تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 978-964-319-530-4
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 150709 / تحميل: 5376
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٣١٩-٥٣٠-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

له كتب: منها كتاب كشف التمويه والغمة(١) ، كتاب التسليم على أمير المؤمنين (ع) بامرة المؤمنين(٢) ، كتاب تذكير العاقل وتنبيه الغافل في فضل العلم، كتاب عدد الائمةعليهم‌السلام وماشد على المصنفين من ذلك، كتاب البيان في حيوة الرحمان، كتاب النوادر في الفقه، كتاب مناسك الحج، كتاب مختصر مناسك الحج، كتاب يوم الغدير، كتاب الرد على الغلاة والمفوضة، كتاب سجدة الشكر، كتاب مواطن امير المؤمنينعليه‌السلام ، كتاب في فضل بغداد، كتاب في قول أمير المؤمنين (ع): ألا أخبركم بخير هذه الامة. أجازنا جميعها، وجميع رواياته عن شيوخه(٣) .

____________________

(١) ذكر ابن حجر كتبه، وعمد إلى ترك ذكر بعضها مع انه حكى عن الشيخ في الفهرست وفي رجاله وعن النجاشي ما تقدم ونشير إلى ذلك وفيما ذكره اختلاف يسير كما تقف عليه بالنظر فيما ذكراه.

(٢) لم يذكره ابن حجر، وكذا كتابه في عدد الائمة (ع) وغيره مما لايخفى.

(٣) وتقدم اجازته للشيخ بجميع رواياته وأيضا سماعه عنه كتبه. وروى النجاشي عنه عن جماعة شيوخه كتب جماعة من مصنفي أصحابنا وراياتهم وكان عليه وقرائة بعضها وسماع بعض آخر منه.كما ان الشيخ روى في فهرسته بل في مواضع من رجاله كتب جماعة ورواياتهم عنه، وكذا في مشيخة التهذيبين وساير كتبه كالغيبة والامالي حسب ما أخرجناهم من كتبهما.ونحن نشير إلى مشايخهرحمه‌الله فيها منبها على موضع روايته عنه إذا إنفرد أحد العلمين (قدهما) بالرواية عنه عنهم وهم جماعة:(١) ابراهيم بن محمدبن معروف المزارى(٢) أحمد بن ابراهيم ابن أبي رافع الانصاري (النجاشي في ترجمته)(٣) أحمد بن ابن ابراهيم بن أبي رافع ابوعبدالله الصيمري(٤) احمد بن جعفر بن سفيان البزوفري(٥) احمد بن محمد بن سليمان ابوغالب الزراري(٦) أحمد بن محمد بن عمار ابوعلي الكوفي(٧) أحمد بن محمد بن عياش الجوهري (الفهرست في ترجمته) وفي الغيبة ١٨١ و ١٨٣: عن جماعة عنه والحسين داخل في جماعة مشايخه عنه.(٨) أحمد بن محمد ابن أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي(١٠) أحمد بن محمد بن نوح ابوالعباس السيرافي (الفهرست في ترجمته لكن في الغيبة ٢٢٧ عن جماعة عنه. والحسين داخل فيهم)(١١) أحمد بن محمد بن الحسن ابن الوليد القمي (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى الحسن بن محبوب، والحسين بن سعيد، ومحمد بن الحسن الصفار)(١٢) أحمد بن محمد أبوعبدالله الصفواني (الغيبة ٢٤٢)(١٣) احمد بن عبدالله بن جلين أبوبكر الدوري الوراق (الفهرست ترجمته وترجمة جماعة)(١٤) اسماعيل بن يحيى بن أحمد العبسي (النجاشي في ترجمة موسى ابن ابراهيم المروزي)(١٥) جعفر بن محمد بن قولويه(١٦) الحسن ابن حمزة بن علي بن عبيد الله العلوي (الفهرست في تراجم جماعة)(١٧) الحسن بن محمد بن حمزة المرعشي الطبري الحسيني.(١٨) الحسن بن محمد بن يحيى العلوي (الفهرست والنجاشي في اسماعيل بن علي المخزومي)(١٩) الحسين بن احمد بن موسى (النجاشي في محمد بن عبيد الله الحضيني الحسيني العلوي).(٢٠) الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (النجاشي كما تقدم في ترجمته وفي الغيبة ١٩٦ و ٢٤٣ و ٢٤٧ عن جماعة عنه. والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).(٢١) الحسين بن علي بن سفيان البزوفري(٢٢) سهل بن احمد ابن عبدالله الديباجي(٢٣) الشريف ابوالقاسم علي بن محمد بن علي ابن القاسم العلوي العباسي، سمع منه في سنة خمس وثلاثين وثلثمائة في منزله بباب الشعير (أمالي ابن الطوسي ج ٢ / ٢٦٣ إلى ص ٢٧٠)(٢٤) علي بن محمد القلانسي (النجاشي في ترجمة حمزة بن القاسم، وربعي بن عبدالله، واسماعيل بن مهران، وجماعة).=

٢٨١

____________________

=(٢٥) عمر بن محمد بن سالم المعروف بابن الجعابي (الفهرست ترجمته)(٢٦) محمد بن أحمد بن داود ابوالحسن القمي(٢٧) محمد ابن أحمد الصفواني (ره) (الغيبة ١٨٨ و ١٩٢ وروى في ص ٢٣٨ عن جماعة عنه. والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).(٢٨) محمد بن الحسين البزوفري (المشيخة في طرقه إلى أحمد بن محمدبن عيسى وجماعة(٢٩) محمد بن عبدالله ابوالفضل الشيباني (الفهرست في تراجم جماعة، والمشيختين في طرقه إلى جماعة)(٣٠) محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق (ره) (الفهرست في تراجم جماعة، وفي رجاله ٤٩٥ في ترجمة الصدوق (ره) وفي امالي ابن الطوسي ج ٢ / ٣٥ إلى ص ٥٨ وروى في الغيبة كثيرا عن جماعة عن الصدوق (ره) وهو داخل في الجماعة). (٣١) محمد بن محمد بن الحسين بن هارون الكندي (الفهرست في ترجمة أحمدبن صبيح الاسدي)(٣٢) محمد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني (الفهرست في ابان بن عثمان).(٣٣) محمد بن محمد بن الحسين بن هارون (النجاشي في محمد ابن معروف الخزاز الهلالي)(٣٤) محمد بن علي بن فضل بن تمام أبوالحسين الدهقان (النجاشي في تراجم جماعة كثيرة).(٣٥) محمد بن رجعان (امالي ابن الطوسي ج ٢ / ٣٠٣ إلى ص ٣٠٨)(٣٦) محمد بن سفيان أبوجعفر البزوفري (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى أحمد بن إدريس، ومحمد بن أحمد بن يحيى الاشعري وأحمد بن محمد بن عيسى، والغيبة ١١٠ و ٢٠٣، و ٢٠٩، و ٢٦١، و ٢٦٥).(٣٧) محمد بن وهبان الديبلي (النجاشي في أحمد بن إبراهيم ابن المعلى العمي)(٣٨) نصر بن عامر بن وهب أبوالحسن السنجاري (النجاشي روى عنه عنه جمع كتبه وقال قال: قرأت عليه أكثرها، وأجازني الباقي).(٣٩) هارون بن موسى التلعكبري (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى جماعة منهم الكليني، وفي الفهرست في ترجمة الكلينى، وإبراهيم ابن اسحاق الاحمري، واحمد بن علي الخضيب الايادي، وفي أمالي ابن الطوسي ج ١ / ٣٠٧ إلى ص ٣٢٦ وج ٢ / ٥٨ / ٢٥٦ إلى ص ٢٦٣ و ٣٠٨ إلى ص ٣١٤ وفي الغيبة روى عن جماعة عن التلعكبري في روايات كثيرة منها في(٢١١). والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).

(٤٠) محمد بن وهبان أبوعبدالله الازدي (أمالي ابن الطوسي ج ٢ / ٢٩٣)(٤١) محمد بن وهبان ابوعبدالله الهنائي البصري (الامالي ج ٢ / ٢٧١ إلى ص ٢٨٣) ولعله يتحد مع سابقه فلا حظ. وقد أدرك الحسين بن عبيد الله الغضائريرحمه‌الله عبيد الله بن أبي زيد أبا طالب الانباري شيخ أصحابنا في عصره المتوفى(٣٥٦) لما قدم بغداد كما يأتي في ترجمته وقوله: قال الحسين بن عبيد الله: قدم أبوطالب بغداد واجتهدت أن يمكنني أصحابنا من لقائه فأسمع منه فلم يفعلوا ذلك. وقال الشيخ في الفهرست في ترجمة أحمد بن محمد بن عمار أبي علي الكوفي(٢٩): قال الحسين بن عبيد الله: توفي أبوعلي أحمد بن محمد بن عمار سند ٣٤٦.وفي ترجمة أحمد بن محمد أبي غالب الزراري(٣٢) بعد ذكر كتبه: قال الحسين بن عبيد الله: قرأت سائره عليه عدة دفعات ومات (رض) في سنة ٣٦٨. (*)

٢٨٢

٢٨٣

٢٨٤

وماترحمه‌الله في نصف صفر سنة إحدى عشر وأربعمائة(١) .

