تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-437-x
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 118719 / تحميل: 5574
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٧-x
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

إذا كان بعوضٍ سُمّي بيعاً ، وإن خلا عن العوض سُمّي هبةً.

ولو ادّعى على رجلٍ بيتاً ، فصالحه على بعضه أو على بناء غرفةٍ فوقَه أو على أن يُسكنه سنةً ، صحّ عندنا - خلافاً للحنابلة(١) - للأصل.

احتجّوا بأنّه يصالحه عن ملكه ببعضه أو منفعته(٢) .

ونمنع عدم جوازه.

ولو صالحه بخدمة عبده سنةً ، صحّ عندنا وعندهم(٣) .

فإن باع العبد في السنة ، صحّ البيع ، ويكون للمشتري مسلوبَ المنفعة بقيّة السنة ، وللمُصالح منفعته إلى انقضاء السنة.

ولو لم يعلم المشتري بذلك ، كان له الفسخ ؛ لأنّه عيبٌ.

وإن أعتق العبدَ في أثناء المدّة ، صحّ العتق ؛ لأنّه مملوكه يصحّ بيعه فيصحّ عتقه ، وللمُصالح استيفاء منفعته في المدّة ؛ لأنّه أعتقه بعد أن مَلَك منفعته ، فأشبه ما لو أعتق الأمة المزوّجة بحُرٍّ.

ولا يرجع العبد على سيّده بشي‌ءٍ ؛ لأنّه ما زال ملكه بالعتق إلّا عن الرقبة ، فالمنافع حينئذٍ مملوكة لغيره فلم تتلف منافعه بالعتق فلا يرجع بشي‌ءٍ.

ولو أعتق مسلوبَ المنفعة - كمقطوع اليدين ، أو الأمة المزوّجة - لم يرجع عليه بشي‌ءٍ.

وقال الشافعي : يرجع على سيّده بأُجرة مثله ؛ لأنّ العتق اقتضى إزالة ملكه عن الرقبة والمنفعة جميعاً ، فلـمّا لم تحصل المنفعة للعبد هنا فكأنّه حالَ بينه وبين منفعته(٤) .

ونمنع اقتضاء العتق زوالَ الملك عن المنفعة ؛ لأنّ اقتضاءه إنّما يكون‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١٩ - ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦.

(٢) المغني ٥ : ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦.

(٣ و ٤) المغني ٥ : ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٨.

١٢١

لو كانت المنفعة مملوكةً له ، أمّا إذا كانت مملوكةً لغيره فلا يقتضي إعتاقه إزالة ما ليس بموجودٍ.

ولو ظهر أنّ العبد مستحَقٌّ ، تبيّن بطلان الصلح ؛ لفساد العوض ، ويرجع المدّعي فيما أقرّ له به.

ولو ظهر عيب في العبد تنقص به المنفعة ، فله ردّه وفسخ الصلح.

مسألة ١١٠٩ : إذا ادّعى زرعاً في يد رجلٍ ، فأقرّ له به ، ثمّ صالحه منه‌ على الوجه الذي يجوز بيع الزرع فيه ، صحّ ، وكذا لو صالحه على غير الوجه الذي يصحّ بيعه ؛ لأنّ الصلح عقدٌ مستقلّ بنفسه غير فرعٍ على البيع.

ولو كان الزرع في يد رجلين فأقرّ له أحدهما ثمّ صالحه عليه قبل اشتداد الحَبّ ، صحّ عندنا.

خلافاً للشافعي ؛ لأنّه إن صالحه عليه بشرط التبقية أو من غير شرط القطع لم يجز ، لأنّه لا يجوز بيعه كذلك - وقد قلنا : إنّ الصلح عقد قائم برأسه ، فلا يشترط فيه ما يشترط في البيع وغيره - ولو شرط القطع لم يجز ؛ لأنّه لا يمكنه قطع زرع الآخَر ، وقسمته لا تصحّ(١) .

ولو كان الزرع لواحدٍ فأقرّ به للمدّعي وصالحه عليه ، فإن شرط القطع صحّ الصلح عندنا وعند الشافعي(٢) .

وإن شرط التبقية ، صحّ الصلح عندنا ، خلافاً له(٣) .

ولو كانت الأرض للمُصالح ، كان له تبقية الزرع في أرضه.

ولو أطلق صحّ عندنا.

وقال الشافعي : إن كان المشتري(٤) لا يملك الأرض لم يصح ، وإن‌

____________________

(١) الأُم ٣ : ٢٢٧ ، مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤١٦.

(٢ و ٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٥ - ٤١٦ ، البيان ٦ : ٢٥١.

(٤) كذا قوله : « المشتري ». والظاهر : « المُصالح ».

١٢٢

كان يملك الأرض فوجهان ، كما إذا باع الثمرة من صاحب النخل بغير شرط القطع(١) .

مسألة ١١١٠ : لو ادّعى رجل على غيره زرعاً في أرضه فأقرّ له بنصفه أو أنكر‌ - عندنا - ثمّ صالحه عن نصفه على نصف الأرض ، جاز عندنا ؛ عملاً بالأصل.

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّ من شرط بيع الزرع قطعه ، ولا يمكن ذلك في المشاع(٢) .

ونحن نمنع من الاشتراط الذي ذكره ، وقد سبق(٣) .

ولو صالحه منه على جميع الأرض بشرط القطع على أن يسلّم إليه الأرض فارغةً ، صحّ ؛ لأنّ قطع جميع الزرع ثابت نصفه بحكم الصلح والباقي لتفريغ الأرض ، فأمكن القطع ، وأشبه مَن اشترى أرضاً وفيها زرع وشَرَط تفريغَ الأرض فإنّه يجوز ، كذا هنا.

وإن كان أقرّ له بجميع الزرع وصالحه من نصفه على نصف الأرض ليكون الأرض والزرع بينهما نصفين ، وشَرَط القطع ، فإن كان الزرع في الأرض بغير حقٍّ جاز الشرط ؛ لأنّ الزرع يجب قطعه بأجمعه ، وإن كان في الأرض بحقٍّ جاز أيضاً ؛ عملاً بالشرط ، وقد قالعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٤) ولأنّهما قد شرطا قطع كلّ الزرع وتسليم الأرض فارغةً ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : لا يجوز الشرط ؛ لأنّه لا يمكن قطع الجميع ، بخلاف ما إذا‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٦ ، البيان ٦ : ٢٥١ - ٢٥٢ ، و ٥ : ٢٣٧.

(٢) بحر المذهب ٨ : ٤٨ ، البيان ٦ : ٢٥٢.

(٣) في ص ٣٦ ، ضمن المسألة ١٠٤٤.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٧٦ ، الهامش (٣)

١٢٣

شرط على بائع الزرع قطع الباقي ؛ لأنّ باقي الزرع ليس بمبيعٍ ، فلا يصحّ شرط قطعه في العقد ، ويخالف ما إذا أقرّ بنصف الزرع وصالحه على جميع الأرض ؛ لأنّه شرط تفريغ المبيع(١) .

والحقّ : الجواز ؛ لما تقدّم ، ولا يختصّ شرط القطع بالبيع.

مسألة ١١١١ : قد بيّنّا أنّه إذا خرجت أغصان الشجرة إلى ملك الجار ، كان للجار عطفها وإزالتها عن ملكه.

فإن أمكن ذلك بغير إتلافٍ ولا قطعٍ من غير مشقّةٍ تلزمه ولا غرامة ، لم يجز إتلافها ، كما إذا أمكنه إخراج دابّة الغير من ملكه بغير إتلافٍ ، فإن أتلفها والحال هذه ضمنها.

وإن لم يمكن إزالتها إلّا بالإتلاف ، كان له ذلك ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه لا يلزمه إقرار مال غيره في ملكه.

فإن صالحه على إقرارها بعوضٍ معلوم ، صحّ.

وللشافعيّة والحنابلة قولان(٢) .

ولا فرق بين أن يكون الغصن رطباً أو يابساً ؛ لأنّ الجهالة في المصالَح عنه لا تمنع الصحّة ؛ لكونها لا تمنع التسليم ، بخلاف العوض ، فإنّه يفتقر إلى العلم لوجوب تسليمه ، ولأنّ الحاجة تدعو إلى الصلح عنه لكون ذلك [ يكثر ](٣) في الأملاك المتجاورة ، وفي القطع إتلاف وضرر ، والزيادة المتجدّدة يعفى عنها ، كالسمن الحادث في المستأجر للركوب ، والمستأجر للغرفة يتجدّد له الأولاد.

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٤٨ ، البيان ٦ : ٢٥٢ - ٢٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٠٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٦ ، المغني ٥ : ٢٢ - ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤ - ٢٥.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المغني ٥ : ٢٢ ، والشرح الكبير ٥ : ٢٥.

١٢٤

وعند أحمد يصحّ الصلح في الرطب وإن زاد أو نقص ؛ لأنّ الجهالة في الـمُصالَح عنه لا تمنع الصحّة إذا لم يكن إلى العلم به سبيل ؛ لدعاء الحاجة إليه ، وكونه لا يحتاج إلى تسليمه(١) .

ولو صالحه على إقرارها بجزءٍ معلوم من ثمرها أو كلّه ، لم يجز ، وبه قال الشافعي وأكثر العامّة(٢) - وعن أحمد روايتان(٣) - لأنّ العوض مجهول ، والثمرة مجهولة ، وجزؤها مجهول ، ومن شرط الصلح العلمُ بالعوض ، والمصالَح عليه أيضاً مجهول ؛ لتغيّره بالزيادة والنقصان ، كما تقدّم.

واحتجّ أحمد : بأنّه قد تدعو الحاجة إليه(٤) .

وقد عرفت بطلان التعليل بالحاجة.

