تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-436-1
الصفحات: 501

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182312 / تحميل: 5889
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وكذا لو قال : غبنته ؛ لأنّه قد يغصب ويغبن في غير المال.

قال الشافعي : إذا قال الرجل للرجل : غصبت منك شيئاً ، ثمّ قال : أردت به كلباً ، أُجبر على دفعه إليه. وكذا إن قال : جلد ميتة. فإن قال :

خمراً أو خنزيراً ، لم أُجبره على دفعه إليه ، وقتلتُ الخنزيرَ وأرقتُ الخمرَ(١) .

وحكي عن أبي حنيفة أنّه قال : لو قال : لفلان علَيَّ شي‌ء أو كذا ، لم يُقبل تفسيره بغير المكيل والموزون ؛ لأنّ غير ذلك لا يثبت في الذمّة بنفسه(٢) .

وهو خطأ ؛ لأنّ غير المكيل والموزون متموَّل يدخل تحت العقود ، فجاز أن يُفسَّر به الشي‌ء ، كالمكيل والموزون.

وتعليله باطل ؛ لأنّه يثبت في الذمّة ، ولا اعتبار بسبب ثبوته في الإخبار عنه والإقرار به.

مسألة ٨٩٠ : لو قال : له عندي شي‌ء ، قُبِل تفسيره بالخمر والخنزير على إشكال - وهو المشهور من مذهب الشافعيّة(٣) - لأنّه شي‌ء ممّا عنده.

ويحتمل عدم القبول - وهو قول الجويني(٤) - لأنّ لفظة « له » تُشعر بثبوت ملكٍ أو حقٍّ.

ويمكن منعه ؛ لتسويغ قول القائل : لفلان عندي خمر أو خنزير.

إذا عرفت هذا ، فلو شهد بالمجهول ، احتُمل السماع ، كما إذا كان له‌ عليه مائة فأقرّ صاحب الدَّيْن أنّه قبض منه شيئاً من الحقّ وقامت بذلك

____________________

(١) الأُم ٣ : ٢٤١ ، الوسيط ٣ : ٣٣٢.

(٢) حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ ، المغني ٥ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٣) الوسيط ٣ : ٣٣٠ ، حلية العلماء ٨ : ٣٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٦.

٣٠١

بيّنة ، فإنّها تُسمع ، ويُقبل قول صاحب الدَّيْن في قدره مع اليمين ، فإن لم يحلف حتى مات ، قام وارثه مقامه ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : إنّ البيّنة إن شهدت بالإقرار بالمجهول ، جاز. وإن شهدت بالمجهول ، فلا ؛ لأنّ البيّنة سُمّيت بيّنةً ؛ لأنّها تبيّن ما تشهد به وتكشف عنه ، بخلاف الإقرار ؛ لأنّه ليس ببيّنةٍ(١) (٢) .

وعلى هذا فالأقوى أنّ الدعوى كالإقرار ، فإذا ادّعى أنّه أقرّ له بقبض شي‌ءٍ ، أو بأنّ له عليه شيئاً ، سُمعت دعواه ، وإلّا فلا.

مسألة ٨٩١ : إذا أقرّ بالمجهول وفسّره بتفسيرٍ صحيح وصدّقه المُقرّ له ، فلا بحث.

وإن كذّبه الـمُقرّ له ، فليبيّن جنس الحقّ وقدره ، ويدّعيه ، ويكون القولُ قولَ الـمُقرّ في [ نفيه ](٣) .

ثمّ لا يخلو التنازع إمّا أن يكون في القدر أو في الجنس.

فإن كان في القدر(٤) ، مثل : أن يفسّر إقراره بمائة درهم ، فيقول المُقرّ له : بل عليه مائتان ، فإن صدّقه على إرادة المائة ، فهي ثابتة باتّفاقهما ، ويحلف المُقرّ على نفي الزيادة.

وإن قال : أراد به المائتين ، حلف الـمُقرّ على أنّه ما أراد مائتين ، وأنّه ليس عليه إلّا مائة ، ويجمع بينهما في يمينٍ واحدة ، وبه قال بعض الشافعيّة(٥) .

____________________

(١) في « ث ، ج » : « بيّنةً ».

(٢) راجع : حلية العلماء ٨ : ٣٣٨ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في ظاهر الطبعة الحجريّة وبعض النسخ الخطّيّة وصريح بعضها الآخَر : « نفسه ». والمثبت هو الصحيح.

(٤) يأتي حكم التنازع في الجنس في المسألة التالية.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٧.

٣٠٢

وقال بعضهم : لا بدّ من يمينين(١) .

والمشهور : الأوّل.

فإن نكل الـمُقرّ ، حلف الـمُقرّ له على استحقاق المائتين.

ولا يحلف على الإرادة ؛ لعدم إمكان الاطّلاع عليها ، بخلاف ما إذا مات الـمُقرّ وفسّر الوارث وادّعى الـمُقرّ له زيادةً ، فإنّ الوارث يحلف على [ نفي ](٢) إرادة المورّث ؛ لأنّه قد يطّلع من حاله مورّثه على ما لا يطّلع عليه غيره.

وكذا لو أوصى له بمجمل ، فبيّنه الوارث ، وزعم الموصى له أنّه أكثر ، حلف الوارث على نفي العلم باستحقاق الزيادة ، ولا يتعرّض للإرادة.

والفرق أنّ الإقرار إخبار عن سابقٍ وقد يفرض فيه الاطّلاع ، والوصيّة إنشاء أمرٍ [ على ](٣) الجهالة ، وبيانه - إذا مات الموصي - إلى الوارث.

مسألة ٨٩٢ : لو كان التنازع في الجنس ، مثل : أن يقول : له علَيَّ شي‌ء ، ثمّ يفسّره بعبدٍ أو درهمٍ أو بمائة درهم ، فيقول المُقرّ له : بل لي عليك جارية أو دينار أو مائة دينار ، فيُنظر إن صدّقه المُقرّ له في الإرادة وقال : هو ثابت لي عليه ولي عليه مع ذلك كذا ، ثبت المتّفق عليه ، وكان القولُ قولَ الـمُقرّ في نفي غيره.

وإن صدّقه في الإرادة وقال : ليس لي عليه ما فسّره به ، إنّما لي عليه كذا ، بطل حكم الإقرار بردّه ، وكان مدّعياً في غيره.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٧.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عن ». والمثبت هو الصحيح.

٣٠٣

وإن كذّبه في دعوى ا لإرادة وقال : إنّما أراد ما ادّعيتُه ، حلف الـمُقرّ على نفي الإرادة ونفي ما يدّعيه. ثمّ إنّ الـمُقرّ له إن كذّبه في استحقاق الـمُقرّ به ، بطل الإقرار فيه ، وإلّا ثبت.

ولو اقتصر الـمُقرّ له على دعوى الإرادة وقال : ما أردتَ بكلامك ما فسّرتَه به وإنّما أردتَ كذا إمّا من جنس الـمُقرّ به أو من غيره ، لم يُسمع منه ذلك ؛ لأنّ الإقرار والإرادة لا يُثبتان له حقّاً ، بل الإقرار إخبار عن حقٍّ سابق ، فعليه أن يدّعي الحقّ بنفسه.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر ضعيف عندهم : أنّه تُقبل دعوى الإرادة المجرّدة(١) .

وهو كالخلاف في أنّ مَن ادّعى على غيره أنّه أقرّ له بألف هل تُسمع منه دعوى الإقرار ، أم عليه [ دعوى ](٢) نفس الألف؟

واعلم أنّ مَنْ لا يسمع دعوى الإرادة لا يريد عدم الالتفات إليها أصلاً ، وإنّما المراد أنّها وحدها غير مسموعة ، فأمّا إذا ضمّ إليها دعوى الاستحقاق ، فيحلف المُقرّ على نفيهما على الأظهر.

وللشافعيّة في البيع وجهان : إنّه إذا ادّعى المشتري عيباً قديماً بالمبيع ، وقال البائع : بعتُه وأقبضتُه سليماً ، يلزمه أن يحلف كذلك ، أو يكفيه الاقتصار على أنّه لا يستحقّ الردّ؟ فيجي‌ء لهم هنا وجه : أنّه يكفيه نفي اللزوم ، ولا يحتاج إلى التعرّض للإرادة(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥.

٣٠٤

مسألة ٨٩٣ : إذا أقرّ بالمبهم ثمّ مات قبل التفسير ، طُولب الوارث به‌ ؛ لأنّه المستحقّ للتركة ، فإن فسّر قُبِل منه بمهما كان ، فإن ادّعى الـمُقرّ له خلافه قُدّم قول الوارث مع اليمين ، فإن نكل حلف الـمُقرّ له ، وأخذ ما حلف عليه.

وإن امتنع الوارث من البيان ، احتُمل أن يوقف أقلّ ما يتموّل ، وهو أحد قولَي الشافعيّة(١) ، وأن يوقف الكلّ - وهو الأظهر - لأنّ الجميع وإن لم يدخل في التفسير فهو مرتهن بالدَّيْن.

ولو قال الوارث : لا أدري ما أراد ولا أعلم لك شيئاً ، حلف - إن طلب الـمُقرّ له - على نفي العلم ، ثمّ سلّم إلى المدّعي أقلّ ما يتموّل ، ولا يُسلّم إليه ما يدّعيه مع اليمين ؛ إذ لا يمين على المدّعي إلّا بالردّ.

البحث الثاني : في الإقرار بالمال.

مسألة ٨٩٤ : إذا قال : له علَيَّ مال ، قُبِل تفسيره بأقلّ ما يتموّل ، ولا يُقبل تفسيره بما ليس بمالٍ إجماعاً ، كالكلب والخنزير وجلد الميتة.

