نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 200848 / تحميل: 6719
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

[وأفضل عترته] أولهم [حيازةً للمكارم وهم] أهل العباء المطهّرون من أنجاس الأرجاس، المبرّؤون من أوزار الميل إلى الدنيا والأدناس (1) المفضّلون على خيار الثقلين الجن والإنس (2) [وهم]: علي أمير المؤمنين ممهّد قواعد الإمامة، حامل لواء الحمد يوم القيامة، كاسف النير الأعظم الزاهر الجلي بباهر نوره وبهائه، وكاشف الحلي بهمّته العالية ولطف تدبيره ويمن آرائه، خضم الجود والسخاء ولهم الأمام حالتي العسر والرخاء (3) الإمام الذي هو في ظلم الجهالة والضلالة نبراس، وفي لجم المبارزة والطعان هرماس خناس (4) ولمدائن العلوم والحكم اليقينية فضائله أساس (5) وما في قربه من رسول الله ومفاخره التي لا يحيط بها وهم وحد وقياس، عند ذي رأى ودين شبهة وشك وريبة والتباس.

وزوجه الزهراء البتول قرّة عين الرسول، وولداه السبطان سيّدا شباب أهل الجنّة الحسنان.

ثم العترة الطاهرة النقيّة، والأُسرة العلية العلوية؛ وآخرهم المهدي، خلاصة الماء والطين وموقف خلق الرحمان علي أسرار الدين الإمام الذي هو من العلم بطينٌ، ومن صيت معاليه في أذن الملك والملكوت طنينٌ (6) حجة الله تعالى على البرية، الطاهرة الشريفة الزكية نفسه من كل رذيلة ودنية، والمتحلّية ذاته بكل فضيلة جليلة، ومنقبة سنيّة يسعى لمزيد المراد من التكوين والخلق، والمقصود من الإيجاد والإبداع بالحق، صلوات الله سبحانه على محمد وآله، خصوصاً على المهدي القائم وذوى قرابة وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآل كل وصحابته ما تصلصلت على دوحات الحمى الحمام الودق، وتسلسلت من نسمات العشا الحمام الزرق، ما يزوى بأزهار الضايعة روائحها (7) وتردى على الأقمار الطالعة لوائحها، من طرائف النكت الغريبة، ولطائف النتف العجيبة، وزواهر المآثر المنيفة، وصفايا المزايا الشريفة.

ومن أين للشمس المنيرة مالها؟! وهيهات [من] أن ينال أحد منالها! أو

____________________

(1) والأدنى (خ ل).

(2) وفي نسخة طهران: (والناس...).

(3) كذا في الأصل.

(4) وفي نسخة طهران: وفي قحم المبارزة والطعان هرماس خباس...

(5) هذا هو الظاهر، وفي بعض النسخ: فواضله...

(6) وفي نسخة طهران: (في آذان الملك والملكوت...).

(7) وفي نسخة طهران: (ما يزري بأزهار الصابغة...).

٢١

يطمع وهم في أن يتصوّر مثالها، أو يطالع حسّ أو نفس جمالها وكمالها؟!

وجعلت هذا المجموع مشتملاً على أبواب محدود (1) على اثني عشر في مثلها عدتها. وجمعتها لنفسي المذنبة، يوم تبلى السرائر، وتتلى الصحائف عن كل محذور وقايتها، وعن المخاوف عدتها.

[والكتاب منقسم على سمطين، و] يتضمّن (السمط الأوّل منه) اثنين وسبعين باباً في فضائل أمير المؤمنين علي [بن أبي طالب] أبي الأولياء وباب مدينة العلم.

ويحتوي (السمط الآخر) على اثنين وسبعين باباً في مناقب أهل البيت الطاهرين، ومعادن الصدق، ومنابع الكرم والحلم.

وأنا أسأل الله تعالى أن يجعل سعيي في نظم هذه الدرر، وجمع هذه الغرر خالصاً لوجهه الكريم، وينفعني بها وسائر إخواني وأصحابي بمنّه العظيم، ولطفه العميم، ويثبت ببركتهم لساني بالقول الثابت عند تزلزل الكلام، وقدمي على الصراط بمحبّتهم يوم تزول [فيه] الأقدام، ويدخلني والمسلمين جميعاً بولايتهم دار السلام، إنّه غاية المرام، وهو سبحانه ولي الفضل والإنعام، فمنه كل خير وهو القادر عليه، والاستعانة منه والمصير إليه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

____________________

(1) وفي نسخة: (على أبواب مجذور). وفي نسخة طهران: (على أبواب محدود)؟

٢٢

السمط الأوّل

[وهو] محتوٍ على فاتحة وخاتمة واثنين وسبعين باباً.

فالفاتحة في بيان أنّ الصلاة على النبي محمد وآله أشرف الأعمال، وأكملها نصاباً، وأفضل الطاعات، وأجزلها ثواباً، وأسرعها قبولاً، وأشدّها استحباباً، وأسدّها منهجاً، وأسرعها إلى الإجابة باباً، وملك السعادة الأبدية لصاحبها المواظب عليها مسلّم، وهي للخلاص من الدركات سبب ومكفأة، وإلى درك الدرجات العالية مرقاة وسلّم (1) .

والأبواب كلّها في ذكر مناقب الإمام الذي هو لمدينة العلم باب، وبتفضيله واصطفائه نزل الوحي ونطق الكتاب، أبي الحسن والحسين وارث الرسل ومولى الثقلين.

أخو خاتم الرسل الكرام محمّد

رسول إله العالمين مطهّر

علي وصيّ المصطفى ووزيره

أبو السادة الغرّ البهاليل حيدر

والخاتمة في كلمات مرويّة عن عالي جنابه، وفوائد مأثورة عن حضرته، وزواهر جواهر مستخرجة من عبابه، على محمد وعليه الصلاة والسلام، ما حنّ صاحب شوق، وصاحت ذات طوق، وطما طيار (2) وجنّ ليل وسال سيل.

____________________

(1) قال ابن عساكر في ترجمة عبد الجبار بن أبي الشجاع تحت الرقم (585) من معجم الشيوخ: أخبرنا عبد الجبار ابن أبي شجاع بن عبد الجبار أبو خلف الرازي الشافعي المتكلّم بقراءتي عليه بالرّي أنبأنا القاضي أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الخبازي الحافظ، أنبأنا أبو علي الحافظ وأبو إسحاق إبراهيم بن عيسى بن الفضل المقري وغيرهم قالوا: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي حدثنا عبادين الوليد البصري حدثنا أبو بلال الأشعري حدثنا مندل بن علي العنزي عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلت بن زفر: عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما من عبدٍ صلّى عليّ وعلى أهل بيتي إلاّ حشره الله تعالى معنا غداً يوم القيامة .

(2) وفي نسخة طهران: (وطما طيار، وجنّ ليل ووضح نهار...).

٢٣

[وأمّا] الفاتحة

[فهي] فاتحة فتوح فائحة الأزهار، وسانحة وضوح سائجة الأنهار: 1 - أخبرنا العدل عِزّ الدين محمد بن علي بن أبي البدر البغدادي رحمه الله (بقراءتي عليه) بمنزل (زرود) - منصرفنا من حجّ بيت الله الحرام زيد شرفاً وقدساً، بكرة يوم الجمعة الثامن عشر من شهر الله الحرام ذي القعدة سنة أربع وتسعين وستمائة - قلت له: أخبرك الشيخ عبد اللطيف بن محمد بن علي بن حمزة بن قايس (1) القبيطي أبو طالب بسماعك عليه بقراءة الحافظ محمد بن النجار في شعبان سنة خمس وثلاثين وستمائة بالمستنجدية؟ فأقرّ به (2) قال: أنبأنا أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي، قال أنبأنا أبو محمد عبد الرحمان بن أحمد الدوني عن القاضي أبي نصر الكسار، عن أبي بكر أحمد بن محمد السني عن الإمام أبي عبد الرحمان أحمد بن شعيب النسائي: قال: أنبأنا إسحاق بن منصور، قال: أنبأنا محمد بن يوسف قال: أنبأنا يونس بن أبي إسحاق: عن بريد (3) بن أبي مريم، عن أنس بن مالك قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مَن صلّى عليّ (صلاة) واحدة صلّى الله عليه عشر صلوات (4) وحُطّت عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات .

____________________

(1) وفي نسخة السماوي وطهران: (فارس القبيطي).

(2) كذا في الأصل، وفي نسخة طهران: (بالمستنصرية، فأقرّ به، قال: أخبرنا أبو زرعة...).

(3) هذا هو الصواب الموافق لما في باب الفضل في الصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من سنن النسائي: ج 3 ص 50. وفي الأصل: يزيد...

(4) إلى هنا رواه مسلم في باب (الصلاة بعد التشهّد) من كتاب الصلاة من صحيحه: ج 2 ص 17، عن يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر، قالوا: حدثنا إسماعيل - وهو ابن جعفر - عن العلاء، عن أبيه عن أبي هريرة: أنّ رسول الله...

٢٤

2 - وبالإسناد [المتقدّم] إلى أبي عبد الرحمان النسائي قال: أخبرنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في حديثه عن أبيه عن عثمان بن حكيم، عن خالد بن سلمة عن موسى بن طلحة، قال: سألت زيد بن خارجة (1) قال: أنا سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: صلّوا عليّ واجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللّهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد (2) .

____________________

(1) من قوله: (عن موسى بن طلحة - إلى قوله: - خارجة) كان قد حذف من الأصل وكان فيه أيضاً تصحيفات أكملناه وصحّحناه من سنن النسائي: ج 3 ص 49 - 50.

(2) ورواه أيضاً في ترجمة عبيد بن أبيه تحت الرقم: (6000) من تاريخ بغداد: ج 8 ص 381، وعنه في فضائل الخمسة: ج 1، ص 139.

٢٥

فضيلة

ما خُصّ بها أحد من الأنبياء، ومنقبة جاوزت حدّ العدّ، والإحصاء.

3 - أخبرنا الشيخ الإمام المفتي في حرم الله تعالى محب الدين أحمد بن عبد الله بن أبي بكر الطبري المكي - بقراءتي (عليه) بمكة المعظّمة بالحرم الشريف تجاه الكعبة المقدّسة زيدت قدساً، قدام قبّة الصخرة زيدت شرفاً، يوم السبت بعد صلاة العصر الرابع عشر من شهر الله الحرام ذي الحجّة سنة تسع وسبعين وستمائة - وعدهنّ في يدي، قال: أنبأنا قاضي الحرم الشريف إسحاق بن أبي بكر الطبري وعدهن في يدي قال: أنبأنا الشيخ الإمام شرف الدين أبو المظفر محمد بن علوان بن مهاجر الموصلي وعدهن في يدي، قال: أنبأنا الشيخ أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي وعدهن في يدي، قال: أنبأنا جدّي وعدهن في يدي قال: أنبأنا الشيخ أبو بكر بن خلف وعدهن في يدي قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله (1) ابن محمد بن حمدويه بن نعيم الحاكم، وعدهن في يدي، وقال عدهن في يدي أبو بكر بن أبي حازم الحافظ بالكوفة وقال لي: عدهن في يدي حرب بن الحسن الطحان (2) وقال لي: عدهن في يدي يحيى بن المساور الحناط، وقال لي: عدهن في يدي عمرو بن خالد، وقال لي: عدهن في يدي، زيد بن علي بن الحسين وقال لي: عدهن في يدي علي بن الحسين، وقال لي: عدهن في يدي أبي الحسين بن علي وقال لي عدهنّ في يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، عدّهنّ في يدي جبرئيل عليه السلام، وقال لي جبرئيل هكذا نزلت بهنّ من عند ربّ العالمين:

____________________

(1) وهو الحاكم النيسابوري والحديث رواه في كتاب معرفة علوم الحديث ص 32 ط 1، ورواه عنه في كنز العمّال: ج 1، ص 21 ط 1، ورواه أيضاً في ذيل إحقاق الحق ج 9 ص 569 كما رواه عنه أيضاً في فضائل الخمسة: ج 1، ص 215.

(2) وفي نسخة طهران: (حارث بن الحسن الطحان).

٢٦

اللّهمّ صلِّ على محمدٍ وآلِ محمد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، اللّهمّ بارك على محمد وآلِ محمّد كما باركت على إبراهيم وآلِ إبراهيم، إنّك حميد مجيد، اللّهمّ ترحّم على محمدٍ وآل محمد، كما ترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، اللّهمّ تحنّن على محمد وآل محمد، كما تحنّنت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، اللّهمّ وسلّم على محمدٍ وعلى آل محمد كما سلّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد (1) .

____________________

(1) والحديث رواه في سند زيد كما في شرحه الروض النضير: ج 5 ص 461، ورواه أيضاً ابن الجوزي في الحديث: (16) من كتاب المسلسلات من نسخة قيمة عليها توقيعة.

٢٧

فضيلة

منجحة لذوي الرجاء، منجحة للدعاء، رافعة إلى السماء، وهي: أنّ الصلاة على النبي والآل وسيلة إلى إجابة السؤال ووصلة لإصابة الآمال: 6 - أخبرنا الشيخ الإمام جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد - (و) عرف بمذكويه القزويني بقراءتي عليه بها في الخانقاه المكي الإمامي رحمة الله [على] بانيه ضحوة يوم الأحد الثاني من شهر ذي القعدة سنة سبع وثمانين وستمائة - قلت له: أخبرك الشيخ ضياء الدين عبد الوهاب بن علي بن علي المعروف بابن سكينة إجازة؟ قال: نعم قال: أنبأنا الشيخ الإمام جمال السنة أبو عبد الله محمد بن حمويه الجويني قدّس الله روحه إجازة؛ قال: انبأنا إسماعيل بن عبد الغافر، قال أنبأنا السيد أبو المعالي إسماعيل بن الحسن الحسيني قال: أنبأنا الشيخ أبو سعد أحمد ابن محمد بن أحمد بن عبد الله الهروي الكوفي قال: أنبأنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام قال: أنبأنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن صلّى على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ مئة مرّة قضى الله تعالى له مئة حاجة (1) .

____________________

(1) وفي الحديث الأوّل من المئة الشريحية الموجودة في المجموعة (314) من المكتبة الظاهرية مسنداً عن علي عن النبي صلّى الله عليهما وعلى آلهما: ما من دعاء إلاّ بينه وبين السماء حجاب حتى يصلّى على محمد وعلى آله، فإذا صلّى على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم انخرق الحجاب واستجيب الدعاء، وإذا لم يصلّ على النبي صلّى الله عليه لم يستجب الدعاء .

٢٨

فضيلة

ما حظي بها أحد من الأنبياء ومنقبة تستصغر في جنبها جميع الأشياء: 7 - أنبأنا الإمام نجم الدين عثمان بن الموفق، والشيخ مجد الدين عبد الله بن محمود رحمهم الله قالا: أنبأنا الشيخ السند رضي الدين المؤيد بن محمد بن علي إجازة؛ قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي إجازة قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (1) ، أنبأنا أبو بكر ابن الحارث الفقيه، أنبأنا علي بن عمر الحافظ، أنبأنا أبو بكر النيسابوري، أنبأنا أبو الأزهر، أنبأنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، أنبأنا أبي عن ابن إسحاق قال: وحدثني في الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - إذا المرء المسلم صلّى عليه في صلاته - محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري أخي بلحارث الخزرجي: عن أبي مسعود الأنصاري عقبة بن عمرو قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونحن عنده فقال يا رسول الله: أمّا السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلّي عليك إذا نحن صلّينا في صلواتنا؟ قال: فصمت رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله ثم قال: إذا صلّيتم عليّ فقولوا: اللّهمّ صلِّ على محمد النبي الأُمّي وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأُمّي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد .

قال علي (بن عمر الحافظ) هذا الإسناد حسن متصل.

