نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206579 / تحميل: 7208
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

إمامته سلام الله عليه أنّه كيف يتولّى الامامة في سن مبكر، هذه المسألة، أيضاً تكفّلت بها بحسب الفرض أبحاث سابقة هي خارجة عن محلّ بحثنا.

وفي مسألة أصل إمامته سلام الله عليه، يعني بكونه الامام الثاني عشر من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهل البيت صلوات الله عليهم بدءاً بأمير المؤمنين (عليه السلام) وختماً بصاحب الامر (عليه السلام) بحث.

في أصل كونه الامام الثاني عشر بحث.

في تولّيه الامامة في سنّ مبكر بحث.

في مسألة ولادته بحث.

في مسألة استمرار وجوده حتى يغيب لا أنّه مات بحث.

في مسألة أنّه غاب واستسفر سفراء أربعة في طي غيبته (عليه السلام)بحث.

الابحاث السابقة فيما يتعلّق بإمامته، بمبكّريّة إمامته، بولادته، بوجوده (عليه السلام) واستمراره رابعاً، وقضيّة طول عمره أيضاً بحث خامس.

أنّه كيف يعمّر هذه الفترة الطويلة هذا أيضاً بحث آخر.

كل هذه الابحاث كما لا يخفى تفترض في حديثنا الان، تفترض بعنوان أصول موضوعيّة مسلّمة، لا نتكلم عنها ونفترضها أمور مسلّمة، فمحط ركابنا في واقع الامر هو عبارة عن نفس الغيبة الصغرى في مفهومها، وكذلك في سفراء الامام سلام الله عليه في هذه الغيبة، وطريقة تماس الامام سلام الله عليه بقواعده الشعبية.

٢١

كما تعلمون أنّ هنالك بحثاً آخر، هذا البحث ربما لا يتسع له المجال:

أنّ الامام سلام الله عليه في هذه الفترة الطويلة كيف تستفيد الامّة من وجوده (عليه السلام)، وهذا البحث باعتبار أنّه غير مختص بالغيبة الصغرى، إنّما هو وارد على التقديرين، على تقدير الغيبة الكبرى وتقدير الغيبة الصغرى.

هذه جملة مباحث لها مجالات أخرى، إنّما الكلام في أصل الغيبة الصغرى.

٢٢

٢٣

الغيبة الصغرى

تمهيد الائمة(عليهم السلام) لغيبة الامام (عليه السلام)

من خلال ما تقدّم عرفنا أنّ الائمة صلوات الله عليهم هيأوا الاذهان، أذهان الامة لتقبل قضيّة غيبة الامام سلام الله عليه، أنّكم يا معشر الناس ستواجهون إماماً يغيب عن أنظاركم، يعني أنّكم من عهد أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه إلى عهد الامام العسكري سلام الله عليه إمامكم بين ظهرانيكم وعلى رؤوسكم بمرأى ومسمع منكم، أما أنّكم ستواجهون إماماً هو الامام الثاني عشر سلام لله عليه، وهو إمام مغيّب عن الانظار، باعتبار أنّ هذه التجربة تجربة جديدة، فاجتمعت في الامام المهدي سلام الله عليه عدّة خصوصيات في واقع الامر، وخصوصيات في غاية الخطر، يعني فضلاً عن كونه الامام الثاني عشر.

المسألة الاولى: مسألة مبكرية إمامته (عليه السلام)، وقد يقال إنّها ليست بالتجربة الجديدة، لان المبكرية في الامامة سبقه فيها جدّاه الجواد والهادي سلام لله عليهما، الامام الجواد تولّى الامامة وسنّه قرابة ثمان سنوات أو سبع سنوات، والامام الهادي أيضاً كذلك تولّى الامامة وسنّه

٢٤

قرابة ست سنوات، فربما يقال إنّ هذه المسألة أصبحت مأنوسة ومألوفة للامة، وكأن العناية الالهية درّبت الامة على قبول الامامة المبكّرة تدريجياً، فبدأت بامامة الجواد (عليه السلام) في ما يقارب ثماني سنوات، ثم الهادي (عليه السلام) في قرابة الست سنوات، ثم الامام المهدي (عليه السلام)في الخمس سنوات .

المسألة الثانية: مسألة غيبته (عليه السلام)، إمام غائب بأي معنى؟ وكيف؟ ولماذا؟.

والمسألة الثالثة: التي هي في غاية الخطر أيضاً: مسألة ظهوره صلوات الله وسلامه عليه، وإقامة الدولة الاسلامية العالمية التي يملا الله به الارض قسطاً وعدلاً بعد أن تُملا ظلماً وجوراً.

هذه ملامح ثلاثة في غاية الخطر في شخصية صاحب الامر صلوات الله عليه، ومن جملة هذه الملامح نفس موضوع الغيبة:

الغيبة تجربة جديدة للامّة، ربما الامة جرّبت غيبة قصيرة تمتد مثلاً أيام أو شهر لبعض السابقين صلوات الله عليهم، ولكن غيبة في تمام فترة الامام إلى أن يأذن الله في الفرج بهذا الطول وبهذا الشكل، هكذا تجربة لم تمرّ بها الامة الاسلاميّة سابقاً، فالامّة بحاجة إلى أن تألف هذه التجربة، بحاجة إلى أن تقنع بهذه التجربة، بحاجة إلى أن تسمع بها وتكون مأنوسة لها حتى لا تفاجأ بقضيّة غيبته، فلهذا كان الائمة الاطهار سلام الله عليهم (1) ، بل حتى في أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في ما يرويه علماء

____________________

1 - راجع كتاب الامام المهدي (عليه السلام) للسيد صدر الدين الصدر.

٢٥

الفريقين(1) في قضية صاحب الامر (عليه السلام)، هنالك لمحات كثيرة في قضية غيبته (عليه السلام).

الهدف من كل هذا الحشد من أحاديث الاشارة إلى غيبته هو تعبئة النفسية العامة أو الذهنية العامة لتقبل فكرة الامام الغائب سلام الله عليه، وأنّه حقيقة ستقع، لا أنّها مسألة في عالم الافتراض فقط.

