تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-437-x
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 118748 / تحميل: 5575
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٧-x
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

إذا كان بعوضٍ سُمّي بيعاً ، وإن خلا عن العوض سُمّي هبةً.

ولو ادّعى على رجلٍ بيتاً ، فصالحه على بعضه أو على بناء غرفةٍ فوقَه أو على أن يُسكنه سنةً ، صحّ عندنا - خلافاً للحنابلة(١) - للأصل.

احتجّوا بأنّه يصالحه عن ملكه ببعضه أو منفعته(٢) .

ونمنع عدم جوازه.

ولو صالحه بخدمة عبده سنةً ، صحّ عندنا وعندهم(٣) .

فإن باع العبد في السنة ، صحّ البيع ، ويكون للمشتري مسلوبَ المنفعة بقيّة السنة ، وللمُصالح منفعته إلى انقضاء السنة.

ولو لم يعلم المشتري بذلك ، كان له الفسخ ؛ لأنّه عيبٌ.

وإن أعتق العبدَ في أثناء المدّة ، صحّ العتق ؛ لأنّه مملوكه يصحّ بيعه فيصحّ عتقه ، وللمُصالح استيفاء منفعته في المدّة ؛ لأنّه أعتقه بعد أن مَلَك منفعته ، فأشبه ما لو أعتق الأمة المزوّجة بحُرٍّ.

ولا يرجع العبد على سيّده بشي‌ءٍ ؛ لأنّه ما زال ملكه بالعتق إلّا عن الرقبة ، فالمنافع حينئذٍ مملوكة لغيره فلم تتلف منافعه بالعتق فلا يرجع بشي‌ءٍ.

ولو أعتق مسلوبَ المنفعة - كمقطوع اليدين ، أو الأمة المزوّجة - لم يرجع عليه بشي‌ءٍ.

وقال الشافعي : يرجع على سيّده بأُجرة مثله ؛ لأنّ العتق اقتضى إزالة ملكه عن الرقبة والمنفعة جميعاً ، فلـمّا لم تحصل المنفعة للعبد هنا فكأنّه حالَ بينه وبين منفعته(٤) .

ونمنع اقتضاء العتق زوالَ الملك عن المنفعة ؛ لأنّ اقتضاءه إنّما يكون‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١٩ - ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦.

(٢) المغني ٥ : ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦.

(٣ و ٤) المغني ٥ : ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٨.

١٢١

لو كانت المنفعة مملوكةً له ، أمّا إذا كانت مملوكةً لغيره فلا يقتضي إعتاقه إزالة ما ليس بموجودٍ.

ولو ظهر أنّ العبد مستحَقٌّ ، تبيّن بطلان الصلح ؛ لفساد العوض ، ويرجع المدّعي فيما أقرّ له به.

ولو ظهر عيب في العبد تنقص به المنفعة ، فله ردّه وفسخ الصلح.

مسألة ١١٠٩ : إذا ادّعى زرعاً في يد رجلٍ ، فأقرّ له به ، ثمّ صالحه منه‌ على الوجه الذي يجوز بيع الزرع فيه ، صحّ ، وكذا لو صالحه على غير الوجه الذي يصحّ بيعه ؛ لأنّ الصلح عقدٌ مستقلّ بنفسه غير فرعٍ على البيع.

ولو كان الزرع في يد رجلين فأقرّ له أحدهما ثمّ صالحه عليه قبل اشتداد الحَبّ ، صحّ عندنا.

خلافاً للشافعي ؛ لأنّه إن صالحه عليه بشرط التبقية أو من غير شرط القطع لم يجز ، لأنّه لا يجوز بيعه كذلك - وقد قلنا : إنّ الصلح عقد قائم برأسه ، فلا يشترط فيه ما يشترط في البيع وغيره - ولو شرط القطع لم يجز ؛ لأنّه لا يمكنه قطع زرع الآخَر ، وقسمته لا تصحّ(١) .

ولو كان الزرع لواحدٍ فأقرّ به للمدّعي وصالحه عليه ، فإن شرط القطع صحّ الصلح عندنا وعند الشافعي(٢) .

وإن شرط التبقية ، صحّ الصلح عندنا ، خلافاً له(٣) .

ولو كانت الأرض للمُصالح ، كان له تبقية الزرع في أرضه.

ولو أطلق صحّ عندنا.

وقال الشافعي : إن كان المشتري(٤) لا يملك الأرض لم يصح ، وإن‌

____________________

(١) الأُم ٣ : ٢٢٧ ، مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤١٦.

(٢ و ٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٥ - ٤١٦ ، البيان ٦ : ٢٥١.

(٤) كذا قوله : « المشتري ». والظاهر : « المُصالح ».

١٢٢

كان يملك الأرض فوجهان ، كما إذا باع الثمرة من صاحب النخل بغير شرط القطع(١) .

مسألة ١١١٠ : لو ادّعى رجل على غيره زرعاً في أرضه فأقرّ له بنصفه أو أنكر‌ - عندنا - ثمّ صالحه عن نصفه على نصف الأرض ، جاز عندنا ؛ عملاً بالأصل.

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّ من شرط بيع الزرع قطعه ، ولا يمكن ذلك في المشاع(٢) .

ونحن نمنع من الاشتراط الذي ذكره ، وقد سبق(٣) .

ولو صالحه منه على جميع الأرض بشرط القطع على أن يسلّم إليه الأرض فارغةً ، صحّ ؛ لأنّ قطع جميع الزرع ثابت نصفه بحكم الصلح والباقي لتفريغ الأرض ، فأمكن القطع ، وأشبه مَن اشترى أرضاً وفيها زرع وشَرَط تفريغَ الأرض فإنّه يجوز ، كذا هنا.

وإن كان أقرّ له بجميع الزرع وصالحه من نصفه على نصف الأرض ليكون الأرض والزرع بينهما نصفين ، وشَرَط القطع ، فإن كان الزرع في الأرض بغير حقٍّ جاز الشرط ؛ لأنّ الزرع يجب قطعه بأجمعه ، وإن كان في الأرض بحقٍّ جاز أيضاً ؛ عملاً بالشرط ، وقد قالعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٤) ولأنّهما قد شرطا قطع كلّ الزرع وتسليم الأرض فارغةً ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : لا يجوز الشرط ؛ لأنّه لا يمكن قطع الجميع ، بخلاف ما إذا‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٦ ، البيان ٦ : ٢٥١ - ٢٥٢ ، و ٥ : ٢٣٧.

(٢) بحر المذهب ٨ : ٤٨ ، البيان ٦ : ٢٥٢.

(٣) في ص ٣٦ ، ضمن المسألة ١٠٤٤.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٧٦ ، الهامش (٣)

١٢٣

شرط على بائع الزرع قطع الباقي ؛ لأنّ باقي الزرع ليس بمبيعٍ ، فلا يصحّ شرط قطعه في العقد ، ويخالف ما إذا أقرّ بنصف الزرع وصالحه على جميع الأرض ؛ لأنّه شرط تفريغ المبيع(١) .

والحقّ : الجواز ؛ لما تقدّم ، ولا يختصّ شرط القطع بالبيع.

مسألة ١١١١ : قد بيّنّا أنّه إذا خرجت أغصان الشجرة إلى ملك الجار ، كان للجار عطفها وإزالتها عن ملكه.

فإن أمكن ذلك بغير إتلافٍ ولا قطعٍ من غير مشقّةٍ تلزمه ولا غرامة ، لم يجز إتلافها ، كما إذا أمكنه إخراج دابّة الغير من ملكه بغير إتلافٍ ، فإن أتلفها والحال هذه ضمنها.

وإن لم يمكن إزالتها إلّا بالإتلاف ، كان له ذلك ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه لا يلزمه إقرار مال غيره في ملكه.

فإن صالحه على إقرارها بعوضٍ معلوم ، صحّ.

وللشافعيّة والحنابلة قولان(٢) .

ولا فرق بين أن يكون الغصن رطباً أو يابساً ؛ لأنّ الجهالة في المصالَح عنه لا تمنع الصحّة ؛ لكونها لا تمنع التسليم ، بخلاف العوض ، فإنّه يفتقر إلى العلم لوجوب تسليمه ، ولأنّ الحاجة تدعو إلى الصلح عنه لكون ذلك [ يكثر ](٣) في الأملاك المتجاورة ، وفي القطع إتلاف وضرر ، والزيادة المتجدّدة يعفى عنها ، كالسمن الحادث في المستأجر للركوب ، والمستأجر للغرفة يتجدّد له الأولاد.

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٤٨ ، البيان ٦ : ٢٥٢ - ٢٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٠٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٦ ، المغني ٥ : ٢٢ - ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤ - ٢٥.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المغني ٥ : ٢٢ ، والشرح الكبير ٥ : ٢٥.

١٢٤

وعند أحمد يصحّ الصلح في الرطب وإن زاد أو نقص ؛ لأنّ الجهالة في الـمُصالَح عنه لا تمنع الصحّة إذا لم يكن إلى العلم به سبيل ؛ لدعاء الحاجة إليه ، وكونه لا يحتاج إلى تسليمه(١) .

