نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 398
المشاهدات: 184466
تحميل: 5843


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184466 / تحميل: 5843
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 16

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

التعريف بكتابه ( روضة الصفا ) وأن مؤلّفه من أهل السنّة

ثم لا يخفى أن كتاب ( روضة الصفا ) من التواريخ المعتمدة عند القوم، ومؤلِّفة من أهل السنّة، ومصادره كتب سنّية معتبرة عندهم.

أمّا ( الدهلوي ) نفسه، فقد اعتمد عليه في بحوثه، وذكره في عداد بعض التواريخ الاُخرى(١) ومن المعلوم أنّ أحداً من المتعصّبين فضلاً عن المنصفين لم يتفوّه بكون هذا الكتاب من التواريخ المعتبرة الشيعيّة، فلابدّ وأنْ يكون من كتب العامة.

وقال كاشف الظنون: « روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا. فارسي، لمير خواند المؤرّخ محمّد بن خاوند شاه بن محمود المتوفى سنة ٩٠٣، ذكر في ديباجته: إن جمعاً من إخوانه التمسوا تأليف كتابٍ منقح محتو على معظم وقائع الأنبياء والملوك والخلفاء، ثم دخل صحبته الوزير مير علي شير، وأشار إليه أيضاً، فباشره مشتملاً على مقدّمة وسبعة أقسام وخاتمة، على أنّ كلّ قسم يستعد أنْ يكون كتاباً مستقلاً، حال كونه ساكناً بخانقاه الخلاصية التي أنشأها الأمير المذكور بهراة على نهر الجبل.

المقدمة في علم التاريخ.

القسم الأول في أوّل المخلوقات وقصص الأنبياء وملوك العجم وأحوال الحكماء اليونانية في ذيل ذكر إسكندر.

والثاني في أحوال سيّد الأنبياء وسيرة وخلفائه الرّاشدين.

__________________

(١). التحفة الاثنا عشرية - باب المطاعن: ٢٦٥.

٣٤١

والثالث في أحوال الأئمة الأثني عشر، وفي أحوال بني اُميّة والعباسية.

والرابع في الملوك المعاصرين لبني العباس.

والخامس في ظهور جنكيز خان وأحواله وأولاده.

والسادس في ظهور تيمور وأحواله وأولاده.

والسابع في أحوال سلطان حسين بايقرا.

والخاتمة في حكايات متفرقة وحالات مخصوصة لموجودات الربع المسكون وعجائبها »(١) .

فالكتاب منقّح محتو على معظم الوقائع كما وصفه مؤلّفه وأقرّه كاشف الظنون، ثم إنّه وصف الخلفاء بـ « الراشدين » والشيعي لا يصفهم بذلك كما هو معلوم.

ومن خطبة الكتاب أيضاً يظهر تسنّن مؤلّفه واعتبار كتابه:

فقد ذكر حبّه لعلم التاريخ واطّلاعه على قضايا الاُمم والملوك وشغفة بمطالعة الكتب التاريخية، ثمّ إنّه وصل إلى خدمة نظام الدين أمير علي شاه ووصفه بمدائح عظيمة ومناقب فخيمة، وأنّه قد أشار عليه بتأليف كتابٍ في التاريخ، مشتمل على حالات الأنبياء والمرسلين والخلفاء والسلاطين وغير ذلك من وقائع وقضايا الأعيان والأكابر في الآفاق.

قال: فنزلت على رغبته بعد الاستخارة، وألّفت هذا الكتاب فذكرت فيه الحقائق دون المجازات، وجعلته خالياً عن وصمة السرقة بعيداً عن عجيب الإبهام والإغلام، وافياً بمطلوب ذاك المؤيّد بالتأييدات السبحانيّة والمقرّب

__________________

(١). كشف الظنون ١ / ٩٢٦ - ٩٢٧.

