نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206452 / تحميل: 7202
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

  فيبايعونه بين الركن والمقام، فيخرج من مكّة متوجهاً إلى الشام، يَفْرَح به أهل السماء وأهل الأرض، والطير في الهواء والحيتان في البحر ».

المؤلِّف:

تقدّم حديثٌ عن حُذيفة يشبه هذا الحديث في بعض ألفاظه، وذكر فيه ما ليس في هذا الحديث، ولعلّه حديث آخر، أو هو، ولكن ذُكر بالمعنى مع الاختصار، وهو (الحديث 49) من كتاب عِقد الدرر، ليوسف بن يحيى السَلْمي الشافعي. وقد تقدّم الحديث ب نصّه، وقد علّق السيّد على الحديث بعد ذكره، وقال: إنّ الحديث مروي من دون تعيين سنة النداء، ورواية عقد الدرر خالية من تعيين سنة النداء.

20 - وفي ينابيع المودّة (ص469)، قال: أخرج الطبراني مرفوعاً: « يلتفت المهدي وقد نزل عيسى (عليه السلام) كأنّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي: تقدمْ فصلِّ بالناس، فيقول عيسى: إنّما أُقيمت الصلاة لك، فيصلي خلف رجل من وُلْدي » .

المؤلِّف:

في الصواعق المحرقة، لابن حجر (ص101) أخرج الحديث، ولفظه يساوي لفظ ينابيع المودّة، وقال: أخرجه الطبراني مرفوعاً، أخرجه في ينابيع المودّة (ص433) أيضاً، عن حُذيفة ولفظه يساوي ما في (ص 469)، وقال: أخرجه الطبراني وابن حِبّان في صحيحه من حديث عقبة بن عامر في إمامة المهدي ويأتي الحديث في (رقم 28) بلفظ آخر، (ورقم 30) أيضا.

21 - وفي كتاب عِقد الدرر (الحديث 128) من الفصل الثاني (عن حُذيفة) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « إذا ضربت السودان وليث العرب حتى يلحقوا ببطن الأرض أو ببطن الأردن. فبينما هم كذلك إذ خرج السفياني بستين وثلاثمائة راكب، يأتي دمشق فلا يأتي عليهم شهر حتى يبايعه من كلب ثلاثون ألفاً، فيبعث جيشاً إلى العراق فيقتل بالزوراء مائة ألف، ويخرجون إلى الكوفة فينهبونها، فعند ذلك تخرج راية من المشرق ويقودها رجل من تميم، يقال له: شعيب بن صالح، فيستنفذ ما بأيديهم من أسير لأهل

٢١

  الكوفة فيقتلهم، ويخرج جيش آخر من جيوش السفياني إلى الكوفة فينهبونها ثلاثة أيام، ثمّ يسيرون إلى مكّة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله تعالى جبرائيل، فيقول: يا جبرائيل، عذِّبهم. فلا يبقى منهم إلاّ رجلان فيقدمان على السفياني ويخبرانه بخسف الجيش فلا يهوله، ثمّ إنّ رجالاً من قريش، يهربون إلى قسطنطينية فيبعث السفياني إلى عظيم الروم أن ابعث بهم في المجامع فيبعث بهم فيضرب أعناقهم على باب المدينة بدمشق،قال حُذيفة: وإنّ المرأة تدخل في مسجد دمشق - في الثوب الواحد - على مجلس حتى تأتي فُخذ السفياني فتجلس عليه وهو في المحراب قاعد، فيقوم رجل مسلم من المسلمين، فيقول: ويحكم كفرتم بعد إيمانكم، إنّ هذا لا يحلّ، فيقوم فيضرب عنقه في المسجد - يعني مسجد دمشق - ويقتل كل مَن شايعه على ذلك.

  فعند ذلك ينادي منادٍ من السماء: أيّها الناس، إنّ الله عزّ وجل قد قطع عنكم مدّة الجبّارين والمنافقين وأشباههم، وأولاكم خير أمّة محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فالحقوا به بمكّة، فإنّه المهدي واسمه أحمد بن عبد الله، قال حُذيفة: فقام عمران بن حصين، فقال: يا رسول الله، كيف لنا حتى نعرفه؟ قال: هو رجل من وُلْدي، كأنّه من رجال بني إسرائيل، عليه جبّتان قطوانيتان، كأنّ وجهه كوكب درّي في اللون، في خده الأيمن خال أسود، كابن أربعين سنة. فتخرج إليه الأبدال من الشام وأشباههم، ويخرج إليه النجباء من مصر وعصائب أهل المشرق وأشباههم فيأتون مكّة، فيبايعونه بين الركن والمقام. ثمّ يخرج متوجهاً إلى الشام، وجبرائيل على مقدمته وميكائيل على ساقته، فيفرح به أهل السماء وأهل الأرض، والطير والوحوش والحيتان في البحر، وتزيد المياه في دولته وتملأ الأنهار، وتضعف الأرض، ويستخرج الكنوز كله، ويقدم الشام فيذبح السفياني تحت الشجرة التي أغصانها إلى بحيرة طبرية. ويقتل كلب، قال حُذيفة: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): فالخائب مَن خاب يوم كلب ولو بعقال، قال حُذيفة: (قلت) يا رسول الله، كيف يحلّ قتالهم وهم يوحِّدون؟ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): هم يومئذٍ على ردّة،

٢٢

  ويزعمون أنّ الخمر حلال، ولا يصلّون ». أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في سننه.

22 - وفيه أيضاً، في (الحديث 330)، عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: « يملك المهدي تسعة عشر (سنة) وأشهر » .

المؤلِّف:

ثمّ ذكر (الحديث 331) وقال، عن حُذيفة بن اليمان، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي رجل من وُلدي » وذكر الحديث المتقدم، وقال في آخره: « يملك عشرين سنة » . أخرجه الحافظ أبو نعيم في مناقب المهدي، ورواه أبو القاسم الطبراني في معجمه.

23 - وفي تذكرة خواص الأئمّة (ص377، ط / سنة 1369)، أخرج بسنده، عن ابن عمر، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « يخرج في آخر الزمان رجل من وُلْدي، اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراُ، فذلك المهدي » قال: وقد أخرجه أبو داود الزهري عن علي بمعناه، وفيه: « لو لم يبقَ من الدهر إلاّ يوم واحد لبعث الله من أهل بيتي مَن يملأ الأرض عدلاً » .

المؤلِّف:

تقدم حديث نحوه عن عبد الله في (رقم 11)، من أحاديث عِقد الدرر، وأسقط من آخره قوله: « فذلك المهدي » ولعلّ مراده من عبد الله، ابن عمر كما في هذا الخبر.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في سنن أبي داود (ج2، ص422)، وفي الصواعق المحرقة، لابن حجر (ص 98)، وفي نور الأبصار (ص 156 – 157).

24- في أرجح المطالب (ص 378)، للشيخ عبد الله آمرتسري الهندي الحنفي، أخرج بسنده، من مسند الرُوْياني، ومن أبي نعيم، ومن كتاب العُرف الوردي في أخبار المهدي، لجلال الدين السيوطي الشافعي، أنّهم أخرجوا عن حُذيفة، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي رجل من وُلدي، وجهه كالقمر

٢٣

  الدرّي، واللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، على خده الأيمن خال، كأنّه كوكب درّي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، يرضى بخلافته أهل السماء والأرض والطير في الجوّ (السماء) ».

المؤلِّف:

تقدّم أحاديث عديدة عن حُذيفة ولم يكن فيها حديث بهذا اللفظ، ولعلّ الجميع أخرجوه مع الاختصار، والله العالم.

أخرجه في (المصابيح) لأبي محمّد الحسين، وزاد في آخره: « يملك عشرين سنة » ، وفي بقية الألفاظ يساوي لفظه لفظ أرجح المطالب. وقد أخرجه الحافظ أبو نعيم في الأربعين حديثاً، الذي جمعه في أحوال الإمام المهدي، أخرجه السيّد في غاية المرام (ص699) في ضمن حديثين مختصر ومفصّل، ولفظيهما لفظ أرجح المطالب.

25 - ينابيع المودّة (ص490) من الأربعين حديثاً، الذي جمعه أبو نعيم، في أحوال الإمام المهدي، قال: ومنها عن حُذيفة بن اليمّان، قال: خَطَبَنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر ما هو كائن، ثمّ قال: « لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من وِلْدي اسمه اسمي ، فقام سلمان وقال: يا رسول الله، من أي وِلْدك هو؟ قال: من وَلَدي هذا » وضرب بيده على رأس الحسين (عليه السلام).

المؤلِّف:

تقدم نقل الحديث من عقد الدرر في (رقم 9)، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي، وهذا الحديث من كتابه الآخر المسمّى بالأربعين، وقد نقل السيّد هاشم البحراني جميع أحاديث الأربعين في غاية المرام (من ص699)، إلى آخر الكتاب (ص701) وهو (الحديث 78) من أحاديث أحوال الإمام صاحب العصر(عليه السلام).

وأخرج الحديث إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي، في فرائد السمطين (ج2)، في آخر الكتاب وهو (الحديث 16) منه، ولفظه يساوي لفظه في المعنى واللفظ مع اختلاف يسير.

أخرجه في ينابيع المودّة أيضاً في (ص224).

٢٤

26 - ينابيع المودّة (ص 493)، نقلاً من المناقب، وقال: أخرج بسنده، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: « قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : المهدي من وُلْدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وهو أشبه الناس بي خَلْقاً وخُلُقاً، يكون له غيبة وحيرة في الأُمم، حتى تضل الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً » .

المؤلِّف:

أخرج الحمويني الحديث بسلسلة الذهب عن أمير المؤمنين، وفي لفظه أغلاط كثيرة، راجع آخر (ج2) فرائد السمطين.

المؤلِّف:

ثمّ ذكر الحديث بطريق آخر عن الإمام الباقر، وزاد في آخره - بعد قوله كالشهاب الثاقب -: « يأتي بذخيرة الأنبياء (عليهم السلام) ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً » . أخرجه الحمويني في فرائد السمطين آخر (ج2)، بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري، ولفظه يساوي لفظه، غير أنّه قال: « له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، ثمّ يقبل كالشهاب يملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً » .

27- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس في (الفصل 23، ص 163، من الطبع الثالث)، قال: أخرج في كتاب ثواب العمّال بسنده المتصل، عن حُذيفة اليمان، عن جابر الأنصاري، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أنّه كان ذات يوم جالساً بين أصحابه إذ هبط عليه جبرائيل (عليه السلام)، فقال: « السلامُ يُقْرِؤك السلامَ، ويَخصّك بالتحية والإكرام بالسلام، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا أخي جبرائيل، وما السلام؟ قال: هي الخمسة الأنهر سيحون وجيحون، والفراتان (دجلة والفرات) ونيل مصر، وقد جُعِلت هذه الخمسة الأنهر لك ولأهل بيتك وشيعتك، ويقول: وعزتي وجلالي، كلّ مَن شرب منها قطرة واحدة، وقام الخلائق للحساب يوم الحساب لن أُدخل الجنة أحداً إلاّ مَن رضيت عنه وجعلته منه من مائها في حلّ. فعند ذلك تهلّل

٢٥

وجه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال: يا أخي، لِوجه ربي الحمد والشكر، فقال له جبرائيل: أُبَشِّرك يا رسول الله، بالقائم من وُلْدك، لا يظهر حتى يملك الكفار الخمسة الأنهر، فعند ذلك ينصر الله أهل بيتك على أهل الضلال ولم يرفع لهم رايةً أبداً إلى يوم القيامة »، فسجد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شُكراً، وأخبر المسلمين، وقال لهم: « بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ، فسُئل عن ذلك، فقال: هي الخمسة الأنهر التي جعلها الله لنا أهل البيت، وهي: سيحون، وجيحون، والفراتان (دجلة والفرات) ونيل مصر، إذا مَلكت الكفار الخمسة مُلِك الإسلام شرقاً وغرباً. وذلك الوقت ينصر الله أهل بيتي على أهل الضلال، ولم يرفع لهم رايةً أبداً إلى يوم القيامة » .

المؤلِّف:

في الحديث تحريف وتغيير لذلك لا يُعرف المعنى المقصود بوضوح.

  بيان:

في مجمع البحرين في (سيح)، قال: سيحون نهر بالهند، وسيحان غير سيحون، وسيحون دون جيحون، وفيه: أنّ سيحان وجيحان، والفرات ونيل مصر، من أنهار الجنّة، وفي معالم التنزيل أنزلها الله من الجنّة واستودعها الجبال، لقوله تعالى: (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرضِ ) .

وقال في (جوح): جيحون نهر وراء خراسان عند بلخ، يخرج من شرقها من إقليم بناحية من بلاد الترك، ويجري غرباً ويمر ببلاد خراسان، ثمّ يخرج من بلاد خوارزم ويجاوزها حتى يصب في بحره، وفي الحديث: جيحان أحد الأنهر الثمانية التي خرقها جبرائيل بإبهامه، وهو نهر يخرج من حدود الروم ويمتدّ إلى قرب حدود الشام، ثمّ يمرّ بإقليم يسمى سيساً، ثمّ يصب في البحر، وفي الحديث جيحان هو نهر بلخ.

28- في عقد الدرر (الحديث 310)، من (الباب 10) عن حُذيفة بن اليمّان (رضي الله عنه)، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم، كأنما يقطر من شعره الماء، فيقول المَهدي: تقدم صلِّ بالناس،

٢٦

  فيقول عيسى بن مريم: إنّما أُقيمت الصلاة لك، فيصلّي عيسى خلف رجل من وُلدي، فإذا صُليَت قام عيسى فجلس في المقام، فيبايعه الناس »، وذكر الحديث.

أخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب المناقب (يعني مناقب الإمام المهدي - عليه السلام -).

المؤلِّف:

تقدم الحديث في (رقم 20) من كتب عديدة لعلماء أهل السُنّة، وفي لفظه اختصار واختلاف وتحريف.

29 - وفي فرائد السمطين، للحمويني الشافعي (ج2)، آخر الكتاب (الحديث 19)، أخرج بسنده، عن سليمان بن إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العبّاس، قال حدّثني أبي، قال: كُنت يوماً عند الرشيد، فذكر المهدي وما ذُكر مِن عَدْله، وأطنب في ذلك، فقال الرشيد: إنّي أحسبكم أن تحسبونه أبي المهدي. حدّثني أبي عن أبيه عن جده عن ابن عبّاس عن أبيه العبّاس بن عبد المطلب أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « يا عم، يملك من وُلْدي اثنا عشر خليفة، ثمّ يكون أمور كثيرة (كريهة) شديدة عظيمة، ثمّ يخرج المهدي من وُلْدي يُصلح الله أمره في ليلة، فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، ويمكث في الأرض ما شاء الله، ثمّ يخرج الدجّال » .

المؤلِّف:

أخرج السيّد في غاية المرام (ص704)، في (الحديث 164) من أحاديث الإمام المهدي المنتظر، وقال: أخرج الحديث الشيخ عبد الله بن جعفر بن محمّد بن أحمد الدورسي بسنده، عن سليمان بن إسحاق بن علي ابن عبد الله بن العبّاس، قال: حدّثني أبي، قال: كنت يوماً عند الرشيد

وذكر الحديث بألفاظه من غير اختلاف، وقال فيه: « ثمّ يكون أمور كريهة » الحديث، ونقل الحديث من كتاب الرد على الزيّدية للشيخ المذكور.

30 - وفي أربعين الحافظ أبو نعيم، أخرج بِسَنده عن أبي أمامة الباهلي، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « (سيكون) بينكم وبين الروم أربع هدن، الرابعة على يد رجل من أهل هرقل يدوم سبع سنين، فقال رجل من عبد

٢٧

قيس - يُقال المستورد بن عجلان: يا رسول الله، مَن إمام الناس يومئذٍ؟ قال: المهدي من وُلدي، ابن أربعين سنة، كأنّ وجهه كوكب درّيّ، في خده خال أسود، عليه عباءتان قطوانيتان، كأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز، ويفتح مدائن الشرك » .

المؤلِّف:

تقدم الحديث في (رقم 14) مع اختلاف في ألفاظه، نقلاً من كتاب الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي. وأخرجه السيّد في غاية المرام (ص570)، وهو (الحديث 84) الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام) الذي مجموعه (165 حديثاً) أخرجها من طرق علماء أهل السنّة، من كتب متعددة، وقد أخرجنا كثيراً منها في هذا المختصر.

31 - وفي فرائد السمطين - في آخر الجزء الثاني - أخرج بسنده المتصل، عن ابن عبّاس، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « والذي بعثني بالحق بشيراً، لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج وَلدي المهدي »، الحديث.

٢٨

الباب الثاني

بعض الأحاديث المروية في كتب علماء أهل السنّة والأمامية، وفيها قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام): « إنّ المهدي مِنّي أو مِنّا » أو ما يقرب هذا اللفظ.

1 - في الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي الشافعي (ج، 9244)، قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي مِنّي، أجْلى الجبهة، أقْنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين » ، ثمّ صحّحه.

المؤلِّف:

أخرجه البغوي في مصابيح السنة (ج2، ص134)، ولفظه ولفظ السيوطي سواء.

بيان:

أجْلى الجبهة أي: ليس في رأسه شعر إلاّ من وسطه، في الفائق: الجلاء ذهاب شعر الرأس إلى نصفه. وقِنى الأنف: طوله ورقة أرنبته، مع حدب في وسطه.

المؤلِّف:

أخرجه أبو داود في سننه (ج2، ص 208) بسنده، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخِدري، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي مِنّي، أجْلى الجبهة » الحديث.

وأخرجه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين (ج4، ص 557، ط / حيدر أباد، سنة 1334) مع اختلاف يسير. وفي نور الأبصار (باب 2، ص 154)، وفي منتخب كنز العمّال (بهامش ج6، ص30)، مسند

٢٩

أحمد بن حنبل أخرجا نحوه، وأخرجه الترمذي والطبراني في معجمه، وأخرجه غيرهم، وأخرجه في أرجح المطالب (ص 378)، وقال: أخرجه الطبراني، وأبو داود، وأبو نعيم والديلمي في الفردوس.

2- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (الباب 198، من فتن نعيم بن حمّاد)، بسنده، عن ياسين بن سيّار، قال: سمعت إبراهيم بن محمّد بن الحنفية، قال: حدّثني أبي، حدّثني علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: « قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : المهدي مِنّا أهل البيت » .

المؤلِّف:

في عِقد الدرر (الباب 3، الحديث 44)، أخرج الحديث عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أنّه قال: «المهدي مِنّا أهل البيت، رجل مِن أمّتي، أشمّ الأنف، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » ، أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي.

3- وفي الملاحم والفتن (الباب 19، من كتاب فتن زكريا)، بسنده، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي مِنّا أهل البيت» ، وفي (الباب 62) أخرج الحديث أيضاً، وفيه زيادة، ويأتي الحديث.

4 - وفي عقد الدرر (الحديث 26، من الباب الأول) عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، قال: « قلت: يا رسول الله، أمِنّا المهدي أو مِن غيرنا؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : بل مِنّا، يختم الله به الدين كما فتحه بنا » وذكر الحديث كاملاً وقال: أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم منهم، أبو القاسم الطبراني، ونعيم الأصبهاني، وأبو عبد الرحمان ابن أبي حاتم، وأبو عبد الله نعيم بن حمّاد، وغيرهم.

المؤلِّف:

أخرجه الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله في الأربعين الذي جمعه في أحوال الإمام المهدي، ولفظه فيه زيادة عمّا في عقد الدرر، وسيمر عليك الحديث (في رقم 27) بلفظه، وفي (رقم 30) الحديث كامل.