نعم ، لو أباح كلٌّ منهما لصاحبه حقَّه ، جاز من غير لزومٍ ، بل لكلٍّ منهما الرجوعُ ، فيستبيح صاحب الشجرة إباحة الوضع على الجدار أو الهواء ، ويستبيح صاحب الدار ثمرة الشجرة ، كما لو قال كلٌّ منهما لصاحبه : أُسكن داري وأسكن دارك ، من غير تقدير مدّةٍ ولا ذكر شروط الإجارة.

وكذا حكم العروق إذا سرت إلى أرض الجار ، سواء أثّرت ضرراً ، كما في المصانع وطيّ الآبار وأساسات الحيطان ، أو [ منعت ](٥) من نبات شجرٍ لصاحب الأرض أو الزرع ، أو لم تؤثّر ضرراً ، فإنّ الحكم في قطعه والصلح عليه كالحكم في الزرع ، إلّا أنّ العروق لا ثمر لها.

وكذا لو زلق من أخشابه إلى ملك غيره ، فالحكم كما سبق.

مسألة ١١١٢ : قد بيّنّا أنّه يصحّ أن يصالحه عن المؤجَّل ببعضه حالّاً‌

____________________

(١ و ٣) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥.

(٢) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥ - ٢٦.

(٤) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « منع ». والظاهر ما أثبتناه.

١٢٥

- وبه قال ابن عباس والنخعي وابن سيرين والحسن البصري(١) - لأنّ التعجيل جائز ، والإسقاط وحده جائز ، فجاز الجمع بينهما ، كما لو فعل ذلك من غير مواطأة عليه.

وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر وسعيد بن المسيّب والقاسم وسالم والشعبي ، ومَنَعه أيضاً مالك وأحمد والشافعي والثوري وابن عيينة وهيثم وأبو حنيفة وإسحاق(٢) ، وقد تقدّم(٣) .

مسألة ١١١٣ : قد بيّنّا أنّه يصحّ الصلح عن المجهول دَيْناً كان أو عيناً.

خلافاً للشافعي ؛ حيث قال : لا يصحّ ؛ لأنّه بيع ، فلا يصحّ على المجهول(٤) .

ونمنع كونه بيعاً وكونه فرعَ بيعٍ ، وإنّما هو إبراء.

ولو سلّمنا كونه بيعاً ، فإنّه يصحّ في المجهول عند الحاجة ، كأساسات الحيطان وطيّ الآبار.

ولو أتلف رجل صبرةَ طعامٍ لا يعلم قدرها ، فقال صاحب الطعام لـمُتلفها : بعتك الطعام الذي في ذمّتك بهذا الدرهم أو بهذا الثوب ، لم يصح‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٤ - ٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٥.

(٢) المغني ٥ : ٢٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥ ، المعونة ٢ : ١١٩٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٥٢ ، الوجيز ١ : ١٧٨ ، الوسيط ٤ : ٥١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٤٤ ، البيان ٦ : ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣١ ، منهاج الطالبين : ١٢٥ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٥٢ ، بدائع الصنائع ٦ : ٤٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٢١ : ٣١ ، الفقه النافع ٣ : ١٢٦٨ / ١٠١٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ١٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٩٧.

(٣) في ص ١٥ - ١٦ ، ذيل المسألة ١٠٢٧.

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٣٦٨ - ٣٦٩ ، التنبيه : ١٠٣ - ١٠٤ ، البيان ٦ : ٢٢٥ ، المغني ٥ : ٢٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٩ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٧ ، وقد تقدّم في ص ١٩ ، ذيل المسألة ١٠٢٩.

١٢٦

عندنا ؛ لأنّ شرط البيع معلوميّة العوضين.

وقال أحمد : يصحّ(١) .

وعلى قولنا وقوله لو صالحه به عليه صحّ ؛ لأنّ الجهل لا ينافي الصلح.

وإذا كان العوض في الصلح ممّا لا يحتاج إلى تسليمه ولا سبيل إلى معرفته ، كالمواريث الدارسة ، والحقوق التالفة ، والأراضي والأموال التي لا يعلمها أحد من المتخاصمين ولا يعرف قدر حقّه منها ، فإنّ الصلح فيها جائز عندنا وعند أحمد(٢) مع الجهالة من الجانبين ، وقد سبق(٣) .

وأمّا ما يمكنه معرفته - كتركةٍ موجودةٍ يعلمها الذي هي في يده ويجهلها الآخَر - فإنّه لا يصحّ الصلح عليه مع الجهل.

وكذا كلّ مَنْ له نصيب في ميراثٍ أو غيره يظنّ قلّته إذا صُولح عليه ، لا يصحّ مع علم الخصم الآخَر ؛ لأنّ الصلح إنّما جاز مع جهالتهما ؛ للحاجة إليه ، فإنّ إبراء الذمّة أمر مطلوب ، ولا طريق إليه إلّا الصلح.

مسألة ١١١٤ : يجوز الصلح عن كلّ ما يجوز أخذ العوض عنه‌ ، سواء كان ممّا يجوز بيعه أو لا يجوز ، فيصحّ عن دم العمد وسكنى الدار وعيب المبيع.

ومَنْ صالَح عمّا يوجب القصاص بأكثر من ديته أو أقلّ ، جاز ؛ لأنّ الحسن والحسينعليهما‌السلام وسعيد بن العاص بذلوا للّذي وجب له القصاص على هدبة بن خشرم سبع ديات فأبى أن يقبلها(٤) .

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٦ - ٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩.

(٢) المغني ٥ : ٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩.

(٣) في ص ١٧ ، المسألة ١٠٢٩.

(٤) المغني ٥ : ٢٧ ، و ٩ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧.

١٢٧

وإن صالح عن قتل الخطأ بأكثر من ديته من جنسها ، جاز عندنا ، خلافاً لأحمد(١) .

وكذا لو أتلف عبداً أو غيره فصالَح على أكثر من قيمته أو أقلّ ، سواء كان من جنس القيمة أو من غير جنسها ، جاز عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(٢) ، خلافاً للشافعي وأحمد(٣) .

مسألة ١١١٥ : قد بيّنّا أنّه إذا ظهر استحقاق أحد العوضين ، بطل الصلح‌ ، فلو صالحه على دارٍ أو عبدٍ بعوضٍ فوجد العوض مستحقّاً أو كان العبد حُرّاً ، فإنّه يرجع في الدار وما صالَح عن العبد إن كان موجوداً ، وإن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثليّاً ، وإلّا رجع بالقيمة.

ولو اشترى شيئاً فوجده معيباً فصالحه عن عيبه بعبدٍ فبانَ مستحقّاً أو حُرّاً ، رجع بأرش العيب.

ولو ظهر استحقاق المعيب ، رجع بالثمن والعبد معاً.

ولو كان البائع امرأةً فزوّجتْه نفسَها عوضاً عن أرش العيب فزال العيب ، لم يصحّ الصلح عندنا.

ويجوز عند أحمد ، فيرجع بأرشه ، لا بمهر المثل ؛ لأنّها رضيت بذلك مهراً لها(٤) .

ولو صالحه عن القصاص بحُرٍّ يعلمان حُرّيّته أو عبدٍ يعلمان أنّه مستحقّ ، أو تصالحا بذلك عن [ غير ](٥) القصاص ، رجع بالدية والأقربِ بالقصاص أو بما تصالح عنه ؛ لأنّ الصلح هنا باطل يعلمان بطلانه ، فكان‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٥.

(٢) روضة القُضاة ٢ : ٧٧١ / ٥١٩٥ ، المغني ٥ : ٢٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥.

(٣) المغني ٥ : ٢٧ - ٢٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥ ، روضة القُضاة ٢ : ٧٧١ / ٥١٩٦ و ٥١٩٧.

(٤) المغني ٥ : ٢٩.

(٥) ما بين المعقوفين أضفناه من المغني ٥ : ٢٩.

١٢٨

وجوده كالعدم.

ولو صالَح عن القصاص بعبدٍ فخرج مستحقّاً ، رجع بقيمة العبد ، وكذا إن خرج حُرّاً - ويحتمل قويّاً الرجوع إلى القصاص فيهما - وبه قال الشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمّد(١) .

وقال أبو حنيفة : إن خرج مستحقّاً رجع بقيمته ، وإن خرج حُرّاً رجع بما صالَح عنه ، وهو الدية(٢) .

مسألة ١١١٦ : قد بيّنّا أنّه يجوز أن يصالحه على إجراء ماء المطر على سطحه مع العلم بالمشاهدة للسطح أو بالمساحة‌ ؛ لاختلاف الماء بكبر السطح وصغره.

وهل يفتقر إلى ذكر المدّة؟ مَنَع منه الحنابلة ؛ لأنّ الحاجة تدعو إليه(٣) .

ويجوز العقد على المنفعة في موضع الحاجة من غير تقديرٍ كما في النكاح.

ولا يملك صاحب الماء مجراه ؛ لأنّ هذا لا يستوفى به منافع المجرى دائماً ولا في أكثر المدّة ، بخلاف الساقية. وفيه نظر.

ولا يحتاج في إجراء الماء في الساقية إلى ما يُقدّر به ؛ لأنّ تقدير ذلك حصل بتقدير الساقية ، فإنّه لا يملك أن يجري فيها أكثر من مائها ، والماء الذي يجري على السطح يحتاج إلى معرفة مقدار السطح ؛ لأنّه يجري فيه القليل والكثير.

ولو كان السطح الذي يجري عليه الماء مستأجَراً أو عاريةً مع إنسانٍ ، لم يجز له أن يصالح على إجراء الماء عليه ؛ لأنّه يتضرّر بذلك ولم يؤذن له‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ٢٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧.

(٣) المغني ٥ : ٣٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١.

١٢٩

فيه ، فلم يكن له أن يتصرّف(١) فيه.

وأمّا الساقية المحصورة فإن مَنَع المالك أو لم يعلم بالعرف إباحته ، فكذلك ، وإلّا جاز ؛ لأنّ الأرض لا تتضرّر به.

