نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 418

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 199160
تحميل: 7201


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 199160 / تحميل: 7201
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 17

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الصفات بعموم المنزلة.

ونقول - كما قال في الجواب الثاني -: إن خروج هذه الصفات الثلاثة غير قادح في العموم، إذ الغرض من هذه المنازل العامة منزلة الخلافة وافتراض الطاعة والعصمة والأفضلية، ولمـّا كان الغرض إثبات هذه الصفات ووضوحها وإظهارها دون غيرها، لم يضر انتفاء الأفصحية والأكبرية والاخوة النسبية بعموم المنزلة

وقال الجامي بشرح الكافية: « ويعرب أي المستثنى على حسب العوامل، أي بما يقتضيه العامل من الرفع والنصب والجر، إذا كان المستثنى منه غير مذكور، ويختص ذلك المستثنى باسم المفرغ، لأنه فرغ له العامل عن المستثنى منه، فالمراد بالمفرغ المفرغ له، كما يراد بالمشترك المشترك فيه. وهو أي والحال أن المستثنى واقع في غير الكلام الموجب، واشترط ذلك ليفيد فائدة صحيحة مثل: ما ضربني إلّا زيد، إذ يصح أن لا يضرب المتكلّم أحد إلّا زيد، بخلاف: ضربني إلّا زيد، إذ لا يصح أنْ يضرب كل أحد المتكلم إلاّزيد، إلاّ أنْ يستقيم المعنى، بأنْ يكون الحكم مما يصح أن يثبت على سبيل العموم، نحو قولك: كل حيوان يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ إلاّ التّمساح، أو يكون هناك قرينة دالّة على أنّ المراد بالمستثنى منه بعض معيّن يدخل فيه المستثنى قطعاً، مثل: قرأت إلاّيوم كذا، أي أوقعت القراءة كلّ يوم إلّايوم كذا. لظهور أنّه لا يريد المتكلّم جميع أيام الدنيا بل أيام الاسبوع أو الشهر أو مثل ذلك »(١) .

أقول:

وعليه: فكما لا يضرّ خروج بعض الأيام بصحة قولك: قرأت إلّا يوم كذا،

____________________

(١). الفوائد الضيائية: ١٠٢ مبحث المستثنى.

٣٤١

وبالعموم الذي يدل عليه المستثنى منه كذلك لا يضرّ بعموم المنزلة في الحديث خروج بعض الأفراد غير المتبادرة من المنازل ولو كان انتفاء بعض المنازل دليلاً على انقطاع الإستثناء لزم أنْ يكون الإستثناء في مثل: « قرأت إلّايوم كذا » استثناءاً منقطعاً لا متّصلاً، لوضوح خروج أيامٍ كثيرة، وهل ذلك إلّا أضحوكة؟!

وقال ابن الحاجب في ( منتهى السئول ): « والغرض من الإستثناء من الأحكام العامة المقدرة لا من المحكوم هو: إثبات الحكم على التحقيق. وكان أصله إمّا على معنى المبالغة، كأنّ قائلاً قال: ما زيد عالماً، فقيل: ما زيد إلّاعالم. وإمّا على معنى أنّ ذلك آكدها ».

وقال أيضاً: « الإستثناء من الإثبات نفي وبالعكس، خلافاً لأبي حنيفة. لنا: النقل. وأيضاً: لو لم يكن لم يكن « لا إله إلّاهو » توحيداً. قالوا: لو كان للزم من « لا علم إلّابحياة » و « لا صلاة إلّابطهور » ثبوت العلم والصلاة بمجرّدهما. قلنا: ليس مخرجاً من العلم والصلاة، فإنْ اختار تقدير الصلاة بطهور اطّرد، وإنْ اختار لا صلاة بوجه إلّابذلك فلا يلزم من الشرط المشروط

وإنّما الإشكال في النفي الأعم في مثله، وفي مثل: ما زيد إلّاقائم. إذ لا يستقيم نفي جميع الصفات المعتبرة.

وأجيب بأمرين: أحدهما: إن الغرض المبالغة بذلك. والآخر: إنه آكدها. والقول بأنه منقطع بعيد، لأنه مفرغ، وكل مفرغ متصل لأنّه من تمامه »(١) .

