نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206498 / تحميل: 7203
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

ولا يخفى عليك ما لوصف « الحافظ » ووصف « الإمام » ووصف « الشيخ » من شأن وعظمة

(٢٢)

رواية محبّ الدّين الطَبَري

ورواه الحافظ محبّ الدّين أحمد بن عبدالله الطبري، شيخ الحرم حيث قال: « ذكر شبهه بخمسةٍ من الأنبياءعليهم‌السلام في مناقب لهم:

عن أبي الحمراء، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حكله، وإلى يحيى ابن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب.

أخرجه القزويني الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته »(١) .

ذكر كتاب الرياض النضرة

وأمّا كتاب ( الرياض النضرة في مناقب العشرة ) فقد ذكره الكاتب الجلبي بقوله: « الرياض النضرة في فضائل العشرة، لمحب الدين أحمد بن عبدالله بن

____________________

(١). الرياض النضرة في مناقب العشرة ( ٣ - ٤ ): ١٩٧.

٢٠١

محمّد الطبري الشافعي، المكي، المتوفى سنة ٦٩٤. أوّله: الحمد لله الّذي يختصّ برحمته من يشاء ذكر أنّه جمع ما يروى فيهم في مجلّد بحذف الأسانيد من كتب عديدة، وشرح غريب الحديث في خلاله، عازياً كلّ حديث إلى كتاب، وقدم مقدمة في أسماء وكنى، وذكر أوّلاً الأحاديث الجامعة ثمّ ما اختص بالأربعة، ثمّ سمّاه كما ورد، وأورد فصل كلّ واحدٍ وأدرج جملة ذلك في قسمين، الأوّل - في مناقب الأعداد. والثاني - في مناقب الآحاد.

ومنه انتقى الشيخ زين الدين أحمد الشمّاع الحلبي، المتوفى سنة ٩٣٦، كتابه المسمّى بالدر الملتقط »(١) .

وهو من مصادر الديار بكري في ( تاريخ الخميس في أحوال النفس والنفيس ).

وعدّه ( الدهلوي ) في الكتب التي ألّفها أهل السنّة في باب المناقب والفضائل.

وتشبّث ( الدهلوي ) الّذي رواه المحبّ الطبري في كتابه ( الرياض النضرة ) بالحديث، مستدلّاً به لما زعم من رضا الصدّيقة الزهراءعليها‌السلام عن أبي بكر بن أبي قحافة، خلافاً لما اُخرج في الصحيح من أنّها ماتت وهي واجدة على أبي بكر، كما في البخاري وغيره.

وتمسّك والده في كتاب ( إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء ) بما رواه الطبري في هذا الكتاب من أخبار مناقب الشيخين.

وقال الحافظ المحبّ الطبري في ديباجة كتابه المذكور:

« أمّا بعد، فإنّ الله عزّوجلّ قد اختار لرسوله صلّى الله عليه وسلّم

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٩٣٧.

٢٠٢

أصحاباً، فجعلهم خير الأنام، واصطفى من أصحابه رضي الله تعالى عنهم جملة العشرة الكرام، فرضيهم لعشرته وموالاته وفضّلهم بالإنضمام إليه مدّة حياته، وأنعم عليهم بما أولاهم من أصناف موجبات كريم كرمه، وأسعدهم بما سلف لهم في سابق قديم قدمه، وأشقى قوماً بارتكاز أهويتهم في الخوض في أمرهم، فيما لا يعنيهم واجتراهم على الإقدام على التّنقص بهم، وصفهم بما ليس فيهم

فما للجاهل الغبيّ ولهم، وقد أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه سيغفر لهم، وما للمتعامي وتأويل ما ورد في شأنهم وتحريفه، بعد قوله صلّى الله عليه وسلّم: لو أنفق أحدهم مثل اُحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نُصَيفه.

فالحمد لله أنْ عصمنا من هذه الورطة العظيمة، ووفقنا بحبّ جملتهم إلى سلوك الطريقة المستقيمة، ثمّ الحمد لله أن ألهم جمع هذا المؤلَّف في مناقبهم والإعلام بما وجب من التعريف بشرف قدرهم وعلوّ مراتبهم، وتدوين بعض ما روي من عظيم مآثرهم، وإبراز طرف ما ذكر من عميم مذاخرهم، من كتب ذوات عدد، على وجه الإختصار وحذف السند، ليسهل على الناظر تناوله ويقرب على الطالب فيه ما يحاوله، عازياً كلّ حديث إلى الكتاب المخرَّج منه، منبّهاً على مؤلّفه ومن أخذ عنه، تفصّياً عن عهدة الإرتياب في النقل، واعتماداً على اُولى السّابقة من أهل العلم والفضل، مبتدياً بذكر ما شملهم على طريقة التّضمن، ثمّ بما اختصّ بهم على وجه المطابقة والتعين، ثمّ بما ورد فيما دون العشرة وإن انضمّ إليهم من ليس منهم، ثمّ ما اختصّ بالأربعة الخلفاء ولم يخرج عنهم، ثمّ بما زاد على الأربعة على واحدٍ، ثمّ بما ورد في فضائل كلّ واحد واحد، وأدرجت جملة ذلك في قسمين ».

هذا، وقد روى الحافظ المحب الطبري هذا الحديث في كتابه الآخر:

٢٠٣

( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ) حيث قال: « ذكر شبه علي بخمسة من الأنبياء:

عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوحٍ في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته »(١) .

ذكر كتاب ذخائر العقبى

وأمّا كتابه ( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ) الّذي قال في خطبته:

« أمّا بعد، فإنّ الله تعالى قد اصطفى محمّداً على جميع من سواه، وخصّه بما أنعمه به من فضله الباهر وحباه، وأعلى منزلة من انتمى إليه، سبباً أو نسبةً، ورفع مرتبة من انطوى عليه نصرةً وصحبةً، وألزم مودّة قرباه كافّة بريّته، وفرض محبّة جميع أهل بيته المعظم وذريّته.

لا جرم سنح بالخاطر تدوين ما ورد في مناقبهم، وتبيين ما روي في شريف قدرهم وعلوّ مراتبهم، وتتبّع ما نقل في عظيم فخرهم الفاخِر، وجمع ما ظفرت به من عميم فضلهم الباهر، ولِمَ لا وهم هالة قمر الكون وطفاوة شمس

____________________

(١). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ٩٣.

٢٠٤

البريّة وأغصان دوحة الشرف وفروع أصل الأنوار النبوية، أعاد علينا من حلوم سنا بركتهم، كما أعاذنا من جهل عُلوّ درجتهم وغمر في غفرانه ذنوبنا بحرمتهم، كما غمر بإحسانه قلوبنا بمحبّتهم، وأحسن مآلنا بجاههم عليه، كما علق أعمالنا بالتوسّل إليه، وسمّيته كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، ناقلاً من كتب ذوات أعدادٍ على وجه الإختصار وحذف الإسناد، عازياً كلّ حديث إلى كتابه، تفصّياً عن عهدة الإرتياب وتسهيلاً على طلابه، فالله أسأل أن يجعل ذلك وسيلةً إلى جنّات النعيم، وذريعة إلى درك الفوز العظيم وتحقيق الأمل فيه لديه، فإنّه ولي ذلك والقادر عليه.

ورتّبته على قسمين قسم يتضمّن ما جاء فيهم على وجه العموم والإجمال، وقسم يتضمّن ذلك على وجه التخصيص وتفصيل الأحوال ».

وذكره الكاتب الجلبي بقوله: « ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، مجلّد، لمحب الدين أحمد بن عبدالله الطبري، المتوفى سنة ٦٩٤ »(١) .

وذكره صديق حسن القنوجي - في ( إتحاف النبلاء ) - بقوله: « ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، مجلّد، لمحبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري، المتوفى سنة ٦٩٤، وموضوعه من اسمه ظاهر ».