ولو كان ماء السطح يجري على الأرض ، جاز الصلح أيضاً على ذلك ، سواء احتاج إلى حفرٍ أو لا ؛ لأنّه بمنزلة إجراء الماء إلى ساقيةٍ. ويشترط المدّة المعيّنة.

ومَنَع أحمد - في إحدى الروايتين - منه(٢) .

مسألة ١١١٧ : لا يجوز للإنسان أن يجري الماء في أرض غيره‌ ، سواء اضطرّ إلى ذلك أو لا ، إلّا بإذنه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٣) - لأنّه تصرّف في أرض غيره بغير إذنه فلم يجز ، كما لو لم تَدْعُ إليه ضرورة ، ولأنّ مثل هذه الحاجة لا تبيح مال غيره ، كما أنّه لا يباح له الزرع في أرض الغير ولا البناء ولا الانتفاع بسائر وجوه الانتفاعات وإن احتاج إليها.

وفي الرواية الأُخرى عن أحمد : إنّه يجوز له إجراء الماء في أرض الغير عند الحاجة بأن تكون له أرض للزراعة لها ماء لا طريق له إلّا أرض جاره ، فإنّه يجوز له إجراء الماء فيها وإن كره المالك ؛ لما روي أنّ الضحّاك ابن خليفة ساق خليجاً من العريض ، فأراد أن يجريه في أرض محمّد بن مسلمة فأبى ، فقال له الضحّاك : لِمَ تمنعني وهو منفعة لك تشربه أوّلاً وآخراً ولا يضرّك؟ فأبى محمّد ، فكلّم فيه الضحّاك عمر ، فدعا عمر محمّد بن مسلمة فأمره أن يخلّي سبيله ، فقال محمّد : لا والله ، فقال له عمر : لِمَ تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تشربه أوّلاً وآخراً؟ فقال محمّد : لا والله ، فقال‌

____________________

(١) في « ث ، خ ، ر » والطبعة الحجريّة : « له التصرّف » بدل « أن يتصرّف ».

(٢) المغني ٥ : ٣٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢.

(٣) المغني ٥ : ٣٠ - ٣١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢.

١٣٠

عمر : ليمرّن به ولو على بطنك ، فأمره عمر أن يمرّ به ، ففعل. رواه مالك في موطّئه ، وسعيد في سننه(١) .

وهو خطأ ؛ لتطابق العقل والنقل على قبح التصرّف في مال الغير بغير إذنه. وقول عمر وفعله ليس حجّةً فيما لا يخالف العقل والنقل ، فكيف فيما يخالفهما.

مسألة ١١١٨ : يصحّ الصلح عن كلّ ما يجوز أخذ العوض عنه ، عيناً كان كالدار والعبد‌ ، أو دَيْناً ، أو حقّاً كالشفعة والقصاص ، ولا يجوز على ما ليس بمالٍ ممّا لا يصحّ أخذ العوض عنه.

فلو صالحته المرأة على أن تقرّ له بالزوجيّة ، لم يصح ؛ لأنّها لو أرادت بذل نفسها بعوضٍ لم يجز.

ولو دفعت إليه عوضاً عن دعوى الزوجيّة ليكفّ عنها ، فالأقرب : الجواز - وللحنابلة وجهان(٢) - لأنّ المدّعي يأخذ عوضاً عن حقّه من النكاح فجاز ، كعوض الخلع ، والمرأة تبذله لقطع خصومته وإزالة شرّه فجاز.

فإن صالحته ثمّ ثبتت الزوجيّة بإقرارها أو بالبيّنة ، فإن قلنا : الصلح باطل ، فالنكاح باقٍ بحاله ؛ لأنّه لم يوجد من الزوج سبب الفرقة من طلاقٍ ولا خلع.

وإن قلنا : يصحّ الصلح ، فكذلك أيضاً.

وعند الحنابلة أنّها تبين منه بأخذ العوض ؛ لأنّه أخذه عمّا يستحقّه من نكاحها ، فكان خلعاً ، كما لو أقرّت له بالزوجيّة فخالعها(٣) .

وليس بشي‌ءٍ.

____________________

(١) المغني ٥ : ٣١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢ ، وانظر : الموطّأ ٢ : ٧٤٦ / ٣٣.

(٢) المغني ٥ : ٣٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٦ - ٧.

(٣) المغني ٥ : ٣٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٧.

١٣١

ولو ادّعت أنّ زوجها طلّقها ثلاثاً فصالحها على مالٍ لترك دعواها ، لم يجز ؛ لأنّه لا يجوز لها بذل نفسها لمطلّقها بعوضٍ ولا بغيره.

ولو دفعت إليه مالاً ليُقرّ بطلاقها ، لم يجز.

وللحنابلة وجهان ، أحدهما : الجواز ، كما لو بذلت له مالاً ليطلّقها(١) .

مسألة ١١١٩ : لو ادّعى على غيره أنّه عبده فأنكره ، فصالحه على مالٍ ليُقرّ له بالعبوديّة ، لم يجز‌ ؛ لأنّه يحلّ حراماً ، فإنّ إرقاق الحُرّ نفسه لا يحلّ بعوضٍ ولا بغيره.

ولو دفع المدّعى عليه مالاً صلحاً عن دعواه جاز ؛ لأنّه يجوز أن يعتق عبده بمالٍ ، ولأنّه يقصد بالدفع إليه دفع اليمين الواجبة عليه والخصومة المتوجّهة إليه.

ولو ادّعى على غيره ألفاً فأنكره فدفع إليه شيئاً ليُقرّ له بالألف ، لم يصح ، فإن أقرّ لزمه ما أقرّ به ، ويردّ ما أخذه ؛ لأنّا نتبيّن بإقراره كذبه في إنكاره ، وأنّ الألف عليه ، فيلزمه أداؤه بغير عوضٍ ، ولا يحلّ له [ أخذ ] العوض عن أداء الواجب عليه ، فإن دفع إليه المنكر مالاً صلحاً عن دعواه جاز.

مسألة ١١٢٠ : لو صالَح شاهداً على أن لا يشهد عليه ، لم يصح‌ ؛ لأنّ المشهود به إن كان حقّاً لآدميٍّ - كالدَّيْن - أو لله تعالى - كالزكاة - فإن كان الشاهد يعرف ذلك ، لم يجز له أخذ العوض على تركه ، كما لا يجوز له أخذ العوض على ترك الصلاة ، وإن كان كذباً لم يجز له أخذ العوض على تركه ، كما لا يجوز أخذ العوض على ترك شرب الخمر.

وإن صالحه على أن لا يشهد عليه بالزور ، لم يصح ؛ لأنّ ترك ذلك واجب عليه ، ويحرم عليه فعله ، فلا يجوز أخذ العوض عنه ، كما لا يجوز‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٣٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٧.

١٣٢

أن يصالحه على أن لا يقتله ولا يغصب ماله.

وإن صالحه على أن لا يشهد عليه بما يوجب الحدّ كالزنا والسرقة ، لم يجز أخذ العوض عنه ؛ لأنّ ذلك ليس بحقٍّ له ، فلا يجوز له أخذ عوضه ، كسائر ما ليس بحقٍّ له.

ولو صالَح السارق والزاني والشارب بمالٍ على أن لا يرفعه إلى السلطان ، لم يصح كذلك ، ولم يجز له أخذ العوض.

ولو صالحه عن حدّ القذف ، لم يصح ؛ لأنّه إن كان لله تعالى لم يجز(١) له أن يأخذ عوضه ؛ لكونه ليس بحقٍّ له ، فأشبه حدّ الزنا ، وإن كان حقّاً له لم يصحّ الصلح ؛ لأنّه لا يجوز الاعتياض عنه ؛ لأنّه ليس من الحقوق الماليّة ، ولهذا لا يسقط إلى بدلٍ ، بخلاف القصاص ، ولأنّه شُرّع لتنزيه العِرْض ، فلا يجوز أن يعاوض عن عِرْضه بمالٍ.

والأقرب : عدم سقوط الحدّ بالصلح.

وللحنابلة وجهان مبنيّان على كونه حقّاً لله تعالى فلا يصحّ الصلح عنه ، كحدّ الزنا ، وكونه حقّاً للآدميّ فيسقط ، كالقصاص(٢) .

ولو صالَح عن حقّ الشفعة ، جاز عندنا ؛ لأنّه حقٌّ تعلّق بالمال ، فجاز الاعتياض عنه به ، كغيره من الحقوق الماليّة.

ومَنَع منه الحنابلة ؛ لأنّ الشفعة حقٌّ شُرّع على خلاف الأصل لدفع ضرر الشركة ، فإذا رضي بالتزام الضرر سقط الحقّ من غير بدلٍ(٣) .

وهو ممنوع.

مسألة ١١٢١ : لا يجوز أن يحفر في الطرق النافذة بئراً لنفسه‌ ، سواء‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « لم يكن » بدل « لم يجز ».

(٢) المغني ٥ : ٣٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩.

(٣) المغني ٥ : ٣٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩.

١٣٣

جعلها لماء المطر أو يستخرج منها ماء ينتفع به ، ولا غير ذلك.

ولو أراد حفرها للمسلمين ونفعهم أو لينتفع بها الطريق بأن يحفرها ليستقي الناس من مائها ويشرب منه المارّة أو لينزل فيها ماء المطر عن الطريق ، فإن تضرّر بها المسلمون أو كان الدرب ضيّقاً أو يحفرها في ممرّ الناس بحيث يخاف سقوط إنسانٍ فيها أو دابّة أو يضيق عليهم ممرّهم ، لم يجز ذلك ؛ لأنّ ضررها أكثر من نفعها.

وإن حفرها في زاويةٍ من طريقٍ واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها ، فالأقرب : الجواز ؛ لأنّه نفع لا ضرر فيه ، لكن مع الضمان.

