نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 430

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 430
المشاهدات: 130102
تحميل: 2878


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
  • اهداء:٥

  • كلمة المؤلف٧

  • آية الولاية٩

  • الفصل الأوّل في رواة خبر نزولها في علي وأسانيده من رواة الخبر من الصحابة والتابعين١٢

  • أشهر مشاهير رواة الخبر من العلماء١٣

  • من نصوص الخبر في الكتب المعتبرة١٨

  • من أسانيده المعتبرة٣٩

  • ١ - رواية ابن أبي حاتم٣٩

  • ٢ - رواية ابن أبي حاتم أيضاً٤٠

  • ٣ - رواية ابن جرير الطبري ٤ - رواية ابن مردويه٤١

  • ٥ - رواية الحاكم النيسابوري٤٢

  • ٦ - رواية ابن عساكر٤٤

  • فوائد مهمة الاولى: استنباط الحكم الشرعي من القضيّة٤٥

  • الثانية: رأي الإمام الباقر في نزول الآية٤٦

  • الثالثة: الخبر في شعر حسّان وغيره الرابعة: قول النبي في الواقعة: من كنت مولاه فعلي مولاه٤٧

  • الخامسة: دعاء النبيّ بعد القضيّة السادسة: إنّ الخاتم كان عقيقاً يمانيّاً أحمر٤٨

  • الفصل الثاني في دلالة الآية على الإمامة٤٩

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين٥٣

  • النظر في هذه الكلمات ودفع الشبهات ١ - لا إجماع على نزول الآية في علي وتصدّقه اعتراف القاضي العضد٥٩

  • اعتراف الشريف الجرجاني٦٠

  • اعتراف التفتازاني اعتراف القوشجي٦١

  • ٢ - إنّ القول بنزولها في حق علي للثعلبي فقط وهو متفرّد به٦٣

  • ٣ - المراد من الولاية فيها هو النصرة بقرينة السّياق٦٥

  • ٤ - مجي الآية بصيغة الجمع، وحملها على الواحد مجاز٦٦

  • ٥ - الولاية بمعنى الأولويّة بالتصرّف غير مرادة في زمان الخطاب٦٧

  • ٦ - إنّ التصدّق في أثناء الصّلاة ينافي الصلاة٦٨

  • آية التطهير٧١

  • الفصل الأوّل في تعيين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولاً وفعلاً المراد من « أهل البيت » من الصحابة الرواة لحديث الكساء٧٦

  • من الأئمّة الرواة لحديث الكساء٧٧

  • من ألفاظ الحديث في الصحاح والمسانيد وغيرها٧٨

  • ممّن نصَّ على صحّة الحديث٨٥

  • ما دلّت عليه الأحاديث٨٦

  • الفصل الثاني في سقوط القولَين الآخَرَين٨٨

  • ترجمة عكرمة ١ - طعنه في الدين ٢ - كان من دعاة الخوارج٨٩

  • ٣ - كان كذّاباً ٤ - ترك الناس جنازته٩٠

  • ترجمة مقاتل ترجمة الضحّاك٩١

  • الفصل الثالث في دلالة الآية المباركة على عصمة أهل البيت٩٢

  • الفصل الرابع في تناقضات علماء القوم تجاه معنى الآية فمن الطائفة الاُولى٩٤

  • ومن الطائفة الثانية ومن الطائفة الثالثة٩٨

  • اعتراف ابن تيميّة بصحّة الحديث٩٩

  • سقوط كلمات ابن تيميّة١٠٢

  • تناقض ابن تيميّة١٠٦

  • كلام الدهلوي صاحب التحفة١١٠

  • آية المودّة١١٣

  • الفصل الأول في تعيين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المراد من « القربى »١١٦

  • ذكر من رواه من الصحابة والتابعين١١٧

  • ومن رواته من أئمّة الحديث والتفسير١١٨

  • نصوص الحديث في الكتب المعتبرة١٢١

  • الفصل الثاني في تصحيح أسانيد هذه الأخبار١٣٨

  • ١ - ترجمة يزيد بن أبي زياد١٤٢

  • ٢ - ترجمة حسين الأشقر١٤٧

  • ٣ - ترجمة قيس بن الربيع١٥٠

  • ٤ - ترجمة حرب بن حسن الطحّان١٥٢

  • تتمّة١٥٣

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين١٥٥

  • ١ - سورة الشورى مكّيّة والحسنان غير موجودين١٥٩

  • ٢ - الرسول لا يسأل أجراً١٦٢

  • ٣ - لما ذا لم يقل: إلّا المودّة للقربى؟١٦٤

  • ٤ - المعارضة١٦٦

  • الفصل الرابع الأخبار والأقوال أدلّة وشواهد أُخرى للقول بنزول الآية في أهل البيت١٦٧

  • الردّ على الأقوال الأُخرى١٧٣

  • الجهة الأُولى: جهة السند١٧٤

  • والجهة الثانية: في فقه الحديث١٧٧

  • تنبيهان١٧٨

  • دلالة الآية سواء كان الإستثناء متّصلاً أو منقطعاً١٨٢

  • الفصل الخامس دلالة الآية على الإمامة والولاية ١ - القرابة النسبية والإمامة١٨٦

  • ٢ - وجوب المودّة يستلزم وجوب الطاعة١٩٦

  • ٣ - وجوب المحبّة المطلقة يستلزم الأفضليّة١٩٧

  • ٤ - وجوب المحبّة المطلقة يستلزم العصمة٢٠١

  • دحض الشبهات المثارة على دلالة الآية على الإمامة٢٠٣

  • آية المباهلة٢١٥

  • الفصل الأوّل في نزول الآية في أهل البيت عليهم‌السلام ذكر من رواه من الصحابة والتابعين٢١٨

