نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار8%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206500 / تحميل: 7203
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

تريدون؟ فعيّنوا، وذكر لهم ما أرادوا، وكذلك فعل في الفقه والخلاف، لم يذكر إلّاما عيّن الجماعة له، فعجبوا لكثرة استحضاره.

قال ابن النجّار: حدّثني شيخنا أبو القاسم الصّوفي قال: صلّى شيخنا القزويني بالناس التّراويح في ليالي شهر رمضان، وكان يحضر عنده خلق كثير، فلمـّا كان ليلة الختم دعا وشرع في تفسير القرآن من أوّله ولم يزل يفسّر سورة حتّى طلع الفجر، فصلّى بالناس صلوة الفجر بوضوء العشاء، وخرج من الغد إلى المدرسة النّظاميّة، وكان نوبته في الجلوس بها، فلما تكلّم في المنبر على عادته وكان في المجلس الأمير قطب الدين قيماز والأعيان، فذكر لهم أنّ الشيخ ليلتئذ فسّر القرآن كله في مجلس واحد، فقال قطب الدّين: الغرامة على الشيخ واجبة، فالتفت الشيخ وقال: إنّ الأمير أوجب علينا شيئاً، فإن كان لا يشق عليكم وفينا به، فقالوا: لا بل نُؤثر ذلك، فشرع وفسّر القرآن من أوّل إلى آخره من غير أن يعيد كلمة ممّا ذكر ليلاً، فأبلس الناس من قوّة حفظه وغزارة علمه.

قال أبو أحمد بن سكينة: لمـّا أظهر ابن الصاحب الرفض ببغداد، جاءني القزويني ليلاً فودّعني وذكر أنّه متوجّه إلى بلاده، فقلت: إنّك هاهنا طيّبٌ تنفع النّاس، فقال: معاذ الله أن اقيم ببلدة يجهر فيها بسبّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ خرج من بغداد إلى قزوين، وكان آخر العهد به.

قلت: أقام بقزوين معظّماً محترماً إلى أن توفي بها.

قال الرافعي في الأمالي: كان يعقد المجالس للعامّة ثلاث مرّات في الأسبوع إحداهما صبيحة يوم الجمعة، فتكلّم على عادته يوم الجمعة ثاني عشر المحرّم سنة تسعين وخمسمائة في قوله تعالى( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ) وذكر أنّها من أواخر ما نزل، وعدّ الآيات المنزلة آخراً منها( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) ومنها سورة النصر

١٨١

وقوله تعالى:( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ) وذكر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما عاش بعد نزول هذه الآية إلّا سبعة أيّام. قال الرّافعي: ولمـّا نزل من المنبر حمّ فمات في الجمعة الاُخرى، ولم يعش بعد ذلك إلّاسبعة أيّام. قال: وذلك من عجيب الإتّفاقات. قال: وكأنّه أُعلم بالحال وأنّه حان وقت الإرتحال. ودفن يوم السّبت قال: ولقد خرجت من الدار بكرة ذلك اليوم على قصد التعزية وأنا في شأنه متفكّر وممّا أصابه منكسر، إذ وقع في خلدي من غير نيّة وفكروريّة:

بكت العلوم بويلها وعويلها

لوفاة أحمدها ابن اسماعيلها

كأنّ أحداً يكلّمني بذلك، ثمّ أضفت إليه أبياتاً بالرويّة ذهبت عنّي، إنتهى والله أعلم »(١) .

٨ - الداودي: « أحمد بن إسماعيل بن يوسف، أبو الخير الطالقاني القزويني الشافعي، رضي الدّين، أحد الأعلام.

قال ابن النجّار: كان رئيس أصحاب الشافعي، وكان إماماً في المذهب والخلاف والأصول والتفسير والوعظ كثير المحفوظ أملى الحديث ووعظ، وسمع الكثير من أبي عبدالله الفراوي، وزاهر الشحّامي، وهبة الله السندي، وأبي الفتح بن البطّي، وتفقّه على ملكداد ومحمّد بن مكّي، ودرّس ببلده وببغداد، وحدّث بالكتب الكبار، وولّي تدريس النظاميّة، وكان كثير العبادة والصّلوة، دائم الذّكر، دائم الصّوم، له في كلّ يوم ختمة، وقال ابن المديني: كان له يد باسطة في النظر واطّلاع على العلوم ومعرفة الحديث، وقال الموفق بن عبداللطيف البغدادي: كان يعمل في اليوم واللّيل ما يعجز المجتهد عن عمله في شهر.

____________________

(١). طبقات الشافعية الكبرى ٦ / ٧.

١٨٢

ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، ومات في المحرّم سنة تسعين »(١) .

(١٨)

رواية الملّاء الإربلي

رواه « عن ابن عباس -رضي‌الله‌عنه - قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوحٍ في فهمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(٢) .

وسيأتي كلام الحافظ محبّ الدين الطبري الدال على إخراج الملّا هذا الحديث.

ترجمة الملّاء

واشتهر عمر بن محمّد الملّا بين علماء أهل السنّة ومحدّثيهم بالورع والصلاح، حتّى اقتدى به أكابرهم من السلاطين والعلماء الأعلام:

قال محمّد بن يوسف الشامي في ( سيرته ) ما نصّه: « الباب الثالث عشر، في أقوال العلماء في عمل المولد الشريف واجتماع الناس له، وما يحمد من ذلك وما يذمّ:

قال الحافظ أبو الخير السّخاوي في فتاواه: عمل المولد الشّريف لم ينقل عن أحد من السّلف الصالح في القرون الثّلاثة الفاضلة، وإنّما حدث بعدها، ثمّ

____________________

(١). طبقات المفسّرين ١ / ٣١.

(٢). وسيلة المتعبدين في سيرة سيّد المرسلين ٥ / ١٦٨.

١٨٣

لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلّى الله عليه وسلّم، بعمل الولائم البديعة المشتملة على الأمور البهيجة الرفيعة، ويتصدّقون في لياليه بأنواع الصّدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرّات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته فضل عظيم

وقال الإمام الحافظ أبو محمّد عبدالرّحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة، في كتابه الباحث على إنكار البدع والحوادث: قال الرّبيع قال الشافعي رحمه الله تعالى : المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أُحدث ممّا يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً وإجماعاً، فهذه البدعة هي الضّلالة، والثّاني: ما أُحدث من الخير لا خلاف فيه لأحدٍ من هذا، فهي محدثة غير مذمومة، قال عمررضي‌الله‌عنه في قيام رمضان: نعمت البدعة هذه، يعني إنّها محدّثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها ردّ لما مضى، فالبدع الحسنة متّفق على جواز فعلها والإستحباب لها ورجاء الثّواب لمن حسنت نيّته فيها، وهي كلّ مبتدع موافق لقواعد الشّرعيّة، غير مخالفٍ لشيء منها، ولا يلزم من فعله محذور شرعي، وذلك نحو بناء المنابر والرّبط والمدارس وخانات السّبيل وغير ذلك، ومن أنواع البرّ الّتي لم تعهد في الصّدر الأوّل، فإنّه موافق لما جاءت به السنّة من اصطناع المعروف والمعاونة على البرّ والتقوى.

ومن أحسن البدع ما ابتدع في زماننا هذا من هذا القبيل، ما كان يفعل بمدينة إربل كلّ عام، في اليوم الموافق ليوم مولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الصّدقات والمعروف وإظهار الزّينة والسّرور، فإنّ ذلك مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء يشعر بمحبّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتعظيمه وإجلاله في قلب فاعله، وشكر الله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الّذي هو رحمة

١٨٤

للعالمين صلّى الله عليه وسلّم، وكان أوّل من فعل ذلك بالموصل عمر بن محمّد الملّا أحد الصالحين المشهورين، وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره رحمهم‌ الله تعالى »(١) .

وهذه القضيّة بوحدها تكفي لمعرفة جلالة قدر هذا الرجل وعظم شأنه عند أهل السنّة، إذ كان عمله حجةً عندهم ودليلاً على جوازه بل على رجحانه، وذلك بعد مضيّ قرونٍ - فيها العلماء والصالحون - لم يفعل فيها ذلك وما ذلك إلّا لكثرة اعتقاد القوم بورع هذا الرجل وشدّة وثوقهم بديانته وصلاحه.

اعتبار كتاب وسيلة المتعبّدين

وكتابه ( وسيلة المتعبّدين ) يعدّ عندهم من خيرة الكتب المؤلّفة في سيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ذكره ( الدهلوي ) في ( أصول الحديث ) في كتب السّير في سياق سيرة ابن هشام وسيرة ابن إسحاق

وقال الصديق حسن خان القنوجي في كتاب ( الحطّة في ذكر الصحاح الستّة ): « وأمّا أحاديث التواريخ والسير فهي قسمان: قسم يتعلّق بخلق السماء والأرض والحيوانات و قسم يتعلّق بوجود النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه الكرام وآله العظام من بدء الولادة إلى الوفاة، ويسمّى « سيرة ». كسيرة ابن إسحاق وسيرة ابن هشام وسيرة الملّا عمر. والكتب المصنّفة في هذا الباب أيضاً كثيرة جدّاً ».

