزاء ، والماء تابع ، كالظئر.

____________________

(١) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٧ / ٣٤٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٧٢ / ١٢٧٣ ، سنن النسائي ٧ : ٣١٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٩ ، سنن الدار قطني ٣ : ٤٧ / ١٩٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٤٢ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٧ : ١٤٥ / ٢٦٨٢.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٠١ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٢ ، منهاج الطالبين : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ ، و ٥ : ٣٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠١ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٢٤ ، المغني ٤ : ٣٠٠.

(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في الهامش (١).

(٤) المغني ٤ : ٣٠٠ ، و ٦ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٧٠ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٠١ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٢٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٠ ، و ٥ : ٣٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٢.

٦٨

فروع :

أ - الإنزاء غير مكروه ، والنهي غير متوجّه إلى الضراب ، بل إلى العوض عليه ، وقد سُئل الرضاعليه‌السلام عن الحُمُر(١) تنزيها على الرَّمَك(٢) لتنتج البغال أيحلّ ذلك؟ قال : « نعم أنزها »(٣) .

ب - إذا استأجر للضراب ، فالوجه : عدم الاستحقاق إلّا مع إنزال الماء في فرج الدابّة ؛ لأنّه وإن كان تابعاً لكنّه المقصود ، كالاستئجار على الإرضاع.

ج - حرَّم أحمد أخذَ الاُجرة على الضراب دون إعطائها ؛ لأنّه بذل ماله لتحصيل مباح يحتاج إليه(٤) .

وليس بجيّد ؛ إذ تسويغ الإعطاء يستلزم تسويغ الأخذ.

د - لو اُعطي صاحب الفحل هديّةً أو كرامةً من غير إجارة ، جاز ، وبه قال الشافعي وأحمد(٥) ، وهو ظاهرٌ على مذهبنا ؛ لأنّه سبب مباح ، فجاز أخذ الهديّة عليه.

وعن أحمد رواية بالمنع(٦) .

ه - نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن حَبَل الحَبَلة(٧) .

____________________

(١) في المصدر : الحمير.

(٢) الرَّمَكة : الفرس والبِرْذَوْنَة التي تتّخذ للنسل ، والجمع : رَمَك. لسان العرب ١٠ : ٤٣٤ « رمك ».

(٣) التهذيب ٦ : ٣٨٤ / ١١٣٧ ، الإستبصار ٣ : ٥٧ / ١٨٥.

(٤) المغني ٤ : ٣٠٠.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٢ ، المغني ٤ : ٣٠٠ ، و ٦ : ١٤٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٥.

(٦) المغني ٤ : ٣٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٢.

(٧) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ / ١٥١٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٠ ، مسند أحمد ١ : ٤٧٩ / ٢٦٤٠.

٦٩

وفُسّر بأمرين : نتاجِ النتاج ، وهو بيع حمل ما تحمله الناقة ، وجَعْلِه أجلاً كان أهل الجاهليّة يتبايعون لحم الجزور إلى حَبَل الحَبَلة.

وهو بمعنييه باطل ؛ لجهالته ، وجهالة الأجل.

مسألة ٤٠ : بيع الملامسة والمنابذة والحصاة باطل بالإجماع‌ ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ذلك كلّه(١) .

والملامسة : أن يبيعه شيئاً ولا يشاهده على أنّه متى لمسه وقع البيع.

وهو ظاهر كلام أحمد ومالك والأوزاعي(٢) .

وله تفاسير ثلاثة :

أن يجعل اللمس بيعاً بأن يقول صاحب الثوب للراغب : إذا لمست ثوبي فهو مبيع منك بكذا.

وهو باطل ؛ لما فيه من التعليق.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه من صُور المعاطاة(٣) .

وأن يأتي بثوب مطويّ له في ظلمة فيلمسه الراغب ، ويقول صاحب الثوب : بعتك بكذا بشرط أن يقوم لَمْسُك مقامَ النظر ، ولا خيار لك إذا رأيته. فسّره الشافعي(٤) .

قال بعض الشافعيّة : إن أبطلنا بيع الغائب ، بطل ، وإلّا صحّ تخريجاً من تصحيح شرط نفي الخيار(٥) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٥١ / ١٥١١ ، و ١١٥٣ / ١٥١٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٣ / ٢١٧٠ ، و ٧٣٩ / ٢١٩٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥٣ و ٢٥٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤١ و ٣٤٢ ، الموطّأ ٢ : ٦٦٦ / ٧٦.

(٢) المغني ٤ : ٢٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ - ٣٣ ، بداية المجتهد ٢ : ١٤٨.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٣.

٧٠

وأن يبيعه على أنّه إذا لمسه وجب البيع وسقط خيار المجلس وغيره. ويبطل عنده(١) ؛ لفساد الشرط(٢) .

والوجه عندي : صحّته إن كان قد نظره.

والمنابذة قيل : أن يجعل النبذ بيعاً بأن يقول : أنبذ إليك ثوبي بعشرة ثمّ ينبذه ، ويكتفيان به بيعا. وقيل : أن يقول : بعتك كذا بكذا على أنّي إذا نبذته إليك فقد وجب البيع ، قالهما الشافعيّة(٣) .

وظاهر كلام أحمد ومالك والأوزاعي أن يقول : إذا(٤) نبذته إليّ فقد اشتريته بكذا(٥) .

وقيل : طرْحُ الرجل ثوبَه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه(٦) .

والحصاة أن يقول : ارم هذه الحصاة فعلى أيّ ثوب وقعت فهو لك بكذا.

وقيل أن يقول : بعتك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا(٧) .

وقيل : أن يقول : بعتك هذا بكذا على أنّي متى رميت هذه الحصاة وجب البيع(٨) .

ولا نعلم خلافاً في بطلان الجميع.

____________________

(١) أي : عند الشافعي.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٣.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٣ و ٦٤ ، منهاج الطالبين : ٩٧.

(٤) في « ق ، ك » : « إن » بدل « إذا ». وفي المغني والشرح الكبير هكذا : أيّ ثوب نبذته

(٥) المغني ٤ : ٢٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ - ٣٣ ، بداية المجتهد ٢ : ١٤٨.

(٦) المغني ٤ : ٢٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

(٧و٨) المغني ٤ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

٧١

مسألة ٤١ : يجب ذكر جنس المبيع أو مشاهدته‌ ، عند علمائنا أجمع بأن يقول : بعتك عبدي أو فرسي ، ولا يكفي أن يقول : بعتك ما في كمّي أو خزانتي أو ما ورثته من أبي ، مع جهالة المشتري - وهو أحد قولي الشافعي(١) - للجهالة.

