نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار9%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • اهداء:٥

  • كلمة المؤلف٧

  • آية الولاية٩

  • الفصل الأوّل في رواة خبر نزولها في علي وأسانيده من رواة الخبر من الصحابة والتابعين١٢

  • أشهر مشاهير رواة الخبر من العلماء١٣

  • من نصوص الخبر في الكتب المعتبرة١٨

  • من أسانيده المعتبرة٣٩

  • ١ - رواية ابن أبي حاتم٣٩

  • ٢ - رواية ابن أبي حاتم أيضاً٤٠

  • ٣ - رواية ابن جرير الطبري ٤ - رواية ابن مردويه٤١

  • ٥ - رواية الحاكم النيسابوري٤٢

  • ٦ - رواية ابن عساكر٤٤

  • فوائد مهمة الاولى: استنباط الحكم الشرعي من القضيّة٤٥

  • الثانية: رأي الإمام الباقر في نزول الآية٤٦

  • الثالثة: الخبر في شعر حسّان وغيره الرابعة: قول النبي في الواقعة: من كنت مولاه فعلي مولاه٤٧

  • الخامسة: دعاء النبيّ بعد القضيّة السادسة: إنّ الخاتم كان عقيقاً يمانيّاً أحمر٤٨

  • الفصل الثاني في دلالة الآية على الإمامة٤٩

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين٥٣

  • النظر في هذه الكلمات ودفع الشبهات ١ - لا إجماع على نزول الآية في علي وتصدّقه اعتراف القاضي العضد٥٩

  • اعتراف الشريف الجرجاني٦٠

  • اعتراف التفتازاني اعتراف القوشجي٦١

  • ٢ - إنّ القول بنزولها في حق علي للثعلبي فقط وهو متفرّد به٦٣

  • ٣ - المراد من الولاية فيها هو النصرة بقرينة السّياق٦٥

  • ٤ - مجي الآية بصيغة الجمع، وحملها على الواحد مجاز٦٦

  • ٥ - الولاية بمعنى الأولويّة بالتصرّف غير مرادة في زمان الخطاب٦٧

  • ٦ - إنّ التصدّق في أثناء الصّلاة ينافي الصلاة٦٨

  • آية التطهير٧١

  • الفصل الأوّل في تعيين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولاً وفعلاً المراد من « أهل البيت » من الصحابة الرواة لحديث الكساء٧٦

  • من الأئمّة الرواة لحديث الكساء٧٧

  • من ألفاظ الحديث في الصحاح والمسانيد وغيرها٧٨

  • ممّن نصَّ على صحّة الحديث٨٥

  • ما دلّت عليه الأحاديث٨٦

  • الفصل الثاني في سقوط القولَين الآخَرَين٨٨

  • ترجمة عكرمة ١ - طعنه في الدين ٢ - كان من دعاة الخوارج٨٩

  • ٣ - كان كذّاباً ٤ - ترك الناس جنازته٩٠

  • ترجمة مقاتل ترجمة الضحّاك٩١

  • الفصل الثالث في دلالة الآية المباركة على عصمة أهل البيت٩٢

  • الفصل الرابع في تناقضات علماء القوم تجاه معنى الآية فمن الطائفة الاُولى٩٤

  • ومن الطائفة الثانية ومن الطائفة الثالثة٩٨

  • اعتراف ابن تيميّة بصحّة الحديث٩٩

  • سقوط كلمات ابن تيميّة١٠٢

  • تناقض ابن تيميّة١٠٦

  • كلام الدهلوي صاحب التحفة١١٠

  • آية المودّة١١٣

  • الفصل الأول في تعيين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المراد من « القربى »١١٦

  • ذكر من رواه من الصحابة والتابعين١١٧

  • ومن رواته من أئمّة الحديث والتفسير١١٨

  • نصوص الحديث في الكتب المعتبرة١٢١

  • الفصل الثاني في تصحيح أسانيد هذه الأخبار١٣٨

  • ١ - ترجمة يزيد بن أبي زياد١٤٢

  • ٢ - ترجمة حسين الأشقر١٤٧

  • ٣ - ترجمة قيس بن الربيع١٥٠

  • ٤ - ترجمة حرب بن حسن الطحّان١٥٢

  • تتمّة١٥٣

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين١٥٥

  • ١ - سورة الشورى مكّيّة والحسنان غير موجودين١٥٩

  • ٢ - الرسول لا يسأل أجراً١٦٢

  • ٣ - لما ذا لم يقل: إلّا المودّة للقربى؟١٦٤

  • ٤ - المعارضة١٦٦

  • الفصل الرابع الأخبار والأقوال أدلّة وشواهد أُخرى للقول بنزول الآية في أهل البيت١٦٧

  • الردّ على الأقوال الأُخرى١٧٣

  • الجهة الأُولى: جهة السند١٧٤

  • والجهة الثانية: في فقه الحديث١٧٧

  • تنبيهان١٧٨

  • دلالة الآية سواء كان الإستثناء متّصلاً أو منقطعاً١٨٢

  • الفصل الخامس دلالة الآية على الإمامة والولاية ١ - القرابة النسبية والإمامة١٨٦

  • ٢ - وجوب المودّة يستلزم وجوب الطاعة١٩٦

  • ٣ - وجوب المحبّة المطلقة يستلزم الأفضليّة١٩٧

  • ٤ - وجوب المحبّة المطلقة يستلزم العصمة٢٠١

  • دحض الشبهات المثارة على دلالة الآية على الإمامة٢٠٣

  • آية المباهلة٢١٥

  • الفصل الأوّل في نزول الآية في أهل البيت عليهم‌السلام ذكر من رواه من الصحابة والتابعين٢١٨

  • ومن رواته من كبار الأئمّة في الحديث والتفسير٢٢٠

  • من نصوص الحديث في الكتب المعتبرة٢٢٣

  • تنبيه٢٢٧

  • كلمات حول السند٢٤٠

  • الفصل الثاني محاولات يائسة وأكاذيب مدهشة ١ - الإخفاء والتعتيم على أصل الخبر٢٤١

  • ٢ - الإخفاء والتعتيم على حديث المباهلة٢٤٢

  • ٣ - الإخفاء والتعتيم على اسم عليّ!!٢٤٧

  • ٤ - التحريف بحذف اسم عليٍّ وزيادة « وناس من أصحابه »٢٤٨

  • ٥ - التحريف بزيادة « عائشة وحفصة »٢٤٩

  • ٦ - التحريف بحذف « فاطمة » وزيادة: « أبي بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده»٢٥٠

  • ١ - سعيد بن عنبسة الرازي ٢ - الهيثم بن عدي٢٥٢

  • الفصل الثالث في دلالة آية المباهلة على الإمامة٢٥٥

  • * استدلال الإمام الرضا عليه‌السلام٢٥٧

  • الفصل الرابع في دفع شبهات المخالفين * أمّا إمام المعتزلة، فقد قال:٢٦٨

  • * وقال ابن تيميّة(١) :٢٧٠

  • * وقال القاضي الإيجي وشارحه الجرجاني:٢٨١

  • * وقال ابن روزبهان:٢٨٢

  • * وقال عبدالعزيز الدهلوي ما تعريبه:٢٨٤

  • * والآلوسي:٢٨٩

  • * وقال الشيخ محمّد عبده:٢٩٠

  • تكميل٢٩١

  • قوله تعالى « إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِکُلِّ قَوْمٍ هَادٍ »٢٩٧