٣٤٢

للحضرة السلطانيّة وسمّيته بـ ( روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا ) إلى أن قال:

إنّه لا يخفى على ذي الخبرة والذكاء أنّ لعلم التاريخ فوائد كثيرة، لابدّ من الإشارة إلى بعضها بحكم: ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه، كي يزداد أصحاب الفهم والدراية رغبةً في مطالعة هذا الفن الشريف.

فإنّه العلم الوحيد الذي يفيد الإطّلاع على ما لا يمكن للإنسان الاطّلاع عليه بالمشاهدة والحسّ والعيان، وليس غيره من العلوم متكفّلاً لهذا الأمر.

وإنّه العلم الذي يزيل الملل والكآبة والسأم عن قلب الإنسان.

وإنّه مع كثرة فوائده سهل التناول، ولا مشقة زائدة في استحصاله.

وإنّه علم يقف الممارس له على الصّدق والحق فيأخذ به، والكذب والباطل فيتركه.

وإنّه علم يزيد الإنسان عقلاً وتجربة وعبرةً وعظمةً في الحياة، فإنّ السعيد من وعظ بغيره.

وإنّه العلم الذي يورث الصّبر والرّضا والإستقامة في مقابل الحوادث الواقعة، ويوجب الأمل بالنجاح والظّفر في الشدائد والمشاق والبلايا.

وإنّه العلم الذي يزيد المؤمن إيماناً بالقدرة الإلهية القاهرة وأنّه سبحانه مالك الملوك ويصدق قوله سبحانه:( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) .

فإنْ اعترض الجاهِل بأنّ أكثر التواريخ مفتريات وموضوعات وأساطير وقد اختلط فيها الكذب بالصدق والغث بالسّمين، فلا تؤثر ولا تفيد تلك الفوائد.

٣٤٣

قلنا: ليس الأمر كذلك، فإنّ أئمة السلف وأكابر الخلف في هذا الفن قد وضعوه على أساس الصحة والصدق، إذ من المستحيل أنْ يكون ديدن أولئك الأعلام الأخيار الافتراء والكذب بنقل المفتريات والموضوعات، ولا ريب في صحّة ما وصل إلينا متواتراً عن طريقهم ولو أنّ مفترياً نسب إليهم ما لم يقولوه فإنّ نقدة هذا العلم يردّوه عليه ويرمون كتابه بسهام الطعن والقدح ويشهرون حاله لئلّا يغترّ به أحد.

ثم قال:

ذكر الشرائط التي لابدَّ منها في تدوين هذا العلم، إذْ لا يخفى أنّ التدوين والتأليف أمر خطير جدّاً، لا سيّما في علم التاريخ، فإنّ نسخ هذا الكتاب تصل إلى الأكابر من السلاطين والامراء والعلماء والفضلاء في مختلف الأقطار والأطراف، والمؤلّف - بمقتضى: من صنّف فقد استهدف - يلام على تقصيره فى أقلّ شيء، فلابّد من الالتزام في التأليف فيه بالشروط التي سنذكرها:

منها: أنْ يكون المؤلّف سالم العقيدة، فإنّ بعض المنحرفين كالغلاة من الخوارج والروافض، قد وضعوا قصصاً رديئة ونسبوها إلى الصحابة والتابعين، وأوردوا في كتبهم أباطيل خدعوا بها عوام الناس ومن لم يكن له اطّلاع على واقع حالهم، فظنّ أن رواياتهم من مشكاة النبوة مقتبسة ومن مصباح الرسالة ملتمسة، فوقعوا في التيه والضّلالة.

ومنها: أنْ يكتب حقائق الوقائع والأحوال، فلو أراد الكتابة عن أحدٍ فلا يكتفي بذكر فضائله وأعماله الحسنة، بل عليه أنْ يذكر ما يكون له من الرذائل والقبائح أيضاً، ولو لم يتمكن من ذكر هذه بالصراحة فليذكرها بالإيماء والإشارة، والعاقل يكفيه الإشارة.

٣٤٤

ومنها: أن يتجنب في المدح والذم عن الإفراط والتفريط.