أقول:

فعلى هذا، يكون عموم المنزلة - مع انتفاء الأفصحية والأكبرية والاخوة

____________________

(١). المختصر في علم الاصول - بشرح العضدي ٢ / ١٤٢.

٣٤٢

النسبية - بحاله، لأنّ غيرها آكد، وهو الخلافة وافتراض الطاعة والعصمة والأفضلية، أو لأن الغرض المبالغة

وقال القزويني: « القصر حقيقي وغير حقيقي، وكلّ منهما نوعان: قصر الموصوف على الصفة، وقصر الصفة على الموصوف. والأول من الحقيقي نحو: ما زيد إلّاكاتب. إذا اُريد أنّه لا يتّصف بغيرها، وهو لا يكاد يوجد، لتعذّر الإحاطة بصفات الشيء. والثاني كثير نحو: ما في الدار إلّا زيد. وقد يقصد به المبالغة، لعدم الإعتداد بغير المذكور »(١) .

وقد أوضحه التفتازاني في شرحه ( المطوّل )(٢) .

أقول:

ولا مانع من تطبيق هذا الذي ذكروه، على الإستثناء في الحديث الشريف فيبطل شبهة ( الدهلوي )

على ضوء حديث: لا تشدّ الرّحال إلّا وما قاله المحدّثون

(٧) أخرج البخاري: عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الأقصى »(٣) .

وأخرجه: مسلم، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجة، وأحمد وغيرهم.

ولا ريب في أنّ الإستثناء في هذا الحديث متّصل، لأنّه مفرغ، وكلّ

____________________

(١). تلخيص المفتاح.

(٢). المطوّل في شرح تلخيص المفتاح: ٢٠٤ - ٢٠٥.

(٣). صحيح البخاري ٢ / ٧٦.

٣٤٣

استثناء مفرغ متصل، كما صرّح به ابن الحاجب وغيره

ولا ريب في جواز شدّ الرّحال إلى غير هذه المساجد

ولذا أعضل معنى هذا الحديث على كبار المحققين، ولجأوا إلى تأويله على بعض الوجوه لئلّا يلزم منه حرمة السّفر إلى غير تلك المساجد من المساجد والمشاهد

قال ولي الدين أبو زرعة العراقي في ( شرح تقريب الأسانيد ): « ويدل على أنّه ليس المراد إلّا اختصاص هذه المساجد بفضل الصلاة فيها، وأنّ ذلك لم يرد في سائر الأسفار: قوله في حديث أبي سعيد المتقدم: لا ينبغي للمصلّي أنْ تشد رحاله إلى مسجدٍ يبتغى فيه الصلاة غير كذا وكذا. فبيّن أنّ المراد شدّ الرحال إلى مسجدٍ يبتغى فيه الصّلاة، لا كلّ سفر، والله أعلم ».

وقد ألف بعض أعلامهم في خصوص تأويل هذا الحديث رسالة خاصة سمّاها: « منتهى المقال في شرح حديث شدّ الرحال ).

وتلخص: أنّ خروج بعض أفراد المستثنى منه بدلالة دليلٍ أو قيام قرينةٍ لا يستلزم الإنقطاع في الإستثناء

٢ - على ضوء قوله تعالى: ( قل لا أجد ) وما قاله المفسرون

(٨) قال الله عزوجل:( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ) (١) .

في هذه الآية استثناء، وهو استثناء متصل بلا ريب، والحال أنّ الأشياء المحرّمة غير ما ذكر فيها كثيرة، فكما أنّ خروج الأشياء الأخرى من تحت

____________________

(١). سورة الأنعام: ٦، الآية ١٤٥.

٣٤٤

الحكم المستثنى منه - لقيام الأدلة على خروجها - لا يقدح في اتصال الإستثناء، فكذلك فيما نحن فيه.