ويُقبل بالتمرة الواحدة حيث يكثر ؛ لأنّه مال قليل وإن لم يتموّل في ذلك الموضع ، وكلّ متموَّلٍ مالٌ ، ولا ينعكس.

وكذا لو فسّره بالحبّة من الحنطة والشعير.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يُقبل - فيما إذا قال : له علَيَّ مال - التفسير بالقليل والكثير ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأحمد(٢) - لصدق اسم المال‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ١٣ ، التنبيه : ١٧٥ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٨ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، الوجيز ١ : ١٩٧ ، الوسيط ٣ : ٣٣٢ ، حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ ، البيان ١٣ : ٤١١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨ ، منهاج =

٣٠٥

عليه ، والأصل عدم ا لزائد.

وقال أبو حنيفة : لا يُقبل تفسيره بغير المال الزكوي ؛ لقول الله تعالى :( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) وقوله تعالى :( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ ) (٢) (٣) .

والآية عامّة دخلها التخصيص بالسنّة المتواترة ، فلا يخرج اللفظ عن حقيقته.

وقوله :( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ ) ليس المراد الزكاة ؛ لأنّها نزلت بمكة قبل فرض الزكاة ، فلا حجّة له فيها.

ثمّ ينتقض بقوله تعالى :( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ ) (٤) والتزويج جائز بأيّ نوعٍ كان من المال قليله وكثيره ولو بدرهمٍ.

وعن مالك ثلاثة أوجُهٍ.

أحدها : كما قلناه.

والثاني : لا يُقبل إلاّ أقلّ نصابٍ من نُصُب الزكاة من نوع أموالهم.

[ و ] الثالث : ما يُستباح به البُضْع والقطع في السرقة ؛ لقوله تعالى :( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ ) (٥) (٦) .

____________________

= الطالبين : ١٤٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٢ / ١٠٤٣ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٠١ - ١٧٠٢ / ١١٩٨ ، المعونة ٢ : ١٢٤٥ ، المغني : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٠.

(١) التوبة : ١٠٣.

(٢) الذاريات : ١٩.

(٣) حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، المغني ٥ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٠.

(٤ و ٥) النساء : ٢٤.

(٦) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٢ / ١٠٤٣ ، الذخيرة ٩ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ،

٣٠٦

ويبطل بوقوع اسم الم ال على القليل والكثير ، والبُضْع - عندنا وعند الشافعي(١) - يُستباح بالقليل والكثير.

وهل يُقبل تفسيره بالمستولدة؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّها مال يجوز بيعها بعد موت ولدها ، ويُنتفع بها وتُستأجر وإن كانت لا تُباع ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٢) .

ولو فسّره بوقفٍ عليه ، قُبِل.

وخرّج بعض الشافعيّة ذلك على الخلاف في أنّ الملك في الوقف هل هو للموقوف عليه أم لا؟(٣) .

مسألة ٨٩٥ : لو قال : له علَيَّ مالٌ عظيم أو جليل أو نفيس أو خطير أو غير تافه أو مال وأيّ مال ، قُبِل تفسيره بأقلّ ما يتموَّل أيضا ، كما لو قال : « مال » لم يزد عليه ؛ لأنّه يحتمل أن يريد به عظم خطره بكفر مستحلّه ووزر غاصبه والخائن فيه ؛ لأنّ أصل ما يبنى عليه الإقرار الأخذ بالمتيقّن والترك لغيره ، ولا يعتبر الغلبة.

واختلف أصحاب أبي حنيفة :

فمنهم مَنْ قال : لا يُقبل أقلّ من عشرة دراهم - وذكر أنّه مذهب‌

____________________

= عيون المجالس ٤ : ١٧٠١ - ١٧٠٣ / ١١٩٨ ، المعونة ٢ : ١٢٤٥ ، جامع الأُمّهات : ٤٠١ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ - ٣٤٠ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، المغني ٥ : ٣١٥ - ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٠.

(١) الحاوي الكبير ٩ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٥٦ ، الوسيط ٥ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٦ : ٤٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ٤٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٨ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٥٧٥ ، بداية المجتهد ٢ : ١٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٧١٤ / ١٢٩١ ، المغني والشرح الكبير ٨ : ٥.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨.

٣٠٧

أبي حنيفة - لأنّه يُقطع به السارق ، ويكون صداقاً عنده(١) .

وقال أبو يوسف ومحمّد : لا يُقبل أقلّ من مائتي درهم - قال الرازي :

هذا مذهب أبي حنيفة - لأنّه الذي تجب فيه الزكاة(٢) .

وقال أبو عبد الله الجرجاني : نصّ أبو حنيفة على ذلك ، وقال : إذا أقرّ بأموال عظيمة ، يلزمه ستمائة درهم(٣) .

واختلف أصحاب مالك :

فمنهم مَنْ يقول : يُقبل ما يُقبل في المال.

ومنهم مَنْ قال : يزيد على ذلك أقلّ زيادة.

ومنهم مَنْ قال : قدر الدية.

ومنهم مَنْ قال : ثلاثة دراهم نصاب القطع ؛ لأنّ الدانق والحبّة لا يُسمّى عظيماً ، فلا يصحّ التفسير به ، كما لو قال : مال جزيل(٤) .

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ١٩٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، الفقه النافع ٢ : ٥٢٥ / ٢٧٤ ، و ٨١٣ / ٥٤٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨٠ - ١٨١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٠ - ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٦ ، المغني ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ١٩٧ - ١٩٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢٠ / ١٩٢٤ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٣ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، الوسيط ٣ : ٣٣٣ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٣٦٠ ، ضمن المسألة ١ من كتاب الإقرار ، وانظر بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٠ ، وفتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، وبحر المذهب ٨ : ٢٣٢.

(٤) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٣ / ١٠٤٤ ، جامع الأُمّهات : ٤٠١ ، =

٣٠٨

وهو غلط ؛ لأنّا نجر ي الجزيل مجرى العظيم.

والأصل في ذلك أنّه ليس في العظيم حدٌّ في الشرع ولا في اللغة ولا في العرف ، والناس يختلفون في ذلك ، فبعضهم يستعظم القليل ، وبعضهم لا يستعظم الكثير ، فلم يثبت في ذلك حدٌّ يرجع إليه ، ولا في اللغة ولا في العرف قانون يُعوَّل عليه ، فيرجع إلى تفسيره وبيانه ؛ لأنّه أعرف بمراده.

مسألة ٨٩٦ : لو قال : له علَيَّ مالٌ كثير ، قال الشيخرحمه‌الله : إنّه يلزمه ثمانون ؛ بناءً على الرواية التي تضمّنت أنّ الوصيّة بالمال الكثير وصيّة بثمانين(١) ، ولم يعرف هذا التفسيرَ أحدٌ من الفقهاء(٢) .

وقد عرفتَ قولهم في العظيم ، وكذا في الكثير عندهم.

وقال الليث بن سعد : يلزمه اثنان وسبعون درهماً ؛ لأنّ الله تعالى قال :( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ) (٣) وكانت غزواتهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسراياه اثنين وسبعين(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ ذلك ليس بحدٍّ لأقلّ الكثير ، وإنّما وصف ذلك بالكثرة ، ولا يمنع ذلك وقوع الاسم على ما دون ذلك ، وقد قال الله تعالى :

( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً ) (٥) وليس المراد ما ذكره ، وكذا قوله‌

____________________

= الذخيرة ٩ : ٢٨٩ ، المعونة ٢ : ١٢٤٦ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤١ ، المغني ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣.

(١) راجع الكافي ٧ : ٤٦٣ - ٤٦٤ / ٢١ ، ومعاني الأخبار : ٢١٨ ( باب معنى الكثير من المال ) ح ١ ، والتهذيب ٨ : ٣٠٩ / ١١٤٧.

(٢) الخلاف ٣ : ٣٥٩ ، المسألة ١ من كتاب الإقرار.

(٣) التوبة : ٢٥.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ١٣ و ١٤ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤١ ، المغني ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٥) البقرة : ٢٤٩.

٣٠٩

تعالى : ( اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً ) (١) ولم ينصرف إلى ذلك ، ولهذا أمثال كثيرة في القرآن ، وأصحابنا التجئوا في ذلك إلى الرواية(٢) ، وكانت المواطن عندهم ثمانين موطناً.

إذا عرفت هذا ، فنقول : تُقصر الرواية على ما وردت عليه ، ويبقى الباقي على الإجمال.

مسألة ٨٩٧ : وافقنا أبو حنيفة(٣) في الجليل والنفيس والخطير على قبول التفسير بأقلّ ما يتموّل.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه يجب أن يزيد تفسير المال العظيم على تفسير مطلق المال ؛ ليكون لوصفه بالعظيم فائدة(٤) .

واكتفى بعضهم بالعظم من حيث الجرم والجثّة(٥) .

ولو قال : له علَيَّ مال عظيم جدّاً ، أو : عظيم عظيم ، فكقوله : له علَيَّ مالٌ ، ويُقبل تفسيره بما قلّ وكثر.

وكذا لو قال : وافر ، أو : خطير.

ولو قال : له علَيَّ مالٌ قليل أو خسيس أو تافه أو يسير ، فهو كما لو قال : مال ، وتُحمل هذه الصفات على استحقاق الناس إيّاه ، وعلى أنّه فانٍ زائل ، فكثيره بهذه الاعتبار قليل ، وقليله بالاعتبار الأوّل كثير ، وقد يستعظم‌ الفقير ما يستحقره الغني.