ومنها: أن يحترز من الكلمات الركيكة والألفاظ الدنيئة، ويورد التلويحات الظريفة والتصريحات اللطيفة بعبارات سهلة وأساليب جزلة وهذا لا يختص بعلم التاريخ بل يجب الالتزام به في كلّ علم.

ومنها: أن يكون أميناً في النقل، كي يطمئن إلى ما نقله أصحاب الفضيلة والكمال، ولا يبيع دينه بدنيا غيره، ولا يغيّر ولا يبدّل ولا يحرّف، فيكون كتابه مصوناً عن الكذب والبهتان والإفتراء، ويبقى مورداً للإعتماد حتى آخر الزّمان.

ألا ترى كيف بقيت الكتب التي ألّفها المؤرّخون الأثبات من العرب والعجم في سوالف الأزمان، ولا زالت موضع النقل والإعتماد والإذعان، فمن العرب:

الإمام محمّد بن إسحاق، وهو أوّل من صنّف في المغازي في الإسلام.

والإمام وهب بن منبّه.

والإمام الواقدي، والأصمعي، ومحمّد بن جرير الطبري، وأبو عبدالله بن مسلم بن قتيبة - صاحب جامع المعارف - ومحمّد بن علي بن الأعثم الكوفي صاحب الفتوح، و و و

ومن المؤرخين العجم:

حسن بن محمّد بن علي الفردوسي الطوسي.

أبو الحسن علي بن شمس الإسلام البيهقي.

أبو الحسين محمّد بن سليمان صاحب تاريخ خسرو.

و و و

٣٤٥

عليهم الرحمة والرضوان، وعلى غيرهم من طوائف المؤرخين

وهؤلاء هم المرجوع إليهم، وكلماتهم هي المعوّل عليها

وإنّ كتابنا منتخب من تلك الكتب المعتبرة وأمثالها ».

(٢٥)

فهم بريدة أحبيّة علي من غيره عند الله ورسوله

أخرج أحمد:

« حدّثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبدالجليل قال: انتهيت إلى حلقةٍ فيها أبو مجلز وابن بريدة، فقال عبدالله بن بريدة: حدّثني أبي بريدة قال: أبغضت عليّاً بغضاً لم يُبغضه أحد قط، قال: وأحببت رجلاً من قريش لم أحبّه إلّاعلى بغضه عليّاً، قال: فبعث ذاك الرجل على خيلٍ فصحبته ما أصحبه إلّاعلى بغضه عليّاً، قال: فأصبنا سبياً، قال: فكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إبعث إلينا من يخمّسه، قال: فبعث إلينا عليّاً - وفي السّبي وصيفة هي من أفضل السّبي - فخمّس وقسّم وخرج ورأسه مغطّى، فقلنا: يا أبا الحسن، ما هذا؟ قال: ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السّبي، فإنّي قسّمت وخمّست فصارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم صارت في آل علي، ووقعت بها.

قال: وكتب الرجل إلى نبي الله صلّى الله عليه وسلّم: فقلت: إبعثني، فبعثني مصدّقاً، قال: فجعلت أقرأ الكتاب وأقول: صدق. قال: فأمسك يدي والكتاب وقال:

أتبغض عليّاً؟

٣٤٦

قال: قلت: نعم.

قال: فلا تبغضه. وإنْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً، فوالذي نفس محمّد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.

قال: فما كان من الناس أحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليَّ من علي.

قال عبدالله: فوالذي لا إله غيره، ما بيني وبين النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديث غير أبي بريدة »(١) .

ورواه ابن كثير الدمشقي في تاريخه عن أحمد باللفظ المذكور ثم قال: « تفرّد به أحمد.

وقد روى غير واحدٍ هذا الحديث عن أبي الجوّاب، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن البراء بن عازب، نحو رواية بريدة بن الحصيب وهذا غريب.

وقد رواه الترمذي عن عبدالله بن أبي زياد، عن أبي الجوّاب الأحوص ابن جوّاب به وقال: حسن غريب، لا نعرفة إلّامن حديثه »(٢) .