  • ومن رواته من كبار الأئمّة في الحديث والتفسير٢٢٠

  • من نصوص الحديث في الكتب المعتبرة٢٢٣

  • تنبيه٢٢٧

  • كلمات حول السند٢٤٠

  • الفصل الثاني محاولات يائسة وأكاذيب مدهشة ١ - الإخفاء والتعتيم على أصل الخبر٢٤١

  • ٢ - الإخفاء والتعتيم على حديث المباهلة٢٤٢

  • ٣ - الإخفاء والتعتيم على اسم عليّ!!٢٤٧

  • ٤ - التحريف بحذف اسم عليٍّ وزيادة « وناس من أصحابه »٢٤٨

  • ٥ - التحريف بزيادة « عائشة وحفصة »٢٤٩

  • ٦ - التحريف بحذف « فاطمة » وزيادة: « أبي بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده»٢٥٠

  • ١ - سعيد بن عنبسة الرازي ٢ - الهيثم بن عدي٢٥٢

  • الفصل الثالث في دلالة آية المباهلة على الإمامة٢٥٥

  • * استدلال الإمام الرضا عليه‌السلام٢٥٧

  • الفصل الرابع في دفع شبهات المخالفين * أمّا إمام المعتزلة، فقد قال:٢٦٨

  • * وقال ابن تيميّة(١) :٢٧٠

  • * وقال القاضي الإيجي وشارحه الجرجاني:٢٨١

  • * وقال ابن روزبهان:٢٨٢

  • * وقال عبدالعزيز الدهلوي ما تعريبه:٢٨٤

  • * والآلوسي:٢٨٩

  • * وقال الشيخ محمّد عبده:٢٩٠

  • تكميل٢٩١

  • قوله تعالى « إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِکُلِّ قَوْمٍ هَادٍ »٢٩٧

  • الفصل الأوّل نصوص الحديث ورواته في كتب السُنّة رواته من الصحابة٣٠٠

  • من رواته من الأئمّة والحفّاظ٣٠١

  • من ألفاظ الحديث في أشهر الكتب٣٠٤

  • الفصل الثاني في بيان صحّة الحديث٣١٤

  • من أسانيده الصحيحة٣١٥

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين * ابن الجوزي * الذهبي٣٢٠

  • * ابن كثير * أبو حيّان٣٢١

  • * ابن روزبهان * ابن تيميّة٣٢٢

  • * الدهلوي٣٢٥

  • * الآلوسي٣٢٦

  • أقول: ١ - كلماتهم في ما يتعلّق بالسند٣٢٨

  • تنبيهات٣٣٣

  • ٢ - مناقشاتهم في الدلالة * أمّا أبو حيّان فقال:٣٣٦

  • * وأمّا ابن روزبهان فقال: * وأمّا الدهلوي فقال:٣٣٧

  • * وأمّا الآلوسي فقال:٣٣٨

  • * وأمّا ابن تيميّة:٣٤٠

  • معنى الآية المباركة٣٤١

  • المؤكّدات في ألفاظ الحديث٣٤٥

  • أحاديث أُخرى عليٌّ راية الهدى٣٤٦

  • عليٌّ العَلَم٣٤٨

  • يأخذ بكم الطريق المستقيم٣٥٠

  • طاعته طاعة رسول الله من فارقه فارق رسول الله٣٥١

  • عليٌّ منه بمنزلته من ربّه باب حطّة٣٥٢

  • نتيجة البحث٣٥٣

  • الفصل الرابع في الجواب عن المعارضة ١ - حديثُ الإقتداء بالشيخين٣٥٥

  • التحقيق في أسانيده٣٥٦

  • كلمات الأئمّة في بطلانه٣٥٩

  • ٢ - حديث الإقتداء بالصحابة التحقيق في أسانيده٣٦٢

  • كلمات الأئمّة في بطلانه٣٦٥

  • ٣ - لا أُوتينَّ بأحد يفضّلني على أبي بكر وعمر إلاَّ جلدته حدّ المفتري٣٦٦

  • التحقيق في سنده ومدلوله٣٦٧

  • قوله تعالى « وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ »(١) ٣٦٩

  • الفصل الأوّل نصوص الحديث ورواته في كتب السُنّة٣٧٢

  • من أسانيد الخبر ١ - رواية الحبري ٢ - رواية أبي نعيم الأصبهاني٣٧٣

  • ٣ - رواية الحاكم الحسكاني٣٧٤

  • الفصل الثاني في الشواهد * حديث السؤال عن الكتاب والعترة٣٧٩

  • * حديث السؤال عن أربع٣٨٠

  • * حديث: لا يجوز الصراط إلّا من معه كتابُ ولاية عليٍ٣٨٢

  • الشاهد لحديث الجواز٣٨٦

  • الحديث كما رواه جماعة من أكابر المحدّثين الحفّاظ٣٩١

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين * ابن تيميّة٤٠٠

  • * ابن روزبهان * الآلوسي٤٠٢

  • * الدهلوي٤٠٣

  • قوله تعالى « والسابقون السابقون اولئك المقرّبون »(١) ٤٠٧

  • الفصل الأوّل في رواة خبر تفسير الآية وأسانيده٤١٠

  • من أسانيده في الكتب المعتبرة٤١١

  • من أسانيده المعتبرة٤١٣

  • الفصل الثاني في دفع شبهات المخالفين٤١٦

  • الفهرس٤٢٣

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • المشاهدات: 130102 / تحميل: 2878
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 20

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الكلام بما يعجبني نقله بطوله، قال:

« فائدة: قال القاضي النعمان: أجمل الله في كتابه قوله:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) فبيّنه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأُمّته، ونصب أولياءه لذلك من بعده، وذلك مفخر لهم لا يوجد إلّا فيهم، ولا يُعلم إلّا منهم، فقال حين سألوا عن الصلاة عليه قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد.

فالصلاة المأمور بها على النبيّ وآله ليست هي الدعاء لهم كما تزعم العامّة، إذ لا نعلم أحداً دعا للنبيّ فاستحسنه، ولا أمر أحداً بالدعاء له، وإلّا لكان شافعاً فيه، ولأنّه لو كان جواب قوله تعالى( صَلُّوا عَلَيْهِ ) اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، لزم أن يكون ذلك ردّاً لأمره تعالى، كمن قال لغيره: إفعل كذا، فقال: إفعل أنت. ولو كانت الصلاة الدعاء، لكان قولنا: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، بمعنى: اللّهمّ ادع له، وهذا لا يجوز.