وله آخر : الجواز ؛ لأنّ المعتبر في بيع الغائب كون المبيع متعيّناً ، والجهالة لا تزول بذكر الجنس ، فلا معنى لاشتراطه(٢) .

ولا يكفي ذكر الجنس ، بل لا بدّ من ذكر النوع بأن يقول : عبدي التركي. وهو ظاهر قول الشافعي(٣) .

ولا يكفي ذكرهما عندنا إلّا مع ذكر الصفات الرافعة للجهالة - وبه قال مالك(٤) - للجهالة معه. وهو أضعف وجهي الشافعي(٥) .

وأصحّهما - وبه قال أبو حنيفة - الاكتفاء. نعم ، لو كان له عبدان من ذلك النوع ، فلا بُدّ وأن يزيد ما يقع به التمييز(٦) .

ويشترط ذكر صفات السَّلَم لترتفع الجهالة ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وبه قال أحمد(٧) .

وأظهرهما : الاكتفاء بمعظم الصفات(٨) .

مسألة ٤٢ : يجب العلم بالقدر‌ ، فالجهل به فيما في الذمّة ثمناً كان أو‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٢٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢.

(٤) بداية المجتهد ٢ : ١٤٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٤ ، حلية العلماء ٤ : ٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢.

(٥) المجموع ٩ : ٢٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢.

(٦) الحاوي الكبير ٥ : ١٤ ، المجموع ٩ : ٢٩٢ - ٢٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢.

(٧و٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، حلية العلماء ٤ : ٨٥ - ٨٦ ، المجموع ٩ : ٢٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢.

٧٢

مثمناً مبطل. فلو قال : بعتك مل‌ء هذا البيت حنطةً أو بزنةِ هذه الصنجة ذهباً ، لم يصحّ السَّلَم - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - للغرر.

ولو قال : بعتك ثوبي هذا بما باع به فلان فرسه ، وهُما لا يعلمانه أو أحدهما ، لم يصحّ - وهو أظهر وجهي الشافعي(٢) - للجهالة.

وله آخر : الجواز ؛ لإمكان الاستكشاف(٣) .

وثالث : إن حصل العلم قبل التفرّق ، صحّ العقد(٤) .

ولو قال : بعتك بألف من الدراهم والدنانير ، بطل ؛ للجهل بقدر كلٍّ منهما ؛ إذ لا فرق بينه وبين : بعتك بألف بعضها ذهب وبعضها فضّة. وبه قال الشافعي وأحمد(٥) .

وعن أبي حنيفة أنّه يصحّ ويتساويان فيه ، كالإقرار(٦) .

ويبطل بأنّه لو فسّره بغير التسوية ، صحّ ، ولو اقتضى التسوية ، لم يصحّ.

ولو باع الثوب برقمه ، وهو الثمن المكتوب عليه ، فإن علماه(٧) ، صحّ إجماعاً ؛ لأنّه بيع بثمن معلوم قدره. وكرهه طاوُس(٨) . ولو لم يعلماه ، بطل.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٣١١ ، الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١ ، منهاج الطالبين : ٩٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٠٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٠٧.

(٤-٢) المجموع ٩ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١ ، منهاج الطالبين : ٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١ ، المجموع ٩ : ٣٣٩ ، منهاج الطالبين : ٩٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٠٢ / ١١٧٨.

(٦) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٠٢ / ١١٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٨.

(٧) في الطبعة الحجريّة : علما به.

(٨) لم نعثر على قوله في مظانّه من المصادر المتفوفّرة لدينا.

٧٣

ولو قال : بعتك بمائة دينار إلّا عشرة دراهم ، لم يصحّ ، إلّا أن يعلما قيمة الدينار بالدراهم. وكذا لو قال : بعتك بدينار غير درهم ، أو : إلّا درهماً.

مسألة ٤٣ : يجب العلم بنوع الثمن من ذهبٍ أو فضّة بالدراهم‌ ، ولا يصحّ لو كان مجهولاً.

ولو أطلق وفي البلد نقد واحد يعلمانه ، انصرف الإطلاق إليه ؛ عملاً بالظاهر. وكذا لو تعدّدت وغلب أحدها وإن كان فلوساً ، إلّا أن يُعيّن غيرها.

ولو تعدّدت وتساوت ، وجب التعيين. فإن أبهم ، بطل - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - للجهالة.

وكما ينصرف المطلق إلى الجنس الغالب أو المتّحد كذا ينصرف في الوصف إلى الغالب بأن تختلف النقود ، كالراضية والرضويّة وإن اتّحد النوع. وكذا الصحيح والمكسَّر. ولو لم يكن هناك غالبٌ ، وجب التعيين ، وإلّا بطل البيع - وبه قال الشافعي(٢) - لما تقدّم.

مسألة ٤٤ : لو كان لكلٍّ منهما عبد فباعاهما صفقةً واحدة بثمن واحد ، صحّ البيع ، سواء كانا متساويين في القيمة أو لا ، ويتقسّط الثمن على القيمتين - وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد والشافعي في أحد قوليه(٣) - لأنّ جملة المبيع معلومة ، والعقد وقع عليها ، فصحّ ، كما لو كانا لواحدٍ ، أو كما لو باعا عبداً واحداً لهما أو قفيزين من صُبْرة واحدة.

____________________

(١) روضة الطالبين ٣ : ٣٢ ، المجموع ٩ : ٣٢٩ ، منهاج الطالبين : ٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٦ - ٤٧ ، الكتاب - بشرح اللباب - ١ : ٢٣٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢.

(٣) المغني ٤ : ٣١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٤٥.

٧٤

والثاني له : لا يصحّ - وهو قولٌ للشيخ(١) أيضاً - لأنّ كلّ واحد منهما مبيع بقسطه من الثمن ، وهو مجهول ، بخلاف ما لو كانا لواحدٍ ، فإنّ جملة المبيع مقابلة بجملة الثمن من غير تقسيط ، والثمن يتقسّط على العبد المشترك والقفيزين بالأجزاء ، فلا جهالة فيه(٢) .

ونحن نمنع الجهالة في المبيع ؛ إذ مقتضاه مقابلة الجملة بالجملة لا الأجزاء بالأجزاء ، ووجوب التقويم والبسط ليعرف كلّ واحد حقّه بعد البيع ، فلا يقتضي بطلانه.

