تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

تذكرة الفقهاء8%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 978-964-319-530-4
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 150613 / تحميل: 5375
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٣١٩-٥٣٠-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وإن أراد البيع ولا حاكم هناك ، استقلّ به ، فإن كان فوجهان لهم ، أحدهما : جواز الاستقلال ؛ لأنّه نائب عن المالك في الحفظ ، فكذا في البيع(١) .

مسألة ٣٩٤ : لو وجد بعيراً في أيّام منى في الصحراء مقلَّداً كما يُقلَّد الهدي ، لم يجز أخذه ؛ لأنّه لا يجوز مع عدم التقليد فمعه أولى.

وقال الشافعي : يأخذه ويُعرّفه أيّام منى ، فإن خاف أن يفوته وقت النحر نحره ، والأولى عنده أن يرفع إلى الحاكم حتى يأمره بنحره(٢) .

ونقل بعضهم قولاً آخَر : إنّه لا يجوز أخذه(٣) ، كما ذهبنا إليه.

ثمّ بنوا القولين على القولين فيما إذا وجد بدنة منحورة غمس ما قُلّدت به في دمها وضرب صفحة سنامها ، هل يجوز الأكل منها؟ فإن منعنا الأكل ، منعنا الأخذ هنا ، وإن جوّزنا الأكل اعتماداً على العلامة ، فكذا التقليد علامة كون البعير هدياً ، والظاهر أنّ تخلّفه كان لضعفه عن المسير ، والأُضحية المعيّنة إذا ذُبحت في وقت النحر وقع في موقعه وإن لم يأذن صاحبها(٤) .

قال الجويني : لكن ذبح الضحيّة وإن وقع في موقعه لا يجوز الإقدام عليه من غير إذنٍ(٥) .

وجوّز بعض الشافعيّة الأخذ والنحر(٦) .

ولهذا الإشكال ذهب القفّال تفريعاً على هذا القول أنّه يجب رفع

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٦.

(٢) البيان ٧ : ٤٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦.

٣٠١

الأمر إلى الحاكم لينحره(١) .

وهذا ليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الأخذ الممنوع منه إنّما هو الأخذ للتملّك ، ولا شكّ أنّ هذا البعير لا يؤخذ للتملّك.

المطلب الثاني : في الملتقط.

مسألة ٣٩٥ : يصحّ أخذ الضالّة في موضع الجواز لكلّ بالغٍ عاقلٍ.

ولو أخذه في موضع المنع ، لم يجز ، وضمنه ، إماماً كان أو غيره ؛ لأنّه أخذ ملك غيره بغير إذنه ، ولا أذن الشارع له ، فهو كالغاصب.

وهذا الفرض في الإمام عندنا باطل ؛ لأنّه معصوم.

أمّا عند العامّة الذين لم يوجبوا عصمة إمامهم فإنّه قد يُفرض.

وكذا يُفرض عندنا في نائب الإمام.

وكذا يجوز للصبي والمجنون أخذ الضوالّ ؛ لأنّه اكتساب ، وينتزع الوليّ ذلك من يدهما ، ويتولّى التعريف عنهما سنةً ، فإن لم يأت له مالك تملّكاه وضمناه بتمليك الوليّ لهما وتضمينهما إيّاه إن رأى الغبطة في ذلك ، وإن لم يكن في تمليكهما غبطة ، أبقاها أمانةً.

مسألة ٣٩٦ : الأقرب : عدم اشتراط الحُرّيّة ، فيجوز للعبد القِنّ والمدبَّر والمكاتَب وأُمّ الولد والمعتق بعضه التقاطُ الضوالّ في موضع الجواز ؛ لأنّه اكتساب وهؤلاء من أهله وهُمْ أهلٌ للحفظ.

والأقرب : إنّه لا يشترط الإسلام ولا العدالة ، فيجوز للكافر أخذ الضالّة ، وكذا للفاسق ؛ لأنّه اكتساب وهُما من أهله.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

٣٠٢

وقال الشافعي : لا يجوز لغير الإمام وغير نائبه أخذ الضوالّ للحفظ لصاحبها ، فإن أخذها غير الامام أو نائبه ليحفظها لصاحبها لزمه الضمان ؛ لأنّه لا ولاية له على صاحبها(١) .

ولأصحابه وجهٌ آخَر : إنّه يجوز أخذها لحفظها قياساً على الإمام(٢) .

واحتجّ بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مَنَع من أخذها من غير أن يفرّق بين قاصد الحفظ وقاصد الالتقاط ، والقياس على الإمام باطل ؛ لأنّ له ولايةً ، وهذا لا ولاية له(٣) .

ونحن نقول بموجبه في موضع المنع من أخذها.

أمّا لو وجدها في موضعٍ يخاف عليها فيه ، مثل أن يجدها في أرض مسبعة يغلب على الظنّ افتراس الأسد لها إن تركها فيه ، أو وجدها قريبةً من دار الحرب يخاف عليها من أهلها ، أو في موضعٍ يستحلّ أهله أخذ أموال المسلمين ، أو في برّيّة لا ماء بها ولا مرعى ، فالأولى جواز الأخذ للحفظ ، ولا ضمان على آخذها ؛ لما فيه من إنقاذها من الهلاك ، فأشبه تخليصها من غرقٍ أو حرقٍ ، وإذا حصلت في يده سلّمها إلى بيت المال ، وبرئ من ضمانها ، وله التملّك مع الضمان ؛ لأنّ الشارع نبّه على علّة عدم التملّك لها بأنّها محفوظة ، فإذا كانت في المهلكة انتفت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٥ - ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦٠ - ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٣ و ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٢ - ٥٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٣) راجع : المغني ٦ : ٣٩٩ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

٣٠٣

العلّة.

مسألة ٣٩٧ : لو ترك دابّة بمهلكةٍ فأخذها إنسان فأطعمها وسقاها وخلّصها ، تملّكها - وبه قال الليث والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق(١) - إلّا أن يكون تركها بنيّة العود إليها فأخذها ، أو كانت قد ضلّت منه ؛ لما رواه العامّة عن الشعبي أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ وجد دابّةً قد عجز عنها أهلها فسيّبوها فأخذها فأحياها فهي له »(٢) .

وفي لفظٍ آخَر عن الشعبي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « مَنْ ترك دابّةً بمهلكةٍ فأحياها رجل فهي لمَنْ أحياها »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام قال : « مَنْ أصاب مالاً أو بعيراً في فلاةٍ من الأرض قد كلّت وقامت وسيّبها صاحبها لـمّا لم تتبعه فأخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقةً حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ، ولا سبيل له عليها ، وإنّما هي مثل الشي‌ء المباح »(٤) .

ولأنّ القول بملكها يتضمّن إحياءها وإنقاذها من الهلاك ، وحفظاً للمال عن الضياع ، ومحافظةً على حرمة الحيوان ، وفي القول بعدم الملك‌

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦٠ - ١٦١ ، الحاوي الكبير ٨ : ٢٧ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤.

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٧ / ٣٥٢٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٦٨ / ٢٥٩ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤ - ٣٥٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٨ / ٣٥٢٥ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٨٦ ، الهامش (٤)

٣٠٤

تضييع ذلك كلّه من غير مصلحةٍ تحصل ، ولأنّ مالكه نبذه رغبةً عنه وعجزاً عن أخذه ، فمَلَكه آخذه ، كالمتساقط من السنبل وسائر ما ينبذه الناس رغبةً عنه وزهداً فيه.

المطلب الثالث : في الأحكام.

مسألة ٣٩٨ : يجوز للإمام ونائبه أخذ الضالّة على وجه الحفظ لصاحبه ، ثمّ يرسله في الحمى الذي حماه الإمام لخيل المجاهدين والضوالّ ؛ لأنّ للإمام نظراً في حفظ مال الغائب ، وفي أخذ هذه حفظ لها عن الهلاك ، ثمّ يُعرّفها حولاً ، فإن جاء صاحبها ، وإلّا بقيت في الحمى.

وقال أحمد : لا يلزمه تعريفها ؛ لأنّ عمر لم يكن يُعرّف الضوالّ(١) .

وفعل عمر ليس حجّةً.

وإذا عرف إنسان دابّته ، أقام البيّنة عليها وأخذها ، ولا يكفي وصفها ؛ لأنّها ظاهرة بين الناس يعرف صفاتها غير أهلها ، فلا تكون الصفة(٢) لها دليلاً على ملكه لها ، ولأنّ الضالّة قد كانت ظاهرةً للناس حين كانت في يد مالكها ، فلا يختصّ هو بمعرفة صفاتها دون غيره ، ويمكنه إقامة البيّنة عليها ؛ لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه بملكه إيّاها.

