مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مظلوميّة الزهراء عليها السلام0%

مظلوميّة الزهراء عليها السلام مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
ISBN: 964-319-261-X
الصفحات: 80

مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 964-319-261-X
الصفحات: 80
المشاهدات: 18973
تحميل: 3074

توضيحات:

مظلوميّة الزهراء عليها السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 80 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18973 / تحميل: 3074
الحجم الحجم الحجم
مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 964-319-261-X
العربية

النفر عندك أن أمرتهم أن يحرّق عليهم البيت(1) .

وفي تاريخ الطبري بسند آخر :

أتى عمر بن الخطّاب منزل علي ، وفيه طلحة والزبير [ هذه  نقاط مهمّة حسّاسة لا تفوتنّكم ، في البيت كان طلحة أيضاً ، الزبير  كان من أقربائهم ، أمّا طلحة فهو تيميّ ] ورجال من المهاجرين  فقال : والله لاُحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ، فخرج عليه  الزبير مصلتاً سيفه ، فعثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه  فأخذوه(2) .

وأنا أكتفي بهذين المصدرين في عنوان التهديد.

لكن بعض كبار الحفّاظ منهم لم تسمح له نفسه لأنْينقل هذا  الخبر بهذا المقدار بلا تحريف ، لاحظوا كتاب الاستيعاب لابن عبد  البر ، فإنّه يروي هذا الخبر عن طريق أبي بكر البزّار بنفس السند  الذي عند ابن أبي شيبة ، يرويه عن زيد بن أسلم عن أسلم وفيه :

إنّ عمر قال لها : ما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، ثمّ قال : ولقد  بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك ، ولأن يبلغني لأفعلنّ 

__________________

(1) المصنف لابن أبي شيبة 7/432.

(2) تاريخ الطبري 3 / 202.

٦١

ولأفعلن(1) .

نفس الخبر ، بنفس السند ، عن نفس الراوي ، وهذا التصرف !  وأنتم تريدون أنْ ينقلوا لكم إنّه أحرق الدار بالفعل ؟ وأيُّ عاقل  يتوقّع من هؤلاء أنْ ينقلوا القضيّة كما وقعت ؟ إنّ من يتوقّع منهم  ذلك إمّا جاهل وإمّا يتجاهل ويضحك علىٰ نفسه !!

2 ـ المجيء بقبس أو بفتيلة :

وهناك عنوان آخر ، وهو « جاء بقبس » أو « جاء بفتيلة » هذا  أيضاً أنقل لكم بعض مصادره :

روىٰ البلاذري المتوفىٰ سنة 224 في أنساب الأشراف  بسنده : إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر  ومعه فتيلة ، فتلقّته فاطمة علىٰ الباب ، فقالت فاطمة : يابن  الخطّاب ، أتراك محرّقاً عَلَيّ بابي ؟! قال : نعم ، وذلك أقوىٰ فيما  جاء به أبوك(2) .

وفي العقد الفريد لابن عبد ربّه المتوفىٰ سنة 328 : وأمّا علي  والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة حتّى بعث إليهم أبو بكر 

__________________

(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 975.

(2) أنساب الأشراف 1/586.

٦٢

[ ولم يكن عمر هو الذي بادر ، بَعَثَ أبو بكر عمر بن الخطّاب ]  ليخرجوا من بيت فاطمة وقال له : إنْ أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من  نار على أنْ يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة فقالت : يابن  الخطّاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم ، أو تدخلوا ما دخلت فيه الأُمّة(1) .

أقول : وقارنوا بين النصوص بتأمّل لتروا الفوارق والتصرّفات.

وروىٰ أبو الفداء المؤرخ المتوفىٰ سنة 732 ه‍ في المختصر  في أخبار البشر الخبر إلىٰ : وإنْ أبوا فقاتلهم ، ثمّ قال : فأقبل عمر  بشيء من نار علىٰ أن يضرم الدار(2) .

3 ـ إحضار الحَطَب ليحرّق الدار

وهذا هو العنوان الثالث ، ففي رواية بعض المؤرّخين : أحضر  الحَطَب ليحرّق عليهم الدار ، وهذا في تاريخ المسعودي ( مروج  الذهب ) وعنه ابن أبي الحديد في شرح النهج عن عروة بن الزبير ،  إنّه كان يعذر أخاه عبدالله في حصر بني هاشم في الشِعب ، وجمعه  الحطب ليحرّقهم ، قال عروة في مقام العذر والاعتذار لأخيه عبدالله 

__________________

(1) العقد الفريد 5 / 13.