أما أنّ هناك أشياء أخرى من المطعومات محرّمة، فهذا غني عن الدليل والبيان، فإنه ممّا أجمع عليه أهل الإسلام، وإلّا لزم القول بحليّة كثير من المحرّمات القطعيّة كالنجاسات غير المذكورة في الآية مثل الخمر والمني، وكالمتنجّسات والمستنقذرات، فإنّه - وإنْ قال مالك بحليّة الكلب وسائر الحيوانات المحرمة غير الخنزير - لم يخالف أحد في حرمة الخمر وسائر النجاسات

ومن هنا ذكر الرازي تأويلات عديدة لإخراج الخمر وغيره - وإنْ صحّح مذهب مالك في الكلب - وهذا كلامه في تفسير الآية الكريمة:

« المسألة الثانية: لمـّا بيّن الله تعالى أنّ التحريم والتحليل لا يثبت إلّا بالوحي قال:( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ ) أي: على آكل يأكله. وذكر هذا ليظهر أنّ المراد منه هو بيان ما يحلّ ويحرم من المأكولات. ثم ذكر أموراً أربعة وكان هذا مبالغةً في بيان أنه لا يحرم إلاّهذه الاربعة فثبت أنّ الشريعة من أوّلها إلى آخرها كانت مستقرةً على هذا الحكم وعلى هذا الحصر.

فإنْ قال قائل: فيلزمكم في التزام هذا الحصر تحليل النجاسات والمستقذرات، ويلزم عليه أيضاً تحليل الخمر. وأيضاً: فيلزمكم تحليل المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة، مع أنّ الله تعالى حكم بتحريمها.

قلنا: هذا لا يلزمنا من وجوه: الأول: إنه تعالى قال في هذه الآية( أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) ومعناه: إنّه تعالى إنما حرّم لحم الخنزير لكونه نجساً، فهذا يقتضي أنّ النجاسة علة لتحريم الأكل، فوجب أن يكون كل نجس فإنه

٣٤٥

يحرم أكله، وإذا كان هذا مذكوراً في الآية كان السؤال ساقطاً. والثاني: إنّه تعالى قال في آية أخرى:( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ) وذلك يقتضي تحريم كلّ الخبائث، والنجاسات خبائث، فوجب القول بتحريمها. والثالث: إنّ الاُمة مجمعة على حرمة تناول النجاسات، فهب أنا التزمنا تخصيص هذه السورة بدلالة النقل المتواتر من دين محمد صلّى الله عليه وسلّم في باب النجاسات، فوجب أن يبقى ما سواها على وفق الأصل، تمسّكاً بعموم كتاب الله تعالى في الآية المكية والآية المدنية، فهذا أصل مقرر كامل في باب ما يحل وما يحرم من المطعومات.

وأما الخمر فالجواب عنه: أنها نجسة فتكون من الرجس، فتدخل تحت قوله:( رِجْسٌ ) وتحت قوله:( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ) وأيضاً: ثبت تخصيصه بالنقل المتواتر من دين محمد صلّى الله عليه وسلّم في تحريمه. وبقوله تعالى:( فَاجْتَنِبُوهُ ) وبقوله:( وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) والعام المخصوص حجة في غير محلّ التخصيص، فتبقى هذه الآية فيما عداها حجة.

وأمّا قوله: يلزم تحليل المنخنقة الموقوذة والمتردية والنطيحة.

فالجواب عنه من وجوه: أوّلها: أنها ميتات، فكانت داخلة تحت هذه الآية. وثانيها: أنّا نخصّص عموم هذه الآية بتلك الآية. وثالثها: أن نقول: إنها إنْ كانت ميتةً دخلت تحت هذه الآية، وإنْ لم تكن ميتةً فنخصّصها بتلك الآية »(١) .

أقول:

فكما أنّ أشياء كثيرة غير داخلة في المستثنى منه في الآية الكريمة وأنّ الآية - مع ذلك - باقية على عمومها فيما عدا تلك الأشياء، كذلك الحديث

____________________

(١). تفسير الرازي ١٣ / ٢١٩ - ٢٢٠.

٣٤٦

الشريف خروج بعض الأشياء عن جملة المنازل المثبتة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، قام الدليل من العرف أو النقل على خروجها، لا يوجب بطلان اتّصال الإستثناء وعدم عموم الحديث في غير ما أخرجه الدليل

وعلى الجملة، فقد سقط تمسّكات ( الدهلوي ) واستدلالاته على انقطاع الإستثناء في الحديث الشريف

ومن هنا نرى ابن حجر المكي لا يتمسّك بتلك الأمور لنفي دلالة لفظ « المنزلة » على العموم، وإنّما يدّعي تخصيص هذا العموم على تقدير تسليمه فيقول: « سلّمنا أن الحديث يعمّ المنازل كلها، لكنه عام مخصوص، إذْ من منازل هارون كونه أخاً نبيّاً، والعام المخصوص غير حجةٍ في الباقي أو حجة ضعيفة، على الخلاف فيه »(٢) .