  • الفصل الأوّل نصوص الحديث ورواته في كتب السُنّة رواته من الصحابة٣٠٠

  • من رواته من الأئمّة والحفّاظ٣٠١

  • من ألفاظ الحديث في أشهر الكتب٣٠٤

  • الفصل الثاني في بيان صحّة الحديث٣١٤

  • من أسانيده الصحيحة٣١٥

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين * ابن الجوزي * الذهبي٣٢٠

  • * ابن كثير * أبو حيّان٣٢١

  • * ابن روزبهان * ابن تيميّة٣٢٢

  • * الدهلوي٣٢٥

  • * الآلوسي٣٢٦

  • أقول: ١ - كلماتهم في ما يتعلّق بالسند٣٢٨

  • تنبيهات٣٣٣

  • ٢ - مناقشاتهم في الدلالة * أمّا أبو حيّان فقال:٣٣٦

  • * وأمّا ابن روزبهان فقال: * وأمّا الدهلوي فقال:٣٣٧

  • * وأمّا الآلوسي فقال:٣٣٨

  • * وأمّا ابن تيميّة:٣٤٠

  • معنى الآية المباركة٣٤١

  • المؤكّدات في ألفاظ الحديث٣٤٥

  • أحاديث أُخرى عليٌّ راية الهدى٣٤٦

  • عليٌّ العَلَم٣٤٨

  • يأخذ بكم الطريق المستقيم٣٥٠

  • طاعته طاعة رسول الله من فارقه فارق رسول الله٣٥١

  • عليٌّ منه بمنزلته من ربّه باب حطّة٣٥٢

  • نتيجة البحث٣٥٣

  • الفصل الرابع في الجواب عن المعارضة ١ - حديثُ الإقتداء بالشيخين٣٥٥

  • التحقيق في أسانيده٣٥٦

  • كلمات الأئمّة في بطلانه٣٥٩

  • ٢ - حديث الإقتداء بالصحابة التحقيق في أسانيده٣٦٢

  • كلمات الأئمّة في بطلانه٣٦٥

  • ٣ - لا أُوتينَّ بأحد يفضّلني على أبي بكر وعمر إلاَّ جلدته حدّ المفتري٣٦٦

  • التحقيق في سنده ومدلوله٣٦٧

  • قوله تعالى « وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ »(١) ٣٦٩

  • الفصل الأوّل نصوص الحديث ورواته في كتب السُنّة٣٧٢

  • من أسانيد الخبر ١ - رواية الحبري ٢ - رواية أبي نعيم الأصبهاني٣٧٣

  • ٣ - رواية الحاكم الحسكاني٣٧٤

  • الفصل الثاني في الشواهد * حديث السؤال عن الكتاب والعترة٣٧٩

  • * حديث السؤال عن أربع٣٨٠

  • * حديث: لا يجوز الصراط إلّا من معه كتابُ ولاية عليٍ٣٨٢

  • الشاهد لحديث الجواز٣٨٦

  • الحديث كما رواه جماعة من أكابر المحدّثين الحفّاظ٣٩١

  • الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين * ابن تيميّة٤٠٠

  • * ابن روزبهان * الآلوسي٤٠٢

  • * الدهلوي٤٠٣

  • قوله تعالى « والسابقون السابقون اولئك المقرّبون »(١) ٤٠٧

  • الفصل الأوّل في رواة خبر تفسير الآية وأسانيده٤١٠

  • من أسانيده في الكتب المعتبرة٤١١

  • من أسانيده المعتبرة٤١٣

  • الفصل الثاني في دفع شبهات المخالفين٤١٦

  • الفهرس٤٢٣

  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • المشاهدات: 134346 / تحميل: 4086
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وفي رواية: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جلّل على الحسن والحسين وعليّ وفاطمة، ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي، أذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً.

قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: إنّكِ إلى خير.

أخرج الترمذي الرواية الآخرة، والأُولى ذكرها رزين.

٦٦٩٠ ت، عمر بن أبي سلمة -رضي‌الله‌عنه - قال: نزلت هذه الآية على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) في بيت أُمّ سلمة، فدعا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساءٍ وعليّ خلف ظهره، ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبيَّ الله؟

قال: أنتِ على مكانِكِ، وأنتِ على خير.

أخرجه الترمذي.

٦٦٩١ ت، أنس بن مالك -رضي‌الله‌عنه - إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية، قريباً من ستّة أشهر، يقول: الصلاةَ أهلَ البيت( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

أخرجه الترمذي.

٦٦٩٢ م، عائشة - رضي الله عنها - قالت: خرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعليه مرط مرجَّل أسود، فجاءه الحسن فأدخله، ثمّ جاءه الحسين فأدخله، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ) الآية.

٨١

أخرجه مسلم »(١) .

وفي الخصائص: « أخبرنا محمّد بن المثنّى، قال: أخبرنا أبو بكر الحنفي، قال: حدّثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد ابن أبي وقّاص:

ما يمنعك أنْ تسبَّ ابن أبي طالب؟!

قال: لا أسبّه ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأنْ يكون لي واحدة منهنَّ أحب إليّ من حمر النعم:

لا أسبّه ما ذكرت حين نزل الوحي عليه، فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال: ربّ هؤلاء أهل بيتي وأهلي.

ولا أسبّه ما ذكرت حين خلّفه في غزوةٍ غزاها

ولا أسبّه ما ذكرت يوم خيبر »(٢) .

وفي الخصائص: « أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام بن عمّار الدمشقي، قالا: حدّثنا حاتم، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، قال: أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أنْ تسبَّ أبا تراب؟!

فقال: أنا إن ذكرت ثلاثاً قالهنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلن أسبّه، لأنْ يكون لي واحدة منها أحبّ إليَّ من حمر النعم:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول له، وخلَّفه في بعض مغازيه

وسمعته يقول يوم خيبر:

ولمـّا نزلت( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

____________________

(١). جامع الأُصول ١٠ / ١٠٠ - ١٠١.

(٢). خصائص عليّ: ٨١ طبعة النجف الأشرف.

٨٢

تَطْهِيراً ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي »(١) .

أقول:

أخرجه ابن حجر العسقلاني باللفظ الأوّل في « فتح الباري » بشرح حديث: « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون » ثمّ قال:

« ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقّاص عند مسلم والترمذي، قال: قال معاوية لسعد: ما منعك أنْ تسبّ أبا تراب؟!

قال: أما ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلنْ أسبّه، فذكر هذا الحديث.

وقوله: لأُعطينّ الراية رجلاً يحبّه الله ورسوله.

وقوله لمـّا نزلت( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) (٢) دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي »(٣) .

وهذا تحريفٌ للحديث! أو يحمل على التكرّر والتعدّد.

وفي الخصائص: أخرج حديث عمرو بن ميمون عن ابن عبّاس، المتقدّم عن المسند(٣) .

وفي المستدرك: « حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا العبّاس بن محمّد الدوري، ثنا عثمان بن عمر، ثنا عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، ثنا

____________________

(١). خصائص عليّ: ٤٩.

(٢). سورة آل عمران ٣: ١.

(٣). فتح الباري - شرح صحيح البخاري ٧ / ٦٠.

(٤). خصائص عليّ: ٦٢.

٨٣

شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أُمّ سلمة - رضي الله عنها - أنّها قالت:

في بيتي نزلت هذه الآية:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) ، قالت: فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين - رضوان الله عليهم أجمعين - فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

قالت أُم سلمة: يا رسول الله، وأنا من أهل البيت؟

قال: إنّكِ أهلي خير(٤) ، وهؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهلي أحقّ.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.

حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، أنبأ العبّاس بن الوليد بن مزيد:

أخبرني أبي، قال: سمعت الأوزاعي يقول: حدّثني أبو عمّار، قال: حدّثني واثلة بن الأسقع -رضي‌الله‌عنه - قال: جئت عليّاً -رضي‌الله‌عنه - فلم أجده. فقالت فاطمة - رضي الله عنها -: إنطلق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعوه فاجلس، فجاء مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل ودخلت معهما. قال: فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسناً وحسيناً فأجلس كلّ واحدٍ منهما على فخذه، وأدنى فاطمة من حجره وزوجها، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا شاهد، فقال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »(٢) .

وفي تلخيص المستدرك: وافق الحاكم على التصحيح(٣) .

____________________

(١). كذا.

(٢). المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤١٦ كتاب التفسير.

(٣). تلخيص المستدرك ٢ / ٤١٦.

٨٤

ورواه الذهبي بإسنادٍ له عن شهر بن حوشب عن أُم سلمة، وفيه: « قالت: فأدخلت رأسي فقلت: يا رسول الله، وأنا معكم؟

قال: أنتِ إلى خير - مرّتين - ».

ثمّ قال: « رواه الترمذي مختصراً وصحّحه من طريق الثوري، عن زبيد، عن شهر بن حوشب»(١) .

وفي الصواعق المحرقة: « الآية الأُولى: قال الله تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) أكثر المفسّرين على أنّها نزلت في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين. لتذكير ضمير ( عنكم ) وما بعده »(٢) .

ممّن نصَّ على صحّة الحديث

هذا، وقد قال جماعة من الأئمّة بصحّة الحديث الدالّ على اختصاص الآية الكريمة بأهل البيتعليهم‌السلام ، إذ أخرجوه في الصحيح أو نصّوا على صحّته، ومن هؤلاء:

١ - أحمد بن حنبل، بناءً على التزامه بالصحّة في « المسند ».

