نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206463 / تحميل: 7203
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

والأشعريّ أيضاً منتسب إليه لأنّه كان تلميذاً للجبائي المنتسب إلى عليّ، وانتساب الشيعة بيّن، والخوارج مع كونهم أبعد النّاس عنه أكابرهم تلامذته، وابن عبّاس رئيس المفسّرين كان تلميذاً له وعلم منه تفسير كثير من المواضع التي تتعلق بعلوم دقيقة مثل الحكمة والحساب والشعر والنّجوم والرّمل وأسرار الغيب، وكان في علم الفقه والفصاحة في الدرجة العليا وعلم النحو منه، وأرشد أبا الأسود الدئلي إليه، وكان عالماً بعلم السلوك وتصفية الباطن الذي لا يعرفه إلّا الأنبياء والأولياء حتّى أخذه جميع المشايخ منه أو من أولاده أو من تلامذتهم، وروي أنّه قال لو كسرت الوسادة ثمّ جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزّبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والله ما من آية اُنزلت في برّ أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار إلّا وأنا أعلم فيمن نزلت وفي أيّ شيء نزلت، وروي أنّه قال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، وقال صلّى الله عليه وسلّم أقضاكم علي، والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم.

وأمّا الزهد، فلما علم منه بالتواتر من ترك اللذّات الدنياويّة والإحتراز عن المحظورات من أوّل العمر إلى آخره مع القدرة، وكان زهّاد الصحابة كأبي ذر وسلمان الفارسي وأبي الدرداء تلامذته.

وأمّا الشجاعة، فغنيّة عن الشرح، حتّى قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لا فتى إلّا عليّ لا سيف إلّا ذو الفقار، وقال صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب لضربة عليّ خير من عبادة الثقلين.

وكذا السخاوة، فإنّه بلغ فيها الدّرجة القصوى حتّى أعطى ثلاثة أقراص ما كان له ولأولاده غيرها عند الإفطار، فأنزل الله تعالى( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) .

٦١

وكان أولاده أفضل أولاد الصحابة كالحسن والحسين، وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هما سيّدا شباب أهل الجنّة، ثمّ أولاد الحسن مثل الحسن المثنّى والحسن المثلّث وعبدالله بن المثنى والنفس الزكيّة، وأولاد الحسين مثل الأئمّة المشهورة وهم إثنا عشر.

وكان أبو حنيفة ومالك رحمهما الله أخذا الفقه من جعفر الصادق والباقون منهما، وكان أبو يزيد البِسطامي من مشايخ الإسلام سقّاء في دار جعفر الصادق، والمعروف الكرخي أسلم على يد عليّ الرّضا وكان بوّاب داره، وأيضاً إجتماع الأكابر من الأمّة وعلمائها على شيعيّته دالّ على أنّه أفضل ولا عبرة بقول العوام.

وأمّا الفضائل النقليّة، فما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

الأولى: خبر الطير، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطّير، فجاء علي وأكل معه.

الثانية: خبر المنزلة، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، وهذا أقوى من قوله في حقّ أبي بكر: والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيّ على أفضل من أبي بكر، لأنّه إنّما يدلّ على أن غيره ليس أفضل منه، لا على أنّه أفضل من غيره.

وأيضاً: يدلّ على أنّ الغير ما كان أفضل منه لا على أنّه ما يكون، فجاز أن لا يكون عند ورود هذا الخبر ويكون بعده.

وأيضاً: خبر المنزلة يدلّ على أن له مرتبة الأنبياء، لقوله صلّى الله عليه وسلّم إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، وخبر أبي بكر إنّما يدلّ على أنّ غيره ممّن هو أدنى من مراتب الأنبياء ليس أفضل منه، لقوله صلّى الله عليه وسلّم بعد النبيّين والمرسلين، فجاز أن يكون عليّ أفضل منه.

٦٢

الثالثة: خبر الراية، روي أنّه صلّى الله عليه وسلّم بعث أبا بكر إلى خيبر فرجع منهزماً، ثمّ بعث عمر فرجع منهزماً، فبات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مغتمّاً، فلمـّا أصبح خرج إلى الناس ومعه الراية وقال: لاُعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّاراً غير فرّار، فتعرّض له المهاجرون والأنصار فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أين عليّ؟ فقيل: إنّه أرمد العينين، فتفل في عينيه ثمّ دفع إليه الراية.

الرابعة: خبر السيادة، قالت عائشة: كنت جالسة عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذ أقبل عليّ فقال: هذا سيّد العرب، فقلت: بأبي أنت واُمّي ألست سيّد العرب؟ فقال: أنا سيّد العالمين وهو سيّد العرب.

الخامسة: خبر المولى، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وروى أحمد والبيهقي في فضائل الصّحابة أنّه قال صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى يوشع في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى وجه علي.

السادسة: روي عن أنس بن مالكرضي‌الله‌عنه ، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ أخي ووزيري وخير من أتركه بعدي يقضي ديني وينجز وعدي علي بن أبي طالب.

السّابعة: روي عن ابن مسعود أنّه قال صلّى الله عليه وسلّم: علي خير البشر من أبى فقد كفر.

الثامنة: روي أنّه قال صلّى الله عليه وسلّم في ذي الثُديَة - كان رجلاً منافقاً - يقتله خير الخلق، وفي رواية خير هذه الأمّة، وكان قاتله علي بن أبي طالب، وقال صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة: إنّ الله تعالى اطلع على أهل الدنيا

٦٣

واختار منهم أباك واتّخذه نبياً ثمّ اطّلع ثانياً فاختار منهم بعلك.

هذا ما قالوا، والحقّ أنّ كلّ واحد من الخلفاء الأربعة، بل جميع الصحابة مكرّم عند الله، موصوف بالفضائل الحميدة، ولا يجوز الطعن فيهم، إذ الطعن فيهم يوجب الكفر.

والصّواب أنّ إمامة كلّ الخلفاء الأربعة حقّ.

في المشكاة: حديث عليّ أنت منّي بمنزلة هارون من موسى متّفق عليه.

في الدرّر:( الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ) قيل: في أبي بكررضي‌الله‌عنه ، وقيل: في أبي الدحداح.

في دستور الحقائق: قالت الشيعة: إذا تعارضا تساقطا.

فإن قيل: علم بهذا الحديث أنّ بعد النّبيّ ليس أحد أفضل من أبي بكر، ولا نفهم من الحديث أنّه أفضل من غيره.

قيل: فهم باللغة أنّ غيره ليس أفضل منه، وعلم بالعرف أنّ أبا بكر أفضل بعد النبيّين على كافّة الناس، وإذا عارض اللغة رجح العرف.

فإن قيل: علم بالحديث أنّ غيره ليس أفضل منه، ولا يفهم أن لا يكون غيره مستوياً به.

قلنا: لفظ أفضل يمنع المماثلة وفضل الغير.

في شرح عقائد النسفي عند قوله أفضل البشر بعد نبيّنا: والأحسن أن يقال بعد الأنبياء، لكنّه أراد البعديّة الزمانيّة، وليس بعد نبيّنا نبيّ، ومع ذلك لا بدّ من تخصيص عيسىعليه‌السلام ، إذ لو أُريد كلّ بشر يوجد بعد نبيّنا انتقض بعيسىعليه‌السلام ، ولو أُريد كلّ بشر يولد بعد نبيّنا لم يفد التفضيل على الصحابة، ولو أُريد كلّ بشر هو موجود على وجه الأرض لم يفد التفضيل على

٦٤

التابعين ومن بعدهم، ولو أُريد كلّ بشر يوجد على الأرض ينتقض بعيسىعليه‌السلام .

وفيه أيضاً: نحن وجدنا دلائل الجانبين متعارضة، ولم نجد هذه المسئلة ممّا يتعلّق به شيء من الأعمال، ولا يكون التوقف فيه مخلّاً بشيء من الواجبات ».

ترجمة أحمد بن حنبل

و « أحمد بن حنبل » أحد أئمّتهم الأربعة المشهورين، وقد أجمعوا على حفظه وثقته وورعه وجلالته وسيادته ولننقل بعض كلماتهم في حقّه:

١ - ابن حبان: « أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبدالله ابن حيان بن عبدالله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

كنيته أبو عبدالله، أصله من مرو، ومولده ببغداد.

يروي عن: ابن عيينة، وهشيم، وإبراهيم بن سعد.

روى عنه أهل العراق والغرباء.

مات سنة ٢٤١.

وكان حافظاً، متقناً، فقيهاً، لازماً للورع الخفي، مواظباً على العبادة الدائمة، به أغاث الله عزّوجلّ أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وذلك أنّه ثبت في المحنة وبذل نفسه لله عزّوجلّ، حتّى ضرب بالسّياط للقتل، وعصمه الله عن الكفر، وجعله علماً يقتدى به وملجأ يلتجأ إليه.

سمعت أحمد بن محمّد بن أحمد السندي يقول: سمعت محمّد بن نضر

٦٥

الفرّاء يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: طلبت الحديث سنة تسع وسبعين وكان ابن ستة عشر سنة »(١) .

٢ - أبو نعيم الإصبهاني: « ومنهم الإمام المبجّل، والهمام المفضّل، أبو عبدالله أحمد بن حنبل. لزم الإقتداء وظفر بالإهتداء، علم الزهاد علم النقاد، امتحن في المحنة صبوراً، واجتبى فكان في النعمة شكوراً، كان للعلم والحلم واعياً وللفهم والفكر راعياً »(٢) .