فانظر إلى الفرق بين الإستدلالين!!

لكنّ ما ذكره ابن حجر المكي، تبعاً للقاضي العضد - من جهة انتفاء النبوة - سخيف، وقد أوضح الشريف الجرجاني وهنه، وما ذكره - من جهة انتفاء الاُخوة - مندفع بما تقدّم من أن المراد بالمنازل هو المنازل المشهورة المعروفة المثبتة للأفضلية الدينية والمختصَّة بأهل الإيمان، فانتفاء الاخوة النسبية غير مانع عن دلالة لفظ « المنزلة » على العموم فالعام غير مخصوص

الردّ على ابن حجر في حكم العام المخصوص

وما ذكره من أن « العام المخصوص غير حجة في الباقي أو حجة ضعيفة » فالجواب عنه: إنّ العام المخصوص حجة بإجماع الصحابة والسّلف، وإنكار

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٤.

٣٤٧

حجّيّته مكابرة محضة نصّ على ذلك المحقّقون من أهل السنّة:

قال عبد العزيز البخاري: « قوله: إجماع السلف على الإحتجاج بالعموم.

أي: بالعام الذي خصّ منه، فإن فاطمة إحتجّت على أبي بكر رضي الله عنهما في ميراثها من النبي صلّى الله عليه وسلّم بعموم قوله تعالى:( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) (١) الآية. مع أنّ الكافر والقاتل وغيرهما خصّوا منه، ولم ينكر أحد من الصّحابة احتجاجها به مع ظهوره وشهرته، بل عدل أبو بكر في حرمانها إلى الإحتجاج بقوله عليه الصلاة والسلام: نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة.

وعلىرضي‌الله‌عنه احتج على جواز الجمع بين الاُختين بملك اليمين بقوله تعالى:( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) وقال: أحلّتهما آية مع كون الأخوات والبنات مخصوصة منه.

وكان ذلك مشهوراً فيما بين الصحابة، ولم يوجد له نكير، وكذا الإحتجاج بالعمومات المخصوص منها مشهور بين الصحابة ومن بعدهم، بحيث يعدّ إنكاره من المكابرة، فكان إجماعاً»(١) .

أقول:

ولو كان العام المخصوص غير حجة أو حجةً ضعيفةً، لزم عدم حجية قوله تعالى:( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) أو كونه حجةً ضعيفة، لوقوع التخصيص في هذه الآية أيضاً. وكذا في قوله عزوجل:( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) ، لأنّ لفظ « الناس » عام يتناول الصبيان والمجانين أيضاً، وهم خارجون عن المراد قطعاً، فيلزم أن تكون هذه الآية كذلك حجةً ضعيفة أو لا حجة وكذا غيرهما من

____________________

(١). كشف الأسرار في شرح اصول البزدوي ١ / ٦٢٨.

٣٤٨

الآيات الكريمة، وهي كثيرة

وقال البيضاوي في بيان المخصِّصات من المتّصل والمنفصل: « والمنفصل ثلاثة: الأول العقل، كقوله:( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) والثاني: الحس، مثل( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) الثالث: الدليل السمعي ».

قال شارحه الفرغاني: « والمخصص للعام المنفصل عنه، وهو ما لا يتعلّق به تعلّقاً لفظياً ثلاثة أقسام: لأنّ الدليل المنفصل إمّا سمعي شرعي أو لا. والثاني إمّا أنْ يكون عقلياً أو حسيّاً. القسم الأول: وهو ما يكون مخصص العام العقل، وتخصيصه إيّاه قد يكون بالبداهية كقوله:( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) فالشيء عام يتناوله ذاته، ويعلم ضرورة أنه ليس خالقاً لذاته، وقد يكون بالنظر كقوله تعالى:( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) فإن لفظ الناس متناول للصبيان والمجانين، مع أنّهم ليسوا المرادين بنظر العقل، لانتفاء شرط التكليف في حقهم وهو الفهم. القسم الثاني: ما يكون مخصّص العام الحس، مثل قوله:( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) فإن الشيء عام يتناول السماء والأرض والشمس والقمر والعرش والكرسي مثلاً. والحس يخصّصه، إذ يعلم حساً أنها لم تؤتَ من هذه المذكورات شيئاً »(١) .

