تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

تذكرة الفقهاء16%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 978-964-319-530-4
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 150714 / تحميل: 5376
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٣١٩-٥٣٠-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن أبي الحسن العرني(1) عن غياث الهمداني عن بشير بن عمرو الهمداني قال مر بنا أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال:

___________________________________________________________

أبو عمرو الكشي بواسطة أبي النضر العياشى كثيرا، ويروي عنه أيضا تارات من غير واسطة كما ذكره الشيخ في كتاب الرجال. وهذا الحديث روياه جميعا عنه وحدثهما اياه معا، فسياق القول أن محمد بن مسعود العياشي وأبا عمرو الكشي رحمهما الله تعالى قالا جميعا حدثنا محمد بن نصيررحمه‌الله .

فالطريق عالي الاسناد في الطبقة الاولى.

قال العلامة في الخلاصة محمد بن نصير بالياء بعد الصاد المهملة من أهل كش ثقة جليل القدر كثير العلم وروى عنه ابو عمرو الكشي(1) .

وهو حكاية قول الشيخ بعبارته.

وقال الحسن بن داود في كتابه: محمد بن نصير بضم النون والصاد المهملة المفتوحة من أهل كش لم جخ ثقة جليل القدر كثير العلم(2) .

وما في بعض النسخ وأبو عمر بن عبد العزيز من غير واو، فاما ايهام من النساخ واما بناء على تسويغ اسقاط واو عمرو في الكنية المضافة الى المضمر أو المظهر وفي الاسم عند النسبة اليه، وكذلك اثبات واوي داود في الكنية بالاضافة وفي الاسم بالنسبة اليه، كما ربما يدعى ويظهر من شرح النووي لصحيح مسلم.

قولهرحمه‌الله : عن أبى الحسن العرنى‌

ويقال بالتصغير من أصحاب أبي الحسن الثاني الرضاعليه‌السلام ، اسمه محمد بن القاسم. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في باب من لم يسم عنه فقال: أبو الحسين محمد بن القاسم العرني عن‌

__________________

(1) الخلاصة: 73 ط الحجرى‌

(2) رجال ابن داود ص 338‌

٢١

___________________________________________________________

رجل من جعفي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (1) .

ونسخ كتاب الرجال مختلفة فيه باهمال العين المضمومة والراء المفتوحة قبل النون واعجامه الغين والزاء، كما نسخ هذا الكتاب مختلفة كذلك، ولعل الاختلاف مبناه أن محمد بن القاسم من أصحاب الرضاعليه‌السلام مشترك بين رجلين ذكرهم الشيخ في كتاب الرجال في اصحاب أبي الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام أحدهما محمد بن القاسم النوشجاني(2) بالنون قبل الواو والمعجمة قبل الجيم والنون بعد الالف نسبة الى قبيلة.

وفي القاموس: النوشجان قبيلة أو بلد(3) .

وهو أبو الحسين محمد بن القاسم العرني بالعين المهملة والراء الاددي بضم الهمزة ودالين مهملتين، أو الادي بالهمزة المضمومة واهمال الدال المشددة. وأدد كعمر مصروفا بمنزلة ثقب وبضمتين أبو قبيلة من اليمن من بجيلة، وادّ بن طابخة بن الياس بن مضر أبو قبيلة أخرى.

والاخر محمد بن القاسم البوسنجي بالموحدة قبل الواو والنون بين السين المهملة والجيم، أبو الحسن الغزني باعجام الغين والزاء نسبة الى غزنة بالتحريك(4) .

قال في القاموس: بوسنج معرب بوشنك بلد من هراة(5) .

وقال الفاضل البرجندي: فوشنج بضم الفاء وسكون الواو وكسر الشين المعجمة وسكون النون ثم جيم من بلاد خراسان كان معمورا فخرب وهو اليوم غير عامر.

__________________

(1) رجال الشيخ ص 341 وفيه الغرلى.

(2) رجال الشيخ ص 387‌

(3) القاموس: 1 / 209‌

(4) رجال الشيخ ص 393 وفيه البوشنجى.

(5) القاموس: 1 / 179‌

٢٢

اكتتبوا في هذه الشرطة فو الله لا غناء لمن بعدهم الا شرطة النار الا من عمل بمثل أعمالهم.

___________________________________________________________

وفي بعض نسخ الكتاب الغزلي(1) باللام بعد الزاء.

قولهعليه‌السلام : اكتتبوا‌

على الافتعال من الكتيبة، وفي نسخة اكتبوا من الكتب بمعنى الجمع، أي اجمعوا شتاتكم واجتمعوا في هذه الكتيبة، فو الله لا غنى بعدهم بالكسر مقصورا أو لا غناء بعدهم بالفتح ممدودا، أي لا مغني ولا مجزأ ولا معدي ولا منصرف عنهم ينصرف اليه ويقام فيه الاشرطة النار، كما قال عز من قائل( فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ ) (2) اما من غني عنهم أي استغنى عنهم، أو من غني فيهم يغني أي أقام فيهم وعاش، كلاهما من باب رضي.

قال في الصحاح: غني به غنية، وغنيت المرأة بزوجها غنيانا اي استغنت، وغني بالمكان أي أقام به، وغني أي عاش، واغنيت عنك مغني فلان ومغناة فلان ومغني فلان ومغناة فلان أي أجزأت عنك مجزأه، ويقال: ما يغني عنك هذا أي ما يجدي عنك وما ينفعك(3) .

وفي القاموس: وما له عنه غنى ولا مغني ولا غنية ولا غنيان مضمومتين بد، وأغنى عنه غناء فلان ومغناه ومغناته ويضمن ناب عنه وأجزأ مجزأه، وما فيه غناء ذاك أي اقامته والاضطلاع به وكرضي أقام وعاش وبقي، والمغني المنزل الذي غني به أهله ثم ظعنوا أو عام، وغنيت لك مني بالمودة بقيت(4) .

وفي طائفة من النسخ لا غناء لمن بعدهم.

__________________

(1) كما في المطبوع منه بجامعة مشهد.

(2) سورة يونس: 32‌

(3) الصحاح: 6 / 2449‌

(4) القاموس: 4 / 371 - 372‌

٢٣

10 - وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، انه قال لعبد الله بن يحيى الحضرمي يوم الجمل: أبشر يا ابن يحيى فانك وأبوك من شرطة الخميس حقا، لقد أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باسمك واسم أبيك في شرطة الخميس، والله سماكم شرطة الخميس على لسان نبيهعليه‌السلام .

___________________________________________________________

قولهرحمه‌الله : لعبد الله بن يحيى الحضرمى‌

كنيته أبو الرضا وهو من أولياء أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ذكره البرقي في كتاب الرجال(1) أعني أحمد بن أبي عبد الله البرقي على ما في فهرست الشيخ وكتاب النجاشي، لا عمه الحسن بن خالد البرقي كما تو همه بعض المتوهمين.

وذكره الشيخرحمه‌الله في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (2) .

والعلامة في الخلاصة ذكره في الاسماء في باب العين وروى هذا الحديث مزيدا فيه في السماء في قوله: والله سماكم في السماء شرطة الخميس(3) ، ثم في باب الكنى أورد جماعة من أوليائهعليه‌السلام منهم أبو الرضا عبد الله بن يحيى الحضرمي(4) .

قولهعليه‌السلام : أبشر يا بن يحيى فانك‌

في أكثر النسخ فانت(5) وأبوك، وفي طائفة منها فانك واباك عطفا على مدخول أن وهو ضمير الخطاب، وفي بعضها فانك وأبوك عطفا على المحل لا على المدخول، كما في( فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصّالِحِينَ ) (6) بالجزم للعطف على موضع الفاء وما بعده لا على مدخولها.

__________________

(1) رجال البرقى ص 3‌

(2) رجال الشيخ: 47 وفيه عبد الله بن بحر الحضرمى يكنى ابا الرضا‌

(3) الخلاصة: 51 ط الحجرى‌

(4) الخلاصة: 93‌

(5) كما في المطبوع منه‌

(6) سورة المنافقين: 10‌

٢٤

وذكر أن شرطة الخميس كانوا ستة آلاف رجل أو خمسة آلاف.

11 - وذكر هشام، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان علي‌

___________________________________________________________

وأبشر بفتح الهمزة على القطع يقال بشره وأبشره وبشره فبشر وأبشر وتبشر واستبشر ثلاثة في المتعدي وأربعة في اللازم، وربما تضم الهمزة على الوصل.

قال في المغرب: بشره من باب طلب بمعنى بشره وهو متعد، وقد روي لازما الا انه غير معروف، وعلى هذا قوله أبشر فقد أتاك الغوث بضم الهمزة وانما الصحيح أبشر بقطع الهمزة.

قولهرحمه‌الله : وذكر أن شرطة الخميس‌

على ما لم يسم فاعله عطفا على وروي على صيغة المجهول، واللفظتان لأبي عمرو الكشي.

في القاموس في خ س: الخميس الجيش لأنه خمس فرق المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة. وفي ش ط: والشرطة بالضم ما اشترطت، يقال: خذ شرطتك، وواحد الشرط كصرد وهم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت، وطائفة من أعوان الولاة معروف، وهو شرطي وشرطي كتركي وجهني، سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها(1) .

وقد أدريناك أن قوله وشرطي كجهني خطأ والصواب شرطي بضمتين نسبة الى الشرطة(2) على لغة من يضم فيها الشين والراء جميعا.

