نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226932 / تحميل: 8476
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

حميد ، وهو بعيد عن مرتبة الحسين بن سعيد.

والثاني : فيه عبد الله بن بحر ، وهو ضعيف مرتفع القول ، على ما قاله العلاّمة(١) ، ونقله ابن داود عن كتاب الشيخ فيمن لم يرو عن الأئمةعليهم‌السلام (٢) .

وفيه أيضاً : كردويه المسمعي وقد تقدم القول فيه في أول الكتاب(٣) .

والثالث : فيه غير من تقدم ذكره مراراً عامر بن جذاعة ، وفي الفهرست ذكره الشيخ مهملا(٤) ، والكشي ذكر في حجر بن زائدة رواية أن عامر بن جذاعة من حواريّ محمد بن علي وجعفر بن محمد(٥) ، ونقل رواية أُخرى تتضمن القدح(٦) .

والعلاّمة في الخلاصة نقل روايتي الكشي في عامر بن عبد الله بن جذاعة ، وكأنّه ظن الاتحاد مع عامر بن جذاعة ، وهو غير بعيد(٧) ، لأن النجاشي ذكر عامر بن عبد الله بن جذاعة(٨) فقط ، والشيخ ذكر الاثنين ، فالأول : في الفهرست(٩) ، والثاني : في كتاب الرجال من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١٠) ، والاعتماد على الشيخ واضح الإشكال ، فما ذكره ابن داود‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٣٨ / ٣٤.

(٢) رجال ابن داود : ٢٥٣ / ٢٦٤.

(٣) راجع ج ١ ص ٢٦٧ ، ٢٩٧.

(٤) الفهرست : ١٢٢ / ٥٤٥.

(٥) رجال الكشي ١ : ٤٥ ، ذكرها في سلمان الفارسي ، لا في حجر بن زائدة والموجود فيها : عامر بن عبد الله بن جداعة.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٧٠٨ / ٧٦٤.

(٧) خلاصة العلاّمة : ١٢٤ / ١.

(٨) رجال النجاشي : ٢٩٣ / ٧٩٤.

(٩) الفهرست : ١٢٢ / ٥٤٥.

(١٠) رجال الطوسي : ٢٥٥ / ٥١٦.

٢٢١

من التعدد(١) غير واضح.

ثم : إنّ رواية الكشي المتضمنة لأنّ عامر بن جذاعة من الحواريين اعتمد عليها العلاّمة ، فقال في الخلاصة بعد ذكر الرواية : وروى يعني الكشي حديثاً مرسلاً ينافي ذلك ، والتعديل أرجح(٢) .

واعترض عليه جدّيقدس‌سره في فوائده على الخلاصة : بأنّ في حديث المدح علي بن سليمان ، وأسباط بن سالم ، وهما مجهولا العدالة ، وحديث الجرح [ المتضمن(٣) ] دعاء الصادقعليه‌السلام عليه بعدم المغفرة مرسلة الحسين بن سعيد ، وهو لا يقصر عن مقامة التعديل ، إن لم يرجح عليه ، وبالجملة فحال الرجل مجهول ، لعدم صحة الخبرين(٤) . انتهى كلامهقدس‌سره .

والأمر كما قاله في جهالة العدالة ، أمّا قوله : إنّ رواية الحسين بن سعيد لا تقصر عن مقاومة التعديل. فلا وجه له ، كما لا يخفى على المتأمّل.

ثم إنّ راوي حديث الذمّ علي بن محمد الراوي عنه الكشي(٥) ، وهو مشترك(٦) ، وكأنّ جديقدس‌سره اعتمد على كونه الثقة ، وهو أعلم بالحال.

المتن :

في الأول : ظاهر الدلالة على أنّ الحنّاء إذا أخذ مأخذه لا كراهة في‌

__________________

(١) رجال ابن داود : ١١٣ / ٨٠٤ ، ٢٥١ / ٢٤٧.

(٢) خلاصة العلاّمة : ١٢٤ / ١.

(٣) في النسخ : تضمّن ، غيّرناها لاستقامة العبارة.

(٤) حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ٢١ ( مخطوط ).

(٥) رجال الكشي ٢ : ٧٠٨ / ٧٦٤.

(٦) هداية المحدثين : ٢١٨.

٢٢٢

المجامعة حينئذ ، إذا كان النهي للكراهة بدون ذلك ، إذ القائل بالتحريم غير منقول فيما وقفت عليه ، بل الشيخ قائل هنا بالكراهة ، على تقدير أن يكون ما يذكره هنا قولا ، وقد نقل عنه أنّه قال بالكراهة أيضا في غير الكتاب(١) ، وكذلك المفيد(٢) ، والمرتضى(٣) .

وأمّا ابن بابويه : فإنّه قال : لا بأس أن يختضب الجنب ويجنب وهو مختضب(٤) . ولا يبعد أن يكون مراده ما تضمن الخبر ، غير أنّ الخبر كما ترى خاص بالحنّاء في التعليل ، فلا يبعد أن يكون صدره مراداً به الحنّاء ، إلاّ أنّ المصرح به في كلام بعض المتأخّرين أنّ الخضاب ما يتلوّن به من حنّاءٍ وغيره(٥) ، وسيأتي كلام بعض أهل اللغة ، وعلى تقدير الشمول في الخضاب يحتمل أن يخص زوال الكراهة في الحنّاء بما ذكر في الخبر ، ويبقى غير الحنّاء على الإطلاق.

والخبر الثاني : يحتمل أن يخص كما خص الأول ، أو يخص بغير الحنّاء ويبقى النهي فيه على إطلاقه ، وكذلك الثالث.

ولا يخفى أنّ الأوّل فيه اختصاص أيضاً بالجنب ، ومن هنا يعلم ما في إطلاق الشيخ الكراهة من التأمّل ، وسيأتي الكلام فيه أيضاً.

وقد تقدم النقل عن المفيد أنّه علّل الكراهة بمنع وصول الماء إلى ظاهر الجوارح التي عليها الخضاب(٦) ، وكذلك تقدم قول المعتبر : من أن المفيد كأنّه ناظر إلى أنّ اللون عرض لا ينتقل ، فيلزم حصول أجزاء من‌

__________________

(١) نقله عنهم في المنتهى ١ : ٨٩ ، وهو في المبسوط ١ : ٢٩ ، والمقنعة : ٥٨.

(٢) نقله عنهم في المنتهى ١ : ٨٩ ، وهو في المبسوط ١ : ٢٩ ، والمقنعة : ٥٨.

(٣) نقله عنهم في المنتهى ١ : ٨٩ ، وهو في المبسوط ١ : ٢٩ ، والمقنعة : ٥٨.

(٤) الفقيه ١ : ٤٨.

(٥) جامع المقاصد ١ : ٢٦٨ ، مدارك الأحكام ١ : ٢٨٨.

(٦) المقنعة : ٥٨.

٢٢٣

الخضاب في محل اللون ليكون وجود اللون بوجودها ، لكنها حقيقة لا تمنع الماء منعا تامّاً فكرهت لذلك(١) .

اللغة :

قال في القاموس : خَضَبَه يَخْضِبُه : لَوّنَه : كخضّبه ، وَكف وامرأةٌ خضيب ، وبَنانٌ مخضوبٌ وخضيب ومخضّب(٢) ، ويستفاد منه أن الخضاب يتناول الشعر وغيره ، والحنّاء وغيرها ، إلاّ أن يقال : إن الخضاب مع الإطلاق لا يتناول غير الشعر ، وفيه ما فيه ، فليتأمّل.

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبي المغراء ، عن سماعة(٣) قال : سألت العبد الصالحعليه‌السلام عن الجنب والحائض أيختضبان؟ قال : « لا بأس ».

عنه ، عن فضالة ، عن أبي المغراء(٤) ، عن العبد الصالحعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يختضب وهو جنب؟ قال : « لا بأس » وعن المرأة تختضب وهي حائض؟ قال : « ليس به بأس ».