ولقد نقل عن هذا الكتاب واعتمد عليه سائر العلماء:

قال الكابلي في ( الصواقع ): « ولأنّ نفي وجوب محبة غير علي من

____________________

(١). سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ١ / ٣٦٢ - ٣٦٥.

١٨٥

الصحابة كذب مفترىً، فقد روى الحافظ أبو طاهر السلفي في مشيخته عن أنس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حبّ أبي بكر وشكره واجب على اُمّتي.

وأخرج ابن عساكر عنه نحوه، ومن طريق آخر عن سعد بن سهل الساعدي.

وأخرج الحافظ عمر بن محمّد بن خضر الملّاء في سيرته عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: إن الله فرض عليكم حبّ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كما فرض عليكم الصلاة والزكاة والصوم والحج ».

فهذا نصّ كلام الكابلي.

وتجده بعينه في ( التحفة ) حيث قال هذا في جواب الإستدلال بآية المودّة، فراجعه، لترى كيف ينتحل ( الدهلوي ) كلام الكابلي، في بحوث كتابه(١) .

وقد أكثر من النقل عنه: الحافظ المحبّ الطبري، في كتابه ( الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة ).

وكذلك السمهودي الحافظ، فإنّه قال:

« عن جابر -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا يحبّنا أهل البيت إلّا مؤمن تقي، ولا يبغضنا إلّامنافق شقي.

أخرجه الملّاء. قاله المحب »(٢) .

وقال السمهودي: « أخرج أبو سعد والملّا في سيرته حديث: استوصوا بأهلي خيراً، فإنّي أُخاصمكم عنهم غداً، ومن أكن خصيمه أخصمه، ومن

____________________

(١). التحفة الإثنا عشرية: ٢٠٥.

(٢). جواهر العقدين ٢ / ٢٤٢.

١٨٦

أخصمه دخل النار. وحديث: من حفظني في أهل بيتي فقد اتّخذ عند الله عهداً. وأخرج الأوّل فقط حديث: أنا وأهل بيتي شجرة في الجنّة وأغصانها في الدنيا، فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلاً. وأخرج الملّا حديث: في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ألا وإنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله عزّوجلّ فانظروا من توفدون »(١) .

وقال كاشف الظنون: « وسيلة المتعبّدين، للشيخ الصالح عمر بن محمّد ابن خضر الإربلي، المتوفى سنة وهو الذي كان يعتقده نور الدين الشهيد »(٢) .

ذكر الملك نور الدين الشهيد الذي اعتقد الملّاء

والملك المذكور موصوف عندهم بأحسن الأوصاف:

قال ابن الأثير: « ذكر وفاة نور الدين محمود زنكي -رحمه‌الله - في هذه السنة. توفي نور الدين محمود بن زنكي بن اقسنقر، صاحب الشام وديار الجزيرة ومصر، يوم الأربعاء، حادي عشر شوّال، بعلّة الخوانيق، ودفن بقلعة دمشق، ونقل منها إلى المدرسة التي أنشأها بدمشق عند سوق الخواصين.

ومن عجيب الإتّفاق أنّه ركب ثاني شوّال، وإلى جانبه بعض الأمراء الأخيار، فقال الأمير: سبحان من يعلم هل نجتمع هنا في العامل المـُقْبِل أم لا؟ فقال نور الدّين: لا تقل هكذا، بل سبحان من يعلم هل نجتمع بعد شهر أم لا؟ فمات نور الدينرحمه‌الله بعد أحد عشر يوماً، ومات الأمير قبل الحول، فأخذ كلّ منهما بما قاله

____________________

(١). جواهر العقدين ٢ / ٩١.

(٢). كشف الظنون ٢ / ٢٠١٠.

١٨٧

وكان قد اتّسع ملكه جدّاً، وخطب له بالحرمين الشريفين، وباليمن لمـّا دخلها شمس الدّولة بن أيّوب وملكها، وكان مولده سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وطبّق ذكره الأرض بحسن سيرته وعدله.

وقد طالعت سير الملوك المتقدّمين، فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبدالعزيز، أحسن من سيرته، ولا أكثر تحريّاً منه للعدل، وقد أتينا على كثير من ذلك في كتاب الباهر من أخبار دولتهم، ولنذكر هاهنا نبذة لعلّه يقف عليها من له حكم فيقتدي به.

فمن ذلك زهده وعبادته وعلمه، فإنّه كان لا يأكل ولا يلبس ولا يتصرّف إلّا في الّذي يخصّه من ملك كان له، قد اشتراه من سهمه من الغنيمة، ومن الأموال المرصدة لمصالح المسلمين، ولقد شكت إليه زوجته من الضّائقةِ، فأعطاها ثلاث دكاكين في حمص كانت له، يحصل له منها في السّنة نحو العشرين ديناراً، فلمـّا استقلتها قال ليس لي إلّا هذا، وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسلمين، لا أخونهم فيه ولا أخوض نار جهنّم لأجلك. وكان يصلّي كثيراً باللّيل، وله فيه أوراد حسنة، وكان كما قيل:

جمع الشّجاعة والخشوع لربّه

ما أحسن المحراب في المحراب

وكان عارفاً بالفقه على مذهب أبي حنيفة، ليس عنده فيه تعصّب، وسمع الحديث وأسمعه طلباً للأجر.

وأمّا عدله، فإنّه لم يترك في بلاده على سعتها مكساً ولا عشراً، بل أطلقها جميعها في مصر والشام والجزيرة والموصل، وكان يعظّم الشريعة ويقف عند أحكامها، وأحضره إنسان إلى مجلس الحكم فمضى معه إليه، وأرسل إلى القاضي كمال الدين بن الشهرزوري فقال: قد جئت محاكماً فاسلك معي ما تسلك مع الخصوم، وظهر له الحقّ، فوهبه الخصم الّذي أحضره وقال:

١٨٨

أردت أن أترك له ما يدّعيه، إنّما خفت أن يكون الباعث لي على ذلك الكبر والأنفة من الحضور إلى مجلس الشريعة، فحضرت ثمّ وهبته ما يدّعيه.

وبنى دار العدل في بلاده، وكان يجلس هو والقاضي فيها ينصف المظلوم، ولو أنّه يهودي من الظالم، ولو أنّه ولده أو أكبر أمير عنده

وكان يكرم العلماء وأهل الدّين ويعظّمهم ويقوم إليهم ويجلسهم معه وينبسط معهم ولا يردّ لهم قولاً ويكاتبهم بخطّ يده، وكان وقوراً مهيباً مع تواضعه.

وبالجملة، فحسناته كثيرة ومناقبه غزيرة لا يحتملها هذا الكتاب »(١) .

وقال الذهبي: « السّلطان نور الدّين الملك العادل أبو القاسم محمود بن أتابك زنكي بن أقسنقر، تملّك حلب بعد أبيه، ثمّ أخذ دمشق فملكها عشرين سنة، وكان مولده في شوّال سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وكان أجلّ ملوك زمانه وأعدلهم وأدينهم وأكثرهم جهاداً وأسعدهم في دنياه وآخرته، هزم الفرنج غير مرّة وأخافهم وجرّعهم المِدّ.

وفي الجملة، محاسنه أبين من الشمس وأحسن من القمر، وكان أسمر طويلاً، مليحاً تركي اللحية، نقيّ الخدّ، شديد المهابة، حسن التّواضع، طاهر اللّسان، كامل العقل والرّأي، سليماً من التّكبّر، خائفاً من الله، قلّ أن يوجد في الصّلحاء الكبار مثله، فضلاً عن الملوك، ختم الله له بالشهادة ونوّله الحسنى إن شاء الله وزيادة، فمات بالخوانيق في حادي عشر شوّال »(٢) .

____________________

(١). الكامل لابن الأثير - حوادث ٥٦٩.

(٢). العبر في خبر من غبر - حوادث ٥٦٩.

١٨٩

(١٩)

رواية أبي حامد الصالحاني

ورواه أبو حامد محمود الصالحاني كما جاء في ( توضيح الدلائل ):

« عن الحارث الأعور صاحب راية أمير المؤمنين كرّم الله وجهه قال: بلغنا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم كان في جمع من الصحابة فقال:

أُريكم آدم في علمه، ونوحاً في فهمه، وإبراهيم في حلمه، فلم يكن بأسرع من أنْ طلع علي كرّم الله تعالى وجهه، فقال أبو بكررضي‌الله‌عنه : يا رسول الله، قست رجلاً بثلاثة من الرسل، بخ بخ لهذا، من هو يا رسول الله؟ فقال النبيّ صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله‌ وبارك وسلّم: يا أبا بكر ألا تعرفه؟ قال: الله تعالى ورسوله أعلم، قال صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: أبو الحسن علي بن أبي طالب. قال أبو بكررضي‌الله‌عنه : بخ بخ لك يا أبا الحسن.