والرواية معناها: أن شرطة الخميس في جيش أمير المؤمنينعليه‌السلام الذين سماهم الله على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا ستة أو خمسة آلاف رجل.

قولهرحمه‌الله : عن أبى خالد الكابلى‌

أي الذي اسمه وردان ولقبه كنكر وهو أبو خالد الكابلي الاكبر.

__________________

(1) القاموس: 2 / 211 و 368‌

(2) وفي « ن »: الشرط‌

٢٥

ابن أبي طالبعليه‌السلام عندكم بالعراق يقاتل عدوه وعنده أصحابه وما كان منهم خمسون رجلا يعرفونه حق معرفته، وحق معرفته امامته.

سلمان الفارسى‌

12 - أبو الحسن وأبو اسحاق حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا محمد ابن عثمان، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال كان الناس أهل‌

___________________________________________________________

قال الشيخ في كتاب الرجال في اصحاب أبي جعفر محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام : وردان أبو خالد الكابلي الاصغر روى عنه وعن أبي عبد اللهعليهما‌السلام والكبير اسمه كنكر(1) .

وقال في أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : وردان أبو خالد الكابلي الاصغر روى عنهماعليهما‌السلام والاكبر كنكر(2) .

وقال في أصحاب أبي محمد علي بن الحسينعليهما‌السلام : كنكر يكنى أبا خالد الكابلي وقيل ان اسمه وردان.

قلت: وما يقال ان الاكبر والاصغر يشتر كان في وردان وكنكر اسما ولقبا وهم من غير مستند.

قولهعليه‌السلام : وحق معرفته امامته‌

أي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من غير فصل بينهما صلى الله عليهما بأحد أصلا على حق اليقين.

قولهرحمه‌الله : أبو الحسن وأبو اسحاق‌

الطريق موثق بحنان بالمهملة المفتوحة ونونين من حاشيتي الالف وبالتخفيف وعالي الاسناد في الطبقة الاولى.(3)

__________________

(1) رجال الشيخ: 139‌

(2) رجال الشيخ: 328‌

(3) رجال الشيخ: 100‌

٢٦

ردة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الا ثلاثة. فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الاسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي، ثم عرف الناس بعد يسير، قال: هؤلاء الذين دارت‌

___________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : وأبو ذر الغفارى‌

بفتح المعجمة وتشديد الراء المعجمه وتخفيف الفاء.

قال في المغرب: أصل الغفر الستر، وغفار حي من العرب اليهم ينسب أبو ذر الغفاري وأبو بصرة الغفاري.

وقد صح عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند العامة والخاصة: ما اظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر لهجة. وفي رواية: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجه أصدق ولا أوفى من أبي ذر(1) .

وفي طريق العامة من الصحاح في مصابيحهم ومشكاتهم أن أبا سفيان أتى على سلمان وأبي ذر وصهيب وبلال في نفر فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش(2) وسيدهم، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره فقال: يا أبا بكر لعلك اغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فأتاهم فقال: يا اخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا يغفر الله لك.

قولهعليه‌السلام : ثم عرف الناس بعد يسير‌

أي تنبهوا وتعرفوا واستيقنوا الامر واتبعوا الحق ورجعوا الى أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد زمان يسير، وازاحوا عن صدورهم وساوس تشكيكات المشككين، وعن ذلك التعبير في كتب الرجال بالرجوع الى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما يقولون مثلا أبو سعيد الخدري مشكور من السابقين الذين رجعوا الى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

__________________

(1) راجع الطرائف: 405 المطبوع أخيرا بقم بتحقيقنا وتعاليقنا عليه.

(2) وفي « س »: أتقولون هذا الشيخ قريشهم الخ‌

٢٧

عليهم الرحا

___________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا‌

فيه وجهان: الاول: أن يكون كناية عن شدة الملمة بهم وصعوبة الداهية عليهم، يعني أنهم كانوا في مضيق اعتداء المعتدين كأن الرحا تدور عليهم وتطحنهم، ومع ذلك فقد لازموا اتباع سبيل الحق ولم يبايعوا أمير الجور والعدوان.

الثاني: أن يرام أن هؤلاء هم الذين كانوا لملة الإسلام كالقطب والمدار عليهم تدور رحاها وبهم يستقيم أمرها، اتبعوا سبيل الحق ولم يبايعوا أهل الضلال. يقال: دارت رحى الامر اذا قام عموده واستقام نظامه. ومنه في حديث نعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : تدور رحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا، ثم تدور رحى الإسلام على رأس خمسة وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا. على ما حققناه في المعلقات على زبور آل محمد الصحيفة الكريمة السجادية(1) .

فدوران الرحا عليهم على هذا السبيل معناه دورانها حولهم كما يكون دوران الرحا والفلك على القطب والمحور. وما يقال: ان دوران الرحا اذا استعمل باللام كان للتنسيق والتنظيم، واذا استعمل بعلى كان للتهويش والتهويل خارج عن هذا الاستعمال.

فاذن ما قاله السيد المكرم الرضي أخ السيد المعظم المرتضى رضي الله عنهما في كتاب مجازات الحديث: دور الرحا يكون عبارة عن حالين مختلفين: احداهما مذمومة والاخرى محمودة: فالمذمومة هي الحال التي بني عليها الاخبار عن از عاج الامر عن مناطه واز حافه عن قراره، واما الحال المحمودة فهي أن يكون دور الرحا عبارة عن تحرك جد القوم وقوة أمرهم وعلو نجمهم يقال: دارت رحا بني فلان اذا اتفقت لهم هذه الاحوال المحمودة، فهذه حال كان دور الرحا فيهما محمودا لمن دارت له ومذموما لمن دارت عليه، وانما قالوا: دارت رحا الحرب لجولان الابطال‌

__________________

(1) راجع التعليقة على الصحيفة السجادية المطبوع على هامش نور الأنوار للجزائرى: ص 22. وهذه التعليقة قد صححناه وحققناه ولكن لم يطبع.

٢٨

وأبوا أن يبايعوا لأبي بكر حتى جاءوا بأمير المؤمنينعليه‌السلام

___________________________________________________________

فيها وحركات الخيل تحتها(1) .

غير مستقيم على اطلاقه.

قولهعليه‌السلام : وأبوا أن يبايعوا‌

من الصحيح الثابت في الاخبار أن قيس بن سعد بن عبادة الصحابي الانصاري من خلّص أنصار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن العشرة الذين نصروهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن أصفياء أولياء أمير المؤمنينعليه‌السلام أيضا ممن لم يرتد ولم ينزعج ولم يبايع.

قال الشيخ في كتاب الرجال في أسماء من روى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : قيس بن سعد بن عبادة وهو ممن لم يبايع أبا بكر(2) .

وقال العلامة في الخلاصة: قيس بن سعد بن عبادة من السابقين الذين رجعوا الى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو مشكور لم يبايع أبا بكر(3) .

وسيجي‌ء في الكتاب ما رواه أبو عمرو الكشي: أن أنس بن مالك قال: كان قيس بن سعد من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة صاحب الشرطة من الامير، وما رواه في مصالحة أبي محمد الحسنعليه‌السلام ومعاوية لم يبايع قيس بن سعد بن عبادة الانصاري صاحب شرطة الخميس معاوية قال له معاوية: قم يا قيس فبايع فالتفت الى الحسينعليه‌السلام ينظر ما يأمره فقال: يا قيس انه امامي يعني الحسنعليه‌السلام .

وكان قيس وأبوه سعد طولهما عشرة أشبار باشبارهما، وقد كانا من جملة من كان طولهم عشرة أشبار بأشبار أنفسهم، وكان شبر الرجل منهم يقال انه مثل ذراع أحدنا، وسعد لم يزل سيد في الجاهلية والإسلام، وأبوه وأجداده لم يزل فيهم الشريف‌

__________________

(1) المجازات النبوية: 156‌

(2) رجال الشيخ: 54‌

(3) الخلاصة: 136‌

٢٩

مكرها فبايع وذلك قول الله عز وجل( وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ

___________________________________________________________

وكان قيس ابنه مثله بعده(1) .

ومن المتفق عليه أن سعد بن عبادة أيضا لم يبايع أبا بكر أبدا، فاذن حصر من لم يرتد ولم يبايع في ثلاثة أو في سبعة محمول على أنهم قصوى الغاية في الاستيقان والاستقامة والانكار على متقمص(2) الخلافة ولص الامامة.

قولهعليه‌السلام : مكرها فبايع‌

يعني أظهر البيعة كرها، أو أنه وقعت في البين شبهة البيعة فانه جي‌ء بهعليه‌السلام مكرها فكثر اللفظ واضجت الاقوال وارتفعت الاصوات فقال الناس: انه بايع لا أنه قد وقعت منهعليه‌السلام المبايعة، فان ذلك خلاف ما أطبق عليه المحدثون من العامة والخاصة، على ما بسطنا تحقيقه في كتاب نبراس الضياء وفي شرح تقدمة كتاب تقويم الايمان.

أليس قد اتفقت أصول أحاديث العامة فضلا من الخاصة على أنهعليه‌السلام كان يقول: أنتم بالبيعة لي أحق مني بالبيعة لكم واني أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار، وأنا أول من يحثو للخصومة بين يدي الله عز وجل(3) .