مسألة ٤٥ : ذهب علماؤنا إلى أنّه لا يصحّ بيع المكيل والموزون جزافاً ؛ لأنّه غرر. ولقول الصادقعليه‌السلام : « ما كان من طعام سمّيت فيه كيلاً فلا يصلح مجازفة »(٣) .

ولإفضائه إلى التنازع لو وجب ضمانه.

ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام مجازفة وهو يعلم كيله(٤) . وكذا إذا لم يعلم كيله بل هو أبلغ في المنع ، إذ الجهالة لمـّا أبطلت من أحد الطرفين كان إبطالها من الطرفين أولى.

وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد - ولا نعرف لهم مخالفاً من الجمهور - : إنّه يصحّ ؛ لقول ابن عمر : كُنّا نشتري الطعام من الركبان جزافاً ، فنهانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن نبيعه حتى ننقله من مكانه. ولأنّه معلوم بالرؤية ، فصحّ بيعه ، كالثياب(٥) .

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٣٣٥ ، المسألة ١٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٤٥ ، المغني ٤ : ٣١٦.

(٣) التهذيب ٧ : ١٢٢ / ٥٣٠ ، الاستبصار ٣ : ١٠٢ / ٣٥٥.

(٤) أورده ابنا قدامة في المغني ٤ : ٢٤٧ ، والشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٥) المغني ٤ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠ ، بداية المجتهد ٢ : ١٤٦.

٧٥

ونمنع الرواية ونقول بموجبها ؛ فإنّهعليه‌السلام نهاهم عن بيعها إلّا بعد نقلها ، وهو يستلزم معرفتها غالباً. والثوب غير مكيل ولا موزون.

فروع :

أ - حكم المعدود حكم الموزون والمكيل ، فلا يصحّ بيعه جزافاً ؛ لأنّه مقدار يعرف به كمّيّة المبيع ، فلا يصحّ بدونها ، كالوزن والكيل.

ب - لو تعذّر الوزن أو العدد ، كِيل [ بعضه ](١) بمكيالٍ ووُزن أو عُدَّ ، ونُسب إليه الباقي ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - وقد سُئل عن الجوز لا يستطيع أن يعدّه فيكال بمكيالٍ ثمّ يعدّ ما فيه ثمّ يكال ما بقي على حساب ذلك من المعدود(٢) - : « لا بأس به »(٣) .

وسئلعليه‌السلام : أشتري مائة راوية زيتا فأعترض راوية أو اثنتين فأزنهما ثمّ أخذ سائره على قدر ذلك ، فقال : « لا بأس »(٤) .

ولأنّه يحصل المطلوب ، وهو العلم.

ومَنَع أحمد من ذلك.(٥) .

وقال الثوري : كان أصحابنا يكرهون هذا ؛ لاختلاف المكاييل ، فيكون في بعضها أكثر من بعض ، والجوز يختلف عدده ، فيكون في أحد المكيلين أكثر من الآخر(٦) .

وهو غلط ؛ فإنّه إذا جاز بيعه جزافاً ، كان هذا أولى.

____________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٢) كذا ، وفي المصادر : العدد.

(٣) الكافي ٥ : ١٩٣ / ٣ ، الفقيه ٣ : ١٤٠ - ١٤١ ، ٦١٧ ، التهذيب ٧ : ١٢٢ / ٥٣٣.

(٤) الكافي ٥ : ١٩٤ / ٧ ، الفقيه ٣ : ١٤٢ ، ٦٢٥ ، التهذيب ٧ : ١٢٢ - ١٢٣ / ٥٣٤ ، الاستبصار ٣ : ١٠٢ / ٣٥٧ ، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

(٥ و ٦) المغني ٤ : ٢٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

٧٦

ج - لو باعه جزافاً ، بطل. وكان القول قول المشتري في المقدار ، سواء كان باقياً أو تالفاً.

د - لا فرق بين الثمن والمثمن في الجزاف في الفساد عندنا والصحّة عندهم ، إلّا مالكاً ؛ فإنّه قال : لا يجوز الجزاف في الأثمان ؛ لأنّ لها خطراً ، ولا يشقّ وزنها ولا عددها ، فأشبه الرقيق والثياب(١) . ومع هذا فإنّه جوَّز بيع النقرة والتبر والحليّ جزافاً(٢) .

مسألة ٤٦ : وكما لا يصحّ بيع الصبرة جزافاً فكذا أجزاؤها المشاعة‌ ، كالنصف والثُّلْث والربع ؛ لوجود المانع من الانعقاد ، وهو الجهالة.

وجوّزه الجمهور كافّة ؛ لأنّ ما جاز بيع جملته جاز بيع بعضه ، كالحيوان. ولأنّ جملتها معلومة(٣) بالمشاهدة فكذا أجزاؤها(٤) .

ونحن نمنع الأصلين.

أمّا لو باع جزءاً معلوم القدر ، كالقفيز ، فإنّه يصحّ عندنا وعند الجمهور(٥) - إلّا داوُد(٦) - إذا علما اشتمالها على ذلك ؛ لأنّه معلوم مشاهد ، فصحّ بيعه كغيره.

احتجّ بأنّه غير مشاهد ولا موصوف(٧) .

ويبطل بأنّه قياس ، وهو لا يقول به. ونمنع عدم المشاهدة ؛ فإنّ مشاهدة الجملة تستلزم مشاهدة البعض.

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : معلوم. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٢ ، المغني ٤ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٥ و ٦) المغني ٤ : ٢٤٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٠٥.

(٧) المغني ٤ : ٢٤٩.

٧٧

فروع :

أ - لو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ قفيزٍ بدرهم ، فإن علما قدر القُفْزان ، صحّ البيع ، وإلّا بطل ؛ للجهالة.

وقال مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمّد : يصحّ ؛ لأنّه معلوم بالمشاهدة ، والثمن معلوم ، لإشارته إلى ما يعرف [ مبلغه ](١) بجهةٍ لا تتعلّق بالمتعاقدين ، وهو أن تُكال الصبرة ويقسّط الثمن على قدر قفزانها فيعلم مبلغه(٢) .

ونحن نمنع العلم ، وقد سبق.

وقال أبو حنيفة : يصحّ البيع في قفيز واحد ، ويبطل فيما سواه ؛ لجهالة الثمن ، كما لو باع المتاع برقمه(٣) .

ولو قال : بعتك هذه الأرض أو هذا الثوب كلّ ذراع بدرهم ، أو : هذه الأغنام كلّ رأس بدرهم ، لم يصحّ عندنا ، وبه قال أبو حنيفة أيضاً وإن سوّغ البيع في قفيزٍ واحد من الصبرة(٤) .