مسألة ٣٩٩ : الأقرب عندي : إنّه يجوز لكلّ أحدٍ أخذ الضالّة ، صغيرةً كانت أو كبيرةً ، ممتنعةً عن السباع أو غير ممتنعةٍ ، بقصد الحفظ لمالكها ، والأحاديث(٣) الواردة في النهي عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط‌

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) في « ث ، خ ، ر » : « الصفات ».

(٣) منها : ما تقدّم تخريجه في الهامش (١) من ص ١٦٦.

٣٠٥

التملّك إمّا قبل التعريف أو بعده ، أمّا مع نيّة الاحتفاظ فالأولى الجواز ، كما أنّه لا يجوز للإمام ولا لنائبه أخذ ما لا يجوز أخذه على وجه التملّك.

مسألة ٤٠٠ : ما يحصل عند الإمام من الضوالّ فإنّه يُشهد عليها ويَسِمها بوَسْم أنّها ضالّة.

ثمّ إن كان له حمى ، تركها فيه إن رأى المصلحة في ذلك ، وإن رأى المصلحة في بيعها أو لم يكن له حمى ، باعها بعد أن يصفها ويحفظ صفاتها ، ويحفظ ثمنها لصاحبها ، فإنّ ذلك أحفظ لها ؛ لأنّ في تركها ضرراً على مالكها ؛ لإفضائه إلى أن تأكل جميع ثمنها.

وأمّا غير الإمام ونائبه إذا التقط الضالّة ولم يجد سلطاناً يُنفق عليها ، أنفق من نفسه ، ويرجع مع نيّة الرجوع.

وقيل : لا يرجع ؛ لأنّ عليه الحفظَ ، ولا يتمّ إلّا بالإنفاق(١) .

والأوّل أقرب ؛ دفعاً لتوجّه الضرر بالالتقاط.

ولا يبعد من الصواب التفصيلُ ، فإن كان قد نوى التملّك قبل التعريف أو بعده ، أنفق من ماله ، ولا رجوع ؛ لأنّه فَعَل ذلك لنفعه ، وإن نوى الحفظ دائماً ، رجع مع الإشهاد إن تمكّن ، وإلّا فمع نيّته.

ولو كان للّقطة نفعٌ كالظهر للركوب ، أو الحمل أو اللبن أو الخدمة ، قال الشيخرحمه‌الله : يكون ذلك بإزاء ما أنفق(٢) .

والأقرب : أن ينظر في قدر النفقة وقيمة المنفعة ، ويتقاصّان.

مسألة ٤٠١ : لا يضمن الضالّة بعد الحول إلّا مع قصد التملّك.

ولو قصد حفظها دائماً ، لم يضمن ، كما في لقطة الأموال ، إلّا مع‌

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٣ : ٢٩٠.

(٢) النهاية : ٣٢٤.

٣٠٦

التفريط أو التعدّي.

ولو قصد التملّك ، ضمن ، فإن نوى الحفظ بعد ذلك ، لم يبرأ من الضمان ؛ لأنّه قد تعلّق الضمان بذمّته ، كما لو تعدّى في الوديعة ثمّ نوى الحفظ.

ولو قصد الحفظ ثمّ نوى التملّك ، لزمه الضمان من حين نيّة التملّك.

مسألة ٤٠٢ : لو وجد مملوكاً بالغاً أو مراهقاً ، لم يجز له أخذه ؛ لأنّه كالضالّة الممتنعة يتمكّن من دفع المؤذيات عنه.

ولو كان صغيراً ، كان له أخذه ؛ لأنّه في معرض التلف ، والمال إذا كان بهذه الحال جاز أخذه ، وهو نوع منه.

وإذا أخذ عبداً صغيراً للحفظ ، لم يدفع إلى مدّعيه إلّا بالبيّنة ، ولا تكفي الشهادة على شهود الأصل بالوصف ؛ لاحتمال الشركة في الأوصاف ، بل يجب إحضار شهود الأصل ليشهدوا بالعين ، فإن تعذّر إحضارهم لم يجب نقل العبد إلى بلدهم ولا بيعه على مَنْ يحمله ، ولو رأى الحاكم ذلك صلاحاً جاز ، ولو تلف قبل الوصول أو بعده ولم يثبت دعواه ، ضمن المدّعي قيمة العبد وأجره.

مسألة ٤٠٣ : لو ترك متاعاً في مهلكةٍ فخلّصه إنسان ، لم يملكه ؛ لأنّه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه التلف كالخشية على الحيوان ، فإنّ الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى وتأكله السباع ، والمتاع يبقى إلى أن يعود مالكه إليه.

ولو كان المتروك عبداً ، لم يملكه آخذه ؛ لأنّ العبد في العادة يمكنه التخلّص إلى الأماكن التي يعيش فيها ، بخلاف البهيمة.

وله أخذ العبد والمتاع ليخلّصه لصاحبه.

وهل يستحقّ الأُجرة عن تخليص العبد أو المتاع؟ الوجه : إنّه لا يستحقّ إلّا مع الجُعْل ؛ لأنّه عمل في مال غيره بغير جُعْلٍ ، فلم يستحق شيئاً ، كالملتقط.

٣٠٧

وقال أحمد : يستحقّ الجُعْل(١) . وليس بجيّدٍ.

مسألة ٤٠٤ : ما يلقيه رُكْبان البحر فيه من السفينة خوفاً من الغرق إذا أخرجه غير مالكه ، فالأقرب : إنّه للمُخرج ، وبه قال الليث بن سعد والحسن البصري [ قال : ](٢) وما نضب عنه الماء فهو لأهله(٣) .

وقال ابن المنذر : يردّه على أربابه ، ولا جُعْل له(٤) ، وهو مقتضى قول الشافعي(٥) .

ويتخرّج على قول أحمد : إنّ لمن أنقذه أُجرة مثله(٦) .

والأقرب : ما قدّمناه ؛ لأنّه مال ألقاه أربابه فيما يتلف بتركه فيه اختياراً منهم ، فمَلَكه مَنْ أخرجه ، كالمنبوذ بنيّة الإعراض عن تملّكه.

ولو انكسرت السفينة في البحر فأُخرج بعض المتاع الذي فيها بالغوص وأخرج البحر بعض ما غرق فيها ، روى الشعيري فيه أنّ الصادقعليه‌السلام سئل عن ذلك ، فقال : « أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله ، الله أخرجه ، وأمّا ما أُخرج بالغوص فهو لهم وهُمْ أحقّ به »(٧) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المغني والشرح الكبير ، وهو مقتضى ما في الإشراف على مذاهب أهل العلم.

(٣ و ٤) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦١ ، المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٥) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٦) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٧) تقدّم تخريجه في ص ٢٧٧ ، الهامش (٣)

٣٠٨

وقال الشافعي وابن المنذر : إذا انكسرت السفينة فأخرجه قوم ، يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ، ولا شي‌ء للّذين أصابوه(١) .

وعلى قياس قول أحمد يكون لمستخرجه أُجرة المثل ؛ لأنّ ذلك وسيلة إلى تحصيله(٢) وحفظه لصاحبه وصيانته عن الغرق ، فإنّ الغوّاص إذا علم أنّه يُدفع إليه الأجر بادر إلى التخليص ، وإن علم أنّه يؤخذ منه بغير شي‌ءٍ لم يخاطر بنفسه في استخراجه(٣) .

مسألة ٤٠٥ : قد بيّنّا أنّه يجوز للإنسان أن يلتقط العبد الصغير وكذا الجارية الصغيرة ، ويُملك كلٌّ منهما بعد التعريف.

وقياس مذهب أحمد : إنّه لا يُملكان بالتعريف(٤) .

وقال الشافعي : يملك العبد دون الجارية ؛ لأنّ التملّك بالتعريف - عنده - كالقرض ، والجارية - عنده - لا تُملك بالقرض(٥) .

واستشكل بعض العامّة ذلك ؛ فإنّ الملقوط محكوم بحُرّيّته ، وإن كان ممّن يعبّر عن نفسه فأقرّ بأنّه مملوك لم يُقبل إقراره ؛ لأنّ الطفل لا قول له ، ولو اعتبر قوله في ذلك لاعتبر في تعريف سيّده(٦) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦ - ٣٥٧.

(٢) الظاهر : « تخليصه ».

(٣) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٤) كما في المغني ٦ : ٤٠٢ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٩ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، البيان ٧ : ٤٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٧ ، المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٦) المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

٣٠٩

الفصل الثالث : في اللقيط‌

وفيه مطالب :

الأوّل : الأركان.