وانما رواية البيعة في صحيحهم البخاري على هذه الصورة باسناده: عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: أن فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسلت الى أبي بكر تسأله ميراثها عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا نورث ما تركناه صدقة، فأبى أبو بكر أن يدفع الى فاطمة منها شيئا، فغضبت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم‌

__________________

(1) راجع رجال الكشى: 110 ط جامعة مشهد‌

(2) وفي « ن »: متغمص‌

(3) روى نحوه العلامة المجلسى في البحار: 8 / 172‌

٣٠

أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) الاية.

___________________________________________________________

يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها.

وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر على وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الاشهر فأرسل الى أبي بكر ان ائتنا ولا يأتنا أحد معك، كراهية ليحضر عمر، فقال عمر: لا والله لا تدخل عليهم وحدك، وقال أبو بكر: وما عسيتهم أن يفعلوا بي فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي فقال: انا لن ننفس عليك خيرا ساقه الله عليك، ولكنك استبددت علينا بالامر وكنا نرى لقرابتنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصيبا حتى فاضت عينا أبي بكر فقال علي لا بي بكر: موعدك العشية للبيعة.

فلما صلّى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهّد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وتشهّد وتشهّد علي وقال: لا يحملني على التخلف عن البيعة نفاسة على أبي بكر ولا انكارا للذي فضّله الله به، ولكنا كنا نرى لنا في هذا الامر حقا، فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون وقالوا: أصبت وكان المسلمون الى علي قريبا حين رجع الامر الى المعروف انتهى ما في صحيح البخاري(1) . فلينظر على جبلة الانصاف هل ذلك اذعان لا بي بكر بالامامة واتيان له بالبيعة أو اعلان بأن أبا بكر متغلب بالخلافة ومستبد بالحق على أهله.

وقوله سبحانه: انقلبتم على أعقابكم‌

أي ارتددتم عن دينكم ورجعتم القهقرى، كما فعل بنو اسرائيل بعد موت موسى على نبينا وعليه السلام.

__________________

(1) ورواه مسلم في صحيحه: 3 / 1380. وهنا تحقيقات ونكات حول هذه الرواية عن السيد بن طاوس في كتاب الطرائف ص 258 فراجع تغتنم.

٣١

13 - جبريل بن أحمد الفاريابي البرناني، قال حدثني الحسن بن خرزاذ قال‌

___________________________________________________________

قولهرحمه‌الله : جبريل بن احمد الفاريابى البرنانى‌

وربما يقال الفريابي. قال الفاضل البرجندي: فارياب بفاء بعدها ألف وسكون الراء المهملة ومثناة من تحت بعدها ألف ثم باء موحدة بلد صغير قريب بلخ بينهما اثنان وعشرون فرسخا.

وفي القاموس: فرياب كجريال بلد ببلخ أو هو فيرياب ككيمياء أو فارياب كقاصعاء وكساباط ناحية وراء نهر سيحون(1) .

والبرناني بنونين من حاشيتي الالف نسبة الى البرني أو الى البرنية، وبياء مثناة من تحت قبل الف ثم النون على اختلاف النسخ نسبة الى قرية بمرو أو الى برين بن عبد الله الانصاري.

قال في القاموس: يبرين أو أبرين موضع بحذاء الاحساء، وأبرينة وتكسر قرية بمرو، وبرين بالضم ابن عبد الله أبو هند الداري الصحابي(2) .

قال الشيخ في كتاب الرجال في باب لم: جبرئيل بن أحمد الفاريابي أبو محمد كان مقيما بكش كثير الرواية عن العلماء بالعراق وقم وخراسان(3) .

وأورده الحسن بن داود كذلك في قسم الممدوحين من كتابه(4) .

ومن ديدن الاصحاب أن المشيخة المذكورين في باب « لم » لا يعتبرون فيهم صريح التوثيق اليه، بل يكتفون فيهم بالمدح، واذا لم يكن في أحدهم مطعن وغميزة كان حديثه معدودا من الصحاح عندهم.

قولهرحمه‌الله : الحسن بن خرزاذ‌

يشترك في هذا الاسم رجلان قمي وكشي، ذكر الشيخ في كتاب الرجال‌

__________________

(1) القاموس: 1 / 112‌

(2) القاموس: 4 / 201‌

(3) رجال الشيخ: 458‌

(4) رجال ابن داود: 80‌

٣٢

حدثني ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه عن جده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: ضاقت الارض بسبعة بهم ترزقون وبهم‌

___________________________________________________________

أحدهما في أصحاب أبي الحسن الهاديعليه‌السلام قال: الحسن بن خرزاذ قمي(1) .

وربما يدعى أنه قد قيل فيه الرمي بالغلو ولست أعرف كذلك مستندا.

والاخر ذكره في باب لم: الحسن بن خرزاد من أهل كش(2) . وهو هذا الرجل.

قولهرحمه‌الله : ابن فضال‌

هو علي بن الحسن الفضال الفطحى الثقة الجليل القدر المختلط بأصحابنا جدا. والطريق به موثق.

قولهعليه‌السلام : ضاقت الارض بسبعة‌

أي عجزت عن كفاية أمرهم والتوسعة عليهم، مع أن نزول مطر الرحمة ومدد النصرة من السماء على أهل الارض بهم ولا جلهم، ومن جهة دعائهم للخلق ودعوتهم اياهم الى الحق، منهم هؤلاء الخمسة الذين هم أركان الاربعة على اختلاف القولين.

قال الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في باب الجيم من أسماء من روى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : جندب بن جنادة ويقال جندب بن السكن يكنى أبا ذر أحد الاركان الاربعة(3) .

وقال في باب السين: سلمان الفارسي مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكنى أبا عبد الله أول الاركان الاربعة(4) .

وقال في باب العين: عمار بن ياسر يكنى أبا اليقظان حليف بني مخزوم‌

__________________

(1) رجال الشيخ: 413‌

(2) رجال الشيخ: 463‌

(3) رجال الشيخ: 36‌

(4) المصدر: 43‌

٣٣

تنصرون وبهم تمطرون، منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة ( رحمة الله عليهم ) وكان عليعليه‌السلام يقول: وأنا امامهم، وهم الذين صلوا على فاطمةعليها‌السلام .

14 - محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال حدثني العباس ابن عامر، وجعفر بن محمد بن حكيم، عن أبان بن عثمان، عن الحارث النصري بن المغيرة، قال سمعت عبد الملك بن أعين، يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام قال فلم يزل يسأله حتى قال له: فهلك الناس اذا؟ قال: أي والله يا ابن أعين هلك الناس أجمعون. قلت: من في الشرق ومن في الغرب؟ قال، فقال: انها فتحت على الضلال أي والله‌

___________________________________________________________

وينسب الى عبس بن مالك وهو مذحج بن أدد رابع الاركان(1) .

وقال في باب الميم: المقداد بن الاسود الكندي وكان اسم أبيه عمرو البهرائي، وكان الاسود بن عبد اليغوث قد تبناه فنسب اليه يكنى أبا معبد ثاني الاركان الاربعة(2) .

ومنهم من جعل حذيفة بن اليمان الانصاري رابع الاركان مكان عمار، والشيخ رحمه الله تعالى قد نقل هذا القول في ترجمة حذيفة(3) واختاره العلامةرحمه‌الله في الخلاصة(4) والاشهر عند المتقدمين هو الاول.

قولهرحمه‌الله : عن الحارث النضري ابن المغيرة‌

باهمال الصاد بعد النون المفتوحة من بني نصر بن معاوية، بصري روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسنعليهم‌السلام ، وروى عن زيد بن علي، وهو مستقيم ثقة ثقة.

وسيرد عليك في الكتاب ما رواه الكشي في مدحه وفي ذمه والتعويل على روايات المدح.

__________________

(1) المصدر: 46‌

(2) المصدر: 57 وفي النسخ « قد بيناه ».

(3) المصدر: 37‌

(4) الخلاصة: 60.

٣٤

هلكوا الا ثلاثة ثم لحق أبو ساسان وعمار وشتيرة وأبو عمرة فصاروا سبعة.

___________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : ولكن الا ثلاثة‌

وفي نسخ عدة: هلكوا مكان ولكن.

قولهعليه‌السلام : ثم لحق أبو ساسان‌

أبو ساسان الانصاري اسمه الحصين بن المنذر.

قال الشيخ في كتاب الرجال في أسماء من روى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : حصين بن المنذر يكنى أبا ساسان اليرقاشي صاحب رايتهعليه‌السلام (1) .

وفي طائفة من النسخ « أبو سنان » مكانه وهو الانصاري. وذكره الشيخ أيضا في كتاب الرجال(2) وهو من الاصفياء من أصحابهعليه‌السلام .

و « أبو عمرة الانصاري » اسمه ثعلبة بن عمرو قاله الشيخ في كتاب الرجال في باب من روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصحابة(3) وذكره بكنيته في أسماء من روى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام (4) .

و « شتيرة » وفي بعض النسخ « شتير » من دون الهاء باعجام الشين المضمومة وفتح التاء المثناة من فوق واسكان الياء المثناة من تحت ثم الراء، على ما ضبطه ابن الاثير في جامع الاصول حيث.

قال في ترجمة شكل: هو شكل بن حميد العبسي من بني عبس بن بغيض روى عنه ابنه شتير بن شكل لم يرو عنه غيره وعداده في الكوفيين، شكل بفتح الشين وفتح الكاف واللام وشتير بضم المعجمة وفتح التاء فوقها نقطتان، وبغيض بفتح الباء الموحدة وكسر الغين وبالضاد المعجمتين.