ولو صالحه على إقرارها بجزءٍ معلوم من ثمرها أو كلّه ، لم يجز ، وبه قال الشافعي وأكثر العامّة(٢) - وعن أحمد روايتان(٣) - لأنّ العوض مجهول ، والثمرة مجهولة ، وجزؤها مجهول ، ومن شرط الصلح العلمُ بالعوض ، والمصالَح عليه أيضاً مجهول ؛ لتغيّره بالزيادة والنقصان ، كما تقدّم.

واحتجّ أحمد : بأنّه قد تدعو الحاجة إليه(٤) .

وقد عرفت بطلان التعليل بالحاجة.

نعم ، لو أباح كلٌّ منهما لصاحبه حقَّه ، جاز من غير لزومٍ ، بل لكلٍّ منهما الرجوعُ ، فيستبيح صاحب الشجرة إباحة الوضع على الجدار أو الهواء ، ويستبيح صاحب الدار ثمرة الشجرة ، كما لو قال كلٌّ منهما لصاحبه : أُسكن داري وأسكن دارك ، من غير تقدير مدّةٍ ولا ذكر شروط الإجارة.

وكذا حكم العروق إذا سرت إلى أرض الجار ، سواء أثّرت ضرراً ، كما في المصانع وطيّ الآبار وأساسات الحيطان ، أو [ منعت ](٥) من نبات شجرٍ لصاحب الأرض أو الزرع ، أو لم تؤثّر ضرراً ، فإنّ الحكم في قطعه والصلح عليه كالحكم في الزرع ، إلّا أنّ العروق لا ثمر لها.

وكذا لو زلق من أخشابه إلى ملك غيره ، فالحكم كما سبق.

مسألة ١١١٢ : قد بيّنّا أنّه يصحّ أن يصالحه عن المؤجَّل ببعضه حالّاً‌

____________________

(١ و ٣) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥.

(٢) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥ - ٢٦.

(٤) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « منع ». والظاهر ما أثبتناه.

١٢٥

- وبه قال ابن عباس والنخعي وابن سيرين والحسن البصري(١) - لأنّ التعجيل جائز ، والإسقاط وحده جائز ، فجاز الجمع بينهما ، كما لو فعل ذلك من غير مواطأة عليه.

وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر وسعيد بن المسيّب والقاسم وسالم والشعبي ، ومَنَعه أيضاً مالك وأحمد والشافعي والثوري وابن عيينة وهيثم وأبو حنيفة وإسحاق(٢) ، وقد تقدّم(٣) .

مسألة ١١١٣ : قد بيّنّا أنّه يصحّ الصلح عن المجهول دَيْناً كان أو عيناً.

خلافاً للشافعي ؛ حيث قال : لا يصحّ ؛ لأنّه بيع ، فلا يصحّ على المجهول(٤) .

ونمنع كونه بيعاً وكونه فرعَ بيعٍ ، وإنّما هو إبراء.

ولو سلّمنا كونه بيعاً ، فإنّه يصحّ في المجهول عند الحاجة ، كأساسات الحيطان وطيّ الآبار.

ولو أتلف رجل صبرةَ طعامٍ لا يعلم قدرها ، فقال صاحب الطعام لـمُتلفها : بعتك الطعام الذي في ذمّتك بهذا الدرهم أو بهذا الثوب ، لم يصح‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٤ - ٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٥.

(٢) المغني ٥ : ٢٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥ ، المعونة ٢ : ١١٩٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٥٢ ، الوجيز ١ : ١٧٨ ، الوسيط ٤ : ٥١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٤٤ ، البيان ٦ : ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣١ ، منهاج الطالبين : ١٢٥ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٥٢ ، بدائع الصنائع ٦ : ٤٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٢١ : ٣١ ، الفقه النافع ٣ : ١٢٦٨ / ١٠١٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ١٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٩٧.

(٣) في ص ١٥ - ١٦ ، ذيل المسألة ١٠٢٧.

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٣٦٨ - ٣٦٩ ، التنبيه : ١٠٣ - ١٠٤ ، البيان ٦ : ٢٢٥ ، المغني ٥ : ٢٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٩ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٧ ، وقد تقدّم في ص ١٩ ، ذيل المسألة ١٠٢٩.

١٢٦

عندنا ؛ لأنّ شرط البيع معلوميّة العوضين.

وقال أحمد : يصحّ(١) .

وعلى قولنا وقوله لو صالحه به عليه صحّ ؛ لأنّ الجهل لا ينافي الصلح.

وإذا كان العوض في الصلح ممّا لا يحتاج إلى تسليمه ولا سبيل إلى معرفته ، كالمواريث الدارسة ، والحقوق التالفة ، والأراضي والأموال التي لا يعلمها أحد من المتخاصمين ولا يعرف قدر حقّه منها ، فإنّ الصلح فيها جائز عندنا وعند أحمد(٢) مع الجهالة من الجانبين ، وقد سبق(٣) .

وأمّا ما يمكنه معرفته - كتركةٍ موجودةٍ يعلمها الذي هي في يده ويجهلها الآخَر - فإنّه لا يصحّ الصلح عليه مع الجهل.

وكذا كلّ مَنْ له نصيب في ميراثٍ أو غيره يظنّ قلّته إذا صُولح عليه ، لا يصحّ مع علم الخصم الآخَر ؛ لأنّ الصلح إنّما جاز مع جهالتهما ؛ للحاجة إليه ، فإنّ إبراء الذمّة أمر مطلوب ، ولا طريق إليه إلّا الصلح.

مسألة ١١١٤ : يجوز الصلح عن كلّ ما يجوز أخذ العوض عنه‌ ، سواء كان ممّا يجوز بيعه أو لا يجوز ، فيصحّ عن دم العمد وسكنى الدار وعيب المبيع.

ومَنْ صالَح عمّا يوجب القصاص بأكثر من ديته أو أقلّ ، جاز ؛ لأنّ الحسن والحسينعليهما‌السلام وسعيد بن العاص بذلوا للّذي وجب له القصاص على هدبة بن خشرم سبع ديات فأبى أن يقبلها(٤) .

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٦ - ٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩.

(٢) المغني ٥ : ٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩.

(٣) في ص ١٧ ، المسألة ١٠٢٩.

(٤) المغني ٥ : ٢٧ ، و ٩ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧.

١٢٧

وإن صالح عن قتل الخطأ بأكثر من ديته من جنسها ، جاز عندنا ، خلافاً لأحمد(١) .

وكذا لو أتلف عبداً أو غيره فصالَح على أكثر من قيمته أو أقلّ ، سواء كان من جنس القيمة أو من غير جنسها ، جاز عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(٢) ، خلافاً للشافعي وأحمد(٣) .

مسألة ١١١٥ : قد بيّنّا أنّه إذا ظهر استحقاق أحد العوضين ، بطل الصلح‌ ، فلو صالحه على دارٍ أو عبدٍ بعوضٍ فوجد العوض مستحقّاً أو كان العبد حُرّاً ، فإنّه يرجع في الدار وما صالَح عن العبد إن كان موجوداً ، وإن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثليّاً ، وإلّا رجع بالقيمة.

ولو اشترى شيئاً فوجده معيباً فصالحه عن عيبه بعبدٍ فبانَ مستحقّاً أو حُرّاً ، رجع بأرش العيب.

ولو ظهر استحقاق المعيب ، رجع بالثمن والعبد معاً.

ولو كان البائع امرأةً فزوّجتْه نفسَها عوضاً عن أرش العيب فزال العيب ، لم يصحّ الصلح عندنا.

ويجوز عند أحمد ، فيرجع بأرشه ، لا بمهر المثل ؛ لأنّها رضيت بذلك مهراً لها(٤) .

ولو صالحه عن القصاص بحُرٍّ يعلمان حُرّيّته أو عبدٍ يعلمان أنّه مستحقّ ، أو تصالحا بذلك عن [ غير ](٥) القصاص ، رجع بالدية والأقربِ بالقصاص أو بما تصالح عنه ؛ لأنّ الصلح هنا باطل يعلمان بطلانه ، فكان‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٥.

(٢) روضة القُضاة ٢ : ٧٧١ / ٥١٩٥ ، المغني ٥ : ٢٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥.

(٣) المغني ٥ : ٢٧ - ٢٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥ ، روضة القُضاة ٢ : ٧٧١ / ٥١٩٦ و ٥١٩٧.

(٤) المغني ٥ : ٢٩.

(٥) ما بين المعقوفين أضفناه من المغني ٥ : ٢٩.

١٢٨

وجوده كالعدم.

ولو صالَح عن القصاص بعبدٍ فخرج مستحقّاً ، رجع بقيمة العبد ، وكذا إن خرج حُرّاً - ويحتمل قويّاً الرجوع إلى القصاص فيهما - وبه قال الشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمّد(١) .

وقال أبو حنيفة : إن خرج مستحقّاً رجع بقيمته ، وإن خرج حُرّاً رجع بما صالَح عنه ، وهو الدية(٢) .