(2)المختصر في أخبار البشر 1 / 156.

٦٣

ابن الزبير : بأنّ عمر أحضر الحطب ليحرّق الدار علىٰ من تخلّف عن  البيعة لأبي بكر(1) .

« أحضر الحطب » هذا ما يقوله عروة بن الزبير ، وأولئك  يقولون « جاء بشيء من نار » فالحطب حاضر ، والنار أيضاً جاء  بها ، أتريدون أنْ يصرّحوا بأنّه وضع النار على الحطب ، يعني إذا لم  يصرّحوا بهذه الكلمة ولن يصرّحوا ! نبقىٰ في شك أو نشكّك في  هذا الخبر ، الخبر الذي قطع به أئمّتنا ، وأجمع عليه علماؤنا  وطائفتنا ؟!!

4 ـ المجيء للإحراق :

وهذه عبارة أُخرىٰ : إنّ عمر جاء إلىٰ بيت علي ليحرّقه أو  ليحْرقه.

وبهذه العبارة تجدون الخبر في كتاب روضة المناظر في أخبار  الأوائل والأواخر لابن الشحنة المؤرخ المتوفىٰ سنة 882 ه‍ ،  وكتابه مطبوع علىٰ هامش بعض طبعات الكامل لابن الأثيرـوهو  تاريخ معتبرـيقول : إنّ عمر جاء إلىٰ بيت علي ليحرّقه على من  فيه ، فلقيته فاطمة فقال : أُدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة.

__________________

(1) مروج الذهب 3 / 86 ، شرح ابن أبي الحديد 20 / 147.

٦٤

هذا ، وفي كتابٍ لصاحب الغارات إبراهيم بن محمّد الثقفي ،  في أخبار السقيفة ، يروي عن أحمد بن عمرو البجلي ، عن أحمد  ابن حبيب العامري ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله جعفر بن  محمّدعليهما‌السلام قال : « والله ما بايع علي حتّى رأىٰ الدخان قد دخل  بيته ».

كتاب السقيفة لهذا المحدّث الكبير لم يصلنا ، نقل هذا المقطع  عن كتابه المذكور : الشريف المرتضىٰ في كتاب الشافي في  الإمامة.

وعندما نراجع ترجمة هذا الشخصـإبراهيم بن محمّد الثقفي  المتوفىٰ سنة 280 أو 283 ه‍ـنرىٰ من مؤلّفاته كتاب السقيفة  وكتاب المثالب ، ولم يصلنا هذان الكتابان ، وقد ترجم له علماء  السنّة ولم يجرحوه بجرح أبداً ، غاية ما هناك قالوا : رافضي.

نعم هو رافضي ، ألّف كتاب السقيفة وألّف كتاب المثالب ، ونقل  مثل هذه الأخبار ، روى مسنداً عن الصادق أبي عبدالله جعفر بن  محمّد : والله ما بايع علي حتّى رأىٰ الدخان قد دخل بيته.

وممّا يدلّ على صحّة روايات هذا الشخصـإبراهيم بن محمّد  الثقفيـما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني قال : لمّا صنّف كتاب  المناقب والمثالب أشار عليه أهل الكوفة أن يخفيه ولا يظهره ،

٦٥

فقال : أيّ البلاد أبعد عن التشيّع ؟ فقالوا له : إصفهانـإصفهان ذاك  الوقتـ، فحلف أنْ يخفيه ولا يحدّث به إلاّ في إصفهان ثقةً منه  بصحة ما أخرجه فيه ، فتحوّل إلى إصفهان وحدّث به فيها(1) .

ذكره أبو نعيم الاصبهاني في أخبار اصبهان.