__________________

(1) رجال الشيخ: 39‌

(2) المصدر: 63‌

(3) المصدر: 12‌

(4) المصدر: 63‌

٣٥

___________________________________________________________

وقال في القاموس: شتير كزبير ابن شكل وابن نهار تابعيان(1) .

وما قاله العلامة في الخلاصة: ومن خواص أمير المؤمنينعليه‌السلام من مضر شبير بضم الشين المعجمة أو لا والباء المنقطة تحتها نقطة والياء المنقطة تحتها نقطتين بعدها والراء أخيرا ابن شكل العبسي بالباء المنقطة تحتها نقطة أبو عبد الرحمن(2) . ضبط من غير مأخوذ من أصل.

فاما مؤاخذة الحسن بن داود عليه بقوله: وبعض المصنفين أثبت ستير بالسين المهملة. وهو وهم، وقد اثبته الشيخ أبو جعفر في باب الشين المجمعة(3) . فزور واختلاق.

والشيخ في باب الشين المعجمة من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: شرحبيل وهبيرة وكريب وبريد وشمير ويقال شتير هؤلاء اخوة بني شريح قتلوا بصفين، كل واحد يأخذ الراية بعد الاخر حتى قتلوا(4) ، وقد نقله بالفاظه في الخلاصة(5) .

وأما « ستير » باهمال السين المضمومة من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام من الاصفياء، فقد ذكره البرقي(6) ولم يذكره الشيخ، وقد أورده في الخلاصة ناقلا عن البرقي(7) .

__________________

(1) القاموس: 2 / 55‌

(2) الخلاصة: 193‌

(3) رجال ابن داود: 183‌

(4) رجال الشيخ: 45 وفيه سمير مكان شمير.

(5) الخلاصة: 87‌

(6) رجال البرقى: 3 والموجود في المتن هو « شبير » ولكن قال في الهامش وفي نسخة « ستير ».

(7) الخلاصة: 192 قال ناقلا عن البرقى: ستير بضم السين المهملة والتاء المنقطة فوقها نقطتين والياء المنقطة تحتها نقطتين والراء.

٣٦

15 - حمدويه، قال حدثنا أيوب عن محمد بن الفضل وصفوان، عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لا بي جعفرعليه‌السلام ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها! قال، فقال: الا اخبرك باعجب من ذلك؟ قال، فقلت: بلى. قال: المهاجرون والانصار ذهبوا ( وأشار بيده ) الا ثلاثة.

16 - علي بن محمد القتيبي النيسابوري، قال حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الرازي الخواري من قرية أسترآباد قال حدثني أبو الحسين عن عمرو بن عثمان الخزاز عن رجل، عن أبي حمزة، قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول: لما مروا بأمير المؤمنينعليه‌السلام وفي رقبته حبل آل زريق، ضرب أبو ذر بيده على الاخرى، ثم قال: ليت السيوف‌

___________________________________________________________

و « عمار » منسوب الى مذحج - بفتح الميم واسكان الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة والجيم أخيرا - من قبائل الانصار، ذكره المطرزي في المغرب في ذ - ج وهو الصواب، والجوهري في الصحاح أخطأ فأورده في م - ج، وكأنه ظن الميم أصلية.

وبالجملة مذحج أكمة ولد بها أبو هذه القبيلة فسمى باسمها.

قال الفيروزآبادي في القاموس في ذ - ج: ومذحج كمجلس أكمة ولدت مالكا وطيبا أمهما عندها فسموا مذحجا، وذكر الجوهري اياه في الميم غلط وان أحاله على سيبويه(1) .

قولهرحمه‌الله : حدثنا أيوب‌

هو أبو الحسين أيوب بن نوح، والطريق صحيح وعالي الاسناد في الطبقة الثالثة.

قولهعليه‌السلام : في رقبته حبل آل زريق‌

الزرق باسكان الراء بين الزاء المفتوحة والقاف معروف.

قال في المغرب: وبتصغيره سمي من اضيف اليه بنو زريق وهم بطن من‌

__________________

(1) القاموس: 1 / 190‌

٣٧

قد عادت بأيدينا ثانية، وقال مقداد: لو شاء لدعا عليه ربّه عز وجل، وقال سلمان: مولانا أعلم بما هو فيه.

17 - محمد بن اسماعيل، قال حدثني الفصل بن شاذان، عن ابن أبي عمير عن ابراهيم بن عبد الحميد، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ارتد الناس الا ثلاثة أبو ذر وسلمان والمقداد قال: فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فأين أبو ساسان وأبو عمرة الانصارى؟

18 - محمد بن اسماعيل، قال حدثني الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: جاء المهاجرون والانصار وغيرهم بعد ذلك الى عليعليه‌السلام فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبيعليه‌السلام هلم يدك نبايعك فو الله لنموتن قدامك! فقال‌

___________________________________________________________

الانصار، اليهم ينسب أبو عياش الزرقي بضم الزاء وفتح الراء، وحبل آل زريق يتخذ مما ينبت من الارض كلحاء شجر القنب وغير ذلك وهو من أخشن الحبل وأغلظها.

قولهرحمه‌الله : محمد بن اسماعيل‌

هو الذي يروي عنه ابو جعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه أيضا في الكافي، وكثيرا ما يجعله صدر السند في الطبقة الاولى، كما يروي عنه أبو عمرو الكشي رحمه الله تعالى ويصدر به الاسناد يكنى أبا الحسين نيسابوري فاضل.

وهو وعلي بن محمد القتيبي النيسابوري تلميذا الفضل بن شاذان، وحديث كل منهما يعد صحيحا، كما استمر عليه هجير العلامة في المختلف والمنتهى وشيخنا الشهيد في الذكرى وشرح الارشاد.

ولقد أوضحت الحال وحققنا المقال في الرواشح السماوية(1) وفي المعلقات على الاستبصار(2) بما لا مزيد عليه.

__________________

(1) الرواشح السماوية: 70‌

(2) التعليقة على الاستبصار: 4. المطبوع في الاثنى عشر رسالة للمؤلف.

٣٨

عليعليه‌السلام : ان كنتم صادقين فاغدوا غدا عليّ محلقين فحلق عليعليه‌السلام وحلق سلمان وحلق مقداد وحلق أبو ذر ولم يحلق غيرهم.

ثم انصرفوا فجاءوا مرة أخرى بعد ذلك، فقالوا له أنت والله أمير المؤمنين وأنت أحق الناس وأولاهم بالنبيعليه‌السلام هلمّ يدك نبايعك فحلفوا فقال: ان كنتم صادقين فاغدوا علي محلقين فما حلق الا هؤلاء الثلاثة قلت: فما كان فيهم عمار؟ فقال: لا. قلت: فعمار من أهل الردة؟ فقال: ان عمارا قد قاتل مع عليعليه‌السلام بعد.

19 - وروى جعفر غلام عبد الله بن بكير، عن عبد الله بن محمد بن نهيك، عن النصيبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال امير المؤمنينعليه‌السلام : يا سلمان اذهب الى فاطمةعليها‌السلام فقل لها تتحفك من تحف الجنة؟ فذهب اليها سلمان فاذا بين يديها ثلاث سلال، فقال لها يا بنت رسول الله أتحفيني؟ قالت: هذه ثلاث سلال جاءتنى بها ثلاث وصائف، فسألتهن عن أسمائهن فقالت واحدة: أنا سلمى لسلمان، وقالت الاخرى: أنا ذرة لا بي ذر، وقالت الاخرى: أنا مقدودة للمقداد، ثم قبضت فناولتني، فما مررت بملاء الا ملئوا طيبا لريحها.

20 - محمد بن قولويه، قال حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال حدثني‌

___________________________________________________________

قوله رحمه الله تعالى: عن النصيبى‌

هو محمد بن سلمة البناني، ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام وقال: نزل نصيبين أصله كوفي أسند عنه(1) .

وليس في رجالنا من أهل نصيبين الا هذا الرجل يروي عنه عبد الله بن محمد بن نهيك وعبيد الله بن أحمد بن نهيك، وهما شيخان صدوقان ثقتان جليلا القدر.

وآل نهيك - بفتح النون وكسر الهاء - بيت من أصحابنا بالكوفة، ويرويان أيضا عن درست بن أبي منصور الواسطي.

__________________

(1) رجال الشيخ: 288‌

٣٩

علي بن سليمان بن داود الرازي، قال حدثنا علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم‌

___________________________________________________________

قوله رحمه الله تعالى: على بن سليمان بن داود الرازى‌

نسبة الى الري روى عنه سعد بن عبد الله، وكأنه كان رقي الاصل.

ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي محمد العسكريعليه‌السلام وقال: علي بن سليمان بن داود الرقي(1) .

وفي بعض النسخ « الروياني » نسبة الى رويان - بضم الراء قبل الواو الساكنة والياء المثناة من تحت قبل الالف والنون بعدها - بلد من طبرستان.

قال الفاضل البرجندي: بينه وبين قزوين ستة عشر فرسخا.

وفي القاموس: محلة بالري وقرية بحلب وبلد بطبرستان ومنه الامام أبو المحاسن عبد الواحد بن اسماعيل وغيره(2) .

وربما يظن أن الرجل هذا من بني أعين، وكان له اتصال بصاحب الامرعليه‌السلام وخرج(3) اليه توقيعات وكانت له منزلة في أصحابنا، وكان ورعا ثقة وفقيها لا يطعن عليه في شي‌ء.

ويقال: انه فاسد، فان الذي من بني أعين هو علي بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو الحسن الرازي، على ما في كتاب النجاشي وغيره مكتوبا بخط السيد المكرم جمال الدين أحمد بن طاوس. وتبعه العلامة في الخلاصة(4) .