____________________

(١) كما تقدم عن الشيخ في رجاله وعن ابن حجر في لسان الميزان. (*)

٢٨٥

١٦٥ - الحسين بن علي بن الحسين بن محمد ابن يوسف الوزير أبوالقاسم المغربي

من ولد بلاس بن بهرام جور (معرب كور) وأمه فاطمة بنت أبي عبدالله بن محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني شيخنا صاحب كتاب الغيبة(١) .

____________________

(١) يأتي في ترجمة هارون بن عبدالعزيز ابي علي الاراجني الكاتب رقم(١١٨٥) قوله: وكان حسن التخصيص بمذهبنا، وهو جد أبي الحسين علي بن الحسين المغربي الكاتب والد الوزير أبي القاسم.

وفي ترجمة محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني رقم(١٠٤٥) قوله: كان الوزير أبوالقاسم الحسين بن علي بن الحسين بن الحسين بن علي ابن محمد بن يوسف المغربي ابن بنته فاطمة بنت أبي عبدالله محمد بن ابراهيم النعمانيرحمهم‌الله . وقال ابن خلكان: وأما هو فأمه بنت محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني. ذكره في (أدب الخواص). وذكره إبن خلكان في الوفيات ج ١ / ٤٢٨ بنسبه وزاد بعد يوسف: ابن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان بن بادان بن ساسان بن الحرون بن بلاش بن جاماس بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور المعروف بالوزير المغربي وذكر نحوه الحموي في المعجم ج ١٠ / ٧٩. ولقب وهو وساير أهله بالمغربي بأحد أجداده: أبوالحسين علي ابن محمد.كانت له ولاية في الجانب الغربي ببغداد وكان يقال: له المغربي. كذا ذكره ابن خلكان. وقال وجدت في بعض المجاميع ما صورته: وجد بخط والد الوزير المغربي على ظهر " مختصر اصلاح المنطق " الذي اختصره ولده الوزير ما مثاله: ولد سمله الله تعالى، وبلغه مبالغ الصالحين في أول وقت طلوع الفجر من ليلة صباحها يوم الاحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبعين وثلثمائة، واستظهر القرآن العزيز، وعدة من الكتب المجردة في النحو واللغة، ونحو خمسة عشر الف بيت من مختار الشعر القديم ونظم الشعر، وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر عنه نظرائه ومن حساب المولد، والجبر، والمقابلة إلى ما يستقل بدونه الكاتب، وذلك كله قبل استكماله أربع عشرة سنة، واختصر هذا الكاتب، فتناهى في اختصاره وأوفي على جميع فوائده حتى لم يفته شئ من ألفاظه وغير من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة إلى الاختصار وجمع كل نوع إلى ما يليق به، ثم ذكرت له نظمه بعد اختصاره، فابتدأ به وعمل منه عدة أوراق في ليلة، وكان جميع ذلك قبل استكماله سبع عشرة سنة، وأرغب إلى الله سبحانه في بقائه ودوام سلامته. أه‍ كلام والده. وذكره نحوه ملخصا في معجم الادباء. وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٣٠١ وقال ابن حجر: وكان كثير الازراء بالفضلاء يسأل النحوي عن الفقه، والفقيه عن التفسير، والمفسر عن العروض وأمثال ذلك، وكان ينسب إلى الدهاء وخبث الباطن مع ما فيه من التشيع إلى آخر كلامه. (*)

٢٨٦

٢٨٧

له كتب: منها كتاب خصائص علم القرآن(١) ، كتاب إختصار إصلاح المنطق(٢) ، كتاب إختصار غريب المصنف، رسالة في القاضي والحاكم، كتاب الالحاق بالاشتقاق، إختيار شعر أبي تمام، اختيار شعر البختري، إختيار شعر المتنبي والطعن عليه(٣) .

____________________

(١)وفي لسان الميزان: وله تفسير (إلى أن قال:) وإنه أملى عدة مجالس في تفسير القرآن والاحتجاج في التنزيل بكثير من الاحاديث المسموعة له.وفى المعالم(١٣٨) أبوالقاسم المغربي بالوزير له كتاب المصابيح في تفسير القرآن.

(٢) وفي لسان الميزان: اختصر (كتاب اصلاح المنطق) إختصارا جيدا وشرع في نظمه، كل ذلك قبل أن يستكمل سبع عشرة سنة.

(٣) وفي لسان الميزان: ذكر له كتبا أخر منها: كتاب أدب الخواص والايناس في النوادر في النسب، ديوان نظم كثير المحاسن، رسالة فيها أسئلة من عدة فنون. وقال: دالة على تبحره في العلوم. وفي وفيات الاعيان: هو صاحب الديوان: الشعر، والنثر، وله (مختص إصلاح المنطق)، وكتاب " الايناس " وهو مع صغر حجمه كثير الفائدة، ويدل على كثرة اطلاعه، وكتاب " أدب الخواص "، وكتاب " المأثور، في ملح الخدور " وغير ذلك. وكان لابي العلاء أحمد بن عبدالله المعري المتوفي(٤٤٩) إليه رسائل. قال أبوالحسن الباخرزي المتوفي سنة ٤٦٧ في دمية القصر ج ١ / ١٧٦ / ٣١ عند ذكر إبي القاسم الوزير المغربي: قرأت في رسائل أبي العلاء المعري اليه ما نبهني عليه، وعرفني درجته في البلاغة إوختصاصه من صناعة النظم والنثر بحسن الصياغة، وكان يلقب بالكمال ذي الجلالتين ولم يقع إلي من شعره إلا ماأنشدنيه الاديب يعقوب بن احمد النيسابوري قال الخ.ولما توفي الشريف الرضي الموسويرحمه‌الله أرثاه الوزير المغربي بقصيدة منها:

أذكرتنا يابن النبي محمد

يوما طوى عني اباك محمدا

ولقد عرفت الدهر قبلك ساليا إلا عليك فما أطاق تجلدا

ما زال نصل الدهر يأكل غمده

حتى رأيت في حشاه مغمدا

ذكره محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ في وقايع سنة(٤٠٦). (*)

٢٨٨

توفيرحمه‌الله يوم النصف من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة(١) .

____________________

(١) قال ابن خلكان: توفي في ثالث عشر شهر رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وقيل ثمان وعشرين والاول أصح، وكانت وفاته بميافارقين، وحمل إلى الكوفة بوصية منه، وله في ذلك حديث يطول شرحه، ودفن بها في تربة مجاورة لمشهد الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأوصى أن يكتب على قبره (من الخفيف).

كنت في سفرة الغواية والجمل

مقيما فحان مني قدوم

تبت من كل مأثم فعسى يمحي

بهذا الحديث ذاك القديم

بعد خمس واربعين، لقد ما

طلت، إلا أن العزيم كريم

وذكره ياقوت الحموي في معجمه نحوه.(*)

٢٨٩

١٦٦ - الحسين بن محمد بن جعفر الخالع

أبوعبدالله الشاعر الاديب، له كتاب صنعة الشعر، كتاب المدارات، كتاب أمثال العامة(١) .

____________________

(١) قال السيوطي في بغية الواعاة(٢٣٥): الحسين بن محمد ابن جعفر بن محمد بن الحسين الرافقي النحوي يالمعروف بالخالع. قال الصفدي: كان من كبار النجاة، أخذ عن الفارسي، والسيرافي ويقال: انه من ذرية معاوية، فكان من الشعراء. صنف الامثال، تخيلات العرب، شرح شعر أبي تمام، صناعة الشعر، الاودية والجبال والرمال، وغير ذلك كان موجودا في عشر الثمانين وثلاثمائة قلت: حدث عنه الخطيب انتهى. وذكره نحوه في معجم الادباء ج ١٠ / ١٥٥ لكن ذكر وفاته سنة(٣٦٨).وذكره ابن النديم(٢٤٦) في الشعراء المحدثين بعد الثلثمائة قال: الخالع أبوعبدالله محمد بن الحسين (الحسين بن محمد ظ)، لقى سيف الدولة وله من الكتب. وذكره الخطيب في تاريخه ج ٨ / ١٠٥ قائلا: الحسين بن محمد ابن جعفر بن الحسن بن محمد بن عبدالباقي، أبوعبدالله الشاعر المعروف بالخالع.رافقي الاصل سكن الجانب الشرقي من بغداد وحدث عن احمد بن الفضل بن خزيمة.إلى أن قال: كتبت عنه. إلى أن قال: مات الخالع في يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وكان يذكر انه ولد في يوم السبت مستهل جمادي الاولى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة. (*)

٢٩٠

مذهبه: لم يصرح الماتن (ره) بمذهبه إلا ان ذكره في مصنفي أصحابنا الامامية مع عدم تعرضه لمذهبه على ما هو طريقته يشير إلى كونه من الشيعة الامامية نعم لم أقف على من عده منهم ولا على ما يشير إلى ذلك. وأما ما في مجمع الرجال من ذكر كتاب (الزيارات) بدل ما في نسخة المتن (كتاب المدارات)، فلو ثبت فلا يدل على تشيعه فلا حظ. وقد ترجمه العامة في كتبهم في الرجال والتراجم وفي النجاة والشعراء والادباء ولم أقف عاجلا على رميهم اياه بالتشيع والظاهر انه عامي. نعم ضعفوه بانه كذاب كما في ميزان الاعتدال ج ١ / ٥٤٧، وفي لسان الميزان ج ٢ / ٣١٠ وعولا في ذلك على الخطيب فيما رواه وسمعه عن محمد بن احمد المصري الصواف قال: لم اكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة أحدهم ابوعبدالله الخالع: وذكره الخطيب في تاريخه ج ٨ / ١٠٦ في ترجمته. قلت: ومن العجيب انهم أطلقوا تضعيفه بأنه كذاب واعتمدوا في ذلك على محمد بن احمد أبي الفتح الصواف المصري المتوفى(٤٤٠) الذي ضعفوه في ترجمته، بانه متهم، وكان يشتري من الوراقين الكتب التي لم يكن سمعها ويستمع فيها لنفسه. ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٣ / ٤٦٣، والخطيب في تاريخ بغداد ج ١ / ٣٥٤. هذا آخر باب الحسن والحسين ويأتي بعده

