نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 429

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 429
المشاهدات: 119169
تحميل: 2373


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 429 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 119169 / تحميل: 2373
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 20

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٥٤ - شهاب الدين الآلوسي، المتوفّى سنة ١٢٧٠.

٥٥ - الصدّيق حسن خان، المتوفّى سنة ١٣٠٧.

٥٦ - محمّد مؤمن الشبلنجي، المتوفّى بعد سنة ١٣٠٨.

نصوص الحديث في الكتب المعتبرة

وهذه ألفاظ من هذا الحديث بأسانيدها، كما في الكتب المعتبرة من الصحاح والمسانيد والمعاجم وغيرها:

* أخرج البخاري قائلا: « قوله:( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

« حدّثنا محمّد بن بشار، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن عبدالملك بن ميسرة، قال: سمعت طاووساً عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أنّه سئل عن قوله( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمّد صلّى الله عليه وسلّم. فقال ابن عبّاس: عجلت! إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكن بطن من قريش إلّا كان له فيهم قرابة. فقال: إلّا أنْ تصِلوا ما بيني وبينكم من القرابة »(١) .

* وأخرجه مسلم، كما نصّ عليه الحاكم والذهبي، وسيأتي.

* وأخرجه أحمد، ففي « المسند »: « حدّثنا عبدالله، حدّثني أبي، ثنا يحيى، عن شعبة، حدّثني عبدالملك بن ميسرة، عن طاووس، قال: أتى ابن عبّاس رجل فسأله، وسليمان بن داود، قال: أخبرنا شعبة، أنبأني عبدالملك، قال: سمعت طاووساً يقول: سأل رجل ابن عبّاس المعنى عن قوله عزّ وجلّ:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فقال سعيد بن جبير: قرابة محمّد صلّى الله عليه وسلّم. قال ابن عبّاس: عجلت! إنّ رسول الله صلّى الله

____________________

(١). صحيح البخاري، كتاب التفسير، المجلّد الثالث: ٥٠٢.

١٢١

عليه وسلّم لمن يكن بطن من قريش إلّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيهم قرابة فنزلت:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) إلّا أنْ تصِلوا قرابة ما بيني وبينكم »(١) .

* وفي ( المناقب ) ما هذا نصّه: « وفي ما كتب إلينا محمّد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي، يذكر أنّ حرب بن الحسن الطحّان حدّثهم، قال: حدّثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: لـمّا نزلت( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله، مَن قرابتك هؤلاء الّذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: عليٌّ وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام »(٢) .

* وأخرج الترمذي فقال: « حدّثنا بندار، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن عبدالملك بن ميسرة، قال: سمع طاووساً قال: سئل ابن عبّاس عن هذه الآية( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمّد صلّى الله عليه وسلّم. فقال ابن عبّاس: أعجلت؟! إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يكن بطن من قريش إلّا كان له فيهم قرابة فقال: إلّا أن تصِلوا ما بيني وبينكم من القرابة.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح »(٣) .

* وأخرج ابن جرير الطبري، قال:

[ ١] « حدّثني محمّد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحيى المري، عن السدّي، عن أبي الديلم، قال: لـمّا جي بعليِّ بن

____________________

(١). مسند أحمد ١ / ٢٢٩.

(٢). مناقب عليّ: الحديث ٢٦٣، ورواه غير واحدٍ من الحفّاظ قائلين « أحمد في المناقب » كالمحبّ الطبري في ذخائر العقبى: ٢٥، والسخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف: ٣٦.

(٣). صحيح الترمذي، كتاب التفسير، ٥ / ٣٥١.

١٢٢

الحسين - رضي الله عنهما - أسيراً فأُقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرنَي الفتنة! فقال له عليّ ابن الحسين -رضي‌الله‌عنه -: أقرأت القرآن؟! قال: نعم، قال: أقرأت آل حم؟! قال: قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم؟ قال: ما قرأت( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟! قال: وإنّكم لأنتم هم؟! قال: نعم »(١) .

[ ٢] حدّثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا عبدالسلام، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عبّاس، قال: قالت الأنصار: فعلنا وفعلنا، فكأنّهم فخروا، فقال ابن عبّاس - أو العبّاس، شكّ عبدالسلام -: لنا الفضل عليكم.

فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتاهم في مجالسهم فقال: يا معشر الأنصار! ألم تكونوا أذلّة فأعزّكم الله بي؟!

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: ألم تكونوا ضلّالاً فهداكم الله بي؟!

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: أفلا تجيبوني؟!

قالوا: ما نقول يا رسول الله؟!

قال: ألا تقولون: ألم يخرجك قومك فآويناك؟! أولم يكذّبوك فصدّقناك؟! أو لم يخذلوك فنصرناك؟!

قال: فما زال يقول حتّى جثوا على الركب وقالوا: أموالنا وما في أيدينا

____________________

(١). وأرسله أبو حيّان إرسال المسلَّم، حيث ذكر القول الحقّ، قال: « وقال بهذا المعنى عليّ ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، واستشهد بالآية حين سيق إلى الشام أسيراً » البحر المحيط ٧ / ٥١٦.

١٢٣

لله ولرسوله، قال: فنزلت( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

[ ٣] حدّثني يعقوب، قال: ثنا مروان، عن يحيى بن كثير، عن أبي العالية، عن سعيد بن جبير، في قوله( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال: هي قربى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

[ ٤] حدّثني محمّد بن عمارة الأسدي ومحمّد بن خلف، قالا: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: سألت عمرو بن شعيب عن قول عزّ وجلّ( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال: قربى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم »(١) .

أقول:

ولا يخفى أنّ ابن جرير الطبري ذكر في معنى الآية أربعة أقوال، وقد جعل القول بنزولها في « أهل البيت » القول الثاني، فذكر هذه الأخبار.

وجعل القول الأوّل أنّ المراد قرابته مع قريش، فذكر رواية طاووس عن ابن عبّاس، التي أخرجها أحمد والشيخان، وقد تقدّمت، وفيها قول سعيد بن جبير بنزولها في « أهل البيت » خاصّةً.

وأمّا القولان الثالث والرابع فسنتعرّض لهما فيما بعد.

* وأخرج أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي - صاحب المسند الكبير - في مسند عبدالله بن مسعود، في ما رواه عنه زرّ بن حبيش، قال:

« حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، حدّثنا محمّد بن خالد، عن يحيى بن ثعلبة الأنصاري، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن عبدالله، قال:

كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مسير، فهتف به أعرابي بصوت

____________________

(١). تفسير الطبري ٢٥ / ١٦ - ١٧.

١٢٤

جهوري: يا محمّد! فقال صلّى الله عليه وسلّم: يا هناه! فقال: يا محمّد! ما تقول في رجل يحبّ القوم ولم يعمل بعلمهم؟ قال: المرء مع من أحبّ. قال: يامحمّد! إلى من تدعو؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنآي رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت. قال: فهل تطلب على هذا أجراً؟ قال: لا إلّا المودّة في القربى.قال: أقرباي يا محمّد أُم أقرباك؟ قال: بل أقرباي. قال: هات يدك حتّى أبايعك، فلا خير في من يودّك ولا يودّ قرباك »(١) .

* وأخرج الطبراني: « حدّثنا محمّد بن عبدالله، ثنا حرب بن الحسن الطحّان، ثنا حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال: لـمّا نزلت( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله، ومن قرابتك هؤلاء الّذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: عليٌّ وفاطمة وابناهما »(٢) .

وأخرج أيضاً: « حدّثنا محمّد بن عبدالله الحضرمي، ثنا محمّد بن مرزوق، ثنا حسين الأشقر، ثنا نصير بن زياد، عن عثمان أبي اليقظان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لو جمعنا لرسول الله صلى عليه وسلّم مالاً فنبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد، فأتوا رسول الله فقالوا: يا رسول الله! إنّا أردنا أن نجمع لك من أموالنا. فأنزل الله عز وجل( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فخرجوا مختلفين، فقال بعضهم: ألم تروا إلى ما قال رسول الله؟! وقال بعضهم: إنّما قال

____________________

(١). مسند الصحابة ٢ / ١٢٧ ح ٦٦٤.