وإن كان الدرب غير نافذٍ ، لم يجز شي‌ء من ذلك مطلقاً إلّا بإذن أربابه ؛ لأنّه ملكٌ لقومٍ معيّنين ، فلا يجوز فعله إلّا بإذنهم ، كما لو فعله في بستان غيره.

ولو صالَح أهل الدرب على ذلك جاز ، سواء حفرها لنفسه أو لينزل فيها ماء المطر عن داره أو ليستقي منها ماءً لنفسه ، أو حفرها للسبيل ونفع الطريق.

وكذا إن فَعَل ذلك في ملك إنسانٍ معيّن.

مسألة ١١٢٢ : قد بيّنّا أنّه يجوز إخراج الميازيب في الطرق النافذة إذا لم يمنع منه أحد يتضرّر به - وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي(١) - لأنّ عمر بن الخطّاب اجتاز على دار العبّاس وقد نصب ميزاباً إلى الطريق ، فقلعه ، فقال العبّاس : تقلعه وقد نصبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده(٢) ، وما فَعَله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جاز لغيره فعله ؛ عملاً بالتأسّي ما لم يقم دليل على اختصاصه ، ولأنّ الحاجة تدعو إلى ذلك ، ولا يمكنه ردّ مائه إلى داره.

____________________

(١) المغني ٥ : ٣٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٩.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٤٢ ، الهامش (١)

١٣٤

وقال أحمد : لا يجوز ؛ لأنّه تصرّف في هواءٍ مشتركٍ بينه وبين غيره بغير إذنه فلم يجز ، كغير النافذ(١) .

وعدم الإذن ممنوع بوضع عامّة الناس في الأمصار بأسرها على استمرار الدهور.

مسألة ١١٢٣ : قد بيّنّا أنّه لا يجوز وضع الجذوع على حائط الجار إلّا بإذنه ، وبيّنّا الخلافَ.

وكذا في جدار المسجد.

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : الجواز ؛ لأنّه إذا جاز في ملك الجار مع أنّ [ حقّه ](٢) مبنيّ على الشحّ والتضييق ، ففي حقّ الله تعالى المبنيّ على المسامحة والمساهلة أولى(٣) .

وكلتا المقدّمتين ممنوعة.

فرعٌ : على قول أحمد إذا كان له وضع خشبٍ على جدار غيره ، لم يملك إعارته ولا إجارته‌ ؛ لأنّه إنّما كان له ذلك لحاجته الماسّة إلى وضع خشبه ، ولا حاجة له إلى وضع خشبة غيره ، فلم يملكه.

وكذلك لا يملك بيع حقّه من وضع خشبه ولا المصالحة عنه للمالك ولا لغيره ؛ لأنّه أُبيح له لحاجته إليه ، فلا يجوز [ التخطّي ](٤) كطعام غيره إذا أُبيح له للضرورة لم يملك إباحة غيره(٥) .

ولو تنازعا مسنّاةً بين نهر أحدهما وأرض الآخَر أو بين أرضيهما أو‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٣٦ - ٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٠.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « حائطه ». والمثبت كما في المصدر.

(٣) المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٨.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « التخطئة ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) المغني ٥ : ٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٩ - ٤٠.

١٣٥

نهريهما ، تحالفا ، وكانت بينهما ؛ لأنّها حاجز بين ملكيهما ، كالحائط بين الملكين.

مسألة ١١٢٤ : لو كان السُّفْل لرجلٍ والعلوّ لآخَر ، فانهدم السقف الذي بينهما ، لم يُجبر أحدهما على عمارته لو امتنع‌ - وللشافعي قولان ، وعن أحمد روايتان(١) - للأصل.

ولو انهدمت حيطان السُّفْل وأراد صاحب العلوّ بناءه ، لم يُمنع من ذلك ؛ توصّلاً إلى تحصيل ملكه.

فإن بناه بآلته ، فهو على ما كان.

وإن بناه بآلةٍ من عنده ، لم يكن له منع صاحب السُّفْل من السكنى - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ ملكه لم يخرج عن السُّفْل ، والسكنى إنّما هي إقامته في فناء الحيطان من غير تصرّفٍ فيها ، فأشبه الاستظلال بها من خارجٍ.

ومَنَع أبو حنيفة من السكنى ؛ لأنّ البيت إنّما يُبنى للسكنى فلم يملكه ، كغيره(٣) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ إذ لا يمنع من التصرّف في ملكه المختصّ به.

وعن أحمد روايتان(٤) .

مسألة ١١٢٥ : لو كان الحائط بينهما نصفين فاتّفقا على بنائه أثلاثاً أو بالعكس ، جاز‌ ، كما لو تبرّع أحدهما ببنائه.

ومَنَع الحنابلة من تساويهما في البناء لو اختلفا في الاستحقاق ؛ لأنّه يصالح على بعض ملكه ببعضٍ فلم يصحّ ، كما لو أقرّ له بدارٍ فصالحه على‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٤٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧.

(٢ - ٤) المغني ٥ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧.

١٣٦

سكناها(١) .

والملازمة ممنوعة ، وكذا الحكم في الأصل ممنوع.

ولو اتّفقا على أن يحمله كلّ واحدٍ منهما ما شاء ، لم يجز ؛ لجهالة الحمل ، وإنّه يحمله من الأثقال ما لا طاقة له بحمله.

مسألة ١١٢٦ : لو كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخَر ، لم يُمنع صاحب الأعلى من الصعود على سطحه‌ ، ولا يحلّ له الإشراف على سطح جاره.

وقال أحمد : ليس لصاحب العلوّ الصعودُ على سطحه على وجهٍ يشرف على سطح جاره إلّا أن يبني سترةً تستره(٢) .

ومذهبنا أنّه لا يجب بناء السترة - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه حاجز بين ملكيهما فلا يُجبر عليه ، كالأسفل.

احتجّ أحمد بأنّه يحرم عليه الاطّلاع والإشراف على جاره ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لو أنّ رجلاً اطّلع عليك فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح »(٤) (٥) .

ونحن نقول بموجبه ، فإنّ الاطّلاع حرام عندنا ، أمّا العلوّ بالسطح فلا.

مسألة ١١٢٧ : لو تنازع اثنان جملاً ، فإن كان لأحدهما عليه حمْلٌ كان صاحب الحمل أولى‌ ، وبه قال الشافعي وإن لم يحكم بالجدار لصاحب الجذوع التي عليه ، وفرَّق بأنّ الحائط ينتفع به كلّ واحدٍ منهما وإن كان‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٥٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩.

(٢) بحر المذهب ٨ : ٤١ ، المغني ٥ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢ - ٥٣.

(٣) بحر المذهب ٨ : ٤١ ، المغني ٥ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣.

(٤) صحيح البخاري ٩ : ٨ - ٩ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٩٩ / ٤٤.

(٥) المغني ٥ : ٥٢ - ٥٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣.

١٣٧

صاحب الجذوع أكثر منفعةً ، وأمّا الجمل فالانتفاع لصاحب الحمل ، دون الآخَر(١) .

وهذا الفرق ليس بشي‌ءٍ ، بل انتفاع صاحب الجذوع بالجدار أدوم.

ولو تنازعا عبداً ولأحدهما عليه ثوبٌ لابسه ، تساويا فيه ، بخلاف الحمل ؛ لأنّ صاحب الثوب لا ينتفع بلُبْس العبد له ، بخلاف الحمل ، ولأنّ الحمل لا يجوز أن يحمله على الجمل إلّا بحقٍّ ، ويجوز أن يجبر العبد على لُبْس قميص غير مالكه إذا كان عرياناً وبذله ، فافترقا.

مسألة ١١٢٨ : لو كان في يد شخصين درهمان فادّعاهما أحدهما وادّعى الآخَر واحداً منهما ، أُعطي مدّعيهما معاً درهماً‌ ، وكان الدرهم الآخَر بينهما نصفين ؛ لأنّ مدّعي أحدهما غير منازعٍ في الدرهم الآخَر ، فنحكم به لمدّعيهما ، وقد تساويا في دعوى أحدهما يداً ودعوى ، فيُحكم به لهما.

هذا إذا لم توجد بيّنة.

والأقرب : إنّه لا بدّ من اليمين ، فيحلف كلّ واحدٍ منهما على استحقاق نصف الآخَر الذي تصادمت دعواهما فيه ، فمَنْ نكل منهما قُضي به للآخَر.

ولو نكلا معاً أو حلفا معاً ، قُسّم بينهما نصفين ؛ لما رواه عبد الله بن المغيرة عن غير واحدٍ من أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام : في رجلين كان معهما درهمان ، فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخَر : هُما بيني وبينك ، قال : فقال الصادقعليه‌السلام : « أمّا أحد الدرهمين ليس له فيه شي‌ء ، وإنّه لصاحبه ، ويُقسم الدرهم الباقي بينهما نصفين »(٢) .

مسألة ١١٢٩ : لو أودع رجل عند آخَر دينارين وأودعه آخَر ديناراً وامتزجا ثمّ ضاع دينار منهما‌ ، فإن كان بغير تفريطٍ منه في الحفظ ولا في‌

____________________

(١) البيان ١٣ : ١٩٦ ، المغني ١٢ : ٢٢٨ ، وراجع الهامش (٣) من ص ٥٨٣.

(٢) التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨١.

١٣٨

المزج بأن أذنا له في المزج أو حصل المزج بغير فعله ولا اختياره ، فلا ضمان عليه ؛ لأصالة البراءة ، ولو فرّط ضمن التالف.

هذا بالنظر إلى المستودع ، وأمّا المال الباقي فإنّه يعطى صاحب الدينارين ديناراً ؛ لأنّ خصمه يسلّم له أنّه لا يستحقّ منه شيئاً ، ويبقى الدينار الآخَر تتصادم دعواهما فيه ، فيُقسم بينهما نصفين ؛ لما رواه السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام : في رجلٍ استودع رجلاً دينارين واستودعه آخَر ديناراً فضاع دينار منهما ، فقال : « يعطى صاحب الدينارين ديناراً ، ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين »(١) .