٢ - مسلم بن الحجّاج، إذ أخرجه في ( صحيحه ).

٣ - ابن حبّان، إذْ أخرجه في ( صحيحه ).

٤ - الحاكم النيسابوري، إذ صحّحه في ( المستدرك ).

٥ - الذهبي، إذ صحّحه في ( تلخيص المستدرك ) تبعاً للحاكم.

٦ - ابن تيميّة، إذ قال: « فصل - وأمّا حديث الكساء فهو صحيح، رواه

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٤٦.

(٢). الصواعق المحرقة: ٨٥.

٨٥

أحمد والترمذي من حديث أُم سلمة، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة »(١) .

ما دلّت عليه الأحاديث

وهذه الأحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد ومعاجم الحديث، بأسانيد صحيحة متكاثرة جدّاً، أفادت نقطتين:

أوّلاً: إنّ المراد بـ « أهل البيت » في الآية المباركة هم: النبيّ وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لا يشركهم أحد، لا من الأزواج ولا من غيرهنّ مطلقاً.

أمّا الأزواج، فلأنّ الأحاديث نصّت على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يأذن بدخول واحدةٍ منهنّ تحت الكساء.

وأمّا غيرهنّ، فلأنّ النبيّ إنّما أمر فاطمة بأنْ تجئ بزوجها وولديها فحسب، فلو أراد أحداً غيرهم - حتّى من الأُسرة النبويّة - لأمر بإحضاره.

وثانياً: إنّ الآية المباركة نزلت في واقعةٍ معيَّنة وقضيّةٍ خاصّة، ولا علاقة لها بما قبلها وما بعدها ولا ينافيه وضعها بين الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ، إذ ما أكثر الآيات المدنيّة بين الآيات المكّيّة وبالعكس، ويشهد بذلك:

١ - مجيء الضمير: « عنكم » و « يطهّركم » دون: عنكنّ ويطهّركنّ.

٢ - إتّصال الآيات التي بعد آية التطهير بالتي قبلها، بحيث لو رفعت آية التطهير لم يختلّ الكلام أصلاً فليست هي عجزاً لآية ولا صدراً لأُخرى كما لا يخفى.

ثمّ ما ألطف ما جاء في الحديث جواباً لقول أُم سلمة: « ألستُ من أهل

____________________

(١). منهاج السنّة ٥ / ١٣.

٨٦

البيت؟ » قال: « أنتِ من أزواج رسول الله!! » فإنّه يعطي التفصيل مفهوماً ومصداقاً بين العنوانين: عنوان « أهل البيت » وعنوان « الأزواج » أو « نساء النبيّ ».

فتكون الآيات المبدوة - في سورة الأحزاب - بـ:( يا نِساءَ النَّبِيِّ ) (١) خاصّةً بـ « الأزواج» والآية( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) خاصّةً بالعترة الطاهرة.

وحديث مرورهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بباب فاطمة وقوله: الصلاة أهل البيت( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) رواه كثيرون كذلك لا نطيل بذكر رواياته.

____________________

(١). سورة الأحزاب ٣٣: ٣٣.

٨٧

الفصل الثاني

في سقوط القولَين الآخَرَين

وبهذه الأحاديث الصحيحة المتّفق عليها بين المسلمين يسقط القولان الآخَران، لأنّ المفروض أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسّر بنفسه - قولاً وفعلاً - الآية المباركة، وعيّن من نزلت فيه، فلا يُسمع - والحال هذه - ما يخالف تفسيره كائناً من كان القائل، فكيف والقائل بالقول الأوّل هو « عكرمة»؟!

وقد كان هذا الرجل أشدُّ الناس مخالفةً لنزول الآية في العترة الطاهرة فقط.

فقد حكي عنه أنّه كان ينادي في الأسواق بنزولها في زوجات النبيّ فقط(١) وأنّه كان يقول: « من شاء باهلته أنّها نزلت في نساء النبيّ خاصّة »(٢) .

وقد كان القول بنزولها في العترة هو الرأي الذي عليه المسلمون، كما يبدو من هذه الكلمات، بل جاء التصريح به في كلامه حيث قال: « ليس بالّذي تذهبون إليه، إنّما هو نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٣) .

إلّا أنّ من غير الجائز الأخذ بقول عكرمة في هذا المقام وأمثاله!

____________________

(١). تفسير الطبري ٢٢ / ٧، تفسير ابن كثير ٣ / ٤١٥، أسباب النزول: ٢٦٨.

(٢). الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨، تفسير ابن كثير ٣ / ٤١٥.

(٣). الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨.

٨٨

ترجمة عكرمة

فإنّ عكرمة البربري من أشهر الزنادقة الّذين وضعوا الأحاديث للطعن في الإسلام! وإليك طرفاً من تراجمه في الكتب المعتبرة المشهورة(١) .

١ - طعنه في الدين

لقد ذكروا أنّ هذا الرجل كان طاعناً في الإسلام، مستهزئاً بالدين، من أعلام الضلالة ودعاة السوء.

فقد نقلوا عنه أنّه قال: إنّما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به!

وقال في وقت الموسم: وددت أنّي اليوم بالموسم وبيدي حربة، فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً!

وأنّه وقف على باب مسجد النبيّ وقال: ما فيه إلّا كافر!

وذكروا أنّه كان لا يصلّي، وأنّه كان في يده خاتم من الذهب، وأنّه كان يلعب بالنرد، وأنّه كان يستمع الغناء.

٢ - كان من دعاة الخوارج

وأنّه إنّما أخذ أهل أفريقية رأي الصفرية - وهم من غلاة الخوارج - منه، وقد ذكروا أنّه نحل ذلك الرأي إلى ابن عبّاس!

وعن يحيى بن معين: إنّما لم يذكر مالك عكرمة، لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

____________________

(١). طبقات ابن سعد ٥ / ٢٨٧، الضعفاء الكبير ٣ / ٣٧٣، تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٦٤، وفيات الأعيان ١ / ٣١٩، ميزان الإعتدال ٣ / ٩٣، المغني في الضعفاء ٢ / ٨٤، سير أعلام النبلاء ٥ / ٩٥، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٦٣ - ٢٧٣.

٨٩

وقال الذهبي: قد تكلّم الناس في عكرمة، لأنّه كان يرى رأي الخوارج.

٣ - كان كذّاباً

كذب على سيّده ابن عبّاس حتّى أوثقه عليُّ بن عبدالله بن عبّاس على باب كنيف الدار. فقيل له: أتفعلون هذا بمولاكم؟! قال: إنّ هذا يكذب على أبي.

وعن سعيد بن المسيّب، أنّه قال لمولاه: يا برد، إيّاك أن تكذب عَلَيّ كما يكذب عكرمة على ابن عبّاس.

وعن ابن عمر، أنّه قال لمولاه: اتّق الله، ويحك يا نافع، لا تكذب عَلَيّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس.

وعن القاسم: إنّ عكرمة كذّاب.

وعن ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك: كذّاب.

وعن ابن ذويب: كان غير ثقة.

وحرّم مالك الرواية عنه.

وأعرض عنه مسلم بن الحجّاج.

وقال محمّد بن سعد: ليس يُحتجّ بحديثه.

٤ - ترك الناس جنازته

ولهذه الأُمور وغيرها ترك الناس جنازته، قيل: فما حمله أحد، حتّى اكتروا له أربعة رجال من السودان.

٩٠

ترجمة مقاتل

ومقاتل حاله كحال عكرمة، فقد أدرجه كلٌّ من: الدارقطني، والعقيلي، وابن الجوزي، والذهبي في ( الضعفاء ) وتكفينا كلمة الذهبي: « أجمعوا على تركه »(١) .

ترجمة الضحّاك

وأمّا القول الآخر فقد عزاه ابن الجوزي إلى الضحّاك بن مزاحم فقط.

وهذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه كالعقيلي في ( الضعفاء ) وتبعهما الذهبي فأدرجه في « المغني في الضعفاء » ونفوا أنْ يكون لقي ابن عبّاس، بل ذكر بعضهم أنّه لم يشافه أحداً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وعن يحيى بن سعيد: كان الضحّاك عندنا ضعيفاً.

قالوا: وكانت أُمّه حاملاً به سنتين(٢) !

هذا، ولكنْ في نسبة هذا القول - كنسبة القول الأوّل إلى ابن السائب الكلبي - كلامٌ، فقد نُسب إليهما القول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار في المصادر، وهو الصحيح، كما حقّقنا ذلك في الردّ على السالوس.

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ٧ / ٢٠١.