٣ - ابن ماكولا: « إمام في النقل، وعلم في الزهد والورع، وكان أعلم الناس بمذاهب الصحابة والتابعين، أصله مروزي، وقدمت به أمّه بغداد وهو حمل وولدته بها.

سمع ابن عيينة وابن علية وهشيم بن بشير، وخلقاً كثيراً من الكوفيين والبصريين والحرمين واليمن والشام والجزيرة ».

٤ - النووي: « هو الإمام البارع المجمع على إمامته وجلالته وورعه وزهادته وحفظه ووفور علمه وسيادته.

روينا من طرق عن إبراهيم الحربي قال: رأيت ثلاثة لم ير مثلهم أبداً: أبا عبيد القاسم، ما مثّلته إلّابجبل نفخ فيه الروح. وبشر بن الحارث، ما شبّهته إلّابرجلٍ غمس من قرنه إلى قدمه عقلاً. وأحمد بن حنبل، كأنَّ الله عزّوجلّ جمع له علم الأوّلين من كلّ صنف.

وروينا عن أبي مسهر قال: ما أعلم أحداً يحفظ على هذه الأُمّة أمر دينها إلّا شابّاً بالمشرق. يعني أحمد بن حنبل.

وروينا عن علي بن المديني قال قال لي سيّدي أحمد بن حنبل: لا تحدّث إلّامن كتاب.

____________________

(١). كتاب الثقات ٨ / ١٨.

(٢). حلية الأولياء ٩ / ١٦١.

٦٦

وروينا عن إبراهيم بن جابر قال: كنّا نجالس أحمد فيذكر الحديث ونحفظه ونتقنه، فإذا أردنا أن نكتبه قال: الكتاب أحفظ، فيثب ويجئ بالكتاب.

وروينا عن الهيثم بن جميل قال: وددت أنّه نقص من عمري وزيد في عمر أحمد بن حنبل.

وروينا عن أبي زرعة قال: ما رأيت من المشايخ أحفظ من أحمد بن حنبل، حزرت كتبه اثني عشر حملاً وعدلاً، كلّ ذلك كان يحفظ عن ظهر قلبه.

وذكر ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل أبواباً من مناقب أحمدرحمه‌الله ، فيها جمل من نفائس أحواله، منها: عن عبدالرحمن بن مهدي قال: أحمد أعلم الناس بحديث سفيان الثوري، وعن أبي عبيد قال: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه، وعلي بن المديني وهو أعلمهم به، ويحيى بن معين وهو أكتبهم له، وأبو بكر بن أبي شيبة وهو أحفظهم له.

وسئل أبو حاتم عن أحمد وعلي بن المديني فقال: كانا في الحفظ متقاربين وكان أحمد أفقه.

وقال أبو زرعة: ما رأيت أحداً أجمع من أحمد بن حنبل، وما رأيت أحداً أكمل منه، اجتمع فيه زهد وفقه وفضل وأشياء كثيرة.

وقال قتيبة: أحمد إمام الدنيا.

وعن الهيثم بن جميل قال: إنْ عاش هذا الفتى - يعني أحمد بن حنبل - فسيكون حجة على أهل زمانه.

وقال ابن المديني: ليس في أصحابنا أحفظ من أحمد بن حنبل.

وقال عمرو بن أحمد الناقد: إذا وافقني أحمد على حديث لا أُبالي من خالفني.

٦٧

وقال الشافعي: ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي.

وقال ابن أبي حاتم: كان أحمد بن حنبل بارع الفهم بمعرفة صحيح الحديث وسقيمه.

وقال صالح بن أحمد بن حنبل: قال أبي: حججت خمس حجج ثلاث منها راجلاً، وأنفقت في إحداهنّ ثلاثين درهماً. قال: وما رأيت أبي قط اشترى رماناً ولا سفرجلاً ولا شيئاً من الفاكهة إلّا أنْ يشتري بطّيخة فيأكلّها بخبزٍ، أو عنب أو تمر. قال: وكثيراً ما كان يأتدم بالخل. وقال: وأمسك أبي مكاتبة إسحاق بن راهويه لما أدخل كتابه إلى عبدالله بن طاهر وقرأه. قال: وقال أبي: إذاً لم يكن عندي قال: وربما اشترينا الشيء فنسرّه عنه لئلّا يوبّخنا عليه.

وقال الميموني: ما رأيت مصلّياً قط أحسن صلاة من أحمد بن حنبل ولا اتّباعاً للسنن منه.

وعن الحسين بن الحسن الرازي قال: حضرت بمصر عند بقّال فسألني عن أحمد بن حنبل، فقلت: كتبت عنه، فلم يأخذ ثمن المتاع منّي وقال: لا آخذ ثمناً ممّن يعرف أحمد بن حنبل.

وقال قتيبة وأبو حاتم: إذا رأيت الرجل يحب أحمد فاعلم أنّه صاحب سنّة.

وقال إبراهيم بن الحارث ولد عبادة بن الصامت: قيل لبشر الحافي حين ضرب أحمد بن حنبل في المحنة: لو قمت وتكلّمت كما تكلّم. فقال: لا أقوى عليه، إنّ أحمد قام مقام الأنبياء.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: بلغني أن المتوكّل أمر أن

٦٨

يمسح الموضع الذي وقف الناس فيه للصلاة على أحمد بن حنبل، فبلغ مقامهم ألفي ألف وخمسمائة ألف.

قال: وقال الوركاني: أسلم يوم وفاة أحمد عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس، ووقع المأتم في أربعة أصناف: المسلمين واليهود والنصارى والمجوس.

وأحوال أحمد بن حنبلرحمه‌الله ومناقبه أكثر من أنْ تحصر. وقد صنّف فيها جماعة. ومقصودي في هذا الكتاب الإشارات إلى أطراف المقاصد »(١) .

٥ - ابن خلكان: « كان إمام المحدثين، صنّف كتاب المسند وجمع فيه من الحديث ما لم يتّفق لغيره. وقيل: إنّه كان يحفظ ألف ألف حديث، وكان من أصحاب الإمام الشافعيرضي‌الله‌عنه وخواصّه، ولم يزل مصاحبه إلى أن ارتحل الشافعي إلى مصر، وقال في حقّه: خرجت من بغداد وما خلّفت بها أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل

أخذ عنه الحديث جماعة من الأماثل، منهم: محمّد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري. ولم يكن في آخر عصره مثله في العلم والورع.

وذكر أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه الذي صنّفه في أخبار بشر بن الحارث الحافي رحمه الله في الباب السادس والأربعين ما صورته: حدّث إبراهيم الحربي قال: رأيت بشر بن الحارث الحافي في المنام، كأنّه خارج من باب مسجد الرصافة، وفي كمّه شيء يتحرّك، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وأكرمني، فقلت: ما هذا الذي في كمّك؟ قال: قدم علينا البارحة روح

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١١٠.

٦٩

أحمد ابن حنبل، فنثر عليه الدر والياقوت، فهذا مما التقطته. قلت: فما فعل يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل؟ قال: تركتهما وقد زارا ربّ العالمين، ووضعت لهما الموائد. قلت: فلم لم تأكل معهما أنت؟ قال: قد عرف هوان الطّعام عليّ، فأباحني النظر إلى وجهه الكريم »(١) .

٦ - الذهبي: « أحمد بن حنبل شيخ الإسلام وسيّد المسلمين في عصره، الحافظ الحجة، أبو عبدالله

قال علي بن المديني: إنّ الله أيّد هذا الدين بأبي بكر الصدّيق يوم الردّة وأحمد بن حنبل يوم المحنة.

وقال أبو عبيد: إنتهى العلم إلى أربعة أفقههم أحمد.

وقال ابن معين من طريق إبن عياش عنه: أرادوا أنْ أكون مثل أحمد، والله لا أكون مثله أبداً.

وقال همام السكوني: ما رأى أحمد بن حنبل مثل نفسه.

وقال محمّد بن حماد الظهراني: إني سمعت أبا ثور يقول: أحمد أعلم - أو قال: أفقه - من الثوري.

قلت: سيرة أبي عبدالله قد أفردها البيهقي في مجلّد، وأفردها ابن الجوزي في مجلّد، وأفردها شيخ الإسلام الأنصاري في مجلّد لطيف »(٢) .

٧ - الذهبي: « شيخ الأمّة وعالم أهل العصر، أبو عبدالله أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني المروزي البغدادي، أحد الأعلام

وكان إماماً في الحديث وضروبه، إماماً في الفقه ودقائقه، إماماً في السنّة

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ١٧.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ١٧.

٧٠

وطرائقها، إماماً في الورع وغوامضه، إماماً في الزهد وحقائقه »(١) .

٨ - السبكي: « هو الإمام الجليل أبو عبدالله الشيباني المروزي ثمّ البغدادي، صاحب المذهب، الصابر على المحنة، الناصر للسنّة، شيخ العصابة ومقتدى الطائفة

وقال المزني: أبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم صفين، وأحمد بن حنبل يوم المحنة

وقال عبدالله قال لي أبي: خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع، فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتّى اُخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد حتّى اُخبرك عن الكلام

وعن إسحاق: أحمد حجة الله بين خلقه.

وقال أبو ثور - وقد سئل عن مسألة - قال أبو عبدالله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامنا فيها كذا وكذا.

فهذا يسير من ثناء الأئمّة عليه »(٢) .

