التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف0%

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 368

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف:

الصفحات: 368
المشاهدات: 156492
تحميل: 3989

توضيحات:

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156492 / تحميل: 3989
الحجم الحجم الحجم
التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

فأيّكم أقرأ؟ فأشاروا إليّ فقال: إقرأ، فقرأت: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والانثى. فقال: أنت سمعتها من فيّ صاحبك؟ قلت: نعم. قال: وأنا سمعتها من فيّ النبي وهؤلاء يأبون علينا»(1) .

وفي رواية مسلم والترمذي: «أنا والله هكذا سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرؤها، وهؤلاء يريدونني أن أقرأها: وما خلق، فلا أتابعهم»(2) .

التبديل في الألفاظ

ومن التغيير والتبديل في ألفاظ القرآن ما رووه عن ابن مسعود أنّه قد غيّر «إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين» إلى:( إنّ الله هو الرزّاق ... ) (3) ففي مسند أحمد وصحيح الترمذي، بسندهما عنه، قال «أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي أنا الرزّاق ذوالقوة المتين» قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»(4) .

وما رووه عن عمر أنّه كان يقرأ: «فامضوا إلى ذكر الله» بدل( فاسعوا ... ) ففي الدرّ المنثور عن عدّة من الحفّاظ والأئمة أنّهم رووا عن خرشة بن الحرّ، قال: «رأى معي عمر بن الخطّاب لوحاً مكتوباً فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله(5) فقال: من أملى عليك هذا؟ قلت: اُبيّ بن كعب، قال: إنّ ابيّاً أقرؤنا

__________________

(1) صحيح البخاري 6: 210.

(2) صحيح الترمذي 5: 191، صحيح مسلم 1: 565.

(3) سورة الذاريات: 58.

(4) مسند أحمد 1: 394، صحيح الترمذي 5: 191.

(5) سورة الجمعة: 9.

١٤١

للمنسوخ، إقرأها: فامضوا إلى ذكر الله ...»(1) .

أحاديث نقصان القرآن

وأحاديث نقصان القرآن منها ما يتعلّق بالسور، ومنها ما يتعلّق بالآيات وأجزائها،فمن القسم الأول:

الأحاديث الواردة حول نقصان سورة الأحزاب، ومنها:

1 - ما رواه الحافظ السيوطي، بقوله: «أخرج عبد الرزاق في المصنّف، والطيالسي، وسعيد بن منصور، وعبدالله بن أحمد في زوائد المسند، وابن منيع والنسائي، والدار قطني في الأفراد، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف، والحاكم - وصحّحه - وابن مردويه، والضياء في المختارة: عن زرّ، قال: قال لي اُبيّ بن كعب: كيف تقرأ سورة الأحزاب - أو كم تعدّها -؟. قلت: ثلاثاً وسبعين آية. فقال اُبي: قد رأيتها وإنّها لتعادل سورة البقرة وأكثر من سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتّة نكالاً من الله والله عزيز حكيم» فرفع منها ما رفع»(2) .

وروى المتقي عن زر بن حبيش أيضاً، قال: «قال اُبيّ بن كعب: يا زر: كأيّن تقرأ سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاث وسبعين آية. قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة أو هي أطول من سورة

__________________

(1) الدرّ المنثور 6: 219.

(2) الدرّ المنثور 5: 179.

١٤٢

البقرة ...»(1) .

2 - ما رواه الحافظ السيوطي عن عائشة، أنّها قالت: «كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مائتي آية، فلمّا كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلاّ على ما هو الآن»(2) .

3 - ما رواه الحافظ السيوطي عن البخاري في تأريخه عن حذيفة قال: «قرأت سورة الأحزاب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها»(3) .

ويفيد الحديث الأول المنقول عن اُبيّ بن كعب أنّه كان يرى أنّ الآيات غير الموجودة من سورة الأحزاب - ومنها آية الرجم - كانت ممّا أنزله الله سبحانه على نبيّه، ومن القرآن حقيقة، وأنّها كانت تقرء كذلك على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى «رفع منها ما رفع»، فما معنى هذا الرفع؟ ومتى كان؟

وأمّا الحديث الثاني المنقول عن عائشة فيتضمّن الجواب عن هذا السؤال، فإنّه يفيد أنّ المراد من «الرفع» هو «الإسقاط» وأنّه كان عندما كتب عثمان المصاحف.

