تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-436-1
الصفحات: 501

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182682 / تحميل: 5905
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

المرأة غير المسلمة طعنت في دين زوجها المسلم، فإنّه يستطيع الدفاع عن دينه بما له من قيمومة، وبإمكانه أنْ يتخلّص منها بالطلاق الذي هو في عصمته.

وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (تزوّجوا في الشّكاك ولا تُزوّجوهم؛ لأنّ المرأة تأخذ من أدب الرّجل ويقهرها على دينه) (1) .

وينبغي الإشارة إلى أنّ الزواج القائم على الدين يزداد قوّةً ومَنَعَةً بمرور الزمان، فحين تضعف أو تخمد فورة الشباب عند أحد الزوجين أو كليهما، أو حين تَعصِف أعاصير المشاكل في عشّ الزوجيّة، يبرز عنصر الدين ويساهم في بقاء الحبّ ودوام المودّة.

على هذا الصعيد نجد أنّ التزام المنهج الإسلامي بالصبغة الدينيّة يجعل من الجزاء المترتّب على مخالفة التشريع الإسلامي دنيويّاً وأُخرويّاً معاً، بينما نجد أنّ الجزاء في التشريع الوضعي يكون دنيويّاً، وعلى ضوء هذا الفارق في الجزاء بين المنهجين نجد أنّ خضوع الإنسان للقانون الوضعي على نحو قهري في الغالب، لذا يُحاول هذا الإنسان الإفلات منه بشتّى الأساليب وخصوصاً إذا أمِن العقاب.

أمّا خضوع الإنسان المسلم للتشريع السماوي فيكون على الأغلب اختياريّاً وطوعيّاً؛ لأنّه نابع من خوف العقاب الأُخروي.

جاء في صحيح مسلم: (أنّ امرأةً أتت نبيّ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهي حُبلى من الزنا، فقالت: يا نبيّ الله أصبت حدّاً فأقمه عليَّ! فدعا نبيّ الله وليّها، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أحسِن إليها، فإذا وضَعت فأتني بها، ففعل، فأمر بها نبيّ الله فشُكّت عليها ثيابُها، ثمّ أمر بها فرُجمت، ثمّ صلّى عليها. فقال له عمر: تصلّي عليها يا نبيّ الله

____________________

1) بحار الأنوار 103: 377 عن نوادر أحمد بن محمد.

٨١

وقد زنت؟! فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لقد تابت توبةً لو قُسِّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسَعتهُم، وهل وجدت توبةً أفضل من أنْ جادت بنفسها لله تعالى) (1) .

فهذه المرأة تُشكّل مصداقاً فريداً للتسليم الطوعي للمنهج الإلهي، وهو أمر يَفتقد إليه المنهج المادّي حيثُ يسعى المُجرمون للهروب من شباك القانون بشتّى الحِيَل والسُبُل.

إنّ عنصر التقوى الذي يتّصف به المنهج الإسلامي يُشكّل الضمان الأكيد لحياة أُسريّة سليمة تقوم على حسن العشرة بين أفراد الأُسرة، إمّا خوفاً من العقاب أو رغبةً في الثواب الأُخرويَّين، ولأجل ذلك كان الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَنصح الشباب المسلم أنْ لا يختاروا حسن وجه المرأة على حسن دينها (2) ، وكان أهل البيت (عليهم السلام) ينصحون الآباء بتزويج أبنائهم من المُتديّنين الأتقياء (3) ؛ لأنّ التديّن والتقوى يردعان الإنسان عن الظلم ويسوقانه إلى مكارم الأخلاق وخِصال الخير.

وفي مقابل ذلك نرى أنّ افتقار المنهج المادّي للوازع الديني قد مزَّق الرباط الأُسري وأضعف المناعة النفسيّة لأفراد العائلة الغربيّة، وعلى سبيل الاستشهاد تحدّث الدكتور ( إمبروس كنج ) - الطبيب الاستشاري في مستشفى لندن لبحوث الأمراض السارية بين الشباب البريطاني - عن سلبيّات المنهج العلماني الذي يُدير ظهره للدين، (إنّ أكثريّة الشعب في بريطانيا لا تُؤمِن بدين، وأنّ الأسباب في المشكلة الاجتماعيّة الحاضرة هي رفض الأوضاع والمستويات التي

____________________

1) صحيح مسلم 3: 1324.

2) اُنظر: كنز العمّال | المتقي الهندي 16: 301 | 44590.

3) اُنظر: مكارم الأخلاق | الطبرسي: 204.

٨٢

تُفكّر الهيئات الدينيّة في الاحتفاظ بها، وأضاف: إنّ الذين نصبوا من أنفسهم رُوّاداً للفكر العلماني أخفقوا في إعطاء بديل عن الأُسُس الدينيّة المحافظة على الأُسرة) (1) .

وتكاد تجمع المراجع الاجتماعيّة على أنّ السبب الوحيد وراء تفكّك الأُسرة هو ضعف التوجيه الديني، وابتعاد البشريّة عن تطبيق مبادئ الدين، وإزاء ذلك فقد أكّد المؤتمر الدولي الأوّل لمكافحة الجريمة، الذي انعقد في عام 1955م على ضرورة استخدام العقيدة الدينيّة كسلاح للحدّ من انتشار واستفحال ظاهرة الجريمة (2) .

ممّا تقدّم تبيّن لنا بأنّ أهمّ ما يمتاز به المنهج الإسلامي بالمقارنة مع المنهج المادّي، أنّه ذو صبغة دينيّة..: ( صِبغةَ اللهِ وَمَن أحسنُ مِنَ اللهِ صِبغةً... ) (3) .

ثانياً: الصفة الأخلاقيّة:

يَعتبر المنهج الإسلامي الأخلاقَ الفاضلة من الدعائم الأساسيّة التي يقوم عليها المجتمع الفاضل، وخاصّة مجتمع الأُسرة، ولهذا فهو يَحرص أشدّ الحرص على صيانة الأخلاق وترسيخها والتصدّي لكلِّ من يُخلّ بها.

أمّا المنهج المادّي فيكاد يهمل المسائل الأخلاقيّة ولا يعتني بها، إلاّ إذا أصاب ضررها المباشر مصالح الأفراد أو أخلّ بالأمن والنظام العام.

فعلى سبيل المثال تعاقب الشريعة على جريمة الزنا في كلِّ الأحوال والصور،

____________________

1) كيف تسعد الحياة الزوجية | هادي المدرسي: 192.

2) اُنظر: دراسات معمقة في الفقه الجنائي المقارن | د. عبد الوهاب حومد: 50.

3) سورة البقرة: 2 | 138.

٨٣

لكونها جريمة تمسّ الأخلاق، وتتضمّن اعتداءً على نظام الأُسرة الذي يشكّل حجَر الزاوية في النظام الاجتماعي الإسلامي، وعليه فهي تُعاقب فاعلَهُ إذا أتى به في أيّ مكان، ويعتبر في نظرها زانياً كل من يَجتمع على فاحشة، سواء كان مُحصناً أم غير مُحصن.

أمّا القانون الوضعي فلا يعتبر هذا الفعل الفاحش زناً إلاّ إذا وقع في منزل الزوجة (1) .

لذلك من المُمكن القول أنّ التفسير الوحيد لموقف الشريعة المتشدّد من الزنا، هو قيام المنهج الإسلامي على قاعدة الأخلاق، يقول الدكتور جبر محمود : (إنّ النظام الجنائي الإسلامي هو النظام القانوني الوحيد بين النظم القانونيّة المعروفة للعالم الحر الذي يُعاقب على الزنا مجرّداً عن أيّ اعتبار آخر، وهو النظام القانوني الوحيد الذي لا يجعل لرضا الزانين أثراً أيّاً ما كان في العقوبة على فعليهما) (2) .

وكان واضحاً من وراء ذلك حرص الإسلام على حماية الجانب الأخلاقي في كيان الأُسرة، أمّا المنهج الغربي فلا يَعبأ بهكذا نوع من الجرائم، وأخذ يُساير هذا الواقع الفاسد ويمنحه صفة قانونيّة، (ففي عام 1975م عُدّل قانون العقوبات الفرنسي في موضوع الجرائم الأخلاقيّة، وتبدّلت النظرة القانونيّة إلى زنا المتزوّجين فأخرج من عِداد الجرائم) (3) .

كما وقد أخرج الشارع البريطاني اللِّواط من قائمة الأفعال المحرّمة على الرغم

____________________

1) اُنظر: أُصول النظام الجنائي الإسلامي | الدكتور محمّد سليم العوا: 38.

2) الزنا: أحكامه، أسبابه: 211.

3) دراسات معمقة في الفقه الجنائي المقارن | الدكتور عبد الوهاب حومد: 9، 11.

٨٤

من كونه عَملاً قبيحاً تُحرّمه كافّة شرائع السماء، في حين أنّ القانون الفرنسي لا يُعاقب من قديم على هذا الفعل.

ذلك أنّ المنهج المادّي يرى أنّ الدين والأخلاق تُشكّل قيوداً وعوائقاً أمام حريّة الإنسان وخاصّة الجنسيّة منها، يقول فرويد : (إنّ الإنسان لا يُحقّق ذاته بغير الإشباع الجنسي، وكل قيد من دين أو أخلاق أو تقاليد هو قيدٌ باطل ومُدمّر لطاقة الإنسان وهو كبت غير مشروع) (1) .