٣٠

المؤلِّف:

في البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، لعلي متقي الحنفي (في الباب 1)، قال: أخرج الطبراني في المعجم الأوسط، من طريق عمرو بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، أنّه قال للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « أمِنّا المهدي أمْ مِن غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل مِنّا، يختم الله به كما فتح بنا، وبنا يُستنقذون من الفتنة كما أُنقذوا من الشرك، وبنا يؤلّف بين قلوبهم بعد عداوة بينهم كما ألّف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك » .

وأخرجه جلال الدين في العُرف الوردي (ج2، ص61) بهذا السند عن عمر بن علي، وفي لفظه اختلاف. ويأتي نصّه (في رقم 29).

المؤلِّف:

وفي ينابيع المودّة (ص491)، نقلاً عن أربعين أبي نعيم، قال: ومنها، عن علي، قال، « قلت: يا رسول الله، أمِنّا آل محمّد المهدي أمْ من غيرنا؟ فقال: بل مِنّا، يختم به الدين كما فتح بنا، وبه يُنقذون من الفتن كما أُنقذوا من الشرك بنا، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألّف بينهم بعد عداوة الشرك، إخواناً في دينهم » .

5 - وفي تذكرة الخواص (الباب 6) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة في مدح النبي والأئمّة (عليهم السلام)، وقال في آخره: « فنحن أنوار السماوات والأرض، وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمور، وبِمَهْدِينا تُقطع الحجج، فهو خاتِم الأئمّة ومُنقذ الأمّة، ومنتهى النور، وغامض السرّ، فلْيَهْنَ مَن استمسك بعروتنا، وحُشر على محبتنا » .

6 - وفي فتن ابن طاووس (ص 119، من فتن زكريا) عن محمّد بن الحنيفة، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال: « قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : المهدي مِنّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة » ، وفيه أيضاً بسنده، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أخرج الحديث بنصه، وفي مسند أحمد بن حنبل (ج1، ص84)، أخرج الحديث عن محمّد بن الحنفية، ولفظه يساوي لفظه.

وفي عُرف الوردي (ص 58) أخرج الحديث عن علي، وقال: أخرجه أحمد وابن

٣١

أبي شيبه، وابن ماجه، ونعيم بن حمّاد في الفتن، وأخرجه الكنجي الشافعي في البيان (ص 312)، ولفظه لفظ أحمد. وفي الصواعق المحرقة لابن حَجَر (ص100) أخرج نحوه، ولم يُبَيّن المروي عنه.

  وأخرج الحديث في فرائد السمطين، في آخر الجزء الثاني (الحديث 24)، وأخرج الحديث في كنز العمّال (ج7، ص166)، وفي سنن ابن ماجه (ج2، ص269، باب خروج المهدي من أبواب الفتن)، أخرج بسنده عن أبي داود الخضري، حدّثنا ياسين عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفية عن أبيه علي، قال: « قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) : المهدي مِنّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة » وأخرجه في فيض القدير شرح الجامع الصغير (ج6، ص227).

المؤلِّف:

أخرج علي المتقي الحنفي الحديث في منتخب كنز العمّال (بهامش ج6، ص 30)، عن أحمد وابن ماجه ولفظه عن علي (عليه السلام): « المهدي مِن أهل البيت يصلحه الله في ليلة » . وأخرجه جلال الدين السيوطي في الجامع الصغير في (الحديث 9243) من فيض القدير، وقال: أخرجه أحمد وابن ماجه، عن علي، وقال: الحديث صحيح.

وأخرجه في ينابيع المودّة (ص 488) من فرائد السمطين، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه، وأخرج الحديث في الجامع الصغير للسيوطي (ج2، ص160)، وفي كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير (ص122)، أيضاً في آخر (ج2، الحديث 24).

7- في ينابيع المودّة (ص488)، أخرج بسنده - من فرائد السمطين - عن أبي سعيد رفعه: « المهدي مِنّا أهل البيت، أشمّ الأنف، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » .

المؤلِّف:

تقدم الحديث من طرق عديدة.

8 - في ينابيع المودّة (ص449، و ص491) من الأربعين حديث الذي جمعه نعيم بن حمّاد في المهدي (عليه السلام)، قال: ومنها عن أبي سعيد رفعه، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « مِنّا الذي يُصلّي عيسى بن مريم خلفه » .

المؤلِّف:

أخرج الشيخ عبيد الله الحنفي الحديث في أرجح المطالب

٣٢

(ص 378)، نقلاً من حلية الأولياء لأبي نعيم، ومن العُرف الوردي في أخبار المهدي للسيوطي الشافعي، ولفظه يساوي لفظ ينابيع المودّة، وأمّا لفظ عُرف الوردي في (ص78)، قال: أخرج نعيم بن حمّاد عن عبد الله بن عمرو، قال: « المهدي ينزل عليه عيسى بن مريم ويصلّي خلفه » وفي عِقد الدرر (في الحديث 28، من الباب 1) أخرج حديثاً نحوه، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في مناقب المهدي، وأخرجه في (الحديث 223، من الباب 7)، ولفظه لفظ ينابيع المودّة، وفي (الحديث 311) من عقد الدرر، نحوه عن أبي سعيد الخدري (في الباب 10)، وأخرجه السيّد في غاية المرام (ص701)، وقال: أخرجه أبو نعيم في الأربعين (وهو الحديث 109) عن غاية المرام من الأحاديث التي جمعها في أحوال الإمام المهدي (عليه السلام)، وأخرجه في (ص 704) أيضاً، وقال: أخرجه أبو نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن عن أبي سعيد الخدري، ولفظه يساوي لفظه.

9- في كتاب البيان (الباب 2، ص 312) بسنده عن ياسين بن سيار، وعن إبراهيم بن محمّد بن الحنفية عن أبيه عن علي (عليه السلام)، قال: « قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : المهدي مِنّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة » ، ثمّ قال: هكذا رواه ابن ماجه في سننه، وأخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير. ثمّ قال: انضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض، وإبداع الحفّاظ ذلك في كتبهم يوجب القطع بصحته.

المؤلِّف:

أخرج البغوي الحديث في المصابيح، ولفظه عن علي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: « المهدي مِنّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة » . وأخرجه ابن ماجه في سننه (ص 269)، وأحمد بن حنبل في مسنده (ج1، ص84)، وفي الصواعق المحرقة لابن حَجَر (ص100).

المؤلِّف:

أخرج علي المتقي في كنز العمّال (ج7، ص166)، من مسند أحمد، ومن سنن ابن ماجه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام)،

٣٣

أنّه قال: « قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: المهدي مِن أهل البيت، يصلحه الله في ليلة » (حم، هـ عن علي) وفي ينابيع المودّة (ص432 – ص433)، قال: ولأحمد وابن ماجه وغيرهما عن علي (رضي الله عنه)، رفعه: « المهدي مِنّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة » وقد تقدم الحديث (في رقم 6) من كتب عديدة، غير ما تقدم. وذكره في عقد الدرر في (الحديث 182)، ولفظه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه)، قال: « قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: المهدي مِنّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة واحدة » ، ثمّ قال: أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم، منهم الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، والحافظ أبو عبد الله محمّد بن يزيد بن ماجه القزويني في سننه، والحافظ أبو بكر البيهقي، وأبو عمرو الداني، ونعيم بن حمّاد، وأبو نعيم الأصفهاني، وأبو القاسم الطبراني، وبهذا اللفظ لم يخرجه أحد، وأخرجه جلال الدين في الجامع الصغير. كما ذكره في فيض القدير (ج6، ص327، ط/ م سنة 1357) في (الحديث رقم 9243) من مسند أحمد وسنن ابن ماجه.

10- ينابيع المودّة (ص433، و ص434)، قال: أخرج الطبراني في الأوسط بسنده، عن عباية بن ربعي، عن أبي أيوب الأنصاري قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (رضي الله عنها): « مِنّا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ومِنّا خير الأوصياء وهو بعلكِ، ومِنّا خير الشهداء وهو عمُّ أبيك حمزة، ومِنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء، وهو ابن عمِّ أبيك جعفر، ومِنّا سبطا هذه الأمّة سيدا شباب أهل الجنّة الحسن والحسين وهما ابناكِ، ومِنّا المهدي وهو من ولدك » .

المؤلِّف:

أخرج الحديث في عقد الدرر (باب 1)، وقال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: « نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك حمزة، ومِنّا مََن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك، ومِنّا سِبْطا هذه الأمّة الحسن والحسين وهما ابناك،

٣٤

ومِنّا المهدي » .

أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الصغير في ترجمة أحمد بن محمّد، وأخرجه في كتاب البيان (ص311)، وفي الصواعق المحرقة لابن حجر (ص 100)، وفي ذخائر العقبى (ص44)، ولفظه لفظ عِقد الدرر، وفي فتن ابن طاووس.

11- أرجح المطالب (ص384) عن مكحول عن علي، قال: « قلت: يا رسول الله، أمِنّا المهدي أمْ مِن غيرنا، يا رسول الله؟ قال: بل مِنّا، يختم الله به الدين كما بنا فتح » . أخرجه نعيم بن حمّاد وأبو نعيم والسيوطي في عُرف الوردي ومحمّد بن الصبّان الشافعي في إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار (ص123)، ولفظه: أخرج الطبراني أنّه - صلّى الله عليه وآله وسلّم - قال: « المهدي مِنّا، يختم الدين به كما فتح بنا » .

المؤلِّف:

تقدم حديث فيه مضامين هذا الحديث (في رقم 4)، وفيه زيادة، ومصدره غير ما تقدم وسنده سند آخر، فعليه هو حديث آخر، والله أعلم، وسيمر عليك الحديث مفصّلاً من كتب عديدة راجع (رقم 19، ورقم 20، ورقم 21، ورقم 27)، وفي جميعها الحديث مروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) بألفاظ مختلفة مفصّلة ومختصرة. وقد أخرجه في عِقد الدرر (الحديث 199، من الباب 7)، ولفظه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال: « قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: المهدي مِنّا، يَختم الدين به كما فتح بنا » . أخرجه الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي.