الأحاديث الواردة حول نقصان سورة التوبة، ومنها:

1 - ما رواه الحافظ السيوطي بقوله: «أخرج ابن أبي شيبة

__________________

(1) كنز العمّال 2: 567.

(2) الإتقان في علوم القرآن 3: 82، الدر المنثور 5: 180 عن أبي عبيدة في الفضائل وابن الأنباري وابن مردويه.

(3) الدر المنثور 5: 180.

١٤٣

والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه، عن حذيفة، قال: التي تسمّون سورة التوبة هي سورة العذاب، والله ما تركت أحداً إلاّ نالت منه، ولا تقرأون ممّا كنّا نقرأ إلاّ ربعها»(1) .

2 - ما رواه السيوطي أيضاً بقوله: «أخرج أبو الشيخ عن حذيفة، قال: ما تقرأون ثلثها»(2) .

3 - ما رواه السيوطي أيضاً بقوله: «أخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: سورة التوبة! قال: التوبة؟! بل هي الفاضحة، ما زالت تنزل فيهم حتى ظنّنا أن لن يبقى منا أحد إلاّ ذكر فيها»(3) .

4 - وروى مثله عن عمر بن الخطاب(4) .

فسورة التوبة كانت في رأي هؤلاء الأصحاب - وهو:

1 - عبدالله بن عباس.

2 - حذيقة بن اليمان.

3 - عمر بن الخطاب.

أضعاف هذا المقدار الموجود منها.

وقد روى رأي هؤلاء كبار أئمّة الحديث والحفاظ المشاهير من أهل السنّة، منهم:

1 - أبو بكر ابن أبي شيبة. صاحب المصنّف.

2 - الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك الصحيحين.

__________________

(1) الدرّ المنثور 3: 208.

(2) الدّر المنثور 3: 208.

(3) الدرّ المنثور 3: 208.

(4) الدّر المنثور 3: 208.

١٤٤

3 - أبو القاسم الطبراني صاحب المعاجم الثلاثة: الكبير والأوسط والصغير.

4 - أبو بكر ابن مردويه الأصبهاني.

5 - أبو بكر ابن المنذر.

الأحاديث الواردة حول سورة كانوا يشبّهونها في الطول والشدّة بسورة براءة، ومنها:

ما رواه مسلم في صحيحة، والحاكم في مستدركه، والسيوطي في الدّر المنثور عن مسلم وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي، عن أبي موسى الأشعري، أنّه قال لقرّاء أهل البصرة: «وإنّا كنّا نقرأ سورة كنا نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فنسيتها غير أنّي حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لا بتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوفه إلاّ التراب»(1) .

الأحاديث الواردة حول سورة كانوا يشبّهونها بإحدى المسبّحات، ومنها:

ما رواه من ذكرنا في ذيل الحديث عن أبي موسى حول السورة السابقة، فقد رووا عنه أنّه قال: «وكنّا نقرأ سورة نشبّهها بإحدى المسبّحات أوّلها: سبّح لله ما في السماوات، فانسيتها غير أنّي حفظت منها: يا أيّها الّذين آمنوا لا تقولوا مالا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم

__________________

(1) صحيح مسلم 2: 726 ح 1050، المستدرك على الصحيحين 2: 224، الدر المنثور.

١٤٥

فتسألون عنها يوم القيامة».

حول سورتي الخلع والحفد:

ذكر الحافظ السيوطي في (الإتقان) سورتين سمّاها: (الحفد) و (الخلع) وروى أنّ السورتين كانتا ثابتتين في مصحف اُبيّ بن كعب ومصحف ابن عبّاس، وأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام علّمهما عبدالله الغافقي، وأنّ عمر بن الخطّاب قنت بهما في صلاته، وأنّ أبا موسى كان يقرؤهما(1) .