وقال السيوطي في ذكر أحكام العام المخصوص: « وأمّا المخصوص فأمثلته في القرآن كثيرة جداً، وهي أكثر من المنسوخ، إذ ما من عامٍ فيه إلّا وقد خص. ثم المخصّص له إما متصل وإمّا منفصل والمنفصل آية أخرى في محلٍّ آخر، أو حديث، أو إجماع، أو قياس.

فمن أمثلة ما خصَّ بالقرآن: قوله تعالى:( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ

____________________

(١). شرح المنهاج للعبري الفرغاني - الفصل الثالث: في المخصص، من الباب الثالث: في العموم والخصوص - مخطوط.

٣٤٩

ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) خصّ بقوله:( إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها ) وبقوله:( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) .

ومن أمثلة ما خصّ بالحديث: قوله تعالى:( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٣) خصّ منه البيوع الفاسدة - وهي كثيرة - بالسنّة

ومن أمثلة ما خصّ بالإجماع: آية المواريث. خصّ منه الرقيق، فلا يرث بالإجماع. ذكره مكي.

ومن أمثلة ما خصّ بالقياس: آية الزنا:( فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) خص منها العبد بالقياس على الأمة المنصوصة في قوله:( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ ) المخصص لعموم الآية. ذكره مكي أيضاً »(١) .

أقول:

فلو صحّ ما وقع فيه ابن حجر من التوهّم، لزم أنْ تكون هذه الآيات الكثيرة المخصّصة حججاً ضعيفةً أو غير حجة، فيكون استدلال أهل الإسلام بتلك الآيات على المسائل الشرعية والأحكام الدينية المستفادة منها في غاية الوهن. ومعاذ الله من ذلك.

قوله:

« فلو جعلنا الإستثناء متّصلاً، وحملنا المنزلة على العموم، لزم الكذب في كلام المعصوم ».

____________________

(١). الإتقان في علوم القرآن ٣ / ٥٣ - ٥٥.

٣٥٠

أقول:

قد تبيّن - ولله الحمد - أنّ الإستثناء متّصل، ولفظ « المنزلة » محمول على العموم، وأنّ خروج بعض الأفراد غير المتبادرة غير ضائر نعم لقد قامت الأدلة السديدة والبراهين العديدة على أنّ الإستثناء في هذا الحديث الشريف متصل غير منقطع، وأنّ ذلك صريح رواية أحمد والنّسائي وغيرهما من الأعلام، حيث رووا الحديث بلفظ « إلاّ النبوة » بدلاً عن « إلاّ أنه لا نبي بعدي » فلو كان ( الدهلوي ) صادقاً في دعوى لزوم الكذب في كلام المعصومصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فبماذا يجيب عن تلكم الدلائل الكثيرة والبراهين العديدة الباهرة؟

ثم إنّ استدلال ( الدهلوي ) بانتفاء كبر السنّ غيره مما ذكر، على إبطال عموم المنزلة - وإلّا لزم الكذب في كلام المعصوم - يشبه تماماً احتجاج ولجاج عبدالله بن الزبعرى الكافر، واعتراضه على قوله تعالى:( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) (١) قال عبد العزيز البخاري في بيان أدلة القائلين بجواز تأخير التخصيص: « ومنها قوله تعالى:( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) أي: حطبها. والحصب ما يحصب به، أي يرمى، يقال: حصبتهم السماء، إذا رمتهم بالحصباء، فَعَلٌ بمعنى مفعول.

وهذا عام لحقه خصوص متراخ أيضاً، فإنّه لمـّا نزل، جاء عبدالله بن الزبعرى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا محمد، أليس عيسى وعزير والملائكة قد عبدوا من دون الله، أفتراهم يعذّبون في النار؟ فأنزل الله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ) أي السعادة أو التوفيق للطاعة( أُولئِكَ

____________________

(١). سورة الأنبياء ٢١: الآية ٩٨.

٣٥١

عَنْها ) أي عن النار( مُبْعَدُونَ ) .