اللقيط كلّ صبي ضائع لا كافل له ، ويُسمّى منبوذاً باعتبار أنّه يُنبذ ، أي يرمى ، ويُسمّى لقيطاً ، أي ملقوطاً ، واللقيط فعيل بمعنى مفعول ، كما يقال : دهين وخضيب وجريح وطريح ، وإنّما هو مدهون ومخضوب ومجروح ومطروح ، ويُسمّى ملقوطاً باعتبار أنّه يُلقط.

إذا عرفت هذا ، فالأركان ثلاثة :

الأوّل : الالتقاط.

وهو واجب على الكفاية ؛ لاشتماله على صيانة النفس عن الهلاك ، وفي تركه إتلاف النفس المحترمة ، وقد قال الله تعالى :( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (١) .

ولأنّ فيه إحياء النفس فكان واجباً ، كإطعام المضطرّ وإنجائه من الغرق ، وقد قال الله تعالى :( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) (٢) وقال تعالى :( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (٣) .

ووجد سُنَين أبو جميلة منبوذاً فجاء به إلى عمر بن الخطّاب ، فقال :

____________________

(١) سورة المائدة : ٢.

(٢) سورة المائدة : ٣٢.

(٣) سورة الحجّ : ٧٧.

٣١٠

ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال : وجدتُها ضائعةً فأخذتُها ، فقال عريفه : إنّه رجل صالح ، فقال : كذلك؟ قال : نعم ، قال : اذهب فهو حُرٌّ ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته(١) .

وهذا الخبر عندنا لا يُعوّل عليه ، والولاء عندنا لمن يتولّاه الملتقط ، فإن لم يتوال أحداً ، كان ميراثه للإمام.

وليس أخذ اللقيط واجباً على الأعيان بالإجماع وأصالة البراءة ، ولئلّا تتضادّ الأحكام ، ولأنّ الغرض الحفظ والتربية ، وذلك يحصل بأيّ واحدٍ اتّفق ، بل هو من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، ولو تركه الجماعة بأسرهم أثموا بأجمعهم إذا علموا به وتركوه مع إمكان أخذه.

مسألة ٤٠٦ : ويستحبّ الإشهاد على أخذه ؛ لأنّه أصون وأحفظ ، لأنّه يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولأنّ اللّقطة يشيع أمرها بالتعريف ، ولا تعريف في اللقيط.

وللشافعيّة طريقان ، أحدهما : إنّه على وجهين أو قولين كما قدّمنا في اللّقطة ، والأصح : القطع بالوجوب ، بخلاف اللّقطة ، فإنّ الأصحّ فيها الاستحباب ؛ لأنّ اللقيط يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، فجاز أن يجب الإشهاد عليه كما في النكاح(٢) .

والأصل عندنا ممنوع.

وحكى الجويني وجهاً ثالثاً هو : الفرق ، فإن كان الملتقط على ظاهر العدالة لم يكلّف الإشهاد ، وإن كان مستور العدالة كُلّف ليصير الإشهاد قرينةً‌

____________________

(١) الموطّأ ٢ : ٧٣٨ / ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٧.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، البيان ٨ : ٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

٣١١

تغلب على الظنّ الثقة(١) .

وإذا أوجبنا الإشهاد فلو تركه لم تسقط ولاية الحضانة.

وقال الشافعي : تسقط ولاية الحضانة ، ويجوز الانتزاع(٢) .

وإذا أشهد فليشهد على الملتقط وما معه من ثيابٍ وغيرها إن كان معه شي‌ء.

الركن الثاني : اللقيط.

وقد ذكرنا أنّه كلّ صبي ضائع لا كافل له ، والتقاطه من فروض الكفايات ، فيخرج بقيد الصبي البالغ ، فإنّه مستغنٍ عن الحضانة والتعهّد ، فلا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وقع في معرض هلاكٍ ، أُعين ليتخلّص.

أمّا الصبي الذي بلغ سنّ التمييز فالأقرب : جواز التقاطه ؛ لحاجته إلى التعهّد والتربية ، وهو أحد قولَي الشافعيّة ، والثاني : إنّه لا يلتقط ؛ لأنّه مستقلٌّ ممتنع ، كضالّة الإبل ، فلا يتولّى أمره إلّا الحاكم(٣) .

وقولنا : « ضائع » نريد به المنبوذ ؛ لأنّ غير المنبوذ يحفظه أبوه أو جدّه لأبيه أو الوصي لأحدهما ، فإن لم يكن أحد هؤلاء ، نصب القاضي له مَنْ يراعيه ويحفظه ويتسلّمه ؛ لأنّه كان له كافل معلوم ، وهو أبوه أو جدّه أو وصيّهما ، فإذا فقد قام القاضي مقامه ، كما أنّه يقوم لحفظ مال الغائبين والمفقودين ، أمّا المنبوذ فإنّه يشبه اللّقطة ولهذا يُسمّى لقيطاً فلم يختصّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩.

(٢) الوسيط ٤ : ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٤.

٣١٢

حفظه بالقاضي.

وقولنا : « لا كافل له » نريد به مَنْ لا أب له ولا جدّ للأب ومَنْ يقوم مقامهما ، والملتَقَط ممّن هو في حضانة أحد هؤلاء لا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وُجد في مضيعةٍ أُخذ ليُردّ إلى حاضنه.

الركن الثالث : الملتقِط.

مسألة ٤٠٧ : يعتبر في الملتقِط التكليف والحُرّيّة والإسلام والعدالة ، فلا يصحّ التقاط الصبي ولا المجنون.

ولو كان الجنون يعتوره أدواراً ، أخذه الحاكم من عنده ، كما يأخذه لو التقطه المجنون المطبق أو الصبي.

وأمّا العبد فليس له الالتقاط ؛ لأنّ منافعه ملك سيّده ، فليس له صَرفها إلى غيره إلّا بإذنه ، ولأنّ الالتقاط تبرّعٌ والعبد ليس من أهله ؛ إذ أوقاته مشغولة بخدمة مولاه.

ولو أذن له السيّد أو علم به فأقرّه في يده ، جاز ، وكان السيّد في الحقيقة هو الملتقِط ، والعبد نائبه قد استعان به عليه في الأخذ والتربية والحضانة ، فصار كما لو التقطه سيّده وسلّمه إليه.

وإذا أذن له السيّد ، لم يكن له الرجوع في ذلك.

أمّا لو كان الطفل في موضعٍ لا ملتِقط له سوى العبد ، فإنّه يجوز له التقاطه ؛ لأنّه تخليصٌ له من الهلاك ، فجاز ، كما لو أراد التخليص من الغرق.

ولو التقط العبد مع وجود ملتقطٍ غيره ، لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّه المنصوب للمصالح ، إلّا أن يرضى مولاه ويأذن بتقريره في‌

٣١٣

يده ، فيقدَّم على الحاكم.

ولا فرق بين القِنّ والمدبَّر وأُمّ الولد والمكاتَب والمحرَّر بعضه في ذلك كلّه ؛ لأنّه ليس لأحد هؤلاء التبرّعُ بماله ولا بمنافعه إلّا بإذن السيّد.

وقال الشافعي : المكاتَب إذا التقط بغير إذن السيّد انتُزع من يده ، كالقِنّ ، وإن التقط بإذن السيّد جاء فيه الخلاف في تبرّعاته بالإذن ، لكنّ الظاهر عندهم المنع ؛ لأنّ حقّ الحضانة ولاية ، وليس المكاتَب أهلاً لها(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ الحقّ لا يعدوهما.

وللشافعيّة وجهان في الـمُعتَق نصفه إذا التقط في يوم نفسه هل يستحقّ الكفالة؟(٢) .

مسألة ٤٠٨ : لا يجوز للكافر أن يلتقط الصبي المسلم ، سواء كان الكافر ذمّيّاً أو معاهداً أو حربيّاً ؛ لأنّه لا ولاية للكافر على المسلم ، قال الله تعالى :( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٣) ولأنّه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه ويُعلّمه الكفر ، بل الظاهر أنّه يُربّيه على دينه وينشأ على ذلك كولده ، فإن التقطه لم يُقرّ في يده.

أمّا لو كان الطفل محكوماً بكفره ، فإنّه يجوز للكافر التقاطه ؛ لقوله تعالى :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٤) .

وللمسلم التقاط الطفل الكافر.

مسألة ٤٠٩ : الأقرب : اعتبار العدالة في الملتقِط ، فلو التقطه الفاسق‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٣) سورة النساء : ١٤١.