ثم الائمة سلام الله عليهم في نفس الوقت أيضاً أشاروا إلى بعض خصوصيات هذه الغيبة، مثلاً الامام العسكري سلام الله عليه في حديث من الاحاديث يقول: «عثمان بن سعيد العمري - يخاطب رجلاً - وكيلي وأنّ ابنه محمداً وكيل ابني مهديّكم» (2) ، حتى قضية السفير الثاني للامام المهدي سلام الله عليه كان أيضاً يتحدث عنه الامام العسكري (عليه السلام)، فلا يسعنا المجال الان للافاضة في هذه الجزئيات والخصوصيات، لكن من حيث المبدأ الائمة(عليهم السلام)كانوا يتدخلون في هذه المسألة ويخططون لها ويحاولون تحضير الذهنية العامة لفكرة الغيبة الصغرى، وحتى فكرة الغيبة الكبرى، لئلاّ تفاجأ الامّة.

كما أنّ الغيبة الصغرى في نفسها عمليّة تهيئة وإعداد للامّة الاسلامية للتفاعل والاندماج مع الغيبة الكبرى، يعني كما أنّ الائمة هيأوا الناس

____________________

1 - راجع كتاب الامام المهدي (عليه السلام) في كتب اهل السنة .

2 - الغيبة للطوسي: 356 ح 317.

٢٦

لغيبة صغرى، كذلك هيأوهم للغيبة الكبرى، والغيبة الصغرى هي في نفسها وضعيّاً تهيّء الامة للغيبة الكبرى ، ولهذا بدأت العملية بالتدريج .

لاحظوا أن الامة لم تبدأ فيها بالغيبة الكبرى، إنّما بدأت بالغيبة الصغرى، يعني ما بدأ الامام يغيب عن الناس بلا سفراء، إنّما بدأ غيبته مع السفراء، لانّ الغيبة مع السفراء لا شك أنّها أقرب إلى أذهان الناس وأشدّ أُنساً لاذهان الناس، لا سيما مع ما سيأتي من أنّ هؤلاء السفراء أوّلهم نصّ عليه الامام الحاضر سابقاً، وهو الامام العسكري سلام الله عليه، وفي نفس الوقت هذا السفير نصّ على من بعده.

فالامام العسكري (عليه السلام) نص على سفارة عثمان بن سعيد، وحضر مَن حضر من شيعة الامام من علماء الامة الاسلامية وشهدوا هذا النص من الامام سلام الله عليه، ثم الخواص الذين حضروا وشهدوا، سمعوا الامام المهدي صلوات الله عليه يقرّ نيابة وسفارة عثمان بن سعيد، فحصل اطمئنان حسّي بسفارة عثمان بن سعيد، ثم عثمان بن سعيد الذي قيل في حقه، «اسمعوا له وأطيعوا» ومما يسمع له ويطاع فيه هو نصه على من بعده، وممّا قال في مَنْ بعده أيضاً: اسمعوا له وأطيعوا، وهو ابنه محمد بن عثمان، ومحمد بن عثمان أيضاً قال: اسمعوا له وأطيعوا لمن يليه وهو الحسين بن روح، والحسين بن روح كذلك.

فاذن هنالك نص بهذه الطريقة بمحضر من علماء الامة.

٢٧

فالقضية كانت قضية حسّية، الذين شهدوا الامام سلام الله عليه افرض أنّهم الخواص، وكذلك مسألة النص على السفير، وأنّ السفير - هذه نقطة أخرى - حينما كان يواجه الامة كان يواجه الامة بتوقيعات الامام سلام الله عليه، وما كان يأتي بشيء من عند نفسه أو من اجتهاداته الشخصية مثلاً، إنّما كان يأتي للامة بكلام الامام سلام الله عليه، بمكتوبات الامام سلام الله عليه، بتوقيعاته.

٢٨

٢٩

التوقيع والناحية المقدسة

اصطلاح التوقيع كما تعلمون من جملة اصطلاحات هذا العالم، عالم الغيبة، المقصود بالتوقيع في هذا المقام يعني الكتاب الموقع يعبر عنه بأنه توقيع، من باب تسمية الكتاب بأهم ما فيه أو أبرز ما فيه أو ما يختم به وهو التوقيع تسمية الشيء بخاتمته، فيعبّر عنه بأنّه توقيع، والمقصود ليس خصوص الامضاء للامام سلام الله عليه، إنّما المقصود هو الكتاب.

الكتب الصادرة والرسائل الصادرة من الامام سلام الله عليه كان يعبر عنها بأنّها توقيعات الناحية المقدسة، والناحية المقدسة أيضاً فيه إشارة أو قولوا اصطلاح يراد به خصوص الحضرة المقدسة لصاحب الامر صلوات الله وسلامه عليه باعتبار ظروف التقية.

وهذا باب من الابواب الملفتة للنظر: أنّ الامام سلام الله عليه نادراً ما كان يسمّى باسمه، بل ورد النهي عن التسمية وأنّه إذا سمي عرف وإذا عرف مثلاً دلّ على مكانه إلى آخره، ففي هذا المورد هنالك تكتّم باعتبار ظروف التقية، فلهذا الامام كان يعبّر عنه بالناحية المقدسة ويعبّر عنه بالسيد، قال لي السيد وكتبتُ للسيد، ويعبّر عنه بالعالم، ولفظة العالم

٣٠

أطلقت على بعض الائمة سلام الله عليهم السابقين أيضاً كموسى بن جعفر (عليه السلام)، ولكن أيضاً ورد إطلاقها على الامام المهدي سلام الله عليه.

فالسيد، والعالم، والناحية المقدسة، والغريم أيضاً مما كان يعبّر عنه (عليه السلام).

وعبّر عنه (عليه السلام) بالصاحب وصاحب الدار وصاحب العصر وولي العصر وولي الامر.

فالناحية المقدسة المقصود بها الامام سلام الله عليه، والتوقيعات يعني الرسائل والكتب الصادرة من الامام (عليه السلام).