وقال الشافعي : يصحّ ، سواء كانت الجملة معلومةً أو مجهولةً(٥) .

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجرية : ثمنه. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٢) المغني ٤ : ٢٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٠٥ ، المجموع ٩ : ٣١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٥٨ - ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨ ، المغني ٤ : ٢٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٩.

(٤) حلية العلماء ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٤٨ ، المجموع ٩ : ٣١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣ - ٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨.

٧٨

ولو قال : بعتك عشرةً من هذه الأغنام بكذا ، لم يصحّ إجماعاً وإن علم الجملة ، بخلاف الصبرة والأرض والثوب ؛ لاختلاف قيمة الشاة ، فلا يدري كم العشرة من الجملة.

ب - لو قال : بعتك من هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم ، ولم يعلما أو أحدهما القدرَ ، بطل البيع عندنا ، لما مرّ. وكذا عند أحمد ؛ لأنّ « من » للتبعيض و « كلّ » للعدد ، وهو مجهول. وله آخر : الصحّة(١) .

وللشافعيّة وجهان :

البطلان ؛ لأنّه لم يبع جميعَ الصبرة ولا بيّن المبيع منها.

والصحّة في صاعٍ واحد ، كما لو قال : بعتك قفيزاً من الصبرة بدرهم(٢) .

ج - لو قال : بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم على أن أزيدك قفيزاً ، أو أنقصك على أنّ لي الخيار فيهما ، لم يصحّ عندنا - وبه قال الشافعي وأحمد(٣) - لأنّه لا يدري أيزيده أم ينقصه.

ولو قال : على أن أزيدك قفيزاً ، لم يجز ؛ لأنّ القفيز مجهول.

فإن قال : على أن أزيدك قفيزاً من هذه الصبرة الاُخرى أو وصفه وصفاً يرفع الجهالة ، صحّ عندهم ؛ إذ معناه : بعتك هذه الصبرة وقفيزاً من الاُخرى بعشرة(٤) .

وإن قال : على أن أنقصك قفيزاً ، لم يصحّ ؛ لأنّ معناه : بعتك هذه‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١١.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٠٦ ، المجموع ٩ : ٣١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١١ ، وانظر : المجموع ٩ : ٣١٥.

(٤) المغني ٤ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٩.

٧٩

الصبرة إلّا قفيزاً كلّ قفيز بدرهم وشي‌ء مجهول.

ولو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزاً من الأخرى ، لم يصحّ ، لإفضائه إلى جهالة الثمن في التفصيل ، لأنّه يصير قفيزاً وشيئاً بدرهم.

ولو قصد أنّي أحطّ ثمن قفيز من الصبرة لا أحتسب به ، لم يصحّ ؛ للجهالة.

ولو قال : هذه الصبرة عشرة أقفزة بعتكها كلّ قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزاً من الاُخرى ، صحّ ؛ إذ معناه : بعتك كلّ قفيز وعُشر قفيزٍ بدرهم.

ولو جَعَله هبةً ، صحّ عندنا ، خلافاً لأحمد(١) .

وإن أراد أنّي لا أحتسب عليك بثمن قفيز منها ، صحّ ؛ لعلمهما بجملة القُفْزان ، فعَلِما قدر النقصان من الثمن.

ولو قال : على أن أنقصك قفيزاً ، صحّ ؛ لأنّ معناه : بعتك تسعة أقفزة بعشرة دراهم ، كلّ قفيز بدرهم وتسع.

د - لو قال : بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم كلّ صاع بدرهم ، فإن علما القدر ، صحّ.

وقال الشافعي : يصحّ البيع إن خرج كما ذكر ؛ لأنّه لم يشترط علم القدر.

وإن خرج زائداً أو ناقصاً ، فأصحّ قوليه : البطلان ؛ لامتناع الجمع بين بيع الكلّ بعشرة ومقابلة كلّ واحد بدرهم ، لأنّه باع جملة الصبرة بالعشرة‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٩.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

المتوفى سنة ٩٣٢ بتفسير قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال:

« إعلم - يا هذا - إن الآية لبيان فرضيّة حبّ أهل البيت على جميع المسلمين إلى يوم القيامة، صلّى الله على محمّد وأهل بيته، فقد روي أنها لـمّا نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما » ثم قال بعد ذكر نبذةٍ من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام :

« عن عمران بن الحصين قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. رواه صاحب الفردوس » ثم قال بعد أخبارٍ اُخرى في فضائل الإمامعليه‌السلام :

« إعلم - يا هذا - إن هذه الأحاديث وردت عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في عليرضي‌الله‌عنه ، وما ازداد علي فضلاً إلّا بتزويج فاطمة بنت سيد المرسلين - صلّى الله عليه وسلّم - وما تزوّج فاطمة إلّا بكونه أهلاً لها رضي الله عنها ».

ترجمة الحاج عبد الوهاب البخاري

وقد ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي في كتابه ( أخبار الأخيار ) فأثنى عليه الثناء البالغ، ومدح تفسيره المذكور، وذكر له ولكتابه كرامات(١). .

__________________

(١). أخبار الأخيار: ٢٠٦.

٢٢١

(٤٥)

رواية الشّامي صاحب السّيرة

ورواه محمّد بن يوسف الصّالحي الشامي في ( سيرته ) حيث قال:

« روى الإمام أحمد، والبخاري، والإسماعيلي، والنسائي: عن بريدة ابن الحصيب -رضي‌الله‌عنه - قال: أصبنا سبياً، فكتب خالد إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إبعث إلينا من يخمّسه، وفي السّبي وصيفة هي من أفضل السّبي، فبعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عليّاً إلى خالد يقبض منه الخمس. وفي رواية: لتقسيم الفئ. فقبضه منه، فخمّس وقسّم، واصطفى علي سبيّة، فأصبح وقد اغتسل ليلاً، وكنت أبغض علياً لم أبغضه أحداً، وأحببت رجلاً من قريش لم أحببه إلّا بغضه عليّاً، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ وفي رواية: فقلت: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم تر إلى الوصيفة فإنّها صارت في الخمس، ثم صارت في آل محمّد، ثم في آل علي، فواقعت بها.

فلمّا قدمنا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ذكرت له ذلك. وفي رواية: فكتب خالد إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بذلك. فقلت: إبعثني، فبعثني، فجعل يقرأ الكتاب وأقول: صدق. فإذا النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قد احمرّ وجهه، فقال: من كنت وليّه فعليّ وليّه. ثم قال: يا بريدة أتبغض علياً؟ فقلت: نعم. قال: لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك.