ولا أثر لهاتين السورتين في المصحف الموجود.

ومن القسم الثاني: ماورد حول آية «الرجم».

الحديث حول آية الرجم وسقوطها من القرآن الكريم، أخرجه الشيعة والسنّة معاً في كتبهم الحديثيّة، وذكروه في كتب الفقه في أبواب الحدود. فهو موجود في: «الكافي» و «من لا يحضره الفقيه» و «التهذيب» و «وسائل الشيعة» من كتب الشيعة. وفي «صحيح البخاري» و «صحيح مسلم» و «مسند أحمد» و «موطّأ مالك» وغيرها من كتب السنّة.

لكنّ الأصل في القضية هو (عمر بن الخطاب) ومن قال بمقالته من الصحابة، ولذا حمل السيد الخوئي ما ورد من

__________________

(1) الإتقان في علوم القرآن 1: 226.

١٤٦

طرق الشيعة منه على التقية(1) .

ويشهد بذلك ما روي في كتب الفريقين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه لمّا جلد شراحة الهمدانيّة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة قال: حددتها بكتاب الله ورجمتها بسنّة رسول الله عليه وآله»(2) . فلو كانعليه‌السلام يرى أن الرجم من القرآن كما رأى عمر لم يقل كذلك.

فالأمر من طرف الشيعة مفروغ منه، وأمّا مرويّات أهل السنّة:

1 - فقد أخرج البخاري عن عمر بن الخطّاب أنّه قال: «إنّ الله بعث محمداً بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل:

والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله.

ثم إنّا كنّا نقرأ - فيما نقرأ من كتاب الله -: أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن أبائكم، أو: إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم ...»(3) .

وأخرج أيضاً عنه قوله:

«إنّ الله بعث محمداً فالرجم في كتاب الله حق على من زنى

__________________

(1) مباني تكملة المنهاج 1: 196.

(2) عوالي اللآلي 2: 152، 3: 552 وهو في مسالك الأفهام، جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام 41: 30 وغيرها، ورواه أحمد والبخاري والنسائي والحاكم وغيرهم كما في مقدّمة آلاء الرحمن.

(3) صحيح البخاري 8: 208.

١٤٧

إذا احصن من الرجال والنساء إذا قامت عليه البيّنة»(1) .

وأخرجه مسلم بن الحجّاج أيضاً في صحيحة(2) ، وأحمد بن حنبل - إمام الحنابلة - في مسنده(3) .

وروى مالك بن أنس - إمام المالكية - عن سعيد بن المسيب - وهو من أكابر التابعين - عن عمر قوله: «إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل: لا نجد حدّين في كتاب الله، فقد رجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجمنا. والّذي نفسي بيده: لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها (الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتّة) فإنّا قد قرأناها»(4) .

ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في مسنده(5) والحافظ جلال الدين السيوطي عن عبد الرزاق وأحمد وابن حبّان - وسيأتي نصّه -.

وقال الحافظ السيوطي أيضاً: «وقد أخرج ابن أشته في (المصاحف) عن الليث بن سعد، قال: أول من جمع القرآن أبو بكر وكتبه زيد وأنّ عمر أتى بأية الرجم فلم يكتبها لأنّه كان وحده»(6) .

هذا كلّه عن عمر، والمستفاد من الأحاديث أنّه كان يعلم بكون آية الرجم من القرآن، إلاّ أنّه لم يكتبها لكونه وحده، فلو شهد بها معه أحد

__________________

(1) صحيح البخاري 8: 208.

(2) صحيح مسلم 3: 1317.

(3) مسند أحمد 1: 40 و 55.

(4) الموطأ 2: 824 | 10.

(5) مسند أحمد 1: 36 و 43.

(6) الإتقان في علوم القرآن 1: 206.

١٤٨

من الصحابة لكتب، وبذلك صرّح الحدّثون، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: «فلم يلحقها بنصّ المصحف بشهادته وحده» ولو كانت منسوخة التلاوة لم يجز إلحاقها به حتى لو شهد معه كلّ الصحابة.