مسألة ١١١٦ : قد بيّنّا أنّه يجوز أن يصالحه على إجراء ماء المطر على سطحه مع العلم بالمشاهدة للسطح أو بالمساحة‌ ؛ لاختلاف الماء بكبر السطح وصغره.

وهل يفتقر إلى ذكر المدّة؟ مَنَع منه الحنابلة ؛ لأنّ الحاجة تدعو إليه(٣) .

ويجوز العقد على المنفعة في موضع الحاجة من غير تقديرٍ كما في النكاح.

ولا يملك صاحب الماء مجراه ؛ لأنّ هذا لا يستوفى به منافع المجرى دائماً ولا في أكثر المدّة ، بخلاف الساقية. وفيه نظر.

ولا يحتاج في إجراء الماء في الساقية إلى ما يُقدّر به ؛ لأنّ تقدير ذلك حصل بتقدير الساقية ، فإنّه لا يملك أن يجري فيها أكثر من مائها ، والماء الذي يجري على السطح يحتاج إلى معرفة مقدار السطح ؛ لأنّه يجري فيه القليل والكثير.

ولو كان السطح الذي يجري عليه الماء مستأجَراً أو عاريةً مع إنسانٍ ، لم يجز له أن يصالح على إجراء الماء عليه ؛ لأنّه يتضرّر بذلك ولم يؤذن له‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ٢٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧.

(٣) المغني ٥ : ٣٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١.

١٢٩

فيه ، فلم يكن له أن يتصرّف(١) فيه.

وأمّا الساقية المحصورة فإن مَنَع المالك أو لم يعلم بالعرف إباحته ، فكذلك ، وإلّا جاز ؛ لأنّ الأرض لا تتضرّر به.

ولو كان ماء السطح يجري على الأرض ، جاز الصلح أيضاً على ذلك ، سواء احتاج إلى حفرٍ أو لا ؛ لأنّه بمنزلة إجراء الماء إلى ساقيةٍ. ويشترط المدّة المعيّنة.

ومَنَع أحمد - في إحدى الروايتين - منه(٢) .

مسألة ١١١٧ : لا يجوز للإنسان أن يجري الماء في أرض غيره‌ ، سواء اضطرّ إلى ذلك أو لا ، إلّا بإذنه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٣) - لأنّه تصرّف في أرض غيره بغير إذنه فلم يجز ، كما لو لم تَدْعُ إليه ضرورة ، ولأنّ مثل هذه الحاجة لا تبيح مال غيره ، كما أنّه لا يباح له الزرع في أرض الغير ولا البناء ولا الانتفاع بسائر وجوه الانتفاعات وإن احتاج إليها.

وفي الرواية الأُخرى عن أحمد : إنّه يجوز له إجراء الماء في أرض الغير عند الحاجة بأن تكون له أرض للزراعة لها ماء لا طريق له إلّا أرض جاره ، فإنّه يجوز له إجراء الماء فيها وإن كره المالك ؛ لما روي أنّ الضحّاك ابن خليفة ساق خليجاً من العريض ، فأراد أن يجريه في أرض محمّد بن مسلمة فأبى ، فقال له الضحّاك : لِمَ تمنعني وهو منفعة لك تشربه أوّلاً وآخراً ولا يضرّك؟ فأبى محمّد ، فكلّم فيه الضحّاك عمر ، فدعا عمر محمّد بن مسلمة فأمره أن يخلّي سبيله ، فقال محمّد : لا والله ، فقال له عمر : لِمَ تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تشربه أوّلاً وآخراً؟ فقال محمّد : لا والله ، فقال‌

____________________

(١) في « ث ، خ ، ر » والطبعة الحجريّة : « له التصرّف » بدل « أن يتصرّف ».

(٢) المغني ٥ : ٣٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢.

(٣) المغني ٥ : ٣٠ - ٣١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢.

١٣٠

عمر : ليمرّن به ولو على بطنك ، فأمره عمر أن يمرّ به ، ففعل. رواه مالك في موطّئه ، وسعيد في سننه(١) .

وهو خطأ ؛ لتطابق العقل والنقل على قبح التصرّف في مال الغير بغير إذنه. وقول عمر وفعله ليس حجّةً فيما لا يخالف العقل والنقل ، فكيف فيما يخالفهما.

مسألة ١١١٨ : يصحّ الصلح عن كلّ ما يجوز أخذ العوض عنه ، عيناً كان كالدار والعبد‌ ، أو دَيْناً ، أو حقّاً كالشفعة والقصاص ، ولا يجوز على ما ليس بمالٍ ممّا لا يصحّ أخذ العوض عنه.

فلو صالحته المرأة على أن تقرّ له بالزوجيّة ، لم يصح ؛ لأنّها لو أرادت بذل نفسها بعوضٍ لم يجز.

ولو دفعت إليه عوضاً عن دعوى الزوجيّة ليكفّ عنها ، فالأقرب : الجواز - وللحنابلة وجهان(٢) - لأنّ المدّعي يأخذ عوضاً عن حقّه من النكاح فجاز ، كعوض الخلع ، والمرأة تبذله لقطع خصومته وإزالة شرّه فجاز.

فإن صالحته ثمّ ثبتت الزوجيّة بإقرارها أو بالبيّنة ، فإن قلنا : الصلح باطل ، فالنكاح باقٍ بحاله ؛ لأنّه لم يوجد من الزوج سبب الفرقة من طلاقٍ ولا خلع.

وإن قلنا : يصحّ الصلح ، فكذلك أيضاً.

وعند الحنابلة أنّها تبين منه بأخذ العوض ؛ لأنّه أخذه عمّا يستحقّه من نكاحها ، فكان خلعاً ، كما لو أقرّت له بالزوجيّة فخالعها(٣) .

وليس بشي‌ءٍ.

____________________

(١) المغني ٥ : ٣١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢ ، وانظر : الموطّأ ٢ : ٧٤٦ / ٣٣.

(٢) المغني ٥ : ٣٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٦ - ٧.

(٣) المغني ٥ : ٣٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٧.

١٣١

ولو ادّعت أنّ زوجها طلّقها ثلاثاً فصالحها على مالٍ لترك دعواها ، لم يجز ؛ لأنّه لا يجوز لها بذل نفسها لمطلّقها بعوضٍ ولا بغيره.

ولو دفعت إليه مالاً ليُقرّ بطلاقها ، لم يجز.

وللحنابلة وجهان ، أحدهما : الجواز ، كما لو بذلت له مالاً ليطلّقها(١) .

مسألة ١١١٩ : لو ادّعى على غيره أنّه عبده فأنكره ، فصالحه على مالٍ ليُقرّ له بالعبوديّة ، لم يجز‌ ؛ لأنّه يحلّ حراماً ، فإنّ إرقاق الحُرّ نفسه لا يحلّ بعوضٍ ولا بغيره.

ولو دفع المدّعى عليه مالاً صلحاً عن دعواه جاز ؛ لأنّه يجوز أن يعتق عبده بمالٍ ، ولأنّه يقصد بالدفع إليه دفع اليمين الواجبة عليه والخصومة المتوجّهة إليه.

ولو ادّعى على غيره ألفاً فأنكره فدفع إليه شيئاً ليُقرّ له بالألف ، لم يصح ، فإن أقرّ لزمه ما أقرّ به ، ويردّ ما أخذه ؛ لأنّا نتبيّن بإقراره كذبه في إنكاره ، وأنّ الألف عليه ، فيلزمه أداؤه بغير عوضٍ ، ولا يحلّ له [ أخذ ] العوض عن أداء الواجب عليه ، فإن دفع إليه المنكر مالاً صلحاً عن دعواه جاز.

مسألة ١١٢٠ : لو صالَح شاهداً على أن لا يشهد عليه ، لم يصح‌ ؛ لأنّ المشهود به إن كان حقّاً لآدميٍّ - كالدَّيْن - أو لله تعالى - كالزكاة - فإن كان الشاهد يعرف ذلك ، لم يجز له أخذ العوض على تركه ، كما لا يجوز له أخذ العوض على ترك الصلاة ، وإن كان كذباً لم يجز له أخذ العوض على تركه ، كما لا يجوز أخذ العوض على ترك شرب الخمر.

وإن صالحه على أن لا يشهد عليه بالزور ، لم يصح ؛ لأنّ ترك ذلك واجب عليه ، ويحرم عليه فعله ، فلا يجوز أخذ العوض عنه ، كما لا يجوز‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٣٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٧.

١٣٢

أن يصالحه على أن لا يقتله ولا يغصب ماله.

وإن صالحه على أن لا يشهد عليه بما يوجب الحدّ كالزنا والسرقة ، لم يجز أخذ العوض عنه ؛ لأنّ ذلك ليس بحقٍّ له ، فلا يجوز له أخذ عوضه ، كسائر ما ليس بحقٍّ له.

ولو صالَح السارق والزاني والشارب بمالٍ على أن لا يرفعه إلى السلطان ، لم يصح كذلك ، ولم يجز له أخذ العوض.