ولا يخفى بأنّ النتيجة المترتّبة على انطلاق الغرائز وإباحة الجنس هي تهديم الأخلاق وتحطيم الأُسرة، وهو أمر يُخطِّط له أعداء الدين والإنسانيّة من زمن بعيد، فأحد بروتوكولات حكّام صهيون يقول: (يجب أنْ نعمل لتنهار الأخلاق في كلِّ مكان فتسهل سيطرتنا.. إنّ فرويد منّا وسَيظل يعرض العلاقات الجنسيّة في ضوء الشمس؛ لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدّسَ، ويصبح همّهم الأكبر هو إرواء غرائزهم الجنسيّة وعندئذٍ تنهار أخلاقهم) (2) .

لقد بات واضحاً أنّ من أكبر الآثار المدمّرة على الأُسرة هي أفكار فرويد الإباحيّة، وقد كان الإنسان حين يقع في الإثم يشعر بالذنب وتأنيب الضمير، فجاء فرويد يُوحي إليه بأنّه إنسان سَويّ ولا غبار عليه، وأنّ مُمارسة الجنس ولو بصورة غير شرعيّة هو عمليّة (بيولوجية) بحتة لا صلة له بالأخلاق، وهكذا أسبغ على الفساد صبغة أخلاقيّة!

أمّا المنهج الإسلامي فإنّه يسير جنباً إلى جنب مع الأخلاق، ويعتبر الدخول في عشّ الزوجيّة وتشكيل الأُسرة نقطة تحوّل نحو الأخلاق السامية، وليس

____________________

1) الإسلام والجنس | فتحي يكن: 18.

2) الإسلام والجنس: 19.

٨٥

أدلّ على ذلك من قول الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (زوّجوا أياماكم، فإنّ الله يُحسّن لهم في أخلاقهم..) (1) .

ثالثاً: النظرة الواقعيّة:

إنّ المنهج الإسلامي ينسجم مع الفطرة البشريّة، ويراعي عوامل ضعف الإنسان وعناصر قوّته.

وفيما يتعلّق بنظام الأُسرة نجد أنّ التشريع المختصّ بالرّجل يختلف من أوجه عديدة عن التشريع الموضوع للمرأة، ولم يأتِ هذا الاختلاف اعتباطاً أو على نحو الصدفة، وإنّما يعكس - من الناحية الواقعيّة - طبيعة الدور الذي يُؤدّيه كلّ واحدٍ منهما في قيادة سفينة الأُسرة.

ويُمكن للباحث أنْ يتلمّس السمة الواقعيّة التي تطبع المنهج الأُسري الإسلامي بالمقارنة مع المنهج المادّي من خلال الفوارق التالية:

1 - قيمومة الرجل:

تبنّى الإسلام النظام الأبوي فمَنَح الرجل قيمومة على المرأة بعد أنْ ساوى بينهما في الحُقوق والواجبات، قال تعالى: ( .. وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (2) .

ولم يمنح الإسلام الرجل الكلمة العُليا في الأُسرة إلاّ بعد أنْ كلّفه بالإنفاق على الزوجة وأطفالها وتوفير الرعاية والحماية لهم.

وبطبيعة الحال لا يستقيم مع مبدأ العدالة والإنصاف أنْ يُكلّف الرجل

____________________

1) نوادر الراوندي: 36.

2) سورة البقرة: 2 | 228.

٨٦

بالإنفاق والحماية بدون أنْ يُمنح ميزة إضافية تُمكّنه من الإشراف على الأُسرة وإدارة شؤونها.

وقد أخذ التشريع بنظر الاعتبار طبيعة الدور الذي تَضطلِع به المرأة والمتمثّل بالأُمومة والحضانة للأطفال، وهو دورٌ ينسجم تماماً مع خلقها وطبيعتها النفسيّة، حيث تتميّز بعاطفة جيّاشة، وإحساس رقيق، ونعومة لا تتناسب مع الأعباء والمسؤوليّات التي تفرضها القيمومة، فصفات الإشراف والرئاسة متوفّرة من الناحية الواقعيّة في الرجل بتكوينه وطبعه أكثر من توفّرها في المرأة.

ولا تعني قيمومة الرجل بأيّ حال استعباد الزوجة أو انتهاك كرامتها ومصادرة حقوقها، بل هي قيمومة تقوم على المحبّة والرحمة ورعاية مصالح الأُسرة، ولا تنقص شيئاً من شخصيّة المرأة وحقوقها المدنيّة، فلها الحقّ في التصرّف بملكيّتها المستقلّة، وبإمكانها إجراء مختلف العقود من بيع وشراء وهبة ووصيّة، وما إلى ذلك.

أمّا المنهج الغربي ففي الوقت الذي يُحرّر المرأة من قيمومة الرجل فإنّه يُوقعها فريسة لقيمومة دُور الأزياء، ودور الدعارة، ونوادي العُريّ،ويجعلها سِلعةً رخيصةً لطالبي المُتعة أو يستغلّ جمالها لترويج سِلعة!

ثمّ إنّ الزواج في أوربّا - وحتّى وقتٍ قريب - يجعل الرجل شريكاً للمرأة في مالِها، وأنّ ما يكون لها قَبل الزواج من مال يدخل في هذه الشركة، يكون للزوج حقّ التصرّف في مال الشركة، وهو بذلك وصي أو وكيل وكالة إجباريّة عن امرأته، والجدير بالذكر أنّ المرأة في الغرب لم تثبت لها الولاية الماليّة على مالها في أوربّا إلاّ من مدّةٍ لا تزيد عن ثلاثين سنة، وقد سبقها الإسلام في ذلك

٨٧

بنحو أربعة عشر قرناً.

ويُمكن إدراك سموّ المنهج الإسلامي وسلامته إذا ما علمنا بأنّ الشريعة اليهوديّة، وهي ذات نزعة مادّية، تعتبر المرأة بعد الزواج مملوكة لزوجها، ومالها ملكٌ له، ولكنْ لكثرة الخلافات فقد أُقِرّ بعد ذلك أنْ تملك الزوجة رأس المال والزوج يَملك المنفعة (1) .

وفي هذا الإطار نلاحظ أنّ تحرّر المرأة من قيمومة الرجل في الغرب قد أطلق الحبل على غاربه أمام الزوجين للمُطالبة بالطلاق لأتفه الأسباب، الأمر الذي ساعد على تفكّك عُرى الأُسرة، وقد جرى تحقيق اجتماعي واسع تناول ثلاثين ألف رجل وامرأة، اشترك فيه كِبار علماء الاجتماع من أمريكا ومعظم دول أوربّا، جاء فيه:

إنّ المجتمعات الصناعيّة تتحوّل شيئاً فشيئاً عن النمط القديم المتّصف بتفوّق الرجل على المرأة، إلى النمط الحديث المسمّى بنمط المساواة بين الرجل والمرأة، وقد أصبحت هذه المساواة من عوامل انحلال الزواج، فما دام الزوج في المجتمع القديم يشعر بتفوّق على المرأة وبمسؤوليّةٍ أخلاقيّة تجعله يحميها ويحرسها، فإنّه كان يتردّد طويلاً قبل حلّ الزواج بالطلاق، ولكنْ بعد أنْ تَبخّر هذا الشعور فإنّ الرجل أخذ يقدم على الطلاق لأتفه الأسباب (2) .

ثمّ إنّ المنهج الإسلامي - بإعطائه حقّ القيمومة للرجل مع تكليفه بواجب الإنفاق والرعاية - يتّصف بالواقعيّة على العكس من المذهب الوضعي الذي يتجاهل الاختلاف بين الرجل والمرأة في القدرات الجسميّة والنفسيّة وما

____________________

1) اُنظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 537.

2) المرأة في التصور الإسلامي | محسن عطوي: 106.

٨٨

يترتّب على ذلك من اختلاف في الحقوق والواجبات.

2 - إباحة الطلاق:

إنّ الإسلام شرّع الزواج وأحاطه بكلِّ الضمانات ليستقر فيؤتي ثماره الطيّبة بتشكيل الأُسرة وإنجاب الذريّة، ولما كان المنهج الإسلامي يتّصف بالواقعيّة، فقد أخذ بنظر الاعتبار كل ما يعكّر صفو الحياة الزوجيّة، من حصول الشِّقاق من جرّاء تنافر القُلوب، أو انكشاف ما خفِيَ من العيوب بعد الاقتران، أو إصابة أحد الزوجين بمرض لا يستطيع معه المعاشرة مما يجعل الحياة الزوجيّة جحيماً لا يُطاق، وعليه فقد أباح الطلاق وجعله بمثابة الكيّ الذي هو آخر الدواء، علما بأنّه أحاطه بهالة من الكراهيّة والمبغوضيّة؛ للتنفير منه واعتباره أبغض الحلال إلى الله.

وعليه فإنّ الإسلام لا يعرف الأبديّة في عقد الزواج كما هو الحال في المسيحيّة، وعلى الخصوص الكنيسة الكاثوليكيّة الرومانيّة، التي ترى أنّ الزواج غير قابل للانحلال إلاّ بالموت من خلال الزعم بأنّ ما يربطه الله لا يمكن أنْ يحلّه الإنسان.