٢٩١

تذييل باب الحسن والحسين

الحسن بن ابي الحسين احمد ابومحمد الناصر الصغير هو جد الادنى للسيدين الشريفين الرضي والمرتضى علم الهدىرضي‌الله‌عنه ما وقد مدحه الشريف المرتضى في ديباجة كتابه في شرح (الناصريات) عند ذكر نسبه قائلا: أما ابومحمد الحسن الملقب بالناصر بن ابي الحسين احمد الذي شاهدته وكاثرته، وكانت وفاته ببغداد في سنة ثمان وستين وثلثمائة، فانه كان خيرا، فاضلا، دينا، نقي السريرة، جميل النية، حسن الاخلاق، كريم النفس، وكان معظما مبجلا مقدما في أيام معز الدولة، وغيرها، لجلالة نسبه، ومحله في نفسه، ولانه كان ابن خالة بختيار عز الدولة، فان ابا الحسين احمد والده تزوج بحجر (حجير خ ل) بنت سهلان كساء الديلمي، وهي خالة بختيار، وأخت زوجة معز الدولة، ولوالدته هذه بيت كبير في الديلم، وشرف معروف. وولى أبومحمد الناصر جدي الادنى النقابة على العلويين بمدينة السلام عند اعتزال والديرحمه‌الله لها سنة اثنى وستين وثلثمائة. وقال في عمدة الطالب(٣١٠) في عقب ابي الحسين احمد بن الناصر مالفظه: أبومحمد الحسن الناصر الصغير النقيب ببغداد، وأبو الحسن محمد، فمن ولد الناصر ابوالقاسم ناصر الملقب (بريقا) بن الحسين بن احمد بن الحسن الناصر الصغير المذكور، ومنهم فاطمة بنت

٢٩٢

الناصر الصغير المذكور وهي ام الرضيين ابني ابي أحمد النقيب الموسوي. قلت: تقدم تمام نسبه في الحسن بن علي الناصر. الحسن بن أحمد أبوالقاسم وكيل الناحية المقدسة روى الصدوق (ره) في الاكمال(٤٥٩) عن ابيه (رض) عن سعد بن عبدالله قال حدثني أبوالقاسم ابن ابي حليس قال: كنت أزور الحسينعليه‌السلام في النصف من شعبان، فلما كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان وهممت أن لا أزور في شعبان فلما دخل شعبان قلت: لا أدع زيارة كنت أزورها، فخرجت زائرا، وكنت اذا أردت العسكر أعلمتهم برقعة أو برسالة، فلما كان في هذه الدفعة قلت لابي القاسم الحسن بن احمد الوكيل: لا تعلمهم بقدومي فاني اريد ان اجعلها زورة خالصة قال: فجائني ابوالقاسم وهو يبتسم وقال: بعث الي بهذين الدينارين وقيل لي: ادفعهما إلى الحليسي وقل له: من كان في حاجة الله عزوجل كان الله في حاجته الحديث بطوله. قلت وفيه امور تدل على عنايته (ع) للحليسي، والحليسي غير مذكور بشي في الرجال. الحسن بن أحمد الكوفي هو الذي صلى على علي بن جندب الكوفي سنة ثمان وستين ومأتين. ذكره الشيخ في رجاله(٤٧٩) فيمن لم يرو عنهم (ع) في علي بن جندب.

٢٩٣

الحسن بن أيوب بن نوح

كان من اصحاب ابي محمد العسكري (ع)، ومن جماعة الشيعة الذين وفق لهم التشرف بزيارة امامنا الحجة عجل الله فرجه الشريف في أيام أبيه ابي محمد العسكريعليهما‌السلام وسمعوا منه النص على امامة ولده (ع) وخلافته من بعده ذكرناه في طبقات اصحابهما في حديث طويل، وهو غير الحسن بن أيوب المتقدم ص ١٠١ / ١١٢

الحسن بن حبيش الاسدي الكوفي

ذكره الشيخ في اصحاب الباقر (ع)(١١٢) قائلا: الحسن بن حبيش الاسدي روى عنه ابراهيم بن عبدالحميد الكوفي. وفي أصحاب الصادق (ع)(١٦٧): الحسن بن حبيش الاسدي الكوفي.وقال أيضا(١٦٦): الحسن بن حبيش الكوفي. وعن نسخة بدله: الحسن بن خنيس الكوفي. (بالخاء المعجمة والسين المهملة) وفي جامع الرواة حكى الثاني عن نسخة قديمة صحيحة. وفي مجمع الرجال ضبطه كذلك. وقال ابن داود(١٠٦) الحسن بن خنيس بالخاء المعجمة والنون المفتوحة والسين المهملة. ق (حج، كش) ثقة، وهو غير الحسن بن حبش (بالحاء المهملة والباء المفردة) ذاك روى عن قر، ق. وقال البرقي في أصحاب الباقرعليه‌السلام (١٢): الحسن بن أبي حبيش.

٢٩٤

وقال الكشي(٢٥٤): محمد بن مسعود قال حدثني حمدويه قال حدثني الحسن بن موسى عن جعفر بن محمد الخثعمي عن ابراهيم ابن عبد الحيمد الصنعاني عن أبي أسامة زيد الشحام قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) إذ مر الحسن بن حبيش، فقال أبوعبدالله (ع)، أتحب هذا؟ هذا من أصحاب أبي (ع).وبهذا الاسناد عن إبراهيم عن رجل عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام قال: ينبغي للرجل أن يحفظ أصحاب أبيه فان بره بهم بره بوالديه. وقال العلامة في الخلاصة(٤١) بعد الحديث الاول: روى السيد على بن احمد العقيقي العلوي عن ابيه عن ابراهيم بن هاشم عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد عن ابي عبداللهعليه‌السلام مثل ماروى الكشي. قلت: الحديثان قاصران سندا أما بطريق الكشي، فبالخثعمي المجهول مع قصور الثاني سندا أيضا بالارسال وأما بطريق العقيقي فضعيف بالعقيقي المطعون، ودلالة لعدم دلالة كونه من اصحاب ابي جعفر (ع) على وثاقته مع عدم ذكر الحسن بالخصوص في الثاني. ثم انه لايبعد اتحاد الجميع وكونه من اصحاب الصادقين (ع) بقرينة رواية ابراهيم بن عبدالحميد عنه، فروى في الكافي ج ١ / ١٧٢ باب تحليل الميت عن علي بن ابراهيم عن ابيه، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد عن الحسن بن خنيس قال قلت لابي عبدالله (ع) ان لعبد الرحمان بن سيابة دينا الحديث، ورواه الصدوق في باب الدين والقرض من الفقيه ٣٦١ / ٣١ باسناده عن ابراهيم بن عبدالحميد عن الحسن بن الخنيس

٢٩٥

قال قلت لابي عبدالله (ع) الحديث.واما ما في التهذيب ج ٦ / ١٩٥ / ٤٢٦: وعنه (محمد بن علي بن محبوب) عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد قال قلت لابي عبدالله الحديث، فالظاهر بقرينة الكافي، والفقيه: سقوط (عن الحسن بن خنيس) من نسخ الكتاب. ولم أقف على رواية للحسن ابن خنيس غير ما تقدم.

الحسن بن الحسين الانباري

التهذيب ج ٦ / ٣٣٥ عن محمد بن يعقوب عن (الكافي ج ١ / ٣٥٩) علي بن ابراهيم عن أبيه عن علي بن الحكم عن الحسن بن الحسين الانباري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: كتبت إليه أربعة عشر سنة استأذنه في عمل السلطان فلما كان في آخر كتاب كتبته اليه أذكر: إنني أخاف على خيط عنقي وان السلطان يقول: رافضي ولسنا نشك في انك تركت عمل السلطان للترفض، فكتب إلى ابوالحسن (ع) انك اذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم تصير أعوانك وكتابك من أهل ملتك، وإذا صار إليك شئ واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحدا منهم كان ذا بذا، وإلا فلا. الحسن بن الحسين الذي روى عنه ابراهيم بن سليمان النهمي ذكره الشيخ في الفهرست(٥١) بعد الحسن بن علي الكلبي ورواياته بقوله: والحسن بن الحسين، له روايات رويناهما بالاسناد

٢٩٦

الاول (أخبرنا به أحمد بن عبدون عن الانباري) عن حميد عن ابراهيم ابن سليمان عنهما. قلت: طريقه موثق بحميد الواقفي الثقة هذا بناء‌ا على وثاقة ابن عبدون وساير مشايخ النجاشي. ثم إنه لم يتميز الحسن بن الحسين إلا برواية ابراهيم بن سليمان النهمي عنه، وهو ثقة في الحديث كما تقدم في ترجمته ج ١ / ٢٧١، ويمكن اتحاد الحسن بن الحسين هذا مع الحسن بن الحسين الانباري المتقدم.