8 - وبهذا الإسناد إلى الإمام أبي بكر أحمد البيهقي الحافظ قال: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، أنبأنا

____________________

(1) رواه في السنن الكبرى ج 2 ص 378. وللحديث طرق ومصادر كثيرة جداً تجدها في باب كيفية الصلاة على النبي من كتاب الصلاة من الجوامع الحديثية كمصنف ابن أبي شيبة، ومسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم، ومستدرك الحاكم ج 1 ص 268، وسنن البيهقي والدار قطني، وغيرها من الجوامع، وسنألّف في ذلك رسالة بعون الله تعالى.

٢٩

يحيى بن بكير، أنبأنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يحيى ابن السياق عن رجل من بني الحارث: عن ابن مسعود عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: إذا تشهّد أحدكم في الصلاة، فليقل اللّهمّ صلِّ على محمد وعلى آلِ محمد، وبارك على محمد وعلى آلِ محمد، وترحّم على محمد وعلى آلِ محمد، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم إنّك حميد مجيد .

٣٠

فضيلة

أخرى في معناها جارية مجراها

منجحة لذوي الرجاء، منجحة للدعاء رافعة إلى السماء وهي أنّ الصلاة على النبي والآل وسيلة إلى إجابة السؤال وصلة لإصابة الآمال.

9 - أخبرني الشيخ الإمام مجد الدين أبو الفضل عبد الله بن محمود بن مودود بقراءتي عليه ببغداد، بالرباء الصالحي العلائي (1) بالمأمونية شرقيّ دجلة يوم (2) الثلاثاء الثامن [من شهر] شعبان سنة إحدى وسبعين وستمائة، قال: أنبأنا والدي الشيخ الإمام شهاب الدين محمود إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أنبأنا الشيخ الإمام محمد بن إسماعيل بن علي بن أبي الصيف (3) اليماني في منارة الحرم الشريف زاده الله تعالى تشريفاً وتعظيماً في ذي الحجّة سنة ست وسبعين وخمسمائة (4) قال: أنبأنا الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب بن علي القرطبي بقراءتي عليه قال: أنبأنا الشيخ الإمام أبو القاسم خلف بن عبد الملك الأنصاري، قال: أنبأنا أبو محمد بن عناب - ومن أصله نقلته - قال: أنبأنا أبو حفص عمر بن عبيد الله الذهلي قال: أنبأنا القاضي أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن قطيس (5) قال: أنبأنا (6) أبو محمد عبد الله بن إسماعيل بن حرب، قال: أنبأنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن حيوية، قال: حدّثنا أبو بكر (البزّار) أحمد بن عمرو

____________________

(1) في الرباط الصاحبي العلائي (خ ل).

(2) وبعده كان في الأصل المطبوع: (وخمسمئة). ولم يحضرني الآن شيء من الأصول المخطوطة كي ألاحظها، والظاهر من السياق أنّه لم يحذف ها هنا شيء وأنّ لفظ (خمسمئة) زائد.

(3) وفي المحكي عن نسخة السماوي: أبي الضيف.

(4) وفي المحكي عن نسخة السماوي: ستمئة...

(5) وفي المحكي عن نسخة السماوي: فطيس...

(6) وفي المحكي عن نسخة السماوي: حدثنا.

٣١

البصري قال: أنبأنا زياد بن يحيى قال: أنبأنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، قال: أنبأنا هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين: عن عبد الرحمان بن بشر بن مسعود: عن أبي مسعود، قال: لما نزلت هذه الآية ( إِنّ اللّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النّبِيّ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا صَلّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيماً ) [33 - الأحزاب: 56] قالوا: يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة [عليك] فقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: (قولوا اللّهمّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على [إبراهيم وعلى] آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) .

قال أبو بكر [البزّار]: وهذا الحديث رواه أيّوب عن عبد الوهاب، عن هشام، عن ابن سيرين عن عبد الرحمان بن بشر بن مسعود (1) مرسلاً. ولم يقل (عن أبي مسود) إلاّ عبد الوهاب عن هشام.

وبالإسناد [المتقدّم] إلى أبي القاسم خلف الأنصاري، قال: وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمان بن محمد - فيما قرئ عليه وأنا أسمع - قال: قرئ على أبي وأنا أسمع، قال: أنبأنا خلف بن يحيى، أنبأنا عبد الله بن يوسف بن وضاح، أنبأنا ابن أبي شيبة، قال: أنبأنا هشيم، قال: أنبأنا يزيد بن أبي زياد، قال: أنبأنا عبد الرحمان بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة، قال: لمّا نزلت هذه الآية ( إِنّ اللّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النّبِيّ ) الآية، قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللّهمّ اجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد (2) .

قال يزيد: [و] كان عبد الرّحمان بن أبي ليلى يقول: وعلينا معهم.

____________________

(1) وفي المحكي عن نسخة السماوي (بشير بن مسعود).

(2) ورواه أيضاً البخاري في آخر باب: (يزفون النسلان في المشي) من كتاب بدء الخلق من صحيحه: ج 4 ص 178 قال: حدثنا قيس بن حفص وموسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا أبو قرة مسلم بن سالم الهمداني قال: حدثني عبد الله بن عيسى [أنّه] سمع عبد الرحمان بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ فقلت: بل فاهدها لي. فقال سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فإنّ الله قد علّمنا كيف نسلّم عليكم. قال: قولوا: اللّهمّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم إنّك حميد مجيد، اللّهمّ بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد .

٣٢

أخبرنا بقيّة المشيخة مسند الشام شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عساكر الدمشقي بقراءتي عليه بها أو بسماعي، قيل له: أخبرك الإمام رضي الدين المؤيد ابن علي المقري الطوسي كتابة، قال: أنبأنا جدّي لأُمّي أبو العباس محمد بن محمد بن العباس العصاري الطوسي، المعروف بعباسة، سماعاً عليه، قال: أنبأنا القاضي أبو سعيد الفرّخزادي قال: أنبأنا الأستاذ الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبيّ قال: أنبأنا أبو منصور الحمشاوي (1) أخبرني أبو منصور أحمد بن الحسين بن أحمد، أنبأنا أبو العباس محمد بن همام، أنبأنا إسحاق بن عبد الله بن محمد بن زرين، أنبأنا حسّان - يعني ابن حسان - أنبأنا حمّاد بن سلمة، عن أحمد بن حميد الطويل: عن علي بن زيد بن جدعان، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال لفاطمة عليها السلام: آتيني بزوجك وابنيك [قالت:] فجاءت بهم وألقى عليهم كساءً ثم رفع يده عنهم، وقال: اللّهمّ هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد إنّك حميد مجيد .

قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم فاجتذبه وقال: إنّك على خير .

12 - أخبرني العلاّمة نجم الدين عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القزويني وغيره - رحمهم الله - إجازة بروايتهم عن شيخ الإسلام شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي قدّس الله روحه إجازة، قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي سماعاً عليه، قال: أنبأنا أبو الفضل حمد بن أحمد، أنبأنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الإصبهاني قال: أنبأنا علي بن أحمد المصيصي قال: أنبأنا أحمد بن خليد الحلبي قال: أنبأنا أبو توبة الربيع بن نافع، قال: أنبأنا يزيد بن معاوية، عن يزيد بن أبي مالك: عن أبي الأزهر، عن واثلة بن الأسقع قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وآله:

____________________

(1) وفي نسخة السماوي والسيد علي نقي: (المحمشاوي). والحديث رواه بأسانيد تحت الرقم: (747) وتواليه من شواهد التنزيل ج 2 ص 76 ط 1.

ورواه أيضاً ابن عساكر تحت الرقم: (100) وما حوله من ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق.

(2) كذا في الأصل المطبوع، وفي نسخة السيد علي نقي (يزيد بن زمعة).

وببالي أنّي رأيت الحديث في المعجم الكبير أو في ترجمة أبي توبة أو ترجمة (واثلة) من تاريخ دمشق.

٣٣

اللّهمّ قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم، اللّهمّ إنّهم منّي وأنا منهم؛ فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم .

قاله: صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا جمع فاطمة وعليّاً والحسن والحسين تحت ثوبه.