في هذه الرواية : « والله ما بايع علي حتّى رأىٰ الدخان قد دخل  بيته » ، وأولئك كانوا يتجنبون التصريح بهذه الكلمة ، صرّحوا  « بالحطب » صرّحوا « بالنار » صرّحوا « بالقبس » صرّحوا  « بالفتيلة » صرّحوا بكذا وكذا ، إلا أنّهم يتجنّبون التصريح بكلمة إنّه  وضع النار على الحطب ، وتريدون أنْ يصرّحوا بهذه الكلمة ؟ أما  كانوا عقلاء ؟ أما كانوا يريدون أن يبقوا أحياء ؟ إنّ ظروفهم ما كانت  تسمح لهم لأنْيرووا أكثر من هذا ، ومن جهةٍ أُخرى ، كانوا يعلمون  بأنّ القرّاء لكتبهم والذين تبلغهم رواياتهم سوف يفهمون من هذا  الذي يقولون أكثر ممّا يقولون ، ويستشمّون من هذا الذي يذكرون الأمور الأُخرىٰ التي لا يذكرون ، أتريدون أنْ يقولوا بأنّ ذلك وقع  بالفعل ويصرّحوا به تمام التصريح ، حتّى إذا لم تجدوا التصريح  الصريح والتنصيص الكامل تشكّون أو تشكّكون ، هذا والله  لعجيب !

__________________

(1) لسان الميزان 1 / 102.

٦٦

  

المسألة الثالثة

إسقاط جنينهاعليها‌السلام

وروايات القوم في هذا الموضع مشوشة جدّاً ، يعرف ذلك كلّ  من يراجع رواياتهم وأقوالهم وكلماتهم.

لقد نصّت رواياتهم على أنّه كان لعليعليه‌السلام من الذكور ثلاثة  أولاد : حسن ، وحسين ، ومحسن أو محسِّن أو محسَّن ، وكان  رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد سمّىٰ هؤلاء بهذه الأسامي تشبيهاً بأسماء أولاد  هارون : شَبَر شُبير ومشبّر ، وهذا موجود في : مسند أحمد(1) ،  وموجود في المستدرك وقد صحّحه الحاكم(2) ، والذهبي أيضاً  صحّحه(3) ، وموجود في مصادر أُخرى.

__________________

(1) مسند أحمد 1 / 118.

(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 165.

(3) المستدرك على الصحيحين. ذيله.

٦٧

فيبقىٰ السؤال : هل كان لعلي ولد بهذا الإسم أو لا ؟ قالوا : كان  له ولد بهذا الإسم فأين صار ؟ وما صار حاله؟ يقولون بوجوده  ثمّ يختلفون ، أتريدون أن يصرّحوا تصريحاً واضحاً لا لبس فيه ولا  غبار عليه؟! إنّه في القضايا الجزئيّة البسيطة يتلاعبون بالأخبار  والأحاديث ، كما رأينا في هذه المباحث ، وسنرىٰ في المباحث الآتية ، وفي مثل هذه القضيّة تتوقّعون أن يصرّحوا ؟ نعم ، عثرنا على أفراد معدودين منهم قالوا بالحقيقة وواجهوا ما واجهوا ،  وتحمّلوا ما تحمّلوا.

أحدهم : ابن أبي دارم المتوفى سنة 352 ه‍.

قال الذهبي بترجمته : الإمام الحافظ الفاضل أبو بكر أحمد بن  محمّد السري بن يحيى بن السري بن أبي دارم التميمي الكوفي  الشيعي [ أصبح شيعياً !! ] محدِّث الكوفة ، حدّث عنه الحاكم ، وأبو  بكر ابن مردويه ، ويحيىٰ بن إبراهيم المزكِّي ، وأبو الحسن ابن  الحمّامي ، والقاضي أبو بكر الجيلي ، وآخرون. كان موصوفاً  بالحفظ والمعرفة ، إلاّ أنّه يترفّض [ لماذا يترفّض ؟ ] قد ألّف في  الحطّ على بعض الصحابة »(1) .

لا يقول أكثر من هذا : ألّف في الحطّ علىٰ بعض الصحابة ، فهو

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 15 / 576.

٦٨

إذنْ يترفّض.

ولو راجعتم كتابه الآخر ميزان الإعتدال فهناك يذكر هذا  الشخص ويترجم له ، وينقل عن الحافظ محمّد بن أحمد بن حمّاد  الكوفي الحافظ أبي بشر الدولابي(1) فيقول : قال محمّد بن أحمد  بن حمّاد الكوفي الحافظـبعد أن أرّخ موتهـكان مستقيم الأمر  عامّة دهره ، ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ،  حضرته ورجل يقرأ عليه : إنّ عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت  بمحسن(2) .

كان مستقيم الأمر عامّة دهره ، لكنّه في آخر أيّامه كان أكثر ما  يقرأ عليه المثالب ، فهو ـ إذن ـ خارج عن الاستقامة !!