فأجاب: بأنا لا نسلّم أن في ذلك تخصيصاً، إذ لا بدّ له من دخول المخصوص تحت العموم لولا المخصص، وأولئك لم يدخلوا في هذا العام لاختصاص « ما » بما لا يعقل. على أنّ الخطاب كان لأهل مكة وأنّهم كانوا عبدة الأوثان، وما كان فيهم من عبد عيسى والملائكة، فلم يكن الكلام متناولاً لهم.

ولا يقال: لو لم يدخلوا لما أوردهم ابن الزبعرى نقضاً على الآية وهو من الفصحاء، ولردَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يسكت عن تخطئته.

لاّنا نقول: لعلّ سؤال ابن الزبعرى كان بناءً على ظنّه أن « ما » ظاهرة فيمن يعقل أو مستعملة فيه مجازاً، كما استعملت في قوله:( وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ) وقد اتفق على وروده بمعنى « الذي » المتناول للعقلاء، على أنّه أخطأ، لأنها ظاهرة فيما لا يعقل، والأصل في الكلام هو الحقيقة. وأمّا عدم ردّ الرّسول عليه الصلاة والسلام فغير مسلّم، لما روي أنه عليه الصّلاة والسلام قال لابن الزبعرى لمـّا ذكر ما ذكر ردّاً عليه: ما أجهلك بلغة قومك! أما علمت أن « ما » لما لا يعقل و « من » لمن يعقل. هكذا ذكر في شرح أصول الفقه لابن الحاجب »(١) .

وبنفس البيان المذكور لدفع اعتراض ابن الزبعرى، ندفع الإشكال في الإستدلال بالحديث الشريف، ونقول بأن المراد من المنازل هي المنازل المثبتة للفضيلة، والتي ليس لغير أهل الإيمان منها نصيب، ولهذا لم يكن عموم المنزلة شاملاً من أول الأمر لكبر السنّ والأخوة النسبية والأفصحيّة فالإعتراض بانتفائها مندفع، كاعتراض ابن الزبعرى الكافر بانتفاء حكم الآية في حق عيسى وعزير والملائكة

____________________

(١). كشف الأسرار في شرح اصول البزدوي ٣ / ٢٢٩ - ٢٣٠.

٣٥٢

خلاصة وجوه دلالة لفظ المنزلة في الحديث على العموم

وبعد، فإنّ لفظ « المنزلة » المضاف في حديث المنزلة يدلّ على العموم بوجوهٍ كثيرة، قد تقدم شطر وافر منها وبها الكفاية.

وهي تتلخّص فيما يلي:

١ - ذكر عضد الدين الإيجي أن اسم الجنس المضاف من صيغ العموم عند المحققين. ولفظ « المنزلة » اسم جنس مضاف، فهو دال على العموم.

٢ - ذكر برهان الدين العبري الفرغاني في ( شرح المنهاج ) أن اسم الجنس المضاف يدل على العموم كاسم الجنس المحلّى باللام.

٣ - ذكر جلال الدين المحلّى في ( شرح جمع الجوامع للسبكي ) أن المفرد المضاف إلى المعرفة للعموم على الصحيح، وقد نقل ذلك عن السبكي في شرح المختصر.

٤ - ذكر عبد العلي الأنصاري في ( شرح مسلّم الثبوت ) أن لفظ( سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) في الآية:( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) يدل على العموم، لأن المفرد المضاف من صيغ العموم، لجواز الإستثناء منه، وذلك معيار العموم.

٥ - صرّح أبو البقاء في ( الكليّات ) بأن المفرد المضاف إلى المعرفة للعموم، ونقل عن الأصوليين تصريحهم بذلك في استدلالهم على أن الأمر في قوله تعالى:( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) للوجوب، وأن المراد من « أمره » كلّ أمر الله.

٣٥٣

٦ - صرّح زين الدين ابن نجيم المصري في كتابه ( الأشباه والنظائر ) بأنّ المفرد المضاف إلى المعرفة للعموم، وأنّ الاصوليين صرّحوا بذلك في الإستدلال بالآية:( فَلْيَحْذَرِ ) حيث نصّوا على أن المراد من « أمره » كلّ أمر الله. ثم فرّع بعض المسائل الفقهية على هذه القاعدة الاُصولية.

٧ - ذكر التفتازانى في ( المطوّل ) و ( المختصر ) أنّ إضافة المصدر في قول صاحب ( التلخيص ): « وارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول بمطابقته للإعتبار المناسب وانحطاطه بعدمها » يفيد العموم، وقد استدل بذلك على حصر ارتفاع شأن الكلام الفصيح بمطابقته للإعتبار المناسب.