فقال واثلة: وكنت واقعاً على الباب، فقلت: وعليّ يا رسول الله بأبي أنت وأمّي؟ فقال: اللّهمّ وعلى واثلة (1).

____________________

(1) ورواه أيضاً الطبراني والديلمي كما في كنز العمال: ج 7 ص 92 و 217 ورواه عنه في فضائل الخمسة: ج 1، ص 222.

٣٤

فائدة

قال: الإمام العلاّمة فخر الدين محمد بن عمر الرازي (1) - سقى الله عياذ الغفران ضريحه وأناله بكرمه محض لطفه وصريحه -: جعل الله أهل بيت نبيّه محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم مساوياً له في خمسة أشياء: ( الأوّل ) في المحبّة قال: الله تعالى ( فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) [3 آل عمران: 31] وقال: لأهل بيته: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى‏ ) [الشورى: 23].

( والثاني ) في تحريم الصدقة قال عليه السلام: حرمت الصدقة عليّ وعلى أهل بيتي.

( والثالث ) في الطهارة قال الله تعالى: ( طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى‏ * إِلاّ تَذْكِرَةً... ) [طه: 1 - 2] وقال لأهل بيته: ( وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) [33 - الأحزاب: 33].

( والرابع ) في السلام [قال للنبي: السلام] عليك أيّها النبي. وقال في أهل بيته: ( سَلاَمٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ ) [الصافات 130].

( والخامس ) في الصلاة على الرسول وعلى الآل كما في آخر التشهّد.

____________________

(1) ورواه أيضاً عن الرازي في الصواعق المحرقة ص 19، وعنه في فضائل الخمسة: ج 1، ص 219، والظاهر أنّ الكلام تلخيص لما ذكره الرازي في تفسير آية المودّة من تفسيره.

٣٥

الباب الأوّل

فضيلة

باسقة الأشجار وعريقها، ومفخرة لدنة الأغصان وريقها (1) وهي: مَن كانت له حاجة إلى الله فليسأل بهم أهل البيت، وليجزم بالإجابة من غير اللو أو الليت.

1 - أخبرني الشيخ العدل بهاء الدين محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف البرزالي - بقراءتي عليه ببستانه بسفح جبل قاسيون ممّا يلي عقبة دمر ظاهر مدينة دمشق المحروسة - قلت: له أخبرك الشيخ أحمد بن المفرج بن علي بن المفرج بن علي ابن المفرج الأموي إجازة؟ فأقرّ به.

حيلولة: وأخبرنا الشيخ الصالح جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد المعروف بـ (مذكويه) القزويني وغيره إجازة بروايتهم عن الشيخ الإمام إمام الدين أبي القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي القزويني إجازة.

قالوا: أنبأنا الشيخ العالم عبد القادر ابن أبي صالح الجليلي قال: أنبأنا أبو البركات هبة الله بن موسى الثقفي قال: أنبأنا القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي (2) قال: أنبأنا الحسن بن محمد بن موسى بـ (تكريت). قال: أنبأنا محمد بن فرحان، قال: أنبأنا محمد بن يزيد القاضي [قال:] حدثنا قتيبة [قال:] حدثنا الليث بن سعد: عن العلاء بن عبد الرحمان، عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: لمّا خلق الله تعالى آدم أبو البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً، قال آدم: يا ربّ هل خلقت أحداً من

____________________

(1) كذا في نسخة السيد علي نقي.

(2) كذا في الأصل المطبوع، وفي نسخة طهران والسيد علي نقي: (السقطي). وفي المحكي عن نسخة السماوي: (النفسي).

٣٦

طين قبلي؟ قال: لا يا آدم. قال: فمَن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك. هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي، لولاهم ما خلقت الجنّة ولا النار، ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن، فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين.

آليت بعزّتي أنّه لا يأتيني أحد بمثقال ذرّة (1) من خردل من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري ولا أبالي.

يا آدم هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم وبهم أهلكهم (2) فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسّل .

فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: نحن سفينة النجاة، مَن تعلّق بها نجا، ومَن حاد عنها هلك، فمَن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت .

____________________

(1) كذا في الأصل المطبوع، وفي نسخة طهران: (حبّة).

(2) كذا في نسخة طهران والسيد علي نقي، وفي نسخة: (بهم أنجي وأهلك).

٣٧

فضيلة

في أحسن قول هو مجلية لكل عطية ونول، ومطردة لكل بليّة وهول، ومكسبة لكل قوّة وحول.

2 - أخبرنا الشيخان: علي بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي بقراءتي عليه بالجامع المظفري بالصالحية - بسفح جبل قاسيون ظاهر مدينة دمشق ضحوة يوم الجمعة الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وستمائة (1) - والإمام عزّ الدين عبد الحميد بن عبد الهادي المقدسي قراءة عليه بنساية (2) الصالحية ضحوة يوم الخميس ثاني جمادى الآخرة من السنة المذكورة، قيل لكل واحد منهما: أخبرك الشيخ أبو العباس أحمد بن يوسف ابن أبي الحسن ابن أبي الغنائم ابن صرمى البغدادي إجازة؟ فأقرّ به، قال: أنبأنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي (3) قراءة علية في يوم الاثنين والعشرين من المحرّم سنة سبع وأربعين وخمسمئة، أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله ابن عمر بن محمد بن المنتاب (4) قراءة عليه - بصف التودية في الماذيان في الغلة المعروفة بغلة البصري (5) الصيرفي في جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وثلاثمئة - حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبيد الله الدقاق المعروف بابن السماك قراءة عليه في سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة في مسجد الجامع، أنبأنا أبو نصر محمد بن إبراهيم السمرقندي حدثني أبو عثمان سعد

____________________

(1) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران: (من شهر ربيع الآخر، سنة خمس وتسعين).

(2) كذا في نسخة السيد علي نقي.

(3) وفي نسخة: (الأموي).

(4) كذا في نسخة السيد علي نقي وطهران.

(5) كذا في الأصل المطبوع، وفي نسخة طهران: بصف التوذي في النخلة المعروفة بنخلة البصري...

٣٨

ابن هاشم بن مزيد بطريه [كذا] أنبأنا أبو أحمد أيوب بن نصر بن موسى، أنبأنا حماد بن عمرو، عن السري بن خالد.

حيلولة: قال أبو نصر: وحدثنا أبو علي الحسين بن حميد بن موسى بمصر، أنبأنا زهير بن عباد، أنبأنا محمد بن أيوب، حدثني أبو البختري وهب بن وهب القرشي كلاهما: عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم - واللفظ لأبي علي - أنّه قال: لعلي بن أبي طالب: إذا هالك أمر فقل: اللّهمّ إنّي أسألك بحق محمد وآل محمد، أسألك أن تكفيني شرّ ما أخاف وأحذر، فإنّك تكفي ذلك الأمر .

3 - من كتاب الأمالي لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله؛ وكتب إلي الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن مطهّر الحلّي [قال]: أخبرنا الشيخ الإمام مهذب الدين أبو عبد الله الحسين ابن أبي الفرج ابن ردة النيلي، عن الشيخ محمد بن الحسين بن علي بن عبد الصمد التميمي، عن جديه (1) عن أبيهما علي وعن المفيد أبي علي، عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي قال: أنبأنا أبو العباس (2) قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني قال: أنبأنا مخلد بن شداد قال: أنبأنا محمد بن عبيد الله، عن أبي سخيلة قال: حججت أنا وسلمان فنزلنا بأبي ذرّ فكنّا عنده ما شاء الله، فلمّا حان منّا حفوف قلنا: يا أبا ذرّ إنّي أرى أموراً قد حدثت وإنّي خائف على الناس الاختلاف فإن كان ذلك فما تأمرني؟ قال: الزم كتاب الله وعلي بن أبي طالب عليه السلام فأشهد أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: (عليٌّ أوّل مَن آمن بي، وأوّل مَن يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر [وهو] الفاروق [يفرق] بين الحق والباطل) .