رواه الصّالحاني. وفي إسناده أبو سليمان الحافظ »(١) .

ذكر الصالحاني

وقد ذكر شاه سلامة الله الهندي في كتابه ( معركة الآراء ) أبا حامد الصالحاني، وأفاد بأنّه من علماء أهل السنّة.

وقد أكثر السيّد شهاب الدين أحمد عن النقل عن الصّالحاني، وذكر رواياته مع وصفه بالصفات الجليلة، فمن ذلك قوله: « قال الإمام العالم الأديب الأريب بسجايا المكارم، الملقّب بين الأجلّة الأئمّة الأعلام بمحيي السنّة

____________________

(١). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

١٩٠

وناصر الحديث ومجدّد الإسلام، العالم الرباني والعارف السبحاني، سعد الدين أبو حامد، محمود بن محمّد بن حسين بن يحيى الصالحاني، في عباراته الفائقة وإشاراته الرائقة من كتابه ».

وقال: « قوله تعالى:( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) وبالإسناد المذكور، عن سفيان الثوري، عن زيد بن مرة - وكان مرضياً - قال: كان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يقرأ هذا الحرف: وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب.

وفي رواية الأعمش عن أبي وائل قال: كان عبدالله بن مسعودرضي‌الله‌عنه يقرأ هذه الآية التي في الأحزاب: وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب وكان الله قويّاً عزيزاً.

رواهما الإمام الصّالحاني ».

وقال: « عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: كنت أنا وعليّ نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمـّا خلق الله آدم سلك ذلك النّور في صلبه، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب، حتّى أقرّه في صلب عبدالمطّلب، فقسّمه قسمين، قسماً في صلب عبدالله وقسماً في صلب أبي طالب، فعليّ منّي وأنا منه، لحمه لحمي ودمه دمي، ومن أحبّه فبحبّي أحبّه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه.

وعن جابر رضي الله تعالى عنه إنّ النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم كان بعرفات وعليّ كرّم الله وجهه تجاهه، فقال: يا علي اُدن منّي ضع خمسك في خمسي، يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها، من تعلّق ببعض منها أدخله الله الجنّة.

روى الحديث الأوّل سعد الدّين أبو حامد محمود بن محمّد الّذي سافر

١٩١

ورحل وأدرك المشايخ وسمع وأسمع وصنّف في كلّ فنّ، وروى عنه خلق كثير، وصحب بالعراق أبا موسى المديني الإمام ومن في طبقته، بإسناده إلى الإمام الحافظ أبي بكر بن مردويه، بإسناده مسلسلاً مرفوعاً.

والحديث الثاني إلى الإمام الحافظ الورع أبي نعيم الإصفهاني.

وروى الأوّل أيضاً الإمام شمس الدّين محمّد بن الحسن بن يوسف الأنصاريّ الزرندي المحدّث بالحرم الشريف النّبوي المحمّدي، برواية ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما ».

وقال في أسماء أمير المؤمنين: « ومنها مقيم الحجّة، عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم، إنّه لمـّا خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدمعليه‌السلام ، فقالعليه‌السلام : الحمد لله ربّ العالمين، فأوحى الله تعالى إليه وبشّره بالمغفرة، وفي هذا الحديث: إنّ الله تعالى قال: يا آدم، إرفع رأسك فانظر، فرفع رأسه، فإذا مكتوب على العرش لا إله إلّا الله محمّد نبيّ الرحمة، عليّ مقيم الحجّة، ومن عرف حقّ علي زكا وطاب، ومن أنكر حقّه لعن وخاب، أقسمت بعزّتي وجلالي أن أُدخل الجنّة من أحبه وإن عصاني، وأقسمت بعزّتي وجلالي أن أُدخل النّار من عصاه وإنْ أطاعني.

رواه محيي السنّة الصالحاني ».

(٢٠)

رواية ابن طلحة الشافعي

ورواه كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة الشافعي حيث قال:

« من ذلك: ما رواه الإمام البيهقي في كتابه المصنَّف في فضائل الصحابة،

١٩٢

يرفعه بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:

من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

فقد أثبت النبي صلّى الله عليه وسلّم لعليرضي‌الله‌عنه بهذا الحديث علماً يشبه علم آدم، وتقوىً تشبه تقوى نوح، وحلماً يشبه حلم إبراهيم، وهيبةً تشبه هيبة موسى، وعبادةً تشبه عبادة عيسى.

في هذا تصريح لعليرضي‌الله‌عنه بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته، وبعلوّ هذه الصفات إلى أوج شبهها بهؤلاء الأنبياء المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، من الصفات المذكورة والمناقب المعدودة»(١) .

ترجمة ابن طلحة الشافعي

وابن طلحة من كبار علماء القوم الأعلام، وهذه ترجمته:

١ - اليافعي: « الكمال محمّد بن طلحة، النصيبي، المفتي الشافعي وكان رئيساً محتشماً بارعاً في الفقه والخلاف، ولّي الوزارة مرّة ثمّ زهد وجمع نفسه، توفّي بحلب في شهر رجب وقد جاوز السبعين وله دائرة الحروف.

قلت: وابن طلحة المذكور لعلّه الّذي روى السيّد الجليل المقدار الشيخ المشكور عبدالغفّار صاحب الرواية في مدينة قوص، أخبرني الرّضي بن الأصمع قال: طلعت جبل لبنان، فوجدت فقيراً فقال لي: رأيت البارحة في المنام قائلاً يقول:

لله دَرّك يا بن طلحة ماجد

ترك الوزارة عامداً فتسلطنا

____________________

(١). مطالب السئول في مناقب آل الرسول: ٦١.

١٩٣

لا تعجبوا من زاهدٍ في زهده

في درهم لمـّا أصاب المعدنا

قال: فلمـّا أصبحت ذهبت إلى الشيخ ابن طلحة، فوجدت السلطان الملك الأشرف على بابه وهو يطلب الإذن عليه، فقعدت حتّى خرج السّلطان، فدخلت عليه فعرّفته بما قال الفقير، فقال: إنْ صدقت رؤياه فأنا أموت إلى أحد عشرة يوماً، وكان كذلك.

قلت: وقد يتعجّب من تعبيره ذلك بموته وتأجيله بالأيّام المذكورة، والظّاهر - والله أعلم - أنّه أخذ ذلك من حروف بعض كلمات النّظم المذكور، وأظنّها - والله أعلم - قوله: أصاب المعدنا، فإنّها أحد عشر حرفاً، وذلك مناسب من جهة المعنى، فإنّ المعدن الّذي هو الغنى المطلق والملك المحقّق ما يلقونه من السّعادة الكبرى والنّعمة العظمى بعد الموت »(١) .

مصادر ترجمة اليافعي

وتوجد ترجمة اليافعي المتوفى سنة ٧٦٨ في المصادر التالية:

١ - الدرر الكامنة ٢ / ٢٤٧

٢ - طبقات الشافعية الكبرى ٦ / ١٠٣

٣ - النجوم الزاهرة ١١ / ٩٣

٤ - البدر الطالع ١ / ٣٧٨

٢ - الأسنوي: « أبو سالم محمّد بن طلحة بن محمّد القرشيّ النصيبي، الملقّب كمال الدّين، كان إماماً بارعاً في الفقه والخلاف، عارفاً بالأصلين، رئيساً كبيراً معظماً، ترسّل عن الملوك، وأقام بدمشق بالمدرسة الأمينيّة، وأجلسه الملك الناصر صاحب دمشق لوزارته، وكتب تقليده بذلك، وتنصّل

____________________

(١). مرآة الجنان - حوادث ٦٥٢.

١٩٤

منه واعتذر ولم يقبل منه، فباشرها يومين ثمّ ترك أمواله وموجوده وغيّر ملبوسه وذهب فلم يعرف موضعه.

سمع وحدّث، وتوفّي في حلب في السابع والعشرين من رجب سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، وقد جاوز السبعين، ذكره في العبر »(١) .

ترجمة الأسنوي

وقال ابن قاضي شهبة بترجمة الأسنوي: « عبد الرحيم بن الحسن بن علي ابن عمر بن عليّ بن إبراهيم، الإمام العلّامة، منقح الألفاظ، محقّق المعاني، ذو التّصانيف المشهورة المفيدة، جمال الدّين، أبو محمّد القرشي الأسنويّ الأمويّ المصري.