وفي رواية: والذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة، وانْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً.

٢٢٢

و في رواية: لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

قال بريدة: فما كان في الناس أحد أحب إليَّ من علي »(١) .

ترجمة الصالحي الشامي

ومحمّد بن يوسف الصالحي الشامي من مشاهير علماء القوم المحققين المعتمدين:

١ - الشعراني: « ومنهم: الأخ الصالح العالم الزاهد المتمسّك بالسنة المحمدية الشيخ محمّد الشامي، نزيل التربة البرقوتية،رضي‌الله‌عنه . كان عالماً صالحاً متفنّناً في العلوم، وألّف السّيرة المشهورة التي جمعها من ألف كتاب، وأقبل الناس على كتابتها، ومشى فيها على أنموذجٍ لم يسبق إليه وكان لا يقبل من الولاة وأعوانهم شيئاً، ولا يأكل من طعامهم »(٢) .

٢ - الخفاجي: « وممّن أخذت عنه الأدب والشعر شيخنا العلّامة أحمد العلقمي، والعلّامة محمّد الصّالحي الشّامي »(٣) .

٣ - ابن حجر المكّي: وصفه في كلامٍ له بـ « الإمام العلّامة الصالح الفهامة الثقة المطّلع والحافظ المتتبّع الشيخ محمّد الشامي الدمشقي ثم المصري »(٤). .

__________________

(١). سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ٦ / ٢٣٥ - ٢٣٦.

(٢). لواقح الأنوار. الباب الأوّل من القسم الثالث.

(٣). ريحانة الألباء ١ / ٢٧.

(٤). الخيرات الحسان:

٢٢٣

السيرة الشامية

وكتابه ( سبل الهدى والرشاد ) المعروف بـ ( السيرة الشامية ) من أجلّ كتب القوم في السّيرة، فقد عرفت أنّه جمعه من ألف كتاب، وقال ( كاشف الظنون ): « هو أحسن كتب المتأخرين وأبسطها في السيرة النبوية » و « أتى فيه من الفوائد بالعجب العجاب »(١). . وَعدّه أحمد بن زيني دحلان في مصادر كتابه ( السيرة النبوية ) وقد قال بعد ذكرها: « وهذه الكتب هي أصحّ الكتب المؤلّفة في هذا الشأن »(٢). ، كما اعتمد عليه كثير من العلماء من محدّثين ومتكلّمين، ونقلوا عنه واستندوا إليه في بحوثهم المختلفة.

(٤٦)

رواية ابن حجر المكي وتصحيحه

ورواه شهاب الدين أحمد بن حجر المكي وحكم بصحته بكلّ صراحة في ( المنح المكيّة شرح القصيدة الهمزية )، بشرح قوله:

« علي صنو النبيّ ومن دين فؤادي وداده والولاء ».

قال: « وذلك عملاً بما صحّ عنه - صلّى الله عليه وسلّم - وهو: اللّهم والِ من ولاه وعادِ من عاداه. وإنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

__________________

(١). كشف الظنون ٢ / ٩٧٨.

(٢). السيرة الدحلانية - مقدمة الكتاب ١ / ٧ - المقدّمة.

٢٢٤

ترجمة ابن حجر المكي

وابن حجر المكي من أعاظم الأثبات المعتبرين عندهم:

١ - الشعراني: « ومنهم - الشيخ الإمام العلّامة المحقق الصالح الورع الزاهد الخاشع الناسك الشيخ شهاب الدين ابن حجر نزيل الحرم المكّي -رضي‌الله‌عنه -. أخذ العلم عن مشايخ الإسلام بمصر، وأجازوه بالفتوى والتدريس، وأفتى بجامع الأزهر والحجاز، وانتفع به خلائق وهو مفتي الحجاز الآن، يصدرون كلّهم إلّا عن قوله، وله أعمال عظيمة في الليل، لا يكاد يطّلع عليها إلّا من خلى من الحسد من صغره إلى الآن »(١). .

٢ - الخفاجي: « العلّامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي، نزيل مكة، شرّفها الله، علّامة الدهر خصوصاً الحجاز، فإذا نشرت حلل الفضل فهو طراز الطراز. فكم حجّت وفود الفضلاء لكعبته، وتوجّهت وجوه الطلب إلى قبلته، إنْ حدّث عن الفقه والحديث لم تتقرط الأذان بمثل أخباره في القديم والحديث »(٢). .

٣ - العيدروس اليمني: « الشّيخ الإمام شيخ الإسلام خاتمة أهل الفتيا والتدريس، ناشر علوم الإمام محمّد بن إدريس، الحافظ شهاب الدين وكان بحراً في علم الفقه وتحقيقه لا تكدّره الدّلاء، وإمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون وانعقدت عليه خناصر الملأ، إمام اقتدت به الأئمّة وهمام صار في إقليم الحجاز اُمة برع في علومٍ كثيرة من التفسير

__________________

(١). لواقح الأنوار. الباب الأوّل من القسم الثالث.

(٢). ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥.

٢٢٥

والحديث وعلم الكلام واُصول الفقه وفروعه والفرائض والحساب والنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والتصوّف »(١). .

٤ - الشرقاوي: « العلّامة المحقّق الناسك الخاشع الزاهد السّمح شهاب الدين ابن حجر، نزيل مكة المشرفة، أخذرضي‌الله‌عنه العلم عن جماعةٍ من مشايخ الإسلام بمصر، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فدرّس وأفتى بالجامع الأزهر والحجاز، وانتفع به خلائق كثيرة، وصنف عدّة كتب نافعة محرّرة في الفقه والاُصول »(٢) .

هذا، وقد رووا كتب ابن حجر المكي بأسانيدهم، واعتمدوا عليها ونقلوا عنها في مؤلّفاتهم، واستندوا إلى آرائه في بحوثهم، ولا حاجة إلى إيراد شيء من ذلك بعد ثبوت الأمر ووضوحه

(٤٧)

رواية علي المتقي الهندي

ورواه الشيخ علي بن حسام الدين المتقي الهندي بطرقٍ متعددة في كتابه ( كنز العمال ) الذي رتّب فيه كتاب ( جمع الجوامع للسيوطي ) ففيه: « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمنٍ بعدي. ت ك عن عمران بن حصين»(٣) .

« دعوا علياً، دعوا علياً، دعوا علياً، إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ

__________________

(١). النور السافر في أعيان القرن العاشر: ٢٨٧.