وقد كان الصحابة عند ذِكره يصلون عليه وعلى آله، فلمـّا تغلب بنو أُميّة قطعوا الصلاة عن آله في كتبهم وأقوالهم، وعاقبوا الناس عليها بغضاً لآله الواجبة مودّتهم، مع روايتهم أنّ النبي سمع رجلاً يصلّي عليه ولا يصلّي على آله فقال: لا تصلّوا علي الصلاة البترة، ثمّ علّمه بما ذكرناه أوّلاً. فلمـّا تغلّب بنو العبّاس أعادوها وأمروا الناس بها، وبقي منهم بقيّة إلى اليوم لا يصلّون على آله عند ذكره.

هذا فعلهم، ولم يدركوا أنّ معنى الصلاة عليهم سوى الدعاء لهم - وفيه شمّة لهضم منزلتهم حيث أنّ فيه حاجةً ما إلى دعاء رعيّتهم - فكيف لو فهموا أنّ معنى الصلاة هنا المتابعة؟! ومنه المصلّي من الخيل، فأوّل من صلّى النبيّ، أي

١٨١

تبع جبريل حين علّمه الصلاة، ثمّ صلّى عليٌّ النبيّ، إذ هو أوّل ذكر صلّى بصلاته، فبشّر الله النبيّ أنّه يصلّي عليه بإقامة من ينصبه مصلّياً له في أُمّته، وذلك لمـّا سأل النبيّ بقوله:( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ) عليّاً( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) ثمّ قال تعالى:( صَلُّوا عَلَيْهِ ) أي: اعتقدوا ولاية علي وسلّموا لأمره. وقول النبي: قولوا: اللهم صل على محمّد وآل محمّد. أي: اسألوا الله أن يقيم له ولاية ولاةٍ يتبع بعضهم بعضاً كما كان في آل إبراهيم، وقوله: وبارك عليهم، أي: أوقع النموّ فيهم، فلا تقطع الإمامة عنهم.

ولفظ الآل وإنْ عمّ إلّا أنّ المقصود هم، لأنّ في الأتباع والأهل والأولاد فاجر وكافر لا تصلح الصلاة عليه.

فظهر أنّ الصلاة عليه هي اعتقاد وصيّته والأئمّة من ذرّيّته، إذ بهم كمال دينهم وتمام النعمة عليهم، وهم الصلاة التي قال الله إنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر، لأنّ الصلاة الراتبة لا تنهى عن ذلك في كثير من الموارد »(١) .

دلالة الآية سواء كان الإستثناء متّصلاً أو منقطعاً

وتلخّص: إنّ الآية المباركة دالّة على وجوب مودّة « أهل البيت »

* سواءٌ كانت مكّيّة أو مدنيّة، بغضّ النظر عن الروايات أو بالنظر إليها.

* وسواءٌ كان الإستثناء منقطعاً كما ذهب إليه غير واحد من علماء العامّة وبعض أكابر أصحابنا كالشيخ المفيد البغداديرحمه‌الله ، نظراً إلى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يطلب أجراً على تبليغ الرسالة، قالرحمه‌الله :

« لا يصحّ القول بأنّ الله تعالى جعل أجر نبيّه مودّة أهل بيتهعليهم‌السلام ، ولا أنّه جعل ذلك من أجرهعليه‌السلام ، لأنّ أجر النبيّ في التقرّب إلى

____________________

(١). الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ١ / ١٩٠ - ١٩١.

١٨٢

الله تعالى هو الثواب الدائم، وهو مستحقّ على الله تعالى في عدله وجوده وكرمه، وليس المستحقّ على الأعمال يتعلّق بالعباد، لأنّ العمل يجب أن يكون لله تعالى خالصاً، وما كان لله فالأجر فيه على الله تعالى دون غيره.

هذا، مع أنّ الله تعالى يقول:( وَيا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ ) وفي موضع آخر: و( يا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ) .

فإن قال قائل: فما معنى قوله:( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟ أوليس هذا يفيد أنّه قد سألهم مودّة القربى لأجره على الأداء؟

قيل له: ليس الأمر على ما ظننت، لما قدّمنا من حجّة العقل والقرآن، والإستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة، لكنّه استثناء منقطع، ومعناه: قل لا أسألكم عليه أجراً لكن أُلزمكم المودّة في القربى وأسألكموها، فيكون قوله:( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ) كلاماً تامّاً قد استوفى معناه، ويكون قوله:( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) كلاماً مبتدأً فائدته: لكن المودّة في القربى سألتكموها، وهذا كقوله:( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ ) والمعنى فيه: لكن إبليس، وليس بإستثناء من جملة. وكقوله:( فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ ) معناه: لكن ربّ العالمين ليس بعدو لي، قال الشاعر:

وبلدة ليس بها أنيسُ

 

إلّا اليعافير وإلّا العيسُ »(١)

* أو كان متّصلاً كما جوّزه آخرون، من العامّة كالزمخشري والنسفي(٢) وغيرهما.

ومن أعلام أصحابنا كشيخ الطائفة، قال: « في هذا الإستثناء قولان:

____________________

(١). تصحيح الإعتقاد - مصنّفات الشيخ المفيد -: ١٤٠ - ١٤٢.

(٢). الكشّاف في تفسير القرآن ٤ / ٢٢١، تفسير النسفي هامش الخازن - ٤ / ٩٤.

١٨٣

أحدهما: أنّه استثناء منقطع، لأنّ المودّة في القربى ليس من الأجر، ويكون التقدير: لكنْ أُذكّركم المودّة في قرابتي، الثاني: إنّه استثناء حقيقةً، ويكون: أجري المودّة في القربى كأنّه أجر وإنْ لم يكن أجر »(١) .