فقد ذكره الشوكاني في مرويّاته - في ( إتحاف الأكابر ). والدياربكري في مصادر تاريخه ( الخميس في أحوال النفس والنفيس ).

وقال محمّد الأمير في ذكر مآخذ كتابه ( الروضة الندية ): « وأجلّ معتمدي: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، لإمام السنّة وحافظها محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبريرحمه‌الله ».

وقال ابن باكثير المكّي في ( وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ):

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٨٢١.

٢٠٥

« وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن وجمعت من جواهر مناقبهم الشريفة ما يحمّل به جيد الزمان، ومن آخر ما جمعت في ذلك التأليف، وأنفع ما نقلت في هذا التصنيف كتاب جواهر العقدين في فضل الشرفين لعلّامة الحرمين السّيّد علي السّمهودي تغمّده الله برحمته، فمن ذخائر العقبى في فضل ذوي القربى، يحقّ له أن يكتب بماء العين، لعلّامة الحجاز الشريف محقّق دهره وحافظ عصره المحبّ الطّبري، لا زال الثناء عليه يحيي ذكره وقدّس الله سرّه، وكتاب استجلاء ارتقاء الغرف بحبّ أقرباء الرّسول ذوي الشّرف، لحافظ عصره السّخاوي نوّر الله ضريحه، وأحلّ في غرف الجنان روحه، وكتاب حسن السريرة في حسن السّيرة، لصاحبنا وعمدتنا سيبويه زمانه مفرد وقته وأوانه، محقّق العصر نادرة الدهر خلاصة ذوي الفخر الغني عن الإطناب بتعداد الألقاب والصفات بما خصّه الله تعالى به من نعوت الكمال وجزيل الهبات، مولانا الإمام العلّامة عبدالقادر ابن محمّد الطّبري الحسيني الخطيب الإمام بالمسجد الحرام، ولا زالت المشكلات تنجلي بوجوده، ولا برح جيد العلوم بتحلي بجواهر عقوده ».

وذكره ( الدهلوي ) في الكتب التي ألّفها أهل السنّة في فضائل ومناقب أهل البيت.

وقال أحمد بن باكثير المكّي - كما تقدّم: « ويحقّ له أنْ يكتب بماء العين لعلاّمة الحجاز الشريف محقّق دهره وحافظ عصره المحبّ الطبري، لا زال الثّناء عليه يحيى ذكره وقدّس الله سرّه ...».

٢٠٦

ترجمة المحبّ الطبري

١ - الذّهبي: « المحب الإمام، المحدّث، المفتي، فقيه الحرم تفقّه ودرس وأفتى وصنّف، وكان شيخ الشافعيّة ومحدّث الحجاز وكان إماماً صالحا زاهداً كبير الشأن »(١) .

٢ - أيضاً: « الإمام، الحافظ، المفتي، شيخ الحرم كان عالماً عاملاً جليل القدر، عارفاً بالآثار، ومن نظر في أحكامه عرف محلّه من الفقه والعلم

توفي في رمضان سنة ٦٩٤ وقيل بل في جمادى الأخرى منها »(٢) .

٣ - وقال الذهبي: « والمحبّ الطبري، شيخ الحرم، أبو العباس، أحمد ابن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن إبراهيم المكي الشافعي، الحافظ، وسمع من ابن المقيّر وجماعة، وصنّف كتاباً حافلاً في الأحكام في عدّة مجلّداًت. توفي في ذي القعدة »(٣) .

٤ - أيضاً: « وشيخ الحرم، الحافظ الفقيه، محب الدين أحمد بن عبدالله الطبري، مصنّف الأحكام، عن ٧٧ سنة »(٤) .

٥ - ابن الوردي: « وشيخ الحرم الحافظ »(٥) .

٦ - الأسنوي: « محبّ الدين أبو العباس أحمد بن عبدالله بن محمّد الطبري، ثمّ المكّي، شيخ الحجاز، كان عالماً عاملاً جليل القدر، عالماً بالآثار

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٥.

(٢). المعجم المختص: ٢٢.

(٣). العبر في خبر من غبر - حوادث ٦٩٤، ٥ / ٣٨٢.

(٤). دول الإسلام - حوادث ٦٩٤.

(٥). تتمة المختصر في أخبار البشر - سنة ٦٩٤.

٢٠٧

والفقه، إشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري، وشرح التنبيه، وألّف كتاباً في المناسك، وكتاباً في الألغاز، وكتاباً نفيساً في أحاديث الأحكام.

ولد يوم الخميس ١٧ من جمادى الآخرة سنة ٦١٥.

وتوفي في سنة ٩٤، وقيل في ذي القعدة، وقيل غير ذلك »(١) .

٧ - السبكي: « شيخ الحرم وحافظ الحجاز بلا مدافعة »(٢) .

٨ - الصفدي: « شيخ الحرم، الفقيه، الزاهد، المحدّث، درّس وأفتى، وكان شيخ الشافعية ومحدّث الحجاز »(٣) .

٩ - السيوطي: « المحبّ الطبري الإمام المحدّث، فقيه الحرم، وشيخ الشافعية، ومحدّث الحجاز. كان إماماً زاهداً صالحاً كبير الشأن »(٤) .

ذكر من نقل عنه

وقد أكثر العلماء من النقل لرواياته معتمدين عليها:

قال السيّد شهاب الدين أحمد، صاحب كتاب ( توضيح الدلائل ) بعد رواية:

« رواه شيخ الحرم، والإمام المحترم، الحافظ المحدّث المفتي الفقيه البارع الورع المدرس النبيه، مقدّم الشافعيّة في الحجاز، وكان ذا جاه عظيم واعتزاز، ذو التصانيف الكثيرة والفضائل الشهيرة، محبّ الدين أبو العبّاس، أحمد بن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر المكي الطبري، في كتابه ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ».

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ١٧٩.

(٢). طبقات الشافعية ٨ / ١٨.

(٣). الوافي بالوفيات ٧ / ١٣٥.

(٤). طبقات الحفاظ: ٥١٤.

٢٠٨

وقال عبدالغفار بن إبراهيم العكّي الشافعي في ( عجالة الراكب ): « أحمد ابن عبدالله، شيخ الحرم، محبّ الدّين، الطبري المكي، درّس وأفتى، ومن تصانيف الأحكام المبسوط، ورتّب كتاب جامع الأسانيد وشرح التنبيه، وألّف كتاباً في المناسك، وكتاباً في الألفاظ، والرّياض النضرة في فضائل العشرة، والسّمط الثمين في فضائل أمّهات المؤمنين، وذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى».

وقال محمّد بن إسماعيل الأمير في آخر ( الروضة النديّة ): « ولعلّه يقول قائل: قد أكثرتم من النقل عن الطبري، ومن الطبري؟ ويشتاق إلى معرفة شيء من أوصافه ليكون أقرّ لعينه في قبول ما أُسند إليه.

فنقول: المحبّ الطّبري هو الإمام المحدّث الفقيه، فقيه الحرم، محب الدّين، أبو العبّاس أحمد بن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر الطّبري ثمّ المكي الشافعي، مصنّف الأحكام الكبرى، ولد سنة خمس عشرة وستمائة، وسمع من أبي الحسن بن المقيّر وابن الحميري وشعيب الزعفراني وعبدالرّحمن بن أبي حرمى وجماعة، وتفقّه ودرّس وأفتى وصنّف، وكان شيخ الشافعية، ومحدّث الحجاز، وروى عنه الدمياطي من نظمه، وأبو الحسن بن العطّار وأبو محمّد البرزالي وآخرون.