مسألة ٨٩٨ : لو قال : لزيدٍ علَيَّ أكثر من مال فلان ، قُبِل تفسيره بأقلّ

____________________

(١) الأحزاب : ٤١.

(٢) راجع الهامش (١) من ص ٣٠٨.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ - ٣٠٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٦.

٣١٠

ما يتموّل وإن كثر مال فلان ؛ لأنّه يحتمل أن يريد به أنّه دَيْنٌ لا يتطرّق إليه الهلاك ، وذلك عين معرَّض للهلاك ، أو يريد أنّ مال زيد علَيَّ حلال ، ومال فلان حرام ، والقليل من الحلال أكثر بركةً من الكثير من الحرام ، وكما أنّ القدر مبهم في هذا الإقرار ، فكذلك الجنس والنوع مبهمان.

ولو قال : له علَيَّ أكثر من مال فلان عدداً ، فالإبهام في الجنس والنوع.

ولو قال : له علَيَّ من الذهب أكثر ممّا لفلان ، فالإبهام في القدر والنوع. ولو قال : من صحاح الذهب ، فالإبهام في القدر وحده.

ولو قال : له علَيَّ أكثر من مال فلان ، وفسّره بأكثر منه عدداً أو قدراً ، لزمه أكثر منه ، ويرجع إليه في تفسير الزيادة ولو حبّة أو أقلّ.

ولو قال : ما علمتُ أنّ مال فلانٍ كذا ، أو ما علمتُ لفلانٍ أكثر من كذا ، وقامت البيّنة بأكثر منه ، لم يلزمه أكثر ممّا اعترف به ؛ لأنّ المال يخفى كثيراً عن الغير ، ولا يعرف أحد قدره في الأكثر ، وقد يكون ظاهراً وباطناً ، فيملك ما لا يعرفه الـمُقرّ ، فكان المرجع إلى ما اعتقده الـمُقرّ مع يمينه إذا ادّعي عليه أكثر منه. وإن فسّره بأقلّ من ماله مع علمه بماله ، لم يُقبل.

مسألة ٨٩٩ : لو قال : لي عليك ألف دينار ، فقال : لك علَيَّ أكثر من ذلك ، لم يلزمه أكثر من الألف ، بل ولا الألف ؛ لأنّ لفظة « أكثر » مبهمة ؛ لاحتمالها الأكثريّة في القدر أو العدد ، فيحتمل أنّه أراد أكثر منه فلوساً أو حَبّ حنطة أو حَبّ شعير أو دخن ، فيرجع في ذلك إلى تفسيره.

واستبعده بعض العامّة ؛ لأنّ « أكثر » إنّما تُستعمل حقيقةً في العدد أو في القدر ، فيُصرف إلى جنس ما أُضيف « أكثر » إليه ، لا يُفهم في الإطلاق غير‌

٣١١

ذلك ، قال الله تعالى :( كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ ) (١) وقال تعالى :( أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً ) (٢) ( وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً ) (٣) مع أنّه إذا قال : له علَيَّ دراهم ، لزمه ثلاثة أقلّ الجمع وازنة صحيحة حالّة ، مع احتمال إرادة الأدون والأردأ والمؤجَّل ، ولا يُقبل تفسيره بهذه ؛ حملاً للّفظ على ظاهره ، واحتمال « أكثر » هنا أبعد(٤) .

والتحقيق أنّ « أكثر » إن قُرن بـ « من » لم تجب مشاركته في الجنس ، وإلّا وجب ؛ لأنّ « أفعل » بعض لما يضاف إليه.

مسألة ٩٠٠ : لو قال : لزيدٍ علَيَّ مال أكثر ممّا تشهد به الشهود على فلان ، قُبِل تفسيره بأقلّ ما يُتموّل أيضا ؛ لاحتمال أنّه يعتقد أنّهم شهدوا زوراً ، ويريد أنّ القليل من الحلال أكثر بركةً.

ولو قال : أكثر ممّا قضى [ به ] القاضي على فلان ، فهو كما لو قال : أكثر ممّا شهد به الشهود ؛ لأنّ قضاء القاضي قد يكون مستنداً إلى شهادة الزور وإلى شهادة الفُسّاق ، ويجوز أن يغلط أو يعصي ، فيقضي بغير الحقّ ، والحكم الظاهر لا يغيّر ما عند الله.

وهذا أظهر وجهي الشافعيّة. والثاني : إنّه يلزمه القدر الذي قضى به القاضي ؛ لأنّ قضاء القاضي محمول على الحقّ والصدق(٥) .

وليس جيّداً.

مسألة ٩٠١ : لو قال : لفلانٍ علَيَّ أكثر ممّا في يد زيدٍ ، قُبِل تفسيره

____________________

(١) غافر : ٨٢.

(٢) الكهف : ٣٤.

(٣) سبأ : ٣٥.

(٤) المغني ٥ : ٣١٧ - ٣١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٠.

٣١٢

بأقلّ ما يُتموّل ، كما لو قال : أكثر من مال فلان.

ولو قال : له علَيَّ أكثر ممّا في يد فلان من الدراهم ، لا يلزمه التفسير بجنس الدرهم ، لكن يلزمه ذلك العدد من أيّ جنسٍ شاء وزيادة بأقلّ ما يُتموّل ، وبه قال بعض الشافعيّة(١) .

واعتُرض بأنّه يخالف قياس ما سبق ؛ لوجهين :

الأوّل : التزام ذلك العدد.

والثاني : التزام زيادةٍ عليه(٢) .

والتأويل الذي تقدّم للأكثريّة ينفيهما جميعاً.

ولو قال : له علَيَّ من الدراهم أكثر ممّا في يد فلان من الدراهم ، وكان في يد فلان ثلاثة دراهم ، قال بعض الشافعيّة : يلزمه ثلاثة دراهم وزيادة أقلّ ما يُتموّل(٣) .

وقال بعضهم : لا يلزمه زيادة ؛ حملاً للأكثر على ما سبق(٤) .

والأقرب عندي : إنّه يُقبل لو فسّر بما دون الثلاثة أيضاً.

ولو كان في يده عشرة دراهم وقال الـمُقرّ : لم أعلم وظننتُ أنّه ثلاثة ، قُبِل قوله مع يمينه.

البحث الثالث : في الإقرار بكناية العدد.

مسألة ٩٠٢ : لو قال : لفلان علَيَّ كذا ، فهو مبهم بمنزلة قوله : له علَيَّ شي‌ء ، فيُقبل تفسيره بما يُقبل به تفسير الشي‌ء.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٠.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٠.

٣١٣

ولو قال : له علَيَّ كذا كذا ، فهو كما لو قال : كذا ، والتكرار للتأكيد لا للتجديد ، فكأنّه قال : له علَيَّ شي‌ء شي‌ء.

ولو قال : له علَيَّ كذا وكذا ، فعليه التفسير بشيئين مختلفين أو متّفقين يُقبل كلّ واحدٍ منهما في تفسير « كذا » من غير عطفٍ.

وكذا لو قال : علَيَّ شي‌ء ، أو قال : شي‌ء وشي‌ء.

ولو عقّبه بالدرهم مثلاً ، فقال : له علَيَّ كذا درهم ، فلا يخلو إمّا أن ينصب الدرهم أو يرفعه أو يجرّه أو يقف عليه.

فإن نصبه فقال : له علَيَّ كذا درهماً ، لزمه درهم واحد ، وكان الدرهم منصوباً على التمييز ؛ لأنّه تفسير لما أبهمه.

وقال بعض الكوفيّين : إنّه منصوب على القطع ، فكأنّه قطع ما ابتدأ به وأقرّ بدرهمٍ(١) .

وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : يلزمه عشرون درهماً ؛ لأنّه أقلّ اسم عددٍ مفرد ينتصب الدرهم المفسّر عقيبه(٣) .

وهو جيّد إن كان المـُقرّ عارفاً بالعربيّة. والأقرب : الأوّل ؛ لأنّه المتيقّن.

____________________

(١) المغني ٥ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٢.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٢٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٣ ، البيان ١٣ : ٤٢٢ - ٤٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، المغني ٥ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٢ ، عيون المجالس ٤ : ١٧١١ / ١٢٠٥.

(٣) روضة القضاة ٢ : ٧٢١ ، ذيل الرقم ٤٠٧٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٥ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٧١١ / ١٢٠٥.

٣١٤

وإن رفعه فقال : كذا درهمٌ ، لزمه درهم واحد إجماعاً ، وتقديره : شي‌ء هو درهم ، فجعل الدرهم بدلاً من « كذا ».

وإن جرّه ، لزمه بعض درهمٍ ، وصار تقديره : له علَيَّ جزء درهمٍ ، أو بعض درهمٍ ، ويرجع في تفسير قدره إليه ، ويكون « كذا » كنايةً عن ذلك الجزء.

وقال بعض أصحاب أبي حنيفة : إنّه يلزمه مائة درهم ؛ لأنّه أقلّ عددٍ يضاف اسم العدد إليه(١) ويجرّ به(٢) .

وما ذكرناه أولى ؛ لأنّه المتيقّن ، ولا يُنظر إلى الإعراب في تفسير الألفاظ المبهمة ، ولا تُوازن المبهمات المبيّنات.

ولا فرق بين أن يقول : علَيَّ كذا درهم صحيح ، أو لم يقل لفظة « صحيح ».

وبعضهم فرّق بأنّه إذا قال : له علَيَّ كذا درهم صحيح ، بالجرّ ، لم يجز حمله على بعض درهمٍ ، فتتعيّن المائة(٣) .

والحقّ أنّه يلزمه درهم واحد.

وقال بعض الشافعيّة : إذا جرّ ، لزمه درهم واحد إذا لم يقل : « صحيح »(٤) .