وكالشيخ الطبرسي، قال: « وعلى الأقوال الثلاثة، فقد قيل في( إِلَّا الْمَوَدَّةَ ) قولان، أحدهما: إنّه استثناء منقطع، لأنّ هذا ممّا يجب بالإسلام فلا يكون أجراً للنبوّة. والآخر: إنّه استثناء متّصل، والمعنى: لا أسألكم عليه أجراً إلّا هذا فقد رضيت به أجراً، كما أنكّ تسأل غيرك حاجة فيعرض المسؤول عليك برّاً فتقول له: إجعل برّي قضاء حاجتي. وعلى هذا يجوز أن يكون المعنى: لا أسألكم عليه أجراً إلّاهذا، ونفعه أيضاً عائد عليكم، فكأنّي لم أسألكم أجراً، كما مرّ بيانه في قوله:( قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) .

وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره: حدّثني عثمان بن عمير، عن سعيد ابن جبير، عن عبدالله بن عبّاس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله فنقول له: تعروك أُمور، فهذه أموالنا »(٢) .

* هذا، ولكنْ قد تقرّر في محلّه، أنّ الأصل في الإستثناء هو الإتّصال، وأنّه يحمل عليه ما أمكن، ومن هنا اختار البعض - كالبيضاوي حيث ذكر الإنقطاع قولاً - الإتّصال، بل لم يجوّز بعض أصحابنا الإنقطاع، فقد قال السيّد الشهيد التستري: « تقرّر عند المحقّقين من أهل العربيّة والأُصول أنّ الإستثناء المنقطع مجاز، واقع على خلاف الأصل، وأنّه لا يحمل على المنقطع إلّا لتعذّر المتّصل، بل ربّما عدلوا عن ظاهر اللفظ الذي هو المتبادر إلى الذهن مخالفين

____________________

(١). التبيان في تفسير القرآن ٩ / ١٥٨.

(٢). مجمع البيان في تفسير القرآن ٩ / ٢٩.

١٨٤

له، لغرض الحمل على المتّصل الذي هو الظاهر من الإستثناء، كما صرّح به الشارح العضدي حيث قال: « واعلم أنّ الحقّ أنّ المتّصل أظهر، فلا يكون مشتركاً ولا للمشترك، بل حقيقة فيه ومجاز في المنقطع، ولذلك لم يحمله علماء الأمصار على المنفصل، إلّا عند تعذّر المتّصل، حتّى عدلوا للحمل على المتّصل من الظاهر وخالفوه، ومن ثمّ قالوا في قوله: له عندي مائة درهم إلّا ثوباً، وله عَلَيَّ إبلٌ إلّا شاة، معناه: إلّا قيمة ثوب أو قيمة شاة، فيرتكبون الإضمار وهو خلاف الظاهر ليصير متّصلاً، ولو كان في المنقطع ظاهراً لم يرتكبوا مخالفة ظاهرٍ حذراً عنه. انتهى »(١) .

____________________

(١). إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ٣ / ٢١ - ٢٢.

١٨٥

الفصل الخامس

دلالة الآية على الإمامة والولاية

وكيف كان فالآية المباركة تدلّ على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وأهل البيتعليهم‌السلام من وجوه:

١ - القرابة النسبية والإمامة

إنّه حتى لو لم يكن للقرابة النسبية دخل وأثر في الإمامة والخلافة، فلا ريب في تقدّم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إذ كلّما يكون وجهاً لاستحقاقها فهو موجود فيه على النحو الأتمّ الأكمل الأفضل لكنّ لها دخلاً وأثراً كما سنرى

ولقد أجاد السيّد ابن طاووس الحلّي حيث قال - ردّاً على الجاحظ في رسالته العثمانيّة - ما نصّه:

« قال: وزعمت العثمانيّة: إنّ أحداً لا ينال الرئاسة في الدين بغير الدين.

وتعلّق في ذلك بكلامٍ بسيطٍ عريض يملأ كتابه ويكثر خطابه، بألفاظٍ منضّدة، وحروف مسدّدة كانت أو غير مسدّدة. بيان ذلك:

إنّ الإماميّة لا تذهب إلى أنّ استحقاق الرئاسة بالنسب، فسقط جميع ما أسهب فيه الساقط، ولكنّ الإماميّة تقول: إنْ كان النسب وجه الإستحقاق فبنو هاشم أولى به، ثمّ عليٌّ أولاهم به، وإنْ يكن بالنسب، فعليٌّ أولى به، إذ كان صهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن يكن بالتربية فعليٌّ أولى به، وإنْ يكن

١٨٦

بالولادة من سيّدة النساء فعليٌّ أولى به، وإنْ يكن بالهجرة فعليٌّ مسبّبها بمبيته على الفراش، فكلّ مهاجريّ بعد مبيته في ضيافته عدا رسول الله، إذ الجميع في مقام عبيده وخوله، وإنْ يكن بالجهاد فعليٌّ أولى به، وإنْ يكن بحفظ الكتاب فعليٌّ أولى به، وإنْ يكن بتفسيره فعليٌّ أولى به على ما أسلفت، وإنْ يكن بالعلم فعليٌّ أولى به، وإنْ يكن بالخطابة فعليٌّ أولى به، وإنْ يكن بالشعر فعليٌّ أولى به.

قال الصولي فيما رواه: كان أبو بكر شاعراً وعمر شاعراً وعليٌّ أشعرهم.

وإنْ يكن بفتح أبواب المباحث الكلاميّة فعليٌّ أولى به، وإنْ يكن بحسن الخلق فعليٌّ أولى به، إذ عمر شاهد به، وإنْ يكن بالصدقات فعليٌّ - على ما سلف - أولى به، وإنْ يكن بالقوّة البدنيّة فعليٌّ أولى به، بيانه: باب خيبر، وإنْ يكن بالزهد فعليٌّ أولى به، في تقشّعه وبكائه وخشوعه وفنون أسبابه وتقدّم إيمانه، وإنْ يكن بما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فضله فعليٌّ أولى به، بيانه: ما رواه ابن حنبل وغيره على ما سلف، وإنْ يكن بالقوّة الواعية فعليٌّ أولى به، بيانه: قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الله أمرني أن أُدنيك ولا أُقصيك، وأنْ أُعلّمك وتعي، وحقّ على الله أن تعي »، وإنْ يكن بالرأي والحكم فعليٌّ أولى به، بيانه: شهادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له على ما مضى بالحكمة، وغير ذلك ممّا نبّهنا عليه فيما مضى.