وهذه الكتب الصادرة كانت بخطّه (عليه السلام)، لم تكن بخط غيره، ولم تكن مطبوعة مثلاً حسب الفرض، وفي ذلك الزمن لم تكن هنالك أدوات طبع بالنحو الموجود اليوم، المهم أنه لم تكن بخط غيره، إنّما كانت بخط نفسه (عليه السلام) وموقعة بتوقيعه.

وهذا الموضوع في غاية الاهمية في العملية التوثيقية، لانّ هذا الخط خط مشهود لخواص الاعلام والعلماء الذين عاصروا الامام العسكري سلام الله عليه والذين تعرفوا على الامام المهدي (عليه السلام)، لانه سيأتينا إن شاء الله أن الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه لم يكتم ولم يحجب عن تمام الناس، إنّما حرص الامام العسكري سلام الله عليه على عرض ولده الامام المهدي (عليه السلام) على أعداد كبيرة من الناس من جهة، وإعلام أعداد أخرى وإن لم يروه، وهاتان نقطتان في غاية الاهمية.

٣١

عدم السرّية في مبدأ القيادة الاسلامية:

هاتان النقطتان ترتبطان بقضية عدم السرّية في مبدأ القيادة الاسلامية وفي الثقافة الاسلامية، أو في النظام السياسي الاسلامي، السريّة ربما تكون في العمل، أما السرية في القيادة لا وجود لها في الاسلام، ولهذا نجد أنّ الائمة صلوات الله عليهم يصرّون على مختلف مراحلهم ورغم ظروف التقية التي كانوا يمرّون بها كانوا يحرصون سلام الله عليهم على قضية أن ينص السابق على اللاحق.

نعم ربما كان هذا النص في ضمن إطار تقية في ضمن الخواص، أما أن تكون سريّة بتمام المعنى فهذا في واقع الامر ليس من شؤون الامامة، فالحجة بوجه عام نبوة أو إمامة، فاصرار الائمة سلام الله عليهم على قضية أن يشخص السابق منهم اللاحق ولو في أحلك الفترات وأدقّ الظروف، هذا الواقع متفرع على قضية علنية القيادة قدر الامكان، لما في سرية القيادة من مشكلات مبسوطة في محلّها له بحث علمي آخر في باب النظام السياسي الاسلامي، أو متبنّيات النظام السياسي الاسلامي.

لكن في حدود هذا المعنى الامام العسكري سلام الله عليه رغم شدّة الظروف الخانقة الارهابية التي كان يمرّ بها، مع ذلك أوّل إجراء اتخذه (عليه السلام) رغم أنّ أمر الامام المهدي (عليه السلام) من حمله إلى ولادته إلى نشأته مبني على التكتم كما تعلمون، حمله كتم بقضية كرامة كما كتم حمل أم موسى بموسى (عليه السلام) بالقصّة المعروفة، وهكذا ولادته (عليه السلام) أيضاً ما كانت بشكل علني، إنّما كانت بتمام الواقع والحيطة والحذر، كما نقرأ في قصة السيدة حكيمة رضوان الله عليها بنت الامام الجواد (عليهما السلام)التي حضرت ولادة الامام المهدي سلام الله عليه، والتي رواها بطريق معتبر شيخنا الصدوق أعلى الله مقامه الشريف في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة (1) ، حكيمة حضرت وكان الموضوع بتمام الكتمان.

____________________

1 - كمال الدين: 424 ح 1.

٣٢

٣٣

الاجراءات التي اتّخذها الامام العسكري (عليه السلام)

لاثبات ولادة الامام المهدي (عليه السلام)

الشيء الذي أريد أن أقوله رغم هذا الكتمان أنّ الامام العسكري سلام

الله عليه كان عنده في جانب آخر موازنة بالعملية، كان حريصاً على قضية إثبات ولادته ووجوده، فاتخذ جملة اجراءات:

إكثار العقائق عن الامام المهدي (عليه السلام):

من أهم هذه الاجراءات - هذا الموضوع مهم بارتباطه في موضوع الغيبة الصغرى، لاننا لمّا نتكلم عن موضوع الغيبة لابد أن نعرف أنّ هذا الغائب صلوات الله وسلامه عليه مولود موجود - بل أوّل إجراء اتخذه الامام العسكري سلام الله عليه فيما تفيد الروايات: أنّه أكثر من العقائق عن الامام المهدي (عليه السلام)، وهذه من خواصه أنه لم يُعق عن مولود على الاطلاق كما عقّ عن الامام صاحب الامر (عليه السلام)، حتّى ورد في رواياتنا: أنه عُقّ عنه ثلاثمائة عقيقة (1) ، بل أمر الامام العسكري (عليه السلام)عثمان بن سعيد أن يشتري كذا الف رطل - الرطل قرابة ثلث كيلو غرام - من اللحم وممّا

____________________

1 - راجع: كتاب الامام المهدي (عليه السلام) من المهد الى اللحد.

٣٤

شاكل ويوزّعه على الفقراء(1) ، والشيء الملفت للنظر أنّ الامام نوّع وعدّد الاماكن، مثلاً كتب إلى خواصّه في قم أن يعقّوا(2) وأن يقولوا للناس أن هذه العقيقة بمناسبة ولادة المولود الجديد للامام العسكري (عليه السلام) وأنّه محمد، وهكذا مثلاً كتب إلى خواصه في بغداد وفي سامراء .

هذه عناية من الامام سلام الله عليه، كثرة العقائق وإخبار الناس بمناسبة هذه العقائق ومن ذبحت عنه هذه العقيقة مثلاً، هذا كلّه إجراء أوّل أراد منه الامام سلام الله عليه عملية إعلامية بأنّ هذا الامام الثاني عشر المنتظر صلوات الله وسلامه عليه قد ولد وقد تشرفت البشرية والعالم باشراق نور وجهه المقدس.

من رأى الامام المهدي (عليه السلام) :

الاجراء الثاني الذي حرص الامام (عليه السلام) عليه: هو أنّه كان يحضر مجاميع من خواصّه وشيعته وكان يعرفهم على ولده الامام المهدي سلام الله عليه، وهذا ظاهر من جملة روايات:

مثلاً في إكمال الدين للشيخ الصدوق أعلى الله مقامه عن أبي غانم الخادم: أنّ العسكري (عليه السلام)أخرج ولده محمداً (عليه السلام) في الثالث من مولده

____________________

1 - كمال الدين: 431 ح 6.