ولو صالحه عن حدّ القذف ، لم يصح ؛ لأنّه إن كان لله تعالى لم يجز(١) له أن يأخذ عوضه ؛ لكونه ليس بحقٍّ له ، فأشبه حدّ الزنا ، وإن كان حقّاً له لم يصحّ الصلح ؛ لأنّه لا يجوز الاعتياض عنه ؛ لأنّه ليس من الحقوق الماليّة ، ولهذا لا يسقط إلى بدلٍ ، بخلاف القصاص ، ولأنّه شُرّع لتنزيه العِرْض ، فلا يجوز أن يعاوض عن عِرْضه بمالٍ.

والأقرب : عدم سقوط الحدّ بالصلح.

وللحنابلة وجهان مبنيّان على كونه حقّاً لله تعالى فلا يصحّ الصلح عنه ، كحدّ الزنا ، وكونه حقّاً للآدميّ فيسقط ، كالقصاص(٢) .

ولو صالَح عن حقّ الشفعة ، جاز عندنا ؛ لأنّه حقٌّ تعلّق بالمال ، فجاز الاعتياض عنه به ، كغيره من الحقوق الماليّة.

ومَنَع منه الحنابلة ؛ لأنّ الشفعة حقٌّ شُرّع على خلاف الأصل لدفع ضرر الشركة ، فإذا رضي بالتزام الضرر سقط الحقّ من غير بدلٍ(٣) .

وهو ممنوع.

مسألة ١١٢١ : لا يجوز أن يحفر في الطرق النافذة بئراً لنفسه‌ ، سواء‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « لم يكن » بدل « لم يجز ».

(٢) المغني ٥ : ٣٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩.

(٣) المغني ٥ : ٣٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩.

١٣٣

جعلها لماء المطر أو يستخرج منها ماء ينتفع به ، ولا غير ذلك.

ولو أراد حفرها للمسلمين ونفعهم أو لينتفع بها الطريق بأن يحفرها ليستقي الناس من مائها ويشرب منه المارّة أو لينزل فيها ماء المطر عن الطريق ، فإن تضرّر بها المسلمون أو كان الدرب ضيّقاً أو يحفرها في ممرّ الناس بحيث يخاف سقوط إنسانٍ فيها أو دابّة أو يضيق عليهم ممرّهم ، لم يجز ذلك ؛ لأنّ ضررها أكثر من نفعها.

وإن حفرها في زاويةٍ من طريقٍ واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها ، فالأقرب : الجواز ؛ لأنّه نفع لا ضرر فيه ، لكن مع الضمان.

وإن كان الدرب غير نافذٍ ، لم يجز شي‌ء من ذلك مطلقاً إلّا بإذن أربابه ؛ لأنّه ملكٌ لقومٍ معيّنين ، فلا يجوز فعله إلّا بإذنهم ، كما لو فعله في بستان غيره.

ولو صالَح أهل الدرب على ذلك جاز ، سواء حفرها لنفسه أو لينزل فيها ماء المطر عن داره أو ليستقي منها ماءً لنفسه ، أو حفرها للسبيل ونفع الطريق.

وكذا إن فَعَل ذلك في ملك إنسانٍ معيّن.

مسألة ١١٢٢ : قد بيّنّا أنّه يجوز إخراج الميازيب في الطرق النافذة إذا لم يمنع منه أحد يتضرّر به - وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي(١) - لأنّ عمر بن الخطّاب اجتاز على دار العبّاس وقد نصب ميزاباً إلى الطريق ، فقلعه ، فقال العبّاس : تقلعه وقد نصبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده(٢) ، وما فَعَله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جاز لغيره فعله ؛ عملاً بالتأسّي ما لم يقم دليل على اختصاصه ، ولأنّ الحاجة تدعو إلى ذلك ، ولا يمكنه ردّ مائه إلى داره.

____________________

(١) المغني ٥ : ٣٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٩.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٤٢ ، الهامش (١)

١٣٤

وقال أحمد : لا يجوز ؛ لأنّه تصرّف في هواءٍ مشتركٍ بينه وبين غيره بغير إذنه فلم يجز ، كغير النافذ(١) .

وعدم الإذن ممنوع بوضع عامّة الناس في الأمصار بأسرها على استمرار الدهور.

مسألة ١١٢٣ : قد بيّنّا أنّه لا يجوز وضع الجذوع على حائط الجار إلّا بإذنه ، وبيّنّا الخلافَ.

وكذا في جدار المسجد.

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : الجواز ؛ لأنّه إذا جاز في ملك الجار مع أنّ [ حقّه ](٢) مبنيّ على الشحّ والتضييق ، ففي حقّ الله تعالى المبنيّ على المسامحة والمساهلة أولى(٣) .

وكلتا المقدّمتين ممنوعة.

فرعٌ : على قول أحمد إذا كان له وضع خشبٍ على جدار غيره ، لم يملك إعارته ولا إجارته‌ ؛ لأنّه إنّما كان له ذلك لحاجته الماسّة إلى وضع خشبه ، ولا حاجة له إلى وضع خشبة غيره ، فلم يملكه.

وكذلك لا يملك بيع حقّه من وضع خشبه ولا المصالحة عنه للمالك ولا لغيره ؛ لأنّه أُبيح له لحاجته إليه ، فلا يجوز [ التخطّي ](٤) كطعام غيره إذا أُبيح له للضرورة لم يملك إباحة غيره(٥) .

ولو تنازعا مسنّاةً بين نهر أحدهما وأرض الآخَر أو بين أرضيهما أو‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٣٦ - ٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٠.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « حائطه ». والمثبت كما في المصدر.

(٣) المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٨.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « التخطئة ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) المغني ٥ : ٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٩ - ٤٠.

١٣٥

نهريهما ، تحالفا ، وكانت بينهما ؛ لأنّها حاجز بين ملكيهما ، كالحائط بين الملكين.

مسألة ١١٢٤ : لو كان السُّفْل لرجلٍ والعلوّ لآخَر ، فانهدم السقف الذي بينهما ، لم يُجبر أحدهما على عمارته لو امتنع‌ - وللشافعي قولان ، وعن أحمد روايتان(١) - للأصل.

ولو انهدمت حيطان السُّفْل وأراد صاحب العلوّ بناءه ، لم يُمنع من ذلك ؛ توصّلاً إلى تحصيل ملكه.

فإن بناه بآلته ، فهو على ما كان.

وإن بناه بآلةٍ من عنده ، لم يكن له منع صاحب السُّفْل من السكنى - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ ملكه لم يخرج عن السُّفْل ، والسكنى إنّما هي إقامته في فناء الحيطان من غير تصرّفٍ فيها ، فأشبه الاستظلال بها من خارجٍ.

ومَنَع أبو حنيفة من السكنى ؛ لأنّ البيت إنّما يُبنى للسكنى فلم يملكه ، كغيره(٣) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ إذ لا يمنع من التصرّف في ملكه المختصّ به.

وعن أحمد روايتان(٤) .

مسألة ١١٢٥ : لو كان الحائط بينهما نصفين فاتّفقا على بنائه أثلاثاً أو بالعكس ، جاز‌ ، كما لو تبرّع أحدهما ببنائه.

ومَنَع الحنابلة من تساويهما في البناء لو اختلفا في الاستحقاق ؛ لأنّه يصالح على بعض ملكه ببعضٍ فلم يصحّ ، كما لو أقرّ له بدارٍ فصالحه على‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٤٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧.

(٢ - ٤) المغني ٥ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧.

١٣٦

سكناها(١) .

والملازمة ممنوعة ، وكذا الحكم في الأصل ممنوع.

ولو اتّفقا على أن يحمله كلّ واحدٍ منهما ما شاء ، لم يجز ؛ لجهالة الحمل ، وإنّه يحمله من الأثقال ما لا طاقة له بحمله.

مسألة ١١٢٦ : لو كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخَر ، لم يُمنع صاحب الأعلى من الصعود على سطحه‌ ، ولا يحلّ له الإشراف على سطح جاره.

وقال أحمد : ليس لصاحب العلوّ الصعودُ على سطحه على وجهٍ يشرف على سطح جاره إلّا أن يبني سترةً تستره(٢) .

ومذهبنا أنّه لا يجب بناء السترة - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه حاجز بين ملكيهما فلا يُجبر عليه ، كالأسفل.

احتجّ أحمد بأنّه يحرم عليه الاطّلاع والإشراف على جاره ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لو أنّ رجلاً اطّلع عليك فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح »(٤) (٥) .

ونحن نقول بموجبه ، فإنّ الاطّلاع حرام عندنا ، أمّا العلوّ بالسطح فلا.

مسألة ١١٢٧ : لو تنازع اثنان جملاً ، فإن كان لأحدهما عليه حمْلٌ كان صاحب الحمل أولى‌ ، وبه قال الشافعي وإن لم يحكم بالجدار لصاحب الجذوع التي عليه ، وفرَّق بأنّ الحائط ينتفع به كلّ واحدٍ منهما وإن كان‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٥٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩.

(٢) بحر المذهب ٨ : ٤١ ، المغني ٥ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢ - ٥٣.