4 - أنبأني أبو اليمين (3) عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر الدمشقي بمكة شرّفها الله تعالى قال: أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي كتابة، أنبأنا عبد

____________________

(1) قال في الأصل المطبوع: هكذا السند في غاية المرام أيضاً عن الكتاب ولعلّ الصحيح عن جدّه علي وعن المفيد أبي علي كليهما. وكذا سقط الواسطة بين الطوسي وابن عقدة فإنّه يروى عن جماعة عن أبي المفضل عن ابن عقدة؛ فلاحظ.

(2) وهو الحافظ ابن عقدة، ورواه أيضاً عنه في الحديث: (120) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج 1، ص 76 ط 1، قال: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي أنبأنا أبو الحسين عاصم بن الحسن، أنبأنا أبو عمر ابن مهدي، أنبأنا أبو العباس ابن عقدة، أنبأنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني أنبأنا مخلد بن شداد...

وكان في أصلي من فرائد السمطين تصحيفات أصلحناها من تاريخ دمشق.

(3) كذا في الأصل المطبوع، وفي نسخة طهران (أبو اليمن) أقول: ومثلها في أغلب موارد النقل عنه في هذا الكتاب؛ فراجع.

٣٩

الجبار بن محمد الحواري البيهقي، أنبأنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن يوسف، أنبأنا محمد بن حامد بن الحرث التميمي (1) ، أنبأنا الحسن بن عرفة، أنبأنا علي بن قدامة، عن ميسرة بن عبد الله، عن عبد الكريم الجزري: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: لعلي صلوات الله عليه: خُلقت أنا وأنت من نور الله تعالى .

____________________

(1) كذا في نسخة، وفي نسخة: (أنبأ محمد بن خالد بن الحرث...).

ثم إنّ قريباً من هذا المعنى رواه ابن عساكر تحت الرقم: (181) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 1، ص 145، ط 1.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

أقول:

مراد ( الدهلوي ) من لفظ ( الإمتياز ) هو ( التّمييز )، والقول بأنّ هؤلاء ميّزوا الأحاديث بعضها عن بعضٍ، يضرّه ولا ينفعه، لوجود الأحاديث الكثيرة التي نقلها هؤلاء المتأخرون - كالمتقدمين عليهم - تؤيِّد الشيعة وتثبت مطلوبهم

ألا ترى أنّ السخاوي الحافظ، أورد حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) في كتابه ( المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة ) وذهب إلى القول بصحّته، واستشهد بكلام الحافظ العلائي في تصحيحه، خلافاً لمن اقتدى به ( الدهلوي ) وذهب إلى بطلانه، فإذا كان السخاوي قد ميَّز الحسان من غيرها - كما يقول هنا - فقد سقط وبَطَل ما ذكر هناك.

وأيضاً، إذا كان السيوطي من نقّاد الحديث، وأنّه قد جمع في ( الدرّ المنثور ) الأحاديث الحسان لغيرها - كما تفيد عبارته هذه -، فإنّ كتابه ( الدرّ المنثور ) يشتمل على كثير من الأحاديث المؤيّدة لمذهب الإماميّة، والمبطلة لمزاعم مخالفيهم، كما لا يخفى على من لاحظ مثلاً ما ذكره السيوطي في الآية:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) والآية:( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) وفي تفسير سورة البراءة وغيرها

وأمّا ابن الجوزي، فالسبب في جعله من نقّاد الحديث والمميّزين لحقّه من باطله، هو - والعياذ بالله إبطاله لكثيرٍ من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والتي أوردها هذا الرجل في ( الموضوعات ) مثل: حديث الطير، وحديث أنا مدينة العلم

لكن ( الدهلوي ) لن يتحقّق غرضه من نقل آراء ابن الجوزي في مناقب

٢٨١

الإمام مع وصفه بما وصفه، لثبوت صحّة الحديثين المذكورين وغيرهما، بتصريح كبار أئمّة أهل السنّة على ذلك، ولأنّ كبار علماء القوم في علم الحديث ينصّون على اشتمال كتاب ( الموضوعات لابن الجوزي ) على الصحاح والحسان من الأحاديث، بل قيل باشتمال الكتاب المذكور على ستمائة حديث غير موضوع، ومنها أحاديث أخرجها الشيخان وغيرهما من أرباب الصحاح والمسانيد والسنن

ومن هنا ترى المحققين من أهل السنّة، لا يعتبرون بكلام ابن الجوزي وبحكمه بالوضع في كثيرٍ على طائفةٍ من الأحاديث

وإذا كان ابن الجوزي من نقّاد الحديث فقد أورد في كتاب ( الموضوعات ) طائفةً كبيرة من مناقب الشّيخين وغيرهما، وصرّح بأنّه قد ترك ذكر أحاديث كثيرة شائعة على ألسنة العوام وهي من الموضوعات، وأنّ من الأحاديث التي أدرجها في كتابه المذكور هو: « ما صبَّ الله في صدري شيئاً إلّاوصببته في صدر أبي بكر » وحديث: « إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اُتي بجنازة رجلٍ، فلم يصلِّ عليه، فقيل له: يا رسول الله، ما رأيناك تركت الصّلاة على أحدٍ إلّاهذا! قال: إنّه كان يبغض عثمان » وحديث « المنام » الّذي وضعوه على ابن عباس، الّذي جاء فيه عن النبيّ: « إنّ عثمان بن عفان أصبح عروساً في الجنّة وقد دعيت إلى عرسه »

لقد أدرج ابن الجوزي الناقد للحديث - كما ذكر ( الدهلوي ) هنا - هذه الأحاديث، في كتابه في ( الموضوعات )، لكنّ ( الدهلوي ) تمسّك بهذه الأباطيل والموضوعات في كتابه ( التحفة ) في مقابلة الشّيعة!!

هذا، والجدير بالذكر أنّ ( الدهلوي ) قد أخذ كلّ ما ذكره حول الديلمي والخطيب وابن عساكر وحول السخاوي وابن الجوزي والسّيوطي أخذ

٢٨٢

كلّ ذلك من عبارة والده في ( قرّة العينين )، مع تصرّفات له فيها، كإسقاطه اسم ( الحاكم ) من طبقة البخاري ومسلم والترمذي

ولعلّ السبب في هذا الإسقاط هو تصحيح الحاكم لجملة من الأحاديث، كحديث الولاية، وحديث الطير، وحديث مدينة العلم فلهذا حذف اسمه، لأنّ الإعتراف بكونه من نقدة الحديث - كالبخاري ومسلم - ينافي السّعي في إبطال هذه الأحاديث وردّها!!

قوله:

وقد نصَّ أولئك الجامعون لتلك الأحاديث

أقول:

يعني: إنّه قد صرَّح أولئك الجامعون للأحاديث، في مقدّمات جوامعهم، بأنّهم قد جمعوا تلك الأحاديث في كتبهم، مع اشتمالها على الموضوعات والضعاف أيضاً، حتّى يميّزوا في مرحلةٍ أخرى بعضها عن بعض، ويستخرجوا من بينها الحسان

ودعوى تصريح القوم بذلك، لا أساس لها من الصحّة، بل لم يجرأ عليها الكابلي أيضاً، فهي من خصائص ( الدهلوي ).

ويظهر بطلان هذه الدعوى، من كلام الديلمي في خطبة كتاب ( الفردوس ) فإنّه قد شنّع الديلمي بشدّة على رواة القصص والمكذوبات.

ويظهر بطلانها أيضاً، من احتجاج الكابلي بما أخرجه الديلمي وابن عساكر، في المواضع المختلفة، من كتابه ( الصواقع ).

بل ( الدهلوي ) نفسه، يحتجّ بأحاديث هؤلاء العلماء والحفاظ، إلّا أنّه

٢٨٣

يعمد إلى توهين كتبهم وإسقاط أخبارهم عن الإعتبار، لأجل الردّ على الشيعة، ولغرض التفوّق عليهم في البحث

فإنْ كان ما ذكره ( الدهلوي ) حول هؤلاء صحيحاً، وما قاله عن كتبهم حقّاً، وقع التكاذب والتناقض بينه وبين تلك المدائح الجليلة من كبار العلماء في حقّهم.