٩ - ابن حجر العسقلاني: « أحمد بن حنبل

قال ابن معين: ما رأيت خيراً من أحمد، ما افتخر علينا بالعربية قط.

وقال القطان: ما قدم علينا مثل أحمد.

وقال فيه مرةً: حبر من أحبار هذه الاُمة.

وقال أحمد بن سنان: ما رأيت يزيد بن هارون لأحدٍ أشدّ تعظيماً منه لأحمد بن حنبل.

وقال عبدالرزاق: ما رأيت أفقه منه ولا أورع.

____________________

(١). العبر في خبر من غبر حوادث ٢٤١.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٢٧.

٧١

وقال أبو عاصم : أحمد إمامنا.

وقال عبدالله الحزيبي: كان أفضل أهل زمانه.

وقال العباس العنبري: حجة.

وقال يحيى بن معين: لو جلسنا مجلساً بالثناء عليه ما ذكرنا فضائله بكاملها.

وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث، نزه النفس، فقيه في الحديث، متبع الآثار، صاحب سنةٍ وخير.

وقال أبو ثور: أحمد شيخنا وإمامنا.

وقال حجاج بن الشاعر: ما رأت عيناي روحاً في جسدٍ أفضل من أحمد ابن حنبل.

وقال أحمد الدورقي: من سمعتموه يذكر أحمد بسوءٍ فاتّهموه على الإسلام.

قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: هو إمام وحجة.

وقال النسائي: الثقة المأمون أحد الأئمّة.

وقال ابن ماكولا: كان أعلم الناس بمذاهب الصحابة والتابعين.

وقال الخليلي: كان أفقه أوانه وأورعهم وأكفّهم عن الكلام في المحدّثين إلّا في اضطرار.

وقال ابن حبان في الثقات: كان حافظاً متقناً فقيهاً.

وقال سليمان بن حرب لرجلٍ سأله عن مسألةٍ سل عنها أحمد: فإنّه إمام.

وقال ابن سعد: ثقة ثبت صدوق كثير الحديث »(١) .

____________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ٧٢.

٧٢

١٠ - الخطيب التبريزي: « كان إماماً في الفقه والحديث والزهد والورع والعبادة، وبه عرف الصحيح والسّقيم والمجروح من المعدل وفضائله كثيرة، ومناقبه جمّة، وآثاره في الإسلام مشهورة، ومقاماته في الدنيا مذكورة، انتشر ذكره في الآفاق، وسرى حمده في البلاد.

وهو أحد المجتهدين المعمول بقوله ورأيه ومذهبه في كثير من البلاد.

وقال أبو داود السجستاني: كان مجالسة أحمد بن حنبل مجالسة الآخرة، لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا، وما رأيت ذكر الدنيا قط »(١) .

١١ - الكفوي: « وأحد الأئمّة الأربعة أحمد بن حنبل بن هلال أبو عبدالله الشيباني.

قال المولى الشهير بأبي أربعة شكيري في مناقب الأخيار ونوادر الأخبار عن أحمد بن حنبل أنّه قال: ولدت سنة أربعين وستّين ومائة في ربيع الأوّل، وأوّل سماعي من هشيم سنة تسع وستّين ومائة، وكان ابن المبارك قدم في هذه السنة يعني بغداد، وهي آخر قدمة قدمها، وذهبت إلى مجلسه، فقالوا خرج إلى طرطوس، فتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة. قال ابنه عبدالله بن أحمد بن حنبل: توفي أبيرحمه‌الله يوم الجمعة ضحوة ودفنّاه العصر، لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين ومائتين، وسِنّه سبع وسبعون سنة.

وعن أبي داود السجستاني: لقيت مائتين من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء ممّا يخوف فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلَّم.

قال أبو زرعة: ما رأت عيني مثل أحمد بن حنبل، فقلت له في العلم؟.

____________________

(١). الإكمال في أسماء الرّجال - المطبوع مع المشكاة - ٣ / ٧٩٧.

٧٣

قال: في العلم والزّهد والفقه والمعرفة.

وقال عبدالله: جميع ما حدّث به الشافعي في كتابه وقال حدّثني الفقيه الثقة فهو أبيرحمه‌الله .

وسمعت أبي يقول: استفاد منّا الشافعي ما لم نستفد منه، وكان أحمد أصغر منه بأربع عشرة سنة.

قال: حجّ أبي خمس حجج، ثلاثاً ماشياً وثنتين راكباً، وكان سرق ثيابه فبقي في بيته أيّاماً، فعرض عليه الدنانير والثياب فأبى أن يأخذ، فعرض عليه أن ينسخ شيئاً فنسخ كتاباً بدينار، فاشترى ثوباً فشقّه نصفين فاتَّزر بنصفه وارتدى بنصفه.

وعن المزني أنّه قال: سمعت الشّافعي يقول: ثلاثة من العلماء من عجائب الدنيا، عربي لا يعرب كلمته وهو أبو ثور، وعجميّ لا يخطأ في كلمة وهو حسن ابن محمّد الزّعفراني، وصغير كلّما قال شيئاً صدّقه الكبار وهو أحمد بن حنبل.

ولما ظهر القول بخلق القرآن في أيّام المأمون، وحمل النّاس على القول بخلق القرآن حُمِل إلى المأمون مقيّداً، فمات المأمون قبل وصوله، ولمـّا ولّي الخلافة إبراهيم المعتصم بن هارون الرّشيد طلبه، وكان في سجن المأمون، وكان المأمون لمـّا توفّي عهد إلى أخيه المعتصم بالخلافة، وأوصاه بأن يحمل النّاس على القول بخلق القرآن، فاستمرّ الإمام محبوساً، وروي أنّه مكث في السّجن ثمانية وعشرين شهراً، ولم يزل ذلك يحضر الجماعات، فأحضره المعتصم وعقد له مجلساً للمناظرة فيه إبراهيم بن عبدالرحمن بن إسحاق والقاضي أحمد بن أبي داود وغيرهما، فناظرهم ثلاثة أيّام، ولم يزل معهم في جدال إلى اليوم الرابع، فأمر بضربه، فضرب بالسّياط، ولم يزل على الصبر إلى

٧٤

أن أغمي عليه، ثمّ حمل وصار إلى منزله، ثمّ ولّي الخلافة الواثق فأظهر ما أظهره المأمون والمعتصم، وكان أحمد بن حنبل يحضر الجماعة ويفتي إلى أن مات المعتصم، وفي زمان الواثق صار مختفياً لا يخرج إلى الصّلاة ولا إلى غيرها ولا يفتي، لما قال له الواثق ونبّهه بأن لا تجمّعن إليك أحداً ولا تسكن في بلد أنا فيه، فأقام مختفياً إلى أن مات الواثق، وولّي الخلافة المتوكل، فرفع المحنة، وأمر بإحضار الإمام أحمد بن حنبل فأكرمه وأطلق له مالاً كثيراً، فلم يقبله وفرّقه على الفقراء والمساكين، وأجرى المتوكّل على أهله وولده في كلّ شهر أربعة آلاف درهم، فلم يرض الإمام أحمد بذلك »(١) .

١٢ - المناوي: « حم، لأحمد في مسنده بفتح النون، يقال أسند الكتاب جمع فيه ما أسنده الصحابة، أي رووه بالإسناد كمسند الشهاب ومسند الفردوس، أي إسناد حديثهما، ولم يكتف في الرمز إليه بحرف واحد كما فعل في أولئك، لئلّا يتصحّف بعلامة البخاري، والإمام أحمد هو ابن محمّد بن حنبل، الناصر للسنّة، الصابر على المحنة، الّذي قال فيه الشافعي: ما بقي ببغداد أفقه ولا أزهد منه. وقال إمام الحرمين غسل وجه السنّة من غبار البدعة، وكشف الغمة عن عقيدة الأمّة.

ولد ببغداد سنة أربع وخمسين ومائة، وروى عن الشافعي وابن مهدي وخلق وعنه الشيخان وغيرهما.

ومات سنة إحدى وأربعين ومائتين، وارتجّت الدنيا بموته »(٢) .

١٣ - الزرقاني المالكي: « الإمام أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني، أبو عبدالله، المروزي ثمّ البغدادي، أحد الكبار الأئمّة الحفاظ الطوّافين،

____________________

(١). كتائب أعلام الأخيار - مخطوط.

(٢). فيض القدير - شرح الجامع الصغير ١ / ٢٥.

٧٥

الصّابر على البلوى، الذي مَنَّ الله به على الأمّة، ولولاه لكفر النّاس في المحنة، ذو المناقب الشّهيرة، وحَسْبك قول الشافعي شيخه: خرجت من بغداد فما خلَّفت بها أفقه ولا أزهد ولا أورع ولا أعلم منه.

وقال أبو زرعة الرازي: كان أحمد يحفظ ألف ألف حديث، وقيل: وما يدريك؟ قال: ذاكرته.

ولد سنة أربع وستّين ومائة، ومات سنة إحدى وأربعين ومائتين.

قال ابن خلكان: وحُرِزَ من حضر جنازته من الرجال فكانوا ثمانمائة ألف، ومن النساء ستّون ألفاً، وأسلم يوم موته عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس إنتهى.

وفي تهذيب النووي: أمر المتوكل أن يقاس الموضع الّذي وقف للصّلاة فيه على أحمد، فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة، ووقع المأتم في أربعة أصناف، من المسلمين واليهود والنّصارى والمجوس »(١) .

