مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مظلوميّة الزهراء عليها السلام0%

مظلوميّة الزهراء عليها السلام مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
ISBN: 964-319-261-X
الصفحات: 80

مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 964-319-261-X
الصفحات: 80
المشاهدات: 18972
تحميل: 3074

توضيحات:

مظلوميّة الزهراء عليها السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 80 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18972 / تحميل: 3074
الحجم الحجم الحجم
مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 964-319-261-X
العربية

  

المطلب الثالث :

في أنّ بغض عليعليه‌السلام نفاق

أخرج مسلم في صحيحه عن عليعليه‌السلام قال : « والذي فَلَقَ  الحَبَّةَ وبرأ النَسَمة ، إنّه لعهد النبي الاُمّي إليّ [ وهل يكون التأكيد  بأكثر من هذا ؟ ] أنْ لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق ».

تجدون هذا الحديث بهذا اللفظ أو بمعناه عند : النسائي ،  والترمذي ، وابن ماجة ، وفي مسند أحمد ، وفي المستدرك ، وفي  كنز العمال عن عدة من كبار الأئمّة(1) .

وفي مسند أحمد وصحيح الترمذي عن أُم سلمة : كان رسول  الله يقول [ هذه الصيغة تدل علىٰ الاستمرار ] كان رسول الله يقول : 

__________________

(1) مسند أحمد 1 / 84 ، 128 ، صحيح مسلم كتاب الايمان ، كنز العمال 13 / 120  رقم 36385.

٢١

« لا يحب عليّاً منافق ولا يبغضه مؤمن »(1) .

نستفيد من هذه الأحاديث في هذا المطلب : إنّ حبّ علي  وحبّ المنافقين لا يجتمعان ، لو أنّ أحداً يعتقد حتّى بإمامة علي  وولايته بعد رسول الله ، إلاّ أنّه لا يبغض المنافقين ، هذا الشخص هو  أيضاً منافق ، وهو مطرود من الطرفين ، أي من المؤمنين ومن  المنافقين ، لأنّالمنافقين لا يعتقدون بولاية علي وهذا يعتقد ، ولأنّ  المؤمنين لا يحبّون المنافقين وهذا يحب.

ولا يمكن الجمع بينهما بأيّ حال من الأحوال ، وبأيّ شكلٍ من الأشكال.

         

__________________

(1) مسند أحمد 6 / 292.

٢٢

  

المطلب الرابع :

في إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاًعليه‌السلام

بأنّ الأُمّة ستغدر به

قال عليعليه‌السلام : « إنّه ممّا عهد إليّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الأُمّة ستغدر بي  بعده ».

قال الحاكم : صحيح الإسناد ، وقال الذهبي في تلخيصه :  صحيح(1) ، وقد قرّروا أنّ كلّ حديث وافق الذهبي فيه الحاكم  النيسابوري في التصحيح فهو بحكم الصحيحين.

ومن رواة هذا الحديث أيضاً : ابن أبي شيبة ، والبزّار ،  والدارقطني والخطيب البغدادي ، والبيهقي ، وغيرهم.

 

__________________

(1) المستدرك علىٰ الصحيحين 3 / 140 ، 142.

٢٣
٢٤

  

المطلب الخامس :

ضغائن في صدور أقوام

أخرج أبو يعلىٰ والبزّارـبسند صحّحه : الحاكم ، والذهبي ،  وابن حبّان ، وغيرهمـعن عليعليه‌السلام قال : « بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم آخذ  بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة ، إذ أتينا علىٰ حديقة ،  فقلت : يا رسول الله ما أحسنها من حديقة ! فقال : إنّ لك في الجنّة  أحسن منها ، ثمّ مررنا بأُخرىٰ فقلت : يا رسول الله ما أحسنها من  حديقة ! قال : لك في الجنّة أحسن منها ، حتّى مررنا بسبع حدائق ،  كلّ ذلك أقول ما أحسنها ويقول : لك في الجنّة أحسن منها ، فلمّا  خلا لي الطريق اعتنقني ثمّ أجهش باكياً ، قلت : يا رسول الله ما  يبكيك ؟ قال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ من بعدي ،  قال : قلت يا رسول الله في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من  دينك ».