(٢). تهذيب الكمال ١٣ / ٢٩١، ميزان الإعتدال ٢ / ٣٢٥، المغني في الضعفاء ١ / ٣١٢.

٩١

الفصل الثالث

في دلالة الآية المباركة على عصمة أهل البيت

وكما أشرنا من قبل، فإنّ أصحابنا يستدلّون بالآية المباركة - بعد تعيين المراد بأهل البيت فيها، بالأحاديث المتواترة بين الفريقين - على عصمة أهل البيت وقد جاء ذكر وجه الإستدلال لذلك مشروحاً في كتبهم في العقائد والإمامة، وفي تفاسيرهم بذيل الآية المباركة، ويتلخّص في النقاط التالية:

١ - « إنّما » تفيد الحصر، فالله سبحانه لم يرد إذهاب الرجس إلّا عن هؤلاء.

٢ - « الإرادة » في الآية الكريمة تكوينيّة، من قبيل الإرادة في قوله تعالى:( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (١) لا تشريعية من قبيل الإرادة في قوله تعالى:( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٢) ، لأن التشريعية تتنافى مع نصّ الآية بالحصر، إذ لا خصوصيّة لأهل البيت في تشريع الأحكام لهم.

وتتنافى مع الأحاديث، إذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طبّق الآية عليهم دون غيرهم.

٣ - « الرجس » في الآية هو « الذنوب ».

وتبقى شبهة: إنّ الإرادة التكوينيّة تدلّ على العصمة، لأنّ تخلّف المراد

____________________

(١). سورة يس ٣٦: ٨٢.

(٢). سورة البقرة ٢: ١٨٥.

٩٢

عن إرادته عزّوجلّ محال، لكنّ هذا يعني الإلتزام بالجبر وهو ما لا تقول الإماميّة به.

وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة - بناءً على نظرية: لا جبر ولا تفويض، بل أمرٌ بين الأمرين - بما حاصله:

إنّ مفاد الآية أنّ الله سبحانه لمـّا علم أنّ إرادة أهل البيت تجري دائماً على وفق ما شرّعه لهم من التشريعات، لِما هم عليه من الحالات المعنوية العالية، صحَّ له تعالى أنْ يخبر عن ذاته المقدّسة أنّه لا يريد لهم بإرادته التكوينيّة إلّا إذهاب الذنوب عنهم، لأنّه لا يُوجد من أفعالهم، ولا يُقدرهم إلاّعلى هكذا أفعالٍ يقومون بها بإرادتهم لغرض إذهاب الرجس عن أنفسهم أما سائر الناس الذين لم يكونوا على تلك الحالات، فلم تتعلّق إرادته بإذهاب الرجس عنهم.

ثمّ إنّه لولا دلالة الآية المباركة على هذه المنزلة العظيمة لأهل البيت، لَما حاول أعداؤهم - من الخوارج والنواصب - إنكارها، بل ونسبتها إلى غيرهم، مع أنّ أحداً لم يدّعِ ذلك لنفسه سوى الخمسة الأطهار.

٩٣

الفصل الرابع

في تناقضات علماء القوم تجاه معنى الآية

وجاء العلماء وهم يعلمون بمدلول الآية المباركة ومفاد الأحاديث الصحيحة الواردة بشأنها، إلاّ أنّهم من جهة لا يريدون الاعتراف بذلك، لأنّه في الحقيقة نسفٌ لعقائدهم في الأُصول والفروع ومن جهةٍ أُخرى ينسبون أنفسهم إلى « السنّة » ويدّعون الأخذ بها والاتّباع لها فوقعوا في اضطرابٍ، وتناقضت كلماتهم فيما بينهم، بل تناقضت كلمات الواحد منهم

فمنهم من وافق الإماميّة، بل - في الحقيقة - تبع السنّة النبويّة الثابتة في المقام، وأخذ بها.

ومنهم من وافق عكرمة الخارجي ومقاتل المجمَع على تركه.

ومنهم من أخذ بقول الضحّاك الضعيف، خلافاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكبار الصحابة.

فهم على طوائف ثلاث:

ونحن نذكر من كلّ طائفة واحداً أو اثنين:

فمن الطائفة الاُولى

أبو جعفر الطحاوي(١) قال: « باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله

____________________

(١). أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة المصري الحنفي - المتوفّى سنة ٣٢١ ه‍ - توجد ترجمته مع =

٩٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المراد بقوله تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) مَن هم؟

حدّثنا الربيع المرادي، حدّثنا أسد بن موسى، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، حدّثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لمـّا نزلت هذه الآية دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناًعليهم‌السلام ، وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

فكان في هذا الحديث أنّ المراد بما في هذه الآية هم: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٌّ وفاطمة وحسن وحسين.

حدّثنا فهد، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير بن عبدالحميد، عن الأعمش، عن جعفر، عن عبدالرحمن البجلي، عن حكيم بن سعيد، عن أُم سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٍّ وفاطمة وحسن وحسينعليهم‌السلام ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

ففي هذا الحديث الذي في الأوّل ».

ثمّ إنّه أخرج بأسانيد عديدة هذا الحديث عن أُمّ سلمة، وفيها الدلالة الصريحة على اختصاص الآية بأهل البيت الطاهرين، وهي الأحاديث التي

____________________

= الثناء البالغ في: طبقات أبي إسحاق الشيرازي: ١٤٢، والمنتظم ٦ / ٢٥٠، ووفيات الأعيان ١ / ٧١، وتذكرة الحفّاظ ٣ / ٨٠٨، والجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ١ / ١٠٢، وغاية النهاية في طبقات القراء ١ / ١١٦، وحسن المحاضرة وطبقات الحفّاظ: ٣٣٧، وغيرها.

وقد عنونه الحافظ الذهبي بقوله: « الطحاوي الإمام العلّامة، الحافظ الكبير، محدِّث الديار المصرية وفقيهها » قال: « ذكره أبو سعيد ابن يونس فقال: عداده في حجر الأزد، وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً لم يخلّف مثله » قال الذهبي: « قلت: من نظر في تواليف هذا الإمام علم محلّه من العلم وسعة معارفه » سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٧ - ٣٢.

٩٥

جاء فيها أنّ أُمّ سلمة سألت: « وأنا معهم؟ » فقال رسول الله صلّى عليه وآله وسلّم: « أنتِ من أزواج النبيّ، وأنتِ على خير - أو: إلى خير - ».

وقالت: « فقلت: يا رسول الله، أنا من أهل البيت؟ فقال: إنّ لكِ عند خيراً، فوددت أنّه قال نعم، فكان أحبّ إليّ ممّا تطلع عليها الشمس وتغرب ».

وقالت: « فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه رسول الله وقال: إنّكِ على خير ».

قال الطحاوي: « فدلّ ما روينا من هذا الآثار - ممّا كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أُمّ سلمة - ممّا ذكرنا فيها لم يرد به أنّها كانت ممّا أُريد به ممّا في الآية المتلوّة في هذا الباب، وأنّ المراد بما فيها هم:

رسول الله صلّى عليه وآله وسلّم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين دون مَن سواهم يدلّ على مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله لأُم سلمة في هذه الآثار من قوله لها: ( أنتِ من أهلي )

ما قد حدّثنا محمّد بن الحجّاج الحضرمي وسليمان الكيساني، قالا:

حدّثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، أخبرني أبو عمّار، حدّثني واثلة

فقلت: يا رسول الله، وأنا من أهلك؟ فقال: وأنتَ من أهلي.

قال واثلة: فإنّها من أرجى ما أرجو!

وواثلة أبعد منهعليه‌السلام من أُمّ سلمة منه، لأنّه إنّما هو رجل من بني ليث، ليس من قريش، وأُمّ سلمة موضعها من قريش موضعها الذي هي به منه.

فكان قوله لواثلة: أنت من أهلي، على معنى: لاتّباعك إيّاي وإيمانكّ بي، فدخلت بذلك في جملتي.

وقد وجدنا الله تعالى قد ذكر في كتابه ما يدلّ على هذا المعنى بقوله

٩٦

( وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) (١) فأجابه في ذلك بأنْ قال:( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) (٢) إنّه يدخل في أهله من يوافقه على دينه وإنْ لم يكن من ذوي نسبه.

فمثل ذلك أيضاً ما كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جواباً لأُمّ سلمة: « أنتِ من أهلي » يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضاً، وأن يكون قوله ذلك كقوله مثله لواثلة.