وقد تقدّم سابقاً ذكر بعض ما قيل في كتاب الفردوس.

الثناء على مصنّفات الخطيب

وهذه كلمات من أعلام القوم في مدح تصانيف الخطيب البغدادي:

١ - قال ابن جزلة - في كلام له حول علم الحديث: « قد صنّف الناس في ذلك، ومعرفة الرجال، وأكثروا وعنوا وبالغوا، وميّزوا الثقة من المتّهم، والضعيف من القوي، وما أعظم فائدته وأحمد موقعه، لكثرة ما دسَّ الملحدة والزنادقة من الأحاديث الموضوعة البشعة المنفرّة، التي فسد بسماعها خلق من الناس، واعتقد الغر عند سماعها أنّها من قول صاحب الشرع، فهلك وتسرّع إلى الكذب، ومال إلى الخلاعة، نعوذ بالله من الشقاء والبلاء.

وهذا الكتاب الذي صنّفه الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، الحافظ البغداديرحمه‌الله ، وسمّاه ( تاريخ بغداد )، كتاب جليل في هذا العلم، نفيس، قد تعب فيه، وسهر، وأطال الزمان، والله تعالى يثيبه ويحسن إليه، إلّا أنّه طويل، وللإطالة آفات، أقربها الملل، والملل داعية الترك، وقد استخرت الله تعالى واختصرته، »(١) .

٢ - السمعاني: بترجمة الخطيب: « صنّف قريباً من مائة مصنَّف، صارت

____________________

(١). مختار تاريخ بغداد لابن جزلة البغدادي - مخطوط.

٢٨٤

عمدةً لأصحاب الحديث، منها التاريخ الكبير لمدينة السلام بغداد »(١) .

٣ - ابن خلكان: « أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن يحيى بن مهدي ابن ثابت البغدادي، المعروف بالخطيب، صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنّفات المفيدة. كان من الحفّاظ المتقنين والعلماء المتبحّرين.

ولو لم يكن له سوى ( التاريخ ) لكفاه، فإنّه يدلّ على اطّلاع عظيم »(٢) .

٤ - الذهبي: « قال الحافظ ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمّد يحكي عن ابن خيرون أو غيره: إنّ الخطيب ذكر أنّه لمـّا حجّ، شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله تعالى ثلاث حاجات، أن يحدّث ( تاريخ بغداد ) بها، وأنْ يملي الحديث بجامع المنصور، وأنْ يدفن عند بشر الحافي. فقضيت له الثلاث »(٣) .

وقال الذهبي أيضاً: « قال غيث الأرمنازي، قال مكي الرّميلي: كنت نائماً ببغداد، في ربيع الأول سنة ثلاث وستّين وأربعمائة، فرأيت أنّا اجتمعنا عند أبي بكر الخطيب في منزله، لقراءة التأريخ على العادة، فكأنّ الخطيب جالس، والشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي عن يمينه، وعن يمين نصر رجل لم أعرفه، فسألت عنه فقيل: هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، جاء يسمع التاريخ، فقلت في نفسي: هذه جلالة أبي بكر، إذ يحضر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقلت: هذا ردّ لقول من يعيب التاريخ، ويذكر أنّ فيه تحاملاً على أقوام »(٤) .

٥ - السّبكي: « قال أبو الفرج الإسفرائني، وأسنده عنه الحافظ ابن

____________________

(١). الأنساب ٥ / ١٥١.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٩٢.

(٣). سير أعلام النبلاء - ترجمة الخطيب ١٨ / ٢٧٩.

(٤). سير أعلام النبلاء - ترجمة الخطيب ١٨ / ٢٨٨، تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٤٥.

٢٨٥

عساكر في التبيين، قال أبو القاسم مكي بن عبدالسلام المقدسي: كنت نائماً في منزل الشيخ أبي الحسن الزعفراني ببغداد، فرأيت في المنام عند السحر، كأنّا اجتمعنا عند الخطيب لقراءة التاريخ في منزله على العادة، وكأنّ الخطيب جالس وعن يمينه الشيخ نصر المقدسي، وعن يمين الفقيه نصر رجل لا أعرفه، فقلت: من هذا الذي لم تجر عادته بالحضور معنا! فقيل لي: هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، جاء يسمع التاريخ، فقلت في نفسي: هذه جلالة الشيخ أبي بكر، إذ حضر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مجلسه، وقلت في نفسي: هذا أيضاً ردّ لمن يعيب التاريخ، ويذكر أنّ فيه تحاملاً على أقوام، وشغلني التفكّر في هذا عن النهوض إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسؤاله عن أشياء كنت قد قلت في نفسي أسأله عنها، فانتبهت في الحال ولم أُكلّمه صلّى الله عليه وسلّم»(١) .

٦ - الذهبي: « أنشدني أبو الحسين الحافظ، أنشدنا جعفر بن منير، أنشدنا السّلفي لنفسه:

تصانيف ابن ثابت الخطيب

ألذّ من الصبا الغضّ الرطيب

تراها إذ رواها من حواها

رياضاً للفتى اليقظ اللبيب

ويأخذ حسن ما قد ضاع منها

بقلب الحافظ الفطن الأريب

وأيّة راحة ونعيم عيش

يوازي كتبها بل أيّ طيب

رواها السّمعاني في تاريخه عن يحيى بن سعدون عن السّلفي »(٢) .

والعجيب، أنّ ( الدهلوي ) نفسه يكثر من الثناء على ( تاريخ بغداد ) وغيره من مصنّفات الخطيب، فقد ذكر في ( بستان المحدثين ): « أنّ مصنّفات الخطيب

____________________

(١). طبقات الشافعية ٤ / ٣٤.

(٢). سير أعلام النبلاء - ترجمة الخطيب ١٨ / ٢٩٢.

٢٨٦

تزيد على ستّين كتاباً، منها تاريخ بغداد والكفاية وغير ذلك من التصانيف المفيدة التي هي بضاعة المحدثين وعروتهم في فنهم » ثمّ أورد أشعار الحافظ أبي طاهر السّلفي المذكورة، وذكر شرب الخطيب من ماء زمزم، والمنام الذي تقدّم عن الذهبي وغيره

الثناء على مصنّفات ابن عساكر

وأمّا تصانيف الحافظ ابن عساكر:

١ - فقد قال ابن خلكان: « وصنّف التصانيف المفيدة، وخرّج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث، محفوظاً في الجمع والتاليف، صنّف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلّدة، أتى فيه بالعجائب، وهو على نسق تاريخ بغداد. قال شيخنا الحافظ العلاّمة أبو محمّد عبدالعظيم المنذري حافظ مصر أدام الله به النفع - وقد جرى ذكر هذا التاريخ، وأخرج لي منه مجلّداً، وطال الحديث في أمره واستعظامه - ما أظنّ هذا الرجل إلّا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلّا فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان فيه مثل هذا الكتاب بعد الإشتغال والتنبّه. ولقد قال الحق، ومن وقف عليه عرف حقيقة هذا القول، ومتى يتّسع للإنسان الوقت حتّى يضع مثله!

وهذا الذي ظهر له هو الذي أختاره، وما صحّ له إلّا بعد مسوّدات لا يكاد ينضبط حصرها، وله غيره تواليف حسنة وأجزاء ممتعة »(١) .

٢ - اليافعي: « وقال بعض العلماء بالحديث والتاريخ: ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله، وبلغ فيه إلى الذروة العليا، ومن تصفّح تاريخه علم منزلة

____________________

(١). وفيات الأعيان ٣ / ٣٠٩.

٢٨٧

الرجل في الحفظ. قلت: بل من تأمّل تصانيفه ومن حيث الجملة، علم مكانه في الحفظ والضبط للعلم والإطلاع وجودة الفهم والبلاغة والتحقيق والإتساع في العلوم، وفضائل تحتها من المنافع والمحاسن كلّ طائل »(١) .