فلاحظ. الحسن بن الحسين ابوالفضل العلوي ذكره الشيخ بلا كنيته في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٤) وفي أصحاب الهاديعليه‌السلام (٤١٤). ولعله الذي اشتكى عن احمد ابن حماد المروزي عند أبي الحسن الهادي (ع). ذكره الكشي في ترجمته(٣٤٧). ودخل على أبي محمد العسكريعليه‌السلام فهنأه بولادة الامام الحجة أرواحنا فداه. رواه الشيخ في الغيبة(١٣٨) قال: أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي قال حدثني محمد ابن علي عن حنظلة بن زكريا الثقة قال حدثني عبدالله بن العباس العلوي وما رأيت أصدق لهجة منه وكان خالفنا في أشياء كثيرة قال حدثني أبوالفضل الحسين بن الحسن العلوي قال: دخلت على أبي محمد (ع) بسر من رأى، فهنأته بسيدنا صاحب الزمان (ع) لما ولد. ورواه أيضا(١٥١) عن شيخه ابن أبي جيد القمي عن ابن الوليد

٢٩٧

عن عبدالله بن العباس بن عبدالله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (ع) عن أبي الفضل الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) قال الحديث.رواه الصدوق (ره) في الاكمال(٤٤٠) عن ابن الوليد عن ابن الوليد عن محمد بن الحسن الكرخي قال حدثنا عبدالله بن العباس العلوي الحديث. قلت: قد اختلفت الروايات وكلام الاصحاب في الضبط تارة (الحسن) وأخرى (الحسين). الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابيطالب (ع) المدني المعروف بالحسن بالمثلث ذكره الشيخ في اصحاب الباقر (ع)(١١٢) وقال: المدني، تابعي عن جابر بن عبدالله وهو اخو عبدالله بن الحسن وابراهيم لامهما وأبيهما أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن ابيطالب (ع) توفى قبل وفاة أخيه عبدالله. وفي اصحاب الصادق (ع) ايضا(١٦٥) وقال: تابعي روى عن جابر بن عبدالله مات سنة خمس وأربعين ومائة بالهاشمية، وهو ابن ثمان وستين سنة. قلت: أن صح ما ذكره الشيخ وغيره في تاريخ وفاته ومدة عمره فلا تصح روايته عن جابر المتوفى(٧٨) كما ذكرها الشيخ وغيره فان ولادة الحسن على هذا سنة(٧٧). قال البخاري في سر السلسلة(١٤): وابوعلي الحسن بن الحسن ابن الحسن بن علي بن ابيطالب (ع) امه فاطمة بنت الحسين بن علي بن

٢٩٨

ابيطالب (ع). مات سنة خمس واربعين ببغداد في حبس المنصور. قلت: أي خمس واربعين بعد المائة. وذكره في عمدة الطالب مع عقبه(١٨٢). وقال ابوالفرج في مقاتل الطالبيين(١٢٦) بعد ذكره وذكر امه: وكان متألها، فاضلا، ورعا، يذهب في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مذهب الزيدية، ثم روى روايات تدل على انه كان لا يدهن ولا يكتحل ولا يلبس ثوبا لينا، ولا يأكل طيبا مادام أخيه عبدالله بالحبس ثم قال: وتوفى الحسن بن الحسن في محبسه بالهاشمية في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن ثمان وستين سنة. قلت: واشار ابوالفرج إلى وفاته في حبس الهاشمية في ابراهيم أخيه(١٢٧) وفى على أخيه(١٢٩) وهناك روايات في توصيف محبسهم وظلمته وانه لايعرف اوقات الصلوات الا بأجزاء يقرؤها علي بن الحسن ابن الحسن بن الحسن. وفى رواية: حبسهم ابوجعفر في محبس ستين ليلة ما يدرون بالليل ولا بالنهار ولا يعرفون وقت الصلاة الا بتسبيح علي بن الحسن. وقد قيدوا بالحديد والاغلال وضيق عليهم حتى نحفت ابدانهم وضعفت ففي رواية سليمان بن داود بن الحسن والحسن ابن جعفر قالا: لما حبسناكان معنا علي بن الحسن وكانت حلق أقيادنا قد إتسعت فكنا اذا أردنا صلاة أو نوما جعلناها عنا فاذا خفنا دخول الحراس أعدناها الحديث. وذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ٢٩٣ بترجمة وأرخ وفاته بالهاشمية كما تقدم. قلت: قد أوردنا ما ورد في احوال الحسن بن الحسن بن الحسن وفى محبسه في كتابنا في اخبار الرواة. قال الكشي في ترجمة سليمان بن خالد(٢٣٠): حمدويه قال

٢٩٩

حدثنا محمد بن عيسى قال حدثني يونس عن ابن مسكان عن سليمان ابن خالد قال: لقيت الحسن بن الحسن فقال أما لنا حق أما لنا حرمة اذا اخترتم منا رجلا واحدا، كفاكم؟ فلم يكن عندي جواب، فلقيت أبا عبداللهعليه‌السلام فأخبرته بما كان من قوله لي، فقال لي ألقه، فقل له: أتيناكم، فقلنا: هل عندكم ما ليس عند غيركم، فقلتم: لا، فصدقناكم وكنتم أهل ذلك، وأتينا بني عمكم، فقلنا: هل عندكم ما ليس عند الناس، فقالوا: نعم. فصدقناهم وكانوا أهل ذلك، قال فلقيته، فقلت له ما قال لي، فقال لي الحسن: فان عندنا ما ليس عند الناس، فلم يكن عندي شئ، فأتيت أبا عبداللهعليه‌السلام فأخبرته، فقال لي: ألقه وقل: ان الله عزوجل يقول في كتابه " أتوني بكتاب من قبل هذا أو اثارة من علم ان كنتم صادقين " فأقعدوا حتى نسألكم. قال فلقيته، فحاججته بذلك، فقال لي أفما عندكم شئ الا تعيبونا ان كان فلان يفزع وشغلنا فذاك الذي يذهب بحقنا. محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات(١٥٦) باب(١٤) حدثنا يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن علي بن سعد قال: كنت قاعدا عند أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده أناس من أصحابنا فقال له معلى بن خنيس: جعلت فداك ألقيت من الحسن بن الحسن ثم قال له الطيار: جعلت فداك بينا أنا أمشي في بعض السكك اذ لقيت محمد بن عبدالله بن الحسن على حمار حوله أناس من الزيدية الحديث. قلت: بالتأمل في الحديثين يظهر إن المراد بالحسن بن الحسن هو الحسن بن الحسن بن الحسن أخو عبدالله وعم محمد ويتضح بما رواه الصفار في هذا الباب وهو أن الائمة (ع) أعطوا الجفر والجامعة

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

ولا فرق بين أن يكون الصبي مميّزاً أو غير مميّزٍ ، ولا بين أن يكون مُقرّاً أو منكراً ؛ إذ لا عبرة بكلام الصبي ولا بإقراره ولا بإنكاره ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه إن كان مميّزاً منكراً ، افتقر مدّعي رقّيّته إلى بيّنةٍ ؛ لأنّ لكلامه حكماً واعتباراً في الجملة(١) .

قال بعض الشافعيّة : الوجهان مبنيّان على الوجهين في المولود إذا ادّعاه اثنان ولا قائف هل يؤمر بالانتساب لسنّ التمييز ، أم ينتظر إلى أن يبلغ؟ وفي أنّ الخنثى المشكل هل يراجع لسنّ التمييز ، أم ينتظر إلى أن يبلغ؟(٢) .

ثمّ يحلف المدّعي والحالة هذه ؛ لخطر شأن الحُرّيّة.

وهل التحليف واجب أو مستحبّ؟ للشافعيّة قولان ، ويُحكى الوجوب عن نصّ الشافعي(٣) .

مسألة ٤٦٥ : لو بلغ الصغير(٤) وقال : أنا حُرٌّ ، فإن كان المدّعي الملتقطَ ، فالقول قوله مع اليمين ؛ لأصالة الحُرّيّة فيه ، وإن كان مدّعي رقّه غيرَ الملتقط وهو صاحب يدٍ وحكمنا له بالرقّيّة أوّلاً ، كان القول قولَ المدّعي ، ولا يُقبل قول الصغير ، إلّا أن يقيم بيّنةً على الحُرّيّة ؛ لأنّا قد حكمنا برقّه في حال الصغر ، فلا يرفع ذلك الحكم إلّا بحجّةٍ ، لكن له تحليف المدّعي ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : إنّه يُقبل قوله ، إلّا أن يقيم مدّعي الرقّ بيّنةً على رقّه ؛ لأنّ‌

____________________

(١ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٢.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « الصبي » بدل « الصغير ».

٤٠١

الحكم بالرقّ إنّما جرى حين لا قول له ولا منازعة ، فإذا صار معتبر القول فلا بدّ من إقراره أو البيّنة عليه ، كما لو ادّعى مُدّعٍ رقَّ بالغٍ.

وهُما كالوجهين فيما إذا التحق صغيراً فبلغ وأنكر.

والوجهان في المسألتين مبنيّان على القولين في مَنْ حُكم بإسلامه بأحد أبويه أو بالسابي ثمّ بلغ وأعرب بالكفر يُجعل مرتدّاً أو كافراً أصليّاً ويقال : إنّه الآن صار من أهل القول فيُرجع إلى قوله ولا يُنظر إلى ما حكمنا به من قبلُ؟(١) .