(٢). التحفة البهية في طبقات الشافعيّة.

(٣). كنز العمال ١١ / ٥٩٩ رقم: ٣٢٨٨٣.

٢٢٦

مؤمنٍ بعدي. حم عن عمران بن حصين »(١). .

« يا بريدة، إنّ علياً وليّكم بعدي، فأحبّ علياً فإنّه يفعل ما يؤمر.

الديلمي عن علي »(٢). .

ورواه في ( منتخب كنز العمال ) في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. ت ك‍ عن عمران بن حصين »(٣). .

« سألت الله - يا علي - فيك خمساً، فمنعني واحدةً وأعطاني أربعاً، سألت الله أن يجمع عليك اُمّتي فأبى عليَّ، وأعطاني فيك أنّ أوّل من تنشقُّ عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي معك لواء الحمد وأنت تحمله بين يديَّ، تسبق به الأوّلين والآخرين، وأعطاني أنك ولي المؤمنين بعدي. الخطيب والرافعي، عن علي »(٤). .

ترجمة المتقي الهندي

والمتّقي الهندي، من كبار علماء أهل السنّة في الهند، في الفقه والحديث، حتى لقد أفرد بعضهم ترجمته بكتاب مفرد، وتجد الثناء عليه في:

__________________

(١). المصدر ١١ / ٦٠٨ رقم: ٣٢٩٤.

(٢). المصدر ١١ / ٦١٢ رقم: ٣٢٩٦٣.

(٣). منتخب كنز العمّال. ط هامش مسند أحمد ٥ / ٣٠، ٣٥.

(٤). كنز العمال ١١ / ٦٢٥ رقم: ٣٣٠٤٧.

٢٢٧

١ - النور السّافر: ٣١٤.

٢ - سبحة المرجان: ٤٣.

٣ - شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩.

٤ - نزهة الخواطر ٤ / ٢٣٤.

(٤٨)

رواية العيدروس اليمني

ورواه شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني بقوله:

« أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي »(١). .

ترجمة العيدروس

وترجم له عبد القادر بن شيخ بن عبد الله قال: « وفي ليلة السبت لخمس وعشرين خلت من رمضان سنة تسعين، توفي الشيخ الكبير والعلم الشهير القطب العارف بالله شيخ بن عبد الله العيدروس بأحمدآباد، ودفن بها في صحن داره، وعليه قبّة عظيمة، وكان مولده سنة ٩١٩ بتريم، ولفضلاء الآفاق فيه جملة مستكثرة من المراثي، حتى أني لم أر أحداً رثي بهذا القدر، وكان مدة إقامته بالهند ٣٢ سنة، لأنّه دخلها سنة ٩٥٨.

__________________

(١). العقد النبوي والسرّ المصطفوي - مخطوط.

٢٢٨

وكان شيخاً كاسمه كما قال بعض الصلحاء في وصفه، ولقد صار - بحمد الله - شيخ زمانه باتّفاق عارفي وقته. وروي عن الشيخ الكبير والعلم الشهير أبي بكر ابن سالم باعلوي أنه كان يقول: ما أحد من آل باعلوي أوّلهم وآخرهم أعطي مثله. وروي مثل ذلك عن الولي العلّامة عبد الله بن عبد الرحمن الشهير بالنحوي باعلوي وزاد: والله ما هو إلّا آية اليوم، فهو عديم النظير.

ومن شيوخه: شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي المصري، والفقيه الصالح العلّامة عبد الله بن أحمد باقشير الحضرمي. وله من كلٍّ منهما إجازة، في جماعةٍ آخرين يكثر عددهم. واجتمع بالعلّامة الربيع بزبيد.

وأمّا مقروّاته فكثيرة جداً. ومن تصانيفه: العقد النبوي والسرّ المصطفوي، والفوز والبشرى، وشرحان على القصيدة المسمّاة: تحفة المريد

ومناقبه وكراماته ليس هذا محلّها، وقد أفردها غير واحدٍ من العلماء بالتّصنيف »(١) .

(٤٩)

رواية ميرزا مخدوم صاحب النواقض

ورواه عبّاس الشهير بميرزا مخدوم بن معين الدين في كتابه ( النواقض )

__________________

(١). النور السافر: ٣٢٧. ملخصاً.

٢٢٩

عن الترمذي عن عمران بن حصين، قال: « بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة »(١). .

كتاب النواقض

وكتاب النواقض هذا من أشهر كتب القوم في الردّ على الإماميّة، قد ذكره كاشف الظنون بقوله: « نواقض على الرّوافض للشّريف ميرزا مخدوم بن مير عبد الباقي من ذريّة السيّد الشريف الجرجاني، المتوفى في حدود سنة ٩٥٥ بمكة المشرفة. ذكر فيه تزييف مذهب الروافض وتقبيحه »(٢). .

وقد أخذ منه بعض من تأخّر عنه ونسج على منواله كالبرزنجي في ( نواقض الروافض ) والسهارنفوري في ( مرافض الروافض ) بل الأوّل منهما مختصر من ( النواقض ) كما صرّح البرزنجي في مقدمته، وقد ترجم المرادي للبرزنجي في كتاب ( سلك الدرر ) وقال في نهايتها: « وبالجملة فقد كان من أفراد العالم علماً وعملاً. وكانت وفاته في غرة محرّم سنة ١١٠٣ ودفن بالمدينة »(٣). .

(٥٠)

رواية الوصّابي اليمني

ورواه إبراهيم بن عبد الله الوصّابي اليمني بطرق متعددة عن أساطين

__________________

(١). النواقض. الفرع الثاني من الفصل الأول.

(٢). كشف الظنون

(٣). سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ٣ / ٦٥ - ٦٦.

٢٣٠

المحدثين في باب عنونه بقوله « الباب العاشر فيما جاء من الأخبار بأنّه وليّ كلّ مؤمنٍ بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من كنت مولاه فعليّ مولاه، وأنّه لا يجوز الصّراط إلّا من كان معه براءة بولاية علي، مع فضائل متفرقة خصّه الله تعالى بها، رضي الله تعالى عنه » فقال:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، واستعمل عليها علياً، فمضى على السرية، فأصاب جاريةً من السّبي، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قالوا: إذا لقينا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذ قدموا من بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وسلّموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم.

فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال مثل مقالته، فأعرض عنه. ثم قام الثالث فقال مثل مقالتهما، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ - ثلاثاً - إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، و أخرجه الإِمام أحمد في مسنده وقال فيه: فأقبل رسول الله على الرابع - وقد تغيّر وجهه - فقال: دعوا علياً، علي منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

ورواه عن بريدة بن الحصيب قال:

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - في رواية اُخرى: إنّ خالد بن الوليد قال: اغتنمها يا بريدة فأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما صنع، فقدمت ودخلت المسجد ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في منزلٍ وناس من أصحابه على بابه،

٢٣١

فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خيراً، فتح الله على المسلمين، فقالوا: ما أقدمك؟ فقلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.

قالوا: فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإنّه سيسقط من عينه، ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يسمع الكلام. فخرج مغضباً فقال: ما بال القوم ينتقصون علياً، من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن فارق عليّاً فقد فارقني، إنّ علياً منّي وأنا منه، خلق من طينتي، وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

يا بريدة، أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وإنّه وليّكم بعدي.

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وابن أسبوع الأندلسي في الشفاء ».

قال:

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - قال قال لي رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: يا بريدة، إنّ علياً وليّكم بعدي، فأحبَّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به.

أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ».

قال:

« وعن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إنّ علياً مني وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة ».

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله: دعوا علياً - ثلاثاً - إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الإِمام أحمد في مسنده ».

٢٣٢

قال:

« عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لبريدة: إنّ عليّاً وليّكم بعدي، فأحبّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به أخرجه الحاكم في المستدرك، والضّياء في المختارة ».

قال:

« وعن أبي ذر الغفاري -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - عليّ منّي وأنا من علي، وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، وحبّه إيمان وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة.

أخرجه الديلمي في مسند الفردوس »(١). .

الوصابي وكتابه

وإبراهيم بن عبد الله الوصّابي من علماء أهل السنّة المتعمدين، عدّه العجيلي في ( ذخيرة المآل ) من أجلّة العلماء، ووصفه المولوي حسن زمان في ( القول المستحسن ) لدى النقل عن كتابه بـ « الشّيخ المحدّث »، كما نقل عنه العجيلي في كتابه المذكور، والشيخ محمد محبوب عالم في ( تفسيره ) وكذا ( الدهلوي ) وتلميذه الرشيد وستطّلع على ذلك في مجلّد حديث التشبيه.

وقد ترجم له في ( معجم المؤلفين ١ / ٥٦ ) وذكر كتابه المذكور.

(٥١)

رواية الحافي الحسيني الشّافعي

ورواه أحمد بن محمد بن أحمد الحافي الحسيني الشافعي ضمن

__________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب. الباب الرابع - مخطوط.

٢٣٣

فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: « روى الإِمام أحمد في المسند عن بريدة، وفي كتاب فضائل علي، ورواه أكثر المحدثين: إن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - بعث خالد بن وليد في سرية وبعث عليّاً في سرية اُخرى، وكلاهما إلى اليمن وقال: إنْ اجتمعتما فعلي على الناس، وإنْ افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على جنده. فاجتمعا وأغارا وسبيا نساء وأخذا أموالاً وقتلا ناساً، وأخذ علي جاريةً فاختصّها لنفسه. فقال خالد لأربعة من المسلمين - منهم بريدة الأسلمي - إسبقوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاذكروا له كذا، واذكروا له كذا - الاُمور عدّدها على علي - فسبقوا إليه.

فجاء واحد من جانبه فقال: إن علياً فعل كذا. فأعرض عنه. فجاء الآخر من الجانب الآخر فقال: إنّ علياً فعل كذا، فأعرض عنه. فجاء بريدة الأسلمي فقال: يا رسول الله: إنّ علياً فعل كذا، وأخذ جاريةً لنفسه. فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى احمرّ وجهه فقال: دعوا لي علياً - يكرّرها - إنّ علياً منّي وأما من علي، وإنَّ حظّه من الخمس أكثر ممّا أخذ، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١) .

ترجمة الحافي

وهذا الكتاب ذكره له صاحب ( إيضاح المكنون ) ولم يؤرّخ وفاته.

ثم أنه وصفه بـ « الشيعي » ولعلّه لِما رأى في كتابه من فضائل مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإلّا فإنّه ليس من الشّيعة الإِماميّة الأثني عشريّة لأنّهم لا يرون فضيلةً لأولئك الذين ذكرهم الحافي في هذا الكتاب.

__________________

(١). التبر المذاب في ترتيب الأصحاب. ترجمة أمير المؤمنين.

٢٣٤

(٥٢)

رواية الجمال المحدّث الشّيرازي

ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، قال:

« الحديث الثالث عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية وأمّر عليهم علياً، فصنع علي شيئاً أنكروه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله لنخبرنّه به، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. قال: فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله، فقام أحد من الأربعة فقال:

يا رسول الله ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب من وجهه فقال: ما تريدون من علي؟! علي منّي وأنا منه وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

وقال بعد ذكر حديث الغدير برواية الإِمام الصادقعليه‌السلام المشتملة على شعر حسان: « ورواه أبو سعيد الخدري، وفيه الاستشهاد بالشعر المذكور، وفيه من التاريخ وزيادة البيان ما لم يرو عن غيره. فقال: لـمّا نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم بغدير خم - يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة - دعا الناس إلى علي، فأخذ بضبعيه فرفعهما، حتى نظر الناس إلى بياض إبط رسول الله فقال:

الله أكبر الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضي الربّ برسالتي، والولاية لعلي من بعدي، من كنت مولاه فعليّ مولاه »(١). .

__________________

(١). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - الحديث الثالث.

٢٣٥

ترجمة جمال الدين الشيرازي

فهذا جمال الدين شيخ إجازة ( الدهلوي )، يروي هذا الحديث في كتاب ( الأربعين ) الذي نصَّ في خطبته على جمعها من الكتب المعتبرة. وقد ذكرنا مناقبه ومآثره في مجلّد ( حديث الغدير )، ومجلّد ( حديث التّشبيه ).

(٥٣)

رواية علي بن سلطان القاري

ورواه علي بن سلطان محمد الهروي القاري في فضائل الإِمام من شرح المشكاة حيث قال:

« في الرياض، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سريةً واستعمل عليها عليّاً. قال: فمضى على السريةً فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أخبرناه بما صنع علي. فقال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدؤا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه -

٢٣٦

فقال: ما تريدون من علي؟ ثلاثاً. إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب.

وأخرجه أحمد وقال فيه: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع - وقد تغيّر وجهه - فقال: دعوا علياً، علي منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وله طريق آخر عن بريدة.