(٣) بحر المذهب ٨ : ٤١ ، المغني ٥ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣.

(٤) صحيح البخاري ٩ : ٨ - ٩ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٩٩ / ٤٤.

(٥) المغني ٥ : ٥٢ - ٥٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣.

١٣٧

صاحب الجذوع أكثر منفعةً ، وأمّا الجمل فالانتفاع لصاحب الحمل ، دون الآخَر(١) .

وهذا الفرق ليس بشي‌ءٍ ، بل انتفاع صاحب الجذوع بالجدار أدوم.

ولو تنازعا عبداً ولأحدهما عليه ثوبٌ لابسه ، تساويا فيه ، بخلاف الحمل ؛ لأنّ صاحب الثوب لا ينتفع بلُبْس العبد له ، بخلاف الحمل ، ولأنّ الحمل لا يجوز أن يحمله على الجمل إلّا بحقٍّ ، ويجوز أن يجبر العبد على لُبْس قميص غير مالكه إذا كان عرياناً وبذله ، فافترقا.

مسألة ١١٢٨ : لو كان في يد شخصين درهمان فادّعاهما أحدهما وادّعى الآخَر واحداً منهما ، أُعطي مدّعيهما معاً درهماً‌ ، وكان الدرهم الآخَر بينهما نصفين ؛ لأنّ مدّعي أحدهما غير منازعٍ في الدرهم الآخَر ، فنحكم به لمدّعيهما ، وقد تساويا في دعوى أحدهما يداً ودعوى ، فيُحكم به لهما.

هذا إذا لم توجد بيّنة.

والأقرب : إنّه لا بدّ من اليمين ، فيحلف كلّ واحدٍ منهما على استحقاق نصف الآخَر الذي تصادمت دعواهما فيه ، فمَنْ نكل منهما قُضي به للآخَر.

ولو نكلا معاً أو حلفا معاً ، قُسّم بينهما نصفين ؛ لما رواه عبد الله بن المغيرة عن غير واحدٍ من أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام : في رجلين كان معهما درهمان ، فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخَر : هُما بيني وبينك ، قال : فقال الصادقعليه‌السلام : « أمّا أحد الدرهمين ليس له فيه شي‌ء ، وإنّه لصاحبه ، ويُقسم الدرهم الباقي بينهما نصفين »(٢) .

مسألة ١١٢٩ : لو أودع رجل عند آخَر دينارين وأودعه آخَر ديناراً وامتزجا ثمّ ضاع دينار منهما‌ ، فإن كان بغير تفريطٍ منه في الحفظ ولا في‌

____________________

(١) البيان ١٣ : ١٩٦ ، المغني ١٢ : ٢٢٨ ، وراجع الهامش (٣) من ص ٥٨٣.

(٢) التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨١.

١٣٨

المزج بأن أذنا له في المزج أو حصل المزج بغير فعله ولا اختياره ، فلا ضمان عليه ؛ لأصالة البراءة ، ولو فرّط ضمن التالف.

هذا بالنظر إلى المستودع ، وأمّا المال الباقي فإنّه يعطى صاحب الدينارين ديناراً ؛ لأنّ خصمه يسلّم له أنّه لا يستحقّ منه شيئاً ، ويبقى الدينار الآخَر تتصادم دعواهما فيه ، فيُقسم بينهما نصفين ؛ لما رواه السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام : في رجلٍ استودع رجلاً دينارين واستودعه آخَر ديناراً فضاع دينار منهما ، فقال : « يعطى صاحب الدينارين ديناراً ، ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين »(١) .

ولو كان ذلك في متساوي الأجزاء الممتزج مزجاً يرفع الامتياز ، كما لو استودعه أحدهما قفيزين من حنطةٍ أو شعير أو دخن وشبهه ، واستودعه الآخَر قفيزاً مثلهما ثمّ امتزج المالان وتلف قفيز من الممتزج ، فإنّ الأقوى هنا أن يقسم المال التالف بينهما على نسبة المالين ، فيكون لصاحب القفيزين قفيز وثلث قفيزٍ ، ولصاحب القفيز ثلثا قفيزٍ.

والفرق ظاهر ؛ لأنّ عين أحد الدينارين غير مستحقٍّ لصاحب الدينار.

مسألة ١١٣٠ : لو اشترى العامل في البضاعة ثوباً بثلاثين درهماً‌ ، واشترى من مال المباضع الآخَر ثوباً بعشرين درهماً ، ثمّ امتزج الثوبان ، فإن خيّر أحدهما صاحبه فقد أنصفه ، وإن تعاسرا بِيعا معاً ، وبسط الثمن على القيمتين ، فيأخذ صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، ويأخذ صاحب العشرين خُمْسي الثمن ؛ إذ الظاهر عدم التغابن ، وأنّ كلّ واحدٍ منهما اشترى بقيمته وباع بالنسبة.

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨٣.

١٣٩

ولما رواه إسحاق بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهماً في ثوبٍ وآخَر عشرين درهماً في ثوبٍ ، فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه ، قال : « يُباع الثوبان فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والآخَر خُمْسي الثمن » قال : قلت : فإنّ صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين : اختر أيّهما شئت ، قال : « قد أنصفه »(١) .

ولو بِيعا منفردين ، فإن تساويا في الثمن فلكلٍّ مثل صاحبه ؛ ليميّز حقّ كلّ واحدٍ منهما عن حقّ الآخَر ، وإن تفاوتا كان أقلّ الثمنين لصاحب العشرين وأكثرهما لصاحب الثلاثين ؛ قضاءً بالظاهر من عدم الغبن.

مسألة ١١٣١ : لو تنازعا في دابّةٍ فادّعاها كلّ واحدٍ منهما وكان أحدهما راكبَها والآخَر قابض لجامها ولا بيّنة‌ ، قال الشيخرحمه‌الله : يُحكم بها لهما ، وتُجعل بينهما نصفين(٢) ، وبه قال أبو إسحاق المروزي(٣) ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ منهما يداً عليها.

وقال باقي العامّة : يُحكم بها للراكب ؛ لبُعْد تمكين صاحب الدابّة غيرَه من ركوبها ، وإمكان أخذ اللجام من صاحب الدابّة(٤) . وهو الأقوى عندي.

ولو تنازعا ثوباً في يدهما ، قضي لهما معاً به بالسويّة وإن كان في يد أحدهما أكثر ؛ لتساويهما في اليد والدعوى ، وكلّ ذلك مع عدم البيّنة‌

____________________

(١) الكافي ٧ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٣ / ٦٢ ، التهذيب ٤ : ٢٠٨ / ٤٨٢.

(٢) الخلاف ٣ : ٢٩٦ ، المسألة ٥ من كتاب الصلح.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٨ : ٢١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣١٨ ، الوجيز ١ : ١٨٠ - ١٨١ ، الوسيط ٤ : ٦٤ ، حلية العلماء ٨ : ٢١١ ، البيان ١٣ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(٦٤)

رواية محمد سالم الدهلوي

ورواه محمّد سالم بن محمد سلام الله الدهلوي، في الفصل الثالث من رسالته المسمّاة بـ ( اُصول الإِيمان ) عن الترمذي وقد نص في مقدّمة هذه الرسالة على أنّها مستمدة من الكتب المعتبرة، وأن الأحاديث الواردة فيها صحيحة.

ترجمة محمد سالم الدهلوي

وهذا الشيخ حفيد المحدّث الكبير الشيخ عبد الحق الدهلوي، قال في ( نزهة الخواطر ): « الشّيخ الفاضل أبو الخير محمد سالم بن سلامة ابن شيخ الإِسلام الحنفي البخاري الدهلوي، كان من ذريّة الشيخ المحدّث عبد الحق ابن سيف الدين البخاري له مصنفات عديدة، أشهرها: اُصول الإِيمان في حبّ النبيّ وآله من أهل السعادة والإِيقان » ٧ / ٤٤٠ - ٤٤١.

(٦٥)

رواية المولوي وليّ الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله بن حبيب الله السّهالي اللكهنوي، في الفصل الثاني من الباب الأول من كتابه ( مرآة المؤمنين في مناقب آل سيّد المرسلين )، وقد عنون الفصل بعنوان: « الفصل الثاني في بيان مناقب سيدنا علي المرتضى

٢٦١

ومآثره القاطعة التي هي نصوص على فضيلته وخلافته ».

رواه عن النّسائي عن ابن عباس عن بريدة، وعنه عن عمران بن حصين، وعنه عن بريدة.

وروى أيضاً حديث عمرو بن ميمون بطوله عن الحاكم والنسائي.

هذا، وقد ذكر في صدر كتابه ما نصه:

« وبعد فهذه أحاديث مشتملة على مناقب أهل البيت النبوية، والعترة الطّاهرة المصطفويّة، من الكتب المعتبرة، من الصّحاح والتواريخ، منبّهاً على أسامي الكتب، معرضاً عن الضعاف المتروكة عند علماء الحديث، مقتصراً على ما تواتر من الأحاديث أو اشتهر، أو من الحسان

ترجمة ولي الله اللكهنوي

وترجم صاحب ( نزهة الخواطر ) الشيخ ولي الله اللكهنوي المتوفى سنة ١٢٧٠ قال: « الشيخ الفاضل العلّامة، أحد الأساتذة المشهورين » ثم ذكر مصنفاته، وعدّ منها: ( مرآة المؤمنين )(١). .