(٢). المعجم الكبير ٣ / ٤٧ رقم ٢٦٤١، و ١١ / ٣٥١ رقم ١٢٢٥٩.

١٢٥

هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم »(١) .

* وأخرج الحاكم قائلاً: « حدّثنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي الحسني، ثنا إسماعيل بن محمّد بن إسحاق بن جعفر ابن محمّد بن علي بن الحسين، حدّثني عمّي علي بن جعفر بن محمّد، حدّثني الحسين بن زيد، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، قال:

خطب الحسن بن عليّ الناس حين قُتل عليٌّ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:

لقد قُبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأوّلون بعمل ولا يدركه الآخِرون، وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتّى يفتح الله عليه، وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء، إلّا سبع مائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله ثمّ قال:

أيّها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن النبيّ، وأنا ابن الوصيّ، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم:( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت »(٢) .

____________________

(١). المعجم الكبير ١٢ / ٢٦ رقم ١٢٣٨٤.

(٢). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٢.

١٢٦

وقال الحاكم بتفسير الآية من كتاب التفسير: « إنّما اتّفقا في تفسير هذه الآية على حديث عبدالملك بن ميسرة الزرّاد عن طاووس عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أنّه في قربى آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

* وأخرج أبو نعيم: « حدّثنا الحسين بن أحمد بن عليّ أبو عبدالله، ثنا الحسن بن محمّد بن أبي هريرة، ثنا إسماعيل بن يزيد، ثنا قتيبة بن مهران، ثنا عبدالغفور، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن عليّ، قال: قال رسول الله صلى عليه وسلّم: عليكم بتعلّم القرآن وكثرة تلاوته تنالون به الدرجات وكثرة عجائبه في الجنّة، ثمّ قال عليٌّ: وفينا آل حم، إنّه لا يحفظ مودّتنا إلّا كلّ مؤمن، ثمّ قرأ:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢) .

وأخرج أيضاً: « حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن عليّ بن أحمد بن مخلّد، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبادة بن زياد، ثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر، قال: جاء أعرابي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: يا محمّد! اعرض عَلَيّ الإسلام، فقال: تشهد أنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله. قال: تسألني عليه أجراً؟ قال: لا، إلّا المودّة في القربى، قال: قرباي أو قرباك؟ قال: قرباي. قال: هات أُبايعك، فعلى مَن لا يحبّك ولا يحبّ قرباك لعنة الله. قال صلّى الله عليه وسلّم: آمين.

هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمّد، لم نكتبه إلّا من حديث يحيى بن العلاء، كوفي ولي قضاء الرّي »(٣) .

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤٤٤.

(٢). تاريخ أصبهان ٢ / ١٦٥.

(٣). حلية الأولياء ٣ / ٢٠١.

١٢٧

* وأخرج أبو بشر الدولابي خطبة الإمام الحسن السبط، فقال: « أخبرني أبو القاسم كهمس بن معمر، أنّ أبا محمّد إسماعيل بن إسحاق بن جعفر ابن محمّد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب حدّثهم: حدّثني عمي علي ابن جعفر بن محمّد بن حسين بن زيد، عن الحسن بن زيد ابن حسن بن علي، عن أبيه، قال: خطب الحسن بن علي الناس حين قتل عليّ

أخبرني أبو عبدالله الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب، حدّثني أبي، حدّثني حسين بن زيد، عن الحسن بن زيد بن حسن - ليس فيه: عن أبيه -، قال: خطب الحسن بن عليٍّ الناس

حدّثنا أحمد بن يحيى الأودي، نا إسماعيل بن أبان الورّاق، نا عمر، عن جابر، عن أبي الطفيل، وزيد بن وهب، وعبد الله بن نجي، وعاصم بن ضمرة، عن الحسن بن عليّ، قال: لقد قُبض في هذه الليلة رجل »(١) .