المؤلِّف:

أخرج في عقد الدرر (الحديث 193، من الباب 7) حديثاً فيه بعض ألفاظ الحديث، وفيه زيادة، وهذا نصّه: عن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: « قلت: يا رسول الله، أمِنّا - آلُ محمّد - المهدي أو مِن غيرنا؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : بل مِنّا، يَختم به الدين كما فتحه بنا، وبنا يُنقذون من الفتن كما أُنقذوا من الشرك، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم من بعد عداوة الفتنة إخواناً، كما ألّف الله بين قلوبهم بعد عداوة »، أخرجه

٣٥

جماعة من الحفّاظ في كتبهم منهم أبو نعيم الأصفهاني وأبو القاسم الطبراني، وعبد الرحمان بن أبي حاتم، والإمام أبو عبد الله نعيم ابن حمّاد، وذكره الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسير قوله تعالى: ( حم * عسق ) قال بكر بن عبد الله المزي: (ح) حرب يكون بين الموالي وقريش، فتكون الغلبة لقريش على الموالي، (م) مُلك بني أُميّة، (ع) علوي بني العبّاس، (س) سنا المهدي، (ق) قوة عيسى حين ينزل (من السماء) ليقتل النصارى ويخرّب البِيَع، انتهى بألفاظه. وفي الحديث نقص يظهر ذلك من حديث (رقم 20).

12 - أرجح المطالب (ص 385) من سنن الدارقطني، عن أبي هارون العبدي، قال: أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت له: هل شَهِدت بدراً؟ فقال: نعم، فقلت: ألا تُحَدِثني بشيء مما سمعت من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في علي؟ فقال: يا بُني، أُخبِرك أنّ رسول الله مرض مرضةً نفذ منها، فدخلت عليه فاطمة تعوده - وأنا جالس عن يمين رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - فلمّا رأت ما برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الضعف، خنقتها العبرة حتى بدت دموعها على خديها، فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

« ما يبكيكِ يا فاطمة؟ قالت: أخشى الضيعة بعدك يا رسول الله، فقال: يا فاطمة، إنّ الله تعالى على أهل الأرض اطّلاعة على خلقه فاختار منها أباك، ثمّ اطّلع على أهل الأرض اطّلاعة ثانية فاختار منهم بعْلَكِ، فأوحى الله إليّ فأنكحته منكِ، واتخذته وصيّاً، أما علمتِ أنكِ بكرامة الله إياكِ زوّجك أعلمهم عِلماً، وأكثرهم حِلماً، وأقدمهم سلماً، فضحكت فاطمة واستبشرت »

فأراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يزيدها مزيد الخير كله الذي قسمه الله لمحمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال لها: « يا فاطمة، (إنّ) لِعَليّ ثمانية أضراس - يعني مناقب: إيمان بالله ورسوله، والحكمة، وزوجته، وسبطاه: الحسن والحسين، وأمْرُه بالمعروف ونهْيه عن المنكر. يا فاطمة، نحن أهل البيت أُعطينا ست خصال لم يُعطها أحداً من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت، نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير الأوصياء وهو بَعْلكِ، وشهيدنا خير الشهداء

٣٦

  وهو حمزة عمّ أبيك، ومِنّا سبطا هذه الأمّة وهما ابناكِ، ومِنْا مهدي الأمّة، الذي يصلّي عيسى خلفه،ثمّ ضرب على منكب الحسين، وقال: من هذا مهديّ هذه الأمّة » .

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف الذي أخرجه الشيخ عبيد الله الحنفي، فيه تحريف وأغلاط واضحة، ونحن نقلناه كما كان رعاية للأمانة. وقد أخرجنا الحديث في كتابنا (علي والوصية، ص188) بطرق عديدة، وفي لفظهم اختلاف كثير، وأقرب الألفاظ إلى ما نقلناه لفظ ابن الصبّاغ المالكي (في الفصل 12) من الفصول المهمّة، وقد ذكر لفظ آخر من الحديث في الأحاديث المروية عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، في أنّ المهدي (عليه السلام) من ذريّة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعترته. وحديث آخر من كتاب (فضائل الصحابة) للعلاّمة السمعاني، وفي لفظه زيادات مهمّة (راجع رقم 81) من الأحاديث المروية في أنّه (عليه السلام) من ذريّة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعترته.

وقد أخرج الحديث في (ص395) من أرجح المطالب أيضاً، والحديثين بلفظ واحد، وفي الحديث الثاني أغلاطه أقل، وأخرج الحديث في كتاب البيان (ص 322)، ولفظه يَقْرُب لفظ أرجح المطالب، ثمّ قال: هكذا أخرجه الدارقطني، صاحب الجرح والتعديل. وأخرجه في ينابيع المودّة ص490.

13 - ذخائر العقبى، لمحب الدين الطبري الشافعي (المتوفّى سنة 694)، أخرج بسنده من معجم الطبراني، عن أبي أيوب الأنصاري، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة - رضي الله عنها-: « نبينا خير الأنبياء وهو أبوكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك حمزة، ومِنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء، وهو ابن عمّ أبيك جعفر، ومِنّا سِبطا هذه الأمّة، الحسن والحسين وهما ابناكِ، ومِنّا المهدي » . أخرجه الطبراني في معجمه.

المؤلِّف:

تقدّم الحديث من ينابيع المودّة وغيره، مع اختلاف في بعض ألفاظه والاختلاف من الرواة.

14- في ينابيع المودّة (ص490)، قال: في كتاب فضائل الصحابة

٣٧

لأبي المظفر السمعاني عن أبي سعيد الخدري، قال: دخلت فاطمة على أبيها (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مرضه وبكت وقالت:

« يا أبي، أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا فاطمة، إنّ الله اطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباكِ فبعثه رسولاً، ثمّ اطّلع ثانية فاختار منهم بعلكِ فأمرني أن أزوّجك منه فزوّجتك منه، وهو أعظم المسلمين حِلماً، وأكثرهم عِلماً، وأقدمهم إسلاماً، إنّا أهل بيت أُعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين، نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهم عمّ أبيك، ووصينا خير الأوصياء وهو بَعْلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهم عم أبيك حمزة، ومِنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر، ومِنّا سِبطا هذه الأمّة وهما ابناكِ، ومِنّا مهدي هذه الأمّة » .

قال أبو هارون العبدي: لقيت وهب بن منبّه أيام الموسم فعرضتُ عليه هذا الحديث، فقال: إنّ موسى لمّا فُتنَ قومه واتخذوا العجل إلهاً، فكَبُر على موسى، قال الله: « يا موسى، مَن كان قبلك من الأنبياء افتُتِن قومه، وإنّ أمّة أحمد أيضاً ستصيبهم فتنة عظيمة من بعده، حتى يلعن بعضهم بعضاً، ثمّ يصلح الله أمرهم برجل من ذُريّة أحمد، وهو المهدي ».

ثمّ قال الشيخ سليمان: أخرج الحافظ أبو نعيم فمنها عن علي بن بلال عن أبيه، قال: هذا الحديث المذكور من غير كلام وهب بن منبّه وزاد (فيه): « يا فاطمة، إذا صارت الدنيا هَرجاً ومَرجاً، وصارت الفتن، وانقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيراً، فيبعث الله عند ذلك المهدي من وُلْدك، يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمتُ به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » .

المؤلِّف:

إنّ في هذا الحديث إسقاطاً وتحريفاً، وأمّا حديث علي بن بلال (أو علي بن هلال) فقد أخرجه المحب الطبري في ذخائر العقبى (ص44) ناقصاً، وفي (ص135) مفصّلاً، ونذكره إنشاء الله في الأحاديث التي فيها ذُكر أنّ المهدي (عليه السلام) من وُلْد فاطمة - عليها السلام - في (الباب 5)، وراجع (رقم 15) من هذا الباب.

٣٨

15 - في مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري - المتوفّى سنة 405 - (ج4، ص 557)، أخرج بسنده عن أبي نضرة عن أبي سعيد، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي مِنّا أهل البيت، أشمّ الأنف، أقنى أجلى، يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يعيش هكذا » وبسط يساره وإصبعين من يمينه - المسبّحة والإبهام - وعَقَدَ ثلاثة ، ثمّ قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج السيّد ابن طاووس في الملاحم والفتن (ص89، باب 63) حديث أبي نضرة، نقلاً من فتن السليلي، وفيه اختلاف وزيادة، وهذا نصّه عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « يخرج رجل من عترتي، أجْلى الجبهة، أقْنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، يعيش سبع سنين » .

قال: وسمعت عفّان مرة أخرى يقول: يعيش هكذا وأشار من اليسرى وإصبعين من اليمنى.

المؤلِّف:

تقدّم الحديث في الأحاديث المروية عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وقال فيه: « المهدي رجل من عترتي » . راجع (رقم 7، من الباب 2، والباب 3).

16- في مصابيح السنّة للبغوي (ج2، ص134)، عن أبي سعيد، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي مِنّي، أجْلى الجبهة، أقْنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، يملك سبع سنين » .

المؤلِّف:

أخرج الحديث في سنن أبي داود (ج2، ص 131، و 208، ط / م، سنة 1348)، وزاد في آخره: « يملك سبع سنين » وأخرجه في الفصول المهمّة (في الباب 12)، وقال: رَوى أبو داود والترمذي في سننهما، كل واحد منهما يرفعه إلى أبي سعيد الخدري (رض)، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « المهدي مِنّي، أجْلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً »، وزاد أبو داود: « يَملك سبع سنين »، وقال: حديث ثابت صحيح، ورواه الطبراني في معجمه، وكذلك غيره من أئمّة الحديث وأخرجه في عقد

٣٩

الدرر (في الحديث 44، من الباب الثالث)، ولفظه يساوي لفظ البغوي، وقال: أخرجه أبو داود في سننه، والبيهقي في البعث والنشور، وأخرجه ابن ماجه القزويني في سننه عن أبي سعيد، وأخرجه السيّد في غاية المرام (ص702) من سنن ابن ماجه، وهو (الحديث 131) من الأحاديث التي جمعها في أحوال الإمام المهدي (عليه السلام). وأخرجه الحميدي في الجمع بين الصحاح الستة في آخر الكتاب عن أبي سعيد، ولفظه لفظ أبي داود في سننه.