وكان إماماً صالحاً زاهداً كبير الشأن، روى عنه أيضاً ولده قاضي مكّة جمال الدّين محمّد، وحفيده الإمام نجم الدين قاضي مكّة، وكتب إليّ بمرويّاته.

توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وستمائة ».

٢٠٩

(٢٣)

رواية السيّد علي الهمداني

ورواه العارف الشهير المحدّث الكبير السيّد علي الهمداني:

« عن جابررضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

من أراد أنْ ينظر إلى إسرافيل في هيبته، وإلى ميكائيل في رتبته، وإلى جبرائيل في جلالته، وإلى آدم في سلمه، وإلى نوح في حسنه، وإلى إبراهيم في خلّته، وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى موسى في مناجاته، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في سنته، وإلى يونس في ورعه، وإلى محمّد في جسمه وخلقه، فلينظر إلى علي، فإنّ فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء، جمعها الله فيه ولم تجمع في أحد غيره. وعدّ جميع ذلك في كتاب جواهر الأخبار»(١) .

ترجمة الهمداني

١ - نور الدين جعفر البدخشاني: « في بيان بعض فضائل العروة الوثقى، حضرة الرحمن الشكور الفخور بجناب الديان، قرّة عين محمّد رسول الله، ثمرة فؤاد المرتضى والبتول، المطّلع على حقائق الأحاديث والتفاسير، الممعن في السرائر بالبصيرة والتبصير، المرشد للطالبين في الطريق السبحاني، الموصل للمتوجّهين إلى الجمال الروحاني، العارف المعروف بالسيّد علي الهمداني، خصّه الله اللطيف باللطف الصمداني، ورزقنا الإستنارة الدائمة من

____________________

(١). المودّة في القربى، أنظر ينابيع المودّة ٢ / ٣٠٦ الطبعة الحديثة.

٢١٠

النور الحقّاني »(١) .

٢ - الجامي: « الأمير السيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد الهمدانيقدس‌سره . كان جامعاً بين العلوم الظاهرية والعلوم الباطنية، وله في العلوم الباطنية مصنّفات مشهورة، منها كتاب النقطة، وشرح الأسماء الحسنى، وشرح فصوص الحكم، وشرح القصيدة الهمزية الفارضية.

كان ملازماً للشيخ شرف الدين محمود بن عبدالله المزدقاني، إلّا أنّه أخذ الطريقة من صاحب السرّ بين الأقطاب تقي الدين علي دوستي، ولـمّا توفّي تقي الدين علي عاد إلى الشيخ شرف الدين محمود، فسأله عن وظيفته، فالتفت إليه الشيخ قائلاً: الوظيفة هي أنْ تطوف أقصى بلاد العالم، فسار في بلاد العالم كلّه ثلاث مرّات، وفاز بصحبة أربعمائة وألف ولي من الأولياء، حتّى لقي أربعمائة رجل منهم في مجلس واحد.

ومات في سادس ذي الحجة سنة ٧٨٦ »(٢) .

٣ - الكفوي: « لسان العصر، سيّد الوقت، المنسلخ عن الهياكل الناسوتيّة، والمتوسّل إلى السبحات اللّاهوتيّة، الشيخ العارف الرباني والعالم الصمداني، مير سيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد بن محمّد الهمداني قدّس الله تعالى سرّه، كان جامعاً بين العلوم الظاهرة والباطنة، وله مصنّفات كثيرة في علم التصوف » فنقل مصنّفاته، ثمّ نقل كلام الجامي في نفحاته، ثمّ قال:

« وكان السيّد علي الهمداني جمع الأوراد واختارها من المشايخ الّذين كانوا في عصره وتشرف بصحبتهم، وبأس أياديهم الشريفة واقتبس من أنوارهم القدسية، وانتخبها من جوامع كلماتهم الإنسيّة وسمّاها الأوراد

____________________

(١). خلاصة المناقب - مخطوط.

(٢). نفحات الأنس من حضرات القدس: ٤٤٧.

٢١١

الفتحيّة، وهي اليوم أوراد الإخوان الكيروية، والشيخ الجليل السيّد علي الهمداني أخذ الطريقة عن تقي الدّين علي دوستي والشيخ محمود المزدقاني، وهما عن علاء الدّولة السّمناني ثمّ قال: سمعت شيخنا وسيّدنا المولى العارف الربّاني الشيخ محمّد بن يوسف العركتى السمرقندي، يحكي عن شيخه المخدومي عبداللطيف الجامي، عن شيخه المخدوم الأعظم حاجي محمّد الحبوشاني، عن شيخه شاه بيدواري، عن شيخه محمّد الملقب بالرشيد، عن شيخه السيد الأمير عبدالله بردشابادي، عن شيخه المرشد الكامل والشيخ المكمّل إسحاق الختلاني، عن قدوة العارفين دليل السالكين منبع المعارف الربّانيّة معدن اللطائف السّبحانيّة السيّد علي الهمداني.

إنّه لـمّا جمع الأوراد الفتحيّة، وانتخبها من جوامع كلماتهم القدسيّة على حسب ملكاتهم الإنسيّة، رأى في منامه أنّ الملائكة يقرؤونها في شعبة جاركاه، ويطوفون حول العرش، وفي أيديهم طبق من نور مملوّ من اللّالي والجواهر ينثرون، ثمّ قال الشيخ محمّد السمرقندي: ولهذا مشايخنا كانوا يقرؤون في شعبة جاركاه.

ومن تصانيفه: ذخيرة الملوك وهو كتاب لطيف وانشاء شريف مشتمل على لوازم قواعد السّلطنة الصوري والمعنويّ، ومبني على ذكر أحكام الحكومة والولاية وتحصيل السعادة الدنيوي والأخرويّ، على عشرة أبواب ».

٤ - مجد الدين البدخشاني - في ( جامع السلاسل ): « ذكر الفقيه الهمداني علي الثاني مير سيّد علي الهمداني قدّس الله سرّه، لقّب بـ « علي الثاني » وقد وصفه مشايخ عصره -: سلطان الأولياء وبرهان الأصفياء، قدوة العارفين، زبدة المحققين، مستجمع الأسماء والصفات، الجامع بين

٢١٢

المتجلّيات، محيي الشريعة والطريقة والحقيقة، ختم المتقدّمين، زبدة المتأخّرين، وارث الأنبياء والمرسلين، مرشد الأولياء إلى طريق الحق باليقين، مركز دائرة الوجود، الهادي إلى المقصود، قطب الأقطاب، الكامل المكمل الصمداني، علي أمير كبير، السيّد علي الهمداني ».

وقد وصفه غير من ذكر بمثل ما تقدّم من الأوصاف الجليلة، كالميبدي في ( الفواتح - شرح ديوان أمير المؤمنين ) والشيخ أحمد القشاشي في ( السمط المجيد ) وولي الله الدهلوي في ( الإنتباه في سلاسل أولياء الله ) والسيّد شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ).

(٢٤)

رواية نور الدين جعفر

وهو نور الدين جعفر بن سالار المعروف بأمير ملّا، خليفة السيّد علي الهمداني المذكور. فقد روى حديث التشبيه - في كتابه ( خلاصة المناقب ) -، إذ أورد أشعار الشيخ فريد الدين العطّار النيسابوري التي تضمّنت معنى حديث التشبيه، أوردها وهو بصدد نقل بعض فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ترجمة أمير ملّا

وتجد ترجمة نور الدين أمير ملّا هنا في:

١ - كتاب الإنتباه في سلاسل أولياء الله. الّذي كتبه شاه عبدالرحيم الدهلوي والد مخاطبنا ( الدهلوي ) في تراجم أعاظم علماء أهل السنّة من أهل العرفان والتصوّف، وبيان طرقهم وسلاسلهم.

٢١٣

٢ - جامع السلاسل. الّذي ألّفه مجد الدين البدخشاني في نفس الموضوع.