وحديث سعدٍ وما ذكرناه معه من الأحاديث في أوّل الباب معقول بها مَن أهل الآية المتلوّة فيها، لأنّا قد أحطنا علماً أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا دعا مِن أهله عند نزولها لم يبق مِن أهلها المرادين فيها أحد سواهم، وإذا كان ذلك كذلك استحال أن يدخل معهم فيما أُريد به سواهم، وفيما ذكرنا من ذلك بيان ما وصفنا.

فإنْ قال قائل: فإنّ كتاب الله تعالى يدلّ على أنّ أزواج النبيّ هم المقصودون بتلك الآية، لأنّه قال قبلها في السورة التي هي فيها:( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ ) (٣) فكان ذلك كلّه يؤذن به، لأنّه على خطاب النساء لا على خطاب الرجال، ثمّ قال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ) الآية.

فكان جوابنا له: إنّ الذي تلاه إلى آخر ما قبل قوله:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ) الآية خطاب لأزواجه، ثمّ أعقب ذلك بخطابه لأهله بقوله تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ) الآية، فجاء به على خطاب الرجال، لأنّه قال فيه:( لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ ) وهكذا خطاب الرجال، وما قبله فجاء به

____________________

(١). سورة هود ١١: ٤٥.

(٢). سورة هود ١١: ٤٦.

(٣). سورة الأحزاب: ٣٣: ٢٨.

٩٧

بالنون وكذلك خطاب النساء.

فعقلنا أنّ قوله:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ) الآية، خطاب لمن أراده من الرجال بذلك، ليعلمهم تشريفه لهم ورفعه لمقدارهم، أن جعل نساءهم ممّن قد وصفه لِما وصفه به ممّا في الآيات المتلوّة قبل الذي خاطبهم به تعالى.

وممّا دلّ على ذلك أيضاً ما حدّثنا عن أنس: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ) الآية.

في هذا أيضاً دليل على أنّ هذه الآية فيهم. وبالله التوفيق »(١) .

ومن الطائفة الثانية

ابن الجوزي(٢) والذهبي(٣) فإنّهما تبعا عكرمة البربري الخارجي، ومقاتل بن سليمان، على ما هو مقتضى تعصّبهما وعنادهما لأهل البيتعليهم‌السلام !

ومن الطائفة الثالثة

ابن كثير فإنّه بعد أن ذكر فرية عكرمة قال: « فإنْ كان المراد أنّهن كنّ سبب النزول دون غيرهنّ، فصحيح، وإنْ أُريد أنّهنّ المراد فقط دون غيرهنّ، ففي هذا نظر. فإنّه قد وردت أحاديث تدلّ على أنّ المراد أعمّ من ذلك ».

ثمّ أورد عدّةً كثيرة من تلك الأحاديث التي هي نصٌّ في اختصاص الآية

____________________

(١). مشكل الآثار ١ / ٣٣٢ - ٣٣٩.

(٢). وهذا ظاهر كلامه في زاد المسير ٦ / ٣٨١، حيث ذكر هذا القول أوّلاً وجعل يدافع عنه!

(٣). سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٠٧.

٩٨

بالرسول والوصيّ والحسنين والصدّيقة الطاهرة عليهم الصلاة والسلام، وأنّ قول عكرمة مخالف للكتاب والسنّة

غير أنّ تعصّبه لم يسمح له بالإذعان لذلك، حتّى قال بدخول الزوجات في المراد بالآية! متشبّثاً بالسياق، فقال: « ثمّ الذي لا يشكّ فيه من تدبّر القرآن أنّ نساء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم داخلات في قوله تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فإنّ سياق الكلام معهنّ »(١) .

اعتراف ابن تيميّة بصحّة الحديث

والعجب أنّ ابن تيميّة لا يقول بهذا ولا بذاك! بل يذعن بصحّة الحديث كما استدلّ العلّامة الحلّي -رحمه‌الله -، قال العلّامة:

« ونحن نذكر هنا شيئاً يسيراً ممّا هو صحيح عندهم، ونقلوه في المعتمد من قولهم وكتبهم، ليكون حجّةً عليهم يوم القيامة، فمن ذلك:

ما رواه أبو الحسن الأندلسي(٢) في « الجمع بين الصحاح الستّة »: موطّأ مالك، وصحيحي البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي: عن أُم سلمة - زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أنّ قوله تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) أُنزل في بيتها: وأنا جالسة عند الباب، فقلت: يا رسول الله، ألست من أهل

____________________

(١). تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤١٥.

(٢). وهو: رزين بن معاوية العبدري، صاحب « تجريد الصحاح » المتوفّى سنة ٥٣٥ كما في سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٠٤ حيث ترجم له ووصفه بـ: الإمام المحدّث الشهير، وحكى عن ابن عساكر: « كان إمام المالكيّين بالحرم ». وترجم له أيضاً في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٨١، والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ٤ / ٣٩٨، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٦٧، ومرآة الجنان ٣ / ٢٦٣، وغيرها.

٩٩

البيت؟ فقال: إنّكِ على خير، إنّكِ من أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قالت: وفي البيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين، فجلّلهم بكساء وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ».

فقال ابن تيميّة:

« فصل: وأمّا حديث الكساء فهو صحيح، رواه أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة، قال: خرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن ابن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين، فأدخله معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين - رضي الله عنهم - فليس هو من خصائصه، ومعلوم أنّ المرأة لا تصلح للإمامة، فعُلم أنّ هذه الفضيلة لا تختصّ بالأئمّة، بل يشركهم فيها غيرهم.

ثمّ إنّ مضمون هذا الحديث أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا لهم بأنْ يُذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيراً.

وغاية ذلك أنْ يكون دعا لهم بأنْ يكونوا من المتّقين الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم! واجتناب الرجس واجب على المؤمنين، والطهارة مأمور بها كلّ مؤمن.

قال الله تعالى:( ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ) (١) وقال:( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُكمْ

____________________

(١). سورة المائدة ٥: ٦.

١٠٠

وَتُزَكِّيهِمْ بِها ) (١) وقال تعالى:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٢) .

فغاية هذا أنْ يكون هذا دعاءً لهم بفعل المأمور وترك المحظور، والصدّيق -رضي‌الله‌عنه - قد أخبر الله عنه بأنّه( الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى * وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى * إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى * وَلَسَوْفَ يَرْضى ) (٣) .

وأيضاً: فإنّ السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (٤) لا بدّ أنْ يكونوا قد فعلوا المأمور وتركوا المحظور، فإنّ هذا الرضوان وهذا الجزاء إنّما يُنال بذلك، وحينئذٍ فيكون ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من الذنوب بعض صفاتهم.

فما دعا به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأهل الكساء هو بعض ما وصف به السابقين الأوّلين.

والنبيّ دعا لأقوام كثيرين بالجنّة والمغفرة وغير ذلك، ممّا هو أعظم من الدعاء بذلك، ولم يلزم أن يكون مَن دعا له بذلك أفضل من السابقين الأوّلين، ولكنّ أهل الكساء لمـّا كان قد أوجب عليهم اجتناب الرجس وفِعل التطهير، دعا لهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأنْ يعينهم على فعل ما أمرهم به، لئلّا يكونوا مستحقّين للذمّ والعقاب، ولينالوا المدح والثواب »(٥) .

____________________

(١). سورة المائدة ٩: ١٠٣.

(٢). سورة البقرة ٢: ٢٢٢.

(٣). سورة الليل ٩٢: ١٧ - ٢١.

(٤). سورة التوبة ٩: ١٠٠.

(٥). منهاج السنّة ٥ / ١٣ - ١٥.

١٠١

هذا نصّ كلام ابن تيميّة، وأنت ترى فيه:

١ - الإعتراف بصحّة الحديث الدالّ على نزول الآية المباركة في أهل الكساء دون غيرهم.

٢ - الإعتراف بعدم شمول الفضيلة لغير عليٍّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

فأين قول عكرمة؟! وأين السياق؟! وأين ما ذهب إليه ابن كثير؟!

سقوط كلمات ابن تيميّة

وتبقى كلمات ابن تيميّة، فإنّه بعد أن أعرض عن قول عكرمة، وعن قول من قال بالجمع، واعترف بالاختصاص بالعترة، أجاب عن الإستدلال بالآية المباركة بوجوهٍ واضحة البطلان:

* فأوّل شيء قاله هو: « هذا الحديث قد شركه فيه فاطمة ».

