نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 430

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 430
المشاهدات: 130025
تحميل: 2877


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
  • اهداء:٥

  • كلمة المؤلف٧

  • آية الولاية٩

  • الفصل الأوّل في رواة خبر نزولها في علي وأسانيده من رواة الخبر من الصحابة والتابعين١٢

  • أشهر مشاهير رواة الخبر من العلماء١٣

  • من نصوص الخبر في الكتب المعتبرة١٨

  • من أسانيده المعتبرة٣٩

  • ١ - رواية ابن أبي حاتم٣٩

  • ٢ - رواية ابن أبي حاتم أيضاً٤٠

  • ٣ - رواية ابن جرير الطبري ٤ - رواية ابن مردويه٤١

  • ٥ - رواية الحاكم النيسابوري٤٢

  • ٦ - رواية ابن عساكر٤٤

  • فوائد مهمة الاولى: استنباط الحكم الشرعي من القضيّة٤٥

  • الثانية: رأي الإمام الباقر في نزول الآية٤٦

  • الثالثة: الخبر في شعر حسّان وغيره الرابعة: قول النبي في الواقعة: من كنت مولاه فعلي مولاه٤٧

  • الخامسة: دعاء النبيّ بعد القضيّة السادسة: إنّ الخاتم كان عقيقاً يمانيّاً أحمر٤٨

  • الفصل الثاني في دلالة الآية على الإمامة٤٩

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين٥٣

  • النظر في هذه الكلمات ودفع الشبهات ١ - لا إجماع على نزول الآية في علي وتصدّقه اعتراف القاضي العضد٥٩

  • اعتراف الشريف الجرجاني٦٠

  • اعتراف التفتازاني اعتراف القوشجي٦١

  • ٢ - إنّ القول بنزولها في حق علي للثعلبي فقط وهو متفرّد به٦٣

  • ٣ - المراد من الولاية فيها هو النصرة بقرينة السّياق٦٥

  • ٤ - مجي الآية بصيغة الجمع، وحملها على الواحد مجاز٦٦

  • ٥ - الولاية بمعنى الأولويّة بالتصرّف غير مرادة في زمان الخطاب٦٧

  • ٦ - إنّ التصدّق في أثناء الصّلاة ينافي الصلاة٦٨

  • آية التطهير٧١

  • الفصل الأوّل في تعيين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولاً وفعلاً المراد من « أهل البيت » من الصحابة الرواة لحديث الكساء٧٦

  • من الأئمّة الرواة لحديث الكساء٧٧

  • من ألفاظ الحديث في الصحاح والمسانيد وغيرها٧٨

  • ممّن نصَّ على صحّة الحديث٨٥

  • ما دلّت عليه الأحاديث٨٦

  • الفصل الثاني في سقوط القولَين الآخَرَين٨٨

  • ترجمة عكرمة ١ - طعنه في الدين ٢ - كان من دعاة الخوارج٨٩

  • ٣ - كان كذّاباً ٤ - ترك الناس جنازته٩٠

  • ترجمة مقاتل ترجمة الضحّاك٩١

  • الفصل الثالث في دلالة الآية المباركة على عصمة أهل البيت٩٢

  • الفصل الرابع في تناقضات علماء القوم تجاه معنى الآية فمن الطائفة الاُولى٩٤

  • ومن الطائفة الثانية ومن الطائفة الثالثة٩٨

  • اعتراف ابن تيميّة بصحّة الحديث٩٩

  • سقوط كلمات ابن تيميّة١٠٢

  • تناقض ابن تيميّة١٠٦

  • كلام الدهلوي صاحب التحفة١١٠

  • آية المودّة١١٣

  • الفصل الأول في تعيين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المراد من « القربى »١١٦

  • ذكر من رواه من الصحابة والتابعين١١٧

  • ومن رواته من أئمّة الحديث والتفسير١١٨

  • نصوص الحديث في الكتب المعتبرة١٢١

  • الفصل الثاني في تصحيح أسانيد هذه الأخبار١٣٨

  • ١ - ترجمة يزيد بن أبي زياد١٤٢

  • ٢ - ترجمة حسين الأشقر١٤٧

  • ٣ - ترجمة قيس بن الربيع١٥٠

  • ٤ - ترجمة حرب بن حسن الطحّان١٥٢

  • تتمّة١٥٣

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين١٥٥

  • ١ - سورة الشورى مكّيّة والحسنان غير موجودين١٥٩

  • ٢ - الرسول لا يسأل أجراً١٦٢

  • ٣ - لما ذا لم يقل: إلّا المودّة للقربى؟١٦٤

  • ٤ - المعارضة١٦٦

  • الفصل الرابع الأخبار والأقوال أدلّة وشواهد أُخرى للقول بنزول الآية في أهل البيت١٦٧