ورواه المحبّ الطبري قال:

« وعن بريدة -رضي‌الله‌عنه -: إنّه كان يبغض عليّاً، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: أتبغض علياً؟ قال: نعم. قال: لا تبغضه، وإنْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً. قال: فما كان أحد من الناس بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليَّ من علي. وفي روايةٍ: إنّه قال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا تقع في علي فإنّه

__________________

(١). مسند أحمد ٥ / ٣٥٠ - ٣٥١.

(٢). البداية والنهاية ٧ / ٣٤٥.

٣٤٧

منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

أخرجه أحمد »(١) .

وقال محمّد بن عبدالرسول البرزنجي(٢) : « وفي رواية ابن معين: يا بريدة، لا تقع في علي، فإنَّ علياً منّي وأنا منه، فرجع بريدة عن ذلك وصار محبّاً لعليرضي‌الله‌عنه .

فقد روى البيهقي في كتاب الإعتقاد عن بريدة: إنّه شكى عليّاً فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: أتبغض عليّاً يا بريدة؟ فقلت: نعم فقال: لا تبغضه وازدد له حبّاً. قال بريدة: فما كان من الناس أحد أحبّ إليَّ من علي بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم »(٣) .

أقول:

في هذا الخبر الذي أخرجه أحمد، وابن معين، والبيهقي، وغيرهم: إنّ بريدة بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له ذلك: « ما كان من الناس أحد أحبّ إليه من علي »، بل كان هوعليه‌السلام أحبّ الناس إليه بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعنى ذلك: كونه أفضل النّاس، قال اللّاهوري في ( شرح تهذيب الكلام ) في أفضليّة أبي بكر:

« وبقوله صلّى الله عليه وسلّم: والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيّين

__________________

(١). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ٦٨.

(٢). المتوفى سنة ١١٠٣، له مؤلّفات في التفسير والحديث والكلام. سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر: ٤ / ٦٥.

(٣). نواقض الروافض - مخطوط. وانظر الاعتقاد للبيهقي: ٢٠٤.

٣٤٨

والمرسلين على أحدٍ أفضل من أبي بكر.

ومثل هذا الكلام لبيان الأفضلية، إذ الغالب من حال كلّ اثنين هو التفاضل دون التّساوي، فإذا نفى أفضليّة أحدهما ثبت أفضليّة الآخر »(١) .

وقال ( الدهلوي ) بترجمة مسلم بن الحجاج من كتابه ( بستان المحدّثين ):

« ولهذا فضّل الحافظ أبو علي النيسابوري صحيحة على سائر التصانيف في هذا العلم، وكان يقول: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم ».

وأخرج الحاكم:

« حدّثنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن الحسن، أنبأ علي بن عبدالعزيز، ثنا سليمان بن داود الهاشمي، ثنا يحيى بن هاشم بن البريد، ثنا عبدالجبار بن العباس الشامي، عن عون بن أبي جحيفة السّوائي، عن عبدالرحمن بن علقمة الثقفي، عن عبدالرحمن بن ابي عقيل الثقفي قال: قدمت على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في وفد ثقيف، فعلقنا طريقاً من طرق المدينة حتى أنخنا بالباب، وما في الناس رجل أبغض إلينا من رجل نلج عليه منه، فدخلنا وسلّمنا وبايعنا، فما خرجنا من عنده حتى ما في الناس رجل أحب إلينا من جلٍ خرجنا من عنده »(٢) .

فمن المقطوع به أنّ مراد الرجل من قوله: « ما في الناس رجل أحب إلينا

__________________

(١). لكنّ ما ذكره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم موضوع، فقد نصّ الحافظ الهيثمي على أنّ راويه كذّاب. انظر مجمع الزوائد ٩ / ٤٤.

(٢). المستدرك على الصحيحين ١ / ٦٧ - ٦٨.

٣٤٩

من رجلٍ خرجنا من عنده » هو أحبيّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليه.

فكذلك في قول بريدة المروي آنفاً.