* وأخرج ابن عساكر: « أخبرنا أبو الحسن الفرضي، أنبأنا عبدالعزيز الصوفي، أنبأنا أبو الحسن بن السمسار، أنبأنا أبو سليمان

قال: وأنبأنا ابن السمسار، أنبأنا عليّ بن الحسن الصوري، أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني اللخمي بأصفهان، أنبأنا الحسين بن إدريس الحريري التستري، أنبأنا أبو عثمان طالوت بن عبّاد البصري الصيرفي، أنبأنا فضّال بن جبير، أنبأنا أبو أُمامة الباهلي، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خلق الله الأنبياء من أشجار شتّى، وخلقني وعليّاً من شجرةٍ واحدة، فأنا أصلها وعليٌّ فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين

____________________

(١). الذريّة الطاهرة: ١٠٩ - ١١١.

١٢٨

ثمرها، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ هوى، ولو أنّ عبداً عبدالله بين الصفا والمروة ألف عام ثمّ ألف عام ثمّ ألف عام، ثمّ لم يدرك محبّتنا لأكبّه الله على منخريه في النار، ثمّ تلا( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

ورواه عليّ بن الحسن الصوفي مرّةً أُخرى عن شيخ آخر، أخبرناه أبو الحسن الفقيه السلمي الطرسوسي، أنبأنا عبدالعزيز الكتّاني، أنبأنا أبو نصر ابن الجيّان، أنبأنا أبو الحسن عليّ بن الحسن الطرسوسي، أنبأنا أبوالفضل العبّاس ابن أحمد الخواتيمي بطرسوس، أنبأنا الحسين بن إدريس التستري »(١) .

* وأخرج ابن عساكر خبر خطبة مروان - بأمرٍ من معاوية - ابنةَ عبدالله ابن جعفر ليزيد، وأنّ عبدالله أوكل أمرها إلى الحسينعليه‌السلام فزوّجها من القاسم بن محمّد بن جعفر، وتكلمعليه‌السلام - في المسجد النبوي وبنو هاشم وبنو أُميّة مجتمعون - فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: « إنّ الإسلام دفع الخسيسة وتمّم النقيصة وأذهب اللائمة، فلا لوم على مسلم إلّا في أمر مأثم، وإنّ القرابة التي عظّم الله حقّها وأمر برعايتها، وأنْ يسأل نبيّه الأجر له بالمودّة لأهلها: قرابتنا أهل البيت »(٢) .

* وأخرج ابن الأثير: « روى حكيم بن جبير، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كنت أُجالس أشياخاً لنا، إذ مرّ علينا عليّ بن الحسين - وقد كان بينه وبين أُناس من قريش منازعة في امرأة تزوّجها منهم لم يرض منكحها - فقال أشياخ الأنصار: ألا دعوتنا أمس لِما كان بينك وبين بني فلان؟! إنّ أشياخنا حدّثونا

____________________

(١). تاريخ دمشق، ترجمة عليّ أمير المؤمنين ١ / ١٣٢ - ١٣٣.

(٢). تعليق العلّامة المحمدويّ على شواهد التنزيل ٢ / ١٤٤ عن أنساب الأشراف بترجمة معاوية، وعن تاريخ دمشق بترجمة مزوان بن الحكم.

١٢٩

أنّهم أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا محمّد! ألا نخرج إليك من ديارنا ومن أموالنا لِما أعطانا الله بك وفضّلنا بك وأكرمنا بك؟ فأنزل تعالى:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) . ونحن ندلّكم على الناس. أخرجه ابن مندة »(١) .

* وأخرج ابن كثير: « وقول ثالث، وهو ما حكاه البخاري وغيره رواية عن سعيد بن جبير وقال السدّي عن أبي الديلم، قال: لـمّا جيء بعليّ بن الحسينرضي‌الله‌عنه أسيراً وقال أبو إسحاق السبيعي: سألت عمرو بن شعيب عن قوله تبارك وتعالى:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فقال: قربى النبيّ. رواهما ابن جرير.

ثمّ قال ابن جرير: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا مالك بن إسماعيل، حدّثنا عبدالسلام، حدّثني يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عبّاس

وهكذا رواه: ابن أبي حاتم، عن عليّ بن الحسين، عن عبدالمؤمن بن عليّ، عن عبدالسلام، عن يزيد بن أبي زياد - وهو ضعيف - بإسناده، مثله أو قريباً منه.