ويكفي في جلالة قدره وعظمة شأنه كونه خليفة السيّد علي الهمداني الذي تقدّم ذكره، فإنّ ذلك يكشف عن تفوّقه على سائر أصحاب السيّد وتبرّزه من بينهم.

(٢٥)

رواية شهاب الدّين أحمد

ورواه السيّد شهاب الدين أحمد في كتابه ( توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل ) حيث قال: « الباب الثامن عشر - في أنّه حاز خصائص أعاظم الأنبياء، وفاز ثانياً خصال كمال أكارم الأصفياء:

عن أبي الحمراء - رضي الله تعالى عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوحٍ في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

رواه الطبري وقال: أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى إبراهيم في خلّته، وإلى نوح في حكمته، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

رواه الطبري وقال: أخرجه الملّا في سيرته ».

٢١٤

ترجمة السيّد شهاب الدين أحمد

وهو: شهاب الدين أحمد بن جلال الدين عبدالله بن قطب الدين محمّد ابن جلال الدين عبدالله بن قطب الدين محمّد بن معين الدين عبدالله ابن هادي ابن محمّد، الحسيني، الإيجي، الشافعي، من أعلام القرن التاسع.

هو من أسرة فقه وحديث وتصوّف، توفي أبوه في سنة ٨٤٠ وجدّه سنة ٧٨٥، وأبو جدّه سنة ٧٦٣، وجدّ جدّه سنة ٧١٤.

وقد ترجم له السخاوي(١) .

إعتبار أخبار هذا الكتاب

وقد ذكر السيّد شهاب الدين أحمد في هذا الكتاب عباراتٍ تفيد التزامه بنقل الأخبار المعتبرة فيه، من ذلك قوله: « وخرّجت من كتب السنّة المصونة عن الهرج ودواوينها، وانتهجت فيه منهج من لم ينتهج العوج عن قوانينها، أحاديث حدث حديثها عن حدث الصّدق في الأخبار، ومسانيد ما حدث وضع حديثها بغير الحق في الأخبار ».

وقوله: « والغرض من هذا الباب ومن تمهيد هذه القواعد أنْ لا يقوم أحد بالردّ لأخبار هذا الكتاب، فإنّ معظمها في الصحاح والسنن، ومرويّاتها ما توارث أهل الصلاح في السنن ».

وقوله: « واعلم أنّ كتابي هذا - إن شاء الله تعالى - خالٍ عن موضوعات الفريقين، حالٍ بتحرّي الصّدق وتوخّي الحق وتنحّي مطبوعات الفريقين ».

____________________

(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ١ / ٣٦٧.

٢١٥

(٢٦)

رواية ملك العلماء الهندي

ورواه شهاب الدين بن عمر الزّاولي الدولت آبادي الملقّب بملك العلماء حيث قال:

« إعلم أنّ أحاديث مناقب علي كرّم الله وجهه من الأحاديث الصّحاح، ولكنّ احتجاج الشيعة بها خطأ. إحتجّت الشيعة بخبر الطير. وتمام الخبر ذكرناه في الجلوة الحادية عشر من الهداية التاسعة.

واحتجّت بقوله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه

وبآياتٍ

قالوا: جعله الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم مساوياً للأنبياء، والأنبياء أفضل من الأصحاب إجماعاً، والمساوي للأفضل أفضل.

وأجاب أهل السنّة: بأنّه تشبيه محض، وهو إلحاق الفرع بالأصل لمشاركته إيّاه في شيء، ولا يدلّ التشبيه على المساواة ».

ثمّ إنّه ذكر الحديث الشريف بهذا اللفظ: « وقال صلّى الله عليه وسلّم:

من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي.

فشبّه عليّاً بالأنبياء »(١) .

____________________

(١). هداية السعداء - مخطوط.

٢١٦

(٢٧)

رواية ابن الصبَّاغ المالكي

ورواه أبو الحسن علي ابن الصبّاغ المالكي حيث قال في ذكر مناقب الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الخامسة عشر - محاسنه الجميلة واتّصافه بكلّ فضيلة. فمن ذلك.

ما رواه البيهقي في كتابه الّذي صنّفه في فضائل الصّحابة، يرفعه بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: من أراد أنْ ينظر إلى نوحٍ في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة ابن الصباغ

وقال في ( معجم المؤلفين ): « علي بن محمّد بن أحمد، نور الدين، ابن الصبّاغ. فقيه مالكي، أصله من سفاقس، وولد وتوفي بمكة. من تصانيفه: الفصول المهمة لمعرفة الأئمّة وفضلهم ومعرفة أولادهم ونسلهم »(٢) .

وقال صاحب ( الأعلام ): « ابن الصبّاغ، علي بن محمّد بن أحمد، نور الدين، ابن الصبّاغ، فقيه مالكي، من أهل مكة مولفاً ووفاةً. أصله من سفاقس. له كتب منها: الفصول المهمّة لمعرفة الأئمّة. ط. والعبر فيمن شفّه النظر. قال السخاوي: أجاز لي »(٣) .

____________________

(١). الفصول المهمة في معرفة الأئمّة: ١٢٣.

(٢). معجم المؤلفين ٧ / ١٧٨.

(٣). الأعلام ٥ / ١٦١.

٢١٧

اعتبار كتاب ( الفصول المهمّة )

وكتابه ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة ) من الكتب المعتبرة المعتمدة: قال ابن الصبّاغ في ديباجته: « وبعد، فعنَّ لي أن أذكر في هذا الكتاب فصولاً مهمّة في معرفة الأئمّة، أعني الأئمّة الإثني عشر، الّذين أوّلهم علي المرتضى وآخرهم المهدي المنتظر، يتضمّن شيئاً من ذكر مناقبهم الشريفة ومراتبهم العالية المنيفة، ومعرفة أسمائهم وصفاتهم وآبائهم وأُمهاتهم، ومواليدهم ووفاتهم، وذكر مدّة أعمارهم، وحجّابهم وشعرائهم، خالياً عن الإطناب المملّ والتقصير المخلّ، آخذاً عن الإكثار المسئم إلى الإيجاز المفهم، ولن يعرف شرفه إلّامن وقف عليه فعرفه، وعقدت لكلّ إمامٍ منهم فَصلاً يشتمل كلّ فصل من الثلاثة الفصول الأوّل منها على عدّة فصول

وسمّيته بالفصول المهمّة في معرفة الأئمّة، أجبت في ذلك سؤال بعض الأعزّة من الأصحاب، والخلّص من الأحباب، بعد أن جعلت ذلك لي عند الله ذخيرةً ورجاء في التكفير لما أسلفته من جريرة، أو اقترفته من صغيرة أو كبيرة، وذلك لما اشتمل عليه هذا الكتاب من ذكر مناقب أهل البيت الشهيرة، ومآثرهم الأثيرة، ولربّ ذي بصيرة قاصرة وعين عن إدراك الحقائق حاسرة، يتأمّل ما ألّفته ويستعرض ما جمعته ولخّصته، فيحمله طرفه المريض وقلبه المهيض على أنْ ينسبني في ذلك إلى التّرفيض ».