مسألة ٤٦٦ : لو ادّعى رقَّ اللقيط أو غيره من الصغار المجهولي النسب مدّعٍ ولا يد له عليه ، لم تُقبل دعواه ، إلّا بالبيّنة ؛ لأنّ الظاهر الحُرّيّة ، فلا يُترك إلّا بحجّةٍ.

أمّا لو ادّعى نسبه ، فإنّه يُقبل وإن لم يكن له عليه يد إذا لم يدّعه أحد.

والفرق : إنّ في دعوى النسب وقبولها مصلحةً للطفل وإثباتَ حقٍّ له ، وهنا في القبول إضرار به وإثبات رقّه عليه ؛ لأنّه لا نسب له في الظاهر ، فليس في قبول قول المدّعي ترك أمرٍ ظاهر ، والحُرّيّة محكوم بها ظاهراً.

ولو كان له عليه يد فادّعى رقّيّته ، فقد بيّنّا أنّه يُحكم له بها إذا لم يكن ملتقطاً على الخلاف ، فإن بلغ الصغير وأقرّ بالرقّ لغير صاحب اليد ، لم يُقبل.

وإن رأى صغيراً في يد إنسانٍ يأمره وينهاه ويستخدمه هل له أن يشهد بالملك؟ للشافعيّة وجهان(٢) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٢ - ٤٢٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٠.

٤٠٢

وقال بعضهم : إن سمعه يقول : هو عبدي ، أو سمع الناس يقولون : إنّه عبد ، شهد بالملك ، وإلّا فلا(١) .

ولو كانت صغيرة في يد إنسانٍ فادّعى نكاحها ، فبلغت وأنكرت ، قُبل قولها ، واحتاج المدّعي إلى البيّنة.

ولا يُحكم في الصغر بالنكاح ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) .

والفرق بينه وبين الملك أنّ اليد في الجملة دالّة على الملك ، ويجوز أن يولد المولود وهو مملوك ، ولا يجوز أن تُولد وهي منكوحة ، فالنكاح طارئ بكلّ حالٍ ، فافتقر إلى البيّنة.

والثاني لهم : إنّه يُحكم بالزوجيّة قبل البلوغ(٣) .

القسم الثالث : أن يقيم مدّعي رقّه بيّنةً.

إذا ادّعى مدّعٍ رقَّ الصغير الملقوط أو المجهول نسبه وأقام بيّنةً ، فلا يخلو إمّا أن تشهد البيّنة باليد أو بالملك أو بالولادة ، فإن شهدت بالملك أو اليد ، لم يُقبل فيه إلّا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، وإن شهدت بالولادة ، قُبلت شهادة المرأة الواحدة أو الرجل الواحد ؛ لأنّه ممّا لا يطّلع عليه الرجال.

وحيث يحتاج مدّعي الرقّ إلى البيّنة فالأقرب : سماع الشهادة بالملك مطلقاً أو الرقّ مطلقاً والاكتفاء بهذه الشهادة في ثبوت الملك المطلق والرقّيّة المطلقة ، كما لو شهدت البيّنة على الملك في دارٍ أو دابّةٍ وشبههما ، فإنّه يكفي الإطلاق ، كذا هنا.

وهو أحد قولَي الشافعي ، واختاره المزني ، وذكره الشافعي في‌ الدعاوي والبيّنات وفي القديم.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٠.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١١.

٤٠٣

والثاني - وهو الذي ذكره في كتاب اللقيط - : إنّه لا يكتفى بها ؛ لأنّا لا نأمن أن يكون قد اعتمد الشاهد على ظاهر اليد وتكون اليد يدَ التقاطٍ ، وإذا احتُمل ذلك واللقيط محكوم بحُرّيّته بظاهر الدار ، فلا يزال ذلك الظاهر إلّا عن تحقيقٍ ، ويخالف سائر الأموال ؛ لأنّ أمر الرقّ خطير(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ قيام البيّنة على مطلق الملك ليس بأقلّ من دعوى غير الملتقط رقّيّة الصغير في يده ، فإذا اكتفينا به جاز أن يكتفى بالبيّنة على الملك المطلق.

وللشافعيّة قولٌ ثالث : إنّه لا تُقبل من الملتقط البيّنة على الملك المطلق أو الرقّيّة المطلقة ، وتُقبل من غيره ؛ لسقوط الخيال الذي قيل في الملتقط من جواز استناد البيّنة إلى يد اللقطة(٢) .

مسألة ٤٦٧ : ولو شهدت البيّنة باليد عقيب ادّعائه الرقّيّة ، فإن كانت يدَ الملتقط ، لم يثبت بها ملكه ؛ لأنّا عرفنا سبب يده ، ولأنّا لو شاهدناه تحت يده وهو ملتقط وادّعى رقّيّته لم يثبت فكيف إذا شهد له بيد الالتقاط.

أمّا لو كانت يدَ أجنبيٍّ ، فإنّه يُحكم له باليد ، والقول قوله مع يمينه في الملك.

وإن شهدت له البيّنة بالولادة ، فإن شهدت له أنّ مملوكته ولدته ، أو أنّه ابن مملوكته ، فإن ضمّت إلى ذلك أنّها ولدته مملوكاً له أو أنّها ولدته في ملكه ، حُكم له بالملك قطعاً.

وإن اقتصرت البيّنة على أنّ مملوكته ولدته ، أو أنّه ابن مملوكته ولم تضمّ إليه شيئاً ، فالأقرب : الاكتفاء بذلك ؛ إذ الغرض بذلك العلمُ بأنّ‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ٢٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١١.

(٢) الوجيز ١ : ٢٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١١.

٤٠٤

شهادتهم لم تستند إلى ظاهر اليد ، وقد حصل هذا الغرض ، ولأنّ الغالب أنّ ولد أمته ملكه ، وهو أظهر قولَي الشافعي.

والثاني : عدم الاكتفاء ؛ لأنّه قد يكون ابن مملوكته ولا يكون مملوكاً له ، كما لو اشترى جاريةً كانت قد ولدت في ملك غيره أولاداً له أو ولدت في ملكه ولداً يكون ملكاً لغيره إمّا بأن يشترطه مولى الأب ، أو لم يكن مولاه قد أذن له في النكاح ، وقد تلد حُرّاً بالشبهة والغرور ، وقد يكون الولد مملوكاً لغيره بالوصيّة بأن يوصي لزيدٍ بما تلد أمته ثمّ مات ، فالمملوكة للورثة ، والولد للموصى له ، وهو كثير النظائر(١) .

مسألة ٤٦٨ : إذا لم يُكتف بالبيّنة المطلقة ، فلا بدّ للشهود من تعرّضهم لسبب الملك من الإرث أو الشراء أو الاتّهاب ونحوه ، فلو شهدت البيّنة بأنّ أمته ولدته في ملكه ، فالأقرب على هذا القول : عدم الاكتفاء ؛ لأنّه قد تلد أمته في ملكه حُرّاً أو مملوكاً للغير على ما تقدّم ، وهو أظهر قولَي الشافعي ، والثاني : الاكتفاء بهذا(٢) .

هذا على تقدير عود قوله : « في ملكه » إلى المولود ، لا إلى الولادة ، ولا إلى الوالدة ، وحينئذٍ فلا فرق بينه وبين قوله : « ولدته مملوكاً له » ويكون قوله : « في ملكه » بمثابة قول القائل : « ولدته في مشيمته ».

وعلى القولين تُقبل هذه الشهادة من رجلٍ وامرأتين ؛ لأنّ الغرض إثبات الملك.

ولو اكتفينا بالشهادة على أنّه ولدته أمته ، فيُقبل فيه أربع نساء أيضاً ؛ لأنّها شهادة على الولادة ، ثمّ يثبت الملك في ضمنها ، كما يثبت النسب في‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١١.

٤٠٥

ضمن الشهادة على الولادة ، وذكر الملك لا يمنع من ثبوت الولادة ، ثمّ يثبت الملك ضمناً ، لا بتصريحهنّ.

مسألة ٤٦٩ : قد بيّنّا أنّه لو شهدت البيّنة لمدّعي الرقّ باليد ، فإن كان المدّعي الملتقطَ لم يُحكم له ، وإن كان غيره حُكم.

وللشافعي في الحكم للغير قولان(١) .

ولو أقام الغير المدّعي البيّنةَ على أنّه كان في يده قبل أن التقطه الملتقط ، قُبلت بيّنته ، وثبتت يده ، ثمّ يُصدّق في دعوى الرقّ ؛ لأنّ صاحب اليد على الصغير إذا لم يُعرف أنّ يده عن التقاطٍ يُصدَّق في دعوى الرقّ.

ولو أقام الملتقط بيّنةً على أنّه كان في يده قبل التقاطه ، فالأقوى : الحكم له بدعوى الرقّيّة له ؛ لما تقدّم ، وانضمام الالتقاط لا ينافي دعواه ولا ينافي يده أوّلاً.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والثاني : إنّه لا تُسمع دعوى الملتقط في رقّه ولا بيّنته حتى يقيم البيّنة على سبب الملك ؛ لأنّه إذا اعترف بأنّه التقطه فكأنّه أقرّ بالحُرّيّة ظاهراً ، فلا تُزال إلّا عن تحقيقٍ(٢) .

وليس بشي‌ءٍ.

القسم الرابع : أن يُقرّ اللقيط على نفسه بالرقّ ، وإنّما نحكم عليه بإقراره لو كان بالغاً عاقلا ، فإذا أقرّ اللقيط أو غيره من البالغين العقلاء الذين لا تُعرف حُرّيّتهم ولا ادّعاها أحدهم أوّلاً أنّه مملوك ، حُكم عليه بمقتضى إقراره ؛ لقولهعليه‌السلام : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ».