وفي الصحيحين في قسم غنائم حنين قريب من هذا السياق، ولكنْ ليس في ذِكر نزول هذه الآية

وقال ابن أبي حاتم: حدّثنا علي بن الحسين، حدّثنا رجل سماه، حدّثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس -رضي‌الله‌عنه -، قال: لـمّا نزلت هذه الآية( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الّذين أمر الله بمودتهم؟ قال: فاطمة وولدها. رضي الله عنهم. وهذا إسناد ضعيف، فيه مبهم لا يُعرف،

____________________

(١). أُسد الغابة في معرفة الصحابة ٥ / ٣٦٧.

١٣٠

عن شيخ شيعي محترق وهو حسين الأشقر »(١) .

* وروى الهيثمي: « عن ابن عبّاس قال: لـمّا نزلت( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: عليٌّ وفاطمة وابناهما.

رواه الطبراني من رواية حرب بن الحسن الطحّان عن حسين الأشقر عن قيس بن الربيع، وقد وُثّقوا كلّهم وضعّفهم جماعة، وبقيّة رجاله ثقات »(١) .

ورواه مرّةً أُخرى كذلك وقال: « فيه جماعة ضعفاء وقد وُثقوا »(٢) .

وروى خطبة الإمام الحسنعليه‌السلام قائلاً: « باب خطبة الحسن بن عليّ رضي الله عنهما:

عن أبي الطفيل، قال: خطبنا الحسن بن عليّ بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر أمير المؤمنين عليّاًرضي‌الله‌عنه خاتم الأوصياء ووصيّ الأنبياء وأمين الصدّيقين والشهداء، ثمّ قال: يا أيّها الناس، لقد فارقكم رجل ما سبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون، لقد كان رسول الله يعطيه الراية فيقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتّى يفتح الله عليه. ولقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها وصي موسى، وعرج بروحه في الليلة التي

ثمّ قال: أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، وأنا ابن النبيّ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن الذي أُرسل رحمةً للعالمين، وأنا من أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وأنا مِن أهل البيت

____________________

(١). تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٠٠.

(٢). مجمع الزوائد ٧ / ١٠٣.

(٣). مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨.

١٣١

الّذين افترض الله عزّوجلّ مودّتهم وولايتهم فقال في ما أنزل على محمّد صلّى الله عليه وسلّم:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

قال الهيثمي: « رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ...وأبو يعلى باختصار، والبزّار بنحوه ورواه أحمد باختصار كثير!

وإسناد أحمد وبعض طرق البزّار والطبراني في الكبير حسان »(١) .

* وروى السيوطي الحديث عن طاووس عن ابن عبّاس كما تقدّم.

قال: « وأخرج ابن مردويه من طريق ابن المبارك عن ابن عبّاس في قوله:( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال: تحفظوني في قرابتي ».

قال: « وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق مقسم، عن ابن عبّاس، قال: قالت الأنصار » الحديث، وقد تقدّم.

قال: « وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير، قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لو جمعنا لرسول الله » الحديث، وقد تقدّم.

قال: « وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربى، أن تحفظوني في أهل بيتي وتودّوهم بي ».

قال: « وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عبّاس، قال: لـمّا نزلت هذه الآية( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الّذين وجبت مودّتهم؟ قال: عليٌّ وفاطمة وولداها».

قال: « وأخرج سعيد بن منصور، عن سعيد بن جبير:( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي

____________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٤٦.

١٣٢

الْقُرْبى ) قال: قربى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ».

قال: « وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم، قال: لـمّا جيء بعليّ بن الحسين » الحديث، وقد تقدّم.

ثمّ روى السيوطي حديث الثقلين وغيره ممّا فيه الوصيّة باتّباع أهل البيت والتحذير من بغضهم(١) .