ولو كان ذلك في متساوي الأجزاء الممتزج مزجاً يرفع الامتياز ، كما لو استودعه أحدهما قفيزين من حنطةٍ أو شعير أو دخن وشبهه ، واستودعه الآخَر قفيزاً مثلهما ثمّ امتزج المالان وتلف قفيز من الممتزج ، فإنّ الأقوى هنا أن يقسم المال التالف بينهما على نسبة المالين ، فيكون لصاحب القفيزين قفيز وثلث قفيزٍ ، ولصاحب القفيز ثلثا قفيزٍ.

والفرق ظاهر ؛ لأنّ عين أحد الدينارين غير مستحقٍّ لصاحب الدينار.

مسألة ١١٣٠ : لو اشترى العامل في البضاعة ثوباً بثلاثين درهماً‌ ، واشترى من مال المباضع الآخَر ثوباً بعشرين درهماً ، ثمّ امتزج الثوبان ، فإن خيّر أحدهما صاحبه فقد أنصفه ، وإن تعاسرا بِيعا معاً ، وبسط الثمن على القيمتين ، فيأخذ صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، ويأخذ صاحب العشرين خُمْسي الثمن ؛ إذ الظاهر عدم التغابن ، وأنّ كلّ واحدٍ منهما اشترى بقيمته وباع بالنسبة.

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨٣.

١٣٩

ولما رواه إسحاق بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهماً في ثوبٍ وآخَر عشرين درهماً في ثوبٍ ، فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه ، قال : « يُباع الثوبان فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والآخَر خُمْسي الثمن » قال : قلت : فإنّ صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين : اختر أيّهما شئت ، قال : « قد أنصفه »(١) .

ولو بِيعا منفردين ، فإن تساويا في الثمن فلكلٍّ مثل صاحبه ؛ ليميّز حقّ كلّ واحدٍ منهما عن حقّ الآخَر ، وإن تفاوتا كان أقلّ الثمنين لصاحب العشرين وأكثرهما لصاحب الثلاثين ؛ قضاءً بالظاهر من عدم الغبن.

مسألة ١١٣١ : لو تنازعا في دابّةٍ فادّعاها كلّ واحدٍ منهما وكان أحدهما راكبَها والآخَر قابض لجامها ولا بيّنة‌ ، قال الشيخرحمه‌الله : يُحكم بها لهما ، وتُجعل بينهما نصفين(٢) ، وبه قال أبو إسحاق المروزي(٣) ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ منهما يداً عليها.

وقال باقي العامّة : يُحكم بها للراكب ؛ لبُعْد تمكين صاحب الدابّة غيرَه من ركوبها ، وإمكان أخذ اللجام من صاحب الدابّة(٤) . وهو الأقوى عندي.

ولو تنازعا ثوباً في يدهما ، قضي لهما معاً به بالسويّة وإن كان في يد أحدهما أكثر ؛ لتساويهما في اليد والدعوى ، وكلّ ذلك مع عدم البيّنة‌

____________________

(١) الكافي ٧ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٣ / ٦٢ ، التهذيب ٤ : ٢٠٨ / ٤٨٢.

(٢) الخلاف ٣ : ٢٩٦ ، المسألة ٥ من كتاب الصلح.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٨ : ٢١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣١٨ ، الوجيز ١ : ١٨٠ - ١٨١ ، الوسيط ٤ : ٦٤ ، حلية العلماء ٨ : ٢١١ ، البيان ١٣ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢.

١٤٠

واليمين.

ولو كان باب غرفة البيت مفتوحاً إلى الجار فادّعاها كلٌّ من صاحب الأسفل والجار ، حُكم بالغرفة لصاحب الأسفل ؛ لأنّ مَنْ مَلَك القرار مَلَك الهواء ، وفتح الباب يحتمل الإعارة.

أمّا لو كانت الغرفة تحت تصرّف الجار ، فالأقرب : الحكم له بها ؛ قضاءً باليد الدالّة على الملكيّة.

تذنيب : لو بنى مسجداً في أرضٍ اشتراها من غيره ، فادّعاها ثالثٌ‌ ، فإن صدّقه المشتري أو البائع كان على المصدّق القيمة ، ولو كذّباه فصالحه بعض جيران المسجد صحّ الصلح ؛ لأنّه بذْلُ مالٍ على طريق البرّ.

تذنيبٌ آخَر : لو تداعى ذو البابين في المنقطع الدربيّة ، حُكم بينهما لهما من رأس الدربيّة إلى الأوّل‌ ، وما بين البابين للثاني ، والفاصل إلى صدر الدرب يحتمل قويّاً الشركة ، واختصاصُ الأخير.

تمّ الجزء العاشر(١) من كتابتذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى ومنّه ، ويتلوه في الجزء الحادي عشر(٢) - بتوفيق الله تعالى - كتاب الأمانات وتوابعها ، وفيه مقاصد.

فرغتُ من تسويده ثامن عشري صفر - خُتم بالخير والظفر - من سنة خمس عشرة وسبعمائة بالسلطانيّة.

وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن المطهّر ، والحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمّد النبي وآله الطاهرين.

____________________

(١ و ٢) حسب تجزئة المصنّفرحمه‌الله .

١٤١

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب الأمانات وتوابعها‌

وفيه مقاصد :

الأوّل : الوديعة‌

وفيه فصول :

الأوّل : الماهيّة‌

الوديعة مشتقّة من « ودع ، يدع » إذا استقرّ وسكن ، من قولهم : « يدع كذا » أي يتركه ، والوديعة متروكة مستقرّة عند المستودع.

وقيل : إنّها مشتقّة من الدعة ، وهي الخفض والراحة ، يقال : ودع الرجل فهو وديع ووادع ، لأنّها في دعة عند الـمُودَع لا تتبدّل ولا تستعمل(١) .

والوديعة تُطلق في العرف على المال الموضوع عند الغير ليحفظه ، والجمع : الودائع. واستودعه الوديعة ، أي : استحفظه إيّاها.

وعن الكسائي : يقال : أودعته كذا : إذا دفعت إليه الوديعة. وأودعته كذا : إذا دفع إليك الوديعة فقبلتها ، وهو من الأضداد(٢) .

والمشهور في الاستعمال المعنى الأوّل.

وهي جائزة بالكتاب والسنّة والإجماع.

قال الله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (٣)

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٦ - ٢٨٧.

(٢) كما في العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٦.

(٣) النساء : ٥٨.

١٤٢

وقال تعالى :( فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ ) (١) .

وما رواه العامّة عن أُبي بن كعب أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك ، ولا تَخُنْ مَنْ خانَك »(٢) .

وروي أنّهعليه‌السلام كان عنده ودائع ، فلـمّا أراد الهجرة أودعها عند أُمّ أيمن ، وأمر عليّاًعليه‌السلام بردّها على أهلها(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه ابن أخي الفضيل بن يسار قال : كنتُ عند الصادقعليه‌السلام ودخلَتْ امرأة وكنتُ أقربَ القوم إليها ، فقالت لي : اسأله ، فقلت : عمّا ذا؟ فقالت : إنّ أبي مات وترك مالاً كان في يد أخي فأتلفه ثمّ أفاد مالاً فأودعنيه ، فلي أن آخذ منه بقدر ما أتلف من شي‌ء؟ فأخبرتُه بذلك ، فقال : « لا ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائتمنك ، ولا تخُنْ مَنْ خانَك »(٤) .

وعن حسين بن مصعب قال : سمعتُ الصادقَعليه‌السلام يقول : « ثلاثة لا عذر فيها لأحدٍ : أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ، وبرّ الوالدين برَّيْن كانا أو فاجرَيْن ، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر »(٥) .

وعن محمّد بن علي الحلبي قال : استودعني رجل من موالي‌

____________________

(١) البقرة : ٢٨٣.

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٠ / ٣٥٣٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٣٥ / ١٤١ ، سنن البيهقي ١٠ : ٢٧٠ ، مسند أحمد ٤ : ٤٢٣ / ١٤٩٩٨.

(٣) الحاوي الكبير ٨ : ٣٥٥ - ٣٥٦ ، البيان ٦ : ٤٢٢ ، المغني ٧ : ٢٨٠ ، سنن البيهقي ٦ : ٢٨٩.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٤٨ / ٩٨١ ، الاستبصار ٣ : ٥٢ - ٥٣ / ١٧٢.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٥٠ / ٩٨٨ ، وفي الكافي ٥ : ١٣٢ / ١ بتقديمٍ وتأخير في بعض الجملات.

١٤٣

بني مروان ألف دينار فغاب فلم أدْر ما أصنع بالدنانير ، فأتيت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام فذكرت ذلك له وقلت : أنت أحقّ بها ، فقال : « لا ، لأنّ أبي كان يقول : إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدّي أمانتهم ونردّ ضالّتهم ونقيم الشهادة لهم وعليهم ، فإذا تفرّقت الأهواء لم يسع أحدٌ المقام »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « كان أبي يقول : أربع مَنْ كُنّ فيه كمل إيمانه ، ولو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينتقصه ذلك » قال : « وهي الصدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق »(٢) .

وقال الكاظمعليه‌السلام : « أهل الأرض مرحومون ما يخافون وأدّوا الأمانة وعملوا بالحقّ »(٣) .

وقال الحسين الشيباني للصادقعليه‌السلام : إنّ رجلاً من مواليك يستحلّ مال بني أُميّة ودماءهم ، وإنّه وقع لهم عنده وديعة ، فقالعليه‌السلام : « أدّوا الأمانات إلى أهلها وإن كانوا مجوساً(٤) ، فإنّ ذلك لا يكون حتى يقوم قائمنا فيحلّ ويحرّم »(٥) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « اتّقوا الله وعليكم بأداء الأمانة إلى مَن ائتمنكم ، فلو أنّ قاتل عليٍّ ائتمنني على أداء الأمانة لأدّيتُها إليه »(٦) .