وأصله في صحيح البخاري »(١). .

دفاع القاري عن عمر بن سعد

هذا، والقاري من المتعصّبين المتحاملين على أهل البيت الطاهرين، حتّى جعل يدافع عن عمر بن سعد اللعين فقال: « قال ابن معين في عمر بن سعد: كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟ إنتهى. أقول: رحم الله من أنصف، والعجب ممن يخرّج حديثه في كتبهم مع علمهم بحاله. تم كلام ميرك.

وفيه: إنّه قد يقال: إنه لم يباشر لقتله، ولعل حضوره مع العسكر كان بالرأي والإِجتهاد، وربما حسن حاله وطاب مآله، ومن الذي سلم من صدور معصية عنه وظهور زلّة منه، فلو فتح الباب أشكل الأمر على ذوي الألباب »(٢). .

هذا، ولا يخفى الاضطراب في كلامه، فهو في حين تجويزه حضوره مع العسكر بالرأي والإِجتهاد يقول: « وربما حسن حاله وطاب مآله ».

__________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٨١.

(٢). المرقاة. كتاب الجنائز، الفصل الثاني من باب البكاء على الميت ٢ / ٣٩١.

٢٣٧

ترجمة القاري

ومع هذا التعصّب القبيح الذي رأيت، وكذا ما صدر منه في حقّ والدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما سترى، فقد وصفه القوم في تراجمهم إيّاه بأعلى صفات المدح وأثنوا عليه غاية الثناء، فقد قال المحبّي بترجمته:

« علي بن محمد سلطان الهروي المعروف بالقاري، الحنفي، نزيل مكة، وأحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق وتنقيح العبارات. وشهرته كافية عن الإِطراء في وصفه.

ولد بهراة ورحل إلى مكة وتدبّرها، وأخذ بها عن الاُستاذ أبي الحسن البكري، والسيد زكريا الحسيني، والشهاب أحمد بن حجر الهيتمي، والشيخ أحمد المصري تلميذ القاضي زكريا، والشيخ عبد الله السّندي، والعلّامة قطب الدين المكي، وغيرهم.

واشتهر ذكره وطار صيته.

وألّف التآليف الكبيرة اللطيفة التأدية، المحتوية على الفوائد الجليلة، منها شرحه على المشكاة في مجلّدات وهو أكبرها وأجلّها، وشرح الشفاء، وشرح الشمائل، وشرح النخبة، وشرح الشاطبية، وشرح الجزرية، ولخّص من القاموس مواد وسمّاه الناموس، وله الأثمار الجنية في أسماء الحنفية، وشرح ثلاثيّات البخاري، ونزهة الخاطر الفاتر في ترجمة الشيخ عبد القادر.

لكنّه امتحن بالإِعتراض على الأئمة، لا سيّما الشافعي وأصحابه، واعترض على الإِمام مالك في إرسال اليد في الصلاة، وألّف في ذلك رسالةً فانتدب لجوابه الشيخ محمّد مكين وألف رسالة جواباً له في جميع ما قاله، وردّ عليه اعتراضاته.

وأعجب من ذلك ما نقله عنه السيّد محمد بن عبد الرسول البرزنجي

٢٣٨

الحسيني في كتابه سداد الدين في إثبات النجاة في الدرجات للوالدين: أنّه شرح الفقه الأكبر المنسوب إلى الإِمام أبي حنيفة، وتعدّى فيه طوره في الإِساءة في حق الوالدين، ثم إنّه ما كفاه ذلك حتى ألّف فيه رسالةً، وقال في شرحه للشفاء - متبجّحاً ومفتخراً بذلك - إني ألّفت في كفرهما رسالة. فليته إذ لم يراع حقّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حيث آذاه بذلك، كان استحيا من ذكر ذلك في شرح الشفاء الموضوع لبيان شرف المصطفى - صلّى الله عليه وسلّم -. وقد عاب الناس على صاحب الشّفا ذكره فيه عدم مفروضيّة الصلاة عليه - صلّى الله عليه وسلّم - في الصّلاة، وادّعاء تفرّد الشافعي بذلك، بأنّ هذه المسألة ليست من موضوع كتابه.

وقد قيّض الله تعالى الإِمام عبد القادر الطبري للردّ على القاري، فألّف رسالةً أغلظ فيها في الردّ عليه.

وبالجملة، فقد صدر منه أمثال ذلك، وكان غنيّاً عنه أنْ تصدر منه، ولولاها لاشتهرت مؤلفاته، بحيث ملأت الدنيا، لكثرة فائدتها وحسن انسجامها.

وكانت وفاته بمكة في شوال سنة ١٠١٤ ودفن بالمعلّاة. ولمـّا بلغ خبر وفاته علماء مصر صلّوا عليه بجامع الأزهر صلاة الغيبة، في مجمعٍ حافل يجمع أربعة آلاف نسمة فأكثر »(١). .

(٥٤)

رواية المنّاوي

ورواه عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي المنّاوي الشافعي عن الديلمي في الفردوس قائلاً:

__________________

(١). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ١٨٥.

٢٣٩

« يا بريدة، إن عليّاً وليّكم من بعدي. فر »(١). .

ورواه مرةً اُخرى عن الطّيالسي فقال:

« يا علي، أنت وليّ كلّ مؤمنٍ من بعدي. طيا »(٢). .

ترجمة المناوي

وقد قال المحبّي بترجمة المناوي ما ملخّصه:

« عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زيد العابدين الملقب زين الدين الحدادي ثم المناوي القاهري الشافعي - وقد تقدم ذكر تتمة نسبه في ترجمة ابنه زين العابدين - الإمام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب.

وكان إماماً، فاضلاً، زاهداً، عابداً، قانتاً لله، خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرّباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلةٍ واحدة من الطعام، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحدٍ ممّن عاصره.

وانقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزلٍ، وأقبل على التأليف، فصنّف في غالب العلوم، ثم وليّ تدريس المدرسة الصّالحية، فحسده أهل عصره، وكانوا لا يعرفون مزيّة علمه لانزوائه عنهم، ولمـّا حضر الدرس فيها ردّ عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، وشرع في قراءة مختصر المزني، ونصب الجدل في المذاهبٍ، وأتى في تقريره بما لم يسمع من غيره، فأذعنوا لفضله، وصار أجلّاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه منهم خلق كثير.

__________________

(١). كنوز الحقائق من أخبار خير الخلائق - هامش الجامع الصغير:

(٢). نفس المصدر:

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324