(٦٦)

رواية القندوزي البلخي

ورواه الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي البلخي بطرقٍ متعددة.

فرواه عن الترمذي عن عمران بن حصين.

وعن ( الإِصابة ) عن وهب بن حمزة قال: « سافرت مع علي بن أبي

__________________

(١). نزهة الخواطر ٧ / ٥٢٧.

٢٦٢

طالب، فرأيت منه بعض ما أكره، فشكوته النبي صلّى الله عليه وسلّم. فقال: لا تقولنَّ هذا لعلي، فإنّه وليّكم بعدي ».

وعن ( المشكاة ) عن عمران بن حصين.

وقال: « قال الحسن بن علي - رضي الله عنهما - في خطبته قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حين قضى بينه وبين أخيه جعفر ومولاه زيد في ابنة عمّه حمزة: أما أنت - يا علي - فمنّي وأنا منك وأنت وليّ كل مؤمنٍ بعدي ».

وقال: « في كنوز الدقائق للمناوي: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. لأبي داود الطّيالسي »(١). .

ترجمة القندوزي

وهو: الشيخ سليمان بن إبراهيم المعروف بـ ( خواجه كلان ) الحسيني القندوزي البلخي، ولد سنة ١٢٢٠ وسافر إلى البلاد في طلب العلم، فكان من أعلام الفقهاء الحنفية ومن رجال الطريقة النقشبندية، له مؤلّفات، منها ( ينابيع المودة ) دلّ على سعة اطّلاعه ووفور علمه. وتوفي سنة ١٢٩٤ أو ١٢٩٣ أو ١٢٧٠ على اختلاف الأقوال. وتوجد ترجمته في ( معجم المؤلّفين ) و ( الأعلام ).

(٦٧)

رواية حسن زمان الحيدرآبادي

ورواه المولوي حسن زمان بن محمد بن قاسم التركماني الحيدرآبادي

__________________

(١). ينابيع المودة ١ / ١٦٩، ١٧١، ١٧٢.

٢٦٣

وصحّحه، فإنّه قال بعد ذكر حديث الغدير:

« ثم معنى المولى هنا: الولي والسيّد قطعاً. قال العلّامة الحرالي:

والمولى هو الولي اللازم الولاية، القائم بها الدائم عليها، ذكره الفاضل المنّاوي في شرح الجامع الصغير، في حديث: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه.

ويدل عليه ما مضى في روايات اُخرى صحيحة: من كنت وليّه فعليٌّ وليّه.

وفي حديث بريدة عند إمامي السنّة أحمد والنسائي في خصائصه وغيرهما: لا تقع يا بريدة في عليّ، فإنّه منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي، وإنّه منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي.

وقول ابن حجر الهيتمي -: في سنده الأجلح، وهو وإنْ وثّقه ابن معين لكنّ ضعّفه غيره، على أنّه شيعي، وعلى تقدير الصحة فيحتمل أنّه رواه بالمعنى بحسب عقيدته - ليس بشيء.

فإنّه مع كون الأجلح قد صحّ توثيق جماعة، وضعف تضعيف فرقة له بعلّة تشيّعه، قد ورد مثله في رواياتٍ اُخرى صحيحة أيضاً:

ففي الرياض والإِكتفاء عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سرية واستعمل عليها عليّاً أخرجه الترمذي في جامعه وقال: حسن غريب. وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه.

قلت: وقال أبو يعلى في مسنده: نا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين. فذكره به نحوه.

وقال النّسائي في خصائصه: أنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر. فذكره به.

وقال أحمد: ثنا عبد الرزاق وعفان المعنى. وهذا حديث عبد الرزاق قالا: ثنا جعفر بن سليمان. فذكره به.

وفيه: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع - وقد تغيّر

٢٦٤

وجهه - فقال: دعوا عليّاً، دعوا عليّاً، دعوا عليّاً، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وقال الترمذي: أنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر. فذكره به. قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث جعفر بن سليمان.

قلت: هو من زهّاد الشّيعة، ثقة، كثير العلم، إحتج به البخاري في الأدب، ومسلم، والأربعة، وصحّح له التّرمذي، فتحسينه له هذا غريب. وقد حدّث عنه: السفيان الثوري - مع تقدّمه - وابن المبارك، وسيّار بن حاتم، وقتيبة، ومسدّد، ويحيى بن يحيى، وابن مهدي وابن المديني وهما لا يحدّثان إلّا عن ثقة، وعبد الرزاق وقال: رأيته فاضلاً حسن الهدي، وأهل صنعاء، وأهل العراق، وخلقٌ. وقال أحمد: لا بأس به. وقال ابن معين: ثقة، كان يحيى بن سعيد يستضعفه - أي: وهو منه غير مقبول - وقلّده ابن سعد فقال: كان ثقة به ضعف. وكأن استضعاف يحيى لتشيّعه قال ابن حبان في كتاب الثقات:

كان من الثقات المتقنين في الروايات، غير أنّه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أنّ الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أنّ الاحتجاج بأخباره، ولهذه العلّة تركنا حديث جماعةٍ ممّن كانوا ينتحلون البدعة ويدعون إليها وإنْ كانوا ثقات، فاحتججنا بأقوامٍ ثقاتٍ انتحالهم سوء، غير أنهم لم يكونوا يدعون إليها، وانتحال العبد بينه وبين ربّه، إنْ شاء عذّبه وإنْ شاء غفر له، وعلينا قبول الروايات عنهم إذا كانوا ثقات على حسب ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا. انتهى.

وقد ذكر قوله في ترجمة عبد الملك. وتقدّم في المقدمة في مرسل الحسن كلام الخطيب في هذا الباب.

وقال ابن عدي: هو حسن الحديث، معروف بالتشيّع وجمع الرقائق، جالس زهّاد البصرة فحفظ عنهم. وقد روى أيضاً في فضل الشيخين، وهو

٢٦٥

عندي ممّن يجب أنْ ينقل حديث. انتهى. وقال الذهبي: كان شيعياً صدوقاً.

ويزيد عابد ثقة، وقال ابن حجر: وهم من ليّنه، احتجّ به الأئمة الستة.

وكذا مطرف.

وقد صرّح الحافظ ابن حجر في الإِصابة بأنّ سنده قوي. وعزي إلى الطيالسي، والنسائي في الكبرى، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبي نعيم في فضائل الصحابة، والطبراني، والحاكم في مستدركه.

وفي جمع الجوامع: أخرجه ابن أبي شيبة بسندٍ صحيح، وابن جرير وصحّحه، ولفظهما: علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وهذه الجملة عند الديلمي في مسند الفردوس عن أبي ذر الغفاري.

وللحاكم في مستدركه والضياء في مختارته عن ابن عباس: إنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لبريدة: إنّ علياً وليّكم بعدي فأحبَّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به.

وللديلمي عن بريدة مثله.

وقال أبو داود الطيالسي: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لعلي: أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي. وأخرجه أحمد والنسائي، وعنه الطّحاوي في حديث ابن عباس الطويل في خصائص علي بهذا السند، مصرّحاً بالتحديث في جميعه. وسكت عليه ابن حجر في الإِصابة. قال عمر في الإِستيعاب: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ، لصحته وثقة نقلته.

وكأنّه لم يعبأ بتشديد البخاري في قوله وحده في أبي بلج: فيه نظر. وكذا لم يقبله منه من عاصره ومن تأخّر عنه من النقدة المتشدّدة، منهم أبو حاتم قال: صالح الحديث، لا بأس به. ووثّقه النسائي وابن سعد وابن حبان - كما عزي له - واحتجّ به في صحيحه، والدارقطني والحاكم. وألزما مسلماً إخراج حديثه، واحتجّ به الأربعة. وقال الحاكم: واحتجّ به مسلم، ولعلّه في نسخة الصحيح

٢٦٦

من روايته، وهو بَلَديُّ مسلم، فهو أعلم بكتابه.

وسبقهم إلى توثيقه من المتقدّمين: ابن معين، وحدّث عنه إمام النقدة شعبة، وإبراهيم بن المختار، وحاتم بن أبي صغيرة، وحصين بن نمير، وزائدة ابن قدامة، وزهير بن معاوية، والثوري، وسويد بن عبد العزيز، وشعيب بن صفوان، وأبو حمزة السكّري، وأبو عوانة، وهشيم، وغيرهم.

وعن وهب بن حمزة قال: قدم بريدة من اليمن، وكان خرج مع علي بن أبي طالب، فرأى منه جفوة، فأخذ يذكر عليّاً وينتقص من حقّه، فبلغ ذلك رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقال له: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بكم بعدي يعني علياً.