(٤) سورة الأنفال : ٧٣.

٣١٤

لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّ الفاسق غير مؤتمنٍ شرعاً ، وهو ظالم ، فلا يجوز الركون إليه ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ ) (١) ولا يؤمن أن يبيع الطفل أو يسترقّه ويدّعيه مملوكاً له بعد مدّةٍ ، ولا يؤمن سوء تربيته له ولا يوثق عليه ويخشى الفساد به ، وهو قول الشافعي(٢) أيضاً.

ويفارق اللّقطة - حيث أُقرّت في يد الفاسق عندنا وفي أحد قولَي الشافعي(٣) - من ثلاثة أوجُه :

الأوّل : إنّ في اللّقطة معنى التكسّب ، والفاسق من أهل التكسّب ، وهاهنا لا كسب ، بل هو مجرّد الولاية.

الثاني : إنّ في اللّقطة وجوب ردّها إليه لو انتزعناها منه بعد التعريف حولاً ونيّة التملّك ليتملّكها ، فلم ننتزعها منه واستظهرنا عليه في حفظها وإن كان الانتزاع أحوط ، وهنا لا يردّ اللقيط إليه ، فكان الانتزاع أحوط وأسهل.

الثالث : المقصود في اللّقطة حفظ المال ، ويمكن الاحتياط عليه بالاستظهار في التعريف ، أو بنصب الحاكم مَنْ يُعرّفها ، فيزول خوف الخيانة ، ولا يحتاج إلى أن ينتزعها الحاكم ، وهنا المقصود حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولا سبيل إلى الاستظهار عليه ؛ لأنّه قد يدّعي رقّه في بعض البلدان وبعض الأحوال.

____________________

(١) سورة هود : ١١٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٢ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥ ، المغني ٦ : ٤١٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٣ ، البيان ٧ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤٢ و ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٥.

٣١٥

وقيل : لا يشترط العدالة ، ولا ينتزع اللقيط من يد الفاسق ؛ لإمكان حفظه في يده بالإشهاد عليه ، ويأمر الحاكم أميناً يشارفه عليه كلّ وقتٍ ويتعهّده في كلّ زمانٍ ، ويشيع أمره فيعرف أنّه [ لقيط ](١) فينحفظ بذلك من غير زوال ولايته ؛ جمعاً بين الحقّين ، كما في اللّقطة(٢) .

مسألة ٤١٠ : مَنْ ظاهر حاله الأمانة إلّا أنّه لم يختبر حاله ، لا ينتزع من يده ؛ لأنّ ظاهر المسلم العدالة ، ولم يوجد ما يعارض هذا الظاهر ، ولأنّ حكمه حكم العَدْل في لقطة المال والولاية في النكاح وأكثر الأحكام ، لكن يوكل الإمام مَنْ يراقبه من حيث لا يدري لئلّا يتأذّى ، فإذا حصلت للحاكم الثقة به صار كمعلوم العدالة.

وقبل ذلك لو أراد السفر به ، مُنع وانتُزع منه ؛ لأنّه لا يؤمن أن يسترقّه وأن يكون إظهاره العدالة لمثل هذا الغرض الفاسد ، وهو أحد قولَي الشافعي ، والثاني له : إنّه يُقرّ في يده ويسافر به ؛ لأنّه يُقرّ في يده في الحضر من غير مشرفٍ يُضمّ إليه ، فكذا في السفر ، كالعَدْل ، ولأنّ الظاهر الستر والصيانة(٣) .

فأمّا مَنْ عُرفت عدالته وظهرت أمانته فيُقرّ اللقيط في يده في سفرٍ وحضرٍ ؛ لأنّه مأمون عليه إذا كان سفره لغير النقلة ، ولها وجهان.

مسألة ٤١١ : يعتبر في الملتقِط الرشد ، فلا يصحّ التقاط المبذِّر‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « لقطة ». والمثبت كما في المصدر.

(٢) المغني ٦ : ٤١٣ - ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩ - ٤١٠.

(٣) الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦ ، المغني ٦ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١١ ، وفيها القول الأوّل فقط.

٣١٦

المحجور عليه ، فلو التقط لم يُقر في يده وانتُزع منه ؛ لأنّه ليس مؤتمناً عليه شرعاً وإن كان عَدْلاً.

ولا يشترط في الملتقِط الذكورة ، فإنّ الحضانة أليق بالإناث.

ولا يشترط كونه غنيّاً ؛ إذ ليست النفقة على الملتقط.

والفقير يساوي الغني في الحضانة.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر ، وهو : إنّه لا يُقرّ في يد الفقير ؛ لأنّه لا يتفرّغ للحضانة ؛ لاشتغاله بطلب القوت(١) .

مسألة ٤١٢ : لو ازدحم على لقيطٍ اثنان ، فإن كان ازدحامهما عليه قبل أخذه وقال كلّ واحدٍ منهما : أنا آخذه وأحضنه ، جعله الحاكم في يد مَنْ رآه منهما أو من غيرهما ؛ لأنّه لا حقّ لهما قبل الأخذ.

وإن ازدحما بعد الأخذ بأن تناولاه تناولاً واحداً دفعةً واحدة ، فإن لم يكن أحدهما أهلاً للالتقاط مُنع منه ، وسلّم اللقيط إلى الآخَر ، كما لو كان أحدهما مسلماً حُرّاً عَدْلاً والآخَر يكون كافراً أو فاسقاً أو عبداً لم يأذن له مولاه ، أو مكاتَباً كذلك ، فإنّ المسلم العَدْل الحُرّ يُقرّ في يده ، ولا يشاركه الآخَر ، ولا اعتبار بمشاركته إيّاه في الالتقاط ؛ لأنّه لو التقطه وحده لم يُقرّ في يده ، فإذا شاركه مَنْ هو من أهل الالتقاط كان أولى.

وأمّا إن كان كلّ واحدٍ منهما أهلاً للالتقاط ، فإن سبق أحدهما إلى الالتقاط ، مُنع الآخَر من مزاحمته.

ولا يثبت السبق بالوقوف على رأسه من غير أخذٍ ، وهو أظهر وجهي‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣١٧

الشافعيّة ، والثاني : إنّه يثبت(١) .

وإن لم يسبق أحدهما ، فإن اختصّ أحدهما بوصفٍ يوجب تقدّمه قُدّم ، وكان أولى من الآخَر.

وإن تساويا من كلّ وجهٍ ، فإن سلّم أحدهما لصاحبه ورضي بإسقاط حقّه جاز ؛ لأنّ الحقّ له ، فلا يُمنع من الإيثار به ، وإن تشاحّا أُقرع بينهما - وبه قال الشافعي(٢) - لقوله تعالى :( وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) (٣) .

ولأنّه أمر مشكل ؛ لعدم إمكان الجمع بينهما ، وعدم أولويّة أحدهما ، وكلّ مشكلٍ ففيه القرعة بالنصّ عن أهل البيتعليهم‌السلام (٤) .

ولأنّه لا يمكن أن يُخرج عن أيديهما ؛ لاشتماله على إبطال حقّهما الثابت لهما بالالتقاط ، أو يُترك في أيديهما إمّا جمعاً ، والاجتماع على الحضانة مشقٌّ أو متعذّر ، ولا يمكن أن يكون عندهما في حالةٍ واحدة ، وإمّا بالمهايأة ، وهو يشتمل على الإضرار باللقيط ؛ لما في تبدّل الأيدي من قطع الأُلفة واختلاف الأغذية والأخلاق ، أو يختصّ به أحدهما لا بالقرعة ، ولا سبيل إليه ؛ لتساويهما ، فلم يبق مخلص إلّا القرعة ، كالزوج يسافر بإحدى زوجاته بالقرعة.

____________________

(١) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ - ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) سورة آل عمران : ٤٤.

(٤) الفقيه ٣ : ٥٢ / ١٧٤ ، التهذيب ٦ : ٢٤٠ / ٥٩٣.

٣١٨

وقال بعض الشافعيّة : يرجّح أحدهما باجتهاد القاضي ، فمَن رآه خيراً للّقيط أقرّه في يده(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد يستوي الشخصان في اجتهاد القاضي ولا سبيل إلى التوقّف ، فلا بدّ من مرجوعٍ إليه ، وليس سوى القرعة.