2 - وأخرج ابن حاجة عن عائشة، قالت: «نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها»(1) .

3 - وأورد الحافظ جلال الدين عن أبي عبيد بسنده عن أبي امامة بن سهل: «أنّ خالته قالت: قد أقرأنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آية الرجم: الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة بما قضيا من اللذّة»(2) .

4 - وروى الحافظ السيوطي أيضاً عن جماعة من المحدّثين الحفّاظ عن ابي ابن كعب: أنّه كان يعتقد بأنّ آية الرجم من القرآن حقيقة، وقد تقدّم نصّه في ما ذكر حول سورة الأحزاب.

نقتصر على هذه الأحاديث حول «آية الرجم» طلباً للإختصار، وقد لوحظ فيها أنّ جماعة من الصحابة كانوا يصرّحون بأنّهم قد قرأوا هذه الآية وعقلوها وحفظوها. وكان أشدّهم إصراراً على ذلك: عمر بن الخطّاب، هؤلاءهم:

1 - عمر بن الخطاب.

2 - اُبيّ بن كعب.

3 - عائشة بنت أبي بكر.

__________________

(1) السنن لابن ماجة 1: 625 | 1944.

(2) الإتقان في علوم القرآن 3: 82.

١٤٩

4 - خالة أبي أمامة بن سهل.

بل المفهوم من حديث عائشة: أنّ الآية كانت من القرآن حتى بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيأتي مزيد كلام في ذلك.

وقد نقلنا هذه الأحاديث عن:

1 - صحيح البخاري.

2 - صحيح مسلم.

3 - مسند أحمد.

4 - الموطّأ لمالك.

5 - السنن لابن ماجة.

6 - الإتقان في علوم القرآن للحافظ السيوطي.

حول آية «الرغبة»

وعن جماعة من الأصحاب أنّه كان من القرآن - وقد اسقط فيما اسقط - آية: «لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم» أو نحوه في اللّفظ، وقد سمّيناها بـ «آية الرغبة»:

1 - أخرج البخاري في (الصحيح) عن عمر بن الخطّاب في حديث تقدّم لفظه: «ثم إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو: «إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم»(1) .

2 - وقال الحافظ السيوطي: أخرج ابن الضريس عن ابن

__________________

(1) صحيح البخاري 8: 208.

١٥٠

عباس، قال: كنا نقرأ «لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم» أو: «إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم»(1) .

3 - وقال الحافظ الجلال السيوطي أيضاً: «أخرج الطيالسي وأبو عبيد والطبراني، عن عمر بن الخطاب، قال: كنا نقرأ فيما نقرأ «لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم» ثم قال لزيد بن ثابت: أكذلك يا زيد؟ قال: نعم»(2) .

وقد علم من هذه الأحاديث أنّ جماعة من الصحابة وهم:

1 - عمر بن الخطاب.

2 - عبدالله بن عباس.

3 - زيد بن ثابت.

كانوا بعتقدون أنّ «أية الرغبة» من القرآن الكريم.

وقد نقلنا هذه الأحاديث عن:

1 - البخاري صاحب الصحيح.

2 - الحافظ السيوطي عن عدّة من الفّاظ وهم:

عبدالرزاق بن همام.

أحمد بن حنبل.

أبوالقاسم الطبراني.

أبو عبيد القاسم بن سلام.

أبو عبدالله بن الضريس.

أبو الوليد الطيالسي.

__________________

(1) الإتقان في علوم القرآن 2: 42.

(2) الإتقان في علوم القرآن 3: 83.

١٥١

إبن حبّان صاحب الصحيح.

حول آية «لو كان لابن آدم واديان»

1 - أخرج مسلم بن الحجّاج في (الصحيح) عن أبي الأسود، عن أبيه، قال:

«بعث أبو موسى الأشعري إلى قرّاء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقرّاؤهم، فاتلوه ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنّا كنّا نقرأ سورة كنا نشبّهها في الطول والشدة بـ «براءة» فانسيتها، غير أنّي حفظت منها: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب»(1) .