ولو وقف ، لزمه بعض درهمٍ ، كما في حالة الجرّ ؛ لأنّه المتيقّن ، لأنّه يجوز أن يسقط حركة الجرّ للوقف.

____________________

(١) كذا قوله : « لأنّه أقلّ عددٍ يضاف اسم العدد إليه ». وفيه اضطراب.

(٢) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨.

(٣) راجع العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، وروضة الطالبين ٤ : ٣٠ - ٣١.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١ ، المغني ٥ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٢.

٣١٥

وقال بعض الشافعيّة : يلزمه درهم(١) .

مسألة ٩٠٣ : لو قال : له علَيَّ كذا كذا ، فهو بمنزلة مَنْ لم يكرّر ، يلزمه درهم واحد.

ثمّ التقدير أن نقول : إمّا أن ينصب الدرهم أو يرفعه أو يجرّه أو يقف.

فإن نصب ، لزمه درهم لا غير ، ولا يقتضي التكرير الزيادة ، كأنّه قال : له شي‌ء شي‌ء.

وقال أبو حنيفة : يلزمه أحد [ عشر ](٢) درهماً ؛ لأنّه أقلّ عددٍ مركّبٍ ينتصب بعده المميّز إن كان عالماً بالعربيّة(٣) .

والأجود ما قلناه ؛ تنزيلاً للإقرارات على المتيقّن ، لا على المظنون ؛ حيث أُخرجت أصالة براءة الذمّة عن أصلها.

ولو رفع ، لزمه درهم واحد أيضاً. وتقديره : كذا كذا هو درهم. ولا خلاف فيه.

ولو جرّ ، لزمه بعض درهمٍ ؛ لاحتمال أن يكون قد أضاف جزءاً إلى جزءٍ ثمّ أضاف الجزء الآخر إلى الدرهم ، فيصير كأنّه قال : له بعضُ بعضِ‌

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٢٤٦ ، البيان ١٣ : ٤٢٣ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وعشرون ». والمثبت كما في المصادر هو الصحيح.

(٣) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٥ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٢ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، الفقه النافع ٣ : ١٢١٨ / ٩٧٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨١ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ - ٣٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

٣١٦

درهمٍ ، ويُقبل تفسيره .

وكذا لو وقف.

وقال بعض الشافعيّة : يلزمه في الجرّ والوقف والنصب والرفع درهم واحد(١) .

والوجه ما قلناه.

ولو قال : كذا كذا كذا درهم ، لزمه بعض درهمٍ أيضاً ؛ لاحتمال أنّه أراد ثُلث سُبع عُشر درهمٍ.

مسألة ٩٠٤ : لو كرّر « كذا » مع العطف ، فقال : له علَيَّ كذا وكذا ، فإن رفع الدرهم ، لزمه درهم واحد ؛ لأنّه ذكر شيئين ثمّ أبدل منهما درهماً ، فكأنّه قال : هُما درهم ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : إنّه يلزمه درهم وزيادة(٢) .

ولو نصب ، فالأقرب : إنّه يلزمه درهم واحد ؛ لأنّ « كذا » يحتمل أن يكون أقلّ من درهمٍ ، فإذا عطف عليه مثله ثمّ فسّرهما بدرهمٍ واحد ، جاز.

وقال الشافعي : يلزمه درهمان ؛ لأنّ « كذا » يقع على درهمٍ ، يعني لمّا وصل الجملتين بالدرهم كان كلّ واحدٍ من المعطوف والمعطوف عليه واقعاً على درهمٍ ، فكأنّه كناية عنه(٣) .

قال المزني : وقال في موضعٍ آخَر : إذا قال : كذا وكذا درهماً ، قيل : أعطه درهماً أو أكثر من قِبَل أنّ « كذا » يقع على أقلّ من درهمٍ ، وقوله :

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١.

(٣) الأُم ٦ : ٢٢٣ ، مختصر المزني : ١١٢ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٧ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٥٠ ، بحر المذهب ٨ : ٢٤٦ - ٢٤٧ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥.

٣١٧

« أو أكثر » أي : إذ ا فسّره بأكثر من درهمٍ ، لزمه ، وإلّا فالدرهم يقين. ويُروى في بعض النسخ : « وأكثر ». هذا ما نقله المزني(١) .

واختلف أصحاب الشافعي في المسألة على طريقين :

أشهرهما : إنّه على قولين :

أصحّهما : إنّه يلزمه درهمان ؛ لأنّه أقرّ بجملتين مبهمتين ، وعقّبهما بالدرهم ، فالظاهر كونه تفسيراً لهما ، كما لو قال : له علَيَّ عشرون درهماً ، فإنّ الدرهم تفسير للعشرين.

والثاني - وهو اختيار المزني - : إنّه لا يلزمه إلاّ درهم واحد ؛ لجواز أن يريد به تفسير اللفظين معاً بالدرهم ، وحينئذٍ يكون المراد من كلّ واحدٍ نصف درهمٍ(٢) .

وزاد بعضهم قولاً ثالثاً ، وهو : إنّه يلزمه درهم وشي‌ء ، أمّا الدرهم : فلتفسير الجملة الثانية ، وأمّا الشي‌ء : فللأُولى الباقية على إبهامها. وهو موافق لرواية مَنْ روى « أعطه درهماً وأكثر »(٣) .

والطريق الثاني : القطع بأنّه يلزمه درهمان.

واختلفوا في نقل المزني والتصرّف فيه من وجوه :

أ - حمل ما نقله عن موضعٍ آخَر على ما إذا قال : « كذا وكذا درهم » ‌

____________________

(١) مختصر المزني : ١١٢ ، الأُم ٦ : ٢٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٧ و ٢٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، البيان ١٣ : ٤٢٣ - ٤٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٢٧ - ٢٨ ، الوجيز ١ : ١٩٨ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١.

٣١٨

بالرفع ، كأنّه يقول : وكذا الذي أبهمته درهم.

ب - إنّه حيث قال : « درهمان » أراد ما إذا أطلق اللفظ ، وحيث قال : « درهم » أراد ما إذا نواه ، فصرف اللفظ عن ظاهره بالنيّة.

ج - إنّه حيث قال : « درهم » أراد ما إذا قال : « كذا وكذا درهماً » فشكّ أنّ الذي يلزمه شيئان أو شي‌ء واحد.

د - إنّه حيث قال : « يلزمه درهم » صوّر فيما إذا قال : « كذا كذا درهماً »(١) .

وقال أبو حنيفة : يلزمه أحد وعشرون درهماً ؛ لأنّه أقلّ مفرد ميّز عددين أحدهما معطوف على الآخَر(٢) .

وحكي عن أبي يوسف أنّه إذا قال : « كذا وكذا ، أو : كذا وكذا درهماً »(٣) لزمه أحد عشر درهماً(٤) .

ولو جرّ الدرهم ، لزمه درهم عند بعض الشافعيّة(٥) .

والحقّ أنّه يلزمه بعض الدرهم ، والتقدير أنّه يلزمه شي‌ء وبعض درهمٍ ، وكلاهما بعض درهمٍ.

ولو قال : كذا وكذا وكذا درهماً ، فإن قلنا : إن كرّر مرّتين لزمه‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٨ ، البيان ١٣ : ٤٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

(٢) بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٥ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ - ٣٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

(٣) « درهماً » لم ترد في النسخ الخطّيّة.

(٤) بحر المذهب ٨ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ ، المغني ٥ : ٣٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٤.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٣.

٣١٩

درهمان ، فهنا يلزمه ثلاثة. وإن قلنا : يلزمه درهم ، فكذا هنا.

مسألة ٩٠٥ : لو قال : له علَيَّ ألف ودرهم ، أو ألف ودراهم ، أو ألف وثوب ، أو ألف وعبد ، فقد عطف معيّن الجنس على مبهمه ، فله تفسير الألف بغير جنس المعطوف بأيّ شي‌ء أراد ، عندنا - وبه قال الشافعي ومالك(١) - إذ لا منافاة بين عطف بعض الأجناس على ما يغايرها ، بل هو الواجب ، فبأيّ شي‌ء فسّره قُبِل ، حتّى لو فسّره بحبّات الحنطة قُبِل.

ولو فسّره بألف كلب ، فوجهان على ما سلف(٢) .

وقال أبو حنيفة : إن عطف على العدد المبهم موزوناً أو مكيلاً ، كان تفسيراً له. وإن كان مذروعاً أو معدوداً ، وبالجملة يكون [ متقوّماً ](٣) لم يكن تفسيراً - كالثوب والعبد - لأنّ « علَيَّ » للإيجاب في الذمّة ، فإذا عطف عليه ما يثبت في الذمّة بنفسه ، كان تفسيراً له ، كقوله : مائة وخمسون درهماً ، وقوله : خمسة وعشرون درهماً ، فإنّ الدرهم تفسير العشرين ، والعشرون تفسير الخمسة(٤) .

____________________

(١) الأُم ٦ : ٢٢٣ ، مختصر المزني : ١١٢ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٥٠ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣٥ ، الوجيز ١ : ١٩٨ ، الوسيط ٣ : ٣٣٥ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ - ٣٥١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٠ ، البيان ١٣ : ٤٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٢ ، منهاج الطالبين : ١٤١ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٥ / ١٠٤٦ ، الذخيرة ٩ : ٢٧٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٠٦ - ١٧٠٧ / ١٢٠١ ، المعونة ٢ : ١٢٥٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣.

(٢) في ص ٢٩٧ ، المسألة ٨٨٧.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مفهوماً » وذلك تصحيف.