وإذ تقرّر هذا، بان معنى التعلّق لمن يذكر النسب إذا ذكره، ولهذا تعجّب أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث يُستولى على الخلافة بالصحابة، ولا يُستولى عليها بالقرابة والصحابة.

ثمّ إنّي أقول: إنّ أبا عثمان أخطأ في قوله: « إنّ أحداً لا ينال الرئاسة في الدين بغير الدين ».

١٨٧

بيانه: أنّه لو تخلّى صاحب الدين من السداد ما كان أهلاً للرئاسة، وهو منع أن ينالها أحد إلّا بالدين، والإستثناء من النفي إثبات حاضر في غير ذلك من صفات، ذكرتها في كتابي المسمّى « بالآداب الحكمية » متكثّرة جدّاً، ومنها ما هو ضروري، ومنها ما هو دون ذلك.

ومن بغي عدوّ الإسلام أن يأتي متلفّظاً بما تلفّظ به، وأمير المؤمنينعليه‌السلام الخصم، وتيجان شرفه المصادمة، ومجد سؤدده المدفوع، إذ هو صاحب الدين، وبه قام عموده، ورست قواعده، وبه نهض قاعده، وأفرغت على جيد الإسلام قلائده.

وأقول بعد هذا: إنّ للنسب أثراً في الرئاسة قويّاً.

بيانه: أنّه إذا تقدّم على أرباب الشرف النسبي مَن لا يدانيهم، وقادهم من لا يقاربهم ولا يضاهيهم، كانوا بالأخلق عنه نافرين آنفين، بل إذا تقدّم على أهل الرئيس الفائت غير عصبته، وقادهم غير القريب الأدنى من لحمته، كانوا بالأخلق عنه حائدين متباعدين، وله قالين، وذلك مظنّة الفساد في الدين والدنيا، وقد ينخرم هذا اتّفاقاً، لكنّ المناط الظاهر هو ما إليه أشرت، وعليه عوّلت.

وأقول: إنّ القرآن المجيد لمـّا تضمّن العناية بالأقربين من ذرّيّة رسول الله صلّى الله عليهم ومواددتهم، كان ذلك مادّة تقديمهم مع الأهليّة التي لا يرجح غيرهم عليهم فيها، فكيف إذا كان المتقدّم عليهم لا يناسبهم فيها ولا يدانيها؟!

قال الثعلبي بعد قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) بعد أن حكى شيئاً ثمّ قال: فأخبرني الحسين بن محمّد، [ قال: ] حدّثنا برهان بن علي الصوفي، [ قال: ] حدّثنا حرب بن الحسن الطحان، [ قال: ] حدّثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد ابن جبير،

١٨٨

عن ابن عبّاس، قال: لمـّا نزلت( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الّذين أوجبت علينا مودّتهم؟ قال: عليٌّ وفاطمة وابناهما.

وروى فنوناً جمّة غير هذا من البواعث على محبّة أهل البيت، فقال: أخبرنا أبو حسّان المزكي، [ قال: ] أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق، [ قال: ] حدّثنا الحسن بن علي بن زياد السري، [ قال: ] حدّثنا يحيى بن عبدالحميد الحماني، [ قال: ] حدّثنا حسين الأشقر، [ قال: ] حدّثنا قيس، [ قال: ] حدّثنا الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: لما نزلت( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فقالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الّذين أمرنا الله بمودّتهم؟ قال: عليُّ وفاطمة وولدهما.

وقال: أخبرنا أبو بكر بن الحرث، [ قال: ] حدّثنا أبو السبح، [ قال: ] حدّثنا عبد الله بن محمّد بن زكريا، [ قال: ] أخبرنا إسماعيل بن يزيد، [ قال: ] حدّثنا قتيبة بن مهران، [ قال: ] حدّثنا عبدالغفور أبو الصباح، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن عليّرضي‌الله‌عنه ، قال: فينا في آل حم، إنّه لا يحفظ مودتّنا إلّا كلّ مؤمن، ثمّ قرأ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

وقال الكلبي: قل لا أسألكم على الإيمان جعلاً إلّا أن توادّوا قرابتي، وقد رأيت أن أذكر شيئاً من الآي الذي يحسن أن تتحدّث عنده »(١) .

أقول:

لا ريب في أنّ للنسب والقرب النَسَبي تأثيراً، وأنّ للعناية الإلهيّة

____________________

(١). بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية: ٣٨٧ - ٣٩١.

١٨٩

بـ « القربى » - أي: بعليٍّ والزهراء بضعة النبيّ وولديهما - حكمة، وفي السنّة النبويّة على ذلك شواهد وأدلّة نشير إلى بعضها بإيجاز:

أخرج مسلم والترمذي وابن سعد وغيرهم عن واثلة، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: « إنّ الله عزّ وجلّ اصطفى كنانة من وُلد إسماعيل عليه الصلاة والسلام، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم »(١) .

قال النووي بشرحه: « استدلّ به أصحابنا على أنّ غير قريش من العرب ليس بكفءٍ لهم، ولا غير بني هاشم كفءٌ لهم إلّا بني المطّلب، فإنّهم هم وبنو هاشم شيء واحد، كما صرّح به في الحديث الصحيح »(٢) .

وعقد الحافظ أبو نعيم: « الفصل الثاني: في ذكر فضيلته صلّى الله عليه وسلّم بطيب مولده وحسبه ونسبه وغير ذلك » فذكر فيه أحاديث كثيرة بالأسانيد، منها ما تقدّم، ومنها الرواية التالية:

« إنّ الله عزّ وجلّ حين خلق الخلق جعلني من خير خَلقه، ثمّ حين خلق القبائل جعلني في خير قبيلتهم، وحين خلق الأنفس جعلني من خير أنفسهم، ثمّ حين خلق البيوت جعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم أباً وخيرهم نفساً »(٣) .