  • الردّ على الأقوال الأُخرى١٧٣

  • الجهة الأُولى: جهة السند١٧٤

  • والجهة الثانية: في فقه الحديث١٧٧

  • تنبيهان١٧٨

  • دلالة الآية سواء كان الإستثناء متّصلاً أو منقطعاً١٨٢

  • الفصل الخامس دلالة الآية على الإمامة والولاية ١ - القرابة النسبية والإمامة١٨٦

  • ٢ - وجوب المودّة يستلزم وجوب الطاعة١٩٦

  • ٣ - وجوب المحبّة المطلقة يستلزم الأفضليّة١٩٧

  • ٤ - وجوب المحبّة المطلقة يستلزم العصمة٢٠١

  • دحض الشبهات المثارة على دلالة الآية على الإمامة٢٠٣

  • آية المباهلة٢١٥

  • الفصل الأوّل في نزول الآية في أهل البيت عليهم‌السلام ذكر من رواه من الصحابة والتابعين٢١٨

  • ومن رواته من كبار الأئمّة في الحديث والتفسير٢٢٠

  • من نصوص الحديث في الكتب المعتبرة٢٢٣

  • تنبيه٢٢٧

  • كلمات حول السند٢٤٠

  • الفصل الثاني محاولات يائسة وأكاذيب مدهشة ١ - الإخفاء والتعتيم على أصل الخبر٢٤١

  • ٢ - الإخفاء والتعتيم على حديث المباهلة٢٤٢

  • ٣ - الإخفاء والتعتيم على اسم عليّ!!٢٤٧

  • ٤ - التحريف بحذف اسم عليٍّ وزيادة « وناس من أصحابه »٢٤٨

  • ٥ - التحريف بزيادة « عائشة وحفصة »٢٤٩

  • ٦ - التحريف بحذف « فاطمة » وزيادة: « أبي بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده»٢٥٠

  • ١ - سعيد بن عنبسة الرازي ٢ - الهيثم بن عدي٢٥٢

  • الفصل الثالث في دلالة آية المباهلة على الإمامة٢٥٥

  • * استدلال الإمام الرضا عليه‌السلام٢٥٧

  • الفصل الرابع في دفع شبهات المخالفين * أمّا إمام المعتزلة، فقد قال:٢٦٨

  • * وقال ابن تيميّة(١) :٢٧٠

  • * وقال القاضي الإيجي وشارحه الجرجاني:٢٨١

  • * وقال ابن روزبهان:٢٨٢

  • * وقال عبدالعزيز الدهلوي ما تعريبه:٢٨٤

  • * والآلوسي:٢٨٩

  • * وقال الشيخ محمّد عبده:٢٩٠

  • تكميل٢٩١

  • قوله تعالى « إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِکُلِّ قَوْمٍ هَادٍ »٢٩٧