ولد بأسنا في رجب سنة أربع وسبعمائة، وقدم القاهرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وسمع الحديث واشتغل في أنواع العلوم، وأخذ الفقه عن الزنكلوني والسّنباطي والسبكي وجلال الدّين القزويني والوجيزي وغيرهم، وأخذ النّحو عن أبي حيّان وقرأ عليه التسهيل، قال المذكور في الطبقات: وكنت أبحث على الشّيخ فلان إلى آخر نسبه، ثمّ قال لي لم أُشيّخ أحداً في سنّك وأخذ العلوم العقليّة عن القونوي والتّستري وغيرهما، وانتصب للإقراء والإفادة من سنة سبع وعشرين، ودرس بالأقبغاوية والملكيّة والفارسيّة والفاضليّة، ودرّس التفسير بجامع ابن طولون، وولي وكالة بيت المال ثمّ الحٍسبة ثمّ تركها وعزل من الوكالة، وتصدّى للإشتغال والتصنيف، وصار أحد مشايخ القاهرة المشار إليهم، وشرع في التصنيف بعد الثلاثين.

ذكره تلميذه سراج الدّين بن الملقّن في طبقات الفقهاء وقال: شيخ

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٧٠.

١٩٥

الشافعية ومفتيهم ومصنّفهم ومدرّسهم، ذو الفنون: الأصول والفقه والعربيّة وغير ذلك.

وقال الحافظ وليّ الدّين أبو زرعة في وفياته: اشتغل في العلوم حتّى صار أوحد زمانه وشيخ الشافعيّة في أوانه، وصنّف التصانيف النافعة السّائرة كالمهمّات، وفي ذلك يقول والدي من أبيات:

أبدت مهمّاته إذ ذاك رتبته

إنّ المهمّات فيها يُعرف الرّجل

وتخرّج به خلق كثير، وأكثر علماء الديّار المصريّة طلبته، وكان حسن الشّكل، حسن التصنيف، ليّن الجانب، كثير الإحسان للطّلبة، ملازماً للإفادة والتّصنيف، وأفرد له الوالد ترجمة وحكى عنه فيها كشف ظاهر، توفّي فجأة في جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، ودفن بتربته بقرب مقابر الصّوفيّة.

ومن تصانيفه: جواهر البحرين في تناقض الخبرين، فرغ منه في سنة خمس وثلاثين، والتنقيح على التّصحيح فرغ منه في سنة سبع وثلاثين، وشرح المنهاج للبيضاوي وهو أحسن شروحه وأنفعها فرغ منه في آخر سنة أربعين، والهداية في أوهام الكفاية فرغ منه سنة ستّ وأربعين، والمهمّات فرغ منها سنة ستّين، والتمهيد فرغ منه سنة ثمان وستّين، وطبقات الفقهاء فرغ منه سنة تسع وستّين، وطراز المحافل في ألغاز المسائل فرغ منه في سنة سبعين. ومن تصانيفه أيضاً: كافي المحتاج في شرح منهاج النووي في ثلاث مجلّدات وصل فيه إلى المساقاة، وهو شرح حسن مفيد منقح أنفع شروح المنهاج، والكوكب الدرّي في تخريج مسائل الفقه على النّحو، وتصحيح التنبيه، والفتاوي الحمويّة. هذه تصانيفه المشهورة.

وله اللّوامع والبوارق والجوامع والفوارق، ومسودّة في الأشباه والنظائر،

١٩٦

وشرح عروض ابن الحاجب، وقطعة من مختصر الشرح الصغير، قيل إنّه وصل فيه إلى البيع، وشرح التنبيه كتب منه نحو مجلّد، وكتاب البحر المحيط كتب منه مُجلّداً »(١) .

وتوجد ترجمة الأسنوي في مصادر مهمّة:

كالدرر الكامنة للحافظ ابن حجر ٢ / ٣٤٥

وحسن المحاضرة للحافظ السيوطي ١ / ٢٤٢

٣ - ابن قاضي شهبة: « محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن، الشيخ كمال الدين، أبو سالم الطوسي القرشي العدوي النصيبي، صنّف كتاب العقد الفريد، أحد الصّدور والرؤساء المعظّمين، ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وتفقّه وشارك في العلوم، وكان فقيهاً بارعاً عارفاً بالمذهب والأصول والخلاف، ترسل عن الملوك وساد وتقدّم، وسمع الحديث، وحدّث ببلاد كثيرة في سنة ثمان وأربعين وستمائة، كتب له التقليد بالوزارة فاعتذر وتنصّل فلم يقبل منه، فتولّاها يومين ثمّ انسلّ خفية، وترك الأموال والموجود، ولبس ثوباً قطنياً وذهب فلم يدر أين ذهب.

وقد نسب إلى الإشتغال بعلم الحروف والأوفاق، وأنّه يستخرج من ذلك أشياء من المغيّبات، وقيل إنّه رجع عنه. قال السيّد عزّ الدين: أفتى وصنّف وكان أحد العلماء المشهورين والرؤساء المذكورين، وتقدّم عند الملوك وترسّل عنهم، ثمّ تزهّد في آخر عمره وترك التقدّم في الدنيا، وأقبل على ما يعنيه، ومضى على سداد وأمر جميل.

توفّي بحلب في رجب سنة ٦٥٢ ودفن بالمقام »(٢) .

____________________

(١). طبقات الشافعية ٣ / ١٣٢.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ١٥٣.

١٩٧

مصادر ترجمة ابن قاضي شهبة

وتوجد ترجمة ابن قاضي شهبة الأسدي المتوفى سنة ٨٥١ قاضي القضاة، صاحب ( طبقات الشافعية ) في المصادر التالية:

١ - الضوء اللامع ١١ / ٢١

٢ - البدر الطالع ١ / ١٦٤

٣ - شذرات الذهب ٧ / ٢٦٩

اعتبار كتاب مطالب السئول

هذا، وقد نقلوا عن كتاب ( مطالب السئول ) واعتمدوا عليه، واصفين مؤلّفه ابن طلحة بالأوصاف الجليلة:

فقد نقل عنه الحافظ الكنجي واصفاً ابن طلحة: « شيخنا حجة الإسلام، شافعي الزمان »(١) .

وقال البدخشاني: « قال الشيخ العالم محمّد بن طلحة الشافعي »(٢) .

وقد أكثر صاحب ( تفسير شاهي ) الّذي هو من التفاسير المشهورة المتداولة بين العلماء في بلاد الهند، من النقل عن ( مطالب السئول ).

____________________

(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٢٣١.

(٢). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

١٩٨

(٢١)

رواية الكنجي الشافعي

ورواه الحافظ الكنجي الشافعي في كتابه ( كفاية الطالب في مناقب علي ابن أبي طالب ) في باب خاصٍّ به حيث قال:

« الباب الثالث والعشرون - في تشبيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي بن أبي طالب بآدم في علمه، وأنّه شبهه بنوحٍ في حكمته، وشبّهه بإبراهيم خليل الرحمن في حلمه:

أخبرنا أبو الحسن بن المقيّر البغدادي - بدمشق سنة أربع وثلاثين وستمائة - عن المبارك بن الحسن الشهرزوري، أخبرنا أبو القاسم بن البسري، أخبرنا أبو عبدالله العكبري، أخبرنا أبو ذر أحمد بن محمّد الباغندي، حدّثنا أبي، عن مسعر بن يحيى النهدي، حدّثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن ابن عباس قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالس في جماعةٍ من أصحابه، إذ أقبل علي، فلمـّا بصر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

قلت: تشبيهه لعلي بآدم في علمه، لأنّ الله علّم آدم صفة كلّ شيء، ولا حادثة ولا واقعة إلّا وعند علي فيها علم، وله في استنباط معناها فهم.

وشبّهه بنوحٍ في حكمته - وفي رواية: حكمه، وكأنّه أصح - لأنّ عليّاً كان شديداً على الكافرين رؤوفاً بالمؤمنين، كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله:( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) وأخبر الله عزّوجلّ عن جرأة نوح على الكافرين بقوله:( لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) وشبّهه في

١٩٩

الحلم بإبراهيم خليل الرحمن، كما وصفه الله عزّوجلّ بقوله:( إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) .

فكان متخلّقاً بأخلاق الأنبياء، متّصفاً بصفات الأصفياء »(١) .

الكنجي وكتابه

« والكنجي » أبو عبدالله محمّد بن يوسف الشافعي، إمام حافظ كبير، وكتابه المذكور كتاب معتمد مشهور، فقد جاء في كتاب ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة ) لابن الصبّاغ المالكي: «ومن كتاب كفاية الطالب في مناقب علي ابن أبي طالب، تأليف الإمام الحافظ أبي عبدالله محمّد بن يوسف الكنجي الشّافعي »(٢) .

وذكر الكاتب الحلبي كتاب الكنجي بقوله: « كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب، للشيخ الحافظ أبي عبدالله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي، المتوفى سنة ٦٥٨ »(٣) .