١٤ - ولي الله الدهلوي: « كان أعظمهم شأناً، وأوسعهم رواية، وأعرفهم للحديث رتبة، وأعمقهم فقهاً: أحمد بن حنبل، ثمّ إسحاق بن راهويه »(٢) .

____________________

(١). شرح المواهب اللدنيّة ١ / ٣١.

(٢). الإنصاف في بيان سبب الإختلاف: ٥٤.

٧٦

(٣)

رواية أبي حاتم الرازي

قال أبو محمّد أحمد بن محمّد العاصميّ: « أخبرنا الحسين بن محمّد البستي، قال: حدّثنا عبدالله بن أبي منصور، قال: حدّثنا محمّد بن بشر، قال: حدّثنا محمّد بن إدريس الحنظلي قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن المثنى الأنصاري، قال: حدّثني حميد، عن أنس، قال:

كنّا في بعض حجرات مكة نتذاكر عليّاً، فدخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: أيّها الناس، من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في شدته، وإلى عيسى في زهادته، وإلى محمّد وبهائه، وإلى جبرئيل وأمانته، وإلى الكوكب الدري، والشمس الضحىّ، والقمر المضيّ، فليتطاول ولينظر إلى هذا الرجل. وأشار إلى علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة أبي حاتم

١ - السمعاني: « الجزّي. منها أبو حاتم محمّد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي. وكان يقول: نحن من أهل إصبهان من قرية جز. قال: وكان أهلها يقدمون علينا حياة أبي، ثمّ انقطعوا عنّا.

وأبو حاتم: كان إماماً، حافظاً فهماً، من مشاهير العلماء، له رحلة إلى الشام ومصر والعراق، روى عنه أبو عمرو بن حكيم، وعالم لا يحصون كثرة.

____________________

(١). زين الفتى بتفسير سورة هل أتى - مخطوط.

٧٧

توفي سنة ٢٧٧ »(١) .

٢ - السمعاني: « وبالري درب مشهور يقال له: درب حنظلة، منها أبو حاتم إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث، وهو من هذا الدرب، وكان من مشاهير العلماء ومن مذكوري العلماء الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة ولقي العلماء روى عنه الأعلام الأئمّة، مثل: يونس بن عبدالأعلى والربيع بن سليمان المصريّان وهما أكبر منه سنّاً وأقدم سماعاً، وأبو زرعة الرازي، والدمشقي، ومحمّد بن عوف الحمصي، وهؤلاء من أقرانه، وعالم لا يحصون.

وذكر أبو حاتم وقال: أوّل سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، لم أزل أحصي حتّى لمـّا زاد على ألف فرسخ تركته.

وقال أبو حاتم: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب عليّ حديثاً غريباً مسنداً صحيحاً لم أسمع به، فله عليّ درهم يتصدّق به، وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الخلق - أبو زرعة فمن دونه - وإنّما كان مرادي أن يلقى عليَّ ما لم أسمع به، ليقولوا هو عند فلان فأذهب فأسمع، وكان مرادي أنْ أستخرج منهم ما ليس عندي. فما تهيّأ لأحدٍ منهم أن يغرب عليَّ حديثاً.

وكان أحمد بن سلمة يقول: ما رأيت بعد إسحاق - يعني ابن راهويه - ومحمّد بن يحيى أحفظ للحديث ولا أعلم بمعانيه من أبي حاتم محمّد بن إدريس.

قال أبو حاتم: قال لي هشام بن عمّار يوماً: أيّ شيء تحفظ من الأذواء؟ فقلت له: ذو الأصابع، وذو الجوشن، وذو الزوائد، وذو اليدين، وذو اللحية الكلابي. وعددت له ستّة، فضحك وقال: حفظنا نحن ثلاثة وزدت أنت ثلاثة.

____________________

(١). الأنساب - الجزي.

٧٨

مات أبو حاتم بالري في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين »(١) .

٣ - ابن الأثير: « وفيها توفي أبو حاتم الرازي، واسمه: محمّد بن إدريس بن المنذر، وهو من أقران البخاري ومسلم »(٢) .

٤ - الذهبي: « أبو حاتم الرازي وابنه، د س ت، محمّد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران. الإمام الحافظ الناقد، شيخ المحدثين، الحنظلي الغطفاني

كان من بحور العلم، طوّف البلاد، وبرع في المتن والإسناد، وجمع وصنّف وجرح وعدّل وصحّح وعلّل وهو من نظراء البخاري سمع

ويتعذّر استقصاء سائر مشايخه، فقد قال الخليلي: قال لي أبو حاتم اللبان الحافظ: قد جمعت من روى عنه أبو حاتم الرازي فبلغوا قريباً من ثلاثة آلاف

حدّث عنه ولده الحافظ الإمام أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي حاتم، ويونس بن عبدالأعلى وخلق كثير.

قال الخطيب: كان أبو حاتم أحد الأئمّة الحفاظ الأثبات.

قال الخليلي: كان أبو حاتم عالماً باختلاف الصحابة وفقه التابعين ومن بعدهم، سمعت جدي وجماعة سمعوا علي بن إبراهيم القطّان يقول: ما رأيت أجمع من أبي حاتم ولا أفضل منه.

علي بن إبراهيم الرازي سمعت الحسن بن الحسين الدارسيتني قال: سمعت أبا حاتم يقول: قال لي أبو زرعة: ما رأيت أحرص على الحديث منك، فقلت له: إنّ عبدالرحمن إبني لحريص، فقال: من أشبه أباه فما ظلم. قال الرقام: فسألت.

____________________

(١). الأنساب - الحنظلي.

(٢). الكامل في التاريخ. حوادث ٢٧٧.

٧٩

عبدالرحمن عن اتفاق كثرة السماع له وسؤالاته لأبيه، فقال: ربما كان يأكل وأقرأ عليه، ويمشي وأقرأ عليه، ويدخل الخلاء وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه.

قال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبدالأعلى يقول: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان، ودعا لهما وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين.

وقال محمّد بن الحسين بن مكرم: سمعت حجاج بن الشاعر - وذكر له أبا زرعة وابن واره وأبا جعفر الدارمي - فقال: ما بالمشرق أنبل من أبي حاتم.

قال الحافظ عبدالرحمن بن خراش: كان أبو حاتم من أهل الأمانة والمعرفة. وقال هبة الله اللالكائي: كان أبو حاتم إماماً حافظاً متقناً.

وذكره اللالكائي في شيوخ البخاري: وقال النسائي: ثقة » إلى أن قال الذهبي بعد حكاية جملة من قضايا أبي حاتم في أسفاره: « إذا وثّق أبو حاتم رجلاً فتمسّك بقوله، فإنّه لا يوثّق إلّارجلاً صحيح الحديث، وإذا ليّن رجلاً أو قال فيه لا يحتج به فتوقف حتّى ترى ما قال غيره فيه، فإنْ وثّقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم فإنّه متعنّت في الرجال، قد قال في طائفة من رجال الصحاح ليس بحجة، ليس بقوي، أو نحو ذلك

مات الحافظ أبو حاتم في شعبان سنة ٢٧٧ »(١) .

٥ - الذهبي: « أبو حاتم الرازي، الإمام الحافظ الكبير محمّد بن إدريس ابن المنذر الحنظلي، أحد الأعلام »(٢) .

٦ - الذهبي: « حافظ المشرق، أبو حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي، في شعبان، وهو في عشر التسعين، وكان بارع الحفظ، واسع الرحلة، من أوعية العلم.

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ١٣٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

المفيد، ومن قلدهما، بل جملة أصحابنا المتقدمين ورؤساء مشايخنا الماضين لم يتعرضوا لذلك، بل أفتوا وصنفوا أن مع اختلاف الجنس يجوز بيع الواحد بالاثنين، وقوله عليه السلام " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " والحنطة والشعير مختلفان صورة وشكلا، ولونا وطعما، وإدراكا وحسا، ثم أطال بما لا يرجع إلى طايل ولا يعود إلى حاصل.

(وصفحة ٢٤٣) " وقال ابن أبي عقيل: لايجوز بيع التمر اليابس بالرطب، ولا الزبيب بالعنب، لان الزبيب والتمر يابسان، والرطب والعنب رطبان، واذا يبسا نقصا، وكذا الفاكهة اليابسة بالفاكهة الرطبة، مثل التمر بالرطب.

وقال ابن الجنيد: لايشترى التمر اليابس بالرطب.

لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك، وهذا في الفاكهة وغيرها من اللحم إذا كان من جنس واحد، وسواء كان جفافه بالنار أو الهواء ".

جواهر الكلام (مجلد ٢٣ صفحة ٣٤٢) (و) أما (في النسيئة) فإن كان كل من العوضين من الاثمان فهو صرف لاتجوز فيه كما تعرفه في محله، وإن كان أحدهما منهما والآخر من العروض فلا خلاف أجده في جواز التماثل والتفاضل بل الاجماع بقسميه عليه، إذ هو إما نسيئة أو سلم، وكل منهما مجمع على جوازه، بل لعله من الضروريات المستغني عن الاستناد إلى إطلاق الادلة ونحوه، وإن لم يكن ذلك بل كان ع رضا بعرض ففيه (تردد) وخلاف فعن ابني أبي عقيل والجنيد والمفيد وسلار وابن البراج عدم الجواز، والمشهور نقلا وتحصيلا بل لعل عليه عامة المتأخرين الجواز، (و) لاريب في أن (الاحوط المنع) وإن كان الاقوى خلافه، لاطلاق الادلة.