٢٥

هذا اللفظ في : مجمع الزوائد عن : أبي يعلىٰ والبزّار(1) ، ونفس  السند موجود في المستدرك وقد صحّحه الحاكم ) والذهبي(2) ،  فيكون سنده صحيحاً يقيناً ، لكن اللفظ في المستدرك مختصر  وذيله غير مذكور ، والله أعلم ممّن هذا التصرف ، هل من الحاكم أو  من الناسخين أو من الناشرين ؟ فراجعوا ، السند نفس السند عند  أبي يعلىٰ وعند البزّار وعند الحاكم ، والحاكم يصحّحه والذهبي  يوافقه ، إلاّ أنّ الحديث في المستدرك أبتر مقطوع الذيل ، لأنّه إلىٰ  حدّ « إنّ لك في الجنّة أحسن منها » لا أكثر.

وهناك أحاديث أيضاً صريحة في أنّ « الأقوام » المراد منهم  في هذا الحديث « هم قريش » ، وفي المطلب السادس أيضاً بعض  الأحاديث تدلّ علىٰ ذلك ، فلاحظوا.

      

__________________

(1) مجمع الزوائد 9 / 118.

(2) المستدرك علىٰ الصحيحين 3 / 139.

٢٦

  

المطلب السادس :

في أنّ قريشاً هم سبب هلاك الناس بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « يهلك أُمّتي هذا الحي من  قريش » ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : « لو أنّ الناس اعتزلوهم ».

وعن أبي هريرة أيضاً قال : سمعت الصادق المصدوق يقول :  « هلاك أُمّتي علىٰ يدي غلمة من قريش » ، فقالوا : مروان غلمة ؟  قال أبو هريرة : إن شئت أنْ أُسمّيه ، بني فلان ، بني فلان.

والحديثان في الصحيحين(1) .

   

__________________

(1) وأخرجه أحمد 2 / 324 ، 288 ، 299 ، 520.

٢٧
٢٨

  

المطلب السابع :

لم يروَ من الضغائن والغدر إلاّ القليل

وهذا المطلب مهم جدّاً ، فالغدر الذي كان ، والضغائن التي  بدتـالتي سبق وأنْ أخبر عنها رسول اللهـلم يروَ منها في الكتب  إلاّ القليل ، والسبب واضح ، لأنّهم منعوا من تدوين الحديث ،  وعندما دُوّن ، فقد دوّن علىٰ يد بني أُميّة وفي عهدهم ، وهذا حال  السنّة ، أي السنّة عند أهل السنّة.

ثمّ إنّ من كان عنده شيء من تلك الأمور التي أشار إليها رسول  اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يروه ، وإذا رواه لم ينقلوه ولم يكتبوه ومنعوا من نشره ،  ومن نقله إلىٰ الآخرين ، حتّى أنّ من كان عنده كتاب فيه شيء من  تلك القضايا ، أخذوه منه ، أو أخفاه ولم يظهره لأحد ، أذكر لكم  موارد من هذا القبيل :

قال ابن عدي في آخر ترجمة عبد الرزاق بن همّام الصنعاني

٢٩

في كتاب الكامل : ولعبد الرزاق بن همّام [ هذا شيخ البخاري ]  أصناف حديث كثير ، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمّتهم  وكتبوا عنه ، ولم يروا بحديثه بأساً ، إلاّ أنّهم نسبوه إلىٰ التشيّع ، وقد  روىٰ أحاديث في الفضائل ممّا لا يوافقه عليها أحد من الثقات ،  فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث ، ولما رواه في  مثالب غيرهم ممّا لم أذكره في كتابي هذا ، وأمّا في باب الصدق  فأرجو أنّه لا بأس به ، إلاّ أنّه قد سبق عنه أحاديث في فضائل أهل  البيت ومثالب آخرين مناكير(1) .

وبترجمة عبد الرحمن بن يوسف بن خراشـالحافظ الكبيرـ يقول ابن عدي : سمعت عبدان يقول : وحمل ابن خراش إلى بندار  جزئين صنّفهما في مثالب الشيخين فأجازه بألفي درهم.

فأين هذا الكتاب الذي هو في جزئين ؟

قال ابن عدي : فأمّا الحديث فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب(2) .

فالرجل ليس بكاذب ، ولو راجعتم سير أعلام النبلاء للذهبي  أو راجعتم تذكرة الحفّاظ للذهبي ، لرأيتم الذهبي ينقل هذا  المطلب ، ويتهجّم علىٰ ابن خراش ويشتمه ويسبّه سبّ الذين

__________________

(1) الكامل في الضعفاء 6 / 545.