17- في عُرف الوردي (ج2، ص58)، قال: أخرج أبو نعيم بسنده عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهديّ مِنّا، أجْلى الجبين، أقْنى الأنف » .

المؤلِّف:

أخرج إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي الحديث في فرائد السمطين (ج2) آخر الكتاب في (الحديث 22) عن أبي الصدّيق عن أبي سعيد، ولفظه: « المهدي مِنّا، أجْلى الجبهة، أقنى الأنف » وأخرجه السيّد في غاية المرام (ص699) وهو (الحديث 82) من الأحاديث التي جمعها في أحوال الإمام المهدي المنتظر، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في الأربعين، وأخرجه في فيض القدير (ج6، ص227) في الحديث (رقم 9244)، ولفظه: « المهدي مِنّي، أجْلى الجبهة، أقنى الأنف، أشمّ » . ولفظه لفظ مصابيح السنّة في الحديث السابق (رقم 16).

18- في عُرف الوردي (ص58)، قال: أخرج أبو نعيم عن أبي سعيد عن النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، قال: « المهديّ مِنّا أهل البيت، رجل من أمتي أقنى الأنف، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » .

المؤلِّف:

تقدم الحديث بهذا اللفظ من عقد الدرر (الحديث 44، من الباب الثالث)، وأخرجه إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي في فرائد السمطين (ج2، الحديث 22، من آخر الكتاب)، ولفظه يساوي لفظ عُرف الوردي، وأخرجه الحافظ أبو نعيم في الأربعين حديث الذي جمعه في

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وإسماعيل كان صاحب الصدق.

ويونس كان صاحب التضرّع.

فثبت أنّه تعالى إنّما ذكر كلّ واحدٍ من هؤلاء الأنبياء، لأنّ الغالب عليه كان خصلة معيّنة من خصال المدح والشرف.

ثمّ إنّه تعالى لمـّا ذكر الكلّ، أمر محمّداً عليه الصّلاة والسّلام بأنْ يقتدي بهم بأسرهم، فكان التقدير كأنَّه تعالى أمر محمّداً صلّى الله عليه وسلّم أنْ يجمع من خصال العبوديّة والطاعة كلّ الصّفات التي كانت متفرّقة فيهم بأجمعهم.

ولمـّا أمره الله تعالى بذلك امتنع أنْ يقال أنّه قصّر في تحصيلها، فثبت أنّه حصّلها.

ومتى كان الأمر كذلك ثبت أنّه اجتمع فيه من خصال الخير ما كان متفرّقاً فيهم بأسرهم.

ومتى كان الأمر كذلك، وجب أن يقال: إنّه أفضل منهم بكليّتهم. والله أعلم »(١) .

أقول:

وبنفس هذا التقرير الّذي ذكره العلماء، للإحتجاج بالآية الكريمة على أفضليّة نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سائر الأنبياء نحتجّ بحديث التشبيه على أفضليّة سيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام من الأنبياء، فلا يبقى أيّ ريبٍ في دلالة حديث التشبيه على مذهب الشيعة.

بل الأمر هنا أوضح من هناك، لأنّه إذا كان الأمر بالإقتداء بهدى الأنبياء السابقينعليهم‌السلام دالّاً على أفضليّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ

____________________

(١). تفسير الرازي ١٣ / ٦٩ - ٧١.

٣٠١

إثبات صفات الأنبياء السابقين لأمير المؤمنينعليه‌السلام - الأمر الّذي يدلّ على الحديث بصراحة - يدلّ على أفضليّة الإمامعليه‌السلام منهم، بالأولويّة.

على أنّ الإحتجاج بالآية، كان يتوقّف على مقدّمات، أحدها: إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا اُمر بالإقتداء، امتنع أن يقال إنّه ترك الإقتداء. والثاني: إنّ المراد من هدى الأنبياء السابقين هو جميع الخصال الخاصّة بكلّ واحدٍ منهم. والثالث: إنّ الإقتداء لا يمنع كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من الأنبياء السابقين.

أمّا في حديث: من أراد أنْ ينظر إلى آدم فلا حاجة إلى شيء من المقدّمات، بل إنّ الحديث يثبت صفات الأنبياء السابقين للإمام بلا مقدّمة، إذ ليس فيه أمر بالإقتداء حتّى يحتاج إلى مقدّمة أنّه قد أطاع هذا الأمر قطعاً، وقد ذكر في الحديث صفات الأنبياء بصراحةٍ وهي - في بعض الألفاظ - « العلم، والحلم، والعبادة، والتقوى، والبطش » وليس فيه لفظ « الهدى » حتّى يحتاج إلى مقدّمة يذكر فيها أنّ المراد من الهدى هو الصّفات كما أنّه لا حاجة هنا إلى القول بأنّ الإقتداء لا ينافي الأفضليّة، إذ لا أمر بالإقتداء هنا.

فظهر، أنّ دلالة هذا الحديث على مساواة صفات الإمامعليه‌السلام لصفات الأنبياء السابقينعليه‌السلام ، أوضح من دلالة الأمر بالإقتداء على ذلك.

وقد ذكر النيسابوري أيضاً الإحتجاج المذكور بالآية على أفضلية نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكر أقوال العلماء في تفسير « الهدى » ثمّ كلام القاضي وما قيل في الجواب عن الوجوه التي ذكرها القاضي، فصرّح:

« بأنّه يلزم أن يكون منصبه أجلا من منصبهم، لأنّه أمر باستجماع خصال الكمال وصفات الشرف التي كانت متفرقة فيهم، كالشكر في داود

٣٠٢

وسليمان، والصبر في أيوب، والزهد في زكريا ويحيى وعيسى، والصّدق في إسماعيل، والتضرّع في يونس، والمعجزات الباهرة في موسى وهارون. ولهذا قال: لو كان موسى حيّاً لما وسعه إلّا اتّباعي»(١) .

* وقال الخطيب الشربيني بعد ذكر الإحتجاج:

« فثبت بهذا البيان أنّه صلّى الله عليه وسلّم أفضل الأنبياء، لما اجتمع فيه من الخصال التي كانت متفرقة في جميعهم »(٢) .

٣ - الإستدلال على ضوء كلام الفخر الرازي

وإذا كان الأمر بالإقتداء دالّاً على وجود جميع صفات الأنبياء السابقين في وجود نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ يكون دالّاً على أفضليّته منهم من جهة كونه جامعاً بوحده لتلك الصّفات المتفرقة بينهم فلا أقل من دلالة حديث التشبيه على أفضليّة الإمامعليه‌السلام منهم بهذا البيان، فيكون الحديث دالّاً على الأفضليّة بنفس المقدّمات التي ذكرت في الإحتجاج بالآية على الأفضلية، بعد التنزّل عمّا أثبتناه في الوجه السابق من الإستدلال بلا توقفٍ على المقدّمات.

فيكون الحاصل حينئذٍ دلالة حديث التشبيه على أفضليّة الإمامعليه‌السلام من الأنبياء السابقين، لاستجماعه ما تفرّق فيهم من الخصال، وإذا كان أفضل من الأنبياء الخمسة المذكورين، ثبت أفضليته من جميع الأنبياء - سوى خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بالإجماع المركّب.

بل لقد جاء في بعض ألفاظ حديث التشبيه ثبوت صفات يعقوب و

____________________

(١). تفسير النيسابوري - هامش الطبري ٧ / ١٨٥.

(٢). السراج المنير ١ / ٤٣٥.

٣٠٣

يوسف وأيّوب ويونسعليهم‌السلام ، وهيبة إسرافيل، ورتبة ميكائيل، وجلالة جبرائيل لسيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٤ - في علي تسعون خِصلة لم تجمع في غيره

وروى السيّد علي الهمداني - من مشايخ والد ( الدهلوي ) - في كتابه الّذي عدّه رشيد الدّين الدهلوي في كتب أهل السنّة المؤلَّفة في مناقب أهل البيت عليهم الصّلاة والسّلام:

« عن جابر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى إسرافيل في هيبته، وإلى ميكائيل في رتبته، وإلى جبرئيل في جلالته، وإلى آدم في علمه، وإلى نوح في حسنه، وإلى إبراهيم في خلّته، وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى موسى في مناجاته، وإلى أيّوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في سنته، وإلى يونس في ورعه، وإلى محمّد في جسمه وخلقه، فلينظر إلى علي. فإنّ فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء، جمعها الله فيه ولم تجمع في أحد غيره.

وعدَّد جميع ذلك في جواهر الأخبار »(١) .

أقول:

وليس هذا الحديث مجرّد تشبيه، بل هو جارٍ مجرى الحقيقة، واستجماعه لتلك الصفات، مع عدم اجتماعها في أحدٍ غيره، نصٌّ في الأفضليّة.

____________________

(١). مودّة القربى، ينابيع المودّة ٢ / ٣٠٦ الطبعة المحقّقة.

٣٠٤

٥ - دلالة الحديث في كلام إبن روزبهان

وقد صرّح المتعصّب العنيد الفضل ابن روزبهان بدلالة حديث التشبيه على الأفضليّة، فدلالته على مذهب الإماميّة تامة عنده، إلّا أنّه يردّه بالرمي بالوضع وهذا نصّ كلامه:

« وأثر الوضع على هذا الحديث ظاهر، ولا شكّ أنّه منكر، مع ما نسب إلى البيهقي، لأنّهم يوهم أنّ عليّ بن أبي طالب أفضل من هؤلاء الأنبياء، وهذا باطل، فإنّ غير النبي لا يكون أفضل من النبيّ.

وأمّا أنّه موهم لهذا المعنى، لأنّه جمع فيه من الفضائل ما تفرّق في الأنبياء، والجامع للفضائل أفضل ممّن تفرّق فيهم الفضائل.