وقد اعتمد على الكتاب المذكور عبدالله بن محمّد المطيري في ( الرياض الزاهرة ).

والكاتب الجلبي الذي وصف الكنجي بما عرفت، من علماء أهل السنّة، توفي سنة ١٠٦٧، وقد اعتمد العلماء على ما ذكره في كتابه ( كشف الظنون ) كالعلامة غلام علي آزاد البلجرامي في ( سبحة المرجان ) والعلّامة حيدر علي الفيض آبادي في ( منتهى الكلام ) وغيرهما.

____________________

(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ١٢١.

(٢). الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة: ١٢٧.

(٣). كشف الظنون ٢ / ١٤٩٧.

٢٠٠

ولا يخفى عليك ما لوصف « الحافظ » ووصف « الإمام » ووصف « الشيخ » من شأن وعظمة

(٢٢)

رواية محبّ الدّين الطَبَري

ورواه الحافظ محبّ الدّين أحمد بن عبدالله الطبري، شيخ الحرم حيث قال: « ذكر شبهه بخمسةٍ من الأنبياءعليهم‌السلام في مناقب لهم:

عن أبي الحمراء، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حكله، وإلى يحيى ابن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب.

أخرجه القزويني الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته »(١) .

ذكر كتاب الرياض النضرة

وأمّا كتاب ( الرياض النضرة في مناقب العشرة ) فقد ذكره الكاتب الجلبي بقوله: « الرياض النضرة في فضائل العشرة، لمحب الدين أحمد بن عبدالله بن

____________________

(١). الرياض النضرة في مناقب العشرة ( ٣ - ٤ ): ١٩٧.

٢٠١

محمّد الطبري الشافعي، المكي، المتوفى سنة ٦٩٤. أوّله: الحمد لله الّذي يختصّ برحمته من يشاء ذكر أنّه جمع ما يروى فيهم في مجلّد بحذف الأسانيد من كتب عديدة، وشرح غريب الحديث في خلاله، عازياً كلّ حديث إلى كتاب، وقدم مقدمة في أسماء وكنى، وذكر أوّلاً الأحاديث الجامعة ثمّ ما اختص بالأربعة، ثمّ سمّاه كما ورد، وأورد فصل كلّ واحدٍ وأدرج جملة ذلك في قسمين، الأوّل - في مناقب الأعداد. والثاني - في مناقب الآحاد.

ومنه انتقى الشيخ زين الدين أحمد الشمّاع الحلبي، المتوفى سنة ٩٣٦، كتابه المسمّى بالدر الملتقط »(١) .

وهو من مصادر الديار بكري في ( تاريخ الخميس في أحوال النفس والنفيس ).

وعدّه ( الدهلوي ) في الكتب التي ألّفها أهل السنّة في باب المناقب والفضائل.

وتشبّث ( الدهلوي ) الّذي رواه المحبّ الطبري في كتابه ( الرياض النضرة ) بالحديث، مستدلّاً به لما زعم من رضا الصدّيقة الزهراءعليها‌السلام عن أبي بكر بن أبي قحافة، خلافاً لما اُخرج في الصحيح من أنّها ماتت وهي واجدة على أبي بكر، كما في البخاري وغيره.

وتمسّك والده في كتاب ( إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء ) بما رواه الطبري في هذا الكتاب من أخبار مناقب الشيخين.

وقال الحافظ المحبّ الطبري في ديباجة كتابه المذكور:

« أمّا بعد، فإنّ الله عزّوجلّ قد اختار لرسوله صلّى الله عليه وسلّم

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٩٣٧.

٢٠٢

أصحاباً، فجعلهم خير الأنام، واصطفى من أصحابه رضي الله تعالى عنهم جملة العشرة الكرام، فرضيهم لعشرته وموالاته وفضّلهم بالإنضمام إليه مدّة حياته، وأنعم عليهم بما أولاهم من أصناف موجبات كريم كرمه، وأسعدهم بما سلف لهم في سابق قديم قدمه، وأشقى قوماً بارتكاز أهويتهم في الخوض في أمرهم، فيما لا يعنيهم واجتراهم على الإقدام على التّنقص بهم، وصفهم بما ليس فيهم

فما للجاهل الغبيّ ولهم، وقد أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه سيغفر لهم، وما للمتعامي وتأويل ما ورد في شأنهم وتحريفه، بعد قوله صلّى الله عليه وسلّم: لو أنفق أحدهم مثل اُحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نُصَيفه.

فالحمد لله أنْ عصمنا من هذه الورطة العظيمة، ووفقنا بحبّ جملتهم إلى سلوك الطريقة المستقيمة، ثمّ الحمد لله أن ألهم جمع هذا المؤلَّف في مناقبهم والإعلام بما وجب من التعريف بشرف قدرهم وعلوّ مراتبهم، وتدوين بعض ما روي من عظيم مآثرهم، وإبراز طرف ما ذكر من عميم مذاخرهم، من كتب ذوات عدد، على وجه الإختصار وحذف السند، ليسهل على الناظر تناوله ويقرب على الطالب فيه ما يحاوله، عازياً كلّ حديث إلى الكتاب المخرَّج منه، منبّهاً على مؤلّفه ومن أخذ عنه، تفصّياً عن عهدة الإرتياب في النقل، واعتماداً على اُولى السّابقة من أهل العلم والفضل، مبتدياً بذكر ما شملهم على طريقة التّضمن، ثمّ بما اختصّ بهم على وجه المطابقة والتعين، ثمّ بما ورد فيما دون العشرة وإن انضمّ إليهم من ليس منهم، ثمّ ما اختصّ بالأربعة الخلفاء ولم يخرج عنهم، ثمّ بما زاد على الأربعة على واحدٍ، ثمّ بما ورد في فضائل كلّ واحد واحد، وأدرجت جملة ذلك في قسمين ».

هذا، وقد روى الحافظ المحب الطبري هذا الحديث في كتابه الآخر:

٢٠٣

( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ) حيث قال: « ذكر شبه علي بخمسة من الأنبياء:

عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوحٍ في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته »(١) .

ذكر كتاب ذخائر العقبى

وأمّا كتابه ( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ) الّذي قال في خطبته:

« أمّا بعد، فإنّ الله تعالى قد اصطفى محمّداً على جميع من سواه، وخصّه بما أنعمه به من فضله الباهر وحباه، وأعلى منزلة من انتمى إليه، سبباً أو نسبةً، ورفع مرتبة من انطوى عليه نصرةً وصحبةً، وألزم مودّة قرباه كافّة بريّته، وفرض محبّة جميع أهل بيته المعظم وذريّته.

لا جرم سنح بالخاطر تدوين ما ورد في مناقبهم، وتبيين ما روي في شريف قدرهم وعلوّ مراتبهم، وتتبّع ما نقل في عظيم فخرهم الفاخِر، وجمع ما ظفرت به من عميم فضلهم الباهر، ولِمَ لا وهم هالة قمر الكون وطفاوة شمس

____________________

(١). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ٩٣.

٢٠٤

البريّة وأغصان دوحة الشرف وفروع أصل الأنوار النبوية، أعاد علينا من حلوم سنا بركتهم، كما أعاذنا من جهل عُلوّ درجتهم وغمر في غفرانه ذنوبنا بحرمتهم، كما غمر بإحسانه قلوبنا بمحبّتهم، وأحسن مآلنا بجاههم عليه، كما علق أعمالنا بالتوسّل إليه، وسمّيته كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، ناقلاً من كتب ذوات أعدادٍ على وجه الإختصار وحذف الإسناد، عازياً كلّ حديث إلى كتابه، تفصّياً عن عهدة الإرتياب وتسهيلاً على طلابه، فالله أسأل أن يجعل ذلك وسيلةً إلى جنّات النعيم، وذريعة إلى درك الفوز العظيم وتحقيق الأمل فيه لديه، فإنّه ولي ذلك والقادر عليه.

ورتّبته على قسمين قسم يتضمّن ما جاء فيهم على وجه العموم والإجمال، وقسم يتضمّن ذلك على وجه التخصيص وتفصيل الأحوال ».

وذكره الكاتب الجلبي بقوله: « ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، مجلّد، لمحب الدين أحمد بن عبدالله الطبري، المتوفى سنة ٦٩٤ »(١) .

وذكره صديق حسن القنوجي - في ( إتحاف النبلاء ) - بقوله: « ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، مجلّد، لمحبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري، المتوفى سنة ٦٩٤، وموضوعه من اسمه ظاهر ».

فقد ذكره الشوكاني في مرويّاته - في ( إتحاف الأكابر ). والدياربكري في مصادر تاريخه ( الخميس في أحوال النفس والنفيس ).

وقال محمّد الأمير في ذكر مآخذ كتابه ( الروضة الندية ): « وأجلّ معتمدي: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، لإمام السنّة وحافظها محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبريرحمه‌الله ».