وثبوت الأحبية للإمامعليه‌السلام مثبت للأفضليّة له كما فصّلناه وأوضحناه في ( حديث الطّير)

والأفضليّة تثبت إمامتهعليه‌السلام وبطلان خلافة من تقدّم عليه.

وإذا كان حكم النبي صلّى الله عليه وسلّم على بريدة بأنْ يزدد حبّاً للأميرعليه‌السلام دليلاً على أحبيّته، فإنّ لفظ « وليّكم بعدي » - لو فرض عدم دلالته على الإمامة والأمارة - دليل على الأحبيّة بالضرورة، وهو كاف شاف، قامع لاُس شبهات أهل الجزاف.

(٢٦)

تصريح بريدة بأفضليّة علي بعد كلام النبي

وفي بعض ألفاظ الخبر عن بريدة - بعد قول النبي: لا تبغضه - قوله: « فما كان أحد بعد رسول الله أفضل من علي » بدل قوله: « أحب من علي » وهذا نصٌّ فيما استفدناه:

قال النسائي: « أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه قال: أخبرنا النضر ابن شميل قال: أخبرنا عبدالجليل، بن عطيّة قال: حدّثنا عبدالله بن بريدة قال: حدّثني أبي قال: لم يكن أحد من الناس أبغض إليَّ من علي بن أبي طالب، حتى أحببت رجلاً من قريش، لا اُحبّه إلّاعلى بغض علي، فبعث ذلك الرجل على خيل، فصحبته وما صحبته إلّاعلى بغض علي، فأصاب سبياً، فكتب إلى النبي

٣٥٠

صلّى الله عليه وسلّم أن ابعث إلينا من يخمّسه، فبعث إلينا عليّاً - وفي السّبي وصيفة من أفضل السّبي - فلمـّا خمّسه صارت الوصيفة في الخمس، ثمّ خمّس فصارت في أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ خمّس فصارت في آل علي، فأتانا ورأسه يقطر، فقلنا: ما هذا؟ فقال: ألم تروا الوصيفة صارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم صارت في آل علي، فوقعت عليها.

فكتب، وبعثني مصدّقاً لكتابه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومصدّقاً لما قال علي، فجعلت أقول عليه ويقول عليه ويقول: صدق؟ وأقول ويقول: صدق.

فأمسك بيدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال:

أتبغض علياً؟

قلت: نعم.

فقال: لا تبغضه، وإنْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.

فما كان أحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليّ من عليرضي‌الله‌عنه .

قال عبدالله بن بريدة: والله ما في الحديث بيني وبين النبي صلّى الله عليه وسلّم غير أبي »(١) .

__________________

(١). خصائص أمير المؤمنين: ١١٥.

٣٥١

أقول:

ومن الواضح جدّاً: أنّ الأفضليّة مثبتة للخلافة بلا فصل.

وإذا كان قوله صلّى الله عليه وسلّم: « لا تبغضه وإنْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً » دالّاً على الأفضلية، كان لفظ « الولي » في: « إنّه وليّكم بعدي » - لو لم يكن دالّاً على الأولويّة بالتصرّف - دالاً على الأفضليّة، وهي مثبتة للخلافة بلا فصل، فيثبت المطلوب، وتسقط تأويلات المرتابين وتشكيكات الجاحدين، والحمد لله ربّ العالمين.

هذا، ولا يخفى صحّة سند هذا الحديث، وذلك لأن:

ابن راهويه، إمام من كبار أئمة القوم.

والنضر بن شميل، كذلك.

وكذا عبدالجليل.

وقد ترجمنا لهم في الكتاب.