(٤) تحفة الفقهاء ٣ : ١٩٩ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : =

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

أو : جراب فيه تمر ، فهو إقرار بالظرف خاصّةً ، دون المظروف ؛ للتغاير الذي قلناه ، وعدم الاستلزام بين الإقرار بالشي‌ء والإقرار بغيره ، ولصدق الإضافة إلى الـمُقرّ في المظروف.

ولو قال : غصبتُه فرساً في اصطبلٍ ، فهو إقرار بالفرس خاصّةً.

ولو قال غصبتُه دابّةً عليها سرج ، أو زمام ، أو : بغلاً عليه برذعة ، فهو إقرار بالدابّة والبغل خاصّةً ، دون السرج والزمام والبرذعة.

أمّا لو قال : غصبتُه عبداً على رأسه عمامة ، أو : في وسطه منطقة ، أو : في رِجْله خُفٌّ ، فهو إقرار بها مع العبد ؛ لأنّ للعبد يداً على ملبوسه ، وما في يد العبد فهو في يد سيّده ، فإذا أقرّ بالعبد للغير ، كان ما في يده لذلك الغير ، بخلاف المنسوب إلى الفرس ، فإنّه لا يد لها على ما هو عليها ، ولهذا لو جاء بعبدٍ وعليه عمامة وقال : هذا العبد لزيدٍ ، كانت العمامة له أيضاً. ولو جاء بدابّةٍ وعليها سرج وقال : هذه الدابّة لزيدٍ ، لم يكن السرج له.

قال بعض الشافعيّة : هذا يقتضي فرقاً لا من جهة الإقرار ، وتكون العمامة غير داخلةٍ في الإقرار ، وإنّما تثبت من جهة العبد(١) .

وعامّة أصحاب الشافعي على أنّه لا فرق بينهما(٢) .

ولو قال : له عندي دابّة مسروجة ، أو : دار مفروشة ، لم يكن مُقرّاً بالسرج والفرش ، بخلاف ما لو قال : بسرجها وبفرشها ، فإنّه يلزمه السرج والفرش ؛ لأنّ الباء تُعلّق الثاني على الأوّل.

وكذا لو قال : له عندي سفينة بطعامها ، كان إقراراً بالطعام.

ولو قال : سفينة فيها طعام ، أو : طعام في سفينةٍ ، لم يكن مُقرّاً‌

____________________

(١ و ٢) بحر المذهب ٨ : ٢٤٥ ، الوسيط ٣ : ٣٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٤ ، البيان ١٣ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٥.

٣٤١

بالطعام في الأُولى ولا بالسفينة في الثانية.

ولو قال : له عندي ثوب مطرز ، كان إقراراً بالطراز ؛ لأنّ الطراز جزء من الثوب.

وقال بعضهم : إن رُكّب عليه بعد النسج ، فوجهان(١) .

مسألة ٩٢٠ : لو قال : له علَيَّ فَصٌّ في خاتمٍ ، فهو إقرار بالفَصّ خاصّةً ، دون الخاتم.

ولو قال : خاتم فيه فَصٌّ ، فالأقوى أنّه لا يكون مُقرّاً بالفَصّ - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) - لجواز أن يريد : فيه فَصٌّ لي ، فصار(٣) كالصورة السابقة.

والثاني : إنّه يكون مُقرّاً بالفَصّ ؛ لأنّ الفَصّ من الخاتم حتى لو باعه دخل فيه ، بخلاف تلك الصورة(٤) .

واعلم أنّ بعض العامّة ذكر وجهين في جميع الصُّوَر السابقة - مثل قوله : له عندي درهم في ثوبٍ ، أو : زيت في جرّةٍ ، أو : سكّين في قرابٍ ، أو : فَصٌّ في خاتمٍ ، أو : غصبتُ منه ثوباً في منديلٍ ، أو : زيتاً في زقٍّ. وبالجملة ، كلّ مظروف مع ظرفه ، وبالعكس - أحدهما : دخول الظرف في المظروف وبالعكس. والثاني : عدم الدخول(٥) .

ولو اقتصر على قوله : عندي خاتم ، ثمّ قال بعد ذلك : ما أردتُ‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٥ - ٢٦ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٥١ ، بحر المذهب ٨ : ٢٤٥ ، الوسيط ٣ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٥ ، البيان ١٣ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٥.

(٢ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٥.

(٣) فيما عدا « ج » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فهو » بدل « فصار ».

(٥) المغني ٥ : ٣٠٠ - ٣٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٥٢.

٣٤٢

الفَصّ ، فالأقوى عن دي : القبول ، ولا يدخل الفَصّ في الإقرار.

وأصحّ وجهي الشافعيّة : إنّه لا يُقبل تفسيره ، فيدخل(١) الفَصُّ في الإقرار ؛ لأنّ الفَصّ مندرج تحت اسم الخاتم ، فتفسيره رجوع عن بعض الـمُقرّ به(٢) .

ولو قال : له حَمْلٌ في بطن جاريةٍ ، لم يكن مُقرّاً بالجارية.

وكذا لو قال : نعل في حافر دابّةٍ ، أو : عروة على قمقمةٍ.

ولو قال : جارية في بطنها حَمْلٌ ، ودابّة في حافرها نعل ، وقمقمة عليها عروة ، فالأقوى : عدم الدخول.

وللشافعيّة وجهان ، كما في قوله : خاتم فيه فَصٌّ(٣) .

ويترتّب الوجهان عند الشافعيّة في صورة الحمل على الوجهين فيما إذا قال : هذه الجارية لفلان ، وكانت حاملاً ، هل يتناول الإقرار بالحمل؟ فيه وجهان لهم :

أحدهما : نعم ، كما في البيع.

وأظهرهما : لا ، وله أن يقول : لم أُرد الحمل ، بخلاف البيع ؛ لأنّ الإقرار إخبار عن حقٍّ سابق ، وربما كانت الجارية له ، دون الحمل بأن كان الحمل موصًى به ، أو كان حُرّاً(٤) .

وسلّم القفّال أنّه لو قال : هذه الجارية لفلان إلّا حملها ، يجوز ،

____________________

(١) في « ج ، ر » : « ويدخل ».

(٢) الوسيط ٣ : ٣٣٨ - ٣٣٩ ، الوجيز ١ : ١٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٥.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٦.

٣٤٣

بخلاف البيع (١) .

فإ ن قلنا : الإقرار بالجارية يتناول الحمل ، ففيه وجهان كما في الصورة السابقة ، وإلّا فنقطع بأنّه لا يكون مُقرّاً بالحمل إذا قال : جارية في بطنها حمل(٢) .

وعندنا أنّ الحمل لا يدخل في الإقرار ولا في البيع.

مسألة ٩٢١ : لو قال : له ثمرة على شجرةٍ ، كان إقراراً بالثمرة خاصّةً ، ولم يكن مُقرّاً بالشجرة.

ولو قال : شجرة عليها ثمرة ، فليرتّب على أنّ الثمرة هل تدخل في مطلق الإقرار بالشجرة؟

عند الشافعيّة هي لا تدخل بعد التأبير ، كما في البيع(٣) .

وفي فتاوى القفّال أنّها تدخل(٤) .

وهو بعيد.

وأمّا قبل التأبير فوجهان ، أظهرهما : إنّها لا تدخل أيضاً ؛ لأنّ الاسم لا يتناولها ، والبيع ينزّل على المعتاد(٥) .

والمعتمد عندنا : إنّها لا تدخل الشجرة ولا الثمرة لو أقرّ بإحداهما.

وضبط القفّال فقال : كلّ ما يدخل تحت المبيع المطلق يدخل تحت الأقارير ، وما لا فلا ، إلّا الثمار المؤبَّرة(٦) .

وقال آخَرون : ما لا يتبع في المبيع ولا يتناوله الاسم فهو غير داخلٍ ، وما يتبع ويتناول فهو داخل ، وما يتبع ولا يتناوله الاسم ففيه وجهان(٧) .

مسألة ٩٢٢ : لو قال : له علَيَّ ألف في هذا الكيس ، لزمه‌ ، سواء كان‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٧.

(٣ - ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٦.

٣٤٤

فيه شي‌ء أو لم يكن ؛ لأنّ قوله : « علَيَّ » يقتضي اللزوم ، ولا يكون مُقرّاً بالكيس.

وإن كان فيه دون الألف ، فالأقوى : إنّه يلزمه الإتمام ، كما لو لم يكن فيه شي‌ء يلزمه الألف ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : إنّه لا يلزمه إلّا ذاك القدر ؛ لحصر الـمُقرّ به فيه(١) .

ولو قال : [ له ] علَيَّ الألف الذي في هذا الكيس ، فإن كان فيه دون الألف لم يلزمه إلّا ذلك القدر ؛ لجمعه بين التعريف والإضافة إلى الكيس.

وقال بعض الشافعيّة : يلزمه الإتمام(٢) .

وهو مبنيّ على أنّ الإشارة إذا عارضت اللفظ أيّهما يُقدَّم؟

والأقوى عندي هنا لزوم الإتمام.

ولو لم يكن في الكيس شي‌ء ، فللشافعيّة قولان مبنيّان على ما إذا حلف ليشربنّ ماء هذا الكوز ، ولا ماء فيه ، هل تنعقد يمينه ويحنث ، أم لا؟(٣) .

والوجه عندي : لزوم الألف ، وعدم انعقاد اليمين حيث لا متعلّق لها.

مسألة ٩٢٣ : لو قال : له في هذا العبد ألف درهم ، فهو مجمل يحتاج إلى الاستفسار ، فاذا طولب بالبيان فإن قال : أردتُ أنّه جنى عليه أو على عبده جناية أرشها ألف ، قُبِل وتعلّقت الألف برقبته.