وقال بعض الشافعيّة : يخيّر الصبي في الانضمام إلى مَنْ شاء منهما(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد لا يكون مميّزاً بحيث يفوّض إليه التخيير ، ولو كان مميّزاً فإنّه لا يخيّر ، كما يخيّر الصبي بين الأبوين عند بلوغه سنّ التمييز - عندهم(٣) - لأنّه هناك يعوّل على الميل الناشئ من الولادة ، وهذا المعنى معدوم في اللقيط.

مسألة ٤١٣ : هذا إذا تساويا في الصفات ، فإن ترجّح أحد الملتقطين بوصفٍ يوجب تخصيصه به دون الآخَر وكانا معاً ممّن يثبت لهما جواز الالتقاط ، أُقرّ في يده ، وانتُزع من يد الآخَر.

والصفات المرجّحة أربعة :

أ : الغنى ، فلو كان أحدهما غنيّاً والآخَر فقيراً ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّهما يتساويان - وهو قول بعض علمائنا(٤) - لأنّ الفقير أهل للالتقاط ، كالغني.

وأظهرهما عند الشافعيّة : أولويّة الغني ؛ لأنّه ربما يواسيه بمالٍ وينفعه في كثيرٍ من الأوقات ويؤاكله أحياناً ، ولأنّ الفقير قد يشتغل بطلب القوت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٤٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٦ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤.

(٤) لم نتحقّقه.

٣١٩

عن الحضانة(١) .

فإن رجّحنا الغني على الفقير وكانا معاً غنيّين إلّا أنّ أحدهما أكثر غنىً من الآخَر ، فللشافعيّة وجهان في تقديم أكثرهما مالاً(٢) .

ب : أن يكون أحدهما بلديّاً والآخَر قرويّاً ، أو كان أحدهما بلديّاً أو قرويّاً والآخَر بدويّاً ، تساويا عند بعض علمائنا(٣) ، ورجّح البلديّ على القرويّ ، والقرويّ على البدويّ ؛ لما فيه من حفظ نسبه وإمكان وصول قريبه إليه.

وللشافعيّة وجهان(٤) .

ج : مَنْ ظهرت عدالته بالاختبار يُقدّم على المستور على خلافٍ بين علمائنا.

وللشافعيّة وجهان :

أحسنهما : إنّه يقدّم احتياطاً للصبي.

والثاني : يستويان ؛ لأنّ المستور لا يسلّم ثبوت المزيّة للآخَر ويقول : لا أترك حقّي بجهلكم بحالي(٥) .

د : الحُرّ أولى من العبد والمكاتَب وإن كان التقاطه بإذن السيّد ؛ لأنّه في نفسه ناقص ، وليست يدُ المكاتَب يدَ السيّد.

مسألة ٤١٤ : لا تُقدّم المرأة على الرجل ؛ لأنّ المرأة وإن كانت

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٣) لم نتحقّقه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٧ - ٣٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧ - ٤٨٨.

(٥) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

زيدٍ فله تمام الجُعْل ، ولو قصدا معاً العمل للمالك فلزيدٍ ثلث الجُعْل ؛ لأنّه عمل ثلث العمل ، وإن قصد أحدهما إعانةَ زيدٍ وقصد الآخَر العمل للمالك فلزيدٍ الثلثان.

وهل لزيدٍ أن يوكّل الغير لينفرد بالردّ كما يستعين به؟ إشكال ينشأ : من أنّ الغرض تحصيل الردّ من غير التعرّض إلى مباشرٍ معيّن ، ومن أنّه كالوكيل ليس له أن يوكّل إلّا بالإذن.

ولو عمّم الجعالة فقال : مَنْ ردّ عبدي فله كذا ، فقد بيّنّا أنّ كلّ مَنْ باشر الردّ وانفرد به استحقّ كمالَ الجُعْل ، سواء كان واحداً أو أكثر.

وهل يصحّ لواحدٍ أن يوكّل غيره ليردّ له؟ الأقرب : إنّه كالتوكيل في الاحتطاب والاحتشاش.

مسألة ٥٠٠ : لو قال لواحدٍ : إن رددتَ عبدي فلك دينار ، وقال لآخَر : إن رددته فلك ديناران ، وقال لثالثٍ : إن رددته فلك ثلاثة دنانير ، فكلّ مَنْ ردّه منهم كان له ما جعله له خاصّةً ، ولو ردّه اثنان كان لكلّ واحدٍ منهما نصف ما جعله له ، ولو ردّه الثلاثة كان لكلّ واحدٍ منهم ثلث ما جعله له.

هذا إذا عمل كلّ واحدٍ من الثلاثة لنفسه ، أمّا لو قال أحدهم : أعنتُ صاحبَيّ وعملتُ لهما ، فلا شي‌ء له ، ولكلّ واحدٍ منهما نصف ما شُرط له ، ولو قال اثنان منهم : عملنا لإعانة صاحبنا ، فلا شي‌ء لهما ، وله جميع ما شُرط له.

ولو أعانهم رابع في الردّ ، فلا شي‌ء له.

ثمّ إن قال : قصدتُ العمل للمالك ، فلكلّ واحدٍ من الثلاثة رُبْع ما جُعل له ، وإن قال : أعنتُهم جميعاً ، فلكلّ واحدٍ منهم ثلث المشروط له ، كما لو لم يكن معهم غيرهم ، ولو قال : أعنتُ فلاناً ، فله نصف المشروط‌

٤٤١

له ، ولكلّ واحدٍ من الآخَرين رُبْع المشروط له ، وعلى هذا القياس.

ولو قال : أعنتُ فلاناً وفلاناً ، فلكلّ واحدٍ رُبْع المشروط وثُمْنه ، ولثالثٍ رُبْع المشروط له.

ولو عيّن لأحد الاثنين وجهَّل للآخَر ، فقال لزيدٍ : إن رددته فلك دينار ، وقال لعمرو : إن رددته أرضيتك ، أو : فلك شي‌ء ، أو : ثوب ، فردّاه معاً ، فلزيدٍ نصف دينارٍ ، ولعمرو نصف أُجرة المثل.

لا يقال : إنّه لو قال : مَنْ دخل داري فله دينار ، فدخلها جماعة ، استحقّ كلّ واحدٍ منهم ديناراً كاملاً ، فليكن هنا كذلك.

لأنّا نقول : الفرق : إنّ كلّ واحدٍ من الداخلين قد صدر عنه دخولٌ كامل كدخول المنفرد ، فاستحقّ كلّ واحدٍ منهم العوض كاملاً ، وهنا لم يحصل من كلّ واحدٍ منهم ردٌّ كامل ، بل اشتركوا جميعاً في الردّ الكامل ، وصدر عنهم بأسرهم ردٌّ واحد ، فاشتركوا في عوضه.

ونظير الدخول ما لو قال : مَنْ ردّ عبداً من عبيدي فله دينار ، فردّ كلّ واحدٍ منهم عبداً ، فإنّ كلّ واحدٍ منهم يستحقّ الدينار الكامل.

ونظير الردّ ما لو قال : مَنْ نقب السور فله دينار ، فنقب ثلاثة نقباً واحداً ، كان الدينار للثلاثة بالسويّة.

مسألة ٥٠١ : لو قال : مَنْ ردّ عبدي من بغداد فله دينار ، فردّه إنسان إلى نصف الطريق فهرب منه ، لم يستحق شيئا ؛ لأنّه شرط الجُعْل بردّه ولم يردّه.

وكذا لو مات العبد بعد وصوله ولم يسلّمه إلى المالك ؛ لأنّه لم يرد إليه ، كما لو استأجره لخياطة ثوبٍ فخاطه ولم يسلّمه حتى تلف ، لم يستحق أُجرةً.

٤٤٢

ولو قال : مَنْ وجد عبدي فله دينار ، فوجده واجد ثمّ هرب ، فالأقرب : إنّه لا يستحقّ ؛ لأنّ قرينة الحال تدلّ على اشتراط الردّ ، إذ المقصود الردّ ، لا الوجدان ؛ لأنّ الوجدان بمجرّده غير مقصودٍ للمالك ، وإنّما اكتفى بالوجدان ؛ لأنّه سبب الردّ ، فصار كأنّه قال : مَنْ وجد لقطتي فردّها علَيَّ.

* * *

٤٤٣

الفصل الثالث : في الأحكام‌

مسألة ٥٠٢ : الجعالة عقد جائز من الطرفين إجماعا لكلٍّ منهما فسخها قبل التلبّس بالعمل وبعده قبل تمامه ؛ لأنّ الجعالة تشبه الوصيّة من حيث إنّها تعليق استحقاقٍ بشرطٍ ، والرجوع عن الوصيّة جائز ، وكذا ما يشبهها.