وقال ابن باكثير المكّي في ( وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ):

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٨٢١.

٢٠٥

« وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن وجمعت من جواهر مناقبهم الشريفة ما يحمّل به جيد الزمان، ومن آخر ما جمعت في ذلك التأليف، وأنفع ما نقلت في هذا التصنيف كتاب جواهر العقدين في فضل الشرفين لعلّامة الحرمين السّيّد علي السّمهودي تغمّده الله برحمته، فمن ذخائر العقبى في فضل ذوي القربى، يحقّ له أن يكتب بماء العين، لعلّامة الحجاز الشريف محقّق دهره وحافظ عصره المحبّ الطّبري، لا زال الثناء عليه يحيي ذكره وقدّس الله سرّه، وكتاب استجلاء ارتقاء الغرف بحبّ أقرباء الرّسول ذوي الشّرف، لحافظ عصره السّخاوي نوّر الله ضريحه، وأحلّ في غرف الجنان روحه، وكتاب حسن السريرة في حسن السّيرة، لصاحبنا وعمدتنا سيبويه زمانه مفرد وقته وأوانه، محقّق العصر نادرة الدهر خلاصة ذوي الفخر الغني عن الإطناب بتعداد الألقاب والصفات بما خصّه الله تعالى به من نعوت الكمال وجزيل الهبات، مولانا الإمام العلّامة عبدالقادر ابن محمّد الطّبري الحسيني الخطيب الإمام بالمسجد الحرام، ولا زالت المشكلات تنجلي بوجوده، ولا برح جيد العلوم بتحلي بجواهر عقوده ».

وذكره ( الدهلوي ) في الكتب التي ألّفها أهل السنّة في فضائل ومناقب أهل البيت.

وقال أحمد بن باكثير المكّي - كما تقدّم: « ويحقّ له أنْ يكتب بماء العين لعلاّمة الحجاز الشريف محقّق دهره وحافظ عصره المحبّ الطبري، لا زال الثّناء عليه يحيى ذكره وقدّس الله سرّه ...».

٢٠٦

ترجمة المحبّ الطبري

١ - الذّهبي: « المحب الإمام، المحدّث، المفتي، فقيه الحرم تفقّه ودرس وأفتى وصنّف، وكان شيخ الشافعيّة ومحدّث الحجاز وكان إماماً صالحا زاهداً كبير الشأن »(١) .

٢ - أيضاً: « الإمام، الحافظ، المفتي، شيخ الحرم كان عالماً عاملاً جليل القدر، عارفاً بالآثار، ومن نظر في أحكامه عرف محلّه من الفقه والعلم

توفي في رمضان سنة ٦٩٤ وقيل بل في جمادى الأخرى منها »(٢) .

٣ - وقال الذهبي: « والمحبّ الطبري، شيخ الحرم، أبو العباس، أحمد ابن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن إبراهيم المكي الشافعي، الحافظ، وسمع من ابن المقيّر وجماعة، وصنّف كتاباً حافلاً في الأحكام في عدّة مجلّداًت. توفي في ذي القعدة »(٣) .

٤ - أيضاً: « وشيخ الحرم، الحافظ الفقيه، محب الدين أحمد بن عبدالله الطبري، مصنّف الأحكام، عن ٧٧ سنة »(٤) .

٥ - ابن الوردي: « وشيخ الحرم الحافظ »(٥) .

٦ - الأسنوي: « محبّ الدين أبو العباس أحمد بن عبدالله بن محمّد الطبري، ثمّ المكّي، شيخ الحجاز، كان عالماً عاملاً جليل القدر، عالماً بالآثار

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٥.

(٢). المعجم المختص: ٢٢.

(٣). العبر في خبر من غبر - حوادث ٦٩٤، ٥ / ٣٨٢.

(٤). دول الإسلام - حوادث ٦٩٤.

(٥). تتمة المختصر في أخبار البشر - سنة ٦٩٤.

٢٠٧

والفقه، إشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري، وشرح التنبيه، وألّف كتاباً في المناسك، وكتاباً في الألغاز، وكتاباً نفيساً في أحاديث الأحكام.

ولد يوم الخميس ١٧ من جمادى الآخرة سنة ٦١٥.

وتوفي في سنة ٩٤، وقيل في ذي القعدة، وقيل غير ذلك »(١) .

٧ - السبكي: « شيخ الحرم وحافظ الحجاز بلا مدافعة »(٢) .

٨ - الصفدي: « شيخ الحرم، الفقيه، الزاهد، المحدّث، درّس وأفتى، وكان شيخ الشافعية ومحدّث الحجاز »(٣) .

٩ - السيوطي: « المحبّ الطبري الإمام المحدّث، فقيه الحرم، وشيخ الشافعية، ومحدّث الحجاز. كان إماماً زاهداً صالحاً كبير الشأن »(٤) .

ذكر من نقل عنه

وقد أكثر العلماء من النقل لرواياته معتمدين عليها:

قال السيّد شهاب الدين أحمد، صاحب كتاب ( توضيح الدلائل ) بعد رواية:

« رواه شيخ الحرم، والإمام المحترم، الحافظ المحدّث المفتي الفقيه البارع الورع المدرس النبيه، مقدّم الشافعيّة في الحجاز، وكان ذا جاه عظيم واعتزاز، ذو التصانيف الكثيرة والفضائل الشهيرة، محبّ الدين أبو العبّاس، أحمد بن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر المكي الطبري، في كتابه ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ».

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ١٧٩.

(٢). طبقات الشافعية ٨ / ١٨.

(٣). الوافي بالوفيات ٧ / ١٣٥.

(٤). طبقات الحفاظ: ٥١٤.

٢٠٨

وقال عبدالغفار بن إبراهيم العكّي الشافعي في ( عجالة الراكب ): « أحمد ابن عبدالله، شيخ الحرم، محبّ الدّين، الطبري المكي، درّس وأفتى، ومن تصانيف الأحكام المبسوط، ورتّب كتاب جامع الأسانيد وشرح التنبيه، وألّف كتاباً في المناسك، وكتاباً في الألفاظ، والرّياض النضرة في فضائل العشرة، والسّمط الثمين في فضائل أمّهات المؤمنين، وذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى».

وقال محمّد بن إسماعيل الأمير في آخر ( الروضة النديّة ): « ولعلّه يقول قائل: قد أكثرتم من النقل عن الطبري، ومن الطبري؟ ويشتاق إلى معرفة شيء من أوصافه ليكون أقرّ لعينه في قبول ما أُسند إليه.

فنقول: المحبّ الطّبري هو الإمام المحدّث الفقيه، فقيه الحرم، محب الدّين، أبو العبّاس أحمد بن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر الطّبري ثمّ المكي الشافعي، مصنّف الأحكام الكبرى، ولد سنة خمس عشرة وستمائة، وسمع من أبي الحسن بن المقيّر وابن الحميري وشعيب الزعفراني وعبدالرّحمن بن أبي حرمى وجماعة، وتفقّه ودرّس وأفتى وصنّف، وكان شيخ الشافعية، ومحدّث الحجاز، وروى عنه الدمياطي من نظمه، وأبو الحسن بن العطّار وأبو محمّد البرزالي وآخرون.

وكان إماماً صالحاً زاهداً كبير الشأن، روى عنه أيضاً ولده قاضي مكّة جمال الدّين محمّد، وحفيده الإمام نجم الدين قاضي مكّة، وكتب إليّ بمرويّاته.

توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وستمائة ».

٢٠٩

(٢٣)

رواية السيّد علي الهمداني

ورواه العارف الشهير المحدّث الكبير السيّد علي الهمداني:

« عن جابررضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

من أراد أنْ ينظر إلى إسرافيل في هيبته، وإلى ميكائيل في رتبته، وإلى جبرائيل في جلالته، وإلى آدم في سلمه، وإلى نوح في حسنه، وإلى إبراهيم في خلّته، وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى موسى في مناجاته، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في سنته، وإلى يونس في ورعه، وإلى محمّد في جسمه وخلقه، فلينظر إلى علي، فإنّ فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء، جمعها الله فيه ولم تجمع في أحد غيره. وعدّ جميع ذلك في كتاب جواهر الأخبار»(١) .

ترجمة الهمداني

١ - نور الدين جعفر البدخشاني: « في بيان بعض فضائل العروة الوثقى، حضرة الرحمن الشكور الفخور بجناب الديان، قرّة عين محمّد رسول الله، ثمرة فؤاد المرتضى والبتول، المطّلع على حقائق الأحاديث والتفاسير، الممعن في السرائر بالبصيرة والتبصير، المرشد للطالبين في الطريق السبحاني، الموصل للمتوجّهين إلى الجمال الروحاني، العارف المعروف بالسيّد علي الهمداني، خصّه الله اللطيف باللطف الصمداني، ورزقنا الإستنارة الدائمة من

____________________

(١). المودّة في القربى، أنظر ينابيع المودّة ٢ / ٣٠٦ الطبعة الحديثة.