2 - راجع: كتاب الامام المهدي (عليه السلام) من المهد إلى اللحد.

٣٥

وعرضه على أصحابه قائلاً: «هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم وهو القائم الذي تمتدّ إليه الاعناق بالانتظار، فاذا امتلات الارض ظلماً وجوراً خرج فيملاها قسطاً وعدلاً»(1) .

وهكذا الرواية السابقة التي رواها شيخ الطائفة أعلى الله مقامه في الغيبة والتي قرأتها على مسامعكم: أنّ الامام أطلع أربعين - تقريباً - من خواص أصحابه على ولده سلام الله عليه.

وهنالك أشخاص آخرون أيضاً لا بعنوان مجاميع، بل بعنوان أشخاص منفردين أيضاً أطلعهم الامام سلام الله عليه .

هذا غير إطلاع من في البيت بمناسبة قضية الولادة، مثل نسيم الخادمة وحكيمة وأم أبي محمد العسكري، كما جاء في الرواية التي يرويها الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه، رواية جليلة ومهمة جداً:

دخل أحدهم على السيدة حكيمة بنت الامام الجواد (عليهما السلام)وسألها عمّا تأتم به من الحجج؟ فعدّت الائمة سلام الله عليهم إلى أن وصلت إلى الامام العسكري (عليه السلام) فقالت بعده: والحجة بن الحسن بن عليّ، فقال لها السائل: سيدتي أتقولين ذلك عن خبر أو معاينة؟ - يعني هذا الحجة بن الحسن رأيتيه أم سمعتي به؟ - قالت: بل هي معاينة، قلت فلمن يفزع الناس اليوم والحال أنّ الناس لم يعاينوه؟ قالت: ارجعوا إلى أم أبي محمد - يعني أم الامام العسكري سلام الله عليه، لاحظوا هذه القضية السائل

____________________

1 - كمال الدين: 431 ح 8.

٣٦

يقول - قلت لها: بمن اقتدى الامام العسكري (عليه السلام) في وصيته لام أبي محمد إذا كان الامام هو ابنه محمد الحجة ابن الحسن سلام الله عليه.

يعني كان الامام سلام الله عليه للتغطية على ولده وللحفاظ على ولده في بعض المجالات كان يحيل في الظاهر بعض القضايا على أم أبي محمد يعني أم الامام العسكري سلام الله عليه، كيف كان يحيل عليها؟ لاحظوا الجواب في غاية الاهمية:

قالت (عليها السلام): اقتدى في ذلك بجدّي الحسين بن علي شهيد الطف صلوات الله وسلامه عليه حيث أوصى في الظاهر بأخته العقيلة زينب(عليها السلام)، وفي الواقع أنّ الامامة لولده زين العابدين (عليه السلام)، وذلك حفاظاً على ولده زين العابدين، فكان ما يخرج من زينب من علم ربما نسب لزينب (عليها السلام)، وهو في الواقع لعلي بن الحسين (عليهما السلام) (1) .

كانت ظروف تقية، بحيث أنّ الراوي إذا روى كان يخاف أن يقول حدثني علي أو روى فلان عن فلان عن علي، كثيراً ما كان يقول مثلاً: حدثني أبو زينب، او روى فلان عن فلان عن أبي زينب، ويعني بأبي زينب أمير المؤمنين سلام الله عليه.

فالخلاصة، أم أبي محمد العسكري رأت الامام، نسيم الخادمة، حكيمة، كذلك أحمد بن إسحاق الاشعري في قضية طويلة أيضاً يرويها

____________________

1 - كمال الدين: 501 ح 27، الغيبة للطوسي: 230 ح 196.

٣٧

الشيخ الصدوق(1) ، ويعقوب بن منقوش، مضافاً للعدد الذي ذكرته.

فالاجراء الاول قضية الاعلام والعقائق، والاجراء الثاني قضية عرضه على الناس، هذا في جانب.

فإذن الامام سلام الله عليه في واقع الامر غيبته كانت غيبة بعد ثبوت مولد، بعد ثبوت وجود، وأنّ الامام سلام الله عليه كان يتعامل مع تلك القواعد عن طريق توقيعاته المقدسة التي كان ينقلها أولئك السفراء.

____________________

1 - كمال الدين: 454 ح 21.

٣٨

٣٩

تحديد مبدأ الغيبة الصغرى

هنالك نقطة في تحديد مبدأ الغيبة الصغرى، هناك نظريات ثلاثة

في مبدأ الغيبة الصغرى، ولعلّ هذا البحث بحث بكر:

النظرية الاولى:

الغيبة الصغرى إنّما بدأت بمولده (عليه السلام)، حيث كان مولده مبنيّاً على الكتمان، فكان الامام سلام الله عليه غائباً منذ ذلك الحين وإلى أن يظهر للعيان بشكل علني عام .

نوقش في هذه النظرية: بأنّ الامام من مولده إلى وفاة أبيه الامام العسكري سلام الله عليه شهيداً، في هذه الفترة الامامة لم تكن له، وهذا خارج عن موضوع الغيبة التي نتحدث عنها، الحديث عن غيبته في فترة إمامته.

لكن هذا الامر سهل، لانّ الفرض من الغيبة مطلق الغيبة، سواء غيبته في عصر إمامة أبيه سلام الله أو غيبته في عصر إمامته، الغرض ملفق من هذا وذاك بحيث المجموع يكون هذه الفترة من مولده (عليه السلام)إلى هذا المبدأ من مولده (عليه السلام) إلى وفاة آخر نائب من النواب الاربعة وهو أبو الحسن علي بن محمد السمري رحمه الله سنة ثلاثمائة وتسعة

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

تشقها خمراً بين الفواطم وهنّ: فاطمة ابنة حمزة وفاطمة بنت عتبة وفاطمة أمّ عليّ وفاطمة بنته صلّى الله عليه وسلّم، وإرساله لتلك الحلة كان بعد وصوله إلى المدينة، فليتأمّل.