* وقال الآلوسي: « وذهب جماعة إلى أنّ المعنى: لا أطلب منكم أجراً إلّا محبّتكم أهل بيتي وقرابتي. وفي البحر: أنّه قول ابن جبير والسدّي وعمرو ابن شعيب، و « في » عليه للظرفيّة المجازيّة، و « القربى » بمعنى الأقرباء، والجار والمجرور في موضع الحال. أي: المودّة ثابتة في أقربائي متمكّنة فيهم، ولمكانة هذا المعنى لم يقل: إلّا المودّة للقربى وروى ذلك مرفوعاً:

أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، من طريق ابن جبير عن ابن عبّاس، قال: لـمّا نزلت هذه الآية » الحديث، كما تقدّم، قال: « وسند هذا الخبر - على ما قال السيوطي في الدرّ المنثور - ضعيف، ونصَّ على ضعفه في تخريج أحاديث الكشّاف ابن حجر.

وأيضاً: لو صحَّ لم يقل ابن عبّاس ما حكي عنه في الصحيحين وغيرهما وقد تقدّم. إلّا أنّه روي عن جماعةٍ من أهل البيت ما يؤيّد ذلك: أخرج ابن جرير عن أبي الديلم، قال: لـمّا جيء بعليّ بن الحسين » الحديث، وقد تقدّم.

« وروى زاذان عن عليٍّ كرّم الله تعالى وجهه، قال: فينا في آل حم آية لا يحفظ مودّتنا إلّا مؤمن، ثمّ قرأ هذه الآية.

وإلى هذا أشار الكميت في قوله:

وجدنا لكم في آل حم آية

تأوّلها منّا تقيٌّ ومعربُ

____________________

(١). الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ٦ / ٦ - ٧.

١٣٣

ولله تعالى درّ السيّد عمر الهيتي - أحد الأقارب المعاصرين - حيث يقول:

بأيّة آيةٍ يأتي يزيدُ

غداةَ صحائفُ الأعمالى تُتلى

وقام رسولُ ربّ العرش يتلو

وقد صمّت جميع الخلق( قُلْ لا )

والخطاب على هذا القول لجميع الأُمّة لا للأنصار فقط، وإنْ ورد ما يوهم ذلك، فإنّهم كلّهم مكلّفون بمودّة أهل البيت، فقد أخرج مسلم والترمذي والنسائي » فروى حديث الثقلين، ونحوه، ثمّ قال: « إلى غير ذلك ممّا لا يحصى كثرةً من الأخبار »(١) .

* وروى الشوكاني الأخبار التي نقلناها عن « الدرّ المنثور » كالحديث الذي رواه الأئمّة من طريق مقسم عن ابن عبّاس. ثمّ قال: « وفي إسناده يزيد ابن أبي زياد، وهو ضعيف » وما رواه أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عبّاس، ولم يتكلم في سنده، وما رواه الجماعة من طريق سعيد بن جبير عن عبّاس، قال: « قال السيوطي: بسند ضعيف ».

ثمّ إنّه أشار إلى التعارض الموجود بين الأخبار في ما روي عن ابن عبّاس، ورجح ما أُخرج عنه في كتابَي البخاري ومسلم، وقال: « وقد أغنى الله آل محمّد عن هذا بما لهم من الفضائل الجليلة والمزايا الجميلة، وقد بيّنّا بعض ذلك عند تفسيرنا لقوله( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) »(٢) .

____________________

(١). روح المعاني ٢٥ / ٣١ - ٣٢.

(٢). فتح القدير ٤ / ٥٣٦ - ٥٣٧.

١٣٤

تنبيه:

حاول القوم أنْ لا ينقلوا خطبة الإمام الحسنعليه‌السلام كاملةً، وحتّى المنقوص منها تصرّفوا في لفظه! فراجع: المسند ١ / ١٩٩، و المناقب لأحمد الرقم ١٣٦ و ١٣٦، والمعجم الكبير - للطبراني - ٣ / الرقم ٢٧١٧ إلى ٢٧٢٥، وتاريخ الطبري ٥ / ١٥٧، والمستدرك ٣ / ١٧٢، والكامل ٣ / ٤٠٠، ومجمع الزوائد ٩ / ١٤٦، وقارن بين الألفاظ، لترى مدى إخلاص أُمناء الحديث وحرصهم على حفظه ونقله!!

ولننقل الخبر كما رواه أبو الفرج وبأسانيد مختلفة، فقال:

« حدّثني أحمد بن عيسى العجلي، قال: حدّثنا حسين بن نصر، قال: حدّثنا زيد بن المعذل، عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، قال: حدّثني أشعث بن سوار، عن أبي إسحاق السبيعي، عن سعيد بن رويم.