أمّا المذهبان المسيحيّان الآخران: الارثوذكسي والبروتستاني فيُبيحان الطلاق في حالات محدودة من أهمّها الخيانة الزوجيّة، ولكنّهما يحرّمان على الرجل والمرأة كليهما أنْ يتزوّجا بعد الطلاق (1) .

وإذا كانت الشريعة الإسلاميّة قد قرّرت حقّ الطلاق للزوجين من أربعة عشر قرناً، فإنّ العالم المتحضّر لم يعرف هذا الحق ولم يعترف به إلاّ في القرن

____________________

1) اُنظر: المرأة في الإسلام: 100.

٨٩

العشرين، بل كان بعضهم يأخذ على الشريعة أنّها جاءت مقرّرة لحقّ الطلاق، ثمّ دار الزمن دورته وجاء عصر العلوم والرقيّ، وتقدّمت نُظُم الأُمم وتفتّحت العقول، فرأى العلماء الاجتماعيّون والمفكّرون في الغرب، أنّ تقرير حقّ الطلاق نعمة على المتزوّجين، وأنّه الطريق الوحيد للخلاص من الزواج الفاشل ومن سُوء العشرة وما ينتج عنها من الآلام النفسيّة، وأنّ الطلاق هو الذي يحقّق سعادة الزوجين إذا فشِل الزواج في تحقيقها، ولا يكاد اليوم يخلو قانون وضعي من قوانين الأُمم المتحضّرة من النصّ على الطلاق والاعتراف به (1) .

وهكذا بدأ العالم بعد ثلاثة عشر قَرناً يعترف - ضمناً - بواقعيّة المنهج الإسلامي في الطلاق ويأخذ به، ومع اعتراف النُظُم الوضعيّة - مؤخّراً - بحقّ الطلاق فإنّ الذي يُؤاخذ عليها جانب الإفراط والتفريط فيه، فطائفة منها تجرّد عقد الزواج ممّا له من حرمة، فتقبيح الطلاق لأتفه الأسباب، كما هو الشأن في بعض ولايات أمريكا الشماليّة والدول الاسكندنافية كالسويد، وطائفة أُخرى تشدّد كلّ التشديد على ديمومة عقد الزواج متأثّرة بروح الكنيسة، فلا تكاد تبيح التحلّل منه إلاّ في حالات محدودة، كفضيحة تلحق الأُسرة في حاضرها ومستقبلها، وتتّبع من أجل إنهائه إجراءات معقّدة، لا تؤدّي إلى الطلاق إلاّ بعد أمدٍ طويل كما هو الحال في فرنسا ومعظم الدول الكاثوليكيّة، فهذه بلغت حدّ التفريط، وتلك بلغت حدّ الإفراط الأمر الذي يبعدهما عن الواقعيّة.

على أنّ الأكثر إثارة في هذا الصدد أنّ العلمانيّة (لا تُجوّز للرجل أنْ يُطلّق زوجته إلاّ في حالة الزنا، يجوز للزوجين الزواج بعده مرة

____________________

1) اُنظر: التشريع الجنائي الإسلامي | عبد القادر عودة: 65.

٩٠

أُخرى) (1) .

ومثل هذا الحل لا يتّصف بالواقعيّة؛ لأنّه سدّ باب الزواج أمام الزوجين الأمر الذي يدفعهما إلى إشباع غريزتهما الجنسيّة بطرق غير شرعيّة.

وبعض التشريعات أخذت تُضيّق الخناق على الزوج وتفرض عليه تَبِعات ماليّة من أجل ثَني إرادته عن الطلاق، فعلى سبيل المثال لا الحصر: (يُجيز القانون البريطاني الجديد للزوج تطليق زوجته، بشرط أنْ يعطيها نصف ما يملك من ثروةٍ أو موردَ رزق) (2) .

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض المفكّرين المادّيّين يُوجّهون سِهام نقدِهم اللاذع إلى المنهج الإسلامي؛ لأنّه جعل الطلاق بيد الرجل وحده وحَرَم المرأة منه، وقد فات هؤلاء أنّ المنهج الإسلامي قد راعى في تشريعه الواقعي طبيعة المرأة النفسيّة حيث تَغلِب عليها - في الغالب - العاطفة وتكون سريعة الانفعال في أوقات معيّنة، فلا يصح - والحال هذه - أنْ يُوضع بيدها قرار الطلاق الخطير الذي يهدّد بانهيار الأُسرة لنزوةٍ عابرةٍ أو انفعالٍ طارئ.

أمّا الرجل فإنّه أقدر من المرأة نوعاً ما على ضبط عواطفه والتحكّم في انفعالاته، فهو غالباً ما يحتكم للعقل لا سيّما وإنّ قرار الطلاق قد ينجم عنه خسارة ماليّة تطاله وحده.

على أنّ الإسلام (قد أباح الطلاق عن تراضٍ للطرفين في صورة الخُلع، بل أباح أنواعاً من الطلاق تستأثر بها المرأة، إذا تنازل لها الزوج عن هذا الحق وأباح لها أنْ تشترط في عقد الزواج شروطاً خاصّة، ينفسخ العقد عند عدم

____________________

1) الموسوعة الميسرة: 505.

2) كيف تسعد الحياة الزوجيّة: 217 نقلاً عن مجلة الأُسبوع العربي، العدد 621 آيار 1971 م.

٩١

الوفاء بها) (1) .

3 - تعدّد الزوجات:

من المسائل التي يختلف فيها المنهج الأُسري في الإسلام عن المنهج المادّي، أنّ الأوّل يقرّ - من حيث المبدأ - تعدّد الزوجات ضمن شروط معيّنة، بينما الثاني لا يقرّ ذلك، ويشنّع أشدّ التشنيع على التشريع الإسلامي، ويرى بأنّه يتعارض مع كرامة المرأة وإنسانيّتها. وقد ذهب بعض قادة الغرب بعيداً في حملة النقد، فقد اعتبر اللورد (كرومر) المعتمد البريطاني في مصر: (أنّ السبب في تأخّر المسلمين هو تعدّد الزوجات) (2) .

وقد ردّد أعلام العلمانيّة في بُلداننا هذه المزاعم الباطلة دون تَمحيص أو تحقيق، فمثلاً يرى كمال أتاتورك : (أنّ حقّ الرجل في الزواج من أكثر من واحدة شرٌّ اجتماعي) وألغاه بجرَّة قلم دون أيّ وازع ديني (3) .

علماً بأنّ تعدّد الزوجات كان هو النظام السائد إلى ما قبل الإسلام، فالفُرس والرومان وغيرهم كانوا يعدّدون الزوجات، ولم يُعرف أنّ أُمّةً في القديم مَنعت التعدّد إلاّ مصر، ولكنّها كانت تتحلّل من القيد المانع بجعل من تجيء بعد الزوجة الأُولى في منزلةٍ دونها (4) .

وفي الحضارة الصينيّة والفارسيّة يجوز تعدّد الزوجات ولكنّ الزوجة الثانية وما بعدها تعتبر زوجة من الدرجة الثانية، أي الخادمة، لا تتمتّع بالحقوق التي

____________________

1) المرأة في الإسلام | د. علي عبد الواحد وافي: 118.

2) تنظيم الأُسرة وتنظيم النسل | أبو زهرة: 11.

3) حول الدعوة إلى تطبيق الشريعة | حسين أحمد الأمين: 75.

4) اُنظر: تنظيم الأُسرة | أبو زهرة: 60.

٩٢

تتمتّع بها الزوجة الأُولى (1) .

أمّا الإسلام فقد سَلَك مسلكاً وسَطاً، فلم يمنع التعدّد السائد، ولم يسمح به إلى عدد غير محدَّد، قد يُلحق الضرر بالتزامات الرجل الأُسريّة.

وعليه فحلّل له الاقتران على نحو الدوام بأربعة نِساء كحدٍّ أعلى، وفرض عليه نَفَقَتهُنّ ومُعاملتهنّ بالعدل والإحسان، ولم يَسمح له بالنظرة الدونيّة للزوجة الثانية وما بعدها.

ويبرز الطابع الواقعي في المنهج الإسلامي، أنّه قد فرض عليه العدل في النفقة ولم يكلّفه ما لا يطيق بالعدل في المودّة.

وقد سأل أبو جعفر الأحول أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن الفرق بين قوله تعالى:

( ..فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً... ) ، (2) وقوله تعالى: ( وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ.. ) (3) .

فقال (عليه السلام): (أمّا قوله: (فإنّ خفتم ألا تعدلُوا فواحدة..) فإنّما عنى في النفقة، وقوله: (ولن تستطيعوا..) فإنّما هي في المودّة، فإنّه لا يقدر أحد أنْ يعدل بين امرأتَين في المودّة) (4) .

الأمر الآخر هنا أنّ السُنّة الشريفة تحذّر الزوج من العواقب الأُخرويّة المترتّبة على الإخلال بالعدالة، يقول الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (مَن كانت لهُ

____________________

1) المرأة في التصور الإسلامي | محسن عطوي: 24.

2) سورة النساء: 4 | 3.

3) سورة النساء: 4 | 129.