قال في الفصول المهمّة: وقال له أي لعليّ: إذا أبرمت ما أمرتك به، كن على اُهبة الهجرة إلى الله ورسوله، ويقدم كتابي عليك، وإذا جاء أبو بكر توجّهه خلفي نحو بئر أمّ ميمون، وكان ذلك في فحمة العشاء والرصد من قريش قد أحاطوا بالدّار ينتظرون أنْ تنتصف اللّيلة وتنام الناس، ودخل أبو بكر على عليّ وهو يظنّه أي وأبو بكر يظنّ عليّاً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له علي: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج نحو بئر أُم ميمون وهو يقول لك أدركني، فلحقه أبو بكر، ومضيا جميعاً يتسايران حتّى أتيا جبل ثور، فدخلا الغار، فليتأمّل الجمع بينه وبين ما تقدّم »(١) .

قال: « وفي الفصول المهمّة: لما اتّصل خبر مسيره صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، وذلك في اليوم الثاني من خروجه صلّى الله عليه وسلّم من الغار، جمع الناس أبو جهل وقال: بلغني أنّ محمّداً قد مضى نحو يثرب على طريق السّاحل ومعه رجلان آخران، فأيّكم يأتيني بخبره، فوثب سراقة فقال: أنا لمحمّد يا أبا الحكم، ثمّ إنّه ركب راحلته واستجنب فرسه، وأخذ معه عبداً أسود، وكان ذلك العبد من الشجعان المشهورين، فسارا أي في أثر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سيراً عنيفاً حتّى لحقا به.

فقال أبو بكر: يا رسول الله قد دهينا، هذا سراقة قد أقبل في طلبنا ومعه غلامه الأسود المشهور.

____________________

(١). انسان العيون في سيرة الأمين المأمون ٢ / ٢٠٤.

٢٢١

فلمّا أبصرهم سراقة نزل عن راحلته وركب فرسه وتناول رمحه وأقبل نحوهم.

فلمـّا قرب منهم قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: اللّهمّ اكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت وأنّى شئت.

فغابت قوائم فرسه في الأرض حتّى لم يقدر الفرس أنْ يتحرّك.

فلمـّا نظر سراقة إلى ذلك هاله ورمى نفسه عن الفرس إلى الأرض، ورمى رمحه، وقال: يا محمّد أنت أنت وأصحابك أي أنت كما أنت أي آمن وأصحابك، فادع ربّك يطلق لي جوادي، ولك عهد وميثاق أن أرجع عنك.

فرفع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يديه إلى السّماء وقال: اللّهمّ إنْ كان صادقاً فيما يقول فأطلق له جواده. قال: فأطلق الله تعالى له قوائم فرسه حتّى وثب على الأرض سليماً، أي ولعلّ هذا في المرّة الثانية، أو المرّة الأخيرة من السّبع على ما تقدم، وتقدّم أنّ الإقتصار على القوائم لا ينافي الزيادة عليها، فلا يخالف ما سبق في هذه الرواية.

ورجع سراقة إلى مكّة، فاجتمع الناس عليه، فأنكر أنّه رآى محمّداً، فلا زال به أبو جهل حتّى اعترف وأخبرهم بالقصّة، وفي ذلك يقول سراقة مخاطباً لأبي جهل:

أبا حكم والله لو كنتَ شاهداً

لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأنّ محمّداً

رسول ببرهان فمن ذا يقاومه »(١)

وقال الصفوري: « رأيت في الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة بمكة المشرفة شرّفها الله تعالى لأبي الحسن المالكي، أنّ عليّاً ولدته أُمّه بجوف الكعبة شرّفها الله تعالى ».

____________________

(١). إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ٢ / ٢١٩.

٢٢٢

وقد ذكر إكرام الدين الدهلوي كتاب ( الفصول المهمّة ) في مصادر كتابه ( سعادة الكونين في فضائل الحسنين )، فأكثر من النقل عنه جدّاً، والمولوي إكرام الدين الدهلوي من كبار علماء الهند، ومن أجلّاء المعاصرين لمخاطبنا ( الدهلوي )، وهو معظّم لدى علماء أهل السنّة، إذ يذكرونه بكلّ تبجيل واحترام، حتّى أنّ المولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( إزالة الغين ) يذكره من أقران الشيخ عبدالحق الدهلوي، وشاه ولي الله الدهلوي، و ( الدهلوي ) وأمثالهم من مشاهير أئمّة أهل السنّة الّذين يفتون بجواز لعن يزيد بن معاوية، لعنة الله عليه وعلى أبيه.

كما أنّ رشيد الدين خان الدهلوي - وهو أفضل تلامذة ( الدهلوي ) - يذكر كتاب الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة في مصنّفات أهل السنّة في فضائل أهل البيت.

كما اعتمد على الفصول المهمّة: الشيخ حسن العدوي الحمزاوي في كتابه ( مشارق الأنوار ) الّذي نصّ على التزامه بنقل الأحاديث الصحيحة فيه

(٢٨)

رواية الميبدي

ورواه الحسين الميبدي اليزدي - في ( الفتواح - شرح ديوان علي ) - حيث قال: « روى البيهقي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب ».

٢٢٣

ترجمة الميبدي

١ - غياث الدين المدعو بخواند أمير، في تاريخه ( حبيب السير ) الّذي نصّ الكاتب الجلبي باعتباره، واعتمد عليه ( الدهلوي ) وحسام الدين صاحب ( المرافض ). قال: « القاضي كمال الدين مير حسين اليزدي. كان من أفاضل علماء العراق بل من أعاظم علماء الآفاق، ولي القضاء في يزد مع الأمانة، ومن مصنّفاته: شرح ديوان أمير المؤمنين. وهو كتاب غنّي بالعلم ومرغوب فيه لدى الفضلاء. وله أيضاً: شروح على الكافية والهداية في الحكمة، وعلى الطوالع والشمسيّة، وله تعليقات دقيقة ».

٢ - وقد اعتمد عليه الكفوي في طبقاته ( كتاب أعلام الأخيار في طبقات مذهب النعمان المختار ) هذا الكتاب الّذي استند إليه ( مخاطبنا ) في ( بستان المحدّثين ).