٢١٠

النور الحقّاني »(١) .

٢ - الجامي: « الأمير السيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد الهمدانيقدس‌سره . كان جامعاً بين العلوم الظاهرية والعلوم الباطنية، وله في العلوم الباطنية مصنّفات مشهورة، منها كتاب النقطة، وشرح الأسماء الحسنى، وشرح فصوص الحكم، وشرح القصيدة الهمزية الفارضية.

كان ملازماً للشيخ شرف الدين محمود بن عبدالله المزدقاني، إلّا أنّه أخذ الطريقة من صاحب السرّ بين الأقطاب تقي الدين علي دوستي، ولـمّا توفّي تقي الدين علي عاد إلى الشيخ شرف الدين محمود، فسأله عن وظيفته، فالتفت إليه الشيخ قائلاً: الوظيفة هي أنْ تطوف أقصى بلاد العالم، فسار في بلاد العالم كلّه ثلاث مرّات، وفاز بصحبة أربعمائة وألف ولي من الأولياء، حتّى لقي أربعمائة رجل منهم في مجلس واحد.

ومات في سادس ذي الحجة سنة ٧٨٦ »(٢) .

٣ - الكفوي: « لسان العصر، سيّد الوقت، المنسلخ عن الهياكل الناسوتيّة، والمتوسّل إلى السبحات اللّاهوتيّة، الشيخ العارف الرباني والعالم الصمداني، مير سيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد بن محمّد الهمداني قدّس الله تعالى سرّه، كان جامعاً بين العلوم الظاهرة والباطنة، وله مصنّفات كثيرة في علم التصوف » فنقل مصنّفاته، ثمّ نقل كلام الجامي في نفحاته، ثمّ قال:

« وكان السيّد علي الهمداني جمع الأوراد واختارها من المشايخ الّذين كانوا في عصره وتشرف بصحبتهم، وبأس أياديهم الشريفة واقتبس من أنوارهم القدسية، وانتخبها من جوامع كلماتهم الإنسيّة وسمّاها الأوراد

____________________

(١). خلاصة المناقب - مخطوط.

(٢). نفحات الأنس من حضرات القدس: ٤٤٧.

٢١١

الفتحيّة، وهي اليوم أوراد الإخوان الكيروية، والشيخ الجليل السيّد علي الهمداني أخذ الطريقة عن تقي الدّين علي دوستي والشيخ محمود المزدقاني، وهما عن علاء الدّولة السّمناني ثمّ قال: سمعت شيخنا وسيّدنا المولى العارف الربّاني الشيخ محمّد بن يوسف العركتى السمرقندي، يحكي عن شيخه المخدومي عبداللطيف الجامي، عن شيخه المخدوم الأعظم حاجي محمّد الحبوشاني، عن شيخه شاه بيدواري، عن شيخه محمّد الملقب بالرشيد، عن شيخه السيد الأمير عبدالله بردشابادي، عن شيخه المرشد الكامل والشيخ المكمّل إسحاق الختلاني، عن قدوة العارفين دليل السالكين منبع المعارف الربّانيّة معدن اللطائف السّبحانيّة السيّد علي الهمداني.

إنّه لـمّا جمع الأوراد الفتحيّة، وانتخبها من جوامع كلماتهم القدسيّة على حسب ملكاتهم الإنسيّة، رأى في منامه أنّ الملائكة يقرؤونها في شعبة جاركاه، ويطوفون حول العرش، وفي أيديهم طبق من نور مملوّ من اللّالي والجواهر ينثرون، ثمّ قال الشيخ محمّد السمرقندي: ولهذا مشايخنا كانوا يقرؤون في شعبة جاركاه.

ومن تصانيفه: ذخيرة الملوك وهو كتاب لطيف وانشاء شريف مشتمل على لوازم قواعد السّلطنة الصوري والمعنويّ، ومبني على ذكر أحكام الحكومة والولاية وتحصيل السعادة الدنيوي والأخرويّ، على عشرة أبواب ».

٤ - مجد الدين البدخشاني - في ( جامع السلاسل ): « ذكر الفقيه الهمداني علي الثاني مير سيّد علي الهمداني قدّس الله سرّه، لقّب بـ « علي الثاني » وقد وصفه مشايخ عصره -: سلطان الأولياء وبرهان الأصفياء، قدوة العارفين، زبدة المحققين، مستجمع الأسماء والصفات، الجامع بين

٢١٢

المتجلّيات، محيي الشريعة والطريقة والحقيقة، ختم المتقدّمين، زبدة المتأخّرين، وارث الأنبياء والمرسلين، مرشد الأولياء إلى طريق الحق باليقين، مركز دائرة الوجود، الهادي إلى المقصود، قطب الأقطاب، الكامل المكمل الصمداني، علي أمير كبير، السيّد علي الهمداني ».

وقد وصفه غير من ذكر بمثل ما تقدّم من الأوصاف الجليلة، كالميبدي في ( الفواتح - شرح ديوان أمير المؤمنين ) والشيخ أحمد القشاشي في ( السمط المجيد ) وولي الله الدهلوي في ( الإنتباه في سلاسل أولياء الله ) والسيّد شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ).

(٢٤)

رواية نور الدين جعفر

وهو نور الدين جعفر بن سالار المعروف بأمير ملّا، خليفة السيّد علي الهمداني المذكور. فقد روى حديث التشبيه - في كتابه ( خلاصة المناقب ) -، إذ أورد أشعار الشيخ فريد الدين العطّار النيسابوري التي تضمّنت معنى حديث التشبيه، أوردها وهو بصدد نقل بعض فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ترجمة أمير ملّا

وتجد ترجمة نور الدين أمير ملّا هنا في:

١ - كتاب الإنتباه في سلاسل أولياء الله. الّذي كتبه شاه عبدالرحيم الدهلوي والد مخاطبنا ( الدهلوي ) في تراجم أعاظم علماء أهل السنّة من أهل العرفان والتصوّف، وبيان طرقهم وسلاسلهم.

٢١٣

٢ - جامع السلاسل. الّذي ألّفه مجد الدين البدخشاني في نفس الموضوع.

ويكفي في جلالة قدره وعظمة شأنه كونه خليفة السيّد علي الهمداني الذي تقدّم ذكره، فإنّ ذلك يكشف عن تفوّقه على سائر أصحاب السيّد وتبرّزه من بينهم.

(٢٥)

رواية شهاب الدّين أحمد

ورواه السيّد شهاب الدين أحمد في كتابه ( توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل ) حيث قال: « الباب الثامن عشر - في أنّه حاز خصائص أعاظم الأنبياء، وفاز ثانياً خصال كمال أكارم الأصفياء:

عن أبي الحمراء - رضي الله تعالى عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوحٍ في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

رواه الطبري وقال: أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى إبراهيم في خلّته، وإلى نوح في حكمته، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

رواه الطبري وقال: أخرجه الملّا في سيرته ».

٢١٤

ترجمة السيّد شهاب الدين أحمد

وهو: شهاب الدين أحمد بن جلال الدين عبدالله بن قطب الدين محمّد ابن جلال الدين عبدالله بن قطب الدين محمّد بن معين الدين عبدالله ابن هادي ابن محمّد، الحسيني، الإيجي، الشافعي، من أعلام القرن التاسع.

هو من أسرة فقه وحديث وتصوّف، توفي أبوه في سنة ٨٤٠ وجدّه سنة ٧٨٥، وأبو جدّه سنة ٧٦٣، وجدّ جدّه سنة ٧١٤.

وقد ترجم له السخاوي(١) .

إعتبار أخبار هذا الكتاب

وقد ذكر السيّد شهاب الدين أحمد في هذا الكتاب عباراتٍ تفيد التزامه بنقل الأخبار المعتبرة فيه، من ذلك قوله: « وخرّجت من كتب السنّة المصونة عن الهرج ودواوينها، وانتهجت فيه منهج من لم ينتهج العوج عن قوانينها، أحاديث حدث حديثها عن حدث الصّدق في الأخبار، ومسانيد ما حدث وضع حديثها بغير الحق في الأخبار ».

وقوله: « والغرض من هذا الباب ومن تمهيد هذه القواعد أنْ لا يقوم أحد بالردّ لأخبار هذا الكتاب، فإنّ معظمها في الصحاح والسنن، ومرويّاتها ما توارث أهل الصلاح في السنن ».

وقوله: « واعلم أنّ كتابي هذا - إن شاء الله تعالى - خالٍ عن موضوعات الفريقين، حالٍ بتحرّي الصّدق وتوخّي الحق وتنحّي مطبوعات الفريقين ».

____________________

(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ١ / ٣٦٧.