4) تفسير القمّي: 143.

٩٣

امرأتان فلَم يعدِل بينهما في القسم مِن نفسه وماله، جاء يوم القيامة مَغلولاً مائلاً شقّه حتّى يدخل النار) (1) .

والعدالة لا تقتصر على الجانب المادّي، بل تمتدّ لتشمل الجانب الجنسي أيضاً، فقد وَرَد عن الإمام الصادق (عليه السلام): في الرجل يكون عنده امرأة فيتزوّج أُخرى، كم يجعل للتي يدخل بها؟ قال: (ثلاثة أيّام ثمّ يَقسِم) (2) .

يبقى القول إنّ تحريم التعدّد قد يدفع بعض الناس نحو الزنا، وذلك أنّ عدد النساء في العالم يزيد على عدد الرجال، ويزداد الفرق بينهما في العدد كلّما نشبت الحروب وحَصَدت رقابَ عدد من الرجال فيختلّ - لا محالة - التوازن العددي بين الجنسين، إذ سيبقى عدد من النساء بدون زواج وبالتالي عرضة للانحدار نحو مستنقع الفساد.

ويبدو أنّ الحروب لم تكن الدافع الوحيد الذي حمل بعض المفكّرين المُنصفين على القول بضرورة نظام تعدّد الزوجات، وإنّما حملهم على ذلك شيوع ظاهرة اتخاذ الخليلات، التي غدت ظاهرة خطيرة تثير القلق في أوساط المجتمع الغربي المعاصر، بحيث أصبح لكلِّ رجل عدد من الخليلات يشاركن زوجته في رجولته ورعايته ونفقته!

يقول شوبنهور الفيلسوف الألماني: (لقد أصابَ الشرقيّون في تقريرهم لمبدأ تعدّد الزوجات؛ لأنّه مبدأ تُحتّمه وتُبرّره الإنسانيّة، فالعجب أنّ الأوربّيّين في الوقت الذي يستنكرون فيه هذا المبدأ يتّبعونه عمليّاً، فما أحسب أنّ بينهم مَن يُنفّذ مبدأ الزوجة الواحدة على وجهه

____________________

1) وسائل الشيعة 15: 342 كتاب النكاح أبواب القسم والنشوز.

2) وسائل الشيعة 15: 339 كتاب النكاح أبواب القسم والنشوز.

٩٤

الصحيح) (1) .

ويقول جوستاف لوبون : (إنّ تعدّد الزوجات المشروع عند الشرقيّين أحسَن من عدم تعدّد الزوجات الريائي عند الأوربّيّين، وما يتبعه من مواكب أولاد غير شرعيّين) (2) .

بقي علينا أنْ نُشير إلى أنّ الفطرة الواقعيّة تستلزم حلّية التعدّد في حالات عديدة، فعلى سبيل المثال نجد أنّ البعض تكون رغبته في النسل شديدة ولكنُه رُزق بزوجة لا تُنجب لعُقمٍ أو مرضٍ أو غيره، أفلا يكون من غير المناسب حرمانه من رغبته المشروعة في الزواج ثانيةً، من امرأة تحقّق له حلمه المنشود؟!

وعليه نرى أنّ نظام تعدّد الزوجات ينطوي على حلول حكيمة للعديد من المشكلات التي تعترض نظام الأُسرة، وفيه تتجلّى واقعيّة المنهج الإسلامي، وصوابيّته في حلّ المشكلة الجنسيّة من خلال الشرعيّة.

أمّا المنهج المادّي فإنّه يحلّها من خلال الإباحيّة، وهكذا نجد أنّ فرويد: (يدعو إلى إشباع الرغبة الجنسيّة؛ وذلك لأنّ الإنسان صاحب الطاقة الجنسيّة القويّة، والذي لا تسمح له النصرانيّة إلاّ بزوجة واحدة، فإمّا أنْ يرفض قيود المدنيّة، ويتحرّر منها بإشباع رغباته الجنسيّة، وإمّا يكون ذا طبيعة ضعيفة لا يستطيع الخروج على هذه القيود فيسقط صاحبها فريسة للمرض النفسي ونهبةً للعُقَد النفسيّة) (3) .

والمفارقة العجيبة أنّ فرويد الذي يُبرّر الإباحيّة يغفل عن التعدّد الذي يحفظ

____________________

1) أحكام الأُسرة في الإسلام | محمّد مصطفى الشبلي: 241.

2) أحكام الأُسرة في الإسلام: 241.

3) الموسوعة الميسرة: 382.

٩٥

كرامة الإنسان وحقوقه ويحافظ على إنسانيّته.

رابعاً: الشمول والكمال:

لاشكّ بأنّ المنهج الإسلامي أتمّ وأكمل المناهج السماويّة فضلاً عن المناهج الوضعيّة، لقوله تعالى: ( .. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً.. ) (1) .

ولا نُبالغ إذا ما قلنا بأنّ البشريّة لم تعرف في تاريخها كلّه نظاماً للأُسرة بهذه السعة وهذا الشمول، وقد رأينا في الفصلين السابقين كيف أولى الإسلام عنايةً فائقةً بالأُسرة، قبل التكوين وأثنائه ومن بعده، فبيّن طريقة اختيار الزوجين وكيفيّة إنشاء عقد الزواج، وطريق المُعاشرة الحسنة، وأرشد كلاًّ من الزوجين إلى ما له من حقوق وما عليه من واجبات، ولم ينسَ أنّه قد يثور النزاع بينهما لسبب أو آخر/ فوضع العلاج المتدرّج المناسب لكلِّ حالة ثمّ وضع الطريقة المُثلى لإنهاء عقد الزواج إذا ما استحكم الخلاف، وباءت الحياة الزوجيّة بالفشل.

وممّا يسترعي الانتباه أنّ منهج الإسلام الأُسري لم يقتصر على النواحي التشريعيّة والإجرائيّة كما هو الحال في النظم الوضعيّة التي تعين المادّة القانونيّة وتفرض الجزاء المناسب عند خرقها وعدم الالتزام بها، بل إنّه يتضمّن مجموعة كبيرة من التعاليم الوقائيّة التي تُساهم في تدعيم نظام الأُسرة وتَحول دون انهياره.

ومن ذلك اختيار الزوج والزوجة وما يتعلّق به من تعاليم وقائيّة رائعة لها

____________________

1) سورة المائدة: 5 | 3.

٩٦

بالغ الأثر في بناء الأُسرة وتشييد مقوّماتها، كقول الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للشباب: (إيّاكم وخضراء الدمَن. قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء) (1) .

وفي هذا الصدد نَصَح الإمام الرضا (عليه السلام) أحد الآباء بقوله: (... إيّاك أنْ تُزوّج شارب الخمر فانْ زوّجته فكأنّما قُدت إلى الزنا) (2) .

من جهة ثانية يتّصف منهج الإسلام الأُسري بالثبات وعدم التغير، وبالصلاحيّة لكلِّ زمان ومكان، وبالمقابل إذا نظرنا إلى القوانين الوضعيّة في أصل نشأتها، نجدها على الإطلاق ضيّقة بحسب الجماعة التي وُضِعت من أجلها ثمّ أخذت تنمو مع الزمن، فهي عرضة للتغير والتبديل، ما تغيّر الزمن وتبدّل، وهي تختلف باختلاف البيئة أيضاً، فلِكلّ دولةٍ الحقّ في وضع القانون المُلائم لها، ومن أجل ذلك لا تجد قانون دولة يصلح لدولة أُخرى.

خذ مثالاً على ذلك القانون الفرنسي: فقد قامت الثورة الفرنسيّة سنة (1789م) لتقرير حقوق الأفراد، نتائجها أنْ صدر القانون في سنة (1804م) مقدّراً حقوق الفرد باعتباره أهمّ عنصر في الحياة، ولا يلاحظ أنّه جزء من الجماعة، فكان قانوناً فردّياً ترد للفرد فيه الحريّة التامّة في استعماله، وعُرفت هذه الحقوق إذ ذاك بالحقوق الطبيعيّة للأفراد، ولم يخالفه غيره من القوانين الغربيّة كثيراً في هذا المبدأ، ولكنّ الذي حدث أنّ الفرد أساء استعمال حقوقه فألحَقَ الأضرار بغيره.

ثمّ جاءت القوانين بعد ذلك تُقيّده شيئاً فشيئاً حتّى انتهى التقييد إلى ظهور

____________________

1) معاني الأخبار: 316.

2) فقه الرضا: 38.

٩٧

نظريّة: (التعسّف في استعمال الحقوق) ولمّا وصلوا إليها ظنّوها جديدة ولكنّها كانت مقرّرة في شريعة الله سبحانه قبل أكثر من أحدَ عَشَر قرناً من الزمن (1) .

أمّا المُتتبع للمنهج الإسلامي فإنّه يُلاحظ شموله لمصالح الفرد والجماعة التي تشاركه في العيش وخاصّة أُسرته أقرب المقرّبين إليه، فالتشريع الإسلامي يُوقف كلّ فرد عند حدِّه إذا أساء استعمال حقوقه وألحقَ الضرر بغيره، قال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (.. ألا وإنّ الله عزَّ وجلّ ورسوله بريئان ممّن أضرَّ بامرأة حتّى تختلع منه..) (2) .