وقال أحمد بن عبدالقادر العجيلي الحفظي الشافعي في ( ذخيرة المآل ) في مسألة الخنثى:

« قلت: وهذه المسألة وقعت في زمننا هذا ببلاد الحيرة، على ما أخبرني به سيّدي العلاّمة نور الدين خلف الحيرتي، وذكر لي أنّ الخنثى الموصوفة

٢١٨

توفّيت عن والدين ولد لبطنها وولد لظهرها، وخلّفت تركة كثيرة، وأنّ علماء تلك الجهة تحيّروا في الميراث، واختلف أحكامهم، فمنهم من قال يرث ولد الظهر دون ولد البطن، ومنهم من قال بعكس هذا، ومنهم من قال يقتسمان التركة، ومنهم من قال توقف التركة حتّى يصطلح الولدان على تساو أو على مفاضلة. وأخبرني أنّ الخصام قائم والتركة موقوفة، وأنّه خرج لسوال علماء المغرب خصوصاً علماء الحرمين عن ذلك، وبعد الإتّفاق به بسنتين وجدت حكم أمير المؤمنين في كتاب الفصول المهمّة في فضل الأئمّة تصنيف الشيخ الإمام علي بن محمّد الشهير بابن الصّبّاغ من علماء المالكيّة. إنتهى ».

وقال الشيخ عبدالله المطيري المدني الشافعي في ديباجة كتابه ( الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة ) ما نصّه:

« الحمد لله ربّ العالمين والشكر للملهم بالهدى إلى صراط المتقين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد عبده ورسوله، الّذي يصلّي على خلفه عجماً وعرباً، وأنزل عليه( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وعلى آله وأصحابه نجوم الإقتداء وبدور الإهتداء، صلوةً وسلاماً يدومان بدوام المنزه وجوده عن الإنتهاء والإبتداء.

أمّا بعد، فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى عبدالله بن محمّد المطيري شهرةً، المدني حالاً: هذا كتاب سمّيته بالرّياض الزّاهرة في فضل آل بيت النّبيّ وعترته الطّاهرة، جمعت فيه ما اطّلعت عليه ممّا ورد في هذا الشأن، واعتنى بنقله العلماء العاملون الأعيان، وأكثره من الفصول المهمّة لابن الصّبّاغ، ومن الجوهر الشفّاف للخطيب ».

وقال السمهودي:

« قوله: وإنّي سائلكم غداً عنهم، تقدم بشاهده في الذّكر الرابع، وسبق

٢١٩

في رابع تنبيهاته قول الحافظ جمال الدّين الزرندي عقب حديث من كنت مولاه فعليّ مولاه، قال الإمام الواحدي: هذه الولاية التي أثبتها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مسئول عنها يوم القيامة.

وروى في قوله تعالى( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي عن ولاية علي وأهل البيت، لأنّ الله أمر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يعرّف الخلق أنّه لا يسألهم عن تبليغ الرسالة أجرا إلّا المودّة في القربى.

والمعنى أنّهم يسألون هل والوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أم أضاعوها وأهملوها فيكون عليهم المطالبة والتبعة إنتهى.

ويشهد لذلك ما أخرجه أبو المؤيّد في كتاب المناقب، فيما نقله أبو الحسن علي السفاقسي ثمّ المكّي في الفصول المهمّة، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن جلوس ذات يوم: والّذي نفسه بيده لا يزول قدم عن قدم يوم القيامة حتّى يسأل الله تعالى الرجل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله ممّا اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت. فقال له عمررضي‌الله‌عنه : يا نبيّ الله، ما آية حبّكم؟ فوضع يده على رأس عليّ وهو جالس إلى جانبه، فقال: آية حبّنا حبّ هذا من بعدي ».

وقال الحلبي في ذكر الهجرة: « في الفصول المهمّة: إنّه صلّى الله عليه وسلّم وصى عليّاً رضي الله تعالى عنه بحفظ ذمته وأداء أمانته ظاهراً على أعين النّاس، وأمره أن يبتاع رواحل للفواطم، فاطمة بنت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفاطمة بنت الزبير بن عبدالمطّلب، ولمن هاجر معه من بني هاشم، ومن ضعفاء المؤمنين، وشراء عليّ رضي الله تعالى عنه الرواحل مخالف لما يأتي في الأصل أنّه صلّى الله عليه وسلّم أرسل إلى علي محلة وأرسل يقول

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

في النوع التاسع عشر، من الباب الحادي عشر، من كتابه ( التحفة )، فانظر بماذا يصف كبار العلماء، ومهرة الفنون، وأساطين العلوم!!

التشبيه للمساواة في كلام ( الدهلوي ) نفسه

بل إنّ ما ذكره من الطعن في الذين يفهمون « المساواة » من « التشبيه » من العلماء وغيرهم لينطبق على نفسه، فقد علمتَ أنّ ( الدهلوي ) نفسه قد فهم « المساواة » من « التشبيه » في مقامات عديدة، بل في نفس هذا الكلام الذي وصف فيه من فهم ذلك بما وصف، فقد جاء فيه « النوع التاسع عشر: - جعل تشبيه شيء بشيء موجباً للمساواة بين المشبّه والمشبّه به. وهذا من أوهام الصبيان الصّغار لا الصبيان المميّزين، وقد وقع هذا الوهم من الشيعة بكثرةٍ، مثل أنّهم يقولون بأنّ حضرة الأمير قد شبّه بالأنبياء أولي العزم في الزهد والتقى والحلم ».

فترى أنّه في نفس هذا الكلام يأتي بتشبيه، ويريد منه « المساواة » قطعاً، حيث يقول: « مثل أنّهم يقولون »، فإنّ كلمة « مثل » موضوعة للتشبيه، وهو يذكر بهذه الكلمة موضعاً من مواضع الوهم الواقعة من الشيعة بحسب زعمه.

بل إنّه استعمل « التشبيه » وأراد به « المساواة » و « المطابقة » في مواضع من كلامه - في نفس هذا المقام - في الجواب عن دلالة حديث التشبيه، ألا ترى إلى كلامه في الوجه الرابع حيث يقول: « والتشبيه كما يكون بأدواة التشبيه المتعارفة، مثل: الكاف، وكأنّ ومثل، ونحو، كذلك يكون بهذا الأسلوب، كما تقرر في علم البيان،: من أراد أن ينظر إلى القمر ليلة البدر، فلينظر إلى وجه فلان ».

ففي هذه العبارة استعمل التشبيه وأراد منه المطابقة في ثلاثة مواضع:

٣٤١

الأوّل: قوله: كما يكون فإنّ هذا من ألفاظ التشبيه، ولا ريب أنّه يريد المطابقة، لا كتشبيه الترب بالمسك

والثاني: قوله: مثل الكاف وكأنَّ

والثالث: قوله: كما تقرّر في علم البيان

وأنت إذا تأمّلت في سائر كلامه وقفت على مواضع أخرى.

عدم جواز حمل ألفاظ النبيّ على الكلام الركيك

قوله:

وقد راج واشتهر في الأشعار التشبيه

أقول:

إنّ هذا تعصّب جاء من جرّاء متابعة ( الكابلي ) وتقليده على غير بصيرة، أفيقاس كلام أشرف الخلائق من الأوّلين والآخرين بأشعار الشعراء وتمثيلاتهم الخرافية الجزافية؟!

إنّ مفاد هذا الكلام هو أنْ لا يكون أيّ وجه للشبه بين أمير المؤمنين والأنبياء في صفاتهم، فضلاً عن المساواة، والعياذ بالله

ولو جاز ما ذكره هذا الرجل، لجاز أنْ يقال في حقّ أحدٍ من الناس ولو كان عارياً حتّى عن الإسلام: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه فلينظر إلى فلان

لكن لا ريب في أنّ قياس كلام أفضل البشر، بتشبيه الترب بالمسك والحصى بالدرر، تعصّب قبيح أو جهل فضيح، فلو لم يدلّ حديث التشبيه على إثبات تلك الصفات لأمير المؤمنين، للحق كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣٤٢

بالكلام الركيك والفارغ، وذلك غير جائز.