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « لا بأس بأن يختضب الرجل ويجنب وهو مختضب ، ولا بأس بأن يتنوّر الجنب ويحتجم ويذبح ، ولا يدهن‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ١٩٢.

(٢) القاموس المحيط ١ : ٦٤ ( خضب ).

(٣) في الاستبصار ١ : ١١٦ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ : عن علي ، زيادة من « ج ».

(٤) في الاستبصار ١ : ١١٦ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ : عن علي ، زيادة من « ج ».

٢٢٤

ولا يذوق شيئاً حتى يغسل يده ويتمضمض ، فإنّ يخاف منه الوَضَح ».

فالوجه في الجمع بين هذه الأخبار : أن نحمل الأوّلة على ضرب من الكراهية دون الحظر ، لئلاّ يتناقض الأخبار ، والذي يدل على ذلك :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد ابن الحسن بن علاّن ، عن جعفر ( بن محمد )(١) بن يونس ، أن أباه كتب إلى أبي الحسنعليه‌السلام يسأله(٢) عن الجنب ، يختضب أو يجنب وهو مختضب ، فكتب : « لا أحب له ».

فجاء هذا الخبر صريحاً بالكراهية دون الحظر.

الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن بحر ، عن حريز ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، الجنب يدهن ثم يغتسل قال : « لا ».

فالوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهية ، حسب ما ذكرناه في رواية السكوني.

السند‌

في الأول : موثّق على ما قدّمناه ، وأبو المغراء اسمه حميد ابن المثنى.

وفي الثاني : صحيح كذلك.

والثالث : معلوم الحال.

والرابع : فيه محمد بن الحسن بن علاّن ، ولم أره في الرجال ، وأمّا‌

__________________

(١) ليس في « رض » والاستبصار ١ : ١١٧ / ٣٩٢.

(٢) في الاستبصار ١ : ١١٧ / ٣٩٢ لا يوجد : يسأله.

٢٢٥

جعفر بن محمد بن يونس فالشيخ وثّقه في رجال الجوادعليه‌السلام (١) ، وفي رجال الهاديعليه‌السلام ذكره مهملاً(٢) .

وما في الخلاصة : من أنّه من رجال الرضاعليه‌السلام (٣) . لم أقف عليه في كتاب الشيخ ، والرواية عن أبي الحسن لا تدل عليه ، لأنّ الأب هو الكاتب ، نعم الظاهر أنّ جهالة الأب لا تضر بالحال.

والخامس : فيه عبد الله بن بحر ، وقد تقدم ضعفه.

المتن :

ما قاله الشيخ في الأوّل والثاني من حمل الأخبار الأولة على الكراهة قد يتوجه عليه أنّ الخبر الذي في صدر الباب مفصّل فليحمل المجمل عليه ، كما أشرنا إليه سابقا ، والجواب أنّ الإجمال في الخبر المذكور بالنسبة إلى أنّه لا بد من زيادة تقييد يوجب نوع إشكال ، والكراهة المذكورة في كلام الشيخ وإن كانت لا تخلو من تأمّل أيضاً ، فإن ظاهرها ثبوت الكراهة وإن أخذت الحنّاء مأخذها ( وإشكالها واضح ، وحملها على اختلاف المراتب شدةً وضعفاً ممكن ، لولا أنّ ظاهر الخبر انتفاء الكراهة إذا أخذت الحنّاء مأخذها )(٤) ولعلّ الشيخ ملتفت إلى هذا في الكراهة إلاّ أنّ عدم تعرضه لما قلناه لا وجه له.

ثم إنّ خبر السكوني يحتمل التعليل بخوف الوَضَح أن يعود بجميع‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٩٩ / ١.

(٢) رجال الطوسي : ٤١٢ / ٦.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٣١ / ٣.

(٤) ما بين القوسين ليس في « د ».

٢٢٦

ما ذكر في الخبر ، ويحتمل الاختصاص ، بقوله : « ولا يذوق شيئاً » ويحتمل العود إلى قوله : « ولا يدّهن » أيضاً.

وما قاله الشيخ في خبر حريز : من الحمل على الكراهة لمعارضة خبر السكوني. فيه أنّ النهي عن الادّهان في الخبرين ، والمعارض حينئذ(١) منتف ، ولعلّ مراده أنّ بعض المذكور في الخبر إذا كان مكروها كان جميعه(٢) كذلك ، وفيه ما فيه ، إلاّ أنّ الأمر سهل.

إذا عرفت هذا : فاعلم أنّ شيخناقدس‌سره قال : إنّ ابن بابويه روى في الفقيه في الحسن ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنّه قال : « لا بأس بأن يختضب الرجل وهو جنب » قال : وهذه الرواية أجود ما وصل إلينا في هذه المسألة(٣) . انتهى.

والذي رأيته في الفقيه أنّه قال : قال الحلبي : وحدثني من سمعه يقول : « إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله » ثم ذكر أحكاماً كثيرة ، مثل من أجنب في يوم وليلة مراراً أجزأه غسل واحد ، وأنّه لا بأس أن يقرأ الرجل القرآن ، وغير ذلك ، وقال في الآخر : ولا بأس أن يختضب الجنب إلى آخره(٤) . والذي يظهر أنّه ليس من الرواية ويؤيّده :

أن الشيخ روى خبر الحلبي في الارتماس فقط ، وقول شيخناقدس‌سره إنّ الرواية أجود ما وصل إليه. فيه ، أن الرواية حسنة ، ورواية أبي المغراء عن العبد الصالحعليه‌السلام هنا صحيحة ، فالاعتماد عليها أولى.

__________________

(١) ليست في « رض ».

(٢) في « فض » : جمعه.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٢٨٩.

(٤) الفقيه ١ : ٤٨ / ١٩١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٣ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١٥.

٢٢٧

اللغة :

قال في القاموس : الوَضَح محرّكة : البرص(١) . وفي النهاية كذلك في جملة معاني الوَضَح(٢) .

قال :

باب الجنب هل عليه مضمضة واستنشاق أم لا؟

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا يجنب الأنف والفم ، لأنّهما سائلان ».

عنه ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ليس عليك مضمضة ولا استنشاق ، لأنّهما من الجوف ».

عنه ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابه ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الجنب يتمضمض ويستنشق؟ قال : « لا ، إنّما يجنب الظاهر ».

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن راشد ، قال : قال الفقيه العسكريعليه‌السلام : « ليس في الغسل ولا في الوضوء مضمضة ولا استنشاق ».

__________________

(١) القاموس المحيط ١ : ٢٦٤ ( الوضح ).

(٢) النهاية لابن الأثير ٥ : ١٩٥ ( وضح ).

٢٢٨

السند :

في الأول : فيه موسى بن سعدان ، وهو ضعيف في الحديث ، كما في النجاشي(١) .

والثاني : فيه أبو بكر الحضرمي ، وقد تقدم القول فيه(٢) .

والثالث : فيه مع الإرسال أبو يحيى الواسطي وليس بثقة ، ولا يبعد أن يكون هو سهيل بن زياد ، إلاّ أنّ الشيخ في الفهرست ذكر في الكنى أبا يحيى الواسطي ولم يذكر الاسم(٣) ، غير أنّ الراوي عنه في الاسم والكنية أحمد بن أبي عبد الله ، فالاتحاد قريب ، وإن كان في كتاب الرجال ذكر أبا يحيى الواسطي فيمن لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام والراوي عنه محمد بن أحمد ابن يحيى(٤) ، إذ لا مانع من ذلك ، بل في كتاب الرجال اتفق أنّه ذكر سهيل ابن زياد روى عنه البرقي(٥) ، وفي الكنى قال : إنّ الراوي عن أبي يحيى ، محمد بن أحمد بن يحيى(٦) ، وأمثال هذا من الشيخ كثير.