2 - وقال الحافظ جلال الدين السيوطي: «أخرج أبو عبيد وأحمد، والطبراني في «الأوسط»، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أبي واقد الليثي، فقال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا اوحي إليه أتيناه فعلّمنا ممّا اوحي إليه، قال: فجئت ذات يوم، فقال: إنّ الله يقول: «إنّا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم وادياً من ذهب لأحبّ أن يكون إليه الثاني، ولو كان الثاني لأحبّ أن يكون إليهما الثالث، ولا يملأ جوف إبن آدم إلاّ التراب، ويتوب الله على من تاب»(2) .

3 - وقال الحافظ السيوطي أيضأ: «أخرج أبو عبيد وأحمد

__________________

(1) صحيح مسلم 2: 726 | 1050.

(2) الدر المنثور، الإتقان 30: 83.

١٥٢

وأبو يعلى والطبراني، عن زيد بن أرقم، قال: كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضّة لابتغى الثالث، ولا يملأ بطن ابن آدم إلاّ التراب، ويتوب الله على من تاب»(1) .

4 - وقال الحافظ السيوطي: «أخرج أبو عبيد، عن جابر بن عبدالله،

قال: كنا نقرأ «لو أنّ لابن آدم ملء واد مالاً لأحبّ إليه إليه مثله، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ويتوب الله على من تاب»(2) .

5 - وقال الحافظ المذكور أيضاً: «أخرج البزار وابن الضريس، عن بريدة، قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأ: «لو أنّ لابن آدم ...»(3) .

6 - وقال أيضاً: «أخرج ابن الأنباري، عن أبي ذر، قال: في قراءة ابيّ بن كعب: «ابن آدم لو اعطي وادياً ...»(4) .

وقال أيضاً: «أخرج أحمد والترمذي والحاكم - وصحّحه - عن اُبيّ بن كعب: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ:( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ) فقرأ فيها: «ولو أنّ ابن آدم سأل وادياً من مال ...»(5) .

وروى هذا الحديث أيضاً إبن الأثير عن الترمذي(6) .

__________________

(1) الدر المنثور أورده باسناده عن ابن عباس 6: 378.

(2) المصدر نفسه.

(3) الدر المنثور 6: 378.

(4) المصدر نفسه.

(5) الدر المنثور 6: 378.

(6) جامع الاصول 2: 500 | 972.

١٥٣

7 - وقال الراغب الأصبهاني في (محاضرات الأبرار) واثبت ابن مسعود في مصحفه: «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى معهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ويتوب الله على من تاب».

نكتفي بهذه الأحاديث حول هذه الآية، وصريح الحديث الأول المخرّج في (الصحيح): أنّ أبا موسى كان يحفظ سورة من القرآن الكريم بكاملها فنسيها ما

خلا الآية المذكورة.

وقد علمنا من هذا الأحاديث أنّ الصحابة التالية أسماؤهم يعتقدون بكون الآية من القرآن الكريم، حتى أنّ ابن مسعود أثبتها في مصحفه، وكان اُبيّ بن كعب يقرؤها، وقد ذكر أبو واقد أنّ النبي قد علّمه الآية هذه، وهؤلاء الصحابة هم:

1 - أبو موسى الأشعري.

2 - أبو واقد الليثي.

3 - زيد بن أرقم.

4 - جابر بن عبدالله.

5 - بريدة بن الحصيب.

6 - ابيّ بن كعب.

7 - عبدالله بن مسعود.

وقد نقلنا هذه الأحاديث عن:

1 - مسلم بن الحجّاج صاحب الصحيح.

2 - إبن الأثير صاحب جامع الاصول.

3 - الراغب الأصبهاني صاحب المحاضرات.

4 - الحافظ السيوطي عن جماعة من كبار الحفّاظ ومنهم: -

أ - الحاكم أبو عبدالله النيسابوري صاحب المستدرك.

١٥٤

ب - أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي صاحب المسند.

ج - أحمد بن حنبل صاحب المسند وأحد الأئمة الأربعة.

د - أبو القاسم الطبراني صاحب المعاجم الثلاثة.

هـ - أبوبكر البيهقي صاحب السّنن الكبرى.