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٣٣٩ ، الوجيز ١ : ١٩٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٦.

(٢) الوسيط ٣ : ٣٣٩ - ٣٤٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٦.

(٣) الوسيط ٣ : ٣٤٠ ، الوجيز ١ : ١٩٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٦.

٣٤٥

وإن قال : أردتُ أنّه رهن عنده بألف علَيَّ ، فالأقوى : القبول ؛ لأنّ الدَّيْن وإن كان محلّه الذمّة فله تعلُّقٌ ظاهر بالمرهون ، فصار كالتفسير بأرش الجناية ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه لا يُقبل ؛ لأنّ الألف تقتضي كون العبد محلّاً للألف ، ومحلّ الدَّيْن الذمّة ، لا المرهون ، وإنّما المرهون وثيقة له ، وعلى هذا فإذا نازعه الـمُقرّ له أخذناه بالألف الذي ذكره في التفسير ، وطالبناه للإقرار المجمل بتفسيرٍ صالح(١) .

والمعتمد : الأوّل.

وإن قال : أردتُ أنّه وزن في ثمنه عنّي ألفاً ، كان ذلك قرضاً عليه.

وإن قال : نقد في ثمنه لنفسه ألفاً ، قيل له : كم ثمنه؟ وهل وزنت شيئاً ، أم لا؟ فإن قال : الثمن ألف ولم أزن فيه شيئاً ، قال الشافعي : كان العبد كلّه للمُقرّ له(٢) .

وإن قال : وزنت أنا شيئاً أيضاً في ثمنه ، سئل عن كيفيّة الشراء هل كان دفعةً أو لا؟ فإن قال : كان دفعةً واحدة ، سئل عن قدر ذلك ، فإن قال : وزنت ألفاً أيضاً ، فالعبد بينهما بالسويّة ، وإن قال : وزنت ألفين ، فثلثا العبد له ، والثلث للمُقرّ له ، وعلى هذا القياس.

والقول قوله في ذلك مع يمينه ، سواء كانت القيمة أقلّ من ذلك أو أكثر ، فقد يكون غابناً ، وقد يكون مغبوناً ، فلا يُنظر إلى قيمة العبد.

خلافاً لمالك ؛ فإنّه قال : لو كان العبد يساوي ألفين وقد زعم أنّه وزن‌

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٢٦٢ ، الوسيط ٣ : ٣٤٠ ، الوجيز ١ : ١٩٩ ، البيان ١٣ : ٤٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٦ - ٣٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٧.

٣٤٦

ألفين ووزن الـمُقرّ له ألفاً ، يكون العبد بينهما بالسويّة ، ولا يُقبل قوله : إنّي وزنت ألفين في ثلثيه. وقد يُعبّر عن مذهبه بأنّ للمُقرّ له من العبد ما يساوي ألفاً(١) .

والشافعي(٢) وافقنا على ما قلناه.

وإن قال : اشتريناه بإيجابين وقبولين ، ووزن هو في شراء عُشْره - مثلاً - ألفاً ، وأنا اشتريت تسعة أعشاره بألف ، قُبِل - لأنّه محتمل - مع يمينه ، سواء وافق قيمته أو لم يوافق ، وسواء كان الألف أقلّ ثمناً ممّا عيّنه له من الحصّة أو أكثر ، وسواء كان ما عيّنه لنفسه أزيد أو أقلّ.

وإن قال : أردتُ به أنّه أوصى له بألف من ثمنه ، قُبِل وبِيع ودُفع إليه ألف من ثمنه.

وإن أراد أن يعطيه ألفاً من غير ثمن العبد ، لم يكن له ذلك إلّا برضا الـمُقرّ له ؛ لأنّه استحقّ ألفاً من ثمنه ، فوجب البيع في حقّه ، إلّا أن يرضى بتركه.

وإن فسّره بأنّه دفع إليه ليشتري له العبد ففعل ، فإن صدّقه المُقرّ له فالعبد له ، وإن كذّبه فقد ردّ إقراره بالعبد ، وعليه ردّ الألف الذي أخذه.

وإن قال : أردتُ أنّه أقرضني ألفاً فصرفتُه إلى ثمنه ، قُبِل ، ولزمه الألف.

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٣٤٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٩.

(٢) الوسيط ٣ : ٣٤٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٧.

٣٤٧

والخلاف للشافعيّة فيما إذا فسّره بالرهن آتٍ هنا(١) .

ولو قال : له من هذا العبد ألف درهم ، فهو كما لو قال : له في هذا العبد.

ولو قال : من ثمن هذا العبد ، فكذلك عند بعض الشافعيّة(٢) .

ولو قال : له علَيَّ درهم في دينار ، فهو كما لو قال : ألف في هذا العبد.

وإن أراد بـ « في » « مع » لزمه الدرهم والدينار معاً على إشكالٍ.

مسألة ٩٢٤ : لو قال : له في ميراث أبي ألف ، فهو إقرار على أبيه بدَيْنٍ.

وكذا لو قال : له من ميراث أبي.

ولو قال : له في ميراثي من أبي ، أو : من ميراثي من أبي ألف ، رجع إليه في التفسير ؛ لأنّه يحتمل أنّه يريد هبةً منه غير لازمة ، فهو بالخيار بين أن يسلّمها أو لا يسلّمها ، إلّا أن يريد إقراراً.

والفرق : إنّه في الصورة الثانية أضاف الميراث إلى نفسه ، وما يكون له لا يصير لغيره بالإقرار ، فكان كما لو قال : داري أو مالي لفلان ، وفي الأُولى لم يُضف الميراث إلى نفسه ، فكان مُقرّاً بتعلّق الألف بالتركة ، واقتضى قوله وجوبها له في الميراث ، ومع الإضافة اليه لا يُحمل ذلك على الوجوب ؛ لأنّه أضاف الميراث إلى نفسه ثمّ جعل له جزءاً ، فكان ذلك هبةً ؛ لأنّه جعل له جزءاً من ماله ، وذلك كما يقول : لفلان في هذه الدار نصفها ، فإنّه يكون إقراراً بالنصف ، وإن قال : له من داري نصفها ، كان ذلك‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٧.

٣٤٨

هبةً منه ، لا إقرار اً.

ومَنَع بعضُ الشافعيّة التناقضَ بين إضافة الميراث إلى نفسه وبين تعلّق دَيْن الغير به ، فإنّ تركة كلّ مديونٍ مملوكة لورثته على الصحيح والدَّيْن متعلّق بها(١) .

وقال أكثرهم : إنّ الفرق أنّه إذا قال : في ميراث أبي ، فقد أثبت حقّ الـمُقرّ له في التركة ، وذلك لا يحتمل إلّا شيئاً واجباً ، فإنّ التبرّعات التي لا تلزم ترتفع بالموت ، ولا تتعلّق بالتركة. وإذا قال : في ميراثي من أبي ، فقد أضاف التركة إلى نفسه ، ثمّ جعل للمُقرّ له شيئاً فيها وأضافه إليه ، وذلك قد يكون بطريقٍ لازم ، وقد يكون على سبيل التبرّع ، فاذا فسّر بالتبرّع قُبِل ، واعتبر فيه شرطه(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : لا فرق بين الصورتين(٣) .

والمشهور : الفرق(٤) .

ومثله لو قال : له في هذه الدار نصفها ، فهو إقرار.

ولو قال : في داري نصفها ، فهو وعد بهبةٍ(٥) .

واشتهر عن الشافعي أنّه لو قال : له في مالي ألف درهم ، كان إقراراً.

ولو قال : من مالي ، كان وعداً بهبةٍ ، لا إقراراً(٦) .

والبحث هنا في موضعين :

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٨.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٩ - ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٨.

(٥) في « ث » : « هبة ».

(٦) بحر المذهب ٨ : ٢٦٤ ، حلية العلماء ٨ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٨.

٣٤٩

أحدهما : إنّ هذا ال قول في قوله : « في مالي » يخالف ما قال قبل ذلك في قوله : « في ميراثي » و« في داري ».

والثاني : لِمَ فرّق بين « في » و« من »؟

أمّا الأوّل : فللشافعيّة فيه طريقان فيما إذا قال : له في مالي ألف درهم.

منهم مَنْ قال : فيه قولان :

أحدهما : إنّه وعد هبة ؛ لإضافة المال إلى نفسه.

والثاني : إنّه إقرار ؛ لأنّ قوله : « له » يقتضي الملك ، وبوعد الهبة لا يحصل الملك(١) .

ومنهم مَنْ قطع بأنّه وعد هبة ، وحمل ما روي في القول الأخير على خطأ الناسخ ، وربما أوّله على ما إذا أتى بصيغة الالتزام ، فقال : علَيَّ في مالي ألف درهم ، فإنّه يكون إقراراً(٢) .

وإذا أثبتنا الخلاف ، فعن بعض الشافعيّة أنّه يطّرد فيما إذا قال : في داري نصفها ، وامتنع من طرده فيما إذا قال : في ميراثي من أبي(٣) .

وقال آخَرون : إنّه يلزم تخريجه بطريق الأولى ؛ لأنّ قوله : « في ميراثي من أبي » أولى بأن يجعل إقراراً من قوله : « في مالي ، أو : في داري » لأنّ التركة مملوكة للورثة مع تعلّق الدَّيْن بها ، فيحسن إضافة الميراث إلى نفسه مع الإقرار بالدَّيْن ، بخلاف المال والدار(٤) .

وأمّا الثاني فمن الشافعيّة مَنْ قال : لا فرق ، ولم يثبت هذا النصّ ، و(٥)

____________________

(١ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٨.