وقد أجمع المسلمون كافّةً على جوازها ، وتواترت الأخبار بذلك.

ولأنّ الحكمة تقتضي تسويغها ، فإنّ الحاجة قد تدعو إليها لاحتياج‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٥٠ / ٩٨٩.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٥٠ / ٩٩٠.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٥٠ / ٩٩١.

(٤) في « خ » والكافي : « مجوسيّاً ».

(٥) الكافي ٥ : ١٣٢ - ١٣٣ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٥١ / ٩٩٣.

(٦) الكافي ٥ : ١٣٣ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٥١ / ٩٩٥.

١٤٤

الناس إلى حفظ أموالهم ، وربما تعذّر ذلك عليهم بأنفسهم إمّا لخوفٍ أو سفرٍ أو عدم حرزٍ ، فلو لم يشرع الاستيداع لزم الحرج المنفيّ بقوله تعالى :( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) ولأنّه نفعٌ لا ضرر فيه ، فكان مشروعاً.

مسألة ١ : إذا عرفتَ الوديعة في عرف اللغة ، فهي في عرف الفقهاء عبارة عن عقدٍ يفيد الاستنابة في الحفظ‌ ، لكن قد عرفت أنّ العرف اللغوي يقتضي أن تكون هي المال ، وكذا العرف العامّي ، والإيداع هو العقد.

وهي جائزة من الطرفين بالإجماع ، لكلٍّ منهما فسخه.

ولا بدّ فيها من إيجابٍ وقبولٍ.

فالإيجاب هو كلّ لفظٍ دالٍّ على الاستنابة بأيّ عبارةٍ كان ، ولا ينحصر في لغةٍ دون أُخرى ، ولا في عبارةٍ دون عبارةٍ ، ولا يفتقر إلى التصريح ، بل يكفي التلويح والإشارة والاستعطاء.

والقبول قد يكون بالقول ، وهو كلّ لفظٍ يدلّ على الرضا بالنيابة في الحفظ بأيّ عبارةٍ كان ، وقد يكون بالفعل.

وهل الوديعة عقد برأسه ، أو إذن مجرّد؟ الأقرب : الأوّل.

مسألة ٢ : إذا دفع الإنسان إلى غيره وديعةً وكان المدفوع إليه عاجزاً عن حفظها‌ ، لم يجز له قبولها ؛ لما فيه من إضاعة مال الغير ، وقد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه(٢) .

وإن كان قادراً لكنّه غير واثقٍ من نفسه بالأمانة ، لم يجز له القبول ؛

____________________

(١) الحجّ : ٧٨.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٣٩ ، و ٩ : ١١٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٣ ، سنن الدارمي ٢ : ٣١١ ، مسند أحمد ٥ : ٣٠٥ و ٣١٢ / ١٧٧٢٧ و ١٧٧٦٨.

١٤٥

لما فيه من التعريض للتفريط في مال الغير ، وهو محرَّم ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني لهم : إنّه يكره(١) .

ولو كان قادراً على الحفظ واثقاً بأمانة نفسه ، استحبّ له القبول ؛ لما فيه من المعاونة على البرّ وقضاء حوائج الإخوان.

ولو لم يكن هناك غيره ، فالأقوى : إنّه يجب عليه القبول ؛ لأنّه من المصالح العامّة. وبالجملة ، فالقبول واجب على الكفاية.

ولو تضمّن القبول ضرراً في نفسه أو ماله أو خاف على بعض المؤمنين أو تضمّن إتلاف منفعة نفسه أو حرزه في الحفظ من غير عوضٍ ، لم يجب القبول.

مسألة ٣ : الألفاظ المتداولة بين الناس من الإيجاب الذي يتضمّنه عقد الوديعة : استودعتك هذا المال‌ ، أو : أودعتك ، أو : استحفظتك ، أو : أنبتك في حفظه ، أو : استنبتك فيه ، أو : احفظه ، أو : هو وديعة عندك ، وما في معناه من الصيغ الصادرة من جهة المودِع ، الدالّة على الاستحفاظ.

ولا يعتبر القبول لفظاً كما تقدّم(٢) ، بل يكفي القبض [ بكيفيّته ](٣) في العقار والمنقول ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

وقال بعضهم : لا يكفي القبض ، بل لا بدّ من لفظٍ دالٍّ على القبول(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.

(٢) في ص ١٤٤ ، ذيل المسألة ١.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يكفيه ». والمثبت هو الصحيح.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.

١٤٦

وقال بعضهم : إن كان المودِع قد قال : أودعتُك ، وشبهه ممّا هو على صيغ العقود ، وجب القبول لفظاً ، وإن قال : احفظه ، أو : هو وديعة عندك ، لم يفتقر إلى لفظٍ يدلّ على القبول ، كما تقدّم في الوكالة(١) .

مسألة ٤ : لا بدّ من التنجيز‌ ، فلو قال : إذا جاء رأس الشهر فقد أودعتك مالي معه(٢) ، لم يصح الإيداع - وهو قول بعض الشافعيّة(٣) - لأصالة العدم.

وقال بعضهم : يصحّ(٤) .

وقال آخَرون منهم : القياس تخريجه على الخلاف في تعليق الوكالة(٥) .

وقيل : الإيداع عبارة عن الاستنابة في الحفظ ، وهو توكيلٌ خاصٌّ ، و [ الوكيل والموكّل ] يُسمَّيان في هذا التوكيل الـمُودَع والـمُودَع(٦) .

ولو جاء بماله ووضعه بين يدي غيره ولم يتلفّظ بشي‌ءٍ لم يحصل الإيداع ، فإن قبضه الموضوع عنده ضمنه.

وكذا لو كان قد قال من قبلُ : إنّي أُريد أن أُودعك ، ثمّ جاء بالمال.

ولو قال : هذه وديعتي عندك فاحفظه ، ووضعه بين يديه ، فإن أخذه الموضوع عنده تمّت الوديعة ؛ لأنّا لا نعتبر القبول اللفظي ، وإن لم يأخذه فإن لم يتلفّظ بشي‌ءٍ لم يكن وديعةً ، حتى لو ذهب وتركه فلا ضمان عليه ، لكن يأثم إن كان ذهابه بعد ما غاب المالك.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.

(٢) في النسخ الخطّيّة : « بعدُ » بدل « معه ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

١٤٧

وإن قال : قبلت ، أو : ضَعْ ، فوضعه ، كان إيداعاً ، كما لو أخذه بيده ، وبه قال بعض الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا يكون إيداعاً ما لم يقبض(٢) .

وقال آخَرون بالتفصيل ، فإن كان الموضع في يده ، فقال : ضَعْه ، دخل المال في يده ؛ لحصوله في الموضع الذي هو في يده. وإن لم يكن كما لو قال : انظر إلى متاعي في دكّاني ، فقال : نعم ، لم يكن وديعةً(٣) .

وعلى ما اخترناه من أنّه وديعة مطلقاً لو ذهب الموضوع عنده وتركه ، فإن كان المالك حاضراً بَعْدُ فهو ردٌّ للوديعة ، وإن غاب المالك ضمنه.

مسألة ٥ : قد ذكرنا أنّ الوديعة من العقود الجائزة من الطرفين لكلٍّ منهما فسخها إجماعاً‌ ، وقد تقدّم(٤) أنّه توكيلٌ خاصّ ، والوكالة جائزة من الطرفين ، فإذا أراد المالك الاستردادَ لم يكن للمُستودِع المنعُ ، ووجب عليه الدفع ، ولو أراد المستودع الردَّ لم يكن للمودِع أن يمتنع من القبول ؛ لأنّه متبرّع بالحفظ.

ولو عزل المستودع نفسه ، ارتفعت الوديعة ، وبقي المال أمانةً مطلقة شرعيّة في يده ، كالثوب الطائر بالهواء إلى داره ، وكاللقطة في يد الملتقط بعد ما عرف المالك ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : إنّ العزل لغو.

والأصل في هذا الخلاف مبنيّ على أنّ الوديعة مجرّد إذنٍ ، أم عقد؟

إن قلنا : إنّها مجرّد إذنٍ ، فالعزل لغو ، كما لو أذن في تناول طعامه للضيفان ،

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٧.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٧.

(٤) في ص ١٤٦ ، ضمن المسألة ٤.

١٤٨

فقال بعضهم : عزلت نفسي ، يلغو قوله ، ويكون له الأكل بالإذن السابق ، فعلى هذا تبقى الوديعة بحالها. وإن قلنا : إنّها عقد ، ارتفعت الوديعة ، وبقي المال أمانةً مجرّدة ، وعليه الردّ عند التمكّن وإن لم يطالب المالك - وهو أظهر وجهي الشافعيّة - ولو لم يفعل ضمن(١) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩١ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٩.

١٤٩

الفصل الثاني : في المتعاقدين‌

مسألة ٦ : يشترط في المستودع والـمُودَع التكليف‌ ، فلا يصحّ الإيداع إلّا من مكلّفٍ ، فلو أودع الصبي أو المجنون غيرَه شيئاً ، لم يجز له قبوله منهما ، فإن قَبِله وأخذه من أحدهما ضمن.

ولا يزول الضمان إلّا بالردّ إلى الناظر في أمرهما ، ولو ردّه إليهما لم يبرأ من الضمان ؛ لأنّهما محجور عليهما.

ولو خاف هلاكه فأخذه منهما إرفاقاً لهما ونظراً في مصلحتهما على وجه الحسبة صوناً له ، فالأقرب : عدم الضمان ؛ لأنّه محسن إليهما ، وقد قال تعالى :( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّه [ ضامن ](٢) كالوجهين - عندهم - فيما إذا أخذ الـمُحْرم صيداً من جارحةٍ [ ليتعهّده ](٣) . والظاهر عندهم : عدم الضمان(٤) .