والرابع : فيه الحسن بن راشد وقد ضعف في الرجال(٧) ، ومحمد بن عيسى قد قدمنا فيه قولا(٨) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٠٤ / ١٠٧٢.

(٢) في ص ٨٤ ٨٦.

(٣) الفهرست : ١٨٦ / ٨٢٤.

(٤) رجال الطوسي : ٥٢١ / ٣٠.

(٥) رجال الطوسي : ٤٧٦ / ١٠.

(٦) رجال الطوسي : ٥٢١ / ٣٠.

(٧) رجال النجاشي : ٣٨ / ٧٦ ، وخلاصة العلاّمة : ٢١٣ / ٩.

(٨) راجع ج ١ ص ٧٥ ٨٢.

٢٢٩

ثم إنّ ضمير عنه في الحديث الثاني لا يخلو من اشتباه.

وفي فوائد شيخناقدس‌سره على الكتاب ما هذا لفظه : ولعلّه راجع إلى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، فإنّ من قبله لا يروي عن علي بن الحكم ، وقد روى الشيخ في التهذيب هذه الرواية عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم. انتهى.

وشيخنا المحقّق ميرزا محمد أيّده الله قال في فوائده على الكتاب أيضاً : قد روى الشيخ هذه الرواية عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، والظاهر أنّه أحمد بن محمد بن عيسى ، فكأنّه هنا [ لمّا وقع ](١) نظره إلى أحمد بن محمد توهم ( هذا فقال : عنه )(٢) . انتهى.

ولكل من الكلامين وجه ، إلاّ أنّه ربما يرجّح كلام شيخناقدس‌سره ضمير عنه في الخبر الثالث ، فإن الراوي عن أبي يحيى : أحمد بن أبي عبد الله ، وهو في مرتبة محمد بن الحسين ، وإن أمكن أقربية المرتبة كما يعلم من الرجال.

المتن :

في الخبرين الأولين : ربما كان ظاهره نفي وجوب المضمضة والاستنشاق ، من حيث قولهعليه‌السلام في الأول : « لا يجنب الأنف والفم » وفيالثاني : « لأنهما من الجوف » والخبر الثالث وإن دل بظاهره على نفي الوجوب والاستحباب ، إلاّ أن الحمل على نفي الوجوب لا بد منه ، لضرورة‌

__________________

(١) في « فض » : لم وقع ، وفي « رض » : لم رفع ، وفي « د » : ثمّ وقع ، والظاهر ما أثبتناه.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٣٠

الجمع ، وإن كان الخبر الآتي(١) في المعارضة لا يصلح لذلك كما ترى ، إلاّ أنّ بعض صحيح الأخبار تدل على مقتضاه ، كما سنذكره إن شاء الله.

وما قد يقال : من أنّ ذكر الوضوء في الخبر يؤيّد أنّ المراد نفي(٢) الوجوب لما تقدم من استحبابه فيه بمقتضى الأخبار ، ففيه نظر ، يعلم من مراجعة ما تقدم ، إلاّ أنّ بعض الأصحاب نقل الإجماع على استحباب المضمضة والاستنشاق في الوضوء(٣) ، على ما وجدته الآن ، وربما يستفاد من بعض الأخبار الصحيحة في الصوم استحباب المضمضة في الوضوء(٤) ، وحينئذ يتم التوجيه.

ونقل شيخناقدس‌سره أيضاً الإجماع على استحباب المضمضة والاستنشاق في الغسل(٥) ، وحينئذ ربما يسهل الخطب ، ورأيت في كتب بعض أهل الخلاف نقل الوجوب عن أبي حنيفة في المضمضة والاستنشاق في الغسل(٦) ، وعليه فدلالة الأخبار على نفي الوجوب بالنسبة إلى أبي حنيفة قريب الاحتمال ، كما لا يخفى.

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن شعيب ، عن‌

__________________

(١) في « رض » : التالي.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) منهم الشيخ في الخلاف ١ : ٧٥ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٥٠.

(٤) الوسائل ١٠ : ٧٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٣.

(٥) مدارك الأحكام ١ : ٣٠٢.

(٦) عمدة القارئ ٣ : ١٩٤.

٢٣١

أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن غسل الجنابة ، قال : « تصبّ على يديك الماء ، فتغسل كفّيك ، ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ، ثم تمضمض وتستنشق وتصبّ الماء على رأسك ثلاث مرّات ، وتغسل وجهك وتفيض على جسدك الماء ».

فالوجه فيه : أن نحمله على ( ضرب من )(١) الاستحباب دون الوجوب ، لئلاّ تتناقض الأخبار.

السند‌

فيه أبو بصير ، والظاهر أنّه يحيى بن القاسم ، بقرينة رواية شعيب عنه ، وفي فوائد شيخنا أيّده الله على الكتاب : أبو بصير هذا هو يحيى ابن القاسم ، وفيه ضعف ، وقد روى هذا المعنى زرارة في الصحيح ولا بأس بالاستحباب. انتهى.

وما ذكره أيّده الله من ضعف يحيى بن القاسم ، فقد قدمنا فيه القول(٢) ، ورواية زرارة سنذكرها إن شاء الله.

المتن :

ظاهره أنّ السؤال عن واجب الغسل ومقدّماته ، بقرينة ذكر غَسل الكفّين(٣) ، ويحتمل أن يكون الإمامعليه‌السلام زاد في بيان الغُسل المقدمات ، والسؤال ليس إلاّ عن الكيفية ، وعلى التقديرين قد اشتمل الحديث على‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في الاستبصار ١ : ١١٨ / ٣٩٨.

(٢) راجع ج ١ ص ٧٢ ، ٨٣ ، ١٢٥.

(٣) في « فض » زيادة : وغَسل الفرج.

٢٣٢

ما هو مستحب قطعاً وهو غَسل الكفين ، وواجب قطعا وهو غَسل الرأس ، وما هو محتمل للوجوب والاستحباب وهو غَسل الفرج ، فإنّه إن كان عليه شي‌ء من النجاسة وجب غسله في الجملة ، وإن لم يكن احتمل استحباب الغَسل ، لظاهر إطلاق الخبر.

وأمّا المضمضة والاستنشاق : فقد سمعت من دعوى الإجماع ( على الاستحباب )(١) فيهما ، ويؤيّده عدم ظهور الحديث في الوجوب ، حيث اشتمل على الواجب والمستحب ، وإن أمكن أن يقال بوجوب غير ما ثبت استحبابه ، وفيه كلام ، ولو لا أنّ الخبر ليس له صلاحية الاستدلال لأمكن أن يذكر فيه أحكام.

وأمّا خبر زرارة المتقدمة إليه الإشارة : فقد رواه الشيخ في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن غسل الجنابة ، قال : « تبدأ فتغسل كفّيك ، ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ، ثم تمضمض واستنشق ، ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك ، ليس قبله ولا بعده وضوء ، وكل شي‌ء أمسسته الماء فقد أنقيته ، ولو ( أنّ رجلاً )(٢) جنباً ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده »(٣) .

وهذه الرواية كما ترى يجري فيها ما ذكرناه في خبر أبي بصير.

( فإن قلت : خبر أبي بصير )(٤) إنّما يدل على المضمضة والاستنشاق في الغُسل المرتب ، ومدعى الشيخ(٥) على ظاهر العموم للمرتب وغيره.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) التهذيب ١ : ١٤٨ / ٤٢٢ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٤ ح ٥.

(٤) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

(٥) ليست في « رض ».

٢٣٣

قلت : الأمر كما ذكرت ، إلاّ أن الذي رأيته دعوى الإجماع على الاستحباب في الغسل مطلقا ، فإن تم الإجماع ، وإلاّ أمكن ما ذكرت ، ولم أر الآن من نبّه على ذلك.