(٥) في المصدر : « أو » بدل « و ».

٣٥٠

أوّله (١) .

ومنهم مَنْ فرّق بأنّ « في » تقتضي كون مال الـمُقرّ ظرفاً لمال الـمُقرّ له ، وقوله : « من مالي » يقتضي الفصل والتبعيض ، وهو ظاهر في الوعد بأنّه يقطع شيئاً من ماله له ، وإذا فرّقنا بينهما لزم مثله في الميراث والدار لا محالة(٢) .

والظاهر عندهم عدم الفرق ، وأنّ الحكم في قوله : « في مالي » كما قلنا أوّلاً في « ميراثي »(٣) .

واستبعد الجويني تخريجَ الخلاف فيما إذا قال : له في داري نصفها ؛ لأنّه إذا أضاف الكلّ إلى نفسه ، لم ينتظم منه الإقرار ببعضه ، كما لا ينتظم منه الإقرار بكلّه بأن يقول : داري لفلان ، وخصَّص طريقةَ الخلاف بما إذا لم يكن الـمُقرّ به جزءاً من مسمّى ما أضافه إلى نفسه ، كقوله : في مالي ألف درهم ، أو : في داري ألف درهم(٤) .

هذا كلّه إذا لم يذكر كلمة الالتزام(٥) ، فأمّا إذا أدخلها بأن يقول : علَيَّ ألف درهم في هذا المال ، أو : في مالي ، أو : في ميراثي ، أو : في ميراثي من أبي ، أو : في داري ، أو : في عبدي ، أو : في هذا العبد ، فهو إقرار بكلّ حال. والذي تقدّم من التفصيل مفروض فيما إذا اقتصر على قوله : « في هذا‌ العبد » ولم يقل : « علَيَّ ».

ولو قال : له في ميراثي من أبي ، أو : في مالي ألف بحقٍّ لزمني ، أو بحقٍّ ثابت ، أو : بأمرٍ صحيح ، وما أشبهه ، أو قال : له في مالي بحقٍّ ، أو في داري نصفها بحقٍّ ، أو : له داري هذه بحقٍّ ، لزم ذلك ، وكان كما لو قال :

____________________

(١ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٨.

(٥) في النسخ الخطّيّة : « التزام ».

٣٥١

« علَيَّ » فيكون(١) إقراراً بكلّ حالٍ ؛ لأنّه قد اعترف أنّ الـمُقرّ له يستحقّ ذلك ، فلزمه.

واعلم أنّ قضيّة قولنا : إنّ قوله : « علَيَّ في هذا المال ، أو : في هذا العبد ألف درهم » إقرار له بالألف : أن يلزمه الألف وإن لم يبلغ ذلك المال ألفاً.

وربما يخطر الخلاف المذكور فيما إذا قال : « لفلان علَيَّ ألف في هذا الكيس » وكان فيه دون الألف ، إلّا أنّ ظرفيّة العبد للدراهم ليس كظرفيّة الكيس لها ، فيمكن أن يختلفا في الحكم.

لكن لو قال : في هذا العبد ألف ، من غير كلمة « علَيَّ » وفسّره بأنّه أوصى له بألف من ثمنه ، فلم يبلغ ثمنه ألفاً ، فلا ينبغي أن يجب عليه تتمّة الألف بحالٍ.

واعلم أنّ بعض العامّة قال : لو قال : له في مالي هذا ، أو : من مالي ألف ، وفسّره بدَيْنٍ أو وديعة أو وصيّة فيه ، قُبِل ؛ لأنّه أقرّ بألف ، فقُبِل ، كما لو قال : في مالي. ويجوز أن يضيف إليه مالاً بعضه لغيره ، ويجوز أن يضيف غير ماله(٢) إليه ؛ لاختصاصٍ له ، أو يدٍ له عليه أو ولاية ، كما قال تعالى :( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً ) (٣) وقال تعالى :( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) (٤) وقال تعالى :( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) (٥) فلا يبطل إقراره مع احتمال صحّته.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يكون ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في المصدر : « مال غيره » بدل « غير ماله ».

(٣) النساء : ٥.

(٤) الطلاق : ١.

(٥) الأحزاب : ٣٣.

٣٥٢

ولو قال : أردتُ هبةً ، قُبِل منه ؛ لأنّه محتمل ، وإن امتنع من تقبيضها لم يُجبر عليه ؛ لأنّ الهبة فيها(١) لا تلزم قبل القبض(٢) .

وكذا لو قال : لفلان في داري هذه نصفها ، أو : من داري نصفها(٣) .

وعن أحمد روايتان :

ففي إحداهما : في مَنْ قال : نصف عبدي هذا لفلان ، لم يجز له إلّا أن يقول : وهبته ، وإن قال : نصف مالي هذا لفلان ، لا أعرفه.

والثانية : إذا قال : فرسي هذه(٤) لفلان ، فإقراره جائز(٥) .

وقد بيّنّا أنّ الشافعي قال تارة : إذا قال : له في مالي ألف درهم ، كان إقراراً ، ولو قال : من مالي ، كان هبةً(٦) .

واختلف أصحابه :

فقال بعضهم : إنّه سهو.

وفرّق بعضهم بين « في ميراثي » و« في داري » لأنّ « في مالي » تقتضي أن يكون ماله ظرفاً ، فيكون قد امتزجت ألف للمُقرّ له بماله ، وإذا قال : « من مالي » لم يحتمل ذلك ، ويفارق الدار ؛ لأنّ قوله : « في داري نصفها » بمنزلة قوله : « من داري » لأنّها لا تُسمّى بعد إخراج النصف داراً ، ويُسمّى ما بقي‌

____________________

(١) كلمة « فيها » لم ترد في « ث ، خ ، ر ».

(٢) المغني ٥ : ٣١٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٢٢.

(٣) في « ج » بدل « نصفها » : « بعضها ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « في شي‌ء هذا » يدل « فرسي هذه ». وذلك تصحيف ، والمثبت من المصدر.

(٥) المغني ٥ : ٣١٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٢٢.

(٦) تقدّم تخريجه في ص ٣٤٨ ، الهامش (٦)

٣٥٣

بعد الألف مالاً (١) .

وبعد هذا كلّه فالقول الذي سوّغ الإقرار بقوله : « في مالي ، أو : في داري ، أو : من مالي ، أو : من داري ، أو : ملكي هذا لفلان » لا بأس به عندي ، وقد سلف.

مسألة ٩٢٥ : لو قال : له في هذا العبد شركة ، صحّ إقراره‌ ، وله التفسير بما شاء من قليلٍ فيه وكثير ، وبأيّ قدر شاء.

وقال أبو يوسف : يكون إقراراً بنصفه ؛ لقوله تعالى :( فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٢) واقتضى ذلك التسويةَ بينهم كذا هنا(٣) .

وهو غلط ؛ لأنّ أيّ جزءٍ كان له منه فله فيه شركة ، فكان له تفسيره بما شاء ، كالنصف ، وليس إطلاق لفظ الشركة على ما دون النصف مجازاً ، ولا يخالف الظاهر ، والتسوية في الآية ثبتت لدليلٍ.

وكذا الحكم إذا قال : هذا العبد شركة بيننا.

البحث السادس : في تكرير المُقرّ به مع عدم العطف ومعه ، وبالإضراب مع عدم السلب ومعه.

مسألة ٩٢٦ : لو قال : له علَيَّ درهمٌ درهمٌ درهمٌ ، لم يلزمه إلّا درهمٌ واحد ؛ لاحتمال إرادة التأكيد بالتكرير.

____________________

(١) راجع الهامش (٤) من ص ٣٤٩ ، والهامش (٢) من ص ٣٥٠.

(٢) النساء : ١٢.

(٣) روضة القضاة ٢ : ٧٤٨ / ٥٠٩٢ ، بحر المذهب ٨ : ٢٦٣ ، البيان ١٣ : ٤٣٦ ، المغني ٥ : ٣١٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٧.

٣٥٤

وكذا لو كرّره مائة مرّة فما زاد.

ولو قال : له علَيَّ درهم ودرهم ، أو : ثمّ درهم ، لزمه درهمان ؛ لأنّ العطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ، ولا يصحّ عطف الشي‌ء على نفسه.

ولو قال : له علَيَّ درهم ودرهم ودرهم ، لزمه بالأوّل والثاني درهمان.

وأمّا الثالث فإن أراد به العطف والمغايرة ، لزمه ثلاثة ؛ لأنّه أراد به درهماً آخَر.

وإن قال : أردتُ به تكرير الثاني وتأكيده ، قُبِل ، ولزمه درهمان لا غير ، ويُصدَّق باليمين.

ولو قال : أردتُ به تكرير الأوّل ، لم يُقبل ، ويلزمه ثلاثة ؛ لأنّ التكرار إنّما يؤكّد به إذا لم يتخلّل بينهما فاصل. وهو أظهر وجهي الشافعيّة. والثاني : أنّه يُقبل(١) .

وكذا الحكم عندهم فيما إذا قال : أنتِ طالق وطالق وطالق ، فإن أطلق ففي الطلاق قولان يُنظر في أحدهما إلى صورة اللفظ ، وفي الثاني إلى احتمال التكرار وجريان العادة به. وفي الإقرار طريقان(٢) .