والحسن بن داود حسبه وهما وزعم أن الصحيح أبو الحسن الزراري بالزاي‌

__________________

(1) رجال الشيخ: 433‌

(2) القاموس: 4 / 230‌

(3) وفي « س »: وخرجت‌

(4) الخلاصة: 100‌

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

إلى العلم به إلّا بالتعريف والإنشاد ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجباً ، فوجب التعريف ، ولأنّ ترك التعريف كتمانٌ مفوّتٌ للحقّ على المستحقّ.

وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه إن قصد الملتقط التملّكَ وجب التعريف حولاً ، وإن قصد الحفظَ أبداً لم يجب ؛ لأنّ التعريف إنّما يجب لتحقيق شرط التملّك(١) .

وهو ممنوع ، بل التعريف وجب لإيصال الحقّ إلى مستحقّه.

ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّةعليهم‌السلام لم يفرّقوا ، بل أطلقوا وجوب التعريف.

ولأنّ حفظها في يد الملتقط من غير إيصالها إلى مستحقّها مساوٍ لعدمها عنه ولهلاكها.

ولأنّ إمساكها من غير تعريفٍ تضييعٌ لها عن صاحبها ، فلم يجز ، كردّها إلى موضعها أو إلقائها في غيره.

ولأنّه لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط ؛ لأنّ بقاءها في مكانها إذَنْ أقرب إلى وصولها إلى صاحبها إمّا بأن يطلبها في الموضع الذي ضاعت منه فيجدها ، وإمّا أن يجدها مَنْ يعرفها ، وأخذ هذا لها يُفوّت الأمرين معاً ، فكان محرَّماً ، لكن الالتقاط جائز ، فلزم التعريف كي لا يحصل هذا الضرر.

ولأنّ التعريف واجب على مَنْ أراد تملّكها ، فكذا يجب على مَنْ أراد حفظها ، فإنّ التملّك غير واجبٍ ، فلا تجب الوسيلة إليه ، فيلزم أن يكون الوجوب في المحلّ المتّفق عليه ، لصيانتها عن الضياع عن صاحبها ، وهذا موجود في محلّ النزاع.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ - ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢.

٢٢١

مسألة ٣٣٩ : لا يراد بالتعريف سنةً استيعاب السنة وصَرفها بأسرها في التعريف ، بل يسقط التعريف في الليل ؛ لأنّ النهار مجمع الناس وملتقاهم ، دون الليل ، ولا يستوعب الأيّام أيضاً ، بل على المعتاد ، فيُعرّف في ابتداء أخذ اللّقطة في كلّ يومٍ مرّتين في طرفي النهار ، ثمّ في كلّ يومٍ مرّةً ، ثمّ في كلّ أُسبوعٍ مرّةً أو مرّتين ، ثمّ في كلّ شهرٍ مرّةً بحيث لا ينسى كونه تكراراً لما مضى.

وبالجملة ، فلم يقدّر الشرع في ذلك سوى المدّة التي قلنا : إنّه لا يجب شغلها به ، فالمرجع حينئذٍ في ذلك إلى العادة.

وينبغي المبادرة إلى التعريف من حيث الالتقاط ؛ لأنّ العثور على المالك في ابتداء الضياع أقرب ، ويكرّر ذلك طول الأُسبوع ؛ لأنّ الطلب فيه أكثر.

وللشافعيّة في وجوب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط قولان :

أحدهما : الوجوب ؛ لما تقدّم.

والثاني : عدمه ، بل الواجب تعريفها سنةً مطلقاً ، وبه ورد الأمر(١) .

مسألة ٣٤٠ : قدر مدّة التعريف سنة فيما بلغ درهماً فصاعداً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال عليٌّعليه‌السلام وابن عباس وعمر وابن المسيّب والشعبي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي(٢) - لحديث زيد بن‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٢ و ١٥٣ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٢ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٦ و ٥٢٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٨ ، البيان ٧ : ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١ ، التمهيد ٣ : ١١٧ - ١١٨ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٤.

٢٢٢

خالد ، الذي رواه العامّة ، وقد تقدّم(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما تقدّم(٢) .

وما رواه محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن اللّقطة ، قال : « لا ترفعوها ، فإن ابتليتَ فعرِّفها سنةً ، فإن جاء طالبها ، وإلّا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري على مالك إلى أن يجي‌ء لها طالب »(٣) .

ولأنّ السنة لا تتأخّر عنها القوافل وتمضي فيها الأزمان التي تقصد فيها البلاد من الحَرّ والبرد والاعتدال.

وروي عن عمر روايتان أُخريان :

إحداهما : يُعرّفها ثلاثة أشهر.

والأُخرى : ثلاثة أعوام(٤) ؛ لأنّ أُبيّ بن كعب روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمره بتعريف مائة دينارٍ ثلاثة أعوام ؛ لأنّه قد روي في حديث أُبيّ بن كعب أنّه قال له : « عرِّفها حولاً » فعرَّفها ، ثمّ عاد إليه ، فقال له : « عرِّفها [ حولاً ] » فعرَّفها ، ثمّ عاد إليه ، فقال له : « عرِّفها حولاً »(٥) فأمره أن يعرِّفها ثلاثة أحوال.

____________________

(١) في ص ١٦٥ و ٢١٩.

(٢) في ص ١٦٦ و ٢١٩.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٩٠ / ١١٦٥ ، الاستبصار ٣ : ٦٨ - ٦٩ / ٢٢٩.

(٤) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٣ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ١٦٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٥٠ / ١٧٢٣ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٤ / ١٧٠١ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٥٨ / ١٣٧٤ ، سنن البيهقي ٦ : ١٨٦ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.

٢٢٣

قال أبو داوُد : شكّ الراوي في ذلك فقال : قال له : حولاً ، أو ثلاثاً(١) .

قال ابن المنذر : قد ثبت الإجماع بخلاف هذا الحديث ، وعلى أنّ [ في ] حديث زيد بن خالد أمره بسنةٍ واحدة ، فدلّ على إجزاء ذلك(٢) .

وقال أبو أيّوب الهاشمي : ما دون الخمسين درهماً يعرّفها ثلاثة أيّام إلى سبعة أيّام(٣) .

وقد روي عن أبان بن تغلب قال : أصبتُ يوماً ثلاثين ديناراً ، فسألتُ الصادقَعليه‌السلام عن ذلك ، فقال لي : « أين أصبتَه؟ » قال : فقلت : كنتُ منصرفاً إلى منزلي فأصبتُها ، قال : فقال : « صِرْ إلى المكان الذي أصبتَ فيه فتعرّفه ، فإن جاء طالبه بعد ثلاثة أيّام فأعطه ، وإلّا تصدّق به »(٤) .

والرواية في سندها قولٌ ، فلا تعويل عليها ، على أنّه يحتمل تعريفها سنةً ثمّ يتصدّق بها بعد ثلاثة أيّام من تمام الحول استظهاراً في الحفظ لصاحبها.

وقال الثوري : في الدرهم يُعرّفه أربعة أيّام(٥) .

وقال الحسن بن صالح بن حي : ما دون عشرة دراهم يُعرّفها ثلاثة أيّام(٦) .

____________________

(١) سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٤ ، ذيل ح ١٧٠١ ، وعنه في المغني ٦ : ٣٤٩ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٧٥.

(٢) البيان ٧ : ٤٤٨.

(٣) المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٩٧ / ١١٩٥.

(٥) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٩ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٣٦ / ٢٠٤٢ ، التمهيد ٣ : ١١٧.

(٦) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥١ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٦ ، المغني ٦ : =

٢٢٤

وقال إسحاق : ما دون الدينار يُعرّفه جمعةً أو نحوها(١) .

وروى أبو إسحاق الجوزجاني بإسناده عن يعلى بن أُميّة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَن التقط درهماً أو حبلاً أو شبه ذلك فليعرّفه ثلاثة أيّام ، وإن كان فوق ذلك فليعرّفه سبعة أيّام »(٢) .

وهذا الحديث لم يُعلم به قائل على وجهه ، فإذَنْ الأحاديث التي أوردناها أولى بالعمل من هذا ، فإنّ إطراح الفقهاء من العامّة والخاصّة له يدلّ على الضعف في الرواية.

مسألة ٣٤١ : لا يجب التوالي في التعريف ، فلو فرّقه جاز بأن يُعرّف شهرين ويترك شهرين ، وهكذا - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) - كما لو نذر صوم سنةٍ ، يجوز أن يوالي وأن يُفرّق ، كذا هنا.

وفي الآخَر : لا يجوز التفريق ؛ لأنّه إذا فرّق لم تظهر فائدة التعريف ، فعلى هذا لو قطع التعريف مدّةً وجب الاستئناف عندهم(٤) .

والأقرب : وجوب المبادرة في التعريف ؛ تحصيلاً لغرض وقوف المالك عليها ، وهو في الغالب يعجّل الطلب ، فإذا أخفاها عن مالكها فات الغرض المطلوب شرعاً ، فإن فرّط في المبادرة فَعَل محرَّماً ، فإذا عرّف متفرّقاً لم يجب الاستئناف ، وكفاه التلفيق.

____________________

= ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٣٦ / ٢٠٤٢ ، التمهيد ٣ : ١١٧.

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٩ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤.

(٢) نقله عنه ابنا قدامة في المغني ٦ : ٣٤٨ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ - ٣٧٥.