مسألة ٧ : كما أنّ التكليف شرط في المودِع كذا هو شرط في المستودع‌ ، فلا يصحّ الإيداع إلّا عند مكلّفٍ ؛ لأنّه استحفاظ ، والصبي‌

____________________

(١) التوبة : ٩١.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لا ضمان عليه ». والمثبت يقتضيه السياق.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ليتعهّدها ». والمثبت هو الصحيح.

(٤) الحاوي الكبير ٨ : ٣٨٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٦ ، الوجيز ١ : ٢٨٤ ، حلية العلماء ٥ : ١٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٦ ، البيان ٦ : ٤٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٩ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٧.

١٥٠

والمجنون ليسا من أهل الحفظ ، فلو أودع مالاً عند صبيٍّ أو مجنونٍ فتلف فلا ضمان عليهما ؛ إذ ليس على أحدهما حفظه ، فأشبه ما لو تركه عند بالغٍ من غير استحفاظٍ فتلف.

ولو أتلفه الصبي أو المجنون ، فالأقرب عندي : إنّ عليهما الضمان ؛ لأنّهما أتلفا مال الغير بالأكل أو غيره فضمناه ، كغير الوديعة ، وبه قال أحمد والشافعي في أظهر القولين.

والثاني : إنّهما لا يضمنان ؛ لأنّ المالك سلّطهما عليه ، فصار كما لو أقرضه أو باعه منه وأقبضه فأتلفه ، لم يكن عليه ضمان ، ألا ترى أنّه لو دفع إلى صغيرٍ سكّيناً فوقع عليها فتلف ، كان ضمانه على عاقلة الدافع ، وبه قال أبو حنيفة(١) .

وهو ممنوع ؛ للفرق بين الإيداع ، والبيع والإقراض ؛ لأنّ ذلك تمليك وتسليط على التصرّف ، والإيداع تسليط على الحفظ دون الإتلاف والتصرّف ، ويخالف دفع السكّين ؛ لأنّه سبب في الإتلاف ، ودفع الوديعة ليس سبباً في إتلافها.

ولو أودع ماله عند عبدٍ ، فإن تلف عنده من غير تفريطٍ فلا ضمان عليه ، وإن تلف بتفريطه أو أتلفه ضمن ، وكان المال متعلّقاً بذمّته لا برقبته ، كما لو أتلف ابتداءً.

ولا فرق بين أن يأذن له سيّده في الاستيداع أو يمنعه ، ويتبع ذلك‌

____________________

(١) المغني ٧ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٧ : ٣١٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٦ ، الوجيز ١ : ٢٨٤ ، حلية العلماء ٥ : ١٦٧ - ١٦٨ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٦ ، البيان ٦ : ٤٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٩ - ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٧ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١١٨ ، طريقة الخلاف بين الأسلاف : ٣٠٣.

١٥١

بعد العتق ، فإن مات عبداً سقط المال ، ولم يتعلّق بالسيّد شي‌ء منه وإن أذن له ؛ لأنّه إنّما أذن له في الاحتفاظ لا في الإتلاف.

وللشافعيّة قولان :

أحدهما : إنّ الضمان يتعلّق برقبته ، كما لو أتلف ابتداءً(١) .

والأصل عندنا ممنوع.

والثاني : إنّه يتعلّق بذمّته دون رقبته - كما قلناه - كما لو باع منه ، فيه الخلاف المذكور في الصبي(٢) .

وإيداع السفيه والإيداع عنده كإيداع الصبي والإيداع عنده.

مسألة ٨ : ولا بُدّ في المتعاقدين من جواز التصرّف‌ ، فلا يصحّ من المحجور عليه للسفه وللفلس الإيداع والاستيداع ، على إشكالٍ في استيداع المفلس ، والأقرب عندي : جوازه.

ولو جنّ المودِع أو المستودِع أو مات أحدهما أو أُغمي عليه ، ارتفعت الوديعة ؛ لأنّها إن كانت مجرّدَ إذنٍ في الحفظ فالمودِع بعرضة التغيّر ، وهذه الأحوال تُبطل إذنه ، والمستودع يخرج عن أهليّة الحفظ ، وإن كانت عقداً فقد سبق(٣) أنّها توكيلٌ خاصّ ، والوكالة جائزة فلا تبقى بعد هذه العوارض.

ولو حُجر على الـمُودَع لسفهٍ ، كان على الـمُودَع ردّ الوديعة إلى وليّه وهو الحاكم ؛ لأنّ إذنه في الإيداع بطل بذلك ، والناظر عليه الحاكم ، فوجب دفعها إليه.

مسألة ٩ : إن قلنا : إنّ الوديعة عقدٌ برأسه ، لم يضمنه الصبي‌ ،

____________________

(١ و ٢) الوجيز ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٦ ، البيان ٦ : ٤٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٨.

(٣) في ص ١٤٦ ، ضمن المسألة ٤.

١٥٢

ولم يتعلّق برقبة العبد ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وإن قلنا : إنّها إذن مجرّد ، ضمنه الصبي ، وتعلّق برقبة العبد ، وهو قول باقي الشافعيّة(٢) .

لكنّا بيّنّا أنّ الحقَّ الأوّلُ ، وأنّ الصبي لا يضمن إلّا بالإتلاف على إشكالٍ ، وأمّا العبد فإنّ الوديعة مع التفريط تتعلّق بذمّته.

إذا عرفت هذا ، فولد الجارية الـمُودَعة ونتاج الدابّة الـمُودَعة وديعة كالأُمّ.

وقال الشافعيّة : إن جعلنا الوديعة عقداً فالولد كالأُمّ يكون وديعةً ، وإلّا لم يكن وديعةً ، بل أمانة شرعيّة مردودة في الحال ، حتى لو لم يردّ مع التمكّن ضمن على أظهر الوجهين عندهم(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : إن جعلنا الوديعة عقداً ، لم يكن الولد وديعةً ، بل أمانة ؛ اعتباراً بعقد الرهن والإجارة ، وإلّا فيتعدّى حكم الأُمّ إلى الولد كما في الوصيّة(٤) ، أو لا يتعدّى كما في العارية؟ للشافعيّة وجهان(٥) .

وعلى الأصل المذكور خرّج بعضُ الشافعيّة اعتبارَ القبول لفظاً ، إن جعلناها عقداً اعتبرناها ، وإلّا اكتفينا بالفعل(٦) .

والموافق لإطلاق العامّة كون الوديعة عقداً ، وذكروها من العقود الجائزة(٧) .

____________________

(١ - ٣) التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٨.

(٤) في المصدر : « الضحيّة » بدل « الوصيّة ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٨.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٠.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٨.

١٥٣

الفصل الثالث : في موجبات الضمان‌

اعلم أنّ الوديعة تستتبع أمرين : الضمان عند التلف ، والردّ عند البقاء ، لكنّ الضمان لا يجب على الإطلاق ، بل إنّما يجب عند وجود أحد أسبابه ، وينظمها شي‌ء واحد هو : التقصير ، ولو انتفى التقصير فلا ضمان ؛ لأنّ الأصل في الوديعة أنّها أمانة محضة لا تُضمن بدون التعدّي أو التفريط ؛ لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « ليس على المستودع ضمان »(١) .

وقالعليه‌السلام : « مَنْ أُودع وديعة فلا ضمان عليه »(٢)

ومن طريق الخاصّة : ما رواه إسحاق بن عمّار أنّه سأل الكاظمَعليه‌السلام عن رجلٍ استودع رجلاً ألف درهم فضاعت ، فقال الرجل : كانت عندي وديعة ، وقال الآخَر : إنّما كانت عليك قرضاً ، قال : « المال لازم له إلّا أن يقيم البيّنة أنّها كانت وديعة »(٣) والاستثناء يقتضي التناقض بين المستثنى والمستثنى منه ، ولـمّا حكم في الأوّل بالضمان ثبت في الاستثناء عدمه.

وعن زرارة - في الحسن - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام عن وديعة الذهب والفضّة ، قال : فقال : « كلّما كان من وديعةٍ ولم تكن مضمونةً فلا تلزم »(٤) .

وفي الحسن عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال : « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان »(٥) .

____________________

(١) سنن البيهقي ٦ : ٩١ ، سنن الدارقطني ٣ : ٤١ / ١٦٨ ، المغني ٧ : ٢٨١.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٢ / ٢٤٠١.

(٣) الكافي ٥ : ٢٣٩ / ٨ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٨٨.

(٤) الكافي ٥ : ٢٣٩ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٨٩.

(٥) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٩٠.

١٥٤

ولأنّ الله تعالى سمّاها أمانةً(١) ، والضمان ينافي الأمانة.

وهذا الحكم منقول عن عليٍّعليه‌السلام وعن أبي بكر وعمر وابن مسعود وجابر(٢) ، ولم يظهر لهم مخالف ، فكان إجماعاً.

لا يقال : قد روي أنّه كان عند أنس وديعة فذهبت فرفع إلى عمر ، فقال : هل ذهب معها شي‌ء من مالك؟ قال : لا ، قال : اغرمها(٣) .

لأنّا نقول : قول عمر ليس حجّةً ، وربما قال ذلك عند تفريط المستودع في حفظها.

ولأنّ المستودع إنّما يحفظها لصاحبها متبرّعاً بذلك ، فلو ألزمناه الضمان أدّى إلى الامتناع عن قبولها ، وفي ذلك ضرر عظيم ؛ لما بيّنّاه من الحاجة إليها ، ولأنّ يد المستودع يد المالك.

وإذا عرفت أنّ السبب الجامع لموجبات الضمان هو التقصير ، فلا بُدّ من الإشارة إلى ما به يصير المستودع مقصّراً ، وهي سبعة تنظمها مباحث نذكر لكلّ سببٍ بحثاً.