  • الفصل الأوّل نصوص الحديث ورواته في كتب السُنّة رواته من الصحابة٣٠٠

  • من رواته من الأئمّة والحفّاظ٣٠١

  • من ألفاظ الحديث في أشهر الكتب٣٠٤

  • الفصل الثاني في بيان صحّة الحديث٣١٤

  • من أسانيده الصحيحة٣١٥

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين * ابن الجوزي * الذهبي٣٢٠

  • * ابن كثير * أبو حيّان٣٢١

  • * ابن روزبهان * ابن تيميّة٣٢٢

  • * الدهلوي٣٢٥

  • * الآلوسي٣٢٦

  • أقول: ١ - كلماتهم في ما يتعلّق بالسند٣٢٨

  • تنبيهات٣٣٣

  • ٢ - مناقشاتهم في الدلالة * أمّا أبو حيّان فقال:٣٣٦

  • * وأمّا ابن روزبهان فقال: * وأمّا الدهلوي فقال:٣٣٧

  • * وأمّا الآلوسي فقال:٣٣٨

  • * وأمّا ابن تيميّة:٣٤٠

  • معنى الآية المباركة٣٤١

  • المؤكّدات في ألفاظ الحديث٣٤٥

  • أحاديث أُخرى عليٌّ راية الهدى٣٤٦

  • عليٌّ العَلَم٣٤٨

  • يأخذ بكم الطريق المستقيم٣٥٠

  • طاعته طاعة رسول الله من فارقه فارق رسول الله٣٥١

  • عليٌّ منه بمنزلته من ربّه باب حطّة٣٥٢

  • نتيجة البحث٣٥٣

  • الفصل الرابع في الجواب عن المعارضة ١ - حديثُ الإقتداء بالشيخين٣٥٥

  • التحقيق في أسانيده٣٥٦

  • كلمات الأئمّة في بطلانه٣٥٩

  • ٢ - حديث الإقتداء بالصحابة التحقيق في أسانيده٣٦٢

  • كلمات الأئمّة في بطلانه٣٦٥

  • ٣ - لا أُوتينَّ بأحد يفضّلني على أبي بكر وعمر إلاَّ جلدته حدّ المفتري٣٦٦

  • التحقيق في سنده ومدلوله٣٦٧

  • قوله تعالى « وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ »(١) ٣٦٩

  • الفصل الأوّل نصوص الحديث ورواته في كتب السُنّة٣٧٢

  • من أسانيد الخبر ١ - رواية الحبري ٢ - رواية أبي نعيم الأصبهاني٣٧٣

  • ٣ - رواية الحاكم الحسكاني٣٧٤

  • الفصل الثاني في الشواهد * حديث السؤال عن الكتاب والعترة٣٧٩

  • * حديث السؤال عن أربع٣٨٠

  • * حديث: لا يجوز الصراط إلّا من معه كتابُ ولاية عليٍ٣٨٢

  • الشاهد لحديث الجواز٣٨٦

  • الحديث كما رواه جماعة من أكابر المحدّثين الحفّاظ٣٩١

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين * ابن تيميّة٤٠٠

  • * ابن روزبهان * الآلوسي٤٠٢

  • * الدهلوي٤٠٣

  • قوله تعالى « والسابقون السابقون اولئك المقرّبون »(١) ٤٠٧

  • الفصل الأوّل في رواة خبر تفسير الآية وأسانيده٤١٠

  • من أسانيده في الكتب المعتبرة٤١١

  • من أسانيده المعتبرة٤١٣

  • الفصل الثاني في دفع شبهات المخالفين٤١٦

  • الفهرس٤٢٣

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • المشاهدات: 130025 / تحميل: 2877
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 20

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المشركين المكذّبين بيوم الدين وما يفسّر القرآن بهذا وما يقول: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسّره بمثل هذا، إلّا زنديق ملحد، متلاعب بالدين، قادح في دين الإسلام، أو مفرط في الجهل ما يدري ما يقول.

وأيّ فرقٍ بين حبّ عليّ وطلحة والزبير وسعد وأبي بكر وعمر وعثمان؟!

الرابع: إنّ قوله:( مَسْؤُلُونَ ) لفظ مطلق لم يوصل به ضمير يخصّه بشئ، وليس في السياق ما يقتضي ذِكر حبّ عليّ. فدعوى المدّعي دلالة اللفظ على سؤالهم عن حبّ عليّ، من أعظم الكذب والبهتان.

الخامس: إنّه لو ادّعى مدّعٍ أنّهم مسؤولون عن حبّ أبي بكر وعمر، لم يكن إبطال ذلك بوجهٍ إلّا وإبطال السؤال عن حبّ علي أقوى وأظهر ». إنتهى(١) .

أقول:

يكفي في جوابه أن يقال:

أوّلاً: إنّ هذا الحديث رواه كبار الأئمّة وأعلام الحديث بطرقٍ متعدّدة، وقد ذكرنا أسامي بعضهم وجملةً من أسانيدهم في روايته، فإنْ كان هؤلاء كلّهم زنادقة، ملحدين، متلاعبين بالدين، قادحين في الإسلام، أو مفرطين في الجهل لا يدرون ما يقولون فما ذنبنا؟!!

ثانياً: قد ظهر ممّا تقدّم صحّة بعض أسانيد هذا الحديث، وإنّ له شواهد عديدة في كتب القوم بأسانيد معتبرة

وحينئذٍ لا أثر للسياق، ولا مجال للسؤال عن الفرق بين حبّ عليّ

____________________

(١). منهاج السنّة ٧ / ١٤٣ - ١٤٧. الطبعة الحديثة.

٤٠١

وحبّ غيره من صحابة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبه يظهر بطلان دعوى السؤال عن حبّ غيره في يوم القيامة.

وبهذا الموجز يظهر أنْ ليس لهذا المفتري في مقابل هذا الإستدلال برهان معقول ولا قولٌ مقبول

* ابن روزبهان

وقال ابن روزبهان في جواب الإستدلال ما نصّه: « ليس هذا من رواية أهل السنّة. ولو صحّ دلّ على أنّه من أولياء الله تعالى، فالوليّ هو المحبّ المطيع، وليس هو بنصٍّ في الإمامة »(١) .

أقول:

قد عرفت أنّه من رواية أهل السنّة

وقد عرفت أنّه صحيح

فما هو الجواب عن قول العلّامة: « وإذا سُئلوا عن الولاية وجب أن تكون ثابتةً له، ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك، فيكون هو الإمام »؟!

إنّه لا جواب له عن هذا، كما لم يُجب عنه ابن تيميّة!!

* الآلوسي

وقال الآلوسي في تفسير الآية المباركة: « وروى بعض الإماميّة عن ابن جبير، عن ابن عبّاس: يُسألون عن ولاية عليّ كرّم الله تعالى وجهه، ورووه أيضاً عن أبي سعيد الخدري »

____________________

(١). كتاب إبطال الباطل، لاحظ: دلائل الصدق ٢ / ١٥٠.

٤٠٢

( قال ): « وأَوْلى هذه الأقوال: إنّ السؤال عن العقائد والأعمال، ورأس ذلك لا إله إلّا الله، ومن أجمله ولاية عليّ كرّم الله تعالى وجهه، وكذا ولاية إخوانه الخلفاء الراشدين »(١) .