قال أبو حامد الغزالي: « مسألة - قال القاضي: حمل كلام الشارع على ما يلحق بالكلام الرث محال، ومن هذا الفن قول أصحابنا في قوله تعالى:( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) مكسورة اللام، لقرب الجوار، ردّاً على الشيعة، إذ قالوا: الواجب فيه المسح، وهو كقوله:( وَحُورٌ عِينٌ ) وكقول العرب: جحر ضب خرب، وكقول الشاعر:

كأن ثبيراً في عرانين وبله

كبير أناس في بجاد مزمل

معناه: مزمل به، لأنّه من نعت الكبير، وهو مرفوع، لكن كسر لقرب الجوار.

وليس الأمر كما ظنّوه في هذه المواضع، بل سببه: إنّ الرفع أبين من الكسر، فاستثقلوا الإنتقال من حركةٍ خفيفةٍ إلى ثقيلة، فوالوا بين الكسرتين.

وأمّا النصب في قوله:( وَأَرْجُلَكُمْ ) فنصب في المعنى، والنصب أخف الحركات، والإنتقال إليه أولى من الجمع بين الكسرتين الثقيلتين بالنسبة إلى النصب، فلم يبق لقرب الجوار معنى، إلّا مراعاة التسجيع والتقفية، وذلك لا يليق بالقرآن، نعم حسن النظم محبوب من الفصيح، إذا لم يخل بالمقصود. فأمّا الإخلال بالمعنى واتباع التقفية، فمن ركيك الكلام »(١) .

ولو لم يدل التشبيه في الحديث على المساواة، وجاز حمل تشبيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تشبيه الترب بالمسك ونحوه، جاز أنْ يقال في حقّ شيخ من شيوخ ( الدهلوي ) أو تلميذٍ من تلامذته: إنّه مثل إبليس، أو يقال في حقّ ( الدهلوي ) نفسه أو والده: « إنّه مثل أبي لهب » أو « مثل أبي جهل » أو يقال ذلك في حقّ كبار أهل السنّة، أو في حقّ الخلفاء الثلاثة وأعوانهم

____________________

(١). المنخول في علم الأصول: ٢٠١ - ٢٠٣.

٣٤٣

النّقض بما وضعوه في حقّ الشيخين

وإذا كان تشبيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتشبيه التراب بالمسك والحصى باللؤلؤ والياقوت، فقد بطلت مساعي أسلاف ( الدّهلوي ) الوضّاعين وجهود مشايخه المفترين، في اختراع فضائل فيها تشبيه الشيخين بالأنبياء، وذهبت أدراج الرّياح، وكانت هباءً منثوراً، فالعجب من هذا الرجل كيف يحتُّ بمثل هذه الأحاديث ويدّعي كثرتها كما سيأتي؟! إذ من الجائز أنْ تكون تلك التشبيهات - بعد تسليم أسانيدها - من قبيل تشبيه التراب بالمسك والحصى باللؤلؤ والياقوت، فكما لا مناسبة أصلاً بين المسك والثرى، ولا مماثلة بين اللؤلؤ والحصى، فكذلك حال الشيخين بالنسبة إلى الأنبياء، على نبيّنا وآله وعليهم آلاف التحيّة والثنا، فأين الثريا من الثرى، وأين الدرّ من الحصى؟!

قوله:

قال الشاعر:

أرى بارقاً بالأبرق الفرد يومض

فيكشف جلباب الدجى ثمّ يغمض

كأن سليمى من أعاليه أشرفت

تمدّ لنا كفّاً خضيباً وتقبض

أقول:

قد عرفت عدم جواز هذا القياس بين كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المعصومين، وأشعار الشعراء المتشدّقين لكنّه ينسج على منوال ( الكابلي ) ويقلّده على غير هدى وبصيرة

٣٤٤

دحض المعارضة

بما وضعوه في تشبيه الشيخين بالأنبياء

٣٤٥

٣٤٦

قوله:

وقد روي في الأحاديث الصحيحة لأهل السنّة: تشبيه أبي بكر بإبراهيم وعيسى، وتشبيه عمر بنوح، وتشبيه أبي ذر بعيسى

أقول:

هذه المعارضة باطلة، فإنّ الإحتجاج بأحاديث أهل السنّة في مقابلة الإماميّة لا يصغى إليه، لمخالفته لقانون المناظرة، أمّا الإماميّة فإنّهم يحتجّون بأحاديث أهل السنّة في الردّ عليهم، من باب الإلزام، طبقاً لقانون المناظرة.

واستدلال أهل السنّة بأحاديثهم في مقابلة الإماميّة، يشبه استدلال أهل الكتاب بكتبهم الموضوعة المكذوبة أو المحرّفة، في الدفاع عن دينهم والجواب على مطاعن المسلمين وإشكالاتهم في مذاهبهم وعقائدهم.

ولعلّ من هنا لم يحتجّ ( الكابلي ) بتلك الأحاديث المزعومة في مقام الجواب على حديث التشبيه

فهذه الفقرة من كلام ( الدهلوي ) في هذا المقام غير مأخوذ من كلام ( الكابلي )، بل أخذ ذلك من كلام والده ولي الله الدهلوي في كتابه ( قرة العينين ) حيث قال في الجواب على استدلالات الشيح نصير الدين الطوسيرحمه‌الله في ( التجريد ):

« ومساواة الأنبياء. إعلم أنّهعليه‌السلام قد شبّه الصحابة في أحاديث كثيرة بالأنبياء، والغرض من هذا التشبيه هو الإشارة إلى وجود وصف من

٣٤٧

أوصاف المشبّه به في المشبّه، كتشبيه أبي ذر بعيسى في الزهد، وتشبيه الصدّيق بعيسى في الرفق بالاُمة، وتشبيه الفاروق بنوحٍ في الشدّة على الاُمة، وتشبيه أبي موسى بداود في حسن الصوت.

عن عبدالله بن مسعود في قصة إستشارة النبي أبا بكر في أسارى بدر، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما تقولون في هؤلاء؟ إنّ هؤلاء كمثل إخوةٍ لهم كانوا من قبلهم. قال نوح:( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) وقال موسى:( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ ) الآية. وقال إبراهيم:( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) وقال عيسى:( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) أخرجه الحاكم.

وعن أبي موسى: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: يا أبا موسى، لقد أعطيت مزماراً من مزامير آل داود. متفق عليه.

وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجةٍ أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم - يعني في الزهد - أخرجه الترمذي.

وفي الإستيعاب: روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنّه قال: أبو ذر في أمّتي شبه عيسى بن مريم في زهده.

وروي: من سرّه أنْ ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم، فلينظر إلى أبي ذر. أخرجه أبو عمر ».

هذا كلام والد ( الدهلوي )، وهذه هي الأحاديث، وقد أخذ الولد هذا الكلام وتصرّف فيه من جهاتٍ:

١ - زعم الوالد تشبيه الصحابة في أحاديث كثيرة بالأنبياء. و ( الدهلوي )

٣٤٨

زعم تشبيه الشيخين بهم في أحاديث كثيرة.

٢ - لم يدَّعِ الوالد صحة هذه الأحاديث بصراحة. و ( الدهلوي ) ادّعى صحّة الأحاديث الكثيرة التي شبّه فيها الشيخان بالأنبياء.

٣ - لم يدّع الوالد تصحيح الحاكم حديث ابن مسعود، لكن ( الدهلوي ) زعم ذلك أيضاً.

فهذه تصرّفات ( الدهلوي ) في كلام والده، وإنّما أخذ كلام والده هنا، لأنّ ( الكابلي ) لم يتعرَّض لهذه الأحاديث في هذا المقام، كما أشرنا من قبل، فكلمات ( الدهلوي ) ومناقشاته مع الإماميّة ملفّقة من كلمات ( الكابلي ) ووالده شاه ولي الله الدهلوي.