وأمّا بعد تمام العمل فلا معنى للفسخ ولا [ أثر له ](١) لأنّ الجُعْل قد لزم بالعمل.

إذا عرفت هذا ، فإن رجع المالك قبل شروع العامل في العمل أو فسخ العامل فلم يعمل ، فلا شي‌ء للعامل.

وإن كان بعد التلبّس بالعمل فعمل البعض أو قطع بعض المسافة ، فإن فسخ العامل لم يستحق لما عَمِل شيئاً ؛ لأنّه امتنع باختياره ، ولم يحصل غرض المالك بما عَمِل ، وقد أسقط العامل حقّ نفسه حيث لم يأت بما شُرط عليه العوض ، كعامل المضاربة إذا فسخ قبل ظهور الربح.

وإن فسخ المالك ، فعليه للعامل أُجرة مثله ؛ لأنّه إنّما عَمِل بعوضٍ فلم يسلم له ، ولا يليق أن يحبط عمله بفسخ غيره ، وهو أصح وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّ العامل لا يستحقّ أيضاً شيئاً ، كما لو كان الفسخ من العامل(٢) .

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « أجر ». والمثبت كما في العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤٠.

٤٤٤

وليس بشي‌ءٍ ؛ فإنّ الفرق ظاهر.

ولو عَمِل العامل بعد الفسخ من المالك مع علمه بالفسخ ، فإنّه لا يستحقّ في العمل بعد الفسخ شيئاً ؛ لأنّه متبرّع فيه ، ويستحقّ فيما عَمِل قبل الفسخ.

ولو لم يعلم العامل بالفسخ ، فالأقرب : إنّه يستحقّ كمالَ الجعالة.

وللشافعيّة خلافٌ بنوه على فسخ الموكّل الوكالة في غيبة الوكيل ، وهل تُنفذ تصرّفاته قبل علمه بالعزل أم لا؟(١) .

تذنيب : وكما تنفسخ الجعالة بالفسخ تنفسخ بالموت ، فلو مات المالك قبل العمل بطلت ، وكذا لو مات بعد التلبّس قبل إكمال العمل ، ولا شي‌ء للعامل فيما يعمل بعد الموت ؛ لأنّه متبرّع بالنسبة إلى الوارث.

ولو قطع بعض المسافة فمات المالك فردّه إلى وارثه ، استحقّ من المسمّى بقدر ما عَمِل في حياته.

مسألة ٥٠٣ : كما يجوز الفسخ في أصل الجعالة يجوز في صفات الجُعْل بالزيادة والنقصان وتغيير الجنس قبل التلبّس بالعمل وبعده قبل إكماله ، فيعمل بالجعالة الأخيرة إن وقعت قبل التلبّس بالعمل ، فلو قال : مَنْ ردّ عبدي فله عشرة ، ثمّ قال : مَنْ ردّه فله خمسة ، فالعمل على الأخيرة ، وكذا بالعكس يعمل بالأخير فيه ، والمذكور فيه هو الذي يستحقّه الرادّ.

ولو قال : مَنْ ردّ عبدي فله دينار ، ثمّ قال بعده قبل التلبّس : مَنْ ردّ عبدي فله ثوب ، عمل على الأخيرة من الجعالتين.

ولو لم يسمع العامل الجعالة الأخيرة ، قال بعض الشافعيّة : يحتمل‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤٠.

٤٤٥

الرجوع إلى أُجرة المثل(١) . ولا بأس به.

أمّا لو كان التغيير بالزيادة والنقصان أو بالجنس بعد التلبّس بالعمل ، فالأقرب : الرجوع إلى أُجرة المثل ؛ لأنّ الجعالة الثانية فسخ للأُولى ، والفسخ في أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أُجرة المثل.

مسألة ٥٠٤ : استحقاق العامل للجُعْل موقوف على تمام العمل ، فلو سعى في طلب الآبق فردّه فمات في الطريق أو على باب دار المالك أو هرب أو غصبه غاصبٌ أو تركه العامل ورجع بنفسه ، فلا شي‌ء للعامل ؛ لتعلّق الاستحقاق بالردّ ، وهو المقصود ولم يحصل ، وهذا بخلاف الإجارة ؛ فإنّه لو استأجره ليحجّ عنه فتلبّس بالعمل ثمّ مات ، فإنّه يستحقّ من الأُجرة بقدر ما عَمِل ؛ لأنّ المقصود من الحجّ الثواب وقد حصل ببعض العمل بعضُ الثواب ، وهنا لم يحصل شي‌ء من المقصود.

والثاني(٢) أنّ الإجارة لازمة تجب الأُجرة فيها بالعقد ، وتستقرّ شيئاً فشيئاً ، والجعالة جائزة لا يثبت فيها شي‌ء إلّا بالشرط ولم يوجد ، وظاهرٌ أنّ الجعالة على العمل ليس كالإجارة أيضاً ، فلو قال : مَنْ خاط ثوبي فله درهم ، فخاط واحد بعضَه ثمّ أهمل ، لم يستحق شيئاً ، مع احتمال استحقاقه ، ولو مات فاحتمال الاستحقاق أقوى.

وإذا ردّ الآبق ، لم يكن له حبسه إلى استيفاء الجُعْل ؛ لأنّ الاستحقاق بالتسليم ، ولا حبس قبل الاستحقاق.

ولو قال : إن علّمتَ ولدي القرآن ، أو : علّمتني فلك كذا ، فعلَّمه‌

____________________

(١) الوسيط ٤ : ٢١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤١.

(٢) كذا قوله : « والثاني » إلى آخره ، في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة ، وهو الفرق الثاني للشافعيّة بين الجعالة والإجارة ، راجع : العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٠٢.

٤٤٦

البعض وامتنع من تعليم الباقي ، فلا شي‌ء له ، على إشكالٍ.

وكذا لو كان الصبي بليداً لا يتعلّم ، على إشكالٍ ، كما لو طلب العبد فلم يجده.

أمّا لو مات الصبي في أثناء التعليم فإنّه يستحقّ أجر ما علّمه ؛ لوقوعه مسلَّماً بالتعليم ، بخلاف ردّ الآبق ، فإنّ تسليم العمل بتسليم الآبق ، وهنا ليس عليه تسليم الصبي ، ولا هو في يده.

ولو منعه أبوه من التعليم ، فللمعلّم أُجرة المثل لما علَّم.

ولو قال : إن خطتَ لي هذا القميص فلك درهم ، فخاط بعضه ، فإن تلف في يد الخيّاط لم يستحق شيئاً ، وإن تلف في يد ربّ الثوب بعد ما سلّمه إليه استحقّ من الأُجرة بنسبة ما عَمِل.

مسألة ٥٠٥ : لو جاء بعبده أو ضالّته أو لقطته أو ثوبه مخيطاً وطالَبه بالعوض ، فأنكر المالك شرط الجعالة وقال : لم أجعل لك شيئاً ، فالقول قول المالك ؛ لأصالة عدم الشرط.

ولو اتّفقا على الجُعْل واختلفا في قدر العوض ، فالقول قول المالك أيضاً ؛ لأنّه منكر للزيادة.

وقال الشافعي : يتحالفان ، وتثبت أُجرة المثل ، كما لو اختلفا في الإجارة وثمن المبيع(١) .

والأصل عندنا ممنوع.

ولو اختلفا في عين العبد الذي شرط في ردّه العوض ، فقال العامل :

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤١٩ ، الوسيط ٤ : ٢١٣ ، الوجيز ١ : ٢٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٦ - ٥٦٧ ، البيان ٧ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤٢.

٤٤٧

شرطتَ لي العوض في العبد الذي رددتُه ، وقال [ المالك ] : بل شرطتُ لك في العبد الذي لم تردّه ، فالقول قول المالك مع اليمين ؛ لأنّه ادّعي عليه شرط العوض في هذا العبد فأنكره ، والأصل عدم الشرط.

وكذا لو قال المالك : شرطتُ لك العوض على ردّ العبدين ، فقال العامل : بل على ردّ أحدهما.

ولو اختلفا في جنس العوض ، فقال المالك : جعلتُ لك عشرة دراهم ، وقال العامل : بل عشرة دنانير ، فالقول قول المالك أيضاً ، كما قلنا في القدر : إنّ القول قول المالك مع يمينه.

فإذا حلف المالك في الصورتين ، كان له أقلّ الأمرين من أُجرة المثل والقدر المدّعى.

وقال الشيخرحمه‌الله : يحلف المالك ، ويثبت عليه أُجرة المثل(١) .