وحدّثني عليّ بن إسحاق المخرمي وأحمد بن الجعد، قالا: حدّثنا عبدالله بن عمر مشكدانة، قال: حدّثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي.

وحدّثني عليّ بن إسحاق، قال: حدّثنا عبدالله بن عمر، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن الأشعث بن أبي إسحاق، موقوفاً.

وحدّثني محمّد بن الحسين الخثعمي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، قال:

قال عمرو بن ثابت: كنت أختلف إلى أبي إسحاق السبيعي سنةً أسأله عن خطبة الحسن بن علي، فلا يحدّثني بها، فدخلت إليه في يومٍ شات وهو في الشمس وعليه برنسه كأنّه غول، فقال لي: من أنت؟ فأخبرته، فبكى

١٣٥

وقال: كيف أبوك؟ كيف أهلك؟ قلت: صالحون. قال: في أيّ شيء تردّد منذ سنة؟ قلت: في خطبة الحسن بن عليّ بعد وفاة أبيه.

قال: حدّثني هبيرة بن يريم، وحدّثني محمّد بن محمّد الباغندي ومحمّد ابن حمدان الصيدلاني، قالا: حدّثنا إسماعيل بن محمّد العلوي، قال: حدّثني عمّي عليّ بن جعفر بن محمّد، عن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين ابن زيد بن الحسن، عن أبيه - دخل حديث بعضهم في حديث بعض، والمعنى قريب - قالوا:

« خطب الحسن بن عليّ بعد وفاة أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: لقد قُبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون بعمل، ولقد كان يجاهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقيه بنفسه، ولقد كان يوجّهه برايته فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، ولقد توفّي فيها يوشع بن نون وصي موسى، وما خلّف صفراء ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله.

ثمّ خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه.

ثمّ قال: أيّها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن ابن محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله عزّ وجلّ بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، والّذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول:( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.

قال أبو مخنف عن رجاله: ثمّ قام ابن عبّاس بين يديه، فدعا الناس إلى

١٣٦

بيعته، فاستجابوا له وقالوا: ما أحبّه إلينا وأحقّه بالخلافة، فبايعوه.

ثمّ نزل عن المنبر »(١) .

أقول:

وهكذا روى الشيخ المفيد بإسناده(٢) .

وذيل الخبر من الشواهد على بطلان خبر طاووس عن سعيد عن ابن عبّاس، كما لا يخفى.

____________________

(١). مقاتل الطالبيّين: ٦١ - ٦٢.

(٢). الإرشاد ٢ / ٧ - ٨.

١٣٧

الفصل الثاني

في تصحيح أسانيد هذه الأخبار

قد ذكرنا في الفصل الأوّل طرفاً من الأخبار في أنّ المراد من « القربى » في « آية المودّة » هم « أهل البيت »، وقد جاء في بعضها التصريح بأنّهم « عليٌّ وفاطمة وابناهما ».

وقد نقلنا تلك الأخبار عن أهمّ وأشهر كتب الحديث والتفسير عند أهل السنّة، من القدماء والمتأخّرين وبذلك يكون القول بنزول الآية المباركة في « أهل البيت » قولاً متفقاً عليه بين الخاصّة والعامّة.

فأمّا ما رواه طاووس من جزم سعيد بن جبير بأنّ المراد هم « أهل البيت »عليهم‌السلام خاصّة، وهو الذي أخرج الشيخان وأحمد والترمذي وغيرهم فلم أجد طاعناً في سنده وإنْ كان لنا كلام فيه، وسيأتي.

وأمّا ما أخرج في ( المناقب ) لأحمد بن حنبل فهو من الزيادات، فالقائل « كتب إلينا » هو « القطيعي »: أبو بكر أحمد بن جعفر الحنبلي - المتوفّى سنة ٣٦٨ - وهو راوي: المسند، والزهد، والمناقب، لأحمد بن حنبل.

حدّث عنه: الدارقطني، والحاكم، وابن رزقويه، وابن شاهين، والبرقاني، وأبو نعيم، وغيرهم من كبار الأئمّة.