البحث الأوّل : في الانتفاع.

مسألة ١٠ : من الأسباب الموجبة للضمان الانتفاعُ بالوديعة‌ ، فلو استودع ثوباً فلبسه ، أو دابّةً فركبها ، أو جاريةً فاستخدمها ، أو كتاباً فنظر فيه‌

____________________

(١) النساء : ٨٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٦ ، البيان ٦ : ٤٢٥ - ٤٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٩٢ ، المغني ٧ : ٢٨٠ ، الشرح الكبير ٧ : ٢٨٢ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٥١ - ٢٥٢ / ٤٠٥.

(٣) الحاوي الكبير ٨ : ٣٥٦ ، وفي المصنّف - لعبد الرزّاق - ٨ : ١٨٢ / ١٤٧٩٩ ، وسنن البيهقي ٦ : ٢٨٩ و ٢٩٠ باختصارٍ.

١٥٥

أو نسخ منه ، أو خاتماً فوضعه في إصبعه للتزيّن به لا للحفظ ، فكلّ ذلك وما أشبهه خيانة توجب التضمين عند فقهاء الإسلام لا نعلم فيه خلافاً.

هذا إذا انتفى السبب المبيح للاستعمال ، أمّا إذا وُجد السبب المبيح للاستعمال لم يجب الضمان ، وذلك بأن يلبس الثوب الصوف - الذي يفسده الدود - للحفظ ، فإنّ مثل هذه الثياب يجب على المستودع نشرها وتعريضها للريح ، بل يجب لُبْسها إن لم يندفع إلّا بأن يلبسها وتعبق(١) بها رائحة الآدمي.

ولو لم يفعل ففسدت ، كان عليه الضمان ، سواء أذن المالك أو سكت ؛ لأنّ الحفظ واجب عليه ، ولا يتمّ الحفظ إلّا بالاستعمال ، فيكون الاستعمال واجباً ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب المطلق إلّا به وكان مقدوراً للمكلّف فإنّه يكون واجباً.

أمّا لو نهاه المالك عن الاستعمال للحفظ فامتنع حتى فسدت ، لم يكن ضامناً ، وهو أظهر قولَي الشافعيّة(٢) .

ولهم قولٌ آخَر : إنّه يكون ضامناً(٣) .

والمعتمد : الأوّل.

وهل يكون قد فَعَل حراماً؟ إشكال ، أقربه ذلك ؛ لأنّ إضاعة المال منهيّ عنها(٤) .

وعند الشافعيّة يكره(٥) .

ولو كان الثوب في صندوقٍ مقفلٍ ففتح القفل ليخرجه وينشره ،

____________________

(١) أي : تبقى. لسان العرب ١٠ : ٢٣٤ « عبق ».

(٢ و ٣ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٦.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ١٤٤ ، الهامش (٢)

١٥٦

فالوجه : إنّه لا يضمن ؛ لأنّه لم يقصد إلّا الحفظ المأمور به ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) .

ولهم وجهٌ آخَر : إنّه يضمن(٢) .

هذا إذا علم المستودع ، أمّا لو لم يعلم بأن كان في صندوقٍ أو كيسٍ مشدود ولم يُعْلمه المالك به ، فلا ضمان على المستودع إجماعاً.

مسألة ١١ : قد بيّنّا أنّ ركوب الدابّة خيانة لا مطلقاً‌ ، ولكن مع عدم احتياج الحفظ إليه ، فلو احتاج حفظ الدابّة المودَعة إلى أن يركبها المستودع إمّا أن يخرج بها إلى السقي أو الرعي وكانت لا تنقاد إلّا بالركوب ، فلا ضمان ؛ لعدم التعدّي والتفريط حينئذٍ.

ولو كانت الدابّة تنقاد بغير ركوبٍ فركب ضمن ، إلّا مع عجزه عن سقيها أو رعيها بدون ركوبها فإنّه يجوز ، ولا ضمان.

مسألة ١٢ : لو أخذ المستودع الدراهم المودَعة عنده ليصرفها إلى حاجته‌ ، أو أخذ الثوب ليلبسه ، أو أخرج الدابّة من مكانها ليركبها ثمّ لم يستعمل ، ضمن - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ الإخراج على هذا القصد خيانة.

وقال أبو حنيفة : لا يضمن حتى يستعمل(٤) .

ولو نوى الأخذ ولم يأخذ أو نوى الاستعمال ولم يستعمل ، ففي‌

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٥ : ١٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٨ ، البيان ٦ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧ ، المغني ٧ : ٢٩١ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٢٠ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢١٣.

(٤) بدائع الصنائع ٦ : ٢١٣ ، البيان ٦ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، المغني ٧ : ٢٩١ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٢٠.

١٥٧

الضمان إشكال ينشأ : من أنّه لم يُحدث في الوديعة قولاً ولا فعلاً ، فلم يضمن ، كما لو لم يَنْو ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) ، ومن أنّه ممسك لها بحكم نيّته ، كما أنّ الملتقط إذا نوى إمساك اللقطة لصاحبها ، كانت أمانةً ، وإن نوى الإمساك لنفسه ، كانت مضمونةً ، وهو قول ابن سريج من الشافعيّة(٢) .

وفرّق المذكورون بين الوديعة واللقطة بأنّه في الوديعة لم يُحدث فعلاً مع قصد الخيانة ، وفي اللقطة أحدث الأخذ مع قصد الخيانة ، ولأنّ سبب أمانته في اللقطة مجرّد نيّته ، فضمن بمجرّد النيّة ، بخلاف الوديعة(٣) .

فروع :

أ - لو أخذ الوديعة على قصد الخيانة ، فالأقوى : الضمان‌ ؛ لأنّه(٤) لم يقبضها على سبيل الأمانة ، بل على سبيل الخيانة.

وللشافعيّة وجهان(٥) .

ب - قياس ابن سريج في الضمان إذا نوى المستودع الأخذَ والتصرّفَ ولم يفعل على ما إذا أخذ الوديعة من مالكها على قصد الخيانة(٦) (٧) غير تامٍّ.

____________________

(١ و ٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٩ ، البيان ٦ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

(٣) الوجيز ١ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لأنّها ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤.

(٦) في النسخ الخطّيّة والحجريّة زيادة : « في الضمان ». وهي متكرّرة.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤.

١٥٨

أمّا أوّلاً : فلأنّ جماعةً من الشافعيّة(١) لم يوافقوه على هذا الأصل.

وأمّا ثانياً : فللفرق ، وهو أنّ الأخذ فعلٌ أحدثه مع قصد الخيانة.

ج - لو نوى أن لا يردّ الوديعة بعد طلب المالك ، ففي الضمان للشافعيّة الوجهان‌(٢) .

وعندي فيه التردّد السابق مع أولويّة عدم الضمان هنا إذا لم يطلب المالك ، وثبوته إذا طلب.

وبعض الشافعيّة قال : إذا نوى الأخذ ولم يأخذ لم يضمن ، وإذا نوى عدم الردّ ضمن قطعاً ؛ لأنّه إذا نوى أن لا يردّ صار ممسكاً لنفسه ، وبنيّة الأخذ لا يصير ممسكاً لنفسه(٣) .

مسألة ١٣ : لو كان الثوب المودَع في صندوق مالك الوديعة فرفع المستودع رأسه ليأخذ الثوب‌

ويتصرّف فيه ثمّ بدا له ، فلا يخلو الصندوق إمّا أن يكون مفتوحاً لا قفل عليه ولا ختم له ، أو يكون عليه شي‌ء من ذلك ، فإن كان لا ختم عليه ولا قفل ، فالأقرب : عدم الضمان ؛ لأنّه لم يُحدث في الثوب فعلاً ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني لهم : إنّه يضمن(٤) .

وإن كان الصندوق مقفلاً أو الكيس مختوماً ففتح القفلَ وفضّ الختمَ ولم يأخذ ما فيه ، فالأقوى : الضمان لما فيه من الثياب والدراهم - وهو‌ أصحّ وجهي الشافعيّة(١) - لأنّه هتك الحرز.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٥ : ١١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

١٥٩

والثاني للشافعيّة : إنّه لا يضمن ما في الصندوق والكيس ، بل يضمن الختم الذي تصرّف فيه ، وبه قال أبو حنيفة(٢) .

وعلى الوجه الأوّل فهل يضمن الصندوق والكيس؟ الأقرب : العدم ؛ لأنّه لم يقصد الخيانة في الظرف.

وللشافعيّة وجهان(٣) .

ولو خرق الكيس فإن كان الخرق تحت موضع الختم فهو كفضّ الختم ، وإن كان فوقه لم يضمن إلّا نقصان الخرق.

فروع :

أ - لو أودعه شيئاً مدفوناً فنبشه ، فهو بمنزلة فضّ الختم‌ ، إن قلنا : يضمن هناك ، ضمن هنا ، وإلّا فلا.

ب - لو حلّ الخيط الذي شدّ به رأس الكيس أو رِزْمة الثياب(٤) لم يضمن ما في الكيس والرِّزْمة‌ وإن فَعَل ذلك للأخذ ، بخلاف فضّ الختم وفتح القفل ؛ لأنّ القصد منه المنع من الانتشار ، ولم يقصد به الكتمان عنه.

ج - لو كان عنده دراهم وديعة أو ثياب فوزن الدراهم أو عدّها أو عدّ الثياب أو ذرعها ليعرف طولها وعرضها ، ففي الضمان إشكال‌ ينشأ : من أنّه تصرّف في الوديعة ، ومن أنّه لم يقصد الخيانة.

وللشافعيّة وجهان(٥) ، وكذا الوجهان فيما لو حلّ الشدّ(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ - ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

(٤) الرِّزمة من الثياب : ما شدّ في ثوبٍ واحد. لسان العرب ١٢ : ٢٣٩ « رزم ».

(٥) الحاوي الكبير ٨ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392