وقال ابن خيران من الشافعيّة : إنّه على قولين في الطلاق(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٥٥ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٥ ، البيان ١٣ : ٤١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٢.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٥٥ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٩ ، بحر المذهب ٨ : ٢٧٧ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٥ ، البيان ١٣ : ٤١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

٣٥٥

وقطع الأكثرون منهم بأنّه يلزمه ثلاثة ، وفرّقوا بأنّ دخول التأكيد في الطلاق أكثر منه في الإقرار ؛ لأنّه يقصد به التخويف والتهديد ، ولأنّه يؤكّد بالمصدر ، فيقال : هي طالق طلاقاً ، والإقرار بخلافه ، وعلى هذا لو كرّر عشر مرّات أو أكثر ، لزمه من الدراهم بعدد ما كرّر ، ولأنّ الواو للعطف ، والعطف يقتضي المغايرة ، فوجب أن يكون الثالث غير الثاني ، كما كان الثاني غير الأوّل ، والإقرار لا يقتضي تأكيداً ، فوجب حمله على العدد(١) .

والحقّ : الأوّل ، وأنّه يُحمل على التأكيد لو قصده ، وهو أخبر بلفظه ، ولا شكّ أنّ اللفظ محتمل للتأكيد والإقرار ، فلا يثبت في ذمّته بالتجويز والاحتمال.

وكذا لو قال : له علَيَّ درهم ثمّ درهم ثمّ درهم ، فهو كما لو قال : درهم ودرهم ودرهم.

ولو قال : درهم ودرهم ثمّ درهم ، لزمه ثلاثة قطعاً ؛ لتغاير لفظتي « ثمّ » والواو ، فلا تصلح للتأكيد اللفظي.

مسألة ٩٢٧ : لو قال : له علَيَّ درهم مع درهم ، أو : معه درهم ، أو : فوق درهم ، أو : فوقه درهم ، أو : تحت درهم ، أو : تحته درهم ، فالأقرب : إنّه يلزمه درهم واحد ؛ لاحتمال أن يكون المراد « مع درهمٍ لي » أو « فوق درهمٍ لي » وأيضاً فقد يريد فوقيّة الجودة وتحتيّة الرداءة ، وبه قال‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٩ ، بحر المذهب ٨ : ٢٧٦ - ٢٧٧ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٥ ، البيان ١٣ : ٤١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

٣٥٦

أكثر الشافعيّة (١) .

ولهم مذهبان آخَران :

أحدهما : إنّه يلزمه درهمان.

واختلف هؤلاء ، منهم مَنْ ناسبٌ [ إلى ](٢) قول الشافعي.

ومنهم مَنْ قال : إنّه مُخرَّج.

فقيل : من الطلاق ، فإنّه لو قال : أنتِ طالق مع طلقة أو فوق طلقة ، وقعت طلقتان.

وقيل : مُخرَّج ممّا لو قال : له علَيَّ درهم قبل درهم ، فإنّه يلزمه درهمان على ما يأتي.

وفرّقوا بينه وبين الطلاق ؛ لأنّ لفظه الصريح موقع ، فإذا أنشأه عمل عليه ، والإقرار إخبارٌ عن سابقٍ ، فإذا كان فيه احتمال رُوجع حتى يتبيّن المراد(٣) .

الثاني : قال بعض الشافعيّة : إن قال : درهم معه درهم ، أو : فوقه درهم ، لزمه اثنان ؛ لرجوع الكناية إلى الأوّل الذي لزمه(٤) .

ولو قال : درهم عليه درهم ، أو : على درهمٍ ، فهو كما لو قال : فوقه درهم ، أو : فوق درهمٍ.

ولو قال : علَيَّ درهم قبل درهمٍ ، أو : قبله درهم ، أو : بعده درهم ، روى المزني عن الشافعي أنّه يلزمه درهمان ، بخلاف الصورة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

٣٥٧

السابقة. والفرق : إ نّ الفوقيّة والتحتيّة ترجعان إلى المكان فيتّصف بهما نفس الدرهم ، والقبليّة والبعديّة ترجعان إلى الزمان ، ولا يتّصف بهما نفس الدرهم ، فلا بدّ من أن يرجع إليه التقدّم والتأخّر ، وليس ذلك إلّا الوجوب عليه(١) .

وفيه قولٌ آخَر للشافعيّة : إنّه لا يلزمه إلّا درهم ؛ لأنّ القبليّة والبعديّة كما يكونان بالزمان يكونان بالرتبة وغيرها. ثمّ هَبْ أنّهما زمانيّان فإنّ نفس الدرهم لا يتّصف بهما ، لكن يجوز رجوعهما إلى غير الواجب(٢) بأن يريد :

درهم مضروب قبل درهمٍ ، وما أشبهه. سلّمنا أنّهما راجعان إلى الواجب(٣) ، لكن يجوز أن يريد : لزيدٍ درهم قبل وجوب درهمٍ لعمرو(٤) .

وفيه نظر ؛ إذ لو سُمع مثل هذه الاحتمالات لسُمع في مثل « له عندي درهم ودرهم » مع اتّفاقهم على لزوم درهمين.

وفي المسألة وجهٌ آخَر أنّه إن قال : « قبله أو بعده درهم » لزمه درهمان ، وإن قال : « قبل درهم أو بعد درهم » لم يلزمه إلّا درهم ؛ لاحتمال أن يريد « قبل لزوم درهمٍ ، أو : بعد درهمٍ كان لازماً »(٥) .

وقال أصحاب الرأي : إذا قال : فوق درهم ، لزمه درهمان ، وإذا قال : تحت درهمٍ ، لزمه واحد ؛ لأنّ « فوق » تقتضي في الظاهر الزيادة ، وقوله :

____________________

(١) مختصر المزني : ١١٣ ، بحر المذهب ٨ : ٢٧٨ - ٢٧٩ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

(٢ و ٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الوجوب » بدل « الواجب ». والمثبت من « العزيز شرح الوجيز ».

(٤) حلية العلماء ٨ : ٢٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩.

٣٥٨

« تحت » يقتضي [ أنّ ] ذلك درهم(١) .

وكذا البحث لو قال : له علَيَّ درهم مع دينار ، لزمه الدرهم لا غير عندنا ، وبه قال الشافعي(٢) .

ولو قال : له علَيَّ دينار قبله قفيز حنطة ، كان عليه دينار لا غير ، ولم يكن عليه القفيز ، وهذا قولٌ آخَر للشافعيّة(٣) .

واختلفوا ، فمنهم مَنْ قال : في المسائل كلّها يلزمه درهمان ؛ لأنّ قوله : « فوق » و« تحت » و« قبله » و« معه » يجري مجرى العطف ؛ لأنّ ذلك يقبل ضمّ درهمٍ آخَر إليه.

ومنهم مَنْ قال : يلزمه درهم واحد.

ومنهم مَنْ قال : إذا قال : « فوق » أو « تحت » أو « مع » لزمه واحد ، وإذا قال : « قبل » و« بعد » لزمه درهمان. وفرّقوا بأنّ « قبل » و« بعد » لا يحتمل إلاّ التاريخ ، فصار أحد الدرهمين مضموماً إلى الآخَر في الإقرار ، و« فوق » و« تحت » تُحمل على الجودة والرداءة ، و« مع » تُحمل [ على ](٤) « مع درهمٍ لي »(٥) .

وأمّا أحمد فإنّه ذهب إلى أنّه يلزمه درهمان في جميع الصُّور(٦) .

مسألة ٩٢٨ : إذا قال : له علَيَّ ، أو : عندي درهم فدرهم ، إن أراد‌

____________________

(١) مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢١٥ / ١٩١٤ ، بحر المذهب ٨ : ٢٧٨ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٦ ، البيان ١٣ : ٤١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، المغني ٥ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٥٠.

(٢) مختصر المزني : ١١٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٥٦.

(٣) الأُم ٦ : ٢٢١ ، بحر المذهب ٨ : ٢٧٩.

(٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٥) بحر المذهب ٨ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٦ ، البيان ١٣ : ٤١٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، وانظر المغني ٥ : ٢٩٨ ، والشرح الكبير ٥ : ٣٤٩.

٣٥٩

العطف لزمه درهمان ، وإن لم يرد العطف لم يلزمه إلّا درهم واحد ، وبه قال الشافعي(١) ، مع أنّه نصّ على أنّه إذا قال : أنتِ طالق فطالق ، أنّه تقع طلقتان(٢) .

ونقل ابن خيران الجواب من كلّ واحدةٍ منهما إلى الأُخرى ، وجَعَلهما على قولين للشافعي :

أحدهما : إنّه يلزمه درهمان ، وتقع طلقتان ؛ لأنّ الفاء حرف عطفٍ كالواو ، و« ثمّ ».

والثاني : إنّه لا يلزمه إلّا واحد ، ولا تقع إلّا طلقة ؛ لأنّ الفاء قد تُستعمل لغير العطف ، فيؤخذ باليقين(٣) .

وذهب الأكثر إلى تقرير النصّين ، وفرّقوا بوجهين :

أحدهما : إنّه يحتمل في الإقرار أن يريد : فدرهم لازم ، أو : فدرهم أجود منه ، ومثل هذا لا ينقدح في الطلاق.

والثاني : إنّ الطلاق إنشاء ، والإقرار إخبار ، والإنشاء أقوى وأسرع نفوذاً ، ولهذا لو أقرّ اليوم بدرهمٍ وغداً بدرهمٍ ، لا يلزمه إلّا درهم ، ولو تلفّظ اليوم بالطلاق ثمّ تلفّظ به غداً ، وقعت طلقتان(٤) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٥٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢٧٧ ، البيان ١٣ : ٤١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٩ - ٤٠.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٥٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢٧٧ ، البيان ١٣ : ٤١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٠.

(٣) بحر المذهب ٨ : ٢٧٧ ، البيان ١٣ : ٤١٧ - ٤١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٠.

(٤) بحر المذهب ٨ : ٢٧٧ ، البيان ١٣ : ٤١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٠.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501