أقول:

أوّلاً: لقد روى الإماميّة خبر يُسألون عن ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لكنّ انحصار واختصاص تلك الرواية بهم - كما هو ظاهر عبارة الآلوسي - دعوى كاذبة.

وثانياً: كون « أولى الأقوال »، لا دليل عليه، بل الدليل من السنّة النبوية على خلافه، فما بال القوم يخالفون السنّة ويزعمون أنّهم من أهلها!!

وثالثاً: ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام قام الدليل عليها عند الفريقين كتاباً وسنّةً، أمّا ولاية غيره فما الدليل عليها؟!!

* الدهلوي

وجاء في ( مختصر التحفة الإثني عشرية ) في ذِكر أدلّة الإماميّة: « ومنها: قوله تعالى:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) ، قال الشيعة في الإستدلال بها: روي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً أنّه قال:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) عن ولاية علي بن أبي طالب.

ولا يخفى أنْ نحو هذا التمسّك في الحقيقة بالروايات لا بالآيات، وهذه الرواية واقعة في فردوس الديلمي الجامع للأحاديث الضعيفة الواهية، ومع هذا قد وقع في سندها الضعفاء والمجاهيل الكثيرون، بحيث سقطت عن قابلية

____________________

(١). روح المعاني ٢٣ / ٨٠.

٤٠٣

الإحتجاج بها، لا سيّما في هذه المطالب الأُصولية. ومع هذا فإنّ نظم الكتاب مكذّب لها، لأنّ هذا الحكم في حقّ المشركين ولئن سلّمنا صحّة الرواية وفكّ النظم القرآني، يكون المراد بالولاية المحبّة، وهي لا تدلّ على الزعامة الكبرى التي هي محلّ النزاع، ولو كانت الزعامة الكبرى مرادةً أيضاً، لم تكن هذه الرواية مفيدة للمدّعى، لأنّ مفاد الآية وجوب اعتقاد إمامة الأمير في وقتٍ من الأوقات، وهو عين مذهب أهل السنة »(١) .

أقول:

أوّلاً: لم يذكر هذا الرجل وجه استدلال أصحابنا بالآية المباركة، وقد تقدّمت عبارة العلّامة الحلّي في وجهه، فما هو الجواب؟!

وثانياً: لم يقل أحد من أصحابنا بأنّ الإستدلال لإمامة الأمير هو بالآيات وحدها، وكذا لم يدّع أحد من المخالفين دلالة شيء من القرآن الكريم وحده على إمامة غيره، وإنّما يكون الإستدلال بالآيات بمعونة الروايات المفسّرة لها.

وثالثاً: لم تكن الرواية منحصرةً بما في فردوس الأخبار، وبما عن أبي سعيد الخدري

فكلّ ما ذكره إلى هنا ما هو إلّا تلبيس وتخديع.

ورابعاً: الإستدلال بالنظم القرآني وسياق الآيات الكريمة لا يقاوم الإستدلال بالسنّة النبوية الشريفة الواردة عن طرق الفريقين في تفسيرها، وبعبارة أخرى: فإنّه متى قام الدليل على معنى آيةٍ من الآيات، فإنّه بالدليل تُرفع اليد عن مقتضى السياق، ولا يجوز العكس بالإجماع.

____________________

(١). مختصر التحفة الإثني عشرية: ١٧٧ - ١٧٨.

٤٠٤

وخامساً: قد تقدّم وجه استدلال العلاّمة الحلّي بالآية المباركة، وما ذكره هذا الرجل لا يصلح للجواب عنه كما هو واضح.

وسادساً: دعوى أنّ المفاد إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام في وقتٍ من الأوقات، ليُقال بأنّ وقتها هو بعد عثمان، تخالف ظواهر الروايات، وتتوقّف كذلك على ثبوت إمامة المشايخ قبله، ولا دليل عليها ألبتّة.

هذا تمام الكلام على استدلال أصحابنا الكرام بقوله تعالى:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) ، ونقد ما اعترض به المعترضون، فأيّهما أحرى بالأخذ وأولى بالقبول يا منصفون!!

والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

٤٠٥
٤٠٦

قوله تعالى

«والسابقون السابقون اولئك المقرّبون »(١)

____________________

(١). سورة الواقعة ٥٦: ١٠ - ١١.

٤٠٧
٤٠٨

هذه الآية أيضاً من أدلّة أصحابنا على إمامة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام:

قال العلاّمة الحلّي، في البراهين الدالّة على إمامته من الكتاب العزيز:

« البرهان السادس عشر: قوله تعالى:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) روى أبو نعيم الحافظ، عن ابن عبّاس في هذه الآية: سابق هذه الامّة علي بن أبي طالب.

وروى الفقيه ابن المغازلي الشافعي، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) قال: سبق يوشع بن نون إلى موسى [عليه‌السلام ، وسبق موسى إلى فرعون ]، وصاحب يس إلى عيسى [عليه‌السلام ، ] وسبق علي إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذه الفضيلة لم تثبت لغيره من الصحابة.