(وصفحة ٣٤٥ و ٣٤٦) " بل أبوعلي بن الجنيد من كبار فقهاء أصحابنا ذكر المسألة وحققها وأوضحها في كتابه الاحمدي، وقال لابأس بالتفاضل بين الحنطة والشعير لانهما جنسان مختلفان.

وكذلك ابن أبي عقيل من كبار مصنفي أصحابنا قال وإذا اختلف الجنسان فلا بأس ببيع الواحد بأكثر منه وقد قيل لايجوز بيع الحنطة والشعير إلا مثلا بمثل

٤٢١

سواء، لانهما من جنس واحد، وبذلك جاء‌ت بعض الاخبار، والقول والعمل على الاول، وأطنب في المقال، وكان فيما قال إن أخبار الآحاد لاتوجب علما ولا عملا واستدل أيضا بقوله عليه السلام " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ".

" وابن بابويه قد روى نصوص الاتحاد وظاهره العمل بها.

ومن الغريب أن الفاضل في التحرير قد اغتر بنقله، فقال: قال الشيخ الحنطة والشعير جنس واحد وقال ابن أبي عقيل وباقي علمائنا أنهما جنسان إذ لم نعرف من عنى بالباقي غير ابني الجنيد وإدريس، وقد ظهر لك بحمد الله سقوط القول بالاختلاف المقتضي لجواز التفاضل فيهما والخبر العامي.

بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر كيف شئتم يدا بيد، لاينبغي التعويل عليه خصوصا بعد ما قيل من القصور في دلالته أيضا، نعم صرح غير واحد من الاصحاب باختصاص ذلك في باب الربا وإلا ففي الزكاة وغيرها جنسان، ولذا لم يكمل نصاب أحدهما بالآخر، وقاعدة اشتراط اتحاد الجنس في الربا تخص بالادلة المزبورة، قلت: قد يقال: إن النصوص إنما دلت على أن الشعير من الحنطة لا أنهما الآن حقيقة واحدة.

المكاسب المحرمة

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٤٠) " وقال ابن أبي عقيل: جميع مايحرم بيعه وشراؤه ولبسه عند آل الرسول عليهم السلام بجميع ما ذكرناها، من الاصناف التي يحرم أكلها، من السباع، والطير، والسمك، والثمار، والنبات، والبيض ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ١٨ صفحة ٩٣) " قال في المبسوط " الحيوان الذي هو نجس العين كالكلب والخنزير وما تولد منهما

٤٢٢

وجميع المسوخ، وما تولد من ذلك أو من أحدهما، فلا يجوز بيعه ولا إجازته ولا الانتفاع به، ولا اقتناؤه، بحال، إجماعا، إلا الكلب ".

ثم قال " والظاهر ان غير مأكول اللحم مثل الفهد والنمر والفيل وجوارح الطير مثل الصقور والبزاة والشواهين والعقبان والارانب والثعالب وما أشبه ذلك، فهذا كله يجوز بيعه، وإن كان مما لا ينتفع به فلا يجوز بيعه، بلا خلاف مثل الاسد والذئب ".

وقال ابن أبي عقيل " جميع مايحرم بيعه وشراؤه ولبسه عند آل الرسول عليهم السلام بجميع ما ذكرنا من الاصناف التي يحرم أكلها، من السباع والطير والسمك والثمار والنبات والبيض ".

وقال ابن الجنيد " لا خير فيما عدا الصيود والحارس من الكلاب، وفي سائر المسوخ، واختار في أثمان ما لا يؤكل لحمه من السباع والمسوخ أن لايصرف بائعه ثمنه في مطعم أو مشرب له ولغيره من المسلمين ".

وقال ابن البراج " لايجوز بيع ما كان مسخا من الوحوش.

ويجوز بيع جوارح الطير والسباع من الوحوش ".

وقال ابن إدريس في سرائره بعد نقل عبارة النهاية " قال محمد بن إدريس " قوله عليه الرحمة " والفيلة والذئبة.

فيه كلام.

وذلك ان ما جعل الشارع وسوغ الانتفاع به فلا بأس ببيعه وابتياعه لتلك المنفعة، وإلا يكون قد حلل وأباح وسوغ شيئا غير مقدور عليه، وعظام الفيل لاخلاف في جواز استعمالها مداهن وأمشاطا وغير ذلك، والذئب ليس بنجس السؤر بل هو من جملة السباع، فعلى هذا جلده بعد ذكاته ودباغه طاهر " انتهى.

والظاهر: انه على هذه المقالة نسخ المتأخرون كالفاضلين ومن تأخر عنهما، فإنهم جعلوا مناط الجواز طهارة العين وحصول المنفعة بجلد أو شعر أو ريش أو عظم أو نحو ذلك.

قال في المختلف بعد نقل الاقوال التي قدمنا ذكرها " والاقرب الجواز " لنا: أنه عين طاهرة ينتفع بها، فجاز بيعها.

أما انها عين طاهرة فلانا قد بينا فيما سلف طهارة المسوخ، وأما الانتفاع بها فلانها ينتفع بجلودها وعظامها، وأما جواز بيعها حينئذ فللمقتضي، وهو عموم قوله تعالى: (أحل الله البيع) وزوال المانع.

وهو النجاسة، إلى آخر كلامه زيد مقامه.

وهو المختار الذي تعضده الاخبار الجارية في هذه المضمار، وهي التي عليها الاعتماد في الايراد والاصدار".

٤٢٣

جواهر الكلام (مجلد: ٢٢ صفحة ٣٩) " وأما السباع فظاهر ابن أبي عقيل وسلار أنها كلها لايجوز بيعها وفي النهاية إلا الفهود خاصة، لانها تصلح للصيد، وعن المفيد بعد الحكم بتحريمها قال " والتجارة في الفهود والبزاة وسباع الطير التي يصاد بها حلال، وعن المبسوط والطاهر غير المأكول مثل الفهد والنمر والفيل وجوارح الطير والصقور والبزاة والشواهين والعقبان والارنب والثعلب وما أشبه ذلك فهذا كله يجوز بيعه وإن كان لاينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف ".

٤٢٤

كتاب السلف

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٦٣) " قال الشيخ في النهاية لابأس بابتياع جميع الاشياء حالا وإن لم يكن حاضرا في الحال..

وابن أبي عقيل قال: البيع عند آل الرسول عليهم السلام بيعان، أحدهما بيع شي ء حاضر قائم العين، والآخر بيع شئ غائب موصوف بصفة مضمونة إلى أجل، والحق ماقاله الشيخ..

" مسألة: قال الشيخ في النهاية: لو أخل بالاجل كان البيع غير صحيح، وفي الخلاف: السلم لايكون إلا مؤجلا، ولا يصح أن يكون حالا، وتبعه ابن إدريس، وهو قول ابن أبي عقيل.

(وصفحة ٣٦٤) " وقال ابن أبي عقيل: لايجوز السلم إلا بالعين، والورق، ولا يجوز بالمتاع.

" مسألة: إذا حل الاجل وتعذر التسليم على البايع كان للمشتري الفسخ، فإن باعه البايع ماباعه إياه جاز سواء باعه بزيادة عن الثمن، أو نقصان، وسواء كان من جنس الثمن أو لا، وبه قال المفيد، وجوز سلار: البيع بعد الاجل، وأطلق، ولم يفصل، وابن إدريس اختار ما قلناه، والشيخ منع من بيعه بعد الاجل بجنس الثمن مع الزيادة، وبه قال ابن الجنيد، وابن أبي عقيل.

(وصفحة ٣٦٧) " مسألة: المشهور أن قبض الثمن في المجلس شرط في السلم، ذهب إليه الشيخ، وابن أبي عقيل.

" وقال في النهاية: يصح السلم إذا جمع شرطين، ذكر الجنس

٤٢٥

والوصف، والاجل، وهذا يدل على عدم اشتراط موضع التسليم.

وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل ".

الدروس (صفحة ٣٥٨) " درس في اللواحق: ولا تكفي المشاهدة في الثمن الذي شأنه الاعتبار، خلافا للمرتضى، وتوقف الفاضل في الاكتفاء بها في المزروع، وقطع الشيخ باشتراط شرعه وليس قويا، كما لايشترط في البيع، ويجوز كون الثمن نقدا وعرضا مالم يؤد إلى الربا، ومنع الحسن من جواز إسلاف غير النقدين ضعيف ".

مسالك الافهام (مجلد ١ صفحة ١٦٩) " قوله ويجوز إسلاف الاعواض الخ.

إذا اختلفت، وفي الاثمان وإسلاف الاثمان في الاعواض، ولا يجوز إسلاف الاثمان في الاثمان ولو اختلفا، نبه بالاول على خلاف ابن الجنيد، حيث منع من إسلاف عرض في عرض إذا كانا مكيلين، أو موزونين، أو معدودين، كالسمن في الزيت.

وبالثاني على خلاف ابن أبي عقيل، حيث منع من إسلاف غير النقدين، وهما نادران ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ٢٠ صفحد ١١) " ونقل عن ابن أبي عقيل انه منع من اسلاف غير النقدين، ولم نقف له على دليل، بل ظاهر جملة من الاخبار يرده وأما إسلاف الاثمان في العروض فهو متفق عليه نصا وفتوى، وأما إسلاف الاثمان وإن اختلفا فالظاهر انه لا خلاف في عدم جوازه لدخوله في باب الصرف المشترط فيه التقابض في المجلس.