وذكر الحافظ محبّ الدين الطبري بعض هذه الأحاديث تحت عنوان « ذِكر اصطفائهم » و « ذِكر أنّهم خير الخلق »(٤) .

____________________

(١). جامع الاُصول ٩ / ٣٩٦ عن مسلم والترمذي، الطبقات الكبرى ١ / ٢٠، الشفا بتعريف حقوق المصطفى.

(٢). المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ١٥ / ٣٦.

(٣). دلائل النبوّة ١ / ٦٦ ح ١٦.

(٤). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ١٠.

١٩٠

وقال القاضي عياض: « الباب الثاني في تكميل الله تعالى له المحاسن خلقاً وخلقاً، وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقاً » فذكر فيه فوائد جمّة في كلام طويل(١) .

إذن، هناك ارتباط بين « آية المودّة » و « آية التطهير » وأحاديث « الإصطفاء » و « أنّهم خير خلق الله ».

ثمّ إنّ في أخبار السقيفة والإحتجاجات التي دارت هناك بين مَن حضرها من المهاجرين والأنصار، ما يدلّ على ذلك دلالة واضحة، فقد أخرج البخاري أنّ أبا بكر خاطب القوم بقوله: « لن تعرف العرب هذا الأمر إلّا لهذا الحيّ من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً »(٢) ولا يستريب عاقل في أنّ عليّاًعليه‌السلام هو الأشرف، من المهاجرين والأنصار كلّهم - نسباً وداراً، فيجب أن يكون هو الإمام.

بل روى الطبري وغيره أنّه قال كلمةً أصرح وأقرب في الدلالة، فقال الطبري إنّه قال في خطبته: « فخصَّ الله المهاجرين الأوّلين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدّة أذى قومهم لهم ولدينهم، وكلّ الناس لهم مخالف زارٍ عليهم، فلم يستوحشوا لقلّة عددهم وشنف الناس لهم وإجماع قومهم عليهم.

فهم أوّل من عَبَدَالله في الأرض وآمن به وبالرسول، وهم أولياؤه وعشيرته وأحقّ النّاس بهذا الأمر من بعده، ولا ينازعهم في ذلك إلّا ظالم »(٣) .

وفي رواية ابن خلدون: « نحن أولياء النبيّ وعشيرته، وأحقّ الناس

____________________

(١). الشفا بتعريف حقوق المصطفى ١ / ١٣٧.

(٢). صحيح البخاري / كتاب الحدود - الباب ٣١، وانظر: تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٣، سيرة ابن هشام ٢ / ٦٥٧، غيرهما.

(٣). تاريخ الطبري ٣ / ٢١٩.

١٩١

بأمره، ولا ننازع في ذلك »(١) .

وفي رواية المحبّ الطبري عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب: « فكنّا - معشر المهاجرين - أوّل الناس إسلاماً، ونحن عشيرته وأقاربه وذوو رحمه، ونحن أهل الخلافة، وأوسط الناس أنساباً في العرب، ولدتنا العرب كلّها، فليس منهم قبيلة إلّا لقريش فيها ولادة، ولن تصلح إلّا لرجل من قريش »(٢) .

وهل اجتمعت هذه الصفات - وفي أعلى مراتبها وأسمى درجاتها - إلّا في عليّعليه‌السلام ؟! إنّ عليّاًعليه‌السلام هو الذي توفّرت فيه هذه الصفات واجتمعت الشروط فهو « عشيرة النبي » و « ذو رحمه » و « وليّه » وهو « أوّل من عَبَدَالله في الأرض وآمن به » فهو « أحقّ الناس بهذا الأمر من بعده » و « لا ينازعه في ذلك إلّا ظالم »!!

ومن هنا نراهعليه‌السلام يحتجّ على القوم في الشورى بـ « الأقربية » فيقول: « أُنشدكم بالله، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الرحم منّي، ومن جعله نفسه وأبناءه أبناءه ونساءه نساءه؟! قالوا: اللهمّ لا » الحديث(٣) .

وهذا ما اعترف به لهعليه‌السلام طلحة والزبير، حين راجعه الناس بعد قتل عثمان ليبايعوه، فقال - في ما روي عن ابن الحنفيّة -: « لا حاجة لي في ذلك، عليكم بطلحة والزبير.

قالوا: فانطلِق معنا. فخرج عليٌّ وأنا معه في جماعة من الناس، حتّى أتينا طلحة بن عبيد الله فقال له: إنّ الناس قد اجتمعوا ليبايعوني ولا حاجة لي

____________________

(١). تاريخ ابن خلدون ٢ / ٨٥٤.

(٢). الرياض النضرة ١ / ٢١٣.

(٣). الصواعق المحرقة: ٩٣ عن الدارقطني.

١٩٢

في بيعتهم، فابسط يدك أُبايعك على كتاب الله وسُنّة رسوله.

فقال له طلحة: أنت أولى بذلك منّي وأحقّ، لسابقتك وقرابتك، وقد اجتمع لك من هؤلاء الناس من قد تفرّق عنّي.

فقال له علي: أخاف أن تنكث بيعتي وتغدر بي!

قال: لا تخافنّ ذلك، فوالله لا ترى من قِبلي أبداً شيئاً تكره.

قال: الله عليك كفيل.

ثمّ أتى الزبير بن العوّام - ونحن معه - فقال له مثل ما قال لطلحة، وردّ عليه مثل الذي ردّ عليه طلحة »(١) .

هذا، وقد كابر الجاحظ في ذلك، في رسالته التي وضعها للدفاع عن العثمانيّة، فردّ عليه السيّد ابن طاووس الحلّي - طاب ثراه - قائلاً:

« وتعلّق بقوله تعالى:( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ) .