٣ - وذكره الكاتب الجلبي في الحكماء الإسلاميّين عند كلامه على الحكمة والحكماء وما يتعلّق بذلك.

٤ - وأيضاً نقل عنه ولي الله الدهلوي في ( رسالة النوادر ) له.

(٢٩)

رواية الصّفوري

ورواه الصفوري الشّافعي في ( نزهة المجالس ) بقوله: « وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في همّته، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في زهده، وإلى محمّد في بهائه، فلينظر إلى علي.

ذكره ابن الجوزي ».

٢٢٤

كلام الصّفوري في خطبة كتابه

وقد قال الصفوري في مقدّمة كتابه ( نزهة المجالس ): « فأحببت - لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: عند ذكر الصالحين يبارك عليكم وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عند ذكر الصالحين تتنزّل الرّحمة - أنْ أجمع ما تيسَّر من أخبارهم وما اشتملوا عليه من العبادة في ليلهم ونهارهم، وأنْ أطرّز ذلك باللطائف والفوائد السنيّة، والزواجر للنفوس الغويّة من المواعظ القويّة، مع ما أذكره من المسائل الفقهيّة والمنافع الطبيّة، وقطرة من مناقب خير البريّة ومن هو حيٌّ في قبره حياةً حقيقيّة، وذاته في ضريحه المكرم على العرش طريّة، وأزواجه وأصحابه وأمّته المرضيّة، وقد جعلته أبواباً وفصولاً حوت معاني قويّة، وسمّيته نزهة المجالس ومنتخب النفائس، وختمته بذكر الجنّة ».

ولهذا الكتاب تقريظ من العلّامة محمّد حسين الخشّاب.

(٣٠)

رواية الوصّابي اليماني

ورواه إبراهيم بن عبدالله الوصابي اليماني الشافعي في كتابه ( أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ) وهو اسم الباب الرابع من كتابه ( الإكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) ولكلٍّ من الأبواب الأخرى اسم يخصّه فرواه عن أنس حيث قال:

« عنه. قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من سرّه أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلقه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

٢٢٥

أخرجه أبو نعيم في فضائل الصّحابة »(١) .

كتاب الوصّابي

وقد اعتمد على كتاب الوصابي المذكور محمّد محبوب عالم في تفسيره ( تفسير شاهي )، وشهاب الدين العجيلي في كتابه ( ذخيرة المآل )، وبذلك يظهر كونه من الكتب المعتمدة المفيدة لدى أهل السنّة.

(٣١)

رواية الجمال المحدِّث

ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المعروف بالمحدِّث: « عن أبي الحمراء قال قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه - وفي رواية: إلى نوح في تقواه - وإلى يحيى ابن زكريّا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه - وفي رواية: وإلى موسى في هيبته - وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(٢) .

ترجمة الجمال المحدّث

والسيّد جمال الدّين المحدّث الشّيرازي من مشايخ ( الدّهلوي ) في الإجازة، وقد ذكر في مقدّمة كتابه ( الأربعين ) أنّه ينقل أحاديثه عن الكتب المعتبرة، وله كتاب ( روضة الأحباب في سيرة النبيّ والآل والأصحاب ).

____________________

(١). أسنى المطالب للوصابي - مخطوط.

(٢). الأربعين في مناقب أمير المؤمنين.

٢٢٦

وقد ذكره صاحب ( حبيب السّير ) بقوله: « مير جمال الدين بن عطاء الله سلّمه الله وأبقاه صار - كعمّه العظيم مير سيّد أصيل الدين - وحيداً في علم الحديث وسائر العلوم الدينيّة والفنون اليقينيّة، وحصل له التقدّم على جميع المحدّثين من أهل عصره، وكتابه روضة الأحباب في سيرة النّبيّ والآل والأصحاب مشهور في الأقطار، ولا يوجد له نظير ألبتة ».

وقال الشيخ علي القاري: « جمعت نسخ المصححة المقروّة المسموعة المصرّحة التي تصلح للإعتماد، وتصحّ عند الإختلاف للإستناد، فمنها نسخة هي أصل السيّد أصيل الدين والسيّد جمال الدين ونجله السعيد ميركشاه المحدثين المشهورين ثمّ إنّي قرأت أيضاً بعض أحاديث المشكاة على منبع بحر العرفان مولانا عطاء الله الشيرازي الشهير بمير كلان، وهو قرأ على زبدة المحقّقين وعمدة المدقّقين ميركشاه، وهو على والده السيّد السند مولانا جمال الدين المحدّث صاحب روضة الأحباب، وهو عن عمّه السيّد أصيل الدين، وهذا الإسناد لا يوجد أعلى منه للإعتماد»(١) .

وقال في ( المرقاة ) في شرح حديث « لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا »: « أمّا نسخ المشكاة المصحّحة المعتمدة المقروّة على المشايخ الكبار كالجزري والسيّد أصيل الدين وجمال الدين المحدّث وغيرها من النسخ الحاضرة، فكلّها بحذف النون ».

وقد ذكر الشنواني السيّد جمال الدين في طريق سند روايته لكتاب المشكاة، في كتابه ( الدرر السنيّة في الأسانيد الشنوانيّة ).

وكذا ( الدهلوي ) نفسه - في ( اُصول الحديث ) - حيث قال: « [ مشكاة المصابيح ]: الشيخ أبو طاهر، عن الشيخ إبراهيم الكردي، عن الشيخ أحمد

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة - مقدمة الكتاب.

٢٢٧

القشاشي، عن الشيخ أحمد بن عبدالقدوس الشناوي، عن السيّد غضنفر ابن السيّد جعفر النهرواني عن الشيخ محمّد سعيد المعروف بميركلان الذي كان شيخ مكة في وقته، وهو عن السيّد نسيم الدين ميركشاه، عن والده العظيم السيّد جمال الدين عطاء الله ».

كما وقع إسناد الشيخ أبي علي محمّد إرتضاء العمري الصفوي، كما لا يخفى على من راجع كتاب ( مدارج الإسناد ) له.