وأمثال هذا من موضوعات الغلاة »(١) .

أقول:

اُنظر إلى تعصّب هؤلاء القوم، فمنهم من يعترف بدلالة الحديث على مذهب الشيعة، فيردّه بالوضع والبطلان، كابن روزبهان، ومنهم من ينكر دلالته، كالكابلي و ( الدهلوي )، فهم يتكاذبون فيما بينهم، إلّا أنّ غرضهم إسقاط الحديث عن الصلاحيّة لاحتجاج الشيعة به على مذهبهم الحقّ، وإنْ لزم ما لزم

وأمّا إبطال ابن روزبهان أفضليّة الإمامعليه‌السلام من هؤلاء الأنبياء، من جهة أنّه ليس بنبيّ، وغير النّبيّ لا يكون أفضل من النبي فيبطله آية المباهلة والأحاديث الواردة في ذيلها، وكذا غيرها من الأحاديث الصّريحة في

____________________

(١). إبطال الباطل. انظر: دلائل الصدق ٢ / ٥١٨.

٣٠٥

أنّ عليّاً نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما ورد في توسّل آدمعليه‌السلام به(١) وأنّ الأنبياء بعثوا على ولايته(٢) وحديث « خلقت أنا وعلي من نور واحدٍ قبل أنْ يخلق آدم »(٣) ، وغير هذه الأحاديث.

فظهر دلالة هذا الحديث على الأفضليّة، فيتمّ احتجاج الشيعة به، ويسقط مناقشة ( الدهلوي).

٦ - بيان محمّد بن إسماعيل الأمير لحديث التشبيه

وللعلّامة النحرير محمّد بن إسماعيل الأمير بيانٌ لطيف، وتقرير متين، لحديث التشبيه، يتّضح به طريق احتجاج الشيعة، ويتأيّد به أسلوب استدلالهم، وهذا نصُّ عبارته:

« فائدة - قد شبّههعليه‌السلام بخمسة من الأنبياء، كما قال المحب الطبريرحمه‌الله ما لفظه: ذكر تشبيه عليرضي‌الله‌عنه بخمسةٍ من الأنبياء: عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أنْ ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى

____________________

(١). اُنظر ما رووا بتفسير قوله تعالى:( فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَات ) الدرّ المنثور ١ / ٦٠.

(٢). انظر ما رووه بتفسير قوله تعالى:( واسأَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ٢ / ٩٧ وسنفصل الكلام فيه في الجزء اللاحق من كتابنا.

(٣). انظر الجزء الخامس من كتابنا.

٣٠٦

يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه الملّا في سيرته. انتهى.

قلت: فقد شبّهه صلّى الله عليه وسلّم بهؤلاء الخمسة الرسل، في اكتسابه للخصال الشريفة من خصالهم.

فمن آدم أبي البشر العلم، فإنّ الله تعالى خصّه بأنّه علّمه الأسماء كلّها، ثمّ أبان فضله بذلك ونوّه بعلمه، حيث عرض على الملائكة أسماء المسمّيات، وطلب منهم تعالى إنباءهم بأسمائها فعجزوا، وطلب من آدمعليه‌السلام إنبائهم، فأنبأهمعليه‌السلام بها. فهذه فضيلة من أشرف فضائل آدمعليه‌السلام التي شرف بها بين الملأ الأعلى.

وشبّهه بنوحٍعليه‌السلام في فهمه، لأنّه أمره الله تعالى بصنعة الفلك، وفيها من دقائق الإحكام والإتقان ما لا تحصره الأقلام، ولا يدركه الأفهام، وكانت لم تعرف، ولا اهتدى إليها فكر قبل ذلك، وكان فيها ما كان من الإتقان، واليوت التي جوّفها له ولمن معه، والأنعام والوحوش والسباع، واختلافها طولاً وعرضاً، فإنّها كجؤجؤ الطائر، وقد جعل الله الحمل فيها من آياته، حيث قال:( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) وعدّ الإمتنان بها في الذكر في عدّةٍ من الآيات، وناهيك أنّه قرن إجراءه تعالى لها مع خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار، فالمراد فهمه ما ألهمه من صنعتها، ولذلك جعل صنعتها مقيَّدة( بِأَعْيُنِنا ) في قوله:( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا ) وقوله في الحديث « في حكمه » أي في حكمه الناشي عن حكمه وقوته وصحّته، ويحتمل أن يكون المراد فهمه العام في صنعة الفلك وغيره، ممّا فهمه عن الله تعالى وأمره.

وشبّهه بالخليل في حلمه، وهو من أشرف الصفات، ولذلك قيل: مانعت

٣٠٧

الله الأنبياء بأقلّ ما نعتهم بالحلم، وذلك لعزّة وجوده، ولقد نعت الله به إبراهيمعليه‌السلام بقوله تعالى:( إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) ( إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) ومن مجادلته عن لوط فقال:( إِنَّ فِيها لُوطاً ) في عدة من الآيات. ومن حلمهعليه‌السلام الّذي تخفّ عنه رواسي الجبال: امتثاله لأمر الله تعالى بذبح ولدهعليهما‌السلام ، وإضجاعه، وكتفه له، وإمرار المدية على حلقه، لولا منع الله لها أن تقطع، فلهذا وصفه الله ووصف ولده بالحلم.

وشبّهه صلّى الله عليه وسلّم بيحيى بن زكرياعليهما‌السلام في زهده، ويحيىعليه‌السلام هو علم الزهادة في أبناء آدم، من تأخّر منهم ومن تقدّم، وقد ملئت الكتب باليسير من صفات زهده.

وشبّهه صلّى الله عليه وسلّم بكليم الله في بطشه، وكان موسى شديد البطش، وناهيك أنّه ذكر القبطي فقضى عليه، وأراد البطش بالآخر، وهو في بلد فرعون، وتحت يده بنو إسرائيل أرقّاء في يد فرعون، وكان القبط أهل الصولة والشوكة والدولة.

وشبّهه في الحديث الآخر بيوسف في جماله، ويوسف في جماله شمس لا يزيدها الوصف إلّا خفاءً، فهي أظهر من أنْ تظهر. وقد سبق صفة أمير المؤمنين: وإنّ عنقه كأنّه إبريق فضة، وإنّه كان أغيد، وغير ذلك من الصفات الحسنة.

إذا عرفت هذا، فهذه شرائف الصفات: الحلم، والعلم، والفهم، والزهادة، والبطش، والحسن.

ثمّ إنّه حاز أكمل كلّ واحدة مها، فإنّ علم الرسل أكمل العلوم، وحلمهم أكمل الحلم، وفهمهم أتمّ فهم، وزهادتهم أبلغ زهادة، وبطشهم أقوى بطش.

فناهيك من رجل كمّله الله بهذه الصفات، وأخبر نبيّه صلّى الله عليه

٣٠٨

وسلّم أنّه حازها، وشابه أكمل من اتّصف بها، وإنّ من أراد أن ينظر من كان متّصفاً بها من أولئك الرسل الأعلّين، ويشاهده كأنّه حي، نظر إلى هذا المتّصف بها، لذلك قيل:

يدلّ لمعنى واحد كلّ فاخر

وقد جمع الرحمن فيك المعاليا

ولو أردنا سرد ما فاض عن الوصي من ثمرات هذه الصّفات، وما انفجر عنه من بحور هذه الكلمات، لخرجنا عن قصدنا من بيان معنى الأبيات، والإختصار له في هذه الكلمات، ويأتي في غضون صفاته ما يدلّ على كمالاته، وقد شبَّه صلّى الله عليه وسلّم بعضاً من الصحابة ببعضٍ من الرسل في بعض الصفات، ولم يجمع لاحدٍ خمسة من الأنبياء ولا ثلاثة، ولا جاء في حقّ أحدٍ بهذه العبارة، أعني: من أراد أن ينظر الخ، الدالة على كمال تمكّن تلك الصفة في وصيّه » انتهى(١) .

أقول:

هذا كلام هذا المحقق الكبير في معنى هذا الحديث الشّهير، وقد أحسن في البيان وأجمل في التقرير، وبما ذكره يتّضح وجه احتجاج الشيعة، ويظهر مدى تعصّب ( الدهلوي ) الذي زعم أنّ مفاد الحديث هو التشبيه المحض، كتشبيه التراب والحصى بالدّر والياقوت، وأمثال ذلك من التشبيهات الإدعائيّة، والتمثيلات الإغراقيّة.

هذا، ولا تغفل عن كلمات ابن طلحة، والكنجي، وشهاب الدين أحمد، في بيان معنى حديث التشبيه، فإنّها تفيد ما تذهب إليه الإماميّة كعبارة محمّد ابن إسماعيل المزبورة

____________________

(١). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية.

٣٠٩

٧ - إعتراف أبي بكر بدلالة الحديث

فإنْ لم يقبل الخصم شيئاً من الوجوه المذكورة، فقد اشتمل بعض ألفاظ الحديث على اعتراف أبي بكر بدلالة حديث التشبيه على مساواة الإمام أمير المؤمنين مع هؤلاء الأنبياءعليهم‌السلام في الصّفات، وأفضليّته منهم ففي كتاب المناقب للخوارزمي:

« أخبرني شهردار هذا إجازةً، قال: أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبدالله ابن عبدوس الهمداني إجازةً، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمّد بن طاهر الجعفري بإصبهان، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الإصبهاني، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن الحسين السّلوي، قال: حدّثني سويد بن مسعر بن يحيى بن حجاج النهدي حدّثنا أبي، حدّثنا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور صاحب راية علي، قال:

بلغنا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان في جمع من أصحابه فقال:

اُريكم آدم في علمه، ونوحاً في فهمه، وإبراهيم في حكمته.

فلم يكن بأسرع من أنْ طلع علي.

فقال أبو بكر: يا رسول الله، أقست رجلاً بثلاثة من الرسل! بخ بخ لهذا الرجل، من هو يا رسول الله؟

قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ألا تعرفه يا أبا بكر؟!