وفيه: إنّ العلّامة الحلّي لم يدّع كون الحديث من خصائص عليعليه‌السلام ، بل الآية المباركة والحديث يدلّان على عصمة « أهل البيت » وهم:

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين والمعصوم هو المتعيَّن للإمامة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غير أنّ المرأة لا تصلح للإمامة.

* ثمّ قال: « ثمّ إنّ مضمون هذا الحديث أنّ النبيّ دعا لهم بأنْ يكونوا من المتّقين الّذين أذهب الله عنهم الرجس فغاية هذا أن يكون هذا دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور ».

وهذا من قلّة فهمه أو شدّة تعصّبه:

أمّا أوّلاً: فلأنّه ينافي صريح الآية المباركة، لأنّ « إنّما » دالّة على

١٠٢

الحصر، وكلامه دالٌّ على عدم الحصر، فما ذكره ردٌّ على الله والرسول.

أمّا ثانياً: فلأنّ في كثيرٍ من « الصحاح » أنّ الآية نزلت، فدعا رسول الله عليّاً وفاطمة وحسناً حسيناً فجلّلهم بكساء وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فالله عزّ وجلّ يقول:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُعيّن « أهل البيت » وأنّهم هؤلاء دون غيرهم.

وأمّا ثالثاً: فلأنّه لو كان المراد هو مجرّد الدعاء لهم بأنْ يكونوا « من المتقين » و « الطهارة مأمور بها كلّ مؤمن » « فغاية هذا أن يكون دعاءً لهم بفعل المأمور وترك المحظور » فلا فضيلة في الحديث، وهذا يناقض قوله من قبل « فعُلم أنّ هذه الفضيلة »!!

وأمّا رابعاً: فلأنّه لو كان « غاية ذلك أن يكون دعاءً لهم بفعل المأمور وترك المحظور » فلماذا لم يأذن لأُمّ سلمة بالدخول معهم؟!

أكانت « من المتّقين الّذين أذهب الله عنهم الرجس » فلا حاجة لها إلى الدعاء؟! أو لم يكن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد منها أن تكون « من المتّقين »؟!

وأمّا خامساً: فلو سلّمنا أنّ « غاية هذا أنْ يكون دعاءً لهم » لكنْ إذا كان الله سبحانه « يريد » والرسول « يدعو » - ودعاؤه مستجاب قطعاً - كان « أهل البيت » متّصفين بالفعل بما دلّت عليه الآية والحديث.

* فقال: « والصدّيق قد أخبر الله عنه ».

وحاصله: إنّ غاية ما كان في حقّ « أهل البيت » هو « الدعاء » وليس في الآية ولا الحديث إشارة إلى « استجابة » هذا الدعاء فقد يكون وقد لا يكون، وأمّا ما كان في حقّ « أبي بكر » فهو « الإخبار » فهو كائن، فهو أفضل من « أهل البيت »!!

١٠٣

وفيه:

أوّلاً: في « أهل البيت » في الآية شخص النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا ريب في أفضليّته المطلقة.

وثانياً: في « أهل البيت » في الآية فاطمة الزهراء، وقد اعترف غير واحدٍ من أعلام القوم بأفضليّتها من أبي بكر:

فقد ذكر العلّامة المناوي بشرح الحديث المتّفق عليه بين المسلمين:

« فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني »: « استدلّ به السهيلي(١) على أنّ من سبّها كفر، لأنّه يغضبه، وأنّها أفضل من الشيخين ».

وقال: « قال الشريف السمهودي: ومعلوم أنّ أولادها بضعة منها، فيكونون بواسطتها بضعة منه، ومن ثَمَّ لمـّا رأت أُمّ الفضل في النوم أنّ بضعةً منه وضعت في حجرها، أوّلَها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأنْ تلد فاطمة غلاماً فيوضع في حجرها، فولدت الحسن فوضع في حجرها. فكلّ من يشاهَد الآن من ذرّيّتها بضعة من تلك البضعة وإنْ تعدّدت الوسائط، ومن تأمّل ذلك انبعث من قلبه داعي الإجلال لهم وتجنّب بغضهم على أيّ حالٍ كانوا عليه.

قال ابن حجر: وفيه تحريم أذى من يتأذّى المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتأذّيه، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به فالنبيّ صلى عليه وآله وسلّم يتأذّى، بشهادة هذا الخبر، ولا شئ أعظم من إدخال الأذى عليها من قِبل وُلْدها، ولهذا عرف بالإستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة

____________________

(١). عبدالرحمن بن عبدالله، العلّامة الأندلسي، الحافظ العلم، صاحب التصانيف، برع في العربية واللغات والأخبار والأثر، وتصدّر للإفادة، من أشهر مؤلّفاته: الروض الأنف - شرح « السيرة النبوية » لابن هشام - توفي سنة ٥٨١، له ترجمة في: مرآة الجنان ٣ / ٤٢٢، النجوم الزاهرة ٦ / ١٠١، العبر ٣ / ٨٢، الكامل في التاريخ ٩ / ١٧٢.

١٠٤

في الدنيا( وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ ) (١) »(٢) .

وثالثاً: في « أهل البيت » في الآية: الحسن والحسين، وإنّ نفس الدليل الذي أقامه الحافظ السهيلي وغيره على تفضيل الزهراء دليلٌ على أفضليّة الحسنين، بالإضافة إلى الأدلّة الأُخرى، ومنها « آية التطهير » و « حديث الثقلين » الدالَّين على « العصمة »، ولا ريب في أفضليّة المعصوم من غيره.

ورابعاً: في « أهل البيت » في الآية: أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهي - مع أدلةٍ غيرها لا تحصى - تدلّ على أفضليّته على جميع الخلائق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وخامساً: كون المراد من الآية:( الْأَتْقَى ) « أبو بكر » هو قول انفرد القوم به، فلا يجوز أن يعارض به القول المتّفق عليه.

وسادساً: كون المراد بها « أبو بكر » أوّل الكلام، وإنْ شئت فراجع تفاسيرهم، كالدر المنثور وغيره.

* قال: « وأيضاً: فإنّ السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار فما دعا به النبيّ ».

وحاصله: أفضليّة « السابقين الأوّلين » من « أهل البيت » المذكورين.

ويرد عليه: ما ورد على كلامه السابق، فإنّ هذا فرع أن يكون الواقع من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو صِرف « الدعاء » وقد عرفتَ أنّ الآية تدلّ على أنّ الإرادة الإلهيّة تعلّقت بإذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم تطهيراً، فهي دالّة على عصمة « أهل البيت » وقد قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأعلن للأُمّة الإسلامية أنّهم: هو وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين.

____________________

(١). سورة طه ٢٠: ١٢٧.

(٢). فيض القدير - شرح الجامع الصغير ٤ / ٤٢١.

١٠٥

ثمّ إنّ الآية:( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) (١) المراد فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ويشهد بذلك تفسير قوله تعالى:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (٢) بعليّعليه‌السلام كما سيأتي بالتفصيل إن شاء الله.

وأمّا أبو بكر فلم يكن من السابقين الأوّلين:

قال أبو جعفر الطبري: « وقال آخرون: أسلم قبل أبي بكر جماعة. ذكر من قال ذلك: حدّثنا ابن حميد، قال: حدّثنا كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طهمان، عن الحجّاج بن الحجّاج، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن محمّد ابن سعد، قال: قلت لأبي:

أكان أبو بكر أوّلكم إسلاماً؟

فقال: لا، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين، ولكنْ كان أفضلنا إسلاماً »(٣) .

تناقض ابن تيميّة

ثمّ إنّ ابن تيميّة تعرض لآية التطهير في موضعٍ آخر، ولكنّه هذه المرّة لم ينصّ على صحّة الحديث! ولم يعترف بمفاده! بل ادّعى كون الأزواج من أهل البيت! وهو القول الثالث الذي نسبه ابن الجوزي إلى الضحّاك بن مزاحم، وهذه عبارته:

« وأمّا آية الطهارة فليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت وذهاب الرجس عنهم، وإنّما فيها الأمر لهم بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم، فإنّ

____________________

(١). سورة التوبة ٩: ١٠٠.

(٢). سورة الواقعة ٥٦: ١٠ و ١١.

(٣). تاريخ الطبري ٢ / ٣١٦ تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم.

١٠٦

قوله:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) وقوله تعالى:( ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) وقوله:( يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ) .

فالإرادة هنا متضمّنة للأمر والمحبّة والرضا، وليست هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد، فإنّه لو كان كذلك لكان قد طهّر كلّ مَن أراد طهارته. وهذا على قول هؤلاء القدرية الشيعة أوجه، فإنّ عندهم أنّ الله يريد ما لا يكون! ويكون ما لا يريد!