ولو اختلفا في السعي بأن قال : حصل في يدك قبل الجُعْل فلا جُعْل لك ، وقال العامل : بل حصل بعد الجُعْل ، فالقول قول المالك أيضاً ؛ لأصالة براءة الذمّة.

مسألة ٥٠٦ : لو قال : مَنْ ردّ عبدي إلى شهرٍ فله كذا ، صح ، فإن جاء به إلى شهرٍ استحقّ الجُعْل ، وإن خرج الشهر ولم يأت به لم يكن له شي‌ء ؛ لأنّه لم يأت بما شرطه.

وقال بعض الشافعيّة : لا يجوز ؛ لأنّ تقدير هذه المدّة مخلٌّ بمقصود العقد ، فإنّه ربما لا يظفر به في تلك المدّة ، فيضيع سعيه ، ولا يحصل غرض المالك ، وهذا كما أنّه لا يجوز تقدير مدّة القراض(٢) .

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٣ : ٣٣٣ ، الخلاف ٣ : ٥٩٠ ، المسألة ١٨.

(٢) البيان ٧ : ٣٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٣ - ٢٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤٢.

٤٤٨

ولو قال : بِعْ عبدي هذا ، أو اعمل كذا ولك عشرة دراهم ، فإن كان العمل مضبوطاً مقدَّراً ، قال بعض الشافعيّة : إنّه يكون إجارةً(١) ، وإن احتاج إلى تردّداتٍ غير مضبوطةٍ فهو جعالة.

مسألة ٥٠٧ : الأقوى : إنّ يد العامل على ما يحصل في يده إلى أن يردّه يد أمانةٍ.

ولم أقف فيه على شي‌ءٍ ، لكنّ النظر يقتضي ذلك ؛ لأصالة البراءة.

ثمّ إذا رفع اليد عن الدابّة وخلاّها في مضيعةٍ ، فهو تقصير مضمّن.

ونفقة العبد وعلف الدابّة في مدّة الردّ على المالك ؛ لأنّه ملكه ، ويد العامل كيَد الوكيل.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه محمول على مكتري الجمال إذا هرب مالكها وخلاّها عنده(٢) .

وقال بعضهم : يجوز أن يقال : ذلك أمر أفضت إليه الضرورة ، وهنا أثبت العامل اليد عليه باختياره فليتكلّف مئونته ، ويؤيّده العادة(٣) .

وليس بشي‌ءٍ.

ولو قال لغيره : إن أخبرتني بخروج فلان من البلد فلك كذا ، فأخبره ، فإن كان له في الإخبار غرض صحيح ، استحقّ ، وإلّا فلا.

وقال بعض الشافعيّة : إن كان له غرض صحيح في خروجه استحقّ ، وإلّا فلا ، وهذا يقتضي أن يكون صادقاً ، فإنّ الغرض يحصل به ، بخلاف ما‌ إذا قال : إن أخبرتني بكذا فأنتِ طالق ، فأخبرته كاذبةً.

قال : وينبغي أن يُنظر في أنّه هل يناله تعب أو لا؟(٤) .

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤٢ - ٣٤٣.

٤٤٩

مسألة ٥٠٨ : العامل إن ردّ الآبق أو الضالّة أو غيرهما متبرّعاً بذلك ، فلا أُجرة له.

وإن بذل المالك له جُعْلاً فإن عيّنه فعليه تسليمه مع الردّ ، وإن لم يعيّنه وجب عليه أُجرة المثل ، إلّا في ردّ الآبق ، فإنّ فيه أربعة دنانير قيمتها أربعون درهماً إن ردّه من خارج البلد ، وإن ردّه من البلد ففيه دينار قيمته عشرة دراهم ؛ لما تقدّم(٢) في رواية كردين عن الصادقعليه‌السلام .

قال الشيخرحمه‌الله : هذا على الأفضل ، لا الوجوب ، والعمل على الرواية أولى(٣) .

ولو نقصت قيمة العبد عن ذلك ، ففي وجوب ذلك إشكال.

وقال بعض علمائنا : الحكم في البعير الشارد كذلك ، إن ردّه من المصر كان عليه دينار قيمته عشرة دراهم ، وإن ردّه من غير مصره كان عليه أربعة دنانير(٤) .

وفيه نظر ؛ لعدم الظفر بدليلٍ عليه.

ولو استدعى الردّ ولم يبذل أُجرة ، لم يكن للرادّ شي‌ء ؛ لأنّه متبرّع بالعمل.

مسألة ٥٠٩ : يجوز أخذ الآبق لمن وجده - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأصحاب الرأي(٥) - ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ العبد لا يؤمن لحاقه بدار الحرب وارتداده واشتغاله بالفساد في سائر البلاد.

____________________

(١) في ص ٤٢٤.

(٢) المبسوط ٣ : ٣٣٣.

(٣) الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٤٨ - ٦٤٩ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٣٢٣ - ٣٢٤ ، وابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٥٧٠ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ١٠٩.

(٤) المغني ٦ : ٣٨٣.

٤٥٠

ويكون أمانةً في يده ، وإن تلف بغير تفريطٍ ، فلا ضمان عليه ؛ لأنّه محسن ، فينتفى السبيل عليه ، فإن وجد صاحبه دفعه إليه إذا أقام به البيّنة أو اعترف العبد أنّه سيّده ، وان لم يجد مولاه دفعه إلى الإمام أو نائبه ، فيحفظه لصاحبه أو يبيعه إن رآه مصلحةً ، ونحوه قال مالك وأحمد وأصحاب الرأي(١) ، ولا نعرف لهم مخالفاً.

وليس لملتقطه بيعه ولا تملّكه بعد تعريفه ؛ لأنّه ينحفظ بنفسه ، فهو كضوالّ الإبل ، فإن باعه فسد في قول عامّة أهل العلم(٢) .

وإن باعه الإمام لمصلحةٍ رآها في بيعه ، فجاء سيّده واعترف بأنّه قد كان أعتقه ، فالأقرب : عدم القبول إلّا بالبيّنة ؛ لأنّه الآن ملكٌ لغيره ، فلا يُقبل إقراره في ملك غيره ، كما لو باعه السيّد ثمّ أقرّ بعتقه.

وقال بعض العامّة : يُقبل قوله ؛ لأنّه لا يجرّ إلى نفسه نفعاً ، ولا يدفع عنه ضرراً(٣) .

وعلى ما اخترناه من عدم قبول قوله ليس له المطالبة بثمنه ؛ لإقراره بحُرّيّته ، لكن يؤخذ لبيت المال ؛ لأنّه لا مستحقّ له ظاهراً.

فإن عاد السيّد فأنكر العتق وطلب المال ، كان له أخذه ؛ لأنّه مالٌ لا منازع له فيه ، فيُحكم له به.

تمّ الجزء الحادي عشر من كتاب تذكرة الفقهاء بعون الله تعالى ، ويتلوه في الجزء الثاني عشر - بتوفيق الله تعالى - المقصد السابع في الإجارة ، وذلك على يد مصنّفه العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف ابن المطهّر.

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٨٣.

(٢ و ٣) المغني ٦ : ٣٨٤.

٤٥١

وقد فرغت من تصنيفه وتسويده في ثالث جمادى الأُولى من سنة خمس عشرة وسبعمائة بالسلطانيّة ، والحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمّد النبيّ وآله الطاهرين.