قال: الله ورسوله أعلم.

قال: أبو الحسن علي بن أبي طالب.

قال أبو بكر: بخ بخ لك يا أبا الحسن. وأين مثلك يا أبا الحسن! »(١) .

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ٤٤ - ٤٥.

٣١٠

وفي ( توضيح الدلائل ): « عن الحارث الأعور صاحب راية أمير المؤمنين كرّم الله وجهه قال: بلغنا أنّ النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله وبارك وسلّم كان في جمع من الصحابة، فقال:

أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه، وإبراهيم في حلمه.

فلم يكن بأسرع من أنْ طلع علي كرّم الله تعالى وجهه.

قال أبو بكررضي‌الله‌عنه : يا رسول الله: قست رجلاً بثلاثةٍ من الرسل، بخ بخ لهذا، من هو يا رسول الله؟!

قال النبي صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: يا أبا بكر، ألا تعرفه؟

قال: الله ورسوله أعلم.

قال صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: أبو الحسن علي بن أبي طالب.

قال أبو بكررضي‌الله‌عنه : بخ بخ لك يا أبا الحسن.

ورواه الصالحاني، وفي إسناده أبو سليمان الحافظ »(١) .

ففي هذا الحديث: إعتراف صريح من أبي بكر بأنّ حديث التشبيه يدلُّ على المساواة بين الإمامعليه‌السلام وهؤلاء الأنبياءعليهم‌السلام ، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قرّر ما ذكره أبو بكر، وتقريره حجّة.

وإنّما قلنا بأنّ أبا بكر فهم المساواة من الحديث، لأنّه قال للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « قست رجلاً بثلاثةٍ من الرسل » ومعنى « قست »: أي: « ساويت » لأنّ قياس أحدٍ بغيره هو بمعنى: التسوية بين الشخصين:

قال الشريف الجرجاني: « القياس في اللغة عبارة عن التقدير، يقال:

____________________

(١). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

٣١١

قست النعل بالنّعل، إذا قدّرته وسوّيته، وهو عبارة عن ردّ الشيء إلى نظيره »(١) .

وقال الجوهري: « قست الشيء بغيره وعلى غيره، أقيس قيساً وقياساً، فانقاس، إذا قدّرته على مثاله. وفيه لغة اُخرى: قسته أقوسه قوساً وقياساً، ولا يقال: أقسته، والمقدار مقياس، وقايست بين الأمرين مقايسةً وقياساً، ويقال أيضاً: قايست فلاناً إذا جاريته في القياس، وهو كقياس الشيء بغيره، أي: يقيسه بغيره، ويقتاس بأبيه اقتياساً، أي: يسلك سبيله ويقتدى به »(٢) .

وفي ( الصحاح ) أيضاً: « قست الشيء بالشيء: قدّرته على مثاله »(٣) .

وفي ( القاموس ): « قاسه بغيره وعليه، يقيسه قيساً وقياساً واقتاسه، قدّره على مثاله، فانقاس، والمقدار: المقياس »(٤) .

وقال ابن الأثير: « منه حديث أبي الدرداء: خير نسائكم التي تدخل قيساً وتخرج ميساً. يريد: أنّها إذا مشت قاست بعض خطاها ببعض، فلم تفعل فعل الخرقاء ولم تبطئ، ولكنّها تمشي مشياً وسطاً معتدلاً، فكان خطاها متساوية »(٥) .

فالعجب من ( الدهلوي ) كيف يحمل الحديث على التشبيه؟ وهل هذا إلّا ردّ على أبي بكر وتسفيه؟ بل لقد سفّه بصراحةٍ - كما سيأتي من كلامه - كلّ من فهم المساواة من هذا الحديث فهذا تسفيه صريح لأبي بكر.

كما أنّ ( للدهلوي ) في الباب الحادي عشر من كتابه ( التحفة ) كلاماً مفاده إخراج أبي بكر من الصّبيان المميّزين، ودخلوه في غير المميّزين

____________________

(١). التعريفات: ٧٨.

(٢). الصّحاح: قوس.

(٣). الصّحاح: قيس.

(٤). القاموس: قيس.

(٥). النهاية: قيس.

٣١٢

وأنت تعلم عدم أهليّة من كان في « كمال السّفاهة » ومن « الصبيان غير المميزين » للخلافة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ لا خلاف ولا ريب بين المسلمين في اشتراط العقل والبلوغ في الخليفة

وهذا إشكال قويّ لا مفرّ ( للدهلوي ) وأنصاره منه.

ثمّ إنّ قول أبي بكر « من مثلك يا أبا الحسن! » ظاهر في أنّه قد جعل هذه المساواة في الحديث دليلاً على نفي مماثلة أحدٍ مع الإمامعليه‌السلام ، وهذا دليل آخر على الأفضلية، لا سيّما بالنظر إلى تقرير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتوهّم عدم دلالة المساواة على الأفضليّة باطل جدّاً.

٨ - ابن تيميّة: الأشبه بالنبيّ أفضل وهو يخلفه

قال المتعصّب العنيد ابن تيميّة: « إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أفضل الخلق، وكلّ من كان به أشبه فهو أفضل ممّن لم يكن كذلك، والخلافة كانت خلافة نبوة، لم يكن ملكاً، فمن خلف النبيّ وقام مقام النبيّ كان أشبه به، ومن كان أشبه بالنبي كان أفضل، فمن يخلفه أشبه من عن غيره، والأشبه به أفضل، فالذي يخلفه أفضل »(١) .

فنقول: إنّ قوله: « من كان أشبه بالنّبي كان أفضل » كبرى مقبولة مسلّمة، إذ لا ريب ولا كلام، في أنّ النبيّ أفضل الخلق، والأشبه بالأفضل هو الأفضل وحديث التّشبيه يعيّن المصداق الحقيقي لتلك الواقعيّة المسلّمة، فأمير المؤمنينعليه‌السلام أشبه الخلق بالأنبياء السّابقين الذين لا ريب أيضاً في أفضليّتهم من الثلاثة، وكلّ من كان أشبه بهم فهو أفضل، فأمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل من الثلاثة وغيرهم.

____________________

(١). منهاج السنّة ٨ / ٢٢٨.

٣١٣

وأيضاً: ظاهر قوله: « فمن خلف النبي » هو أنّ إبن تيميّة يستدلّ بخلافة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقيام مقامه، على أنّ من قام مقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أشبه به، فهو الأفضل من غيره، لكن دلالة حديث: « من أراد أن ينظر » على الأشبهيّة أقوى من دلالة مجرَّد الخلافة غير المنصوصة - مبنيّة على الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً، أمّا أشبهيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فهي ثابتة بالنص الصريح المعتبر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأين الظن غير المعتبر من النصّ الصريح المعتبر؟!

وإنّما قلنا « الخلافة غير المنصوصة » من جهة أنّ ( الدهلوي ) وغيره يعترفون بعدم النصّ على خلافة الثلاثة، ولذا لا يترتّب على إثبات أشبهيّة الخلافة المنصوصة أيُّ أثر وفائدة لهم، فلا ريب في أنّ ابن تيميّة يريد غير المنصوصة.

ومع غض النظر عمّا ذكرنا، نقول: لو ثبت أشبهيّة من قام مقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنصٍّ أو دليلٍ عقلي، فإنّ غاية ذلك التساوي بين تلك الأشبهيّة، مع أشبهيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام الثابتة بالحديث الشريف، وهذه المساواة أيضاً وافية بمطلوب الإماميّة، لأنّ كلّ وجه أفاد أنّ أشبهيّة الخليفة بالنبيّ تستلزم أفضليّة من غيره، فهو نفسه يفيد استلزام أشبهيّة الإمامعليه‌السلام أفضليّته له من جميع أفراد الأمّة بعد النبي.

وأيضاً: إذا كانت أشبهيّة الخليفة شرطاً للخلافة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لزم أنْ يكون الخليفة معصوماً مثل النبي، وبما أنّ الثلاثة فاقدون للعصمة، فإنّ خلافتهم عن النبيّ تكون منتفية.

٣١٤

٩ - تشبيه غير المعصوم بالمعصوم غير جائز

إنّ حديث التشبيه بين الإمامعليه‌السلام والأنبياء، يدلّ على العصمة والأفضليّة، وإلّا لما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك وممّا يوضّح هذا كلام السبكي بترجمة أبي داود، حيث قال:

« قال شيخنا الذهبي: تفقّه أبو داود بأحمد بن حنبل، ولازمهُ مدةً. قال: وكان يشبه به، كما كان أحمد يشبه بشيخه وكيع، وكان وكيع يشبه بشيخه سفيان، وكان سفيان يشبَّه بشيخه منصور، وكان منصور يشبَّه بشيخه إبراهيم، وكان إبراهيم يشبَّه بشيخه علقمة، وكان علقمة يشبَّه بشيخه عبدالله بن مسعودرضي‌الله‌عنه .

قال شيخنا الذهبي: وروى أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة: إنّه كان يشبّه عبدالله بن مسعود بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في هديه ودلّه.

قلت: أمّا أنا فمن ابن مسعود أسكت، ولا أستطيع أنْ اُشبّه أحداً برسول الله في شيء من الأشياء، ولا أستحسنه، ولا أجوّزه، وغاية ما تسمح نفسي به أن أقول: وكان عبدالله يقتدي برسول الله فيما ينتهي إليه قدرته وموهبته من الله عزّجل، لا في كلّ ما كان رسول الله، فإنّ ذلك ليس لابن مسعود، ولا للصدّيق، ولا لمن اتّخذه الله خليلاً، حشرنا الله في زمرتهم »(١) .

فأنت ترى تاج الدّين السبكي لا يجوّز تشبيه ابن مسعود - مع ما يذكرون له من الفضائل والمناقب الكثيرة كما في ( كنز العمّال ) وغيره - ولا أبي بكر بن أبي قحافة، بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلو لم يكن سيّدنا أمير

____________________

(١). طبقات الشافعيّة ٢ / ٢٩٦.