(وصفحة ٢٣) " وفي الخلاف السلم لايكون إلا مؤجلا، ولا يصح أن يكون حالا وتبعه ابن إدريس وهو قول ابن أبي عقيل.

قال في المختلف بعد نقل ذلك والتحقيق أن نقول إن قصد السلم وجب الاجل، وأما لو قصد الحال مثل أن يقول أسلمت إليك هذا الدينار في

٤٢٦

هذا الكتاب أو في قفيز حنطة فالاقرب الصحة، وينعقد بيعا مطلقا، لا سلما.

(وصفحة ٣٢) " وثانيها عدمه مطلقا وهو ظاهر الشيخ في النهاية واختاره العلامة في التحرير والارشاد والمحقق في الشرايع وجمع آخرون وهو ظاهر ابن أبي عقيل على مانقله في المختلف ووجهه مضافا إلى أصالة العدم اطلاق الاوامر بالوفاء بالعقود " وحل البيع " والاجماع على عدم اشتراطه في باقي أنواع البيع وإن كان مؤجلا وهذا هو الاظهر عندي.

واختار هذا القول ابن إدريس وادعى عليه الاجماع قال " وليس من شرط صحة السلم ذكر موضع التسليم بغير خلاف بين أصحابنا والاصل براء‌ة الذمة وقوله تعالى " وأحل الله البيع " وهذا بيع وقوله (أوفوا بالعقود) وما ذكره الشيخ في الخلاف لم يذهب إليه أحد من أصحابنا ولا ورد به خبر عن أئمتنا عليهم السلام ".

جواهر الكلام (مجلد: ٢٤ صفحة ٢٧٣) " فما عن ابن أبي ع قيل من أنه لايجوز السلم إلا بالعين والورق ولا يجوز بالمتاع واضح البطلان، وكالمحكي عن أبي علي من أنه لا يسلم في نوع من المأكول نوعا منه إذا اتفق جنساهما في الكيل والوزن والعدد وإن اختلف أسماؤها كالسمن في الزيت لانه كالصرف نسيئة وإن كان قد يوهمه صحيح عبدالله بن سنان عن الصادق عليه السلام سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل أسلف رجلا زيتا على أن يأخذ سمنا قال " لا يصلح، كحسنه، سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول " لا ينبغي إسلاف السمن بالزيت، والزيت بالسمن إلا أن الظاهر إرادة الكراهة منهما "..

(وصفحة ٣٠٢) " ومن الغريب بعد ذلك كله مافي جامع المقاصد حيث فسر عبارة القواعد السابقة، بإرادة وقوع البيع بلفظ السلم، قال: وجه القرب دلالته على المراد من البيع، لانه يؤدي معنى إيجابه كما سبق، لان السلم بيع لانه من جملة أفراده، فلا يكون استعمال لفظه في بيع آخر استعمالا أجنبيا إلا أنه يجب أن يصرح بالحلول، لان جزء مفهوم السلم التأجيل فلابد من صارف يصرفه عن مقتضاه، وذلك هو

٤٢٧

التصريح بالحلول.

وتبعه على ذلك ثاني الشهيدين في تفسير عبارة اللمعة، إلا أنه اعترف بعد ذلك بأن الظاهر منها وفي الدروس وكثير إن الخلاف مع قصد السلم وإن المختار جوازه مؤجلا وحالا مع التصريح بالحلو، ولو قصدا بل مع الاطلاق أيضا، يحمل على الحلول وكان الذي أوهمهما ذلك حتى أنهما فسرا العبارة بما يرجع إلى النزاع في الصيغة المذكورة سابقا مافي المختلف، فإنه أجاب عما ذكره حجة للشيخ وابني أبي عقيل وإدريس على اشتراط الاجل في السلم، من النبوي السابق وغيره، بأنا نقول بموجبها، فإنا نسلم وجوب ذكر الاجل مع قصد السلم، وليس محل النزاع، بل البحث فيما لو تبايعا حالا بحال بلفظ السلم، ضرورة ظهوره في ان ذلك ليس محلا للنزاع، بل إنما هو فيما يرجع إلى الصيغة.

لكنك خبير بما فيه بل المحكي عن الشيخ وابني أبي عقيل وإدريس صريح في أن المراد اشتراط الاجل، وانه يبطل كونه سلما، كما ان العبارات السابقة صريحة في خلافه، وان نظرهم في تلك العبارات إليه، فلا داعي إلى تأويل الجميع بما هو مقطوع بفساده عند التأمل، خصوصا بعد ما عرفت من قوة القبول بعدم اشتراط الاجل فيه، وأنه تصح سلما فيعتبر فيه حينئذ القبض في المجلس وغيره مما يعتبر فيه.

والمراد بالتصريح بالحلول مايشمل اتفاقهما عليه ضرورة عدم مدخلية اللفظ في ذلك ".

٤٢٨

كتاب الشفعة

كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ٣٨٨) " كتاب الشفعة قال دام ظله: الاول ما تثبت فيه، إلى آخره، أقول: المبيع على ضربين، ما يتصور فيه الشفعة، ومالا شفعة فيه، فالثاني هو الممتاز المنفرد فيه بالملكية.

والاول على قسمين، قسم متفق فيه على ثبوت الشفعة فيه، وقسم مختلف فيه.

فالاول الارضون (الارضين خ) والمساكين كالعراص (العوار) والبساتين وما سواها هو الثاني.

قال علم الهدى وابن أبي عقيل: تثبت الشفعة في كل مبيع من ضيعة ومتاع وحيوان وغير ذلك ".

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٤٠٢) " وقال ابن أبي عقيل: لاشفعة في سفينة، ولا في رقيق.

(وصفحة ٤٠٣) " مسألة: المشهور أن الشفعة لايثبت في المقسوم، إذا عرفت السهام وميزت، وقال ابن أبي عقيل: الشفعة في الاموال المشاعة، أو المقسومة جميعا، ولا شفعة للجار مع الحايط، وهذا إشعار منه بثبوتها مع الجواز، والمعتمد الاول.

" احتج ابن أبي عقيل بالعموم الدال على ثبوت الشفعة وبما رواه منصور بن حازم في الصحيح قال قلت لابي عبدالله عليه السلام دار بين قوم اقتسموها واخذ كل واحد منهم قطعة فبناها وتركوا بينهم ساحة فيها ممرهم فجاء رجل فاشترى نصيب بعضهم أله ذلك قال " نعم ولكن يسد بابه وإن أراد صاحب الطريق منعه فإنهم أحق به وإلا فهو طريقه يجئ يجلس على ذلك الباب ".

٤٢٩

الدروس (صفحة ٣٨٦) " فرع لو اشتملت الارض على بئر لايمكن قسمتها، وأمكن أن تسلم البئر لاحدهما مع قسمة الارض ثبتت الشفعة في الجميع، قيل وكذا لو أمكن جعل أكثر بيت الرحا موازيا لما فيه الرحا، ويلزم منه لو اشتملت الارض على حمام أو بيت ضيق وأمكن سلامة الحمام أو البيت لاحدهما ان ثبتت، وعندي فيه نظر، للشك في وجوب قسمة ماهذا شانه، وإنما يثبت للشريك لا للجار ونقل الشيخ فيه الاجماع، خلافا لظاهر الحسن، وقدم عليه الخليط، وهو شاذ ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ٢١٧) " ذهب أكثر المتقدمين وجماعة من المتأخرين منهم الشيخان، والمرتضى، وابن الجنيد، وأبوصلاح، وابن إدريس، إلى ثبوتها في كل مبيع منقولا كان أم لا، قابلا للقسمة أم لا، ومال إليه الشهيد في الدروس، ونفى عنه البعد وقيده آخرون بالقابل للقسمة، وتجاوز آخرون بثبوتها في المقسسوم أيضا، اختاره ابن أبي عقيل، واقتصر أكثر المتاخرين على ما اختاره المصنف رحمه الله، من اختصاصها بغير المنقول عادة مما يقبل القسمة، مستندين إلى أصالة عدم تسلط المسلم على مال المسلم، إلا بطيب نفس منه، إلا ماوقع الاتفاق عليه.

ورواية جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال " لاشفعة إلا في ربع، أو حائط " وقوله صلى الله عليه وآله " الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وضربت الطرق فلا شفعة " ظاهره أنه لاشفعة إلا فيما يقع فيه الحدود، وتضرب له الطرق.

" قوله وتثبت في الارض المقسومة بالاشتراك في الطرق، إذا كان واسعا يمكن قسمته، مذهب الاصحاب إلا ابن أبي عقيل اشتراط الشركة في ثبوت الشفعة، فلا تثبت في الجواز، ولا فيما قسم، لما تقدم من الاخبار وغيرها، واستثنوا منه صورة واحدة، وهي ماإذا اشترك في الطريق أو الشرب، وباع الشريك نصيبه من الارض ونحوها ذات الطريق أو الشرب وضمهما أو أحدهما إليهما، فإن الشفعة تثبت حينئذ في مجموع المبيع، وإن كان بعضه غير مشترك.

٤٣٠

(وصفحة ٢١٩) " قوله ولا تثبت الشفعة بالجوار، ولا فيما قسم وميز إلا مع الشركة في طريقه، أو نهره، هذا الاستثناء من المعطوف، وهو ما قسم إن اعتبرنا في ثبوت الشفعة مع الاشتراك في الطريق والنهر كون المشفوع مما قسم، واسنثنى من الامرين معا إن لم يشترط ذلك، واكتفينا بالشركة في أحد الامرين، وإن كان الاصل غير مشترك مطلقا، كما تقدم تحقيقه، وظاهر المصنف هو الاول بقرينة القرب وما سلف، ونبه بهذا على خلاف ابن أبي عقيل حيث أثبتها في المقسوم مطلقا، وعلى خلاف بعض العامة حيث أثبتها بالجوار مطلقا ".