وليس هذا دافعاً كون القرابة إذا كان ذا دين وأهليّة، أنْ يكون أولى من غيره وأحقّ ممّن سواه بالرئاسة.

وتعلّق بقول رسول الله لجماعةٍ من بني عبدالمطّلب: إنّي لا أُغني عنكم من الله شيئاً.

وهي رواية لم يسندها عن رجالٍ، ولم يضفها إلى كتاب.

وممّا يردّ عليها ما رواه الثعلبي، قال: وأخبرنا يعقوب بن السري، [ قال ]: أخبرنا محمّد بن عبدالله الحفيد، [ قال: ] حدّثنا عبدالله بن أحمد بن عامر، [ قال: ] حدّثني أبي، حديث عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام ، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، [ قال: ] حدّثني أبي جعفر بن محمّد، [ قال: ] حدّثنا أبي محمّد بن عليّ، [ قال: ] حدّثنا أبي علي بن الحسين، [ قال: ]

____________________

(١). كنز العمّال ٥ / ٧٤٧ - ٧٥٠.

١٩٣

حدّثنا أبي الحسين بن عليّ، [ قال: ] حدّثنا أبي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « حرّمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي، ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من وُلد عبدالمطّلب ولم يجازه عليها، فأنا جازيه غداً إذا لقيني في القيامة.

ومن كتاب الشيخ العالم أبي عبدالله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ( في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ) ما يشهد بتكذيب قصد الجاحظ ما حكايته:

ومن سورة النساء، حدّثنا عليّ بن محمّد، قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحبري، قال: حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا حيان بن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى:( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) الآية، نزلت في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته وذوي أرحامه، وذلك أنّ كلّ سبب ونسب منقطع [ يوم القيامة ] إلّا ما كان من سببه ونسبه،( إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) .

والرواية عن عمر شاهدة بمعنى هذه الرواية، حيث ألحّ بالتزويج عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

وتعلّق بقوله تعالى:( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) .

أقول: إنّ الجاحظ جهل أو تجاهل، إذ هي في شأن الكافرين، لا في سادات المسلمين أو أقرباء رسول ربّ العالمين.

بيانه: قوله تعالى:( وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) .

وتعلّق بقوله تعالى:( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ) ولم يتمّم الآية، تدليساً وانحرافاً، أو جهلاً، أو غير ذلك، والأقرب بالأمارات الأوّل، لأنّ

١٩٤

الله تعالى تمّم ذلك بقوله:( وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) .

وخلصاء الذرّيّة والقرابة مرحومون بالاي والأثر، فسقط تعلّقه، مع أنّ هذا جميعه ليس داخلاً في كون ذي الدين والأهليّة لا يكون له ترجيح في الرئاسة وتعلّق له بالرئاسة.

وتعلّق بقوله تعالى:( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) وليس هذا مما يدخل في تقريره الذي شرع فيه، وإنْ كان حديثاً خارجاً عن ذلك، فالجواب عنه: بما أنّ المفسرين أو بعضهم قالوا في معنى قوله تعالى:( سَلِيمٍ ) : لا يشرك، وهذا صحيح.

وتعلّق بقوله تعالى:( اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ ) وليس هذا من الرئاسة الدنياويّة في شيء.

وبعد، فهو مخصوص بقرابة النبيّعليه‌السلام بالأثر السالف عن الرضا.

وبعد، فإنّ المفسّرين قالوا عند قوله تعالى:( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) قالوا: الشفاعة، وإذا كان الرسول شافعاً في عموم الناس فأولى أن يشفع في ذرّيّته ورحمه، وكذا قيل في قوله تعالى:( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) إنّها الشفاعة.

وتعلّق بقوله تعالى:( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ ) وليس هذا ممّا حاوله من سابق تقريره في شيء.

وتعلّق في قصّة نوح وكنعان، وليس هذا ممّا نحن فيه في شئ، أين كنعان من سادات الإسلام؟!

وتعلّق بقوله تعالى:( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) وللإمامية في هذا مباحث سديدة، إذ قالوا: من سبق كفره، ظالمٌ لا محالة فيما مضى، فلا يكون

١٩٥

أهلاً للرئاسة، فهذه واردة على الجاحظ لا له.

ورووا في شيء من ذلك الرواية من طرق القوم، وسابق ما لا صيّور له فيما نحن بصدده »(١) .

٢ - وجوب المودّة يستلزم وجوب الطاعة

إنّه ليس المراد من « المودّة » هو « المحبّة المجرّدة »، لا سيّما في مثل الآية المباركة( ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً ) فإنّه قد جعلت « المودّة » - بناءً على اتّصال الإستثناء - أجراً للرسالة، ومن المعلوم أنّه لولا التساوي والتناسب بين الشيء ومقابله لم يصدق على الشيء عنوان « الأجر »، وحينئذ، فإذا لاحظنا عظمة الرسالة المحمّديّة عند الله وعند البشريّة اهتدينا إلى عظمة هذا الأجر وهو « المودّة في القربى »

وكذا بناءً على الإنقطاع، لأنّ الروايات قد دلّت على أنّ المسلمين اقترحوا عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يدفعوا إليه في مقابل أداء الرسالة من الأموال ما يكون معه في سعةٍ، فأجاب - بناءً على هذا القول - بالردّ وأنّه لا يسألهم أجراً أصلاً، ثمّ قال: ولكنْ « المودّة في القربى » فجعلها هي الشئ المطلوب منهم والواجب عليهم

فإيجاب المودّة - في مثل هذا المقام، دون غيرها ممّا كان بالإمكان أن يطلبه منهم - يدلّ على أنّ هذا الأمر أهمّ الأشياء عند الله والرسول.

وعلى الجملة ليس المراد مجرّد المودّة والمحبّة، بل هي المحبّة

____________________

(١). بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية: ٣٩١ - ٣٩٧.

١٩٦

المستتبعة للإنقياد والطاعة، قال تعالى:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (١) والإتّباع يعني إطاعة الأمر كما في الآية المباركة:( وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ) (٢) .