وفي نظري القاصر : أنّ صحيح(١) زرارة لا يخلو من دلالة على الاختصاص بالمرتّب ، إلاّ أن يقال : إنّ قوله : « ولو أن رجلاً جنباً » إلى آخره ، ليس منفكاً عما تقدّم في صدره من المضمضة والاستنشاق ، بل قد يدعى ظهور أنّ المراد : مَن فَعَل ما ذكر أوّلاً في الخبر وارتمس أجزأه ، إلاّ أنّ مجال الاحتمال واسع ، ولو تحقق الظهور لا يضر بحال الاستدلال ، غير أنّ في البين توقفا ، فالعمدة على(٢) الإجماع.

فإن قلت : قوله في الحديث : « وإن لم يدلك جسده » يدل على أنّ الارتماس اتي به لبيان هذا ، وفيه إشارة إلى أنّ دلك الجسد في المرتب يفعل ، وحينئذ لا تعلق له بما تقدم من المستحبات.

قلت : بل الظاهر بما ذكرت استحباب السابق ، إذ لم يستثن سوى دلك الجسد.

وينبغي أن يعلم أنّ بعض محققي المعاصرين سلّمه الله تعالى نقل عن العلاّمة إطلاق غَسل اليدين بحيث يشتمل الغَسل المرتب وغيره ، ثم قال : وهو محتمل(٣) . وأنت خبير بأنّ الأخبار لا تعطي ذلك ، إلاّ بمعونة ما قررناه في خبر زرارة ، وإلاّ فمجرد الاحتمال لا وجه له بدون البيان.

ثم إنّ ظاهر خبر زرارة غَسل الكفّين ، وفي صحيح يعقوب بن‌

__________________

(١) في « رض » : خبر.

(٢) في « رض » : في.

(٣) الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٣٩.

٢٣٤

يقطين(١) على ما نقله شيخناقدس‌سره ما يدل على الغَسل من المرفقين(٢) .

والشيخ روى في التهذيب عن الشيخ المفيد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن محمد ، قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام ، عن غسل الجنابة فقال : « تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك » إلى آخره(٣) .

والظاهر أنّ المراد غَسل اليدين معاً بمعونة ذكر المرفقين ، إلاّ على احتمال ما.

وربما يقال : يحمل مطلق خبر زرارة وغيره ممّا يدل على الكفّين على مقيد غيره.

وفيه أنّ خبر زرارة ونحوه لا إطلاق فيهما ، بل الظاهر منهما نفس الكفّين.

ويمكن القول بالتخيير في المستحب بين الكفّين والمرفقين ، والثاني أفضل ، إلاّ أنّ المشهور استحباب الغَسل من الزندين فقط(٤) .

ولا يبعد الاختصاص بالماء القليل ، كما يستفاد من الأخبار.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ قولهعليه‌السلام : « كل شي‌ء أمسسته الماء فقد أنقيته » ربما كان المراد به إمرار اليد مع الماء ، بمعونة قوله في الارتماس : « وإن لم يدلك جسده ».

ويحتمل أن يراد به مجرد إيصال الماء من دون كثرة ، لكن لا بد من‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٤٢ / ٤٠٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٦ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ١.

(٢) مدارك الأحكام ١ : ٢٩٤.

(٣) التهذيب ١ : ١٣١ / ٣٦٣ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٦.

(٤) كما في مدارك الأحكام ١ : ٣٠٢.

٢٣٥

صدق الغسل عرفاً على ما قاله بعض(١) .

وصرّح جماعة بأنّه إنّما يتحقق بجريان الماء على البشرة ولو بمعاون(٢) ، وفي الأخبار ما يدل على الجريان.

وما تضمنه خبر زرارة ربما يرجح إرادة إمرار اليد بدلالة(٣) معتبر الأخبار كما سيأتي في الترتيب على الجريان ، إلاّ أن يقال : إنّ الجريان ولو بمعاون ، كما صرّح به الجماعة ، لا ينافيه ما في خبر زرارة ، وحينئذ لا بعد في أن يقال : إنّ الأخبار متوافقة على اعتبار الجريان المذكور.

إلاّ أنّه يمكن أنّ يدفع ، بأن ما يأتي من الأخبار الدالة على كيفية الغسل يدلّ على أنّه يصبّ على سائر الجسد مرّتين ، وهذا الحديث سنبينه على احتمال أن يراد بالمرّتين على اليمين واليسار ، كما هو المشهور في الترتيب ، ويحتمل أن يحمل على الصبّ مرّتين لجميع البدن ، وعلى التقديرين فالجريان ولو بمعاون بعيد الحصول.

ولا يخفى أنّ مثل هذا في الوضوء أيضاً يأتي ، إلاّ أن يتكلف إرادة الغسل في الأغلب ، وفيه ما فيه ، ( ولعلّ ما قدمناه من العرف يسهل الخطب ، فتأمّل )(٤) وقد نقل عن ابن الجنيد القول بإجزاء الدهن في الغسل(٥) .

وما تضمنه خبر زرارة(٦) من عدم الترتيب مطلقاً ، المخالف لما عليه الأخبار من تقديم الرأس ، وما عليه المتأخّرون من الترتيب بين الأعضاء‌

__________________

(١) انظر المدارك ١ : ٢٥٩ ، وجامع المقاصد ١ : ٢٦٢.

(٢) منهم الشهيد في المسالك ١ : ٤١ ، وصاحب المدارك ١ : ٢٩١.

(٣) في « رض » زيادة : بقية.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٥) حكاه عنه في الذكرى ٢ : ٢٤٣.

(٦) المتقدم في ص ٢١١.

٢٣٦

أيضاً(١) ، يمكن أن يوجه بأنّه مطلق ، وغيره مقيّد.

وما عساه يقال : من أنّ مقام التعليم يأبى تأخير البيان كما ذكره شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب وغيرها يدفعه ما قدمناه.

فإن قلت : قوله في الحديث : « ثم تغسل جسدك » يدلّ على أنّ المراد به غير الرأس ، إذ الجسد على مقتضى بعض الأخبار المعتبرة الآتية غير الرأس ، حيث قال فيها : « ثم أفض على رأسك وجسدك ».

قلت : الذي يأتي يدل على أنّ الرأس إذا ذكر مع الجسد لا يكون داخلاً فيه ، أما لو أُطلق ففي عدم تناوله تأمّل ، وفي القاموس : الجَسَد محرّكة : جسم الإنسان(٢) .

على أنّ الحديث إذا لم يدل على الرأس فهو أشكل ، كما لا يخفى ، وبالجملة فإطلاقه قابل للتقييد.

وما تضمنه الخبر المبحوث عنه من قوله : « ثم تفرغ بيمينك على شمالك » إلى آخره ، قد يدل على استحباب اختيار الشمال في غَسل الفرج ، ودلالته على إجزاء الارتماس ظاهرة ، لكنه خاص بالجنب ، وقد ألحق الأصحاب غير غسل الجنابة ، وسيأتي فيه القول إن شاء الله تعالى.

قال :

باب وجوب الاستبراء من الجنابة بالبول قبل الغسل‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن‌

__________________

(١) منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٨٢ ، والشهيد الأوّل في الذكرى ٢ : ٢٤٥ ، وصاحب المدارك ١ : ٢٩٣.

(٢) القاموس المحيط ١ : ٢٩٣ ( جسد ).

٢٣٧

الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل(١) أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شي‌ء فقال : « يعيد الغسل » قلت : فالمرأة يخرج منها بعد الغسل ، قال : « لا تعيد » قلت : فما الفرق بينهما؟ قال : « لأنّ ما يخرج من المرأة إنّما هو ماء الرجل ».

وأخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سئل عن الرجل ، يغتسل ثم يجد بللاً وقد كان بال قبل أن يغتسل ، قال : « إن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد الغسل ».

الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : سألته عن الرجل يجنب ثم يغتسل قبل أن يبول فيجد بللاً بعد ما يغتسل ، قال : « يعيد الغسل ، فإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله ولكن يتوضّأ ويستنجي ».

عنه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شي‌ء ، قال : « يغتسل ويعيد الصلاة ، إلاّ أن يكون بال (٢) قبل أن يغتسل ، فإنّه لا يعيد غسله » قال محمد : وقال أبو جعفر : « من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول ثم يجد بللاً فقد انتقض غسله ، وإن كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللاً فليس ينقض غسله ولكن عليه الوضوء ».

__________________

(١) كذا في النسخ ، وفي الاستبصار ١ : ١١٨ / ٣٩٩ : رجل.

(٢) في الاستبصار ١ : ١١٩ / ٤٠٢ : قد بال.

٢٣٨

عنه ، عن فضالة ، عن معاوية بن ميسرة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : في رجل رأى بعد الغسل شيئاً ، قال : « إن كان بال بعد جماعه قبل الغسل فليتوضّأ ، وإن (١) لم يبل حتى اغتسل ثم وجد البلل فليعد الغسل ».

السند‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب ، إلاّ في رواية أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، فإنّ في التهذيب والكافي : أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان(٢) ؛ فالسند حينئذ ليس بصحيح ، لاحتمال السقوط هنا سهوا ، بل هو الظاهر.

وسليمان بن خالد وقد تقدم القول في حاله(٣) .

ونزيد هنا : أنّ سليمان ذكر النجاشي : أنّه خرج مع زيد فقطعت يده ومات في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فتوجّع لفقده(٤) .

وذكر في الخلاصة عن كتاب سعد : أنّ سليمان خرج مع زيد فأفلت فمنّ الله عليه وتاب ورجع(٥) .

وفي النجاشي أيضاً : إنّه كان فقيهاً وجها(٦) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١١٩ / ٤٠٣ يوجد : كان.

(٢) الكافي ٣ : ٤٩ / ١ ، التهذيب ١ : ١٤٣ / ٤٠٤ ، الوسائل ٢ : ٢٠١ أبواب الجنابة ب ١٣ ذيل ح ١.

(٣) راجع ج ١ ص ٣٥١.

(٤) رجال النجاشي : ١٨٣ / ٤٨٤.

(٥) خلاصة العلاّمة : ٧٧ / ٢.

(٦) رجال النجاشي : ١٨٣ / ٤٨٤.

٢٣٩

والشيخرحمه‌الله ذكره في كتاب الرجال من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وأنّه خرج مع زيد فقطعت إصبعه معه ، ولم يخرج من أصحاب أبي جعفر غيره(١) .

وقال جدّيقدس‌سره في فوائد الخلاصة : سليمان بن خالد لم يوثقه النجاشي ، ولا الشيخ ، ولكن روى الكشي عن حمدويه : أنّه سأل أيوب بن نوح عنه ، أثقة هو؟ فقال : كما يكون الثقة. فالأصل في توثيقه أيوب بن نوح وناهيك به(٢) . انتهى.

والذي في الكشي ما قالهقدس‌سره غير أنّ الرواية لا يدرى قبل التوبة أو بعدها ، إلاّ أنّ يقال : إن خروجه غير معلوم بأيّ وجه. وفيه : أنّ قول سعد ظاهر في التوبة ، وتوثيق أيوب بن نوح وإن كان مطلقا ، إلاّ أنّ قول النجاشي يقيّده فليتأمّل.

وأمّا الثاني : فحسن.

والثالث : موثق ، كما تقدم.

والرابع : صحيح ، كما بيناه.

والخامس : فيه معاوية بن ميسرة وليس بثقة في الرجال ، بل ولا فيها مدح له(٣) .

المتن :

في جميع الأخبار غير ظاهر الدلالة على الوجوب ، كما ادعاه الشيخ ،

__________________

(١) رجال الطوسي : ٢٠٧ / ٧٦.

(٢) حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ١٢ ( مخطوط ).

(٣) كما في رجال النجاشي : ٤١٠ / ١٠٩٣ ، ورجال ابن داود : ١٩١ / ١٥٨٩.

٢٤٠

تكذيب ابن تيميّة الحديث من أصله!

وجاء ابن تيميّة فأفرط في الوقاحة، فكذّب الحديث من أصله بصراحة!! فقال:

« وكذلك قوله: وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، كذب على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بل هو في حياته وبعد مماته ولي كلّ مؤمن، وكلّ مؤمن وليّه في المحيا والممات.

فالولاية التي هي ضدّ العداوة لا تختص بزمان.

وأمّا الولاية التي هي الأمارة فيقال فيها: والي كلّ مؤمن بعدي، كما يقال في صلاة الجنازة: إذا اجتمع الولي والوالي قدّم الوالي في قول الأكثر، وقيل: يقدم الولي.

فقول القائل: علي ولي كلّ مؤمن بعدي، كلام يمتنع نسبته إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فإنّه إنْ أراد الموالاة لم يحتج أنْ يقول « بعدي »، وإنْ أراد الأمارة كان ينبغي أن يقال « والٍ على كلّ مؤمن »(١) .

أقول:

وهذا كلام ناشئ عن الحقد والعدوان، لأنّه تكذيب لحديثٍ أخرجه

__________________

(١). منهاج السنة ٧ / ٣٩١. الطبعة الحديثة.

٢٤١

الأئمة: كالترمذي، وابن حبان، والضياء، في صحاحهم، ونصّ آخرون: كابن أبي شيبة، وابن جرير، على صحته، ووثّق أئمة الرجال أسانيده

وأما قوله: « إنْ أراد الموالاة » فتخرّص محض، لأنّ لفظ « الولي » كما يكون بمعنى « المحب » كذلك يكون بمعنى « الولي » وهو هنا بقرينة « بعدي » صريح في المعنى الثاني فلا ضرورة لأنْ يقول « وال » وهل على النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - أنْ يتكلّم كما يشتهي ابن تيميّة ونظراؤه؟

إنّه - صلّى الله عليه وسلّم - يريد إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وخلافته من بعده بلا فصل، هذا الأمر الذي بيّنه مرّةً بعد اُخرى، بأساليب وألفاظ مختلفة، لكنّ القوم إذا استدل عليهم بحديث الغدير وضعوا على لسان الحسن بن الحسن أنّه إنْ أراد الأمارة قال « إنّه الولي بعدي ». وإذا استدل عليهم بلفظ « وليّكم بعدي » قالوا: « كان ينبغي أن يقول: الوالي » فلو استدل عليهم بحديثٍ فيه « الولي » لقالوا شيئاً آخر

لكنّ هذه المكابرات والتعصّبات إنّما تدل على عجزهم عن الجواب الصحيح عن استدلالات واحتجاجات أهل الحق، وعلى بطلان أساس مذهبهم الذي يحاولون الدفاع عنه حتى بالتحريف والتزوير!

هذا، ولم نجد سلفاً لابن تيمية في إبطال هذا الحديث وتكذيبه

ولا يتوهّم أن تكذيبه منحصر بحديث الولاية من مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام، فقد انفرد ابن تيميّة بتكذيب كثيرٍ من مناقبه وفضائلهعليه‌السلام ، حتى اضطرّ غير واحدٍ من علمائهم الكبار إلى الردّ عليه

فمن خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام التي كذّبها ابن تيميّة قضيّة

٢٤٢

المؤاخاة، إذ أنكر أنْ يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخى بين نفسه وبين علي.

وكان من جملة من ردّ عليه إنكاره ذلك: الحافظ ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري - شرح صحيح البخاري ).