فقوله:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) إذا كان هذا بفعل المأمور وترك المحظور كان ذلك متعلّقاً بإرادتهم وأفعالهم، فإنْ فعلوا ما أُمروا به طُهّروا وإلّا فلا.

وهم يقولون: إنّ الله لا يخلق أفعالهم ولا يقدر على تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم، وأمّا المثبتون للقدر فيقولون: إنّ الله قادر على ذلك، فإذا ألهمهم فعل ما أمر وترك ما حظر حصلت الطهارة وذهاب الرجس.

وممّا يُبيّن أنّ هذا ممّا أُمروا به لا ممّا أخبروا بوقوعه: ما ثبت في الصحيح أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أدار الكساء على عليّ وفاطمة وحسن وحسين ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه عن عائشة، ورواه أهل السنن عن أُمّ سلمة.

١٠٧

وهو يدلّ على ضدّ قول الرافضة من وجهين:

أحدهما: أنّه دعا لهم بذلك. هذا دليل على أنّ الآية لم تخبر بوقوع ذلك، فإنّه لو كان قد وقع لكان يثني على الله بوقوعه ويشكره على ذلك، ولا يقتصر على مجرّد الدعاء به.

الثاني: إنّ هذا يدلّ على أنّ الله قادر على إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم، وذلك يدلّ على أنّه خالق أفعال العباد.

وممّا يُبيّن أنّ الآية متضمّنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام:( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) .

وهذا السياق يدلّ على أنّ ذلك أمر ونهي.

ويدلّ على أنّ أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أهل بيته، فإن السّياق إنّما هو في مخاطبتهنّ.

ويدلّ على أنّ قوله( لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) عمّ غير أزواجه، كعليّ وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم، لأنّه ذكره بصيغة التذكير لمـّا اجتمع المذكَّر والمؤنّث، وهؤلاء خُصّوا بكونهم من أهل البيت من أزواجه، فلهذا خصّهم بالدعاء لمـّا أدخلهم في الكساء، كما أنّ مسجد قباء أُسّس على التقوى، ومسجده صلّى الله عليه وسلّم أيضاً أُسّس على التقوى وهو أكمل في ذلك. فلمـّا نزل قوله تعالى:( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ) (١) بسبب مسجد قباء تناول اللفظ لمسجد قباء ولمسجده بطريق الأولى.

وقد تنازع العلماء: هل أزواجه من آله؟ على قولين، هما روايتان عن

____________________

(١). سورة التوبة ٩: ١٠٨.

١٠٨

أحمد، أصحّهما أنّهنّ من آله وأهل بيته، كما دلّ على ذلك ما في الصحيحين من قوله: اللّهمّ صلّي على محمّد وعلى أزواجه وذرّيّته. وهذا مبسوط في موضع آخر »(٢) .

أقول:

لقد حاول ابن تيميّة التهرّب من الإلتزام بمفاد الآية المباركة والسنّة النبويّة الثابتة الصحيحة الواردة بشأنها - كما اعترف هو أيضاً - بشبهات واهيةٍ وكلماتٍ متهافتة، ومن راجع كتب الأصحاب في بيان الإستدلال بالآية المباركة - على ضوء السنّة المتّفق عليها - عرف موارد النظر ومواضع التعصّب في كلامه

وقد ذكرنا نحن أيضاً طائفةً من الأحاديث، المشتملة على وقوع إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم عنه من الله سبحانه، بإرادته التكوينيّة غير المنافية لمذهب أهل البيت في مسألة الجبر والإختيار.

فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عيّن المراد من « أهل البيت »عليهم‌السلام في الآية المباركة بعد نزولها، ودعا لهم أيضاً، ولا ريب في أنّ دعاءه مستجاب.

كما علمنا من الخصوصيات الموجودة في نفس الآية، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في معناها، أنّ الآية خاصة بأهل البيت - وهذا ما اعترف به جماعة من أئمّة الحديث كالطحاوي وابن حبّان تبعاً لأزواج النبيّ وأعلام الصحابة - وأنّها نازلة في قضيةٍ خاصة، غير أنّها وُضعت ضمن آيات نساء النبيّ، وكم له من نظير، حيث وُضعت الآية المكيّة ضمن آياتٍ مدنيّةٍ أو المدنية

____________________

(١). منهاج السنّة ٤ / ٢١ - ٢٤.

١٠٩

ضمن آيات مكّيّة.

وقد دلّت الآية المباركة والأحاديث المذكورة وغيرها على أنّ عنوان « أهل البيت » - أي: أهل بيت النبيّ - لا يعمّ أزواجه، بل لا يعمّ أحداً من عشيرته وأُسرته إلّا بقرينةٍ.

هذا، وفي صحيح مسلم في ذيل حديث الثقلين عن زيد بن أرقم، أنّه سئل: هل نساؤه من أهل بيته؟ قال: « لا وأيم الله، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها ».

وهذا هو الذي دلّت عليه الأحاديث.

وأمّا ما رووه عنه من أنّ: « أهل بيته من حرم الصدقة من بعده » فيردّ تطبيقه على ما نحن فيه الأحاديث المتواترة المذكور بعضها، ومن الواضح عدم جواز رفع اليد عن مفادها بقول زيد هذا.

كلام الدهلوي صاحب التحفة

هذا، وما ذكرناه في إبطال القولين الآخرين، وردّ افتراءات ابن تيميّة، يكفينا عن النظر في كلام عبدالعزيز الدهلوي حول هذه الآية، والتعرّض لنقده بالتفصيل، إذ ليس عنده شئ زائد على ما تقدّم، فإنّه قد ذكر أوّلاً قول عكرمة وأيّده بالسياق، ثمّ قال: « ولكن ذهب محققوا أهل السنة إلى أنّ هذه الآية وإن كانت واقعة في حق الأزواج المطهرات، فإنّه بحكم أن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب، داخل في بشارتها هذه جميع أهل البيت، وإنما يدل التخصيص بالكساء على كون هؤلاء المذكورين مخصّصين إذا لم يكن لهذا التخصيص فائدة اخرى ظاهرة، وهي ههنا دفع مظنة عدم كون هؤلاء الأشخاص في أهل البيت، نظراً إلى أن المخاطبات فيها هن الأزواج فقط».

ثمّ ناقش في دلالة الآية على العصمة، حاملاً « الإرادة » على التشريعيّة

١١٠

قال: « لأن وقوع مراد الله غير لازم لإرادته عند الشيعة » ومن هنا نقض بأنّه « لو كانت هذه الكلمة مفيدة للعصمة فينبغي أن يكون الصحابة لا سيّما الحاضرين في غزوة بدرٍ قاطبةً معصومين، لأنّ الله تعالى قال في حقّهم في مواضع من التنزيل( وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) وقال:( لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْس الشَّيْطانِ ) وظاهر أن إتمام النعمة في الصحابة كرامة زائدة بالنسبة إلى ذينك اللفظين ووقوع هذا الإتمام أدل على عصمتهم ».

ثمّ قال: « سلّمنا، ولكن ثبت من هذا الدليل صحّة إمامة الأمير، أما كونه إماماً بلا فصل فمن أين؟ »(١) .

أقول:

كانت هذه خلاصة المهم من كلامه، فهو يعتمد أولاً على كلام عكرمة، ثمّ يتنازل فيجعل الآية عامة لأهل البيت وللأزواج وهو القول الآخر، وقد عرفت بطلان كلا القولين.

وقد عرفت أن « الإرادة » في الآية تكوينية وليست بتشريعيّة.

ونقضه بعصمة أهل بدر، مردود بأن « الإرادة » في الآيتين المذكورتين تشريعيّة، فالقياس مع الفارق، على أنّ أحداً لا يقول بعصمة أحدٍ من أهل بدرٍ ولا غيرهم من الصحابة، فقوله هذا خرق للإجماع القطعي، بخلاف « أهل البيت » ففيهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو معصوم بالإجماع، وسائر أهل البيت معصومون بالآية وبحديث الثقلين وغيرهما من الأدلّة.

وما ذكره أخيراً من حمل الآية على إمامة الإمام بعد عثمان، فباطل من وجوه، منها أن هذا الحمل موقوف على صحة إمامة الثلاثة، وهو أوّل الكلام.

هذا تمام الكلام على آية التطهير، والحمد لله ربّ العالمين.