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٥ - ٤٢٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.

٤٠٦

فإن كذّبه الـمُقرّ له ، لم يثبت الرقّ عند الشيخ(١) ، وبه قال الشافعي(٢) .

ويحتمل ثبوت الرقّيّة المجهولة المالك.

فإن عاد الـمُقرّ له فصدّقه ، لم يلتفت إليه عند الشيخ(٣) والشافعي(٤) ؛ لأنّه لـمّا كذّبه ثبتت حُرّيّته بالأصل ، فلا يعود رقيقاً.

والملازمة الأُولى ممنوعة ؛ لما بيّنّاه من ثبوت الرقّيّة المطلقة ، فمَن ادّعاها حُكم له بها ؛ إذ لا فرق بين العبد والمال في ذلك.

هذا إذا لم يسبق من اللقيط ما ينافي إقراره.

وللشافعي قولٌ آخَر : إنّه لا يُقبل إقراره وإن صدّقه الـمُقرّ له ؛ لأنّه محكوم بحُرّيّته بالدار فلا يُنقض ، كما أنّ المحكوم بإسلامه بظاهر الدار إذا أعرب بالكفر لا ينقض ما حُكم به في قولٍ ، بل يجعل مرتدّاً(٥) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الحكم بحُرّيّته إنّما هو ظاهر ، وظاهر إقراره أقوى من ظاهريّة الدار ؛ لأنّه كالبيّنة بل أقوى ، وإنّما لم نحكم بالكفر إذا أعرب به احتفاظاً بالدين.

مسألة ٤٧٠ : لو أقرّ اللقيط بعد بلوغه ورشده بأنّه حُرٌّ ثمّ أقرّ بالعبوديّة ، لم يُقبل ؛ لأنّه بالإقرار الأوّل التزم أحكام الأحرار في العبادات وغيرها ، فلم يملك إسقاطها ، ولأنّ الحكم بالحُرّيّة بظاهر الدار قد تأكّد بإعرابه عن نفسه ، فلا يُقبل منه ما يناقضه ، كما لو بلغ وأعرب عن نفسه بالإسلام ثمّ وصف الكفر لا يُقبل ، ويُجعل مرتدّاً ، ولأنّه اعترف بالحُرّيّة ، وهي حقٌّ لله تعالى ، فلا يُقبل رجوعه في إبطالها ، وبه قال الشافعي‌

____________________

(١ و ٣) راجع : المبسوط - للطوسي - ٣ : ٣٥٢.

(٢ و ٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.

٤٠٧

وأحمد(١) .

وقطع بعض الشافعيّة بالقبول ؛ تشبيهاً بما إذا أنكرت المرأة الرجعةَ ثمّ أقرّت ، ولأنّه لو قال : هذا ملكي ، ثمّ أقرّ به لغيره يُقبل(٢) .

مسألة ٤٧١ : إذا ادّعى رجل رقّيّة اللقيط بعد بلوغه ، كُلّف إجابته ، فإن أنكر ولا بيّنة للمدّعي ، لم تُقبل دعواه ، وكان القولُ قولَ اللقيط مع يمينه ، وإن كان له بيّنة حُكم بها ، فإن لم يكذّبه بل صدّق اللقيط المدّعي لرقّه ، حُكم عليه بمقتضى إقراره على ما تقدّم - وبه قال أصحاب الرأي(٣) - لأنّه مجهول الحال أقرّ بالرقّ ، فيُقبل ، كما لو قدم رجلان من دار الحرب فأقرّ أحدهما للآخَر بالرقّ ، وكما لو أقرّ بقصاصٍ أو حدٍّ ، فإنّه يُقبل وإن تضمّن ذلك فوات نفسه.

وقال ابن المنذر وأبو القاسم والشافعي في أحد الوجهين ، وأحمد : لا يُقبل إقراره ؛ لأنّه مبطلٌ به حقَّ الله تعالى في الحُرّيّة المحكوم بها ، فلم يصح ، كما لو كان قد أقرّ قبل ذلك بالحُرّيّة ، ولا نّه حال الطفوليّة لا يُعلم رقّه ولم يتجدّد له رقٌّ بعد التقاطه ، فكان إقراره بالرقّيّة باطلاً(٤) .

وقد سبق(٥) الجواب.

مسألة ٤٧٢ : لو أقرّ بعد بلوغه ورشده بالرقّ لزيدٍ فكذّبه زيد فأقرّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٧ - ٤٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣ ، المغني ٦ : ٤٣٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.

(٣) المغني ٦ : ٤٣٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢١.

(٤) المغني ٦ : ٤٣٨ - ٤٣٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢٢.

(٥) في ص ٤٠٦ ، ذيل القسم الرابع.

٤٠٨

لعمرو ، حُكم عليه بالرقّيّة لعمرو ، كما لو أقرّ بمالٍ لزيدٍ فكذّبه زيد فأقرّ لعمرو به ، ولأنّ احتمال الصدق في الثاني قائم ، فوجب قبوله ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

والمنصوص لهم عن الشافعي : المنع ؛ لأنّ إقراره الأوّل تضمّن نفي الملك لغيره ، فإذا ردّ الـمُقرّ له خرج عن كونه مملوكاً أيضاً ، فصار حُرّاً بالأصل ، والحُرّيّة مظنّة حقوق الله تعالى والعباد ، فلا سبيل إلى إبطالها بالإقرار الثاني(٢) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ إقراره الأوّل تضمّن الشيئين : الرقّيّة المطلقة ، وإسنادها إلى زيدٍ ، ولا يلزم من إبطال الثاني إبطال الأوّل ، وإذا حُكم عليه بالرقّيّة المطلقة قبل إضافتها إلى عمرو ، كما نقول في المال ، فإنّ ما ذكره بعينه آتٍ فيه ، ولا مخلص إلّا ما قلناه.

مسألة ٤٧٣ : إذا بلغ اللقيط رشيداً ووُجد منه بعد ذلك تصرّفات يستدعي نفوذها الحُرّيّة ، كالبيع والنكاح وغيرهما ، ثمّ أقرّ على نفسه بأنّه رقٌّ ، فإن قامت البيّنة برقّه نقضت تصرّفاته ؛ لأنّه قد ظهر فسادها حيث تصرّف بغير إذن سيّده ، وإن لم تكن بيّنة لكن أقرّ ، فإن كان قد اعترف قبل الإقرار بالرقّيّة بأنّه حُرٌّ لم يُقبل إقراره بالرقّيّة.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ ، الوسيط ٤ : ٣٢٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨٣ ، البيان ٨ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ - ٤٤٧ ، الوسيط ٤ : ٣٢٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨٣ ، البيان ٨ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.

٤٠٩

وقالت الشافعيّة : إن قلنا : إنّه لا يُقبل إقراره بالرقّيّة لو لم يدّع الحُرّيّة أوّلاً ، فإقراره بالرقّ هنا لاغٍ مطَّرَح ، بل هو أولى بالإبطال. نعم ، لو نكح ثمّ أقرّ بالرقّ ، فإقراره اعتراف بأنّها محرَّمة عليه ، فلا يمكن القول بحلّها ، وإن قلنا بالقبول هناك ولا إقرار قبله ولا تصرّف ، فقولان ، إلّا أنّه لو ثبت الرقّ بالبيّنة والحالة هذه ، نقضت التصرّفات المبنيّة على الحُرّيّة ، وتُجعل صادرةً من عبدٍ لم يأذن له السيّد ، ويستردّ ما دُفع إليه من الزكاة والميراث وما أُنفق عليه من بيت المال ، وتُباع رقبته فيها ، وإن لم تكن بيّنة ، بل إقرار لا غير ، أُلزم بما لزمه قبل إقراره.

وفي إلزامه بالرقّ للشافعي قولان.

ولأصحابه فيما ذكره طريقان :

أحدهما : إنّ في قبول أصل الإقرار قولين : عدم القبول ؛ لأنّه محكوم بحُرّيّته بظاهر الدار ، وثبوته ؛ لأنّ ذلك الحكم كان بناءً على الظاهر ، فيجوز أن يُغيَّر بالإقرار ، كما أنّ مَنْ حُكم بإسلامه بظاهر الدار فبلغ واعترف بالكفر يُجعل كافراً أصليّاً على الأصحّ.

وأصحّهما عندهم : قبول أصل الإقرار وثبوت أحكام [ الأرقّاء ](١) مطلقاً ، وتخصيص القولين بأحكام التصرّفات السابقة.

وأحد القولين : القبول في أحكامها أيضاً ، سواء كان ممّا يتضرّر به أو ينتفع ويضرّ غيره ؛ لأنّه لا تهمة فيه ؛ إذ الإنسان لا يرقّ نفسه لإلحاق ضررٍ جرى بالغير ، ولأنّ تلك الأحكام فروع الرقّ ، فإذا قبلنا إقراره في الرقّ الذي‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « الارقاق ». والمثبت هو الصحيح.

٤١٠

هو الأصل ، وجب القبول في أحكامه التي هي فروع له.

وأصحّهما : المنع في الأحكام التي تضرّ بغيره ، وتخصيص القبول بالأحكام التي تضرّ به ، كما لو أقرّ بمالٍ على نفسه وعلى غيره ، فإنّه يُقبل عليه ، ولا يُقبل على غيره ، وبهذا قال أبو حنيفة(١) .

وعن أحمد روايتان(٢) كالقولين.