(2) الكامل في الضعفاء 5 / 519.

٣٠

كفروا(1) .

ولا يتوهمنّ أحد أنّ هذا الرجلـابن خراشـمن الشيعة ،  وذلك ، لأنّهذا الرجل من كبار علماء القوم ومن أعلامهم في  الجرح والتعديل ، ويعتمدون علىٰ آرائه في ردّ الراوي أو قبوله ،  أذكر لكم مورداً واحداً ، يقول ابن خراش بترجمة عبدالله بن شقيق ،  وعند ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب يقول : قال ابن  خراش : كانـعبدالله بن شقيق ـ ثقة وكان عثمانياً يبغض عليّاً(2) .

فابن خراش ليس بشيعي ، لأنّه يوثق هذا الرجل مع تصريحه  بأنّه كان عثمانيّاً يبغض عليّاً.

فلا يتوهّم أنّ هذا الرجلـابن خراشـمن الشيعة ، بل هو من  أعلام أهل السنّة ومن كبار حفّاظهم ، إلاّ أنّه ألّف جزئين في مثالب  الشيخين.

مورد آخر في كتاب العلل لأحمد بن حنبل ، قال أحمد : كان  أبو عوانة [ الذي هو من كبار محدّثيهم وحفّاظهم ، وله كتاب في  الصحيح اسمه : صحيح أبي عوانة ] وضع كتاباً فيه معايب أصحاب 

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 13 / 509 ، تذكرة الحفاظ 2 / 684 ، ميزان الإعتدال 2 / 600.

(2) تهذيب التهذيب 5 / 223.

٣١

رسول الله ، وفيه بلايا ، فجاء سلاّم بن أبي مطيع(1) فقال : يا أبا  عوانة ، أعطني ذاك الكتاب فأعطاه ، فأخذه سلاّم فأحرقه(2) .

ويروي أحمد بن حنبل في نفس الكتاب عن عبدالرحمن بن  مهدي(3) قال : فنظرت في كتاب أبي عوانة وأنا أستغفر الله(4) .

فهذا يستغفر الله من أنّه نظر في هذا الكتاب ، والشخص الآخر  جاء إليه وأخذ الكتاب منه وأحرقه بلا إذن منه ولا رضا.

مورد آخر : ذكروا بترجمة الحسين بن الحسن الأشقر : أنّ  أحمد بن حنبل حدّث عنه وقال : لم يكن عندي ممّن يكذب [ فهو  حدّث عنه وقال : لم يكن عندي ممّن يكذب ] فقيل له : إنّه يحدّث  في أبي بكر وعمر ، وإنّه صنّف باباً في معايبهما ، فقال : ليس هذا  بأهلٍ أنْ يحدَّث عنه(5) !

أوّلاً : أين ذاك الباب الذي اشتمل علىٰ هذه القضايا ؟ ولماذا لم  يصل إلينا؟

وثانياً : إنّه بمجرَّد أنْ علم أحمد بن حنبل بأنّ الرجل يحدّث

__________________

(1) الإمام الثقة القدوة ، من رجال الصحيحين. سير أعلام النبلاء 7 / 428.

(2) كتاب العلل والرجال 1 / 60.

(3) الإمام الناقد المجوّد سيد الحفاظ. سير أعلام النبلاء 9 / 192.

(4) كتاب العلل والرجال 3 / 92 الطبعة الحديثة.

(5) تهذيب التهذيب 2 / 291.

٣٢

في الشيخين ، وبأنّه صنّف مثل هذه الأحاديث في كتاب ، سقط من  عين أحمد وأصبح كذّاباً لا يعتمد عليه ولا يروىٰ عنه !

مورد آخر : في ميزان الإعتدال بترجمة إبراهيم بن الحكم بن  زهير الكوفي : قال أبو حاتم : روى في مثالب معاوية فمزّقنا ما  كتبنا عنه(1) .

روى في مثالب معاوية فمزّقنا ما كتبنا عنه ، فراحت تلك  الروايات.

وهذا بعض ما ذكروا في هذا الباب.