* * *

٤٥٢

٤٥٣

الفهرس

المقصد الرابع : في القراض‌ الأوّل : الماهيّة‌ مسألة ١٩١ : ٦

مسألة ١٩٢ : ٨

الفصل الثاني : في أركانه‌ الأوّل : العقد مسألة ١٩٣ : مسألة ١٩٤ : ١٢

تذنيب : مسألة ١٩٥ : ١٣

البحث الثاني : المتعاقدان ١٤

مسألة ١٩٦ : مسألة ١٩٧ : ١٥

تذنيب : ١٦

مسألة ١٩٨ : مسألة ١٩٩ : ١٧

مسألة ٢٠٠ : مسألة ٢٠١ : ١٨

البحث الثالث : في رأس المال ١٩

مسألة ٢٠٢ : ٢٢

تذنيب : ٢٣

مسألة ٢٠٣ : مسألة ٢٠٤ : ٢٦

مسألة ٢٠٥ : ٢٧

مسألة ٢٠٦ : ٢٨

مسألة ٢٠٧ : ٢٩

مسألة ٢٠٨ : ٣١

مسألة ٢٠٩ : ٣٣

مسألة ٢١٠ : ٣٤

مسألة ٢١١ : مسألة ٢١٢ : ٣٦

البحث الرابع : العمل مسألة ٢١٣ : ٣٧

٤٥٤

مسألة ٢١٤ : ٣٩

مسألة ٢١٥ : ٤٠

مسألة ٢١٦ : ٤١

مسألة ٢١٧ : ٤٢

فروع : ٤٤

مسألة ٢١٨ : ٤٥

مسألة ٢١٩ : ٤٦

مسألة ٢٢٠ : ٤٧

مسألة ٢٢١ : ٤٨

تذنيب : ٥٠

البحث الخامس : في الربح ٥١

مسألة ٢٢٢ : ٥٤

مسألة ٢٢٣ : ٥٦

مسألة ٢٢٤ : ٥٨

مسألة ٢٢٥ : تذنيب : ٥٩

مسألة ٢٢٦ : ٦٠

الفصل الثالث : في أحكام القراض‌ ٦٢

الأوّل : في اعتبار الغبطة في التصرّف مسألة ٢٢٧ : ٦٢

مسألة ٢٢٨ : ٦٣

مسألة ٢٢٩ : ٦٤

مسألة ٢٣٠ : ٦٥

مسألة ٢٣١ : ٦٦

مسألة ٢٣٢ : ٦٧

مسألة ٢٣٣ : ٦٨

مسألة ٢٣٤ : ٦٩

٤٥٥

مسألة ٢٣٥ : ٧٠

مسألة ٢٣٦ : مسألة ٢٣٧ : ٧١

مسألة ٢٣٨ : ٧٣

تذنيب : مسألة ٢٣٩ : ٧٥

مسألة ٢٤٠ : ٧٦

مسألة ٢٤١ : ٧٧

مسألة ٢٤٢ : ٧٨

مسألة ٢٤٣ : ٧٨

مسألة ٢٤٤ : ٨١

مسألة ٢٤٥ : البحث الثاني : في قراض العامل مسألة ٢٤٦ : ٨٤

مسألة ٢٤٧ : مسألة ٢٤٨ : ٨٦

مسألة ٢٤٩ : ٩١

مسألة ٢٥٠ : ٩٢

مسألة ٢٥١ : ٩٣

مسألة ٢٥٢ : ٩٤

البحث الثالث : في السفر مسألة ٢٥٣ : ٩٥

مسألة ٢٥٤ : ٩٦

مسألة ٢٥٥ : ٩٨

مسألة ٢٥٦ : مسألة ٢٥٧ : ٩٩

مسألة ٢٥٨ : ١٠٠

مسألة ٢٥٩ : ١٠٢

مسألة ٢٦٠ : ١٠٣

مسألة ٢٦١ : ١٠٤

مسألة ٢٦٢ : مسألة ٢٦٣ : ١٠٥

مسألة ٢٦٤ : مسألة ٢٦٥ : ١٠٦

٤٥٦

البحث الرابع : في وقت ملك الربح مسألة ٢٦٦ : ١٠٧

مسألة ٢٦٧ : مسألة ٢٦٨ : ١٠٩

مسألة ٢٦٩ : ١١٠

مسألة ٢٧٠ : ١١١

تذنيب : البحث الخامس : في الزيادة والنقصان مسألة ٢٧١ : ١١٣

مسألة ٢٧٢ : ١١٤

مسألة ٢٧٣ : ١١٦

مسألة ٢٧٤ : ١١٧

مسألة ٢٧٥ : ١١٨

مسألة ٢٧٦ : ١١٩

الفصل الرابع : في التنازع‌ مسألة ٢٧٧ : ١٢٤

مسألة ٢٧٨ : ١٢٥

مسألة ٢٧٩ : ١٢٦

مسألة ٢٨٠ : ١٢٧

مسألة ٢٨١ : ١٢٨

مسألة ٢٨٢ : ١٣٠

مسألة ٢٨٣ : ١٣١

مسألة ٢٨٤ : ١٣٢

الفصل الخامس : في التفاسخ واللواحق‌ مسألة ٢٨٥ : ١٣٤

مسألة ٢٨٦ : ١٣٥

مسألة ٢٨٧ : ١٣٨

مسألة ٢٨٨ : ١٣٩

مسألة ٢٨٩ : ١٤٠

مسألة ٢٩٠ : ١٤١

مسألة ٢٩١ : ١٤٤

٤٥٧

مسألة ٢٩٢ : ١٤٥

مسألة ٢٩٣ : ١٤٦

مسألة ٢٩٤ : ١٤٧

مسألة ٢٩٥ : ١٤٩

مسألة ٢٩٦ : ١٥٠

مسألة ٢٩٧ : مسألة ٢٩٨ : ١٥٢

مسألة ٢٩٩ : ١٥٣

مسألة ٣٠٠ : ١٥٥

مسألة ٣٠١ : مسألة ٣٠٢ : ١٥٧

مسألة ٣٠٣ : ١٥٩

مسألة ٣٠٤ : ١٦١

مسألة ٣٠٥ : ١٦٢

مسألة ٣٠٦ : ١٦٣

المقصد الخامس : في اللّقطة‌ المقصد الأوّل(١) : في لقطة الأموال‌ ١٦٦

[ الفصل ] الأوّل : في لقطة الأموال غير الحيوان‌ المطلب الأوّل : في الأركان الركن الأوّل : الالتقاط ١٦٨

مسألة ٣٠٧ : ١٧١

مسألة ٣٠٨ : ١٧٢

مسألة ٣٠٩ : ١٧٣

مسألة ٣١٠ : ١٧٤

الركن الثاني : الملتقط ١٧٦

مسألة ٣١١ : ١٧٧

مسألة ٣١٢ : ١٧٨

مسألة ٣١٣ : ١٧٩

تذنيب : مسألة ٣١٤ : ١٨١

٤٥٨

مسألة ٣١٥ : ١٨٤

مسألة ٣١٦ : ١٨٩

مسألة ٣١٧ : ١٩٢

مسألة ٣١٨ : ١٩٤

تذنيب : مسألة ٣١٩ : ١٩٥

مسألة ٣٢٠ : ١٩٧

مسألة ٣٢١ : ١٩٨

مسألة ٣٢٢ : ١٩٩

مسألة ٣٢٣ : ٢٠٠

مسألة ٣٢٤ : ٢٠٢

مسألة ٣٢٥ : ٢٠٣

الركن الثالث : في المال الملقوط ٢٠٥

مسألة ٣٢٦ : ٢٠٨

مسألة ٣٢٧ : ٢٠٩

فروع : ٢١١

مسألة ٣٢٨ : ٢١٢

مسألة ٣٢٩ : ٢١٣

مسألة ٣٣٠ : الأوّل : الضمان وعدمه مسألة ٣٣١ : ٢١٤

مسألة ٣٣٢ : ٢١٥

مسألة ٣٣٣ : ٢١٦

مسألة ٣٣٤ : ٢١٧

مسألة ٣٣٥ : ٢١٨

مسألة ٣٣٦ : البحث الثاني : في التعريف مسألة ٣٣٧ : ٢١٩

مسألة ٣٣٨ : ٢٢٠

مسألة ٣٣٩ : مسألة ٣٤٠ : ٢٢٢

٤٥٩

مسألة ٣٤١ : ٢٢٥

مسألة ٣٤٢ : ٢٢٦

مسألة ٣٤٣ : ٢٢٧

مسألة ٣٤٤ : ٢٢٨

مسألة ٣٤٥ : مسألة ٣٤٦ : ٢٣٠

تذنيب : مسألة ٣٤٧ : ٢٣٣

تذنيب : مسألة ٣٤٨ : ٢٣٥

مسألة ٣٤٩ : تذنيب : ٢٣٧

مسألة ٣٥٠ : ٢٣٨

البحث الثالث : في التملّك مسألة ٣٥١ : ٢٤٠

مسألة ٣٥٢ : ٢٤٤

مسألة ٣٥٣ : ٢٤٥

مسألة ٣٥٤ : ٢٤٦

مسألة ٣٥٥ : ٢٤٨

البحث الرابع : في وجوب الردّ مسألة ٣٥٦ : ٢٥٢

مسألة ٣٥٧ : ٢٥٣

مسألة ٣٥٨ : ٢٥٤

مسألة ٣٥٩ : ٢٥٥

مسألة ٣٦٠ : ٢٥٦

مسألة ٣٦١ : ٢٥٧

مسألة ٣٦٢ : ٢٥٨

مسألة ٣٦٣ : ٢٥٩

مسألة ٣٦٤ : مسألة ٣٦٥ : ٢٦١

مسألة ٣٦٦ : ٢٦٢

فروع : ٢٦٤

٤٦٠

461

462

463

464

465

466