خامساً: العدل:

من مظاهر سمّو وكمال المنهج الإسلامي، أنّه يجعل العدل والقسط حجر الزاوية في توجّهاته الاجتماعيّة وخاصّة في مجال الأُسرة، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ.. ) (3) ، وقال أيضاً: ( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) (4) .

وهكذا نجد أنّ الأحكام الشرعيّة المخصّصة للأُسرة تتميّز بالعدل والإنسانيّة، ومن الشواهد على ذلك: أنّ التشريع القرآني عندما يُلزِم الأم بإرضاع ولدها يُلزم والده - في مقابل ذلك - بأجرها على الرضاعة، ويُراعي التشريع القرآني النواحي الإنسانيّة أيضاً، حيث إنّه أكّد على حقّ الطفل في التمتّع

____________________

1) التشريع الإسلامي والقانون الوضعي | الدكتور شوكت محمّد عليّان: 200.

2) عقاب الأعمال: 249 - 262 | جوامع مناهي النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

3) سورة النساء: 4 | 135.

4) سورة المائدة: 5 | 8.

٩٨

بحنان الأمومة وحقّ الأمّ في حضانة ولدها، يقول تعالى: ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ.. ) (1) .

وولاية الرجل على الأُسرة تحتّم عليه أنْ يلتزم العدل وإلاّ تعرّض للعقوبة الإلهيّة القاسية.

ومن الشواهد الأُخرى التي تُثبت أنّ المنهج الإسلامي يرتكز على قاعدة العدل،

هي التزامه بمبدأ (رفع الحرج) وعدم تكليف الناس ما لا يطيقون.

أمّا المنهج الأُسري الوضعي فلا يُراعي في تشريعه العدل المُطلق؛ وذلك لأنّ الذين يضعون القوانين هم بشر يُؤثرون العاجل على الآجل ولا يمكنهم أنْ ينسلخوا من طباعهم؛ ولذلك نراهم يميلون بالقوانين إلى الوجه الذي يتّفق مع مصالحهم وينسجم مع أهوائهم، وأحياناً كثيرة يُشرّعون القوانين الظالمة بسبب جَهلهم بالعدل المُطلق وقصورهم عن إدراك أبعاده.

فقد لوحظ (أنّ قوانين - وضعيّة - كثيرة لا تُسوّي في العقاب بين الرجل والمرأة عند الخيانة الزوجيّة، ومن هذه القوانين القانون الفرنسي والقانون الايطالي والقانون المصري، فهذه القوانين تحابي كلّها الرّجل في كونها تحدّ من نطاق مسؤوليّته الجنائيّة عند خيانته الزوجيّة، وتُضيّق الخناق على المرأة في مسؤوليّتها عن خيانتها لزوجها، فقد فرّق القانون في هذه الدول - بغير مقتضي - بين زنا الزوجة وزنا الزوج، فعاقب الزوجة الزانية أيّاً كان ارتكابها

____________________

1) سورة البقرة: 2 | 233.

٩٩

للجريمة، ولم يُعاقب الزوج، إلاّ إذا ارتكب جريمته بمنزل الزوجة، أمّا إذا ارتكبها في أيّ مكان آخر غير هذا المنزل فلا جريمة عليه) (1) .

ممّا تقدّم تبيّن لنا الفروق الجوهريّة بين المنهجين الإسلامي والمادّي بخُصوص الأُسرة.

الآثار المترتّبة على المنهج الإسلامي والوضعي

وهنا لابدّ من التطرّق للآثار الاجتماعيّة والتربويّة والأخلاقيّة التي تترتّب على المنهجين، وتنعكس - سَلباً أو إيجاباً - على الفرد أو المجتمع.

أ - الآثار الاجتماعيّة:

إنّ الأُسرة المسلمة تقوم على أُسُس واضحة من السكينة والمودَّة والرَّحمة، إذ تُشكّل القيم الدينيّة والقواعد الأخلاقيّة السور الوقائي لأفرادها، فالرجل هو قائد دفّة سفينة الأُسرة وله قيمومة عليها، بينما المرأة تَضطلِع بوظيفة مُزدوجة، فهي زوجةٌ وأُمّ ترضي زوجها وترعى أطفالها، فهي البيئة الاجتماعيّة الأُولى التي تُساهم في توفير حوائجهم وتربيتهم وتشكيل الهويّة الدينيّة لهم وتغرس فيهم المُثُل الأخلاقيّة.

وعليه فإنّ المنهج الإسلامي يَمنح الأُسرة دوراً اجتماعيّاً كبيراً، بينما نجد أنّ المنهج الغربي قد جعل دور الأُسرة هامشيّاً، وقلّص من وظائفها بعد أنْ جعل بعض المؤسّسات ودُور الحضانة تحرم الطفل من حقّ الحضانة والتربية في محيط

____________________

1) الزنا: أحكامه، أسبابه: 165 و 51.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

ولو أقرّ أجنبيٌّ بدَ يْنٍ في التركة يستغرقها ، لزمه إقراره حتى لو وقعت التركة في يده يوماً من الدهر أُمر بصَرفها إلى ذلك الدَّيْن(١) .

وهو غلط ؛ لأنّ الـمُقرّ إنّما يمضى إقراره في حقّ نفسه ، والذي يصيبه من التركة نصفها ، فكأنّه يقول : إنّه يستحقّ كذا من نصيبي ونصيب أخي ، فينفذ في قدر نصيبه ، ويكون ما عيّنه في نصيب أخيه لاغياً ، بخلاف إقرار الأجنبيّ ؛ لأنّ الأجنبيّ أقرّ باستحقاق الغير لهذه التركة ، فإذا أخذ منها شيئاً وجب دفعه إلى المُقرّ له ، بخلاف المتنازع ؛ فإنّه أقرّ فيه بجزءٍ شائعٍ ، فلزمه الدفع بالنسبة.

واعلم : أنّ الخلاف هنا محمول على أنّ إقراره يُثبت جميع الدَّيْن على الميّت تبعاً لثبوته على الـمُقرّ ، أم لا يُثبت إلّا حصّته؟

وفائدته : التقدّم على الوصيّة ، فعلى قولٍ : يتقدّم جميع الدَّيْن الـمُقرّ به على الوصايا. وعلى قولٍ : حصّته.

والمشهور : الأوّل عند الشافعيّة(٢) .

وعلى الجديد لو مات المنكر ووارثه الـمُقرّ ، فهل يلزمه جميع الـمُقرّ به الآن؟ فيه للشافعيّة وجهان ، أصحّهما عندهم : نعم ؛ لحصول جميع التركة في يده(٣) .

مسألة ١٠١٧ : لو شهد بعض الورثة على المورّث بدَيْنٍ فإن كان عَدْلاً وكانا اثنين ثبت الدَّيْن ، ولزم جميع الورثة أداؤه.

وإن لم يكونا عَدْلين مضى الإقرار في قدر نصيبهما بالنسبة من الدَّيْن‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ١٠٣ ؛ المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٥٥ ، بحر المذهب ٨ : ٣٢٩ ، حلية العلماء ٨ : ٣٨٠ ، البيان ١٣ : ٤٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٤٩ - ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٠٨ / ١٩٠٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٨.

٤٨١

عندنا.

وقالت الشافعيّة : إن قلنا : لا يلزمه بالإقرار إلّا حصّته ، يُقبل. وإن قلنا : يلزمه الجميع ، لم يُقبل وإن كانا عَدْلين ؛ لأنّه متّهم بإسقاط بعض الدَّيْن عن نفسه(١) .

لكن لـمّا لم نقل بهذا المذهب لم يلزمنا ذلك ، كما اختاروه في الوجه الأوّل.

قالوا : ولا فرق بين أن تكون الشهادة بعد الإقرار أو قبله ؛ لأنّه متّهم بالعدول عن طريق الإقرار إلى طريق الشهادة ، وعليه إظهار ما على مورّثه بأحد الطريقين(٢) .

وعند أبي حنيفة إن شهد قبل الإقرار قُبِل ، وإن شهد بعده لم يُقبل(٣) .

ولو كان في يد رجلين كيس فيه ألف دينار ، فقال أحدهما لثالثٍ : لك نصف ما في الكيس ، فالأقرب : حمل إقراره على الإشاعة ، وأنّ النصف الـمُقرّ به من جميع ما في الكيس ، فإن وافقه شريكه دفعا النصف كملاً إلى الـمُقرّ له ، وإن كذّبه في إقراره وجب على الـمُقرّ دفع نصف نصيبه ، وهو الربع ، وبطل في الربع الآخَر ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : حمل إقراره على النصف الذي في يده بأجمعه ، بناءً على القولين السابقين لهم ، وبناءً على الخلاف فيما إذا أقرّ أحد الشريكين في العبد المشترك بالسويّة لآخَر بنصفه أنّه يُحمل على نصيبه أم يوزّع النصف الـمُقرّ به على النصفين؟(٤) .

مسألة ١٠١٨ : لو خلّف الميّت ابنين لا غير ، فأقرّ أحدهما بأنّ أباه أوصى لزيدٍ بعشرة ، فهو بمنزلة ما لو أقرّ عليه بدَيْن ، يلزمه من الوصيّة‌

____________________

(١ و ٢ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥٠.