(٢٧)

خطبة النبي بعد نزول: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ )

وروى السيّد شهاب الدين أحمد - بعد ذكر حديث الغدير - خطبةً تدل على المطلوب من جهات عديدة. قال:

« ولصدر هذه القصة خطبة بليغة باعثة على خطبة موالاتهم، فات عنّي إسنادها، وهي هذه الخطبة التي خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين

٣٥٢

نزلت:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) فقال:

الحمد لله على آلائه في نفسي وبلائه في عترتي وأهل بيتي، وأستعينه على نكبات الدنيا وموبقات الآخرة، وأشهد أنّ الله الواحد الأحد الفرد الصمد لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكاً ولا عمداً، وأني عبد من عبيده، أرسلني برسالته على جميع خلقه، ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيَّ عن بيّنة، واصطفاني على الأوّلين من الأوّلين والآخرين، وأعطاني مفاتيح خزائنه ووكّد عليَّ بعزائمه، واستودعني سرّه وأمدّني بنصره، فأنا الفاتح وأنا الخاتم، ولا قوّة إلّابالله.

إتّقوا الله - أيّها الناس - حق تقاته ولا تموتنّ إلّاوأنتم مسلمون، واعلموا أنّ الله بكلّ شيء محيط، وإنه سيكون من بعدي أقوام يكذبون عليَّ فيقبل منهم، ومعاذ الله أنْ أقول إلّا الحق أو أنطق بأمره إلّا الصّدق، وما آمركم إلّاما أمرني به ولا أدعوكم إلّا إليه، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

فقام إليه عبادة بن الصّامت فقال: ومتى ذاك يا رسول الله؟ ومن هؤلاء عرّفناه لنحذرهم؟

قال: أقوام قد استعدّوا لنا من يومهم، وسيظهرون لكم إذا بلغت النفس منّي هيهنا - وأومى صلّى الله عليه وسلّم إلى حلقه -.

فقال عبادة: إذا كان ذلك فإلى من يا رسول الله؟

فقال صلّى الله عليه وسلّم: بالسمع والطّاعة للسّابقين من عترتي والآخذين من نبوّتي، فإنّهم يصدّونكم عن الغي، ويدعونكم إلى الخير، وهم أهل الحق ومعادن الصدق، يحيون فيكم الكتاب والسنّة، ويجنّبونكم الإلحاد

٣٥٣

والبدعة، ويقمعون بالحق أهل الباطل، ولا يميلون مع الجاهل.

أيها الناس! إنّ الله خلقني وخلق أهل بيتي من طينةٍ لم يخلق منها غيرنا، كنّا أوّل من ابتدأ من خلقه، فلمـّا خلقنا نوّر بنورنا كلّ ظلمة، وأحيى بنا كلّ طينة. ثم قال:

هؤلاء أخيار اُمّتي، وحملة علمي، وخزنة سرّي، وسادات أهل الأرض، الدّاعون إلى الحق، المخبرون بالصّدق، غير شاكّين ولا مرتابين ولا ناكصين ولا ناكثين، هؤلاء الهداة المهتدون، والأئمّة الراشدون، المهتدي من جاءني بطاعتهم وولايتهم، والضالُّ من عدل منهم وجاءني بعداوتهم، حبّهم إيمان وبغضهم نفاق، هم الأئمة الهادية، وعرى الأحكام الواثقة، بهم تتم الأعمال الصّالحة، وهم وصيّة الله في الأوّلين والآخرين، والأرحام التي أقسمكم الله بها إذ يقول:( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) (١) ، ثم ندبكم إلى حبّهم فقال:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) هم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم من النجس، الصّادقون إذ نطقوا، العالمون إذا سئلوا، الحافظون إذا استودعوا، جمعت فيهم الخلال العشر إذْ لم تجمع إلاّفي عترتي وأهل بيتي:

الحلم، والعلم، والنبوّة، والنبل، والسماحة، والشجاعة، والصدق، والطهارة، والعفاف، والحكم.

فهم كلمة التقوى، وسبل الهدى، والحجّة العظمى، والعروة الوثقى، هم أولياؤكم عن قول بكم، وعن قول ربّي ما أمرتكم.

ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه،

٣٥٤

وانصر من نصره واخذل من خذله.

وأوحى إليَّ ربّي فيه ثلاثاً: إنه سيّد المسلمين وإمام الخيرة المتقين وقائد الغرّ المحجّلين.

وقد بلّغت من ربي ما اُمرت، واستودعتهم الله فيكم، وأستغفر الله »(١) .