٨ - صرّح نظام الدين عثمان الخطائي في ( حاشية المختصر للتفتازاني ) بأنّ إضافة المصدر لا تفيد العموم إلاّمن جهة أنّ اسم الجنس المضاف من أدواة العموم.

٩ - وافق الجلبي في ( حاشية المطوّل ) التفتازاني فيما ذكره في معنى عبارة صاحب ( التلخيص )، ونقل الجلبي عن المحقّق الرضي -رضي‌الله‌عنه - أنّ اسم الجنس العاري عن القرينة يدل على الإستغراق.

١٠ - ذكر الجلبي في موضع آخر: أنّ مبنى قول التفتازاني بأنّ إضافة المصدر تفيد الحصر هو أنّ المصدر المضاف من صيغ العموم، وقضيّة: « استغراق المفرد أشمل » لكون لفظ « الإستغراق » مصدراً مضافاً - قضية كليّة، ودعوى كونها قضيةً مهملة توهم باطل.

١١ - ذكر عبد الرحمن الجامي في ( الفوائد الضيائية بشرح الكافية ) أنّ المصدر المضاف في مثل: ضرب زيد قائماً. أو: ضربي زيداً قائماً

حيث أضيف المصدر في الأول إلى العلم، وفي الثاني إلى ضمير المتكلّم يفيد العموم.

٣٥٤

١٢ - ذكر ابن الحاجب في ( الإيضاح - شرح المفصل ) أن ضربي زيداً قائماً، يفيد معنى: ما ضربت إلّا قائماً، وأن معنى: أكثر شربي السويق ملتوتاً هو: ما أكثر الشرب إلّاملتوتاً. ووجه إفادة الحصر هو: أن المصدر متى أضيف أفاد العموم بالنسبة إلى المضاف إليه، مثل أسماء الأجناس وجموع الأجناس، حيث أنها في حال الإضافة تفيد العموم، ومعنى: ماء البحار حكمه كذا هو: إن حكم جميع مياه البحار كذا. ومعنى علم زيد حكمه كذا: إن جميع علم زيد حكمه كذا.

أقول: فهذه التصريحات من هؤلاء الأكابر المحققين - لاسيّما ما ذكره ابن الحاجب والجامي - كافية لإثبات دلالة لفظ « المنزلة » المضاف إلى لفظ « هارون » في الحديث على العموم

١٣ - إنّه لا ريب في صحة الإستثناء من لفظ المنزلة المضاف في هذا الحديث الشريف، وصحّة الإستثناء تدل على العموم، حسب تصريحات أعاظم علماء الاصول: كالبيضاوي، والعبري، وابن إمام الكاملية، والجلال المحلي، ومحبّ الله البهاري، وعبد العلي الأنصاري.

١٤ - إنّه قد اعترف ( الدهلوي ) نفسه بأنّ صحة الإستثناء المتصل دليل العموم، وقد عرفت صحّة الإستثناء المتصل من لفظ « المنزلة » المضاف إلى لفظ « هارون ». فيكون الحديث دالاً على عموم المنزلة باعتراف ( الدهلوي ) أيضاً.

١٥ - إنّ الإستثناء المتّصل هو الأظهر، كما نصَّ عليه ابن الحاجب بل إنّ الإستثناء حقيقة في المتصّل مجاز في المنقطع، كما نصّ عليه القاضي الإيجي، ومحبّ الله البهاري، وأضاف البهاري أنّه لا يتبادر من الإستثناء إلّا الإستثناء المتصّل قالوا: ولهذا لا يحمل علماء الأمصار الإستثناء على المنقطع ما أمكن حمله على المتّصل ولو بتأويل، فإذا تعذّر حمله على المتّصل حملوه على المنقطع.

٣٥٥

١٦ - وذكر عبد العزيز البخاري أنّ أكثر العلماء على أنّ الإستثناء( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ) في قوله تعالى:( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) هو استثناء متّصل، لأنّ الحمل على الحقيقة واجب مهما أمكن، ولذا قدّروا الآية « أولئك هم الفاسقون في جميع الأحوال ».