فيكون أفضل.

فيكون هو الإمام »(١) .

وقال العلاّمة أيضاً: « الثالثة عشرة: قوله تعالى:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) روى الجمهور عن ابن عبّاس قال: سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب »(٢) .

أقول:

وتفصيل الكلام في فصلين:

____________________

(١). منهاج الكرامة في إثبات الإمامة: ٧٨.

(٢). نهج الحق وكشف الصدق: ١٨١.

٤٠٩

الفصل الأوّل

في رواة خبر تفسير الآية وأسانيده

لقد أخرج الرواية بتفسير الآية المباركة جمع غفير من أكابر علماء أهل السنّة، في التفسير والحديث، نذكر منهم:

١ - أبو إسحاق السبيعي، المتوفّى سنة ١٢٧.

٢ - سفيان بن عيينة، المتوفّى سنة ١٩٨.

٣ - أبو جعفر مطين، المتوفّى سنة ٢٩٧.

٤ - ابن أبي حاتم، المتوفّى سنة ٣٢٧.

٥ - أبو القاسم الطبراني، المتوفّى سنة ٣٦٠.

٦ - أبو عبدالله الحاكم النيسابوري، المتوفّى سنة ٤٠٥.

٧ - أبو بكر ابن مردويه الإصفهاني، المتوفّى سنة ٤١٠.

٨ - أبو نعيم الإصفهاني، المتوفّى سنة ٤٣٠.

٩ - الحاكم الحسكاني، من أعلام القرن الخامس.

١٠ - ابن المغازلي الواسطي، المتوفّى سنة ٤٨٣.

١١ - شيرويه بن شهردار الديلمي، المتوفّى سنة ٥٠٩.

١٢ - الخطيب الخوارزمي، المتوفّى سنة ٥٦٨.

١٣ - الفخر الرازي، المتوفّى سنة ٦٠٦.

١٤ - سبط ابن الجوزي الحنفي، المتوفّى سنة ٦٥٤.

١٥ - محبّ الدين الطبري، المتوفّى سنة ٦٩٤.

٤١٠

١٦ - صدر الدين الحمويني، المتوفّى سنة ٧٢٢.

١٧ - ابن كثير الدمشقي، المتوفّى سنة ٧٧٤.

١٨ - نور الدين الهيثمي، المتوفّى سنة ٨٠٧.

١٩ - جلال الدين السيوطي، المتوفّى سنة ٩١١.

٢٠ - ابن حجر المكّي، المتوفّى سنة ٩٧٣.

٢١ - علي المتقي الهندي، المتوفّى سنة ٩٧٥.

٢٢ - قاضي القضاة الشوكاني، المتوفّى سنة ١٢٥٠.

٢٣ - شهاب الدين الالوسي، المتوفّى سنة ١٢٧٠.

فهؤلاء من أشهر رواة هذا الحديث، من علماء الجمهور.

رووه عن ابن عبّاس وغيره من الصحابة.

من أسانيده في الكتب المعتبرة

وهذه نبذة من أسانيدهم في رواية هذا الحديث:

* قال الحافظ ابن كثير: « وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) قال: يوشع بن نون سبق إلى موسى، ومؤمن آل يس سبق إلى عيسى، وعلي بن أبي طالب سبق إلى محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

رواه ابن أبي حاتم، عن محمّد بن هارون الفلاس، عن عبدالله بن إسماعيل المدائني البزاز، عن سفيان(١) بن الضحاك المدائني، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، به »(٢) .

____________________

(١). كذا والصحيح: شعيب.

(٢). تفسير ابن كثير ٤ / ٢٤٩.

٤١١

* وقال الحافظ الطبراني: « حدّثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدّثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني، حدّثنا حسين الأشقر، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس قال: السبق ثلاثة »(١) .

* وقال الحافظ الحاكم الحسكاني: « أخبرنا أبو بكر التميمي، أخبرنا أبو بكر القباب، أخبرنا أبو بكر الشيباني، حدّثنا محمّد بن عبدالرحيم، حدّثنا ابن عائشة.

وحدّثني الحاكم أبو عبدالله الحافظ - من خط يده - حدّثنا أحمد بن حمدويه البيهقي أبو يحيى، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن حفص القرشي، حدّثنا الحسين بن الحسن الفزاري الأشقر، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس

أخبرنا محمّد بن عبدالله بن أحمد الصوفي، حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد الحافظ، حدّثنا عبدالعزيز بن يحيى بن أحمد، حدّثنا إبراهيم بن فهد، حدّثنا عبدالله بن محمّد التستري، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس »(٢) .

* وقال الحافظ ابن حجر - بترجمة الفيض بن وثيق -:

« عن أبي عوانة وغيره. قال ابن معين: كذاب خبيث. قلت: قد روى عنه أبو زرعة، وأبو حاتم، وهو مقارب الحال إن شاء تعالى. إنتهى(٣) .

وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه.

____________________

(١). المعجم الكبير، مسند عبدالله بن العباس ١١ / ٩٣.