٣ - السبكي: « له تاريخ الشام في ثمانين مجلّدة وأكثر، أبان فيه عمّا لم يكتمه غيره وإنّما عجز عنه، ومن طالع هذا الكتاب عرف إلى أيّ مرتبة وصل هذا الإمام، واستقلّ الثريا وما رضي بدر التمام، وله: الأطراف، وتبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبو الحسن الأشعري، وعدّة تصانيف وتخاريج، وفوائد ما الحفّاظ إليها إلّا محاويج، ومجالس أملاها من صدره يخرّ لها البخاري ويسلم بمسلم ولا يرتدا، أو يعمل في الرحلة إليها هزّل المهاري »(٢) .

قوله:

فمع العلم بواقع حال تلك الكتب كما صرّح به أصحابها، كيف يجوز الإحتجاج بتلك الأحاديث.

أقول:

لم نقف على كلامٍ لأصحاب تلك الكتب يفيد ما نسب إليها، ولا على كلامٍ لغير أصحابها يتضمّن تلك النسبة بل وجدناهم - على العكس ممّا زعم ( الدّهلوي ) - يمدحون ( الفردوس ) و ( تاريخ بغداد ) و ( تاريخ دمشق )، كما وجدناهم يستدلّون بأخبار هذه الكتب ويعتمدون عليها، بل وجدنا ( الدهلوي ) نفسه يثني على كتب الخطيب في ( بستان المحدثين ) ويستدل بروايات الديلمي وابن عساكر في كتابه ( التحفة ).

____________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٣٩٣.

(٢). طبقات الشافعية ٧ / ٢٥١.

٢٨٨

فلماذا لا يجوز للشيعة الإحتجاج بأحاديث هؤلاء الأعاظم، من حفاظ أهل السنّة؟

قوله:

ولهذا، فقد نقل صاحب جامع الأصول أنّ الخطيب قد روى أحاديث الشيعة عن الشريف المرتضى

أقول:

أمّا أوّلاً: فإنّه لم يذكر الموضع الذي نقل عنه هذا الكلام لكي نراجعه.

وأمّا ثانياً: مجرّد رواية الخطيب لأحاديث الشيعة عن السيّد المرتضى، لا يوجب القدح في كتابه ( تاريخ بغداد ) وغيره، لجواز أنّه قد كتب أحاديث الشيعة في بياض يخصّها، ولم يدرجها في كتاب ( تاريخ بغداد ) المقبول لدى أساطين العلماء، فلا مانع من الإحتجاج بروايات التاريخ ونحوه من الكتب السائرة، كما اتّفق ( للدهلوي ) في الباب الحادي عشر من كتابه، تقليداً للكابلي.

وأمّا ثالثاً: إنّ ما ذكره يدلُّ على جلالة قدر السيّد المرتضىرحمه‌الله .

وبذلك أيضاً يظهر ما في تهجين ( الدهلوي ) للسيّد المذكور في باب النبوّة من كتابه ( التحفة).

قوله:

وعلى الجملة، فإنّ هذا الحديث ليس من تلك الأحاديث أيضاً، فإنّه لا وجود له في شيء من كتب أهل السنّة، ولو بطريقٍ ضعيف.

٢٨٩

أقول:

لقد كرّر ( الدهلوي ) هذه المزعمة المكذوبة مرةً أخرى سبحانك هذا بهتان عظيم لكنّك قد عرفت وجود هذا الحديث الشريف في:

كتاب السنّة. لابن شاهين البغدادي.

وتاريخ نيسابور. للحاكم النيسابوري.

والإبانة. لابن بطة العكبري.

وفضائل الصحابة. لأبي نعيم الأصبهاني.

وفضائل الصحابة. لأبي بكر البيهقي.

ومناقب علي بن أبي طالب. لابن المغازلي الواسطي.

وفردوس الأخبار. لشيرويه بن شهردار الديلمي.

وزين الفتى في تفسير سورة هل أتى. للعاصمي.

والخصائص العلوية. لأبي الفتح النطنزي.

ومسند الفردوس. لشهردار بن شيرويه الديلمي.

وكتاب مناقب علي بن أبي طالب. للخطيب الخوارزمي.

ومعجم الأدباء. لياقوت الحموي.

ووسيلة المتعبّدين. لملّا عمر.

ومطالب السئول. لابن طلحة النّصيبي.

وكفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب. للكنجي.

والرياض النضرة. وذخائر العقبى. لمحبّ الدين الطبري.

والمودّة في القربى. للسيّد علي الهمداني.

وتوضيح الدلائل. للسيّد شهاب الدين أحمد.

٢٩٠

وهداية السعداء. لشهاب الدين الهندي.

والفصول المهمّة. لابن الصبّاغ المالكي.

والفواتح - شرح ديوان أمير المؤمنين. للحسين الميبدي.

ونزهة المجالس. للصفوري.

والإكتفاء. لإبراهيم الوصابي اليمني.

والأربعين. لجمال الدين المحدّث الشيرازي.

ووسيلة المآل. لأحمد بن الفضل المكي.

وسير الأقطاب. للشيخ الله ديا.

ومفتاح النجا. لميرزا محمّد البدخشاني.

ومعارج العلى. لمحمّد صدر العالم.

والروضة النديّة. لمحمّد بن إسماعيل اليماني.

وغيرها من كتب أهل السنّة.

فما هذا الجحود والإنكار؟

ولماذا لا يحتفل هذا الرّجل بمؤاخذة المطّلعين على كتب الأخبار؟

لقد ظهر وجود هذا الحديث الشريف في كتب أهل السنّة ظهور الشّمس في رابعة النهار، فلا أثر لإنكار المنكرين وجحد الجاحدين.

والحمد لله ربّ العالمين.

٢٩١

٢٩٢

دلالة

حديث التشبيه

٢٩٣

٢٩٤

قد عرفت أنّ هذا الحديث من أخبار أهل السنّة في طائفةٍ من مصادرهم المعتبرة، وأنّ مناقشات ( الدّهلوي ) حول سنده والكتب التي أخرجته لا أساس لها من الصحّة

ثمّ شرع في المناقشة في دلالة الحديث، وسيتّضح للقارئ الكريم سقوط جميع مناقشاته في هذه الناحية كذلك:

قوله:

الثاني: إنّ ما ذكر محض تشبيه لبعض صفات الأمير ببعض صفات أولئك الأنبياء.

من وجوه دلالة الحديث على المساواة

أقول:

إنّ نفي دلالة هذا الحديث الشريف على مساواة أمير المؤمنينعليه‌السلام للأنبياء الكرام المذكورين في الصفات المذكورة في الحديث، وحمل الحديث على مجرَّد التشبيه بين الطرفين مكابرة واضحة لكلّ عارفٍ بأساليب الكلام ولمزيد البيان والوضوح نذكر الوجوه الآتية:

١ - إفادة هذا التركيب للعينيّة

إنَّ أصل هذا التركيب - أعني: من أراد أنْ ينظر يفيد عينيّة ما يراد

٢٩٥

النظر إليه لما أمر بالنظر إليه، فهو مثل: من أراد أنْ ينظر إلى أفضل رجلٍ في البلد فلينظر إلى فلان، ولا ريب أنّه لا مساغ للتشبيه في مثل هذا الكلام، بأنْ يكون المراد: إنّ من أمر بالنظر إليه مشابه للأفضل من في البلد، وليس الأفضل حقيقةً.

إنّه لا مساغ لأنْ يراد ذلك، أو يدّعي كونه المراد، في مثل الكلام المذكور، بل المراد كون هذا الشخص هو الأفضل حقيقةً.

إلّا أنّه لمـّا كانت العينيّة في الحديث الشريف متعذّرة، فلا مناص من حمله على أقرب الاُمور أي العينيّة، وهو المساواة، فيكون المعنى: من أراد أنْ ينظر إلى آدم ويلحظ علمه فلينظر إلى علي بن أبي طالب، فإنّه الّذي يماثله ويساويه في العلم، بمعنى أنّ جميع العلوم الحاصلة لآدمعليه‌السلام حاصلة لعليعليه‌السلام .

وهكذا في باقي الصفات المذكورة في الحديث.