٤٣١

كتاب الجهاد: إذن الابوين والغريم

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٢٤) " وقال ابن أبي عقيل: وإذا استنفر الامام وجب النفر على كل مؤمن، ولم يسغ التخلف عنه، ويرتفع مع استنفاره إذن الاهل والغريم، وطاعة الابوين، لقوله تعالى " ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولي الامر منكم ".

" والعموم الذي احتج به ابن أبي عقيل لانقول بموجبه، فإن الامام إذا عينه بالاستنفار، وجب عليه، ولا عبرة حينئذ بإذن صاحب الدين، سواء كان حالا أو مؤجلا.

" مسألة: قال الشيخ: الابوان إن كانا مسلمين لم يكن له أن يجاهد إلا بأمرهما، ولهما منعه.

وقال ابن أبي عقيل: يرتفع مع استنفاره إذن الاهل، والغريم، وطاعة الوالدين.

" احتج ابن أبي عقيل بعموم قوله تعالى " أطيعو الله، وأطيعوا الرسول، وأولوا الامر منكم " ولقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله إثاقلتم إلى الارض " وبقوله تعالى " إن كان آباؤكم وأبناؤكم " الآية.

" احتج الشيخ بما روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله يستأذنه في الجهاد فقال " أحي والداك؟ فقال نعم قال ففيهما تجاهد ".

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال " أذنا لك؟ قال لا.

قال فارجع فاستاذنهما، فإن أذنا فجاهد أو

٤٣٢

فهاجر، وإلا فبرهما " والاقرب عندي التفصيل، هو عدم اعتبار رضاهما إن عمت الحاجة، أو استنفره الامام بخصوصية، وعليه يحمل الآيات التي استدل بها ابن أبي عقيل، ووجوب اعتبار رضاهما إذا لم تعم الحاجة، ولم يعينه الامام، لقوله تعالى " وصاحبهما في الدنيا معروفا ".

الدروس (صفحة ١٥٩) " وهو فرض كفاية، على البالغ، العاقل، الحر، الذكر، الصحيح من المرض، السليم من العمى، والاقعاد، والشيخوخة المانعة من القيام، والفقر، ويتعين بتعيين الامام، أو قصور القايمين بدونه، وبالنذر وشبهه، وللابوين والمدين مع الحلول واليسار المنع، وقال الحسن: يسقط طاعتهما، وطاعة الغريم، عند الاستنفار، وحمل على التعيين ".

تقسيم الغنائم

كشف الرموز (مجلد ١ صفحة ٤١٩) " قال دام ظله: ولا تؤخذ أموالهم التي ليست في العسكر، وهل يؤخذ ما حواه العسكر، مما ينقل؟ فيه قولان، أظهرهما الجواز.

أقول: الجواز مذهب الشيخ في النهاية، والمرتضى في كتاب التنزيه، وابن أبي عقيل في المتمسك وذهب علم الهدى في الناصريات، والشيخ في المبسوط، إلى أنه لايقسم، وهو اختيار المتأخر.

واستدلوا عليه بما رواه ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله " المسلم أخو المسلم، لايحل له دمه وماله، إلا من طيبة نفسه ".

وبما روي عن علي عليه السلام، " أنه لما هزم الناس يوم الجمل، فقالوا: يا أمير المؤمنين ألا يؤخذ من أموالهم؟ قال: لا، لانهم تحرموا بحرمة الاسلام، فلا يحل أموالهم في دار الهجرة ".

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٢٨) " مسألة: قال الشيخ: يقسم للفارس سهمان، وللراجل سهم واحد، ولذي

٤٣٣

الافراس ثلاثة أسهم، قال في المبسوط والخلاف: وفي أصحابنا من قال للفارس ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه، وكذا نقل ابن إدريس عن بعض أصحابنا، والمشهور الاول وهو قول ابن أبي عقيل.

(وصفحة ٣٣١) " وقال ابن أبي عقيل: إذا ظهر المؤمنون على المشركين فاستأسروهم فالامام في رجالهم البالغين بالخيار، إن شاء استرقهم، وإن شاء من عليهم، قال الله تعالى " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها " وأطلق ولم يفصل.

(وصفحة ٣٣٣) " قال ابن أبي عقيل: الحكم في المشركين حكمان، فمن كان منهم من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، فإنهم يقاتلون حتى يعطوا الجزية، أو يسلموا فإن أعطوا الجزية قبلت منهم، ومن كان من المشركين من غير أهل الكتاب قوتلوا حتى يسلموا، فإن أعطوا الجزية لم يقبل منهم، ولم يذكر حكم المجوس بالنصوصية، والظاهر من كلامه هذا إن حكمهم مخالف لحكم أهل الكتاب " احتج ابن أبي عقيل بعموم الامر بقتال المشركين ".

(وصفحة ٣٣٧) " وقال ابن أبي عقيل: يقسم أموالهم التي حواها العسكر ".

" استدل ابن أبي عقيل بما روي أن رجلا من عبدالقيس قام يوم الجمل، فقال يا أمير المؤمنين ما عدلت حين يقسم بيننا أموالهم ولا تقسم بيننا نساؤهم، ولا أبناؤهم؟ فقال له " إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف، وذلك إن دار الهجرة حرمت ما فيها، ودار الشرك أحلت ما فيها، فأيكم يأخذ أمه من سهمه، فقام رجل فقال وما غلام ثقيف ياأمير المؤمنين؟ قال عبد لايدع لله حرمة إلا هتكها، قال يقتل، أو يموت، قال بل يقصمه الله قاصم الجبارين ".

" والاقرب ماذهب إليه الشيخ في النهاية.

لنا: مارواه ابن أبي عقيل، وهو شيخ من علمائنا تقبل مراسيله لعدالته ومعرفته.

٤٣٤

" مسألة: المشهور بين علمائنا تحريم سبى نساء البغاة، وهو قول ابن أبي عقيل، ونقل عن بعض الشيعة أن الامام في أهل البغي بالخيار، إن شاء من عليهم، وإن شاء سباهم.

قال: واحتجوا بقول أمير المؤمنين عليه السلام للخوارج لما سألوه عن المسائل التي اعتلوا بها، فقال لهم " أما قولكم إني يوم الجمل أحللت لكم الدماء والاموال ومنعتكم النساء والذرية، فإني مننت على أهل البصرة، كما من رسول الله صلى الله عليه وآله على أهل مكة، وبعد فأيكم يأخذ عايشة من سهمه، قالوا فاخبرنا به إنما لم يسهم لانه من عليهم كما من رسول الله صلى الله عليه وآله على أهل مكة، ولو شاء سباهم كما لو شاء النبي صلى الله عليه وآله أن يسبي نساء أهل مكة " قال واحتجوا أيضا في ذلك بأخبار كثيرة وعلل.

كرهت ذكرها لطول الكتاب ".

الدروس (صفحة ١٦٤) " كيفية قتال البغاة مثل كيفية قتال المشركين، والفرار كالفرار، إلا أن البغاة إذا كانا لهم فئة أجهز على جريحهم، وتبع مدبرهم، وقتل أسيرهم، وإن لم يكن لهم فئة اقتصر على تفريقهم.

ونقل الحسن أنهم يعرضون على السيف، فمن تاب منهم ترك، وإلا قتل، ولا يجوز سبي نساء الفريقين.

ونقل الحسن للامام ذلك إنشاء، لمفهوم قول علي عليه السلام " إني مننت على أهل البصرة كما من رسول الله صلى الله عليه وآله على أهل مكة " وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وآله أن يسبئ، فكذا للامام، وهو شاذ ".

مسالك الافهام (مجلد ١ صفحة ١٢٣) " قوله ومن لهم شبهة كتاب الخ.

نبه بقوله شبهة كتاب على أن ما بأيدي المجوس غير معلوم كونه كتابهم، لما ورد من أنهم قتلوا نبيهم واحرقوا كتابهم، وكان باثني عشر ألف جلد ثور، وفي أيديهم صحف يزعمون أنها من ذلك الكتاب، فاقروا على دينهم لهذه الشبهة، وقول النبي صلى الله عليه وآله " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " وخالف في ذلك ابن أبي عقيل فالحقهم بباقي المشركين ".

٤٣٥

كتاب النذر

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٦٦٢) " جزم الشيخ في الخلاف بأن إطلاق الهدي منكرا كان أو معرفا، ينصرف إلى الابل، أو البقر، أو الغنم، وتردد في المبسوط، وذكر احتمال انصرافه إلى أقل كالثمرة، والبيضة، وهو الاقرب، لاصالة البراء‌ة، ونمنع تخصيص إطلاق الهدي بالنعم، والثاني لو عين الطعام لم ينعقد نذره عند ابن الجنيد، وابن البراج، وابن إدريس، وبه قال ابن أبي عقيل، فإنه قال: ولو أن رجلا يجعل طعاما له هديا لبيت الله لم يكن بشئ، لان الطعام لايهدى إلى البيت، وكذا لو قال لجزور بعدما نحرها هذه هدي لبيت الله لم يكن بشئ، لان هدي البدن إنما يهدي احياء، وليست تهدى حين صارت لحما، وظاهر كلامه في المبسوط يقتضي الجواز، وكذا غير الطعام مما ليس بحيوان كالدراهم والدنانير ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ١٧٢) " قوله ولو نذر أن يهدي واقتصر. إلى آخره.