والإتّباع، والإنقياد التامّ، والإطاعة المطلقة، هو معنى الإمامة والولاية قال العلّامة الحلّي: « الرابعة: قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) روى الجمهور

ووجوب المودّة يستلزم وجوب الطاعة »(٣) .

وقال أيضاً: « البرهان السابع: قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) روى أحمد بن حنبل

وغير عليّ من الصحابة والثلاثة لا تجب مودّته، فيكون عليٌّ أفضل فيكون هو الإمام، ولأنّ مخالفته تنافي المودّة، وبامتثال أوامره تكون مودّته، فيكون واجب الطاعة، وهو معنى الإمامة »(٤) .

٣ - وجوب المحبّة المطلقة يستلزم الأفضليّة

وأيضاً، فإنّ عليّاً ممّن وجبت محبّته ومودّته على نحو الإطلاق، ومن وجبت محبّته كذلك كان هو الأحبّ، ومن كان أحبّ الناس إلى الله ورسوله كان أفضلهم، ومن كان أفضل كان هو الإمام فعليٌّعليه‌السلام هو الإمام بعد رسول الله.

أمّا المقدّمة الأُولى فواضحة جدّاً من الآية المباركة.

____________________

(١). سورة النساء ٤: ٣١. وراجع التفاسير كالرازي ٨ / ١٧.

(٢). سورة النور ٢٤: ٥٤.

(٣). نهج الحقّ: ١٧٥.

(٤). منهاج الكرامة - المطبوع في آخر المجلّد الثاني من « منهاج السنّة » -: ٧٤.

١٩٧

وأمّا المقدّمة الثانية فواضحة كذلك، وممّا يدلُّ على أنّ عليّاًعليه‌السلام أحبّ الخلق إلى الله ورسوله: حديث الطائر، إذ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وقد أهدي إليه طائر -: « اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك، فجاء عليٌّ فأكل معه » رواه عنه من الصحابة:

١ - عليٌّ أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢ - عبدالله بن العبّاس.

٣ - أبو سعيد الخدري.

٤ - سفينة.

٥ - أبو الطفيل عامر بن واثلة.

٦ - أنس بن مالك.

٧ - سعد بن أبي وقّاص.

٨ - عمرو بن العاص.

٩ - أبو مرازم يعلى بن مرّة.

١٠ - جابر بن عبدالله الأنصاري.

١١ - أبو رافع.

١٢ - حبشي بن جنادة.

ورواه عنهم من التابعين عشرات الرجال.

ومن مشاهير الأئمّة والحفّاظ والعلماء في كلّ قرن، أمثال:

أبي حنيفة، إمام المذهب.

وأحمد بن حنبل، إمام المذهب.

وأبي حاتم الرازي.

وأبي عيسى الترمذي.

١٩٨

وأبي بكر البزّار.

وأبي عبدالرحمن النسائي.

وأبي الحسن الدارقطني.

وأبي عبدالله الحاكم النيسابوري.

وأبي بكر ابن مردويه.

وأبي نعيم الأصفهاني.

وأبي بكر البيهقي.

وأبي عمر ابن عبدالبرّ.

وأبي محمّد البغوي.

وأبي الحسن العبدري.

وأبي القاسم ابن عساكر.

وابن حجر العسقلاني.

وجلال الدين السيوطي.

وعلى الجملة، فهذا الحديث نصٌّ في أنّ عليّاً أحبّ الخلق إلى ورسوله(١) .

وأمّا المقدّمة الثالثة فهي واضحة جدّاً كذلك، وقد نصّ غير واحدٍ منهم على ذلك أيضاً:

قال وليّ الدين ابن العراقي، في كلام له، نقله الحافظ القسطلاني وابن حجر المكّي عنه: « المحبّة الدينيّة لازمة للأفضليّة، فمن كان أفضل كانت محبّتنا الدينية له أكثر »(٢) .

____________________

(١). وهو يشكّل الجزئين الثالث عشر والرابع عشر من كتابنا.

(٢). المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّديّة، الصواعق المحرقة: ٩٧.

١٩٩

وقال الرازي بتفسير( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) : « والمراد من محبّة الله تعالى له إعطاؤه الثواب »(١) .

ومن الواضح: أنّ من كان الأحبّ إلى الله كان الأكثر ثواباً، والأكثر ثواباً هو الأفضل قطعاً.

وقال ابن تيميّة: « والمقصود أنّ قوله: ( وغير عليٍّ من الثلاثة لا تجب مودّته ) كلام باطل عند الجمهور، بل مودّة هؤلاء أوجب عند أهل السنّة من مودّة عليّ، لأنّ وجوب المودّة على مقدار الفضل، فكلّ من كان أفضل كانت مودّته أكمل

وفي الصحيح: إنّ عمر قال لأبي بكر يوم السقيفة: بل أنت سيّدنا وخيرنا وأحبّنا إلى رسول الله»(٢) .

وقال التفتازاني: « إنّ ( أحبّ خلقك ) يحتمل تخصيص أبي بكر وعمر منه، عملاً بأدلّة أفضليّتهما »(٣) .

وعلى الجملة: فإنّ هذه المقدّمة واضحة أيضاً ولا خلاف لأحدٍ فيها.

وأمّا المقدّمة الرابعة فبدليل العقل والنقل، وبه صرّح غير واحدٍ من أعلام أهل الخلاف، حتّى أنّهم نقلوا عن الصحابة ذلك، كما تقدّم في بعض الكلمات في فصل الشبهات، وقال الشريف الجرجاني في الشورى وأنّه لماذا جعلت في هؤلاء الستّة دون غيرهم:

« وإنّما جعلها شورى بينهم، لأنّه رآهم أفضل ممّن عداهم، وأنّه لا يصلح للإمامة غيرهم »(٤) .

____________________

(١). تفسير الرازي ٨ / ١٧.

(٢). منهاج السنّة ٧ / ١٠٦ - ١٠٧.

(٣). شرح المقاصد ٥ / ٢٩٩.

(٤). شرح المواقف ٨ / ٣٦٥.

٢٠٠