فظهر، أنّ المراد هو المساواة، وإلّا لسقط الكلام النبوي عن البلاغة اللائقة به.

ويشهد بما ذكرنا: ما جاء في كلام المحبّي بترجمة عيسى بن محمّد المغربي صاحب ( مقاليد الأسانيد ) حيث قال: « وكان للناس فيه اعتقاد عظيم، حتّى أنّ العارف بالله السيّد محمّد بن باعلوي كان يقول في شأنه: إنّه زرّوق زمانه. وكان السيّد عمر باعلوي يقول: من أراد أن ينظر إلى شخصٍ لا يشك في ولايته فلينظر إليه. وكفى بذلك فخراً له، ومن يشهد له خزيمة »(١) .

فإنّ ظاهر كلام باعلوي في حقّ عيسى المغربي هو ما ذكرناه، إذ لو كان مفاده التشبيه فقط - نظير تشبيه الحصى باللؤلؤ مثلاً - لما دلّ على الولاية الثابتة

____________________

(١). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ٢٤٠.

٢٩٦

القطعيّة للمغربي، ولم يكن لقول المحبّي: « وكفى بذلك فخراً له ومن شهد له خزيمة » وجه أصلاً.

٢ - المتبادر من التشبيه هو المساواة

إنّ المتبادر من التشبيه في قولك: زيد كعمرو في العلم أو الحسن أو المال هو المساواة بينهما في تلك الاُمور، ولا يشك في ذلك إلّا المنكر للواضحات، الدافع للبديهيّات فلو فرضنا تقدير حرف التشبيه في هذا الحديث الشريف - دون لفظ « مساوٍ » - لأفاد المساواة كذلك، بحكم التبادر المذكور، بلا صارف ومانع عنه.

ويوضّح هذا التبادر: صحّة سلب التشبيه في صورة عدم المساواة بين الطرفين، فإذا لم يكن زيد مساوياً لعمرو في الحسن مثلاً، صحّ أن يقال: زيد ليس كعمرو في الحسن، ولو لم يكن التشبيه دليلاً على المساواة، لما صحّ سلب التشبيه في حال عدم المساواة.

وأيضاً: ترى العلماء يقولون في بحوثهم حول الصلاة والصيام والحج والزكاة ونحو ذلك يقولون: كذا في الآية الكريمة، وكذا في الحديث الشريف فإنْ احتجّوا بحديثٍ من الأحاديث قالوا: كذا ذكره مسلم، وكذا أخرجه البخاري وإذا دار بحثهم حول بعض الفروع الفقهيّة قالوا: كذا قال الشّافعي، أو كذا قال أبو حنيفة وهكذا ما لا يحصى كثرةً

ولا ريب في أنّهم يريدون التساوي والمساواة، وهو المتبادر منه إلى ذهن السامعين، فلولا المطابقة التامّة لعرّض القائل نفسه للمؤاخذة والإعتراض الشّديد.

فظهر ضرورة حمل التشبيه على المساواة في أمثال هذه العبارات

٢٩٧

هكذا المشابهة بين الإمامعليه‌السلام والأنبياء، في الصفات المذكورة في الحديث الشريف فإنّه يجب حملها على المطابقة التامّة، والمماثلة الكاملة، والمساواة الدّقيقة ولا يجوز غير ذلك أبداً.

أفضلية نبيّنا من سائر الأنبياء في القرآن

ولقد استدل كبار العلماء بالآية الآمرة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإقتداء بهدى الأنبياء، على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين فكذلك هذا الحديث الدالّ على وجود صفات الأنبياءعليهم‌السلام في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإنّه يدلّ على أفضليّته منهم، وإذا ثبتت أفضليّتهعليه‌السلام من الأنبياء الكرام، فما ظنّك بثبوت أفضليّته من الثلاثة الحائزين لصفات تتحيّر فيها الأفهام!!

ولنذكر أوّلاً الآية الكريمة، ثمّ نتبعها بكلمات بعض المفسّرين في بيان وجه الإستدلال بها على ما أشرنا إليه، فالآية هي:

( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّاً هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ *وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلًّاً فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ *وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ *ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ *أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ *أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا

٢٩٨

أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ) (١) .

* قال الرازي بتفسير( فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) :

« في الآية مسائل: المسألة الأولى - لا شبهة في أنّ قوله( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ ) هم الذين تقدّم ذكرهم من الأنبياء، ولا شك في أنّ قوله( فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) أمر لمحمّد عليه الصلاة والسّلام. وإنّما الكلام في تعيين الشيء الّذي أمر الله محمّداً أن يقتدي فيه بهم.

فمن الناس من قال: المراد إنّه يقتدي بهم في الأمر الذي أجمعوا عليه، وهو القول بالتوحيد والتنزيه عن كلّ ما لا يليق به في الذات والصّفات والأفعال وسائر العقليّات. وقال آخرون: المراد الإقتداء بهم في شرائعهم، إلّا ما خصّه الدليل، وبهذا التقدير كانت هذه الآية دليلاً على أنّ شرع من قبلنا يلزمنا. وقال آخرون: إنّه تعالى إنّما ذكر الأنبياء في الآية المتقدمة، ليبيّن أنّهم كانوا محترزين عن الشرك، مجاهدين بإبطاله، بدليل أنّه ختم الآية بقوله:( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) ثمّ أكّد إصرارهم على التوحيد وإنكارهم للشرك بقوله:( فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ ) ثمّ قال في هذه الآية:( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ ) أي هداهم إلى إبطال الشرك وإثبات التوحيد، وتحمّل سفاهات الجهال في هذا الباب. وقال آخرون: اللفظ مطلق، فهو محمول على الكلّ إلّا ما خصّه الدليل المنفصل.

قال القاضي: يبعد حمل الآية على أمر الرسول بمتابعة الأنبياءعليهم‌السلام المتقدمين في شرائعهم لوجوه:

أحدها - إنّ شرائعهم مختلفة متناقضة، فلا يصح مع تناقضها أنْ يكون مأموراً بالإقتداء بهم في تلك الأحكام المتناقضة.

____________________

(١). سورة الأنعام، الآيات ٨٣ - ٩٠.

٢٩٩

وثانيها: إنّ الهدى عبارة عن الدليل، دون نفس العمل، وإذا ثبت هذا فنقول: دليل إثبات شرعهم كان مخصوصاً بتلك الأوقات، لا في غير تلك الأوقات، فكان الإقتداء بهم في ذلك الهدى هو أن يعلم بوجوب تلك الأفعال في تلك الأوقات فقط، وكيف يستدل بذلك على اتباعهم في شرائعهم في كلّ الأوقات؟

وثالثها: إنّ كونه عليه الصلاة والسلام متّبعاً لهم في شرائعهم، يوجب أنْ يكون منصبه أقل من منصبهم، وذلك باطل بالاجماع.

فثبت بهذه الوجوه أنّه لا يمكن حمل هذه الآية على وجوب الإقتداء بهم في شرائعهم.

والجواب عن الثالث: إنّه تعالى أمر الرسول بالإقتداء بجميعهم في جميع الصفات الحميدة والأخلاق الشريفة، وذلك لا يوجب كونه أقل مرتبة منهم، بل يوجب كونه أعلى مرتبةً من الكلِّ، على ما سيجئ تقريره بعد ذلك إن شاء الله تعالى. فثبت بما ذكرنا دلالة هذه الآية على أنّ شرع من قبلنا يلزمنا.

المسألة الثانية: - إحتجّ العلماء بهذه الآية على أنّ رسولنا صلّى الله عليه وسلّم أفضل من جميع الأنبياءعليهم‌السلام ، وتقريره هو:

أنّا بيّنا أنّ خصال الكمال وصفات الشرف كانت متفرقة فيهم بأجمعهم:

فداود وسليمان كانا من أصحاب الشكر على النعمة.

وأيوب كان من أصحاب الصبر على البلاء.

ويوسف كان مستجمعاً لهاتين الحالتين.

وموسىعليه‌السلام كان صاحب الشريعة القوية القاهرة، والمعجزات الظاهرة.

وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس، كانوا أصحاب الزهد.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449