٤٨٢

نصفها بالنسبة إلى ما في يده.

وعلى القديم للشافعي : تتعلّق كلّ العشرة بثلث نصيبه. وعلى الجديد : يتعلّق نصف العشرة بثلث نصيبه - وهو الذي اخترناه - وبه قال أبو حنيفة(١) ، بخلاف ما قال في الإقرار بالدَّيْن(٢) .

ولو أقرّ أحدهما بأنّه أوصى بربع ماله ، وأنكر الآخَر ، فعلى الـمُقرّ أن يدفع ربع ما في يده إلى الموصى له.

ولو أقرّ بأنّه أوصى بعينٍ من أعيان أمواله ، فإن لم يقتسما التركة فنصيب الـمُقرّ من تلك العين يصرف إلى الموصى له ، والباقي للمنكر.

وإن اقتسماها نُظر ، فإن كانت تلك العين في يد الـمُقرّ فعليه دفعها إلى الموصى له ، والباقي للمنكر ، وإن كانت في يد المنكر فللموصى له أخذ نصف القيمة من الـمُقرّ ؛ لأنّه فوّته عليه بالقسمة.

ولو شهد الـمُقرّ للموصى له ، قُبلت شهادته ، ويغرم المشهود عليه نصف قيمة العين ، كما لو خرج بعض أعيان التركة مستحقّاً.

مسألة ١٠١٩ : لو قال لعبده : أعتقتك على ألف ، وطالَب بالألف ، فأنكر العبد وحلف ، سقطت دعوى المال ، ويُحكم بعتق العبد ؛ لإقراره ، وكذا لو قال له : بعت منك نفسك بألف ، وجوّزناه ، وهو الصحيح من مذهب الشافعي(٣) .

ولو قال لوالد عبده : بعت منك ولدك بكذا ، فأنكر وحلف ، لم يجب الألف ، وعُتق العبد باعتراف المولى وإقراره بصيرورته حُرّاً ؛ لأنّه أقرّ بدخول العبد في ملك أبيه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٩.

٤٨٣

ولو قال : لفلانٍ عن دي خاتم ، ثمّ جاء بخاتم وقال : هذا هو الذي أقررتُ به ، فالأقرب : وجوب التسليم عليه إلى الـمُقرّ له ، ولو كذّبه الـمُقرّ له لم يجب ، إلّا إذا طلبه بعد التكذيب وصدّقه.

وقد اختلف قول الشافعي هنا.

فقال في موضعٍ : يُقبل منه ، ويجب عليه تسليمه للمُقرّ له.

وقال في موضعٍ آخَر : لا يلزمه التسليم.

قال أصحابه : الأوّل محمول على ما إذا صدّقه الـمُقرّ له ، والثاني على ما إذا قال : الذي أقررت به غيره وليس هذا لي ، فلا يسلّم ما جاء به إليه ، والقول قول الـمُقرّ في نفي غيره(١) .

مسألة ١٠٢٠ : قد بيّنّا أنّه إذا كان له جارية لها ولد ، فقال : إنّ هذا ولدي من هذه الجارية ، فإنّه يُطالَب بالبيان ، فإذا قال : استولدتها في ملكي ، كان حُرَّ الأصل لا ولاء عليه ، وكانت أُمُّه أُمَّ ولدٍ له تعتق بموته من نصيب ولدها عندنا ، ومن رأس مال الميّت عند العامّة.

قالوا : ويُقدّم ذلك على حقوق الغرماء ؛ لأنّ الاستيلاد آكد من حقوقهم ، فإذا أقرّ به قُدّم ، ألا ترى أنّه بعد الإقرار لا سبيل إلى إبطاله ، بخلاف الديون(٢) .

وعندنا ليس كذلك ، وسيأتي.

وإن قال : استولدتها في ملك الغير بشبهةٍ ، فالولد حُرّ الأصل.

وهل تصير أُمُّه أُمَّ ولدٍ له؟ قولان للشافعيّة سبقا(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٩.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٢ ، بحر المذهب ٨ : ٢٥١.

(٣) في ص ٤٤٣ ، ضمن المسألة ٩٩٢.

٤٨٤

وإن قال : استولدتها في ملك غيري بنكاحٍ ، فإنّ الولد يكون حُرّاً بملكه إيّاه ، ويثبت له عليه الولاء عند العامّة(١) ، وعندنا لا ولاء له عليه ولا لغيره ، ولا تصير أُمَّ ولدٍ.

وإن لم يبيّن حتى مات ، فالولد حُرٌّ ، ولا يثبت عليه الولاء بالشكّ.

واختلفت الشافعيّة في الجارية :

فمنهم مَنْ قال : لا يثبت لها حكم الاستيلاد بالشكّ ، وتُباع في ديون الغرماء.

ومنهم مَنْ قال : يثبت لها حكم الاستيلاد ؛ لأنّ الولادة موجودة وملكه عليها موجود ، فالظاهر حصولها في الملك(٢) .

والأقوى عندي : الأوّل.

مسألة ١٠٢١ : قد بيّنّا أنّه إذا أقرّ للحمل ، صحّ الإقرار على ما تقدّم من التفصيل فيه.

فإن ولدت واحداً ، فالمال له.

وإن ولدت اثنين فإن كانا ذكرين أو أُنثيين ، فالمال بينهما بالسويّة.

وإن كانا ذكراً وأُنثى فإن كان المال عن وصيّةٍ ، كان بينهما بالسويّة.

وإن كان عن ميراثٍ ، فللذكر ضِعْف الأُنثى ، إلّا أن يكونا إخوةً من الأُمّ ، فإنّه يستوي فيه الذكر والأُنثى.

وإن أطلق الـمُقرّ ، سئل عن ذلك ، ورجع إلى بيانه.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه إذا كان مطلقاً ، كانا فيه سواءً(٣) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٢ ، بحر المذهب ٨ : ٢٥٢.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣ ، بحر المذهب ٨ : ٢٥٣.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢٥٤.

٤٨٥

إذا ثبت هذا ، فإنّ وليّ الصبي يُطالب الـمُقرّ بالمال ويقبضه له ، وبه قال الشافعي(١) .

واعترض المزني عليه : بأنّه خلاف قوله في الوكالة : « إذا أقرّ رجل بأنّ فلاناً الغائب وكّله في قبض دَيْنه وصدّقه مَنْ عليه الدَّيْن [ أنّه ](٢) لا يلزمه دفعه إليه » وهذه المسألة تنافيها(٣) .

وأُجيب : بالفرق بين أن يُقرّ بأنّ هذا المال لزيدٍ وهذا وارثه ، وبين الوكالة ؛ لأنّ في الوكالة لا يتضمّن إقراره براءته ، وهنا يتضمّن براءته ؛ لأنّه يقول : ليس لهذا المال مستحقّ إلّا هذا الوارث الذي هو الصبي ، فلزمه بإقراره دفع المال إليه أو إلى مَنْ ينوب عنه(٤) .

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٢٥٤.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لأنّه ». والمثبت هو الصحيح.

(٣) مختصر المزني : ١١٢ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٦ ، بحر المذهب ٨ : ٢٥٤ - ٢٥٥.

(٤) راجع الحاوي الكبير ٧ : ٣٦ ، وبحر المذهب ٨ : ٢٥٥.

٤٨٦

٤٨٧

الفهرس

المقصد السادس : في الوكالة‌ الأوّل : في حقيقتها ومشروعيّتها‌ ٦

الفصل الثاني : في أركا ن الوكالة‌ الأوّل : في الصيغة ١٠

مسألة ٦٤٥ : ١١

مسألة ٦٤٦ : ١٢

مسألة ٦٤٧ : مسألة ٦٤٨ : ١٤

تذنيب : مسألة ٦٤٩ : ١٦

مسألة ٦٥٠ : ١٧

مسألة ٦٥١ : ١٨

مسألة ٦٥٢ : ١٩

البحث الثاني : في الموكّل مسألة ٦٥٣ : مسألة ٦٥٤ : ٢٠

مسألة ٦٥٥ : ٢١

مسألة ٦٥٦ : ٢٣

مسألة ٦٥٧ : ٢٤

مسألة ٦٥٨ : ٢٥

مسألة ٦٥٩ : مسألة ٦٦٠ : ٢٨

مسألة ٦٦١ : ٢٩

مسألة ٦٦٢ : ٣٠

البحث الثالث : في الوكيل مسألة ٦٦٣ : ٣١

مسألة ٦٦٤ : ٣٢

مسألة ٦٦٥ : مسألة ٦٦٦ : ٣٣

مسألة ٦٦٧ : مسألة ٦٦٨ : ٣٥

٤٨٨

مسألة ٦٦٩ : ٣٦

البحث الرابع : فيما فيه التوكيل النظر الأوّل : أن يكون مملوكاً للموكّل ٣٧

النظر الثاني : في قبول متعلّق الوكالة النيابة مسألة ٦٧٠ : ٣٨

مسألة ٦٧١ : ٤١

مسألة ٦٧٢ : ٤٣

مسألة ٦٧٣ : ٤٤

مسألة ٦٧٤ : ٤٥

مسألة ٦٧٥ : ٤٦

مسألة ٦٧٦ : مسألة ٦٧٧ : ٤٩

مسألة ٦٧٨ : ٥٠

مسألة ٦٧٩ : ٥١

النظر الثالث : في العلم‌ مسألة ٦٨٠ : ٥٢

مسألة ٦٨١ : ٥٥

مسألة ٦٨٢ : ٥٦

مسألة ٦٨٣ : ٥٧

مسألة ٦٨٤ : ٥٨

مسألة ٦٨٥ : ٦٠

تذنيب : مسألة ٦٨٦ : ٦١

الفصل الثالث : في أ حكام الوكالة‌ الأوّل : في صحّة ما وافق من التصرّفات ، وبطلان ما خالف الأوّل : المباينة والمخالفة مسألة ٦٨٧ : ٦٢