(٢). شواهد التنزيل ٢ / ٢٩١ - ٢٩٤.

(٣). أي كلام الحافظ الذهبي في ميزان الإعتدال.

٤١٢

وأخرج له الحاكم في المستدرك محتجّاً به.

وذكره ابن حبّان في الثقات.

وقال العقيلي في ترجمة الحسين الأشقر: حدّثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدّثنا الحسين بن أبي السري، حدّثنا فيض بن وثيق، حدّثنا سفيان ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد عن ابن عبّاس »(١) .

* وقال الفقيه ابن المغازلي: « أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبدالوهاب - إجازةً - أخبرنا عمر بن عبدالله بن شوذب، حدّثنا محمّد بن أحمد بن منصور، حدّثنا أحمد بن الحسين، حدّثنا زكريا، حدّثنا أبو صالح بن الضحاك، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس »(٢) .

من أسانيده المعتبرة

ثمّ إنّ غير واحدٍ من أسانيد هذا الخبر معتبر بلا كلام:

* فطريق الحافظ ابن أبي حاتم الرازي صحيح:

« محمّد بن هارون » الفلاس، المتوفّى سنة ٢٦٥، وثّقه ابن أبي حاتم، والحافظ الذهبي(٣) .

و « عبد الله بن إسماعيل » ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه(٤) ، وتابعه الخطيب في تاريخه(٥) .

و « شعيب بن الضحّاك » أبو صالح، حدّث عن سفيان بن عيينة، وعنه

____________________

(١). لسان الميزان ٤ / ٥٤٢ الطبعة الحديثة.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب: ٣٢٠.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٢٧.

(٤). الجرح والتعديل ٥ / ٤.

(٥). تاريخ بغداد ٩ / ٤١٠.

٤١٣

عبدالسلام بن صالح أبو الصلت الهروي، وعبد الله بن إسماعيل المدائني البزار، ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه ولم يجرحه(١) ، وكذا الخطيب(٢) .

و « سفيان بن عيينة » الإمام الكبير، من رجال الصحاح الستّة، وفضائله كثيرة عندهم جدّاً(٣) .

و « عبد الله بن أبي نجيح » من رجال الصحاح الستّة(٤) .

و « مجاهد » من رجال الصحاح الستّة أيضاً(٥) .

هذا، مضافا إلى أن مثل ابن تيمية يشهد بأن تفسير ابن أبي حاتم من التفاسير المعتبرة، وأنّه خال عن الموضوعات(٦) .

* وطريق الحافظ ابن حجر صحيح كذلك.

فهو طريق الحافظ الطبراني نفسه، الذي لم يتكلّم فيه إلاّمن جهة « الأشقر » وقد تابعه - في الرواية عن « سفيان » - في طريق الحافظ ابن حجر « الفيض بن وثيق » الذي وثّقه كبار الأئمّة، كالحاكم وابن حبّان، وروى عنه مثل أبي حاتم وأبي زرعة، وذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه، وقال الذهبي: هو مقارب الحال.

* وطريق الحافظ الطبراني صحيح على التحقيق، وكذا كلّ طريقٍ لم يتكلّم فيه إلاّمن جهة « حسين الأشقر »، قال الحافظ الهيثمي - بعد روايته عن الطبراني -: « وفيه حسين بن حسن الأشقر، وثقه ابن حبّان وضعّفه الجمهور،

____________________

(١). الجرح والتعديل ٤ / ٣٤٨.

(٢). تاريخ بغداد ٩ / ٢٤٢.

(٣). انظر مثلاً: سير أعلام النبلاء ٨ / ٤٥٤.

(٤). تقريب التهذيب ١ / ٤٥٦.

(٥). تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٨.

(٦). منهاج السنّة ٧ / ١٣. الطبعة الحديثة.

٤١٤

وبقيّة رجاله حديثهم حسن أو صحيح »(١) .

وذلك لأن « الأشقر » من رجال صحيح النسائي، وقد ذكروا أن للنسائي شرطاً في صحيحه أشد من شرط الشيخين(٢) وقد روى عنه كبار الأئمّة الأعلام: كأحمد وابن معين والفلاس وابن سعد(٣) .

وقد حكى الحافظ بترجمته عن العقيلي عن أحمد بن محمّد بن هانئ قال: قلت لأبي عبدالله - يعني أحمد بن حنبل - تحدّث عن حسين الأشقر؟ قال: لم يكن عندي ممّن يكذب. وذكر عنده التشيع فقال له العبّاس بن عبدالعظيم: إنّه يحدّث في أبي بكر وعمر، وقلت أنا: يا أبا عبدالله إنه صنّف باباً في معايبهما، فقال: ليس هذا بأهل أن يحدَّث عنه(٤) .

فكان هذا هو السبب في تضعيفه، وعن الجوزجاني: غال من الشتامين للخيرة(٥) ، ولذا قال ابن معين: كان من الشيعة الغالية، فقيل له: فكيف حديثه؟ قال: لا بأس به. قيل: صدوق؟ قال: نعم كتبت عنه(٦) ومن هنا قال الحافظ: صدوق يهم ويغلو في التشيع(٧) .