(٣ و ٤) حلية العلماء ٥ : ٥٢٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٩ ، البيان ٧ : ٤٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦١ - ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

٢٢٥

مسألة ٣٤٢ : الأحوط في التعريف الإيغال في الإبهام ، فلا يذكر الجنس فضلاً عن النوع ووصفه ، بل يقول : مَنْ ضاع له شي‌ء أو مال ؛ لأنّه أبعد أن يدخل عليه بالتخمين وأحفظ لها من ادّعاء كاذبٍ.

ولو ذكر الجنس جاز ، كأن يقول : مَنْ ضاع له ذهب أو فضّة أو ثوب ، ولا يزيد عليه ، فإنّه ربما ادّعاها الكاذب.

ولو ذكر بعض صفاتها ، لم يستقص على الجميع ؛ لئلّا يعلم بصفتها مَنْ يسمع تلك الأوصاف المفصّلة ، فلا تبقى صفتها دليلاً على ملكها ؛ لمشاركة غير المالكِ [ المالكَ ](١) في ذلك ، ولا يؤمن أن يدّعيها بعض مَنْ سمع صفتها ويذكر صفتها التي تُدفع اللّقطة بها فيأخذها وهو غير مالكٍ لها فتضيع على مالكها.

وقال بعض الشافعيّة : لا بدّ وأن يصف الملتقط بعض أوصاف اللّقطة ؛ فإنّه أفضى إلى الظفر بالمالك(٢) .

وهل ذلك شرطٌ أو مستحبٌّ؟ فيه وجهان ، الأظهر منهما عندهم : الثاني(٣) .

وعلى القول بكونه شرطاً فهل يكفي ذكر الجنس بأن يقول : مَنْ ضاع منه دراهم؟ قال الجويني : ما عندي أنّه يكفي ، ولكن يتعرّض للعفاص والوكاء ومكان الالتقاط وتأريخه ، ولا يستوعب الصفات ولا يبالغ لئلّا يدّعيها الكاذب(٤) .

فإن استوعب جميع الصفات ، ففي الضمان عندهم وجهان :

____________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المغني ٦ : ٣٥٠.

(٢) الوجيز ١ : ٢٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

٢٢٦

أحدهما : المنع ؛ لأنّه لا يلزمه الدفع إلّا بالبيّنة.

والثاني : الثبوت ؛ لأنّ المدّعي قد يرفع الملتقط إلى حاكمٍ يعتقد وجوب الدفع إلى الواصف(١) .

مسألة ٣٤٣ : لا يجب على الملتقط مباشرة التعريف ؛ إذ الغرض به الإشهار والإعلان ، ولا غرض للشارع متعلّق بمباشرٍ دون آخَر ، فيجوز أن يباشر النداء بنفسه ، وأن يولّيه غلامه وولده ومَنْ يستعين به ويستأجره عليه ، ولا نعلم فيه خلافاً.

فإن تبرّع الملتقط بالتعريف أو بذل مئونته فذاك ، وإلّا فإن أخذها للحفظ أبداً وجب التعريف أيضاً عندنا ، وعلى أحد قولَي الشافعي لا يجب حينئذٍ ، فهو متبرّع إذا عرّف(٢) .

فإن قلنا : يجب - وهو الحقّ عندنا - إذا احتاج التعريف إلى مئونةٍ ، فإن أخذها للتملّك واتّصل الأمر بالتملّك ، فمئونة التعريف على الملتقط ؛ لأنّه إنّما يفعل التعريف ليتشبّث به إلى إباحة تملّكه لها ، فكانت مئونة التعريف عليه ؛ لأنّها لمصلحته ونفعه ، وإن ظهر المالك فهي على الملتقط أيضاً ؛ لقصده التملّك ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّها على المالك ؛ لعود الفائدة إليه(٣) .

ولو قصد الحفظ حين الالتقاط أبداً ، فالأقرب : إنّه لا يجب على‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢ ، المغني ٦ : ٣٤٧ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٣.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢.

٢٢٧

الملتقط أُجرة التعريف ، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليبذل أُجرته من بيت المال ، أو يستقرض على المالك ، أو يأمر الملتقط بالاقتراض ليرجع ، أو يبيع بعضها إن رآه أصلح أو لم يمكن إلّا به.

ولو قصد الأمانة أوّلاً دائماً ثمّ قصد التملّك ، ففيه للشافعيّة وجهان مبنيّان على أنّ النظر هل هو إلى منتهى الأمر ومستقرّه ، أو إلى حالة ابتدائه؟(١) .

ويحتمل عندي أنّه إذا قصد التملّك دائماً أن تكون مئونة التعريف عليه أيضاً ؛ لأنّه واجب عليه ، فإذا لم يتمّ إلّا بالأجر وجب ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون - لا شكّ - واجباً.

وكذا البحث في أُجرة لقطة الحرم.

أمّا أُجرة مخزنها ونشرها وطيّها وتجفيفها فإنّه على المالك.

ولو وليه الملتقط بنفسه ، لم يكن له أُجرة.

وقال مالك : إذا دفع الملتقط من اللّقطة شيئاً لمن عرّفها ، لم يكن عليه غُرم ، كما لو دفع منها شيئاً لمن يحفظها(٢) .

والأصل ممنوع.

مسألة ٣٤٤ : مكان التعريف في مجتمع الناس ، كالأسواق وأبواب المساجد عند خروج الناس من الجماعات ، وفي الجوامع في الوقت الذي يجتمعون فيها ، وفي مجامع الناس ؛ لأنّ المقصود إشاعة ذكرها وإظهارها ليظهر عليها مالكها ، فيجب تحرّي مجامع الناس.

ولا ينشدها في وسط المسجد ؛ لأنّ المسجد لم يُبْنَ لهذا ، وقد روي‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢.

(٢) المغني ٦ : ٣٥٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٧.

٢٢٨

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « مَنْ سمع رجلاً ينشد ضالّةً في المسجد فليقل : لا أدّاها الله إليك ، فإنّ المساجد لم تُبْن لهذا »(١) وكراهة تعريف الضالّة ككراهة طلبها في المساجد.

وقال بعض الشافعيّة : الأصحّ من الوجهين : جواز التعريف في المسجد الحرام ، بخلاف سائر المساجد(٢) .

ثمّ إذا التقط في بلدٍ أو قريةٍ فلا بدّ من التعريف فيها ، وليكن أكثر تعريفه في البقعة بالمحلّة التي وُجد فيها ، فإنّ طلب الشي‌ء في موضع فقدانه أكثر ، فإن اتّفق له سفر فوّض التعريف إلى غيره ، ولا يسافر بها.

ولو التقط في الصحراء ، فإن اجتازت به قافلة يتبعهم وعرّفها فيهم ، وإلّا فلا فائدة في التعريف في المواضع الخالية ، ولكن يعرّف عند الوصول إليها.

ولا يلزمه أن يغيّر قصده ويعدل إلى أقرب البلاد إلى ذلك الموضع ، أو يرجع إلى مكانه الذي أنشأ السفر منه.

وقال بعض الشافعيّة : يُعرّفها في أقرب البلدان إليه(٣) .

نعم ، لو التقطها في منزل قومٍ رجع إليه وعرّفهم ، فإن عرفوها فهي لهم ، وإلّا فلا ؛ لما رواه إسحاق بن عمّار أنّه سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجلٍ نزل في بعض بيوت مكة فوجد [ فيها ] نحواً من سبعين درهماً مدفونة ، فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال : « يسأل عنها‌

____________________

(١) سنن أبي داوُد ١ : ١٢٨ / ٤٧٣ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٦ ، مسند أحمد ٣ : ١٥٠ / ٩١٦١.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٢٣ - ٥٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٣.

٢٢٩

أهل المنزل لعلّهم يعرفونها » قلت : فإن لم يعرفوها؟ قال : « يتصدّق بها »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يصحب اللّقطة في السفر ، كما لا يصحب الوديعة ، ولكن يُعرّف في أيّ بلدٍ دَخَله.

مسألة ٣٤٥ : ينبغي أن يتولّى التعريفَ شخصٌ أمين ثقة عاقل غير مشهورٍ بالخلاعة واللعب ؛ ليحصل الوثوق بإخباره ، ولا يتولّاه الفاسق ؛ لئلّا يفقد فائدة التعريف ، وهذا على الكراهة دون التحريم.

وليس للملتقط تسليم اللّقطة إلى غيره إلّا بإذن الحاكم ، فإن فَعَل ضمن ، إلّا مع الحاجة بأن يريد السفر ولا يجد حاكماً يستأذنه ، فيجوز أن يسلّمها إلى الثقة.

وكذا لو التقط في الصحراء ولم يتمكّن من حفظها ومراعاتها ، فإنّه يجوز له الاستعانة بغيره وتسليمها إليه مع عدم القدرة على الاستقلال بحفظها والمشاركة فيه.

مسألة ٣٤٦ : قد بيّنّا أنّ التعريف سنةً يجب في قليل المال وكثيره ما لم يقصر عن درهمٍ فلا يجب - وهو أحد وجوه الشافعيّة(٢) - لما رواه العامّة عن عائشة أنّه لا بأس بما دون الدرهم أن يستنفع به(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « وما [ كان ] دون الدرهم فلا يعرّف »(٤) .