فروع : ٦٤

مسألة ٦٨٨ : ٦٦

مسألة ٦٨٩ : ٦٧

مسألة ٦٩٠ : ٦٨

مسألة ٦٩١ : ٧٠

٤٨٩

فروع : ٧٢

مسألة ٦٩٢ : ٧٥

مسألة ٦٩٣ : ٧٦

مسألة ٦٩٤ : ٧٧

مسألة ٦٩٥ : ٧٨

مسألة ٦٩٦ : ٧٩

مسألة ٦٩٧ : البحث الثاني : فيما يملك الوكيل بالبيع مسألة ٦٩٨ : ٨٠

مسألة ٦٩٩ : ٨١

مسألة ٧٠٠ : ٨٢

مسألة ٧٠١ : ٨٣

مسألة ٧٠٢ : مسألة ٧٠٣ : ٨٤

مسألة ٧٠٤ : مسألة ٧٠٥ : ٨٦

البحث الثالث : فيما يملك الوكيل بالشراء مسألة ٧٠٦ : مسألة ٧٠٧ : ٨٧

مسألة ٧٠٨ : ٨٩

مسألة ٧٠٩ : ٩٠

مسألة ٧١٠ : ٩٢

مسألة ٧١١ : ٩٣

فروع : ٩٤

مسألة ٧١٢ : ٩٥

مسألة ٧١٣ : ٩٦

مسألة ٧١٤ : ٩٧

تذنيب : البحث الرابع : في تخصيصات الموكّل مسألة ٧١٥ : ٩٨

تذنيب : مسألة ٧١٦ : ٩٩

مسألة ٧١٧ : ١٠٠

فروع : ١٠٢

٤٩٠

مسألة ٧١٨ : ١٠٤

مسألة ٧١٩ : ١٠٥

مسألة ٧٢٠ : فروع : ١٠٦

مسألة ٧٢١ : ١٠٧

مسألة ٧٢٢ : ١٠٨

مسألة ٧٢٣ : ١١١

مسألة ٧٢٤ : ١١٤

مسألة ٧٢٥ : ١١٥

مسألة ٧٢٦ : ١١٦

مسألة ٧٢٧ : ١١٨

مسألة ٧٢٨ : البحث الخامس : في التوكيل بالخصومة مسألة ٧٢٩ : ١٢٠

مسألة ٧٣٠ : ١٢١

فروع : ١٢٢

مسألة ٧٣١ : ١٢٣

مسألة ٧٣٢ : ١٢٥

فروع : ١٢٦

مسألة ٧٣٣ : مسألة ٧٣٤ : ١٢٨

مسألة ٧٣٥ : ١٢٩

مسألة ٧٣٦ : ١٣١

مسألة ٧٣٧ : ١٣٢

مسألة ٧٣٨ : ١٣٣

مسألة ٧٣٩ : ١٣٤

المطلب الثاني : في حكم العهدة ١٣٥

مسألة ٧٤٠ : ١٣٦

مسألة ٧٤١ : فروع : ١٣٧

٤٩١

مسألة ٧٤٢ : ١٣٨

مسألة ٧٤٣ : مسألة ٧٤٤ : ١٣٩

مسألة ٧٤٥ : ١٤٠

مسألة ٧٤٦ : مسألة ٧٤٧ : ١٤٢

مسألة ٧٤٨ : ١٤٣

مسألة ٧٤٩ : ١٤٤

مسألة ٧٥٠ : ١٤٥

مسألة ٧٥١ : مسألة ٧٥٢ : ١٤٧

مسألة ٧٥٣ : ١٤٨

مسألة ٧٥٤ : ١٤٩

المطلب الثالث : في نسبة الوكالة إلى الجواز مسألة ٧٥٥ : ١٥٠

مسألة ٧٥٦ : ١٥١

مسألة ٧٥٧ : ١٥٢

تذنيب : مسألة ٧٥٨ : ١٥٦

مسألة ٧٥٩ : ١٥٧

مسألة ٧٦٠ : ١٥٨

مسألة ٧٦١ : ١٥٩

مسألة ٧٦٢ : ١٦٠

مسألة ٧٦٣ : ١٦١

مسألة ٧٦٤ : ١٦٢

مسألة ٧٦٥ : ١٦٣

مسألة ٧٦٦ : مسألة ٧٦٧ : مسألة ٧٦٨ : ١٦٤

مسألة ٧٦٩ : ١٦٥

مسألة ٧٧٠ : مسألة ٧٧١ : ١٦٦

مسألة ٧٧٢ : مسألة ٧٧٣ : ١٦٧

٤٩٢

مسألة ٧٧٤ : ١٦٩

مسألة ٧٧٥ : مسألة ٧٧٦ : ١٧٠

مسألة ٧٧٧ : ١٧٢

الفصل الرابع : في التنازع الأوّل : في النزاع في أصل الوكالة وصفتها مسألة ٧٧٨ : ١٧٦