(٢٨)

حديث الغدير عن البراء بلفظ: « هذا وليّكم من بعدي »

وعن أبي المظفّر السمعاني أنّه روى في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام من كتابه ( فضائل الصحابة ) حديث الغدير باللّفظ الآتي:

« عن البراء: إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نزل بغدير خم، وأمر فكسح بين شجرتين وصيح بالناس فاجتمعوا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، فدعا عليّاً فأخذ بعضده ثم قال: هذا وليّكم من بعدي، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه. فقام عمر إلى علي فقال: ليهنك يا ابن أبي طالب، أصبحت - أو قال أمسيت - مولى كلّ مؤمن ».

ولمـّا كان حديث الغدير من الأدلّة الظاهرة القاهرة في إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام - كما تقدّم في محلّه - فإنّ لفظ « الولي » في هذا الحديث لا بدَّ وأنْ يكون بمعنى « الإمام ». فكأنّه قال: هذا إمامكم من بعدي وعليه فنفس هذا المعنى يكون هو المراد من الحديث باللفظ المروي عن: بريدة، وابن عباس، وعمران بن حصين، وغيرهم.

__________________

(١). توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل - مخطوط.

٣٥٥

وأبو المظفّر السمعاني هو: منصور بن محمّد، المتوفى سنة ٤٩٨، وهو جدّ أبي سعد السمعاني صاحب ( الانساب ) وقد تُرجم له فيه، وتُرجم له أيضاً في:

طبقات الشافعية الكبرى ٥ / ٣٣٥

المنتظم في أخبار الاُمم ٩ / ١٠٢

مرآة الجنان ٣ / ١١٥

النجوم الزاهرة ٥ / ١٦٠

سير أعلام النبلاء ١٩ / ١١٤

طبقات المفسرين ٢ / ٣٣٩

شذرات الذهب ٣ / ٣٩٣

(٢٩)

حديث الغدير بلفظ:

« ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ من بعدي »

ففي هذا الحديث: قرن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولاية علي من بعده برسالته، وفسّر بالأمرين قوله تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) وهذا نصّ الخبر برواية السيّد المحدّث الشيرازي؛ بعد أنْ رواه عن الصّادقعليه‌السلام وفيه شعر حسّان:

« ورواه أبو سعيد الخدري، وفيه الإستشهاد بالشعر المذكور، وفيه من التاريخ وزيادة البيان ما لم يرو عن غيره فقال:

لمـّا نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم بغدير خم يوم الخميس ثامن عشر من

٣٥٦

ذي الحجة، دعا الناس إلى علي، فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: الله أكبر، الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي، من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث »(١) .

وهذا كلّه ممّا يدلّ على أن « الولاية » فيه لا يراد بها إلّا « الإمامة » فكذا « الولاية » في حديث بريدة وعمران وغيرهما.

(٣٠)

حديث الغدير عن أبي سعيد الخدري عند أبي نعيم والنطنزي

والحديث المذكور أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في ( ما نزل من القرآن في علي ) وأبو الفتح النطنزي في ( الخصائص العلوية )، فقد حكي عنهما أنهما رويا:

« بإسنادهما عن أبي سعيد الخدري: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس إلى علي في غدير خم، وأمر [ ما ] تحت الشجرة من الشواك فقم - وذلك يوم الخميس - فدعا عليّاً وأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر [ الناس ] إلى ابطي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم لم يتفرّقوا حتى نزلت هذه الآيات:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي والولاية

__________________

(١). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين الحديث: ١٣.

٣٥٧

لعلي بن أبي طالب من بعدي. ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ».

أقول:

فقد جعل صلّى الله عليه وسلّم الولاية على المؤمنين من بعده لسيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وجعلها قرينةً لرسالته، وحمد الله على رضاه بذلك. وذكر « الولاية » بعد « الرسالة » لا سيّما في هذا المقام - ومع تلك القرائن - فيه دلالة واضحة على أنّ المراد منها ليس إلّا « الإمامة » فهو المراد كذلك منها في « حديث الولاية ».