وقد اعتمد على السيّد جمال الدين ونقل عنه الشيخ عبدالحق الدهلوي في كتابه ( أسماء رجال المشكاة ).

وقال الصديق حسن خان القنوجي في ( الحطّة ): « وكتاب روضة الأحباب للسيّد جمال الدين المحدّث أحسن السير ».

(٣٢)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه أحمد بن الفضل بن باكثير الشافعي المكّي عن الحاكمي والملّا في سيرته، وهذا لفظه: « عن أبي الحمراءرضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريّا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى

٢٢٨

يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته »(١) .

ترجمة ابن باكثير

وقد ترجم له المحبّي قائلاً: « الشيخ أحمد بن الفضل بن محمّد بن باكثير، المكي الشافعي، من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين. كان فاضلاً أديباً، له مقدار عليّ وفضل جلّي، وكان له في العلوم الفلكيّة وعلم الآفاق والزايرجا يد عالية، وكان له عند أشراف مكّة منزلة وشهرة، وكان في الموسم مجلس في المكان الّذي يقسّم فيه الصرّ السلطاني بالحرم الشريف بدلاً عن شريف مكة. ومن مؤلفاته: حسن المآل في مناقب الآل »(٢) .

وقد ذكر في مقدّمة كتابه المذكور: « فرأيت أنْ أجمع في تأليفي هذا من درر الفوائد المثمنة وغرر الأحاديث الصحيحة والحسنة ممّا هو مختصّ بالعترة النبويّة والبضعة الفاطميّة، وأذكره بلفظ الإجمال، ثمّ ما ورد من مناقب أهل الكساء الأربعة نخبة الآل، واُصرّح فيه بأسمائهم، ثمّ ما ورد لكلّ واحدٍ منهم بصريح اسمه الشريف.

فجمعت في كتابي هذا زبدة ما دوّنوه وعمدة ما صحّحوه من ذلك وأتقنوه، وما رقموه في مؤلّفاتهم وقنوه فيه، مقتصراً على ما يؤدي المطلوب، ويوصل إليه بأحسن نمط وأسلوب، سالكاً في ذلك طريق السداد، ومقتصراً فيه على ما يحصلّ المراد وتركت ما اشتدّ ضعفه منها وما لم نجد له شاهداً يقويه، وجانبت عمّا تكلّم في سنده وقد عدّه الحفاظ من الموضوع الّذي يجب

____________________

(١). وسيلة المال في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

(٢). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٢٧١.

٢٢٩

أن نتّقيه، وأتيت بالمشهور من كتب التواريخ تتبّعت فيه من الأحاديث ما يشرح صدور المؤمنين، وتقرّ به عيون المتّقين، ويضيق بسببه ذرع المنافقين ».

(٣٣)

رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمّد بن معتمد خان البدخشاني عن البيهقي حيث قال:

« أخرج البيهقي في فضائل الصحابة عن أنس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة البدخشاني

والبدخشاني من علماء أهل السنّة الّذين يفتخر محمّد رشيد تلميذ ( الدّهلوي ) بتأليفهم كتباً خاصّة بفضائل أهل البيت، ويقول بأنّ علماء أهل السنّة لا يبغضون ولا يعادون أهل البيت.

وذكره المولوي حيدر علي الفيض آبادي، في جملة كبار علماء أهل السنّة الّذين يفتون بجواز لعن يزيد بن معاوية.

و ( الدهلوي ) نفسه اعتمد على البدخشاني في جواب سؤالٍ ورد عليه حول السبب في تلقيب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمصطفى، وتلقيب

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

٢٣٠

أمير المؤمنين بالمرتضى فقال: « والميرزا محمّد بن معتمد خان الحارثي المؤرّخ الشهير في هذه البلاد أيضاً يلقّب عليّاً بالمرتضى، في رسالتيه في فضائل الخلفا وفضائل أهل البيت، وهما من عمدة مصنّفاته ».

(٣٤)

رواية محمّد صدر العالم

ورواه الشيخ محمّد صدر العالم بقوله: « أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة مرفوعاً: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: من سرّه أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوحٍ في فهمه، وإلى إبراهيم في خلّته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(١) .

شعر ولي الله الدهلوي بمدح محمّد صدر العالم

قال الشيخ ولي الله والد مخاطبنا ( الدهلوي ) وإمامه ومقتداه في ( التفهيمات الإلهيّة ):

إنّ محمّد صدر العالم ألّف كتاباً - وهو معارج العلى - فضّل فيه عليّاً على الخلفاء تفضيلاً كليّاً، وكان من جملة ما ذكر فيه قصة شقّ القمر له كرّم الله وجهه، ثمّ أرسله إليَّ وطالعته، ونظمت هذه الأبيات:

رعاك الله يا صدر العوالي

وطول الدهر كان لك البقاء

لقد أوتيت في الآباء فخراً

وبالأبناء يرتفع العلاء

وجدّك آية لا ريب فيها

وبحر لا تكدّره الدلاء

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

٢٣١

وفي كشف المعارف كان فرداً

وما في القوم كان له كفاء

لقد كوشفت ما كوشفت حقّاً

وفضل الله ليس له انتهاء

أتاك الثلج والإتقان لمـّا

رأيت الشق وانكشف اللواء

وإذ أدناك سيّدنا علي

بإكرام وعلم ما يشاء

تؤلف في مناقبه كتاباً

وعند الله في ذاك الجزاء

ومكثر مدح مولانا علي

مقلّ لا يكون له وفاء

فما من مشهدٍ إلّا وفيه

له فخر كبير وازدهاء

وما من منهل إلّا وفيه

له شرب عظيم وارتواء

وللقرآن تنزيل وظهر

يقاتلهم عليه الأنبياء

وللقرآن تأويل وبطن

يخاصمهم عليه الأوصياء

قبول الناس للتنزيل فيه

سياسات له منها نماء

فمنها ردّ تحريف ومدّ

لأسباب له منها انتشاء

وصلح واختصام وائتلاف

بأقوام قلوبهم هواء

لهذا القسم أسرار عظام

وللشيخين فيه اعتلاء

وفي علم النبوة إنّ هذا

ملاك الأمر ليس بها خفاء

وما زال الصحابة عارفيه

يقيناً مثل ما طلعت ذكاء

فأثبت ذاك للشيخين واختر

من الأوصاف مدحاً ما تشاء ».