ثمّ إنّهم ذكروا في تراجم رجال كثيرين من أعلام الحديث  والرواة الذين هم من رجال الصحاح ، ذكروا أنّه كان يشتم أبا بكر  وعمر ، لاحظوا هذه العبارة بترجمة إسماعيل بن عبدالرحمن  السُدّي(2) ، وبترجمة تليد بن سليمان(3) ، وبترجمة جعفر بن  سليمان الضبعي(4) ، وغير هؤلاء.

ولماذا كان هؤلاء يشتمون ؟ هل بلغهم شيء أو أشياء ، ممّا

__________________

(1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 27.

(2) تهذيب التهذيب 1 / 274.

(3) تهذيب الكمال 4 / 322.

(4) تهذيب التهذيب 2 / 82 ـ 83.

٣٣

أدّىٰ وسبّب في أنْ يجوّزوا لانفسهم أن يشتموا ويسبّوا ؟ وأين تلك  القضايا وماهي ؟

وأمّا ما ذكروه بترجمة الرجال وكبار علمائهم وحفّاظهم من  شتم عثمان وشتم معاوية ، فكثير جدّاً ، وأعتقد أنّه لا يحصىٰ لكثرته.

ولقد فشىٰ وكثر اللعن أو الطعن في الشيخين في النصف الثاني  من القرن الثالث ، يقول زائدة بن قدامةـووفاته في النصف الثاني  من القرن الثالث ـ : متى كان الناس يشتمون أبا بكر وعمر ؟!(1) .

وكثر وكثر حتى القرن السادس من الهجرة ، جاء أحدهمـوهو  الحافظ المحدّث عبد المغيث بن زهير بن حرب الحنبلي البغدادي ـفألّف كتاباً في فضل يزيد بن معاوية وفي الدفاع عنه والمنع عن  لعنه ، فلمّا سئل عن ذلك ، قال بلفظ العبارة : إنّما قصدت كفّ  الألسنة عن لعن الخلفاء(2) .

حتى جاء التفتازاني في أواخر القرن الثامن من الهجرة وقال  في شرح المقاصد ما نصّه : فإن قيل : فمن علماء المذهب من لم  يجوّز اللعن علىٰ يزيد مع علمهم بأنّه يستحقّ ما يربو علىٰ ذلك

__________________

(1) تهذيب التهذيب 3 / 264.

(2) سير أعلام النبلاء 21 / 161.

٣٤

ويزيد ؟ قلنا : تحامياً عن أن يرتقىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ(1) .

حتّى جاء كتّاب عصرنا ، فألّفوا في مناقب يزيد ، وألّفوا في  مناقب الحجّاج ، وألّفوا في مناقب هند !!

وإنّي أعتقد أنّهم يعلمون بأنّ هذه المناقب والفضائل ، والذي  يذكرونه في الدفاع عن هؤلاء وأمثالهم ، كلّه كذب ، وإنّ هؤلاء  يستحقّون اللعن ، إلاّ أنّ الغرض هو إشغال الكتّاب والباحثين  والمفكّرين وسائر الناس بمثل هذه الأُمور ، ولكي لا يبقىٰ هناك  مجال لأن يرتقىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ.

ومن هنا نفهم : إنّ محاربتهم لقضايا الحسينعليه‌السلام ومحاربتم  لمآتم الحسينعليه‌السلام ولقضايا عاشوراء ، كلّ ذلك ، لئلاّ يلعن يزيد ،  ولئلاّ ينتهىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ.

      

__________________

(1) شرح المقاصد 5 / 311.

٣٥
٣٦

 

المطلب الثامن :

أحقاد قريش وبني أُميّة علىٰ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وأهل بيتهعليهم‌السلام

وهنا ننقل بعض الشواهد علىٰ أحقاد قريش وبني أُميّة  بالخصوص ، وضغائنهم علىٰ النبي وأهل البيت ، حتّى أنّهم كانت  تصدر منهم أشياء في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولمّا لم يتمكّنوا من الإنتقام  من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالذات ، انتقموا من أهل بيته لينتقموا منه.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اللهمّ إنّي أستعديك على قريش ،  فإنّهم أضمروا لرسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضروباً من الشر والغدر ، فعجزوا  عنها ، وحُلت بينهم وبينها ، فكانت الوجبة بي والدائرة عليّ ، اللهمّ  احفظ حسناً وحسيناً ، ولا تمكّن فجرة قريش منهما ما دمت حيّاً ،  فإذا توفّيتني فأنت الرقيب عليهم وأنت علىٰ كلّ شيء شهيد »(1) .