وللتفصيل في هذا الموضوع مجال آخر

٢٤٣

أباطيل ابن حجر المكي ووجوه النظر فيها

وكذا في المتأخّرين ابن تيميّة، لا يوجد مكذّب لحديث الولاية وحتى ابن حجر المكّي فإنّه وإنْ حاول القدح والجرح، لكن لم يجسر على تكذيبه وهذه عبارته:

« أمّا رواية ابن بريدة عنه: لا تقع يا بريدة في علي فإنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي. ففي سنده الأجلح، وهو وإنْ وثّقه ابن معين لكنْ ضعّفه غيره. على أنّه شيعي. وعلى تقدير الصحّة فيحتمل أنه رواه بالمعنى بحسب عقيدته. وعلى فرض أنه رواه بلفظه، فيتعيّن تأويله على ولايةٍ خاصة، نظير قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: أقضاكم علي. على أنّه وإنْ لم يحتمل التأويل فالإجماع على حقيّة ولاية أبي بكر وفرعيها قاض بالقطع بحقيّتها لأبي بكر وبطلانها لعلي، لأن مفاد الإجماع قطعي ومفاد خبر الواحد ظنّي، ولا تعارض بين ظنّي وقطعي، بل يعمل بالقطعي ويلغى الظنّي، على أنّ الظنّي لا عبرة به فيها عند الشيعة »(١) .

أقول:

إنّ للحديث طريقاً أو طرقاً ليس فيها الأجلح، وقد سكت عن ذلك ابن حجر، ليوهم الناظر أنْ لا طريق للحديث سوى الذي فيه الأجلح!

ومن طرائف الاُمور: أنّه أورد في كتابه حديث الولاية في فضائل أمير

__________________

(١). الصواعق المحرقة: ٦٦.

٢٤٤

المؤمنينعليه‌السلام برواية عمران بن حصين وليس فيه الأجلح! ففي الفصل الثّاني من الباب التاسع: « واقتصرت هنا على أربعين حديثاً لأنّها من غرر فضائله الحديث الخامس والعشرون:

أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟(١) إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. ومرّ الكلام في حادي عشر الشّبه على هذا الحديث وبيان معنه وما فيه »(١) .

فلو نظر ابن حجر إلى سند هذا الحديث الذي جعله من غرر فضائل الإمام لوجوده خلواً من الأجلح، ولكنّه الجهل أو التعصّب! نعوذ بالله!

وأيضاً، فإنّ توثيق الأجلح غير منحصر بابن معين، إذ قد وثّقه غيره كذلك، وأخرج عنه: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، في صحاحهم، فزعم انفراد ابن معين في توثيق الأجلح باطل، كزعم انفراد الأجلح بالحديث.

وأيضاً، فإن كلامه هنا يناقضه تصريحه بصحّة الحديث في ( شرح الهمزيّة ) حيث قال بشرح: « وعلي صنو النبيّ »:

« وذلك عملاً بما صحّ عنه - صلّى الله عليه وسلّم -: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وإنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

كما أنّه ينافيه جعله هذا الحديث في كتاب ( الصّواعق ) من غرر فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما رأيت

__________________

(١). كذا في الصواعق، لكن الجملة في الترمذي والحاكم مكررة ثلاث مرات.

٢٤٥

فعجيب أمر هؤلاء! كيف يضطربون أمام الحق وأهله، فيناقضون أنفسهم ويكذّبون أئمتهم!!

وأمّا احتمال نقل الأجلح الحديث بالمعنى بحسب عقيدته، فاحتمال سخيف جدّاً، ولا يخفى ما يترتّب على فتح باب هكذا احتمالات في الأحاديث من المفاسد التي لا تحصى، بل إنّ مثل هذا الاحتمال يؤدي إلى هدم أساس الدين واضمحلال الشريعة المقدّسة!

وكذلك تأويله - على فرض أنّه رواه بلفظه - على ولايةٍ خاصّة نظير قوله صلّى الله عليه وسلّم: أقضاكم علي فإنّ التأويل بلا دليل لا يدلّ إلّا على التلميع والتسويل. على أنّه باطل بالأدلّة والبراهين الآتية ومع ذلك، فإنّ قوله صلّى الله عليه وسلّم: « أقضاكم علي » إنّما يفيد أعلميّة عليعليه‌السلام وأفضليّته ممّن عدا النبيّ، فاذا كان المعنى الذي يريد ابن حجر تنزيل الولاية عليه مماثلاً للحديث المذكور في الدلالة على الأفضليّة، لم يخرج حديث الولاية عن الدلالة على المذهب الحق.

وكأنّ ابن حجر يعلم بعدم جواز التأويل بلا دليل، وبأن الحديث غير قابلٍ لذلك، فيضطرّ إلى التمسّك بالإجماع الموهوم على خلافة أئمتهم الثلاثة لكن هذا الإجماع المدّعى لا أساس له كما بيّن في محلّه.

٢٤٦

ودعوى أنّ حديث الولاية خبر واحد مردودة بوجوه:

اتّفاق الفريقين على نقله يوجب اليقين بصدوره

الوجه الأوّل: إنّ رواية الجمّ الغفير من أساطين الفريقين مع نصّ جمع منهم على الصحّة، وإيراد جمعٍ آخر بالقطع والجزم، يورث اليقين بثبوت الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

لقد روى هذا الحديث العشرات من أئمة أهل السنة في مختلف العلوم عبر القرون، وإنّ جماعةً من مشاهيرهم ينصّون عى صحّته ووثاقة رواته:

وإنّ من أشهر المصرّحين بصحّة هذا الحديث هو: ابن أبي شيبه، وأبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، والحاكم النيسابوري، والحافظ الهيثمي صاحب مجمع الزوائد، وجماعة آخرون.

كما أنّ للحديث أسانيد صحيحة في خارج الصحاح والمسانيد أيضاً، وقد أوقفناك على عدّةٍ من تلك الأسانيد؛ والحمد لله.

هذا، مضافاً إلى وجود ( حديث الولاية ) ضمن حديث المناقب العشر، الوارد في كتب القوم بأسانيد متكثّرة معتبرة، كما عرفت ذلك فيما تقدّم.

الصحابة الرواة لحديث الولاية

الوجه الثاني: إنّ هذا الحديث وارد عن أربعة عشر شخصاً من الصحابة:

١ - أفضلهم على الإطلاق أمير المؤمنينعليه‌السلام .

فقد روى الديلمي - كما في ( كنز العمّال ) و ( مفتاح النجا ) عنه - أنّه قال

٢٤٧

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا بريدة إنّ عليّاً وليّكم بعدي، فأحبّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر».

وأيضاً: فإنّهعليه‌السلام ناشد به جماعةً من الأنصار والمهاجرين،كما سجيء عن ( ينابيع المودة ) إنْ شاء الله تعالى.

وأيضاً: رواهعليه‌السلام في قصّة نزول قوله تعالى:( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (١) روى ذلك: ابن مردويه، والمتّقي، ومحمّد محبوب عالم.

وأيضاً: رواه الإمامعليه‌السلام عن رسول الله ضمن حديث سؤاله من الله خمسة أشياء. أخرجه: الخطيب البغدادي، والرافعي، والزرندي، والسّيوطي، والمتّقي، وغيرهم من المحدّثين في كتبهم.

٢ - الإمام الحسنعليه‌السلام .

رواه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في رواية الشيخ القندوزي في ( ينابيع المودّة ) كما سيجيء، ولفظه: « أمّا أنت يا علي فمنّي وأنا منك، وأنت وليّ كلّ مؤمنٍ ومؤمنة بعدي ».

٣ - أبو ذر الغفاري.

روى حديث الولاية بلفظ: « علي منّي وأنا من علي، وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، حبّه إيمان وبغضه نفاق، والنظر اليه رأفة ». أخرجه الديلمي في ( مسند الفردوس )، وعنه الوصّابي في ( الاكتفاء ).

٤ - عبدالله بن عباس.

وروايته أخرجها: أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو يعلى، والحاكم، والبيهقي، وابن عبدالبرّ، والخطيب الخوارزمي، وابن عساكر، والمحبّ

٢٤٨

الطبري، وابن حجر العسقلاني وغيرهم.