أتذكّر أنّ أحد الصحابة وهو عمران بن حصينـهذا الرجل  كان من كبار الصحابة ، يثنون عليه غاية الثناء ، ويكتبون بترجمته  إنّ الملائكة كانت تحدّثه ، لعظمة قدره وجلالة شأنه(3) ـهذا  الشخص عندما دنا أجله ، أرسل إلىٰ أحد أصحابه ، وحدّثه عن  رسول الله بمتعة الحجـالتي حرّمها عمر بن الخطّاب وأنكر عليه  تحريمهاـثمّ شرط عليه أنّه إنْ عاش فلا ينقل ما حدّثه به ، وإنْ

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 14/309.

(2) ميزان الاعتدال 1/139.

(3) الإصابة في معرفة الصحابة 3 / 26.

٦٩

مات فليحدّث(1) .

نعم ، كان هذا الرجل مستقيم الأمر عامّة دهره ، لا ينقل مثل  هذه القضايا ، اقتضت ظروفه أن لا ينقل ، ولذا كان مستقيم الأمر  عامة دهره !! ثمّ في آخر أيّامه عندما دنا أجله وقرب موته ، حينئذ  جعل يُقرأ له المثالب ومنها هذا : « دخلت عليه ورجل يقرأ » فلولا  دخول هذا الشخص عليه لما بلغنا هذا الخبر أيضاً ، اتفق أنْ دخل  عليه هذا الراوي ووجد رجلاً يقرأ له هذا الخبر ، وذلك في أواخر  حياته ، حتّى إذا مات ، أو حتّى إذا أوذي أو ضرب فمات على أثر  الضرب ، فقد عاش في هذه الدنيا وعمّر عمره.

ورجل آخر هو : النظّام ، إبراهيم بن سيّار النظّام المعتزلي  المتوفىٰ سنة 231 ه‍.

هذا أيضاً ينصّ على وقوع هذه الجناية على الزهراء الطاهرة  وجنينها ، وهذا الرجل كان رجلاً جليلاً ، وكان من المعتزلة  الجريئين الذين لا يخافون ولا يهابون ، وله أقوال مختلفة في

__________________

(1) نصّ الخبر : عن مطرف قال : بعث إليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفّي فيه ،  فقال : إنّي محدّثك بأحاديث ، لعلّ الله أنْ ينفعك بها بعدي ، فإنْ عشت فاكتم عَلَيّ وإنْ  متُّ فحدّث بها إنْ شئت ، إنّه قد سُلّم علي ، واعلم أنّ نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد جمع بين حج  وعمرة ، ثمّ لم ينزل فيها كتاب الله ، ولم ينه عنها نبي الله ، فقال رجل برأيه فيها ما شاء.  راجع باب جواز التمتّع من الصحيحين ، وهو في المسند 4/434.

٧٠

المسائل الكلامية ، تذكر في الكتب ، وربّما خالف فيها المشهور بين  العلماء ، وكانت أقواله شاذّة ، إلاّ أنّه من كبار العلماء ، ذكروا عنه أنّه  كان يقول : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت الجنين  من بطنها ، وكان يصيح عمر : أحرقوا دارها بمن فيها ، وما كان بالدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين.

وممّن نقل عنه هذا : الشهرستاني في الملل والنحل ، والصّفدي  في الوافي بالوفيات(1) ، ويوجد قوله هذا في غير هذين الكتابين.

وممّن عثرنا عليه : ابن قتيبة صاحب كتاب المعارف ، لكن لو  تراجعون كتاب المعارف الموجود الآن لا تجدون هذه الكلمة ،  الكتاب محرّف.

ابن شهرآشوب المتوفىٰ سنة 588 ه‍ ينقل عن كتاب المعارف  قوله : إنّ محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي(2) .

أمّا في كتاب المعارف الموجود الآن بين أيدينا المحقق !!  فلفظه : أمّا محسن بن علي فهلك وهو صغير(3) .

وتجدون في كتاب تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي يقول :

__________________

(1) الملل والنحل 1 / 59 ، الوافي بالوفيات 6 / 17.

(2) مناقب آل أبي طالب 3 / 358.

(3) المعارف : 211.

٧١

مات طفلاً(1) .

لكن البعض الآخر منهمـوهو الحافظ محمد بن معتمد خان  البدخشاني وهذا من المتأخرين ، وله كتب منها نُزل الأبرار فيما  صحّ من مناقب أهل البيت الأطهار ، يقول بأنّه مات صغيراً(2) .