الثاني للشافعيّة : إنّ القليل إن انتهت قلّته إلى أن يسقط تموّله كالحبّة‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٩١ / ١١٧١ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٢٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٠ ، البيان ٧ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٧ - ٣٤٨.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٨ ، الهامش (٣)

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٨ ، الهامش (٨) ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

٢٣٠

من الحنطة والزبيبة الواحدة ، فلا تعريف على واجده ، وله الاستبداد به - وبينهم خلاف في أنّ مَنْ أتلف ممّا لا يتموّل ما هو من قبيل المثليّات هل يغرمه؟ والظاهر بينهم أنّه لا يغرمه ، كما لا يجوز بيعه وهبته - وإن كان متموّلاً مع القلّة فيجب تعريفه ؛ لأنّ فاقده يطلبه(١) ، خلافاً لأبي حنيفة ومالك(٢) .

واختلفوا في قدر مدّة تعريفه على وجهين :

أحدهما : سنة ؛ لإطلاق الأخبار.

والثاني : المنع ؛ لأنّ الشي‌ء الحقير لا يدوم فاقده على طلبه سنةً ، بخلاف الخطير.

وعلى هذا فأوجُه :

أحدها : قال الاصطخري : إنّه يكفي التعريف مرّةً ؛ لأنّه يخرج بها عن حدّ الكاتم ، وليس بعدها ضبط يعتمد.

والثاني : يُعرّف ثلاثة أيّام ؛ لأنّه قد روي في بعض الأخبار : « مَن التقط لقطةً يسيرة فليعرّفها ثلاثة أيّام »(٣) .

والثالث - وهو الأظهر بينهم - : إنّه يُعرّف مدّةً يُظنّ في مثلها طلب الفاقد له ، فإذا غلب على الظنّ إعراضه سقط التعريف(٤) .

ويختلف ذلك باختلاف قدر المال.

قال بعض الشافعيّة : دانق الفضّة يُعرَّف في الحال ، ودانق الذهب‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤.

(٣) سنن البيهقي ٦ : ١٩٥ ، مسند أحمد ٥ : ١٨٣ / ١٧١١٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤ - ٣٦٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

٢٣١

يُعرَّف يوماً أو يومين أو ثلاثة(١) .

واختلفوا في الفرق بين القليل المتموّل وبين الكثير على أوجُه :

أحدها : إنّه لا يتقدّر بمقدارٍ ، ولكن ما يغلب على الظنّ أنّ فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له في الغالب فهو قليل.

والثاني : إنّ القليل ما دون نصاب السرقة ، فإنّه تافه في الشرع ، وقد قالت عائشة : ما كانت الأيدي تُقطع على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الشي‌ء التافه(٢) ، وبه قال أبو حنيفة ومالك(٣) .

والثالث : إنّ القليل دينار فما دون ؛ لما رواه العامّة أنّ عليّاًعليه‌السلام وجد ديناراً فسأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : « هذا رزق الله » فاشترى به دقيقاً ولحماً ، فأكل منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ وفاطمةعليهما‌السلام ، ثمّ جاء صاحب الدينار ينشد الدينار ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي أدِّ الدينار »(٤) (٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الفضيل بن غزوان عن الصادقعليه‌السلام ، قال : كنتُ عنده فقال له الطيّار : إنّ حمزة ابني وجد ديناراً في الطواف قد انسحق كتابته ، قال : « هو له »(٦) .

ويحتمل أن يكون الدينار التي طمست كتابته قصرت عن الدرهم ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢١٠ ، الهامش (١)

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ ، المغني ٦ : ٣٥١.

(٤) سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٧ / ١٧١٤ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٤.

(٥) الوسيط ٤ : ٢٩٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٠ ، البيان ٧ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ - ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤ ، المغني ٦ : ٣٥١ - ٣٥٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٧ - ٣٤٨.

(٦) التهذيب ٦ : ٣٩٤ - ٣٩٥ / ١١٨٧.

٢٣٢

وعليه تُحمل رواية العامّة.

تذنيب : قال بعض الشافعيّة : يحلّ التقاط السنابل وقت الحصاد إن أذن فيه المالك أو كان قدر ما لا يشقّ عليه أن يلتقط وإن كان يلتقط بنفسه لو اطّلع عليه ، وإلّا لم يحل(١) .

مسألة ٣٤٧ : لو التقط ما لا بقاء له ممّا يفسد بسرعةٍ ، كالطبائخ والرطب الذي لا يتتمّر والبقول ، فإن كان في برّيّةٍ تخيّر بين أن يبيعه ويأخذ ثمنه فيعرّفه ، وبين أن يتملّكه في الحال فيأكله ويغرم قيمته لصاحبه إن وجده ؛ لما رواه العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « فمَنْ وجد طعاماً أكله ولم يُعرّفه »(٢) .

وإن وجده في قريةٍ أو بلدةٍ ، فكذلك عندنا يتخيّر بين البيع وتعريف الثمن ، وبين التقويم والتملّك والتعريف حولاً.

وقال المزني : إن وجده في الصحراء فكذلك ، وإن وجده في القرية أو البلد فقولان :

أحدهما : ليس له الأكل ، بل يبيعه ويأخذ ثمنه لمالكه ؛ لأنّ البيع يتيسّر في العمران.

والثاني : إنّه كما لو وجده في الصحراء ؛ لإطلاق الخبر.

وهو أشهر عند الشافعيّة ، ومنهم مَنْ قطع به(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه إذا أراد بيعه إمّا في الصحراء أو في العمران فإنّه يدفعه إلى الحاكم ليتولّى ذلك أو يأذن له فيه ؛ لأنّه منصوب للمصالح ، وهذا منها ، فإن تعذّر الحاكم تولّاه الملتقط ، وإذا دفعه إلى الحاكم فلا ضمان.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

٢٣٣

وعلى أحد قولَي الشافعيّة من عدم جواز الأكل في العمران لو أكل كان غاصباً عندهم(١) .

وعلى القول الثاني بجواز الأكل فلهم في وجوب التعريف بعده وجهان ، أصحّهما عندهم : الوجوب إذا كان في البلد ، كما أنّه لو باع يُعرّف(٢) .

وإذا كان في الصحراء ، قال الجويني : لا يجب ؛ لأنّه لا فائدة فيه في الصحراء(٣) .

وعندنا أنّ تعريف ما بلغ قدر الدرهم واجب ، سواء كان المأكول في الصحراء أو العمران ، وإذا أكله وجب عليه القيمة ؛ لأنّه أتلف مال غيره بغير إذنه.

ثمّ بعد الوقوف على المستحقّ هل يجب إفراز القيمة المغرومة؟

للشافعيّة قولان :

أظهرهما : إنّه لا يجب ؛ لأنّ ما في الذمّة لا يخاف هلاكه ، وإذا أفرز كان المفروز أمانةً في يده ، فربما تلف ، فما في الذمّة أحفظ ، ولأنّ كلّ موضعٍ جاز له التصرّف في اللّقطة لا يجب عليه عزل قيمتها ، كما بعد الحول.

والثاني : إنّه يجب ؛ احتياطاً لصاحب المال ؛ لتقدّم صاحب المال بتلك القيمة لو أفلس الملتقط ، ولأنّه لو باعها كان الثمن عنده معزولاً ، فكذا إذا أكلها ، فحينئذٍ يجب أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليقبض عن صاحب‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧ - ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

٢٣٤

المال(١) .

فإن لم يجد حاكماً ، فهل للملتقط بسلطنة الالتقاط أن ينيب عنه؟ فيه عند الجويني احتمال ، وذكر أنّه إذا أفرزها لم تصر ملكاً لصاحب المال ، لكنّه أولى بتملّكها ، لكنّه لو كان كذلك لما سقط حقّه بهلاك القيمة المفروزة ، وقد نصّ الشافعي على السقوط ، وأيضاً نصّ على أنّه إذا مضت مدّة التعريف فله أن يتملّك تلك القيمة ، كما يتملّك نفس اللّقطة ، وكما يتملّك الثمن إذا باع الطعام ، وهو يقتضي صيرورتها ملكاً لصاحب اللّقطة(٢) .

ولو اختلفت القيمة يوم الأخذ ويوم الأكل ، قال بعض الشافعيّة : إنّه إن أخذ للأكل اعتُبرت قيمته يوم الأخذ ، وإن أخذ للتعريف اعتُبرت قيمته يوم الأكل(٣) .

ولا بأس به عندي.

ولو افتقر ما يمكن إبقاؤه إلى المعالجة ، كتجفيف الرطب بحيث يصير تمراً ، فإن كان الحظّ لصاحبه في بيعه رطباً ، بِيع إمّا بأمر الحاكم إن وُجد ، أو يتولّاه الملتقط إن لم يمكن الوصول إليه.

وإن لم يكن الحظّ في بيعه ، فإن تبرّع أحد بتجفيفه فذاك ، وإلّا باع الحاكم أو الملتقط مع تعذّره بعضَه ، وأنفق على تجفيف الباقي ، بخلاف الحيوان حيث يُباع بأجمعه ؛ لأنّ النفقة قد تُكرّر فيؤدّي إلى أن يأكل نفسه.

تذنيب : إذا باع الطعام عرّف المبيعَ دون الثمن ، كما أنّه إذا أكل يعرّف المأكولَ دون القيمة.

مسألة ٣٤٨ : ما لا يبقى عاماً كالطبيخ والبطّيخ والفاكهة التي لا تُجفّف‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٦.

٢٣٥

والخضروات يتخيّر ملتقطها بين أكلها وحفظ ثمنها ، وبين دفعها إلى الحاكم ليبيعها إن تمكّن منه على ما قدّمناه.