____________________

(١). التحفة الاثني عشرية: ٢٠٢ وانظر مختصر التحفة الاثني عشرية: ١٦٧ - ١٧٢.

١١١
١١٢

آية المودّة

١١٣
١١٤

قوله تعالى

( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )

وهذه آية المودّة.

استدلّ بها أصحابنا على إمامة أمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا فصل.

وبيان ذلك في فصول:

١١٥

الفصل الأول

في تعيين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

المراد من « القربى »

إنّه إذا كنّا تبعاً للكتاب والسنّة، ونريد - حقّاً - الأخذ - اعتقاداً وعملاً - بما جاء في كلام الله العزيز وما أتى به الرسول الكريم صلى عليه وآله وسلّم

كان الواجب علينا الرجوع إلى النبيّ نفسه وتحكيمه في كل ما شجر بيننا واختلفنا فيه، كما أمر سبحانه وتعالى بذلك حيث قال:( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (١) .

لقد وقع الإختلاف في معنى قوله تعالى:( ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢) لكنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبق وأنْ بيّن المعنى وأوضح المراد من « القربى » في الأخبار المرويّة في كتب طرفَي الخلاف كليهما، فلماذا لا يُقبل قوله ويبقى الخلاف على حاله؟!

لقد عيّن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المراد من « القربى » في الآية، فالمراد أقرباؤه، وهم عليٌّ والزهراء وولداهما فهؤلاء هم المراد من « القربى » هنا، كما كانوا المراد من « أهل البيت » في آية التطهير بتعيينٍ منه كذلك.

____________________

(١). سورة النساء ٤: ٦٥.

(٢). سورة الشورى ٤٢: ٢٣.

١١٦

ذكر من رواه من الصحابة والتابعين

وقد روي ذلك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدّة كبيرة من الصحابة وأعلام التابعين، المرجوع إليهم في تفسير آيات الكتاب المبين، ومنهم:

١ - أمير المؤمنين عليعليه‌السلام .

٢ - الإمام السبط الأكبر الحسن بن عليّعليه‌السلام .

٣ - الإمام السبط الشهيد الحسين بن عليّعليه‌السلام .

٤ - الإمام السجّاد علي بن الحسينعليه‌السلام .

٥ - الإمام الباقر محمّد بن علي بن الحسينعليه‌السلام .

٦ - الإمام الصادق جعفر بن محمّد بن علي بن الحسينعليه‌السلام .

٧ - عبدالله بن العبّاس.

٨ - عبدالله بن مسعود.

٩ - جابر بن عبدالله الأنصاري.

١٠ - أبو أُمامة الباهلي.

١١ - أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي.

١٢ - سعيد بن جبير.

١٣ - مجاهد بن جبر.

١٤ - مقسم بن بجرة.

١٥ - زاذان الكندي.

١٦ - السدّي.

١٧ - فضّال بن جبير.

١١٧

١٨ - عمرو بن شعيب.

١٩ - ابن المبارك.

٢٠ - زرّ بن حبيش.

٢١ - أبو إسحاق السبيعي.

٢٢ - زيد بن وهب.

٢٣ - عبدالله بن نجّي.

٢٤ - عاصم بن ضمرة.

ومن رواته من أئمّة الحديث والتفسير

وقد روى نزول الآية المباركة في أهل البيتعليهم‌السلام - هذا الذي أرسله إرسال المسلَّم إمام الشافعية في شعره المعروف المشهور، المذكور في الكتب المعتمدة، كالصواعق المحرقة - مشاهير الأئمّة في التفسير والحديث وغيرهما في مختلف القرون، ونحن نذكر أسماء عدّةٍ منهم:

١ - سعيد بن منصور، المتوفّى سنة ٢٢٧.

٢ - أحمد بن حنبل، المتوفّى سنة ٢٤١.

٣ - عبد بن حميد، المتوفّى سنة ٢٤٩.

٤ - محمّد بن إسماعيل البخاري، المتوفّى سنة ٢٥٦.

٥ - مسلم بن الحجّاج النيسابوري، المتوفّى سنة ٢٦١.

٦ - أحمد بن يحيى البلاذري، المتوفّى سنة ٢٧٦.

٧ - محمّد بن عيسى الترمذي، المتوفّى سنة ٢٧٩.

٨ - أبوبكر البزّار، المتوفّى سنة ٢٩٢.

٩ - محمّد بن سليمان الحضرمي، المتوفّى سنة ٢٩٧.

١١٨

١٠ - محمّد بن جرير الطبري، المتوفّى سنة ٣١٠.

١١ - أبو بشر الدولابي، المتوفّى سنة ٣١٠.

١٢ - أبو بكر ابن المنذر النيسابوري، المتوفّى سنة ٣١٨.

١٣ - عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي، المتوفّى سنة ٣٢٧.

١٤ - الهيثم بن كليب الشاشي، المتوفّى سنة ٣٣٥.

١٥ - أبو القاسم الطبراني، المتوفّى سنة ٣٦٠.

١٦ - أبو الشيخ ابن حبّان، المتوفّى سنة ٣٦٩.

١٧ - محمّد بن إسحاق ابن مندة، المتوفّى سنة ٣٩٥.

١٨ - أبو عبدالله الحاكم النيسابوري، المتوفّى سنة ٤٠٥.

١٩ - أبو بكر ابن مردويه الأصفهاني، المتوفّى سنة ٤١٠.

٢٠ - أبو إسحاق الثعلبي، المتوفّى سنة ٤٢٧.

٢١ - أبو نعيم الأصفهاني، المتوفّى سنة ٤٣٠.

٢٢ - علي بن أحمد الواحدي، المتوفّى سنة ٤٦٨.

٢٣ - محيي السنّة البغوي، المتوفّى سنة ٥١٦.

٢٤ - جار الله الزمخشري، المتوفّى سنة ٥٣٨.

٢٥ - الملّا عمر بن محمّد بن خضر، المتوفّى سنة ٥٧٠.

٢٦ - أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي، المتوفّى سنة ٥٧١.

٢٧ - أبو السعادات ابن الأثير الجزري، المتوفّى سنة ٦٠٦.

٢٨ - الفخر الرازي، المتوفّى سنة ٦٠٦.

٢٩ - عزّ الدين ابن الأثير، المتوفّى سنة ٦٣٠.

٣٠ - محمّد بن طلحة الشافعي، المتوفّى سنة ٦٥٢.

٣١ - أبو عبدالله الأنصاري القرطبي، المتوفّى سنة ٦٥٦.

١١٩

٣٢ - أبو عبدالله الكنجي الشافعي، المتوفّى سنة ٦٥٨.

٣٣ - القاضي البيضاوي، المتوفّى سنة ٦٨٥.

٣٤ - محبّ الدين الطبري الشافعي، المتوفّى سنة ٦٩٤.

٣٥ - الخطيب الشربيني، المتوفّى سنة ٦٩٨.

٣٦ - أبو البركات النسفي، المتوفّى سنة ٧١٠.

٣٧ - أبو القاسم الجزّي، المتوفّى سنة ٧٤١.

٣٨ - علاء الدين الخازن، المتوفّى سنة ٧٤١.

٣٩ - أبو حيّان الأندلسي، المتوفّى سنة ٧٤٥.

٤٠ - ابن كثير الدمشقي، المتوفّى سنة ٧٧٤.

٤١ - أبو بكر نور الدين الهيثمي، المتوفّى سنة ٨٠٧.

٤٢ - إبن حجر العسقلاني، المتوفّى سنة ٨٥٢.

٤٣ - نور الدين ابن الصبّاغ المالكي، المتوفّى سنة ٨٥٥.

٤٤ - شمس الدين السخاوي، المتوفّى سنة ٩٠٢.

٤٥ - نور الدين السمهودي، المتوفّى سنة ٩١١.

٤٦ - جلال الدين السيوطي، المتوفّى سنة ٩١١.

٤٧ - شهاب الدين القسطلاني، المتوفّى سنة ٩٢٣.

٤٨ - أبو السعود العمادي، المتوفّى سنة ٩٥١.

٤٩ - إبن حجر الهيتمي المكّي، المتوفّى سنة ٩٧٣.

٥٠ - الزرقاني المالكي، المتوفّى سنة ١١٢٢.

٥١ - عبدالله الشبراوي، المتوفّى سنة ١١٦٢.

٥٢ - محمّد الصبّان المصري، المتوفّى سنة ١٢٠٦.

٥٣ - قاضي القضاة الشوكاني، المتوفّى سنة ١٢٥٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430