وعندما نراجع ابن أبي الحديد ، نراه ينقل عن شيخهـحيث  حدّثه قضية هبّار بن الأسود ، وأنتم مسبوقون بهذا الخبر ، وأنّ هذا  الرجل روّع زينب بنت رسول الله فألقت ما في بطنهاـقال شيخه :  لمّا ألقت زينب ما في بطنها أهدر رسول الله دم هبّار لأنّه روّع زينب  فألقت ما في بطنها ، فكان لابدّ أنّه لو حضر ترويع القوم فاطمة  الزهراء وإسقاط ما في بطنها ، لحكم بإهدار دم من فعل ذلك.

هذا يقوله شيخ ابن أبي الحديد.

فيقول له ابن أبي الحديد : أروي عنك ما يرويه بعض الناس  من أنّ فاطمة روّعت فألقت محسناً ؟ فقال : لا تروه عنّي ولا ترو  عنّي بطلانه(3) .

نعم لا يروون ، وإذا رووا يحرّفون ، وإذا رأوا من يروي مثل  هذه القضايا فبأنواع التهم يتّهمون.

__________________

(1) تذكرة خواص الأمة : 54.

(2) نزل الأبرار بما صحَّ من مناقب أهل البيت الأطهار : 74.

(3) شرح نهج البلاغة 14 / 192.

٧٢

  

المسألة الرابعة

كشف بيتهاعليه‌السلام

وكشف القوم بيت فاطمة الزهراء ، وهجموا على دارها ، وهذا  من الأمور المسلّمة التي لا يشكّ ولا يشكّك فيها أحد حتّىٰ ابن  تيميّة ، ولو أنّ أحداً شكّ ، فيكون حاله أسوأ من حال ابن تيميّة ،  فكيف لو كان يدّعي التشيّع أو يدّعي كونه من ذريّة رسول الله  وفاطمة الزهراء ؟

ورووا عن أبي بكر أنّه قال قبيل وفاته : إنّي لا آسىٰ على شيء  من الدنيا إلاّ على ثلاث فعلتهنّ ووددت أنّي تركتهنّ ، وثلاث  تركتهنّ وددت أنّي فعلتهنّ ، وثلاث وددت أنّي سألت عنهنّ رسول  الله.

وهذا حديث مهم جدّاً ، والقدر الذي نحتاج إليه الآن :

أوّلاً : قوله : وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن

٧٣

كانوا قد غلقوه علىالحرب.

ثانياً : قوله : وددت أني كنت سألت رسول الله لمن هذا الأمر  فلا ينازعه أحد.

أترونه صادقاً في تمنّيه هذا ؟ ألم يكن ممّن بايع يوم الغدير  وغير يوم الغدير من المواقف والمشاهد ؟

وأمّا هذا الخبرـخبر تمنّيه هذه الأُمورـففي : تاريخ الطبري ،  وفي العقد الفريد لابن عبد ربّه ، وفي الأموال لأبي عبيد القاسم بن  سلاّم المحدّث الحافظ الكبير الإمام ، وفي مروج الذهب  للمسعودي ، وفي الإمامة والسياسة لابن قتيبة(1) .

ولكن هنا أيضاً يوجد تحريف ، فراجعوا كتاب الأموال ، فقد  جاء فيه بدل قوله : وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة ، هذه الجملة :  وددت أنّي لم أكن فعلت كذا وكذا.

يحذفون الكلام ويضعون بدله كلمة : كذا وكذا !!

أتريدون أنْ ينقلوا الحقائق على ما هي عليه ؟ وممّن تريدون  هذا ؟ وممّن تتوقّعون ؟.

أمّا ابن تيميّة ، فلا ينكر أصل القضيّة ، ولا ينكر تمنّي أبي بكر ،

__________________

(1) كتاب الأموال : 131 ، الإمامة والسياسة 1 / 18 ، تاريخ الطبري 3 / 430 ، العقد  الفريد 2 / 254.

٧٤

وإنّما يبرّر !! لاحظوا تبريره هذه المرّة يقول : إنّه كبس البيت لينظر  هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه ليعطيه للمسلمين !!

وكذلك يفعلون !!

وكذلك يقولون !!

ذكرنا مسألة فدك ، وإحراق البيت ، وإسقاط الجنين ، وكشف  البيت وهجومهم على البيت بلا إذن وأنّهم فعلوا ما فعلوا !!