وليته لم يتعرّض لهذه الأحاديث تبعاً للكابلي، لكنّه الجهل والتعصّب، وذلك لأنّه قد أجاب عن حديث التشبيه بأنّه تشبيه محض، كما يشبّه التراب بالمسك، والحصى بالدر والياقوت، فلو سلّمنا صحّة هذه الأحاديث سنداً، لكفى في الجواب عنها كلام ( الدهلوي ) نفسه، فاستناده إليها تبعاً لوالده في مقابلة الشيعة الإمامية سفاهة منهما على حدّ تعبير ( الدهلوي ) نفسه وشيخه.

قوله:

ولكنْ لما كان لأهل السنّة حظ من العقل من الله لم يحملوا ذلك التشبيه على المساواة أصلاً

أقول:

صريح هذا الكلام: أنّ دعوى المساواة بين الشيخين والأنبياء سفاهة وقلّة عقل، فكيف يدّعي ذلك في نفس الوقت؟ وهل هذا إلّاتناقض وتهافت في

٣٤٩

كلامٍ واحد؟ وهذا من خصائص ( الدهلوي ) إذ تراه يطعن في شيء، ثمّ يستند إليه ويحتج به، وإن وجد هذا في كلام غيره من علمائهم فقليل

أضف إلى ذلك، أنّ تلك الفرقة لو رزقت شيئاً من العقل، لما جوّزت صدور القبائح من الله، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً.

ولَما نَفَت الحسن والقبح العقليّين.

ولَما ذهبت إلى الجبر.

ولَما أثبتت وقوع العبث من الله العزيز الحكيم.

ولَما قالت بصدور التكليف بما لا يطاق من الله العظيم.

ولَما اعتقدت الصوفيّة منهم الإتّحاد بين الله وخلقه.

إلى غير ذلك من آرائهم الفاسدة، ومقالاتهم الباطلة.

قوله:

بل إنّ محطّ إشارة التشبيه في هذا القسم من الكلمات وجود وصف في هذا الشخص من الأوصاف المختصة بذاك النبي، وإنْ لم يكن بمرتبته.

أقول:

هذا إعتراف بسقوط دعوى مساواة الشيخين للأنبياء في الصفات المذكورة في الأحاديث المزعومة.

قوله:

عن عبدالله بن مسعود أخرجه الحاكم وصحّحه.

٣٥٠

أقول:

هنا وجوه من النظر:

الوجه الأوّل: نقل هذا الحديث عن الحاكم يدلُّ على الإعتماد على روايته، وإذا كان مقبولاً، فلماذا يبطل ( الدهلوي ) حديث الطير، وحديث الولاية، وحديث مدينة العلم، مع إخراج الحاكم لها، لا سيّما الأخير، إذ صحّحه بعد أنْ أخرجه؟! فهل يختص توثيق الحاكم والإعتماد عليه بفضائل الشيخين، وأمثالهما، ويسقط عن الإعتبار في فضائل أمير المؤمنين؟!

الوجه الثاني: إنّ الحاكم من رواة حديث التشبيه كما عرفت، و ( الدّهلوي ) يبالغ في إبطال هذا الحديث، حتّى أنّه يلتجأ إلى معارضته بالروايات الموضوعة.

أفيجوز أنْ نعتمد على الحاكم في باب فضائل الشيخين، ولا نعتمد عليه في باب فضائل الأمير؟! لماذا هذا التفريق؟ لا سيّما مع موافقة عبدالرزاق الصنعاني، وأحمد، وغيرهما، معه في إخراج حديث التشبيه، وعدم موافقتهما معه في رواية هذا الحديث المزعوم

الوجه الثالث: لم يدّع والد الدهلوي تصحيح الحاكم لهذا الحديث، لكن ولده أضاف تصحيح الحاكم من غير دليلٍ ولا شاهد له على ذلك، ولو كان صادقاً لذكر والده ذلك.

الوجه الرابع: أين تشبيه الشيخين بالأنبياء في هذا الحديث؟ بل لا يشتمل الحديث على مدحٍ لهما أصلاً، كما لا يخفى.

الوجه الخامس: إنّه لم يشبَّه الشيخان في هذا الحديث بالأنبياء في شيء من صفاتهم الكمالية، كالعلم والفهم والتقوى والدعاء على الكافرين أو

٣٥١

الإستغفار لهم، لا يقتضي المساواة بين الأنبياء وغيرهم، فالحديث على فرض صحّته لا يعارض حديث التشبيه أبداً.

ثمّ إنّ بعض الوضّاعين أضاف إلى الحديث جملةً تفيد بعض الشّبه، إلّا أنّه - بعد تسليم سنده - لا يصلح للمعارضة كذلك، فقد نصّ ابن تيميّة على أنّه يفيد الشبه في الشدة في الله واللين في الله فقط، ولا يفيد المماثلة في كلّ شيء، وهذا نصّ عبارته:

« وقول القائل: هذا بمنزلة هذا، وهذا مثل هذا، هو كتشبيه الشيء بالشيء، وتشبيه الشيء بالشيء بحسب ما دلّ عليه السياق لا يقتضي المساواة في كلّ شيء، ألا ترى إلى ما ثبت في الصحيحين من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث الأسارى، لمـّا استشار أبا بكر، فأشار بالفداء، واستشار عمر فأشار بالقتل. قال: ساُخبركم عن صاحبيكم، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم إذ قال:( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ومثل عيسى إذ قال:( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ومثلك يا عمر مثل نوح إذ قال:( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) ومثل موسى إذ قال:( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ) .

فقوله لهذا: مثلك مثل إبراهيم وعيسى، ولهذا مثلك مثل نوح وموسى، أعظم من قوله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، فإنّ نوحاً وإبراهيم وعيسى أعظم من هارون، وقد جعل هذين مثلهم، ولم يرو أنّهما مثلهم في كل شيء، لكن فيما دلَّ عليه السياق من الشدّة في الله واللين في الله »(١) .

هذا كلام ابن تيميّة في جواب حديث: « أنت منّي بمنزلة هارون من

____________________

(١). منهاج السنة ٧ / ٣٣٠.

٣٥٢

موسى » وهو صريح فيما قلناه، فلا يليق هذا الحديث - إن صحّ - للمعارضة.

لكن لا يخفى عليك اشتمال هذا الكلام على كذبةٍ، وهي أنّه نسب هذا الحديث أي الصحيحين، والحال أنّه لا أثر له فيهما ولا عين. وكأنّ الغرض من هذه النسبة المكذوبة جعل التساوي بين هذا الحديث، وحديث المنزلة المخرج في الصحيحين على أنّه لو سلّم، فقد ثبت عموم حديث المنزلة، أمّا هذا الحديث فهو لا يفيد المماثلة إلّا في الشدّة واللين كما اعترف هو بذلك. فلا يصلح هذا الحديث للمعارضة مع حديث المنزلة، فلا تغفل.

قوله:

وعن أبي موسى: لقد أُعطيت مزماراً من مزامير آل داود. رواه البخاري ومسلم.

أقول:

إنّ عمر بن الخطاب لم يقبل من أبي موسى الأشعري حديثه في مسألة الإستيذان - يتعلَّق بأمرٍ من المندوبات الشرعيّة - كما هو صريح البخاري في ( صحيحه )، فكيف تقبل الإماميّة حديثه في فضل نفسه؟!

على أنّ كونه واجداً لمزمارٍ من مزامير آل داود لا يعارض حديث التشبيه، وهل أنّ حسن الصوت كالعلم والحلم والتقى من الصفات الكمالية؟!

قوله:

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سرّه أنْ ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم، فلينظر إلى أبي ذر. كذا في الإستيعاب.

٣٥٣

ورواه الترمذي بلفظٍ آخر قال: ما أظلّت الخضراء ولا أقلَّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر شبه عيسى بن مريم. يعني: في الزهد.