فيقول أمير المؤمنين : إنّ قريشاً أضمروا لرسول الله ضروباً من

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 20 / 298.

٣٧

الشر والغدر وعجزوا عنها ، والله سبحانه وتعالىٰ حال بينه وبين تلك  الشرور أن تصيبه ، إلى أنْ توفّيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكانت الوجبة بأمير  المؤمنين والدائرة عليه ، كما أنّه في هذا الكلام يشير بأنّ قريشاً  ستقتل الحسن والحسين أيضاً انتقاماً من النبي.

وقالعليه‌السلام في خطبة له : « وقال قائل : إنّك يا ابن أبي طالب على  هذا الأمر لحريص ، فقلت : بل أنتمـواللهـأحرص وأبعد ، وأنا  أخص وأقرب ، وإنّما طلبت حقّاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه ،  وتضربون وجهي دونه ، فلما قرّعته بالحجة في الملأ الحاضرين  هبّ كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به.

اللهم إني استعديك علىٰ قريش ومن أعانهم ، فانهم قطعوا  رحمي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا علىٰ منازعتي أمراً هو  لي ، ثم قالوا : ألا إنَّ في الحق أنْ تأخذه وفي الحق أن تتركه »(1) .

وفي كتاب لهعليه‌السلام إلى عقيل : « فدع عنك قريشاً وتركاضهم في  الضلال ، وتجوالهم في الشقاق ، وجماحهم في التيه ، فإنّهم قد  أجمعوا علىٰ حربي إجماعهم على حرب رسول الله قبلي ، فجزت  قريشاً عنّي الجوازي ، فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطان ابن 

__________________

(1) نهج البلاغة ، الخطبة : 172.

٣٨

أُمّي »(1) .

وروىٰ ابن عدي في الكامل في حديثٍ : فقال أبو سفيان : مثل  محمّد في بني هاشم مثل ريحانة وسط نتن ، فانطلق بعض الناس إلىالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبروا النبي ، فجاءصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـيعرف في وجهه الغضبـ  حتّى قام فقال : « ما بال أقوال تبلغني عن أقوام » إلىآخر الحديث.

هذا في الكامل لابن عدي(2) بهذا النص ، والقائل أبو سفيان.

وهو بنفس السند واللفظ موجود أيضاً في بعض المصادر  الاُخرىٰ ، إلا أنّهم رفعوا كلمة : « فقال أبو سفيان » ، ووضعوا كلمة :  « فقال رجل ».

لاحظوا مجمع الزوائد(3) .

وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال :  أتىٰ ناس من الأنصار إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : إنّا نسمع من قومك ، حتّى  يقول القائل منهم إنّما مثل محمّد مثل نخلة نبتت في الكبا(4) .

والكبا الأرض غير النظيفة.

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 16 / 151.

(2) الكامل في الضعفاء 3 / 28.

(3) مجمع الزوائد 8 / 215.

(4) مجمع الزوائد 8 / 215.

٣٩

لكن هذا الحديث أيضاً في بعض المصادر محرّف.

ثمّ إنّ السبب في هذه الضغائن ماذا ؟ ليس السبب إلاّ أقربية  أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فينتقمون منه انتقاماً من النبيّ ،  مضافاً إلى مواقف أمير المؤمنينعليه‌السلام في الحروب وقتله أبطال  قريش ، وهذا ما صرّح به عثمان لأمير المؤمنين في كلام له معه  عليه الصلاة والسلام ، أذكر لكم النص الكامل.

ذكر الآبي في كتاب نثر الدررـوهو كتاب مطبوع موجودـ وعنه أيضاً ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن ابن عباس  قال : وقع بين عثمان وعلي كلام ، فقال عثمان : ما أصنع إن كانت  قريش لا تحبّكم ، وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأنّ وجوههم  شنوف الذهب(1) .

هذه هي الأحقاد والضغائن ، ولم يتمكّنوا من الإنتقام من  رسول الله ، فانتقموا من أهل بيته كما أخبر هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهكذا توالت القضايا ، انتقموا من الزهراء وأمير المؤمنين ،  وانتقموا ، وانتقموا ، إلىٰ يوم الحسينعليه‌السلام وبعد يوم الحسينعليه‌السلام  وإلىٰ اليوم .

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 9 / 22.

٤٠