٢٣٢

(٣٥)

رواية وليّ الله الدّهلوي

قال وليّ الله الدّهلوي والد مخاطبنا ( الدهلوي ) - في ( قرة العينين ) - بعد جوابه على كلام المحقّق نصير الدين الطوسي في أفضليّة أمير المؤمنين:

« وبعد هذا كلّه، فإنّ جميع ما ذكره المتأخّرون من المعتزلة - كما ينقل عن الإمام الرازي في كتاب الأربعين، واختصره نصير الدين الطوسي - حججنا في أفضليّة المرتضى ممّن كان في أيّام خلافته، ونعترف بأصله ونتمسّك بثبوته في محلّه، لا بالنسبة إلى الشيخين ».

هذا كلام ولي الله الدهلوي، ومن راجع الأربعين للرازي وكلام النصير الطوسي، وجد فيه حديث التشبيه. قال الرازي:

« الحجة التاسعة عشر - روى أحمد والبيهقي في فضائل الصحابة قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

ظاهر الحديث يدلّ على أنّ عليّاً كان مساوياً لهؤلاء الأنبياء في هذه الصفات، ولا شكّ أنّ هؤلاء الأنبياء في هذه الصفات كانوا أفضل من أبي بكر وسائر الصحابة، والمساوي للأفضل أفضل، فيكون علي أفضل منهم »(١) .

____________________

(١). الأربعين في أصول الدين: ٣١٣.

٢٣٣

(٣٦)

رواية محمّد الأمير

وقال العلّامة محمّد الأمير الصنعاني في ( الروضة النديّة - شرح التحفة العلويّة ) ما نصّه: « فائدة: قد شبهه بخمسة من الأنبياء كما قال المحبّ الطبريرحمه‌الله ما لفظه: ذكر تشبيه عليرضي‌الله‌عنه بخمسةٍ من الأنبياء:

عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى ابن زكريّا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته.

قلت: وقد شبّهه صلّى الله عليه وسلّم بهؤلاء الخمسة الرسل في اكتسابه للخصال الشريفة من خصالهم ».

ترجمة الأمير

١ - الحفظي الشافعي: « وأولاد الإمام المتوكِّل علماء جهابذة وأبرار، أعظمهم ولده الإمام المؤيّد بالله محمّد بن إسماعيل، قرأ كتب الحديث وبرع فيها، كان إماماً في الزهد والورع، يعتقده العامّة والخاصّة.

٢٣٤

ومن أعيان آل الإمام: السيّد المجتهد الشهير، والمحدّث الكبير، السراج المنير، محمّد بن إسماعيل الأمير، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار، صنّف أكثر من مائة مؤلَّف، وهو لا ينسب إلى مذهب، بل مذهبه الحديث »(١) .

٢ - الشوكاني: « الإمام الكبير، المجتهد المطلق، صاحب التصانيف

برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرّد برياسة العلم في صنعاء، وتظهّر بالإجتهاد، وعمل بالأدلّة، ونفر عن التقليد، وزيّف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهيّة وبالجملة، فهو من الأئمّة المجدّدين لمعالم الدين »(٢) .

٣ - القنوجي: « وهو الإمام الكبير، المحدّث الأصولي، المتكلّم الشهير، قرأ كتب الحديث وبرع فيها، وكان إماماً في الزهد والورع، وكان ذا علم كير ورياسة عالية، وله في النظم اليد الطولى، بلغ رتبة الإجتهاد المطلق، ولم يقلَّد أحداً من أهل المذاهب، وصار إماماً كاملاً مكملاً بنفسه ...»(٣) .

(٣٧)

رواية الحفظي الشافعي

ورواه شهاب الدين الحفظي العجيلي الشافعي بقوله: « روى البيهقي يرفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زهادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(٤) .

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٢). البدر الطالع ٢ / ١٣٣.

(٣). أبجد العلوم، التاج المكلّل.

(٤). ذخيرة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

٢٣٥

ترجمة العجيلي

وترجم الصديق حسن القنوجي: « وله مناقب وفضائل شهيرة، وكان لا يسمع بذي فضيلة من جهةٍ من الجهات إلّاوتعرّف به واستطلع حقيقة فضيلته، ومكث على هذه الحالة دهراً طويلاً، ثمّ آثر الخلوة والعزلة إلى أنْ انتقل إلى جوار رحمة الله تعالى »(١) .

(٣٨)

رواية وليّ الله اللّكهنوي

ورواه المولوي ولي الله اللكهنوي بقوله: « قال صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زهادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(٢) .

أقول:

قد عرفت بما تلوناه عليك ونقلناه لك من كلمات أساطين أئمّة أهل السنّة، وكبار حفّاظهم، ومشاهير علمائهم في مختلف العلوم أنّ حديث التشبيه - بمختلف ألفاظه وأسانيده - حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك يعتريه

____________________

(١). التاج المكلل: ٥٠٩.

(٢). مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيّد المرسلين - مخطوط.

٢٣٦

إنّه حديث رووه بأسانيدهم عن عدّةٍ من الصحابة عن النبيّ الأكرم والرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

رووه وأخرجوه في كتبهم، واستشهدوا به في كلماتهم، ونظموه في أشعارهم

فكيف ينفي ( الدهلوي ) صحّته! وينكر وجوده في كتب أهل السنّة! ويزعم عدم قبولهم إيّاه؟!

فالله حسيبه على ما قال وكفى به حسيباً.

لكن الّذي نتوخّاه ونرجوه أنْ لا يقدم أحد على ما أقدم عليه، ولا يغترّ بما قاله وتقوّله، فإنّ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) و( اللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ ) .

هذا كلّه بالنسبة إلى سند هذا الحديث.

وقس عليه في البطلان كلماته في الدلالة، كما سيتّضح لك، وعلى الله التكلان:

٢٣٧

٢٣٨

نقض كلمات الدهلوي

حول سند حديث التشبيه

٢٣٩

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449