أخرجه الطّبراني في الكبير، وذكره المناوي بتغيير يسير وقال: قال الهيثمي: فيه ذكرين ذكره أبو حاتم ولم يضعّفه أحد وبقية رجاله وثّقوا.

وعن بريدة - في روايةٍ اُخرى - إن عليّاً منّي وأنا منه، خُلِقَ من طينتي وخُلِقْتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم. يا بريدة، أما علمت أن لعليٍ أكثر من الجارية التي أخذ، وأنه وليّكم بعدي.

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وهو صحيح عنده. قال الخطيب: لم أر سواه في معناه.

أورده واعتمده جماعة من الأئمة من آخرهم: السّبكي والسيوطي، وقد أخرجه ابن اُسبوع الأندلسي في الشفاء. كذا في الاكتفاء.

وقد وردت هذه اللّفظة في أحاديث جماعة من الصّحابة بطرقٍ كثيرةٍ ضعيفة، يتقوّى مجموعها، لكن لا حاجة إليها بعد هذه الروايات الثابتات. وممّن جزم بورودها من جهابذة المتأخّرين: الحافظ ابن حجر في الإِصابة، والحافظ الفاسي في العقد الثمين. في آخرين.

فقيلة صاحب القرة: - إنّ زيادة « وهو وليّكم بعدي ونحوها » موضوعه،

٢٦٧

ومن تغييرات الشّيعة - شيء عجاب عند أولي الألباب، مع ذكره لها قبل خمسين ورقة في أجوبة الطوسي، من حديث الترمذي المذكور، وقد صرّح الترمذي بحسنه وهو صحيح على شرطه. وكتابه من كتب كان مؤلّفوها - كما قال صاحب القرة في الحجة - معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقّاها من بَعدِهم بالقبول. إلى آخر ما قال. نسأل الله العافية »(١). .

ترجمة حسن زمان

وهذا الشيخ معاصر للسيّد صاحب العبقات، وقد وصفه السيّد بـ « الجهبذ المبجّل في عصره وأوانه، حسن الزمان، نادرة دهره وحسنة زمانه ».

__________________

(١). القول المستحسن في فخر الحسن: ٢١٤.

٢٦٨

وثاقة الأجلح

وردُّ القدح فيه بسبب تشيّعه

٢٦٩

٢٧٠

قوله

لأنّ في سنده الأجلح وهو شيعي متّهم في روايته.

أقول

هذا الكلام مخدوش بوجوه عديدة، ومنقوض بنقوض سديدة:

١ - توثيق يحيى بن معين

لقد وثّقه إمام المنقّدين يحيى بن معين، قال المزّي: « قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ثقة»(١). وقال ابن حجر: « قال ابن معين: صالح وقال مرةً: ثقة. وقال مرة: ليس به بأس »(٢). .

ترجمة يحيى بن معين

ولنذكر بعض الكلمات في مناقب يحيى بن معين ومحامده، لئلّا يرتاب في سقوط التشكيك في وثاقة الأجلح بعد توثيق يحيى بن معين له:

__________________

(١). تهذيب الكمال بترجمة الأجلح ٣١ / ٥٤٩.

(٢). تهذيب التهذيب - ترجمة الأجلح ١ / ١٦٦.

٢٧١

قالالسمعاني: « أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام المريّ، مرّة غطفان، من أهل بغداد. كان إماماً ربّانيّاً عالماً حافظاً ثبتاً متقناً، مرجوعاً إليه في الجرح والتعديل

روى عنه من رفقائه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبو داود السجستاني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم.

وانتهى علم العلماء إليه، حتى قال أحمد بن حنبل: هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن، يظهر كذب الكذابين. يعني: يحيى بن معين. وقال علي بن المديني: لا نعلم أحداً من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين. قال أبو حاتم الرّازي: إذا رأيت البغدادي يحبّ أحمد بن حنبل فاعلم أنّه صاحب سنّة. وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنه كذّاب.

وكانت ولادته في خلافة أبي جعفر سنة ١٥٨ في آخرها ومات لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة ٢٣٣ »(١). .

وقد فصّلنا الكلام في ترجمة يحيى بن معين في مجلّد ( حديث مدينة العلم ).

٢ - توثيق أحمد بن حنبل

وقال أحمد بن حنبل في توثيق الأجلح: « ما أقرب الأجلح من فطر بن الخليفة » روى ذلك: المزّي، وابن حجر العسقلاني. بترجمة الأجلح، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه(٢). .

ولا ريب في أنّ « فطر بن خليفة » ثقة عند أحمد بن حنبل قال

__________________

(١). الأنساب - المري ١٢ / ٢١٦ - ٢١٧.

(٢). تهذيب الكمال ٢ / ٢٧٧ تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

٢٧٢

الذّهبي:

« فطر بن خليفة المخزومي، مولاهم، الحناط، عن: أبي الطفيل، وعطاء الشيبي، ومولاه عمرو بن حريث الصحابي، وعن مجاهد، والشعبي، وخلق. وعنه: القطّان، ويحيى بن آدم، وقبيصة. وخلق. له نحو ستّين حديثاً، وهو شيعي جلد صدوق، وثّقه أحمد وابن معين. مات سنة ١٥٣»(١). .

وقال ابن حجر: « قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ثقة صالح الحديث »(٢). .

فيكون الأجلح ثقة عند أحمد بن حنبل.

٣ - توثيق الفلّاس

وهو عند عمرو بن علي الفلاس مستقيم الحديث، صدوق، فقد ذكر ابن حجر العسقلاني بترجمته: « وقال عمرو بن علي: مات سنة ١٤٥ أوّل السنة، وهو رجل من بجيلة، مستقيم الحديث، صدوق. قلت: ليس هو من بجيلة »(٣). .

ترجمة الفلاس

والفلّاس من أكابر أئمّة المسلمين الأعلام، وهذه نبذة من كلماتهم بترجمته:

١ - السمعاني: « أبو حفص عمرو بن علي بن بحر بن الكُنَيز السقّاء الفلّاس

__________________

(١). الكاشف ٢ / ٣٣٢ ترجمة فطر.

(٢). تهذيب التهذيب ٨ / ٢٧١ ترجمة فطر.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

٢٧٣

- ذكرته في الفاء - كان أحد أئمّة المسلمين، من أهل البصرة، قدم أصبهان سنة ستّ عشرة وأربع وعشرين، وست وثلاثين ومائتين، وحدّث بها. روى عنه: عفان بن مسلم، وسئل أبو زرعة الرازي عنه فقال: ذاك من فرسان الحديث. وقال حجّاج بن الشاعر: لا يبالي أن يأخذ من عمرو بن علي من حفظه أو من كتابه. وكان أبو مسعود الرازي يقول: لا أعلم أحداً قدم هاهنا أتقن من أبي حفص »(١). .

٢ - الذهبي: « الحافظ الإِمام الثبت، أبو حفص، الباهلي البصري الصيرفي، الفلّاس، أحد الأعلام. مولده بعد الستين ومائة. سمع: يزيد زريع، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمّي، وسفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وطبقتهم، فأكثر وأتقن، وجوّد وأحسن.

حدّث عنه: الستّة، والنسائي أيضاً بواسطة، وعفّان وهو من شيوخه، وأبو زرعة، ومحمد بن جرير، وابن صاعد، والمحاملي، وأبو روق الهزاني، واُممٌ سواهم.

قال النسائي: ثقة حافظ صاحب حديث. وقال أبو حاتم: كان أوثق من علي بن المديني. وقال عبّاس العنبري: ما تعلّمت الحديث إلّا منه. وقال حجّاج بن شاعر: عمرو بن علي لا يبالي أحدّث من حفظه أو من كتابه. وقال أبو زرعة: ذاك من فرسان الحديث، لم نر بالبصرة أحفظ منه ومن ابن المديني والشاذكوني.

قال الفلّاس: حضرت مجلس حمّاد بن زيد وأنا صبيّ وضيء، فأخذ رجل بخدّي ففررت فلم أعد.

وقال ابن اشكاب: ما رأيت مثل الفلاس، وكان يحسن كلّ شيء.

وعنه قال: ما كنت فلّاساً قط »(٢). .

__________________

(١). الأنساب ٧٠ / ٩٠.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٨٧.

٢٧٤

وترجم له في ( سير أعلام النبلاء ) فوصفه بـ « الحافظ الإِمام المجوّد الناقد » ثم أورد الكلمات في حقّه(١). .

وكذا في ( العبر ) بعد أنْ وصفه بـ « الحافظ أحد الأعلام »(٢). .

٣ - وكذا ترجم له كلّ من اليافعي(٣). وابن حجر(٤). والسّيوطي(٥). .

٤ - توثيق العجلي

ووثّقه أحمد بن عبد الله العجلي، فقد ذكر المزّي: « قال أحمد بن عبد الله العجلي: كوفي ثقة»(٦). . وقال ابن حجر: « قال العجلي: كوفي ثقة »(٧). وقال السّيوطي بعد تكلّم ابن الجوزي في الأجلح: « قلت: روى له الأربعة، ووثّقه ابن معين والعجلي »(٨). .