وقد تقدّم ذلك في مبحث آية المودّة أيضاً.

____________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٠٢.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٠.

(٣). تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩١.

(٤). تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩١.

(٥). المصدر نفسه.

(٦). المصدر نفسه.

(٧). تقريب التهذيب ١ / ١٧٥.

٤١٥

الفصل الثاني

في دفع شبهات المخالفين

* ابن تيمية

وإذا عرفنا رواة هذا الحديث، وصحّة غير واحدٍ من طرقه في كتب القوم المعروفة المشهورة، فلا نعبأ بقول ابن تيميّة في جواب العلاّمة الحلّي: « إنّ هذا باطلٌ عن ابن عبّاس، ولو صحّ عنه لم يكن حجّة إذا خالفه من هو أقوى منه »(١) .

فقد ظهر أنّ هذا الحديث صحيح، فهو حجّة، وبه يتمّ الاستدلال، لأنّ هذه الفضيلة لم تثبت لغير أمير المؤمنينعليه‌السلام من الصحابة، فيكون هو الإمام، ومن ادّعى خلاف من هو أقوى منه، فعليه البيان! وعلى فرض وجود المخالف، فهو ممّا تفرّد به الخصم، وهذا حديث صحيح متّفق عليه بين الطرفين، فكيف يكون الحديث المخالف المزعوم أقوى؟

* ابن روزبهان

وابن روزبهان في ردّه على العلّامة الحلّي، لم ينكر وجود الحديث في الباب، ولم يناقش في سنده، قال: « هذا الحديث جاء في رواية أهل السنّة، ولكنْ بهذه العبارة: سبّاق الأُمم ثلاثة، مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار، وعلي ابن أبي طالب ».

____________________

(١). منهاج السنة ٧ / ١٥٤.

٤١٦

قال: « ولا شك أنّ عليّاً سابق في الإسلام وصاحب السابقة والفضائل التي لا تخفى، ولكنْ لا تدلّ الآية على نصٍّ في إمامته، وذلك المدّعى »(١) .

أقول:

هذا الكلام - كما ترى - اعتراف بما يذهب إليه الإماميّة، من دلالة الآية المباركة على الإمامة، لأنّ طريق إثبات إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام غير منحصر بالنصّ، بل الأفضليّة أيضاً من أدلّة إثباتها، وقد ظهرت دلالة الآية على ذلك.

* مع شاه عبدالعزيز الدهلوي

وهلمّ لننظر ما يقوله العالم الهندي، صاحب كتاب ( التحفة الإثنا عشرية ) في الجواب عن الاستدلال بالآية الشريف على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال: « ومنها:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) :

قالت: الشيعة: روي عن ابن عبّاس مرفوعاً أنّه قال: السابقون ثلاثة، فالسبق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى صاحب ياسين، والسابق إلى محمّد صلى عليه وسلّم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.

ولا يخفى أنّ هذا أيضاً تمسّك بالرواية لا بالآية.

ومدار إسناد هذه الرواية على أبي الحسن الأشقر وهو ضعيف بالإجماع، قال العقيلي: هو شيعي متروك الحديث.

ولا يبعد أن يكون هذا الحديث موضوعاً، إذ فيه من أمارات الوضع أنّ صاحب ياسين لم يكن أوّل من آمن بعيسى بل إنّه قد آمن برسله، كما يدلّ عليه

____________________

(١). انظر: دلائل الصدق لنهج الحق ٢ / ١٥٦.

٤١٧

نصّ الكتاب، وكلّ حديث يناقض مدلول الكتاب في الأخبار والقصص فهو موضوع، كما هو المقرّر عند المحدّثين.

وأيضاً، انحصار السباق في ثلاثة رجال غير معقول، فإنّ لكلّ نبيّ سابقاً بالإيمان به لا محالة.

وبعد اللتيا والتي، فأيّة ضرورة لأنْ يكون كلّ سابق صاحب الزعامة الكبرى وكلّ مقرّب إماماً؟

وأيضاً، لو كانت هذه الرواية صحيحة لكانت مناقضة للاية صراحة، لأنّ الله تعالى قال في حق السابقين:( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) (١) والثلّة هو الجمع الكثير، ولا يمكن أن يطلق على الاثنين جمع كثير ولا على الواحد قليل أيضاً، فعلم أنّ المراد بالسبق هو المراد من الآية الأُخرى:( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ) (٢) ، والقرآن يفسّر بعضه بعضاً.