قال بعض الشافعيّة : وهذان القولان مع القبول في أصل الرقّ ، كما نقول فيما إذا أقرّ العبد بسرقةٍ توجب القطع والمال في يده ، يُقبل إقراره في القطع ، وفي المال خلاف(٣) .

وأصحاب هذه الطريقة قالوا : قول الشافعي : « في إلزامه الرقّ قولان » معناه في إلزامه أحكام الرقّ ، ففي قولٍ يلزمه الكلّ ، وفي قولٍ تفصيلٌ على ما يأتي.

قالوا : وأمّا قوله : « ما لزمه قبل الإقرار » ففي بعض الشروح تفسيره بالأحكام التي تلزم الأحرار والعبيد جميعاً(٤) .

وقال بعض الشافعيّة : لا أُسقط بهذا الإقرار ما لزمه قبله من حقوق الآدميّين(٥) .

وطرد بعض الشافعيّة قولَ التفصيل بين ما يضرّه وبين ما يضرّ بغيره‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٥٧٢ - ٥٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٩ - ٥٨٠ ، البيان ٨ : ٤١ - ٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٨ - ٤٢٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣ ، المغني ٦ : ٤٣٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢٢.

(٢) المغني ٦ : ٤٣٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٩.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٩.

٤١١

في المستقبل أيضاً(١) .

فخرج من ذلك ثلاثة أقوال :

أحدها : القبول في أحكام الرقّ كلّها ماضياً ومستقبلاً.

والثاني : تخصيص القبول بما يضرّ به ، والمنع فيما عداه ماضياً ومستقبلاً.

والثالث : تخصيص المنع بما يضرّ بغيره فيما مضى ، والقبول فيما عداه.

والأقوال الثلاثة متّفقة على القبول فيما عليه(٢) .

ويتفرّع على الخلاف مسائل نذكرها الآن بعون الله تعالى.

مسألة ٤٧٤ : إذا بلغ اللقيط وكان أُنثى ثمّ عقدت على نفسها عقد النكاح ثمّ أقرّت بالرق ، فعلى ما اخترناه من القبول مطلقاً فهذه جارية نكحت بغير إذن سيّدها ، فالنكاح صحيح في حقّ الزوج ؛ لأنّه لا يبطل حقّه بمجرّد إقرارها ، ويكون فاسداً بالنسبة إليها.

فإن كان قبل الدخول ، فلا شي‌ء على الزوج ؛ لإقرارها بفساد نكاحها وأنّها أمة تزوّجت بغير إذن سيّدها ، والنكاح الفاسد لا يجب المهر فيه إلّا بالدخول.

وإن كان إقرارها بعد الدخول بها ، لم يسقط مهرها ، وكان عليه الأقلّ من المسمّى أو مهر المثل - وبه قال بعض الشافعيّة(٣) - لأنّ المسمّى إن كان‌ أقلّ فالزوج ينكر وجوب الزيادة ، وقولها غير مقبولٍ في حقّه ، وإن كان

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٩.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ ، البيان ٨ : ٤٣.

٤١٢

الأقلّ مهر المثل فهي وسيّدها يُقرّان بفساد النكاح ، وأنّ الواجب مهر المثل ، فلا يجب أكثر منه.

وقال بعض الشافعيّة : إن قلنا : يُقبل إقرارها فيما يضرّ بالغير ، يجب مهر المثل للمُقرّ له ، فإن كان قد سلّم إليها المهر استردّه إن كان باقياً ، وإلّا رجع عليها بعد العتق(١) .

وعن أحمد روايتان :

إحداهما : كما قلنا أوّلاً.

والثانية : وجوب المسمّى ؛ لأنّ النكاح الفاسد يجب فيه المسمّى قلّ أو كثر ؛ لاعتراف الزوج بوجوبه(٢) .

وأمّا الأولاد فإنّهم أحرار ؛ لأنّ الزوج ظنّ الحُرّيّة ، ولا يثبت الرقّ في حقّ أولادها بإقرارها.

وهل تجب قيمتهم على الزوج؟ الأقرب : العدم - وبه قال أحمد وبعض الشافعيّة(٣) - لأنّه لو وجب لوجب بقولها ، ولا يجب بقولها حقٌّ على غيرها.

وقال بعض الشافعيّة : بناءً على قبول قولها فيما يضرّ بالغير يجب على الزوج قيمتهم للمُقرّ له، ويرجع عليها بالقيمة إن كانت هي التي غرّته(٤) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨١ ، البيان ٨ : ٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣ - ٥١٤.

(٢) المغني ٦ : ٤٤٠ - ٤٤١ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢٣ - ٤٢٤.

(٣) المغني ٦ : ٤٤١ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ ، البيان ٨ : ٤٣.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨١ ، البيان ٨ : ٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٤.

٤١٣

وفي الرجوع بالمهر للشافعيّة قولان(١) .

وهل تعتدّ عدّة الإماء بناءً على هذا القول؟ الأظهر عندهم : ذلك ؛ لأنّ عدّة الأمة بعقد النكاح الصحيح قُرءان ، ونكاح الشبهة في المحرّمات كالنكاح الصحيح.

والثاني : إنّه لا عدّة عليها ؛ إذ لا نكاح ، ولكن تستبرئ بقرءٍ واحد ؛ لمكان الوطؤ(٢) .

قال الجويني : ويجب طرد هذا التردّد في كلّ نكاحِ شبهةٍ على أمةٍ(٣) .

مسألة ٤٧٥ : إذا قلنا : لا يُقبل إقرارها فيما يضرّ بالغير ، لم يُحكم بانفساخ النكاح ، بل يطّرد كما كان.

قال الجويني : ولا فرق بين الماضي والمستقبل هنا ، سواء فرّقنا بين الماضي والمستقبل ، أو لم نفرّق ، فكأنّا نجعل النكاح في حكم المستوفى المقبوض فيما تقدّم ، وعلى هذه القاعدة تبيّنّا أنّ الحُرّ إذا وجد الطول بعد نكاح الأمة لم نقض بارتفاع النكاح بينهما(٤) .

واستدرك بعض الشافعيّة ، فقال : إن كان الزوج ممّن لا يجوز له نكاح الإماء ، فيُحكم بانفساخ النكاح ؛ لأنّ الأولاد الذين تلدهم في المستقبل أرقّاء ، فليس له الثبات عليه(٥) .

ومنع بعضهم من انفساخ النكاح ؛ لأنّ شروط نكاح الأمة لا تُعتبر في استدامة العقد ، وإنّما تُعتبر في ابتدائه(٦) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٤.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٤.

(٤ - ٦) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣١ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٤.

٤١٤

وأطلق أصحاب الشافعي أنّ للزوج خيارَ فسخ النكاح ؛ لأنّ حقّه ناقص ؛ لحكمنا بالرقّ في الحال والمستقبل(١) .

وقال بعضهم : هذا مفروض فيما إذا نكحها في الابتداء على أنّها حُرّة ، فإن توهّم الحُرّيّة ولم يَجْر شرطها ، فخلاف بينهم يُذكر في موضعه(٢) .

مسألة ٤٧٦ : إذا قلنا : لا يُقبل الإقرار فيما يضرّ بالغير ، فحكم المهر لو أقرّت بالرقّ وأثبتنا للزوج الخيارَ ففسخ النكاح قبل الدخول [ أنّه ] لا شي‌ء عليه ؛ لظهور فساد العقد ، وإن كان بعده فعليه أقلّ الأمرين من المسمّى ومهر المثل ؛ لأنّ المسمّى إن كان أقلّ لم يُقبل إقرارها في الزيادة عليه ، وإن كان مهر المثل أقلَّ فالـمُقرّ له لا يدّعي أكثر منه.

وإن أجاز ، قال بعض الشافعيّة : عليه المسمّى ، فإن طلّقها بعد الإجازة وقبل الدخول فعليه نصف المسمّى(٣) .

ويشكل بأنّ الـمُقرّ له يزعم فساد العقد ، فإذا لم يكن دخولٌ وجب أن لا يطالبه بشي‌ءٍ ، فإن كان الزوج قد دفع الصداق إليها لم يطالب به مرّةً ثانية.

وأمّا الأولاد منها فالذين حصلوا قبل الإقرار أحرار ، ولا يجب على الزوج قيمتهم ؛ لأنّ قولها غير مقبولٍ في إلزامه ، وأمّا الحادثون بعده فهُمْ أرقّاء ؛ لأنّه وطئها على علمٍ بأنّها أمة.

قال الجويني : هذا ظاهرٌ فيما إذا قبلنا الإقرار فيما يضرّ بالغير في المستقبل ، أمّا إذا لم نقبل فيه ماضياً ومستقبلاً ، فيحتمل أن يقال بحُرّيّتهم ؛

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣١ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣١ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٤ - ٥١٥.

٤١٥

صيانةً لحقّ الزوج ، فإنّ الأولاد من مقاصد النكاح ، كما أنّا أدمنا النكاح صيانةً لحقّه في الوطؤ وسائر المقاصد(١) .

ويحتمل عند الشافعيّة القول برقّهم ؛ لأنّ العلوق أمر موهوم ، فلا يجعل مستحقّاً بالنكاح ، بخلاف الوطؤ.

وتردّدوا أيضاً في أنّا إذا أدمنا النكاح نسلّمها إلى الزوج تسليمَ الإماء أو تسليمَ الحرائر؟ ولا نبالي بتعطيل المنافع على الـمُقرّ له ، والظاهر : الثاني ، وإلّا لعَظُم الضرر على الزوج ، واختلّت مقاصد النكاح ، ويخالف أمر الولد ؛ لما ذكرنا أنّه موهوم(٢) .