ترجمة العجلي

والعجلي أيضاً من كبار الأئمّة الحفّاظ، المرجوع إليهم في الجرح والتعديل:

١ - السمعاني: « أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٧٠.

(٢). العبر - حوادث ٢٤٩.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٢٤٩.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ٧٥.

(٥). طبقات الحفّاظ: ٢١٤.

(٦). تهذيب الكمال ٢ / ١٧٧.

(٧). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

(٨). اللآلي المصنوعة ١ / ٣٢٢.

٢٧٥

العجلي، كوفي الأصل، نشأ ببغداد، وسمع بها وبالكوفة والبصرة وكان حافظاً ديّناً صالحاً، إنتقل إلى بلاد المغرب فسكن اطرابلس، وانتشر حديثه هناك. روى عنه ابنه أبو مسلم صالح، وذكر أنه سمع منه في سنة ٢٥٧. وكان يشبّه بأحمد بن حنبل، وكان خروجه إلى المغرب أيّام محنة أحمد بن حنبل. وكانت ولادته بالكوفة سنة ١٨٢. ومات في سنة ٢٦١ وقبره بأعلى الساحل باطرابلس، وقبر ابنه صالح إلى جنبه »(١). .

٢ - الذّهبي: « العجلي، الإِمام الحافظ القدوة حدّث عنه ولده صالح بمصنّفه في الجرح والتعديل، وهو كتاب مفيد يدلّ على سعة حفظه. ذكره عباس الدوري فقال: كنا نعدّه مثل أحمد ويحيى بن معين »(٢). .

وكذا في ( العبر ) وذكر كلمة الدوري(٣). .

وفي ( سير أعلام النبلاء ) وصفه: « الإِمام الحافظ الناقد الأوحد الزاهد » وذكر كتابه في الجرح والتعديل ومدحه، ثم ذكر بعض الكلمات في حق العجلي والثناء عليه من الأكابر(٤). .

٥ - توثيق الفسوي

ووثّقه يعقوب بن سفيان الفسوي بصراحة وإنْ ناقض نفسه فليّن حديثه قال ابن حجر: « قال يعقوب بن سفيان: ثقةٌ حديثه ليّن »(٥). .

__________________

(١). الأنساب - الاطرابلسي ١ / ٣٠٤.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٥٦٠ / ٥٨٢.

(٣). العبر - حوادث ٢٦١.

(٤). سير أعلام النبلاء ١٢ / ٥٠٥.

(٥). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦ ترجمة الأجلح.

٢٧٦

ترجمة الفسوي

والفسوي من أكابر الأئمة المعتمدين لدى القوم:

١ - السمعاني: « الفسوي. بفتح الفاء والسين، وهذه النّسبة إلى فسا، وهي بلدة من بلاد فارس، خرج منها جماعة من العلماء والرحالين، منهم: أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي. كان من الأئمة الكبار، ممّن جمع ورحل من الشرق إلى الغرب، وصنّف وأكثر، مع الورع والنسك والصّلابة في السنّة.

رحل إلى: العراق، والحجاز، والشام، والجزائر، وديار مصر. وكتب عن عبيد الله بن موسى. روى عنه: أبو محمد ابن درستويه النحوي.

مات في رجب الثالث والعشرون منه، من سنة ٢٧٧ »(١). .

٢ - الذهبي: « الفسوي الحافظ الإِمام الحجة عنه: الترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وأبو عوانة، وابن أبي حاتم، ومحمد بن حمزة بن عمار، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وآخرون. وبقي في الرحلة ثلاثين سنة.

قال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا من نبلاء الرّجال يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله

وقيل: كان يتكلّم في عثمان -رضي‌الله‌عنه - ولم يصح »(٢). .

وفي ( العبر ): « الإِمام يعقوب بن سفيان الحافظ، أحد أركان الحديث، وصاحب المشيخة والتاريخ »(٣). .

__________________

(١). الأنساب - الفسوي ٩ / ٣٠٥.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٥٨٢.

(٣). العبر - حوادث ٢٧٧.

٢٧٧

وفي ( سير أعلام النبلاء ): « الفسوي الإِمام الحافظ الحجة الرحال، محدّث إقليم فارس ...»(١). .

٦ - توثيق ابن عدي

ووصفه ابن عدي صاحب ( الكامل ) الكتاب الشهير في الجرح والتعديل، بالصدّق، والاستقامة في الحديث، وأضاف أنّه لم ير له حديثاً منكرا مطلقاً فقد قال المزي بترجمة الأجلح:

« قال أحمد بن عدي: له أحاديث صالحة، يوري عنه الكوفيّون وغيرهم، فلم أجد له حديثاً منكراً متجاوزاً للحد لا إسناداً ولا متناً، إلّا أنّه يعدّ في شيعة الكوفة وهو عندي مستقيم الحديث»(٢). .

وقال ابن حجر: « قال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ويروي عنه الكوفيّون وغيرهم، ولم أر له حديثاً منكراً مجاوزاً للحد لا إسناداً ولا متناً، إلّا أنّه يعدّ في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح: إنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلّا مات قتلاً أو فقراً»(٣). .

ترجمة ابن عدي

وابن عدي من أئمّة أهل الجرح والتعديل المرجوع إليهم عندهم:

١ - الذهبي: « ابن عدي، الإِمام الحافظ الكبير، أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك الجرجاني، ويعرف أيضاً بابن القطّان، صاحب كتاب الكامل في الجرح والتعديل، كان أحد الأعلام

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٨٠.

(٢). تهذيب الكمال ٢ / ٢٧٨.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

٢٧٨

عنه: أبو العباس ابن عقدة شيخه، وأبو سعد الماليني، والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبد كويه، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو الحسين أحمد بن العالي، وآخرون.

وهو المصنّف في الكلام على الرجال، عارف بالعلل.

قال أبو القاسم ابن عساكر: كان ثقة على لحنٍ فيه.

قال حمزة السهمي: سألت الدار قطني أنْ يصنّف كتاباً في الضعفاء.

فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: بلى. فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه.

قلت: قد صنّف ابن عدي على أبواب مختصر المزني كتاباً سمّاه الإِنتصار.

قال حمزة السهمي: كان حافظاً متقنا لم يكن في زمانه أحد مثله، تفرّد برواية أحاديث، وبه منها لا بنيه عدي وأبي زرعة، وتفرّدا بها عنه.

قال الخليلي: كان عديم النظير حفظا وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ أيهما أحفظ؟ ابن عدي؟ ابن عدي أو ابن قانع فقال: زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي ابن قانع.

قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحدا مثل أحمد الحاكم، وقد قال لي كان حفظ هؤلاء تكلّفا وحفظ ابن عدي طبعا. زاد معجمه على ألف شيخ.

قال حمزة بن يوسف: توفي أبو أحمد في جمادى الآخرة سنة خمس وستين، وصلّى عليه الإِمام أبو بكر الإِسماعيلي »(١). .

٢ - ابن الأثير: « فيها توفي أبو أحمد ابن عدي الجرجاني، في جمادى

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٤٠.

٢٧٩

الآخرة، وهو إمام مشهور »(١). .

٣ - اليافعي: « فيها الحافظ الكبير أبو أحمد، عبد الله بن محمد القطّان الجرجاني، مصنف الكامل في الجرح »(٢). .

٤ - السيوطي: « ابن عدي، الإِمام الحافظ الكبير صاحب الكامل في الجرح والتعديل، أحد الأعلام »(٣). .

٥ - المناوي: « هو أبو أحمد عبد الله الجرجاني، أحد الحفّاظ الأعيان الذين طافوا البلاد وهجروا الوساد وواصلوا السهاد وقطعوا المعتاد، طالبين للعلم، روى عن الجمحي وغيره. وعنه: أبو حامد الإسفرايني، وأبو سعيد الماليني. قال البيهقي: حافظ متقن لم يكن في زمنه مثله. وقال ابن عساكر: ثقة على لحنٍ فيه. مات سنة ٣٦٥ عن ثمان وثمانين.

وفي كتاب الكامل، الّذي ألّفه في معرفة الضعفاء، وهو أصل من الاُصول المعوّل عليها والمرجوع إليها، طابق اسمه معناه، ووافق لفظه فحواه، من عينه انتجع المنتجعون، وبشهادته حكم الحاكمون، وإلى ما قاله رجع المتقدّمون والمتأخّرون »(٤). .

٧ - تصحيح الحاكم حديثه وتأكيده ذلك

وقال الحاكم:

« حدّثنا أحمد بن إسحاق الفقيه، أنبأ أبو المثنى، ثنا مسدّد، ثنا يحيى القطان، عن الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله بن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: كنت

__________________

(١). الكامل في التاريخ - حوادث سنة ٣٥٥.

(٢). مرآة الجنان - حوادث سنة ٣٥٥.

(٣). طبقات الحفّاظ: ٣٨٠.

(٤). فيض القدير - شرح الجامع الصغير - بيان رموز الكتاب ١ / ٢٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392