وأيضاً، ثبت بإجماع أهل السنّة والشيعة أنّ أوّل من آمن حقيقة خديجة رضي الله تعالى عنها، فلو كان مجرّد السبق بالإيمان موجباً لصحّة الإمامة لزم أن تكون سيّدتنا المذكورة حَريّة بالإمامة، وهو باطل بالإجماع. وإن قيل: إنّ المانع كان متحقّقاً قبل وصول إمامته في خديجة وهو الأُنوثة، قلنا: كذلك في الأمير، فقد كان المانع متحقّقاً قبل وصول وقت إمامته، ولمـّا ارتفع المانع صار إماماً بالفعل، وذلك المانع هو إمّا وجود الخلفاء الثلاثة الّذين كانوا أصلح في حق الرياسة بالنسبة إلى جنابه عند جمهور أهل السنّة، أو إبقاؤه بعد الخلفاء الثلاثة وموتهم قبله عند التفضيليّة فإنّهم قالوا: لو كان إماماً عند وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم ينل أحد من الخلفاء الإمامة وماتوا في عهده، وقد سبق

____________________

(١). سورة الواقعة ٥٦: ١٣ - ١٤.

(٢). سورة التوبة ٩: ١٠٠.

٤١٨

في علم الله تعالى أنّ الخلفاء أربعة فلزم الترتيب على الموت »(١) .

أقول:

ولا يخفى ما في هذا الكلام من أكاذيب وأباطيل:

أوّلاً: إنّ هذا تمسّك بالآية بعد تفسير الرواية لها، وإلاّ فلا ذكر صريح في القرآن الكريم لا لاسم أمير المؤمنينعليه‌السلام ولا لاسم غيره، وإذا كان الاستدلال في مثل هذه المواضع بالرواية لا بالآية، فكيف يستدلُّ القوم بمثل قوله تعالى:( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ) (٢) باعتباره من أدلّة الكتاب على إمامة أبي بكر بن أبي قحافة، كما ذكرنا قريباً؟

فبطل قوله: « إنّ هذا تمسّك بالرواية لا بالآية ».

وثانياً: قوله: « مدار إسناد هذه الرواية على أبي الحسن الأشقر » يشتمل على كِذبتين:

الأولى: أن مدار إسنادها على الأشقر، فقد عرفت عدم تفرّد الأشقر بهذه الرواية.

وقد سبقه في هذه الكذبة غيره، كابن كثير الدمشقي، فإنّه قال: « حديث لا يثبت، لأنّ حسيناً هذا متروك وشيعي من الغلاة، وتفرّده بهذا ممّا يدلّ على ضعفه بالكليّة »(٣) .

والثانية: دعواه الإجماع على ضعف الأشقر، فإنّها دعوىً كاذبة، لا تجدها عند أحد.

بل قد عرفت أنّ كبار الأئمّة يوثّقونه، وتكلّم من تكلّم فيه ليس إلاّ لتشيّعه، وإلاّ فلم يذكر له جرح أبداً.

____________________

(١). التحفة الاثنا عشرية: ٢٠٧، وانظر مختصر التحفة الاثني عشرية: ١٧٨ - ١٧٩.

(٢). سورة الليل ٩٢: ١٧ - ١٨.

(٣). البداية والنهاية ١ / ٢٣١.

٤١٩

وثالثاً: قوله: « ولا يبعد أنْ يكون هذا الحديث موضوعاً، إذ فيه من أمارات الوضع ».

وهذا ردّ للسنة النبوية الثابتة، وتكذيب للحديث الصحيح، تعصّباً للباطل واتّباعاً للهوى:

أمّا أوّلاً: فلأنّ الإيمان برسل عيسى إيمانٌ بعيسى وسبق إليه، وهذا ما يفهمه أدنى الناس من أهل اللسان! وهل من فرقٍ بين الإيمان به والإيمان برسله؟! وكلّ أهل الإيمان بالله سبحانه وتعالى قد آمنوا برسله وصدّقوهم!

وأمّا ثانياً: فإنّ كلّ خبر خالف الكتاب بالتباين والتناقض، فإنّه مردود، سواء كان في القصص أو في الأحكام، ولكن لا اختلاف بين مدلول خبرنا ومدلول الكتاب، فضلاً عن أن يكون بينهما مناقضة.

وأمّا ثالثاً: فإنّ محلّ الإستدلال بالرواية هو الفقرة الأخيرة المتعلّقة بأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولذا فقد جاءت الرواية في بعض ألفاظها خاليةً عن الفقرتين السابقتين.

ورابعاً: قوله: « وأيضاً، انحصار السابق في ثلاثة ».

ردّ للحديث الصحيح والنصّ الصريح بالإجتهاد، نظير تكذيب إمامه ابن تيميّة حديث المؤاخاة، حتّى ردّ عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني بأنّه ردّ للنص بالقياس(١) .

وخامساً: قوله: « وبعد اللتيا والتي، فأيّة ضرورة لأنْ يكون كلّ سابق صاحب الزعامة الكبرى وكلّ مقرّبٍ إماماً؟ ».

جهل أو تجاهل، فقد تقدّم في كلام العلّامة الحلّي أنّ هذه فضيلة لم تثبت لغير أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فهو الأفضل، فيكون هو الإمام.

____________________

(١). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٢١٧.

٤٢٠