القول بالبطلان لابن الجنيد، وابن أبي عقيل، وابن البراج، لانه لم يتعبد بالاهداء، إلا في النعم، فيكون نذر الغير التعبد به فيبطل، ويؤيده رواية أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام وفيها " فإن قال الرجل أنا أهدي هذا الطعام فليس بشئ، إنما تهدى البدن " لكن فيها مع ضعف السند بعلي بن أبي حمزة، حصره الاهداء في البدن، وهو خلاف الاجماع، لان غيرهما من النعم مما يهد قطعا ".

٤٣٦

كتاب النكاح: في العقد وبعض المحرمات

كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ١٠٠) " قال دام ظله: لايشترط حضور شاهدين، ولا ولي، إذا كان الزوجة بالغة رشيدة، على الاصح.

ذهب الشيخ (المشايخ خ) من أصحابنا إلى أن النكاح صحيح بغير الشاهد والولي، وليس ذلك من شرطه، بل هو من فضله، وما أعرف فيهم (منهم خ)مخالفا، إلا ابن أبي عقيل، فإنه يشترط فيه، وهو مذهب الجمهور.

وتمسكهم بقول النبي صلى الله عليه وآله " لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل ".

والجواب عن ذلك، الطعن في السند، وقد أنكره الزهري من الفقهاء، ومدار الحديث عليه.

سلمنا ذلك فهو من الآحاد، لا يعارض عموم القرآن، من قوله تعالى " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " وقوله تعالى " فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ".

نزلناه عن هذا فإنه معارض بما روي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال " ليس للولي مع الثيب أمر ".

(لا يقال): إنه مخصوص بالثيب (لانا نقول) كل من قال: بعدم اشتراطه في الثيب، قال: بعدم اشتراطه في البكر.

نزلنا على هذا، فنقول: يحتمل أن يكون المراد نفي الفضل والكمال لانفي الصحة كما في قوله عليه السلام " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ولا صدقة وذو رحم محتاج ".

٤٣٧

(وصفحة ١١٠) " في أولياء العقد: قال دام ظله: ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الاب، وقيل: يشترط، وفي المستند ضعف.

القول الاول للمفيد وسلار وعلم الهدى والشيخ في كتبه، سوى كتاب النهاية، فإنه يشتر فيها.

والقول الثاني للشيخ في النهاية وأبوالصلاح وصاحب الرائع وصاحب الواسطة تبعا لكلام الشيخ ويظهر من كلام ابن أبي عقيل في المتمسك، انفراد الاب بالولاية، وهو متروك.

(وصفحة ١١٢) " قال دام ظله: أما البكر البالغة الرشيدة، فأمرها بيدها، ولو كان أبوها حيا، قيل: لها الانفراد بالعقد، دائما كان أو منقطعا (وقيل): العقد مشترك بينها وبين الاب، فلا ينفرد أحدهما به (وقيل): أمرها إلى الاب، وليس لها معه أمر، ومن الاصحاب من أذن لها في المتعة دون الدائم، ومنهم من عكس، والاول أولى.

القول الاول للمرتضى والمفيد في أحكام النساء، وهو اختيار الشيخ في التبيان وصاحب الواسطة والمتأخر وسلار وشيخنا، ونصوا جميعا أن المستحب أن لاتعقد إلا بإذن الاب.

والقول الثاني اختيار المفيد في المقنعة وأبي الصلاح في الكافي.

القول الثالث للشيخ في النهاية والخلاف، وفي المبسوط اختاره أيضا على تردد، وابن أبي عقيل في المتمسك.

(وصفحة ١٣٩) " قال دام ظله: يكره أن يعقد الحر على الامة، وقيل: يحرم، إلا أن يعدم الطول، ويخشى العنت.

القول بالكراهية للشيخ في النهاية والتهذيب والتبيان، وبالتحريم للشيخ في المبسوط والخلاف، والمفيد في المقنعة، وصاحب الرائع، وصاحب الواسطة، وابن أبي عقيل في المتمسك، وهو أشبه (الاشبه خ).

(وصفحة ١٤٠) " قال دام ظله: لايجوز نكاح الامة على الحرة إلا بإذنها، ولو بادر كان العقد باطلا، إلى آخره.

أقول: الصحيح أن عقد الامة على الحرة لايجوز، إلا بالشرطين

٤٣٨

المذكورين في نكاح الامة، وهنا ثالث بغير خلاف، وهو إذن الحرة.

فلو بادر الزوج ولم يستأذنها، قال في التبيان والمبسوط: كان العقد باطلا، وادعى في المبسوط، الاجماع وقال في النهاية، والمفيد وسلار: تكون الحرة مخيرة بين فسخ عقد الامة وإمضائه وبين فسخ عقد نفسها، وبه رواية ضعيفة، رواها الحسن بن محبوب، عن يحيى بن اللحام، عن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام، في رجل تزوج أمة على حرة، فقال " إن شائت الحرة أن تقيم مع الامة أقامت، وإن شاء‌ت ذهبت إلى أهلها، قال: قلت له: وإن لم ترض بذلك وذهبت إلى أهلها أله عليها سبيل إذا لم ترض بالمقام؟ قال: لا سبيل " له ".

(وصفحة ١٤٦) " السبب السادس: الكفر قال دام ظله: وفي الكتابية قولان، أظهرهما أنه لايجوز غبطة ويجوز متعة.

هذا اختيار الشيخ في النهاية وأبي الصلاح، وسلار، وقال المفيد في المقنعة، وابن بابويه في المقنع، والمرتضى في الانتصار: لايجوز مطلقا، وللمفيد قول في المسائل العزية بالجواز متعة ودواما، وهو اختيار ابن أبي عقيل.

ومستندهما قوله تعالى " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ".

والمختار الاول.

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٥٢٢) " مسألة: المشهور عند علمائنا أجمع، إلا ابن أبي عقيل والصدوق، تحريم أم الزوجة مؤبدا، سواء دخل بالبنت أولا، ذهب إليه الشيخان وسلار وأبوالصلاح وغيرهم وقال ابن أبي عقيل قال الله تعالى " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم " ثم يشرط في الآية شرطا فقال " اللاتي دخلتم " إلى قوله " فلا جناح عليكم " فالشرط عند آل الرسول في الامهات والربائب جميعا الدخول.

وإذا تزوج الرجل المرأة ثم ماتت عنه، أو طلقها قبل أن يدخل بها، فله أن يتزوج أمها وابنتها.

(وصفحة ٥٢٧) " مسألة: المشهور تحريم نكاح بنت الاخ والاخت على نكاح العمة والخالة، إلا برضائهما، فإن رضيت العمة والخالة، صح الجمع، وله أن يدخل

٤٣٩

العمة، والخالة، على بنت الاخ، والاخت، وإن لم ترض البنتان، ذهب إليه الشيخان، والسيد المرتضى، وابن البراج، وأبوالصلاح، وسلار، وأكثر علمائنا.

وقال ابن أبي عقيل: لما عد المحرمات في الآية، قال فهذه جملة النساء اللاتي حرم الله عزوجل نكاحهن، وأحل نكاح ما سواهن ألا تسمعه يقول بعد هذه الاصناف الستة " وأحل لكم ماوراء ذلكم " فمن ادعى أن رسول الله صلى الله عليه وآله حرم عليه غير هذه الاصناف، وهو يسمع الله يقول " وأحل لكم ماوراء ذلكم " وقد أعظم القول على رسول الله صلى الله عليه وآله.

وقد قال " ألا لا يتعلقن على أحد بشئ، فإني لا أجل إلا ما أحل الله، ولا أحرم إلا ماحرم الله في كتابه، وكيف أقول ما يخالف الغرس، وبه هداني الله عزوجل " وقد روي عن علي بن جعفر قال سألت أخي موسى عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة على عمتها أو خالتها قال: " لابأس لان الله عزوجل قال " وأحل لكم ماوراء ذلكم ".

(وصفحة ٥٢٩) " المسألة الاولى: إذا تزوج الامة على الحرة ولم تعلم الحرة، فالاقرب أن نكاح الامة لايقع باطلا في أصله، بل إذا فسخت الحرة نكاحها بطل، وإلا صح وبه قال الشيخان، وابن البراج، وسلار، وابن حمزة.

وقال ابن أبي عقيل وابن الجنيد: أنه يقع باطلا، واختاره ابن إدريس.

وعبارات الشيخ بالبطان، وكذا الاكثر من علمائنا موهمة، ومرداهم أنه لايقع منجزا لازما، بل يكون قابلا للفسخ، وكذا في الروايات.

" المسألة الثالثة: هل للحرة أن تفسخ عقد نفسها، لو دخلت الامة عليها؟ قال الشيخان نعم، وبه قال ابن البراج، وسلار، وابن حمزة، وابن إدريس، ثم رجع عنه، ويحتمل المنع على قول ابن أبي عقيل، لانه لا تقريب (كذا) من الطرفين، كما تقدم في العمة.

(مجلد ٢ صفحة ٥٣٠) " وقال السيد المرتضى: مما انفردت به الامامية حظر نكاح الكتابيات.

وقال علي بن بابويه: وإن تزوجت يهودية أو نصرانية فامنعها من شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449