ولا يجوز له إبقاؤه ؛ لأنّه يتلف ، فإن تركه حتى تلف ضمن ؛ لأنّه فرّط في حفظه ، فلزمه ضمانه ، كالوديعة.

وليس له بيعه بنفسه مع وجود الحاكم.

خلافاً لأحمد في الشي‌ء القليل(١) .

وهو يبطل بالكثير ، ولأنّه مال الغير ، ولا ولاية له عليه ولا على مالكه ، فلم يجز بيعه إلّا بالحاكم ، كغير اللّقطة.

احتجّ : بأنّه أُبيح له أكله فأُبيح له بيعه ، كماله ، ولأنّه أُبيح له بيعه عند العجز عن الحاكم ، فجاز عند القدرة عليه(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ في البيع ولايةً على مال الغير ، بخلاف الأكل ؛ لأنّ القصد به مع الانتفاع أداء القيمة إلى المالك ، وحالة العجز لا قدرة على الحاكم ، فأُبيح له البيع ؛ تخلّصاً من ضررها ، بخلاف حال القدرة.

إذا تقرّر هذا ، فإن أراد الأكل أو البيع ، عرف صفاته وحفظها ، ثمّ عرّفه عاماً ، فإن جاء صاحبه فإن كان قد باعه دفع ثمنه إليه ، وإن كان قد أكله غرمه له بقيمته.

ولو تلف الثمن منه بغير تفريطه قبل تملّكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت بغير تفريطٍ ، فلا ضمان على الملتقط ، وإن تلفت أو نقصت أو نقص الثمن أو تلف بتفريطه ، لزمه ضمانه.

وكذا لو تلف الثمن بعد أن تملّكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٦ : ٣٩٥.

٢٣٦

بعد أن تملّكها.

مسألة ٣٤٩ : ما يفتقر إلى العلاج يُنظر الحظّ لصاحبه فيفعل كما قلناه أوّلا ، فإن كان في التجفيف جفّفه أو رفعه إلى الحاكم ليس له إلّا ذلك ؛ لأنّه مال غيره ، فلزمه الحظّ فيه لصاحبه ، كالوليّ عن اليتيم.

ولو افتقر إلى غرامةٍ ، باع بعضه في ذلك.

ولو كان الحظّ في بيعه ، باعه وحفظ ثمنه ، ولو تعذّر بيعه ولم يمكن تجفيفه ، تعيّن أكله ، كالبطّيخ.

وعن أحمد رواية أُخرى : إنّه لا يؤكل ، بل إمّا أن يبيعه أو يتصدّق به ، وكذا كلّ طعامٍ يتغيّر لو بقي لا يجوز أكله ، بل يتخيّر بين الصدقة به والبيع ، وبه قال مالك وأصحاب الرأي(١) .

وقال الثوري : يبيعه ويتصدّق بثمنه(٢) .

والكلّ باطل بما روي من طُرق العامّة والخاصّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ضالّة الغنم : « خُذْها فإنّما هي لك أو لأخيك أو للذئب »(٣) وهذا تجويز للأكل ، فإذا جاز فيما هو محفوظ بنفسه ففيما يفسد ببقائه أولى.

تذنيب : إذا باع الطعام الذي يخشى فساده أو الذي يحتاج إلى العلاج ، تولّاه الحاكم ، فإن تعذّر تولّاه بنفسه ؛ لأنّه موضع ضرورةٍ ، وإذا باع وعرف صاحبه ، لم يكن له الاعتراض في البيع ؛ لأنّه وقع جائزاً.

أمّا لو باعه بدون إذن الحاكم وفي البلد حاكم ، كان البيع باطلاً ، فإذا جاء صاحبه ، كان له مطالبة المشتري به ، فإن كان تالفاً رجع بالقيمة على مَنْ شاء ؛ لأنّ الملتقط ضمنه بالبيع والتسليم ، والمشتري بالتسلّم ، فإن رجع‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٦ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٢.

(٣) راجع : الهامش ( ١ و ٢ ) من ص ١٦٦.

٢٣٧

على الملتقط رجع الملتقط على المشتري ؛ لأنّ التلف حصل في يده ، ويده ضامنة ، وإن رجع على المشتري لم يرجع على الملتقط.

مسألة ٣٥٠ : قد بيّنّا أنّه تجب المبادرة إلى التعريف ، فلو أخّره عن الحول الأوّل مع الإمكان أثم ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر به(١) ، وقال : « لا يكتم ولا يغيّب »(٢) .

ولأنّ ذلك وسيلة إلى أن لا يعرفها صاحبها ، فإنّ الظاهر أنّ صاحبها بعد الحول ييأس منها ويسلو(٣) عنها ويترك طلبها.

ولا يسقط التعريف بتأخيره عن الحول الأوّل ؛ لأنّه واجب ، فلا يسقط بتأخّره عن وقته ، كالعبادات وسائر الواجبات ، ولأنّ المقصود يحصل بالتعريف في الحول الثاني على نعت من القصور ، فيجب الإتيان به ؛ لقولهعليه‌السلام : « إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم »(٤) .

وقال أحمد : يسقط التعريف بتأخّره عن ذلك الحول الأوّل ؛ لأنّ حكمة التعريف لا تحصل بعد الحول الأوّل(٥) .

وهو ممنوع.

فعلى هذا لو ترك التعريف في بعض الحول الأوّل ، عرّف بقيّته وأكمله من الحول الثاني.

وعن أحمد : يكتفي بالتعريف باقي الحول خاصّةً(٦) .

____________________

(١) راجع : الهامش (١) من ص ١٦٦.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٧٤ ، الهامش (١)

(٣) أي : ينسى. لسان العرب ١٤ : ٣٩٤ « سلا ».

(٤) صحيح البخاري ٩ : ١١٧ ، مسند أحمد ٣ : ١٦٢ / ٩٢٣٩ ، و ٣٠٧ / ١٠٢٢٩.

(٥) المغني ٦ : ٣٥٢ - ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٧.

(٦) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٧.

٢٣٨

وإذا عرّفها حولاً بعد الحول الأوّل ، جاز له أن يتملّكها بعده.

وكذا لو أخّر بعض الحول عرّف باقيه وأتمّه من الثاني ، وتملّكها بعد الإتمام عندنا.

وقال أحمد : ليس له أن يتملّكها بعد إهماله ، سواء قلنا بسقوط التعريف في الحول الثاني ، أو قلنا بوجوبه ، وسواء عرّفها الحول الثاني أو بعض الأوّل وأكمل من الثاني ؛ لأنّ شرط الملك التعريفُ في الحول الأوّل وقد فات ، فيسقط ؛ لفوات شرطه(١) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ العبادات لا تسقط بفوات أوقاتها ، فكيف إذا تعلّق بها حقّ الغير!

إذا عرفت هذا ، فقال أحمد : إنّه يجب عليه إمّا حفظها أبداً أو الصدقة بها على روايتين(٢) .

وقال بعض أصحابه : يجوز أن يدفعها إلى الحاكم ، كما إذا التقط ما لا يجوز التقاطه(٣) .

ولو ترك التعريف في بعض الحول الأوّل ، لم يملكها أيضاً بالتعريف فيما بعده عنده ؛ لأنّ الشرط لم يكمل ، وعدم بعض الشرط كعدم جميعه ، كما لو أخلّ ببعض الطهارة(٤) .

ولو ترك التعريف في الحول الأوّل ؛ لعجزه عنه بأن يتركه لمرضٍ أو حبسٍ أو نسيانٍ ونحوه ، لم يسقط التعريف عندنا ، وجاز ومَلَك بعد‌ التعريف في الحول الثاني.

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٨.

(٢ و ٣) المغني ٦ : ٣٥٣.

(٤) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٨.

٢٣٩

وللحنابلة وجهان :

أحدهما : إنّ حكمه حكم ما لو تركه مع إمكانه ، ليس له التملّك بعد التعريف في الحول الثاني ؛ لأنّ تعريفه في الحول الأوّل سبب الملك ، والحكم ينتفي لانتفاء سببه ، سواء كان انتفاؤه لعذرٍ أو لغير عذرٍ.

والثاني : إنّه يُعرّفه في الحول الثاني ويملكه ؛ لأنّه لم يؤخّر التعريف عن وقت إمكانه ، فأشبه ما لو عرّفه في الحول الأوّل(١) .

البحث الثالث : في التملّك.

مسألة ٣٥١ : إذا عرّف الملتقط حولاً ولم يكن من لقطة الحرم ، تخيّر بين أُمور ثلاثة : إمّا أن يستديم حفظها لمالكها أبداً إلى أن يظهر فيسلّمها إليه ، ولا ضمان عليه إلّا مع التفريط أو التعدّي ، أو نيّة التملّك بعده(٢) ، أو يتصدّق بها ، ويضمن إذا جاء صاحبها خيّره بين الأجر والقيمة ، أو يتملّكها ويتصرّف فيها كيف شاء ، ويضمنها ، وتكون في ذمّته ، سواء كان الملتقط غنيّاً أو فقيراً أو مَنْ تحلّ له الصدقة أو تحرم عند علمائنا - وبه قال عليٌّعليه‌السلام وابن عباس والشعبي والنخعي وعمر وابن مسعود وعائشة وطاوُوس وعكرمة والشافعي(٣) - لما رواه العامّة في حديث زيد بن خالد : « فإن لم تعرف فاستنفقها »(٤) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٨.

(٢) أي : بعد الحول.

(٣) المغني ٦ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٠ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٠ ، البيان ٧ : ٤٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٦.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٣٤٩ / ٥ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٠ ، المغني ٦ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٠.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466