ووثّقه الدارقطني قائلاً: ثقة زاهد قديم، سمعت أنّه مجاب الدعوة؛ وقال البرقاني: ثبت عندي أنّه صدوق، وقد ليّنته عند الحاكم فأنكر عليّ وحسّن حاله وقال: كان شيخي؛ قالوا: قد ضعف واختلّ في آخر عمره،

١٣٨

وتوقّف بعضهم في الرواية عنه لذلك.

ومن هنا أورده الذهبي في ( ميزانه ) مع التصريح بصدقه، وهذه عبارته: « [ صح ] أحمد بن جعفر بن حمدان أبو بكر القطيعي، صدوق في نفسه مقبول، تغير قليلاً. قال الخطيب: لم نر أحداً ترك الاحتجاج به » ثمّ نقل ثقته عن الدارقطني وغيره، وردّ على من تكلّم فيه لاختلاله في آخر عمره(١) .

و « محمّد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي » هو « مطيّن » المتوفّى سنة ٢٩٧، قال الدارقطني: ثقة جبل، وقال الخليلي: ثقة حافظ، وقال الذهبي: « الشيخ الحافظ الصادق، محدّث الكوفة »(٢) .

وسيأتي الكلام على سائر رجاله؛ بما يثبت صحّة السند وحجيّة الخبر.

وأمّا ما رواه ابن جرير الطبري حجّةً للقول بنزول الآية في « أهل البيت » وقد كان أربع روايات فما تُكلِّم إلّا في الثاني منها، وهذا إسناده:

« حدّثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا عبدالسلام، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد، عن مِقْسَم، عن ابن عبّاس ».

قال ابن كثير: « وهكذا رواه ابن أبي حاتم، عن عليّ بن الحسين، عن عبدالمؤمن بن عليّ، عن عبدالسلام، عن يزيد بن أبي زياد - وهو ضعيف - بإسناده، مثله أو قريباً منه ».

وتبعه الشوكاني حيث إنه بعد أن رواه قال: « وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف ».

وأمّا ما رواه الأئمّة، كابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن

____________________

(١). تاريخ بغداد ٤ / ٧٣، المنتظم ٧ / ٩٢، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢١٠، ميزان الإعتدال ١ / ٨٧، الوافي بالوفيات ٦ / ٢٩٠، وغيرها.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٦٢، الوافي بالوفيات ٣ / ٣٤٥، سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤١.

١٣٩

مردويه، وعنهم السيوطي، فقد ضعّف السيوطي سنده، وتبعه الشهاب الآلوسي، وقد سبقهما إلى ذلك الهيثمي وابن كثير وابن حجر العسقلاني، قال الأخير في شرح البخاري:

« وهذا الذي جزم به سعيد بن جبير قد جاء عنه من روايته عن ابن عبّاس مرفوعاً، فأخرج الطبراني وابن أبي حاتم من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: لـمّا نزلت قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟ الحديث. وإسناده ضعيف وقد جزم بهذا التفسير جماعة من المفسّرين، واستندوا إلى ما ذكرته عن ابن عبّاس من الطبراني وابن أبي حاتم، وإسناده واهٍ، فيه ضعيف ورافضي »(١) .

وقال في تخريج أحاديث الكشّاف: « أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم والحاكم في مناقب الشافعي، من رواية حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس. وحسين ضعيف ساقط »(٢) .

وقال ابن كثير: « وقال ابن أبي حاتم: حدّثنا علي بن الحسين، حدّثنا رجل سمّاه، حدّثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس وهذا إسناده ضعيف، فيه مبهم لا يعرف، عن شيخ شيعي محترق، وهو حسين الأشقر ».

وتبعه القسطلاني بقوله: « وأمّا حديث ابن عبّاس أيضاً عند ابن أبي حاتم، قال: لـمّا نزلت هذه الآية( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الّذين أمر الله بمودّتهم؟ قال: فاطمة وولدهاعليهم‌السلام . فقال ابن كثير: إسناده ضعيف، فيه مبهم لا يعرف عن

____________________

(١). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ٤٥٨.

(٢). الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشّاف - مع الكشّاف - ٤ / ٢٢٠.

١٤٠