٣١٥

المؤمنين عليه الصلاة والسلام معصوماً وأفضل الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يشبهه النّبيّ بالأنبياء السابقينعليهم‌السلام في تلك الصفات الجليلة، لأنه مع عدم العصمة والأفضليّة غير جائز قطعاً.

فثبت دلالة تشبيه الإمامعليه‌السلام بالأنبياء في صفاتهم على العصمة والأفضليّة.

ومن المعلوم أنّه لو جاز حمل تشبيه الإمامعليه‌السلام بالأنبياءعليهم‌السلام على التشبيهات الشعريّة المجازيّة، لجاز تشبيه ابن مسعود بل الأوّل فكيف الثاني والثالث بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا مضائقة ولا توقّف

وإذا كان السبكي يأبى عن تشبيه ابن مسعود بل الأوّل وغيره بالنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف يجرأ ( الدّهلوي ) على أنْ ينسب التشبيه الفارغ المجازي إلى نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كلامه الثابت صدوره منه؟!

وأيضاً: يفيد كلام السبكي بطلان دعوى مساواة الثلاثة مع الأنبياء في الصفات، إذ لو كان يساوونهم أو يشابهونهم في تلك الصّفات، لما امتنع السبكي من تشبيه الأول منهم بالنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأيضاً: عدم جواز تشبيه الأول بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يوضّح بطلان الأحاديث المزعومة والموضوعة في تشبيه الشيخين بالأنبياء.

وأيضاً: يظهر منه فساد دعوى حمل الشيخين لكمالات الأنبياءعليهم‌السلام .

٣١٦

١٠ - تحريم القاضي وغيره تشبيه بعض أحوال غير النّبي بالنّبي

وحرّم القاضي عياض تشبيه غير النبيّ بالنّبي، بل تشبيه بعض أحوال غير النبيّ بالنبيّ، تحريماً أكيداً، يستوجب الحبس والتعزير، وأقام على ذلك وجوهاً عديدة، واستشهد بشواهد من التأريخ والأثر، ومن أقوال المتقدّمين وأفعالهم، وإليك النصّ الكامل لكلامه في ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى )، في الباب الأول، في بيان ما هو في حقّه سبّ أو نقص من تعريض أو نصّ:

« فصل: الوجه الخامس - أنْ لا يقصد نقصاً، ولا يذكر عيباً، ولا سبّاً، ولكنّه ينزع بذكر بعض أوصافه، ويستشهد ببعض أحوالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجائزة عليه في الدنيا على طريق ضرب المثل والحجة لنفسه أو لغيره، أو على التشبيه به، أو عند هضيمةٍ نالته، أو غضاضة لحقته، ليس على طريق التأسّي وطريق التحقيق، بل على مقصد الترفيع لنفسه أو لغيره، أو سبيل التمثيل وعدم التوقير لنبيّه ( ص )، أو قصد الهزل والتبذير، بقوله كقول القائل: إن قيل فيَّ السوء فقد قيل في النبيّ. أو: إن كذّبت فقد كذّب الأنبياء. أو: إن أذنبت فقد أذنبوا. أو: أنا أسلم من ألسنة الناس ولم تسلم منهم أنبياء الله ورسله. أو: قد صبرت كما صبر أولوا العزم من الرسل، أو كصبر أيّوب، أو قد صبر نبيّ الله من عداه، وحلم على أكثر ممّا صبرت، وكقول المتنبّي:

أنا في اُمّة تداركها الله

غريب كصالح في ثمود

ونحوه من أشعار المتعجرفين في القول، المتساهلين في الكلام، كقول المعرّي:

كنت موسى وافته بنت شعيب

غير أنّ ليس فيكما من فقير

على أنّ آخر البيت شديد عند تدبّره، وداخل في باب الإزراء والتحقير

٣١٧

بموسىعليه‌السلام ، وتفضيل حال غيره عليه، وكذلك قوله:

لولا انقطاع الوحي بعد محمّد

فلنا محمّد من أبيه بديل

هو مثله في الفضل إلّا أنّه

لم يأته برسالةِ جبريل

فصدر البيت الثاني من هذا الفضل شديد، لتشبيهه غير النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في فضله بالنّبيّ، والعجز محتمل لوجهين، أحدهما: إنّ هذه الفضيلة نقصت الممدوح، والآخر استغناؤه عنها، وهذه أشد، ونحو منه قول الآخر:

وإذا ما رفعت راياته

صفّقت بين جناحي جبرين

وقول الآخر من أهل العصر:

فرّ من الخلد واستجار بنا

فصبَّر الله قلب رضوان

وكقول حسّان المصيصي، من شعراء الأندلس، في محمّد بن عبّاد المعروف بالمعتمد ووزيره أبي بكر بن زيدون:

كأنّ أبابكر أبو بكر الرضا

وحسّان حسّان وأنت محمّد

إلى أمثال هذا.

وإنّما أكثرنا بشاهدها مع استثقالنا حكايتها لتعريف أمثلتها، ولتساهل كثيرٍ من الناس في ولوج هذا الباب الضّنك، واستخفافهم فادح هذا العبء، وقلة علمهم بعظيم ما فيه من الوزر، وكلامهم منه بما ليس لهم به علم( وَيَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ ) لا سيّما الشعراء، وأشدّهم فيه تصريحاً، وللسانه تسريحاً إبن هاني الأندلسي، وابن سليمان المعرّي، بل قد خرج كثير من كلامهما عن هذا إلى حدّ الإستخفاف والنقص وصريح الكفر، وقد اجتنبنا عنه.

وغرضنا الآن الكلام في هذا الفصل الذي سقنا أمثلته، فإنّ هذه كلّها وإن

٣١٨

لم يتضمّن شيئاً، ولا أضافت إلى الملائكة والأنبياء نقصاً، ولست أعني عجزي بيتي المعرّي، ولا قصد قائلها إزراء وغضّا، فما وقّر النبوّة، ولا عظّم الرّسالة، ولا عزّر حرمة الإصطفاء، ولا عَزّر حظوة الكرامة، حتّى شبه من شبّه في كرامة نالها، أو معرة قصد الإنتفاء منها، أو ضرب مثل لتطييب مجلسه، أو إغلاء في وصفه لتحسين كلامه، بمن عظّم الله خطره وشرّف قدره، وألزم توقيره وبرّه، ونهى عن جهر القول له ورفع الصوت عنده.

فحقّ هذا - إنْ درأ عنه القتل - الأدب والسّجن، وقوّة تعزيره بحسب شنعة مقاله، ومقتضى قبح ما نطق به، ومألوف عادته لمثله أو ندوره أو قرينة كلامه أو ندمه على ما سبق منه.

ولم يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا ممّن جاء، وقد أنكر الرشيد على أبي نؤاس قوله:

فإن يك يأتي سحر فرعون فيكم

فإنّ عصى موسى بكفّ خصيب

وقال له: يا ابن اللخناء: أنت المستهزئ بعصى موسى، وأمر بإخراجه عن عسكره من ليلته. وذكر اليقتيبي: أنّ ممّا أخذ عليه أيضاً وكفّر فيه أو قارب، قوله في محمّد الأمين، وتشبيهه إيّاه بالنبيّ:

تنازع الأحمدان الشبه فاشتبها

خلقاً وخلقاً كما قدّ الشراكان

وقد أنكروا أيضاً عليه قوله:

كيف لا يدنيك من أمل

من رسول الله من نفره

لأنّ حق الرسول، وموجب تعظيمه وإنافة منزلته، أنْ يضاف إليه ولا يضاف هو لغيره.

فالحكم في أمثال هذا ما بسطناه في طريق الفتيا.

وعلى هذا المنهج جاءت فتيا إمام مذهبنا مالك بن أنسرحمه‌الله

٣١٩

وأصحابه، ففي النوادر من رواية يحيى بن أبي مريم عنه في رجلٍ عيّر رجلاً بالفقر، فقال: تعيّرني بالفقر وقد رعى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الغنم؟ فقال مالك: قد عرّض بذكر النبيّ في غير موضعه، أرى أنْ يؤدّب.

قال: ولا ينبغي لأهل الذنوب إذا عوتبوا أن يقولوا: قد أخطأت الأنبياء قبلنا.

وقال عمر بن عبدالعزيز لرجل: اُنظر لنا كاتباً يكون أبوه عربيّاً. فقال كاتب له: قد كان أبو النبيّ كافراً. فقال: جعلت هذا مثلاً!! فعزله فقال: لا تكتب لي أبداً.

وقد كره سحنون أنْ يصلّى على النبيّ عند التعجب، إلّا على طريق الثواب والإحتساب، توقيراً له وتعظيماً، كما أمرنا الله.

وسئل القابسي عن رجلٍ قال لرجل قبيح الوجه: كأنّه وجه نكير، ولرجل عبوس: كأنّه وجه ملك الغضبان. فقال: أيّ شيء أراد بهذا؟! ونكير أحد فتّاني القبر، وهما ملكان، فما الذي أراد؟! أروعٌ دخل عليه حين رآه من وجهه؟ أم عاف النظر إليه لدمامة خلقه؟ فإن كان هذا فهو شديد، لأنّه جرى مجرى التحقير والتهوين، فهو أشد عقوبةً، وليس فيه تصريح بالسبّ للملك، وإنّما السبّ واقع على المخاطب، وفي الأدب بالسوء والسجن نكال للسفهاء. قال: وأمّا ذكر مالك خازن النار فقد جفا الّذي ذكره عندما أنكر من عبوس الاوخر، إلّا أن يكون المعبّس له يد فيرهب بعبسه، فيشبّهه القائل على طريق الذم لهذا في فعله، ولزومه في صفته صفة مالك الملك المطيع لربّه في فعله، فيقول: كأنّه لله يغضب غضب مالك، فيكون أخف. وما كان ينبغي له التعرض لمثل هذا، ولو كان أثنى على العبوس بعبسه، واحتجّ بصفة مالك كان أشد، ويعاقب العقوبة الشديدة، وليس في هذا ذم للملك، ولو قصد ذمّه لقتل.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449