وأمّا العدّة فإن كانت عدّة الطلاق الرجعي نُظر إن طلّقها ثمّ أقرّت ، فعليها ثلاثة أقراء ، وله الرجعة فيها جميعاً ؛ لأنّه قد ثبت ذلك بالطلاق ، فليس له إسقاطه بالإقرار.

وإن أقرّت ثمّ طلّقها ، فوجهان للشافعيّة :

أصحّهما - وهو الذي عوّل عليه أكثرهم - : إنّ الجواب كذلك ؛ لأنّ النكاح أثبت له حقَّ المراجعة في ثلاثة أقراء.

والثاني : إنّها تعتدّ بقُرءين عدّة الإماء ؛ لأنّه أمر متعلّق بالمستقبل ، فأشبه إرقاق الأولاد(٣) .

وإن كان الطلاق بائناً ، فأصحّ الوجهين عندهم : [ إنّ الحكم ](٤) فيه كالحكم في الطلاق الرجعي ؛ لأنّ العدّة فيهما لا تختلف.

والثاني : إنّها تعتدّ عدّة الإماء على الإطلاق ؛ لأنّها محكوم برقّها ،

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٥.

(٤) ما بين المعقوفين أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

٤١٦

وليس للزوج غرض المراجعة(١) .

وأمّا عدّة الوفاة فإنّها تعتدّ بشهرين وخمسة أيّام عدّة الإماء ، نصّ عليه الشافعي(٢) .

ولا فرق بين أن تقرّ قبل موت الزوج أو بعده في العدّة.

والفرق بين عدّة الوفاة وعدّة الطلاق : إنّ عدّة الطلاق حقّ الزوج ، وإنّما وجبت صيانةً لمائه ، ألا ترى أنّها لا تجب قبل الدخول ، وعدّة الوفاة حقّ الله تعالى ، ألا ترى أنّها تجب قبل الدخول ، فقبول قولها في انتقاض عدّة الوفاة لا يُلحق ضرراً بالغير.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر : إنّه لا تجب عليها عدّة الوفاة أيضاً ؛ لأنّها تزعم بطلان النكاح من أصله وقد مات الزوج ، فلا معنى لمراعاة جانبه ، بخلاف عدّة الطلاق(٣) .

وعلى هذا إن جرى دخولٌ فعليها الاستبراء.

وهل هو بقُرءٍ واحد ، أو بقُرءين؟ على ما سبق في التفريع على القول الأوّل.

وإن لم يَجْر دخولٌ ، احتُمل أنّها تستبرئ بقُرءٍ واحد ، كما إذا اشتُريت من امرأةٍ أو مجبوبٍ.

والثاني(٤) : إنّه لا استبراء أصلاً ؛ لأنّا كُنّا نحكم بالنكاح لحقّ الزوج‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٥ - ٥١٦.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ ، الوسيط ٤ : ٣٢٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨٢ ، البيان ٨ : ٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٦.

(٤) أي : الاحتمال الثاني.

٤١٧

وقد انقطع كلّ حقوقه ، وهي والـمُقرّ له يقولان : لا نكاح ولا دخول ، فمِمَّ الاستبراء؟

مسألة ٤٧٧ : لو كان اللقيط ذكراً فبلغ ونكح ثمّ أقرّ بالرقّ ، فإن قبلنا إقراره مطلقاً ، قلنا : هذا نكاح فاسد ؛ لأنّه عبد نكح بغير إذن سيّده ، فيفرَّق بينهما ، ولا مهر عليه إن لم يكن قد دخل ، وإن كان قد دخل بها فعليه مهر المثل.

والأقرب : الأقلّ من مهر المثل أو المسمّى ؛ لأنّه إن كان المسمّى أقلّ ، فهي لا تدّعي الزيادة.

وهل يتعلّق الواجب بذمّته أو برقبته؟ الوجه : الأوّل ، وهو أصحّ قولَي الشافعي في الجديد.

والثاني : إنّه يتعلّق برقبته ، وهو قول الشافعي في القديم(١) .

والولد حُرٌّ يتبع أشرف طرفيه ، وهو الأُمّ مع جهلها.

وإن لم نقبل إقراره فيما يتضرّر به الغير ، بل قبلناه فيما يضرّه خاصّةً ، فالنكاح صحيح في حقّها ، ونحكم بانفساخ النكاح بإقراره ؛ لأنّه لا نكاح بينهما ، ولم يُقبل قوله في المهر ، فإن لم يكن دخل وجب عليه نصف المسمّى ، وإن دخل وجب جميع المسمّى ، ويؤدّي ذلك ممّا في يده أو من كسبه في الحال أو المستقبل ، فإن لم يوجد فهو في ذمّته إلى أن يعتق.

مسألة ٤٧٨ : لو كانت عليه ديون وقت الإقرار بالرقّ وفي يده أموال ، فإن قبلنا إقراره مطلقاً ، فالأموال تُسلّم للمُقرّ له ، والديون في ذمّته ؛ لأنّا حكمنا عليه بالرقّ ، وجميع ما في يد العبد لمولاه ، ولا يُقبل إقراره على ما‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨١ ، البيان ٨ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٦.

٤١٨

في يده.

وإن قبلناه فيما يضرّ به دون ما يضرّ بغيره ، قضينا الديون ممّا في يده ؛ لأنّ الإقرار يضرّ بصاحب الدَّيْن ، فلا ينفذ فيه ، فيثبت له حقّ المطالبة بدَيْنه ممّا في يده.

ثمّ إن فضل من المال شي‌ء حُكم به للمُقرّ له ؛ لأنّه يضرّ به دون غيره ، فينفذ إقراره فيه ، وإن بقي من الديون شي‌ء كان ثابتاً في ذمّته إلى أن يعتق ، كما لو أقرّ العبد بدَيْنٍ لغيره كان ثابتاً في ذمّته يُتبع به بعد العتق.

مسألة ٤٧٩ : إذا باع اللقيط أو اشترى بعد البلوغ ثمّ أقرّ بالرقّ ، فإن قبلنا الإقرار منه في كلّ شي‌ءٍ بطل البيع والشراء ؛ لأنّه قد صادف العبوديّة ، فلا يصحّ إلّا بإذن مولاه ، فإن كان ما باعه [ باقياً ] في يد المشتري أخذه الـمُقرّ له ، وإلّا طالبه بقيمته.

ثمّ الثمن إن كان قد أخذه الـمُقرّ واستهلكه ، فهو في ذمّته يُتبع به بعد العتق ، وإن كان باقياً ردّه ، وما اشتراه إن كان باقياً في يده ردّه إلى بائعه ، وإلّا استردّ الثمن من البائع ، ويتعلّق حقّ البائع بذمّته.

وإن قبلنا إقراره فيما يضرّه خاصّةً دون ما يضرّ بغيره ، لم يُحكم ببطلان البيع ولا الشراء ؛ لتعلّق حقّ العاقد بائعاً ومشترياً بالثمن والمثمن.

ثمّ ما باعه إن لم يستوف ثمنه استوفاه الـمُقرّ له ، وإن كان قد استوفاه لم يطالب المشتري ثانياً.

وأمّا ما اشتراه ، فإن كان قد سلّم ثمنه تمّ العقد ، والمبيع مسلَّم للمُقرّ له.

وإن لم يكن قد سلّمه ، فإن كان في يده مال حين أقرّ بالرقّ قضى الثمن منه ؛ لأنّا لا نقبل إقراره فيما يضرّ بالبائع ، وإن لم يكن في يده مال‌

٤١٩

فهو كإفلاس المشتري ، فيرجع البائع إلى عين ماله إن كان باقياً ، وإن لم يكن فهو في ذمّة الـمُقرّ حتى يعتق ، كما أنّه إذا أفلس المشتري والمبيع هالك يكون الثمن في ذمّته يطالَب به بعد يساره.

مسألة ٤٨٠ : لو جنى اللقيط بعد بلوغه ثمّ أقرّ بالرقّ ، فإن كانت الجناية عمداً فعليه القصاص ، سواء كان المجنيّ عليه حُرّاً أو عبداً على القولين عند الشافعي.

أمّا إذا قبلنا إقراره مطلقاً ، فظاهرٌ.

وأمّا إذا قبلناه فيما يضرّ به دون ما يضرّ بغيره ، فإن كان المجنيّ عليه حُرّاً فلا فضيلة للجاني ، وإن كان عبداً ألزمناه القصاص ؛ لأنّه يضرّه(١) .

وعندنا أنّ إقرار العبد بما يوجب القصاص لا ينفذ في حقّ المولى ، بل يتعلّق بذمّته يُتبع به بعد العتق.

وإن كانت الجناية خطأً ، فإن كان في يده مالٌ أُخذ الأرش منه ، قاله بعض الشافعيّة - خلاف قياس القولين ؛ لأنّ أرش الخطأ لا يتعلّق بما في يد الجاني ، حُرّاً كان أو عبداً - وإن لم يكن في يده مالٌ ، تعلّق الأرش برقبته على القولين(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : إن قلنا بالقول الثاني ، يكون الأرش في بيت المال(٣) .

وأُجيب عنه : بأنّا على القول الثاني إنّما لا نقبل إقراره فيما يضرّ‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨٢ ، البيان ٨ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٧.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٧.

(٣) البيان ٨ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٧.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466