و - أبوبكر البزار صاحب المسند.

ز - أبو عيسى الترمذي صاحب السنن أحد الصحاح الستّة.

حول «آية الجهاد»

روى الحافظ جلال الدين السيوطي عن السور بن مخرمة ما نصّة:

«قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا: «أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة» فأنا لا أجدها؟

قال: اسقطت فيما اسقط من القرآن»(1) .

في هذا الحديث: أنّ اثنين من كبار الصحابة وهما:

1 - عمر بن الخطاب.

2 - عبد الرحمن بن عوف.

كانا يعتقدان: أنّ الآية كانت ممّا انزل من قبل الله تعالى من القرآن الكريم.

ثم إنّ معنى قوله: «اسقطت ...» أنّهما كانا يعتقدان بكونها من القرآن بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً.

__________________

(1) الاتقان 3: 84.

١٥٥

حول آية «المتعة»

وهي قوله تعالى:( فما استمتعم به منهنّ فآتوهنّ اُجورهنّ ) (1) ، فقد ورد في أحاديث القوم عن بعض الصحابة أنّه كان يقرأ «فما استمتعتم به منهنّ (إلى أجل) ...» وأنّ بعضهم كتبها كذلك في مصحفه، وعن ابن عباس قوله: «والله لأنزلها كذلك» وقد صحّح الحاكم هذا الحديث عنه في «المستدرك» من طرقٍ عديدة(2) .

وفي التفسير الكبير: أنّ ابيّ بن كعب وابن عباس قرءا كذلك، والصحابة ما أنكروا عليها(3) .

وقال الزمخشري: «وعن ابن عباس: هي محكمة - يعني لم تنسخ - وكان يقرأ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى، ويروى: أنّه رجع عن ذلك عند موته، وقال: اللّهم إني أتوب إليك من قولي بالمتعة، وقولي في الصرف»(4) .

وقال الحافظ ابن حجر في تخريجه: «أمّا رجوعه عن المتعة فرواه الترمذي بسند ضعيف عنه، وأمّا قوله: اللّهمّ إني أتوب إليك من قولي بالمتعة فلم أجده».

وإذا ما لوحظ إلى ذلك ثبوت مشروعية المتعة وعمل المسلمين بها حتى زمن عمر بن الخطاب، حيث نهى عنها وأوعد بالعقاب عليها،

__________________

(1) سورة النساء 4: 2، انظر الدّر المنثور 2: 139 وما بعدها.

(2) المستدرك على الصحيحين 2: 35.

(3) التفسير الكبير 10: 51.

(4) الكشاف 1: 519.

١٥٦

حصل القطع بنزول الآية كذلك كما تفيد الأحاديث المذكورة، وأنّ كلمة «إلى أجل» وقع بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

حول آية «الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »

روى الحافظ جلال الدين السيوطي عن حميدة بنت أبي يونس، قالت: «قرأ عليّ أبي - وهو ابن ثمانين سنة - في مصحف عائشة «إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً - وعلى الذين يصلّون الصفوف الأول -.

قالت: قبل أن يغيّر عثمان المصاحف»(1) .

يفيد الحديث: أنّ هذه الزيادة كانت مثبتة في مصحف عائشة، ولا شك أنّها قد سمعت الآية كذلك من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكتبتها في مصحفها كما سمعت، وبقي المصحف إلى زمن عثمان بن عفان يتلوه النّاس ويتداولونه، حتى قام عثمان فغيّر المصاحف وأسقط من الآية هذه الزيادة.

هذا ما يفيده الحديث، وهو يدّل على أنّ عائشة والّذين كانوا يقرأون مصحفها - ومنهم أبو يونس الذي قرأ الآية على ابنته وهو ابن ثمانين سنين كما حدّثتنا هي - كانوا يعتقدون أنّ الزيادة تلك من القرآن الكريم على حقيقته.

حول آية «الشهادة»

أخرج مسلم بن الحجاج في «الصحيح» عن أبي موسى

__________________

(1) الإتقان في علوم القرآن 3: 82.