٢١٥

(٢٦)

رواية ملك العلماء الهندي

ورواه شهاب الدين بن عمر الزّاولي الدولت آبادي الملقّب بملك العلماء حيث قال:

« إعلم أنّ أحاديث مناقب علي كرّم الله وجهه من الأحاديث الصّحاح، ولكنّ احتجاج الشيعة بها خطأ. إحتجّت الشيعة بخبر الطير. وتمام الخبر ذكرناه في الجلوة الحادية عشر من الهداية التاسعة.

واحتجّت بقوله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه

وبآياتٍ

قالوا: جعله الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم مساوياً للأنبياء، والأنبياء أفضل من الأصحاب إجماعاً، والمساوي للأفضل أفضل.

وأجاب أهل السنّة: بأنّه تشبيه محض، وهو إلحاق الفرع بالأصل لمشاركته إيّاه في شيء، ولا يدلّ التشبيه على المساواة ».

ثمّ إنّه ذكر الحديث الشريف بهذا اللفظ: « وقال صلّى الله عليه وسلّم:

من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي.

فشبّه عليّاً بالأنبياء »(١) .

____________________

(١). هداية السعداء - مخطوط.

٢١٦

(٢٧)

رواية ابن الصبَّاغ المالكي

ورواه أبو الحسن علي ابن الصبّاغ المالكي حيث قال في ذكر مناقب الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الخامسة عشر - محاسنه الجميلة واتّصافه بكلّ فضيلة. فمن ذلك.

ما رواه البيهقي في كتابه الّذي صنّفه في فضائل الصّحابة، يرفعه بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: من أراد أنْ ينظر إلى نوحٍ في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة ابن الصباغ

وقال في ( معجم المؤلفين ): « علي بن محمّد بن أحمد، نور الدين، ابن الصبّاغ. فقيه مالكي، أصله من سفاقس، وولد وتوفي بمكة. من تصانيفه: الفصول المهمة لمعرفة الأئمّة وفضلهم ومعرفة أولادهم ونسلهم »(٢) .

وقال صاحب ( الأعلام ): « ابن الصبّاغ، علي بن محمّد بن أحمد، نور الدين، ابن الصبّاغ، فقيه مالكي، من أهل مكة مولفاً ووفاةً. أصله من سفاقس. له كتب منها: الفصول المهمّة لمعرفة الأئمّة. ط. والعبر فيمن شفّه النظر. قال السخاوي: أجاز لي »(٣) .

____________________

(١). الفصول المهمة في معرفة الأئمّة: ١٢٣.

(٢). معجم المؤلفين ٧ / ١٧٨.

(٣). الأعلام ٥ / ١٦١.

٢١٧

اعتبار كتاب ( الفصول المهمّة )

وكتابه ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة ) من الكتب المعتبرة المعتمدة: قال ابن الصبّاغ في ديباجته: « وبعد، فعنَّ لي أن أذكر في هذا الكتاب فصولاً مهمّة في معرفة الأئمّة، أعني الأئمّة الإثني عشر، الّذين أوّلهم علي المرتضى وآخرهم المهدي المنتظر، يتضمّن شيئاً من ذكر مناقبهم الشريفة ومراتبهم العالية المنيفة، ومعرفة أسمائهم وصفاتهم وآبائهم وأُمهاتهم، ومواليدهم ووفاتهم، وذكر مدّة أعمارهم، وحجّابهم وشعرائهم، خالياً عن الإطناب المملّ والتقصير المخلّ، آخذاً عن الإكثار المسئم إلى الإيجاز المفهم، ولن يعرف شرفه إلّامن وقف عليه فعرفه، وعقدت لكلّ إمامٍ منهم فَصلاً يشتمل كلّ فصل من الثلاثة الفصول الأوّل منها على عدّة فصول

وسمّيته بالفصول المهمّة في معرفة الأئمّة، أجبت في ذلك سؤال بعض الأعزّة من الأصحاب، والخلّص من الأحباب، بعد أن جعلت ذلك لي عند الله ذخيرةً ورجاء في التكفير لما أسلفته من جريرة، أو اقترفته من صغيرة أو كبيرة، وذلك لما اشتمل عليه هذا الكتاب من ذكر مناقب أهل البيت الشهيرة، ومآثرهم الأثيرة، ولربّ ذي بصيرة قاصرة وعين عن إدراك الحقائق حاسرة، يتأمّل ما ألّفته ويستعرض ما جمعته ولخّصته، فيحمله طرفه المريض وقلبه المهيض على أنْ ينسبني في ذلك إلى التّرفيض ».

وقال أحمد بن عبدالقادر العجيلي الحفظي الشافعي في ( ذخيرة المآل ) في مسألة الخنثى:

« قلت: وهذه المسألة وقعت في زمننا هذا ببلاد الحيرة، على ما أخبرني به سيّدي العلاّمة نور الدين خلف الحيرتي، وذكر لي أنّ الخنثى الموصوفة

٢١٨

توفّيت عن والدين ولد لبطنها وولد لظهرها، وخلّفت تركة كثيرة، وأنّ علماء تلك الجهة تحيّروا في الميراث، واختلف أحكامهم، فمنهم من قال يرث ولد الظهر دون ولد البطن، ومنهم من قال بعكس هذا، ومنهم من قال يقتسمان التركة، ومنهم من قال توقف التركة حتّى يصطلح الولدان على تساو أو على مفاضلة. وأخبرني أنّ الخصام قائم والتركة موقوفة، وأنّه خرج لسوال علماء المغرب خصوصاً علماء الحرمين عن ذلك، وبعد الإتّفاق به بسنتين وجدت حكم أمير المؤمنين في كتاب الفصول المهمّة في فضل الأئمّة تصنيف الشيخ الإمام علي بن محمّد الشهير بابن الصّبّاغ من علماء المالكيّة. إنتهى ».

وقال الشيخ عبدالله المطيري المدني الشافعي في ديباجة كتابه ( الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة ) ما نصّه:

« الحمد لله ربّ العالمين والشكر للملهم بالهدى إلى صراط المتقين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد عبده ورسوله، الّذي يصلّي على خلفه عجماً وعرباً، وأنزل عليه( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وعلى آله وأصحابه نجوم الإقتداء وبدور الإهتداء، صلوةً وسلاماً يدومان بدوام المنزه وجوده عن الإنتهاء والإبتداء.

أمّا بعد، فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى عبدالله بن محمّد المطيري شهرةً، المدني حالاً: هذا كتاب سمّيته بالرّياض الزّاهرة في فضل آل بيت النّبيّ وعترته الطّاهرة، جمعت فيه ما اطّلعت عليه ممّا ورد في هذا الشأن، واعتنى بنقله العلماء العاملون الأعيان، وأكثره من الفصول المهمّة لابن الصّبّاغ، ومن الجوهر الشفّاف للخطيب ».

وقال السمهودي:

« قوله: وإنّي سائلكم غداً عنهم، تقدم بشاهده في الذّكر الرابع، وسبق

٢١٩

في رابع تنبيهاته قول الحافظ جمال الدّين الزرندي عقب حديث من كنت مولاه فعليّ مولاه، قال الإمام الواحدي: هذه الولاية التي أثبتها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مسئول عنها يوم القيامة.

وروى في قوله تعالى( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي عن ولاية علي وأهل البيت، لأنّ الله أمر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يعرّف الخلق أنّه لا يسألهم عن تبليغ الرسالة أجرا إلّا المودّة في القربى.

والمعنى أنّهم يسألون هل والوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أم أضاعوها وأهملوها فيكون عليهم المطالبة والتبعة إنتهى.

ويشهد لذلك ما أخرجه أبو المؤيّد في كتاب المناقب، فيما نقله أبو الحسن علي السفاقسي ثمّ المكّي في الفصول المهمّة، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن جلوس ذات يوم: والّذي نفسه بيده لا يزول قدم عن قدم يوم القيامة حتّى يسأل الله تعالى الرجل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله ممّا اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت. فقال له عمررضي‌الله‌عنه : يا نبيّ الله، ما آية حبّكم؟ فوضع يده على رأس عليّ وهو جالس إلى جانبه، فقال: آية حبّنا حبّ هذا من بعدي ».

وقال الحلبي في ذكر الهجرة: « في الفصول المهمّة: إنّه صلّى الله عليه وسلّم وصى عليّاً رضي الله تعالى عنه بحفظ ذمته وأداء أمانته ظاهراً على أعين النّاس، وأمره أن يبتاع رواحل للفواطم، فاطمة بنت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفاطمة بنت الزبير بن عبدالمطّلب، ولمن هاجر معه من بني هاشم، ومن ضعفاء المؤمنين، وشراء عليّ رضي الله تعالى عنه الرواحل مخالف لما يأتي في الأصل أنّه صلّى الله عليه وسلّم أرسل إلى علي محلة وأرسل يقول

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449