٧٥
٧٦

  

قضايا أُخرىٰ

وبقيت أُمور أتعرّض لها باختصار :

الأمر الأول :

إنّ فاطمة سلام الله عليها ماتت ولم تبايع أبا بكر ، ماتت وهي  واجدة على أبي بكر ، وهذا موجود في الصحاح وغيرها ، وقد قرأنا  نصّ الحديث عن عائشة.

أترون أنّها ماتت بلا إمام ؟ ماتت ولم تعرف إمام زمانها ؟  وماتت ميتة جاهلية وهي التي فضّلوها على أبي بكر وعمر ؟ وهي  التي قالوا بأنّ إيذاءها كفر ومحرّم ؟ ماتت بغير إمامٍ ميتةً جاهلية ؟ أيقولها أحد ؟ فمن كان إمامها ؟

الأمر الثاني :

إنّ عليّاًعليه‌السلام لم يؤذن أبا بكر بموت الزهراء ، ولم يخبره بأمرها ،  ولم يحضر لا هو ولا غيره للصلاة عليها.

٧٧

وأنتم تعلمون أنّ الصلاة على الميّت في تلك العصور كانت من  شؤون الخليفة ، ومع وجود الخليفة أو أمير المدينة لا يحقّ لأحدٍأنْ  يتقدّم للصلاة على ميّت إلاّ بإذن خاص ، ولذا لمّا دفنوا عبدالله بن  مسعود بلا إذن وبلا إخبار من عثمان ، أرسل عثمان إلى عمّار بن  ياسر وضرب عمّار لهذه الغاية ، ولهذا السبب ، وله نظائر كثيرة.

فكان عدم إخباره أبابكر للحضور للصلاة رمزاً وعلامةً لرفض  إمامته وخلافته.

ولكن القوم يعلمون بهذا ، القوم يعلمون بأنّ عدم صلاة أبي بكر على الزهراء دليل على عدم إمامته ، فوضعوا حديثاً بأنّ عليّاً أرسل إلى أبي بكر ، فجاء أبو بكر وجاء معه عمر وعدّة من الأصحاب  وصلّوا على الزهراء ، واقتدىٰ علي بأبي بكر في تلك الصلاة ، وكبّر  أبو بكر أربعاً في تلك الصلاة !! لاحظوا الكذب !! أنقل لكم هذا  النص :

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني بترجمة عبدالله بن محمّد بن  ربيعة بن قدامة القدامي المصيصي : أحد الضعفاء ، [ هذا الشخص  أحد الضعفاء ] أتىٰ عن مالك [ مالك بن أنس ] بمصائب منها : عن  جعفر بن محمّد.

يتقوّلون على أهل البيت ويضعون الأخبار عن أهل البيت

٧٨

أنفسهم ! وكم له من نظير ، ولي مذكّرات من هذا القبيل ، إنّهم كثيراً مّا  يضعون الأشياء عن لسان أهل البيت ، عن لسان أمير المؤمنين  وأبنائه ، وعن لسان ولده محمّد بن الحنفيّة ينقلون كثيراً من الأشياء ، عندي مذكّرات في هذا الباب.

وهذا الخبر : عن جعفر بن محمّد يرويه عن أبيه الباقر عن جدّه  قال : توفّيت فاطمة ليلاً ، فجاء أبو بكر وعمر وجماعة كثيرة ، فقال  أبو بكر لعلي : تقدّم فصلِّ ، قال لا ، لا والله لا تقدّمت وأنت خليفة  رسول الله ، فتقدّم أبو بكر وكبّر أربعاً(1) .

هذا من مصائب أُمّتنا ، أنْ لا تنقل القضايا كما هي ، وتوضع في  مقابلها موضوعات.

الأمر الثالث :

وكان دفنها ليلاً بوصيةٍ منها ، لتبقىٰ مظلوميّتها على مدىٰ التأريخ ، وخطاب أمير المؤمنين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند دفنها يكشف  للتاريخ جوانب كثيرة من المصائب والحقائق ، وحقيق على كلّ  مؤمن أن يراجع تلك الخطبة لأمير المؤمنين عند دفن الزهراء سلام  

__________________

(1) لسان الميزان 3 / 334.

٧٩

الله عليها.

يقول ابن تيميّة في مقام الجواب : كثير من الناس دفنوا ليلاً.

ولكن فاطمة أوصت أن تغسّل ليلاً وأنْ تدفن ليلاً ، وأنْ لا  يخبر أحد ممّن آذاها.

٨٠