١٧ - وذكر عبد العزيز عن الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف في قول القائل: لفلان عليَّ ألف درهم إلاّثوباً: أنّ هذا الإستثناء صحيح، وهو محمول على نفي قيمة الثوب، فيسقط قدر قيمة الثوب من الألف. قال: والعمل على هذا واجب، لعدم جواز حمل الإستثناء على المنقطع، بل هو متصل بتقدير لفظ القيمة. وقد عزا عبد العزيز البخاري هذا إلى عموم الحنفية كذلك.

١٨ - وذكر البخاري أنّ الإستثناء( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) في قوله عزوجل( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) متصل بحمل الصّدر على عموم الأحوال.

وكذا قال في الحديث: لا تبيعوا الطعام بالطعام إلّاسواء بسواء.

أقول: وبهذه الوجوه نقول: بأنْ الإستثناء في حديث المنزلة متّصل لا منقطع، لأن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إلّا أنّه لا نبي بعدي » إمّا هو في تقدير: إلاّ النبوّة لأنه لا نبي بعدي، وإمّا هو محمول على « إلّا النبوة ».

١٩ - إنه - بقطع النظر عمّا ذكر - لا يجوز حمل الإستثناء في الحديث على المنقطع، إذ يعتبر في الإستثناء المنقطع وجود المخالفة بوجهٍ من الوجوه مع السّابق، كما نصَّ عليه القاضي الإيجي، وكذا القطب الشيرازي مصرحاً بأنه ممّا

٣٥٦

اتفق عليه العلماء كلّهم قالوا: ولذا لا يصح أن يقال: ما جاءني زيد إلّا أنّ الجوهر الفرد حق.

أقول: وأنت خبير بأنْ لا مخالفة بين عدم النبوة وبين ثبوت منزلة هارون لأمير المؤمنينعليه‌السلام في حال عدم عموم المنزلة، و: « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّاعدم النبوة » يكون مثل: « ما جاءني زيد إلّا أنّ الجوهر الفرد حق » ويجلّ عنه أدنى فصيح، فكيف بمن هو أفصح من نطق بالضاد!!

٢٠ - لقد روى جماعة من أئمة أهل السنّة وكبار حفّاظهم حديث المنزلة بلفظ « إلّا النبوة » منهم:

أحمد بن حنبل. في المسند، وفي كتاب مناقب على.

والنسائي. في كتاب الخصائص، عن صفوان، عن سعيد بن المسيب، عن سعد. وعن هشام، عن سعيد بن المسيب، عن سعد. وعن عائشة، عن أبيها.

وابن عساكر الدمشقي، بسنده عن جابر بن عبد الله.

والموفّق بن أحمد الخوارزمي المكي، بسنده عن جابر بن عبد الله.

وابن كثير الشامي، حيث روى رواية أحمد، وصحّح إسنادها.

وسبط ابن الجوزي، حيث أورد رواية أحمد.

والمولوي ولي الله اللكهنوي، حيث روى رواية النسائي.

أقول:

فالإستثناء متّصل، وبطلان دعوى انقطاعه واضح.

٢١ - لقد فسّر جماعة من محقّقي القوم، ونصّوا بوجوهٍ عديدة، على أن المستثنى في الحديث هو « النبوة » لا « عدم النبوة » فالإستثناء عندهم متّصل لا منقطع لاحظ كلام ابن طلحة الشافعي في ( مطالب السئول ) وابن الصبّاغ

٣٥٧

المالكي في ( الفصول المهمة ) ومحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في ( الروضة الندية ).

ولاحظ كلام الطيّبي في ( شرح المصابيح )، والعلقمي في ( شرح الجامع الصّغي )، والقسطلاني، والمناوي، والعزيزي، وعبد الحق الدهلوي في ( مدارج النبوة ).

٢٢ - وهو صريح عبارة والد ( الدهلوي ) في كتابيه ( قرة العينين ) و ( إزالة الخفا ).

وعبارة ثناء الله پاني پتي تلميذ والد ( الدهلوي ).

وعبارة رشيد الدين الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ).

٢٣ - بل هو صريح كلام نصرالله الكابلي، وهو مقتدى ( الدهلوي ) وإمامه الذي نسج على منواله وانتحل أكثر كلامه

٣٥٨

وجوه أخرى

في دلالة الحديث على عموم المنزلة

٣٥٩

٣٦٠