١٥٧

الأشعري أنّه قال - في الحديث المتقدّم، فيما ذكرناه حول سورة كانوا يشبّهونها بإحدى المسبّحات -: «وكنّا نقرأ سورة كنا تشبّهها بإحدى المسبّحات فنسيتها غير أنّي حفظت منها:

يا أيّها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون - فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة -»(1) .

وهذا حديث صحيح لإخراج مسلم إيّاه في (صحيحه)، هو يفيد أنّ أبا موسى الأشعري كان يحفظ سورة طويلة، وكان يقرؤها، غير أنّه لم يحفظ منها غير الآية، وفيها زيادة: «فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة» وهي غير موجود في المصحف الموجود.

حول آية «ولاية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »

1 - قال الحافظ جلال الدين السيوطي: «أخرج الفريابي والحاكم وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس، أنّه كان يقرأ هذه الآية: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم - وهو أب لهم - وأزواجه أمّهاتهم»(2) .

2 - وقال الحافظ السيوطي أيضاً: «أخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وإسحاق بن راهويه، وابن المنذر، والبيهقي، عن مجالد، قال: مرّ عمر ابن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امّهاتهم - وهو أب لهم -».

فقال: يا غلام حكّها.

__________________

(1) صحيح مسلم 2: 726.

(2) الدر المنثور 5: 183.

١٥٨

فقال: هذا مصحف ابيّ بن كعب.

فذهب إليه فسأله فقال: إنّه كان يلهيني القرآن، ويلهيك الصفق بالأسواق»(1) .

فزيادة «وهو أب لهم» - بحسب هذين الحديثين - كانت من القرآن الكريم في رأي صحابيّين كبيرين هما:

1 - عبد الله بن العباس.

2 - اُبيّ بن كعب.

حتى أنّ عمر لمّا اعترض على ابيّ أجابه بقوله «إنّه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق».

ويفيد الحديث أنّ مصحف ابيّ بن كعب كان متلواً بين الناس معتقدين صحته ومعتمدين عليه، حتى أنّ عمر لما قال للغلام: «حكّها» قال له: «هذا مصحف ابيّ بن كعب».

وقد روى الحافظ السيوطي ذلك عن جماعة من أعيان الحفّاظ وهم:

1 - عبد الرزّاق بن همام الصنعاني.

2 - سعيد بن منصور. صاحب السنن.

3 - إسحاق بن راهويه. شيخ البخاري ومسلم وغيرهما.

4 - الحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك.

5 - الفريابي شيخ أحمد والبخاري وغيرهما.

6 - أبو بكر ابن مردويه الأصبهاني.

7 - أبوبكر البيهقي صاحب السنن الكبرى.

__________________

(1) الدرّ المنثور 5: 183.

١٥٩

8 - أبوبكر ابن المنذر الإمام المجتهد.

حول آية «الحميّة»

روى الحافظ جلال الدين السيوطي عن النسائي الحاكم قال: وصحّحة - من طريق ابن أبي إدريس «عن ابيّ بن كعب أنّه كان يقرأ: «إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية - ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام - فأنزل الله سكينته على رسوله» فبلغ ذلك عمر، فاشتدّ عليه، فدعا ناساً من أصحابه - فيهم زيد بن ثابت - فقال:

من يقرأ منكم سورة الفتح؟

فقرأ زيد على قراءتنا اليوم.

فغلّظ له عمر، فقال: إني أتكلّم؟

فقال: تكلّم.

قال: لقد علمت أني كنت أدخل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقرؤني وأنت بالباب، فإن أن اقرىء الناس على ما أقرأني أقرأت وإلاّ لم أقرأ حرفاً ما حييت.

قال: بل أقرئ الناس»(1) .

وفي هذا الحديث: أنّ عمر بن الخطاب عندما بلغته قراءة ابيّ اشتدّ عليه ثم أغلظ له أمام ناس من الصحابة، ولكن أبيّاً خصمه بما قال: ومعنى ذلك: أنّ تلك الزيادة قد تعلّمها من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو عندما كان يقرى الناس كان يعتقد بأنّه

__________________

(1) الدر المنثور 6: 79.

١٦٠