(٣١)

حديث الغدير بلفظ : « من كنت أولى به من نفسه فعليُّ وليّه »

وبهذا اللّفظ أخرجه الحافظ الطبراني، فقد قال البدخشاني:

« وللطبراني بروايةٍ اُخرى، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليٌ وليّه »(١) .

وقال أيضاً:

« وعند الطبراني - في روايةٍ اُخرى - عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنهما - بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليٌّ وليّه، اللّهم والِ من

__________________

(١). مفتاح النجا - مخطوط.

٣٥٨

والاه وعادِ من عاداه »(١) .

وفي ( السيف المسلول ) للقاضي محمّد ثناء الله - الموصوف من قبل ( الدهلوي ) بـ « بيهقي الوقت » كما في كتاب: إتحاف النبلاء -: « وفي بعض الروايات: من كنت أولى به من نفسه فعليٌّ وليّه ».

ومن الواضح جدّاً أنّ المراد هو « ولي الأمر » و« الإمام ».

وقال شهاب الدين أحمد: « وسمعت بعض أهل العلم يقول: معناه: من كنت سيّده فعلي سيّده مضي قوله. وتصدير القول بقوله صلّى الله عليه وسلّم: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين، يؤيّد هذا القول. والله سبحانه أعلم.

وقال الشيخ الإمام جلال الدين أحمد الخجندي -قدس‌سره -: المولى يطلق على معانٍ منها: الناصر. ومنها: الجار بمعنى المجير لا المجار. ومنها: السيّدالمطاع. ومنها: الأولى في( مَوْلاكُمْ ) أي: أولى بكم. وباقي المعاني لا يصلح اعتبارها فيما نحن بصدده. فعلى المعنيين الأوّليين يتضمّن الأمر لعلي -رضي‌الله‌عنه - بالرعاية لمن له من النبي العناية. وعلى المعنيين الأخيرين يكون الأمر بإطاعته واحترامه واتّباعه.

وقد خرّج أبو الفجر الأصفهاني في كتابه المسمّى بمرج البحرين(٢) قال: أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم وبارك وسلّم يد علي كرّم الله وجهه وقال: من كنت وليّه وأولى من نفسه فعلي وليّه »(٣) .

__________________

(١). نزل الأبرار: ٢١.

(٢). هو: يحيى بن محمود بن سعيد الثقفي المتوفى سنة ٥٨٣ أو ٥٨٤، ترجم له الذهبي ووصفه بالشيخ المسند الجليل العالم سير أعلام النبلاء ٢١ / ١٣٤.

(٣). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

٣٥٩

وجلال الدين الخجندي إمامٌ كبير معتمد، وقد كان في زمنه شيخ الحرم الشريف النبوي، وقد وصف بهذه الأوصاف في مواضع عديدة من كتاب ( توضيح الدلائل ). ومن تصانيفه ( شرح البردة ) ذكره كاشف الظنون في شروحها.

(٣٢)

تحقيق سبط ابن الجوزي في معنى حديث الغدير

وقال سبط ابن الجوزي بشرح حديث الغدير وذكر معاني ( المولى ):

« والعاشر: بمعنى الأولى. قال الله تعالى:( فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي: أولى بكم » إلى أن قال بعد التصريح بعدم جواز إرادة غير ( الأولى ) من المعاني:

« والمراد من الحديث: الطاعة المحضة المخصوصة، فتعيّن الوجه العاشر وهو الأولى. ومعناه: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به.

وقد صرّح بهذا المعنى: الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الأصبهاني في كتابه المسمّى بـ ( مرج البحرين ). فإنّه روى هذا الحديث بإسناده إلى مشايخه وقال فيه: فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد عليعليه‌السلام وقال: من كنت وليّه وأولى به من نفسه فعلي وليّه.

فعلم أنّ جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر، ودلّ عليه أيضاً قولهعليه‌السلام : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم. وهذا نص صريح في إثبات

٣٦٠