٥ - أبو سعيد الخدري.

فقد رواه عنه: النطنزي في ( الخصائص العلويّة ) وفيه: « الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النّعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعلي من بعدي ». وقد ذكره أبو نعيم الأصفهاني في كتاب ( ما نزل من القرآن في علي )، وجمال الدين المحدّث الشيرازي في ( الأربعين ).

٦ - البراء بن عازب الأنصاري الأوسي.

أخرج حديثه: أبو المظفر السمعاني ضمن حديث الغدير، ولفظه: « هذا وليّكم من بعدي، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

٧ - جابر بن عبدالله الأنصاري.

رواه عنه البيهقي صاحب كتاب ( المحاسن والمساوئ ).

٨ - أبو ليلى الأنصاري.

وحديثه في ( المناقب للخوارزمي ) ولفظه: « أنت إمام كلّ مؤمنٍ ومؤمنة ووليّ كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ بعدي ».

٩ - عمران بن الحصين.

وروايته عند: أبي داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي، والنسائي، والحسن بن سفيان، وأبي يعلى، ابن جرير، وخيثمة بن سليمان، وأبي حاتم ابن حبان، والطبراني، والحاكم، وأبي نعيم، وابن المغازلي، والديلمي، وابن الأثير وجماعة آخرين

١٠ - بريدة بن الحصيب الأسلمي.

٢٤٩

وأخرج روايته: ابن أبي شيبة، وأحمد، والنسائي، ومسعود السجستاني، والديلمي، وابن سبع الأندلسي، والضياء، والمحبّ الطبري، وابن حجر العسقلاني، والقسطلاني، والسّيوطي، والمتّقي وغيرهم.

١١ - عبدالله بن عمر.

ففي ( مودّة القربى ) عنه عن رسول الله: « يا أيّها الناس هذا وليّكم بعدي في الدنيا والآخرة فاحفظوه. يعني علياً ».

١٢ - عمرو بن العاص.

ففي ( المناقب للخوارزمي ) في كتابٍ له إلى معاوية « وقد قال فيه: علي وليّكم بعدي وذلك عليَّ وعليك وعلى جميع المسلمين ».

١٣ - وهب بن حمزة.

قال ابن كثير: « قال خيثمة بن سليمان: حدّثنا أحمد بن حازم، أخبرنا عبيدالله بن موسى عن يوسف بن صهيب، عن ركين، عن وهب بن حمزة قال: سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكّة، فرأيت نمه جفوة، فقلت: لئت رجعت فلقيت رسول الله لأنالنَّ منه. قال: فرجعت فلقيت رسول الله، فذكرت عليّاً فنلت منه. فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تقولنَّ هذا لعلي، فإنّ عليّاً وليّكم بعدي ».

١٤ - حبشي بن جنادة.

رواه عنه الترمذي والنسائي وابن ماجة بلفظ: « علي وليّ كلّ مؤمن بعدي ».

هذا، وإنّ ابن حجر يدّعي في ( الصّواعق ) تواتر الحديث الموضوع « مروا

٢٥٠

أبا بكر فليصلّ بالناس » بزعم وروده عن ثمانيةٍ من الصحابة فكيف يكون حديث موضوع متواتراً بزعم وروده عن ثمانية - إثنان منهم عائشة وحفصة - ويكون حديث صحيح مروي بطرقٍ عن أربعة عشر صحابيّاً احاداً؟

حديث الولاية متواتر

الوجه الثالث: إنّ ابن حزم يدّعي في حديثٍ رواه عن أربعة من الصّحابة أنّه متواتر وهو حديث رواه عنهم في مسألة بيع الماء. فيكون ما رواه أربعة عشر صحابياً متواتراً بالأولويّة القطعيّة.

الوجه الرابع: إنّ ( الدهلوي ) يزعم في كتابه ( التحفة ) أنّ ما نسب إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه قال: « لا نورّث ما تركناه صدقة » لم ينفرد به أبو بكر، بل رواه أهل السنّة عن جماعةٍ ذكر أسمائهم ثمّ قال:

« إنّ هذا الحديث بمثابة الآية القرآنية في قطعيّة الصّدور، لأنّ نقل الواحد من هذه الجماعة يفيد اليقين فكيف وهم متّفقون على نقله »(١) .

فهذا الكلام يقتضي الحكم بقطعيّة صدور حديث الولاية عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكونه نظير القرآن الكريم في ذلك.

وأمّا قول ابن حجر: « على أنّ الظنّي لا عبرة به فيها عند الشّيعة كما مرّ » فمندفع بأنّ الحديث قطعي وليس ظنّياً، وعلى فرض ذلك، فإنّ الإمامة لدى جمهور أهل السنّة من الفروع يكفي فيها خبر الواحد.

__________________

(١). التحفة الاثنا عشرية: ٢٧٥.

٢٥١

تقليد الكابلي ابن حجر الهيتمي

وبما ذكرنا في ردّ أباطيل الهيتمي يظهر الجواب عمّا ذكره نصر الله الكابلي تبعاً له حيث قال في كتابه ( الصواقع ):

« الثالث: ما رواه بريدة عن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه قال: إنّ عليّاً منّي وأنا من علي وهو وليّ كلّ مؤمنٍ من بعدي. الولي الأولى بالتصرف، فيكون هو الإمام.

وهو باطل.

لأنّ في إسناده الأجلح وهو شيعي متّهم في روايته، فلا يصلح خبره للإحتجاج.

ولأنّ الجمهور ضعّفوه فلا يحتج بحديثه.

ولأنّه يحتمل أنّه رواه بالمعنى بحسب عقيدته.

ولأنّ الولي من الألفاظ المشتركة كما سلف.

ولأنّه من أخبار الآحاد، وهي لا تفيد إلاّ الظن.

ولأنّه لا يقاوم ما تقدّم من النصُوص الدالّة على إمامة من تقدَّم عليه ».

أقول:

قد عرفت: أنّ الأجلح ليس شيعيّاً، وأنّ الجمهور لم يضعّفوه، فيسقط

٢٥٢

قوله: « فلا يصلح خبره للإحتجاج » وقوله: « فلا يحتج بحديثه ».

هذا، مع ثبوت أنه ليس إلّا في بعض أسانيد الحديث كما عرفت، فلا تأثير لتضعيف الأجلح في حال الحديث.

وعرفت أيضاً: فسَاد احتمال نقله بالمعنى حسب عقيدته

ولعلّه لوضوح فساده أعرض ( الدهلوي ) عن إبدائه.

وعرفت أيضاً: بطلان دعوى كونه من الأخبار الآحاد

وأمّا أنّ « الولي من الألفاظ المشتركة » فسيأتي الجواب عنه بالتفصيل.

وأمّا قوله: « لا يقاوم ما تقدّمه من النصُوص » فهو ممّا تضحك منه الثّكلى، فإنّ أكابر القوم يسلّمون بعدم وجود نصّ على خلافة المتقدّمين على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

على أنّ جميع ما أورده في الباب من الكتاب والسنّة منتحل عنه في ( التحفة ) وما هو إلّابعض آياتٍ يدّعون تأويلها بأقوال بعض مفسّريهم، وأحاديث موضوعة يعترف بوضعها أكابر محدّثيهم، كحديث: « اقتدوا باللّذين من بعدي » الذي هو من عمدتها، ومخرّج من كتب الحديث أشهرها

على أنّ الإحتجاج بما انفردوا بروايته، ومعارضة حديث الولاية ونحوه من الأحاديث المتّفق عليها به، مخالفة لقواعد المناظرة وآداب البحث.

وعلى الجملة، فإنّ جميع مستندات الكابلي في الجواب عن حديث الولاية كلّها مردودة:

فالمناقشة في سنده من أجل الأجلح، مردودة بوجهين:

أحدهما: عدم الدليل على ضعف الأجلح، بل هو ثقة.