مسألة ٧٧٩ : ١٧٧

مسألة ٧٨٠ : مسألة ٧٨١ : ١٨٢

مسألة ٧٨٢ : ١٨٤

البحث الثاني : في المأذون مسألة ٧٨٣ : ١٨٥

مسألة ٧٨٤ : ١٨٦

مسألة ٧٨٥ : ١٨٧

مسألة ٧٨٦ : ١٨٨

مسألة ٧٨٧ : ١٨٩

مسألة ٧٨٨ : مسألة ٧٨٩ : ١٩٠

مسألة ٧٩٠ : ١٩١

البحث الثالث : في الوكالة بالقضاء مسألة ٧٩١ : ١٩٢

مسألة ٧٩٢ : ١٩٤

مسألة ٧٩٣ : ١٩٥

مسألة ٧٩٤ : ١٩٦

مسألة ٧٩٥ : مسألة ٧٩٦ : ١٩٨

مسألة ٧٩٧ : مسألة ٧٩٨ : ٢٠٠

مسألة ٧٩٩ : مسألة ٨٠٠ : ٢٠١

مسألة ٨٠١ : ٢٠٣

الفصل الخامس : في ا للواحق‌ مسألة ٨٠٢ : مسألة ٨٠٣ : ٢٠٤

مسألة ٨٠٤ : ٢٠٥

مسألة ٨٠٥ : ٢٠٦

٤٩٣

مسألة ٨٠٦ : ٢٠٧

مسألة ٨٠٧ : ٢٠٨

تذنيب : مسألة ٨٠٨ : ٢٠٩

مسألة ٨٠٩ : ٢١٠

مسألة ٨١٠ : ٢١١

مسألة ٨١١ : ٢١٢

مسألة ٨١٢ : ٢١٣

مسألة ٨١٣ : ٢١٥

مسألة ٨١٤ : ٢١٦

مسألة ٨١٥ : مسألة ٨١٦ : ٢١٧

مسألة ٨١٧ : مسألة ٨١٨ : ٢١٨

مسألة ٨١٩ : ٢٢٠

مسألة ٨٢٠ : ٢٢٢

مسألة ٨٢١ : مسألة ٨٢٢ : ٢٢٤

الفصل السادس : فيما به تثبت الوكالة‌ مسألة ٨٢٣ : مسألة ٨٢٤ : ٢٢٦

مسألة ٨٢٥ : ٢٢٧

مسألة ٨٢٦ : ٢٢٩

مسألة ٨٢٧ : ٢٣٠

مسألة ٨٢٨ : مسألة ٨٢٩ : ٢٣١

مسألة ٨٣٠ : ٢٣٣

مسألة ٨٣١ : ٢٣٤

المقصد السابع : في الإقرار‌ الفصل الأوّل : في ماهيّته ومشروعيّته‌ ٢٣٦

الفصل الثاني : في أركانه‌ البحث الأوّل : في الصيغة مسألة ٨٣٢ : مسألة ٨٣٣ : ٢٤٠

مسألة ٨٣٤ : ٢٤١

مسألة ٨٣٥ : ٢٤٢

٤٩٤

مسألة ٨٣٦ : مسألة ٨٣٧ : ٢٤٤

مسألة ٨٣٨ : ٢٤٦

مسألة ٨٣٩ : مسألة ٨٤٠ : ٢٤٧

مسألة ٨٤١ : مسألة ٨٤٢ : ٢٤٩

مسألة ٨٤٣ : ٢٥٠

مسألة ٨٤٤ : البحث الثاني : في الـمُقر مسألة ٨٤٥ : ٢٥٢

مسألة ٨٤٦ : ٢٥٦

مسألة ٨٤٧ : مسألة ٨٤٨ : ٢٥٧

مسألة ٨٤٩ : ٢٥٩

مسألة ٨٥٠ : ٢٦٠

مسألة ٨٥١ : ٢٦٢

مسألة ٨٥٢ : ٢٦٣

مسألة ٨٥٣ : ٢٦٤

مسألة ٨٥٤ : ٢٦٥

مسألة ٨٥٥ : مسألة ٨٥٦ : ٢٦٦

مسألة ٨٥٧ : ٢٦٧

مسألة ٨٥٨ : ٢٦٨

مسألة ٨٥٩ : ٢٦٩

مسألة ٨٦٠ : ٢٧٠

مسألة ٨٦١ : ٢٧٣

مسألة ٨٦٢ : ٢٧٤

مسألة ٨٦٣ : ٢٧٥

مسألة ٨٦٤ : ٢٧٦

البحث الثالث : في الـمُقرّ له مسألة ٨٦٥ : ٢٧٧

مسألة ٨٦٦ : ٢٧٩

٤٩٥

مسألة ٨٦٧ : ٢٨٠

مسألة ٨٦٨ : ٢٨١

مسألة ٨٦٩ : مسألة ٨٧٠ : ٢٨٢

مسألة ٨٧١ : ٢٨٣

مسألة ٨٧٢ : مسألة ٨٧٣ : ٢٨٤

مسألة ٨٧٤ : ٢٨٥

مسألة ٨٧٥ : ٢٨٦

البحث الرابع : في المـُقرّ به مسألة ٨٧٦ : مسألة ٨٧٧ : ٢٨٧

مسألة ٨٧٨ : مسألة ٨٧٩ : ٢٨٨

مسألة ٨٨٠ : ٢٨٩

مسألة ٨٨١ : ٢٩٠

مسألة ٨٨٢ : ٢٩٢

مسألة ٨٨٣ : ٢٩٣

مسألة ٨٨٤ : ٢٩٤

الفصل الثالث : في الأقارير المجهولة‌ الأوّل : الإقرار بالشي‌ء المطلق مسألة ٨٨٥ : ٢٩٦

مسألة ٨٨٦ : مسألة ٨٨٧ : ٢٩٧

مسألة ٨٨٨ : ٢٩٩

مسألة ٨٨٩ : ٣٠٠

مسألة ٨٩٠ : ٣٠١

مسألة ٨٩١ : ٣٠٢

مسألة ٨٩٢ : ٣٠٣

مسألة ٨٩٣ : البحث الثاني : في الإقرار بالمال مسألة ٨٩٤ : ٣٠٥

مسألة ٨٩٥ : ٣٠٧

مسألة ٨٩٦ : ٣٠٩

مسألة ٨٩٧ : مسألة ٨٩٨ : ٣١٠

٤٩٦

مسألة ٨٩٩ : ٣١١

مسألة ٩٠٠ : مسألة ٩٠١ : ٣١٢

البحث الثالث : في الإقرار بكناية العدد مسألة ٩٠٢ : ٣١٣

مسألة ٩٠٣ : ٣١٦

مسألة ٩٠٤ : ٣١٧

مسألة ٩٠٥ : ٣٢٠

مسألة ٩٠٦ : ٣٢١

البحث الرابع : في الإقرار بالدرهم الأوّل : في المفرد مسألة ٩٠٧ : ٣٢٣

مسألة ٩٠٨ : ٣٢٦

مسألة ٩٠٩ : ٣٢٧

مسألة ٩١٠ : ٣٢٨

مسألة ٩١١ : ٣٢٩

مسألة ٩١٢ : المطلب الثاني : في المتعدّد مسألة ٩١٣ : ٣٣٠

مسألة ٩١٤ : ٣٣١

مسألة ٩١٥ : ٣٣٣

مسألة ٩١٦ : ٣٣٥

مسألة ٩١٧ : ٣٣٨

البحث الخامس : في الإقرار بالظرف والمظروف مسألة ٩١٨ : ٣٣٩

مسألة ٩١٩ : ٣٤٠

مسألة ٩٢٠ : ٣٤٢

مسألة ٩٢١ : مسألة ٩٢٢ : ٣٤٤

مسألة ٩٢٣ : ٣٤٥

مسألة ٩٢٤ : ٣٤٨

مسألة ٩٢٥ : البحث السادس : في تكرير المُقرّ به مع عدم العطف ومعه ، وبالإضراب مع عدم السلب ومعه مسألة ٩٢٦ : ٣٥٤

٤٩٧

مسألة ٩٢٧ : ٣٥٦

مسألة ٩٢٨ : ٣٥٩

مسألة ٩٢٩ : ٣٦١

فروع : ٣٦٣

البحث السابع : في تغاير الزمان مسألة ٩٣٠ : ٣٦٤

مسألة ٩٣١ : مسألة ٩٣٢ : ٣٦٦

مسألة ٩٣٣ : ٣٦٧

مسألة ٩٣٤ : ٣٦٩

مسألة ٩٣٥ : ٣٧١

مسألة ٩٣٦ : ٣٧٢

البحث الثامن : في لواحق هذا الفصل مسألة ٩٣٧ : ٣٧٤

مسألة ٩٣٨ : ٣٧٥

مسألة ٩٣٩ : ٣٧٦

مسألة ٩٤٠ : ٣٧٨

مسألة ٩٤١ : ٣٨٠

مسألة ٩٤٢ : ٣٨١

مسألة ٩٤٣ : ٣٨٢

مسألة ٩٤٤ : ٣٨٣

مسألة ٩٤٥ : ٣٨٤

الفصل الرابع : في تعقيب الإقرار بما يرفعه‌ الأوّل : في الاستثناء مسألة ٩٤٦ : ٣٨٦

مسألة ٩٤٧ : ٣٨٨

مسألة ٩٤٨ : مسألة ٩٤٩ : ٣٨٩

مسألة ٩٥٠ : ٣٩٠

مسألة ٩٥١ : ٣٩١

مسألة ٩٥٢ : ٣٩٢

٤٩٨

مسألة ٩٥٣ : ٣٩٣

مسألة ٩٥٤ : مسألة ٩٥٥ : ٣٩٤

مسألة ٩٥٦ : مسألة ٩٥٧ : ٣٩٧

مسألة ٩٥٨ : ٣٩٨

مسألة ٩٥٩ : ٣٩٩

مسألة ٩٦٠ : مسألة ٩٦١ : ٤٠٠

مسألة ٩٦٢ : ٤٠١

البحث الثاني : فيما عدا الاستثناء الأوّل : فيما يقتضي رفع المـُقرّ به مسألة ٩٦٣ : ٤٠٣

مسألة ٩٦٤ : ٤٠٤

مسألة ٩٦٥ : ٤٠٦

مسألة ٩٦٦ : ٤٠٩

تذنيب (٢) : مسألة ٩٦٧ : ٤١٠

مسألة ٩٦٨ : ٤١٢

مسألة ٩٦٩ : ٤١٤

تذنيبان : المطلب الثاني : في تعقيب الإقرار بالإيداع مسألة ٩٧٠ : ٤١٦

مسألة ٩٧١ : ٤١٧

مسألة ٩٧٢ : ٤١٩

مسألة ٩٧٣ : مسألة ٩٧٤ : ٤٢١

مسألة ٩٧٥ : ٤٢٢

المطلب الثالث : في تعقيب الإقرار بالعارية والهبة بعدم القبض أو بعدم الفهم مسألة ٩٧٦ : ٤٢٤

مسألة ٩٧٧ : ٤٢٥

مسألة ٩٧٨ : ٤٢٦

مسألة ٩٧٩ : مسألة ٩٨٠ : ٤٢٧

مسألة ٩٨١ : ٤٢٨

٤٩٩

المطلب الرابع : في تعقيب الإقرار لواحدٍ بالإقرار لغيره مسألة ٩٨٢ : ٤٢٩

مسألة ٩٨٣ : ٤٣١

مسألة ٩٨٤ : ٤٣٣

مسألة ٩٨٥ : ٤٣٤

الفصل الخامس : في ا لإقرار بالنسب الأوّل(١) : الإقرار بالولد مسألة ٩٨٦ : ٤٣٦

مسألة ٩٨٧ : ٤٣٧

مسألة ٩٨٨ : ٤٣٩

مسألة ٩٨٩ : ٤٤٠

مسألة ٩٩٠ : ٤٤١

مسألة ٩٩١ : ٤٤٢

مسألة ٩٩٢ : ٤٤٣

مسألة ٩٩٣ : ٤٤٧

مسألة ٩٩٤ : ٤٤٨

مسألة ٩٩٥ : ٤٥٣

مسألة ٩٩٦ : ٤٥٤

مسألة ٩٩٧ : ٤٥٥

مسألة ٩٩٨ : ٤٥٦

مسألة ٩٩٩ : ٤٥٧

مسألة ١٠٠٠ : ٤٥٩

مسألة ١٠٠١ : ٤٦٠

مسألة ١٠٠٢ : ٤٦١

مسألة ١٠٠٣ : ٤٦٢

مسألة ١٠٠٤ : ٤٦٣

مسألة ١٠٠٥ : ٤٦٦

مسألة ١٠٠٦ : مسألة ١٠٠٧ : ٤٦٨

٥٠٠

501