أقول:

هذا الحديث غير ثابت من طرق الإمامية، فلا يصلح لأنّ يعارض به حديث التشبيه الّذي رواه الفريقان. فهذا أولاً.

وثانياً: إنّ صاحب الإستيعاب يروي حديث الولاية بسندٍ صحيح، و ( الدهلوي ) لا يلتفت إلى روايته، ويدّعي بطلانه، تبعاً لبعض المتعصّبين، فكيف يعتمد على روايته هنا؟!

وأيضاً: روى صاحب الإستيعاب حديث الطير، في كتابه ( بهجة المجالس )، و ( الدهلوي ) لم يعبأ بروايته.

وثالثاً: الترمذي من رواة حديث الولاية وحديث الطير، فكيف لا يعبأ بروايته للحديثين، ويعتمد على روايته لهذا الحديث؟

ورابعاً: لا ريب في أنّ عثمان قد ظلم أبا ذر، وأساء معاملته، ونفاه إلى الربذة - مع ما وصف عثمان من قبل أهل السنّة باللّين والرأفة، ورقّة القلب، ورغم ما ورد في مدح أبي ذر من الأحاديث، كما في ( كنز العمال ) وغيره - فماذا يقولون في حقّ عثمان؟ وبمَ يصحّحون أفعاله تلك؟

٣٥٤

شبهات الدّهلوي

حول دلالة الحديث على الأفضليّة

وإستلزامها للإمامة

٣٥٥

٣٥٦

قوله:

الثالث: إنّ المساواة بالأفضل في صفةٍ لا تكون موجبةً لأفضليّة المساوي، لأنّ ذلك الأفضل له صفات أخر قد صار بسببها أفضل.

أقول:

إنّ مماثلة أمير المؤمنينعليه‌السلام للأنبياء المذكورين في الحديث ومساواته لهم في صفاتهم، تدلُّ على أنّهعليه‌السلام يساوي كلّ واحد من الأنبياء في صفته، ويكون أفضل منهم، لجمعه للصفات المتفرّقة فيهم، على غرار ما تقدّم من الإحتجاج بالآية الكريمة على أفضليّة نبيّنا من جميع الأنبياء عليه وآله وعليهم الصلاة والسلام.

ولمـّا كان كلّ واحدٍ من هؤلاء الأنبياء أفضل من الثلاثة، بالإجماع المحقّق بين جميع المسلمين، فإنّ المساوي للأفضل يكون أفضل بالضّرورة. فأمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل من الثلاثة - ولا يخفى ما في قولنا: أفضل من الثلاثة من المسامحة -، وعليه يندفع جميع شبهات ( الدّهلوي ) حول دلالة الحديث على أفضليّته منهم، وللزيادة في التوضيح والبيان، نذكر الوجوه الآتية:

١ - دلالته على الأفضليّة على غرار دلالة الآية على أفضليّة النبيّ

إنّ منع دلالة مساواة الأفضل - بعد تسليم المساواة بين الإمام والأنبياء في صفاتهم بالحديث - على أفضليّة الإمامعليه‌السلام من الثلاثة، في غاية

٣٥٧

الوهن والسقوط، لما تقدّم عن الرازي من احتجاج العلماء بقوله تعالى:

( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) على أفضليّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأنبياء المذكورين في الآية، وملخص الإحتجاج هو جامعيّة النبيّ للصّفات المتفرّقة في أولئك الأنبياء، ولا ريب في أنّ الجامع لها أفضل من جميعهم، لأنّ كلّ واحدٍ منهم حصل على واحدة منها أو ثنتين، وهذا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بوحده حصل على جميعها.

فإذا كان جمع الصفات المتفرقة في الأنبياء دليلاً على الأفضليّة منهم، فقد جمع أمير المؤمنينعليه‌السلام - كما في حديث التشبيه - جميع صفات الأنبياء المذكورين في الحديث كذلك، فيكون أفضل منهم بنفس الطريق في الإحتجاج - إلّا نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو الأفضل بإجماع المسلمين - وإذا كان أفضل من الأنبياء فهو أفضل من الثلاثة، بالأولوية القطعية.

٢ - اعتراف ابن روزبهان

ودلالة الحديث على المطلوب - كما ذكرنا - أصبحت من الوضوح بحيث التجأ الفضل بن روزبهان إلى الإعتراف بها، ولم يتجاسر على ما تفوّه به ( الدهلوي ) على ما هو من التعصّب والعناد، ومن هنا تعرف إلى أيّ درجةٍ من الحقد والعناد للحق وأهله وصل ( الدهلوي ).

٣ - الحديث نصّ في الأعلميّة

ثمّ إنّ حديث التشبيه نصٌّ في أعلميّة عليعليه‌السلام من الثلاثة وغيرهم، لأنّه قد ساوى آدمعليه‌السلام في العلم، والأعلم أفضل بالضرورة، والمساوي للأفضل أفضل قطعاً.

٣٥٨

وأيضاً: فإنّه أتقى من الثلاثة، لأنّه قد ساوى نوحاً في تقواه، ونوح أتقى منهم بالضرورة، والأتقى أفضل لقوله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) (١) والمساوي للأفضل أفضل.

وكذا الكلام في كونه « أعبد » و « أحلم » و « أشد بطشاً ».

٤ - جامعية علي لأشرف الصّفات

ثمّ إنّ العلم والحلم والعبادة والتقوى والشجاعة، هي أشرف الصفات الحسنة، وهي تجمع جميع الخصال الحميدة، وقد كان عليعليه‌السلام حائزاً لجميعها في أعلى مراتبها، فهو جامع لجميع الصفات الشّريفة في أعلى مراتبها، ومن كان كذلك، كان أفضل من جميع الخلائق - عدا نبيّنا كما تقدم - فضلاً عن الثلاثة.

٥ - جمعه لتسعين خصلة من خصال الأنبياء

بل إنّهعليه‌السلام قد جمع تسعين خصلة من خصال الأنبياءعليهم‌السلام ، كما في رواية السيّد علي الهمداني المتقدمة في الكتاب، فأين من لم يحصل على خصلةٍ من خصال الأنبياء من الذي جمع تسعين؟! وأين الصّفة التي يدّعيها ( الدهلوي ) في الثلاثة ليكونوا أفضل بها من الإمام؟! فليثبت ( الدهلوي ) ذلك، ودونه خرط القتاد.

٦ - إتّصاف الثلاثة بأضداد هذه الصفات

بل إنّ الثلاثة كانوا متّصفين بأضداد هذه الصفات الجليلة، كما لا يخفى على من راجع الكتب المصنّفة في بيان هذا الشأن، ككتاب ( تشييد المطاعن ) وغيره.

٣٥٩

أفلا يكون المساوي للأنبياء في صفاتهم الجميلة، أفضل ممّن اتّصف بأضدادها، فضلاً عن الإتّصاف بشيء منها؟!

قوله:

وأيضاً: ليست الأفضليّة موجبة للزعامة الكبرى.

أقول:

إنّ من الاُصول الأخلاقيّة المتّبعة أنْ لا يكذِّب الخلف سلفه، فكيف بتكذيب الولد لوالده!

لقد كان الأحرى بالرّجل أنْ لا يكذّب أباه، الأب الّذي وصفه هو بكونه معجزةً من معاجز الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لقد أثبت شاه ولي الله الدهلوي في كتابه ( إزالة الخفا ) - الّذي طالما اعتمد عليه ( الدهلوي) أيضاً - أنّ الأفضلية تستلزم الزعامة الكبرى والخلافة العظمى، واستدلّ لذلك بالكتاب والسنّة والآثار عن الصحابة، فراجع كلامه هناك.

قوله:

كما مرّ غير مرّة.

أقول:

نعم مرّ إثبات استلزام الأفضليّة للإمامة غير مرّة.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449