٢٥٣

والثاني: عدم وجود الأجلح في جميع طرق الحديث.

واحتمال أنّه رواه بالمعنى، مردود بعدم الدليل.

والمناقشة في الدلالة من جهة اشتراك لفظ « الولي » مردودة، وكذا دعوى كونه من أخبار الآحاد.

ودعوى المعارضة بما رووه في إمامة غيره - بل تقدّم تلك على حديث الولاية - فبطلانها أوضح من سائر الدعاوى والمناقشات.

٢٥٤

تحريف السهارنفوري تبعاً لصاحب المشكاة

وقد اقتفى حسام الدين السهارنفوري إثر صاحب المشكاة في تحريف الحديث، بإسقاط لفظ « بعدي »، وفي غزوه هذا اللفظ المحرّف إلى الترمذي.

قال في كتاب ( مرافض الروافض ):

« عن عمران بن حصين: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم:

إنّ عليّاً مني وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن.

رواه الترمذي ».

ثمّ إنّ السهارنفوري لدى ترجمة هذا الحديث إلى الفارسيّة، ترجم لفظة « الولي » فيه بلفظ « الناصر » و« المحبوب ».

وبذلك يظهر أن لهذا الرجل في الحديث تحريفين:

الأوّل: تحريف اللفظ، بإسقاط لفظة « بعدي ».

والثاني: تحريف المعنى، بحمل لفظة « الولي » فيه على معنى « الناصر » و« المحبوب ».

ثمّ إنّه ارتكب الكذب بنسبته اللفظ المحرَّف إلى الترمذي.

٢٥٥

حكم البدخشي بوضع لفظة « بعدي »!

ومحمّد بن رستم معتمد خان البدخشي لم يكتف بالحذف والإسقاط، بل نصَّ على أنّ كلمة « بعدي » في هذا الحديث من الموضوعات!! فقد قال في رسالته المسمّاة ( ردّ البدعة ) في ذكر الأحاديث التي يتمسّك بها الإمامية:

« الثالث: حديث عمران بن حصين: إنّ رسول اللهعليه‌السلام ، قال: إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ.

والجواب: لفظ « الولي » هنا بمعنى « المحبّ ». ولفظ « بعدي » في آخر الحديث من الموضوعات. وإنْ صحّ فمن أين الحكم بأنّ المراد من « بعدي » أي: الوفاة ».

أقول:

وهذا من غرائب الاُمور وطرائف الدهور!

ويكفي في ردّه والكشف عن واقع حاله وحقيقة أمره، أن تنظر نظرةً واحدةً في مؤلَّفاته هو: ( نزل الأبرار ) و ( مفتاح النجا ) و ( تحفة المحبين )، لترى نصوص الحديث المشتملة على لفظ « بعدي » منقولةً فيها عن أهمّ كتب القوم وقد أوردنا طرفاً من تلك النصوص عن تلك الكتب، حيث ذكرنا روايته في قسم السند

٢٥٦

ومن ذلك: قوله في الفصل الثاني من الباب الرابع من الأصل الثالث المعقود للأحاديث الحسان، قال ما نصّه:

« لا تقع يا بريدة في علي، فإنّه منّي وأنا منه، وهو وليكم بعدي.

أحمد عن بريدة.

وفي سنده الأجلح بن عبدالله أبو حجيّة الكندي، شيعي، لكنْ وثّقه يحيى ابن معين وحسّنوا حديثه ».

ولكن يزول العجب عن كلّ ذلك، إذا ما علمنا أنّ البدخشي ينسب القدح في حديث الغدير إلى أبي داود والمحقّقين، مع أنّه في ( نزل الأبرار ) يشنّع على القادح في حديث الغدير. وأيضاً يحصر روايته - لفرط ديانته! - في أحمد والترمذي، مع أنّ بطلان هذا الحصر ظاهر من كلماته هو في ( مفتاح النجا ) و ( نزل الأبرار ) فهو متناقض في غير مورد.

٢٥٧

تحريفات وليّ الله الدّهلوي

والأعجب الأغرب من الكلّ: صنيع وليّ الله الدّهلوي!! فإنّه وضع لفظة « أنا » بدل « إنّه » وحذف لفظة « بعدي ».

وهذا ما صنعه في ( إزالة الخفا ) لدى الجواب عن حديث الغدير حيث قال بعد إخراج رواية الحاكم عن بريدة الأسلمي:

« أخرج الحاكم والترمذي نحوه عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريةً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب -رضي‌الله‌عنه - فمضي علي في السرية، فأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد عليه أربعة من أصحاب رسول الله إذا لقينا النبيّ أخبرناه بما صنع علي.

قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنظروا إليه وسلّموا عليه، ثمّ يتطرّقون إلى رحالهم.

فلما قدمت السريّة سلّموا على رسول الله، فقام أحد الأربعة فقال يا رسول الله: ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا، فأعرض عنه، ثمّ قام الثاني فقال مثل ذلك فأعرض عنه، ثمّ قام الثالث فقال مثل ذلك فأعرض عنه، ثمّ قام الرابع فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا. فأقبل عليه رسول الله والغضب في وجهه فقال:

ما تريدون من علي؟ إن عليّاً منّي وأنا منه وأنا وليّ كلّ مؤمن ».

٢٥٨

مع أنّه روى في نفس هذا الكتاب حديث ابن عبّاس، المشتمل على عشرة مناقب خاصة للإمامعليه‌السلام منها حديث الولاية.

وروى في كتابه ( قرّة العينين ) حديث الولاية عن الترمذي والحاكم على ما هو عليه، بلا تحريف وتصرّف!

لكن الأفظع حكمه في ( قرّة العينين ) ببطلان حديث الولاية، حيث قال بجواب حديث الغدير: « وأمّا: وهو الخليفة بعدي. وهو وليّكم بعدي. وأمثالهما، فزيادة منكرة موضوعة من تصرّفات الشّيعة »!!

٢٥٩

خلاصة الفصل

أنّ بعضهم تجرّأ فحكم ببطلان الحديث من أصله، لكنّه قولٌ شاذ احترز عن التفوّه به المتعصّبون منهم، لكونه في الحقيقة طعنٌ في صحاحهم وتكذيب لكبار أئمتهم ولكنْ لا يريدون الاعتراف بصحّته!

فاضطرّ قوم إلى القول بضعفه بدعوى وجود الأجلح في سنده لكنّ الأجلح ليس بضعفٍ ولا هو منفرد به، فللحديث طرق رجاله موثّقون منصوص على صحّته، كالذي في ( الإستيعاب ) للحاظ ابن عبدالبر

فوقعوا في حيص بيص وجعلوا يتلاعبون بلفظه بحذف كلمةٍ أو كلمتين أو أكثر، وتبديل كلمةٍ باُخرى وكأنّهم غافلون عن أنّ الكتب الأصليّة المعتبرة من الصحاح والمسانيد، الناقلة للحديث بالأسانيد الصحيحة والألفاظ الكاملة موجودة بين أيدي النّاس، ومراجعة واحدة إلى واحدٍ منها تكفي لكشف التخديع ورفع الإلتباس

فما كان نتيجة ما جاء به ابن تيميّة وابن حجر ومن تبعهما، وما ارتكبته يد التحريف من البغوي والخطيب التبريزي ومن شاكلهما إلّا الإعلان عمّا تكنّه صدورهم وتخفيه سرائرهم، من الحقد والشنآن بالنّسبة إلى أمير المؤمنين وأهل بيتهعليهم‌السلام وعلى هذا، فاللّازم على رجال التحقيق المنصفين الأخذ بعين الاعتبار بكلّ حديثٍ يرويه هكذا اُناس في فضل أئمّة العترة الطّاهرة، لأنّه

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398